اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل التاسع 9 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل التاسع 9 بقلم سارة علي 







الأنانية في العشق مشروعة ...

+


فالعشق يقلب كيان المرء بأكمله ...

+


 يزعزع ثباته .. يحاربه بكل ما يملك ولا يرتاح حتى يعلن العاشق سقوطه في ملكوت العشق ...

+


حتى يعترف بسقوطه ويرضى به ويتقبله ...

+


والعاشق نفسه لا يرتاح حتى ينال عشقه ...

+


لا يجد راحته وهو بعيد عن معشوقه ...

+


وجوده فقط من يمنح قلبه السكينة ...

+


قربه من يمنحه الثبات والإستقرار ...

+


لذا العاشق يحارب بكل كيانه لينال معشوقه ..

+


ويستخدم مختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة ليحصل على معشوقه ...

+


لا يبالي بأي شيء ولا يضع إعتبارا لأي شيء ...

+


لا بأس أن يكون أنانيا ... مؤذيا .. شرسا .. متكلما ... 

+


عليه أن يستغل كل الوسائل الممكنة لينال عشقه ...

+


فالعاشق لا يرى أمامه سوى عشقه الذي يجب أن يناله بأي طريقة كانت ...

+


لا يهتم بما سيحدث بعد ذلك ..

+


حتى لو النتيجة كانت دماره ودمار معشوقه معه حيث عزاؤه الوحيد إنهما سويا وليحترق كل شيء حوله بل لا مانع أن يحترقا هما أيضا  طالما سويا ...!




















1


توترت كليا ما إن رأته ...

+


نفس الشخص الذي أنقذها ...

+


هو نفسه ...

+


صدفة سيئة للغاية ...

+


ألا يكفي إنها أتت هنا مرغمة ...

+


لتجد نفس الشخص الذي ساعدها تلك الليلة هنا بل هو العريس المنتظر والذي لمحت إليه شهيرة في حديثها ....

+


بالكاد ابتلع أثير صدمته وهو يتقدم نحوها راسما ابتسامة رسمية وهو يحييها :-

+


" أهلا آنسة أفنان ...."

+


نهضت أفنان من مكانها لترد تحيته وبالكاد لامست طرف كفه وهي تهمس بدورها :-

+


" أهلا بك ...."

+


ابتسم أثير مجاملة عندما هتفت زمرد مبتسمة وعيناها تتأملان أفنان بجمالها الناعم بإعجاب وأمل :-

+



                      

                
" ما رأيك أن تأخذ أفنان خارجا يا أثير ..؟! تجلسان في الحديقة وتتحدثان بينما يحين وقت العشاء .."

+


التفت أثير نحو والدته بملامح سيطر الوجوم عليها فأسبلت زمرد عينيها برجاء جعله يتنهد بصمت وهو يعود ببصره ناحية أفنان يشير لها:-

+


" تفضلي يا آنسة ..."

+


منحته أفنان إبتسامة متوترة وهي تنهض من مكانها تتحرك معه حيث الحديقة الخارجية تتابعهما عيون كلا من زمرد وشهيرة وكلتاهما تأملان أن تتم هذه الزيجة التي خططا لها مسبقا ...

+


في الخارج أشار أثير إلى أفنان أن تجلس على أحد الكراسي الموضوعة منتصف الحديقة لتشكره أفنان بصمت وتتخذ الكرسي الذي أشار إليه مجلسا لها فيتجه أثير بدوره ويتخذ الكرسي المقابل لها مجلسا له عندما تأملته أفنان لثواني قبل أن تهمس بصوت خافت مرتبك :-

+


" شكرا ..."

+


نظر لها أثير بصمت وتجهم لتضيف بتردد :-

+


" لإنك لم تخبر والدتي إنك تعرفني من قبل .. لإنك لم تخبرها عن تلك الليلة ..."

+


هز رأسه بعدم اكتراث وهو بالكاد يجيبها :-

+


" لا عليك ..."

+


تحركت بأنظارها تتأمل الحديقة الجميلة بأشجارها وورودها بينما بقي أثير مكانه واجما بسبب تصرف  والدته فهو اتفق معها على أن يحيي الضيوف ويجلس قليلا معهم ويتناول العشاء ثم يغادر ولكنه لم يكن يريد الإنفراد مع الفتاة بهذه الطريقة ...!

+


لن يمرر ما حدث بسهولة ...

+


والدته يجب أن تفهم إنها لن تستطيع أن تلوي ذراعه أبدا...

+


عليها أن تستوعب إن محبته وتقديره لها لا يعني أن تفرض سيطرتها عليه وتتحكم به وتسيره كما تشاء ...

+


تنهد بضجر وداخله يريد أن يغادر المكان ...

+


بينما إتجهت أفكاره نحوها مجددا ...

+


مالكة قلبه وروحه ...

+


عشقه الأول والأخير ...

+


شوقه وعذابه وخطيئته أيضا ...

+


شرد بها بكل كيانه ..

+


يشتاقها ويكره شوقه لها ...

+


يكره عشقها الموشوم في روحه ...

+


يكرهها بقدر ما يعشقها وتلك هي معضلته ..!

+


تنهد بصمت محاولا إبعادها عن أفكاره التي كانت ولا زالت وحدها من تحتلها فتشتت كيانه وتبعثر نبضاته ...

+



        

          

                
عاد يتأمل تلك القابعة أمامه حيث تجلس مكانها بهدوء شديد وتحرك بصرها بين الحين والآخر في أرجاء المكان بتوتر غريب ..

+


بدت لوهلة كطفلة صغيرة تائهة حائرة تتأمل المكان حولها بحيرة ولا يعرف لماذا شعر إنها بدورها تريد المغادرة ...؟!!

+


فكر أن يفتح حديثا معها بدلا من هذا الصمت الممل لكنه تراجع مقررا ألا يعطي أي فرصة لحدوث حوار قد يؤدي الى شيء هو في غنى عنه أو ربما يجذب تلك القابعة أمامه إليه فيدخل في دوامة ليس مستعدا لها ...!

+


سيبقى صامتا حتى تنتهي هذه الليلة وتغادر هي مع والدتها ويتحدث هو بدوره مع والدته ويضع النقاط على الحروف معها هذه المرة ويحسم كل شيء ..!

+


أفاق من أفكارها على صوتها المنخفض وتسائل داخله إذا ما كانت دائما هكذا تتحدث بنبرة منخفضة للغاية :-

+


" هل يمكننا العودة الى الداخل ..؟!"

+


هز كتفيه مرددا بلا مبالاة :-

+


" كما تريدين ..."

+


اتجهت ببصرها نحو الباب الداخلية فقالت بتردد :-

+


" كلا ، دعنا نبقى هنا ..."

+


أكملت بعفوية :-

+


" الصمت هنا أفضل من أحاديثهم في الداخل .."

+


رفع حاجبه مستغربا فقالت بسرعة معتذرة :-

+


" آسفة ، لم أقصد ..."

+


قال بجدية :-

+


" لا داعي للاعتذار ..."

+


فركت كفيها ببعضهما وهي تنطق بنفس التردد :-

+


" أنا آسفة لما يحدث حقا ... لم أكن أرغب بذلك ..."

+


سألها باستغراب :-

+


" لمَ تعتذرين ..؟! وعمَ تتحدثين ...؟! "

+


تنهدت مجيبة بخفوت :-

+


" عما يحدث في الداخل.. عن مخططات لا دخل لي بها ... "

+


التوى ثغره مرددا بسخرية :-

+


" ليس مهما .. هذه الخطط لن تجدي نفعا معي ..."

+


حركت خصلة شقراء من شعرها خلف أذنها وهي تهمس :-

+


" هل يمكنني أن أطلب شيئا منك ..؟!"

+


تنهد مرددا بضجر خفي :-

+


" تفضلي ..."

+


بللت شفتيها بلسانها وهي تخبره :-

+



        
          

                
" لا تخبر والدتي بما حدث أبدا .. لا تخبرها عن تلك الليلة ..."

+


نظر لها بشك فهتفت والتوسل يشع من عينيها العسليتين :-

+


" أرجوك ... "

+


تنهد بضيق قبل أن يهتف بجدية :-

+


" لا تقلقي .. لن أخبرها ولن أخبر أي أحد بتلك الليلة ..."

+


تنهدت براحة قبل أن تمنحه ابتسامة صادقة تشكره :-

1


" أشكرك كثيرا .. "

+


ثم ملأت الراحة كيانها بأكمله ..

+


***

+


" أنت جننتِ بالفعل ..."

+


صرخ بها صلاح بعدم تصديق لهذا الجنون الذي تفوهت به عندما هتفت ماذي وهي تتحرك نحو الكنبة وتجلس عليها ببرود :-

+


" اخفض صوتك أولا ، الصراخ لن يجدي نفعا معي ... "

+


" ماذي .."

+


صاح بها بشراسة لتوقفه بحزم وهي تخبره :-

+


" لدي فيديو فاضح لك  وهناك عشرات النسخ منه .. ولدي من يحميني منك إذا فكرت بإيذائي بإستخدام تلك النسخ .. بينما في المقابل سينتهي أمر هذا الفيديو بمقابل بسيط ... زواج مؤقت لبضعة شهور وعودة الى البلاد مع مبلغ مالي محترم بعد الطلاق يمنحني الفرصة لأحيا بشكل جيد ..."

+


" ألا تريدين سكنا أيضا ..؟! وطفل صغير كي تأخذينه معك ليقوم بتسليتك ...؟!"

+


قالها بسخرية لتهتف ببرود :-

+


" لا أحب الأطفال ..."

+


اعتصر خصلات شعره بقبضة يده بقوة  غير مصدقا ما حدث وكيف وقع في شباكها بهذه السهولة ..

+


هتفت وكأنها قرأت أفكاره :-

+


" في الحقيقة أنت كنت صيدا سهلا لا يمكنني تجاهله ..."

1


نظر لها بوجوم فأضافت بسخرية :-

+


" الإيقاع بك أسهل مما تتصور فأنت تخضع أمام أي أنثى جميلة تمر أمامك ... صيد سهل لم يكن بوسعي سوى استغلاله ... سامحني يا صلاح ولكنك مسؤول بدورك عما حدث .. لو لم تكن صيدا سهلا ما كنت لأسعى كي أفترسك ..."

+


كلماتها أججت غضبه ليندفع نحوها قابضا على عنقها يعتصره بكفيه وهو يهمس بوعيد :-

+


" سأقتلك ..."

+


كانت تبتسم ببرود...

+



        
          

                
تتحداه أن يؤذيها ...

+


بينما شحبت هو ملامحه لا إراديا  ليحرر عنقها بعد لحظات وهو يلعن نفسه ...

+


يلعن غبائه ..

+


يلعن شهوته التي تحركه خلف أي أنثى ...

+


يلعن شهوته التي أسقطته بيدها ..

+


نهضت من مكانها وتقدمت نحوه تخبره بهدوء  :-

+


" اعتبر هذا درسا لك .. تستفيد منه مستقبلا ... على الأقل تتحكم برغباتك وشهوتك بعد الآن ..."

+


" اخرسي ..."

+


قالها وهو يستدير نحوها صارخا بصوت جهوري لتهتف بهدوء مستفز :-

+


 " أنا لا أريد شيئا صعبا الى هذه الدرجة.. كما أخبرتك ، سنتزوج لفترة ... فترة قصيرة نتطلق بعدها وأغادر حياتك دون رجعة ..."

1


" ما غرضك من الزواج ...؟! لماذا تصرين على الزواج ..؟! يمكنني أن أتدبر أمري وأساعدك في مغادرة البلاد ..."

+


" أنت لا تفهم ..."

+


هتف بنفاذ صبر :-

+


" دعيني أفهم ..."

+


سألته بجدية :-

+


" هل تسمعني حقا وتحاول فهمي ..؟!"

+


أجاب على مضض :-

+


" سأسمع ..."

+


اتجهت نحو الكنبة تجلس عليها وهي تخبره :-

+


" اجلس واسمع اذا ..."

+


هتف بتذمر :-

+


" انا مرتاح هكذا ..."

+


تنهدت ثم قالت :-

+


" أنا مللت يا صلاح .. مللت من ستيلا وتحكمها بي وحقارتها التي وصلت إلى كونها ستبيعني الى ذلك الرجل ... "

+


أضافت بصدق :-

+


" سأكون صريحة وأخبرك إن ما أريده ليس لأجل الهروب من ستيلا فأنا بالفعل هربت منها منذ فترة وهي بالتأكيد بحثت عني ولم تجدني و الصفقة خاصتها فشلت  ولكن ..."

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" إلى متى سأبقى هكذا ..؟! وإلى متى سأحيا مع ستيلا ...؟! أنا أريد بداية جديدة يا صلاح .. أنا تعبت من حياتي الحالية .. أحيا بلا هدف .... حياتي عبارة عن علاقات متعددة بلا معنى .. لغرض التسلية و قضاء الوقت لا أكثر ... حياتي أقضيها بين النوادي الليلية .. لا دراسة ولا عمل .. وفوق هذا كله أعيش تحت سيطرة ستيلا .. أخذ أموالي منها ..."

1



        
          

                
" فقررت أن تتوبي على حظي ..."

+


قالها بسخرية لتهتف بجدية :-

+


" ليست توبة .. وإنما محاولة للحياة بشكل طبيعي ... أنا فقط أريد أن أبتعد عن محيطي هذا .. أعود الى البلاد الذي أنتمي لها بالإسم فقط ..  أبدأ حياة جديدة هناك .. حياة أكون أنا سيدتها ... مللت يا صلاح ...مللت من كل هذه الفوضى التي أحيا بها ..."

+


تنهدت تضيف :-

+


" هل تعلم ..؟! لا أعتقد إن هناك شخص ما سعيد بحياة تتمثل بعلاقات متعددة وسهرات وسكر ... صدقني ... قد نبدو إننا سعداء بهذه الحياة الفوضوية المسلية حيث نحيا كما نريد لأجل المتعة ليس إلا ... ولكن واقعيا نحن لسنا سعداء .. كيف يكون المرء سعيدا وهو فارغا تماما ...؟! فارغا من الداخل ... هكذا نحن .. فارغون ... لا نملك حياة حقيقية ... لا نملك أي شيء .."

+


جلس قبالها يتأملها بصمت قبل أن يهتف :-

+


" فيلسوفة يا ماذي ..."

+


" ساعدني يا صلاح ..."

+


هتفت بها برجاء ليهتف بوجوم :-

+


" انا لست جمعية لإصلاح البشر وتقويمهم يا ماذي .. "

1


نهضت من مكانها وقد عادت القوة تكسو ملامحها وهي تهدر به :-

+


" ستتزوجني وتنفذ لي ما أريد ..."

+


صفق لها مرددا :-

+


" ها قد عدت الى شراستك بسرعة .. "

+


" أنا لا أطلب منك شيئا صعبا الى هذه الدرجة .."

+


قالتها بجدية ليهتف بتساؤل صادق :-

+


" لمَ الزواج تحديدا يا ماذي ..؟! يمكنني أن أمنحك ما تريدين .. مال وحتى سكن .. "

+


أجابته بجدية :-

+


" لإن الزواج سيجعل مني سيدة محترمة هناك .. حتى بعد الطلاق .. سأكون في نظر الجميع شابة جميلة تزوجت منك ثم تطلقت ... "

1


" تستعدين شرفك الضائع إذا .. "

1


قالها بتهكم لتهتف ببرود :-

+


" شيء من هذا القبيل ..."

+


أضافت وهي تسحب حقيبتها :-

+


" سأتركك يومين ثم أعود لنتفق على موعد عقد القران والعودة الى البلاد ..."

+


ثم تحركت بعدها تغادر الشقة تاركة إياه باقيا مكانه يتأمل الفراغ أمامه بحسرة ...

+



        
          

                
أوقعته ماذي وانتهى أمره بكل أسف ..

+


***

+


المجنونة .. 

+


رمت نفسها في البحر ..

+


بالكاد استوعب ما حدث وهو ينهض من مكانه بسرعة يصرخ بعدم استيعاب :-

+


" ماذا فعلت أيتها المجنونة ...؟!"

+


بينما صاحت هي تدعي الغرق :-

+


" أنا أغرق..."

+


تجمع الناس حولهم وأتى بعض النُدُل بسرعة بينما ذهب قسم آخر منهم لينادوا مدير المكان ومن يعمل معه ...

+


قفز مهند دون تفكير في مياه البحر وسارع يسبح نحوها ويجذبها الى جسده بحمية ...!

+


التصقت هي بجسده تهمس بصوت مرتجف ورغما عن مخططها شعرت بالخوف لا اراديا بعدما وجدت نفسها وسط مياه البحر في هذا الوقت من الليل ...

+


الجو مظلم وبارد والبحر الواسع خلفها ..

+


سبح بها مهند اتجاه السطح القريب بينما وقف أكثر من نادل على حافة المكان استعدادا لتلقيهما ومساعدتهما في الصعود حيث كانت الطاولات موضوعة فوق أرضية مرتفعة عن سطح الماء ...

+


" هيا اصعدي .."

+


قالها مهند وهو يرفع جسدها عاليا بينما نادلان جذباها من ذراعيها يرفعانها الى السطح يتبعها مهند الذي رفع جسده مستندا على الحافة يساعده النادل ليصعد على السطح أخيرا ...

+


أخذ يلهث بقوة وما زال غير مستوعبا للجنون الذي حصل قبل قليل عندما تطلع  حوله ليجد الناس يطالعون كليهما بدهشة لا تخلو من نظرات الاستنكار والسخرية بل والرفض لهذه التصرفات ...

+


نهض من مكانه مسرعا متجها نحو تلك التي تجلس على الأرضية تلتقط أنفاسها وثوبها التصق بجسدها بشكل أظهر حنايا جسدها بكل وضوح ...

+


صاح وهو يقبض على كفها :-

+


" انهضي هيا لنغادر .. هل أعجبتك هذه الفضائح ..؟!"

+


رفعت وجهها المحمر نحوه بينما شعرها الطويل قد تبلل بالكامل لتدفع كفه برفض :-

+


" اتركني .."

+


ثم نهضت من مكانها تهدر به :-

+


" لن أعود معك .."

+


أضافت بصوت مرتفع مقصود :-

+


" ألا يكفي إنك حاولت التحرش بي ..؟!"

