اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثامن 8 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثامن 8 بقلم سارة علي 








إذا كنت لست مؤهلا للحب فلا تحب ...

+


لا تجرح قلبا لا ذنب له بتخبطك وضياعك وعقدك ومشاكلك النفسية ..

+


لا تدخل في علاقة أنت لست أهلا لها ولا تحطم قلبا لا ذنب له سوى إنه أراد أن يحيا مشاعر الحب الصادقة معك ...












+


إذا كنت لست مؤهلا لتتزوج فلا تفعل ...

+


لا تربط شخص آخر بحياتك وتجعله طرفا في علاقة تستزفه كليا وتمتص طاقته كاملة وتسرق الحياة منه ...

+


القلوب ليست محل للتجارب ...

+


القلوب لم تخلق للعبث ... 

+


جرح القلب أعمق بكثير من أن يطيب يوما .. 

+


حتى وإن شفي القلب من جروحه ستبقى آثار ذلك الجرح محفورة داخله تستيقظ بين حين وآخر لتذكره بجرح الماضي الذي ترك هذا الآثر خلفه ..




















+


أخذ المفتاح من والده وأشار للجميع بحزم :-

+


" يمكنكم المغادرة ... ماذا تنتظرون ...؟!"

+


تطلع الجميع الى بعضهم البعض بدهشة قبل أن يشير عابد الى زوجته بعينيه لتتحرك جانبه يتبعهما البقية بينما وضع مهند المفتاح في القفل وسارع يفتح باب الجناح ليجدها تقف مقابله بملامح متحفزة ...

+


عيناها متسعتان بتحفز .. حمراوان تماما ... 

+


وجهها ملطخ بآثار الدموع .. وشعرها منثور على جانبي وجهها ...!

+


" جيلان ...""

+


همس بها بخفوت لتندفع نحو الأمام وهي تصرخ :-

+


" والله لن أتركهم ..."

+


لكنه سارع يوقفها محيطا خصرها بذراعيه مرددا بحزم :-

+


" قفي مكانك .."

+


صاحت وهي تحاول دفعه :-

+


" اتركني ... دعني وشأني ... لن أمرر لهم فعلتهم هذه ..."

+


" جيلان اهدئي ..."

+


قالها وهو يقبض على كتفيها بقوة يثبتها مكانها وعيناه تنظران الى عينيها بحزم شديد ....

+


وهنت ملامحها وارتخى جسدها وسيطر الضعف رغما عنها عليها ليهمس لها ويده تنحدر نحو كفها قابضا عليها بهدوء :-

+


" تعالي الى جناحك ..."

+


سارت كالمغيبة معه بينما تحرك بها وهو ما زال ممسكا بيدها خارج جناح والديه متجها بها الى جناحها ...

+



                            
أدخلها الى الجناح لتقف مكانها تتأمل المكان حولها لوهلة بعينين ملأهما الضياع فجأة...

+


ضياع ملأ كيانها ... ورغبة شديدة بالتلاشي سيطرت عليها ...

+


اتجهت الى الداخل دون صوت ... هبطت بجسدها نحو أرضية المكان تستند على الحائط خلفها وترفع فخذيها نحو صدرها تحيط كليهما بذراعيها وذقنها مرتكز فوق ركبتيها المضموتين بدوريهما عند صدرها ....

+


وقف يتأملها بضياع تمكن منه هو الآخر وحالتها تلك تقتله ...

+


عاد شعور الذنب يقتحم روحه بقوة ...

+


يحطم ثباته ...

+


اعتصر قبضتيه بقوة وهو يتأملها بهذه الحالة المزرية ...

+


كل شيء حدث بسببه ...

+


أتته يوما وهي محطمة فحطمها أكثر ودمرها تماما بدلا من أن يلملم حطامها ...

+


تحرك بآلية خارج الجناح ...

+


نادى على هالة التي أتت مسرعة فطلب منها مهدئا مناسبا تضعه في عصير ليمون يأخذه لها بحجة تهدئتها ...

+


عاد متحركا الى الداخل بينما اتجهت هالة تخبر فيصل أن يجلب لها نوع الحبوب ذلك والذي ليس موجودا معها ...

+


سار بخطوات متمهلة نحوها ..

+


جلس بجانبها على ارضية الغرفة الباردة فمنحته نظرة عابرة ثم عادت تنظر أمامها حيث الفراغ الذي لا نهاية له ...

+


تمتمت بنبرة جامدة كجمود روحها :-

+


" تغيرت ..."

+


سألها دون أن ينظر نحوها :-

+


" للأفضل أم الأسوء..؟!"

+


ارتسمت ابتسامة ساخرة فوق شفتيها وهي تخبره ببساطة :-

+


" ليس مهما ... المهم أن ترضى العائلة عنك ..."

+


التفت بوجهه نحوها يتأمل صفحة وجهها الصلبة كصلابة روحها الآن ليسألها بإهتمام :-

+


" هل هذا ما تعتقدينه ...؟!"

+


ردت بصوت جاف :-

+


" ألم تتغير لأجل نيل رضاهم ...؟! كي لا ينبذونك ... كي تلائم مكانة العائلة وأخلاق ذويها ... "

+


تسائل بجدية :-

+


" وأنت تفعلين العكس كي لا تلائميهم ..."

+



        

          

                
استدارت نحوه تهتف بحدة رافضة هذا الاتهام :-

+


" انا أفعل ما يحلو لي... ما يعجبني ... ما يريحني ...."

+


سألها مجددا بهدوء لم تعتقد يوما انه يمتلكه :-

+


" وهل ما تفعلينه الآن يمنحك الراحة ..؟؟"

+


ردت بوجوم :-

+


" بالطبع وإلا ما كنت لأفعله ..."

+


تشكلت ابتسامة متهكمة على ثغرها وهي تضيف بمرارة :-

+


" لكنه لا يعجب من حولي .. لا يعجب عائلتك المبجلة ..."

+


قاطعها بتروي :-

+


" عائلتي هي عائلتك يا جيلان ..."

+


همست ببرود :-

+


" انا لا عائلة لي ...."

+


ثم ارتفعت نبرتها مضيفة :-

+


" هذه العائلة ليست عائلتي ..."

+


قال بحذر :-

+


" من هي عائلتك إذا ...؟! أخيك ...؟؟"

+


ردت بعد صمت امتد لثواني :-

+


" أخبرتك انه لا عائلة لدي ... انا لا أنتمي لأي عائلة بعد الآن ولا لأي أحد ... لا أنتمي لأخي او ابنة خالتي التي تعتقد إنها بإمكانها تسييري بالشكل الذي تريده ولا أنتمي لعائلة والدي حتى ... أنا أنتمي لنفسي فقط .. وأهتم بنفسي فقط وسوف أعيش لأجلي فقط ...."

+


تأملها بصمت لتسأله ببرود :-

+


" ألن تقول شيئا ...؟! "

+


" مالذي تنتظرين مني قوله ..؟!"

+


سألها بفضول لتهز كتفيها مرددة :-

+


" لا أنتظر منك شيئا أفضل من البقية ولا أهتم لما ستقوله ... انت بالذات يا مهند لا تهمني ولا أنتظر منك أي شيء ... "

+


" ولكن ربما أريد مساعدتك ..." 

+


نطقها بصدق لتفلت منها ضحكة سريعة قبل أن تردد بتجهم :-

+


" برأيي أن تهتم بنفسك أفضل ... أم إنك صدقت ما أنت عليه الآن وتعتقد إنك تغيرت فعلا كما يعتقد جميع من حولك ..."

+


سألها بجدية :-

+


" لماذا تصرين على إنني لم أتغير فعليا ...؟! بعيدا عن كوني لم أتغير بالشكل الذي تعتقدينه ...."

+


رمته بنظرات مستاءة تخبره :-

+


" أخبرتك قبل قليل ..."

+



        
          

                
أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" التغيير الذي يكون بدافع ارضاء أحدهم ليس صحيحا ولا دائما ... "

+


" أنت تصرين على إنني تغيرت لأجل العائلة إذا ...."

+


هزت رأسها بصمت ليتنهد بصوت مسموع ثم يقول :-

+


 " وما الخطأ في هذا يا جيلان ...؟! ما الخطأ أن نتغير لأجل من يستحقون تغييرنا هذا ..؟! ما الخطأ في تجنب المشاكل والاخطاء القديمة ...؟!"

+


أجابت بجدية :-

+


" لا يوجد خطأ ... انت تغيرت .. هنيئا لك .. أما أنا فلا أريد ذلك .. أنا حرة ..."

+


" نعم انت حرة .."

+


قالها بجدية لتسأله بغضب مكتوم :-

+


" جيد ... لماذا تتحدث معي بهذه الطريقة ...؟!"

+


أطلق تنهيدة مسموعة قبل أن يجيب بحشرجة :-

+


" لإنني أكثر من يفهم ما تعيشينه وتشعرين به ... لا أحد سيفهمك بقدري ولا أحد سوف يستوعب ما تمرين به قدري .. انا فقط من يفهم ويستوعب لإنني كنت مكانك يوما ما ... كنت مثلك ... تصرفت بنفس طريقتك والنتيجة كانت سيئة لأبعد حد ..."

+


استدارت بجسدها كاملا نحوه تهتف بتحفز :-

+


" إذا كنت تنوي اتخاذ دور المرشد الناصح لتلقي على مسامعي نصائحك الثمينة وتحاول أن تفعل ما فعله والدك صباح اليوم معي عل وعسى تنجح في تغييري فلا داعي لكل هذا لإنك لن تنجح ولإنني لن أستمع لك من الأساس ..."

+


تأملها بصمت امتد لوهلة ...

+


صمت استفزها عندما قال ببساطة :-

+


" من قال إنني سأفعل ..؟! لماذا تعتقدين إنني أريد ذلك ...؟! لماذا تعتقدين إنني سوف أسعى لتغييرك مثل البقية ..؟! "

+


" لماذا أنت هنا إذا ..؟!"

+


سألته بإنفعال ليجيب ببساطة :-

+


" لأساعدك ..."

+


سألته ساخرة :-

+


" وكيف ستساعدني ان شاءالله ...؟! "

+


رد ببساطة :-

+


" اطمئني .. مساعدتي لا تقتضي تغييرك ...."

+


" إذا كنت تريد مساعدتي حقا فدعني أغادر هذا القصر ..."

+


قال بجدية :-

+


" القرار ليس بيدي ...."

+



        
          

                
أكمل بخفوت :-

+


" ولكنني سأسعى بكل قوتي للوقوف جانبك ... "

+


ضربت أرضية الغرفة يكفيها وهي تصيح به :-

+


" توقف عن قول أشياء لا وجود لها ... توقف عن قول ما لن تستطيع فعله ...."

+


" سأحاول على الأقل ...."

+


قالها محاولا امتصاص غضبها لتسأله بيأس :-

+


" لماذا ..؟! لماذا ستفعل بي هذا ..؟! لماذا تهتم بأمري ..؟! لماذا ستقحم نفسك في مشاكلي ..؟!"

+


أجابها بصدق :-

+


" لإنني من تسببت بهذا المشاكل او على الأقل تسببت بجزء كبير منها .. ولإنني تغيرت ..."

+


أكمل وابتسامة حزينة ترتسم فوق شفتيه :-

+


" لإنني لم أعد مهند القديم .. مهند القديم الذي كان سيدير لكِ ظهره بلا مبالاة وأنت على هذه الحالة ... أما الآن فأنا لا أستطيع فعل ذلك ... لا أستطيع أن أدير ظهري لكِ وأتركك على هذه الحالة ..."

+


" تريد إراحة ضميرك إذا .. ضميرك الذي يؤنبك لما فعلته بي .."

+


قالتها بتهكم مرير ليجاوب بجدية مؤكدا حديثها :-

+


" نعم ، أريد ذلك .. لن أنكر هذا كما تظنين ..."

+


أضاف والقوة الممزوجة بالثقة سيطرت على ملامحه في تلك اللحظة :-

+


" وسأفعل لك .. سأساعدك يا جيلان ... بإرادتك أو إجبارا عنك سأفعل ... لأجلك أولا ولأجلي أنا ثانيا ...."

+


تابع عينيها اللتين تتأملانه بغضب مشتعل بصمت هادئ عندما سمع طرقات على باب الجناح لينهض مسرعا ويتجه نحو الباب يفتح فيجد هالة امامه تحمل قدح يحوي عصير الليمون ...

+


تناول القدح منها وتوجه نحوها ...

+


وقف قبالها وهو يمد قدح العصير نحوها يخبرها :-

+


" الخادمة أتت لك بعصير الليمون كما طلبت منها ... تناوليه لتهدئي قليلا ...."

+


نهضت من مكانها تتأمله بسخرية باردة ...

+


جذبت قدح العصير وارتشفت منه القليل قبل أن تهتف بامتعاض :-

+


" مقرف ..."

+


ثم اتجهت نحو سلة المهملات وسكبت العصير فيها قبل أن تستدير مجددا نحوه تصيح به بحزم :-

+


" اخرج..."

+


تأملها بوجوم وهو يدرك مدى صعوبة الطريق نحوها ...

+



        
          

                
تنهد مرددا :-

+


" تصبحين على خير .."

+


ثم هم بالتحرك عندما توقف على صوتها ينادي باسمه ليلتفت نحوها فيجدها تتأمله بتهكم وهي تخبره بنبرة مستفزة :-

+


" توقف عما تفعله ..دور البطل المغوار لا يليق بك يا مهند ..."

+


تأملها بهدوء قبل أن يخبرها ببساطة :-

+


" معك حق .. دور السفاح يليق بي أكثر ..."

+


" صحيح ..."

+


هتفت بها بشموخ ليضيف متهكما :-

+


"عليك أن تخشيني إذا كي لا تكوني أحد ضحاياي .... فمهما حدث تظل الروح عزيزة يا جيجي ..."

+


ألقى جملته الأخيرة باستفزاز مقصود ثم تحرك خارج المكان تتابعه هي بعينين مشتعلتين قبل أن تصرخ بعصبية :-

1


" مغرور ، مستفز وأحمق ..."


+


*********

+


كانت توليب تتحرك داخل جناحها بتوتر وقلق عندما دخلت هالة إليها وهي تخبرها :-

+


" وصلوا يا تولاي .."

+


قالت توليب بسرعة وهي تتقدم نحوها :-

+


" ماذا عن جيلان ...؟!"

+


أجابت تطمأنها :-

+


" لا تقلقي بشأنها ... مهند تصرف معها .. هي في جناحها حاليا ... "

+


قالت توليب باضطراب :-

+


" أنا قلقة يا هالة ... ما زلنا في البداية وحدث كل هذا ...بل قبل البداية حتى .."

+


هتفت هالة بسرعة :-

+


" عزيزي تولاي ... أنت تعرفين وضع جيلان ... لا تفعلي هذا أرجوك ..."

+


دلفت همسة وهي تقول لهما :-

+


" ماذا تفعلان هنا ...؟!"

+


أشارت الى توليب بعدها :-

+


" هيا يا تولاي .. انزلي الى الأسفل لتعدي القهوة وتأخذيها لهم ..."

+


هتفت هالة بحماس :-

+


" عريسك في الأسفل يا حلوتي ... "

+


أضافت وهي تغمز لها :-

+


" إنه وسيم للغاية فتاة .. أكثر وسامة على الطبيعة .."

+


توردت وجنتا توليب على الفور بينما قالت همسة بعجلة :-

+


" تحركا هيا .. وأنت يا تولاي بسرعة من فضلك .."

+



        
          

                
اتجهت توليب بسرعة نحو المرآة تتأمل نفسها للمرة الأخيرة وهي تسألهما :-

+


" هل أبدو جميلة ...؟! هل أحتاج الى بعض التعديلات في مكياجي أو ملابسي ...؟!"

+


" إطلاقا .. لا تحتاجين الى أي تعديلات ..."

+


قالتها هالة بجدية بينما هتفت همسة وهي تتأملها بحب :-

+


" تبدين رائعة ..."

+


ثم صاحت تستعجلهما:-

+


" والآن تحركا بسرعة قبل أن تغضب خالتي ..."

+


ركضت الفتاتان سريعا خارج الجناح متجهتان الى المطبخ تتبعهما همسة التي عادت الى صالة الجلوس حيث يجلس الجميع ...

+


***

+


دلفت همسة الى صالة الجلوس مجددا وأخذت مكانها بجوار راغب عندما أشارت ألفت الى زهرة :-

+


" كنتك جميلة للغاية يا زهرة هانم ..."

+


ابتسمت زهرة وهي تخبرها :-

+


" همسة ليست كنتي فقط بل هي ابنة شقيقتي الراحلة وبمثابة ابنتي ... هي وشقيقتها هالة .. سترينها الآن ..."

+


ابتسمت ألفت مرددة :-

+


" حفظهم الله لك ..."

+


آمنت زهرة على دعائها بينما كان إياس يجاور جده الذي أتى بنفسه ليخطب توليب له وهو يؤكد على مدى سعادته بهذا النسب العريق والمشرف ...

