اخر الروايات

رواية خيوط القدر الفصل الثامن 8 بقلم سارة المصري

رواية خيوط القدر الفصل الثامن 8 بقلم سارة المصري


فصل الثامن
طرق عمر باب استراحة الطبيبات فى رفق قبل ان تفتح له اسماء وهى تتثاءب فى ارهاق ، لقد طلب منها ان تظل الى جوار ياسمين حتى تسترد وعيها ، قال عمر وهو يتراجع للخلف ” اخبارها ايه دلوفتى فاقت ؟؟“ ، هزت أسماء رأسها وأشارت به الى جانبها حيث ظهرت ياسمين تحمل حقيبتها وتستعد للذهاب ، وجهها قد استرد بعضا من حيويته ولكن كان يحمل بعضا من الشحوب زادها جاذبية ، تذكر عمر حين حملها بالامس ولف الحجاب حول رأسها بيده لن يخبرها بذلك أبدا حتى لاتخجل منه ، قال بابتسامة وهو يخفض رأسه ” حمد لله على سلامتك ”
قالت وهى تلقى نظرة على أسماء وتخرج من الغرفة مغلقة الباب خلفها لتعطيها فرصة لتبديل ملابسها ” الله يسلمك ” وبدات فى السير بعيدا عن الغرفة وهو الى جوارها قائلة ” هوا ايه اللى حصل امبارح بالظبط ..انا مش فاكرة حاجة ”
رد عمر وهو يضع يده فى جيبه ” كان عندك هبوط ..نسبة السكر كانت واطية جدا فاغمى عليكى ”
وقفت ياسمين وقالت فى تردد ” ومين اللى جابنى هنا ؟؟“
ارتبك عمر هل يخبرها بانه يعرف ذلك المخبأ الذى تذهب اليه ، لم يشأ ان يفعل هذا دون ان يعرف السبب كعادة كل افعاله معها منذ ان عرفها فقال وهو يسبقها بخطواته ” انا ..لقيتك وقعتى فجاة ”
سمعها تقول فى دهشة ” على باب المستشفى ؟؟؟“
توقف لحظة دون ان يلتفت اليها قائلا ” ايوة ” ثم نظر الى الاطعمة والعصائر التى احضرها وقد نسى امرها تماما فاستدار لها قائلا ” ده اكل وعصير ..انتى لازم تاكلى كويس وتهتمى بصحتك اكتر من كدة ”
ابتسمت ياسمين من اهتمامه وقالت ” انا عامة مروحة دلوقتى وهاكل واشرب واعمل كل حاجة ”
قال عمر وهو يتراجع الخطوتين التى تقدمتهما ” ياريت تاخديهم وبلاش تهملى فى صحتك تانى ..انتى مشوفتيش حالتك امبارح كانت عاملة ازاى ”
لاحظ عمر اضطراب وجهها وهى تقول ” كنت عاملة ازاى ؟؟؟“
صمت للحظات يتاملها وعاد ليقول ” كنتى تعبانة اوى ..سكرك كان قليل جدا وده معناه انك مبتاكليش كويس بقالك فترة لو كان قل عن كدة كان ممكن تدخلى فى غيبوبة ..انتى دكتورة ومش محتاجة حد يوعيكى ” مد يده بما يحمله لها فتناولته فتقدم عنها خطوات وتوقف فجاة فى ذهول وهو يسمعها تناديه باسمه المجرد لاول مرة ” عمر !!!!“ لا يعرف ماسر السعادة التى ارتسمت على شفتيه حينها ، لا يعرف لما شعر ان اسمه قد أصبح له معنا آخر بعد ان قالته ، لا يعرف كيف نطقته بطريقة مختلفة ومميزة عن باقى البشر ، لم يلتفت الاحين عادت له رزانته من جديد وحاول اخفاء ابتسامته بقدر المستطاع فوجدها تخفض رأسها ثم ترفعه من جديد بخجل كاد ان يذهب بعقله وهى تقول ” شكرا يا عمر ..شكرا على كل حاجة ”
