رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثاني 2 بقلم سارة علي
الفصل الثاني
+
تأمل ملامح وجهها بإدراك فوري بينما منحت هي صديقه ومالك الشركة التي تعمل فيها ابتسامة رسمية للغاية وهي تستأذن متحركة بعيدا عنهما مقررة مغادرة الحفل برمته والغضب يسيطر على كيانها بأكمله ...
+
تبعها مسرعا وهو يلعن غباؤه ...
+
لم يكن يريدها أن تعرف بهذه الطريقة فهو يعلم جيدا ما ستفكر به الآن وكيف ستتجه ظنونها الى احتمالات غير صحيحة ..
+
نعم هو من كان وراء حصولها على هذه الوظيفة وهو من سهل لها سفرها الى الخارج واستلامها وظيفة في شركة مرموقة بهذه السرعة ولكنه كان يريد دعمها ...
1
مساعدتها لتحقيق ما تريده ...
+
كانت تحتاج الحرية وهو سهل لها طريق الوصول إليها ...
1
هو كان سيخبرها بهذا ...
+
كان سيخبرها إنه من طلب من صديقه تعيينها في شركته وغير ذلك ...
+
كان سيخبرها خلال الأيام القادمة حتى لو لم يكن هناك ضرورة حتمية لذلك ...
+
هو رجل صريح ويحبذ الصدق والصراحة مهما كانت ثمنها في جميع تعاملته ..
+
" ليلى ..."
+
نادى عليها وهو يتبعها ليجدها تتوقف لوهلة وهي تأخذ نفسا عميقا قبل أن تستدير نحوه بملامح شديدة الحدة والغضب ...
+
لم يتوقع يوما أن يرى ليلى الرقيقة بملامحها الناعمة تحمل كل هذا الغضب والحدة ...
+
ملامحها الملائكية تحولت كليا وهذا أخبره بكم الغضب الذي تسبب به لها ...
1
تقدم نحوها أكثر وهم بالحديث عندما سبقته هي تخبره بصلابة :-
+
" لا تقل شيئا .. الأمر واضح تماما ولا يحتاج الى تفسير ..."
+
قال بصدق :-
+
" كنت سأخبرك يا ليلى ..."
+
ظهر التهكم على ملامحها وهي تسأله ببرود :-
+
" متى ..؟! عام كامل وأنت لم تخبرني ...."
+
توقفت لوهلة قبل أن تضيف بمرارة :-
+
" وأنا الحمقاء التي استغربت اختفائك من حياتي بشكل مفاجئ ليتبين لي إنك كنت معي في كل خطوة أخطوها بل كنت سببا في كل تقدم حدث معي خلال العام المنصرم ..."
1
امتلأت عينيها بالعبرات ورغما عنها شعرت بالغصب منه والألم وهي التي كان من المفترض أن تفرح بحقيقة كونه لم يختفي من حياتها لعام كامل كما كانت تعتقد ...
+
كانت ستفرح وهي تدرك إنه كان يتابع أخبارها ويهتم بأمرها لمدة عام وهي التي ظنت لوهلة إنه نساها وإن اعترافه السابق بمشاعره نحوه كان مجرد فورة مشاعر سرعان ما زالت ...
+
كل شيء كان سيختلف لولا ما رأته اليوم فأدركت إنه كان يلعب بها ...
+
رتب كل شيء وهي التي لم تتسائل يوما كيف ساقتها الأقدار الى هذه الشركة وكيف تم قبولها للعمل فيها وهي التي لم تكن تمتلك سوى شهادتها الجامعية دون خبرة فهي لم تعمل منذ تخرجها وإن تخرجت بتقدير جيد جدا وقتها ...!
+
قال كنان بجدية ينتشلها من أفكارها المتلاطمة :-
+
" نعم كنت معك ولكن ليس كما تعتقدين ..."
+
صاحت بعصبية :-
+
" وكيف تعرف ما أعتقده يا كنان ..؟!"
+
هتف بتروي :-
+
" أنت الآن تعتقدين إنني لست وراء تعيينك في الشركة فقط وإنما وراء كل شيء حققته طوال العام السابق .."
+
قاطعته بسخرية :-
+
" ألم تكن كذلك يا كنان ...؟!"
+
" بالطبع لا ..."
+
قالها بجدية وهو يضيف :-
+
" انا لم أفعل شيئا عدا ترشيحك للوظيفة وتوصية علاء صديقي المقرب عليك ليعطي أوامره بقبولك في الوظيفة ولكن ما تلا ذلك كان بسبب اجتهادك الشخصي ... انا بالطبع لم أتدخل بعدها بأي شيء... نعم كنت وراء قبولك يا ليلى لإنك تعلمين جيدا إن قبولك للوظيفة في شركة كهذه كان يتطلب خبرة واسعة ولكن هذا لا يلغي حقيقة إن حصولك على شهادة جامعية من لندن بتقدير عالي واتقانك الحديث بعدة لغات أجنبية إضافة الى حصولك على شهادات متعددة في عدة دورات مهمة خلال فترة الدراسة جعلتهم يستبشرون خيرا بك لذا ما إن لاحظوا جديتك في العمل سارعوا بتثبيتك في الشركة بعد شهرين من بداية عملك ..."
+
تأملته بتجهم وهو الذي على ما يبدو يعلم كل التفاصيل التي مرت بها بل يعلم أيضا عن فترة دراستها واللغات التي تتقنها والشهادات التي حصلت عليها وقت الدراسة الى جانب شهادة التخرج ...
+
وكأنه أدرك ما تفكر به فقال مسترسلا :-
+
" ولن أنكر كنت أتابع أخبارك وكنت سعيدا بكل إنجاز تحققيه وفخورا بك ولكنني لم أكن أتدخل بأي شيء يا ليلى ... أقول ذلك كي لا يوسوس لكِ دماغك بأنني من كنت وراء ترقيتك بل وربما سوف تعتقدين إنني من طلبت منهم أن يمنحونك المهام التي حصلت عليها الفترة السابقة ..."
+
سألته ببرود :-
+
" هل يفترض بي أن أصدق إنك لم تكن وراء ذلك ..؟!"
+
قال بجدية :-
+
" نحن نتحدث عن شركة عالمية يا ليلى ... هل تستوعبين ذلك ..؟! هل تعتقدين إنهم سيفعلون أشياء كهذه لخاطري ..؟! صحيح إنهم وافقوا على تعيينك بشكل مبدئي بسبب أوامر علاء الذي تجمعني به صداقة وطيدة لكن كوني على ثقة بإنهم لم يكونوا ليتركونك تعملين في الشركة إذا لم تثبتي جدارتك بهذا المنصب خلال شهرين ليس إلا وعلى ما أعتقد إنك تدركين جيدا طبيعة العمل في الشركة هنا وكيف يتعاملون بصرامة مع الموظفين ... "
+
رأى التردد على ملامحها فأضاف بحسم :-
+
" صدقيني ما كانوا سيتركونك تستمرين في عملك لو لم يرونك تستحقين هذا ... في النهاية هذه شركة ولها قوانينها يا ليلى ... "
+
تمتمت بملامح متكدرة :-
+
" حتى لو ما تقوله صحيح ، هذا لا يلغي حقيقة إنك كنت السبب وراء تعييني في الشركة والأسوء إنك فعلت هذا دون علمي ..."
+
سألها عن قصد :-
+
" هل كنت ستقبلين بالعمل لو أدركت إنه من طرفي أنا ...؟!"
+
أجابته بصراحة :-
+
" كلا يا كنان ... لإنني ليس من المعقول إنني أبحث عن بداية جديدة أقرر فيها الأبتعاد عن الجميع والاعتماد على نفسي لأجد نفسي ما زلت أدور في نفس الدائرة وما زال هناك من يقف خلفي ..."
+
" أنت تبالغين يا ليلى ..."
1
قالها بصراحة ليظهر عدم الرضا على ملامحها بوضوح فيضيف بجدية وثبات :-
+
" أنت تعلمين جيدا إن حصولك على وظيفة محترمة خارج البلاد دون توصية أمر مستحيل ... بكل الأحوال كنت ستحتاجين الى توصية من أحدهم ... هذا واقع لا مفر منه ... لكنك على ما يبدو تصرين على إقناع نفسك بغير ذلك ولا أفهم حقا لماذا ... أتفهم رغبتك في الاعتماد على نفسك ..."
+
" كلا لن تتفهم ..."
+
قالتها بسرعة وهي تضيف :-
+
" كان بإمكانك أن تخبرني بكل شيء وكنت سأقرر حينها إذا ما سأوافق أو أرفض لكنك لم تفعل ذلك ..."
+
هتف بتجهم :-
+
" كنت سترفضين يا ليلى ..."
+
صاحت معترضة :-
+
" ألا يحق لي الرفض ...؟!"
+
قال بسرعة :-
+
" يحق لك بالطبع ..."
1
تأمل عينيها اللتين ملأتهما العبرات مجددا ليزفر أنفاسه قبل أن يهتف بها :-
+
" أنت الآن غاضبة ومنفعلة جدا يا ليلى ... أتفهم سبب ذلك ولكنني أعتقد إنك تحتاجين أن تجلسي مع نفسك وتفكري في حديثي بهدوء ... "
+
تنهد مضيفا :-
+
" أنا لا أريد أن أضغط عليك أكثر ... هل تعودين الى الحفل ام ..."
+
تمتمت بوجه محتقن :-
+
" أريد العودة الى الشقة ... "
+
" حسنا ، هل أوصلك ...؟!"
+
تأملته بجمود قبل أن ترد وهي تتحرك بعيدا عنه :-
+
" أستطيع الذهاب لوحدي ... "
+
تابعها بعينيه حتى اختفت من أمامه ليزفر أنفاسه مجددا وهو يشعر بالضيق الكامن في صدره فلم يكن هذا ما يريده أن يحدث بينما في أول لقاء يجمعهما بعد عام ..!