+


" أنا ..؟!"

+



        
          

                
قالها مهند مصدوما وهو يشير الى نفسه لتضيف كاذبة :-

+


" نعم ويسبب تحرشك لم أعِ بنفسي إلا وأنا أرمي نفسي في البحر .. كنت سأغرق بسببك ..."

+


هتف مدير المكان الذي كان قد وصل منذ لحظات :-

+


" من فضلكما .. يكفي هذا الكم من الفضائح .. غادرا المكان حالا ..."

+


جذبها مهند من ذراعها وهو يهتف من بين أسنانه :-

+


" هل أعجبك ما يحدث ...؟! تفضلي .. فضحنا في المكان ..."

+


هتف أحد الموجودين معترضا :-

+


" ولكن الفتى كان يتحرش بها ... لا يجب أن نصمت ونتركها معه ببساطة ..."

1


صاح مهند به :-

+


" أصمت أنت يا أخ ولا تتدخل فيما لا يعنيك .."

+


اعترضت سيدة كانت تتابع الموقف هي الأخرى :-

+


" كلا لن يصمت .. ما ذنب الفتاة المسكينة ...؟! اضطرت أن ترمي بنفسها في البحر بسبب تحرشك بها ..."

+


" اصمتي أنت الأخرى يا مدام ... لا أريد أن أتفوه بكلام غير لائق وأنتِ امرأة وأنا أساسا لا أطيق النساء ..."

+


قالها مهند وقد بدأ يفقد سيطرته على أعصابه فعليا ولم يكن ينقصه سوى تدخل هذه المرأة ... 

+


هدرت الأخرى بغضب :-

+


" إنه متحرش ويكره النساء أيضا ... يستهزأ بالنساء وأرائهن وكلامهن ويقول إنه لا يطيقهن... لكن نحن لن نصمت لأمثالك ... وسندافع عن تلك المسكينة وجميع من يعانين مثلها ..."

+


نظر مهند الى جيلان يهدر من بين أسنانه :-

+


" هل أعجبك ...؟! سيتم مهاجمتي من قبل منظمات الدفاع عن حقوق المرأة بسببك يا هانم ..."

+


أضاف مشيرا الى المرأة :-

+


" من فضلك يا مدام ..."

+


شهقت برفض :-

+


" آنسة ولست مدام ..."

+


هتف مهند ساخرا :-

+


" بالطبع آنسة .. منطقيا ستكونين آنسة ..."

+


أكمل بملل :-

+


" انظري يا آنسة ، تعلمي ألا تحشري أنفك فيما لا يعنيك ولا تحكمي من الظاهر لإنك ربما تكونين مخطئة خاصة وإنك لم ترِ ما حدث بعينك ..."

+


" لا داعي لأن أرى .. أنت مثلك مثل جميع الشباب تمنحون نفسكم الحق في التحرش بالفتيات مثلما تمنحون نفسكم الحق بضربهن وتعنيفهن وتسييرهن وفقا لأهوائكم ..."

+



        
          

                
فقد مهند صبره فصاح بنرفزة :-

+


" أنت .. اسمعيني جيدا .. حديث النسويات هذا لا يناسبني ... لم يكن ينقصني سواك ..."

+


تدخل أحد الرجال هاتفا :- 

+


 " أساسا الخلل منها .. هي من ترتدي فستانا فاضحا كهذا وتخرج في موعد ليلي مع رجل .. ماذا  تنتظر ..؟! بالطبع سيتحرش بها ..."

+


هتف مهند وهو يكاد ينفجر من الغضب :-

+


" من فضلك أنت الآخر اصمت ولا تتدخل فيما لا يعنيك .."

+


ثم جذبها من ذراعها وهو يهمس لها :-

+


" دعينا نغادر لأن غضبي بلغ ذروته ..."

+


كادت أن تتحرك معه بالفعل عندما صدح صوت أحدهم يهتف ضاحكا :-

+


" إتركها يا رجل .. من الواضح إنك لا تجيد التعامل معها .. إتركها لي .."

+


" هل جننت ...؟! ماذا تقول أنت ...؟!"

+


قالها مهند وهو يتوجه نحوه ليضحك الرجل مضيفا :-

+


" ما بالك غضبت يا هذا ..؟!  مجرد عاهرة نتشاركها سويا ..."

+


شهقت جيلان بعدم تصديق بينما إنقض مهند على الرجل يضربه دون وعي ومن حولهم وقفوا يتفرجون رافضين التدخل عندما سارع أحد النُدُل يتصل بالشرطة طالبا منهم المجيء سريعا لفض هذا النزاع ..

1


**

+


في مركز الشرطة ...

+


وقف مهند بجانب جيلان وهو يكتف ساعديه أمام صدره بينما يجاهد مع نفسه للسيطرة على غضبه ...

+


كان يرمق جيلان بنظرات نارية بين الحين والآخر وهو يتأمل فستانها الملتصق بجسدها بطريقة مرفوضة عندما هتف بالضابط :-

+


" من فضلك يا أخي ... دعها تجلس في الداخل .. لا يجوز أن تبقى أمام أنظار الجميع هكذا ..."

+


" أنا لن أتحرك من مكاني خطوة واحدة ..."

+


قالتها جيلان بتحدي ليميل نحوها يهمس لها بحدة :-

+


" كلمة أخرى وسوف أصفعك على وجهك أمام الجميع ... "

+


ثم هدر بها بصوت قوي جعلها تهتز من الداخل للحظة :-

+


" إخرسي ..."

+


سمع كلاهما صوت الضابط وهو يطلب منهما الدخول وكذلك الشاب الآخر الذي تشاجر مع مهند ..

+


تقدمت جيلان الى الداخل يتبعها مهند ثم الشاب الآخر بملامح وجهه المدمرة عندما تأملهم سيف القابع في مكانه بإهتمام ...

+



        
          

                
ما إن وقع نظر جيلان على سيف حتى هتفت بدهشة :-

+


" أنت ..."

+


استدار لها مهند بدهشة بينما رفع سيف حاجبه مرددا :-

+


" نعم أنا ..."

+


أكمل بصدق :-

+


" هل تعرفيني ..؟!"

+


أجابت بتلقائية :-

+


" بالطبع أعرفك .."

+


أضافت تذكره ومهند يسمعها بضيق :-

+


" أنا جيلان .. جيلان الهاشمي ..." 

+


أكملت مبتسمة بصدق ولطف لا يشبه وضعها الحالي :-

+


" تذكرتني ، أليس كذلك ...؟! أنا من ساعدتها يوما دون مقابل على عكس الجميع ..انا جيلان ... جيلان الهاشمي .."

+


هتف سيف بجدية وقد استوعب إنها نفس الفتاة الصغيرة الحامل التي ساعدها وأخذها الى منزله يوما :-

+


" نعم تذكرت.. كان ذلك قبل عام وبضعة أشهر  ..." 

+


أضاف بجدية وهو يتأمل الفرق الشاسع :-

+


" لقد تغيرتِ كثيرا .. لا أصدق إنك نفس الفتاة التي رأيتها قبل أكثر من عام   .. وكأنك واحدة أخرى لا تحمل من تلك الفتاة سوى ملامحها بل حتى ملامحك نفسها تغيرت ..."

+


سأل مهند بضجر :-

+


" هل إنتهت وصلة التعارف ..؟!"

+


رمقته جيلان بنظرات حادة بينما تحدث الشاب الآخر :-

+


" أريد حقي يا سيادة المقدم ... لقد ضربني أمام الجميع ..."

+


صاح مهند متحفزا :-

+


" ماذا كنت تتوقع مني وأنت تتحرش بها علنيا وتتحدث عنها بتلك الطريقة الفجة ..؟!"

+


" على أساس إنك كنت تلعب معها الغميضة..."

+


جحظت عينا مهند ليتقدم نحوه هاما بضربه وهو يردد :-

+


" يبدو إنك لم تكتفِ بضربي لك في المطعم .. "

+


" ها قد إعترف بنفسه إنه ضربني يا باشا ..."

+


قالها الشاب وهو يشير نحو مهند عندما نهض سيف من مكانه يضرب على سطح المكتب أمامه بقوة هادرا :-

+


" يكفي .. وأنت ابتعد عنه .. هل ستضربه في مركز الشرطة ...؟!"

+


" أضربه في أي مكان طالما يتجاوز حدوده ..."

+



        
          

                
قالها مهند ببرود ليهتف سيف بتحدي :-

+


" جرب وإفعلها وسوف ألقيك في الزنزانة حالا ..."

+


احتقنت ملامح مهند تماما بينما هتف سيف بجدية :-

+


" اهدئوا جميعا ... "

+


أكمل وهو يعود جالسا في مكانه مشيرا الى الشاب :-

+


" تقدم أنت أولا وأخبرني بما حدث .."

+


هتف الشاب وهو يتقدم نحو سيف:-

+


" لقد ضربني يا باشا ... دمر وجهي كما ترى ... "

+


" لماذا ..؟! لماذا فعل ذلك ..؟!"

+


سأله سيف بهدوء ليهتف الشاب بتلعثم :-

+


" هو كان يتشاجر مع الفتاة قبلها ووجدته يجبرها أن ترحل معه وهي رافضه فتدخلت وطلبت منه أن يتركها وشأنه .."

+


تحدث مهند يقاطعه :-

+


" الأمر ليس كذلك .. لقد تحدث عنها بطريقة بذيئة وكلمات غير لائقة بشهادة الجميع .."

+


أضاف محاولا السيطرة على أعصابه وهو يتحدث كي لا يقضي ليلته في السجن ومعه تلك الحمقاء :-

+


" نعم تشاجرت معها وهي رفضت الرحيل لكنها ابنة عمي وتسكن معنا أيضا ... حدث شجار و .."

+


قاطعه الشاب بسخرية :-

+


" قالت إنه يتحرش بها .."

+


" كانت تكذب ... كانت غاضبة مني وحتى لو كان صحيحا فهذا لا يعطيك الحق أن تتحدث عنها بتلك الطريقة .."

+


أكمل مهند مشيرا الى سيف :-

+


" من فضلك ... إذا كان هو يريد تقديم بلاغ ضدي بسبب ضربي له فأنا بدوري أريد أريد تقدم بلاغ ضده لإنه تحدث عن ابنة عمي بطريقة كثيرة ونعتها بصفات غير مقبولة .. لذا أريد تقديم بلاغ ضده ويمكنك أن تجلب من شاهد الحادثة ليشهد على قوله كلمات مرفوضة تماما في حقها مثلما سيشهدون على ضربي له بسبب تلك الكلمات ..."

+


نقل سيف بصره بين كليهما قبل أن يقول بحسم :-

+


" جيد إذا ... إما سنجلب الشهود ليخبرونا بما حدث وأنت ستعاقب على ضربك له بينما هو سينال عقابه بتهمة السب والقذف او ..."

+


تراجع الى الخلف باسترخاء مضيفا :-

+


" أو يتم تسوية الأمر بينكما ويغادر كليكما المكان بعدما يأتي من يضمنكما  ..."

+


تطلع مهند والشاب الى بعضيهما بينما جيلان تقف جانب تعض شفتيها بقوة وهي لا تصدق إن تصرفها المجنون أدى بهما الى دخول مركز الشرطة ..

+



        
          

                
دقائق وكان مهند يتصل بفيصل الذي جاءه صوته متذمرا :-

+


" نعم ، ماذا تريد ..؟! أنا مشغول ... عندما لا أجيب عليك فهذا يعني إنني مشغول .."

+


ليقاطعه مهند بما جعل الأخير مصدوما :-

+


" أنا في مركز الشرطة ..."

+


***

+


غادر الثلاثة مركز الشرطة عندما هتف فيصل بعدم تصديق لما حدث ووجود شقيقه مع ابنة عمه في مركز الشرطة :-

+


" تفضلا ، جلبتما الفضائح للعائلة ... ماذا لو علم أحدهم بدخولكما لمركز الشرطة ..؟! "

+


هتف مهند بغلظة :-

+


" لهذا اتصلت بك ...كي لا يعلم أحد سواك .. فأنا لست مستعدا لسماع الكثير من والدك أو شقيقك الأكبر ..."

+


" ليتك لم تتصل .. بسبب اتصالك هذا ضاعت فرصة لن تتكرر مجددا ..."'

+


" فرصة ماذا ...؟!"

+


سأله مهند باستغراب بينما تمتمت جيلان بضيق :-

+


" شقيقك السبب .."

+


هدر مهند وهو ينظر اليها :-

+


" ألن تخرسي أبدا ..؟! ألم تكتفِ بما حدث اليوم ...؟!"

+


ناظرته بتحدي :-

+


" كلا لن أكتفي وما حدث اليوم شيء بسيط أساسا ..."

+


" يكفي ..."

+


صاح بهما فيصل  ثم قال بضيق وحسرة :-

+


" حسبي الله ونعم الوكيل فيكما أنتما الإثنين .. بسببكما ضاعت فرصتي بالتعرف على تلك الفاتنة .. أين سأراها مجددا ...؟!"

+


هتفت جيلان وهي ترمقه باستهزاء :-

+


" ماذا سأتوقع منك ..؟! بالطبع الفرصة التي تتحدث عنها ستكون فتاة ... هل كنت أتوقع منك شيئا مختلفا ... ؟! أنت وشقيقك نفس الشيء ... تافهان أرعنان لا تجيدان شيء في حياتكما سوى اللهو مع الفتيات .."

+


اتسعت عينا فيصل مصدوما من حديثها بينما لم يتحمل مهند المزيد وقد فاض به الكيل من تصرفاتها ليقبض على شعرها بكفه وهو يصرخ بها :-

+


" اخرسي ... كلمة أخرى وسأريك ما لا يعجبك ..." 

+


صاحت بغضب :-

+


" اترك شعري أيها الأحمق ..."

+


أضافت وهي تدفعه :-

+



        
          

                
" اظهر على حقيقتك ... عد مهند الذي أعرفه .."

+


جذب هذه المرة شعرها من الخلف حتى كاد يرفعها بقبضته وهو يهدر :-

+


" وهذا ما سيحدث عزيزتي .. يبدو إنك اشتقت لمهند القديم الذي تعرفينه جيدا ... بالتأكيد لم تنسه بعد ... سأعود كما كنت سابقا لإن اللين والحسنى لا يجدي نفعا مع أشكالك .."

+


دفعته جيلان بقوة ثم انقضت تضربه على صدره وذراعه وهي تصيح :-

+


" جرب فقط وسأكسر يدك ..."

+


حاول مهند أن يتفادى ضرباتها المجنونة بالبداية لكنه سارع ما يرد لها ضرباتها فأخذا يتشاجران كالطفلين بينما فيصل يتابعهما وقد فتح كاميرا الهاتف يصورهما وهما يتشاجران ويتبادلان الشتائم بشكل جعل يضحك من أعماق قلبه ...

+


" انظري إلي ... أنا قرفت منك ومن تصرفاتك وصبري بأكمله نفذ ..."

+


قالها مهند وهو يبتعد عنها لاهثا قبل أن يندفع نحوها ويحملها فوق ظهره بينما هي تضربه بقوة وتصرخ به أن ينزلها ..

+


أغلق فيصل هاتفه سريعا وهو يصيح :-

+


" ماذا تفعل يا مهند ..؟؟"

+


رد مهند ببرود :-

+


" أحملها مثل كيس البطاطس ... هذه المعاملة التي تليق مع أمثالها ..."

+


" انزلني أيها الحيوان ..."

+


صرخت بها جيلان بينما تجاهلها مهند وهو يصيح بفيصل :-

+


" أين سيارتك ..؟! دعنا نغادر أم سنبقى هنا ..؟!"

+


أشار له فيصل سريعا نحو سيارته التي ركنها بعيدا ليسير مهند بجيلان المحمولة فوق كتفه ببرود نحو السيارة متجاهلا ضربها له وصياحها وسبها بل متجاهلا نظرات المارة المصدومة مما يحدث ...

+


وضعها في الخلف من السيارة  ثم أغلق السيارة بإحكام قبل أن يأخذ مكانه جوار فيصل وهو يشير له بحزم :-

+


" تحرك هيا ..."

+


ليتحرك فيصل بسيارته عائدا بهما الى القصر ..

+


***

+


ما إن وصلا الى القصر وهبطا من السيارة حتى صرخت جيلان به :-

+


" أنت كيف تحملني هكذا ..."

+


تقدم مهند نحوها وكمم فمها بقوة وهو يهمس لها بينما فيصل يتابع ما يحدث باستمتاع :-

+


" كلمة أخرى وسوف أكمم فمك بقطعة قماش قذرة نستخدمها في تنظيف السيارات وأربطك بالحبال وأدخلك من الباب الخلفية الى الجناح وهناك أحبسك حتى إشعار آخر ..."

+



        
          

                
رمقته بنظرات مشتعلة من عينيها ليهدر بها لحزم :-

+


" الزمي حدودك ولا تتسببي لنا في فضيحة نحن في غنى عنها ..."

+


أضاف بتحذير حاد:-

+


" إذا علم والدي بذهابنا لمركز الشرطة سيعاقبني بالتأكيد ولكن أنت سيمنعك حتى من أن تخطي خطوة واحدة خارج الجناح لذا  التزمي الهدوء من فضلك ودعينا ندخل بهدوء دون مشاكل ..."

+


تجهمت ملامحها عندما صاح من بين أسنانه :-

+


" فهمت ..؟!!"

+


هزت رأسها بينما كفه ما زال يكمم فمها بقوة ليحرر فمها أخيرا فتهم يقول شيء ما عندما أوقفها بحزم :-

+


" أمامي ... لا أريد سماع صوتك ... هيا ..."

+


قال الأخيرة زاعقا بها لتتحرك مرغمة الى الداخل يتبعه هو وفيصل الذي همس له ضاحكا :-

+


" أسد والله أسد .."

+


رمقه مهند بنظرات باردة وهو يهتف :-

+


" كيف تتعامل مع هذا الكم من النساء لا أعلم ..؟!"

+


" النساء أجمل شيء في الحياة ..."

+


قالها فيصل مبتسما ليهتف مهند بامتعاض :-

+


" النساء كائنات مزعجات للغاية يا شقيقي ... لا أفهم كيف تتحمل صحبتهن ..."

