رواية نشوة العشق اللاذع الفصل العاشر 10 بقلم سارة علي
الفصل العاشر
+
العاشق يبقى متطرفا في مشاعره مهما حاول السيطرة عليها ..
+
تبقى مشاعره هي من تتحكم به ..
+
تسيره حيثما تشاء ...
+
ويبقى العشق هو بوصلته ..
+
هدفه المنشود والذي لا يستطيع الحياد عنه ...
+
" نعم سأتزوج ، ولكن سرا ... سأجد امرأة مناسبة تكون زوجة حقيقية لي .. سأكون صريحا أكثر .. امرأة تريحني من جميع النواحي ... ولكن سيكون سرا ... كي لا أؤثر على مظهرك ومظهر أولادنا أمام الجميع ... وأعدك إنه لن يعلم أحدا بهذه الزيجة ... أبدا... حتى الموت ...!"
+
يتزوج ...
+
يقولها بكل بساطة ...
+
تأملته بهدوء بينما النيران تشتعل داخل صدرها دون رحمة ...
+
نيران ربما ستحرقه حيا ...
+
تابع الهدوء الذي سيطر على ملامحها ...
+
ثباتها أمامه وداخله كان يتمنى ردة فعل مختلفة ...
+
لكنها كالعادة .. باردة كالجليد ... جامدة كأنها حجارة لا حياة فيها ...
+
نطقت أخيرا والسكون ما زال يسيطر عليها :-
+
" حقك ..! لا يمكنني قول غير ذلك ..."
+
ابتسم بتهكم خفي فهو كان متأكدا من جوابها هذا ...
+
لم يكن ينتظر أو يأمل حتى في الحصول على ردة فعل مختلفة ...
+
هي أخبرته مرارا أن يتزوج ...
+
عرضت عليه ذلك ...
+
ليتزوج إذا ولتذهب هي الى الجحيم ومعها مشاعره وقلبه المتيم بها ...
+
تابعها وهي تتجه نحو الكنبة وتجلس عليها بهدوء ...
+
ترمقه بنظراتها الصلبة وهي تضيف :-
+
" وأنا بدوري يحق لي تقرير مصيري حينها ..."
+
" المعنى ..؟!"
+
سألها بلا تعبير واضح لترمقه بنفس الهدوء وهي توضح مقصدها :-
+
" سأتطلق ... تطلقني قبل زواجك من أخرى ..."
+
تأملها بوجوم امتد لثواني قبل أن يعلق :-
+
" غريب .. ألم تقولي مسبقا إنه لا مانع لديك من زواجي بغيرك حتى لو علنيا بل كنت تشجعيني على ذلك في الآونة الأخيرة ...؟!"
+
" غيرت رأيي ..."
+
قالتها وهي تضحك ببساطة قبل أن تضيف بسخافة :-
+
" وقتها لم أكن بكامل وعيي ....ربما كانت إحدى لحظات جنوني ..."
+
اختفت ابتسامتها فورا وهي تضيف بقوة تشع من مقلتيها :-
+
" لكن لا يا راغب ... لن أقبل بذلك ... لن أقبل أن تفعل بي هذا ..."
+
في العادة هي أنثى هادئة .. رقيقة وربما حالمة لكنها في النهاية إمرأة .. زوجة وأم ... ومثلها مثل أي إمرأة يمكنها أن تتحول الى نمرة شرسة عندما تشعر بخطر ما يهدد كيان العائلة التي حافظت عليه لإعوام ..
+
خطر حقيقي خارج دائرة التهديد او المزاح ...
+
هي همسة .. الهادئة .. الرقيقة .. اللطيفة ..
+
هي همسة .. أنثى رغم رقتها ونعومتها وهشاشتها التي تبدو عليها تمتلك جانبا أنثويا ماكرا وذكيا ربما لم تستخدمه من قبل ولكن آن أوان ذلك ..
+
استرخت في جلستها وهي تضيف بما سيجعله يشتعل غضبا وربما ينقض عليها محاولا قتلها :-
+
" طلقني وتزوج ... عش حياتك ودعني أنا أعيش حياتي أيضا ..."
+
تأملت تغضن جبينه فأضافت والمكر يلمع في عينيها :-
+
" أنا أيضا ما زلت شابة لم أتجاوز عامي الثلاثين بعد .. ما زلت صغيرة .. ربما تنتظرني حياة جديدة ومختلفة مع رجل يحبني بحق ..."
+
وقبل أن تنهي كلماتها كان يتجه نحوها بسرعة وكفيه تقبضان على عنقها المرمري الطويل بينما لسانه يهدر :-
+
" كلمة أخرى وسأدفنك مكانك ...."
+
حرر رقبتها وكفه تقبض على ذراعها بقسوة جعلتها تتألم لكنها تجاهلت الألم وهي تسمعه يضيف بصوت قاسي متوعد :-
+
" إياك أن تفعليها وتجلبي سيرة رجل آخر على لسانك ... سأقتلك يا همسة .. قسما بربي سأقتلك ...."
+
" يحق لك أن تتحدث عن زواجك من أخرى بينما أنا لا يحق لي ..."
+
قاطعها صائحا بقوة :-
+
" نعم لا يحق لك ..."
+
صاحت بدورها :-
+
" لماذا ...؟!"
+
مال نحوها بعينين قاتمتين يهمس لها بخشونة :-
+
" لإنني هكذا .. متملك .. وأنت إمرأتي ... مليكتي ... تخصيني لوحدي ... لا يوجد رجل في هذا العالم بأكمله يمكنه الاقتراب منك بل النظر نحوك حتى ... هذا لن يحدث إلا على جثتي .. هل فهمت..؟!"
+
ابتسمت داخلها بانتصار وقد نجحت في إثارة غضبه بل هيجانه لتهمس بتحدي :-
+
" وإذا لم أفهم ...؟!"
+
اقترب منها أكثر فشعرت بأنفاسه تلفح وجهها ليهمس بصوت قوي رغم خفوته :-
+
" سأجعلك تفهمين ذلك بنفسي ..."
+
وفي نفس اللحظة كان يهجم على شفتيها يقبلها بعنف ... جنون وتملك ..
+
قبلة شرسة .. عنيفة ..
+
قبلة تجاوبت معها للمرة الأولى ...
+
تجاوبت بكامل إرادتها ...
+
قبلة طالت حتى شعرت بأنفاسها ستنقطع عندما حرر شفتيها من سلطة شفتيه وهو ما زال قريبا للغاية منها يهمس أمام شفتيها :-
+
" هل فهمت أم أشرح لك من جديد ...؟!"
+
أغمضت عينيها لوهلة تستدعي ثباتها بعدما تجاوبت معه للمرة الأولى بهذه الأريحية ...
+
من الآن فصاعدا كل شيء سيتغير ...
+
هي دخلت هذه الزيجة بمحض إرادتها ...
+
وهناك مصير ثلاثة يتعلق بهذه الزيجة وهي المسؤولة الوحيدة عن خرابها إذا حدث ذلك لذا من الآن فصاعدا كل شيء سيتغير...
+
عليها أن تستيقظ من غيبوبتها التي امتدت لسنوات ...
+
عليها أن تستعيد زوجها بكل الطرق ..
+
رغم كل شيء هي تدرك إنها مهمة لديه ...
+
إنها تهمه وإنه يرغبها ...
+
وإن كل ما طالهما لسنوات كان سببه هي ..
+
بسبب رفضها الدائم ...
+
ابتعادها المستمر ...
+
وآن الآوان لتصحح ذلك قبل فوات الآوان ...
+
إن لم يكن لأجلها فليكن لأجل أولادها ...
+
سخرت من تفكيرها هذا فهي رغم كل شيء لن تقبل بزواجه من أخرى ...
+
نعم كانت تكذب ....
+
هي لا تحبه ولكنها في النهاية امرأة لا تقبل كرامتها أن يضعها زوجها في هذا الوضع المهين لأي امرأة ...!
+
هي في النهاية أنثى طبيعية من لحم ودم ومشاعر وإن كانت تبدو مصنوعة من الجليد ...
+
سمعته يكرر بصوت بارد قوي :-
+
" فهمتِ يا همسة.."
+
فتحت عينيها تتأمله بثبات وهي تجيبه :-
+
" فهمت يا راغب ..."
+
أخذت نفسا عميقا بينما ابتعد هو عنها وما زالت عيناه تتأملها بتحفز وما قالته جعله يجن تماما ...
+
هتفت بجدية وهي تراقب جمود ملامحه الذي يخفى خلفه غضبا مخيفا :-
+
" ولكن أنت عليك أن تفهم إنني لن أقبل بهذا الوضع المهين ..."
+
رمقها بنظرات باردة وهو يسأل :-
+
" ومن المسؤول عن هذا الوضع إذا حدث ...؟!"
+
ملامحها بقيت هادئة بينما يضيف بجدية :-
+
" لماذا أريد الزواج ...؟! هكذا بدون سبب ... لإنني رجل شهواني لا يكتفي بإمرأة واحدة .. ؟!أم لأنني رجل مزواج مولع بالنساء ...؟!"
+
أخذ نفسا عميقا ثم أكمل متجاهلا قسوة كلماته التي تستحقها رغم كل شيء :-
+
" بل لإنني أحيا فعليا دون إمرأة في حياتي ... لإنني متزوج بينما أحيا كعازب ...."
+
أضاف وعيناه تتأملان شحوب ملامحها لا إراديا :-
+
" وليكن بعلمك أنا لا أتحدث عن العلاقة الحميمية فقط مع إنها حق مشروع لي ... أنا أتحدث عن كل شيء .... أتحدث عن زوجة تهتم بي ... تشاركني حياتي بتفاصيلها .. زوجة تكن معي دائما ... جانبي ... تحبني وتدعمني ..."
+
أخذ نفسا عميقا وهو يضيف :-
+
" كأمي مثلا ..."
+
أضاف بسخرية لاذعة :-
+
" ها أنا أمنحك أقرب مثال كي لا تدعي عدم الفهم ..."
+
" وهل هذا كان سيتحقق بزواجك الثاني ..؟!"
+
سألته بجدية متجاهلة تأثير كلماته عليها ليهز رأسه نفيا وهو يجيب بصدق :-
+
" كلا ، كان سيحقق جزءا منها لأن زواجي سيكون سرا ... لكن لا بأس ... لا حل آخر أمامي .. لأجل الأولاد أتحمل أي شيء ..."
+
" ولماذا تفعل بنفسك هذا ..؟! طلقني وعش حياتك ..."
+
قالتها بسخرية لا ارادية ليرمقها بنظراته وهو يسألها بتروي :-
+
" هل هذه ما تريدينه حقا يا همسة ..؟!!"
+
ارتبكت كليا وقد أخذ حديثهما منحنى لا تريده وهي السبب كالعادة ...
+
تنفست ثم قالت :-
+
" بكل الأحوال أنت حتى لو طلقتني فلن تسمح لي بأخذ الأولاد معي والأهم ..."
+
توقفت لوهلة قبل أن تضيف عن قصد :-
+
" لن تسمح لي بأن أحيا حياتي كما أريد ..."
+
تأملت الظلام الذي كسا ملامحه وجملتها تلك أشعلت غضبه الذي بالكاد بدأ يخفت قبل قليل ليهمس بقوة :-
+
" إياك أن تكرريها مجددا لإنني والله سأقتلك دون تردد حينها ..."
+
نهضت من مكانها تسير نحوه بتمهل ...
+
وقفت أمامه مباشرة تسأله وعيناها لا تحيد عن عينيه المظلمتين في تلك اللحظة :-
+
" هل هذه غيرة عليَّ أم تملك رجل شرقي يأبى أن يدخل آخر حياة زوجته ...؟!"
+
قبض على ذراعها بقسوة آلمتها وهو يهمس بنبرة قوية :-
+
" كلاهما ... غيرة وتملك ... كلاهما يا همسة ..."
+
وعلى الرغم من آلمها ابتسمت ...
+
استغرب إبتسامتها عندما وجدها تضيف بعد ذلك :-
+
" لا تتزوج يا راغب ..."
+
وجمت ملامحه لتنهي حديثها بحسم :-
+
" أعطني فرصة أخيرة ... ربما أنجح هذه المرة ... فرصة أخيرة لعلاقتنا .. هذا رجاء شخصي مني ... للمرة الأخيرة ... من فضلك .. وإذا فشلت يمكنك أن تفعل ما تريده بعدها وأنا سأقبل قرارك وقتها أيا كان ..."
+
***
+
" أن تسافر معها ليس بصفتك ابن عمها فقط بل زوجها أيضا ...."
+
" ماذا تقول يا أبي ...؟!"
+
نطقها مهند بعدم تصديق ليهتف عابد ببرود :-
+
" هل تتوقع حقا مني أن أرسلك معها دون صفة رسمية تجمعكما بعدما حدث في المطعم ...؟!"
+
تجهمت ملامحه وهو يخبره :-
+
"ما حدث لن يتكرر ... انا فقط لم أتوقع تصرفها .."
+
قاطعه عابد :-
+
" ولن تتوقع أي تصرف منها يصدر فيما بعد ... جيلان باتت واحدة أخرى ... واحدة مختلفة لن تتوقع ما يمكن أن يصدر منها ولا يمكنك أن تخمن ردود أفعالها ... "
+
أخذ نفسا ثم أضاف :-
+
" لذا فكرة سفرك معها دون زواج مرفوضة يا مهند ... أنا لا أضمن الفتاة ولا أضمنك أنت أيضا ... أنت في النهاية رجل وجيلان ستسعى بكل قوتها لإيقاعك ...."
+
أضاف بسخرية :-
+
" لتنتقم منك ...."
+
أكمل يتسائل بجدية :-
+
" أنت تعلم إنها تريد الإنتقام منك ... أليس كذلك ..؟!"
+
تنهد مهند مجيبا :-
+
" نعم وأتفهم ذلك ..."
+
" ليس منك فقط .. بل مني ... من راغب .. ومن نفسها قبلنا ... "
+
قالها عابد بحسرة خفية وهو يضيف :-
+
" جيلان إذا بقيت هكذا ستضيع يا مهند ... هي تدمر نفسا والمشكلة إنها تدرك هذا وراضية به ... تعاقب نفسها وتنتقم منها ... وتعتقد إنها في نفس الوقت تعاقبنا وتنتقم منا جميعا ... وحتى من أخيها في سجنه ولكن ..."
+
تنفس بقوة ثم قال :-
+
" في النهاية هي وحدها من ستخسر ... هي من ستتدمر ولكنها لا تفهم هذا ولا تستوعبه ولا تقبل أن تفهمه ...."
+
تأمل ولده وهو يضيف :-
+
" بعد كل ما قلته ... هل تعتقد إنك تستطيع مساعدتها حقا ...؟!"
+
صمت مهند لوهلة قبل أن يهنف بجدية :-
+
" ربما .. خاصة إذا ما أقنعتها بمراجعة طبيب نفسي ..."
+
" جيلان تحتاج طبيب نفسي بالفعل ...متخصص يتولى مسؤولية علاجها ولكن .. قبل كل ذلك هي تحتاج لمن يرشدها الى ذلك الطريق وتتقبل منه إرشاده ... وهذه مهمة صعبة للغاية يا مهند .. أصعب مما تتخيل .. "
+
أنهى حديثه وعيناه تتأملان ولده بحذر :-
+
" سأمنحك فرصة للتفكير ... خذ وقتك كاملا ... ولكن لا تمنح قرارا متسرعا يا مهند .. لإنك ستجني تماما عليها هذه المرة إذا إتخدت قرارا غير واثقا منه .."
+
***
+
في اليوم التالي ...
+
جاء اليوم المنتظر ...
+
ستقابل أخيها ... أخيرا ..
+
أرادت ذلك بقوة ولم تتراجع عنه ولكنها الآن وفي هذه اللحظة وهي مقبلة عليه كانت تجتاحها العديد من المشاعر المختلطة ...
+
مشاعر كثيرة لا حصر لها ..
+
هي تدرك إنها ليست مقابلة عادية وإنها ما إن تدخل إليه وتتحدث معه فلن تخرج حينها كما دخلت ...
+
ورغم ذلك أصرت على المجيء والحديث معه ...
+
تقدمت الى الداخل بخوف تملك منها لا اراديا ورهبة ملأت كيانها ..
+
غالية الخولي تخاف ...!
+
يا للسخرية ...
+
كانت المرة الأولى التي تهاب فيها شيئا ...
+
ألم تكن مستعدة لهذه الخطوة ...؟!
+
أرادت أن تراه ...
+
كانت تحتاج لهذا وسعت بكل قوة لتنال مبتغاها ولكن في هذه اللحظة وما إن وطأت قدميها المكان حتى غزاها شعور غريب ...
+
رغبة شديدة في الهرب تملكت منها ...
+
ماذا يحدث بالضبط ....؟!
+
توقفت مكانها وأنفاسها محبوسة داخل صدرها ..
+
تتأمله وهو قبالها ... على مسافة منها ...
+
يجلس منتشيا في مكانه ... كملك متوج لا سجين في زنزانة ...
+
ملامحه لم تتغير ...
+
بلى تغيرت ... ازدادت قوة وصلابة ...
+
كان هو نفسه بكل قوته وجبروته وشموخه ..
+
لا يبدو كسجين ... لا شيء يدل على ذلك ...
+
كان يناظرها بنظرة ثاقبة ... قوية .. ثابتة ..
+
رأت في عينيه الانتصار ... انتصار لم تخطأه عندما نطق أخيرا بصوته الرجولي المهيب :-
+
" كنت أنتظر مجيئك، لكن علي الإعتراف إنك أتيتِ في وقت أسرع مما تخيلت ..."
+
ثباتها أمامه تحسد عليه ...
+
ثبات جاهدت لتحافظ عليه وهي تتقدم أكثر نحوه ..
+
تسحب كرسيها وتجلس عليه فتصبح قباله ...
+
تتأمله مجددا ...
+
لم يتغير ..
+
لم يغير السجن فيه أي شيء ....
+
ما زال كما هو وسيبقى كما هو على ما يبدو ...
+
تراجعت بجلستها وهي تتأمله بهدوء أصرت أن تحافظ عليه قبل أن تسأله :-
+
" كيف حالك يا عمار ...؟!"
+
لوهلة استغربت ضحكته الصادقة ...
+
ضحكة خرجت من أعماقه يتبعها سكون بينما الابتسامة ما زالت تحتل ثغره عندما قال أخيرا يجيبها ببساطة :-
+
" أنا بخير ... بل بأفضل حال ..."
+
تنهدت ثم قالت متجاهلة مبدئيا السبب الذي دفعها للمجيء :-
+
" لم تتغير .. أبدا..."
+
توقفت لوهلة ثم أضاف :-
+
" كان عليّ أن أعلم ذلك ... أن أفهم إنه لا شيء قادر على تغييرك ... لا السجن يمكنه أن يغيرك ولا الخسارة ...."
+
" ماذا كنت تنتظرين يا غالية ..؟!"
+
سألها ببرود وهو يضيف بسخرية متعمدة :-
+
"أن أفعل كما فعل شقيقك .. أنهار ... أنتهي ... "
+
رمقته بنظراتها وهي تخبره ببساطة :-
+
" كلا ، لم أنتظر ذلك منك .. لإنك لست مثله .. ولست مثل أي أحد .. لإنه إنسان ... بينما أنت شيطان ... لا تمتلك تلك المشاعر الإنسانية الطبيعية التي يمتلكها جميع البشر... كالضعف والإنهيار ..!"
+
أضافت والقتامة تحتل روحها قبل ملامحها :-
+
" ولإنه كان بريء .. أما أنت فتستحق وجودك هنا ..."
+
" إذا كان يظن شقيقك إنه انتقم مني فهو مخطئ ..."
+
قاطعته على الفور :-
+
" نديم لا يفكر بك أساسا ... هو كل ما أراده إستعادة حقه المسلوب وبحدوث ذلك لم يعد يهتم بأي شيء ..."