*************************************************************************
لم تجد ندى شخصا تبثه احزانها وحيرتها فتقابلت مع مرام ولكنها لم تخبرها بشىء ، ترددت كالعادة ، فذهبت الى شقة اخيها عمر وهى لم تقرر هل ستخبره ام لا ، ولكن مجرد حديثها معه فى اى شىء يريح بالها ويخفف عنها ، ربما أيضا كانت فى شوق للحديث معه عن ياسمين التى لم ينهى الحديث عنها فى المرة السابقة ولكنها لحظت اهتماما غير مسبوق فى لهجته وهو يتحدث عنها ، وصلت ندى الى الشقة وفتحتها بنسخة مفتاح كانت معها ، حملت اقراص البيتزاالتى احضرتها معها الى المطبخ ، ونظرت فى ساعتها وهى تتنهد بقيت ساعة على عودته ، تمددت على الاريكة وادارت التلفاز لتضيع الوقت ريثما ياتى ، وفجاة انقطع التيار الكهربائى وساد الظلام المكان ، ندى كان لديها خوف مرضى من الظلام منذ الطفولة ، ووجودها وحيدة اصابها بالذعر ، تحسست المنضدة تبحث عن هاتفها لتستخدم الكشاف الخاص به فلم تستطع الوصول اليه ، انكمشت على نفسها وهى ترتعد خوفا وتدعو الله الا يطول هذا او ياتى عمر، وبعد دقائق شعرت بالباب يفتح فنهضت من مكانها مسرعة وهى ترفع ذراعيها امامها تضرب الهواء حتى تصل الى اخيها وحين تحسست جسده صرخت وهى تلقى نفسها فى حضنه ” عمر ...نور اى حاجة الكهربا قاطعة ..انا خايفة ” تشبثت به ولفت ذراعيها حول وسطه وهى ترتعد ، شعرت به بعد دقيقة يحكم ذراعيه حولها ويربت على ظهرها وهو يسند ذقنه على رأسها ، هتفت فى ذعر ” نور اى حاجة يا عمر بسرعة ”
وقبل ان تنهى جملتها عاد التيار الكهربائى من جديد فاغلقت ندى عينيها للحظات لتتحاشى أذاه وهى ترفع راسها عن صدر اخيها وبدأت تفتح عيناها فى بطء قائلة ” مش عمالة اقولك نو.....“ وقطعت جملتها وهى تشهق فى ذهول وتتراجع للخلف ، لم يكن هذا الذى ارتمت بن ذراعيه عمر ، بل كان ادهم ، تعلقت يدها فى الهواء وهى تشير اليه دون ان تنطق ، فقال ادهم وهو يقترب الخطوة التى ابتعدتها ” انتى كويسة ؟؟“
ازدردت ندى ريقها وقالت وهى تحاول ان تقاوم الذهول الذى اعتراها ” انت ..انت معاك مفتاح للشقة من امتى ؟؟“
رد ادهم بسرعة ” انا مش معايا مفتاح ...انا عمر عدى عليا فى الشغل وبعدين جينا على هنا سوا ..بس هوا بيشترى حاجات من السوبر ماركت اللى تحت وادانى المفتاح اسبقه على ماييجى..أكيد مكنش يعرف انك هنا ”
أدارت ندى ظهرها لادهم فى خجل وهى تقول ” فعلا انا مقولتلوش انى جاية ”
اقترب منها ادهم قائلا ” انا آسف لما لاقيتك خايفة مقدرتش ابعدك ”
دون ان تنظر ندى اليه اتجهت الى الباب وفتحته ووقفت تنظر الى السلم قائلة ” هوا عمر بيشترى ايه ده كله ؟؟“
ولم تنتظر الرد اذ رأت عمر فجاة امامها وهو يقطب حاجبيه من الدهشة قائلا ” ندى ؟؟...انتى هنا من امتى ؟؟“
ردت ندى بلهجة عاتبة ” كنت فين ياعمر ؟؟؟“
اشار عمر بالاكياس بيده وهو يقول ” بشترى شوية حاجات ” تجنبت ندى النظر فى عينى ادهم ومرت من جواره الى مائدة الطعام قائلة ”طيب تعالو يلا ..انا كنت جايبة بيتزا ..هدخل اجيب أطباق ” دخلت ندى او فرت الى المطبخ وهى تبحث عن الاطباق فى توتر ، كانت تعرف مكانها ولكن ماحدث منذ دقائق افقدها تركيزها ، هذه هى المرة الاولى التى يقترب منها شخص بهذه الطريقة غبر عمر ووالدها رحمه الله ، وتساءلت فى نفسها كيف لم تفرق بينه وبين عمر ، لقد احتواها بنفس طريقة اخيها وشعرت بأمان غريب وهدأ ذعرها تماما وهى بين ذراعيه ولم تشعر ابدا انه يستغل الموقف بشكل آخر ، لقد كانت ترتعد وترتجف وادهم ليس بالغلظة التى تجعله يدفعها بعيدا عنه ، شعرت بحبه فى هذه اللحظة اكثر من اى وقت آخر وابتسامة غير واضحة داعبت شفتيها الجميلتن تلاشت سريعا وهى تتذكر احمد والخناق الذى يزيد عليها يوميا فى مواجهته .