+


أكمل وهو يرمق جيلان التي تسير أمامهما على مسافة :-

+


" أقسم لك إنني بالكاد أتحملها .. كان بودي أن ألقيها في البحر مجددا وأتركها لسمك القرش يلتهمها وأرتاح منها ..."

+


" ولماذا لا تفعل ..؟!"

+


سأله فيصل بمكر ليرد مهند بوجوم :-

+


" مجبور ... ضميري الحقير يجبرني على تحملها ولكن قريبا سينفذ صبري ولن تندهش إذا وجدتني أرميها في أحدى المرات من الشرفة .."

+


ضحك فيصل من أعماق قلبه ثم قال بصدق :-

+


" لن تفعلها .. صحيح أنت عصبي لدرجة الجنون ولكن قلبك أبيض .. "

+


تجاهل مهند كلماته وهو يتقدم الى داخل القصر عندما تصنم ثلاثتهم وهم يجدون عابد أمامهم يرمقهم بنظرات متحفزة قبل أن يقول :-

+


" كيف كانت السهرة في مركز الشرطة ...؟! هل أعجبتكم ...؟!"

1


***


+


تطلع ثلاثتهم الى عابد بصدمة ليهتف مهند بعدم تصديق :-

+


" كيف عرفت ...؟!"

+



        
          

                
هتف عابد ببرود :-

+


" أنا عابد الهاشمي ، لا يخفى عني شيئا ..."

+


قال فيصل بسرعة :-

+


" أنا لا دخل لي .. انا كنت مع أصدقائي أساسا عندما اتصل بي مهند يطلب قدومي لإخراجهما من هناك ...."

+


" بابا ، سأخبرك بكل شيء ..."

+


قالها مهند ليجد والده يقاطعه بحزم :-

+


" لا داعي لذلك ... أنا أعرف كل شيء ..."

+


ثم اتجه ببصره نحو جيلان يخبرها بصوت قاتم :-

+


" بلغوني بكل شيء .. بداية من دخولكما المطعم ثم جلوسها جانبك ومحاولة تقبليها لك انتهاءا برمي نفسها في البحر ثم ما تلا ذلك من جدال تافه مثلكما يتبعه شجار مع شاب متخلف بسبب كلامه المقزز في حق جيلان هانم ... "

+


تمتمت جيلان بتجهم :-

+


" كنت تراقبنا ..."

+


صحح لها عابد :-

+


" أراقبك .. لإنني لا أضمنك .."

+


تنهد ثم قال :-

+


" رغم كل شيء كان لدي أمل إن ابنة خالتك كانت تبالغ .. إنك لم تصلِ الى هذا الحد من الفجور ... ولكن منذ أن رأيتك وبدأت أقتنع بصدق حديثها حتى ما فعلته الليلة ... الليلة أدركت إنها لم تكن تبالغ .. ما رأيته اليوم يؤكد لي إنني أمام فتاة بلا تربية... فتاة تتصرف كالساقطات ..."

+


" بابا ..."

+


قالها فيصل برفض ليشير له عابد بكفه بحزم بينما قالت جيلان بثبات رغم إن الكلمات جرحتها بقوة :-

+


" نعم أنا بلا تربية ... لإنه لم يكن هناك ما يربيني .."

+


" صحيح ، ولكن الآن سيكون هناك من يفعل ذلك ..."

+


قالها عابد بقوة وهو يضيف :-

+


" بعد الآن لن أراعي عمرك الصغير ولا وضعك ... لن أحاول مهادنتك لإنك بالفعل تتجاوزين كل الخطوط الحمراء بتصرفاتك ... إذا تركتكِ لنفسك وجنونك فنهايتك ستكون أتعس مما نتخيل لذا بعد الآن كل شيء سيتغير ... "

+


أضاف بنبرة متسلطة :-

+


" ستبقين هنا .. وتدرسين هنا .. وفي كل خطوة تخطينها سيكون هناك حرس معك لا يتركونك لحظة واحدة ..."

+


رمقته بنظرات باردة ثم سألته :-

+


" ومن سيسمح لك بذلك ..؟!"

+



        
          

                
" سترضين بالأمر الواقع وإذا لم يعجبك فيمكنك أن تعتزلي العالم كله في جناحك .. يمكنك أن تبقي هناك وتضربي عن الطعام والشراب .. تصرخي وتحطمي وصدقيني لن أهتم .. بكل الأحوال أنت سوف تضيعين تماما إن تركتك فلتضيعي هنا عندي بدلا من ضياعك خارجا بعيدا عني  والتسبب  بفضائح جميعنا في غنى عنها ..."

+


" جيد ما تقوله .. هكذا أفضل ... ما يهمك هو الفضائح التي سأتسبب لكم بها ولست أنا ..."

+


قالتها بسخرية ليهتف عابد بثبات :-

+


" اعتبريها كذلك ...المهم أن تفهمي وضعك القادم وتتقبليه ... "

+


" لن أتقبله ..."

+


قالتها وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها ليهتف بهدوء :-

+


" القرار ليس بيدك... "

+


أضاف بصوت حازم :-

+


" والآن إصعدي الى جناحك ... لا داعي لأن يراك أحد بهذه الهيئة المخزية ..."

+


نظرت له بحقد قبل أن تتحرك بإندفاع الى الطابق العلوي وهي تتوعد له داخلها بينما نظر عابد الى ولديه الواجمين ليهدر بهما :-

+


" وأنتما ماذا تنتظران ..؟! ليذهب كلا منكما الى جناحه ..."

+


صعدا سريعا كلا منهما متجها الى جناحه يتابعهما هو بعينين مظلمتين بينما عقله لا يتوقف عن التفكير بإبنة شقيقه وكيف سيتصرف معها ...

+


***

+


صباحا ..

+


أمام المرآة وقفت هالة تعدل هندامها قبل أن تتحرك مغادرة الجناح متجهة الى الأسفل حيث ستتناول الفطور سريعا مع العائلة قبل مغادرتها لتلتقي بكرم كما اتفقا قبل سفره والذي سيكون مساء اليوم ...

+


دلفت الى صالة الطعام تلقي التحية بمرحها المعتاد ليرد الجميع عليها حيث الجميع موجود بإستثناء مهند وفيصل وبالطبع جيلان ...

+


أخذت مقعدها بجانب توليب التي همست لها :-

+


" غالبا سيتم تأجيل الخطبة لأسبوع إضافي ..."

+


سألتها هالة باستغراب :-

+


" لماذا ..؟!"

+


تمتمت توليب بنفس الخفوت :-

+


 " تصميم الفستان وتفاصيل الحفل ستأخذ وقتا ..."

+


" هل اتفقت مع إياس على هذا ..؟!"

+


سألتها هالة وهي تقضم لقمة من الطعام لتهتف توليب :-

+



        
          

                
" سنخرج اليوم لشراء الخواتم وأخبره بقراري ... حقا لا أستطيع أن أنتهي من جميع التجهيزات قبل ثلاثة أسابيع .."

+


سمعت راغب يسألها :-

+


" هل ستخرجين اليوم مع إياس لشراء خواتم الخطبة ..؟!"

+


هزت رأسها وهي تحبيه بخفوت :-

+


" نعم ، اتفقنا على الساعة الحادية عشر صباحا ... "

+


هز رأسه بتفهم بينما نهض راجي مستأذنا ليغادر الى عمله عندما نهضت زهرة من مكانها وهي تنادي عليه ليتوقف مكانه ينتظرها وهي تتقدم نحوه قبل أن تتحرك جانبه بعدما قبضت على ذراعه تسأله بقلق :-

+


" هل أنت بخير يا راجي ..؟! "

+


تنهد مجيبا :-

+


" نعم بخير ... "

+


" لا تبدو كذلك ..."

+


قالتها بجدية وهي تضيف متسائلة بقلق حاني :-

+


" تبدو مرهقا و ..."

+


توقفت لوهلة ثم أضافت وهي تتأمل شحوب ملامحه وإرهاق عينيه :-

+


" وحزينا .."

+


هتف يرسم إبتسامة هادئة على ثغره قائلا :-

+


" انا بخير ... فقط القليل من المشاكل في العمل ..."

+


سألته مجددا :-

+


"حقا يا راجي ..؟! مجرد مشاكل في العمل ..؟!"

1


أومأ برأسه وهو ما زال محتفظا بابتسامته قبل أن يربت على كتفها مرددا :-

+


" يجب أن أغادر .. تأخرت على عملي ..."

+


ثم تحرك بسرعة متلافيا المزيد من الحديث لتقف زهرة مكانها تتأمله بقلق يحتل قلبها عندما وجدت مهند يتقدم اتجاهها بملامح مرهقة فسألته بقلق :-

+


" ما بالك أنت الآخر ..؟! "

+


تسائل مهند بوجوم :-

+


" ما بالي ..؟!"

+


أجابت وهي تتأمل ملامحه المرهقة وآثار النعاس في عينيه :-

+


" انظر الى نفسك .. ملامحك متعبة وعيناك غائرتان..."

+


" لم أستطع النوم بشكل جيد .." 

+


قالها بنفس الوجوم لتبتسم بمكر وهي تتقدم نحوه تهمس له :-

+


" كنت مع جيلان البارحة ... عرفت بذلك ..."

+



        
          

                
تشنج كليا ما إن ذكرت إسم تلك الملعونة فهدر بها :-

+


" لا تجلبي سيرتها ..."

+


تغضن جبين زهرة لوهلة قبل أن تهمس بحدة خافتة :-

+


" هل ترفع صوتك عليَّ يا مهند ...؟!"

+


فرك مهند جبينه بإرهاق وهو يهمهم معتذرا :-

+


" آسف حقا .. أنا مرهق كثيرا .. سامحيني ..."

+


نظرت له بشك عندما وجدت راغب يغادر تتبعه زوجته فتابعتهما بصمت وحيرة حيث لحقت همسة براغب في الأسفل وهي تنادي عليه ليتوقف مكانه بنفاذ صبر فتقترب منه وهي تهمس :-

+


" انتظر لحظة ..."

+


التفت نحوها يتسائل بملامح واجمة :-

+


" نعم يا همسة ..."

+


" كنت أريد قولا شيئا ما ..."

+


قالتها بخفوت ليزفر أنفاسه قائلا بضيق :-

+


" ماذا تنتظرين ..؟! قولي ما لديك ..."

+


ابتسمت وهي تخبره :-

+


" البارحة قضينا وقتا ممتعا مع الأولاد... "

+


أكملت وهي تحرك كفها اتجاه ذراعه تربت عليه :-

+


" شكرا لك ..."

+


مط شفتيه متجاهلا لمستها لذراعه وهو يخبرها :-

+


" فعلت ذلك لأجل الأولاد ... أرادوا الخروج وخرجنا .. في النهاية أنا أفعل كل شيء لأجلهم وأتحمل أي شيء لأجلهم ، ألم يكن هذا كلامك ...؟!"

+


ابتلعت ريقها وهي تومأ برأسها مرددة :-

+


" نعم ، بالفعل هذا كلامي ..."

+


" جيد إذا .."

+


قالها بصوت مقتضب قبل أن يضيف بنفس الإقتضاب :-

+


" عن إذنك ..."

+


تحرك تاركا إياها تتابعه بتجهم عندما وجدت هالة تتجه نحوها وهي تخبرها :-

+


" سأغادر ... "

+


أضافت وهي تحاول الإتصال بكرم فتجد هاتفه مغلقا لتسألها همسة باهتمام :-

+


" إلى أين ستذهبين ...؟!"

+


أجابتها هالة وهي تعيد هاتفها داخل حقيبتها :-

+


" سألتقي بكرم ... الليلة سيسافر الى أمريكا لإنهاء بعض الأمور ... سأراه قبل سفره ..."

+



        
          

                
أضافت بحيرة :-

+


" ولكن هاتفه مغلقا ..."

+


أضافت بجدية :-

+


" ربما عليّ الذهاب الى منزله ..."

+


أضافت والقلق سيطر عليها :-

+


" ليس من عادته أن يغلق هاتفه ..."

+


" أليس لديك رقم شقيقته او والدته ..؟؟"

+


سألتها همسة بجدية لتهز هالة رأسها نفيا قبل أن تضيف وهي تتحرك الى الخارج :-

+


" سأتصرف ، لا تقلقي ..."

+


تابعتها همسة بعينيها وهي تغادر القصر لتعود أدراجها الى غرفة الطعام حيث ستجهز ولديها سيف ونزار بعد انتهائهما من تناول الفطور ليذهبان الى دروسهما اليومية ...

+


***

+


في الخارج ...

+


ركبت هالة سيارتها وهي ما زالت تحاول الإتصال بكرم عندما حسمت أمرها وقررت الذهاب الى منزله ...

+


قادت سيارتها بسرعة ووصلت الى هناك ومن حسن حظها إنها تعرف عنوان المنزل من كرم رغم عدم زيارتها لعائلته مسبقا ..

+


هناك فتحت لها الخادمة الباب لتسأل هالة بسرعة عنه فتصدمها الخادمة وهي تخبرها إن كرم تم القبض عليه مساء البارحة بتهمة لا تعرف ماهيتها ووالدته وشقيقته هناك معه ...

+


الصدمة جمدتها لوهلة عندما تحركت بآلية نحو سيارتها لتأخذ مكانها في مقعدها بصمت امتد لوهلة قبل أن تستفيق من صدمتها فتظهر صورة أثير أمامها ...

+


ضربت مقود السيارة أمامها بكلتي يديها وهي تصيح بغضب حارق :-

+


" حقير .. لعين ..."

+


ارتعدت دواخلها وعادت تتذكر لقائها الأخير به ...

+


حديثهما ونظراته ...

+


كان عليها أن تفهم إنه لن يمرر الأمر بسهولة ...

+


انه سينتقم لنفسه ...

+


لكرامته وكبريائه ...

+


ولكن ما ذنب كرم ..؟!

+


لماذا يدفع هو ثمن شيء لا علاقة له به بل لا يعلم عنه حتى ..؟!

+


ارتجف جسدها لا اراديا والخوف ينهش روحها ...

+


خوف مدجج بتأنيب ضمير ...

+


ودون مقدمات شغلت سيارتها مقررة التوجه نحوه ...

+



        
          

                
الى شركته ...

+


ستقلب الدنيا رأسا على عقبا فوق رأسه ...

+


***

+


أمام مقر الشركة ركنت هالة سيارتها وهي شبه متأكدة من وجوده هنا في هذا الوقت ...

+


كانت تعلم إنه عندما يعود الى البلاد في إجازة من عمله في الخارجية يسارع ليأخذ مكانه في شركة والده ليقضي إجازته القصيرة يعمل أيضا ...

+


دلفت الى الداخل ولم تحتج أن تسأل عن الطابق الذي يوجد به مكتبه حيث ركبت المصعد وصعدت مباشرة الى هناك ومنه مباشرة الى مكتبه لتندفع الى الداخل متجاهلة نداء السكرتيرة عندما نهض هو من مكانه مصدوما من مجيئها فعلى ما يبدو إنها ليس لديها علم بخروجه بعد ..!

+


همست بقوة وعيناها ترسلان شرارات نارية نحوه :-

+


" دعها تخرج بدلا من سماعها أشياء غير مرغوبة وليس من مصلحتك أن تسمعها ..."

+


اشتعلت حدقتيه بقوة بينما يشير الى السكرتيرة بنظرات حازمة أن تغادر لتتحرك بسرعة خارج المكتب الواسع وتغلق الباب خلفها ..

+


اندفع اتجاهها على الفور يقبض على ذراعها يهدر بها :-

+


" ماذا تظنين نفسك فاعلة ..؟! كيف تقتحمين مكتبي بهذه الطريقة ..؟! أنت في شركة محترمة يا هانم ..."

+


ردت ببرود ساخر :-

+


" كيف ستكون شركة محترمة وأحد أهم مدرائها والذي يكون ابن صاحبها غير محترم ...؟!"

+


احتدت عيناه بقسوة وهو يميل نحوها يهمس من بين أسنانه :-

+


" لسانك طويل للغاية يا هالة .. عودي لوعيك قبل أن أقصه لك ..."

+


دفعته بعنف نافر وهي تهمس بكره :-

+


" مالذي تنتظر مني قوله بعدما فعلته ..؟!"

+


أكملت وصوتها يرتفع وعيناها تتأملانه باحتقار :-

+


" لماذا حبست كرم ..؟! مالذي فعله لك لتحبسه ...؟؟"

+


أكملت ونظرات عينيها تتحولان الى نيران مستعرة :-

+


" كيف وصلك بك الدناءة الى هنا ...؟! تحبس شاب مسكين لا ذنب له بما كان بيننا .. تجعله طرفا في لعبتك الحقيرة ..."

+


ابتسم ببرود قبل أن يردد :- 

+


"وأخيرا اعترفت إن هناك شيء بيننا ... بل الكثير بيننا ..."

+


سألته بتحفز :-

+


" ماذا تريد يا أثير ..؟!"

+



        
          

                
سار بتمهل نحو مكتبه ..

+


اضطجع فوق كرسيه ببرود وهو يتأملها من رأسها حتى أخمص قدميها عندما هتف بهدوء :-

+


" أريد الكثير ..."

+


لو صفعته ألف مرة فوق وجهه لن ترتاح ..."

+


" تحدث بوضوح ..."

+


صاحت بحدة ليرفع حاجبه وهو يردد :-

+


" صوتك لا يرتفع عليّ يا حلوتي ..."

+


أكمل بسخرية لاذعة :-

+


" أنا لست ذلك الأحمق الذي يصغرك بعامين وتسيرينه مثل الأبله خلفك غارقا في عشقك ..."

+


" يوما ما كنت أنت مكانه ... أحمقا مثله تماما ... غارقا في عشقي حد الموت ..."

+


حسنا هي أجادت الضربة ....

+


لتضيف بمكر التمع بعينيها :-

+


" وما زلت ..."

+


" ربما ..."

+


لم ينكر ما قالته ...

+


لا داعي لإنكار حقيقة ثابتة ... 

+


نهض من مكانه يتأملها بعينين باردتين وهو يضيف  :-

+


" لكنني تعلمت الدرس .. تعلمت معنى الوقوع بعشق واحدة مثلك ..  "

+


" لا يليق بك دور الضحية يا أثير ..."