+
أكملت بجدية :-
+
" ولكن أنت مهما انتصرت وحتى لو نلت جل ما تتمنى وأكثر لن تكتفي ... دائما ما تريد المزيد ... لم تكتفِ بسجن نديم وسرقة خطيبته بل سعيت لإن تحاربه وهو خارج السجن أيضا ... لم تكتفِ بإنتقامك من والدتي من خلال ابنها بل لم تكتفِ بموتها بعدها وأنهيت الحكاية الى هنا .. دائما ما تبحث عن شيء جديد تعبث به ما إن تنتهي من آخر .. وكأنك تعيش لتسمم حياة من حولك ... "
+
" هل جئت هنا لتسمعيني هذا الموشح ..؟!"
+
سألها ساخرا لتهز رأسها نفيا ثم تجيبه :-
+
" كلا ، بل أتيت لأخبرك إنك إنتصرت مجددا ... أردت أن تنتقم مني هذه المرة .. بعدما توفيت والدتي وبعدما لم تجد شيئا جديدا تعبث بنديم من خلاله قلت لأستغل الماضي وأسدد ضربة مختلفة هذه المرة لشخص جديد .. وكان الشخص أنا ... "
+
أضافت وإبتسامة باردة تعلو ثغرها :-
+
" ونجحت .. أهنئك ..."
+
" دائما ما كنتِ قوية ..."
+
قالها بجدية وهو يضيف :-
+
" تعجبني قوتك .. صلابتك ... ثقتك بنفسك .. كبريائك .. علي الإعتراف إنني كنت معجبا بك رغم كرهي لك ... "
+
أضاف والسخرية تعلو ملامحه :-
+
" كنتِ تذكريني بوالدتي .. ربما كان من المفترض أن تكوني ابنتها لا ابنة صباح ... وشقيقتي أنا لا شقيقة نديم لإنك بالفعل تشبهينها و تشبهيني أنا لا هو ... "
+
هتفت بصوت بارد حاد :-
+
" أنا لا أشبه أحد .. أنا أشبه نفسي فقط ..،"
+
ضحك بصدق قبل أن يتمتم :-
+
" هل ترين ..؟! أنت حتى تتحدثين مثلي ... "
+
تجهمت ملامحها فيضيف بصدق وإعجاب :-
+
" أنت تشبهيني يا غالية .. تحملين صفاتي كلها ... رغم كل شيء إلا إنك تشبهينني تماما .. تشبهينني أكثر مما تشبهين نديم وأكثر مما تشبهني جيلان .."
+
" ما غايتك من هذا الكلام ...؟! قل ما لديك بوضوح ..."
+
ابتسم مرددا :-
+
" حادة الذكاء أيضا ... تعلمين إنني لا أقول شيئا عبثا .."
+
مال نحوها يضيف :-
+
" مثلما تعلمين إنني صادق في حديثي هذا ..."
+
عاد يرتخي في جلسته وهو يكمل ببساطة :-
+
" مقصدي واضح .. أنتِ مثلي ... لا تختلفين عني ... ولو كنت مكاني وعشتي ما عشته لفعلت نفس ما فعلته ... "
+
صمتت كليا ...
+
تأملته بصمت هادئ وعقلها يعيد كلامه ...
+
هي شبيهته ...
+
نسخته الأنثوية ...
+
هذا مقصده ..
+
وجاء السؤال واضحا ...
+
لو كانت مكانه ...
+
لو كانت هي إبنة ديانا بدلا منه ...
+
ماذا كانت ستفعل ...؟!
+
تأمل صمتها بإستمتاع وترقب عندما نطقت أخيرا :-
+
" نعم أنا أشبهك .. لو كنت مكانك .. لو كنت ابنة ديانا لما ترددت لحظة واحدة في قتل صباح لإنها أذت والدتي وتسببت بموتها ولم أكن لأرتاح حتى أراها تدفع ثمن ما فعلته بها ...."
+
أخذت نفسا عميقا ثم تضيف :-
+
" كنت سأنتقم منها على كل شيء ومن كل شخص تسبب بالأذى لوالدتي ولكن ..."
+
تراجعت الى الخلف قليلا تضيف بصدق :-
+
" هناك فرق بسيط بيني وبينك .. أنا كنت سأنتقم من صباح لا من ولدها ... أنا لا أتنازل عن حقي ولا حق من حولي ...سأنتقم نعم ولكن ممن يستحق هذا الإنتقام .. هل أدركت الفرق بيني وبينك يا عمار ..؟!"
+
" والآن ، ممن ستنتقمين ..؟! من صباح أو حسين ...؟! كلاهما تسببا بإيذائك ... كلاهما ساهما بتحطيم كبريائك ..."
+
" ماتا يا عمار..."
+
قالتها بصوت متحشرج قبل أن تشد من أزرها وهي تضيف بصلابة :-
+
" لا يمكنني الإنتقام من شخص ميت ..."
+
أضافت بسخرية مريرة :-
+
" ولكنك قمت بالواجب ... انتقمت من كليهما جيدا قبل وفاتهما ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم أكملت :-
+
" أنا فقط أتسائل ، لماذا الآن ...؟! "
+
منحته ضحكة باردة وهي تضيف :-
+
" خبأت تلك الرسائل عندك لأعوام ... كان بإمكانك أن تخرجها أمامي منذ البداية ... كنت ستدمر علاقتي مع بابا وماما تماما ولكن ..."
+
تنهدت ثم قالت بألم خفي :-
+
" كنت ذكيا بما يكفي لتتركها الى وقت أفضل .. وقت يجب أن تظهر ... وكأنك كنت ترى المستقبل ... كنت تعلم إنني سأتزوج من فادي رغم رفض عائلته ... لم يكن هناك وقت أفضل من هذا لتظهر تلك الحقائق أمامي ... أجدت تسديد الضربة في الوقت المطلوب ... أهنئك مجددا .."
+
ابتسم بقوة قبل أن يهتف :-
+
" ألم أخبرك إنك شبيهتي ...؟! حتى أدركت غايتي من كل هذا دون أن أنطقها ..."
+
أضاف وعيناه تلمعان بنظرة ماكرة :-
+
" شعور بشع ، أليس كذلك ...؟!"
+
نظرت له بوجوم ليضيف بإبتسامة باردة :-
+
" أن تكوني عاجزة عن محاسبة من تسبب لك بهذا الألم لإنهما ليسا هنا .. لم يعدا موجودين ..."
+
انتفضت من مكانها ترفض سماع المزيد عندما قالت بثبات مقررة انهاء هذه الزيارة التي طلبتها بنفسها :-
+
" أنت نجحت فيما سعيت إليه ... ولكن عليك أن تعلم إنني رغم كل شيء ... رغم كل ما فعلته سابقا ... بقي داخلي جزءا خفيا يرفض أن يقصيكِ تماما من حياتي .. بقيت أراك أخي رغم كل شيء ولكن الآن ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت بحسم :-
+
" أنت إنتهيت بالنسبة لي ... وصدقني يا عمار لو لم تكن في السجن لما مررت فعلتك هذه بسهولة ..."
+
مالت نحوه وإبتسامة شيطانية تحتل ثغرها وهي تخبره بقسوة :-
+
" أنت قلتها قبل قليل بنفسك ... أنا شبيهتك ... شبيهتك التي لن تسمح لأي شخص آذاها أن يحيا بعدها بسهولة ... شبيهتك التي عندما تقرر الإنتقام تنتقم بطريقة تشابه بشاعة طرقك في الإنتقام ..."
+
انتصبت بقامتها تمنحه نظرة مظلمة أخيرة وهي تتحرك خارج المكان برأس شامخ يتابعها هو بعينين هادئتين وما رأه قبل قليل أعجبه ..
+
غالية الخولي ..
+
أخته التي تحمل نفس دماؤه ..
+
شبيهته كما كان يراها دائما ...
+
تحمل قوته .. صلابته .. كبريائه وغروره ..
+
والأهم جبروته ...
+
***
+
في المشفى ...
+
كان شريف يقف بجانب إحدى الطبيبات حديثات التخرج يتحدث معها بشأن إحدى الحالات المرضية حيث يمنحها وصايا مهمة كونها ستتابع تلك الحالة تحت إرشاده ...
+
تقدمت مها نحوه ورغما عنها شعرت بغيرة حارقة عندما رأته يمنح تلك الطبيبة الشابة إبتسامة ودودة بينما بدت الأخيرة وكأنها تشكره بعدما تناولت ملف الحالة منه وتحركت عائدة الى عملها ..
+
رفع وجهه ليراها أمامه فمنحته إبتسامة هادئة تخفي غيرتها من هذا الموقف البسيط وهي تسير نحوه بخطواتها الواثقة قبل أن تهتف ما إن وقفت أمامه مباشرة :-
+
" صباح الخير يا دكتور ..."
+
أجابها بهدوء دون أن يمنحها إبتسامته الرسمية كالعادة :-
+
" صباح النور دكتورة مها ..."
+
هتفت بجدية وقد أزعجها ذلك اللقب الذي وضعه قبل اسمها :-
+
" أتيت لأجل البارحة ..."
+
تنهدت ثم قالت :-
+
" أعتذر حقا .. لم أقصد ما فعلته ..."
+
قال شريف بجدية :-
+
" تصرفك لم يكن مقبولا يا مها .. كما إنه يجذب الإنظار ويتسبب بأحاديث نحن في غنى عنها ..."
+
اومأت برأسها والوجوم احتل ملامحها فهتف محاولا تلطيف الجو :-
+
" تقبلي نصيحتي فأنا أكبر منك سنا وأعرف كيف يتعامل الناس مع هذه التصرفات وكيف يفسرونها ..."
+
ابتسمت بخفة وهي تخبره :-
+
" حسنا .. أنا في العادة لا أتقبل النصائح بل لا أحب أن يسعى أحدهم لنصحي ولكن منك أنت الأمر مختلف .. سأتقبل نصائحك بل والتزم بها ..."
+
كح بخفة وقد شعر بتوتر كلي من حديثها الذي يزداد صراحة مع مرور الأيام بينما قالت هي بعدها :-
+
" كنت أريد التحدث معك عن شيء يخص العمل .."
+
" تفضلي ..."
+
قالها بجدية لتخبره بسرعة :-
+
" في غرفتك سيكون الحديث أفضل ..."
+
أضافت وهي تبتسم بتروي :-
+
" يمكنك أن تسبقني أنت بينما سأجلب أنا القهوة لكلينا ..."
+
اضطر أن يومأ برأسه موافقا وهو يتحرك متجها الى غرفته تتابعه هي بعينيها والإصرار داخلها يتزايد كل يوم كما يتزايد إعجابها نحوه ...
+
هي ترى فيه الرجل الذي تمنته دائما ...
+
الرجل المثالي ...
+
الرجل المناسب لها ...
+
الرجل الذي يمتلك جميع الصفات التي أرادتها في زوجها المستقبلي ...!
+
دلفت بعد مدة قصيرة الى الغرفة وهي تحمل كوبين من القهوة ومعهما قطع من البسكويت المملح كما يفضل هو ...
+
رفع بصره نحوها ما إن وطأت بقدميها أرضية الغرفة لتبتسم له بتلقائية ...
+
ابتسم لها برزانة كعادته عندما تقدمت نحوه بتلك الصينية التي تحملها وهي تهتف :-
+
" أتيت بالقهوة والبسكويت أيضا .. أنت بالتأكيد تشعر بالجوع مثلي ..."
+
هتف بصدق :-
+
" لن أنكر ذلك ..."
+
وضعت كوب القهوة أمامه ثم حملت البسكويت بعده ووضعته هو الآخر أمامه وهي تردد بنفس الابتسامة :-
+
" جلبت البسكويت المملح الذي تفضله ..."
+
" أشكرك يا مها ..."
+
قالها بنفس الابتسامة ولم تغب عنه جملتها التي يدرك إنها ليست عفوية أبدا ...
+
رغم عدم مرور مدة طويلة على معرفته بها لكنه بات يفهم عليها كثيرا ...
+
هي فتاة ذكية وقوية ...
+
جميلة ...
+
و عنيدة كثيرا ...
+
التقط كوب قهوته يرتشف منه ببطأ بينما تجلس هي قباله تحاوط كوبها بكفيها ترتشف منه هي الأخرى عندما نطقت أخيرا :-
+
" العملية القادمة مهمة للغاية ..."
+
قالتها بثرثرة وهي تضيف :-
+
" بابا أخبرني عنها قليلا ..."
+
هز رأسه مرددا :-
+
" نعم ، عملية خطيرة قليلا ونسبة نجاحها ليست كبيرة ..."
+
" بابا يثق بك ... يقول إنك ستنجح كالعادة .. "
+
قالتها بجدية وهي تضيف بصدق :-
+
" هو معجب بذكائك و قدراتك الطبية كثيرا ..."
+
" يسعدني ذلك حقا .. الدكتور قاسم مثلي الأعلى في هذا المجال .. هو ليس فقط أستاذي بل قدوتي ايضا ..."
+
تمتمت بحماس :-
+
" طالما إنك تحب بابا لهذا الحد فعليك أن تعتني بإبنته جيدا ، أليس كذلك ...؟"
+
ارتبك للحظة قبل أن يحمحم قائلا :-
+
" بالطبع .. لستِ وحدك بل انا أهتم بأي شخص من طرف الدكتور قاسم ... "
+
قاطعته بغرور مفتعل :-
+
" انا لست مثل أي أحد... انا ابنته ... ابنته المفضلة أيضا ... أهم شخص في حياته ..."
+
اكتفى بايماءة صامتة دون رد عندما أضافت تتسائل :-
+
" إذا ، هل ستفعل لي ما أريده ...؟! هل ستقبل طلبي أم ترفضه وتتسبب بحزني ...؟!"
+
تنهد بصمت ثم قال بتردد وطريقتها في الحديث لم تنل اعجابه :-
+
" وما هو طلبك يا مها ..؟!"
+
أجابته بابتسامة عريضة :-
+
" أريد حضور هذه العملية معك .. "
+
صمت لوهلة مفكرا في طلبها عندما قالت بسرعة ورجاء :-
+
" فقط سأتواجد معك ... سأتابع بصمت ... من فضلك وافق فأنا أريد ذلك بشدة ..."
+
تنهد ثم قال مجبرا :-
+
" حسنا يا مها ... لن أرفض ... يعني وجودك ومتابعة العملية لن يؤثر علينا .. "
+
ابتسمت بإنتصار مفكرة إن كل الأمور تجري كما تخطط لها وقريبا جدا سيكون شريف لها ..
+
بينما تنهد هو بصمت وغاب في أفكاره بعيدا يبحث عن طريقة يبعد بها مها عن طريقة بعدما بات يدرك جيدا نواياها التي لا تروقه مثلما يدرك إنها ليست هينة على الإطلاق وعلى ما يبدو إنها ما إن تضع شيئا في رأسها حتى تفعل كل ما بوسعها لتناله ..
+
وفي خضم أفكاره شرد مجددا بتلك الفاتنة ...
+
جمالها الطاغي .. أناقتها المبهرة ... غرورها الفطري ...
+
أنثى خطفت بصره كليا وسيطرت على أفكاره تماما .. أنثى لا يعرف أي شيء عنها سوى شكلها الذي حفظه عن ظهر قلب ..
+
***
+
بعد مرور ثلاثة أسابيع ..
+
يوم الزفاف ...
+
فتحت عينيها بإرهاق بعد ليلة كاملة قضتها بنوم متقطع وأحلام متفرقة لا تتذكر معظمها ...
+
كان توترا منطقيا ... اليوم زفافها ... !
+
ورغما عن كل شيء هي متوترة ...
+
لعدة أسباب ...
+
كيف سيكون الحفل ..؟!
+
هل سيظهر بالشكل الذي أرادته ...؟؟
+
كنان وعدها بأنه سيكون كما أرادت بل وأفضل وهي بدوها عملت طوال الأسابيع الثلاثة الفائتة على ذلك مع والدتها وشقيقتها وكذلك علياء التي تولت أمر مساعدتهم ولم تتركهن أبدا فكانت نعم العون لهم ولم تتوقف عن التعبير بمدى سعادتها لهذه الزيجة ...
+
كانت سعيدة بحق ... سعادتها واضحة دون تصنع ...
+
أما شريفة نصار فقامت بدعوتها مع عائلتها الى قصرهم حيث ذهبت العائلة قبل إسبوعين وهي استقبلتهم بشكل يليق بها وبهم ...
+
تعرف إنها ليست راضية فعليا عن هذه الزيجة لكنها لا تستطيع أن تقول شيئا فالمرأة تصرفت بما يقتضيه الواجب ..
+
رحبت بها وبعائلتها وتحدثت برقي عن كونهم باتوا عائلة واحدة بعد النسب المشترك بينهم ...
+
وبالطبع أعطت رأيها في أمور عديدة تخص الزفاف مقترحة بعض الأشياء والغريب إن ذوق ليلى ناسب ذوق شريفة هانم فاتفقنا على عدة أمور مما لاقى استحسان شريفة التي عبرت عن إعجابها بذوقها الراقي ...
+
ما زالت العلاقة متحفظة بينها وبين شريفة لكنها لا تهتم طالما الإحترام يسود هذه العلاقة ...
+
والده كمال نعمان كان سعيدا بدوره حيث استقبلهم بترحيب حار وهو يبارك لها بفرحة صادقة ويعبر لها عن مدى سعادته بكونها ستصبح كنتهم ...
+
الشقيق الأصغر رحب بها بدوره وكان يبدو سعيدا مثل والده وشقيقته ...
+
في الحقيقة الجميع كان لطيف للغاية حتى زوج علياء والذي يكون ابن خال كنان في نفس الوقت وصديقه المقرب منذ الطفولة كما تعرفت على طفليها الشقيين وأحبتهما كثيرا بينما خطفت تلك الصغيرة التي تحمل حروف اسمها " ليلا " قلبها بحق ...
+
ورغم قصر المدة المتاحة قبل الزفاف ورغم إنها بذلت مجهودا خرافيا مع عائلتها لإنجاز كل شيء إلا إنها لم تنسَ أو تغفل عن أي شيء ...
+
اختارت الإستقرار في قصر كنان الذي يعيش به منذ أعوام وغيرت أثاث القصر بالكامل على ذوقها وقد ساعدها كنان بذلك بل كان معها طوال الوقت ...
+
أما فستان الزفاف فصممه لها أحد أشهر المصممين العالميين والذي وافق على تجهيز الفستان بسرعة بعدما حصل على مبلغ مادي ضخم للغاية بينما اختارت ليلى الفستان الثاني من إحدى أشهر الماركات العالمية وقد وصل خصيصا من باريس قبل خمسة أيام من الزفاف ....
+
سمعت صوت طرقات الباب فاعتدلت في جلستها وهي تمسح وجهها بتعب ...
+
سمحت للطارق بالدخول فدلفت مريم مبتسمة وهي تردد :-
+
" صباح الخير ..."
+
أجابت ليلى بهدوء :-
+
" صباح النور ..."
+
اتجهت مريم تفتح الستائر وهي تردد بحماس :-
+
" أعتقدت إنك أخذتِ وقتا كافيا للنوم .. يجب أن تستدعي بسرعة قبل وصول فريق التجميل ..."
+
تثائبت ليلى فتقدمت مريم نحوها وهي تتسائل بدهشة :-
+
" هل تشعرين بالنعاس ...؟!"
+
تمتمت ليلى وهي تستند برأسها الى الخلف :-
+
" قليلا ..."
+
" ألم تنامِ جيدا البارحة ..؟!"
+
سألتها مريم باهتمام لتجيب ليلى بخفوت :-
+
" ليس تماما .. استيقظت عدة مرات خلال الليل ..."
+
قالت مريم بجدية :-
+
" أنت متوترة .."
+
اومأت ليلى برأسها وهي تجيبها :-
+
" أنا العروس يا مريم .. أليس توتري أمرا طبيعيا ...؟!"
+
تأملتها مريم بصمت بينما أضافت ليلى بصدق :-
+
" هذا غير المجهود الخرافي الذي بذلته في الأسابيع الثلاثة الماضية في التحضير لكافة التفاصيل ..."
+
تنهدت مريم قبل أن تهتف مشاكسة :-
+
" أنتِ السبب... كان بإمكانك أن تؤخري الزفاف قليلا ..."