1
******************
+
عادت الى شقتها أخيرا ...
+
سارعت تخلع ملابسها وتأخذ حماما دافئا طويلا كانت تحتاجه بشدة عله يساعد في التخفيف عنها ..
+
كانت تحتاج الى هدنة مع نفسها بعد تشتت مشاعرها الواضح والاضطراب الذي ملأ كيانها ...
+
لم تعد تعرف حقيقة ما تشعر به وسبب غضبها الذي لا تدرك حقا اذا ما كان مبالغا فيه أم منطقيا مثلما لا تدرك حقيقة ما تشعره اتجاه كنان فتارة تسعدها عودته وتارة تشعر بالخوف والتردد اتجاهه ولكن ما عرفته حطم كل شيء وهزم ثباتها ...
2
ورغم إن داخلها يعترف إن حديثه صحيح و منطقي لكنها ترفض الانصياع خلف المنطق على عكس عادتها ..
+
ترفض الاعتراف إنه لم يخطئ سوى في اخفاؤه الأمر عنها ...
+
ربما شعوره بقيوده حولها هي من أغضبتها ولكنها ألم تكن منزعجة من تجاهله لها طوال عام كامل ...
+
ما بالها غضبت لإنها أدركت إنه كان معها ويتابعها باستمرار ...؟!
+
ما بالها باتت لا تعرف ماذا تريد ...؟!
+
جلست أمام مرآتها تجفف شعرها بالمنشفة بينما عيناها تشردان بعيدا ...
+
توقفت عن تجفيف شعرها وهي تراجع باهتمام الاحداث التي حدثت منذ قدومها الى هنا ...
+
لم تتلقَ معاملة خاصة مختلفة عن البقية ..
+
لم يكن هناك تهاون معها أبدا ...
+
المهام كانت كثيفة والخطأ كان ممنوعا ..!
+
كنان كان معه حق ....
1
هو لم يتدخل سوى بموضوع قبولها في الوظيفة التي حصلت عليها بواسطته ...
+
ورغم ذلك رفضت أن تقتنع بذلك ..
+
هي ما زالت عاجزة عن التصديق إن دوره لم يتخطى هذا الحد والأهم إنها ليست متقبلة لما فعله وتوصيته عليها دون إذنها ..!
+
تنهدت بتعب وهي تنهض من مكانها ملقية المنشفة على الطاولة جانبها باهمال ...
+
اتجهت بقدمين حافيتين خارج الغرفة حيث المطبخ الصغير الملحق بصالة الجلوس ...
+
أخذت تعد لها مشروبا دافئا تحتاجه بشدة عله يهدأ أعصابها قليلا ...
+
عادت الى غرفتها وهي تحمل مشروبها معها ...
+
أبعدت الغطاء وسارعت تجلس فوق سريرها قبل أن تعاود وضع الغطاء فوقها ثم تتناول كوبها وتشرب منه قليلا ..
+
أغمضت عينيها لثواني حاولت أن تبعد عن دماغها أية أفكار كانت قبل أن تعاود ارتشاف مشروبها مجددا بصمت ...
+
ثم عادت الأفكار تغزوها مجددا ...
+
مرة تشعر إنها بالغت في ردود أفعالها ومرة أخرى تنهر نفسها وهي تذكرها بحقيقة كونه خدعها وكذب عليها وفي النهاية استسلمت لدفئ فراشها وغرقت في نومها هاربة من أفكارها التي لا تنتهي ...
1
****************
+
صباحا ...
+
فتحت عينيها بصعوبة لتتأمل السقف فوقها لثواني قبل أن تعتدل في جلستها ...
+
أزاحت الغطاء من فوقها لتنهض من مكانها متجهة الى الحمام بتكاسل ...
+
سارعت تغسل وجهها وتفرش أسنانها قبل أن تخرج مجددا الى الغرفة لتسحب هاتفها وتفتحه بعدما جلست فوق سريرها فتجد إن الساعة تجاوزت العاشرة صباحا ...
+
تجهمت ملامحها وهي تتذكر مجددا ما حدث البارحة ولكن ما ضاعف تجهمها هي إدراكها لحقيقة إنها غادرت الحفل في منتصفه متجاهلة حقيقة إنها المسؤولة عن تنظيم الحفل ..
+
تصرفها كان غير مسؤولا ورغم انها تابعت الحفل وتأكدت من سير كل شيء بالطريقة المطلوبة لكن هذا لا يمنع ضرورة تواجدها حتى نهاية الحفل ...
+
زفرت أنفاسها وهي تنهر نفسها بقوة ...
+
كان تصرفها أحمقا للغاية وغير لائقا ...
+
كيف سمحت لغضبها أن يتحكم بها ...؟!
1
كان يجب أن تحافظ على رباطة جأشها وتواجه الأمر بثبات ...
+
هل باتت ضعيفة وهشة الى هذه الدرجة التي تجعلها لا تتحمل أقل الصدمات ..؟!
+
أغمضت عينيها بتعب قبل أن تفتحها من جديد وهي تأخذ نفسا عميقا ...
+
نهضت مكانها مقررة إعداد فطور سريع لها تتبعه بفنجان قهوة تحتاجه الآن بعدما شعرت بصداع مفاجئ يغزو رأسها ..
+
مرت حوالي نصف ساعة عندما جلست في الشرفة ترتشف قهوتها بصمت متجاهلة التفكير بكل ما حدث ...
+
سمعت صوت هاتفها يرن بنغمة تدل على وصول رسالة لتجذبه فتجد رسالة قصيرة من كنان يسأل عن أحوالها و إذا ما كان بإمكانه أن يراها الليلة ...
+
أرادت أن ترفض لوهلة لكنها تراجعت وهي تشعر برغبة دفينة في رؤيته وسماع حديثه ...
+
أخبرته إنها مستعدة لرؤيته الليلة ليخبرها بدوره إنه سيأتي مساءا ليأخذها من شقتها الى احد المطاعم القريبة وبالطبع لم يسألها عن عنوان الشقة التي يعرف عنوانها جيدا ..
1
ابتسمت بتهكم وهي تغلق الهاتف وتعيده مجددا فوق الطاولة ثم تسحب كوب قهوتها وتعاود الارتشاف منه بصمت ...
+
********************
+
ليلة كاملة قضتها مستيقظة حيث لم تستطع أن تغفو لحظة واحدة ...
+
عقلها يفكر باستمرار وروحها تتألم بلا رحمة ...
+
بقيت طوال الليل تتذكر ما قرأته وكلمات والدها القاتلة تتردد على مسامعها دون توقف ....
+
لا تعرف كيف صمدت بصعوبة أمام زوجها ...
+
كيف ادعت النوم أمامه عندما عاد الى المنزل ..؟!
+
كيف نجحت في كتم شهقاتها حتى تأكدت من نومه أخيرا لتسارع وتتجه نحو الحمام تحرر دموعها أخيرا وتبكي كما تشاء قبل أن تعاود النوم جانبه بهدوء لا يشبه انهيارها وهي تجبر نفسها على عدم جعله يشعر بأي شيء يثير قلقه ..
+
هي لا تريده أن يشعر بأي شيء ولا تعرف كيف تستطيع فعل هذا ...!!
+
شعرت به يستيقظ من نومه فأغمضت عينيها بقوة عندما وجدته يمد أنامله بين خصلات شعرها بخفة وهو يسألها بخفوت :-
+
" ألم تستيقظِ بعد يا غالية ...؟!"
+
تمتمت مدعية النوم :-
+
" أريد النوم يا فادي ... أنا مرهقة بسبب الرحلة الطويلة ..."
+
تأملها بشك وهو يشعر بوجود خطب ما ...
+
قلبه يخبره إن هناك شيء ما حتى لو المنطق يقول إنها ستحتاج الى الراحة والنوم الطويل بعد رحلة سفر امتدت لساعات طويلة ...
+
تنهد بصمت مقررا تجاهل شكوكه وهو يخبرها بنفس الخفوت :-
+
" أنا يجب أن أذهب الى العمل اليوم فإجازتي انتهت كما تعملين ..."
+
همست له:-
+
" حسنا .... "
+
نهض من جانبها متجها الى الحمام ليأخذ حماما سريعا ثم يغير ملابسه بينما هي تشدد من إغماض عينيها وضم الغطاء حول جسدها أكثر ...
+
انتهى من تعديل هندامه عندما تقدم نحوها فوقف يتأملها للحظات مرت طويلة عليها وهي تدعي النوم ...!
+
تحرك أخيرا وغادر المكان لتفتح عينيها بسرعة وهي تأخذ نفسها قبل أن تعتدل في جلستها فتظهر ملامحها الواهنة وعينيها الحمراوين بشدة ...
+
استندت بظهرها على السرير خلفها وهي تجاهد كي تمنع دموعها من الانهمار مجددا ....
+
لماذا فعل بها هذا ...؟!
+
لماذا دمرها بهذا الشكل...؟!
+
تسائلت بمرارة غير مستوعبة بعد مدى كره أخيها لها ولكن ما لم تستوعبه أكثر هو ما كشفته عن والدها وكيف رفض قدومها والأسوء هي الطريقة التي جاءت بها الى الدنيا ...
+
هي مجرد غلطة ...
+
هي غلطة ..!!
+
كم بدا الأمر مروعا ...
+
كان شعورا موجعا لدرجة لا يمكن تصورها ...
+
حقيقة إنك أتيت دون رغبة والدك كانت حقيقة بشعة ...
+
تساقطت دموعها بحرارة وهي تشعر بألم وحرقة شديدة في قلبها لم تشعر بمثلها من قبل ...