+


قالتها بسخرية ليهدر بقتامة غزت عينيه  وملامحه بل استوطنت روحه كاملة  :-

+


" انا لست ضحية ولن أكون .. على العكس تماما .. أنا هنا قائد اللعبة .. انا المتحكم ... أنا الجاني أيضا ... الجاني الذي يرتكب جريمته ثم يضعها خلفه ويتجاهلها سائرا نحو الأمام دون اهتمام ..."

+


أضاف والظلام يشع من ملامحه التي بدت قاسية بشكل مخيف في تلك اللحظة :-

+


" أخبرتك أن تحذري مني لإن ضربتي قاسية ... مميتة .. " 

+


صاحت بغضب :-

+


" كرم لا علاقة له بكل هذا ..."

+


أكملت بنبرة مجنونة :-

+


" وأنا لن أسمح أبدا أن تجعله ضحيتك ..."

+


هتف ساخرا :-

+


" ماذا ستفعلين إذا ...؟! كيف سوف تنقذينه من بين يدي ...؟! كيف ستحررينه من قبضتي ..."

+


سار بتمهل متخذا مكانه على الكنبة الجانبية هذه المرة واضعا قدميه فوق الطاولة يضيف بجبروت يليق به :-

+



        
          

                
"هيا أخبريني .. كيف ستفعلين ذلك ..؟! كيف ستقفين في وجهي..."

+


أكمل وهو يتراجع الى الخلف باسترخاء :-

+


" هل سوف تشتكيني الى الشرطة ..؟! أم ستطلبين مساعدة أحدهم ..؟! أحدهم مثل راغب .. أو خالي عابد ..."

+


أضاف ببساطة :-

+


" لكنك لا تستطعين فعل ذلك لإنها حينها ستضطرين الى إخبارهما بكل شيء .. بعلاقتنا التي امتدت لأعوام .. ستخبريهما عما كان بيننا وكيف إنك إستغفلتهما لسنوات وأنت تواعدينني ..."

+


" أنت حقير ..."

+


همست بها من بين أسنانها والقهر ظهر بوضوح في نبرتها ..

+


سرعان ما سيطرت على ملامحها وهي تخبره بقوة عادت تكسو ملامحها :-

+


" اخرج كرم من السجن يا أثير .. مشكلتك معي وليست معه ... يمكنك أن تؤذيني أنا ... أن تفعل بي ما تشاء لكن هو لا ذنب ..."

+


عاد الضعف يكسو نبرتها وهي تهمس برجاء والخوف على ذلك الذي لا تعرف مصيره ينهش روحها :-

+


" دعه وشأنه من فضلك ..."

+


" هل تترجيني يا هالة ..؟!"

+


سألها ببرود ساخر لتمنحه نظرات مليئة بالكره والبغض بل الحقد أيضا ...

+


نهض من مكانه ووقف لثواني قبالها ...

+


تأمل نظرات الكره في عينيها ...

+


ليس الكره فقط ما تحمله نظراتها ..

+


بل أشياء أخرى ...

+


متى باتت تحمل هذا الكم من الكره والحقد نحوه ...؟!

+


متى كرهته الى هذا الحد ...؟!

+


عيناها تنظران إليه بثبات لا يؤثر به شيء ...

+


ملامح وجهها جامدة كالصخر ...

+


ورغم ذلك هناك في عمق عينيها نار لاهبة بمقدروها أن تحرق الأخضر واليابس ...

+


إلتوى فمه بإبتسامة جانبية مقصودة وهو يردد :-

+


" ها أنت مجددا .. أمامي ... خانعة .. مسلوبة الإرادة ...."

+


أكمل وهو يسير نحوها فيميل بقامته الطويلة قرب وجهها يتنفس رائحتها التي ما زال يحفظها عن ظهر قلب بينما يسترسل بقوة لا تخلو من شراسة مخيفة :-

+


" مجددا يا هالة ... كان عليكِ أن تعلمي .. مهما هربتِ ... مهما إبتعدتِ .. في النهاية ستعودين إلي ... ستكونين معي ... "

+



        
          

                
لم ترمش بعينيها ولم تحاول إخفاء الكره المشتعل فيهما عندما نطقت ببرود لا يشبه الخضوع الذي تنطقه في كلماتها :-

+


" مجددا يا أثير ... عدت مجددا ... خاضعة ... مسلوبة الإرادة لأول مرة في حياتي ... لقد حدث ما أردته ... أنت إنتصرت ... أليس هذا ما تريد سماعه ... ؟! هنيئا لك يا أثير .. لقد سقطت بين يديك مجددا ...."

+


وعلى عكس ما تعتقد فهو لم يكن سعيدا ..

+


بل على العكس تماما ...

+


تعاسته إزدادت فسقوطها هذا مقرون بحبها لآخر ..

+


آخر تنازلت عن كبريائها العتيد لأجله ...

+


آخر لم تفعل له هو ما فعلته لأجله ..

+


" هل تحبينه لهذه الدرجة ..؟!"

+


لم تجبه .. بقيت صامتة ترمقه بذات الثبات ليكرر سؤاله فترد بسؤال مشابه :-

+


" متى سيخرج كرم من السجن ...؟!"

+


ذكرها لإسم الآخر بهذه النبرة يبدد ثباته ويشعل أعصابه لذا كرر السؤال بقوة أكبر وإصرار لا نهاية له :-

+


" هل تحبينه لهذه الدرجة ...؟!"

+


وهي أجابت أخيرا :-

+


" أحبه بقدر ما أكرهك يا أثير ..."

+


وهنا كانت الصفعة الأخيرة ...

+


صفعت روحه وقلبه بل كيانه كله ...

+


جمدت ملامحه وعقله يخبره ألا يظهر لها قهر روحه بعد كلماتها تلك ولو للحظة ....

+


ابتسم ببرود يحسد عليه ..

+


ابتسم وروحه تأن وجعا ...

+


يكرهها .. 

+


يكرهها بشدة ..

+


ويحبها كما لم يفعل من قبل ...

+


كيف للحب والكره أن يجتمعان سويا ...؟!

+


ليس غريبا ..

+


مع هالة تحديدا لا يوجد شيء غريب او مستحيل ...

+


ابتعد عنها ...

+


اتجه نحو النافذة المطلة على الشارع الخارجي يتأمل الخارج دون انتباه بينما هي تقف في مكانها ...

+


متحفزة .. غاضبة وكارهة ...

+


وأخيرا نطق :-

+


" كرم عاد الى منزله قبل ربع ساعة ..."

+


صاحت بعدم استيعاب :-

+



        
          

                
" هل تسخر مني ..؟!"

+


التفت نحوها يرمقها بجمود وهو يضيف :-

+


" كان مجرد تشابه اسماء وتم الإخلاء عنه ..."

+


" لماذا فعلت هذا ..؟! ما غايتك ..؟!"

+


سألته بعدم استيعاب ليهتف مبتسما ببرود :-

+


" اعتبريه إنذار .. إنذار بسيط تدركين من خلاله إنني قائد اللعبة والمتحكم في خيوطها كافة ...."

+


اعتصرت قبضتي يديها بقوة ..

+


أرادت أن تنطق بالكثير لكنها ابتلعت حديثها داخلها ...

+


لن تقول شيئا ربما تندم عليه لاحقا ..

+


هذا المجنون يمكنه أن يفعل أي شيء ...

+


اندفعت تغادر المكان تاركة إياه يتابعها بعينين مظلمتين والنار اللاهبة تستوطن صدره ...!

1


***

+


ما إن خرجت من الشركة حتى سمعت صوت رنين هاتفها فسارعت تخرجه من حقيبتها لتجده كرم ...

+


أجابت بلهفة :-

+


" كرم ، هل أنت بخير ..؟!"

+


جاءها صوته يطمأنها :-

+


" انا بخير .. لا تقلقي ..."

+


أكمل ضاحكا :-

+


" تشابه اسماء ... لا أفهم كيف حدث هذا ... "

+


شحبت ملامحها كليا بينما تنهد هو مضيفا :-

+


" أحتاج حماما سريعا ..."

+


" حسنا ..."

+


قالتها بخفوت وهي تضيف :-

+


" بالطبع تحتاج الى النوم .."

+


" جدا جدا .."

+


قالها مبتسما لتخبره بهدوء :-

+


" سأغلق الآن .. إتصل بي بعدما تستيقظ كي نلتقي قبل سفرك ..."

+


" حسنا ..."

+


أنهت المكالمة معه وغامت في أفكارها ...

+


ماذا ستفعل ..؟!

+


كيف ستتصرف بعدما حدث ..؟!

+


أثير جاد فيما يقوله ...

+


هو لن يغفر ...

+


لن يسامح ...

+


سيقتص لنفسه منها بكل السبل ...

+



        
          

                
ولكن ما ذنب كرم ..؟!

+


وما ذنبها هي أيضا ...؟!

+


أغمضت عينيها بوهن ...

+


ما حدث قبل قليل بدءا من معرفتها بما حدث مع كرم وخوفها الشديد انتهاءا بمواجهتها مع أثير أرهقتها كليا ...

+


إلى متى ستدفع ثمن تلك العلاقة ..؟!

+


ربما توليب كان معها ...

+


ربما أثير يحتاج أن يعرف الكثير مما لا يفهمه ...

+


ربما سيتفهم حينها ...

+


سيتركها وشأنها ...

+


ولكن ماذا عنها ...؟!

+


هل ستخبره بما حدث ..؟!

+


هل ستعري الحقائق أمامه ...؟!

+


الحقائق التي هربت منها ورفضت أن تخبره بها حفاظا على كبريائها ..؟!

+


عادت تفتح عينيها وهي تزفر أنفاسها بمهل قبل أن تشغل سيارتها  وتدير مقودها عائدة الى القصر حيث انزوت هناك في جناحها ...

+


غامت في ذكرياتها بعيدا ...

+


حيث البداية ..

+


الرهان الذي لعنت نفسها ألف مرة بسببه ..

+


وما تلا ذلك الرهان ..

+


الحب الجارف ...

+


أحبته بجنون ..

+


كان حبها الأول ...

+


أحبته لسنوات وحلمت معه بحياة كاملة ...

+


حياة خططت لها بجدية وعزمت أن تقتنص سعادتها وعشقها بكل ما فيه ولكن كل شيء جاء يعاكس مخططاتها وأمالها ...

+


عائلته وقفت في طريق هذه العلاقة ...

+


رفضتها بشكل صريح ...

+


والديه لم يقبلا ...

+


ليست هي الفتاة المناسبة واللائقة بولدهما الوحيد ...

+


حتى لو كانت تدرس الطب ووالدتها زينة الحداد ولديها أموال وأملاك ...

+


حتى لو كانت ربيبة عابد الهاشمي ...

+


وأخت أبناؤه بالرضاعة ...

+


حتى لو كانت زوج شقيقتها راغب الهاشمي ...

+


هذا كله لم يشفع لها ...

+


لم تنسَ حديث والدته .. نظرتها الدونية لها .. حديثها عن والدها وكأنه رجل سيء ... شيء يعيبها ...

+



        
          

                
لم تتحمل وقتها ..

+


هي أنثى معضلتها تكمن في كبريائها ...

+


الكبرياء ثم الكبرياء ثم الكبرياء وليذهب العشق الى الجحيم ....!

+


اختارت كبريائها .. 

+


نحرت قلبها في مكانه وسارت بكل كبرياء جريح فوق جثته ولم تتوانى عن دعسه بقسوة أسفل قدميها ...

+


غادرت حياته بخطة محكمة ...

+


خططت جيدا كي تنهي تلك العلاقة 

+


 دون أن تخدش كبريائها أمامه ...

+


كي تقتلعها من جذورها ...

+


تألمت كثيرا ...

+


عانت لشهور بل لأكثر من عام ...

+


لكنها لم تظهر ذلك لأي شخص حتى لتوليب صديقتها التي كانت تحيا معه في نفس الشقة في الخارج ...

+


أمام الجميع هي هالة بكل قوتها وثباتها بل انطلاقها وحيويتها وعندما تنفرد بنفسها تسمح لدموعها بالسقوط وضعفها بالظهور ...

1


يوما بعد يوم وبدأت تتعايش .. تعتاد ....

+


ظنت إنها لن تحب مجددا بل لن ترتبط من الأساس حتى ظهر كرم ...

+


صديق لطيف أحبت وجوده معها ...

+


تحب أن تتحدث معه ..

+


تحب لطافته .. حيويته .. مزاحه ... 

+


كان مختلفا ..

+


شابا يصغرها بعامين مليء بالحياة ..

+


شاب صاخب يقتنص من الحياة صخبها وجنونها وسعادتها ..

+


يكره الحزن .. يكره الدموع ... 

+


يحب الحياة مثلها ...

+


شاب يمتلك نظرة مليئة بالتفاؤل ...

+


كان يشبهها ..

+


يشبه روحها المنطلقة المفعمة بالحياة ...

+


تشابه الأرواح هو ما جمع بينهما ...

+


صداقة امتدت حوالي عامين ...

+


لكن لا يوجد شيء ثابت ...

+


مشاعر الصداقة بدأت تتغير ...

+


مشاعره هو تحديدا ...

+


بات مغرما بها وهي منجذبة له مهما أنكرت هذا وفي النهاية وقعت في حبه وهو كان واقعا في حبها منذ مدة طويلة ...

+



        
          

                
أخبرها إنها أنثى من الصعب جدا أن يتجاوزها المرء ومن الصعب جدا ألا يقع في حبها ...

+


يومها وجدت به الشخص المناسب ...

+


شخص يشبهها في كل شيء ...

+


يحبها وتحبه ...

+


فعاد الأمل يغزوها وقد صممت هذه المرة ألا تسمح لأي شيء أن يسرق منها سعادتها ..

+


ولكن يبدو إن القدر يعاند معها ..

+


السعادة ترفضها ...

+


اعتصرت عينيها بقوة تكتم دموع القهر لكنها عجزت فلم تستطع ألا تبكي ...

+


بكت وهي تغمر وجهها في الوسادة ...

+


كانت لأول مرة تبكي منذ زمن ...

+


منذ أن دخل كرم حياتها ربما ..!

+


***


+


يقف بجانب سيارته ينتظر خروجها بعدما اتصل بها يخبرها بوصوله ....

+


كانت المرة الأولى التي ينتظر فيها امرأة فهو رجل لم يكن لديه علاقات نسائية بإستثناء مروة التي دخلت حياته بالصدفة البحتة ورغم مرور سنوات على علاقتهما إلا إنه واقعيا لم يعتبر نفسه يوما مرتبطا بإحداهن حيث كان يلتقي بها مرات قليلة على حسب أوقات فراغه كونه مشغول أغلب الوقت وبدورها كانت طبيعة عملها تمنعها من التواجد بشكل مستمر في البلاد ...

+


لم يخرجا يوما في موعد بل كانا يلتقيان في شقتها ...

+


الآن بات يستوعب إن علاقتهما أساسها الحميمية ...

+


كل ما كان يجمعها هي العلاقة الحميمية ...

+


لا ينكر إنه كان يحب ذلك ...

+


تعجبه مروة بشدة كأنثى مغرية ...

+


أنثى مثيرة تعرف كيف ترضيه في العلاقة  وربما هذا ما جعله يستمر معها طوال السنوات السابقة ...

+


كانت أنثى تشبع رغباته ..

+


تؤججها أيضا ...

+


وهو بدوره لم يكن يفكر كثيرا ...

+


كان يستمتع معها ولم يكن يفكر في المستقبل ..

+


لم يفكر يوما في مصير هذه العلاقة ..

+


ربما لآن أفكاره دائما ما كانت تقتصر على العمل ..

+


على الشركة والأملاك ..

+


على منافسة عمه وولده والتفوق عليهما ...

+



        
          

                
عالمه كان العمل والشركة ...

+


كان يريد السيطرة على كل شيء ...

+


مثلما كان يريد دخول مجال السياسية الذي شجعه عليه جده بشدة لذا طوال السنوات السابقة وقبل بلوغه العشرين حياته وعالمه كله كان يقتصر على العمل ...

+


العمل فقط لا غير ولولا دخول مروة بالصدفة الى حياته ربما كانت ستبقى كما هي ...

+


وهاهو الآن و لأول مرة يتخذ خطوة في حياته لا تخص العمل ...

+


خطوة مختلفة حيث الاستقرار مع امرأة وتكوين عائلة ...

+


امرأة يقف ينتظرها منذ حوالي عشر دقائق وداخله لهفة غريبة لرؤيتها ...

+


لهفة لم تعجبه ...!

+


ما باله يشعر هكذا ..؟!

+


منذ الصباح ويشعر بحماس غريب كونه سيراها وسيخرج معها لوحدها ...

+


حماس لم يشعر به من قبل ...

+


لأول مرة يبدو فرحا لرؤية أحدهم ...

+


لأول مرة في حياته ...

+


لم يكن لديه أحد يحب رؤيته ...

+


لم يكن في حياته شخص يفرح في وجوده ...

+


ربما مسبقا لم ينتبه لهذا ولكن اليوم انتبه لذلك ..!

+


على ما يبدو دخول توليب الى حياته سيجعله ينتبه الى الكثير من الأشياء ...!

+


أفاق من أفكاره وهو يراها تغادر القصر متقدمة نحوه ...

+


تسير بخطواتها اتجاهه وهي تمنحه إبتسامة هادئة خجولة ..

1


تأملها ببطأ ...

+


إطلالتها الناعمة كعادتها بملابسها البسيطة المكونة من فستان سمائي قصير قليلا حيث يرتفع فوق ركبتيها بقليل ...

+


تصميمه بسيط للغاية حيث مكون من أكمام قصيرة بالكاد تغطي كتفيها ثم ينسدل فوق الجزء العلوي من جسدها النحيل فيظهر رشاقة جسدها وهشاشة كتفيها قبل أن يتسع قليلا عند خصرها حتى النهاية ...

+


ترتدي في قدميها حذاء بلون أزرق غامق ذو كعب مرتفع قليلا ...

+


شعرها البني الناعم مسترسل كالعادة بخصلاته المموجة لكنها جمعته على أحد الجانبين بينما وجهها خالي من مساحيق التجميل بإستثناء بودرة الوجه الخفيفة و مسكرة لرموشها الطويلة وملمع شفاه ذو لون زهري ناعم ...