+


تجاوره من الناحية الأخرى والدته بينما على الكرسي المجاور للكنبة يجلس عمه وزوج والدته عارف بينما امتنع رأفت ابن عمه عن الحضور بعدما تحجج بوجود عمل في إحدى المحافظات فغادر قبل يومين ...

+


على جانبهما كان يجلس راغب وبجانبه همسة وجانبها يجلس مهند يتابع ما يحدث بوجوم فهو من الأساس لم يكن متحمسا لهذه الخطبة بتاتا وقد جاء تصرف جيلان وما فعلته ليضاعف من ضيقه ..

+


على الكرسي جانبه يجلس فيصل والذي همس له :-

+


" خفف من وجومك يا مهند ...؟! لدينا ضيوف وليسوا ضيوف عاديين..."

+


تأفف مهند بصمت بينما تراجع فيصل الى الخلف قبل أن ينظر الى راجي الذي يجلس قريبا منه بملامح بدت غريبة قليلا حيث بدا وكأنه يحمل هموم الدنيا كلها فوق رأسه ...

+


كان عابد يتبادل الأحاديث مع الموجودين وتحديدا عارف بينما إياس والجد يتحدثان مع راغب عندما دلفت توليب أخيرا وهي تحمل صينية وضعت بها فناجين القهوة تتبعها هالة لتتجه عينا إياس بسرعة نحوها فيتأملها بفستانها السمائي الرقيق وهي تتقدم نحو الجد أولا منحنيه بالصينية نحوه وهي تبتسم بخجل فطري فيتناول الجد منها القهوة وهو يتمتم بسعادة جلية :-

+



        
          

                
" أشكرك يا ابنتي ..."

+


اتجهت بعدها نحو عمه تقدم القهوة له ثم لوالدته وبعدها والديها ...

+


وأخيرا جاء دوره عندما مالت أمامه بإرتباك ظهر بوضوح على ملامحها ليبتسم بهدوء وهو يتناول فنجانه فتبتعد بسرعة متجهة بفناجين القهوة للبقية ...

+


اتخذت بعدها مكانها بجانب هالة وراجي بينما قالت ألفت وهي تتأمل بفرحة صادقة :-

+


" ماشاءالله ...يسعدنا وجودك بيننا في العائلة يا توليب .. "

+


أخفضت توليب رأسها بحرج بينما وضع الجد فنجانه على الطاولة أمامه وقال مشيرا الى عابد :-

+


" أنت بالطبع تعلم سبب مجيئنا يا عابد بك ... إياس ليس مجرد حفيدي ... إياس ابني الذي ربيته بنفسي وسعيت ليكون الأفضل دائما ... ولإنني أريد له الأفضل فلم أجد أفضل من ابنتك زوجة له ... لذا يشرفني أن أطلب يد إبنتك توليب لحفيدي وسأكون سعيدا وفخورا للغاية بدخول كنة رائعة مثلها ذات نسب عريق ومشرف كنسب آل هاشمي الى عائلتنا ...."

+


ابتسم عابد هاتفها بجدية :-

+


" ونحن أيضا نتشرف بكم وبنسبكم يا بكر بك ... "

+


أضاف وهو يتأمل ابنته :-

+


" ما رأيك يا توليب ...؟!"

+


ورغم إنه كان سؤالا كلاسيكيا يعرف جوابه مسبقا إلا إنه كان لابد أن يسأل لتحتقن ملامح ابنته خجلا وهي تخفض وجهها أرضا فيهتف الجد بكر :-

+


" السكوت علامة الرضا يا عابد بك ... على بركة الله ..."

+


قرأ بعدها الجميع الفاتحة عندما نهض إياس يقبل يد جده قبل أن يتجه نحو عابد الذي نهض يحييه فعانقه وهو يربت على ظهره يخبره :-

+


" مبارك يا بني ... "

+


اتجه بعدها نحو زهرة يقبل كفها برقي فربتت زهرة على كتفه ليتجه بعدها نحو والدته التي عانقته بحب لم يستطع ألا يستجيب له ...

+


اتجه نحو عمه بعدها يتقبل مباركته له وعناقه السريع على مضض ...

+


بينما تبادل بعدها المباركات مع راغب وراجي وبقية الموجودين  حتى أتى دورها ليقبض على كفها مرددا بابتسامة :-

+


" مبارك يا توليب ...."

+


تمتمت بحرج :-

+


" شكرا ...."

+


اتجهت معه الى جده حيث ابتسم لها وهو يربت على ظهرها :-

+



        
          

                
" بارك الله لكما بهذه الخطبة وعقبال الزواج قريبا باذن الله ...."

+


بينما عانقتها ألفت بسعادة وهي تخبرها :-

+


" لو تعلمين مدى سعادتي بك يا عزيزتي ..."

+


حياها عارف وبارك لها بابتسامة ودودة قبل أن تتجه بعدها نحو والدتها التي عانقتها بحب ثم والدها والبقية ليعود بعدها كلا منهما الى مكانه ليتفقا على بقية الأمور وقد حددا موعد الخطبة الرسمية والذي سيكون بعد إسبوعين ..

+


***

+


ما إن غادر الجميع حتى نهض راغب مستأذنا متوجها الى جناح الضيوف الذي بات يمكث به يتبعه البقية تدريجيا ...

+


دلفت همسة بدورها الى جناحها وهي تشعر بالضيق الشديد ...

+


مجددا يذهب الى جناح الضيوف غير آبها بأي شيء ...

+


طوال سنوات زواجهما لم يفعلها ...

+


ماذا جرى له ...؟!

+


عادت الشكوك تسيطر عليها ....

+


لماذا تصرف بهذه الطريقة بعد قدوم يسرا وهو الذي لم يترك جناحهما يوما رغم كل الخلافات السابقة ...؟!

+


هل لقدوم يسرا دخلا بهذا ...؟!

+


مالذي تغير بعد قدومها ليتصرف بهذه الطريقة غير آبها بمظهره أمام العائلة كعادته ...؟!

+


اشتعلت النيران في صدرها وهي تتخيل علاقة يسرا بتصرفه هذا ....

+


اتجهت تغير ملابسها وحاولت بعدها أن تخلد الى النوم لكنها فشلت ...

+


نهضت من فوق سريرها واتجهت خارج الجناح ببيجامتها الحريرية المحتشمة حيث توجهت الى جناح أطفالها أولا لتلقي نظرة عليهم قبل أن تخرج بعدها وقد عقدت العزم على الذهاب إليه والتحدث معه ...

+


وقفت أمام باب الجناح الذي يمكث فيه تطالعه بتردد ...

+


في النهاية حسمت أمرها وطرقت على الباب بخفة ...

+


أرادت أن تتراجع وكبريائها يرفض بشدة ما تفعله ....

+


تذهب إليه وما يلي ذلك ...!

+


هل ستطلب منه العودة ...؟!

+


هل ستقول له ،عد الى جناحنا ..؟!

+


لا ، لا يمكن أن تفعل ...

+


لن تهين نفسها بهذه الطريقة ...

+



        
          

                
أرادت أن تتراجع لكنها تذكرت أطفالها لا إراديا ...

+


ستفعل أي شيء لأجلهم ...

+


عادت تطرق على الباب مجددا بينما تشعر بالانزعاج مما تفعله وكبريائها ينهرها بقوة ...

+


كادت أن تتحرك مبتعدة عندما فتح هو الباب فتجمدت مكانها بينما تأملها هو ببرود لتشعر بجفاف حلقها لا إراديا بينما تبحث عما ستقوله ....

+


في النهاية وجدت نفسها تنطق متسائلة :-

+


" هل ستنام هنا الليلة أيضا ...؟!"

+


رد ببرود :-

+


" نعم... الليلة وكل الليلة ... من الآن فصاعدا سأقيم هنا ... "

+


بهتت ملامحها لتسأله بتردد لا يخلو من الغباء :-

+


" لماذا ...؟! ما حدث لا يستدعي كل هذا ..."

+


قاطعها ببرود :-

+


" الأمر لا يتعلق بما حدث فقط ..."

+


" إذا ....؟؟"

+


سألته مجددا بحذر ليجيب عن قصد :-

+


" الأمر يتعلق بعدم رغبتي في التواجد معك في نفس الجناح ... ولا النوم جانبك على نفس السرير..."

+


طعنة سددها بمهارة لكبريائها ....

+


انعقد لسانها داخل فمها مجددا ...

+


أخذت تعض على شفتيها وهي تجاهد كي تسيطر على إنفعالها لكنها فشلت فخرجت حروفها سريعة غاضبة :-

+


" طوال السنوات السابقة وأنا لا أرغب بتواجدي معك في نفس الجناح والنوم جانبك ومع هذا كنت أجبر نفسي على ذلك ..."

+


احتقنت ملامحه بقوة بينما نظرت هي إليه بتحدي ليجيبها ببرود وهو يجاهد كي يكتم غضبه :-

+


 " جيد إذا .. لقد أرحتك مني ومن وجودي المزعج ..."

+


ثم أولاها ظهره وهو يهم بالتحرك الى الداخل مغلقا الباب في وجهها عندما وجدها تقول بسرعة :-

+


" ولكن هذا ليس حلا .. ليس حلا أن تترك الجناح ...."

+


التفت نحوها يهدر من بين أسنانه :-

+


" ماذا تريدين يا همسة ..؟! أنت قلت بنفسك إنك كنت مجبرة على مشاركتي الجناح والسرير .. من المفترض أن تفرحي لإنني تركت الجناح كاملا لك ..."

+


باغتته تبرر :-

+


" لا يمكن .. لأجل الأولاد .... ولأجل البقية أيضا ... ماذا سيقولون عنا ..؟! وماذا سيكون موقف الأولاد عندما يعلمون إننا منفصلين كلا لوحده في جناح ... ؟!"

+



        
          

                
رفع حاجبه مرددا بسخرية :-

+


" الأولاد إذا..."

+


هزت رأسها بصمت ليخبرها عن عمد :-

+


" هؤلاد الأولاد أنا تحملتك أعواما كاملة لأجلهم ..."

+


أكمل يفرغ ما داخله نحوها :-

+


" إذا كنتِ تحملتي وجودي معك لسنوات فأنا تحملتك بكل برودك ولا مبالاتك وقلة إحترامك لأعوام وما زلت أتحمل لأجل الأولاد... لكن كفى يا همسة .. لن أتحمل مجددا ... لست مضطرا أن أفعل ذلك بعد الآن ... "

+


أضاف بسخرية لاذعة :-

+


" وكذلك أنت لست مضطرة لذلك...."

+


حسنا اذا كان أراد أن يرد لها ما قالته قبل لحظات فقد فعل ذلك وبجدارة ...

+


وجدته يتحرك الى الداخل بلا مبالاة وكأنه لم يلقِ تلك الكلمات السامة في وجهها  ... ! 

+


اندفعت الى الداخل تصيح به :-

+


" هذا كله أنت تحملته وأنا لا علم لدي ..."

+


التفت نحوها يخبرها ببرود :-

+


" هل تنكرين ذلك ...؟!"

+


أضاف وهو يتابع ملامح وجهها التي فقدت جمودها المعتاد وتحولت الى كتلة من الجحيم :

+


" هل تنكرين يا همسة ما كنا نعيشه طوال تلك الأعوام ...؟! نحن لم نكن زوجين يا همسة .. نحن كنا عدويين ... وأنا سمئت من هذه الحياة ..."

+


" توقف عن اللف والدوران ..."

+


قالتها بجمود عاد يكسو ملامحها وهي تضيف وقد عادت صورة يسرا تتشكل أمامها  :-

+


" يمكنك أن تتزوجها إذا أردت .."

+


وقف مبهوتا للحظات قبل أن يسأل بعدم إستيعاب ينال منه لأول مرة :-

+


" عم تتحدثين أنتِ ..؟!"

+


ردت بنفس البرود :-

+


" عن يسرا ..."

+


ضيق عينيه يهتف :-

+


" يسرا .. ما شأن يسرا بما يحدث بيننا ...؟!"

+


منحته إبتسامة جامدة وهي تجيب بهدوء رتيب :-

+


" أنا أعرف كل شيء يا راغب .. أعرف جميع ما يحدث .. لا تعتقد إنني غبيه .. كوني هادئة دائما وأتجاهل متعمدة فهذا لا يعني أن تظنني بلهاء وغبية .."

+



        
          

                
قال بحزم :-

+


" أعلم إنك لستِ كذلك ..."

+


أضاف بسخرية متعمدة :-

+


" لو كنت بلهاء وغبية ما كنا وصلنا إلى هنا أساسا ..." 

+


هتفت بنفس الجمود :-

+


" جيد .. "

+


سألها بجدية  :-

+


" إذا ، ما علاقة يسرا بما يحدث بيننا ..؟!"

+


ردت ببديهية :-

+


" انا أعلم كل شيء كما أخبرتك منذ لحظات .."

+


سألها هازئا :-

+


" ومالذي تعلمينه يا هانم ...؟!"

+


أجابت بثقة :-

+


" أعلم إنها تريدك ... وربما أنت تريدها .. لا يوجد فارق .. أساسا الأمر لن يكون غريبا .. هي لن تكون الأولى .. على الأقل هي كانت خطيبتك مسبقا .."

+


أضافت بتروي مقصود :-

+


" منذ أن عادت الى البلاد وكل شيء يتغير .. لا تظن إنني لم ألحظ ذلك .. لكنني أتجاهل عمدا ... أتجاهل لإنني لا أهتم .. "

+


سألها بنبرة شديدة القوة :-

+


" هل لديك دليل على ذلك ...؟!" 

+


ردت بجمود :-

+


" ما حدث منذ مجيئها وحتى هذه اللحظة أكبر دليل ... أساسا كل شيء واضحا ..." 

+


سألها من بين أسنانه :-

+


" ما هو الشيء الواضح يا همسة ..؟!"

+


أجابت بنفس اللا مبالاة:-

+


" إنها تحبك وتريدك والأهم إنها تناسبك ... تناسبك من جميع النواحي .. لذا زواجك منها سيكون مناسبا جدا .. برأيي هي الزوج المناسبة لك .. الزوجة التي ستكون كافية وملائمة وقادرة على مواكبة نمط حياتك .."

+


" من هذه الناحية أتفق معك تماما يا همسة .. انا ويسرا كنا دائما متناسبين في كل شيء .. نشبه بعضنا كثيرا .. أهدافنا متشابهة وأفكارنا متماثلة .. ربما هذا ما جعلني أخطبها قبلك .."

+


" وها قد أتتك الفرصة مجددا .. زوجة جميلة جدا وذكية جدا جدا .. ستحصل زوجة متكاملة كما كنت تتمنى دائما .. "

+


هتف بعدم تصديق :-

+


" أنا لا أصدق إنك تحاولين إقناعي بالزواج من أخرى ..؟!!!"

+



        
          

                
مطت شفتيها تقول :-

+


" ولم لا ..؟! الشرع يحلل لك الزواج من ثلاثة غيري وأنا كهمسة لا أهتم .. "

+


قال بصدق :-

+


" لم أتوقع أن يصل برودك ولا مبالاتك بعلاقتنا الزوجية الى هذه الدرجة .."

+


هتفت بحزم :-

+


" لا ترمي كل شيء فوق رأسي وتجعل نفسك خارج الصورة .."

+


أضافت بتعمد :-

+


" انت تعلم الحقيقة جيدا .. علاقتنا لا يمكن أن تنصلح ... نحن كخطين متوازيين لا يمكن أن يلتقيا أبدا... "

+


هتف ساخرا :-

+


" لماذا أنت باقية معي إذا طالما علاقتنا مستحيلة هكذا ..؟!"

+


رد بصدق :-

+


" لأجل أولادي .. بيننا ثلاثة أولاد لا يمكنني التخلي عنهم ... "

+


قال ببرود مشابها لبرودها :-

+


" إفعلي .. تخلي عنهم يا همسة .. إتركيهم وغادري وأنا أعدك إنني سأتدبر أمرهم جيدا ولن أجعلهم يشعرون بأي نقص .."

+


أضاف بقسوة متعمدة :-

+


" أساسا يسرا لن تمانع أن تقوم بدور الأم بدلا منك ... على العكس تماما ستوافق فورا .. هي ستحصل على ثلاثة أولاد رائعين وهم سيحصلون على أم قوية ومميزة وتليق بهم تماما مثلها .."

+


كلماته بخصوص أولادها جعلتها تنتفض بقوة وهي تندفع نحوه تصرخ به :-

+


" أموت ولا أتركهم .. هل سمعت ..؟! إلا أولادي يا راغب ... لن أتركهم معك أنت وتلك الحرباء ... لن أمنحهم لها .. هؤلاد أولادي أنا ... أنا من أنجبتهم وأنا من ربيتهم ... هؤلاد أولادي .. أولادي ...."

+


كانت تصرخ بلا وعي جعله يقبض على كتفيها يهزها بقوة وهو يصيح بها :-

+


" أفيقي يا همسة .. أفيقي ... ماذا جرى لك ...؟!"