+
والدها الحبيب ... الرجل الأهم في حياتها وحبها الأول ومثالها الأعلى ...
+
كل شيء كان كذب ... خداع ..
+
محبته الكبيرة لها وتدليله المستمر وتباهيه بها كان كذبا ... خداعا ...
+
ضربت على جانبها بغضب وهي تصرخ بقوة شديدة بينما دموعها تتساقط أكثر ...
+
ودت لو تحطم كل شيء تراه أمامها .
+
ودت لو تقلب الدنيا رأسا على عقبا ...
+
كان أمرا صعبا لا يطاق وخاصة لشخص مثلها شديد الاعتداد بنفسه ...
+
غالية الخولي ، النجمة الساطعة كما كان يراها الجميع وكما كانت ترى نفسها دائما ...
1
الأنثى المتكاملة شديدة الحسن والبهاء ذات الشخصية القيادية القوية ...
+
شديدة الثقة والاعتداد بنفسها لكن كل شيء تحطم ...
+
تحطم بسبب والدها ...
+
لم كان يدعي حبها إذا ...؟!
+
لم كان يدللها كثيرا ...؟!
+
لم كان يفعل ذلك بينما واقعيا هو لم يكن يريد قدومها حتى ...؟!
+
هل كان يفعل ذلك بدافع التعويض ...؟!
+
بسبب تأنيب ضميره لإنه داخله يرفضها وربما يرى بها سببا أخيرآ لانتهاء علاقته بمعشوقته الأولى والأخيرة ...؟!!!
+
أيا كان السبب فتظل الحقيقة واضحة لا مفر منها ...
+
هي مجرد خطأ غير مغفور بالنسبة لوالده ..
+
خطأ حاول إصلاحه بأن يتخلص منه ولكنه لم ينجح والفضل يعود الى والدتها المصون التي ساهمت بتدميرها هي الأخرى كما دمرت شقيقها من قبل ...!
+
****************
+
بعد أقل من ساعة ...
+
جاءها صوت شقيقها مرحبا بها بسعادة وهو يخبرها :-
+
" الحمد لله على سلامك عزيزتي .. اتصلت بك البارحة لكنني لم تجيبني ثم اتصلت بفادي ليخبرني إنك خلدت الى النوم ... كيف كانت رحلتك ...؟! "
+
قاطعته بصوت بارد :-
+
" أريد رؤيتك يا نديم ... أين أنت الآن ...؟!"
+
سألها بلهجة شديدة القلق :-
+
" ماذا يحدث يا غالية ..؟! هل أنتِ بخير ..؟!"
+
أرادت أن تصرخ به إنها ليست كذلك ... إنها تعيش أسوء لحظاتها لكنها تماسكت وهي تجيبه بعينين ظهرت الدموع فيهما :-
+
" فقط أريد رؤيتك ... هل يمكنك إنتظاري في منزلك ..؟!"
+
قال بسرعة :-
+
" بالطبع يا غالية ... أنتظرك ..."
+
أغلقت هاتفها وأخذت تعتصره بقوة بينما تكبح دموع عينيها بقوة ...
+
أخذت نفسا عميقا عدة مرات قبل أن تتحرك نحو خزانة ملابس تبحث عن أي شيء ترتديه بسرعة قبل أن تقرر المغادرة الى منزل شقيقها ...
+
بعد حوالي ربع ساعة وصلت الى منزل شقيقها الجديد حيث قرر نديم أن يهجر فيلا العائلة ما إن تتزوج ويستقر في الفيلا الجديدة التي اشتراها قبيل زواجها بفترة ...!
+
كانت خطوة جيدة شجعته هي عليها لنسيان الماضي بكل ما فيه وبدء صفحة جديدة ..
+
حينها كانت ترى إنه الأفضل أن يبتعدا عن الماضي بكل الصدمات والمآسي التي حدثت فيه لكنها لم تكن تعلم إن الماضي سيظل يلاحقها مهما فعلت ...
+
بقيت في سيارتها تنتظر وصول شقيقها من عمله عندما وصل نديم أخيرا وسارع يتجه نحوها لتفتح الباب وتهبط من السيارة وتسارع لرمي نفسها بين أحضانه بينما تغمض عينيها بقوة ..
+
لم يتوقع نديم أن يرى شقيقته بهذه الحالة فأخذ الخوف ينهشه أكثر بينما الظنون فتكت كليا به ...
+
" ماذا حدث يا غالية ...؟! أخبريني بالله عليك ..."
+
تمتمت وهي تخرج من بين أحضانه :-
+
" لندخل الى الفيلا ..."
+
هتف بجدية :-
+
" لماذا لم تدخلي قبلي ...؟! شمس في الخادمة ومعها مربيتها وهناك الخادمة أيضا ..."
+
همست بصدق :-
+
" نسيت ذلك ..."
+
هز رأسه بتفهم وهو يتأمل ملامح وجهها التي يظهر عليها آثر البكاء ليهتف بجدية :-
+
" تعالي معي ..."
+
ثم قادها الى الفيلا ومنه الى صالة الجلوس قبل أن يخلع سترته ويتجه نحوها فيجلس جانبها قابضا على كفها يسألها :-
+
" والآن أخبريني .. ماذا حدث ...؟! هل حدثت مشكلة ما معك ...؟! هل تشاجرت مع فادي ..؟؟"
+
نظرت له بوهن لا يخلو من الضياع ...
+
هناك شعوران متضادان داخلها ....
+
من جهة تريد أن ترتمي داخل احضانه وتخبره بما عرفته وحطمها بهذا الشكل ...
+
ومن جهة أخرى كبريائها يأبى ذلك ...
+
يرفض أن يكشف هذه الحقيقة حتى أمام شقيقها الأقرب لروحها ...
+
وكالعادة كانت النصرة لكبريائها لتخبره بجمود كسا ملامحها فجأة :-
+
"كلا يا نديم ... الأمر لا يتعلق بفادي ... "
+
" ماذا هناك إذا ..؟!"
+
سألها بخوف بديهي لتمنحه نظرات حزينة قبل أن تخفض عينيها نحو الأسفل وهي تتمتم :-
+
" والدينا يا نديم ..."
+
رفعت بصرها نحوه تضيف بوجع :-
+
" لم يأتنا منهما سوى الدمار والضياع ..."
+
سألها مجددا بتوجس شديد :-
+
" ماذا يحدث يا غالية ..؟! لم تتحدثين بهذه الطريقة ..."
+
نهضت من مكانها وسارت نحو النافذة تتأمل السماء خارجها وهي تهتف بمرارة :-
+
" ما يحدث إنني بت متأكدة إن الكذبة التي عشنا فيها لسنوات كانت أكبر مما تخيل كلينا ... وأبشع من أن يتم تجاوزها ..."
+
إسترسلت بنفس الوجع :-
+
" سنوات ونحن نعيش في كذبة .... مرة أرى أمي جانية ومرة ضحية .. مرة أتعاطف مع عمار ومرة أخرى أكره أفعاله معنا .. مرة أبرر كراهيته لنا ومرة أفعل العكس تماما ... "
+
توقفت لوهلة تأخذ أنفاسها قبل أن تستدير نحوه لترى التساؤلات تشع من عينيه قبل أن ينهض من مكانه متجها نحوها يسألها وهو يتفحص ملامحها الواهنة بحيرة وقلق :-
+
" فقط أخبريني مالذي حدث وجعلك في هذه الحالة ...؟! "
+
" أنا لم أعد أعرف أي شيء ..."
+
تمتمت بها بملامح منهكة قبل أن تملأ القتامة عينيها وهي تهتف بحقد لا يفنى :-
+
" كل ما أعرفه إننا ولدنا لأسوأ أبوين في هذا العالم ..."
+
" ماذا يحدث يا غالية ..؟!"
+
سألها نديم بحيرة وخوف بسبب حديث شقيقته وحالتها تلك بينما استرسلت هي بقسوة جديدة عليها :-
+
" لا حسين ولا صباح باتا يعنياني ... لا أريد جلب سيرتهما على لساني حتى .. ليتني كنت لقيطة بدلا من كوني ابنتهما .."
+
صاح نديم بعنف :-
+
" غالية ... ماذا تقولين أنت ...؟!"
+
تجاهلت صيحته وهي تضيف بينما تعصر جفنيها بقوة لمنع عبراتها من الظهور أمامه :-
+
"حتى ميراثي من كليهما لا أريده ..."
+
أكملت بثبات وتصميم على مسح أي ذكرى لهما من حياتها :-
+
" لا أريد أي شيء منهما .. سأتنازل عن كل شيء ... عن حصتي في الشركة والفيلا وتركة والدي كلها وحتى ميراثي من والدتي سأتنازل عنه ... يمكنك أن تأخذها أنت أو يمكنك التبرع بها للمحتاجين والجمعيات الخيرية عسى ولعل تساهم ولو قليلا في التكفير عن ذنوبهما مع إنني أشك في ذلك.."
+
" غالية ..."
+
هدر بها بقوة وهو يضيف :-
+
" ما بالك تتحدثين بهذا الشكل ...؟! مالذي جرى لك ...؟!"
+
قبض على ذراعيها يضيف بقوة :-
+
" انتبهي على نفسك وأنت تتحدثين عنهما ... أنت تتحدثين عن أبويك ... هل تعين ذلك ...؟!"
+
حررت ذراعيها من قبضته وهي تسأله بأنفاس مقطوعة :-
+
" هل تريد أن تعرف حقا ما جرى لي...؟!"
+
هتف بسرعة :-
+
" بالطبع ..."
+
صرخت بدموع حارقة شقت طريقها فوق وجنتيها :-
+
" تحطمت ... تحطمت يا نديم والفضل لهما ... لأبويك المصونين ...."