+



        
          

                
بسيطة للغاية ...

+


لطيفة ... 

+


وعفوية ...

+


كل شيء بها يتسم بالبساطة واللطافة ...

+


الرقة والنعومة ...

+


والعفوية المطلقة ...

+


" صباح الخير ..."

+


قالتها وهي تقف أمامه بإبتسامتها الناعمة التي أظهرت غمازتيها الجذابتين ليبتسم بجاذبية ورائحة عطرها الناعمة أعجبته ...

+


عطرها برائحة الفانيلا ...

+


" صباح النور ..."

+


قالها وهو يضيف بينما عيناه الخضراوان تلتهمان ملامح وجهها :-

+


" تبدين رائعة ..."

+


غزا الخجل وجهها فكحت بخفة قبل أن تهمس :-

+


" شكرا ..."

+


ابتسم بتروي قبل أن يفتح باب السيارة لها وهو يشير لها أن تتقدم فصعدت السيارة بينما اتجه هو الى الجانب الآخر ليحتل مكانه في مقعد السائق ...!

+


شغل سيارته وأدار المقود متجها بها الى محل المجوهرات الذي اتفق مسبقا معها على الذهاب إليه وقد اختارته بنفسها ...!

+


أثناء الطريق سألها عما تحب سماعه عندما أخبرته باسم مطرب عربي لا يعرفه ليدهشها ذلك وهي تخبره إنه مشهور للغاية فيبرر لها سبب عدم معرفته بكونه لا يستمع الى الأغاني العربية إطلاقا ...!

+


كان يقود مدعيا التركيز بينما لم يغفل عن توترها وارتباكها بينما تجلس جانبه ...

+


كان تنظر الى النافذة اغلب الوقت بينما تحرك أناملها داخل خصلات شعرها بين الحين والآخر ...

+


التوى ثغره بإبتسامة جانبية وهو يتجه ببصره نحوها بعدما توقف عند إشارة المرور وقد أخفض صوت الأغنية قليلا ليتسائل :-

+


" هل ستبقين صامتة هكذا ..؟!"

+


التفت نحوه تسأله وهي تبتسم بهدوء :-

+


" وهل يفترض بي أن أقول شيئا ما ..؟!"

+


هتف مبتسما بدوره :-

+


" كلا ولكن أريد أن أسمعك ... أم إنك قليلة الكلام بطبعك ..؟!" 

+


تمتمت ببساطة :-

+


" لست قليلة الكلام إطلاقا ... على العكس تماما ..."

+


" لماذا إذا تلتزمين الصمت ..؟!"

+



        
          

                
أجابت بتلقائية :-

+


" لإنني لا أجد شيئا أقوله ..."

+


" معك حق ..."

+


قالها وهو يبتسم لتتأمله بطرف عينيها فتجذبها وسامته الرجولية الجذابة حيث لون عينيه الخضراوين وملامحه الرجولية الحادة  ولحيته الكثيفة قليلا  والتي تضاعف من جاذبيته ...

+


تنحنحت بحرج بعدما استوعبت إنها تأمله ليبتسم بمكر وهو يعود بأنظاره نحو الطريق أمامه حيث يدير مقود السيارة متحركا بها بينما يده امتدت ترفع صوت الموسيقى عاليا ..

+


بعد مدة قصيرة وصل الى المحل المنشود فركن سيارته في المكان المناسب ثم هبط منها وتوجه نحوها يفتح الباب لها لتهبط من السيارة فيغلق الباب ثم يقبض على كفها متجها بها الى الداخل ...

+


تأملت كفه القابضة على كفها بدهشة لا إرادية ...

+


توترت لوهلة من حركته هذه لكنها سرعان ما تحركت جانبه بوجنتين متوردتين ...

+


عرض صاحب المحل العديد من الخواتم الماسية عندما وقفت هي تتأملهم بحيرة وهو جانبها يتابعها بصمت حتى وجدها تسأله :-

+


" لمَ لا تساعدني في الإختيار ...؟!"

+


ابتسم قائلا :-

+


" كلها جميلة ..."

+


مطت شفتيها تخبره :-

+


" نعم ، هذا صحيح ولهذا أنا حائرة ..."

+


ثم مالت نحو خاتم ماسي رقيق للغاية يحوي فصا ماسيا صغيرا لتسحبه وتضعه في بنصرها وهي تغمغم :-

+


" جميل ، أليس كذلك ..؟

+


جذب كفها يتأمل الخاتم في إصبعها ليسألها بإهتمام :-

+


" هل إخترته إذا ..؟!"

+


ابتسمت تجيبه :-

+


" أحببته .. وماذا عنك ..؟؟"

+


هتف بجدية :-

+


" طالما أحببته ، سنأخذه إذا ..."

+


خلعته من بنصرها ومنحته الى الرجل بينما أخبره هو :-

+


" سنأخذه ..."

+


ابتسم الرجل وهو يبارك لهما بينما هتف إياس بجدية :-

+


" أريدك أن ترينا أحدث الأطقم الماسية وأجملها ..."

+


ابتسم الرجل وهو يشير لهما أن يتقدمانه نحو المجموعة الجديدة التي يعرضها المحل لتسأله توليب بحيرة :-

+



        
          

                
" هل ستشتري طقما ماسيا أيضا ...؟!"

+


" نعم ..."

+


سألته بجدية :-

+


" لماذا يا إياس ...؟!"

+


رد بجدية :-

+


" سترتدينه يوم الخطبة ... هدية مني بمناسبة الخطبة ..."

+


قالت بتردد :-

+


" لا داعي لذلك .. ما زال مبكرا على هذا ..."

+


هتف بهدوء :-

+


" ما المبكر بالضبط يا توليب ...؟! أنت خطيبتي ومن الطبيعي أن أهديك ما أريد ...."

+


" ولكن ..."

+


قاطعها بصوت جاد :-

+


" لا يوجد لكن .. انا لا أفعل شيئا خاطئا ولا أجد أي داعي لرفضك يا توليب ..."

+


هزت رأسها مرددة بخفوت :-

+


" حسنا ، معك حق ..."

+


هتف وهو يشير الى الأطقم المعروضة :-

+


" إختاري ما يعجبك ..."

+


اومأت برأسها وهي تنظر الى الأطقم المعروضة أمامها بإهتمام لتختار أكثر طقم أعجبها من بينهم ...

+


***

+


في أحد المطاعم الراقية ...

+


كانت تجلس أمامه بينما النادل يدون ما يريدان تناوله ...

+


ابتعد النادل بعدها ليعود بأنظاره اتجاهها يبتسم لها فتهتف بجدية وقد تذكرت قرارها بتأجيل الخطبة إسبوع آخر :-

+


" إياس .. بشأن حفل الخطبة .. هل يمكننا تأجيل الموعد أسبوع زيادة ..؟!"

+


تغضن جبينه متسائلا :-

+


" لماذا ..؟! نحن اتفقنا بعد أسبوعين ..."

+


أجابت بجدية :-

+


" إسبوعان لا يكفيان يا إياس ... تصميم الفستان وحده يحتاج لوقت يتجاوز الأسبوعين ناهيك عن تفاصيل الحفل ..."

+


" هل هناك قاعة معينة في بالك ...؟! "

+


أجابت بتكفير :-

+


" هناك أكثر من قاعة مناسبة .. "

+


أكملت تستشيره :-

+


" ما رأيك أن يكون الحفل في قاعة  خارجية مفتوحة ...؟!  حدائق أنيقة وربما حوض سباحة مزين بعناية ..."

+



        
          

                
قال بصدق :-

+


" إذا كنتِ تفضلين ذلك فلا مانع عندي .."

+


قالت بحماس :-

+


" أفضله بالطبع عن القاعات المغلقة ..."

+


ابتسم هاتفا :-

+


" كما تشائين .."

+


أضاف بتحذير جاد :-

+


" ولكن الزفاف في قاعة مغلقة فخمة تناسب مكانتنا ..."

+


ابتسمت وهي تهز رأسها بصمت فبرزت غمازتيها ليهتف بصدق :-

+


" ابتسامتك جميلة ..."

+


احمرت وجنتاها على الفور ليضيف وهو يميل قليلا نحوها :-

+


" تخجلين بسرعة يا توليب ... سرعان ما تحمر خدودك خجلا مما يمنحك مظهرا مبهجا للنظر ..."

+


تنحنت بحرج وخجلها يتضاعف حتى كادت تذوب خجلا فيضيف وهو يتأملها بتمعن :-

+


" أحب خجلك كثيرا .. يغريني لفعل الكثير ... "

+


فتحت فمها وأرادت أن تقول شيئا لكنها تراجعت ولم تعرف ماذا تقول لتسمعه يضيف بعينين ماكرتين :-

+


" مثل تقبيل وجنتيكِ المتوردتين ... وكذلك موضع غمازتيك اللتين تبرزان بقوة عندما تضحكين .. "

+


أنهى حديثه الذي جعل نبضها يرتفع الى ما لا نهاية :-

+


" أحب إبتسامتك وأحب خجلك... كثيرا ..."

+


كحت لا اراديا ثم جذبت قدح الماء أمامها تشرب منه بينما ضحك هو بخفة وقال :-

+


" حسنا ، سأتوقف الى هنا .. وإلا ستذوبين خجلا بالفعل ..."

+


" سيكون هذا أفضل .."

+


قالتها وهي تخفض عينيها والحرج ما زال يحتلها عندما وجدته يمد كفه اتجاهها فوق الطاولة وهو يخبرها :-

+


" هاتي يدك .."

+


نظرت له بتردد قبل أن تمد كفها على الطاولة ليقبض عليه فيشعر بتوترها بسهولة ليهتف وهو يغمز لها :-

+


" أنا أول شاب يلمس يدك ، أليس كذلك ..؟!"

+


هزت رأسها بسرعة دون تفكير ليرفع كفها نحو فمه يقبله بخفه وحقيقة إنه الرجل الأول في حياتها أعجبته ومنحته راحة لم تدركها ...

+


بينما شعرت هي بأنها ستفقد سيطرتها على نفسها بسبب ذلك الذي يعرف كيف يعبث بروحها ويشتت نبضات قلبها ..

+



        
          

                
يعرف كيف يغازل الأنثى داخلها بطريقة تجعلها تذوب خجلا لكنها تسعدها في ذات الوقت ..

+


سحبت كفها من قبضته وهي تتمتم محاولة تغيير الموضوع :-

+


" إذا أنت موافق على تأجيل الخطبة أسبوع آخر .."

+


" للأسف مضطر أن أوافق ولكن ..."

+


توقف لوهلة قبل أن يضيف وقد وجد إن في تأجيل الخطبة فائدة له :-

+


" بشرط أن نعقد قراننا يوم الخطبة ..."

+


" نعقد قراننا ..؟!!"

+


هتفت بها بدهشة بينما قرر هو أن يصر على قراره الذي كان يريده منذ البداية وقد جاءت رغبتها بتأجيل الخطبة قليلا فرصة ليفرض هذه القرار:-

+


" نعم ، ما المشكلة في ذلك ...؟! أساسا نحن سنتزوج بعد خطبتنا بثلاثة أشهر أو أربعة أشهر  ... "

+


أكمل بجدية :-

+


" أنا أريد إتمام زواجنا خلال مدة لا تتجاوز الأربعة أشهر لذا لا ضير في عقد قراننا يوم الخطبة ..."

+


" يجب أن أخبر والدي وأشقائي ..."

+


قاطعها بجدية :-

+


" اتركي هذا الأمر لي ولكن ما يهم هو موافقتك .. أنت موافقة ، أليس كذلك ..؟!"

+


نظرت له بتردد عندما هتف بنبرة جادة :-

+


" لا أعتقد إن هناك سببا يدعوك للرفض ... أنت بالطبع لم تتوقعي أن تمتد خطوبتنا لأشهر طويلة او عام ... "

+


اومأت برأسها مؤكدة كلامه فأكمل بحذر :-

+


" إذا ..."

+


شعرت إنه يحاصرها لوهلة لكنها اضطرت في النهاية أن تستسلم وتخبره :-

+


" كما تشاء ..."

+


ابتسم بانتصار عندما أتى النادل يحمل الطعام لهما ليتراجع الى الخلف براحة مفكرا إن إتمام الزيجة سريعا أفضل للجميع فالفتاة تعجبه وتناسبه وهي تبادله هذا الإعجاب لذا لا يوجد سبب يدفعهما للإنتظار ..


+


***

+


دلفت نانسي الى مقر الشركة بحماس ....

+


اليوم هو أول يوم تدريب لها في الشركة وهي متحمسة للغاية كي تثبت نفسها ويتم تثبيتها بشكل دائم ... 

+


سألت موظفة الاستعلامات عن مكان التدريب لتخبرها الموظفة فتركب المصعد متجهة الى المكان المخصص للتدريب ...

+



        
          

                
قابلت هناك أربعة عشر شخصا أتوا للتدريب معها ...

+


تعرفت على فتاتين بدتا لطيفتين للغاية وقد قضت وقتا ممتعا خلال التدريب عندما أتى وقت الإستراحة فذهبت مع الفتاتين الى كافيتريا الشركة لتناول الطعام قبل العودة لإكمال العمل ...

+


جلست معهما عندما بدأت إحداهما تعرف عن نفسها وكان إسمها سمر تبعتها الثانية وكان إسمها هيام عندما هتفت نانسي :-

+


" وأنا كما تعرفون نانسي .. في السادسة والعشرين من عمري ... "

+


أضافت بهدوء :-

+


" متزوجة ولكننا منفصلين حاليا ..."

+


أكملت وابتسامتها تتشكل سريعا على ثغرها :-

+


" لدي كريم وكاميليا ..."

+


" لديك طفلان .."

+


قالتها هيام بعدم تصديق بينما سألتها سمر :-

+


"'كم عمرهما .. ؟؟!"

+


ابتسمت مجيبة :-

+


" سيكملان عامين قريبا .. هما توأم .."

+


هتفت هيام بحماس :-

+


" أريد رؤيتهما ..."

+


فتحت نانسي حقيبتها وأخرجت الهاتف المليء بصور طفليها عندما وضعت احدى الصور أمامها فتهتف سمر مبتسمة :-

+


" إنهما رائعان ..."

+


هتفت هيام مبتسمة :-

+


" سآكلهما ..."

+


ثم أعادتا الهاتف لها عندما هتفت سمر بجدية :-

+


" ولكن والدهما بالتأكيد أعمى البصيرة كي يطلق فاتنة مثلك ..."

+


تنحنت نانسي قائلة :-

+


" نحن لم نتطلق بعد .. فقط منفصلان ..."

1


كانت اتخذت قرارها ألا تخفي وضعها مع زوجها تحسبا لما هو قادم ....

+


" ربما تعودان إذا ..."

+


قالتها سمر بجدية بينما أضافت هيام :-

+


" أتمنى أن يوفق الله بينكما من جديد لأجل الطفلين .."

+


" ان شاءالله ..."

+


تمتمت بها نانسي بخفوت عندما أخذت سمر تتحدث في مواضيع مختلفة و  شاركتهما هي الحديث ...

+


انتهيا من تناول الطعام وعادا الى مكانهما عندما وجدا براء يقف متحدثا مع رئيسهم ...

+



        
          

                
كان براء مترددا في الذهاب الى مكتب المتدربين رغم رغبته الشديدة برؤيتها ..

+


في النهاية حسم قراره وقرر أن يذهب بحجة اختلقها سريعا عندما وجدها تطل ومعها فتاتين ...

+


خطفت بصره لثواني بجمالها الجذاب وأناقتها الواضحة ...

+


ليهتف وهو يلقي التحية عليها :-

+


" كيف حالك يا نانسي ..؟؟"

+


ابتسمت بقليل من الحرج فهي لم تتوقع أن يحييها هكذا أمام الجميع لتجيب :-

+


" الحمد لله .. "

+


أضاف وهو يشير الى المتدربين :-

+


" السيد ماجد هو المسؤول عن تدريبكم ومتابعتكم خلال فترة التدريب وهو من سيضع التقييم النهائي لكم .. أتمنى أن تكونوا على قدر توقعاتنا بكم ..."

+


أنهى كلماته وهم بالتحرك عندما ألقى عليها نظرة جانبية رأتها فابتسمت بعفوية له ليبادلها ابتسامتها قبل أن يغادر المكان فتعود هي الى عملها حتى انتهى وقت التدريب فتحركت تغادر الشركة عائدة الى الفيلا حيث وجدت طفليها هناك في انتظارها لتسارع وتحتضنها بلهفة وتقبلهما بشوق جارف بينما تسألها حماتها عن أول يوم عمل لها فأخبرتها بالتفاصيل الكاملة وكانت سعيدة بشكل ملحوظ ...

+


أتى شريف بعدها وهو يرتدي حلة أنيقة ليخبرهما :-

+


" أنا مدعو على حفل خطبة ابنة السيد قاسم مدير المشفى ..."

+


" حسنا عزيزي ..."

+


ابتسم للطفلين قبل أن يهتف بجدية :-

+


" لا داعي أن أخبركما ألا تنتظراني على العشاء ..."

+


ثم ودعمها مغادرا عندما استأذنت نانسي لتذهب الى غرفتها حيث تأخذ حمامها وترتاح قليلا قبل العشاء ...

+


**

+


كان شريف يجلس بجانب زملائه في المشفى يتبادل الأحاديث معهما والمزاح ..

+


في البداية وجد نفسه مضطرا الى حضور حفل خطبة ابنة الدكتور قاسم الذي يمتلك عنده مكانة خاصة لكنه ما إن وصل الحفل حتى إندمج مع أصدقائه الموجودين وبدا الحفل ممتعا على عكس ما توقع ....

+


من بين الجموع كانت مها تبحث عنه عندما وجدته يجلس على احدى الطاولات بجانب عدة رجال تعرف معظمهم فهم أطباء في المشفى ...

+


تحركت بقوامها الممشوق نحوهم والإصرار يشع من عينيها عندما وقفت عند طاولتهم تهتف بترحيب :-

+



        
          

                
" مساء الخير .."

+


وجمت ملامح شريف بسبب قدومها ويتمنى داخله ألا تتصرف بطريقة تحرجه عندما تبادلت التحية مع أصدقائه قبل أن تلتفت نحوه مرددا بإبتسامة :-

+


" كيف حالك دكتور شريف ..؟! سعدت كثيرا بقدومك الى الحفل ..."