+


توقفت تنظر له بأنفاس لاهثة عندما ضغط على كتفيها بقوة وهو يكمل بينما ينظر الى عينيها بقوة :-

+


" استوعبي ما تفعلينه ... أنت من تتحدثين وتجيبين نفسك .. أنت من تتوهمين أشياء لا وجود لها ... أفيقي من أوهامك هذه ... أنا لا يمكنني تحمل هذا أكثر .. تعيشين أوهام لا وجود لها ... تسيرين خلف وساوسك الخادعة ... "

+


أضاف يصيح بكل قوته :-

+


" أنت من ذكرت يسرا مع إنها لا دخل لها بكل ما يحدث ... أنت من ذكرتها في منتصف حديثنا الذي لم يكن يخصها من جميع النواحي ... انظري لنفسك .. بينما كنا نتحدث عن واقع حياتنا الذي نحيا به منذ أعوام وجدتك تقولين فجأة اذهب وتزوجها ولا أعلم أساسا كيف اتجه الحوار  الى هذه النقطة ..؟! هل تستوعبين إنك لا تعين ما تتفوهين به ..؟! هل تستوعبين إنك تتجهين بأفكارك إلى أشياء لا وجود لها ..؟! تتوهمين ما ليس موجود ...؟! تختلقين أحداث غير حقيقية ...؟!"

+



        
          

                
توقف يلتقط أنفاسه بقوة قبل أن يخبرها بحسم :-

+


" لو كنت أريد الزواج منها لفعلت .. لكنني لن أفعل .. بوجودك وعدمه لن أفعل ... يسرا تحديدا دونا عن الجميع لن أتزوجها ولو كانت آخر امرأة على وجه الأرض ..."

+


نظرت له بوهن تملك منها ...

+


نظراتها بدت يائسة وكلماته تتردد داخل عقلها ...

+


تتوهم .. تحيا هواجسا لا وجود لها ..

+


تتحرك خلف وساوسها الخادعة ...

+


تملك القلق منه عليها وهو يرى حالة العجز التي تمكنت منها فتقدم نحوها مرغما يسألها :-

+


" هل أنت بخير ...؟!"

+


لكنه وجدها توقفه بحزم وهي تخبره :-

+


" أنا بخير .. "

+


أضافت وهي تجاهد لاستعادة ثباتها :-

+


" سأعود الى جناحي ... تصبح على خير ..."

+


ثم تحركت سريعا هاربة منه متجهة الى جناحها هناك حيث إنهارت هناك فوق سريرها باكية بعنف وعقلها يراجع حديثه مرارا دون توقف ..!

+


***

+


جلس فوق سريره وهو يؤنب نفسه على حديثه ...

+


نعم كانت تستحق هذا الحديث ..

+


هو لا ينكر هذا ..

+


لكن نظرة العجز التي ظهرت في عينيها بعد هذا الحديث آلمته بقوة وجعلته يخشى عليها ...

+


لم يستطع منع نفسه من الذهاب الى جناحهما للاطمئنان عليها ...

+


اتجه نحو الجناح ليفتح الباب بخفة فيجدها نائمة فوق السرير وهي تعانق مخدتها بين ذراعيها ...

+


زفر أنفاسه بتعب وهو يجذب الغطاء ويضعه فوقها عندما توقف وهو يرى آثار الدموع ملتصقة على وجهها ...

+


دثرها بالغطاء جيدا وهم بالمغادرة  عندما فوجئ بها تقبض على كفه وقد استيقظت من نومها ...

+


كانت تتأمله بعينيها الخضراوين بصمت امتد لثواني قبل أن ترجوه قائلة :-

+


" ابقى هنا ... لا تذهب من فضلك ... "

+


أراد أن يرفض لكن الرجاء في نظراتها ونبرة صوتها وهي تضيف بتوسل :-

+


" ابقى معي ... ارجوك يا راغب ..."

+


زفر أنفاسه قبل أن يتجه الى الجانب الآخر من السرير يتمدد بجسده فوقه فيندهش مما فعلته حيث تقدمت قربه أكثر ووضعت رأسها فوق صدره وأغمضت عينيها حتى نطقت بخفوت :-

+



        
          

                
" أنا آسفة ... أنت معك حق ... سامحني ...."

+


كل شيء يحدث الآن بدا ضربا من الجنون ...

+


لا يفهم مالذي تغير فجأة لكن يثق بشدة إن حالها هذا سينقلب وستعود الى طبيعتها ما إن تستيقظ من نومها  في اليوم التالي ...

+


تنهد بتعب وشرد لا إراديا في الماضي وتحديدا في الفترة التي كان خاطبا فيها يسرا ..

+


طوال الحفل بقيت يسرا واجمة بشكل ملحوظ ...

+


وجهها محتقن بالكامل ...

+


رافضة بشدة لما فعله راغب ...

+


راغب الذي ذهب مسرعا ليجلب هدية لهمسة ويقدمها لها بإسمه متجاهلا إياها بينما تراجعت هي عن تقديم هديتها بعدها وبقيت جالسة في مكانها بوجوم وقد تجاهلها راغب كليا وهو منشغل في تبادل الأحاديث مع شقيقه راجي ...

+


كان الجميع حولها منشغل ، توليب وهالة وفيصل ومهند وحتى همسة يمرحون سويا بينما عابد يشارك ولديه راغب وراجي الحديث بين الحين والآخر وزهرة مختفية في المطبخ على ما يبدو ...

+


تابعت عابد وهو ينهض مستأذنا بينما كانت هي تجلس على الكرسي المقابل للكنبة التي يتشاركان الجلوس عليها كلا من راغب وراجي ...

+


لم تستطع السيطرة على غضبها أكثر من الموقف الذي بدا مستفزا للغاية فنهضت من مكانها وتقدمت نحو راغب تخبره بدون مقدمات :-

+


" أريد المغادرة ...!"

+


رفع بصره نحوها بتمهل فلاحظ ملامحها المتحفزة بغضب واضح ...

+


تأملها راجي بدوره باستغراب ليسألها باهتمام :-

+


"" هل أنت بخير يا يسرا ...؟!"

+


أضافت باقتضاب :-

+


" بخير ... "

+


أكملت وهي تنظر اليه بعصبية واضحة :-

+


" هل ستعود بي الى المنزل أم أطلب سيارة أجرة ...؟!"

+


احتدت ملامحه كليا رافضا الطريقة التي تتحدث بها والكلام الغبي الذي تتفوه به ...

+


ماذا تظنه ..؟! كيف تتحدث معه هكذا ...؟! 

+


نهض من مكانه مرددا بجمود كسا ملامح وجهه كليا :-

+


"هيا نذهب ..."

+


تابعه راجي بعينين قلقتين وهو واثق إن شقيقه لن يمرر هذا التصرف ببساطة ...

+



        
          

                
سحبت يسرا حقيبتها من فوق الكرسي وتحركت خلفه بملامح متجهمة عندما وجدا زهرة أمامهما تسألهما بدهشة :-

+


" إلى أين ستذهبان ...؟! ما زال الوقت مبكرا ..."

+


هم راغب بالرد لتسبقه هي قائلة بملامح واجمة ونبرة باردة :-

+


" يجب أن أغادر ... "

+


ثم نظرت اليه تخبره بنفس الوجوم :-

+


" هيا يا راغب ... لا يمكنني الانتظار أكثر ..."

+


تطلعت زهرة الى ولدها بحيرة ليجد الغضب يشتعل بعينيه عندما نطق من بين أسنانه :-

+


" تحركي أمامي ..."

+


تحركت بذقن مرفوع تسبقه ليتبعها بتوعد خفي ...

+


للمرة الثانية تحرجه ..

+


المرة الأولى أمام شقيقه والثانية أمام والدته ...

+


غادرا القصر متجهين الى الكراج عندما وجدته يتجاهلها ولا يفتح باب السيارة لها كما يجب ليتضاعف غضبها وهي تصعد السيارة وتصفع الباب خلفها بقوة جعلته يلتفت نحوها بملامح محتدة وهو يهدر :-

+


" ما معنى تصرفاتك في الداخل ...؟! كيف تفعلين هكذا ..؟!"

+


التفت نحوه تسأله وحاجبها يرتفع ببرود :-

+


" ومالذي فعلته ...؟! لم أفعل ما يسيء لأحد ..."

+


أضافت بتمهل مقصود :-

+


" أساسا أنا من يجب أن أسأل ... ما معنى تصرفك هذا ... ؟! ما معنى أن تغادر سريعا كي تجلب هدية لهمسة هانم بل وتقدمها لها بدوني ....؟!"

+


رد ببساطة :-

+


" ومالذي كنت تتوقعينه مني بعدما جلبت تلك الهدية الوضيعة .. ؟!هذا كان أقل مما يفترض بي فعله ..."

+


" هل تحاسبني يا راغب ..؟!"

+


سألته باندهاش ليهتف بثبات :-

+


" نعم أحاسبك .. عندما تجلبين هدية كهذه فقط لغرض اهانة الفتاة والتقليل منها يجب أن أحاسبك ... لإنك لا تمثلين نفسك فقط بل تمثليني ..." 

+


صاحت وقد تمكن غضبها منها :-

+


" أنا جلبت لها ما يليق بها ... أساسا هذا الخاتم كان كثير عليها ... كثير للغاية ..."

+


تضاعف نفوره منها أضعافا ...

+


تأملها بقرف واضح وهو يردد :-

+



        
          

                
" من أنت ..؟! من تظنين نفسك يا هذه ..؟! ملكة الكون ... "

+


أجابت بألف مرفوع :-

+


" انا يسرا سالم الحداد ..."

+


صاح بثبات :-

+


"وليكن .. كنتِ  يسرا هانم الحداد ... كنتِ الملكة إليزابيث فهذا لا يمنحك الحق بما تفعلينه .... لا يمنحك الحق أن تتحدثي عنها أو عن غيرها بهذه الطريقة ولا تتعاملين مع من حولك بهذه الطريقة ...."

+


أضاف بغضب متفاقم :-

+


" انظري يا يسرا ..  أخطائك اليوم كانت كثيرة .. بداية من هديتك الحمقاء وانتهاءا بحديثك هذا ..."

+


" انا لا أصدق .. نحن نتشاجر بسبب همسة ..."

+


قالتها بانفعال لا يخلو من السخرية ليقاطعها بقوة :-

+


" ليس بسببها فقط .. بل بسبب أسلوبك وتصرفاتك التي لا تطاق ... دعك من همسة .. ماذا عن تصرفك بالداخل وطريقة حديثك معي أمام راجي بل وطريقة جوابك على سؤال راجي نفسه والأسوء طريقتك مع أمي ...؟! زهرة هانم الحداد يا يسرا هانم الحداد ..."

+


قال جملته الأخيرة بسخرية لتسأله بتجهم :-

+


" هل تسخر مني ..؟!"

+


هتف بذهول :-

+


" هل هذا فقط ما جذب انتباهك من حديثي ...؟!"

+


رمقته بنظرات غريبة وهي تتسائل :-

+


" ليس هذا فقط .. بالطبع هناك ما جذب انتباهي ..."

+


أكملت وهي تميل نحوه تنظر اليه بقوة :-

+


"انظر الي يا راغب .. لن نتشاجر بسبب موضوع سخيف لا يستحق ..."

+


تأملها بجمود .. جمود قطعه وهو يخبرها بصلابة :-

+


" لكنه يستحق بالنسبة لي ..."

+


أكمل وعيناه تنظران لها بتحدي :-

+


" اسمعي يا يسرا ..عائلتي بمن فيها خط أحمر ... ومن باب التذكير فإن همسة وهالة من ضمن أفراد عائلتي ... احترامهما واجب عليكي كما إن احترام عائلتي وتقديرها واجب عليكِ لا نقاش فيه ... إذا فكرت أن تقللي من أيا منهم أو تسيئي لأي فرد من العائلة ، سيكون هذا التصرف نهاية الطريق بيننا .. ها أنا أحذرك منذ البداية كي لا تأتي فيما بعد وتقولين إنني لم أخبرك وأنبهك ..."

+


أنهى كلماته وشغل سيارته قبل أن يدير المقود متحركا بها متجها الى الفيلا بينما بقيت هي واجمة في مقعدها تردد كلماته بل تهديده الصريح في عقلها ...!

+



        
          

                
*****

+


في اليوم التالي ...

+


لم تتوقف يسرا عن التفكير في حديث راغب ...

+


شعرت بالخطر ...

+


نعم شعور الخطر ملأ كيانها ...

+


لا يمكن لهذه الخطبة أن تنتهي ...

+


لن تسمح بذلك ....

+


نهضت مكانها وأخذت قرارها ...

+


ارتدت ملابسا أنيقة للغاية كعادتها وحرصت أن تضع مستحضرات التجميل بعناية مع تصفيفة شعرها المعتادة ...

+


عطرها برائحته القوية وحذاء ذو كعب عالي ترتديه رغم طول قامتها الذي يتجاوز المئة وخمسة وسبعون سنتيمترا ...

+


حملت حقيبتها وغادرت الفيلا متجهة الى احد أشهر محلات المجوهرات هناك حيث انتقت خاتما مميزا لتلك الهمسة وانتقت هدية أخرى ثمينة لعمتها ...

+


تحركت بعدها تغادر المكان متجهة الى قصر الهاشمي في هذا الوقت من المساء حيث الجميع مجتمعين بالطبع ...

+


كان دخولها في هذا التوقيت مفاجئا للجميع حتى راغب نفسه ...

+


تقدمت نحو عمتها تقبلها من وجنتيها وهي تبتسم ملأ فمها ثم اتجهت نحو عابد تقبله من وجنتيه هو الآخر وتحييه بمودة شديدة ...

+


راقبها راغب بوجه خالي من التعابير عندما تقدمت نحوه ومالت اتجاهه تطبع قبلة سريعة خفيفة فوق وجنته وهي تتمتم بنعومة :-

+


" كيف حالك حبيبي ...؟!"

+


رد باقتضاب :-

+


" بخير ..."

+


تمتمت زهرة مبتسمة :-

+


" من الجيد إنك أتيت الآن ... كنا سنتناول العشاء بعد قليل ..."

+


التفت يسرا نحو عمتها تخبرها بمزاح :-

+


" هذا يعني إن حماتي تحبني ...!"

+


" وهل لديك شك في هذا عزيزتي ...؟!"

+


قالتها زهرة مبتسمة قبل أن تنهض من مكانها مقررة التوجه الى المطبخ حيث تطلب من الخادمات البدء في تجهيز المائدة عندما أوقفتها يسرا قائلة :-

+


" انتظري يا عمتي ... هناك شيء أريدك أن تأخذينه .."

+


نظرت إليها زهرة بتعجب لتتقدم وهي تحمل العلبة الراقية فتقدمها لعمتها وهي تخبرها :-

+



        
          

                
" هدية بسيطة أتمنى أن تقبليها مني..."

+


أشاح راغب وجهه بضيق بينما سألت زهرة بابتسامة مدهوشة :-

+


" ما المناسبة ..؟!"

+


ردت يسرا بسرعة وهي ما زالت تحتفظ بابتسامتها الودودة :-

+


" أحببت أن أهديك شيئا لائقا ... لا نحتاج الى مناسبة كي نهدي الأشخاص الذين نحبهم هدية ما ..."

+


فتحت زهرة العلبة وتأملت السوار الأنيق لتهتف بصدق :-

+


" رائع للغاية .."

+


ثم مالت نحوها تقبلها من وجنتيها وهي تشكرها :-

+


" أشكرك عزيزتي ..."

+


" هذا قليل بحقك ..."

+


قالتها يسرا وهي تربت على ذراعيها قبل أن تلتفت نحو همسة وهي تهتف بمرح مفتعل :-

+


" وهناك هدية لك أيضا .."

+


بهتت ملامح همسة وهي تردد باستغراب صادق :-

+


" هدية لي .."

+


" نعم ، بمناسبة نجاحك ..."

+


قالتها وهي مصرة على الاحتفاظ بإبتسامتها التي يدرك راغب جيدا إنها مصطنعة لتمد يدها بعلبة أنيقة نحو همسة التي التقطتها بحرج لتهتف يسرا بسرعة :-

+


" ألن تفتحيها ..؟!"

+


" بالطبع .."

+


قالتها همسة بارتباك قبل أن تفتحها لتجد فيها سوارا أنيقا للغاية فهمست شاكرة :-

+


" شكرا يسرا ... إنه جميل للغاية ..."

+


" لا شكر على واجب يا عزيزتي ...."

+


قالتها وهي تنحني نحو همسة تقبلها من وجنتها سريعا مرددة :-

+


" مبارك النجاح مجددا ..."

+


ثم نظرت الى تولاي وهي تهتف مبتسمة :-

+


" كيف حالك يا توليب ...؟!"

+


أجابت توليب برقة :-

+


" بخير ..."

+


" وأنت يا مهند ، كيف حالك ...؟!" 

+


رد مهند بنفور واضح :-

+


" بخير ..."

+


تجاهلته يسرا وهي تسأل فيصل وهالة الجالسين بجانب بعضيهما :-

+



        
          

                
" وأنتما كيف حالكما...؟؟"

+


أجاب فيصل بلباقة :-

+


" الحمد لله بخير .."

+


بينما أجابت هالة مرغمة :-

+


" بخير ..."