+
ابتسمت ليلى تهتف بخفوت :-
+
" كنان أراد ذلك ..."
+
أضافت بوجنتين متوردتين :-
+
" وأنا إقتنعت بذلك ووافقت .. لم أجد هناك داعي للتأخير ..."
+
سألتها مريم بتروي :-
+
" أنت سعيدة ، أليس كذلك ..؟! يعني لست مترددة أو تشعرين إنك إستعجلت ...؟!"
+
أجابت ليلى على الفور :-
+
" إطلاقا ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
+
" أنا تغيرت يا مريم ... تغيرت لدرجة إنني لم أكن لأسمح بأن أدخل أي علاقة دون أن أثق تمام الثقة بصحة قراري وقدرتي على إنجاح هذه العلاقة ... "
+
" أنت تحبين كنان ..؟!!"
+
سألتها مريم بإهتمام لتبتسم ليلى وهي تجيب ببساطة :-
+
" الحب ليس كل شيء يا مريم ... الحب ليس أساس نجاح العلاقات حولنا ... حسنا دعك من مشاعري لكن يكفيني أن أخبرك إن كنان هو الرجل الذي أريده ... الرجل الذي أريده أن يكون شريك حياتي وأب أولادي ... الرجل الذي أريد أن أقضي ما تبقى من عمري معه ..."
+
تنهدت تضيف وإبتسامتها ما زالت تعلو ثغرها :-
+
" يكفيني إنه الرجل الذي أشعر بالأمان في وجوده ... يكفيني إنني أثق بكونه صادق وقوي .. يحبني ويحترمني ... هل تعلمين ...؟!"
+
توقفت ليلى لوهلة بينما مريم تستمع لها باهتمام لتضيف الأخيرة :-
+
" ربما كنان لا يشبه رجل أحلامي ...هو ليس الرجل العاطفي الشاعري .. ليس رجلا لطيفا مرحا .. هو قوي .. حازم وعملي ... لكنه يناسبني ... يعجبني ... لو كنت ليلى القديمة ما كنت لأنجذب له ... كانت نظرتي محدودة .. أبحث عن رجل عاطفي للغاية يحبني بجنون .. رجل رومانسي جدا يشبه أبطال الأفلام الرومانسية ... ولكن الآن كل شيء تغير .. كنان هو الرجل الذي يناسبني .. هو الرجل الذي أريده ... هو الرجل الذي يحبني بحق ويريدني بحق حتى لو لم يهبط على قدميه أمامي ويقدم خاتمه لي .. حتى لو لم يلقِ الشعر على مسامعي ... كنان رجل مختلف .. حبه مختلف .. حبه مثله .. قوي .. جارف ... حتى حنانه مختلف .. رجل لا تشعرين بالخوف وأنت جانبه ... رجل يمنح بطريق مختلفة ... رجل يبدو خشنا متسلطا حاد الطباع لكنه يمتلك قدرة على العطاء رهيبة وصبر لا محدود وعشق لا نهاية له ..."
+
أنهت حديثها لتجد شقيقتها تتأملها بعينين متسعتين لتهمس بخجل لا ارادي :-
+
" لماذا تنظرين إلي هكذا ...؟!"
+
هزت مريم رأسها نفيا بسرعة وهي تجيب :-
+
" أبدا .. أنا فقط منبهرة .. "
+
" مم منبهرة ...؟؟"
+
سألتها ليلى بحيرة لتهتف مريم ببساطة :-
+
" منبهرة مما تقولينه .. حديثك عنه .. وصفك له ... نظرتك له ..."
+
ابتسمت وهي تنهض من مكانها تقف قبال شقيقتها قبل أن تتفاجئ ليلى بها وهي تعانقها ...
+
ابتعدت بعد ثواني وهي تهتف بسعادة غريبة مختلفة عن سعادتها الأيام السابقة ، سعادة جارفة تشع من كل جزء فيها :-
+
" أنا سعيدة يا ليلى .. سعيدة للغاية ... الآن فقط إطمئنيت... الآن فقط يمكنني أن أستعد لحفل زفافك بكامل فرحتي بل أرقص وأغني وأفعل كل شيء وأنا في أوج فرحتي وكامل إطمئناني ..."
+
تطلعت ليلى لها ببلاهة فتضيف بنفس الفرحة المريبة :-
+
" أنا حتى أصبحت أحب كنان كثيرا ... أنا حتى سأراقصه مساءا من شدة فرحتي به .."
+
" مريم ..!"
+
قالتها ليلى وهي غير مستوعبة ما تتفوه به شقيقتها عندما قالت مريم وهي تهم بالتحرك خارجا :-
+
" اعذريني يا ليلى ... أنا يجب أن أغادر فورا ... لدي يوم طويل ... أعتقد إنني بذلت مجهودا خرافيا معك طوال الأسابيع السابقة ... أنا أيضا يجب أن أبدو بأفضل هيئة ..."
+
شمخت بذقنها وهي تهتف :-
+
" فأنا شقيقة العروس .. شقيقتها الوحيدة.."
+
تابعتها ليلى بذهول عندما فتحت الباب تهم بالمغادرة لتجد والدتها في وجهها تسألها :-
+
" هل استيقظت ليلى ..؟!"
+
قالت مريم بسرعة وهي تهم بالمغادرة :-
+
" نعم ، استيقظت .. وأنا يجب أن أذهب حالا لأستعد جيدا من أجل الليلة .."
+
ثم انطلقت بحماس تتابعها والدتها هي الأخرى بدهشة عندما دلفت الى الداخل تسأل ليلى بذهول :-
+
" ماذا حدث ..؟! ما بها اليوم ..؟! تبدو غريبة ...!!"
+
هزت ليلى كتفيها بعدم إدراك لتتنهد فاتن قبل أن تتقدم نحو ابنتها بإبتسامة هادئة تخبرها :-
+
" هيا يا عزيزتي .. انهضي واستعدي ... خذي حمامك أولا ... فريق التجميل قارب على الوصول .. "
+
هزت ليلى رأسها مبتسمة بهدوء فأبعدت عنها الغطاء ونهضت من مكانها تحتضن والدتها التي ربتت على ظهرها بحنو قبل أن تتحرك بهدوء نحو الحمام تتابعها والدتها بعينين حانيتين ...
+
***
+
وصل فريق التجميل الى الفيلا ...
+
استقبلتهم الخادمة مرحبة بهم وأخذتهم الى غرفة الضيوف بينما ذهبت خادمة أخرى تخبر ليلى بوصولهم ...
+
وقفت ليلى أمام المرآة تضع كريم العناية على بشرتها وهي تخبرها :-
+
" عشر دقائق ودعيهم يدخلون ..."
+
ثم تحركت بروبها الكريمي الحريري وشعرها المبلل اتجاه الخزانة تخرج بعض حاجياتها عندما سمعت طرقات على باب الغرفة فسمحت للطارق بالدخول لتدلف احدى الخادمات وهي تحمل باقة ورد ضخمة للغاية تتقدم بها نحوها وهي تخبرها :-
+
" إنها لك يا هانم ..."
+
" ضعيها هناك ..."
+
قالتها وهي تشير نحو الطاولة لتتجه الخادمة وتضعها هناك ثم تستأذن وتخرج ...
+
اتجهت ليلى نحو الباقة تتأملها بإعجاب بورودها البيضاء الأنيقة ..
+
كانت باقة ضخمة مزينة بشكل جذاب للغاية تحمل زهورا بيضاء شديدة الجمال عندما سحبت البطاقة لتقرأ :-
+
" أنتظر الليلة بلهفة لا يمكنك تخيلها ... وأخيرا ستكونين معي .. تزينين قصري يا أميرتي الجميلة ... "
+
ابتسمت بسعادة وهي تعيد البطاقة مكانها مقررة أن تطلب من أحد رجال كنان الذين وصلوا منذ الصباح الباكر الى الفيلا حيث أخذوا مكانهم في الخارج استعدادا لمساعدتها فيما تريده وفي نفس الوقت لنقلها هي وعائلتها الى الفندق بعدما تنتهي من تجهيز نفسها كاملا وتصبح مستعدة للحفل ...
+
ستخبرهم أن يأخذوا تلك الباقة الى القصر مباشرة ...!
+
انتهت سريعا مما تفعله قبل أن تخبر الخادمة بدخول فريق التجميل حيث رحبت بهم ليبدأن الفتيات عملهن والذي اتفقت عليه مسبقا معهن حيث اختارت تسريحة شعرها ومكياجها وكل شيء ...!
+
***
+
هبط إياس درجات السلم متجها الى غرفة الطعام عندما وجد إبن عمه رأفت جالسا على المائدة وعلى ما يبدو إنه عاد هبط إياس درجات السلم متجها الى غرفة الطعام عندما وجد إبن عمه رأفت جالسا على المائدة وعلى ما يبدو إنه عاد من سفره مساء البارحة ...
+
" صباح الخير ..."
+
قالها وهو يتجه نحو الطاولة يأخذ مقعده على يسار جده الذي هتف مبتسما :-
+
" صباح النور يا عريس ..."
+
ابتسم إياس مجاملة ووجود رأفت لم يرقه ...
+
ألا يكفي وجود عمه الذي لو بيده لمنعه من حضور الحفل ..؟!
+
تأمل غياب والدته ليسأل جده :-
+
" أين ألفت هانم إذا ..؟!"
+
أجاب عمه عارف نيابة عن الجد :-
+
" أمك مشغولة منذ الصباح بخطبتك .. لم تتوقف عن مكالماتها خاصة مع والدة عروسك ..."
+
" إذا لم تنشغل لهذا الحد بخطبة ولدها الوحيد فمتى ستنشغل ..؟!"
+
قالها الجد وهو يبتسم لحفيده الذي تجاهل ما قاله بينما سحب قدح عصيره يرتشف منه القليل عندما أضاف الجد مشيرا الى رأفت :-
+
" من الجيد إنك أتيت يا رأفت ... كنت سأحزن كثيرا لو لم تحضر خطبة إبن عمك .."
+
رفع إياس بصره نحو رأفت لتلتقي عينيه الجامدتين بعيني رأفت الهازئتين وهو يهتف بود مصطنع :-
+
" كان لا بد أن أنهي عملي خارجا سريعا وأعود يا جدي ... هل يعقل ألا أحضر خطبة إبن عمي ..؟!"
+
أكمل يبتسم وهو يشير الى إياس :-
+
" مبارك الخطبة مقدما يا إياس ومبارك عليك نسب آل هاشمي .. أجدت الإختيار كعادتك ..."
+
تمتم إياس باقتضاب :-
+
" أشكرك يا رأفت والعقبى لك ..."
+
قال الجد مشيرا الى رأفت :-
+
" نعم يا رأفت ... بعد إياس سيأتي دورك ... "
+
أضاف مبتسما :-
+
" عسى أن تجلب عروسا رفيعة الأصل والمستوى كإبنة الهاشمي ..."
+
هتف رأفت بإبتسامة لم تصل الى عينيه :-
+
" وأنا أتمنى ذلك ... مع إنني لا أهتم كثيرا بأمر المستوى الاجتماعي ... ما يهمني أن أتزوج ممن إختارها قلبي ..."
+
أكمل وهو يميل لوالده مبتسما عن قصد :-
+
" أنا عاطفي قليلا ... مثل والدي ..."
+
تجهمت ملامح إياس كليا بينما هتف الجد منهيا هذا الحوار الذي أخذ إتجاها غير مرغوبا :-
+
" عسى الله أن يوفقك مع الفتاة المناسبة ...."
+
أضاف وهو يبتسم لإياس :-
+
" ويوفقك أنت يا إياس مع توليب ... "
+
قال إياس وهو يمنح جده إبتسامة واسعة رحبة عن قصد:-
+
" بإذن الله يا جدي ... توليب رائعة ... فتاة مثالية ... أنا محظوظ بها ..."
+
" يكفي مكانة عائلتها .. والدها وأشقاؤها .. نسبهم سيساعدك كثيرا مستقبلا من جميع النواحي ..."
+
قالها رأفت وهو يقضم قطعة من الجبن عندما قال إياس ببرود :-
+
" وهل أنا بحاجة لهم ولمكانتهم ..؟! على أساس إنني قليل المكانة ...؟!"
+
أضاف بتمهل ساخر :-
+
" أو على أساس إنهم كانوا سيمنحوني ابنتهم وحيدتهم لو لم أكن أوازيهم مكانة ..؟!"
+
" رأفت لا يقصد يا إياس .."
+
قالها عمه عارف ببرود ليهتف إياس بصرامة :-
+
" أنا لا أتحدث معك يا عمي ..."
+
هتف عارف بحزم :-
+
" لا تكن عديم الإحترام ..."
+
هم إياس بالرد لكن جده سبقه وهو يصيح بحزم :-
+
" ماذا جرى لكم ...؟! هل تلاحظون ما تفعلونه ..؟! أعتقد إن اليوم تحديدا لدينا أشياء أهم بكثير من تباديل أحاديث سخيفة لا أهمية لها ..."
+
نهض إياس من مكانه مرددا :-
+
" عن إذنك يا جدي .. أنا سأغادر لأتفقد الوضع العام وتفاصيل الحفل ... أعتقد هذا أفضل من الجلوس مع عمي وولده وسماع كلامهم هذا .. "
+
ثم تحرك دون أن ينتظر جواب جده عندما هتف عارف بوالده :-
+
" هل رأيت ما يفعله حفيدك يا أبي ...؟!"
+
هدر الجد بحزم :-
+
" يكفي يا عارف ... لم أجد داعيا لكل ما حدث ... أنت تعرف إنه لا يحبك ولا يحب ولدك .. دعه وشأنه ..."
+
" حسنا يا أبي .. ولكن تذكر جيدا إنك من جعلته يصبح هكذا .. يتكبر علينا ويتعامل بهذا الإسلوب مع الجميع ..."
+
قالها عارف بحنق بينما حمل رأفت عصيره يرتشف منه بإستمتاع مفكرا إنه نجح في تعكير مزاج العريس في يوم خطبته ..
+
***
+
دلفت توليب الى جناح مهند بعدما سمح لها بالدخول لتتسائل بدهشة :-
+
" مهند ، الخادمة قالت إنك تريدني حالا ..."
+
هتف بجدية وهو يشير لها أن تتقدم :-
+
" نعم ، أريدك في شيء هام ..."
+
نظرت له بإستغراب عندما وجدته يتجه نحو السرير ويحمل علبة مستطيلة ضخمة قائلا بتردد :-
+
" هذا الفستان .. اشتريته لجيلان ..."
+
نظرت له بدهشة ليضيف بتمهل :-
+
" تعلمين إنها ترفض الخروج من جناحها ..."
+
" نعم، مرت أسابيع وما زالت على موقفها ... حتى الطعام والشراب بالكاد تتناوله في جناحها .."
+
تنهد ثم قال :-
+
" أريدك أن تأخذي الفستان إليها وتطلبي منها إرتداؤه وحضور الحفل ..."
+
" لن تقبل يا مهند ..."
+
قالتها بأسف ليضع العلبة فوق السرير ويتقدم نحوها قائلا بجدية :-
+
" ولكنك بطريقتك المعتادة ستقنعينها ..."
+
أضاف برجاء :-
+
" من فضلك يا تولاي .. حاولي لأجلي ..."
+
تأملته بدهشة لكنها لم تعلق ...
+
تعرف مهند جيدا ...
+
هو بالتأكيد يرغم نفسه على كل هذا ..
+
من يصدق إن مهند الهاشمي يجلب فستانا لفتاة بل يرجوها أن تقنعها بحضور الحفلة ..؟!
+
هذه ليست طباع مهند لكنه على ما يبدو يجاهد لتغيير طباعه فقط لأجل جيلان وبالتالي لم يكن بوسعها الرفض خاصة وهي تريد بدورها مساعدة الصغيرة التي تنأى بنفسهم عنهم جميعا وترفضهم جميعا دون استثناء ...
+
هتفت وهي ترسم ابتسامة لطيفة معتادة على ثغرها :-
+
" حسنا يا مهند .. سأتحدث معها وأحاول قدر المستطاع إقناعها .."
+
ابتسم بإمتنان صادق قبل أن يقول بتنبيه :-
+
" لكن انتبهي .. قولي إنك من أتيت بهذا الفستان ... حسنا ..؟!"
+
" لماذا ..؟؟"
+
سألته بإستغراب ليهتف بجدية دون جدال :-
+
" افعلي ما أقوله من فضلك يا تولاي ..."
+
تنهدت وهي تومأ برأسها عندما أضاف بجدية :-
+
" هناك حذاء وحقيبة مع الفستان ... خذيهما أيضا ..."
+
قالت بجدية :-
+
" لأخذ الفستان أولا وأقنعها ثم أعطيها الحذاء والحقيبة ..."
+
أضافت وهي تتحرك بسرعة بعدما حملت العلبة :-
+
" سأذهب إليها الآن .. حسنا ..."
+
تابعها وهي تغادر متنهدا بصوت مسموع متمنيا أن تستطيع توليب بلطفها الشديد أن تقنعها مفكرا إنها عنيدة للغاية فهي منذ تلك الليلة وترفض مغادرة الجناح تماما ...!
+
وهو بدوره لم يصل إلى جناحها ولو لمرة ..
+
ابتعد عنها تماما بل فعليا كان بعيدا عن الجميع ...
+
تعمد أن يغرق نفسه في العمل طوال اليوم بينما ينفرد بنفسه مساءا في جناحه يفكر في حديث والده محاولا الوصول الى قرار صائب ...
+
هل يتزوجها ..؟!
+
ولو فعل ذلك ، هل يستطيع حقا أن يساعدها ..؟!
+
هذا القرار ليس هينا ...
+
قرار لا يمكن أن يتخذه بسهولة ...
+
عليه أن يكون حذرا للغاية كما قال والده ...
+
وهو كذلك ...
+
يجلس مع نفسه يوميا ..
+
يتسائل عن مدى قدرته على ذلك ...
+
يتسائل إذا ما كان يستطيع مساعدتها ...
+
يتسائل مرارا دون أن يصل الى جواب نهائي فالتردد ما زال يسيطر عليه ...
+
والخوف يتمكن منه ...
+
ناهيك عن كونه لا يريد الزواج ...
+
يكره هذا القيد كليا ...
+
يحب حياته الحالية حيث يحيا حرا دون قيود ...
+
لا يحتاج ليربط نفسه وحياته بإمرأة ...
+
ولكن ماذا عن جيلان وما تعيشه ...؟!
+
ماذا عما وصلت إليه وعن ذنبه بحقها ..؟؟
+
هل يتجاهل كل ذلك ناصرا راحته الشخصية وحريته التي يسعد بها ..؟!
+
هل يتجاهل ذنبه الذي يقيده ...؟!
+
هو لا يستطيع أن يتجاهل ذنبه مثلما يجد نفسه غير راغبا في التخلي عن حريته وربط حياته بها والتقيد بزيجته منها ..
+
***
+
في جناحها كانت جيلان تجلس على السرير ترسم بتركيز متجاهلة كل شيء حولها ...
+
كانت منعزلة عن الخارج تماما ..
+
اكتفت ببقائها في جناحها رافضة مغادرته ...
+
عمها يظن إنها ستهبط إليه خاضعة تخبره إنها ستفعل ما يريد ولكنها لن تفعل ...
+
ستبقى هنا معتصمة في جناحها حتى يمل ويتقدم هو إليها ويحاول أن يجد حلا معها وحينها ستستغل الموقف جيدا لصالحها وإذا لم يمل فستضطر أن تنفذ احدى خططها التي خططت لها بحرص الأسابيع الفائتة ..
+
توقفت عما تفعله وهي تسمع طرقات على باب الجناح ...
+
زفرت أنفاسها بضيق وهي تنهض من مكانها متجهة الى الباب تفتحه بتجهم لتتفاجئ بتوليب أمامها تحمل علبة ضخمة في يدها وتبتسم لها بإتساع ...
+
هتفت وهي ما زالت مبتسمة :-
+
" صباح الخير ..."
+
ردت جيلان بوجوم :-
+
" صباح النور ..."