+
شهقت بعدها باكية ليهمس بلهفة :-
+
" غالية ..."
+
ثم سارع يعانقها بين ذراعيه لتستجيب له فتغرق في دفئ أحضانه التي احتوتها كليا بينما شهقاتها تتزايد وبكائها مستمر ....
+
بعد دقائق قليلة تحاملت على نفسها وهي تبتعد عنه ...
+
أخذت تمسح دموعها بسرعة ...
+
أخبرته بعدها وهي تنظر اليه بعينيها الحمراوين ووجهها المنتفخ بسبب بكائها :-
+
" اسمعني يا نديم ... أنت شقيقي الوحيد الذي لم يعد لدي سواه ... أنت الشخص الوحيد المتبقي لي والذي ما زال يعنيني من هذه العائلة ... لو كان بيدي لقطعت صلتي بالجميع وبقيت أنت فقط لكن للأسف لا يمكنني ذلك ... أنا سأبقى موصومة طوال حياتي بصلتي بهما وبعمار أيضا .."
+
هم نديم بالحديث لكنها أوقفته بإشارة من يدها وهي تكمل :-
+
" أنا لا أستطيع أن أخبرك عما حدث ..."
+
ترقرقت الدموع في عينيها وهي تضيف بخفوت :-
+
" ربما أستطيع فيما بعد ولكن الآن لا يمكنني ذلك ..."
+
مسحت عبرات عينيها بسرعة وهي تضيف بتماسك :-
+
" ما يجب أن تعرفه إنني لا أريد جلب سيرة أيا منهما أمامي مجددد وعليك أن تعرف إنني جادة في موضوع الميراث ..."
+
" ماذا تقولين أنت ...؟!"
+
قالها بعدم استيعاب لتكمل حديثها :-
+
" ما سمعته يا نديم .. ليكن بعلمك فأنا لن أعود الى عملي في الشركة مجددا ... سأبحث عن عمل جديد ... "
+
عاد تأخذ نفسا طويلا قبل أن تضيف برجاء :-
+
" أتمنى أن تتفهم موقفي يا نديم ..."
+
رأت الحيرة في عينيه فابتسمت له بارتعاش قبل أن تعانقه بخفة وهي تخبره :-
+
" ربما سأخبرك بما حدث يوما ما عندما أكون مستعدة لذلك ..."
+
ربت على ظهرها وهو يغمغم بتفهم لطالما تحلى به :-
+
" حسنا غالية ... المهم أن تكونين مرتاحة ولا يهم أي شيء آخر... تذكري دائما إنني معك ومستعد لسماعك في أي وقت ..."
+
نظرت له بعينين دامعتين وهي تومأ برأسها بينما ابتسم لها وهو يربت على كتفها بدعم ومؤازرة شعر إنها تحتاجها حاليا أكثر من أي وقت ...
1
*****************
+
وقف بجانب النافذة يتأمل السماء بشرود ....
+
مهما حاول تجاهل الواقع يجد نفسه مضطرا أن يفكر فيه ...
+
علاقته بزوجته متوترة أكثر من المعتاد...
+
ابتسم بتهكم مفكرا إنه لم تكن يوما علاقته مع زوجته غير ذلك ...
+
منذ بداية زواجهما وعلاقتهما تنحدر نحو الأسوء حتى بات لا يجمع بينهما أي شيء ...
+
أحيانا يتسائل إذا ما كان عليه أن يفعل شيئا محددا ينقذ من خلاله زواجه لكنه يتراجع مفكرا إنه لا يستطيع تقديم أكثر مما يحاول تقديمه ...
+
منذ سنوات وهو يحاول معها ...
+
يحاول أن ينقذ زواجهما ...
+
يجاهد ليحافظ على صورة العائلة المثالية ...
+
لكن الى متى ..؟!
+
الى متى سيبقى يحاول لوحده بينما هي ثابتة في مكانها لا تحاول بفعل أي شيء حتى مهما كان بسيطا ...؟!
+
زفر أنفاسه بضيق وهو يتراجع نحو مكتبه حيث يجلس فوق كرسيه ويشرد في الماضي البعيد ...
+
حيث قبل عدة أعوام عندما أتت هي الى منزلهم وعاشت معهم ...
+
وقبلها عندما توفيت خالته وتركتها هي وشقيقتها حديثة الولادة ...
+
عصفت الذكريات برأسه باختلافها ..
+
( قبل ثلاثة وعشرين عاما ..
+
الوضع في قصر جده عامر الحداد كان مأساوي للجميع ...
+
خالته زينة توفيت أثناء ولادتها طفلتها الثانية ...
+
الجميع يتألم دون استثناء فزهرة العائلة ومدللتها رحلت ...
+
جدته التزمت جناحها منذ الليلة التي رحلت فيها ابنتها ...
+
بالكاد استعادت وعيها منذ يومين بعدما أصيبت بصدمة عصبية شديدة أفقدتها النطق ...
+
جده الرجل القوي المهيب بدا مكسورا بشكلٍ حطم قلبه الفتي ...
+
والدته كانت في حالة مزرية تدعي التماسك طوال اليوم وهي تستقبل المعزيين بينما تنهار باكية لوحدها مساءا ...
+
خاله الآخر وضعه كان سيء وزوجته كذلك ...
+
الجميع كان محطم .. حزين ...
+
زفر راغب أنفاسه بأسى ورغما عنه شعر بالألم وهو يتذكر خالته الجميلة المرحة التي كان يحبها بشكل خاص عن البقية ...
+
ما زال يتذكر طفولته بصحبتها وهي التي كانت قريبة من أطفال أشقائها بسبب عفويتها ومرحها الدائم ...
+
الجميع كان متعلق بها بشدة فهي لديها جاذبية خاصة تجعلها تسبي قلب كل من يراها ...
+
تنهد بضيق لا يخلو من الألم وهو يتحرك نحو جناح خالته الراحلة هناك حيث توجد والدته مع طفلتيها وطفلتها توليب التي لم تكمل شهرها الثالث بعد ....
+
تقدم الى الداخل بعدما استأذن ليجد والدته تحمل الصغيرة هالة بينما المربية تحمل شقيقته توليب النائمة بين ذراعيها بسلام ...
+
تقدم نحو والدته التي همست بوهن :-
+
" تعال يا راغب ..."
+
مال نحوها يقبل جبينها باحترام وهو يخبرها :-
+
" سأغادر مع والدي بعد قليل ..."
+
ثم لاحت منه التفاتة نحو صورة خالته المعلقة فوق الجدار لتتشكل غصة داخل حلقه بالكاد تجاوزها وهو يعود بأنظاره نحو والدته ليجدها تتأمل الصغيرة بين أحضانها بأسى ...
+
رفعت والدته وجهها نحوه تخبره :-
+
" هل رأيتها يا راغب ...؟! انها نسخة منها ... "
+
انحنى نحو الصغيرة يتأمل عينيها بلونيها الجذاب بابتسامة حنون تشكلت فوق ثغرها لا إراديا ليهتف بصدق :-
+
" إنها رائعة ..."
+
همست زهرة بقلب مفطور :-
+
" كأنني أرى زينة في صغرها أمامي ...."
+
ثم هطلت دموعها لا إراديا وهي تضيف :-
+
" الطفلة المسكينة ... فقدت والدتها لحظة ولادتها ..."
+
تمتم راغب بخفوت :-
+
" لا بأس ... الأمر صعب ولكن هذا أمر الله ..."
+
تماما زهرة بخفوت :-
+
" ونعم بالله ... الصبر يا الله ..."
+
احتضنها راغب بمواساة عندما أخبرته والدته بعدها :-
+
" من فضلك يا راغب .. اذهب الى أخوانك مع همسة وبراء في الخارج ... اطمئن عليهم جميعا ..."
+
هتف راغب بجدية :-
+
" حسنا ... "
+
ثم نهض من مكانه متجها الى حديقة القصر ليجد الخادمة تقف بالقرب من من الأولاد الذي يلعبون بالحديقة ...
+
اتجه نحوهم ليجد همسة تجلس بعيدا عن الأولاد الثلاثة فتأملها بشفقة قبل أن يتقدم نحوها وهي التي تجلس على الرخام المرتفع قليلا وهي تتابعهم بعينيها الخضراوين فمال نحوها يسألها :-
+
" لماذا لا تلعبين معهم ..؟!"
+
نظرت نحوه تجيب ببراءة :-
+
" لا أحب اللعب بكرة القدم ..."
+
ثم نظرت الى الأرجوحة وهي تهتف به :-
+
" أريد اللعب على الأرجوحة ..."
+
" تعالي معي ..."
+
قالها وهو ينحني نحوها ويحملها بين ذراعيه لتبتسم مرددة :-
+
" هل ستؤرجحني ..."
+
" نعم ..."
+
قالها وهو يبتسم لها بدوره ليضعها على الأرجوحة ويبدأ في دفعها بينما همسة تضحك بسعادة وبراءة ذكرته لا إراديا بخالته وحقيقة فقدان تلك الصغيرة لوالدتها فتجاهل شعور الشفقة والأسى الذي ملأ كيانه وهو يبتسم لها مجددا ...
+
أخذ يؤرجحها لفترة عندما وجد شقيقه راجي يأتي وجانبه يسرا ابنة خالهما ...
+
ابتسم راجي وهو يحمل همسة التي تعلقت بعنقه بينما تشير الى راغب بطفولية :-
+
" راغب أرجحني يا راجي ..."
+
" هذا رائع .."
+
قالها راجي مبتسما بينما وقفت يسرا جانبه تهمس له بينما تتطلع الى همسة بشفقة :-
+
" مسكينة ... ما زالت لا تدرك ما يحدث ... لكنها حتما ستدرك قريبا ..."