+


عادت واتجهت نحو خطيبها عندما قالت لراجي :-

+


" اعذرني يا راجي من فضلك ... نسيت أن القاء التحية عليك ... "

+


قال راجي بهدوء :-

+


" لا بأس يا يسرا ... كنت منشغلة بتوزيع الهدايا ..."

+


هتف مهند بضحكة ساخرة :-

+


" نعم فاليوم على ما يبدو عيد رأس السنة ولكننا لم ننتبه ..."

+


هتفت يسرا وهي تجلس بجانب خطيها :-

+


" كلا عزيزي مهند ... ليس عيد رأس السنة ... في رأس السنة سأجلب هدايا للجميع دون استثناء ..."

+


هتف مهند وهو يمط شفتيه :-

+


" لا تجلبي لي هدية من فضلك ..."

+


احتقنت ملامح يسرا بينما نظرت زهرة نحو ولدها بتأنيب تجاهله لتبتلع يسرا ضيقها وهي تبتسم ببرود ثم تقبض على كف راغب الواجم وهي تخبره :-

+


" أتمنى أن يعجبك ما فعلته ...انا لا يمكنني تحمل فكرة أن تغضب مني يا راغب ... "

+


أكملت وهي تحاصر كفه بكفها بتملك :-

+


" أفعل أي شيء لأجلك ... لأجل أن تكون راضيا وسعيدا .... "

+


نظر لها بهدوء قبل أن يمنحها ابتسامة باهتة لتهمس له :-

+


" أحبك عزيزي ..."

+


قابل كلمتها تلك بابتسامة هادئة وداخله يدرك إن جميع أفعالها حتى كلمتها الأخيرة متصنعة ولا تحمل من الحقيقة شيئا ...

+


***

+


في صباح اليوم التالي ...

+


فتح عينيه على أصوات حركة في الجناح فاعتدل في جلسته سريعا لتتوقف عما تفعله وهي تهتف بسرعة معتذرة :-

+


" آسفة لإنني أيقظتك ..."

+


هتف بهدوء :-

+


" لا مشكلة .. بكل الأحوال يجب أن أستيقظ ..."

+


ثم نهض من مكانه هاما بالتحرك عندما سمعها تنادي عليه فالتفت نحوها ليجدها  تبتسم بهدوء قائلة :-

+



        
          

                
" شكرا على ما فعلته البارحة ..."

+


رد مبتلعا دهشته من تصرفها :-

+


" عفوا ...."

+


ثم تحرك متجها الى الحمام وعقله لا يتوقف عن التساؤل عن سبب تغييرها هذا .. خرج بعدها ليجدها تسرح شعرها أمام المرآة وترفعه عاليا وقد ارتدت فستانا أنيقا يراه للمرة الأولى عليها ...

+


وقف على مسافة قريبة منها يسرح شعره سريعا بينما انتهت هي من تمشيط شعرها فوقفت تتأمله بصمت عندما استدار نحوها يتسائل بحيرة :-

+


" ماذا هناك ..؟!"

+


تجمد كليا عندما شعر بأناملها تلمس خصلات شعره ....

+


ماذا يحدث معها ..؟!

+


ما بالها تتصرف بغرابة ...؟!

+


تأملها مبهوتا عندما وجدها تبتسم بسلاسة ، غالبا كانت المرة الأولى التي تبتسم فيها له ، قالت أخيرا :-

+


" هناك خصلة بيضاء نبتت في شعرك ... كبرت يا راغب .... قريبا سوف ينادونك بالشايب ..."

+


حسنا ، إذا كانت هناك جائزة ما تستحقها زوجته فستكون جائزة المرأة الأكثر استفزازا في حديثها والأكثر حماقة في انتقاء كلماتها ..!!

+


أو ربما الأكثر خبثا وليس حماقة ..!

+


لوى ثغره بتهكم قائلا :-

+


" هذه نتيجة معاشرتك يا زوجتي العزيزة .. غزا الشيب شعري مبكرا بسببك  يا عزيزتي ...."

+


ابتسمت غير مبالية بما قاله وهي تهتف :-

+


" جيد ، إذاً نكدي المستمر جاء بفائدة ... على الأقل سيدرك الجميع إنك لم تعد شابا صغيرا وبالتالي لن أخشى من عيون الشابات حولك ..." 

+


حسنا ، يكفي الى هنا ...

+


ما بالها تتصرف بهذه الطريقة ..؟!

+


هل أصابها الجنون ...؟!

+


وماذا تقصد بإنه لم يعد شابا يجذب عيون الشابات ...

+


هل تراه عجوزا ..؟!

+


سار نحوها بينما وقفت هي تتابعه بتمهل بارد ...

+


جذبها نحوه وأنامله تستقر فوق ذقنها يخبرها ببرود :-

+


" لا تحلمي يا عزيزتي ... حتى لو ملأ الشيب شعري .. سأبقى جذابا في عيون الفتيات ولا داعي أن أخبرك كم يمنح الشيب للرجل جاذبية أكبر ووقارا يخطف قلوب النساء ..."

+



        
          

                
أكمل وهو ينحني جواز أذنها يهمس بقوة :-

+


" لا تراهني على أي شيء مهما كان يا زوجتي العزيزة فيمكنني أن أتزوج بدل الواحدة ثلاثة غيرك ..."

+


رمقته بنظرات باردة قبل أن تتحرك متجهة وهي تهز كتفيها ببساطة :-

+


" لو كنت تريد لفعلت ذلك منذ زمن ..."

+


تابعها بعينيه وهو يكاد يجن من إسلوبها الجديد الغريب المثير للتعجب ...

+


ضرب كفا بكف وهو يتسائل إذا ما أصاب الجنون زوجته بالفعل قبل أن يقرر المغادرة بسرعة هاربا من زوجته التي تتصرف بطريقة مريبة ومثيرة للقلق ...

+


***

+


بقي راجي ساهرا طوال الليل يفكر في نغم ووضعها وما سيفعله بشأنها ...

+


اعترافه بالحب كان لا بد منه ...

+


حتى لو يكن واثقا من صدق شعوره ...

+


كان لا بد أن يخبرها بهذا ...

+


يمنحها سعادة تجتاحها ...

+


سعادة لا بد أن تحصل عليها ...

+


الآن استوعب الواقع أخيرا ...

+


حقيقة مرضها ...

+


والقادم يعني أن يتعامل مع هذه الحقيقة بما يقتضيه المنطق ...

+


عليه أن يتصرف بحكمة ولكنه فعليا عاجزا عن اتخاذ القرار المناسب بشأن حالتها وكيف سيخبرها او يخبر المقربين منها ...

+


القرار الوحيد الذي استطاع اتخاذه هو بقاءه جانبها وبثها حبه واهتمامه ...!

+


غادر جناحه بملامح مرهقة لاحظها راغب الذي قابله في طريقه ولم يغب عليه وضع شقيقه المقلق حتى ليلة البارحة .. 

+


" أنت لست بخير يا راجي ..."

+


قالها راغب بإقرار ولم ينفِ راجي حديثه فهو كان يحتاج لشخص يسمعه .. 

+


شخص يسمع ما يعيشه ويخبره بما ينتويه ...

+


اتجه كلاهما الى الحديقة الخلفية حيث جلس راغب قباله يستمع اليه ليخبره راجي عن نغم ...

+


عن مرضها الذي اكتشفه ...

+


عن حياتها التي ستنتهي ربما قريبا ...

+


كان الألم ظاهرا في عينيه وفي نبرة صوته وهو يحدثه عن وضعها الصحي ...

+


نطق أخيرا ينهي حديثه بإعترافه الذي تلاه على مسامعها :-

+



        
          

                
" أخبرتها إنني أحبها ... ما زلت أحبها ..."

+


" وهل كنت تعنيها ...؟!"

+


شرد في السؤال لوهلة قبل أن يجيب بصدق :-

+


" لا أعلم ... ما أعلمه إنني احتجت لقولها في تلك اللحظة أكثر من أي وقت مضى ..."

+


تنهد والوجع ينخر روحه :-

+


" مرض نغم صدمني بل صفعني بقوة ... منذ أيام قليلة كنت أفكر في وضعنا .. في مشاعري نحوها ... في علاقتنا وما ينتظرنا ... هل سنعود أم لا ..؟! هل ما زلت أحبها كالسابق أم توقفت عن حبها ...؟! فجأة كل شيء توقف ... تجمدت الحياة كليا من حولي ... نغم مريضة وجل ما أدركه إنني لن أتحمل خسارتها ... بدافع الحب ... بدافع العشرة القديمة ... بدافع الذكريات الجميلة او حتى بدافع الضمير ... خسارة نغم ترعبني ....!"

+


تنهد راغب قائلا :-

+


" بكل الأحوال لو لم تكن نغم مهمة لديك لدرجة كبيرة ما كنت لتتأثر هكذا بما أصابها ..."

+


" أنت محق ..."

+


قالها راجي بهدوء وهو يضيف :-

+


" رغم كل مرور السنوات ... ما زالت نغم شخص مهم بالنسبة إلي ... ربما مشاعري لم تعد كالسابق بفعل مرور سنوات ولكن هذا لن يغير حقيقة إن نغم ليست شخص عادي ... نغم كانت حبي الأول ... جمعتني بها سنوات طويلة وذكريات أطول ... أحببتها يوما وسأكون كاذبا إن قلت إن مشاعري نحوها انتهت نهائيا .... ما زالت هناك مشاعر اتجاهها داخلي .. حتى لو لم تكن مشاعر عشق خالصة ... لكن هناك مشاعر .... "

+


أخذ نفسا عميقا ثم أضاف بصوت متحشرج :-

+


" لا أعرف كيف سأتعامل مع مرضها وكيف سأتحمل تبعاته ..."

+


" ألا يوجد أمل يا راجي ...؟! "

+


سأله راغب بجدية ليتنهد راجي مجيبا بحسرة :-

+


" كل الفحوصات تؤكد تفاقم المرض لدرجة إن العلاج في حالتها لن يجدي نفعا ..."

+


هتف راغب بهدوء :-

+


" أنت تعلم إن عليك أن تكون قويا ، أليس كذلك ...؟!"

+


هز راجي رأسه بصمت قبل أن يسأله بحذر :-

+


" هل تعتقد إنني سأستطيع ...؟

+


قال راغب بثبات :-

+


" أنت قوي يا راجي ... حكيم أيضا ... الأمر ليس هينا ... تقبله ليس سهلا لكنك حتما سوف تستطيع ... لأجل نغم أولا وقبل أي أحد ..."

+



        
          

                
أكمل يسأله بجدية :-

+


 " المهم ، علام تنوي الآن ...؟! هل ستخبرها ...؟!"

+


" حاليا مستحيل ..."

+


قالها راجي وهو يضيف :-

+


" وربما لن أخبرها أبدا.."

+


زفر راغب أنفاسه بأسى على حال تلك الفتاة المسكينة بينما قال راجي بتردد :-

+


" طوال البارحة وأنا أفكر فيما سأفعله ... في النهاية توصلت لشيء واحد ... "

+


نظر له راغب باهتمام ليضيف راجي بحسم :-

+


" سأتزوجها ... سأتزوج نغم يا راغب ..."

+


***

+


تأملت أروى هاتفها بشرود ...

+


سحبته تأملت أروى هاتفها بشرود ...

+


سحبته مجددا وهي تقرأ الرسالة القصيرة التي أرسلها نضال لها يطلب من خلالها أن يلتقي بها ويتحدث معها ....

+


ما زالت مترددة لكنها في النهاية حسمت أمرها وأرسلت له رسالة قصيرة تخبره إنها موافقة أن تلتقيه وستأتي لرؤيته في الموعد الذي حدده ....

+


نهضت بعدها تبحث عن شيء مناسب ترتديه ...

+


حرصت أن تختار شيئا بسيطا غير ملفتا لكنه أنيق في ذات الوقت ...

+


لا تريد أن ترتدي شيئا ملفتا فيعتقد إنها تعمدت أن ترتديه لأجله ...

+


اتجهت بعدها تأخذ حماما دافئا طويلا تحتاجه لتهدئة توترها الذي زارها حالما اتخذت قرارها برؤيته ...

+


غادرت الحمام بعدها وأخذت تنشف شعرها بالمنشفة وقد قررت أن تكتفي بتمشيطه وتركه منسدلا خلف ظهرها على طبيعته ...

+


هبطت بعدها الى الأسفل حيث تناولت الطعام مع والدتها وشقيقتها وقد أخبرتهما سريعا بعدما أنهت طعامها إن لديها موعدا مع صديقة لها مساءا اليوم ...

+


هي في العادة لا تكذب عليهما بل لا تحب أن تكذب على أي أحد لكن هذه المرة كان لا بد أن تكذب فهي لا تريد إخبارهما بما يحدث فيدب الحماس بهما ويبدئان طريقتهما المعتادة في تشجيعها وما شابه ...

+


صعدت الى غرفتها مجددا وأخذت قيلولة قصيرة قبل أن تستيقظ بعدها وتتجه لارتداء ملابسها ...

+


سرحت شعرها سريعا ووضعت مكياجها خفيفا للغاية حيث بودرة الوجه الخفيفة وكحل أسود رسمت به عينيها و المسكرة وأحمر شفاه ذو لون بني فاتح ...

+



        
          

                
ارتدت حذاء ذو كعب مرتفع قليلا ثم حملت حقيبتها ووضعت بها هاتفها ومفتاح سيارتها ومحفظتها وتحركت خارج غرفتها ومنها الى خارج الفيلا حيث اتجهت الى المطعم الذي ستلتقيه به ...

+


ما إن وصلت الى المطعم حتى وجدته في انتظارها لينهض مستقبلا إياها وعلى شفتيه ابتسامة رزينة ...

+


ابتسمت بتوتر لم يغب عنه عندما سحب لها الكرسي لتجلس عليه ثم تشكره بخفوت فيتجه هو جالسا قباله مرددا :-

+


" أنا سعيد حقا لإنك وافقت على طلبي ...."

+


همست بخفوت :-

+


" في الحقيقة ترددت في البداية ولكنني في النهاية اقتنعت ووجدت إنه لا ضير من القدوم الى الموعد ..."

+


" أعدك إنك لن تندمي أبدا..."

+


قالها بإبتسامة ثابتة واثقة لتحرك خصلة من شعرها خلف أذنها وهي تخبره بتوتر :-

+


" أتمنى ذلك ..."

+


ابتسم بهدوء وهو يتأملها باهتمام مجددا ...

+


عيناها السوداوان الواسعان برموشهما الطويلة الجذابة ...

+


بشرتها صافية ذات سمار خفيف ...

+


شعرها أسود بلون الليل طويل وناعم ...

+


ربما ليست جميلة بالمعنى المتعارف عليه لكنها تحمل ملامحا جيدة متناسقة نوعا ما ...

+


حيث أنفها يتناسق مع عينيها الواسعتين وشفتيها الممتلئين قليلا بشكل اقرب للمثالي ....

+


كانت ترتدي ملابسا كلاسيكية رسمية مكونة من تنورة سوداء تصل أسفل ركبتيها بقليل فوقها سترة بيضاء أنيقة أسفلها قميص ذو لون أسود ...

+


ذوقها في الملابس كان يشببها ...

+


هي تمتلك شخصية تتسم بالرسمية بل حتى ملامحها تبدو جامدة توحي برسميتها بل و إنغلاقها الواضح ايضا ....

+


لم يخفَ عليه شخصيتها المنغلقة المنطوية والواضحة من حركات جسدها وتوترها الدائم ...

+


كان يتأملها بوضوح مما جعلها ترتبك ووجهها يحمر خجلا ليبتسم وهو يخبرها بهدوء :-

+


" اعذريني ... ولكنكِ تمتلكين وجها جميلا ومريحا للنظر ..."

+


رطبت شفتيها بلسانها وهي تتسائل بتلعثم :-

+


" مالذي تريده يا نضال بك ...؟!" 

+


" قلتها سابقا ولا مانع من تكرارها مجددا .. أريد خطبتك يا آنسة أروى ... "

+



        
          

                
أضاف بثقة :-

+


" انا نضال مختار .. عمري واحد وثلاثون عاما ... مهندسا معماريا ولدي شركة متخصصة في مجال المعمار في كندا .. طبعا أنا كنت أقيم هناك ولكنني انتقلت الى هنا بشكل نهائي وبالتالي عملي انتقل هنا أيضا ... "

+


أضاف بضيق خفي :-

+


"والدي أشرف مختار ... رجل أعمال معروف ... لكنه يعمل في مجال مختلف عن مجال دراستي لذا أنا أعمل في شركتي الخاصة .. والدتي انتصار العمري وهي أيضا سيدة أعمال ناجحة مقيمة في كندا مع زوجها ..."

+


وهنا كان لا بد أن يذكر تلك النقطة التي يكرهها :-

+


" والدي منفصلان .. وأنا حاليا مقيم مع والدي وزوجته وأختي الوحيدة من زوجة والدي ..."

+


تأملها وهي تستمع اليه باهتمام حتى أنهى حديثه فبقيت ملتزمة الصمت عندما سأل بهدوء :-

+


" ألن تقولي شيئا ...؟!"