+
" هل يمكنني الدخول ...؟!"
+
سألتها توليب بنفس الإبتسامة الواسعة لتهتف جيلان مرغمة :-
+
" تفضلي .."
+
دلفت توليب الى الداخل وسارعت تضع العلبة فوق السرير بينما أغلقت جيلان الباب وتقدمت الى الداخل تتأملها بنفس الوجوم ..
+
وجدت توليب تتتقدم نحوها وتقف قبالها تهتف بنفس الإبتسامة اللطيفة التي لم تترك ثغرها :-
+
" هل يمكنني أن أطلب منك طلب ..؟؟"
+
نظرت جيلان لها بحذر قبل أن تومأ برأسها لتهتف :-
+
" اليوم خطبتي وأنا سعيدة حقا ولكن..."
+
توقفت للحظة ثم أكملت بصوت مبحوح صادق :-
+
" ولكن سعادتي ينقصها وجودك يا جيلان ..."
+
أرادت جيلان أن تتحدث لتوقفها توليب بصوتها الناعم :-
+
" اسمعيني من فضلك ..."
+
صمتت جيلان بنفس الوجوم عندما أكملت توليب بنبرتها الرقيقة :-
+
" أنت ابنة عمي الوحيدة يا جيلان ... هل يُعقل ألا تحضري خطبتي ...؟! أنا أعلم موقفك من والدي ومن أشقائي راغب ومهند ولكن ما علاقتي أنا ..؟! لماذا ترفضيني كما ترفضيهم ..؟!"
+
فوجئت جيلان بها تقبض على كفها وهي تهمس بها برجاء :-
+
" انا لا دخل لي بما يفعله بابا ... أنا أريدك أن تحضري خطبتي .. خطبة إبنة عمك الوحيدة ... يمكنك بعدها أن تعودي الى جناحك وتنعزلي به مجددا لكن شاركيني فرحتي اليوم على الأقل ... "
+
أضافت وهي تشير الى الفستان بينما ما زالت تمسك كفها :-
+
" اشتريت هذا الفستان لك .. أتمنى أن ينال إعجابك ..."
+
نظرت جيلان نحو الفستان بتردد قبل أن تعود ببصرها نحو توليب التي وجدتها تنظر إليها برجاء حاني ..
+
كم من الصعب أن يرفض المرء طلبا من فتاة لطيفة رقيقة كتوليب ...؟!
+
يصعب عليها جدا إحراجها ..!
+
همست جيلان بصوت متحشرج :-
+
" أنا لدي فساتين أساسا ..."
+
صاحت توليب بعدم تصديق :-
+
" معنى حديثك إنك ستحضرين ... "
+
أرادت جيلان أن ترفض لكن توليب سارعت تخبرها وهي تقبض على كفها مجددا رافضة أن تمنحها الفرصة لتعترض :-
+
" انظري الى الفستان أولا وإذا لم يعجبك ارتدي غيره من خزانتك ... "
+
اتجهت بعدها نحو العلبة تخبرها وهي تحملها :-
+
" انتقيته بنفسي لكِ .. أتمنى أن يعجبك .. وإذا لم يعجبك يمكنك أن ترتدي غيره دون أن تشعرين بالخجل مني ..."
+
" حسنا ..."
+
قالتها جيلان مرغمة عندما هتفت توليب بعدها :-
+
" هناك حذاء وحقيبة مع الفستان سأرسلهما مع الخادمة لك .."
+
أضافت بعدها :-
+
" بالنسبة لشعرك وزينة وجهك فما رأيك أن أرسل لك احدى فتيات فريق التجميل لتصفف شعرك وتضع المكياج لوجهك ...؟!"
+
قالت جيلان بسرعة :-
+
" كلا ، لا داعي لذلك ... أنا أجيد فعل ذلك بنفسي ..."
+
" كما تريدين ..."
+
قالتها توليب بإبتسامة هادئة ثم أضافت بعدها :-
+
" سأتركك الآن لتبدئي بتحضير نفسك لأجل المساء ..."
+
اومأت جيلان برأسها دون رد عندما وقفت توليب أمامها تتأملها بحنو قبل أن تعانقها برقة فاجئت جيلان لوهلة قبل أن تبتعد عنها وهي تخبرها بنبرة صادقة :-
+
" شكرا لإنك ستحضرين حفل الليلة .. شكرا كثيرا يا جيلان ..."
+
بالكاد رسمت جيلان ابتسامة مرتعشة على ثغرها وهي تجيب بصوت مبحوح :-
+
" عفوا ..."
+
غادرت بعدها توليب الجناح بينما اتجهت جيلان نحو الفستان ...
+
أخرجته من العلبة وتأملته لتجده فستان أنيق للغاية يحمل علامة إحدى أشهر الماركات العالمية ..
+
أعجبها الفستان جدا لذا قررت أن ترتديه عندما تطلعت الى نفسها بالمرآة وهي تضع الفستان فوق جسدها لتتنهد بصوت مسموع مفكرة إنها لا بد أن تبدأ بتحضير نفسها استعدادا لحفل الليلة الذي لم تفكر إطلاقا في حضوره ...!
+
***
+
دلفت فاتن الى غرفة ليلى بينما الفتاة تضع اللمسات الأخيرة لها ...
+
وقفت تتأملها بعينين ترقرقت الدموع فيهما عندما لمحتها ليلى وهي تقف قرب الباب لتبتسم بحنو عندما أشارت لها الفتاة لتضع اللمسات النهائية كي تصبح مستعدة للذهاب الى الفندق ..
+
انتهت الفتاة أخيرا لتشكرها ليلى بإبتسامة ودودة ثم تشكر بقية الفتيات اللواتي باركن لها وقد أثنوا على جمالها ورقتها بفستانها المميز ...
+
غادرن بعدها بعدما ودعتهن فاتن وهي تشكرهن بدورها ...
+
نهضت ليلى من مكانها بفستانها الثقيل قليلا بينما والدتها تتقدم نحوها فوقفت أمامها مباشرة لتقرأ بعض السور القرآنية عليها قبل أن تعانقها وهي تهمس بدموع ملأت حدقتيها :-
+
" مبارك صغيرتي ... لو تعلمين كم أنا سعيدة لأجلك ... "
+
أضافت وهي تبتعد عنها بينما كفيها تحتضنان وجهها بخفة :-
+
" برغم حزني لإنك سوف تبتعدين عني ... لكنني سعيدة وأنا أراك عروس رائعة ستزف لعريسها الذي يليق بها وتليق هي به ..."
+
ترقرقت الدموع في عيني ليلى وهي تهمس بصوت متحشرج :-
+
" سأشتاق لك كثيرا ..."
+
هتفت فاتن بسرعة :-
+
" لا تبكي .. إياك أن تبكي ..."
+
أكملت وهي تنظر إليها بحب لا نهاية له :-
+
" وأنا أيضا سأشتاق لك ولكن ..."
+
أخذت نفسا عميقا بعدها لتضيف :-
+
" ولكن هذه سنة الكون .. أنت تستحقين أن يكون لديك عائلتك .. زوج يحبك وأولاد كثر تفرحين بهم ومعهم ..."
+
ابتسمت وهي تضيف بصدق :-
+
" أنت تستحقين كل السعادة يا صغيرتي ..."
+
تنهدت مضيفة :-
+
" لا أقول هذا فقط لإنك ابنتي ... بل لإنك نقية .. قوية ... عطوفة ومتفانية ... لإنك تمتلكين قلبا أبيض وحنانا لا مثيل له .. لإنك تحبين الجميع وتفعلين كل ما بوسعك لحماية من حولك ودعمهم ... لإن كنان سيتزوج من أنثى جميلة وقوية وحنونة .. أنثى دافئة وزوجة صالحة وأم رائعة ..."
+
" هذا كثير ..."
+
قالتها ليلى بصوت مبحوح رقيق قبل أن تقبلها على جبينها ثم تهمس لها :-
+
" أنا هكذا بسببك ... لإنني إبنتك .. ورثت عطائك وحنانك ... لإنكِ من ربيتني ... لإنك من غرست هذه الصفات بي ... "
+
" حسنا يكفي ..."
+
قالتها فاتن وهي تجاهد لكبح دموعها لتضيف مازحة :-
+
" الليلة زفافك .. لا يجب أن نبكي أبدا .. سنفرح فقط ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
+
" عسى أن تكون أيامك القادمة كلها سعادة وفرح ..."
+
عانقتها ليلى بحب وحزن في نفس الوقت بينما تجاهد هي الأخرى لمنع دموعها من التساقط فتفسد زينة وجهها ...
+
***
+
في أحد أشهر الفنادق في البلاد ...
+
كانت ليلى تجلس في الغرفة المخصصة لها ..
+
غرفة واسعة وفخمة للغاية مجهزة كاملا ومعها فتاتين تبقيان معها في حالة احتاجت أي شيء قبل الحفل ...
+
معها شقيقتها وعلياء التي تأتيها بين الحين والآخر ....
+
والدتها تستقبل الضيوف مع والدها ووالدي كنان ....
+
كنان بدوره في غرفة مجاورة ومعه شقيقه وزوج شقيقته وأقرب أصدقائه ...!
+
هتفت مريم وهي تلتقط عدة صور لها :-
+
" يا إلهي كم تبدين جميلة ...."
+
في نفس اللحظة دلفت علياء وهي تهتف :-
+
" ربع ساعة وسيأتي والدك يا ليلى لتخرجي معه الى القاعة .."
+
توترت ملامح ليلى لا إراديا وهي تسأل شقيقتها :-
+
" هل كل شيء على ما يرام ..؟! زينة وجهي ما زالت كما هي ..؟!"
+
قالت مريم وهي تتأملها بحرص :-
+
"كل شيء رائع ..."
+
بينما هتفت علياء مبتسمة :-
+
" تبدين جميلة للغاية ..."
+
أضافت ضاحكة :-
+
" أعلم إنني قلتها كثيرا اليوم ولكنكِ ماشاءالله جميلة جدا ..."
+
شكرتها ليلى برقة عندما سمعوا صوت طرقات على الباب فسارعت علياء تفتح الباب لتهتف بدهشة :-
+
" ماما ..."
+
" أتيت لرؤية ليلى قبل الزفاف ...."
+
قالتها شريفة وهي تخطو الى الداخل بينما تحمل معها علبة زرقاء عندما نهضت ليلى من مكانها بسرعة تستقبلها ...
+
تقدمت شريفة نحوها ووقفت تتأملها بآعجاب وهي تخبرها بصدق :-
+
" ماشاءالله .. جميلة للغاية .. "
+
أكملت وهي تفتح العلبة التي تحتوي على طقم ماسي ثمين للغاية طلبت تصميمه خصيصا لليلى من مصممها الشخصي وقالت :-
+
" أتمنى أن تعجبك هديتي لك .. حاولت أن يكون تصميمه يشبه ذوقك قدر المستطاع ..."
+
تأملته ليلى بإنبهار لحظي فالطقم كان رائعا للغاية لتهمس بصدق :-
+
" إنه رائع ...."
+
أكملت تبتسم لها :-
+
" شكرا لك ..."
+
مالت شريفة نحوها تقبلها من وجنتيها ثم قالت بإبتسامة رزنة :-
+
" أعلم إنه لا يمكنك إرتداؤه الآن ..."
+
قالت ليلى وهي تلمس العقد الماسي الذي يزين رقبتها والذي أهداه كنان لها بعدما طلب تصميمه من أحد أشهر المصممين وقد أرادها أن تختار التصميم الذي تفضله بنفسها :-
+
" نعم ، أنا أرتدي هذا الطقم الذي طلب كنان تصميمه خصيصا لهذا اليوم ..."
+
" رائع .. ذوقك رائع كالعادة .."
+
قالتها شريفة بصدق لتهتف ليلى بنعومة :-
+
" في الحقيقة كنان اختاره ... وأنا أعجبني بدوري ..."
+
ابتسمت شريفة وهي تمنح العلبة الزرقاء لمريم بعدما أغلقتها ثم قبضت على كف ليلى التي نظرت لها بتوتر لا ارادي لتهتف بجدية :-
+
" انتظرت هذا اليوم طويلا يا ليلى ... يوم زفاف كنان ..."
+
تنهدت بعمق ثم قالت :-
+
" اهتمي بولدي جيدا .. هو يحبك حقا ... "
+
أضافت بإبتسامة هادئة :-
+
" وعليك أن تعلمي إنني أنتظر حفيدي منك بأقرب وقت ..."
+
توردت ملامح ليلى وهي تهمس بصوت متحشرج :-
+
" ان شاءالله ..."
+
ربتت شريفة على كتفها بهدوء قبل أن تشير الى علياء :-
+
" لنخرج نحن يا علياء .. والد ليلى سيأتي بعد دقائق ليأخذها ...."
+
تحركت علياء بجانب والدتها تتابعهما ليلى بعينيها وقد شعرت براحة فرغم كل شيء كان تصرف شريفة معها الليلة قمة بالرقي ...!
+
***
+
في قصر آل هاشمي ..
+
طرقت هالة على باب جناح جيلان التي صدح صوتها عاليا تسمح لها بالدخول ...
+
طرقت هالة على باب جناح جيلان التي صدح صوتها عاليا تسمح لها بالدخول ...
+
فتحت هالة الباب وتقدمت الى الداخل لتلتفت جيلان نحوها بكامل أناقتها فتتأملها هالة كليا قبل أن تطلق صفيرا عفويا وهي تتقدم نحوها تهتف بإبتسامة :-
+
" تبدين رائعة يا جيلان ..."
+
تمتمت جيلان بخفوت :-
+
"" شكرا ..."
+
أضافت وهي تتأمل هالة بجمالها الفاتن وفستانها الطويل الأنيق قائلة :-
+
" وأنت جميلة جدا ..."
+
" شكرا ..."
+
قالتها هالة بإبتسامة صادقة قبل أن تقول بسرعة :-
+
" تعالي لنذهب عند تولاي ..."
+
ثم سحبتها من كفها لتضطر جيلان أن تذهب معها الى جناح توليب التي كانت تجلس على الكرسي بينما الفتاة تضع اللمسات الأخيرة على زينتها ...
+
دلفت جيلان تتبع هالة لتتأمل توليب بإنبهار ...
+
هتفت توليب وهي تنظر نحو جيلان بإبتسامة :-
+
" تعالي يا جيلان ...."
+
تقدمت جيلان نحوها ثم قالت بعفوية :-
+
" أنت رائعة .. "
+
" حقا ..؟!"
+
سألتها توليب بسعادة لتهز رأسها وهي تضيف :-
+
" نعم وفستانك رائع ..."
+
" وأنت تبدين في غاية الجمال ..."
+
قالتها توليب وهي تتأملها لتبتسم جيلان بخجل عفوي عندما قالت هالة بسرعة :-
+
" سأترك جيلان معك يا تولاي وأذهب أنا أتفقد كل شيء وأسأل خالتي وهمسة إذا ما كانا يحتاجان لمساعدة ..."
+
أومأت توليب برأسها عندما تحركت هالة خارج المكان لتجد فيصل في وجهها يتأملها بإنبهار فتضحك بنعومة ...
+
" تعالي إلي .."
+
قالها وهو يمد كفه نحوها فتضع كفها في كفه ليجعلها تدور أمامه فيهتف بصدق :-
+
" ما هذا الجمال ...؟! "
+
أضاف وهو يضع يده كفه فوق موضع قلبه هاتفا :-
+
" قلبي الصغير لا يتحمل كل هذا الجمال ..."
+
أضاف مرددا جملته المعتادة :-
+
" لا سامح الله والدتي التي أرضعتك مع توليب وجعلتك أختي .. كان عليها أن تأخذ رأيي أولا ..."
+
ضحكت تخبره بمشاغبة :-
+
" الحمد لله إنني أختك يا فيصل وإلا ما كنت لتتركني وشأني وربما كنت سأكون إحدى ضحاياك ..."
+
غمز لها مشاكسا :-
+
" أو ربما العكس وأكون أنا أحد ضحايا فتنتك .."
+
ضربته على كتفه وهي تخبره :-
+
" متى ستأتي تلك التي توقعك في شباكها فتستسلم كليا لها ..؟!"
+
" مستحيل ..."
+
قالها بثقة وهو يضيف بغرور فطري :-
+
" أنا من يوقع الفتيات في شباكه ولن يحدث العكس ..."
+
" سنرى يا دنجوان عصرك ..."
+
هتفت بها وهي تتحرك مبتعدة بينما دلف هو الى الداخل ليتأمل كلا من توليب وجيلان بإنبهارفيطلق صفيرا عاليا قبل أن يهتف :-
+
" ما كل هذا الجمال يا فتيات ..؟! حرام والله حرام .. هذا كثير علي ..."
+
ضحكت توليب برقة بينما حركت جيلان خصلة من شعرها خلف أذنها وتلك الأجواء كانت جديدة قليلا عليها والغريب إنها راقتها دون أن تدرك ...
+
أخذ فيصل يتبادل الأحاديث معهما قليلا قبل أن يخرج بعدها فبقيت جيلان مع توليب لفترة ثم استأذنت منها لتغادر ذاهبة الى الحفل بعدما أتت هالة التي ستبقى معها حتى يحين موعد هبوطها الى الأسفل ...
+
هبطت جيلان الى الحديقة الخارجية حيث الحفل فوجدت هناك عمتها زمرد التي إستقبلتها بفرحة وهي تحتضنها مرددة :-
+
" لو تعلمين كم اشتقت لك .. "
+
لم تكن زمرد على علم بعودتها منذ فترة فلم يخبرها عابد بأي شيء يخص جيلان فهو يدرك زمرد وطبيعتها التي تقتضي إخفاء تلك الأمور عنها ....
+
ابتسمت جيلان لعمتها التي لم تلتقِ بها سوى مرات معدودة طوال سنوات عمرها الثمانية عشر ورغم ذلك كانت تحبها بحق ...
+
أخذتها زمرد تعرفها على ألفت وهي تخبرها :-
+
" وهذه صغيرتنا جيلان ... إبنة أخي إبراهيم رحمة الله عليه الوحيدة .. "
+
تبادلت جيلان التحية مع ألفت التي عرفت إنها والدة العريس ثم أتت سولاف تحييها وتتبادل الإحاديث معها وقد وجدتها جيلان فتاة لطيفة للغاية ومرحة ...
+
عفوية ومنطلقة تصغرها بعام واحد فقط ...
+
***
+
وقف راغب يستقبل المدعوين بجانب والده وشقيقه راجي عندما سقطت عيناه على زوجته التي دخلت أخيرا الى الحفل
+
بجانب والدته وعلى ما يبدو إنهما إنتهيا من مهمتها في متابعة كل شيء ....
+
تأملها بإنبهار سيطر عليه قبل أن يتحول هذا الإنبهار الى حنق ...
+
كانت ترتدي فستانا مختلفا ...
+
فستانا رائع التصميم لكنه يبرز جمالها بشكلٍ ملفت ...
+
منذ متى وهي ترتدي فساتين من هذا النمط ..؟!
+
منذ متى وهي تكشف ذراعيها كاملين ...؟!
+
كان فستانا بسيطا للغاية لكنه أنيق ..
+
فستان ذو لون أخضر غامق بحمالات رفيعة مرصعة بفصوص ذهبية يحذوها قطع صغيرة متفرقة من اللؤلؤ ...
+
نفس التطريز يغطي بداية الطرف العلوي حيث منطقية نحرها بينما ينسدل بعدها قماش الفستان بنعومة على جسدها حتى يصل الى كاحليها ...
+
كان الفستان مختلفا عن الفساتين التي ترتديها عادة ..
+
أنيقا بل مبهرا ...
+
شعرها البني الطويل تركته منسدلا بخصلات مموجة بشكل عريض على أحد جانبي وجهها ...
+
زينة وجهها التي لم تكن خفيفة للغاية بل كانت متوسطة وقد زينت شفتيها باللون الوردي الغامق قليلا ...
+
لم تظهر بجمالها الرقيق المعتاد ...
+
كانت مختلفة .. فاتنة ... وهذا أغضبه ...
+
هو يغار عليها ...