+


ابتسم شريف مجيبا بمجاملة :-

+


" الحمد لله دكتورة مها ..."

+


هتفت وهي تنحني نحوه :-

+


" هل يمكن أن تأتي معي قليلا ...؟!"

+


احتقنت ملامحه كليا بينما البقية ينظرون لهما باهتمام لتضيف وهي تلمس ذراعه :-

+


" تعال معي لأعرفك على ماما والعائلة ..."

+


 تأملها بملامح حادة أقلقتها لينهض من مكانه مضطرا عندما تحرك جانبها مبتعدا عنهم ليهدر بها :-

+


" ماذا تفعلين يا دكتورة ...؟!"

+


سألته بحيرة :-

+


" ماذا فعلت ..؟!"

+


رد من بين أسنانه :-

+


" تصرفك هذا مرفوض ... ماذا سيقولون زملاؤنا عنا وأنت تسحبيني بهذه الطريقة من بينهم ...؟!"

+


هتفت بسرعة تحاول تبرير موقفها :-

+


" أنا فقط أردت أن تتعرف على ماما ... لم أقصد أن أحرجك ..."

+


" هناك تصرفات مرفوضة يا دكتورة .. عليك أن تنتبهي جيدا على تصرفاتك من فضلك ..."

+


اومأت برأسها تهمس بإحباط :-

+


" حسنا يا دكتور ..."

+


ثم تأملت والدتها التي كانت تتجه نحوهما :-

+


" ها قد أتت ماما ..."

+


التفت شريف نحو المرأة الخمسينية مرغما ليرحب به فتخبره :-

+


" مها تتحدث عنك باستمرار يا دكتور ..."

+


ابتسمت مها وهي تطالعه بهيام ليهتف مجاملا :-

+


" مها متدربة جيدة ولها مستقبل جيد بإذن الله ..."

+


لم يسمع بعدها ما قالته عندما وقعت أنظاره على إحداهن دلفت الى الحفل متأخرا وقد خطفت بصره لا إراديا ...

+


جميلة بل فاتنة ...

+


جمالها المشع وفتنتها المضيئة ذكرته لا إراديا بغالية ...

+



        
          

                
كانت خاطفة بحق ...

+


ترتدي فستانا أسودا أنيقا يبرز جاذبيتها المهلكة ...

+


رفعت بصرها لا اراديا فتقابلت نظراتها مع نظرته ليشعر بالزمن يتوقف من حوله ..

+


ثواني لا يمكن عدها عندما أشاحت ببصرها بعيدا وعلى ما يبدو إنها لم تنتبه له من الأساس ليجدها تشمخ برأسها وهي تتقدم الى الأمام فيتقدم قاسم نحوها مرحبا بها بحرارة ...

1


بينما لم يغفل هو عنها حتى بعدما أنهى حديثه بسرعة مع مها ووالدتها وبقيت عيناه تلاحقانها رغما عنه وداخله يتسائل عن هوية تلك الفاتنة ...!

+


***

+


أخذت أروى نفسا عميقا قبل أن تتقدم الى صالة الجلوس حيث تجتمع عائلتها ...

+


والدتها وشقيقتها نرمين ونادر أيضا ...

+


ألقت التحية وهي تأخذ مكانها قبال والدتها والتردد يسيطر عليها ...

+


لقد فكرت وقررت أن تمنح فرصة لنضال ..

+


نضال شاب ممتاز .. 

+


عريس بمواصفات مثالية ...

+


لمَ سترفضه ...؟!

+


شخص جاد ومحترم ...

+


صريحا وواضحا ...

+


يريد خطبتها ...

+


شخص مناسب ...

+


لا يوجد شيء يجعلها ترفض ...

+


في السابق كان لديها أمل بآخر كانت وما زالت تحبه ..

+


لكنه لا يشعر بها بل لا يراها ...

+


كان لديها أمل رغم وجود غالية وزاد أملها أضعافا بعد زواج الأخيرة برجل تحبه ...

+


يوم زفافها راقبته بتمعن فوجدته طبيعيا الى حد ما ويبدو إنه تجاوز ابنة العم منذ مدة بعدما أدرك حبها لآخر ...

+


ظنت إن فرصتها أتت ولكن آمالها خابت فزواج غالية لم يغير شيء ...

+


هو ما زال يراها كما هي ...

+


ابنة عم برتبة شقيقة ...

+


والنهاية كانت عندما علمت إنه يبحث عن عروس ...

+


هكذا أخبرتها والدتها بناء على ما سمعته من والدته ...

+


فهمت الرسالة المبطنة ...

+


هو حتى عندما كان يبحث عن عروس يخطبها بشكل تقليدي لم تكن هي في باله ...

+


حينها اختارت الرحيل .. البعد ...

+



        
          

                
وغادرت المشفى وداخلها تدرك إنه أدرك ما تخفيه داخلها من مشاعر بعد حديثهما الأخير ...

+


وها قد مرت فترة طويلة لم يتحرك بها خطوة واحدة حتى عندما انتبه لمشاعرها دون قصد منها ...

+


ماذا تنتظر إذا ..؟!

+


هي تكبر ...

+


سنوات عمرها تضيع لأجل رجل لا يراها من الأساس ...

+


الحب لا يأتي بالإجبار ...

+


شريف لا يراها كأنثى يمكنه أن يتزوج منها ويشاركها حياته ...

+


ولن يراها ...

+


كان عليها أن تكون أكثر حزما مع نفسها ...

+


أن تحسم كل شيء ...

+


أن تخمد أي أمل مهما كان ضعيف ...

+


أن تسمح لآخر ظهر في الصورة أن يقترب منها..

+


تمنحه الفرصة لقرب مشروع وتمنح نفسها الفرصة للزواج والإستقرار وتكوين عائلة ...

+


لذا حسمت قرارها ...

+


وافقت عليه وهاهي ستخبر عائلتها عنه ...

+


نظرت الى والدتها تخبرها :-

+


" ماما ، هناك شاب يريد الزواج مني ..."

+


قالتها مباشرة وقضمت لسانها بعدها بإحراج لتضع رحاب هاتفها جانبا وهي تهتف بفرحة :-

+


" حقا ..؟! ومن هو ..؟!"

+


نظر لها كلا من نادر ونرمين باهتمام لتخبرها :-

+


" نضال .. مهندس معماري .... والده أشرف مختار .."

+


سألت رحاب بجدية :-

+


" أشرف مختار نفسه قريب تهاني ..."

+


هزت رأسها وهي تؤكد لها :-

+


" نعم ، شقيق زوج الخالة تهاني ... "

+


" حقا ..؟!"

+


قالتها رحاب وهي تضيف بسعادة :-

+


" إنهم عائلة محترمة ومرموقة وأثرياء جدا .. "

+


اومأت أروى برأسها دون رد بينما هتف نادر بجدية :-

+


" هذا كله ليس مهما .. المهم أنت يا أروى ..."

+


هتفت رحاب بسرعة :-

+


" طالما أتت بنفسها تخبرنا عنه فهذا يعني إنها موافقة ..."

+



        
          

                
أكملت بجدية :-

+


" ألا تعرف شقيقتك ..؟! عادة أنا من أخبرها وترفض مباشرة ..."

+


أضافت وهي تسأل ابنتها بلهفة :-

+


" أخبريني ... كم عمره ..؟! هل هو وسيم كإبن عمه ..؟!"

+


تنحنحت تجيب :-

+


" هو في الحادية والثلاثين من عمره ... مثلي يعني .. وبالنسبة لوسامته سترينه بنفسك ..."

+


قالتها بخفوت مفكرة إنه فائق الوسامة ولكنها تغاضت عن ذكر ذلك وهي تضيف :-

+


" هو ينتظر موعدا ليأتي مع عائلته ويخطبني ..."

+


هتفت رحاب بجدية:-

+


" ليس قبل إسبوع على الأقل ... كي لا يقول إننا مستعجلين ...."

+


هزت أروى رأسها بصمت بينما قال نادر بهدوء :-

+


" ويجب أن نسأل عنه .. لم يسبق له الإرتباط ، أليس كذلك يا أروى ..؟!"

+


هزت رأسها نفيا وهي تجيبه :-

+


" كلا يا نادر ، لم يرتبط من قبل ..."

+


ثم نهضت من مكانها تخبرهم :-

+


" عن إذنكم .. لدي مذاكرة ..."

+


ثم صعدت الى غرفتها يتابعها شقيقها بعينيه بينما والدتها تخبر ابنتها الصغرى :-

+


" سأتحدث مع تهاني وأسأل عنه ...."

+


ثم أضافت بحماس :-

+


" ابحثي عن صوره يا نرمين .. أريد رؤيته ..."

+


ابتسمت نرمين على حماس والدتها قبل أن تبحث بالفعل عنه لتشهق بعدم تصديق فتهتف والدتها بسرعة :-

+


" ماذا هناك ..؟!"

+


" هل بشع الى هذا الحد ..؟!"

+


قالها نادر ممازحا لتهمس نرمين مصعوقة :-

+


" بشع ..."

+


هتفت رحاب بإحباط:-

+


" بشع حقا يا نرمين ... وأنا أقول لماذا تتحدث الفتاة عنه دون نفس ..؟!"

+


نهضت نرمين من مكانها وتتجه نحو والدتها تضع صورته أمامها وهي تهتف ضاحكة :-

+


" بشع للغاية ..."

+


" من هذا ..؟!"

+


هتفت رحاب وهي تسحب الهاتف من يد ابنتها لتهتف نرمين مبتسمة :-

+


" زوج ابنتك المستقبلي أو ربما نجم هوليودي ونحن لا علم ..."

+



        
          

                
" نرمين ، هل أنت متأكدة إنه نفسه من تتحدث عنه شقيقتك ...؟!"

+


" نعم ، هو .. لقد تأكدت عندما وجدت كرم وهايدي وحتى نانسي في قائمة الأصدقاء ..."

+


" ما هذه الوسامة ..؟! ما شاءالله ..."

+


قالتها رحاب بعدم استيعاب بينما سحبت نرمين الهاتف وهي تردد :-

+


" رائع .. وسيم لدرجة مخيفة..."

1


" هل انتهيتما..؟!"

+


قالها نادر بضيق قبل أن ينهض من مكانه مرددا :-

+


" أنا سأذهب وأتحدث معها ..."

+


صاحت رحاب به أثناء مغادرته :-

+


" إياك أن تقول شيئا يجعلها تتراجع يا نادر .. الشاب ممتاز ووسيم وكل شيء تتمناه أي فتاة بالعالم ..."


+


***

+


طرق نادر على باب غرفتها لتسمح له أروى بالدخول ..

+


دلف الى الداخل مبتسما بهدوء ليجدها تجلس فوق سريرها وأمامها كتاب مفتوح ...

+


اتجه نحوها وجلس جانبها وهو يسألها بنفس الابتسامة :-

+


" هل يمكننا الحديث ..؟!"

+


ابتسمت تجيبه :-

+


" بالطبع يا نادر ..."

+


هتف نادر بجدية :-

+


" انظري ، صحيح أنا شقيقك الصغير ... ولكنني أعتبر نفسي مسؤولا عنك بشكل أو بآخر ... عنك وعن البقية بالطبع ..."

+


" بالطبع ..."

+


قالتها وهي تتأمله بحب ليهتف بجدية :-

+


" هل أنت متأكدة من قرارك ..؟!"

+


صمتت للحظة ثم أجابت :-

+


" انا التقيت به مسبقا يا نادر .. تحدثنا سويا .. وفكرت بعدها جيدا .. أخذت وقتي الكافي من التفكير .. وجدته مناسبا .. وأنت تعلم إنني كبرت وآن الآوان لأستقر وأؤسس عائلة ..."

+


" لم تكبري الى هذا الحد يا أروى ..."

+


قالها نادر بصدق لتبتسم مرددة :-

+


" أعلم ، ولكن هناك شاب تقدم لخطبتي .. شاب ممتاز من جميع النواحي .. مالذي يجعلني أرفضه ..؟!"

+


قال نادر بجدية :-

+


" حسنا هو شاب ممتاز من ناحية مواصفاته ولكن ما يهم هو تفاهمك معه وشعورك بالراحة اتجاهه وبالطبع أن يكون هناك إعجاب مبدئي من ناحيتك على الأقل ..."

+



        
          

                
" هناك قبول بالطبع... "

+


قالتها بجدية قبل أن تضيف بإبتسامة ناعمة :-

+


" لا تقلق يا نادر ... أنا لن أستعجل في قرار زواجي منه .. هناك فترة خطبة سأتعرف عليه من خلالها ... وبالطبع لم أكن لأوافق عليه بشكل مبدئي لولا وجود قبول من ناحيتي اتجاهه ..."

+


تنهد قائلا :-

+


" حسنا إذا.. على بركة الله .. ولكن كما قلت قبل قليل .. فقط خطبة في البداية ... حتى تتأكدي من كونه الشخص المناسب لتشاركينه حياتك القادمة ..."

+


ابتسمت وهي تعانقه فبادلها عناقها وهو يربت على ظهرها بحب ...!

+


***

+


جلس نضال أمام والده يخبره دون مقدمات :-

+


" سأتزوج ..."

+


رفع والده عينيه من فوق الملف الذي كان يقرأه ليهتف بعدم استيعاب :-

+


" حقا ..."

+


أضاف مبتسما :-

+


" هكذا دون مقدمات ..."

+


هز نضال رأسه قائلا :-

+


" نعم .. "

+


" ومن هي سعيدة الحظ ..؟!"

+


سأله أشرف بإهتمام ليهتف نضال بسخرية باردة :-

+


" لا تكن واثقا من ذلك .. ربما تكون العكس ..."

+


زفر أشرف أنفاسه بصمت بينما قال نضال :-

+


" اسمها أروى ... أروى الخولي .. طبيبة .. "

+


أضاف يذكره بصلة قرابتها بنديم :-

+


" ابنة عم نديم بالمناسبة ..."

+


" حسنا ،  آل خولي عائلة محترمة وكبيرة ..."

+


أضاف بجدية :-

+


" متى تريد التقدم لخطبتها ..؟!"

+


هتف نضال بهدوء :-

+


" أنتظر موعدا يحددونه ...."

+


هز أشرف بتفهم قبل أن يسأل بجدية :-

+


" هل أنت متأكد من كونها الفتاة المناسبة ..؟!"

+


أجاب نضال دون تفكير :-

+


" نعم ، هي كذلك ... أنا رأيتها أكثر من مرة وتحدثت معها .. هي تناسبني كثيرا ..."

+



        
          

                
" يجب أن تتحدث مع والدتك ..."

+


قالها أشرف بهدوء ليهتف نضال باقتضاب :-

+


" بعدما نحدد موعد الخطبة ..."

+


" ألن تأتي معنا عندما نذهب لخطبتها ...؟!"

+


سأله أشرف مدهوشا ليهتف نضال بوجوم :-

+


" لا داعي لذلك ..  لنذهب أولا ونتحدث مع عائلتها ويوافقون رسميا وأخبرها بعدها لتحضر حفل الخطبة ..."

+


" ربما تنزعج يا نضال ... "

+


قالها والده بتحذير ليهتف نضال ببرود :-

+


" يكون أفضل .. على الأقل لن تأتي حينها ..."

+


قال أشرف بجدية :-

+


" ما تفعله ليس حلا ..."

+


قاطعه نضال بحزم :-

+


" بابا من فضلك .. هذا الأمر خاص بيني وبينها ... "

+


تنهد أشرف ثم قال :-

+


" وماذا عن عائلة الفتاة ..؟! ماذا سنخبرهم إذا سألوا عنها ..؟!"

+


" سنقول إنها مقيمة في الخارج وستأتي يوم الحفلة ... "

+


" وإذا لم تأتِ في حفلة الخطبة ..؟! أنت تعرف والدتك وعقليتها... كيف سنبرر لهم غيابها ...؟!"

+


نهض نضال يهتف بنرفزة :-

+


" سنقول إنها ماتت .. لا وجود لها ..."

+


انتفض أشرف من مكانه يهتف بحزم :-

+


" هل جننت ..؟! إنها والدتك .. تحدث عنها بإحترام ..."

+


" أنت آخر من يجب أن يقول هذا ..."

+


قالها بقسوة لتتجهم ملامح والده بينما يضيف بلا مبالاة :-

+


" أم نسيت ما فعلته بك لسنوات  خلال فترة زواجكما ..؟! وما تلا ذلك .. هل نسيت إنها كانت تحرضني ضدك أيضا ..؟!"

+


هتف أشرف بجمود :-

+


" كلا لم أنسَ ... ولكنها لم تكن المخطئة الوحيدة ... أنت أيضا أخطأت بسيرك خلف كلامها دون تفكير ..."

+


" كنت أحمقا ومغفلا ..."

+


قالها بقسوة وهو يضيف بملامح مظلمة :-

+


" لكنني أفقت من غفلتي .. أفقت وفهمت كل شيء ..."

+


" فإخترت أن تتحول الى النقيض ... أن تحاربها .. ترفضها .. "

+



        
          

                
قالها أشرف بجدية ليهتف نضال بصوت مشحون :-

+


" لو كان بيدي لأخرجتها من حياتي نهائيا لكن للأسف مضطر لعدم فعل ذلك ... منظري أمام المجتمع يجبرني على هذا ..."

+


" نضال بني .. والدتك رغم كل شيء تحبك ..."

+


" تحب نفسها أكثر ..."

1


قالها نضال بجمود وهو يضيف :-

+


" وأنت أكثر من يعلم هذا ..."

+


أنهى كلماته وغادر تاركا والده يتابعه بحسرة ...

+


حسرة على ولده الذي يتخبط في ظلماته التي لا نهاية لها ...

+


ظلمات لا يعرف كيف سيتحرر منها ...

+


ربما يوما يجد طريق النور ...

+


ربما هناك من يرشده له ...

+


ربما زواجه سيخفف عنه ..

+


يساعده ...

+


ربما تلك الفتاة بدخولها حياته تغيره وتحرره من ظلماته ...

+


جميعها أمنيات وآمال يعلم جيدا إن تحقيقيها صعب للغاية ...

