اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل السابع 7 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل السابع 7 بقلم سارة علي 




                                    
الفصل السابع 




+


الحب ليس قرارا ...

+


الحب ليس اختيارا ...

+


الحب ليس وهما ...

+


الحب اقتحام ...

+


الحب اجبار ..

+


الحب هو الحقيقة التي مهما حاولت أن تهرب منها لن تستطيع فتجد نفسك مكبلا بقيوده للأبد ...




+


دفعها الى داخل الجناح مغلقا الباب خلفهما بعنف جعل جسدها يهتز بقوة ...

+


تحرك متجها الى الجانب الآخر من الجناح يحاول أن يلتقط أنفاسه ...

+


صدره يعلو ويهبط بشدة والغضب يملأ كيانه ...

+


انزوت هي لا اراديا بعيدا عنه منكمشة على نفسها بخوف ورهبة ...

+


لم تخافه مسبقا بهذا الشكل ...

+


كانت المرة الأولى التي تراه فيها بهذا الشكل ...

+


المرة الأولى التي تراه فيها على هذا النحو ....

+


لم يمنحها نظرات كهذه من قبل ...

+


نظرات غاضبة ومخيفة الى هذه الدرجة ...!

+


استدار نحوها أخيرا والغضب مشتعل في عينيه ...

+


تحدث بصوت جامد لا حياة فيه :-

+


" هل راضية الآن عن تصرفاتك ...؟! هل سعيدة بما فعلته ...؟! هل ارتحت ...؟! أخبريني ..."

+


تقدم خطوتين الى الامام ليضيف صائحا بها :-

+


" تحدثي ... هل ارتحت بعدما فعلته ..؟! بعدما فرغت شحنة غضبك بها أمام الجميع ....؟!"

+


اندفع يجذب فازة موضوعة قريبا ورماها أرضا لتشهق لا اراديا بينما يهدر هو بها بصوت جنوني :-

+


" ماذا أفعل معك ...؟! كيف أتصرف معك ...؟! أخبريني أنت ... حاولت بكل الطرق معك دون فائدة ... سنوات وأنا أحاول والنتيجة لا شيء ... صفر ... "

+


توقف يلتقط أنفاسه لوهلة قبل أن يضيف بصوت قاسي :-

+


"لماذا تصرين على إغضابي ...؟! لماذا لا تستوعبين كلامي ...؟! لماذا لا تحترمين مكانتي ومكانتك أنت ايضا ...؟! لماذا تصرين على التقليل من شأني وشأنك ...؟! لماذا ....؟! "

+


صرخ أخيرا بصوت هز كيانها بل شعرت إن جدران الجناح بأكملها اهتزت بسبب صوته الجهوري المخيف :-

+



          

                
" لماذا تصرين على إخراج أسوأ شياطيني أمامك بينما أنا أجاهد مع نفسي كل يوم منذ زواجي بك كي لا تظهر ..."

+


أخذ يلهث بقوة قبل أن يبتعد عنها تماما ...

+


يتجه الى أبعد نقطة في المكان عنها ...

+


يحاول السيطرة على أعصابه الثائرة ...

+


يجاهد كي يحجم غضبه قدر المستطاع كي لا يفتك بها ...

+


سنوات وهو يجاهد كي لا يسمح لغضبه أن يتحكم به في إدارة علاقتهما ولن يسمح له الان أن يفعل خاصة بعد مجيء يسرا ..

+


يسرا التي يدرك نواياها جيدا ولن يسمح لها مهما حاولت أن تنجح في تحقيق مبتغاها ...

+


ليت زوجته الحمقاء تفهم ذلك ...

+


ليتها تستوعبه ....

+


لكنها لا تفعل ... لا تستمع اليه ولا تتقبل حديثه ...

+


بل لا تتقبله شخصيا ..

+


أما هي فجاهدت كي تتماسك ... 

+


نفضت غبار الخوف عنها وتماسكت كليا عندما صدح صوتها جامدا فاقدا للحياة :-

+


" أنت السبب ... أخبرتك إنني لا أريد التعامل معها ... أنت أجبرتني على ذلك ..."

+


أغمض عينيه بنفاذ صبر تمكن منه ...

+


ماذا يفعل بها ...؟!

+


كيف يتصرف معها ..؟!

+


استدار نحوها يجاهد مع نفسه كي لا ينفلت منه حديث أسوء ....

+


ما حدث لن يمر مرور الكرام وهي تعلم ذلك جيدا ورغم ذلك ما زالت مصرة على حديثها وتزمتها برأيها ....

+


" نعم انا المخطئ ... أساسا متى كنت غير ذلك ..."