حملت ندى الاطباق واتجهت بها الى الصالة فوجدت عمر جالسا يعبث بشعره كعادته ان شرد ، بحثت بعينها عن ادهم فلم تجده فقالت وهى تضع الاطباق على المائدة ” ادهم راح فين ”
رد عمر وهو يفتح علب البتزا ” اصر انه يمشى ” ، تنحنحت ندى وهى تجلس وتشعر بالخجل قائلة ” اومال كان جاى ليه لما مشى ؟؟”
هز عمر كتفيه قائلا ” ابدا ..انا عديت عليه وقعدنا مع بعض شوية وبعدين هوا وصلنى وحس انه مرهق وعايز يرتاح فمشى ”
تظاهرت ندى بقضم قطعة من البيتزا وهى تقول محاولة صرف نظرة عمر المتفحصة عنها ” مالك يا عمر ..حاسة ان فيك حاجة ”
ولكن محاولتها فى المراوغة لم تفلح معه كالعادة فنظر الى طبقه ثم اليها قائلا ” مالك انتى ؟؟“
ابتسمت ندى دون ان ترد وهى تواصل التهام البيتزا فواصل عمر ” لسة برضه مااخدتيش قرار فى موضوعك انتى وادهم ”
ازدردت ندى الطعام بصعوبة قائلة ” احنا ادينا بعض مهلة شهر وفات منهم اسبوعين لحد دلوقتى ”
نهض عمر من على المائدة وهو يهز رأسه متجها الى الاريكة التى جلس عليها وهو يمدد قدمه على المنضدة ، فقامت ندى اليه وهى ترمقه بدهشة وقالت ” عمر انا عارفة ان ادهم صاحب عمرك بس دى حياتى وانا لازم ا...“
قاطعها عمر وهو يعتدل قائلا ” انتى مجنونة..انا متضايق عشانك انتى ..لحد دلوقتى مش عارفة تاخدى قرار ..عين فى الجنة وعين فى النار ..عايزاه جنبك وفى نفس الوقت بتبعديه ...لازم تاخدى قرارك ياندى عشانك وعشانه ..انا اى نعم بقولك انك مش هتلاقى راجل يحبك ويخاف عليكى زيه ..بس تأخرك فى اتخاذ قرار ده بيعلقه بيكى وبيقربه منك اكتر واكتر وبيخلى جرحه اصعب لو فى يوم بعدتى ..وافتكر انه معملكيش حاجة تستاهل منك الجرح ده ..بالعكس طول عمره واقف جنبك وجنبى ” ، وكأن عمر يشد وثاقها اكثر دون ان يشعر ودون ان يعرف ما تخفيه ، لم تستطع مقاومة دموعها فاتجهت الى المائدة وجلست وهى تدفن وجهها بين كفيها ، تنهد عمر وقال وهو يمسح على رأسها“ حبيتى انا عارف ان الموضوع صعب عليكى ....انتى بتعزى ادهم ومش عايزة تضايقيه ولا تجرحيه ..بس لو انتى حاولتى تحبيه ومقدرتيش يبقا كفاية والموضوع لازم ينتهى لحد كدة ...وعايزك تعرفى انى على طول جنبك ومعاكى فى اى قرار تاخديه ” نهضت ندى لتذرف ما تبقى من دموعها على صدر اخيها ، الكلمات كانت على حافة لسانها ولكنها لم تستطع ان تخبره بها ، ستكون حقيرة وتافهة امامه كما ترى هى نفسها الأن ، ولقد اكتشفت الآن انها قد تورطت بالفعل فقرار الابتعاد عن ادهم ليس بالسهولة التى تظنها ، فجرح مشاعره ليس بالامر الهين عليها ابدا ، انه ادهم الذى ظل الى جوارها دأئما فى ازماتها ، والذى قبل ان تحلم بشىء يسخره هو من اجلها ، ندمت على انها وافقته من البداية على خوض تلك اللعبة ، فهى حين تنتهى ستنتهى بجرح قلب من ارق القلوب التى صادفتها .
*************************************************************
ويقر ادهم انها كانت اكثر لحظات حياته سعادة ، وانه فر من امامها حتى لاترى تلك البهجة العارمة التى كادت ان تجعله يقفز ليلامس النجوم بيده ، انه ادهم الذى احب ندى منذ زمن والذى حمل بصدره تجاهها مشاعر لايمكن لرجل ان يحملها تجاه امراة ، ورغم علمه بانه قد لا تبادله نفس المشاعر الا انه عزم ان يضخ مشاعره هذه الى صدرها وينبت حبا له فيه ، فقلبها الخاوى هو اولى بكل نبضة من نبضاته ، نعم قلبها الذى شعر بدقاته حين ارتمت اليه ولا تعرف من يكون ، لقد تلجم تماما ولم يستطع حتى التنفس وهى تتشبث به هكذا ، شعر ان هذا مكانها الذى لا يجب ان ترحل منه او تهجره ابدا وانه على استعداد ليدفع كل ماتبقى من عمره لتظل هكذا بين ذراعيه ، شعر بان قدرته على التخلى عنها او عن حبها لم تكن بالسهولة التى وعدها بها ، سيظل يحاول الوصول الى قلبها بكل الطرق ولن يترك الفرصة لغيره ليستولى على نبضه واحدة من نبضاته ، ليتها تعلم الى اى حد يحبها .