+
يغار من جمالها الذي سيخطف الأنظار بالتأكيد خاصة بسبب إختلاف إطلالتها الواضح ..
+
ما بالها اليوم ..؟!
+
لماذا تختلف عن المعتاد ..؟!
+
تذكر حديثهما الأخير ورجائها الشخصي أن يمنحها فرصتها الأخيرة ..
+
وقتها لم يعلق وأخبرها في صباح اليوم التالي إنه سيسافر الليلة الى خارج البلاد حيث لديه أعمال مهمة ولن يعود حتى خطبة توليب ...
+
وبالفعل عاد مساء البارحة فوجد الجميع مشغول في التجهيز للخطبة ..
+
لم يجدا الفرصة ليتحدثان واليوم صباحا الجميع كان يعمل وهو بدوره اختار أن يرتاح صباحا قبل موعد الحفل الذي سيأخد مجهودا منه فهو عليه أن يتواجد مستقبلا الجميع مرحبا بهم طوال الحفل ...
+
وها قد فعلتها الهانم ونجحت في إغضابه وتشتيت انتباهه بسبب إطلالتها هذه ...
+
تأمل وصول عائلة خاله ...
+
وكأن هذا ما كان ينقصه ...
+
وفي تلك اللحظة لم يكن في باله لا خاله ولا زوجته ولا حتى يسرا التي أتت بكامل أناقتها وجمالها ...
+
صب تركيزه على براء وفكرة أن يرى زوجته بكل هذا الجمال تحرقه دون رحمة .. فرغم مرور السنوات هو لن ينسى إنه أحبها يوما .. أرادها زوجة ..
+
عندما يتعلق الأمر بهمسة ينسى كل شيء حوله عداها وعدا ما يخصها ...
+
وهاهو يستقبل براء بإبتسامة مقتضبة قبل أن يتحرك بسرعة بعدها نحو زوجته التي تقف تتحدث مع فتاتين من معارفهما ...
+
تقدم نحوها وقبض على كفها وهو يبتسم برسمية للفتاتين :-
+
" عن إذنكما لحظة ..."
+
ثم أشار لها أن تتحرك معه ليجذبها الى داخل القصر غافلا عن عيني يسرا التي كانت تتابعهما بغيرة وحقد ...
+
دلف بها الى القصر لتتسائل بتعجب :-
+
" ماذا هناك يا راغب ...؟!"
+
ودون نقاش نطق بها بصوت آمر :-
+
" ضعي شالا فوق كتفيك وذراعيك يا همسة ..."
+
تطلعت الى ذراعيها بشكل عفوي قبل أن تنتبه للجدية التي تشع من عينيه وهو يضيف بصلابة :-
+
" حالا ..."
+
تنهدت ثم قالت باستسلام أدهشه :-
+
" حسنا ، سأبحث عن شالا مناسبا ..."
+
ثم تحركت صاعدة الى الأعلى يتبعها هو بعينيه مدهوشا من تصرفها عندما قرر أن ينتظرها شاكا في نواياها ليتفاجئ بها تنزل بعد حوالي عشر دقائق من الإنتظار تضع شالا ذهبيا فوق فستانها نجح في تغطية كتفيها وذراعيها الظاهرين ليجدها تبتسم له ببساطة وهي تسأل :-
+
" هكذا جيد ..؟!"
+
أجاب بهدوء :-
+
" ممتاز ..."
+
هتفت بنعومة :-
+
" لنعد الى الحفل إذا فتوليب ستهبط الى الحفل بعد قليل ..."
+
أومأ برأسه قبل أن يمد لها ذراعه لتتأبطها وهي تتحرك جانبه مبتسمة بهدوء حيث غادرا المكان متوجهين الى الطاولة التي تجلس عليها العائلة وقد أخذ الجميع مكانه حيث مهند الذي يقابل جيلان ويتطلع لها بين الحين والآخر بحيرة وتشتت بينما هي تتبادل الأحاديث مع هالة دون أن تنظر نحوه ..
+
يجاوره فيصل بينما والدته تجلس أمامه تتحدث مع والده عندما تقدم شقيقه الأكبر وزوجته وأخذا مكانهما بجانبي والديه على الطاولة ...
+
وجدا راجي يتقدم نحوهما وحسناء جميلة تتأبط ذراعه ليلكز فيصل شقيقه مهند سريعا من ذراعه بينما تطلعت زهرة الى ولدها بفرحة شعت من عينيها وآخر ما توقعته أن ترى راجي يأتي إليهم بنفسه ومع فتاة جميلة كي يعرفها عليهم ...
+
" مساء الخير ..."
+
قالها راجي مبتسما قبل أن يضيف :-
+
" لأعرفكم على نغم .. ضيفتي ..."
+
ثم سارع يعرفها على والدته التي رحبت بها بحفاوة يتبعها والده ثم شقيقه راغب الذي رحب بها بدوره برزانته وهمسة والفتيات هالة وجيلان وبالطبع مهند وفيصل الذي شاكسه هامسا :-
+
" من أين أتيت بهذه الحسناء يا دكتورنا ..؟؟"
+
ابتسم له راجي بصمت قبل أن يطلب من نغم الجلوس لتجاوره بقليل من الخجل فيهتف راجي :-
+
" نغم كانت زميلتي في الجامعة لكنها سافرت وعادت قبل فترة وهي تعمل معي حاليا في المشفى ...."
+
أخذت زهرة تتبادل الأحاديث مع نغم وهي تتأملها بإعجاب شديد عندما همس فيصل لمهند :-
+
" أمك متحمسة لدرجة تجعلني أشك إنها ستعلن خطبتهما الى جانب خطبة شقيقتك ..."
+
" فرصة مناسبة .. ستوفر علينا إقامة خطبة أخرى والإنشغال بها لأيام ..."
+
قالها مهند ببرود ليضحك فيصل بعدم تصديق بينما نهض عابد بعدها مقررا التوجه الى الداخل حيث آن آوان ظهور ابنته ...
+
وقد استعد إياس في نفس الوقت لإستقبالها ...
+
***
+
دلف أحمد الى الغرفة ليتأمل ليلى بإبتسامة دافئة تحمل شجنا خفيا ....
+
تقدم نحوها فابتسمت له بخجل عندما مال نحوها يقبل جبينها وهو يهمس لها :-
+
" مبارك يا ابنتي ... "
+
أكمل وهو يتأملها بنظرات حانية :-
+
" عسى الله أن يوفقك في هذه الزيجة ويرزقك السعادة الدائمة ..."
+
ابتسمت ليلى بعينين لامعتين فرأت الدموع تترقرق في عيني والدها فهمست بدهشة :-
+
" بابا .. لا تدمع من فضلك ..."
+
" أنا سعيد لأجلك يا ليلى ..."
+
قالها بصدق وهو يضيف بحشرجة :-
+
" بسببي ولأجلي تحملت الكثير ..."
+
ملأت عيناها الدموع وهي تسمعه يضيف بنبرة حزينة :-
+
" أعلم إن نسيان ما فعلته بك وبوالدتك وشقيقتك مستحيل لكنني أتمنى أن تغفري لي ما فعلته ... تغفريه حقا ... من أعماقك ..."
+
" أنا سامحتك ..."
+
قالتها بصدق وهي تضيف :-
+
" سامحتك منذ مدة طويلة .. منذ أن دخلت الى المشفى ..."
+
أكملت بحب :-
+
" رغم كل شيء لم أتحمل فكرة خسارتك ... حينها لم أكن أريد شيئا سوى استيقاظك وعودتك بيننا ولا يهم غير هذا ..."
+
تنهد قائلا :-
+
"دائما ما كنت مختلفة .. طيبة للغاية .. حنونة ونقية ... تحبين الجميع ... تحبين الخير ..."
+
ابتسم مضيفا بحنين لا يخلو من المرارة :-
+
" كنت ولا زلت نسخة والدتك في كل شيء ... أخذت كل صفاتها الجميلة ... "
+
أكمل بخفوت :-
+
" كنت تشبهينها منذ الصغر ... تحملين نقائها .. برائتها وطيبة قلبها ..."
+
أكمل بقهر سيطر عليه :-
+
" خسرتها ... وأنا أستحق هذه الخسارة ..."
+
" ماما تحبك ..."
+
قالتها على الفور ليبتسم بألم قائلا :-
+
" أعلم ... مثلما أعلم إن جرحها مني يفوق حبها لي ..."
+
تنهد قائلا :-
+
" ربما أكون في نظرك طامعا لإنني أرجو غفرانها وعودتنا سويا خاصة بعدما بقيت على ذمتي واعتنت بطفلي كأنهما طفليها ... لكن ليشهد الله علي إنني لم ولن أحب سواها ..."
+
" ربما تسامحك ..."
+
قالتها بتروي وهي تضيف برقة :-
+
" امنحها فرصتها فقط ... دعها تأخذ وقتها ..."
+
تنهد بصوت مسموع ثم قال بصدق :-
+
" دعك من هذا الآن .. أنا فقط أردت أن أفضفض مع إبنتي للمرة الأخيرة قبل أن أمنحها لزوجها ..."
+
أضاف وهو يربت على وجنتها :-
+
" كوني سعيدة يا ليلى ..."
+
أضاف بجدية :-
+
" أعلم إن كنان رجل محترم للغاية ولكن ..."
+
تنهد ثم قال :-
+
" أنا سأبقى خلفك ... متى ما احتجتني ستجديني معك ... جانبك ... "
+
عانقته بسرعة وهي تهمس :-
+
" أعلم ... وأنا سأبقى دائما معك وجانبك ..."
+
ربت على ظهرها قبل أن تبتعد بجسدها عنه قليلا فيقول وهو ما زال يحاوطها بين ذراعيه :-
+
" ليلى .. ابنتي الكبيرة ... ابنتي التي أثق بها أكثر من أي شخص ... أنت اليوم ستغادرينا .. سيكون لديك منزلك الخاص وباذن الله عائلتك التي تخصك ولكن دائما وأبدا كوني جانب شقيقتك وأخويك... أنت الكبيرة التي ستحتضنهم جميعا وتحافظ على العلاقة بينهم بعد عمر طويل ..."
+
" لا تقل هذا من فضلك ..."
+
ابتسم مرددا :-
+
" أتحدث بعد عمر طويل ... أريدك أن تكوني عمود هذه العائلة .. الوتد الذي يربط أخوانك ببعضهم ... "
+
" لا تقلق .. مريم .. عبد الرحمن ومصطفى دائما وأبدا سيكونون مسؤوليتي وأولويتي في هذه الحياة ..."
+
" أعلم ذلك ... وأثق بقدرتك على الحفاظ عليهم وعلى الرباط الأسري بينهم .."
+
قالها ثم أضاف :-
+
" والآن يجب أن نخرج .. تأخرنا على عريسك ..."
+
ابتسمت وهي تومأ برأسها بخجل عندما مد لها ذراعه لتتأبطها وتتحرك جانبه مغادرة الغرفة متوجهة الى القاعة حيث ينتظرها كنان ...
+
***
+
يقف أسفل سلم طويل ينتظرها بفارغ الصبر ...
+
يجاوره شقيقه بحلته الأنيقة على يمينه وزوج شقيقته وصديقه المقرب على يساره ....
+
مشاعره مختلطة ما بين اللهفة والراحة ...
+
راحة لإنه أخيرا جاء هذا اليوم ونال المراد ...
+
بعدما يقارب عامين من دخولها حياته ...
+
الأنثى الوحيدة التي أُغرم بها ...
+
الأنثى الوحيدة التي لفتت انتباهه ...
+
لم يلتفت يوما لأنثى قبلها ...
+
لم تجذبه أنثى رغم إنه محاط بالجميلات بشكل دائم ..
+
لكن تلك الأنثى الجميلة ... الرقيقة .. الشقراء الساحرة ..
+
خطفته كليا ...
+
كانت مختلفة ...
+
وكأنها أميرة خرجت من كتاب حكايا قديم ...
+
جمالها الناعم ...
+
سحرها الطاغي ...
+
رقتها ونعومتها ...
+
رقيها الفطري ...
+
أنثى ولدت لتكون أميرة وليست إمرأة عادية ...
+
أنثى نبيلة بالفطرة ...
+
أرستقراطية بالفطرة ....
+
نقية .. بريئة وقوية في نفس الوقت ...
+
متفانية لدرجة مثيرة للتعجب ....
+
أنثى تمنح كل من حولها جل ما تملك ولا تبحث عن مردود لعطائها ...
+
كيف تجتمع كل هذه الصفات في إمرأة واحدة ...؟!
+
حيث الجمال الخارجي الساحر ...
+
والجمال الداخلي الذي لا يشوبه شائبة ...
+
ومجددا يدرك إنه محظوظ لإنها دخلت حياته ولإنه حارب ليمتلكها ...
+
هو رجل في العادة لا يهتم للمشاعر ...
+
لم يكن يبحث عن عشق جارف يقلب كيانه رأسا على عقب ...
+
كان يبحث عن إمرأة مناسبة ..
+
تعجبه .. تريحه وكفى ...
+
هذه كانت متطلباته حتى جاءت هي...
+
أعلن عشقه أمامها دون تردد ...
+
لم يتردد في التصريح عن عشقه ...
+
لم يتردد في سعيه إليها ..
+
لم يتردد في محاربتها هي شخصيا لتكون معها ...
+
كانت المرة الأولى التي يحارب بها لأجل العشق ..
+
العشق الذي لم يتوقع يوما أن يكون ضمن إهتمامه ..
+
لكنها مختلفة ...
+
تستحق ذلك ...
+
تستحق أن يعشقها ويعترف بعشقه لها دون أدنى تردد ..
+
يستحق أن يحارب لأجل إمتلاكها ...
+
توقفت أنفاسه للحظة وهو يراها تطل أخيرا ...
+
تقف لوهلة فتتلاقى عينيه بعينيها العسليتين ...
+
إنبهار ظهر في عينيه ...
+
إنبهار تلاه نظرة عاشقة خطفت قلبها ...
+
عيناه لم تكن ترى سواها وهي بدورها لم تكن ترى نفسها سوى في عينيه ...
+
كانت تنتظر هذه اللحظة ...
+
اللحظة التي تطل فيها أمامه بفستان الزفاف ... زفافهما ...
+
تنتظر اللحظة التي يراها فيها وما رأته في عينيه أشعل روحها كليا ....
+
احتلها بنظراته العاشقة واستسلمت هي لعشقه الجارف ببساطة ...
+
عيناه تابعتها وهي تهبط درجات السلم بجانب والدها ...
+
لم يبتعد بنظراته عنها للحظة ...
+
جمالها الساحر ...
+
فستانها الذي رغم تصميمه البسيط بدا مبهرا عليها ...
+
شعرها مصفف بتسريحة كلاسيكية للغاية ...
+
زينة وجهها الخفيفة ...
+
كل شيء بها رغم بساطته متكامل ...
+
هي أنثى متكاملة ...
+
أنثى مثالية ...
+
وأخيرا وصلت إليه ...
+
تقدم نحو والدها أولا يحييه برزانة وإبتسامة صادقة يستمع لوصاياه بشأنها ليخبره بثقة ألا يقلق .. لا يخشى من شيء ...
+
إبنته ستحيا أميرة بل ملكة متوجة في قصره ....
+
اتجه نحوها لترفع عينيها العسليتين الصافيتين نحوه ...
+
العسل الصافي في عينيها يجذبه تماما ...
+
إبتسامتها الخجولة تلهب مشاعره ...
+
ملامحها الرقيقة تمنحه مشاعرها مختلطا بين الحب والرغبة واللهفة ...
+
مال نحوها يطبع قبلة ثابتة بطيئة فوق جبينها ....
+
يميل نحو أذنها هامسا بكلمات تدغدغ مشاعرها :-
+
" مبهرة ، مشرقة ولامعة ... شمس لا ينطفئ نورها ..."
+
أخذ نفسا عميقا ثم عاد ببصره نحو عينيها يخبرها بصوت عاشق متملك :-
+
" شمسي أنا .. ليلاي أنا ..."
+
ابتسمت بإتساع ولمعة عينيها حكت كل شيء ...
+
ابتسم برزانة تخبرها إنهما يجب أن يتقدمان الى داخل الحفل ...
+
وقف جانبها وتأبطت هي ذراعه ليدخلا سويا الى الحفل الضخم على أنغام موسيقى كلاسيكية تلائم الموقف ....!
+
وقف الجميع يتطلعان إليهما بإنبهار ...
+
العروس بسحرها الطاغي ...
+
والعريس بجاذبيته الخطيرة ...
+
ثنائي رائع ..
+
ثنائي متناسق لدرجة جعلت الجميع منبهر بهما وخاصة العروس التي بدت كإحدى أميرات العوائل الحاكمة في أوروبا ...
+
بدأت الفرقة الموسيقية تعزف المعزوفة التي سيرقصان عليها ...
+
توسطا قاعة الحفل عندما أحاط خصرها الرقيق بكفيه بينما مدت هي ذراعيها تحيط رقبته ووجهها انخفض لا اراديا بارتباك وتوتر بسبب كم الضيوف الموجودين وأنظارهم المسلطة عليهما ...
+
بدأ يرقصان أخيرا بينما همس هو لها بصوت مشحون بالعاطفة :-
+
" إرفعي وجهك يا ليلى ... أريد رؤيتك ... "
+
رفعت وجهها المتورد خجلا نحوه فهمس بجدية :-
+
" هل تعلمين ما هو شعوري الآن ...؟؟"
+
ابتسمت وهي تسأله بهدوء :-
+
" ما هو شعورك الآن ...؟!"
+
همس وعيناه تتطلعان إليها بنظرات اشتعل بهما العشق والشغف :-
+
" أشعر بأنني امتلكت الشمس والقمر سويا ... "
+
" أنت تتغزل بي بطريقة تجعلني عاجزة عن مجاراتك في غزلك مهما حاولت ..."
+
قالتها بصدق وعفوية ليبتسم هاتفا ببساطة :-
+
" لا أنتظر منك غزلا ... يكفي أن أتغزل أنا بكِ ... "
+
أكمل وعيناه تحاوطان وجهها بنظرات حميمية :-
+
" هل تعلمين إنه لم يسبق لي أن تغزلت بأي إمرأة ... ؟! وهل تعلمين إنني لم أتوقع يوما إنني أجيد الغزل من الأساس ...؟!"
+
ابتسم يضيف بادراك :-
+
" ولكن معك كل شيء يتغير ... فجأة وجدت نفسي أتغزل بك بشكل عفوي دون ترتيب .. أنا حتى لم أتصور يوما إنني أجيد الغزل ... "
+
" أنا محظوظة إذا ..."
+
قالتها وهي تشاغبه برقة ليهتف بجدية :-
+
" المحظوظ هو من ينال شيئا لا يستحقه ... شيئا زيادة عليه .. أما أنتِ ..."
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال بعشق خطف روحها :-
+
" تستحقين كل الغزل ... كل الشوق ... كل الشغف ..."
+
أنهى كلماته ثم أبعدها قليلا عنه وهو يقبض على كفها يديرها بفستانها الأبيض حول نفسها ثم يجذبها مجددا داخل أحضانه وهو يهمس أخيرا بما خدرها كليا :-
+
" تستحقين كل العشق ..."
+
***
+
وقف إياس ينتظر خروج خطيبته مع والدها عندما وجدها تدخل الى المكان بالفعل فينهض الجميع مصفقين لها بينما أخذ هو يتأملها بإبتسامته الرزينة الجذابة وقد خطفته كليا بإطلالتها الناعمة مع ذلك الفستان الرقيق والذي لاق بها كثيرا وبرقتها ونعومتها ...
+
ابتسم وهو يتجه ويأخذ مكانه جوار الشيخ بينما قابله والدها وهي جانبه تتطلع إليه بخجل والأنظار جميعها متوجهة عليهما ...
+
أشقاؤها الأربعة يقفون خلفها وقد بدوا كسد منيع يحرسها بينما كان أثير شاهدا من طرفها وقريب إياس شاهدا آخرا ...
+
وقفت هالة جانبها ويدها تقبض على كتفها بدعم بينما زهرة تقف على مسافة قريبة تتابع عقد القران وجانبها همسة وكذلك جيلان وبالطبع زمرد وابنتها ...