+


قالها ببرود يحمل تهكما مقصودا لتهتف بثبات :-

+


" كان بإمكانك أن تتلافى كل هذا بأن تحترم رغبتي بعدم رؤيتها وكذلك أطفالي ..."

+


صاح بنفاذ صبر :-

+


" ولماذا تفعلين ذلك ...؟! لماذا لا ترينها ...؟! أنا لا أفهم ...."

+


تقدم نحوها خطوتين ثم توقف مكانه فبقيت المسافة بينهما طويلة قليلا عندما أكمل بجدية :-

+


" متى ستفهمين إن إمتناعك عن رؤيتها يسيء لك قبل أي أحد ...؟؟"

+


أضاف غير مهتما حتى لو كانت سوف تسيء فهمه بعد حديثه هذا :-

+



        

          

                
" إمتناعك عن رؤيتك سوف يثير الكثير من الأحاديث التي لا داعي لها وسوف يجعلك تبدين وكأنك تهابين مواجهتها ..."

+


احتدت عينيها بقوة بينما تهمس بضراوة :-

+


" ولكنني لا أخاف مواجهتها ... حتى وأنا أعلم غايتها من وجودها حولنا ..."

+


سألها مستهينا :-

+


" ومالذي تعلمينه ...؟!"

+


ردت دون أن يرمش لها عين :-

+


" أنت .. غايتها أنت يا راغب ...."

+


سألها مجددا وهو يضع كفيه في جيوب بنطاله :-

+


" وهل تعتقدين إنها ستنال غايتها تلك ..؟!"

+


نطقت ببرود :-

+


" لا أهتم ... تحقيق غايتها من عدمه لا يهمني ...."

+


الجمود في عينيه كان كفيلا بإخراسها لكنها لم تصمت لذا أكملت متجاهلة إن ما تقوله ربما يحطم آخر ما تبقى بينهما :-

+


" إذا كانت تريدك فهنيئا لها بك ولكن أولادي لا ... لا وألف لا يا راغب ...."

+


ضحك مرغما متجاهلا ذلك الألم في صدره من قسوة حديثها ...

+


هي امرأة تخرج أسوأ ما فيه وهو سيكون أحمق إن مرر لها حديثها هذا مرور الكرام ...

+


تقدم نحوها أكثر حتى بات مواجها لها ..

+


مال نحوها وعيناه احتلتا عينيها بنظرة تحمل الكثير من المشاعر المتضاربة ...

+


نطق وكفه تقبض على ذراعها بقسوة غلفت نظراته في تلك اللحظة :-

+


" كل يوم تنجحين في مضاعفة نفوري منك ... كل يوم تنجحين في تأجيج غضبي ونقمتي عليك ولكن عليك أن تعلمي إن ليست يسرا من تهددك وتهدد وجود أولادك حولك ..."

+


إسترسل بنبرة متسلطة بثت الرعب في قلبها :-

+


" بل أنا... إذا كان هناك شخص ما عليك أن تخشينه من هذه الناحية فهو أنا يا همسة ... لا يسرا ولا غيرها ..."

+


 دفعها برفق منهيا حواره بعبارة خرجت مثقلة بتهديد صريح :-

+


" لإنني إذا أردت سأطردك من حياة أولادك دون أن يرف لي جفن ولكنني لم أفعل .... ليس لأجلك بل لأجلهم ... لأجلهم تحملتك طوال تلك السنوات ولأجلهم سأضطر أن أتحملك مجددا ولكن حذاري أن تتصرف بحماقة مرة آخرى لإنني حينها سأضرب بكل شيء عرض الحائط حتى الأولاد .... أتمنى ألا تنسي حديثي هذا أبدا يا أم أولادي .... "

1



        
          

                
اندفع خارجا من الجناح صافقا الباب خلفه تاركا إياها تفكر في حديثه الأخير بعينين جامدتين وهي تدرك جيدا إنه جاد في حديثه لدرجة تجعلها مضطرة أن تعيد حساباتها وتفكر مجددا في كل شيء ...!

1


***************

+


كانت هالة تتحرك بتوتر على مسافة من جناحهما والقلق على شقيقتها ينهشها ...

+


تعلم مدى خطأ شقيقتها وتخشى عليها من ردة فعل راغب ...

+


تثق بحكمة راغب وثباته الانفعالي في أغلب الأحيان ولكن ماذا لو فشل في السيطرة على غضبه هذه المرة ...؟!

+


لم تستوعب بعد تصرف شقيقتها ورغم ذلك لا تستطيع لومها ...

+


وجود يسرا حولها أمرا مرفوضا ...