*************************************************

اخذت مرام تقلب فى قنوات التفاز بعشوائية وهى تراقب الساعة بين الحين والآخر وقد تجاوزت الواحدة والنصف ، لقد أصرت فى نفسها اليوم ان تتحدث اليه ، فتقريبا منذ شهور ربما منذ ان حدث بينهما ماحدث لم يدر بنهما اى حوار كامل ، يعود فى المساء مرهق ليخلد الى النوم دون حتى ان يتناول طعامه ويستيقظ صباحا قبل حتى ان تستيقظ هى ، لو حاولت ان تشغل كل ذرة من تفكيرها بأى شىء آخر سييطرد كل شىء من خيالها ليبقى هو المنفرد بتلابيب عقلها وفكرها ، أصبحت على يقين بما يخفيه وهى لن تتنازل عن وجوده مهما كلفها الامر ، تنفست فى عمق وهى تسترخى فى المقعد تماما ، رن جرس هاتفها فنهضت لتلقطه وقبل ان تصل كان قد انقطع رنينه القصير ، نظرت الى اسم المتصل لتجده ندى ، ابتسمت وهى تعاود الاتصال بها من جديد فتحت ندى المكالمة فقالت مرام ” اهلا يا ندى ازيك ”
ـ انا كويسة ..صحيتك من النوم ؟؟
لاحظت مرام ارهاقا واضحا على صوتها فقالت ” فيه حاجة يا ندى ؟؟؟صوتك ماله ”
عادت الحيوية فجاة الى صوت ندى قائلة ” لا ابدا عاوزة انام بس ”
تعجبت مرام ان كانت تريد النوم لما حدثتها ، قالت ندى ” كنت عاوز اطمن عليكى شكلك كان تعبان الصبح ”
نظرت مرام الى السقف وهى تقول ” بس كدة ؟؟“
ـ ان ..انتى كويسة ؟؟
مطت مرام شفتيها فى تعجب وقالت ” اه انا تمام و..“ وحملقت مرام بباب الغرفة وقالت بسرعة لتنهى المكالمة ” هكلمك تانى ونشوف ...تصبحى على خير ”
رمقته مرام بنظرة سريعة قبل ان تسرع اليه وتمسك بكتفه قائلة ” سليم حبيبى حمد لله ع السلامة ” ، قبل سليم جبينها قبل ان يلقى بالحقيبة على مقعد قريب منه وبدأ فى خلع سترته ، التقطت مرام السترة منه فأعطاها لها فى دهشة لحظية اكمل بعدها تبديل ملابسه بينما هى تضع السترة فى خزانة الملابس بنظام ، وحين استدارت وجدته قد انتهى وألقى بالبنطال والقميص على حافة الفراش فى عشوائية وجذب الغطاء ليستلقى على الفراش ، تأملته مرام للحظات وهى تضع يدها فى خصرها فى غيظ ، اقتربت وجلست الى جواره على الفراش وهى تضع يدها على كتفه قائلة ” سليم ..انت هتنام ” ، قال والنوم يملؤ صوته ” امم ..اليوم كان متعب اوى ”
قالت محاولة ابداء الهدوء فى نبراتها ” انا عاوزة اتكلم معاك شوية ..انت كل يوم بترجع من الشغل تنام والصبح بتصحى وتمشى ومبلحقش اقعد معاك ”
قال بصوت مرهق ” طب معلش اجليها لبكرة واطفى النور ده ..اليوم كان طويل وانا مش عارف افتح عينى ”
قالت مرام محاولة الاتضيع الفرصة التى تشبثت بها ” لا يا سليم ارجوك ..محتاجة اتكلم معاك دلوقتى ”
كان سليم يضع يده على عينه ليمنع الضوء من التسلل اليهما فسمعته مرام يتنفس فى عمق فنادت فى ضجر ” سليم ”
هنا نهض سليم وجلس على الفراش قائلا ” نعم يا مرام ..فى ايه مش نافع يتأجل للصبح ”
شعرت مرام بضيقه من محاولتها التحدث معه فصمتت ، فهز رأسه وهو يهتف فى تأفف“ لو عندك حاجة قوليها عشان بجد انا تعبان ”