+
بينما أخذ بكر الصواف مكانه بجانب إياس ووالدته تقف جوار ولدها تتابع مراسيم عقد القران بعينين دامعتين ...
+
" زوجتك ابنتي ..."
+
" قبلت زواجها ..."
+
تم عقد القران ...
+
شعرت بنبضات قلبها تبلغ ذروتها بينما شعر هو بفرحة حقيقية لم يخيل له مسبقا أن يشعر بها يوم عقد قرانه ..
+
فرحة لم يسعَ لتجاهلها بل أطلق لها العنان ...
+
سارعت هالة تعانق توليب من الخلف بينما نهض إياس يتبادل التحية أولا مع أثير الذي كان يجاوره قبلما ينحني نحو جده يقبل كفه بإحترام ...
+
اتجه بعدها نحو عابد يحييه ثم أشقاؤها الأربعة بينما سارعت ألفت تعانق توليب بفرحة تتبعها زهرة التي احتضنتها بحنو شديد قبل أن يتقدمن بقية نساء العائلة نحوها بينما إياس يتلقى المباركات من الرجال حتى وجدته يتقدم نحوها فخفق قلبها بعنف ليمد كفه قابضا على كفها وشفتيه تحطان فوق جبينها يقبله ببطأ وثبات قبل أن يهمس لها :-
+
" مبارك عقد قراننا يا زوجتي العزيزة ..."
+
التقت عيناها بعينيه الخضراوين لتهمس بخجل :-
+
" شكرا ..."
+
وقفت هالة تتابعهما بسعادة حقيقة عندما التقت عيناها لا إراديا بعيني أثير الذي كان يتأملها في تلك اللحظة فشعرت بهوة عميقة في قلبها تجاهلتها وهي تشيح بوجهها بعيدا متجهة نحو شقيقتها تتبادل الأحاديث معها بينما جذب إياس عروسه حيث سيبدئان رقصتهما الأولى ...
+
وقفت توليب بين ذراعيه بخجل شديد ليراقصها هو بينما أنظاره لا تتزحزح عن وجهها يتأمل جمالها الناعم بإعجاب شديد ومشاعر متضاربة تطغى السعادة عليها ...
+
كانت رقصتهما الأولى ....
+
شعرت وكأنه خطفها بين ذراعيه وهو يراقصها على إحدى الأغاني الرومانسية التي إختارتها هي بنفسها بينما غرق هو فيها دون وعي منه ووجودها بين ذراعيه جعله ينسى كل شيء حوله ....
+
لم يراقص إمرأة من قبل واليوم هو يراقص إمرأته ..
+
زوجته الجميلة ... الرقيقة ...
+
زوجته التي وجد نفسا فرحا بها وبزواجه منها ..
+
فرحا دون أن يدرك سبب فرحته ..
+
دون أن يفهم سبب سعادته وهو يراقصها بين ذراعيه ...
+
هو لا يفهم ولا يريد أن يفهم ...
+
سيكتفي بمتعة هذه اللحظة حيث يراقصها بين ذراعيه وهي مستسلمة له كليا بعفوية وبراءة تخطفه تماما..
+
***
+
كانت همسة تتحدث مع احد العاملين تمنحهم تعليمات سريعة عندما التفتت الى الخلف لتجد يسرا في وجهها تتأملها بإبتسامة باردة ...
+
ابتسمت همسة بهدوء مقصود وهي ترحب بها :-
+
" أهلا يسرا ... كيف حالك ..؟!"
+
" بخير ..."
+
قالتها يسرا وهي ما زالت محتفظة بنفس الإبتسامة المصطنعة قبل أن تضيف وهي تتأمل همسة بنظراتها :-
+
" تبدين جميلة .. وفستانك جميل ..."
+
قالت همسة مبتسمة :-
+
" شكرا عزيزتي ...."
+
أكملت وهي تعدل شالها :-
+
" وفستانك رائع ... كعادتك ..."
+
هتفت يسرا وعيناها تتأملانها ببرود ساخر :-
+
" من الواضح إن علاقتك تحسنت بزوجك ..."
+
" عفوا ...؟!!"
+
قالتها همسة بتجهم لتضيف يسرا بسخرية :-
+
" كلما شعرتِ بقرب انفلاته منكِ ربطته بطفل جديد ..."
+
" عم تتحدثين أنت ...؟! هل جننت ..؟!"
+
سألتها همسة بضيق لتلوي يسرا فمها وهي تخبرها :-
+
" مبارك حملك ... الرابع ..."
+
وجمت ملامح همسة قبل أن تهتف :-
+
" أي حمل ...؟! عم تتحدثين أنت ..؟!"
+
رفعت يسرا حاجبها قبل أن تهمس ضاحكة :-
+
" لا تخبريني إنك تخافين من الحسد أيضا ... عزيزتي الإنجاب لم يعد حاليا إنجازا .. حتى القطط ينجبون العديد من الصغار ..."
+
رمقتها همسة بنظرات سادها البرود وهي تهتف بجدية :-
+
" معك حق .. حتى القطط تنجب ... الإنجاب ليس إنجازا بالفعل ... الإنجاز الحقيقي هو أن تنجبي أطفالا أسوياء ... تربين أشخاصا نافعون محترمون لا يمتلكون خبثا ولا ضغائن .. لا يسعون لإيذاء من حولهم وبث سمومهم في كل من هب ودب ... هذا الإنجاز الحقيقي يا يسرا والذي لن تستطيعي أنتِ أن تصنعيه يوما لو نجحت في الحصول على طفل لإنك لا تعرفينه من الأساس ..."
+
احتقنت ملامح يسرا وهي تهمس :-
+
" أنت وقحة ... "
+
أوقفتها همسة بحزم :-
+
" أنا وقحة مع من يستحق ..."
+
ثم توقفت وهي ترى زوجها يتقدم نحوهما قبل أن يحتل خصرها وهو يسألها :-
+
" هل هناك مشكلة عزيزتي ...؟!"
+
ردت همسة ببرود :-
+
" أبدا عزيزي .. فقط يسرا أتت لتبارك لي حملي الذي لا علم لي بوجوده ..."
+
مررت يسرا أنظارها بينهما قبل أن تهمس ببرود هازئ :-
+
" زوجك من قال هذا ...."
+
نظرت له همسة بدهشة ليبتسم ببساطة مرددا :-
+
" ظننت إنك حامل بعدما سمعتك تتحدثين مع هالة عن شكوكك تلك وتطلبين منها أن تشتري اختبار الحمل ..."
+
راوغته همسة بكذبته مرددة :-
+
" أنت سمعتني وقتها .."
+
أضافت تصطنع الدهشة :-
+
" لم أكن أعلم ..."
+
أضافت وهي تربت على كتفيه بيديها :-
+
" آسفة حبيبي ... ظننت إنك لم تعرف ... أساسا لم أخبرك بشكوكي كي لا تشعر بالإحباط ..."
+
تابعتهما يسرا بعدم استيعاب بينما الغيرة تنهش روحها عندما قال راغب بإبتسامة يجاريها بهذه الكذبة وقد أعجبته اللعبة لوهلة :-
+
" لا بأس حبيبتي... سنحاول مجددا ... "
+
أضاف وهو ينظر الى يسرا :-
+
" مع إنني كنت سعيدا للغاية ويسرا تشهد على ذلك ..."
+
هزت يسرا رأسها وهي تهمس بإبتسامة باردة :-
+
" نعم كان سعيدا حقا .. عن إذنكما ..."
+
ثم تحركت بسرعة لتهتف همسة :-
+
" متى أخبرتها إنني حامل ..؟!"
+
ابتعد راغب خطوتين عنها وهو يخبرها بصراحة :-
+
" عندما ذهبت اليهما في اليوم الذي يلي شجارك معها ..."
+
سألته بملامح واجمة :-
+
" ولماذا قلت هذا ..؟! ولماذا ذهبت أساسا ..؟!"
+
رد ببساطة :-
+
" وجدتها فرصة لتبرير تصرفك ...."
+
" هل كنت تعتذر منهم ...؟!"
+
سألته بتحفز ليرد بملامح حادة :-
+
"مبدئيا لست أنا من أخطأ ليعتذر ... ثانيا والأهم هل تعتقدين إنه من الممكن أن أفعل شيئا كهذا ..؟! هل تعتقدين إنني سأعتذر منهم حقا ...؟! سأفعلها نيابة عنك ..؟!"
+
تأملته بتجهم امتد لثواني قبل أن تهز رأسها نفيا ليهتف باقتضاب :-
+
" جيد ..."
+
سألته مجددا :-
+
" ولكن لماذا ذهبت ..؟!"
+
تأملها بنظرات مبهمة لوهلة قبل أن يجيبها بخفة :-
+
" إسألي يسرا ..."
+
ثم تركها متجها الى طاولة العائلة تاركا إياها تتابعه بغيظ ..!
+
***
+
تابع أثير والدته وهي تتقدم نحوه بتجهم ...
+
لم يغب عنه حضور عائلة جوهر عمران الى الحفل ...
+
بالطبع والدته خلف دعوتهم ...
+
راقب جوهر الذي يتبادل الأحاديث مع والده وعلى ما يبدو إنهما انسجما تماما ...
+
ولم يخفَ عنه ترحيب والدته الحار بأفنان ووالدتها مثلما يعلم إنها أتت إليه لتطلب منه أن يلقي التحية عليهما وكأنها لم تكتفِ بما فعله ذلك اليوم وتحذيره الصارم لها ليلتها وهو يحذرها أن تكرر هذه التصرفات ...!
+
هتفت زمرد وهي تتأبط ذراعه :-
+
" عزيزي أثير .. ما رأيك أن تلقي التحية على جوهر بك وعائلته ...؟!"
+
هتف بوجوم مجاهدا للسيطرة على غضبه :-
+
" مالذي تحدثنا به قبل أسابيع ..؟! من فضلك لا تضغطي علي ..."
+
" أثير ... من فضلك .."
+
قالتها بحزم ليهتف بجمود :-
+
" أعتقد إننا تحدثنا بهذا مسبقا ... أخبرتك إنني لن أفعل ما تريدنه بعد الآن ... "
+
أضاف بنبرة لا تخلو من التسلط :-
+
" من فضلك يا ماما .. لا تضغطي أنت عليّ ...إقتنعي إنني لن أفعل ما تريدنه ... مهما حدث ..."
+
أنهى كلماته وتحرك يتجاوزها تاركا إياها تغلي غضبا عندما التقت عينيه بعيني أفنان التي شعر إنها كانت تراقبه فأشاح ببصره متجها الى أبعد طاولة حيث جلس عليها يتابع الحفل بوجوم عندما لمحها ترقص مع فيصل بإنطلاق وحيوية كعادتها ...
+
عيناه تراقبان تفاصيلها دون ملل ...
+
ضحكتها العفوية ...
+
إنطلاقها ...
+
جمالها المبهر ...
+
فستانها الأنيق ...
+
رقصها الجذاب ...
+
كيف لها أن تبهره بجميع تفاصيلها ..؟؟
+
كيف لها أن تخطف بصره كليا فلا تمنحه الفرصة ليرى غيرها ...؟!
+
أخرج علبة سجائره وقرر تدخين سيجارة علها تساعده في تخفيف غضبه ...
+
لم يكن يدخن مسبقا ...
+
بسببها بات يدخن ..
+
بسببها تغير كثيرا ...
+
بات شخصا مختلفا ...
+
والله وحده يعلم ما القادم ..؟!
+
بقي يتابعها حتى رآها وهي تنسحب الى الداخل بعدما تحدثت خالتها معها ...
+
نهض من مكانه يتبعها دون تفكير ...
+
يريد الإنفراد بها قليلا ...
+
دلف الى الداخل ليجدها تخرج من المطبخ بعدما منحت تعليماتها للخدم عندما وجدته أمامها تحركت أمامه تنوي تجاهله لكنها شهقت وهي تراه يقبض على ذراعها ويدفعها الى الغرفة الجانبية مغلقا الباب خلفهما ...
+
" ماذا تفعل ..؟!"
+
سألته وهي تحرر ذراعها من قبضته ليتأملها بإستمتاع بسبب مظهرها الحانق والذي جعلها تبدو فاتنة أكثر مما يجب ...
+
" متى خطبتك إذا ...؟! تأخرت كثيرا .."
+
سألها بسخرية متعمدة لتجيبه ببرود :-
+
" سيعود كرم ونقيمها ... أنت أول المدعويين ..."
+
ضحك مرغما ثم قال بعينين باردتين :-
+
" لاتكوني واثقة الى هذا الحد ..."
+
تنهدت بصوت مسموع ثم سألته بتعب من هذا الوضع :-
+
" مالذي تريده يا أثير ..؟!"
+
" أخبرتك مسبقا ... أريد الكثير ..."
+
قالها ببساطة وهو يضيف :-
+
" أريد حقي ... "
+
" لا حق لديك عندي ..."
+
قالتها وهي تهم بالتحرك ليقبض على ذراعها من جديد يدفعها الى الحائط خلفها هامسا من بين أسنانه :-
+
" عندما أتحدث لا يمكنك أن تتجاهلي حديثي أو تتركيني قبل أن أنتهي من حديثي ..."
+
راقب عينيها المشتعلتين بنظرات حارقة ليفاجئها بسؤاله :-
+
" هل تحبينه حقا ..؟!"
+
بهتت ملامحها لوهلة من سؤاله الغير متوقع قبل أن تجيب بثبات :-
+
" بالطبع وإلا ما كنت لأتزوجه ..."
+
" يستطيع المرء أن يتزوج ممن لا يحبه ..."
+
قالها ببساطة لتهتف بتهكم :-
+
" لماذا لم تتزوج حتى الآن إذا ..؟!"
+
أضافت وهي تميل بوجهها البارد نحوه :-
+
" رغم محاولات والدتك المستميتة لتزويجك .. "
+
" ومن أين لديك علم بهذه المحاولات ...؟!"
+
سألها ساخرا لتهتف ببساطة :-
+
" كانت هكذا دائما منذ سنوات .. منذ أن تجاوزت عامك الثاني والعشرين ... والآن بعدما تجاوزت عامك السابع والعشرين محاولاتها تضاعفت دون شك ..."
+
" لم أجد الفتاة المناسبة بعد .."
+
قالها ببساطة لترفع حاجبها وهي تهمس ببرود :-
+
" أم لم تستطع أن تتخطاني بعد ...؟!"
+
احتقنت ملامحه وهو يجيب ببساطة :-
+
" ربما .. "
+
لا ينكر كعادته ...
+
هتفت بقسوة :-
+
" ولكنني تخطيتك ... وأحببت آخر غيرك ..."
+
تجاهل ألم قلبه وهو يسألها بصلابة :-
+
" سؤال واحد فقط .. أريد جوابا صادقا عليه ..."
+
نظرت له بصمت ليسأل :-
+
" هل أحببتني يوما ...؟! هل مشاعرك نحوي كانت صادقة ...؟! "
+
ابتلعت ريقها وداخلها يريد أن ينفي لكنها لم تستطع ...
+
هي تدرك إنها كانت تحبه ... إنها أحبته بالفعل ولا تعرف لماذا لا تريد أن تخبره عكس ذلك كما يفترض أن تفعل ...
+
هل لإنه لا يستحق ذلك ..؟!
+
لا يستحق أن تكذب عليه في هذه النقطة ..
+
بل يستحق أن يدرك إنها بالفعل أحبته رغم كل شيء ..
+
في النهاية أجابت بثبات :-
+
" نعم يا أثير .. أحببتك .. لكن الحب ليس أساس كل شيء ... الحب وحده لا يكفي لنجاح أي علاقة ..."
+
" أحببت نفسك أكثر ..."
+
قالها ببساطة وهو يضيف :-
+
" هذا الواقع ... أنت تحبين نفسك أكثر من أي شخص ... تفضلين نفسك على الجميع ... أنت أولا والبقية بعدك ..."
+
راقب تجهم ملامحها ليضيف بثبات :-
+
" حتى كرم هذا .. أنت لا تحبينه ..."
+
احتجت ملامحها لكنه أكمل دون توقف :-
+
" نعم لا تحبينه .. أنت تحبين شكل علاقتكما .. تحبين كونه عاشقا لك .. متيما بك ... غارقا فيك ..."
+
" وأنت كنت كذلك ... لماذا تركتك إذا ..؟!"
+
صاحتها محتجة على رأيه ليهتف بجدية :-
+
" لإنني رغم عشقي الجارف لك لم أكن كما تريدين ... "
+
" كيف يعني ..؟!"
+
سألته ساخرة ليجيب بنفس الجدية :-
+
" لإنني لم أكن أقل منك .. ولم أكن خاضعا لك .. ولم أكن طوع يديك .."
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" كرم مثلا ... تحبينه لإنه كما تريدين .. كما تفضلين .. لإنه ليس أفضل منك حتى لو كان ثريا للغاية ومن أصل رفيع ..أنت لا تقبلي إلا أن تكوني الأفضل .. أن تكوني الأولى ... أن تكون القيادة لك والخطوط كلها بين يديك ... ناهيك عن كونك ترفضين أن تكونين مع شخص تشعرين إنه أفضل منك مكانه وأقوى منك في شخصيته ... "
+
ابتلعت ريقها بينما كلماته تضرب روحها كالسوط :-
+
" لم تتحملِ حقيقة إنني أفضل منك وأعلى شئنا ... لم تتقبلِ أن تكوني بجواري وأنا من يخطف الأنظار لا أنتِ .. لم تقبلِ أن أرسم أنا خطوط علاقتنا ... لم تقبلِ حتى أن أكون ندا لكِ في هذه العلاقة ... لإن هالة الشامي تريد أن تكون الأولى .. الأساس .. القائدة والمتحكمة في العلاقة دائما .. الآمرة الناهية .."
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" حتى لو أحببت كرم كما تدعين .. ورغم إنك أحببتني يوما ولكنكِ أحببت نفسك أكثير من كلينا بكثير... نفسك كانت دائما الأولى والبقية خلفها ..."
+
أنهى كلماته وتركها بعدها جامدة مكانها وصدى حديثه يتردد في أذنها ...
+
***
+
اندفعت هالة تخرج من الغرفة متجهة الى خارج الحفل تبحث بعينيها عنها حتى وجدتها تقف بجانب إحدى السيدات تتحدث معها عندما تحركت اتجاهها بملامح قاتمة لتقف في وجهها فتأملتها زمرد بتجهم عندما نطقت بثبات :-
+
" هل يمكننا أن نتحدث قليلا ...؟!"
+
هتفت زمرد وهي تجاهد لإحتواء الموقف الذي بدا غريبا أمام السيدة الأخرى :-
+
" بالطبع عزيزتي .. تفضلي ..."
+
تحركت تتبعها الى الداخل حيث دلفت هالة أولا تتبعها زمرد التي هتفت ما إن وطأت بقدميها الممر الداخلي للقصر:-
+
" نعم ، ماذا تريدين ..؟! كيف تأتين وتتصرفين هكذا أمام ..."
+
وقبل أن تنهي حديثها فوجئت بهالة تلتفت إليها بعينين مشتعلتين وملامح محتقنة وهي تهدر بصوت صلب :-
+
" ابعدي إبنك عني يا زمرد هانم ..."
+
هتفت زمرد برفض :-
+
" عم تتحدثين ..؟! ما شأن ولدي بك ...؟!"
+
" زمرد هانم ... لا يوجد الآن أحد غيرنا ...
+
قالتها هالة ببرود وهي تضيف بينما تتقدم نحوها :-
+
" خطبتي قريبا .. ربما لديك علم ..."
+
" لم يتبقَ سواكِ لأهتم بإخباره ..."
+
قالتها زمرد بإستهزاء لتهتف هالة بإبتسامة باردة :-
+
" بلى تهتمين .. كلانا يعلم إنك تهتمين كثيرا أيضا .. في النهاية أخباري تهمك كي تطمئني على ولدك ومصيره بعدي.."