+


قالت بتردد :-

+


" ألم يسبق لك الإرتباط ..؟!" 

+


أجاب نافيا :-

+


" كلا .."

+


أضاف بجدية :-

+


 " وأنت .. ألن تحدثيني عن نفسك ...؟!" 

+


تنهدت مجيبة :-

+


" أنا أروى حمدي الخولي ... والدي متوفي منذ أعوام طويلة .. في عامي الحادي والثلاثين ... مثلك يعني ..."

+


ابتسم وهو يهز رأسه متفهما لتضيف :-

+


" أعمل طبيبة في احدى المستشفيات الخاصة كما إنني أدرس حاليا تخصص الجراحة العامة ... "

+


توقفت لا تعرف ماذا تضيف ليسألها باهتمام :-

+


" هل سبق لك الارتباط مسبقا ..؟!"

+


نفت بسرعة :-

+


" كلا ..."

+


ثم تذكرت شريف لا اراديا لتجده يتنهد مرددا :-

+


"رائع  ..."

+


تطلعت اليه بحيرة وهي لا تعرف إذا ما يجب أن تخبره عن مشاعره اتجاه شريف إذا ما وافقت أن ترتبط به...

+


أليس من حقه أن يدرك بمشاعرها اتجاه آخر ..؟!

+


أليس من حقه أن يعلم إن هناك من يسكن قلبها ..؟!

+


هل تسمع كلام نغم وتعطيه فرصة ..؟!

+


هل ستنجح ..؟! 

+



        
          

                
وحتى لو نجحت وتخطت مشاعرها اتجاه شريف وحتى لو أحبته بالفعل ، أليس من حقه أن يعرف إنه ليس الأول في قلبها ..؟!

+


أفاقت من أفكارها وهو يخبرها :-

+


" انا جاد في طلبي يا أروى ... أنت الزوجة المناسبة لي ... الزوجة التي أريدها .. فتاة جميلة ومهذبة ومن عائلة راقية .. وطبيبة أيضا ... "

+


أكمل بجدية :-

+


" أنا أخبرتك ما تحتاجين معرفته عني ويمكنك أيضا السؤال عني وعن عائلتي وأؤكد لكِ إنك لن تسمعي سوى ما يسرك ..."

+


تنهدت وهي ترى التصميم والرغبة الواضحة في عينيه فتجاهلت أفكارها السابقة وهي تخبره أخيرا :-

+


" امنحني القليل من الوقت لأتحدث مع عائلتي وأخبرهم عنك ... "

+


ابتسم هاتفها بهدوء:-

+


" لك كل الوقت الذي تحتاجينه يا أروى ..."

+


ابتسمت بتوتر وارتباك ليتأملها وعلى شفتيه ابتسامة غامضة بينما يخبر نفسه :-

+


" خجولة بل منطوية على نفسها .. شديدة الخجل والتوتر من أبسط المواقف ..مترددة دائما في قراراتها بل في كل خطوة تسعى إليها ..  ضعيفة كما هو واضح من تصرفاتها وحركات جسدها ...هذا كل ما أريده... أنا أحتاج لمن مثلها ... أميل الى هذا النوع من النساء .. الضعيفات المترددات ..." 

+


***




+


غادرت فيلا عائلتها لتجده واقفا كعادته ينتظرها جانب سيارته عندما ابتسم بجاذبية ما إن رآها تطل أمامه بفستانها الكريمي القصير وملامحها الجميلة وقد رفعت شعرها الأشقر الناعم بتسريحة بسيطة حيث جمعته الى الخلف وأحاطته بشريط من الستان الأبيض....

+


فستانها ذو حمالات رفيعة تظهر كتفيها الهشين وعنقها المرمري الطويل وقد ارتدت قلادة رقيقة للغاية امتدت حتى بداية نحرها المخفي تحت قماش الفستان الحريري الذي ينسدل ملتصقا بالجزء العلوي من جسدها ثم يتسع قليلا عند خصرها فيحيط فخذيها حتى ركبتها لتظهر من الأسفل ساقيها الرشيقين بينما ترتدي في قدميها حذاء ذو لون بني فاتح بكعب عالي قليلا يليق بطولها الجذاب ...

+


كانت أنيقة كعادتها وجميلة الى درجة مرهقة ...

+


يريدها في منزله بأقرب وقت ...

+


يريد أن يتوجها ملكة في قصرة بل في حياته أكملها ....

+


" مساء الخير ..."

+


قالتها بنبرتها الرقيقة ليميل نحوها يخطف قبلة سريعة من وجنتيها وهو يجيب :-

+



        
          

                
" مساء النور ..."

+


أضاف يسألها وعيناه تتأملان وجهها بحب صريح :-

+


" هل جاهزة للمغادرة ...؟!"

+


هزت رأسها وهي تبتسم بهدوء ليفتح لها الباب فتركب السيارة ..

+


أغلق الباب وتوجه نحو الجهة الأخرى حيث اتخذ مكانه في كرسي السائق وكعادته كان يفضل أن يقود السيارة بنفسه عندما يكون معها ....

+


شغل سيارته وأدار المقود متجها الى أحد المطاعم الراقية حيث يتناولان الغداء هناك ويتحدثان بما يجب أن يتحدثان بشأنه ..

+


سألها وعيناه مركزتان على الطريق أمامه :-

+


" كيف كان يومك البارحة ...؟! توقعت أن تؤجلي موعدنا اليوم رغبة منك في البقاء مع عائلتك ..."

+


حمحمت مجيبة :-

+


" بصراحة فكرت إنك ستنزعج إذا فعلت ..."

+


ابتسم مجيبا وهو ما زال ينظر نحو الطريق :-

+


" بالفعل كنت سأنزعج ... أولا لإنني أصبحت أريد رؤيتك كل يوم وثانيا لإن هذه المقابلة ضرورية لنتحدث بشأن زواجنا ...."

+


ابتسمت وهي تهمس بخفة :-

+


" أنت مستعجل إذا ..."

+


التفت نحوها يجيب دون مواربة :-

+


" أكثر مما تتصورين ...."

+


ثم عاد بأنظاره نحو الطريق بينما أخذ قلبها يرفرف بسعادة وهي تسمعه يخبرها بوضوح عن رغبته الشديدة بتواجدها الدائم معه وجانبه ...

+


لا تنكر إن شعور السعادة الذي افتقدته لسنوات لم تشعر به من جديد إلا مع كنان ...

+


كنان وحده من نجح في إسعادها ...

+


وحده من استطاع أن يمنح روحها السعادة التي افتقدها لسنوات حتى ظنت إنها ستقضي ما تبقى من عمرها تعيسة ..!!

+


هي سعيدة بشكل ما معه والأهم إنها سعيدة بمشاعره ...

+


حبه الواضح لها يسعدها ...

+


حديثه عن مشاعره بوضوح يفرح قلبها ولا تنكر إنه يعزز غرور الأنثى داخلها ....

+


كنان رجل ذكي .. عرف كيف يتسلل اليها .. كيف يلفت انتباهها ... كيف يجعلها تختاره بعدما أقسمت يوما بعدم دخول أي رجل كان حياتها ولكنه جاء وهزم قرارها ....

+


ربما هي لا تحبه كما يحبها ولكنها سعيدة معه وهذا يكفي حاليا ...

+


لا تريد التفكير بأي شيء آخر ...

+



        
          

                
هي تستحق هذه السعادة ...

+


تستحق أن يحبها رجل بهذه الطريقة ...

+


تستحق أن يحارب رجل لأجل امتلاكها ...

+


نعم هي باتت تدرك جيدا ذلك ...

+


هي تستحق رجلا مثل كنان ...

+


رجل رائع بكل المقاييس ويحبها بصدق وشجاعة ...

+


يحبها ولا يهتم بماضيها ولا يخشاه ...

+


يحبها وسيفعل المستحيل كي تبادله مشاعره ...

+


رجل لا يهرب من مشاعره ..

+


رجل لا يتردد في دخول مغامرة عشق مع إمرأة قلبها معطوب بسبب عشق قديم لوث منطق الحب في نظرها...

+


رجل يسعى بكل ما يملك ليداوي جرحها القديم بل يقتلعه من جذوره ويزرع بدلا منه جذور عشقه الثابتة والتي سترسخ في قلبها الى الأبد ...

+


ربما هي لم تحبه بعد .. لم تصل لهذه المرحلة لكنها ستفعل كل شيء كي تحبه ...

+


ستساعده وتساعد نفسه كي تحيا معه قصة عشق ربما لا تشبه قصص العشق التي سمعت عنها لكنها تدرك جيدا إن قصة عشقها هذه المرة مختلفة وإن بطلها المحارب يستحق أن تشاركه حربه هذه حتى لو كانت هذه الحرب ضدها هي ..

+


ضد مشاعرها وقلبها المغدور وإيمانها بالحب الذي فقدته ...

+


ستحارب قلبها الذي يخشى السقوط في الغرام مجددا حتى يستسلم لمشاعره العميقة ويبادله إياها ..

+


ستستعيد إيمانها السابق بوجود عشق حقيقي في هذا الكون ...

+


بوجود رجل يعشق بحق ويفعل أي شيء لينال معشوقته ...

+


ستحارب المنطق وكل شيء لأجل أن تمنح هذا الرجل ما يستحقه ..

+


العشق المتبادل ..!

+


ستمنحه عشقا يوازي عشقه له ولن يقل عنه بمقدار ذرة ...!

+


*****

+


في أحد المطاعم الراقية المطلة على البحر ...

+


جلست ليلى أمام كنان بينما تقدم النادل يضع المياه الباردة أمام كليهما يتبعه نادل آخر يضع بعض الأطعمة الخفيفة بشكل مبدئي حتى أتى النادل الآخر وهو يسألهما عن طلباتهما ...

+


ما إن إبتعد النادل بعدما دون طلباتهما حتى قالت ليلى بجدية :-

+


" هذه المرة الأولى التي أزور بها هذا المطعم ..."

+



        
          

                
قال كنان :-

+


" هذا مطعم جديد .. تم فتحه منذ أشهر قليلة ..."

+


هتفت ليلى بتفهم :-

+


" وأنا استغربت لإنني لا أتذكر إنني سمعت عنه مسبقا ..."

+


أضافت وهي تتأمل المكان حولها بنظرة سريعة :-

+


" لكنه مكان رائع ... وإطلالته جميلة ...."

+


أيدها في حديثها :-

+


" معك حق .. أنا أحب أن آتي إليه بإستمرار... منذ إفتتاحه وأتيت إليه سبع مرات حتى الآن أو ربما أكثر ..."

+


رفعت حاجبها تسأله :-

+


" ومع من كنت تأتي ...؟!"

+


ابتسم مجيبا :-

+


" أغلب المرات مع أصدقائي فأنا معتاد أن أقضي ليلة كل خميس معهم في أحد المطاعم وأتيت احدى المرات مع علياء وزوجها والأطفال ... "

+


سألته باهتمام :-

+


" كيف حال عائلتك صحيح ..؟!"

+


أجاب بهدوء :-

+


" جميعهم بخير ...."

+


حملت قدح الماء ترتشف منه القليل قبل أن تسأله مجددا :-

+


" صحيح ، ماذا أنجبت علياء ...؟؟ أتذكر إنها كانت حامل فترة خطبتنا ..."

+


" أنجبت فتاة ..."

+


أضاف مبتسما :-

+


" ليلا ..."

+


" ليلا ..."

+


كررتها مبتسمة ليهتف ببساطة :- 

+


" كانوا يبحثون عن اسم مميز فاقترحت عليهم هذا الاسم ...."

+


أضاف بخفة :-

+


"كان يليق أن يكون اسما لابنتنا أيضا ..."

+


أكمل وكأنه يتذوق الاسم :-

+


" ليلا .. ليلى ...."

+


كحت بخفة وهي تخبره :-

+


" منذ الآن حكمت إنه سيكون لدينا فتاة ..."

+


قاطعها مصححا :-

+


" فتيات ... لن أكتفي بفتاة واحدة ..."

+


" حقا ...؟!"

+


قالتها ضاحكة وهي تضيف :-

+


" وماذا عن الصبيان ...؟!"

+



        
          

                
قال بجدية :-

+


" سننجب صبي بالطبع ... لا بد أن نفعل فأنا أحتاج الى وريث يحمل اسمي وسيكون من الجيد أن ننجب بدل الصبي اثنان او حتى ثلاثة ..."

+


هتفت بضحكة غير مصدقة :-

+


" كم طفلا تنتظر مني يا كنان ...؟!"

+


" أنت وشطارتك ..."

+


قالها وهو يغمز لها بشكل جعلها تتورد بينما يضيف بجدية :-

+


" اتمنى فقط ألا تكوني من النوع الذي لا يحبذ إنجاب أكثر من طفل او اثنين فأنا أريد تكوين عائلة كبيرة ..."

+


هتفت متنهدة :-

+


" اطمئن ... نحن متفقان من هذه الناحية ... أنا أحب الأطفال كثيرا وأحب أن يكون لدي عائلة ضخمة والكثير من الأولاد ... اتمنى فقط أن يكتب الله لنا ذلك ويرزقنا بما نتمنى ..."

+


ثم شردت لا إراديا بوالدتها التي عجزت عن الانجاب بعد مريم بسبب حادث سير صادم حرمها من الانجاب نهائيا وهي التي كانت تتوق لتكوين أسرة كبيرة ...

+


تابع كنان انقلاب ملامحها فهم أن يسألها لكن قدوم النادل وهو يحمل الأطعمة منعه من ذلك عندما وضع النادل الطعام أمامها ليشكره كلاهما ثم تحرك بعدها فيسأل كنان باهتمام :-

+


" هل أنت بخير ..؟! مزاجك انقلب فجأة ..."

+


ابتسمت بهدوء مجيبة :-

+


" تذكرت شيئا مزعجا في الماضي ... لا تهتم كثيرا ..."

+


أراد أن يسألها مجددا لكنه قرر أن يحترم خصوصيتها فهي على ما يبدو لا ترغب بالبوح ...

+


بينما قررت ليلى أن تبدل الأجواء فهتفت بينما تناولت قطعة صغيرة من الطعام :-

+


" إذا أنت تسهر ليلة كل خميس مع أصدقائك ...؟!"

+


هتف بجدية :-

+


" نعم ، هذه عادة لدينا منذ سنوات ..."

+


سألتها باهتمام :-

+


" أصدقائك رجال فقط .."

+


ابتسم مجيبا ؛-

+


" نعم، رجال فقط ... أنا لا أصدقاء لدي من النساء وفي الحقيقة لا أؤمن بالصداقة بين الرجل والمرأة..."

+


" جيد ... وأنا أيضا لا أصدقاء شباب لدي ..."

+


قالها بجدية ليهتف بثقة :-

+


" أعلم ..."

+


سألته مستغربة :-

+


" كيف تعلم ..؟!"

+



        
          

                
أضافت ساخرة :-

+


" كنت تراقبني أم بحثت خلفي ...."

+


" لا هذا ولا ذاك .."

+


قالها بصدق وهو يضيف مبتسما :-

+


" المكتوب واضح من عنوانه كما يقولون ..."

+


أكمل بجدية :-

+


" بمجرد أن يتعرف الشخص عليك ويفهم شخصيتك سيدرك إنك من النوع المحافظ من ناحية العلاقات العامة بين الجنسين .. شخص مثلك لا يمكن أن يكون صداقات مع جنس الرجال ... حدودك معهم لا تتعدى الزمالة ..."

+


ابتسمت مرددة :-

+


" نعم ، حتى في الجامعة .. كان لدي اصدقاء شباب ولكنهم ليسوا مقربين ... يعني زملاء اكثر مما هم اصدقاء ... وأساسا لا أعرف شباب خارج إطار العائلة أو دفعة الدراسة ...."

+


" إذا كلامي في محله ..."

+


قالها بجدية لتهز رأسها قبل أن تسأله :- 

+


" لدي سؤال يشغل بالي ..."

+


قال بسرعة :-

+


" إسألي ما تريدينه ..."

+


تنحنت مرددة :-

+


" قبلي كان لديك علاقات عابرة ..."

+


هتف بهدوء :-

+


" في مرحلة من حياتي ، نعم كان هناك ولكنني توقفت عن هذه العلاقات منذ سنوات ... قبل أن أراكِ حتى ... "

+


سألته بجدية :-

+


" هل تعني إنه لم تدخل إمرأة حياتك قبل أن تلتقي بي بأعوام ...؟! "

+


أجاب بصدق :-

+


" تقريبا منذ أن بلغت عامي التاسع والعشرين وقد توقفت عن العلاقات العابرة وعليك أن تعلمي إن علاقتي العابرة لم تكن كثيرة الى هذا الحد ... على العكس تماما ... انا لست زير نساء يا ليلى ... انا مثلي مثل أي شاب ... في فترة ما كان لدي علاقات ولكنها كانت معدودة وجميعها عابرة وانتهت قبل أن أعرفك بأعوام ...."

+


" لماذا توقفت عن تلك العلاقات ...؟؟ يعني لماذا دخلت في علاقات كهذه ولماذا توقفت ...؟!"