هنا نظرت له بعينين دامعتين وقالت ” وانا كمان يا سليم ..تعبانة ..مش بشوفك ولا بتكلم معاك خالص ”
مسح سليم وجهه وقال فى نفاذ صبر ” وكل ده عشان مين ..مش عشانك ..مش الشركة دى لازمها حزم من الاول عشان تقدر تثبت وضعها ..ولا المفروض ندور نخرج ونتفسح ونتصرمح كل يوم ونسيب فلوسنا للى ينهبها ”
نظرت له مرام فى خيبة أمل وقالت ” نتصرمح ؟؟“ وصرفت نظرها عنه فشعرت به يدير وجهها اليه وهو يقول ” معلش يا حبيبتى ضغط الشغل كتير عليا ”
نظرت الى عينيه كانها تستشف صدقه وقالت ” واحنا مش ناقصين فلوس يا سليم ..احنا عندنا اللى يكفينا وزيادة مش محتاجين نضيع حياتنا كلها عشان نعمل غيرها ”
سحب سليم الغطاء بقوة لينهض قائلا ” يعنى انتى عايزة ايه ؟...اقعد جنبك عواطلى لاشغلة ولا مشغلة عشان ترتاحى ”
نهضت لتواجهه وهتفت بنبرة باكية ” هوا انا لما اطب حقى فيك كاى زوجه يبقى عايزاك تبقى عواطلى ؟؟؟“ واقتربت منه خطوتين وهى تضيف فى خفوت ” سليم حس بيا انا انسانة ...لو بتعمل كل ده علشانى انا مش عاوزاه ..مش عاوزاه ..انا عاوزة جوزى وحبيبى وبس ..اللى فلوس الدنيا دى كلها متساويش لحظة بيبعدها عنى ”
اندفعت مرام بعدها الى حافة الفراش وأفرغت دموعها بين كفيها ، شعرت به وهو يطرق المنضدة ويذرع الغرفة جيئة وذهابا دون هدف واخيرا جلس الى جوارها وازاح اناملها فى رقة وهو يقول بعد ان لحظ دموعها ” مرام ارجوكى متعيطيش ” ، ضغطت على شفتها السفى بأسنانها ، كل مرة لاتريد ان تظهر بهذا الضعف امامه وتفشل ، لم تكن هكذا ابدا من قبل ان تعرفه ، لم تكن دموعها تسيل هكذا دون حساب ، بل انها تتذكر كم مرة بكت قبل ان تعرفه ربما مرة او اثنتان ، لقد اهدرت معه من الدموع فى عامين مالم تهدره فى عمرها كله ، لم تفلح يوما فى اظهار قوتها معه وان حاولت ظهرت بضعف لم تألفه فى نفسها من قبل ، لقد أخذ قوتها وعقلها وقلبها وكل شىء ، شعرت به يمسح دموعها ويضع رأسها على صدره قائلا فى حنان ” مرام انا عارف انى قصرت معاكى كتير الفترة اللى فاتت بس اول الشركة ماتاخد وضعها كل حاجة هترجع زى الاول ” وعاد ليرفع رأسها من على صدره ويحتضنه بين كفيه قائلا ” وبعدين انا كام مرة طلبت منك ترجعى الشغل وانتى مبتواققيش..فاكرة يا مرام كنت بتديرى مصنع باباكى ازاى ..فاكرة المناقصات اللى كنتى بتكسبيها من اكبر حيتان فى السوق ” وأعادها الى صدره وهو يمسح على شعرها قائلا ” هوا انا حبيتك من شوية ”
لماذا يذكرها بما كانت عليه وبما أصبحت ، أيظنها لا تعرف ماذا فعل بها حبها المريض له ؟؟، ألصقت رأسها بصدره اكثر ، وكانها تريد ان تدخل الى قلبه لتتبين صدقه ، اوتتسرب الى خلايا مخه لتعرف من يشغلها تنفست فى هدوء ، انه حبيبها هى وحقها هى وستعود بكل قوتها لتدافع عن وجوده ان حاولت اخرى السيطرة عليه وبأى طريقة فكل شىء فى الحب مباح .