+
تجهمت ملامح زمرد بينما أضافت هالة بجمود :-
+
" ابنك لا يتركني وشأني .. يريد إفساد خطبتي .. "
+
احتدت ملامحها تضيف بصلابة :-
+
" وأنا لن أسمح بهذا حتى لو ..."
+
توقفت لوهلة تراقب جمود عيني زمرد و
+
لتضيف بنبرة قاتمة :-
+
" حتى لو إضطررت أن أخبره بكل شيء ..."
+
اتسعت عينا زمرد والغضب طل من مقلتيها لتضيف هالة بإباء :-
+
"سأخبره بكل شيء ... بالإتفاق الذي جرى بيننا ... بما فعلتيه .... لن أتردد لحظة واحدة في أن أهدم المعبد بأكمله فوق رأسك .. إبعديه عن طريقي يا زمرد هانم .. "
+
أنهت كلماتها الحازمة وتحركت خارج المكان تاركة زمرد واقفة مكانها بملامح جامدة وعقلها لا يستوعب بعد ما سمعته ...
+
جاهدت لتستعيد وعيها عندما تجمدت مجددا مكانها وهي ترى ابنتها تقف أمامها وعلى ما يبدو استمعت لحديثهما كاملا ...
+
" سولاف .."
+
همست بها بصعوبة وهي تهم بالتقدم نحوها لكن سولاف سبقتها وهي تتحرك بسرعة مندفعة خارج المكان تاركة زمرد تكاد تنفجر من عصبيتها وآخر ما كان ينقصها أن تسمع سولاف ما جرى بينها وبين هالة ..
+
***
+
كان إياس يقف بجانب توليب يتلقى التهاني من بعض المعارف عندهما همس لها بعدما بقيا لوحديهما أخيرا :-
+
" أريد أن أنفرد بك قليلا ... قبل قليل تم عقد قراننا .. ألا يحق لي الإنفراد بزوجتي ..."
+
ابتسمت بخجل عندما همست :-
+
" الضيوف ينظرون إلينا ..."
+
قال ببساطة :-
+
" أنت زوجتي ..."
+
أضاف وهو يقبض على كفها :-
+
" غدا سيكون أول موعد عشاء لنا سويا ..."
+
رمشت بعينيها وهي تهمس بخفوت :-
+
" حسنا ..."
+
أضاف وهو يتأمل جمالها الصافي :-
+
" أنت اليوم جميلة للغاية ..."
+
همست تشاكسه :-
+
" اليوم فقط ..."
+
قال بجدية :-
+
" أنت دائما جميلة ولكن اليوم هناك شيء مختلف ..."
+
أكمل بعينين شغوفين :-
+
" جمالك مختلف .."
+
غمز لها يضيف :-
+
" تقريبا هذا بسبب إنك أصبحتِ زوجتي ..."
+
ضحكت برقة فضحك بدوره قبل أن تتوقف عينيه لثواني وهو يراها أمامه تتأمله بملامح مشتعلة حنقا وغيره...
+
ثواني وأشارت الى الخارج وهي تتحرك ليبتلع ريقه وهو يهمس لها :-
+
" عزيزتي ... يجب أن أخرج .. سأعود حالا .. "
+
ثم تحرك دون أن ينتظر جوابها تاركا إياها تتابعه بدهشه ...
+
***
+
اندفع الى الخارج يصيح بها :-
+
" ماذا تفعلين هنا ..؟!"
+
أجابته وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها :-
+
" أتيت لأبارك لك خطبتك ..."
+
" غادري يا مروة حالا ..."
+
قالها بأنفاس غاضبة لتهتف ببرود :-
+
" لا يمكنك إجباري على المغادرة .. "
+
أضافت وعينيها تتقدان بغيرة :-
+
" سعيد حضرتك مع إبنة الباشاوات..."
+
" جدا ..."
+
قالها بثبات وهو يضيف بقسوة :-
+
" لا تهيني نفسك أكثر يا مروة .. غادري حالًا ..."
+
" هل تعتقد إنه يمكنك التخلص مني بسهولة ..؟!"
+
سألته بسخرية باردة ليجيب ببساطة :-
+
" ماذا تريدين يا مروة ...؟!"
+
تقدمت نحوه تعبث بأزرار قميصه وهي تهمس :-
+
" أريد حقي فيك ...."
+
قبض على كفها يهمس بثبات :-
+
" كم تريدين ..؟! مليون دولار ... مليونان ..."
+
رفعت يدها تهم يصفعه عندما قبض عليها بقوة يهمس من بين أسنانه :-
+
" لم تخلق بعد المرأة التي تمد يدها على إياس الصواف..."
+
" ستندم ..."
+
قالتها من بين أسنانها وهي تضيف :-
+
" والله ستندم ..."
+
دفعها بقسوة وهو يهمس :-
+
" اخرجي من حياتي .... لا أريدك ... افهمي ..."
+
أكمل بغضب :-
+
" أنا تزوجت ... وأحب زوجتي ..."
+
والكلمة الأخيرة خرجت عفوية ودون تخطيط ولكنها صفعتها بقسوة لتتقدم نحوه تقبض على ياقة قميصه وهي تهتف :-
+
" أنت لا تجيد الحب ... كلانا يعلم ذلك ..."
+
" وكأنك تجيدينه ..."
+
قالها ساخرا لتهمس بصوت جدا :-
+
" نعم أجيده ..."
+
أكملت وعيناها تشتعلان بحماس :-
+
" هل تريد إثبات ..؟!"
+
وقبل أن يعي ما تريده فوجئ بها تنقض على شفتيه تقبلها بجنون وتملك ...
+
ومن بعيد وقف آخر بعينين مصدومين شاهدا على ما حدث ...!
+
***
+
بعد الحفل ...
+
صعد راغب الى جناحه بملامح مرهقة ...
+
دلف الى الداخل ليجد زوجته هناك ما زالت ترتدي فستانها ليتوقف مكانه يتأملها لوهلة وقد شعر وكأنها كانت تنتظر قدومه ...
+
دلف الى الداخل مغلقا الباب خلفه عندما سألها وهو يخلع سترته :-
+
" هل إطمئنيت على الأولاد ...؟!"
+
" نعم ..."
+
قالتها وهي تنهض من مكانها متجهة نحوه قبل أن يتفاجئ بها تأخذ السترة منه وهي تخبره :-
+
" جهزت لك حمامك .. أعلم إن اليوم كان مرهقا وأنت بالكاد وصلت من السفر البارحة ..."
+
نظر لها بتعجب سرعان ما خمده وهو يهز رأسه بإذعان ....
+
تحرك الى داخل الحمام الذي وجده بالفعل مجهزا له على أكمل فتوقف للحظة محاولا إستيعاب ما يحدث ...
+
تغير زوجته معه ...
+
هل كانت تعي حقا ما قالته قبل سفره ...؟!
+
تجاهل أفكاره وهو يبدأ بفك أزرار قميصه بينما في الخارج اتجهت همسة سريعا تسحب قميص نوم اشترته خصيصا لهذه الليلة ...
+
قميص نوم ذو لون كريمي ناعم قصير للغاية بالكاد يصل الى منتصف فخذيها ذو حمالات رفيعة وفتحة عنق مثلثة واسعة تظهر نحرها بسخاء بالغ ...
+
حمالاته مطرزة بفصوص ذهبية ناعمة وكذلك قماشه في منطقة الصدر ...
+
اتجهت نحو طاولة الزينة تسرح شعرها وتعيد ترتيبه بينما فتحت احد المجرات وأخذت أحمر شفاه ذو لون أحمر ناري لم تضعه مطلقا من قبل ...
+
طلت شفتيها باللون الأحمر القاني ثم حملت أحد العطور ذات الرائحة النفاثة القوية ورشت منه فوق عنقها وبداية نحرها ...
+
تحركت بعدها برشاقة وجلست فوق السرير تنتظره ..
+
اليوم ستقدم له دعوة صريحة ...
+
بل ستبادر بنفسها إذا لزم الأمر ...
+
طوال الأسابيع السابقة كانت تفكر بعدما اتخذت قرارها بإصلاح العلاقة بينهما ...
+
لن تنكر إن غيابه ساعدها ...
+
منحها المساحة الكافية لتنفرد بنفسها وتعيد التفكير في كل شيء منذ البداية ...
+
تبحث عن أسباب الخلاف الذي بدأ منذ ليلة زواجهما ..
+
وتبحث بدورها عن نقاط قوتها ...
+
ولا بأس أن تكتشف نقاط ضعفه ...
+
يوما ما قبلت بهذه الزيجة...
+
وافقت على الدخول في هذه العلاقة ...
+
لم يجبرها أحد ولا أحد مسؤول عن خجلها وضعفها وقتها لذا عليها أن تلوم نفسها ولا أحد سواها ..
+
لكنها لن تفعل ذلك ..
+
ستسعى لإصلاح ما أفسدته بدلا من لوم نفسها..
+
قرار راغب الأخير جاء كصفعة لها ...
+
صفعها بقراره لتستفيق من غيبوبتها ...
+
لتعي واقع الحياة الذي لا يشبه الخيال الذي عاشت داخله لسنوات ...
+
ربما هو ليس الرجل الذي حلمت به ...
+
ربما هو ليس رجل أحلامها ولكنه رجل واقع والواقع هو الحقيقة التي لا مفر منها بينما يبقى الخيال مجرد خيال ...
+
سمعت صوت الباب وهو يُفتح ...
+
خرج وهو يجفف شعره بالمنشفة بينما يحيط خصره بمنشفة أخرى عندما نهضت من مكانها واستدارت نحوه وتجمد هو مكانه ...
+
ما هذا الذي ترتديه ...؟!
+
منذ متى وهي ترتدي شيئا كهذا ...؟!
+
قميص نوم مفتوح يظهر أكثر مما يخفي ...!
+
يظهر جسدها الأبيض الناعم بشكلٍ يرهق قلبه ويهلك روحه ...
+
إبتسامتها الناعمة الخجول وحمرة شفتيها القانية ...
+
اللعنة عليه وعليها وعلى اليوم الذي تزوجها به ...
+
من يصدق إنها المرة الأولى التي ترتدي بها شيئا كهذا ..؟!
+
المرة الأولى التي تعرض جسدها أمامه بهذه الطريقة ...؟!
+
عشرة أعوام لم ترتدِ يوما بهما شيئا يبل ريقه كما يقولون ...
+
هل جنت ..؟!
+
هل مسها الجنون ..؟!
+
تقدمت نحوه وهي تحمل معها بيجامته التي جهزتها له أيضا ...
+
مدت البيجامة له وهي تخبره :-
+
" بيجامتك ..."
+
نظر الى البيجامة لوهلة قبل أن يسحبها ويرميها جانبا ثم يتقدم نحوها هامسا بغلظة :
+
" مالذي تفعلينه يا همسة ...؟!"
+
سألته مدعية البراءة :-
+
" مالذي أفعله ..؟!"
+
سألها بعدما شتم داخله :-
+
" ما هذا الذي ترتدينه ..؟! منذ متى وأنت ترتدين هكذا ...؟!"
+
ردت ببساطة :-
+
" لأجلك ..."
+
شعر بالزمن يتوقف حوله بينما امتدت كفها تلمس صدره الصلب والذي ما زال مبللا تضيف بخفوت :-
+
" ارتديته لأجلك يا راغب ..."
+
" لماذا ..؟!"
+
سألها بجمود احتل كيانه لتجيب بخفوت :-
+
" لأكون الزوجة التي تمنيتها طويلا .. لأكون كما تريد ..."
+
قبض على كفها بقوة يهمس لها بخشونة متجاهلا ما تفعله به لمستها بل حديثها ومظهرها المدمر :-
+
" لست مضطرة لذلك ... أبدا يا همسة .."
+
ثم دفعها بخفة وهو يتحرك جاذبا بيجامته ليسمعها تهمس بصوت راجي :-
+
" راغب .. من فضلك ..."
+
تنهد وهو يقف مكانه يوليها ظهره عندما تقدمت نحوه تلمس ظهره بشكل جعله يتشنج كليا بينما تخبره برقة :-
+
" أنا أبحث عن فرصة ... لا تحرمني منها ..."
+
أكملت وكفها تتحرك فوق ظهره العاري بعفوية :-
+
" كما إنني لست مجبرة .. أساسا لو كنت مجبرة لشعرت بذلك .. "
+
التفت نحوها يتأمل وداعة ملامحها والرجاء الخالص في عينيها ليهمس بتعب :-
+
" ماذا أفعل بك يا همسة ..؟!"
+
تقدمت نحوه ومالت تعانق رقبته بذراعيها تهمس له برقة تذيب الحجر :-
+
" كن معي ... ولا تتركني مهما حدث ..."
+
أغمضت عينيها لوهلة ثم فتحتها وهي تضيف :-
+
" أعرف إنني باردة .. معقدة .. مزعجة ولكنني ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
+
" رغم كل شيء أريد وجودك معي وجانبي .. أحتاجك دائما حولي ..."
+
أضافت وهي تلمس وجنته بكفها :-
+
" عندما قلت إنك ستتزوج حقا ورأيت كم إنك جاد في حديثك فهمت إنني سأخسرك حقا هذه المرة .. حتى لو كان زواجا سريا ... كنت سأخسرك .."
+
تنهدت ثم قالت :-
+
" ما قلته كان صعبا وآلمني ولكنه ساعدني .. جعلني أراجع نفسي لأدرك إنني لن أتحمل خسارتك ولن أسمح بها .. أنت زوجي .. أب أولادي الثلاثة ... أنت نصفي الآخر شئت أم أبيت ..."
+
ترقرقت الدموع بعينيها وهي تضيف :-
+
" أعلم إنني كنت غبية .. متخلفة .. حمقاء لكن رغم كل شيء أنا لا يمكنني تحمل خسارتك .. وجودك جانبي حتى ونحن نحيا كالغرباء يمنحني الآمان .. أمان لست مستعدة لفقدانه أبدا..."
+
" لا تبكي ..."
+
همس بها بخشونة لتهمس بضعف :-
+
" إمنحني فرصة واحدة فقط .. فرصة واحدة لا غير ..."
+
أغمض عينيه لثواني يتنفس رائحتها التي تثير خلاياه دون رحمة ...
+
فتح عينيه ليتأمل عينيها الدامعتين تنظران له برجاء وتوسل وفي تلك اللحظة لم يكن بمقدوره سوى أن يضرب بكل شيء عرض الحائط ويأخذها في عناق جارف تجاوبت هي معه مقررة أن تمنحه كل شيء يريده وتمناه طويلا بكامل إرادتها على طبق من ذهب ..!
+
***
+
انتهى حفل الزفاف ...
+
ودعت ليلى عائلتها ولم تستطع السيطرة على دموعها ..
+
ليست زيجتها الأولى ... لكنها بالنسبة لها هكذا ....
+
عانقتها والدتها بحنو شديد وهي تقاوم دموعها ...
+
منحتها نصائح معتادة سريعة فهي تعلم إن إبنتها فعليا لا تحتاج الى نصيحة ..
+
نضجت ليلى بما يكفي ولم تعد تحتاج إلى ذلك كالسابق ...
+
حرصت أن تقرأ بعض الأدعية سريعا وهي تحصنها داخلها ...
+
والدها قبلها من جبينها وهو يدعو لها بالسعادة بينما أخذت والدتها توصي كنان عليها لينضم والدها لهما وهو يوصيه مجددا على ابنته ...
+
عانقت مريم شقيقتها باكية وتمسكت بها لوهلة قبل أن يأتي دور عبد الرحمن التي أصرت ليلى على حضوره حفل الزفاف هو والصغير مصطفى الذي نام خلال الحفل فبقيت المربية معه ...
+
مالت نحو صغيرها الذي برم شفتيها وهو يسألها :-
+
" أين ستذهبين يا لي لي ....؟!"
+
ابتسمت بحب وهي تنحني بفستانها نحوه تقبله من وجنتيه وتخبره بصدق :-
+
" سأشتاق لك كثيرا يا عبد الرحمن ..."
+
أكملت وهي تعبث بخصلاته الشقراء :-
+
" لكنني سأكون دائما معك وحولك ..."
+
تمتم الطفل بنبرة حزينة :-
+
" لا تذهبي ..."
+
ابتسمت له :-
+
" سأعود سريعا ..."
+
عادت تقف وهي تشير الى مريم بهدوء :-
+
" اعتني به .. على الأقل لأجلي ..."
+
تأملتها مريم بصمت لتضيف ليلى عن قصد :-
+
" مثلما غفرت لك يا مريم وسامحتك رغم كل شيء ... راعيهما ولا تأخذيهما بذنب والدتهما ..."
+
تنهدت مريم وهي تهز رأسها بصمت لتقبض ليلى على كفها وهي تخبرها :-
+
" هل تعديني يا مريم ..؟!"
+
ابتسمت مريم بخفة وهي تومأ برأسها لتعانقها ليلى وهي تبتسم بهدوء قبل أن تشير الى عبد الرحمن :-
+
" مريم ستنام الليلة معك ... حسنا ...؟!"
+
نظر الصغير نحو مريم بتأهب فأضافت بمرح :-
+
" اعتني بها جدا فهي تخشى النوم لوحدها ..."
+
هز رأسه وهو يهتف بطاعة لذيذة :-
+
" حسنا يا ليلى ..."
+
ودعت بعدها ليلى العائلة وغادرت الفندق مع زوجها حيث ركبت جانبه في الخلف بينما شغل السائق السيارة الفخمة وقادها متجها بهما الى القصر ..
+
***
+
بعد مدة ..
+
كانت تستند على حافة المغسلة بيديها بينما تتأمل ملامحها بصمت ....
+
بعدما وصلا الى القصر حيث فضل كلاهما أن يقضيان ليلتهما الأولى في جناحهما الذي تم إعداده بإشرافها بدلا من البقاء في الفندق ليقضيان ليلتهما الأولى ...
+
سيبقيان الليلة في القصر بينما يغادران مساء الغد الى رحلتهما الطويلة والتي ستكون بدايتها في روما ....!
+
بعدما وصلا الى القصر وما إن وطأت قدميها أرض المكان حتى شهقت وهي تتفاجئ به يحملها بين ذراعيه وهو يهتف مبتسما بهدوء :-
+
" من العادات أن يحمل العريس عروسه حتى جناحهما ..."
+
توردت وجنتيها واكتفت بإبتسامة صامتة عندما تحرك بها بخفة مرتقيا درجات السلم ومنه الى جناحهما عندما حررها من بين أحضانه في منتصف الجناح لتقف تتأمل المكان بتوتر غزا كيانها لا إراديا ....
+
توتر شعر به هو فهتف بنفس الإبتسامة الهادئة :-
+
" سأتركك الآن حيث تخلعين ثوبك وتأخذين حماما دافئا على مهلك ..."
+
التفتت نحوه تسأله بإرتباك :-
+
" وأنت ..؟! أين ستذهب ..؟!"
+
أجاب بنفس الإبتسامة :-
+
" تركت ملابسا لي في الجناح المجاور ... سأخذ حماما بدوري وأغير ملابسي ثم أعود الى هنا مجددا ..."
+
نظرت له بإمتنان كونه فكر منذ البداية أن يمنحها مساحتها الكافية في هذه الليلة ...
+
" حسنا .. "
+
قالتها بخجل ليهتف بجدية :-
+
" عن إذنك مؤقتا ..."
+
ابتسمت برقة وهي تتابعه يتحرك بهدوء خارج المكان عندما توجهت نحو طاولة الزينة حيث فكت تسريحتها البسيطة لينسدل شعرها الأشقر بخصلاته الناعمة على جانبي وجهها ...
+
خلعت حذائها أولا يتبعه فستانها وحمدت ربها إنها خلعته بسهولة ولم تحتج إليه ليساعدها في خلعه ...
+
تحركت بملابسها الداخلية بعدها متجهة نحو غرفة الملابس الملحقة بالجناح حيث سبق وأتت ورتبت كافة ملابسها والتي جزءا كبيرا منها كان جديدا تماما اشترته خلال الأسابيع السابقة .. تحركت اتجاه الجهة المخصصة لقمصان النوم وقد وجدت قميص النوم الذي اشترته لهذه الليلة معلقا في مكانه كما جهزته مسبقا لتحمله وهي تنظر له بتوتر بديهي ...