+
تنهد راغب وهو يخبرها :-
+
" سيكون الأمر صعبا ... هي ما زالت صغيرة ولن تفهم سبب غياب والدتها وحتى لو فهمت فلن تتقبل ذلك ..."
+
أومأت يسرا وهي تتأمل راجي الذي يلاعبها بمرح تحتاجه الصغيرة حاليا أكثر من أي وقت عندما سألته باهتمام :-
+
" سمعت إن عمتي زهرة تريد أن تأخذ الطفلتين عندها ..."
+
هتف راغب بجدية وهو يتابع شقيقه وهمسة بعينيه :-
+
" عمي إبراهيم لا يقبل بهذا ..."
+
سألته يسرا بجدية :-
+
" من سيتولي رعايتهما إذا ...؟! "
+
هز راغب كتفيه وهو يتمتم :-
+
" لا أعلم ... ربما هو سيتصرف وبكل الأحوال والدتي لن تتركهما حتى لو رفض العم إبراهيم أن تعيشان معنا ..."
+
ثم تقدم نحو راجي يخبره :-
+
" أنت ستغادر معي الى القصر أم تبقى هنا الليلة ..؟!"
+
أجابه راجي بجدية :-
+
" سأغادر بالطبع ..."
+
هتفت همسة تسألهما :-
+
" متى ستأتي ماما ...؟! "
+
ثم مطت شفتيها بأسى :-
+
" تأخرت كثيرا ..."
+
تلاقت عينيه بعيني شقيقه الذي أخفض بصره بأسى ليهمس راغب لها :-
+
" ما رأيك أن تلعبي مع الأولاد ...؟!"
+
ثم نظر نحو شقيقه مهند وفيصل اللذين يلعبان مع ابن خالة براء وهو يضيف بينما يصطنع الابتسامة :-
+
" سأطلب منهما أن يلعبان لعبة أخرى تفضلينها ..."
+
لكن الصغيرة بدت تريد والدتها أكثر من أي شيءٍ فصبرها نفذ ووالدتها لم تأت بعد ...
+
" أريد ماما ..."
+
قالتها الصغيرة وقد ملأت الدموع عينيها فتضيف باكية :-
+
" لماذا لم تأتِ بعد ...؟! أين ذهبت ...؟!"
+
احتقنت عيني راجي بالدموع فسارع يعطي همسة لراغب وهو يتحرك بعيدا عنهما ...
+
احتضنها راغب بحمية بينما دموعها تتساقط ليخبرها برجاء :-
+
" اهدئي يا صغيرتي ... لا تبكي من فضلك ..."
+
همست الصغيرة من بين دموعها :-
+
" أريد ماما ... أريدها ..."
+
مسح دموعها بأنامله وهو يقول :-
+
" ما رأيك أن نذهب لترين شقيقتك ...؟!"
+
تطلعت اليه الصغيرة بصمت بينما أضاف وهو يرسم ابتسامة لطيفة فوق شفتيها :-
+
" تعالي ... سآخذك إليها .. هي تريد رؤيتك ..."
+
" حقا ...؟!"
+
سألته بخفوت وقد توقفت عن بكائها بينما يسير بها هو نحو الداخل القصر مضيفا :-
+
" نعم ، تريد رؤيتك بشدة ..."
+
" لكنها صغيرة للغاية ..."
+
تمتمت بها همسة فيردد راغب بجدية :-
+
" نعم وجميلة جدا ..."
+
ثم اتجه بها نحو والدته لتبتسم زهرة بحشرجة وهي ترى راغب يتقدم نحوها حاملا همسة معه ...
+
" همسة أتت لترى شقيقتها ..."
+
ثم وضع همسة قرب شقيقتها فتبتسم زهرة بوجع وهي تخبرها :-
+
" انظري الى شقيقتك يا عزيزتي ...."
+
مالت همسة نحو هالة تتأملها بعينين متسعتين وهي تتمتم :-
+
" إنها جميلة ... وصغيرة ..."
+
ابتسم راغب وهو يخبرها :-
+
" إنها تشبهك ..."
+
تطلعت اليه بعينيها الخضراوين تسأله بعدم تصديق :-
+
" حقا تشبهني ...؟!"
+
ابتسم لها وهو يهز رأسها بينما يميل بجسده الضخم جانبها فيخبرها وكفه تربت فوق شعرها الناعم :-
+
" ألا ترينها ..؟! هي تشبهك كثيرا ... هي شقيقتك ..."
+
سألته همسة وهي تنظر نحوه بتردد :-
+
" هل يمكنني تقبيلها ...؟!"
+
هتف مبتسما بحنو :-
+
" بالطبع ..."
+
ضحكت ببراءة قبل أن تميل نحو الصغيرة فتطبع قبلة رقيقة فوق وجنتيها بينما أخذ راغب يتابعها بألم على حالها وهي التي تجهل ما ينتظرها كليا ...)
+
أفاق راغب من أفكاره المؤلمة ...
+
لقد مر أكثر من ثلاثة وعشرين عاما على رحيل خالته الحبيبة لكنه ما زال يتذكرها تماما ...
+
ابتسم مرغما مفكرا إن خالته لم تكن لتتخيل يوما أن تتزوج صغيرتها منه ...
+
ربما لو كانت خالته حية لتغير الكثير ...
+
لكنه واثقا من كونها كانت ستفرح كثيرا بهذه الزيجة ..
+
تنهد بصمت قبل أن ينهض من مكانه مقررا مغادرة عمله عائدا الى القصر ...!
1
*****************
+
وقف بجانب الباب يتأملها وهي تجلس مع أطفاله الثلاث ....
+
تجلس على أرضية الغرفة تحاوط نزار بجسدها وهي تساعده في حل المسألة الرياضية ..
+
ولده الكبير يجاورها وهو منكب بدوره على كتابه بينما الصغير إبراهيم يسير فوق الأرضية بخطوات غير متزنة ...
+
غرق في تأملها وهي التي تربت على شعر سيف بحنو وابتسامة ناعمة تحتل ثغرها وهي تخبره إنه رائع في مادة الرياضيات ...
+
ثم تضحك بعذوبة لصغيرها الذي أتجه نحوها بخطوات متعثرة قبل أن يلقي نفسه بين أحضانه فتسارع بضمه لجسدها وتقبيله قبل أن تضحك معه بسعادة لا يراها سوى مع هؤلاء الصغار...
+
كل شيء بدا مثاليا في تلك اللحظة ...
+
عائلة مثالية يدفع عمره كاملا ليحافظ عليه ...
+
انتبه له صغيره الذي صاح بسعادة :-
+
" بابا ..."
+
ابتسم وهو يعتدل في وقفته متجها نحوهم بينما سارعت همسة تنهض من مكانها بارتباك ...
+
ركض سيف نحوه يتبعه شقيقه الأصغر نزار بينما انحنى راغب يحمل إبراهيم مقبلا إياه بحب قبل أن يحتضن ولديه الأخيرين ثم يتجه بهما نحو السرير ليضع إبراهيم في حضنه ويجلس الآخرين على جانبيه بينما وقفت هي تتأملهم بهدوء ليسأل راغب ولديه بينما يلاعب طفله الأصغر :-
+
" كيف كان يومكما ... ؟! "
+
هتف سيف بسرعة :-
+
" جيد .. دروس كالعادة ..."
+
بينما قال نزار بتذمر :-
+
" لا أريد المشاركة في الدورات الصيفية ..."
+
قال راغب بسرعة :-
+
" لقد تحدثنا بهذا الموضوع مسبقا ... هذه الدورات أفضل لكما يا نزار ..."
+
مط نزار شفتيه بعدم رضا ليهتف راغب :-
+
" على العموم لدي مفاجئة لكما ..."
+
لمعت عينا نزار وهو يسأله بفضول :-
+
" ما هي ...؟! "
+
بينما هتف سيف مبتسما :-
+
" سنسافر كما وعدتنا مسبقا ..."
+
هتف راغب وهو يربت على شعر سيف :-
+
" ولدي الذي يفهم علي فورا ... نعم سنسافر ... "
+
ثم اتجه ببصره نحو همسة مضيفا :-
+
" أعتقد إنهما يستحقان رحلة ممتعة مكافأة على تقدم مستواهم الدراسي بشكل ملحوظ ...!!"
+
همست وهي تتأملهما بحنو :-
+
" بالطبع يستحقان ..."
+
صاح نزار بحماس :-
+
" متى سنسافر وإلى أين ...؟!"
+
بينما تحدث سيف بهدوء :-
+
" نحن سنختار مكان الرحلة ، أليس كذلك ...؟!"
+
قال راغب بجدية :-
+
" بالطبع ، هل يوجد لديكما مكان معين تريدان الذهاب اليه ...؟!"
+
نظر له سيف بتفكير بينما مال نزار نحو شقيقه يخبره :-
+
" دبي .. "
1
" لكننا ذهبنا الى هناك قبل عامين ..."
+
قالها سيف بجدية ليهتف نزار برجاء :-
+
" لكنها جميلة والأجواء هناك ممتعة ... ما المشكلة اذا كررناها من جديد ...؟!"
+
قال راغب بسرعة وهو ينهض من مكانه :-
+
" تناقشا فيما بينكما واتفقا على مكان ما كي أجهز نفسي و أحجز التذاكر في أقرب وقت ... "
+
ثم تحرك باتجاه همسة وهو يحمل صغيره ليشير لها وهو يتقدم خارج الجناح :-
+
" تعالي معي يا همسة ..."
+
ثم سار حيث جناحه تتبعه هي عندما أخذت الصغير منه بينما خلع هو سترته ثم نظر لها متسائلا :-
+
" هل لديك مشكلة في السفر حاليا ...؟! "
+
تمتمت بجدية :-
+
" حتى لو كان لدي ، هل تعتقد إنني سأرفض بعدما أبلغتهما بمفاجئتك ...؟!"