*************************************************************
نظرت ندى الى الهاتف فى يدها بعد ان اغلقت مرام المكالمة وتنفست فى ارتياح ، كانت على وشك ان تخبرها بكل شىء فى رأسها الذى كاد ان ينفجر منذ لحظات ، وكأنه كرة يتبادلها ادهم واحمد بالركلات بينهما فى كل لحظة تمر ، لو وضعت ادهم واحمد فى كفتى ميزان فلاشك ان كفة ادهم سترجح دون شك ، ولكن شعورها بالذنب لان تفكيرها باكمله ليس ملكه ، بل انها فى بعض الاحيان تشعر انها لا تحتمل فقدانه ، هى تعرف كم يحبها ادهم وهذا يصعب الامر عليها كثيرا ، وتعرف انه حتى ولو ادعى تقبل فكرة ابتعادها عنه وخسارته لتحديه فأنها ستترك فى مشاعره النبيلة جرحا لا يحتمل ، لقد كانت انانية من البداية ولم تفكر فى هذه النتائج ابدا ،
فتحت ندى هاتفها فى تلقائية وقلبت فى الصور بلا وعى ، نظرت الى بعض الصور التى جمعتها بادهم ، والابتسامة تعلو ثغرها وثغره ، كانت ابتسامة حقيقية فهى لم تزيف يوما ابتسامة واحدة فى وجهه، فجأة اغمضت عينيها وسألت نفسها سؤلا واحدا ” ولما لا ؟؟“ ، لماذا تبتعد عن ادهم وهو الاختيار الانسب والاصوب ، لماذا تشغل نفسها بمجرد قصة انتهت قبل ان تبدأ ، هذا ان كان بالامكان اطلاق عليها قصة ؟؟، العديد من صديقاتها امتلكن العديد من التجارب وواصلن حياتهن فى سعادة مع آخرين دون الالتفات للماضى ولو للحظة ،ومنهن من واصلت حياتها مع من احبت وفشلت ، فترى هل هى غاية المحب حين تتحقق بالبقاء الى جوار حبيبه تذهب معه اللهفة والشوق وربما الحب أيضا ؟؟، وان وجد التفاهم استمرت الحياة ، واحمد رحل فى لحظة سوء فهم ولم يعد ، وهى رفضت ادهم اكثر من مرة و لم يتخلى عنها ابدا وتمسك بها وبحبه ، فلماذا تدفعه لتبقى الآخر ، لماذا لا تبدا حياتها بالعقل والمنطق بعيدا عن جنون الحب واوهامه ، بعيدا عن العشق الذى يتأرجح دوما ما بين الذروة والقاع ، تماما كنبضات القلب التى تتزايد وتهدا دون مبرروربما تتوقف يوما ما .
امسكت هاتفها فى حزم وهى تتخذ قرارها ، تحدثت الى مديرها وتظاهرت بالمرض ولحسن الحظ انه صدقها ، وطلب منها الاتصال باحدى زميلاتها لتباشر عملها ، وهنا هدات انفاسها وخلدت الى نوم عميق .
***************************************************************
” متاخر عن معادك نص ساعة يا دكتور ”
قالها مصطفى فى مزاح معتاد فضرب عمر على كتفه قائلا ” معلش يا سيدى متعوضه المرة الجاية ”
نهض مصطفى ليخلع معطفه قائلا ” وياسمين كمان مجتش ..انا لو منك اخدها مخالفة واطلع عليها اللى بتعمله فينا ” ، انزعج عمر من طريقة مصطفى فرفع حاجبه فى لوم وقال ” ياسمين تعبانة ...ومش هتقدر تيجى النهاردة ”
ابتسم مصطفى وقال ” تعبانة ..هيا دى بتتعب ؟؟؟“ ، لم يستدر عمر لمصطفى هذه المرة وبدأ فى اغلاق ارزارالمعطف الخاص به فهو لا يحب ان يواصل الحديث معه عن ياسمين بهذه الطريقة ، فواصل مصطفى قائلا ” ده غير انى شوفتها من كام يوم كانت واقفة بتتخانق مع واحد برة ”
هنا تذكر عمر الحالة التى انتابت ياسمين من يومين وفقدانها للوعى فقال فى اهتمام وهو يلتفت لمصطفى ” امتى ده يا مصطفى ”
ادار مصطفى عينه لاعلى وهو يتذكر ” متهيألى اول امبارح اما انا كنت فى الداخلى وانتو كنتو فى الاستقبال ”
اذن كان اليوم ذاته ، اقترب عمر من مصطفى الذى حمل حقيبته واستعد للذهاب وقال ” متعرفش كانت بتتخانق مع مين ”