+


لا توجد امرأة عاقلة ستتقبل وجود خطيبة زوجها السابقة حولها وحول زوجها وعائلتها ولكن ردة فعل شقيقتها كانت مفاجئة للجميع ...

+


لطالما اتسمت همسة بالهدوء الشديد والرزانة ...

+


كيف تحولت فجأة الى أخرى هجومية غضبها يتحكم بها فسارعت تهاجم يسرا وتصب عليها غضبها وحنقها دون مراعاة ...

+


زفرت أنفاسها بضيق وقلق لما يحدث في الداخل ....

+


في النهاية عليها أن تبقى في مكانها على مسافة بعيدة من الجناح تنتظر خروج أحدهما ...

+


تريد الإطمئنان على شقيقتها بشدة ...

+


تخاف عليها كثيرا رغم ثقتها براغب ...

+


ارتكنت بجسدها على الحائط خلفها وأغمضت عينيها بتعب قبل أن تتذكر كلمات زوجة خالها التي نعتت تصرفات شقيقتها بالسوقية وحديث خالها المسموم ويسرا ودموع التماسيح خاصتها ...

+


اشتعلت عيناها بغضب لا ارادي وهي تتذكر حديثهم المسموم وتلمحياتهم المعتادة ....

+


لا يتوقفوا عن تذكيرهم في كل فرصة متاحة بأصولهم المتواضعة ورغم إنه بعد زواج راغب من همسة لم يتجرأ أيا منهم أن يتطرق لهذا الموضوع إلا إن ما حدث اليوم منحهم فرصة لذلك ....

1


لطالما كان خالها وزوجته ويسرا يقللون من أصل والدهما المتواضع ....

+


لم يتقبلوهما بينهم على عكس خالتهم وزوجها عابد ...

+


عابد الرجل الذي لم يتردد لحظة في أن يتحمل مسؤوليتهم من الألف الى الياء ولم يكن لديه مشكلة أبدا مع زواج شقيقة زوجته من رجل بسيط كوالدها ....

+


بل انه احتواهما بعد وفاة والديهما وعاملهما أفضل معاملة ولكن يبقى هناك من يصر على التقليل منهما رغم أصل والدتهما الرفيع ورغم الثروة التي ورثتاها عن والدتهما فجدهما للراحل منح إرث زينة لابنتيها وهو رجل فاحش الثراء فكان ميراث والدتهما كبيرا للغاية وقد حرصت خالتهما على الحفاظ عليه وعدم المساس بها فوضعت الأموال في البنك بينما كانت تأخذ إيجار الأملاك وتضيفها الى حساب البنك على مدار السنين السابقة ...

+



        
          

                
حتى مصاريف دراستها في أمريكا رفضت خالتها وزوجها أن يدفعانه من ميراثها رغم رغبتها الشديدة في ذلك ولكنها اضطرت الى التراجع عن رغبتها بعدما رأت اصرارهما بل حزن خالتها الواضح من تفكيرها هذا وهي التي تعتبر كلتيهما ابنتين لها كتوليب تماما ...

+


عليها أن تعترف إنها ستبقى ممتنة لعابد الهاشمي وخالتها حتى آخر يوم في حياتها وستسعى دائما أن ترد لهما ولو جزءا بسيطا مما قدماه لها مع إنها تشك في قدرتها على ذلك فما قدماه لها من معروف لا يمكن رده بأي طريقة كانت ...

+


أفاقت من أفكارها على صوت باب الجناح يُفتح يتبعه خروج راغب بملامح جامدة كليا ...

+


سارعت تتقدم نحوه قبل أن تتوقف في المنتصف فيراها هو بينما ينعقد لسانها لوهلة ...

+


أرادت أن تسأله عن شقيقتها لكنها تراجعت بسرعة وهي تسأله :-

+


" هل أنت بخير ...؟!"

+


لا تعرف لماذا شعرت إنها يجب أن تطمئن عليه هو الآخر كما تريد بشدة الإطمئنان على شقيقتها ...

+


في النهاية هو يهمها كثيرا وإن كانت شقيقتها تهمها أكثر لكن يبقى راغب الرجل الذي يمثل الكثير لها كوالده تماما وربما أكثر ...!

+


علاقتها به مختلفة ..

+


هو رجل رأت به والدها الراحل بإهتمامه واحتوائه  وشقيقها الأكبر بحزمه وصرامته ...

+


رجل راعاها دائما وأبدا وهي شخص لا ينكر المعروف ويبقى ممتنا لكل من قدم لها شيئا وراغب قدم لها الكثير ...

+


الكثير مما تقف عاجزه عن احصائه ...