+
سيطر الوجوم عليه وهو يردد :-
+
" حسنا لم أقصد عدم اخبارك أولا ..."
+
قاطعته ببرود :-
+
" ليس مهما يا راغب ، بكل الأحوال هما يستحقان رحلة استجمام قصيرة يبتعدان فيها عن الأجواء التي يعيشان بها طوال العام ..."
+
رفع حاجبه مرددا :-
+
" ماذا تعنين بهذا ...؟! تتحدثين وكأنهما يعيشان في سجن ..."
+
وضعت طفلها على الأرضية ثم اعتدلت في وقفتها تنظر له بجدية بينما تخبره :-
+
" المدرسة تسعى لإضافة لغة ثالثة في جدولهما الدراسي .. "
+
تمتم ببرود :-
+
" وما المشكلة في ذلك ..؟!"
+
هتفت بعدم تصديق :-
+
" هذا ضغط كبير عليهما ... "
+
أضافت بجدية:-
+
" هما الآن يتعلمان الإنكليزية ومبادئ الفرنسية ... لمَ نضغط عليهما بلغة جديدة ..."
+
قال راغب :-
+
" ها أنت قلتيها ... يتعلمون مبادئ اللغة الفرنسية فقط ولا توجد هناك مشكلة أن يتعلما مبادئ لغة ثالثة ربما يقرران اتقانها عندما يكبران ..."
+
" هذا ضغط كبير عليهما .. هما ما زالا صغيرين ..."
+
قالتها برفض ليزفر راغب أنفاسه مرددا :-
+
" أنا لا أفهم متى سنتخلص من هذه المشكلة الأزلية ..."
+
اندفعت تصيح برفض :-
+
" عندما تستوعب إنه يحق لي التدخل في شؤونهما مثلك تماما ..."
+
صاح بعدم استيعاب :-
+
" ما هذا الكلام ...؟! هل منعتك يوما من التدخل فيهما ...؟! راجعي كلامك يا همسة قبل أن تتفوهي به..."
+
قالت بغضب :-
+
" أنت لا تستمع الى رأيي يا راغب ... مهما قلت فأنت في النهاية لا تنفذ سوى قرارك أنت ... "
+
" أنا أفعل ما يصب في مصلحتهما ..."
+
قالها بثبات وهو يضيف :-
+
" إذا سرت وراء كلامك فلن يحققا أي تقدم ملحوظ ولن يتعلما أي شيء ..."
+
انتفضت ملامحها برفض ليصيح بنفاذ صبر :-
+
" أنت ترفضين كل شيء .... تعترضين على كل شيءٍ دون سبب وجيه ... "
+
هتفت بسرعة وتبرير :-
+
" لا أريد لهما أن يعيشان بهذه الطريقة ... لا أريدهما أن يعيشان مقيدين في قوانينك الصارمة ... أنت تريد تشكيلهما بشكل يرضي طموحك ولكن نسيت إنهما طفلين صغيرين يحتاجان أن يعيشان طفولتهما بشكلٍ صحيح ..."
1
نظر لها مصدوما وهو يردد :-
+
" أقسم بالله إنك لا تستوعبين ما تقولينه ... ماذا جرى لك يا هذه ...؟! هل أصبحت الدروس الصيفية سببا في حرمانها من الطفولة المنشودة ...؟! أم دروس السباحة وركوب الخيل ...."
+
أكمل بغضب تمكن منه :-
+
" انظري الى نفسك يا هانم ... انت تعترضين على كل شيء ... دروس ركوب الخيل لا داعي لها فيكفي دروس السباحة ... تعلم الصيد ليس مهما ... تعلم عدة لغات لا داعي له ... العزف على البيانو شيءٍ فارغ لا أهمية له ... وغير ذلك الكثير ... "
+
أضاف بقوة :-
+
" انظري الى الناس حولك وستفهمين إن الجميع يحيا بهذه الطريقة والجميع يسعى ليرى أولاده في أفضل مكانة ويجيدون كل شيء ..."
+
" انا لا علاقة لي بغيري ..."
+
قالتها معترضة ليخبرها بحزم :-
+
" كلا يا هانم ، انت مجبرة على مواكبة وضعك الحالي ... أفيقي يا هانم واستوعبي مكانه زوجك وأولادك ... أولادي لن يكونوا أقل من أقرانهم بأي شيء... لا أفهم متى سوف تستوعبين ذلك وتفهمين المكانة التي يجب أن يحصل عليها أولادك الثلاثة ... أحيانا أشعر إنك تتعمدين التصرف بهذه الطريقة فقط لأجل معارضتي واغضابي ..."
1
تأملته بعجز .. هو لا يفهم عليها ولا أحد سيفهم ...
+
لا أحد يستوعب إن الحياة التي تعيشها حاليا بعيدة كل البعد عن الحياة التي تمنتها ...
+
هذه الحياة لا تشببها أبدا...
+
كيف تشرح له ذلك ...؟!
+
كي تخبره إنها لا تطيق كل هذه الأساليب التي يعيش بها أولادها والتي هي بدورها مجبرة أن تعيشها معهم ...؟!
+
كيف يفهم إنها لا ترى الحياة من نفس منظوره ...؟!
+
الحياة أبسط بكثير من هذه التعقيدات ...
+
لكنه لا يفهم ولا أحد سيفهم ...
+
الجميع يحسدها على زوجها ومكانته ولكن لا أحد يعلم إنها تتمنى دائما لو لم ترتبط بشخص يمتلك هذه المكانة ...
+
تتمنى لو تزوجت بشاب عادي بسيط تحيا معه في منزل صغيرو دافئ يجمعهما الحب والمودة والآمان ..
+
هو لن يفهم ذلك بل سيسخر منها إذا ما أخبرته بتفكيرها هذا ..
+
" كما تشاء يا راغب ..."
+
قالتها بجمود وهي تهم بمغادرة المنزل عندما وجدته يقبض على ذراعه فتواجهه بعينين متصلبتين ليخبرها ببرود :-
+
" مرة واحدة فقط حاولي أن تغيري من نفسك وتفكيرك يا همسة ... مرة واحدة فقط توقفي عن طريقة تفكيرك هذه واستوعبي حقيقة الحياة التي تعيشنها ...."
+
حررت ذراعها من قبضتها وهي تخبره بصلابة :-
+
" كان عليك أن تدرك ما ينتظرك عندما قررت الزواج من فتاة مثلي يا راغب ... أنا آسفة لإنني لا ألائم تطلعاتك الكبيرة ... "
+
زفر أنفاسه بضيق قبل أن يمسح على وجهه بعنف ثم يخبرها وهو ينظر الى طفله :-
+
" خذي إبراهيم الى المربية وتعالي ..."
+
تأملته بتهكم وهي تقول :-
+
" يؤسفني أن أخبرك إنك لن تحصل على ما تريد هذه المرة ..."
+
جذبها من ساعدها يهتف بها من بين أسنانه :-
+
" توقفي عن عنادك يا هانم ... أنا زوجك ولدي حقوق عليك ... لا يحق لك أن تحرميني من حقوقي ... هل فهمت ...؟؟"
+
جذبت ساعدها من قبضته وهي تخبره بجمود :-
+
" حسنا يا راغب ... لك ما تريد ..."
+
ثم منحته نظرة مظلمة وهي تتحرك خارج المكان مع طفلها لتعود اليه بعد لحظات وتتقدم نحوه ليتابعها هو بصلابة فتقف أمامه تخبره :-
+
" هيا خذ ما تريد ... لننتهي من الأمر سريعا ... "
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" يبدو إنك لا تنوين تمرير اليوم بخير يا همسة ..."
+
عقدت ذراعيها أمام صدرها تخبره ببرود :-
+
" ماذا فعلت الآن ...؟! قلت تريدني وها قد أتيت ... ستنالني كعادتك ... أليس هذا ما تريده ...؟؟"
+
سألها بعدم استيعاب :
+
" أنا لا أفهم حقا ماذا تريدين ...؟! ماذا تظنين نفسك فاعلة يا همسة ...؟! هل تعجبك هذه الحياة حقا ...؟! هل تعجبك العلاقة التي تجمع بيننا بكل ما فيها من برود وحفاظ ..؟!"
+
" هذا ما لدي ..."
+
قالتها بلا مبالاة مقصودة وهي تضيف :-
+
" على أساس إنك ستتزوج ... ماذا تنتظر ...؟! ألم تقل إنك ستفعلها وتتزوج قريبا ...؟!"
+
" أشفقت عليك ..."
+
قالها بقسوة وهو يضيف بجلادة :-
+
" تراجعت عن قراري بعدما رأيتك ليلة البارحة وأنت منهارة بهذه الطريقة وتترجيني ألا أجعل أولادنا يعيشون نفس الحياة التي عشتها يا همسة .. رغم قوتي وصلابتي المعروفة لم يطاوعني قلبي أن أكسر بخاطرك يا همسة ... "
+
هتفت بعينين حمراوين :-
+
" لا تقلق بشأني أبدا ... "
+
أضاف بثبات مصطنع :-
+
" افعل ما تريد وتزوج ممن تريد ... "
+
أضافت وهي تلوي ثغرها بتهكم :-
+
" أساسا لن تحتاج الى البحث فالعروس موجودة وتنتظرك ..."
+
" مالذي تهذين به ...؟!"
+
هتف بها بضيق لتتسع ابتسامتها وهي تكمل :-
+
" يسرا هانم ... خطيبتك السابقة ..."
+
قاطعها بحدة :-
+
" توقفي عن هذه الحماقات ولاحظي إنك تتحدثين عن امرأة لا تخصني ... لا يجوز أن تتحدثي بهذه الطريقة وترميها باتهامات باطلة كهذه ..."