لوح مصطفى بكفيه وهو يقول ” وانا اعرفلها بقا ...ماهى على طول بتتخانق مع دبان وشها ايه الجديد ..مجنونة اصلا ” ، من حسن حظ مصطفى انه اختفى من امام عمر سريعا قبل ان ينال من غضبه ما يكره ، فلم يلحظ وجه عمر الذى احمر من الغضب وكفه الذى قبضه بقوة ، حتى انه لم يرد تحيته حين ذهب ولم يلحظ مصطفى هذا ايضا ، فمن الواضح انه كان على عجلة من امره ، ازردرد عمر ريقه وجلس على مكتبه وأخذ يفرك جبينه بيده ويفكر مع من كانت تتشاجر ؟؟وترى هل كان ما حدث لها مجرد نوبه انفعال ؟؟، رفع رأسه وهزهها بقوة لماذا يفكر فيها هكذا ؟؟، لماذا يهتم بكل شىء يتعلق بها ، لماذا يشعر بأن كل شىء تفعله يسحره ، حتى حين تصرخ به فانها تجذبه اكثر ، لماذا يشعر انه يفتقدها ؟؟، هل ما قصده ادهم حين قص له كان حقيقيا ، لقداختصر ادهم كل شىء بجملة واحدة انه ربما يحبها ، ولكنه انكر ، بل ضحك وكانها مزحة ، لم يكن يرد ان يسمى ما بينهما حب ، ولكن بما يسميه اذن ؟؟، كيف يسمى حالة الهلع التى انتابته حين رآها مغشيا عليها على الارض وكأنه ليس بطبيب يصادف ما هو اكثر هولا ، شعوره يختلف عما شعر به تجاه ريم ، فاما شعوره ليس حبا او انه لم يحب ريم من الاصل وكانت مشاعره وقتها مجرد مشاعر فرضتها ظروف حياته فى هذا الوقت وطبيعتها ، فحين تعرف على ريم كان فى الثامنة عشر من العمر ، كانت فتاة من نفس الطبقة التى كان ينتمى اليها ، كانت تناسبه بكل المقاييس ، تناسبه كحبيبة وصديقة ومستقبلا زوجه لن يعترض عليها ايا من افراد عائلته ، لم يكن هناك ايا من المستحيلات التى تبتلى هذا الحب لتعرف معدنه او تتعرف على وجوده حتى من عدمه ، ظلت ريم معه حتى انتهت الدراسة لم يفكر ولو لمرة فى مراجعة شعوره نحوها ، ربما كان يحتاج لمن يشغل تلك المساحة فى حياته ، حتى حينما انتهى بينهما كل شىء وتخلت عنه ريم فى أضيق الظروف ، وجد لها المبرر ولم يلمها ، فكر بعقله ، والحقيقة التى ادركها مع مرور الوقت ان العاشق لا يفكر بعقله أبدا ولا يمكنه ان يجد منطقا لتخلى حبيبه عنه ، فهى فى قواعد العشق خيانة ، والخيانة لا تبرر .
هز رأسه ليستفيق من عالمه الذى شرد اليه وفتح حقيبته ليخرج سماعته وادواته ، وبينما يمد يده اكثر لامست يده شيئا بلاستيكيا اخرجه ببطء حتى أصبح يراه ، انه الاى دى الخاص بياسمين ، ابتسم وهو يتذكر انه تناسى اعطاء ه لها ، نظر الى صورتها والى شبح الابتسامة على ثغرها والى وجهها بقسماته البريئة الملائكية ، مر على خاطره سريعا كل شىء وكل لحظة جمعتهما منذ ان سكبت شايها الساخن على ملابسه مرورا بمعاملتها الجافة ، اول مرة نادته باسمه ، اول مرة ابتسمت له ، خجلها وهى تشكره ” دكتور ..ادخل الحالات ” نبهه صوت اسماء الى واقعه فابتسم محاولا اخفاء شروده وقال ” يلا بينا ” ، القى نظرة على الاى دى قبل ان يضعه فى الحقيبة وينظر الى الكرسى الذى كانت تجلس عليه ويعترف بينه وبين نفسه ولاول مرة انه يحب ياسمين .
************************************************************************
وقفت ندى امام المرآة تجرب الاشياء التى اشترتها من السوق مع مرام ، هوسها فى شراء الملابس هو الشىء الوحيد القادر على تعديل مزاجها ، اصبح الآن بمقدورها شراء كل مايلزمها بعد ان اصبح لها راتبا مميزا من عملها ، فى الماضى كانت تبتاع كل ما يلزمها دون ان تنظر الى ما يوضع عليها من أسعار ، اما الآن فقد أصبحت تهتم بهذا الامر جيدا ، ولم يعد عندها رفاهية شراء الملابس والتخلى عنها ان لم ترق لها بعد ان ابتاعتها كما كان يحدث فى الماضى ، لم يبدو الامر مزعجا ابدا ، فقد اصبحت تشعر بقيمة المال وقيمة عملها ، وشعورها بالمسئولية عن نفسها وعن قراراتها ، رن جرس هاتفها فوضعت الثوب جانبا فى عناية ونظام ، وما ان نظرت الى الاسم حتى اغمضت عينيها فى ضيق ، ظنت انها ستهرب منه بهذه الاجازة وهو لايتوقف عن ملاحقتها بمكالماته وهى لاترد ولا تجيب ، ماذا يريد منها الآن عمله انتقل مع زميلة اخرى ، تناولت الهاتف وجعلته على وضع الصامت بعد ان انزعجت من تكرار رنينه مرة بعد مرة ، ولكنها جلست على طرف الفراش تراقبه ، ارتعدت رعدة خفيفة وهى تنظر الى هاتفها يستقبل رسالة ، أغمضت عينيها فى قوة ، والتقطت الهاتف بكلتا يديها فى توتر وفتحت الرسالة لتقرا مافيها وبالطبع كانت منه ” افتكر ان فى بينا شغل ولما احب استفسر عن حاجة ..المفروض انك تردى ”