+


خرج صوته جامدا مثقلا بهموم لا نهاية لها :-

+


" انا بخير ... ادخلي عند شقيقتك واطمئني عليها ..."

+


رغم كل شيء ما زال يخشى عليها ...

+


رغم كل ما فعلته ...!

+


هكذا فكر وهو يبتعد عن أنظار هالة خارجا من المكان بل من القصر بأكمله ...

+


دائما ما كان يخشى عليها وسيبقى ذلك مهما فعلت ...

+


ربما لإنه يدرك إنها داخلها هش للغاية ...

+


إنها بقدر ما تبدو باردة كالجليد إلا إن داخلها روحا مرهقة ضعيفة للغاية وخائفة على الدوام ...

+


لإنه يعرف إن تلك الطفلة اليتيمة المكسورة ما زالت تسكن روحها رغم مرور السنوات ورغم زواجها منه وانجابها ثلاثة أطفال ...

+



        
          

                
هي فقط تحاول أن تحمي نفسها بجدار جليدي تخفي أسفله ضعف وهشاشة روحها ...

+


لكن لا شيء يغيب عنه ...

+


هو يعرف ما تخفيه من خوف و ضعف وضياع مثلما يعرف إن جدار الجليد الذي تحيط نفسها به يخفي أسفله نارا متوهجة إن ذاب الجليد ستحرق كل شيء يمر في طريقها لا محالة ...

+


همسة امرأة مليئة بالتناقضات ....

+


كل شيء فيها ضد آخره ....

+


ورغم ذلك ورغم كل تناقضاتها تبقى هي الأنثى الوحيدة التي ملكت قلبها ولا توجد سواها فعلت ذلك ولن يوجد ...

+


**************

+


دلفت هالة الى جناح شقيقتها دون استئذان وهي تهتف بخوف لا ارادي :-

+


" همسة ... !"

+


استدارت همسة بسرعة نحوها تتأمل القلق اللامع في عيني شقيقتها فتنهدت بصمت وهي ترد بخفوت بينما تسير نحوها :-

+


" انا بخير ...."

+


تأملت هالة سكون شقيقتها الغريب بحسرة بينما كانت همسة شاردة تماما قبل دخول شقيقتها في حديث راغب ...

+


حديثه الذي حمل تحديدا صريحا ومختلفا ...

+


نعم راغب كان مختلفا هذه المرة ..

+


نظراته ونبرة صوته وانفعالاته حتى غضبه كان مختلفا ...

+


كان على وشك اعلان النهاية ...

+


هكذا شعرت وهي تراه يتحدث بتلك الطريقة الحازمة والغضب يشع من عينيه بل من كل جزء فيه ...

+


لم تكن المرة الأولى التي يغضب فيها راغب بسببها وليست أول مرة يمنحها وعيدا او تهديدا ولكن هذه المرة الأمر كان مختلف وهي عليها أن تستوعب ذلك وتفكر جيدا قبل أن تتخذ خطوة حمقاء ستندم عليها لا محالة ...

+


لابد أن تحكم عقلها قليلا فالوضع تغير بل راغب نفسه تغير ..!

+


أفاقت على صوت شقيقتها وهي تنادي عليها مجددا فقالت بسرعة رغم شحوب ملامحها :-

+


" انا بخير حقا يا هالة ...."

+


" راغب كان غاضبا للغاية .."

+


قالتها وهي تقف قبالها بينما تضيف بتساؤل حائر وقلق في ذات الوقت :-

+


" ماذا حدث يا همسة ..؟! أنت لست هكذا في العادة .. لمَ إنفعلت بهذه الطريقة ...؟! "

+


أضافت بجدية :-

+


" لطالما كنت هادئة قادرة على التحكم في انفعالاتك بشكل مثير للاعجاب ... مالذي حدث لتفقدي سيطرتك على نفسك وتتصرفي  بهذه الطريقة ..؟! حسنا أعلم إن وجود يسرا كان ..."

+



        
          

                
قاطعتها همسة بهدوء :-

+


" نعم وجود يسرا كان سببا ولكنني كنت مضغوطة كثيرا بالأساس وقدومها أجج من ضغوطاتي مما جعلني أنفجر في وجهها ..."

+


سألتها هالة وهي تقبض على كفها :-

+


" ماذا هناك ..؟! هل هناك مشكلة ما ..؟! أخبريني .."

+


كانت هالة تتمنى لو تبوح شقيقتها لها بمكنوناتها كما هي تفعل معها دائما لكن همسة دائما كانت لا تتحدث ولا تبوح بما يعتمل في صدرها ...

+


كانت تستمع لها بينما تبوح هي لها بكل شيء ولا تخفي عنها أي شيء ...