+
" حقا أضحكتني ..."
+
قالتها وهي تصطنع الضحك قبل أن تضيف :-
+
" كلانا يعلم الحقيقة يا راغب ..."
+
هتف بتهكم :-
+
" هذه الحقيقة لا وجود لها سوى في رأسك الأحمق ..."
+
" لماذا ..؟! مالذي تغير ...؟! ألم تنوي الزواج منها مسبقا ...؟!"
+
سألته ببرود ليهتف :-
+
" ها أنت قلتيها .. مسبقا ... "
+
" وها قد عادت الفرصة مجددا لتجتمعان من جديد ..."
+
عقد ذراعيه أمام صدرها يتسائل :-
+
" إلام تريدين أن تصلي يا هذه ...؟! أخبريني ..."
+
تأملته ببرود لوهلة قبل أن تجيبه :-
+
" أريد إنهاء هذا الوضع ... أريدك أن تتزوج ممن تختارها وتتركني وشأني ..."
+
اتسعت عيناه مرددا :-
+
" ألهذه الدرجة وجودي يزعجك ...؟! "
+
تأملته بصمت وكلماته القاسية قبل قليلة عادت ترن في عقلها لتخبره عن قصد :-
+
" أكثر مما تتصور ... انا لم يعد يمكنني التحمل ... أنا لا أريد ... لا أحبك ولا أريد قربك ولست مستعدة أن أجبر نفسي في كل مرة على تحمل قربك الذي لا أطيقه فقط لإرضاء رغباتك المقيتة ..."
1
وفي لمح البصر كانت يده تحط فوق وجنتيها بقوة جعلتها تشهق بعدم تصديق ..
1
***************
+
غادر جناحه بملامح قاتمة ..
+
لقد أججت غضبه لدرجة جعلته يقدم على تصرف لا يشبهه ولا يليق به ...
+
لقد ضربها مرغما بعدما استفزته بقوة ...
+
اتجه نحو مكتبه مغلقا الباب خلفه بعنف متوجها الى الداخل وهو يتحرك داخل المكتب بغضب شديد قبل أن يتجه نحو الكرسي ويجلس عليه محاولا تهدئة أنفاسه الثائرة قدر المستطاع كي لا يراه أحد ويشعر بما حدث ..
+
مسح على وجهه بتعب قبل أن يطلب الخادمة التي أتت بسرعة فأخبرها أن تجهز له قهوة سادة كما يفضلها عادة ...
+
تحركت الخادمة بسرعة وعادت بالقهوة بعد قليل ليتناولها بصمت قبل أن يميل بجسده الى الخلف شاردا في الفراغ متجاهلا أفكاره التي تتمحور حولها ...'
+
هي وحدها سبب شقاؤه وعذابه الدائم في هذه الحياة ...
+
أفاق من أفكاره على صوت طرقات على باب المكتب ليسمح للطارق بالدخول مرغما رغم عدم رغبته برؤية أحدهم ... وجد هالة تتقدم الى الداخل بابتسامتها المعهودة وهي تخبره :-
+
" هل يمكننا التحدث إذا لم تكن مشغولا بالطبع ...؟!"
+
تنهد وهو يرسم فوق ثغره ابتسامة مصطنعة مجيبا :-
+
" بالطبع .. تعالي ..."
+
اتجهت نحوه وسارعت تحتضنه بعفوية اعتادت عليها وهي تخبره بصدق :-
+
" اشتقت لك كثيرا يا باشا ..."
+
ضحك برزانة وهو يربت على ظهرها قائلا :-
+
" وأنا أكثر يا حبيبة الباشا ..."
+
ضحكت بعذوبة وهي تضيف :-
+
" ستصدقني لو أخبرتك إنك أكثر من اشتقت إليه في رحلتي ...؟!"
+
هتف بخفة :-
+
" سأصطنع التصديق ..."
+
هتفت بمرح :-
+
" حبيبي يا كبير ...."
+
ثم هتفت مشاكسة :-
+
" حسنا اشتقت لهمسة أكثر منك بالطبع ... "
+
تشنجت ملامحه للحظة ما إن أتت على ذكرها قبل أن يخفي هذا بمهارة وهو يخبرها :-
+
" أخبريني إذا ... كيف كان عامك الأخير ..؟!"
+
ثم أضاف بجدية :-
+
" هديتك مني ستأخذينها يوم الحفل ...! صحيح متى ستقيمين حفل تخرجك ...؟!"
+
اتجهت نحو الكرسي المجاور للمكتب وجلست جانبه تخبره :-
+
" ربما قريبا ... أساسا هناك شيء ما أريدك أن اعرفه ..."
+
نظر لها باهتمام فأضافت :-
+
" بالطبع يجب أن أخبر عمي عابد ولكنني قررت التحدث معك أولا .. "
+
ابتسم بإدراك قائلا :-
+
" من هو إذا ..؟!"
+
لمعت عينيها وهي تخبره بفرحة :-
+
" اسمه كرم .. كرم مختار ... كان يدرس معي في نفس الجامعة ولكنه يدرس الهندسة ..."
+
أكملت وهي ما زالت محتفظة بإبتسامتها :-
+
" يريد التقدم لخطبتي بأسرع وقت ممكن ..."
+
هتف بجدية :-
+
" حسنا ، أريد معلومات مبدئية عنه لأسأل عنه وعن عائلته وأصله و ..."
+
قاطعته بسرعة :-
+
" هو من عائلة محترمة للغاية وثرية أيضا .. والده كان رجل اعمال معروف أساسا وهو سيفتتح عملا خاصا به قريبا ..."
+
" ممتاز .. ولكن يجب أن أسأل عنه بدوري ثم ألتقي به ..."
+
سألته بسرعة :-
+
" متى ستفعل ..؟! يعني هو يريد أن يلتقي بك بأسرع وقت بل يريد أن يجلب عائلته أيضا ليخطبوني ..."
+
هتف راغب بجدية :-
+
" ليأتي وحده أولا لأتحدث معه ثم يأتي مع عائلته فيما بعد ..."
+
" متى يعني ..؟!"
+
سألتها ليرفع حاجبه مرددا :-
+
" ما بالك مستعجلة الى هذه الدرجة ..؟!"
+
هتف بحرج :-
+
" هو مستعجل ولست أنا ..."
+
ضحك مرغما :-
+
" واضح واضح ..."
+
تأمل تورد ملامحها فقال مبتسما بحنو :-
+
" كبرت يا صغيرة وسيأتي من يأخذكِ مني ..."
+
تمتمت برقة :-
+
" لا أحد يمكنه أن يأخذني منك ..."
+
ثم نهضت من مكانها واتجهت نحوه تميل وتطبع قبلة فوق وجنته وهي تخبره :-
+
" أنت تحديدا مكانتك مختلفة عن الجميع وأنت تدرك ذلك ... "
+
" أعلم يا صغيرتي ..."
+
قالها وهو يربت على شعرها ثم يضيف متذكرا أمرا ما :-
+
"صحيح ، هناك ما يجب أن تعلمينه ..."
+
نظرت له بفضول ليبتسم وهو يخبرها :-
+
" سيارتك الجديدة تنتظرك في المعرض ... بجميع المواصفات التي أردتها ..."
+
" أنت تمزح ..."
+
قالتها بعدم تصديق وهي تضيف :-
+
" أنت حقا أتيت بها ..."
+
ابتسم وهو يربت فوق وجنتيها :-
+
" وهل يوجد أغلى منك لأجلب لها السيارة التي تحلم بها ..؟!"
+
احتضنته مجددا وهي تخبره :-
+
" أنت رائع ... "
+
ثم أضافت :-
+
" إنها هدية رائعة جدا وثمينة للغاية .."
+
قال بسرعة وهو يربت فوق شعرها :-
+
" هذه ليست هدية التخرج .. هدية التخرج ستحصلين عليها يوم الحفلة ..."
+
" أنا لا أعرف حقا ما أقوله ..."
+
قالتها بفرحة وامتنان ليبتسم مرددا :-
+
" لا تقولي أي شيء .. أنت تستحقين ذلك بعدما حققته من تفوق في دراستك ... لا تنسي أن تمري غدا على المعرض .."
+
قالت بسرعة :-
+
" لن أنسى ..."
+
ثم أضافت بتردد :-
+
" وماذا عن كرم ..؟! متى يأتي لرؤيتك ..؟؟"
+
تنهد ثم قال :-
+
" بعد يومين باذن الله ..."
+
رفعت حاجبها مرددة :-
+
" كثير يومين يا راغب .."
+
ضربها على جبينها بخفة وهو يقول :-
+
" دعيه ينتظر قليلا يا فتاة ... ألا يكفي إنه سيأخذ صغيرتي الغالية ..."
+
ضحكت وهي تهمس بخضوع مفتعل :-
+
" حسنا يا باشا ... جميعنا طوع أمرك ..."
+
ثم تحركت خارج المكان بسعادة تسارع لإخبار كرم بما حدث وتخبره بالموعد الذي حدد راغب ليراه مبدئيا ..
+
****************
+
يتأمل صورته بملامح متصلبة ...
+
قبل أن يعاود التطلع الى المعلومات التي حصل عليها بخصوصه ...
+
كرم مختار ...
+
في الثالثة والعشرين من عمره ...
+
أي يصغرها بعامين ...
+
تخرج قبل أيام من كلية الهندسة في احدى جامعات أمريكا ...
+
ينتمي لعائلة أرستقراطية ثرية ...
+
والده الراحل كان رجل اعمال ثري وناجح ووالدته تنتمي هي الأخرى لعائلة ثرية ..
+
تأمل ملامحه بعينين سوداوين ...
+
الحقد ينمو داخله اتجاهه رغما عنه والغيرة تنهشه بقوة ...!