+


أجاب بتروي :-

+


"مبدئيا أنا أخبرتك قبل لحظات إن علاقاتي لم تكن كثيرة الى هذا الحد ... في فترة شبابي يعني منتصف العشرينات دخلت في علاقات عابرة ... تستطعين القول إنني كنت في فورة شبابي ولدي حماس بعيش تجارب كهذه .... ولكن مع مرور الوقت بات الأمر لا يجذبني ... ربما أنا لست رجلا شهوانيا لا يستطيع أن يكبح رغباته ... "

+



        
          

                
أضاف متأملًا احتقان ملامحها :-

+


" آسف لما أقوله ولكنكِ تبحثين عن جواب وأعتقد هذا الجواب المنطقي ... الرجل الذي لا يتوقف عن هذا النوع من العلاقات هو رجل شهواني للغاية وبالتالي لا يستطيع إلا أن يدخل في هذا النوع من العلاقات باستمرار ودون توقف وأنا لست من هذا النوع لذا عندما نضجت امتنعت عن هذه العلاقات ووضعت جل تركيزي في عملي منتظرا ظهور المرأة المناسبة التي سأتزوج منها وأؤسس عائلة معها ..."

+


أكمل وعيناه تتأملانها:-

+


" وكنت أنت تلك المرأة ..."

+


" كنت تنتظر أن تجد المرأة التي تخطف قلبك إذا ..."

+


هز رأسه نفيا وهو يجيب بصراحة :-

+


" كلا ، كنت أنتظر المرأة المناسبة فقط ... التي تناسبني وأقتنع بها كزوجة لكن صادف أنني وجدت الإثنين بك ... وهذا ما أكد لي إنني شخص محظوظ كما يقول الجميع عني ..."

+


ابتسمت مرددة بخفوت :-

+


" ولكنك لم تخبرني بعد كيف ومتى أحببتني..."

+


" سأخبرك ..."

+


نظرت له بلهفة ليضيف بمكر :-

+


" ليلة زفافنا ..."

+


تجهمت ملامحها عندما أضاف بنفس المكر :-

+


" عجلي موعد زفافنا كيف تعرفين كل شيء ..."

+


ابتسمت  ليضيف وهو يمد كفه ملتقطا كفها :-

+


" لنحدد موعد زفافنا يا ليلى .... "

+


تأملته بهدوء وابتسامة هادئة ارتسمت فوق شفتيها وهي تجيب :-

+


" حسنا .. "

+


" لا داعي للخطوبة ...."

+


قالها بإقرار وهو يضيف بجدية :-

+


" دعينا نتزوج  فورا ... فلا يوجد ما يدفعنا للانتظار اكثر ...."

+


تجاهلت تصريحه عن قصد وعيناها تتأملان مياه البحر جانبا باهتمام خادع قبل أن تنظر نحوه مجددا تسأله باهتمام مقصود :-

+


" هل أخبرتك والدتك ...؟!"

+


أضافت والمكر يلمع في عينيها :-

+


" ستحزن بالطبع ... كانت تعتقد إنها تخلصت مني .... سيصدمها قرارك حتما يا كنان ..."

+


ابتسم على ذلك المكر المحبب في عسليتيها قبل أن يقول بصدق :-

+


" كلا ، ولكنني سأخبرها ... المهم أن نحدد الموعد ... وفي أقرب فرصة ...؟!"

+



        
          

                
سألته وهي تقطع الطعام بسكينها وشوكتها :-

+


" متى تريد الموعد ...؟!"

+


والجواب صدمها بشدة :-

+


" بعد ثلاثة أسابيع من اليوم ..."

+


***

+


في صباح اليوم التالي ...

+


تقدم أثير نحو والدته يقبل كفها عندما ابتسمت له وهي تخبره :-

+


" أنتظرك اليوم مساءا كما وعدتني ... من فضلك لا تحرجني أمام صديقتي ...."

+


" لأجلك سأضغط على نفسي وآتي ..."

+


قالها مرغما لتبتسم له بحب بينما هتفت سولاف ممازحة :-

+


" انتبه كي لا تتورط في خطبة أو شيء من هذا القبيل ..."

+


رمقتها زمرد بنظرات محذرة بينما قال أثير ببرود مقصود :-

+


" لا يمكن يا سولاف ... ليس أثير الهاشمي من يتم إجباره على شيء ..."

+


تحرك بعدها مغادرا تاركا والدته تتابعه بتجهم وهي تدرك جيدا إنها المقصودة بحديثه هذا ...

+


في طريقة الى شركة والده شرد في الماضي وتحديدا في بداية العلاقة ...

+


رهان أحمق كان البداية ...

+


هكذا فكر وهو يشرد مجددا في الماضي ...

+


حيث بداية السقوط ...

+


لم يكن مجرد سقوط ... كان غرقا ...

+


هو غرق بها ...

+


هذا المصطلح المناسب لوصف ما حدث وقتها ..

+


غرق في عشقها ومنذ ذلك اليوم وهو ما زال عاجزا عن ايجاد طوق النجاة ...!

+


شرد في الماضي وعاد بذاكرته الى يوم الحفلة والرهان ومعرفته به وعرضه الذي قدمه لها وهو يساومها بمقابل ترددت في قبوله في بداية الأمر ولكن كبريائها الذي يرفض الخضوع كعادته غلبها فوافقت واتجهت معه الى الطاولة المقابلة لطاولة صديقتيها وأخذا يمثلان إنهما يتحدثان ويضحكان بلا معنى فقط كي تثبت الصغيرة لصديقتيها إنها نجحت في جذب انتباهه ...

+


وفي النهاية تبادلا أرقام الهواتف ولم يكن هذا تمثيلا بل كان حقيقة ...!

+


تحركت بعدها بذقن مرفوع وهي ترمي الفتاتين بنظرات باردة مستفزة عندما جذبتها توليب من ذراعها وهي تبتسم بسعادة ...

+



        
          

                
لقد جعلت صديقتها تكسب الرهان ودون أن تخدع ابن عمتها ...

+


انتهى الحفل وصعدت هالة مع توليب حيث ذهبت كلا منهما الى جناحها بعدما اتفقتا أن يقضيا الليلة في جناح هالة ...

+


غيرت هالة ملابسها سريعا حيث ارتدت بيجامة خفيفة وجلست على سريرها تنتظر قدوم توليب التي أتت وهي تحمل صينية تحتوي على الفواكه والمكسرات والشوكولاتة والشيبس وبالطبع المشروبات الغازية...

+


وضعت توليب الصينية على السرير وسارعت تنضم لهالة التي باغتتها قائلة :-

+


" هل رأيتِ كيف انقلبت ملامح وجههما كليا بعدما رأتني أتبادل الحديث والضحكات مع أثير ..؟!"

+


ابتسمت هالة مرددة :-

+


" نعم رأيت ... "

+


أكملت بغرور مصطنع :-

+


" والفضل كله لي ..."

+


هتفت هالة بصدق :-

+


" لن أنكر هذا ..."

+


أضافت وهي تتذكر كلام أثير :-

+


" ليكن بعلمك ابن عمتك ساومني على ما فعله .."

+


سألتها توليب بدهشة :-

+


" كيف يعني ساومك ..؟!"

+


أخبرتها هالة بما قاله لتختم حديثها :-

+


" لكنه يمزح بالتأكيد أو بالأحرى يحاول مضايقتي ... بالتأكيد لن يفعل ما قاله ..."

+


قالت توليب بجدية :-

+


" أعتقد ذلك ... يعني أثير لا يحتاج لوجودك كي يبعد تلك الفتاة عنه ... "

+


قالت هالة بسرعة :-

+


" أساسا لا توجد فتاة .. هو فعل هذا كي يستفزني ... كي يغضبني وربما يختبرني ... لا أعلم ما غرضه ولكنه بالتأكيد لم يفعل ما قاله ..."

+


" ولكنه يستحق شكرا على ما فعله .."

+


قالتها توليب بجدية لتؤيدها هالة :-

+


" في الحقيقة نعم .. رغم إنه كان مستفز قليلا لكنه يستحق أن أشكره ... سأشكره بنفسي عندما أراه مجددا ..."

+


ما إن أنهت كلماتها حتى رن هاتفها بنغمة الرسائل لتسحب هالة هاتفها فتتسع عينيها وهي تردد :-

+


" إنه أثير ..."

+


اقتربت توليب منها تسأل باهتمام ودهشة في آن واحد :-

+



        
          

                
" ماذا أرسل ...؟!"

+


فتحت هالة الرسالة وسارعت تقرأ ما بها حيث وجدته قد كتب :-

+


" عزيزتي هالة ... لا تنسي الإتفاق الذي بيننا فأنا أريد التخلص من تلك الفتاة بأسرع وقت ... سأتصل بك صباح الغد كي نتفق على الطريقة المناسبة... تصبحين على خير .."

+


جذبت توليب الهاتف تقرأ الرسالة بينما همست هالة بملامح باهتة :-

+


" لم يكن يمزح ... كان جادا في حديثه ..."

+


أغلقت توليب الهاتف بصمت بينما التفتت هالة نحوها تسألها بحيرة :-

+


" ماذا سأفعل ...؟! "

+


" لا أعلم .."

+


قالتها توليب بصدق قبل أن تضيف بعد تفكير امتد للحظات :-

+


" يمكنني التحدث معه كي يتراجع عن ذلك ...."

+


لكنها وجدت هالة تهتف بعد لحظات تفكير ليست طويلة :-

+


" لا داعي لذلك ..."

+


نظرت لها توليب بحيرة قبل أن تهتف هالة بجدية :-

+


" أنا اتفقت معه على هذا وأنا لا أتراجع عن اتفاقي مهما حدث .. "

+


نعم كان هذا اتفاقا بينهما وعليها أن تلتزم به ...

+


ستفعل له ما أراد وينتهي بعدها كل شيء ..

+


تنهدت بصمت وعقلها يفكر فيما سيحدث ومالذي سيطلبه منها قبل أن تتجاهل أفكارها هذه فغدا سيتصل بها وتفهم منه ما يريد ....

+


****

+


صباحا ...

+


يقف مستندا على سور الشرفة المطلة على الحديقة الخلفية للقصر يرتشف قهوته بصمت ...

+


ينتظر الوقت المناسب ليتصل بها ....

+


طوال الليل كان يفكر بها ...

+


يراها أمامه بعينيها الجذابتين وملامحها الجميلة ...

+


لم تترك عقله منذ أن سقطت عيناه عليها وعندما غفا أخيرا زارته في أحلامه ....

+


عاد يرتشف قهوته مفكرا إن تلك الفتاة احتلت جزءا من تفكيره وهذا شيء جديد على شاب مثله ...

+


شيء مختلف ...

+


شيء غير محبب ...!

+


هو رجل يتحكم جيدا بأفكاره ومشاعره ...

+


رجل يخطط بحكمة لكل مرحلة من حياته ..

+



        
          

                
رجل لا يخضع لمشاعره ولا يسمح لأي شيء أن يتحكم به ...

+


رجل له أولوياته في كل شيء ...

+


ما يحدث معه مرفوض لشخص مثله..

+


هذه المشاعر البدائية التي تتحكم به ....

+


السيطرة على أفكاره بل ومشاعره أيضا ...

+


الرغبة الشديدة في محادثتها بل رؤيتها ...

+


لهفة خفية يرفضها بشدة ...

+


رغم صغر سنه فهو ما زال في عامه العشرين إلا إنه صنع حدودا لنفسه وقوانين  يحيا به ...

+


حتى القوانين التي يحيا وفقا لها صنعها بنفسه وليس نتيجة قرارات والديه ...

+


هو سنَّ قوانينه بنفسه وسار تبعا لها منذ سنوات ...

+


ربما نضج مبكرا كما يقول الجميع ...

+


سبق سنوات عمره ...

+


هو ليس شخصا عاديا ...

+


في طفولته لم يكن كباقي أطفاله وكذلك في فترة الصبا والمراهقة وما تلا ذلك ...

+


كل شيء بالنسبة له يسير وفق نظام محدد ...

+


حياته بأكملها تسير وفق نظام صاغه بنفسه وحرص أن يلتزم به لينال ما يطمح إليه ...

+


ما يحدث الآن يخالف القوانين التي رسمها ...

+


يتخطى الحدود المسموحة ...

+


أراد أن يتراجع عما ينويه .. ألا يتصل بها ..

+


لكن هناك شيء ما مبهم يجبره على فعل ذلك...

+


شيء لعين يتمنى لو يقتله على الفور ...

+


جذب هاتفه يتصل بها عندما أجابته بعد لحظات بصوت هادئ :-

+


" أهلا أثير ..."

+


كانت نبرتها مختلفة ...

+


ليست رقيقة للغاية وليست خشنة ...

+


نبرة طبيعية لا تخلو من الثقة التي على ما يبدو جزءا لا يتجزأ من شخصيتها ...

+


أضافت بنفس الثقة والهدوء الذي استقبلته به :-

+


" كنت أنتظر اتصالك .. تفضل .. أسمعك ..."

+


ابتسم بخفة فعلى ما يبدو إنها تتعمد فعل ذلك ...

+


تخبره دون حديث إنها ليست مترددة وليست خائفة من هذه الخطوة بل إنها جاهزة ومستعدة لتنفيذ اتفاقها معه ...

+



        
          

                
" متى ستكونين متفرغة ...؟!"

+


سألها وهو يتحرك الى داخل جناحه حاملا كوب قهوته معه لتهتف بجدية :-

+


" يومي العطلة .... "

+


قال باهتمام :- 

+


" الجمعة إذا..."

+


سألته بهدوء :-

+


" ماذا سيحدث ...؟! ما المطلوب مني ...؟؟"

+


رد بجدية :-

+


" سنذهب الى النادي ... سنجلس على احدى الطاولات ونتبادل الأحاديث وعندما تأتي هي .."

+


توقف لوهلة قبل أن يقول :-

+


"سأعرفك لها على إنك حبيبتي ..."

+


لا يعلم لمَ كلمة " حبيبتي " خرجت منه بطريقة مختلفة وقد زاغت معها نبضة لعينة من قلبه وهي بدورها تأثرت لوهلة بتلك الكلمة لكنها طردت أفكارها جانبا وهي تسأله بحذر :-

+


" ماذا لو رأنا أحدهم ...؟!"

+


رد بجدية :-

+


" من سيرانا مثلا ...؟! بالنسبة لراغب وراجي فهما لا يذهبان الى النادي منذ مدة طويلة ومهند أنا سوف أتأكد من عدم وصوله الى هناك ... وتوليب تعرف بما يحدث أساسًا وهي بدورها ستتصرف مع فيصل ...."

+


" رتبت كل شيء ..."

+


قالتها بسخرية باردة ليهتف بنفس البرود :-

+


" لا أحتاج أن أفعل ... كل شيء مرتب من ذاته..."

+


" حسنا .."

+


قالتها بوجوم ليهتف بحسم :-

+


" اتفقنا اذا .. موعدنا الجمعة الساعة الخامسة عصرا ..."

1


" حسنا .."

+


قالتها باستسلام ليغلق الهاتف بعدها متنهدا بصمت قبل أن يقرر تجاهل أفكاره عن عمد وهو يتحرك خارج جناحه متجها الى والديه يحاول الانشغال معهما عن أفكاره التي لا يجب أن تتمحور حولها ...

+


****

+


يوم الجمعة ...

+


يجلس في سيارته التي ركنها مقابل النادي ينتظر قدومها بلهفة لم ينجح في السيطرة عليها ...

+


اسبوع كامل انتظر به هذا اليوم بلهفة غير مسبوقة ..

+


لهفة رفضها بشدة وحاربها وجاهد كي يتخلص منه لكنه فشل في النهاية فاستسلم لها ولأول مرة في حياته يجرب شعور الاستسلام ...

+



        
          

                
وأخيرا وصلت ...!!

+


تابعها وهي تغادر سيارة السائق مع توليب التي استغرب مجيئها معها لكنه تجاهل هذا وهو يراها تتقدم نحو سيارته بعدما أشارت توليب نحوها فتابعها بعينيه وهي تسير بخطواتها الشامخة رغم صغر سنها ...

+


ترتدي بنطال من الجينز الأزرق وفوقه قميص حريري أسود اللون ذو أكمام قصيرة تغطي كتفيها ...

+


تقدمت توليب نحوه اولا تتبعها هي بملامح مبهمة ليفتح النافذة لابنة خاله وهو يخبرها :-

+


" اركبا هيا لندخل سويا الى النادي ..."

+


سارعت توليب تتخذ مكانها جانبه وهالة في الخلف عندما قالت توليب بينما يشغل هو سيارته :-

+


" هالة طلبت مني أن أكون معكما ... يعني كي لا يتم تفسير الأمر بشكل خاطئ عندما يرانا أحدهم وفي نفس الوقت يمكنك أن تعرفها على تلك الفتاة على إنها حبيبك وأنا ابنة خالك وابنة خالتها في نفس الوقت ..."

+


هتف أثير ببرود ساخر :-

+


" ماشاءالله ... لديك علم بكافة التفاصيل ..."

+


خرج صوت هالة باردا :-

+


" أنا لا أخفي عن تولاي شيئا ..."