+


شيء واحد فقط لم تخبر به هالة شقيقتها لإنها كانت ستعلم إنها سترفضه والحمد لله إنها فعلت ذلك ...!!

+


أجابت همسة بسكون معتاد :-

+


" صدقيني لا يوجد شيء مهم ... مجرد ضغوطات عادية ..."

+


هتفت هالة ساخرة :-

+


" هل يفترض بي أن أصدق ...؟!"

+


رفعت همسة كفها تربت على وجنة شقيقتها تخبرها بابتسامة مصطنعة :-

+


" نعم صدقي ولا تشغلي نفسك بي ... مجرد مشكلة عادي وستنتهي ... لا تقلقي أنت .. فكري في أمر خطبتك وكرم الذي سيأتي غدا ..."

+


" كيف يمكنني ألا أشغل نفسي بك ...؟! أنت شقيقتي الوحيدة وكل شيء بالنسبة لي ..."

+


قالتها هالة بصدق وهي تضيف بينما تقبض بكلتي كفيها على كفي شقيقتها :-

+


" لو فقط تبوحين لي بالحقيقة ... انا شقيقتك الوحيدة وأكثر من سيفهمك ويساعدك ... أنا لم أعد هالة الصغيرة يا همسة ... عامليني على هذا الأساس ...."

+


ابتسمت همسة بحنو وهي تهمس بعينين تشكلت بهما الدموع لا اراديا :-

+


" بالطبع لست هالة الصغيرة ... أنت كبرت وستتزوجين قريبا .... سيصبح لديك منزل وعائلة ..."

+


تأملت هالة العبرات في عينيها فسارعت تضم نفسها داخل أحضانها وهي تهمس بخفوت :-

+


" كلا ، سأبقى هالة الصغيرة التي تلجأ إليك دائما وتختبئ داخل أحضانك وستبقين أنت منطقة أماني وملاذي .... 

+


شقيقتي وأمي وصديقتي وحياتي كلها ..."

+


مسحت همسة عبرة سقطت من عينها لا اراديا بينما أخذت نفسا عميقا وهي تربت على ظهر شقيقتها تخبرها :-

+


" وأنت ستبقين صغيرتي وحبيبة روحي ..."

+


ثم انحنت بوجهها تطبع قبلة خافتة فوق شعرها لتبتسم هالة لا اراديا بينما ما زالت داخل أحضانها عندما سمعتا صوت طرقات على الباب فابتعدت هالة بسرعة من بين أحضانها وهي تهتف بجدية :-

+



        
          

                
" خالتي أو تولاي .. وربما راغب ..."

+


لم تتحدث همسة بينما اتجهت هالة تفتح الباب لتجد خالتها أمامتها فتبتسم بهدوء وهي تفسح المجال لخالتها كي تدخل عندما تقدمت زهرة بابتسامتها الهادئة وهي تسأل همسة باهتمام :-

+


" هل أصبحت أفضل الآن ..؟!"

+


قالت همسة بسرعة :-

+


" نعم ، انا أفضل ..."

+


تنهدت زهرة بهدوء ثم أشارت الى هالة :-

+


" اتركيني يا هالة مع شقيقتك قليلا ..."

+


هزت هالة رأسها بتفهم وتحركت بسرعة خارج الجناح تغلق بابه خلفها بينما تقدمت زهرة اتجاه همسة قبل أن تشير لها نحو الكنبة تخبرها بهدوء :

+


" اجلسي لنتحدث ...."

+


أطاعتها همسة وأخذت مكانها فوق الكنبة لتجاورها زهرة استعدادا لبدء حديث تحتاج ابنة شقيقتها أن تسمعه ..!

1


*************

+


تأملت همسة خالتها الجالسة جانبها بصمت عندما قالت زهرة بجدية :-

+


" تحدثي يا همسة ... "

+


توترت ملامح همسة لا اراديا فقالت بعدما ابتلعت ريقها :-

+


" أنا أخطأت ... أعتذر ... ما كان علي التصرف هكذا ...."

+


تحدثت زهرة بهدوء :-

+


" ابنتي ... انا لست هنا لأحاسبك ولا لأريد إعتذارا منك... أنا أريد أن أفهم ... ماذا يحدث بالضبط ...؟! ما سبب هذا التصرف المفاجئ والغير معتاد منك.."

+


أخذت نفسا ثم اضافت :-

+


" تصرفك قبل قليل مفاجئ بل صادم ... هناك شيء ما يحدث معك لا أفهمه حقا ... شيء يجعلك عاجزة عن التصرف بالطريقة المناسبة وهذا شيء لم أعهده منك ...."