+


أصعب مما يتخيل ...!!

+


**

+


أمام عائلتها جلست ليلى وقالت :-

+


" هناك خبر مهم .. بالأحرى قرار اتخذته ..."

+


نظرت لها الجميع باهتمام حتى عبد الرحمن الصغير أصغى إليها رغم عدم فهمه لما يحدث ولكنه شعر بوجود خطب ما فأكملت ليلى بعدما منحته ابتسامة حنونة :-

+


" أنا سأتزوج ...."

+


تبادلت مريم النظرات مع والدتها التي سرعان ما ابتسمت بحنو بينما قال أحمد بهدوء :-

+


" ومن سعيد الحظ الذي ستتزوجينه ...؟!"

+


تنحنحت تجيب :-

+


" تعرفونه .. كنان ... خطيبي سابقا ..."

+


تطلعت مريم لها بقليل من الدهشة وكذلك والدها الذي لم يفهم لمَ انفصلا طالما عادا مجددا ..

+


وحدها والدتها من ابتسمت بهدوء دون أدنى دهشة وهي تخبرها :-

+


" مبارك حبيبتي ... كنت أعلم إنك ستتزوجينه في النهاية ..."

+


رفعت مريم حاجبها وهي تسألها :-

+


 " ومن أين علمت ..؟!"

+



        
          

                
أجابت فاتن ببساطة :-

+


" شعور الأم ..."

+


هتف أحمد بجدية :-

+


" كنان رجل رائع .. وأنا أحترمه وحزنت عندما انفصلت عنه ..  ولكنني احترمت قرارك وقتها كما احترمه حاليا .."

+


" لإنك تثق بقرارها في الحالتين ..."

+


قالتها فاتن له قبل أن تنظر نحو ابنتها وهي تخبرها :-

+


" مثلي تماما ... أثق بقرارها دائما ..."

+


احتقنت ملامح مريم كليا وهي تتذكر قرارها الأهوج وزواجها من عمار والذي لا يعرف والديها عنه بل لا يعرف أي أحد غير ليلى وشيرين وبالطبع كنان الذي ساعد شقيقتها وقتها ...

+


أفاقت من أفكارها على صوت والدتها تهتف بحنو :-

+


" مبارك يا ليلى .. أنا سعيدة لأجلك ..."

+


نهضت ليلى من مكانها وتقدمت نحو والدتها تحتضنها بحب عندما همست مريم بصوت متحشرج :-

+


" مبارك ليلى ..."

+


أجابتها ليلى بهدوء :-

+


" شكرا يا مريم ...."

+


ثم هتفت بعدها :-

+


" هناك شيء آخر ..."

+


نظر الجميع باهتمام فابتسمت مضيفة بخجل :-

+


" سيكون حفل الزفاف بعد ثلاثة أسابيع ..."

+


" بهذه السرعة ..."

+


هتف والدها مصدوما لتهتف بجدية :-

+


" نعم سبق وكنا مخطوبين وأقمنا حفل خطبة ضخم بل وعقدنا قراننا ... لا داعي للإنتظار هذه المرة ..."

+


أضافت بحرج :-

+


" كنان أراد ذلك وأنا بدوري لن أمانع ...."

+


"أنا أتفق معه أيضا ..."

+


قالتها فاتن بجدية وهي تضيف :-

+


" المهم ما تريدانه أنتما .. "

+


أضافت وهي تنهض من مكانها :- 

+


" ولكن هذا يعني أن نبدأ في التجهيز لحفل الزفاف من الغد بل ربما اليوم ..."

+


هتفت ليلى بارتباك سيطر عليها :-

+


" سنلحق أليس كذلك ..؟!"

+


أحاطت فاتن وجنتيها بكفيها وهي تقول :-

+


" بالطبع ، سنجهز كل شيء كما تريدين وأفضل ..."

+



        
          

                
أضافت وهي تنظر الى مريم :-

+


" هناك مريم أيضا وأنت تعرفين إنها شعلة متحركة من النشاط ..."

+


نظرت مريم نحو شقيقتها بلهفة لتبتسم ليلى وهي تخبرها :-

+


" هل تتفرغين لي الثلاثة أسابيع القادمة ..؟!"

+


قفزت مريم من مكانها تهتف بسرعة وسعادة :-

+


" بالطبع ..."

+


أضافت وهي تنظر الى والدها :-

1


" أنا في إجازة لمدة ثلاثة أسابيع ..."

+


" حسنا ولكن سأخصمها من راتبك ..."

+


قالها أحمد ممازحا لتهتف مريم بمرح :-

+


" أمرا وطاعة يا حضرة المدير ..."

+


ثم اندفعت نحو شقيقتها تحتضنها وهي تخبرها بصوت هامس :-

+


" أنا آسفة .. أحبك كثيرا ..."

+


لتربت ليلى على ظهرها وهي تهمس لها بدورها :-

+


" وأنا أحبك كثيرا يا مريم ..."

+


***

+


كانت شريفة تتناول شرابها الدافئ وهي تقرأ أحد كتبها المفضلة بينما ابنتها تجلس جانبها تلاعب طفلتها عندما تقدم كنان ملقيا تحية المساء لتبتسم علياء وهي تنهض مرحبة به تقبله من وجنتيه بينما يبتسم هو للصغيرة ويعبث بشعرها قبل أن يأخذ مكانه بجانب والدته التي هتفت :-

+


" تبدو سعيدا ..."

+


" من الجيد إن علياء هنا ..."

+


قالتها مبتسما لتنظر علياء له بإهتمام فهتف بجدية :-

+


" أنا وليلى عدنا الى بعض ... وقررنا الزواج مجددا ..."

+


أكمل دون انتظار :-

+


" وزواجنا سيكون بعد ثلاثة أسابيع ...."

+


هتفت علياء بفرحة صادقة :-

+


" حقا ..؟! مبارك لك يا حبيبي ..."

+


بينما احتقنت ملامح شريفة وهي تهمس باقتضاب :-

+


" مبارك ...."

+


تبادل كنان النظرات مع علياء فغمزت هي له عندما قال مشيرا لوالدته :-

+


" كما قلت الزواج بعد ثلاثة أسابيع ... عليكم البدء بالتجهيز منذ الغد ..."

+


" ثلاثة أسابيع إذا.."

+


قالتها شريفة بتهكم وهي تضيف :-

+



        
          

                
" لماذا لم تنتظر وتخبرنا قبل الموعد بليلة أو ربما صباح يوم الحفل ...؟!"

+


" شريفة هانم ... نحن اتفقنا على ذلك البارحة أساسا ... "

+


وضعت كتابها على الطاولة وهتفت :-

+


" ولم العجلة ..؟! وأي زفاف ذلك الذي سيتم التجهيز له خلال ثلاثة أسابيع ...؟!"

+


قال بجدية :-

+


" أنا من أردت هذا الموعد ... وسيتم تجهيز كل شيء وبأفضل شكل ممكن ..."

+


لوت شريفة ثغرها وهي تغمغم :-

+


" سنرى ..."

+


تنهد كنان ثم قال :-

+


" أعلم إنك لست راضية ..."

+


قالت بوجوم :-

+


" نعم يا كنان ، لست راضية .. ليست هذه الزيجة التي تمنيتها لك ..."

+


" لكنني أريد هذه الزيجة وسعيد بها ..."

+


قالها بجدية لتهتف بصوت قاطع :-

+


" أنت حر ..."

+


" نعم ، أنا حر .."

+


قالها بهدوء وهو يضيف :-

+


" ولكنك والدتي ويعز علي كثيرا ألا أراك سعيدة لسعادتي ..."

+


تنهد ثم قال :-

+


" أعلم عدم اقتناعك بليلى لكنني أثق جيدا إنه سيأتي اليوم الذي تدركين فيه كم إنها رائعة ومناسبة وتليق بي وستشكريني أيضا على إختياري لها ..."

+


منحته نظرة متجهمة لينهض من مكانه ويتقدم نحوها يقبل جبينها وهو يبتسم قائلا :-

+


" ليلى هي من أردتها ومن سعيت لتكون لي .. أنا سعيد للغاية فكوني أنت أيضا سعيدة ... لأجلي على الأقل ..." 

+


رسمت إبتسامة باهتة على شفتيها ليتنهد ثم يتحرك مغادرا المكان وداخله يتمنى أن تمر الأسابيع الثلاثة سريعا ويأتي يوم الزفاف وتصبح ليلى له قولا وفعلا ...

+


***

+


في كافيتريا المشفى ...

+


تقدم راجي وهو يحمل قدحين بلاستيكين من النسكافيه وضع أحدهما  أمام نغم التي ابتسمت له بإنشراح ليجلس أمامها وهو يخبرها :-

+


" تبدين جميلة اليوم ..."

+


ضحكت تشاغبه :-

+


" جميلة فقط ..."

+


ابتسم متأملا ملامحها الفاتنة فيضيف صادقا :-

+



        
          

                
" فائقة الجمال .. فاتنة ومشرقة كعادتك ..."

+


حمحمت وهي تخبره :-

+


" يليق بك الغزل يا دكتور .."

+


ضحك بخفة وهو يرتشف القليل من المشروب الدافئ لتخبره بصدق :-

+


" أنا سعيدة للغاية ..."

+


شعر بغصة مريرة تتشكل داخل حلقه لا إراديا ليتجاوزها وهو يهتف متسائلا :-

+


" وما سبب سعادتك ..؟!"

+


تغضن جبينها تهتف بانزعاج :-

+


" توقف يا راجي ..."

+


أضافت وهي تتأمله بحب :-

+


" لإننا سويا .. كما كنا ..."

+


مد كفه يلتقط كفها وهو يخبرها :-

+


" وسنبقى سويا ... "

+


تحشرج صوتها وهي تسأل :-

+


" حقا يا راجي ...؟!"

+


توترت ملامحه لكنه أخفى ذلك بمهارة وهو يخبرها :-

+


" بالطبع ، ليس لدي شك في ذلك ..."

+


ابتسمت وهي تحمل قدحها وترتشف منه القليل عندما سمعته يهتف :-

+


" هناك شيء أريد قوله ..."

+


نظرت له باهتمام فهتف بصدق :-

+


" أعتقد إن كل شيء بيننا بات واضحا .. أنا أحبك وأنت تحبيني بل عدتِ لأجلي ..."

+


رمقته تهمس بحنو صادق :-

+


" نعم يا راجي ، انا تركت كل شيء خلفي وأتيت هنا لأجلك ..."

+


تنهد ثم قال مبتسما :-

+


" ماذا ننتظر إذا ..؟!"

+


سألته مستغربة :-

+


" عم تتحدث ..؟!"

+


قال ببديهية :-

+


" نتزوج ..."

+


ارتبكت كليا .. توترت ملامحها بين الخجل و التردد والسعادة لكن السعادة غلبت في النهاية فطلت في نبرتها وهي تخبره :-

+


" نتزوج ، حقا يا راجي ..."

+


" نعم يا نغم .. نتزوج .. "

+


أضاف وكفه تقبض على كفها مجددا :-

+


" سأتحدث مع والدي لنخطبك في أقرب فرصة .. بعد حفل خطبة توليب مباشرة ... "

+



        
          

                
أكمل يسألها بجدية :-

+


" أم لديك مانع ..؟!"

+


جاوبت بسرعة :-

+


" إطلاقا ..."

+


أكملت بتنهيدة صادقة :-

+


" أنت لا تعرف كم كنت أنتظر هذه اللحظة وأحلم بها ..." 

+


" لا داعي أن تنتظري بعد الآن ولا تحلمي بأي شيء لإن جميع أحلامك ستصبح حقيقة ..."

+


قالها بجدية ووعد صادق لتبتسم بعشق جارف لهذا الرجل الذي كان ولا زال وحده مالك روحها وقلبها ...

+


غادرت بعدها الى غرفتها هناك حيث انفردت بنفسها وقلبها ينبض من السعادة ...

+


سعادة سرعان ما اختفت وعقلها يذكرها بالحقيقة المرة ..

+


مرضها ...!

+


حياتها التي ستنتهي قريبا ...

+


نهضت من مكانها وسارت نحو مكتبها ...

+


فتحت المجر وأخرجت ورقة التحاليل التي تؤكد كل شيء ...

+


كانت تعلم إنها تصرفت بأنانية ...

+


مثلما تعلم إنه يضحي لأجلها ...

+


كي يسعدها في آخر أيامها ...

+


هل يجتمع العشق مع الأنانية ..؟!

+


هل كانت أنانية عندما أخفت عنه علمها بالحقيقة ..؟!

+


هل ستكون أنانية عندما تبحث عن سعادتها معه في أيامها الأخيرة ..؟!

+


ارتجف جسدها بقوة وعقلها يصفعها بالحقيقة المرة بينما قلبها يخبرها إنها لا تطلب الكثير ...

1


فقط تريد قضاء أيامها الأخيرة معه ..

+


جواره ...

+


تريد أن يكون آخر ما تراه عينيها ...

+


تريد أن تموت بين ذراعيه ...

+


والعقل يلومها .. يخبرها إنه لا يستحق ..

+


لا يستحق أن يتعذب معها في مرضها ..

+


ولا يستحق أن يعاني بعد فراقها ...

+


أبعدت أفكارها جانبا ...

+


تجاهلتها كليا مقررة أن تفرح وتسعد بما قاله ...

+


مقررة أن تقتنص من حياتها التي لم يتبقَ منها سوى القليل سعادة وحلما انتظرته لسنوات طويلة ...

+



        
          

                
***


+


تجلس همسة في جناحها منذ وقت طويل شاردة بما يحدث ...

+


تغير راغب الواضح والمقلق ...

+


بعد مواجهتهما الأخيرة بات شخصا آخرا ...

+


باردا جامدا لا مباليا ...

+


يتعامل معها بإقتضاب ...

+


بالكاد يتحدث معها عند الضرورة القصوى ..

+


عاد الى جناحهما ولكنه يرفض النوم جانبها ...

+


ينام على الكنبة ..!

+


يعلنها بوضوح وإن كان دون حديث ...

+


هو لم يعد يريدها ...

+


هجرها ...

+


أغمضت عينيها بقهر ..

+


هي السبب ...

+


هي من سمحت لذلك أن يحدث ...

+


علام راهنت ..؟!

+


لا شيء ...

+


مالذي سيجبره على تحملها ...؟!

+


في النهاية هذا راغب الهاشمي ...

+


بكل قوته وسلطته وقسوته التي حجبها عنها لأعوام وعادت لتظهر في الأفق ...

1


هل هي أخطأت ..؟!

+


نعم ، أخطأت كثيرا ....

+


كان عليها أن تعلم إن غضبه ليس من مصلحتها ...

+


هجرانه لها لن يريحها بل على العكس ...

+


ماذا سيحدث الآن وما نهاية هذا الوضع ...؟!

+


وضعهما يتعقد وهي السبب ..

+


ليتها تنازلت قليلا لأجل أطفالها ليس إلا ...

+


لتحافظ على حياة سوية لهم ...

+


ليتها تظاهرت بقبوله فقط لأجلهم ...

+


ليتها فقط ...

+


نهضت من فوق سريرها تتحرك داخل غرفتها دون توقف ...

+


تلوم نفسها مرارا ...

+


تلوم نفسها لإنها وافقت على الزواج منه بسبب خجلها من الرفض ...

+


تلوم نفسها لإنها لم تتقبل الواقع المرير الذي تحياه ..

+


كانت تعلم إنه ليس الرجل المناسب ..

+


ليس الرجل الذي تبحث عنه ...

+



        
          

                
ليس الرجل الذي سيمنحها منزلا صغيرا دافئا وحياة هادئة وعشقا أفلاطونيا ....

+


ليس الرجل الذي سيعاملها برقة وحالمية لطالما تمنتها ..

+


ليس الرجل الذي سيهبط على قدميه أمامها يقدم لها خاتم زواج بسيط ويخبرها إنه سيكون أسعد رجل في العالم لو شاركته ما تبقى من عمره ...

+


ليس الرجل الذي سيدللها ويتلو على مسامعها كلمات العشق والهيام ويفاجئها بعشاء رومانسي ويراقصها تحت ضوء القمر ويهديها وردة حمراء صباح كل يوم ...

+


لم تكن تبحث عن رجلا قويا ذو سلطة ولا رجلا وسيما تتهافت النساء عليه ولا حياة 

+


مخملية كل شيء بها محسوب بالورقة والقلم ..

+


كان تريد رجلا عاديا .. عاديا للغاية لكنه يهيم بها عشقها وهي بدورها تعشقه بجنون .. رجل يهديها منزلا صغيرا للغاية مليء بالدفئ وطفلة تشبهها يصر أن يمنحها حروف إسمها ...

+


رجل يقف بجانبها يساعدها في تجهيز المائدة بينما هي تعد طعام عشائهما البسيط ...

+


ثم يحتضنها بعدها إمام التلفاز يشاهدان أحد أفلام الزمن الجميل ويرتشفان الشاي سويا ...

+


رجل تنام فوق صدره كل ليلة بينما لا يستطيع هو النوم دون وجودها بين ذراعيه ...

+


وقفت مكانها ودموع القهر تملأ عينيها ...

+


هل كانت أحلامها مستحيلة ...؟!

+


كلا ، أحلاهما كانت بسيطة جدا ..

+


لكنها لم تتحقق وهي السبب ذلك ..

+


نعم عليها أن تعترف بذلك ...

+


هي السبب ولا أحد سواها ..

+


هي من وافقت عليه دون أن يجبرها أحد ...

+


لقد سألتها خالتها يومها وأخبرتها بوضوح ألا تنحرج ..

+


خالتها التي شعرت بأن ولدها لا يناسب ابنة شقيقتها الرقيقة الحالمة ...

+


منحتها فرصة طويلة للتفكير ولم تخبر أي شخص بطلب ولدها كي لا يضغط أحدهم عليها بحسن نية ...

+


راغب نفسه لم يتحدث معها ...

+


لم يحاول إغرائها للموافقة ...

+


ترك الأمر لوالدته وكأنه تعمد ألا يضغط عليها ...

+


لكنها وافقت ...

+


خجلت أن ترفض ابن العائلة التي احتوتها هي وشقيقتها ..

+


ابن الرجل الذي راعهما كإبنتيه وخالتها التي لم تفرق بينهما وبين أولادها ولو قليلا ...