اندهشت ندى من طريقته الجافة ولكن ربما كان يتصل بها لامر يتعلق بالعمل فعلا ، احتضنت ندى الهاتف بين يديها واخذت تجىء وتذهب فى الغرفة بلاهدف وهى تفكر كيف ستتحدث اليه وبأى طريقة ؟، كانت تضغط على شفتيها تارة وتعبث فى شعرها تارة اخرى ، القت هاتفها على الفراش ووضعت ثوبها الجديد فى خزانة الملابس وعادت من جديد لتحمل هاتفها وتتصل برقم أحمد ، جاءه رده ربما حتى قبل ان ياتيها صوت رنين الهاتف ، كان صوته هادئا ، كان صوته هادئا على عكس المحتوى الجاف لرسالته ، ولكن ندى حاولت ان تكون عملية فى طريقة حديثها فقالت بعد فتح المكالمة مباشرة ” خير يا فندم ..ايه المشكلة اللى عندك ”
ـ انا المفروض ازعل منك مش انتى
ازدردت ندى ريقها قائلة ” أفندم !!!!“
ـ بتهربى منى ليه ياندى ؟؟؟
تفاجأت بالطريقة والسؤال فلم ترد وتلعثمت فواصل أحمد ” ندى ارجوكى محتاج اتكلم معاكى حتى لو لآخر مرة ”
هل حقا يعنى هذا ؟؟، هل ستتخلص منه ومن حيرة امرها الى الابد ، ولكن لما انقبض قلبها هكذا حين اخبرها بهذا ، اليس هذا ما سعت اليه وتمنته ، الم تتخذ قرارا فى المضى فى حياتها مع ادهم وعدم الالتفات اليه ، مالذى حدث اذن ، ربما كانت هى الفرصة وقد جاءتها لتنهى كل شىء وتقول كل ماتمنت ان تقوله قبل الوداع الاخير ، وجدت صوته ينبهها ” ندى من فضلك ”
ردت ندى بصوت شارد ” فين وامتى ؟؟
جاءها صوت صمته فترة قبل ان يقول ” انا تحت البيت ياندى ”
نهضت ندى من الدهشة قائلة ” انهى بيت ؟؟“
ـ بيت خالك ..هتلاقى عربيتى واقفة قدامه
قالت فى توتر ” من امتى ..واقف عندك من امتى ؟؟“
ـ هقولك على كل حاجة بس ارجوكى تيجى
بعد دقائق كانت الى جواره فى سيارته ، علمت منه انه وقف لساعات فى انتظارها وكذلك فعل بالامس واول امس ، وحين رآها تعود الى المنزل اليوم كاد ان يفقد اعصابه ويدخل خلفها ، كان توتره واضحا والاوضح انه عانى كثيرا فى الايام الماضية التى قررت ان تبتعد عنه فيها ، نعم ستنهى كل شىء ، مالذى تغير ؟؟، مالذى بدأ يتحرك بداخلها من جديد ، كيف سمحت لنفسها ان تكون الى جواره دون ان تعرف الى اين يذهب بها ، اين ذهبت قوتها التى كانت عليها فقط منذ دقائق ، حاولت ان تجمع كل ماتاه منها لتقول وهى تقبض على حقيبتها بقوة ” وقف العربية حالا ..دلوقتى ”
نظر لها احمد فى دهشة وهو يقول ” انتى كويسة ؟؟“
لم تكن بخير ابدا ، اشارت له بيدها ان يتوقف ففعل وهو لايرفع نظراته الهلعة عنها ، اقترب من كفها ليربت عليه قائلا ” ندى انتى ...“
لم تمهله وقاطعته وهى تهتف فى عنف ” اوعى تلمسنى تانى ..انت فاهم ” ، كانت تنظر الى النافذة تحاول تنظيم دقات قلبها التى تضرب صدرها كانها تعنفها على ماتفعل بنفسها ، تنفست بعمق ونظرت اليه قائلة ” انت عاوز منى ايه ..رجعت فى حياتى تانى ليه ..وليه دلوقتى بالذات ..مشيت ليه من الاول ”
لاحظت دمعة لمعت فى عينه وهو يقول ” عشان مقدرتش ..كنت يا هتتجنن يا هموت ”
قالت بالم ” ورجعت عشان تجننى وتموتنى معاك ”
قال بسرعة ” انا اموت مليون مرة قبل ما شعرة واحدة فيكى تتمس ياندى ..ادينى فرصة اشرحلك كل حاجة ”
صرخت فى غيظ وصل الى ذروته قائلة ” اتفضل ..ايه اللى مانعك ”
أمسك بعجلة القيادة ونظر الى الامام قائلا ” مش هنا ”
ـ اومال فين ؟؟؟
أغمض عينيه وقال“مجتش من الكام دقيقة دول ..اعتبرينى مجنون وخدينى على قد عقلى ” .
ولم تكن تعرف ابدا ان جنونه قد يصل الى هذا الحد

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close