+


تأملت وجهها الذي تجهم كليا لتضيف بجدية :-

+


" كنت سأقول إنها الغيرة لكنني أعلم إنك لست الشخص الذي يتصرف بهذه الطريقة وينفعل الى هذا الحد بسبب الغيرة ...."

+


أضافت وهي تمنحها ابتسامة هادئة ليست صادقة تماما :-

+


" كما لا أعتقد إنك تغارين على راغب من الأساس ..."

+


تصلبت ملامح همسة تماما لتقبض زهرة على كفها تربت عليها مرددة :-

+


" أنا لست جاهلة بما يدور ... أنا أقرأ العيون وأفهم من التصرفات ... لكنني لا أتدخل ولن أفعل إذا لم يطلب أحدا منكما هذا ... هل تعلمين لماذا ...؟!"

+



        
          

                
تأملتها همسة بحيرة لا تخلو من الخجل لتضيف زهرة برزانة :-

+


" لإنه لا يحق لأي شخص مهما كان أن يتدخل في علاقة زوجين ... لإنني أدرك جيدا إن العلاقة الزوجية لها خصوصيتها وقدسيتها التي لا يحق لأي شخص كان مهما بلغت مكانته أن يتدخل بها دون طلب من كلا الطرفين ... حتى لو كان الزوج ابني والزوجة ابنة شقيقتي التي ربيت عندي وبمثابة ابنتي التي لم أنجبها ..."

+


" خالتي أنا ...."

+


توقفت غير القادرة عن الاكمال بينما هتفت زهرة بهدوء :-

+


" تحدثي يا همسة ... مرة واحدة فقط تحدثي ولو قليلا عما يدور داخلك ... لا يجوز أن تبقي هكذا .... تحتفظين بمخاوفك وأوجاعك وظنونك داخلك .... ما تفعليه خاطئ ...."

+


توقفت لوهلة قبل أن تضيف بحكمة :-

+


" الكتمان يوما ما سيؤدي الى انفجار مخيف ... انفجار يدمر صاحبه وجميع من حوله وأنا لا أريد ذلك .. لا أريدك أن تنفجري بكل ما يجول داخلك بعد فوات الآن ... حينها ستدمرين نفسك ومن حولك ثم لا تتوقفين عن لوم نفسك لما فعلتيه واصرارك على كتمان كل شيء داخلك بلا بوح ...."

+


أغمضت همسة عينيها بقوة للحظات قبل أن تفتحها فتنفجر العبرات منهما ....

+


بكت كما لم تفعل من قبل ...

+


أطلقت العنان لدموعها أخيرا ...

+


"" ابكي يا همسة ... ابكي كي ترتاحي ..."

+


قالتها زهرة بجدية وهدوء وهي تستوعب إن همسة تحتاج فعليا أن تبكي وتحرر ذلك الحمل الثقيل الجاثم فوق صدرها ....

+


لا تعرف كم مر من الوقت حتى توقفت عن البكاء بينما خالتها بقيت مكانها تنتظر بصبر أن تأخذ كفايتها من البكاء ...

+


نهضت من مكانها متجهة نحو الطاولة تسحب منديلا من فوقها تجفف به وجهها عندما سمعت خالتها تقول :-

+


" اغسلي وجهك أفضل ..."

+


تحركت على الفور نحو دورة المياه حيث غسلت وجهها بالماء ثم أخذت تجففه بالمنشفة قبل أن تخرج مجددا عائدة الى خالتها التي سألتها بعدما أشارت لها أن تجلس جانبها مجددا :-

+


" تعالي جانبي ...."

+


جلست همسة جانبها بصمت امتد لوهلة قبل أن تهتف بخفوت :-

+


" أنا أعيش في حالة استنفار حقيقية منذ عودة يسرا يا خالتي ...."

+


تنهدت زهرة ثم قالت :-

+



        
          

                
" حسنا ، لا أحد بنا سعيد بعودتها بسبب حساسية الوضع ولكن أين تكمن مشكلتك بالضبط ...؟! هل تكرهينها أم تشعرين بالغيرة أم ماذا ...؟! أنا لا أعتقد إن الأمر يتعلق بشعور الغيرة .. "

+


تمتمت همسة بخفوت :-

+


" أشعر بالخوف ...."

+


" مم تخافين ...؟!"

+


سألتها زهرة قبل أن تضيف :-

+


" هل تعتقدين إنها تستطيع تحقيق غايتها حقا ...؟!"

+


هتفت همسة بسرعة :-

+


" إذا أنت تعرفين إن لديها غاية تريد تحقيقها من عودتها الى هنا ..."