+
أخذته ووضعته على السرير ثم دخلت الى الحمام حيث أخذت حماما دافئا تحتاجه بعد يوم طويل مرهق ...
+
حمام دافئ يزيل إرهاقها ويخفف من توترها ويهدئ أعصابها ..
+
انتهت من حمامها لتنهض وتجذب المنشفة تجفف وجهها أولا ثم شعرها وجسدها قبل أن تجذب روب الإستحمام خاصتها وترتديه ...
+
وهاهي الآن تقف أمام المغسلة بخصلاتها المبللة تشعر بتوتر طبيعي لعروس عذراء هذه ليلتها الأولى مع رجل ولكن الغير طبيعي في الأمر إنه رجلها لا يعلم ذلك ...
+
لا يعلم إنها عذراء وإنها ليلتها الأولى ...
+
فلتت ضحكة صادقة رغما عنها بسبب تفكيرها ...
+
أي موقف وضعت نفسها ووضعت كنان به حيث لا يعرف العريس إن عروسه عذراء ..؟!
+
عذراء رغم زواجها السابق والذي استمر لأعوام ...
+
بدا الموقف غريبا ومضحكا لكن عاد التوتر والخجل يكسوها ...
+
من جهة هي خجلة كعذراء ستجرب العلاقة الحميمية للمرة الأولى ومن جهة أخرى خجلة مما سيحدث بعدما يكتشف كنان الحقيقة وكيف ستضطر أن تشرح له الأمر ...
+
تنهدت بضيق ملأ صدرها فجأة مفكرة إنها لا تريد أن تتذكر تلك الزيجة البائسة بكل ما فيها لكن بالطبع كنان سينصدم عندما يعرف الحقيقة ...!
+
حتى لو سيفرح لكن الصدمة ستأخذ نصيبها منه ...
+
تنهدت وهي تتحرك خارج الحمام حيث اتجهت نحو قميص النوم الذهبي ...
+
حملته وهي تتأمل تصميمه البسيط للغاية ...
+
قميص نوم قصير يصل الى ما بعد ركبتيها بقليل من الستان الذهبي ذو حمالات رفيعة وفتحة عنق واسعة قليلا تظهر عنقها المرمري الطويل وبداية نحرها ...
+
ارتدته لينسدل عليها بنعومة فيظهر رشاقة جسدها وهشاشته ...!
+
سحبت الروب الشفاف المصنوع من قماش الشيفون بنفس اللون الذهبي والذي ينسدل حتى قدميها ...
+
اتجهت نحو طاولة الزينة وجذبت المشط تسرح خصلات شعرها بعناية قبل أن تتركه طليقا ...
+
لم تضع مساحيق التجميل حيث اكتفت بوضع ملمع شفاه وقد رشت عطرها المفضل برائحته الناعمة ثم أخيرا حملت قلادة ماسية إشتراها لها الى جانب الطقم الماسي بعدما لاحظ إعجابها بها ...
+
قلادة بسيطة بشكل إطار ذهبي يمتد على طوله فصوص ماسية بيضوية الشكل ومطعمة في نفس الوقت بفصوص ماسية أصغر حجما أخذت شكل ورق الأشجار فبدت وكأنها تتفرع من الغصن المتمثل بالإطار الذهبي ...
+
تنهدت وهي تتحرك متجهة نحو السرير تجلس عليه بصمت تنتظر قدومه عندما سمعت صوت طرقات على باب الجناح فانتفضت من مكانها دون وعي وهي تهتف تلقائيا :-
+
" إدخل ..."
+
دلف كنان الى الداخل بحذر ...
+
أغلق الباب خلفه ثم إلتفت إليها أخيرا ..
+
تأملها مليا ..
+
ترتدي قميص نوم ذو لون ذهبي .. ناعم التصميم وأنيق ...
+
قصير قليلا يتخطى ركبتيها بقليل ...
+
ملامحها الناعمة بدت هادئة تماما ..
+
ثابتة بشكل يثير الإعجاب ...
+
كانت جميلة ... بل أجمل ما رأت عيناه ...
+
لم يستطع منع نفسه من تأمل تفاصيلها والتمتع بجمالها المبهر ...
+
هي باتت زوجته .. رسميا ..
+
كم أعجبته تلك الفكرة ...
+
لقد نال المراد أخيرا وحصل عليها ...
+
تقدم نحوها بخطوات مدروسة جعلت قلبها يدوي بعنف مع كل خطوة لكنها أبت أن تظهر توترها هذا رغم إنه حق مشروع لها خاصة في أول ليلة لهما سويا ...
+
وقف أمامها يتأملها بإعجاب لمع داخل عينيه بينما سارعت أنامله تقبض على ذقنها و ترفع وجهها الذي إنخفض رغما عنها بخجل عفوي ...
+
لاحت على شفتيه إبتسامة هادئة ...
+
إبتسامة مرحبة ..
+
سعيدة ...
+
زاد توترها .. إرتباكها .. وقلقها ...
+
تسائلت إذا ما كان عليها أن تخبره حقيقة هو يغفل عنها ..
+
حقيقة لا يعلمها وهي لم تجرؤ على التطرق إليها ...
+
توقفت أنفاسها وهي تراه ينحني صوبها ....
+
شفتيه تتجه نحو شفتيها ...
+
أغمضت عينيها تستقبل قبلته بإستسلام ومشاعر مختلطة بين الخجل والتوتر والتردد والاستسلام ...
+
ما هي إلا ثواني حتى شعرت بشفتيه تهبط فوق وجنتها تقبلها بخفة .. قبله بالكاد شعرت بها ....
+
تجمدت مكانها للحظات قبل أن تفتح عينيها فتتفاجئ بوجهه يبتعد عن وجهها لتنظر له بحيرة قابلها هو بإبتسامة هادئة غريبة قليلا ...!
+
نظرت له بتساؤل لتجده يقبض على كفها ويتحرك بها نحو الكنبة الموضوعة أمام النافذة الواسعة المطلة على الحديقة الخارجية ....
+
همست بعدما جلست جانبه :-
+
" كنان أنت ..."
+
أوقفها قائلا بدوره :-
+
" أنت متوترة ... "
+
ابتلعت ريقها وهي تنظر له بحذر ليضيف مبتسما :-
+
" تحتاجين أن تهدئي قليلا ...."
+
نظرت له بإمتنان ...
+
نعم هي متوترة لكنها لا تعلم إذا ما كان سبب توترها متعلق بما سيحدث الليلة والذي ستجربه لأول مرة أم بسبب ما تخفيه عنه وسيكتشفه حالما يقربها ...؟!!
+
ابتسمت بهدوء تبعد تلك الأفكار عنها بينما قال هو بجدية :-
+
" أنت بالتأكيد مرهقة أيضا ..."
+
هزت رأسها دون رد ليبتسم وهو يسألها :-
+
" هل تريدين النوم ..؟!"
+
هتفت بتردد :-
+
" صحيح أنا مرهقة لكن ليس لدرجة النوم حالا ..."
+
" إذا لنتحدث ..."
+
قالها مبتسما وهو يضيف :-
+
" كنت قد وعدتك بحديث مهم هذه الليلة ...."
+
لمعت عيناها بقوة وهي تهتف :-
+
" نعم ، من الجيد إنك لم تنسَ ..."
+
" أنا لا أنسى أي شيء يا ليلى ... "
+
قالها بجدية قبل أن ينهض من مكانه لتقبض على كفه لا إراديا وهي تسأله بدهشة :-
+
" إلى أين ...؟!"
+
قال بجدية :-
+
" ثواني وسأعود ... هناك شيء هام يجب أن أحضره ..."
+
تابعته بحذر عندما خرج من الجناح وعاد بعد لحظات قليلة وهو يحمل جهاز حاسوب تأملته بإستغراب ليجلس جانبها وهو يهتف بجدية :-
+
" كنت تتسائلين متى وكيف أحببتك ...؟!"
+
اومأت برأسها ليضيف بجدية :-
+
" لنبدأ منذ البداية ... تحديدا منذ أول مرة رأيتك فيها ..."
+
" متى كانت المرة الأولى ...؟! ألم ترني لأول مرة في تلك الحفلة ..؟!"
+
ابتسم وهو يهز رأسه نفيا قبل أن يفتح ملفا فتظهر صورة بها مجموعة من الفتيات كانت هي إحداهن ...
+
هتفت بدهشة :-
+
" هذه الصورة ..."
+
توقفت لوهلة وهي تحاول التذكر عندما نطقت متذكرة :-
+
" هذه الصورة كانت يوم مسابقة السباحة الدولية ... كنت أشارك بها وقتها و ..."
+
توقفت وهي تتذكر ذلك اليوم عندما هتف مبتسما :-
+
" عندما تعرضت إحدى المتسابقات لمشكلة أثناء المسابقة بينما كنت أنت في المركز الأول متفوقة على البقية ولكن عندما رأيتِ تلك الفتاة والتي بدأت تفقد سيطرتها بسبب تشنج داهم قدمها فجأة تركتي السباق وسبحتِ بسرعة نحوها لمساعدتها بينما بقية الفتيات استمرين في إكمال السباق بلا مبالاة فكل ما كان يهمهن وقتها الفوز ..."
+
" نعم أتذكر .. حتى إنهم كرموني على ما فعلته ..."
+
أومأ برأسه لتضيف بجدية :-
+
" هذا كان منذ أعوام طويلة .. "
+
قاطعها :-
+
" منذ إحدى عشر عاما .. كنتِ في الثامنة عشر من عمرك ..."
+
تنهد مضيفا :-
+
" وأنا كنت في الثالثة والعشرين ... كنت حاضرا السابق لإن ياسمين كانت مشتركة فيه ..."
+
" شقيقتك ..."
+
هتفت بها مذهولة ليضيف بهدوء :-
+
" كانت نفسها تلك الفتاة التي ساعدتها ...."
+
نظرت له بعدم استيعاب ليبتسم وهو يضيف :-
+
" يومها جننت من خوفي عليها ... أتى الطبيب وطمأننا إنها تعرضت لتشنج أثناء سباحتها منعها من الاستمرار وجعلها عاجزة عن الحركة كما تريد ... وأتيتِ أنتِ لتطئمنين عليها .. تأملتك منبهرا ... لم أصدق ما فعلته ... خسرت مسابقة مهمة كهذه تتدربين لأجلها منذ أشهر فقط لمساعدتها .. يومها شكرتك ياسمين كثيرا بينما كنت أنا واقفا أتابع ما يحدث بصمت حتى نطقت أخيرا بكلمات شكر بسيطة رددتِ أنتِ عليها بإبتسامة ودودة دون أن تنتبهي إلي فعليا ....."
+
" أنا لا أصدق ... أنا حتى لا أتذكر ..."
+
ابتلعت بقية حديثها فقال :-
+
" بالطبع لن تتذكري ياسمين رحمة الله عليها ولن تتذكريني ... لقد مرت سنوات طويلة ... كنت صغيرة للغاية وأنا كنت في بدايات العشرينات من عمري ... في الحقيقة أنا أيضا نسيت الموقف بعدما أخبرت عائلتي عنه وأنا أمدح تلك المراهقة التي تصرفت بهذه الطريقة المتفانية وضحت بالمسابقة التي تعبت شهورا لأجلها ...."
+
" بابا وماما كانا فخورين بي جدا ... وتم تكريمي كذلك ... بعدها بأقل من شهر سافرت الى أمريكا للتقديم على الجامعة هناك ..."
+
أضافت بعدها :-
+
" أكمل، ماذا حدث بعدها ...؟!"
+
تنهد مجيبا :-
+
" لم يحدث بعدها شيء .. نسيت الأمر ولكن علي أن أعترف إنني حلمت بك مرتين بعدما حدث ..."
+
" حلمت بي ...؟!"
+
هتفت بها بدهشة ليومأ برأسه وهو يجيب :-
+
" نعم ، لم يكن حلما واضح التفاصيل لكنني رأيتك في منامي ... وبعدها مرت السنوات ... لم ألتقيكِ .. أساسا أغلب السنوات بعدها قضيتها خارج البلاد بحكم عملي ... "
+
توقف لوهلة قبل أن يضيف مرغما :-
+
" حتى عندما علمت بزواج عمار من خطيبة أخيه لم أهتم برؤية صور زفافه فأنا لا أطيقه من الأساس ..."
+
تجاهلت ما قاله وهي تضيف :-
+
" وبعدها ..."
+
هتف بجدية :-
+
" بعدها رأيت صورتك وأنا أبحث خلفك أثناء تخطيطي لانتقامي من عمار ... وقتها جذبني جمالك المختلف ... جمال ساحر .. شعرت إنني رأيتك من قبل ... حاولت التذكر لكنني فشلت في البداية وبعدها التقيتك في الحفلة ... وقتها قررت التعرف عليك ... لم يكن ذلك من ضمن الخطة .. نعم كنت أريد إدخالك في خطتي لكن ليس بهذه الطريقة .. وقتها أردت التعرف عليك ... فضولي دفعني لرؤية ليلى سليمان التي سمعت عنها كثيرا بسبب موضوع انتقامي من عمار.. ليلى التي كنت سأجعلها جزءا من خطتي ..."
+
تنهد مسترسلا :-
+
" وراقصتك ... ومجددا شعرت بإنني أعرفك .. بإنني سبق وتحدثت معك ... "
+
ابتسم مضيفا :-
+
" سألتني متى أحببتك ... لا أدرك متى تحديدا لكنني إنجذبت إليك فعليا أثناء رقصتنا وحديثنا في تلك الحفلة ... وزاد إنجذابي إليك عندما التقيت بك بعدها في العمل ... انجذبت لتلك الأنثى الرقيقة والتي تقف شامخة رغم كل المشاكل المحيطة بها من جميع الجوانب .. تجاهد لإستعادة وضع شركة والدها القديم ... كنت قوية رغم رقتك الواضحة وهشاشتك الظاهرة ... إعجابي بك بدأ منذ اليوم الحفلة .. منذ رقصتنا الأولى ... إعجاب تضاعف وبوسي تخبرني عن رفضك الدخول في لعبة الانتقام من عمار رغم ما فعله بك ... "
+
تغضن جبينها فأضاف بتروي :-
+
" بوسي أخبرتني كل شيء ... عن سبب زواجك منه .. عن معاناتك معه ... عن تحملك كل هذه المعاناة لسنوات ... عما تلا ذلك .. كان لديها علم بكل شيء بسبب علاقتها بعمار ... تخبطت مشاعري بعدها ما بين دهشتي من تصرفك وكيف تحملت هذا الكم من الألم لأعوام وبين قوتك وصبرك ... بقيت أفكر بك يومها غير مصدقا أنه يوجد امرأة يمكنها أن تضحي لهذه الدرجة ... تتخلى عن كل شيء لأعوام .. تتزوج من رجل لا تطيقه ... "
+
هتف وإبتسامة باهتة تتشكل فوق ثغره :-
+
" وأثناء ما كنت أفكر بكل هذا تذكرتك ... كنتِ نفس الفتاة التي رأيتها قبل أعوام وساعدت ياسمين ... حينها فقط لم أستغرب تصرفك .. فأنت فعلتِ ما فعلته وقتها وأنقذتي شقيقتي وتنازلت عن المسابقة التي كنت ستأخذين فيها المركز الأول وتصرفت هكذا رغم صغر سنك ... فهمت إن هذه التصرفات المليئة بالتضحية لن تصدر سوى من أنثى نادرة مثلك .... ومنذ ذلك اليوم وأصبحت تشغلين بالي بل احتليت أفكاري كليا ... قررت أن أقترب منك .. والبداية كانت صفقة مع شركة والدك ..."
+
أضاف بجدية :-
+
" هل تعلمين ..؟! عندما أتيت لأجل الشركة كنت اتخذت وقتها قرار الزواج منك ..."
+
نظرت له بدهشة ليبتسم وهو يضيف :-
+
" نعم ، منذ ذلك الوقت وأنا قررت إنك ستكونين زوجتي ... والبداية كانت شراكة سعيت إليها بكل قوتي لتكون بداية الخيط الذي سيجمع بيننا ..."
+
هتف منهيا حديثه :-
+
" أنا لا أعلم متى بالضبط أحببتك ... ما أدركه إنني إنجذبت إليك حالما راقصتك ... هناك شيء ما غريب وقتها جذبني اليك .. سحر غريب ربطني بك فدفعني لأبحث خلفك وتطور الأمر تدريجيا ... أما عن إدراكي لمشاعري فأنا أدركت إنني أحببتك فعليا في ذلك اليوم الذي وضعت فيه خاتمي في بنصرك ... يومها فهمت إن مشاعري حب بل عشق ... وإن الأمر لا يقتصر على إعجابي بشخصك فقط وبما عرفته عنك ... أنا أحبك ... أنت تسللتي لقلبي ببساطة غريبة وإحتليته بنفس البساطة لأجد نفسي عاشقا متيما بك ... عاشقا سعيدا بمشاعره هذه لإنه يدرك جيدا إن مشاعره اتجهت لمن تستحقها فعلا ... "
+
ترقرقت الدموع داخل عينيها وهي تهمس بصدق وحديثه امتلك روحها كليا :-
+
" أنت رائع يا كنان ..."
+
جذب كفها يقبله برقة وهو يهمس بصدق :-
+
" رغم كل شيء ومهما حدث بيننا تذكري شيئا واحدا .. شيئا واحدا لا تشكي فيه ولو للحظة .. حبي لك .. أنا أحبك وسأظل أحبك ... "
+
مدت يدها تلمس ذقنه الحليقة لتهتف بخفوت :-
+
" أنا محظوظة بك ... محظوظة بحبك ...."
+
أكملت وعيناها تلمعان بشغف :-
+
" أنت الرجل الذي كنت أبحث عنه يا كنان .. أنت الرجل الذي منحني كل شيء كنت أفتقده .. رجل اكتملت به ومعه ... "
+
تنهدت ثم أكملت بصوت مبحوح :-
+
" لولاك كنت سأحيا بقية عمري وحيدة ... كنت سأبقى في عزلتي كارهة كل شيء حولي .. كنت سأتحول لفتاة جامدة حياتها باردة بل لا حياة حولها لكنك ساعدتني ..كان لك الدور الأكبر في إستعادة ذاتي المفقودة .. في التحرر من الماضي .. في تخطي الألم والخذلان ...."
+
ابتسم ثم قال بجدية :-
+
" أنت تعلمين إن قربك هذا خطير ..."
+
اومأت برأسها دون رد ليتنهد قبل أن يهتف بجدية وهو يلمس كفها بحنو :-
+
" لا أريد أن أضغط عليك رغم لهفتي المجنونة لذلك ولكن .."
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" أريدك وأنت مستعدة تماما ... ليس جسديا فقط بل نفسيا أيضا... لذا لا تضغطي على نفسك لأجلي أبدا... عندما تستعدين ..."
+
أوقفته قائلة :-
+
" لكنني مستعدة ..."
+
ثم عضت شفتها بخجل تلعن قولها بهذه الطريقة ليبتسم بتروي وهو يسألها بحذر :-
+
" أنت حقا مستعدة ...؟!"
+
أخفضت وجهها خجلا ليهمس بإسمها مجددا فترفع عينيها على استيحاء قبل أن تهز رأسها بصمت ليميل نحوها ويرفع ذقنها غارقا في عسل عينيها للحظات قبل أن ينحني نحو ثغرها يقبله برقة فائقة جعلتها تذوب كليا وهي تبادله قبلته التي بدأت تتعمق أكثر ...
+
قبلها ببطأ شديد.... بتروي وشغف ....
+
ابتعدا عن بعضيهما بعد لحظات فوجد وجهها بات أحمرا تماما ليبتسم بشغف وهو ينحني صوبها مجددا يقبلها بنفس الطريقة بينما يده تحركت نحو روبها تخلعه عنها قبل أن يحملها بقميص نومها متجها بها نحو السرير يغرقها في دوامة من العشق والشغف بينما هي مستسلمه له ولمشاعره الحارة كليا ...
+
انتهى الفصل
+