+



        
          

                
كيف كانت سترفض ..؟؟

+


كيف ستفعل ذلك ...؟!

+


كيف تجرؤ ...؟!

+


كيف تجرؤ وترفضه بينما كلتيهما  تعيشان في كنف عائلته ...؟!

+


كان القبول هو الحل الوحيد ...

+


هل أخطأت ..؟!

+


بالطبع ...

+


ولكن لم يكن أمامها خيار آخر ..

+


كانت أضعف من أن ترفض ...

+


وهاهي تدفع نتاج ضعفها ....

+


عادت تجلس فوق سريرها تجذب مخدتها وتحتضنها بجسدها بينما تخفض وجهها فوقها فتسمح لدموعها بالتساقط ...

+


تبكي دون صوت ...

+


تبكي بقهر ...

+


لحظات وظهر هو ...

+


كان واجما كعادته ...

+


مجبرا على مشاركتها نفس الجناح ...

+


لم يعد يريد حتى بقاؤه معها .. مواجهتهما الأخيرة وما قالته كانت القشة التي قصمت  ظهر البعير كما يقولون ...

+


توقف لوهلة وهو يراها على هذه الحالة ...

+


تدفن وجهها في المخدة اللي تعانقها بجسدها وتبكي بصمت ...

+


يسمع صوت أنينها الخافت ...

+


زفر أنفاسه بضيق ...

+


ماذا حدث مجددا ...؟!

+


تقدم نحوها مرغما يهتف ببرود :-

+


" ماذا يحدث ..؟؟ لماذا تبكين ..؟!"

+


رفعت وجهها الباكي نحوه فتأملها بنفس الملامح الجامدة لتخبره بعجز :-

+


" أنا آسفة .. آسفة ... آسفة ..."

+


تجهمت ملامحه والحيرة تسيطر عليه بينما نهضت هي من مكانها وتقدمت نحوه لتقف أمامه مباشرة تخبره بإعتذار شعرت إنه يستحقه :-

+


" سامحني .. أنا أعتذر عن كل شيء ... عن سنواتك  التي ضاعت معي ... عن كل شيء فعلته وقلته مسبقا ... عن عمرك الذي ضاع هدرا مع امرأة مثلي ..."

+


" ماذا يحدث يا همسة ..؟! ما هذا الكلام ..؟!"

+


سألها بضيق مما تتفوه به رغم إنه حقيقة لا جدال فيها لتمسح وجهها بباطن كفيها ثم تأخذ نفسا عميقا وتخبره :-

+



        
          

                
" أنا فقط أقول الحقيقة .. حقيقة إنك لست مسؤولا عن أخطائي .. عن ضعفي وغبائي ..."

+


أضافت تصفع الحقيقة في وجهه :-

+


" أنت كان معك حق ... هذا الزواج ما كان يجب أن يحدث ... كان خطئا .."

+


" فات أوان هذا الكلام منذ زمن ..."

+


قالها بجمود لتومأ برأسها وهي تؤكد حديثه :-

+


" بالفعل فات ولكن .."

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" في النتيجة أنا المسؤولة عن كل هذا الخراب..."

+


" كلانا يتحمل مسؤولية ما حدث ..."

+


قالها بجدية لتهتف رافضة :-

+


" كلا يا راغب ... أنت قدمت عرضا لكنك لم تجبرني عليه ..."

+


سألها ساخرا :-

+


" من أجبرك إذا ...؟!"

+


أجابت بألم :-

+


" أنا ... "

+


أكمل نيابة عنها :-

+


" كنت مجبرة أن توافقي بسبب امتنانك لعائلتي .. عائلتي التي احتضنتك أنتِ وشقيقتك لسنوات ... لم تستطيعٍ الرفض ... لم يكن بإمكانك أن ترفضي ابن الرجل الذي تبناك أنت وشقيقتك وعاملكما أفضل معاملة ... إبن المرأة التي كانت أما حقيقية لكما .. لم توافقي على الزواج مني حبا بي ولا رغبة بي بل وافقت بدافع  الإمتنان ليس إلا ..."

+


تطلعت له بصدمة من معرفته بكل هذا لتهمس مصدومة :- 

+


" كيف عرفت ...؟!" 

+


تنهد وهو يجيبها بألم خفي :-

+


" سمعتك .. سمعتك بنفسي وأنت تخبرين براء بذلك ... "

+


أكمل متأسفا :-

+


" لكنني للأسف سمعته متأخرا .. سمعته قبل زفافنا بساعة أو ربما أقل ... لو علمت ذلك قبلها لما أتممت الزفاف ..."

+


همست بسرعة :-

+


" لم يكن هناك شيء بيني وبينه ... أقسم لك .."

+


أضافت بصدق:-

+


" أراد رؤيتي .. سخر مني واتهمني إنني فضلتك عليه لإنك أهم وأكثر ثراءا وسلطة منه .. "

+


قاطعها ببرود :-

+


" أعلم إنه لم يكن هناك شيء بينك وبينه ...."

+



        
          

                
أضاف بجمود :-

+


" لكن ما تفوهت به وقتها كان صحيح ... كل كلمة خرجت منك كنت تعنيها ..."

+


أخفضت رأسها بأسى فأكمل بحشرجة :-

+


" ضغطت على نفسي وأجبرت نفسي على تجاهل ما سمعته حتى ينتهي الزفاف ... كنت مضطرا يا همسة ... لم يكن بوسعي أن ألغي الزفاف ... كانت ستكون فضيحة .. "

+


"معك حق ...."

+


" وحتى الطلاق بعدها لم يكن صحيحا ... كان سيدمر كافة الروابط بيننا ... "

+


قالها بجدية لتومأ رأسها تخبره مجددا :-

+


" معك حق...."

+


 أخبرته بعدها بشجاعة :-

+


" أنا أخطأت وأنت بعدها أخطأت أيضا ..." 

+


" إذا كنت تتحدثين عن الخيانة فكلانا يعرف ما السبب الذي دفعني لذلك ...!!"

+


قالها بثبات لتهمس بسخرية مريرة :-

+


" أنا أيضا ..."

+


" هل تنكرين ذلك يا همسة ...؟!"

+


سألها بملامح قاتمة وهو يضيف :-

+


" بعدما فعلته تلك الليلة كانت النتيجة مروعة ... أنت تعتقدين إنني نادم لإنني خنتك .. كلا لست نادما لخيانتي لك ولكنني نادم على نزولي لمستنقع كهذا .. طوال حياتي لم أفعلها .. طوال حياتي لم ألمس امرأة لا تحل لي لكن بسببك فعلتها وما زلت نادما على فعلها ... "

+


سألته بتردد سؤالا كان يؤرقها لسنوات :-

+


" تلك المرأة .. من أين عرفتها ..؟؟"

+


رمقها ببرود قبل أن يجيبها :-

+


" لا أعرفها ... مجرد عاهرة قابلتها بالصدفة وقضيت ليلة معها ... لا أعرف إسمها ولا أتذكر حتى شكلها .. لم أكن بوعيي أساسا ..."

+


التوى ثغره وهو يخبرها بمرارة :-

+


"تعلمين إنني لم أتناول المشروب طوال حياتي سوى في تلك الليلة اللعينة ..."

+


أخفضت رأسها وهي تهزه بإيجاب ليأخذ نفسا عميقا ثم يقول :-

+


" انظري يا همسة ... سأقولها بكل صراحة .. أنا تعبت ... "

+


رفعت وجهها تنظر إليه بتوتر ليضيف :-

+


" ولم يعد لدي طاقة لتحملك .. آسف لقول هذا ولكن العمر يمشي .. السنوات تمر وأنا أقف مكاني ... لست مضطرا أن أهدر سنوات من عمري على اللا شيء ... بعد أيام قليلة سأكمل عامي الأربعين .. تزوجتك منذ أكثر من عشرة أعوام ولكنني واقعيا أحيا كرجل عازب ... متزوج بالإسم فقط ..  انت تعلمين إنني صبرت ... انتظرت أن تتغيري لكنه لم يحدث لذا من الآن فصاعدا لست مضطرا أن أضغط على نفسي أكثر .. انا رجل ولست راهبا .. رجل يحتاج لأنثى في حياته .. أنثى حقيقية تريده كما يريدها وليست مجبرة عليه ومجبرة أن تسايره فقط لأجل الأولاد ..."

1



        
          

                
" ماذا تعني ..."

+


سألته بملامح مرتبكة ليهتف موضحا بثبات :-

+


" أنت زوجتي وأم أولادي .. ستبقين كما أنت معززة مكرمة وأنا لن أطالبك بأي شيء من الآن فصاعدا .. سنحيا منفصلين ... كلا منا له عالمه الخاص .. يعني كما كنت ترغبين دائما ... أساسا لن يتغير الكثير فبكل الأحوال نحن لم يكن بيننا أي شيء مشترك حتى العلاقة الحميمية شبه منعدمة والآن حتى تلك المرات القليلة لن تكوني مجبرة عليها ..."

2


" والمقابل .. ستتزوج ...؟!"

+


سألته بصوت مرتجف ليهز رأسه وهو يخبرها بجدية :-

+


" نعم سأتزوج ، ولكن سرا ... سأجد امرأة مناسبة تكون زوجة حقيقية لي .. سأكون صريحا أكثر .. امرأة تريحني من جميع النواحي ... ولكن سيكون سرا ... كي لا أؤثر على مظهرك ومظهر أولادنا أمام الجميع ... وأعدك إنه لن يعلم أحدا بهذه الزيجة ... أبدا... حتى الموت ...!"


1


***

+


مساءا...

+


خرج من جناحه وهم بالهبوط الى الأسفل عندما التقى بوالدته في طريقه وهي تحمل صينية تحتوي على حساء ساخن وعصير برتقال وقدح من الماء ودواء موضوع جانبا ليسألها :-

+


" لمن هذه ..؟! "

+


أجابته والدته بحزن :-

+


" جيلان مريضة ... مصابة بالبرد على ما يبدو ..."

+


همس بوجوم :-

+


" حسنا ، هل جلبت لها الطبيب ..؟!"

+


" هالة فحصتها .. نزلة برد ... حرارتها مرتفعة قليلا ... وتسعل بإستمرار ..."

+


هز رأسه بتفهم عندما قالت زهرة بجدية :-

+


" لأخذ لها الطعام .. يجب أن تتناول الحساء ثم الدواء بعدها ..."

+


صعدت زهرة إليها بينما زفر هو أنفاسه بضيق قبل أن ينظر الى الأعلى بتردد ...

+


اتجه بعدها الى صالة الجلوس ليجدها فارغة على غير العادة فجلس يقلب في هاتفه بعدم انتباه عندما قرر أن يصعد بنفسه ويطمئن عليها ...

+


وجد والدته تخرج من عندها وهي تخبره :-

+


" بالكاد تناولت القليل من الحساء ثم شربت دوائها وعادت الى النوم ..."

+


هز رأسه بصمت لتسأله والدته بحنو :-

+


" أنت قلق عليها يا مهند ...؟!"

+


تمتم بجدية :-

+


" بالطبع ، أليست إبنة عمي ..."

+



        
          

                
ابتسمت زهرة بصمت امتد لثواني قبل أن تقول :-

+


" جيلان تحتاج لمن يحتضنها .. لمن يمسك يدها ويخرجها من ظلامها .. "

+


أخذت نفسا عميقا قبل أن تنهي حديثها :-

+


" تحتاجك يا مهند ..."

+


لم تتغير ملامحه بل بقيت محتفظة بوجومها لتضيف بتروي :-

+


" رغم كل شيء أنت عاشرتها لفترة لا بأس بها .. أنت تعرف الكثير مما يجهله البقية عنها .. أنت كنت زوجها ووالد طفلتها ..."

+


شعر بضربة قوية تطعن قلبه وألم لا ينتهي عندما أضافت :-

+


" شخص يعرف الكثير عنها ... وجيلان تعرفه بدورها .. شخص عايش الماضي الذي أودى بها الى هذه الحالة وشاركها جزءا مهم فيه .. كنت تقول أنك المسؤول عن حالتها .. عما وصلت إليه .. ها قد أتتك الفرصة .. كفر عن ذنبك في حقها .. ذنبك الذي أعلم جيدا إنه يقيد روحك منذ ذلك اليوم الذي طعنتها فيه تقى وخسرت طفلتها ... "

+


الوجع يحتل روحه بأكملها وغصة شديدة تحكمت به ووالدته كانت تعلم بما يشعر به حاليا ولكنها كانت مصرة على قول ما يجب أن يسمعه .

+


ولدها أذنب في حق الفتاة والجيد في الأمر إنه يدرك حجم ذنبه ..

+


هو يحتاج للتكفير عن ذنبه وجيلان تحتاج لمن ينتشلها من ضياعها ...

+


كلاهما يحتاج الآخر ...

+


هذه حقيقة ..

+


هذه فرصة على ولدها أن يتمسك بها ..

+


تحركت بعدها وتركته غارقا في أفكاره ...

+


دلف الى الجناح بتردد ووقف على مسافة يتأملها وهي نائمة في سريرها بسلام تفتقده روحها ...

1


ملامحها وقد عادت الى طبيعتها السابقة ..

+


هدوئها وبرائتها ...

+


كانت هي ذنبه ...

+


خطيئته ..

+


إثمه الذي لن يغفره لنفسه ..

+


أخذ نفسا عميقا وكلمات والدته تتردد ...

+


خذ بيدها .. انتشلها من ظلامها ...

+


عاد يتأملها بذلك السكون الذي يملأ كيانها وملامح وجهها ...

+


كانت تنام بسلام باتت تفتقده كليا ..

+


هدوء لم يعد موجودا في حياته ...

+


جيلان تستحق السلام ..

1



        
          

                
تستحق السكينة ...

+


وهو يستحق أن يكفر عن ذنبه في حقها وها قد أتته الفرصة ...

+


لم لا يستغلها ..؟!

+


غادر الجناح وأفكاره في أوجها وفي لحظة فارقة اتخذ قراره ...

+


اتجه الى والده في مكتبه ليستقبله مرددا :-

+


" تعال يا مهند ..."

+


قال دون مقدمات :-

+


" لا يعجبني ما يحدث ... ما تفعله مع جيلان ليس حلا ..."

+


سأله عابد بتروي :-

+


" وما الحل برأيك ...؟!"

+


أجاب بعقلانية بدت جديدة عليه :-

+


" جيلان تحتاج لمعاملة مختلفة ..  تحتاج لمن يحتويها ويهدي روحها السلام .. لا تحتاج لمن يحبسها في جناحها ويلقي عليها الأوامر .. جيلان فقدت الكثير وما تفعله هو رد فعل طبيعي لما عايشته بسببي أنا والبقية ..."

+


تأمله والده بصمت امتد للحظات قبل أن يسأل مجددا :-

+


" تحدث بوضوح ...؟! ما الحل إذا ..؟!"

+


هتف بجدية :-

+


" جيلان تحتاج الى علاج نفسي .. "

+


" أتفق معك في هذا ..."

+


قالها عابد وهو ينهض من مكانه متوجها نحوه قبل أن يضيف :-

+


" ولكن هل تعتقد إن جيلان بجموحها وتمردها الحالي ستقبل بهذا ..؟!"

+


صمت لثواني قبل أن يهز رأسه نفيا ليهتف :-

+


" نحن سندفعها بذلك .. باللين وليس بالقسوة ..."

+


" مالذي تريده مني يا مهند ..؟! ألم ترَ بنفسك مالذي حدث عندما سمحت لها بالخروج معك ..؟! ذهبت بكما الى مركز الشرطة ..."

+


تنهد مهند ثم قال :-

+


" أنا أخطأت أيضا .. لم أستوعب ما تفعله .. سأكون أكثر حذرا ..."

+


" كيف يعني ..؟!"

+


سأله عابد وهو يضيف :-

+


" تحدث بوضوح ... مالذي تريده ..؟؟"

+


" أريد أن تمنحني الفرصة لمساعدتها ... "

+


صمت عابد ولم يعلق ليضيف مهند بجدية :-

+


" أنا جاد في حديثي .. "

+


" أنت تريدني أن أتنحى جانبا وتتولى أنت مسؤوليتها ..."

+


" جيلان ترفض ما تفعله ..."

+


" ومالذي ستفعله أنت لتقبل به ..؟!"

+


سأله والده ببرود ليهتف مهند بإصرار :-

+


" سأمنحها ما تريد ولكنني سأحاوطها طوال الوقت ... سأكون خلفها دائما .. كظلها ..."

+


" تحدث بوضوح ..."

+


قالها عابد بهيمنة ليهتف مهند بثبات :-

+


" دعها تسافر ... وأنا سأسافر معها .. امنحها حرية زائفة وأنا سأكون ورائها .... كلما قيدتها كلما ثارت أكثر .. جيلان لن يفيد معها الصرامة الدائمة والأوامر الغير قابلة للنقاش .. جيلان تحتاج الى اللين والحزم في نفس الوقت ... تحتاج لمن يمنحها حرية مدموجة بحميته لها ..."

+


تأمله والده بصمت بينما يضيف :-

+


" مهما حبستها لن يتغير شيء بل سوف تتدهور حالتها أكثر .. دعها تسافر وأنا بدوري سأسافر معها بحجة عملي ... سيعود كل شيء الى نصابه أمامها بينما أنا سأكون هناك .. سأكون حولها دون أن تدري .. ووجودنا في نفس البلاد سوف يساعدني في التقرب منها بين الحين والآخر .. جيلان تحتاج أن تثق بي أولا قبل أن تستمع لي وترضى بما نريده  ... "

+


" كلام جميل .. منطقي للغاية ..."

+


قالها عابد بصدق ليتنهد مهند براحة بعدما سمع ذلك من والده ليعود عابد الى مكتبه يجلس على كرسيه وهو يقول :-

+


" جميع ما تقوله جيد ولكن ... "

+


توقف قليلا قبل أن يضيف :-

+


" نحتاج الى تعديل بسيط.."

+


سأله مهند باهتمام :-

+


" تعديل ماذا ...؟!"

+


أجاب عابد وهو يناظره بهدوء :-

+


" أن تسافر معها ليس بصفتك ابن عمها فقط بل زوجها أيضا  ...."

2


انتهى الفصل 

+



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close