+


قالت زهرة بجدية :-

+


" أخبرتك إنني أعلم كل شيء وأفهم الجميع ...."

+


قالت همسة بسرعة تبوح عن مكامن روحها :-

+


" أنا خائفة للغاية يا خالتي ... خائفة منها ومما تنوي عليه ..."

+


قالت زهرة بثبات :-

+


" لإنك غبية .... "

+


" كيف ...؟!"

+


سألت همسة بدهشة لتهتف زهرة بوضوح :-

+


" يسرا ليست مصدر تهديد لك ... يسرا كانت مع راغب وطوع يديه وتخلى عنها بكامل إرادته مثلما تزوجك بكامل إرادته .... "

+


أخذت نفسا عميقا ثم اضافت :-

+


" كلانا يعلم إن راغب ليس ذلك الرجل الذي يمكن أن تغويه امرأة ... راغب ليس الرجل الذي يسقط في فخ أنثى لعوب مثلها ... راغب أذكى من ذلك بكثير ولكن ..."

+


توقفت لوهلة تتأمل ملامح همسة المترقبة لتضيف بهدوء :-

+


 " إذا راغب نفسه أراد ذلك فسوف يحدث حينها ... "

+


ابتلعت همسة ريقها وهي تتسائل :-

+


" يعني ...؟!"

+


ردت زهرة بايضاح :-

+


" راغب رجل لا يمكن تسييره ... رجل لا يمكن أن تخطفه أي أخرى منك ... يسرا لن تأخذ راغب ما لم يرغبها هو بشكل جدي وهذا يتوقف عليك أنت يا عزيزتي كما إنه لا يتعلق بيسرا على وجه التحديد فهو إذا يريد يمكنه أن يلجأ إلى أي امرأة كانت ...."

+


وضعت كفها فوق يد همسة تنهي حديثها بوضوح :-

+


" يعني مصدر تهديدك هو راغب نفسه وليست يسرا ... حافظي عليه ولن تستطيع أي واحدة أن تأخذه منك ... لا يسرا بكل ألاعيبها ومكرها ولا غيرها ...."

+



        
          

                
نظرت لها همسة بصمت وهي تفكر بحديثها قبل أن تهمس أخيرا :-

+


" ماذا لو نجحت في مخططاتها ...؟؟ ماذا لو أرادها حقا ...؟؟"

+


قالت زهرة ببرود :-

+


" لن يحدث ذلك ... راغب لا يفعلها ...."

+


أكملت بثقة :-

+


" ليس راغب الهاشمي من يهدم منزله يا همسة ... راغب لسنوات يحافظ على عائلته فلا تتوقعي أن يهدم عائلته بسهولة والأهم إنه لن يكرر خطأ الماضي عندما ارتبط بيسرا دون تفكير جيد والنتيجة مشاكل عائلية امتدت لفترة طويلة ... راغب ليس غبيا كي يكرر ذلك الخطأ أبدا خاصة إنه بات متزوجا ولديه أطفال وزوجته هي ابنة خالته ويسرا ابنة خال كليكما .... يعني حتى لو أراد أن يتزوج واحدة غيرك فلن يختار يسرا بسبب صلة القرابة ... "

+


أضافت بهدوء :-

+


" حكمي عقلك قليلا يا همسة وستدركين إن جميع أفكارك ومخاوفك أوهام تماثل أوهام يسرا التي تعتقد إنها ستنال راغب مجددا ..."

+


هزت همسة رأسها بصمت بينما داخلها كان يشتعل رعبا ....

+


حديث خالتها لم يخفف من مخاوفها إطلاقا بل على العكس ضاعفها فخالتها من خلال حديث أوضحت لها الصورة كاملة ...

+


ربما يسرا لا يمكنها إغواءه لكنه إذا أراد سيذهب إليها وحينها لن تفوت يسرا هذه الفرصة أبدا...

+


عليها أن تتصرف ... أن تحكم عقلها جيدا ... أن تتشبث بآخر فرصة لها ...

1


هي لن تخسر أولادها مهما حدث ....

+


لن تجعل يسرا تسرقهم منها ...

+


يسرا التي تعلم جيدا إنها لا تريد راغب فقط بل تريده مع أولاده الثلاث ...

+


أولاده الذين سيعوضون فراغ الأمومة داخلها وهي التي عجزت عن إنجاب طفل رغم سنوات زواجها الطويلة ...

+


نعم يسرا تريد زوجا جاهزا مع أطفالها تتمم هي عالمه ...

+


زوجا لا يطالبها بأطفال عاجزة هي عن إنجابهم ولن يوجد أفضل من راغب مع أولاده الثلاث ....!

+


***************

+


انعزل بنفسه بعيدا عن الضجيج ..