+
ذلك الأحمق ... مالذي وجدته به ..؟!
+
رمى الهاتف جانبا وهو يتذكر معرفته السابقة بشقيقته .. هايدي ...
+
الشقراء الجميلة التي تعرف عليه في احدى السهرات التي تخص ميلاد صديق مشترك بينهما ...
+
كان إعجابها به واضحا وهو بدوره لم يكذب خبرا وتعرف عليها كما يفعل مع غيرها وبعد معرفة ليست طويلة أنهى علاقته بها بعدما أدرك طموحاتها بشأن علاقتهما ورغبته بتطويرها الى علاقة رسمية بينما هو لم يكن يفكر سوى بالتسلية وقضاء القليل من الوقت معها وتبادل الاحاديث ورغم وضوحه معها إلا إنها بقيت تلمح لشيء تجاهله مرارا قبل أن يقرر قطع اتصاله بها ...!
+
زفر أنفاسه وهو يشرد هذه المرة بمالكة قلبه ..
+
الحبيبة الأولى والأخيرة والوحيدة ...
+
عشقه الذي يرفض التخلي عنه فكيف يتخلى عن عشقها وهو ما زال عاجزا عن تخطي ما جمعهما ...
+
أعوام مرت على انفصالهما وما زالت مشاعره كما هي ...
+
عشقها تغلغل في أعماق روحه حتى سيطر على كل إنش فيه ...
+
مشاعره اتجاهها تتضاعف كل يوم وكأن زيادتها واجب لا مفر منه كعذاب ابتعادها عنه ..
+
أي إمرأة تلك التي تجعله أسيرا في محراب عشقها ...
+
إمرأة جعلته يزهد كل شيء عداها ...
+
إمرأة بات يشعر إنه مفطور على حبها ...
+
إمرأة ناضل لسنوات كي يتجاوزها وفشل ...
+
لم ينجح ولو مرة في تخطيها ...
+
فشلت كافة محاولاته ...
+
ولا إمرأة عرفها بعدها نجحت في ملأ ولو جزء قليل من فراغها فهي له كل النساء و لا يرى إمرأة سواها ملاذا لقلبه ...
+
أغمض عينيه وهو يتخيلها أمامه بحسنها الشديد و روحها العذبة ...!
+
بملامحها التي لا يمل من النظر إليها وروحها التي يشتاق اليها بعفويتها وصخبها وجنونها ...
+
هي أنثى منحته الحياة بوجودها وسرقت روحه معها عند رحيلها ...
+
أنثى تركته جسدا بلا روح ...
+
تركت خلفها أشلاء قلب ما زال ينتظرها عودتها لتشفي جروحه ...!
+
عاد بذاكرته الى الخلف قبل عدة أعوام ...
+
ما زال يتذكر النظرة الأولى التي جمعت بينهما ...
+
نظرة واحدة منها وابتسامة ناعمة كانت كفيلة أن توقعه في شباكها ...
+
كل شيء بدأ بتلك النظرة التي ما زال عاجزا عن تخطيها ...
+
تذكر ذلك اليوم والحفل الصاخب بمناسبة حفل تخرج فيصل من المدرسة بمعدل جيد ..
+
وقتها أقام خاله حفلة كبيرة بهذه المناسبة عندما رأها لأول مرة بعد عامين قضاهما يدرس في الخارج ...
+
عامان تغيرت بهما كثيرا ...
+
لم يجمعها بها سوى القليل ...
+
كان يراها أثناء زيارته القصيرة لمنزل خاله ...
+
شقيقة زوجة راغب كما إنها شقيقة أبناء خاله بالرضاعة ...
+
ورغم ذلك لم يجمعه بها سوى سلام وبضعة أحاديث رسمية طوال السنوات التي قضتها في كنف خاله ..
+
عندما رأها لأول مرة في تلك الحفلة تجمد كليا وهو لا يصدق إن عامين فقط كفيلتين بتغييرها لهذه الدرجة ...
+
رأى أمامه ما عجزت عيناه عن تخطيه ...
+
جمال خطفه كليا وابتسامة سرقت لبه ...
+
هو بكل قوته وعنفوانه وغروره الشديد وقع صريعا في غرامها من نظرة واحدة ..
+
نظر واحدة كانت كفيلة بتحطيم حصونه التي شيدها حول قلبه بحرص ...
+
وهاهو يعاني من تعبات ذلك اليوم حتى الآن ..
+
تنهد بعصبية وهو يعاود النظر الى هاتفه مجددا قبل أن يبحث عن حسابها الذي ألغى متابعته مسبقا فيتأمل صورتها الأخيرة قبل أن يرى يتأكد من حالتها الاجتماعية فهي ما زالت عزباء ...
+
ابتسم ببرود وهو يهمس لنفسه بتفكير :-
+
" لا بأس بأن نلتقي مجددا يا هايدي ... سيكون لقاءا حافلا بالكثير هذه المرة ..."
1
******************
+
خرجت من غرفتها وهي تعدل من هندام فستانها القصير لترى شيرين تقف في وجهها وهي تسألها بصرامة :-
+
" إلى أين ..؟!"
+
رمقتها جيلان بنظرات مستخفة وهي تخبرها :-
+
" أعتقد إننا تحدثنا مسبقا بهذا الأمر .."
+
ثم أضافت بصوت آمر :-
+
" ابتعدي من أمامي يا شيرين ..."
+
" لن أبتعد يا جيلان .."
+
قالتها شيرين ببرود وهي تضيف :-
+
" لا يمكنك أن تتجاهلي وجودي بعد الآن ..."
+
" من تظنين نفسك ...؟!"
+
سألتها جيلان بعصبية قبل أن يصدح صوت رنين جرس الباب لتبتسم شيرين بسخرية وهي تتجه نحو الباب تتبعها جيلان وهي تصيح بها :-
+
" سأخرج غصبا عنك ..."
+
ثم توقفت مكانها وهي ترى ريم ابنة خالتها في وجهها تتقدم نحوها ثم تقبض على ذراعها وهي تهدر بها :-
+
" إلى أين يا هانم ... ؟! "
+
هتفت جيلان بدهشة من قدومها :-
+
" مالذي أتى بك يا ريم ...؟!"
+
" أتيت لأضع حلا لتصرفاتك الغير مقبولة يا هانم .."
+
قالتها ريم بتوعد لترمق جيلان شيرين بنظرات حاقدة مرددة :-
+
" تشتكيني إليها إذا ..."
+
قالت شيرين ببرود :-
+
" لم تتركي حلا آخر أمامي .."
+
منحتها جيلان نظرات حاقدة قبل أن تتجه بأنظارها نحو ريم وهي تخبرها ببرود :-
+
" إذا كنت تعتقدين إنك يمكنك التحكم بي فأنت مخطئة ..."
+
" بل أستطيع وأنت تدركين ذلك وإذا لم تتوقفي عن حماقاتك فقسما بربي سأعيدك الى البلاد وأحبسك في المنزل ..."
+
قالتها ريم بتهديد صريح لتصيح جيلان :-
+
" أتت تهذين يا هذه ... أنا لم أعد صغيرة ... أصبحت بالغة راشدة يا ريم هانم ويحق لي أن أعيش بالطريقة التي أرغبها ..."
+
أضافت بتحدي :-
+
" حتى إنني قدمت أوراقي في جامعة كندا وسيتم قبولي بها قريبا ..."
+
" في أحلامك ..."
+
قالتها ريم بحدة وهي تضيف :-
+
" ستكونين أكبر حمقاء إن ظننت إنني سأترك تفعلين ما يحلو لك ..."
+
" سنرى يا ريم ...."
+
قالتها وهي تهم بالتوجه خارج المكان لتقبض ريم على ذراعها وهي تدفعها نحو الخلف مرددة بغضب :-
+
" ألم أخبرك إنك لن تغادري المكان بعد الآن ...؟! غير مسموح لك بالذهاب الى تلك الأماكن من الآن فصاعدا ..."
+
" أنت لا يحق لك التحكم بي ..."
+
قالتها جيلان وهي تندفع نحو الباب مجددا لتقبض ريم على ذراعها وتدفعها الى الحائط خلفها مرددة بقوة :-
+
" عودي الى رشدك يا هذه .."
+
هتفت جيلان من بين أسنانها :-
+
" لن تتركيني آذا ..."
+
" لن أفعل ..."
+
قالتها ريم بثبات وهي تضيف :-
+
" أريني مالذي ستفعلينه ...؟!"
+
لحظات وكشرت جيلان عن ابتسامة شيطانية قبل أن تندفع نحو طاولة الطعام وتسحب مزهرية وتسارع برميها لتتحطم أرضا ...
+
" جيلان ..."
+
صاحت بها شيرين بهلع بينما اندفعت جيلان تفتح النافذة وتخرج رأسها منها تصيح في الناس القليلين الموجودين في الشارع :-
+
" ساعدوني .. إنها تعنفني ... تضربني ..."
+
اندفعت ريم تحاول جذبها الى الداخل وهي تردد بينما شيرين تتأمل ما تفعله بصدمة :-
+
" ماذا تفعلين أيتها المجنونة ...؟!"
+
صاحت جيلان بالناس خارجا وهي تقاوم ريم :-
+
" ستقتلني ... هل ترون ...؟! "
+
بالكاد جرتها ريم الى الداخل لتصرخ جيلان بتشفي :-
+
" ستأتي الشرطي بعد دقائق ليأخذونك بتهمة الضرب والتعنيف ..."
+
طالعتها ريم بنظرات مصعوقة ولم تصدق ما فعلته قبل أن يصدح صوت جرس الباب وأصوات طرق على الباب يتبعها صياح رجال الأمن في العمارة :-
1
" افتحوا الباب ... حالا ..."
+
يتبع
+