+


هتف هو ببرود :-

+


" لم يكن هذا اتفاقنا .. من المفترض إننا حبيبين في موعد خاص أمامها ..."

+


قالت هالة بثبات :-

+


" لست مضطرة للمخاطرة في سمعتي لأجل أن تثبت لها ذلك ..."

+


قالت توليب بسرعة محاولة تلافي الموقف الذي ربما يؤدي الى شجار :-

+


" اهدئا قليلا ... وكل شيء سيحدث كما تريدان ..."

+


هتف أثير بجدية :-

+


" أنت تعلمين إنني معي حق يا توليب ..."

+


قالت توليب مصححة :-

+


" تولاي .. لا أفهم لماذا لا تناديني تولاي مثل البقية ..."

+


ثم مطت شفتيها مرددة :-

+


" بالتأكيد عمتي هي السبب .... لا تحب تولاي .. تقول إن توليب أكثر رقيا ..."

+


نظر لها أثير بعدم تصديق مما تتفوه به وما شغل بالها بينما قالت هالة وكأنها فكرت بنفس الطريقة :-

+


" لسنا في وضع يسمح لنا بمناقشة الفرق بين توليب وتولاي ..."

+


تجهمت ملامح توليب التي قالت بوجوم :-

+



        
          

                
" حسنا إذا... ما إن نصل النادي سأترككما وأذهب لممارسة الرياضة وابقيا لوحدكما وتصرفا كما يجب ..."

+


قاطعتها هالة بجدية :-

+


" لن تذهبي الى أي مكان يا تولاي ..."

+


هتف أثير بوجوم :-

+


" لاحظي إنك تخلين بشروط اتفاقنا ..."

+


ثم أكمل بضيق وهو يستوعب ما يفعله فهو يتبادل الأحاديث مع فتاتين مراهقتين وينزل الى مستواهما الأحمق بل يتناقش معهما بما يجب أن يحدث وتلك الحمقاء التي تجلس في الخلف تعانده بل وتفرض قراراتها عليه ..

+


لم يصدق الى أي مستوى وصل ولمَ كل هذا ...

+


لأجل حمقاء غبية بعينين رماديتين فاتنتين خطفت قلبه وسيطرت على أفكاره بلفتة بسيطة ونظرة شرسة من عينيها الجذابتين ...

+


عقله رفض ما يحدث وتدخل بقوة يدفعه للتراجع ...

+


ما يحدث مرفوض ...

+


غير مقبول ..

+


ما يحدث حماقة لا تليق به ....

+


وبينما كانت توليب تتحدث مع هالة تقنعها بضرورة الالتزام بالاتفاق بينما الأخيرة تصيح معترضة وجد نفسه يهدر بهما بلحظة ودون مقدمات :-

+


" أنتما الاثنتان ... اهبطا من سيارتي حالا ...الاتفاق ملغي ... لا أريد أي شيء منكما .."

+


بهتت ملامح كليهما بدهشة مما قاله عندما هدر بصوت أكثر حدة :-

+


" غادرا سيارتي هيا ..."

+


سارعت كلتاهما تخرجان من السيارة دون نقاش بينما أخذ هو نفسا عميقا طويلا قبل أن يدير مقود سيارته متحركا بأقصى سرعة بعيدا عنهما هاربا من وجودها الذي يشتت كل جزء منه ...

+


***


+


تقدمت هايدي من شقيقتها وهي تحمل كوبين من مشروب الشوكولاتة الساخن ...

+


تناولت نانسي الكوب منها وهي تبتسم لها قبل أن تعود وتتابع طفليها وهما يلعبان بوجود المربية ...

+


قالت هايدي بجدية :-

+


" لقد حدد كرم موعد ذهابنا لخطبة هالة ... بعد ثلاثة أيام ..."

+


هتفت نانسي وهي تنظر نحوها :-

+


" نعم ، أخبرني كي أستعد ..."

+


ثم ارتشفت القليل من مشروبها عندما قالت هايدي بجدية :-

+


" ماما ليست راضية ... العروس لا تعجبها كما إنها ترى إنه ما زال مبكرا على كرم أن يتزوج ..."

+



        
          

                
تنهدت نانسي مرددة :-

+


" ماما لا يعجبها أحدا من الأساس يا هايدي ..."

+


" الفتاة جيدة ... لا بأس بها ..."

+


قالتها هايدي وهي تضيف :-

+


" لكنها تكبره بعامين ...."

+


" لا أرى في ذلك مشكلة ..."

+


قالتها نانسي بصدق لتهز هايدي رأسها وهي تقول بدورها :-

+


" وأنا كذلك ... ولكن هذا لا يعجب ماما ايضا ..."

+


قالت نانسي بمزاح يحمل أسف خفي :- 

+


" ماما حزينة وليست راضية مجددا ... لقد خيبنا أنا وكرم أملها في زيجاتنا ..."

+


هتفت هايدي دون تجميل :-

+


" للاسف ، هذا صحيح ..."

+


" أنتِ الأمل المتبقي بالنسبة لها ..."

+


قالتها نانسي بخفة لتهتف هايدي بثقة :-

+


" اطمئني ... انا لن أخيب آمالها أبدا... على العكس تماما ..."

+


سألتها نانسي باهتمام :-

+


" هل هناك شخص ما ...؟!"

+


أجابت هايدي بجدية :-

+


" لا يوجد شيء أكيد..."

+


أكملت وعيناها تلمعان بمكر:-

+


" لكن ربما يكون قريبا ...."

+


سألت نانسي وهي تضع كوبها على الطاولة ثم تعتدل في جلستها :-

+


" من تقصدين ...؟!"

+


هتفت هايدي بعدما وضعت كوبها هي الأخرى فوق الطاولة واعتدلت في جلستها تقابل شقيقتها :-

+


" أثير الهاشمي .. تحدثنا مجددا ... وعرض عليّ العمل في مؤسسة والده ..."

+


أكملت وهي تبتسم بثقة :-

+


" ودون أي مبادرة او محاولة لفت انتباه مني ... هو من بادر وألقى التحية وبادر أيضا وقدم عرض العمل لي ..."

+


هتفت نانسي بتعجب :-

+


" غريب ، لم فعل هذا ..؟!"

+


هزت هايدي كتفيها تجيب :-

+


" لا أعلم ، ولكنني سأعلم قريبا .."

+


" هل ستقبلين عرض العمل معه ...؟!"

+


سألتها نانسي باهتمام لتجيب هايدي مبتسمة :-

+



        
          

                
" بالطبع عزيزتي ..  هذه فرصة لا تعوض ..."

+


" انتبهي يا نانسي .. لا تبني آمالا على شيء غير مضمون ..."

+


تنهدت هايدي ثم قالت بضجر :-

+


" أووف يا نانسي .. متى ستفهمين إنني لست هكذا ..؟! عزيزتي أنا لا آبني أمالا ثم أنهار إذا لم تتحقق ... انا فقط أستغل الفرص المتاحة أمامي وإذا لم تكن هناك فرص متاحة فسوف أصنع أنا الفرصة بنفسي ... المهم أن أفعل ما بوسعي كي أنال ما أريد ..."

+


" وإذا فشلت ...؟!" 

+


سألتها نانسي بجدية لتجيب هايدي ببساطة :-

+


" سنبحث عن غيره ... لن تتوقف الحياة عليه ولا على غيره .. يذهب هو ويأتي غيره ... يكفيني شرف المحاولة ..."

+


تأملت نانسي شقيقتها بدهشة حقيقية من هذا المنطق الذي تحيا به ...

+


وعلى ما يبدو إن شقيقتها قرأت أفكارها فقالت بجدية :-

+


" لو فكرتِ جيدا في كلامي لوجدت إنه صحيح ... اتمنى فقط لو تقتنعي بوجهة ونظري وتطبقيها على حياتك ..."

+


" مالذي تريدين مني فعله يا هايدي ...؟!"

+


ردت هايدي ببساطة :-

+


" تتطلقين ... تنفصلين عن ذلك التافه وتنظرين الى نفسك ... تعيشين حياتك وتبحثين عن رجل مناسب بدلا من ذلك الفاسد الذي تزوجت به .."

+


" والأولاد ...؟! هل أتركهما أيضا ..؟!"

+


سألتها نانسي بعدم تصديق لتقول هايدي بسرعة :-

+


" من قال هذا ... ؟! كريم وكاميليا سيبقيان معك .. ثلاثتكم سيعيش معنا معززين مكرمين في منزل والدك وتصرفين على نفسك وعليهما من ميراثك ... لكن فكري بنفسك أيضا ... من غير المعقول أن تبقين مع حماتك وشقيق زوجك بينما زوجك لا يسأل لا عنك ولا عن أولادك ولا يهتم ... أنت تستحقين حياة مختلفة .. أنت ما زلت صغيرة و بالتأكيد هناك من يسعى أن يرتبط بشابة جميلة مثلك بعد طلاقك ..."

+


هتفت نانسي بصوت قاطع ورغبة عارمة في البكاء سيطرت عليها :-

+


" لا يمكن لهذا أن يحدث ... أنا لا أستطيع أن أفعل ذلك ... لا أستطيع الانفصال عنه ... لا يمكنني ... أنا لا أحبه ولا أعتقد إنني سأفعل لكنني مضطرة الى ذلك .. لأجل كريم وكاميليا ... لا يمكنني تحميلهما الألم والتشتت ... لا يمكنني 

+


أن أفعل بهما هذا ... يكفي إنني أنجبتهما من أب أناني لا يفكر سوى بنفسه ... لست مستعدة ليكبرا ويجدا نفسيهما مع أب لا يعلم شيئا عنهما وأم تزوجت وعاشت حياتها .... لا يمكنني أن أمنحهما شعورا كهذا ..."

+



        
          

                
ثم اتجهت ببصرها نحو طفليها تتأملهما بعينين تراكمت العبرات فيهما وهي تتسائل داخلها ،

+


إلى متى ستتحمل وتصبر ...؟! إلى متى ستتقبل الوضع الحالي ...؟!

+


ماذا سيحدث لو فقدت قدرتها على التحمل ...؟!

+


كيف ستتصرف حينها ...؟!

+


كم تخشى أن يحدث هذا ..؟!

+


كم تخشى أن تخذل طفليها ...؟!!

+


***

+


عادت نانسي مساءا الى الفيلا ...

+


صعدت بطفليها الى غرفتهما بعدما ألقت التحية على حماتها بينما شريف لم يكن موجودا ...

+


لديه مناوبة في المشفى كالعادة....

+


بقيت مع طفليها حتى غطا في النوم فطبعت قبلة على وجنة كل منهما ثم تحركت خارجا متجهة الى غرفتها حيث أخذت حماما طويلا ثم ارتدت بيجامتها الحريرية الناعمة ...

+


اتجهت بعدها نحو طاولة التجميل تسرح شعرها الأشقر الطويل عندما توقفت وهي تتأمل نفسها في المرآة ..

+


شابة صغيرة أكملت عامها السادس والعشرين منذ عدة أشهر ...

+


شقراء جميلة ولا خلاف على ذلك ...

+


أنثى حقيقية ... جميلة .. شابة ... صغيرة ومغرية أيضا...

+


صفات لا خلاف عليها سمعتها على لسان الكثير وتراها الآن بوضوح رغم إنها جالسة أمام المرآة وهي ترتدي بيجامة خفيفة ووجهها خالي من مساحيق التجميل تماما وشعرها ما زال مبللا ...

+


تذكرت كلمات هايدي مجددا وهي تخبرها إنها تستحق حياة حقيقية ورجلا حقيقيا ...

+


أغمضت عينيها بقوة تنفض تلك الكلمات عن رأسها ...

+


منذ ما حدث بينها وبين صلاح لم تفكر ولو مرة بهذه الطريقة ...

+


لن تفكر في نفسها كأنثى لها احتياجاتها ...

+


كرست كل اهتمامها لطفليها ...

+


حتى أفكارها ومشاعرها كانت تتمحور حولهما ...

+


هي ما زالت صغيرة ...

+


لكنها ستكبر...

+


أساسا هي كبرت بالفعل بعدما أنجبت كريم وكاميليا ...

+


نضجت بشكل واضح ...

+


السنوات ستمر ونضوجها يزداد مع مرور التجربة ناهيك عن كون تجربتها مع صلاح أكسبتها نضوجا سريعا كانت ستحتاج ربما لأعوام كي تصل إليه ...

+



        
          

                
ولكن ماذا عن هذا النضوج ...؟!

+


هل سيأتي يوم وتبحث عن احتياجتها كأنثى ...؟!

+


أنثى تحتاج لرجل يهتم بها ويروي أنوثتها التي لم تشعر بها حتى هذه اللحظة ...؟!

+


نعم رغم زواجها الشكلي وإنجابها طفلين ولكنها واقعيا لم تعايش علاقة حقيقية مع رجل ...!

+


ما حدث بينها وبين صلاح كان دون وعي منها ...

+


هي حتى لا تتذكر ما حصل ...

+


لا تتذكر شعورها في ذلك الوقت ...

+


لا تتذكر أي شيء ...

+


ارتجف جسدها لا اراديا عندما عادت تلك الذكرى تقتحم رأسها بقوة ...

+


انتفضت من مكانها تتجه نحو سريرها حيث انكمشت فيه وجسدها توتر كليا من وقع تلك الذكرى التي ما زالت عاجزة أن تغفرها لنفسها رغم مرور حوالي عامين عليها ...'

+


***

+


دلفت ماذي مع صديقتها المقربة الى النادي الليلي الذي يتواجد به صلاح حاليا ...

+


كانت تراقبه منذ غروب الشمس منتظرة مغادرته شقته كعادته كل ليلة متوجها الى احد النوادي الليلة التي يفضلها فتبعته ودخلت مع صديقتها عندما توجهت نحو البار الذي يجلس عليه تطلب من العامل مشروب الفودكا قبل أن تلتفت نحوه تسأله بينما صديقتها تجاورها :-

+


" كيف حالك ...؟!"

+


ابتسم وهو يرتشف مشروبه :-

+


" عظيم ..."

+


أكمل يسألها :-

+


" أين اختفيت الأيام السابقة ..؟!"

+


أجابت بخفة :-

+


" كنت مع كارلا ..."

+


ثم أشارت نحو صديقتها التي مدت يدها تحييه ليلتقط صلاح كفها وهو يرد تحيتها قبل أن يعود الى بكامل اهتمامه نحو ماذي يسألها :-

+


" ماذا ستفعلين الآن ...؟! هل وجدت حلا لمشكلتك ...؟!"

+


أجابت وعيناها تلمعان بمكر :-

+


" وجدت ..."

+


" حقا ..؟! كيف ...؟! "

+


سألها لتجيب بابتسامة باردة وهي تسير بأناملها فوق ياقة قميصه :-

+


" وجدت من يساعدني ..."

+


" لا تقولي إنك وجدت من وافق على عرضك المجنون ...؟!!"

+


قالها بسخرية لتهز رأسها وهي تخبره :-

+



        
          

                
" هذا ما حدث بالفعل.."

+


ثم اتجهت بأنظارها نحو شاب وسيم دلف الى النادي وأخذ يلوح لها بيده لترفع ماذي كفها ترد تحيته فيلتفت صلاح متأملًا الشاب الأنيق بملامحه الوسيمة عندما هتفت ماذي وهي تنظر له :-

+


" وهاهو منقذي العزيز وصل ..."

+


هتف ضاحكا :-

+


" منقذك إذا..."

+


هتفت ماذي بدلال مقصود :-

+


" نعم ، منقذي ورجلي ..."

+


هتفت كارلا تشير لصديقتها:-

+


" لنذهب عنده يا ماذي ... لن نتركه ينتظرنا أكثر ..."

+


" معك حق عزيزتي ..."

+


قالتها ماذي ثم اتجهت ببصرها نحو صلاح تودعه بكفها وهي تخبره :-

+


" عن إذنك يا عزيزي ..."

+


تابعها وهي تبتعد متجهة نحو ذلك الشاب الذي استقبلها بترحيب حار وهو يعانقها بحميمية قبل أن تجلس جواره ويتبادلان الأحاديث الضحكات ...

+


التفتت نحو العامل يطلب منه مشروبا آخرا عندما وجد إحداهن تتقدم نحوه وتجلس جواره طالبة من العامل مشروبا لها هي الأخرى ...

+


لفتت انتباهه كعادته بجمالها الفاتن عندما قرر أن يعرفها عن نفسه مرددا :-

+


" مرحبا .. انا صلاح ... هل نتعرف ...؟!"

+


التفتت الفتاة نحوه تتأمله بإهتمام لوهلة قبل أن تجيب :-

+


" ولم لا..؟!"

+


ثم مدت كفها تعرفه عن نفسها قبل أن يتبادلان بضعة أحاديث انتهت بنهوض كلاهما متجهان الى شقة الفتاة التي سيقضيان بها الليلة ...

+


وأثناء خروجهما من المكان تبادلت الفتاة مع ماذي نظرات انتهت بغمزة ماكرة من عين الفتاة لتبتسم ماذي ملأ فمها ثم تتبادل النظرات الخبيثة مع كارلا ....

+


خطتها نجحت وستحصد نتائجها بعد ساعات قليلة ...'

+


***

+


في أحد المقاهي ...

+


كانت هالة تجلس أمام كرم تتبادل الأحاديث معه بينما كرم يهتف بحماس :-

+


" لا أصدق متى سيأتي يوم الخميس كي آتي مع عائلتك لأخطبك رسميا ..."

+


" لم يتبقَ سوى ثلاثة أيام ..."

+



        
          

                
قالتها هالة مبتسمة وهي تضيف :-

+


" صحيح ، علينا أن نحدد موعد الخطبة ويجب أن يكون بعد موعد خطبة تولاي بإسبوعين على الأقل ..."

+


تمتم كرم بضيق :-

+


" هذا كثير .. يعني أمامنا أكثر من شهر ..."

+


قاطعته موضحة :-

+


" أقل ، خطبة تولاي بعد إسبوعين ... "

+


هتف بجدية :-

+


" هذا يعني إنني سأسافر الى أمريكا لأنهي بقية الإجرائات المتعلقة بأوراقي هناك قبل الخطبة ..."

+


سألته بإهتمام :-

+


" كم يوم ستحتاج لتنهي تلك الإجرائات ..؟!"

+


أجابها :-

+


" خمسة أيام بالكثير ..."

+


هتفت هالة بتردد :-

+


" كنت أفكر في حديثك عن إكمال الدراسات العليا في أمريكا ... "

+


سأل كرم :-

+


" حقا ..؟! وهل غيرت رأيك ..؟!"

+


تراجعت الخلف وهي تجيب بعملية :-

+


" بصراحة وجدت إنه معك .. لمَ لا نعود الى أمريكا مجددا ...؟! أنت تأخذ الماجستير والدكتوراه بينما أنا أدرس التخصص الذي أريده ... وربما نستقر بعدها نهائيا ..."

+


"هذا ما قلته أساسا لكنكِ رفضتي الإبتعاد مجددا عن عائلتك ..."

+


قالت بجدية :-

+


" تراجعت عن ذلك ... هناك الدراسة أفضل ... كما إننا سنأتي بين فترة وأخرى في زيارة الى هنا ..."


+


" عموما ، فكري مجددا وإذا وافقت سنعجل من زواجنا كي نسافر بعد الزواج مباشرة للتقديم في الجامعة هناك ..."

+


قالها بحماس لتبتسم وهي تهز رأسها بصمت ليستمروا بعدها في تبادل الأحاديث قبل أن ينهض كلاهما مقررين المغادرة ...

+


صعد كرم سيارته واتجه عائدا الى منزله وما إن وصل الى هناك حتى وجد الشرطة تقتحم المكان بعد دقائق قليلة ولديهم أمر بالقبض عليه ...

+


***

+


في نفس التوقيت ...

+


ابتسم أثير بانتعاش وهو يقرأ الرسالة التي وصلته تخبره إن ما أراده حدث ....

+


هاهو يسدد ضربته الأولى لها ...

+


انتظري يا هالة المزيد من الضربات ....

+



        
          

                
اتجه الى داخل جناحه ووقف أمام المرآة يصفف شعرها وهو يدندن قبلما يرش من عطره المفضل فوق ملابسه الأنيقة ..

+


طرقت الخادمة على باب غرفته ودخلت بعدما سمح لها بذلك لتخبره إن زمرد تنتظره مع ضيوفها في الأسفل ...

+


تحرك خارج جناحه متجها الى صالة الجلوس حيث تقدم أولا نحو والدته يقبل كفها كعادته قبل أن تعرفه على صديقتها شهيرة ليقبل كفها بدوره وهو يهتف :-

+


" أهلا يا هانم .. تشرفت بلقائك ..."

+


ثم التفت نحو الجانب الآخر ليتجمد مكانه وهو يراها أمامه مجددا بينما والدته تعرفه عليها :-

+


" وهذا أفنان يا أثير ... ابنة شهيرة هانم وشوكت بك عمران .... "

+


***


+


وقف مهند أمام جناح جيلان لوهلة يأخذ نفسا عميقا عدة مرات قبل أن يطرق على باب الجناح بخفة ...

+


لحظات وطلت هي من خلف الباب ليتأمل بيجامتها المكونة من شورت قصير للغاية بالكاد يغطي بداية فخذيها وتيشرت خفيف ذو حمالات رفيعة بفتحة عنق مثلثة بالكاد تغطي ثدييها الصغيرين بينما تبرز عنقها وبداية نحرها بسخاء ...

+


ابتلع ريقه مصدوما لوهلة مما ترتديه ...

+


ورغما عنه تذكر ملابسها الطفولية التي كانت ترتديها في الفترة التي قضتها معه في جناحه وقارن بينها وبين ما ترتديه حاليا فشعر بسخافة تفكيره وهو يتحسف على ذلك الماضي ...

+


مهما حدث يبقى جزءا منه يحمل وقاحة متأصلة به ..

+


في النهاية هو رجل وليس قديس ...

+


تجاهل أفكاره وهو يمنحها ابتسامة هادئة وجدتها جيلان لا تناسب شخصا خشنا مثله عندما هتف :-

+


" مساء الخير ..."

+


مالت بجسدها الى الجانب عاقدة ذراعيها أمام صدرها وهي تهتف دون مقدمات :-

+


" قل ما لديك بسرعة .."

+


تغضن جبينه بضيق من وقاحتها لكنه قرر تحملها وهو يهتف بتروي :-

+


" ألم تملي من بقائك في الجناح ..؟! ألا تريدين الخروج قليلا ...؟! "

+


رمقته باستهانة وهي تردد :-

+


" مع من سأخرج ... ؟! معك أنت ..؟!" 

+


رفع حاجبه وهو يردد :-

+


" ولم لا ..؟!"

+


أضاف وهو يتكأ بجسده على الحائط جانبه :-

+



        
          

                
" أم إنني لا أعجب حضرة جنابك ...؟!"

+


تأملته ببرود ساخر قبل أن تخبره :-

+


" في الحقيقة ليس كثيرا ...."

+


اعتدل في وقفته ثم قال :-

+


" كما تشائين ... كنت أفكر في الخروج معك قليلا ... تغيرين جو ... بدلا من حبسك هنا في هذا الجناح ..."

+


هتفت من بين أسنانها :-

+


" انا هنا بمزاجي ... لا أخرج لإنني لا أريد رؤية وجه أحدكم ..."

+


" على أساس إننا سنموت ونرى وجهك القبيح ..."

+


احتقنت ملامحها فهمت باغلاق الباب في وجهه وهي تصيح به :-

+


" اغرب عن وجهي ..."

+


ليمنعها من اغلاق الباب بعدما مد قدمه وهو يخبرها :-

+


" هل متأكدة من كونك لا تريدين الخروج معي ..؟! "

+


أضاف وعيناه تلمعان بمكر :-

+


" سنقضي وقتا ممتعا معا ...."

+


تأملته بوجوم امتد لوهلة قبل أن تتقد عيناها بحماس مفاجئ وهي تخبره :-

+


" سأذهب معك .. امنحني عشرة دقائق لأجهز نفسي ..."

+


ثم تحركت بسرعة بعدما صفقت الباب في وجهه فوقف مكانه مصدوما من تغيرها المفاجئ ليحك ذقنه مرددا بينه وبين نفسه :-

+


"وهل لدي حل سوى الانتظار ..."

+


****

+


نصف ساعة كاملة وجيلان لم تظهر بعد ...

+


بالكاد منع نفسه من سبها وهو يتذكر إن عمه رحمه الله ميتا ولا يجوز سبه ...

+


القصر كان شبه فارغا فوالديه مدعوان على العشاء لدى أقاربهما وراغب خرج مع أطفاله وهمسة في نزهة أصر عليها الصغار ..

+


راجي في المشفى وفيصل لا يعلم أين هو أما هالة وتوليب فهما بالتأكيد في جناحهما مشغولتان بالتجهيز لخطبة توليب حيث ما زالت توليب عاجزة عن اختيار الفستان المناسب لترتديه يوم الخطبة ...

+


زفر أنفاسه بضيق وهو ينظر الى ساعته متمتما من بين أسنانه :-

+


" أربعون دقيقة ... لو كانت عروس تتجهز لزفافها لانتهت مبكرا عن هذا الوقت ..."

+


ما إن رفع وجهه حتى تجمد مكانه وهو يجدها تتقدم نحوها بذلك الفستان القصير للغاية والذي ينساب فوق جسدها بشكل مذهل للغاية ...

+



        
          

                
شعرها المصفف بعناية ومكياجها الناعم ....

+


بدت جميلة وناعمة ...

+


بدت فاتنة ..

+


وقفت أمامه تسأله وهي ترفع حاجبها بتحفز :-

+


" كيف أبدو ...؟!"

+


تأملها بدءا من حذائها ذو الكعب العالي حيث ساقيها الرشيقتين العاريتين ثم قماش الفستان الذي يصل الى ما فوق ركبتيها بقليل ...

+


كان فستانا بسيطا للغاية  لونه أزرق غامق ذو حمالات رفيعة يلتصق بالجزء العلوي من جسدها حتى خصرها فيتسع بعدها منسدلا على بقية جسدها حتى قبل ركبتيها بقليل ...

+


همس بصوت مبحوح :-

+


" دعينا نذهب ..."

+


تحركت أمامه ليتبعها فتسأله وهي تتقدم خارج القصر :-

+


" إلى أين ستأخذني ...؟!"

+


رد بجدية :-

+


" سنتناول العشاء في أحد المطاعم ...."

+


قالت بجدية :-

+


" أريد الذهاب الى السينما...."

+


هتف بهدوء :-

+


" كما تريدين ..."

+


جاورته في السيارة عندما سالها وتحرك بها متجها الى السينما أولا لتخبره :-

+


" شغل الموسيقى ..."

+


فتح لها أحد الأغاني الموجودة على السيارة فهتفت بضيق :-

+


" لا أحب الراب...."

+


ثم سحبت مجموعة من أشرطة الموسيقى تبحث عن شيءتحب سماعه عندما قالت بعدما قلبتها جميعها :-

+


" ذوقك سيء في اختيار الاغاني ..."

+


"" شكرا ..."

+


قالها ببرود قبل أن يركن سيارته قرب أحد المولات عندما التفت نحوها يخبرها بتردد :-

+


" وصلنا الى السينما ولكن كيف سندخلها بفستانك هذا ..."

+


" ما به فستاني ... ؟!"

+


سألته ببراءة ليهتف ببرود :-

+


" فاضح ... "

+


اتسعت عيناها وهي تردد :-

+


" أبدا... انه عادي للغاية ..."

+



        
          

                
زفر أنفاسه مرددا :-

+


 " أجلي السينما الى يوم آخر ودعينا نذهب الى احد المطاعم المناسبة لتناول العشاء ...."

+


زمت شفتيها بعبوس مرددة  :-

+


" لا أفهم ما الممتع في خروجنا لتناول الطعام في المطعم ثم العودة ..؟!"

+


" أنت المخطئة .. لم ترتدِ شيئا ملائما ..."

+


هتفت بنبرة محتقنة :-

+


" حسنا، خذنا إلى أي مطعم مناسب ..."

+


ثم لمعت عيناها بفكرة جهنمية وهي تخبره :-

+


" ولكن اختر مطعما يطل على البحر من فضلك ...."

+


" أمرك يا هانم ..."

+


قالها بسخرية لاذعة وهو يتحرك الى احد المطاعم المناسبة ...

+


اختار أحد المطاعم الراقية بينما اختارت هي طاولة تتسع لأربعة أشخاص تطل مباشرة على البحر ...

+


جلس على احد الكراسي وجلست هي قباله عندما تقدم النادل يسجل ما يريدانه ...

+


غادر النادل بينما تأملته هي بنظرات غريبة ليتسائل بحيرة :-

+


" لماذا تنظرين إلي هكذا ...؟!"

+


ردت بخفوت :-

+


" أحاول التصديق إنك تغيرت ..."

+


هتف بخفة :-

+


" لست مجبرة على التصديق ..."

+


تنهدت وعيناها تشردان بالبعيد :-

+


" ليتني أستطيع التغير بدوري ..."

+


قال بسرعة :-

+


" تستطيعين ... إذا أردت ذلك بحق ...."

+


تفاجئ بها وهي تنهض من مكانها وتتجه نحوه ...

+


جلست جانبه ومدت كفها فوق كفه الموضوع على الطاولة تسأله بعينين مترجيتين:-

+


" هل تساعدني يا مهند ...؟!"

+


قال بسرعة ودون تفكير :-

+


" بالطبع يا جيلان ..."

+


ابتسمت برقة ثم مدت يدها تضعها فوق موضع قلبه تخبره برقة مصطنعة بينما تجمد هو لا اراديا مصدوما من فعلتها :-

+


"أنت طيب القلب حقا يا مهند ..."

+


هتف مصدوما :-

+



        
          

                
" أنا ...!

+


أومأت برأسها ثم عانقته دون مقدمات ليتجمد تماما غير واعيا ما يحدث عندما همس أخيرا:

+


" جيلان .. "

+


لكنها لم تأبه وهي تشدد من عناقه بينما هو بقي مندهشا مكانه عندما ابتعدت عنه قليلا ووجهها يقابل وجهه لتميل نحو فمه فيتأمل شفتيها المطليتين باللون الأحمر القاني بتوتر ورغبة سيطرت عليه لا اراديا بسبب قربها الشديد منه ورائحة عطرها التي تخترق أنفه وجسدها الذي يلامس جسده بحميمية واضحة ...

+


وما إن وضعت شفتيها فوق شفتيه حتى تجاوب مع قبلتها لوهلة دون وعي قبل أن يجدها تبتعد فجأة وهي تصفعه على وجنته تصرخ به :-

+


" ابتعد عني ..."

+


وقبل أن يستوعب الصدمة الأولى كانت تسارع وتمنحه الصدمة الثانية حيث وجدها في لمح البصر ترمي بجسدها في البحر خلفها ...

+


***

+


فتح صلاح عينيه وهو يشعر برأسه يكاد ينفجر من شدة الألم ...

+


صداع شديد يكاد يفتك برأسه عندما اعتدل بجسده العاري ليرى الغرفة فارغة لا يوجد بها سواه ...

+


تأمل المكان بحيرة فأين ذهبت شارلوت ...؟!

+


بالتأكيد في المطبخ تعد شيئا ما  ...

+


هكذا أخبر نفسه وهو ينهض من مكانه ملتقطا سرواله يرتديه ثم يتحرك بقدميه الحافيتين خارج الغرفة متجها الى صالة الجلوس ومنها الى المطبخ ليسمع أصوات دندنة تصدح منه فيتجه بعينين ناعستين الى داخل المطبخ عندما هتف بلهجة انجليزية :-

+


" أريد قهوة حالا ..."

+


ثم ما لبث أن تجمد مكانه وهو يرى ماذي تستدير نحوه ليهتف بعدم استيعاب :-

+


" ماذي ..."

+


ثم سارع يفرك عينيه وهو يعاود النظر إليها فيهتف بعدم تصديق :-

+


" أنت ماذي ...أنا لا أتخيل ..."

+


ابتسمت ماذي ببرود وهي تخبره :-

+


" كلا عزيزي صلاح ، أنت لا تتخيل .."

+


أضافت وهي تتقدم نحوه بمكر :-

+


" انا ماذي .. بشحمي ولحمي ..."

+


هتف مصدوما :-

+


" كيف ..؟! أين شارلوت ...؟!"

+


ردت مبتسمة بشكل مستفز :-

+


" تقصد العاهرة التي استأجرتها للايقاع بك ..."

+


جحظت عيناه وهو يردد بهذيان :-

+


" عاهرة ..؟! الايقاع بي ...؟!"

+


مدت سبابتها نحو ذقنه تلمسه بنعومة وهي تخبره :-

+


" نعم للايقاع بك ..."

+


أضافت تسأله وهي تغمز له بوقاحة :-

+


" كانت ليلة ممتعة ، أليس كذلك ..؟!"

+


ثم سارعت تسحب هاتفه من جيب بنطالها الخلفي بينما هو يتابعها مذهولا لتخبره بينما تضع الفيديو المصور أمام عينيه :-

+


" من شدة متعتها قررت أن أحتفظ بنسخة مصورة منها يمكنك أن تراها كلما تتذكرها .. "

+


أضافت وهي تغمز له بعينيها :-

+


" كي ترى بنفسك أدائك الرائع وتفتخر به ..."

+


هم بالانقضاض على الهاتف عندما أوقفته بحزم :-

+


" إياك أن تتصرف بحماقة ...."

+


أضافت وعيناها تلمعان بقوة :-

+


" هذه الفيديو لدي منه نسخ عديدة ..."

+


صاح بغضب :-

+


" ماذا تريدين ...؟!"

+


تأملته ببرود وقوة قبل أن تخبره بثبات :-

+


" أمامك خيارين ، إما أن تتزوجني وتأخذني معك الى البلاد أو ينتشر هذا الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي مرفقا بإسمك الكامل لتحدث فضيحة مدوية لك ولعائلتك المبجلة ..."

1


انتهى الفصل

+



        
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close