+


أراد أن يحصل على هدوء يحتاجه للغاية ...

+


القليل من الهدوء فقط والكثير من الأفكار ...

+


ما بين ماضي ولى وانتهى رغم ذكرياته المزعجة وحاضر شديد التعقيد ومستقبل مجهول يضيع هو ...

+



        
          

                
يضيع رغم قوته وثباته ومحاولاته للنجاة بعائلته لكن بات عليه أن يستوعب إنه وحده لا يستطيع أن ينجو بعائلة كاملة ...

+


عليه أن يعترف إنه عاجز عن انقاذ زواجه طالما هي لا تساعده بذلك ...

+


كان يعتقد إنه كل شيء سيمر وإنه يستطيع أن يحافظ على كل شيء لوحده كما كان يفعل دائما ...

+


اغتال بقوته وصلابته وظن إنه قادر على ذلك متناسيا حقيقة أن أي علاقة لديها طرفين لا يمكن أن تنجح دون محاولات كلا الطرفين في دعمها وإنجاحها ....

+


ربما هو أخطأ عندما تزوج بها وهي لا تحبه ...

+


كان عليه أن يفهم أن موافقتها عليه ليست نابعة من داخلها ...

+


وافقت عليه بسبب امتنانها لعائلته ....

+


خوفها من إحزانهم وليتها أخبرته بذلك ....

+


ما كان ليحدث كل هذا ...

+


او ليته على الأقل اكتشف ذلك قبل أن تتم الزيجة ...

+


وقتها كان سينسحب ....

+


حتى وهو عاشق متيم بها ....!

+


أغمض عينيه بتعب بينما ذاكرته تعود الى الخلف ...

+


الى سنوات مضت حيث اعترافه لنفسه لأول مرة بعشقه لها وما تلا ذلك الاعتراف الذي قرر أن يبقيه سرا داخله وحدث ذلك وما زال هذا السر محفوظ داخله لا يعمله أي كائن على وجه الأرض ...

+


قبل عدة سنوات ...

+


إعترافه بمشاعره تلك صدمه في البداية لكنه تقبل هذه الحقيقة بهدوء كعادته ....

+


كان يعلم إن إدراكه لتلك المشاعر جاء متأخرا ... متأخرا للغاية ...

+


مثلما يعلم إن عليه أن يضع حدا لكل هذا ....

+


فهناك يسرا في المنتصف ...

+


يسرا التي لا ذنب لها بكل هذه الفوضى التي أحدثتها همسة ..

+


في النهاية هو من أرادها وإن كانت هي من حاولت لفت انتباهه لمرات عديدة ...!

+


لكنه اختارها بملئ إرادته معتقدا إنها المرأة المناسبة له من جميع النواحي والتي تشبهه في أفكاره وتطلعاته وطموحاته وتستطيع أن تواكب نمط حياته متناسيا الجانب العاطفي من العلاقة وهو الذي لم يكن يعلم إن جانبه العاطفي محتل تماما من قبل أخرى ما زال يراها طفلة صغيرة رغم سنواتها الثمانية عشر ...!

+


ولكن بعدما حدث وبعدما أدرك قوة مشاعره كان يحتاج الى الابتعاد ..

+


يحتاج أن يعيد حساباته ....

+



        
          

                
أن يصل الى قرار واضح مع نفسه قبل الجميع ....

+


ربما رحلةً عمله الى إسبانيا سوف تساعده قليلا ....

+


يبتعد عن الأجواء هنا ...

+


يبتعد عن وجودها حوله الذي بات يوتر قلبه بشكل مزعج ...

+


ويبتعد عن يسرا ومتطلباتها التي لا تنتهي ....

+


نعم هذه الرحلة أتت في وقتها وهو يحتاجها للغاية ...

+


سافر الى إسبانيا وانغمس في عمله مكتفيا بحديث يومي سريع مع والدته للاطمئنان على الجميع كواجب مقدس بالنسبة له ....

+


لم يكن اليوم يخلو من اتصالات يسرا التي تبث على مسامعه كلمات الشوق والغرام والتي يدرك جيدا إنها ليست صادقة بنسبة كبيرة ...

+


وإدراكه هذا لا علاقة له بما اكتشفه مؤخرا ...

+


هو كان يعلم ذلك منذ البداية ...

+


الكلام المعسول وتلك النبرة المغرية من ضمن أسلحتها التي تستخدمها لتجعله غارقا فيها متيما بها ورغم ذلك لم تستطع أن تجعله كذلك جاهلة عن كونه أذكى من أن ينغمس معها بهذه الطريقة ...

+


ربما هذا ما كان يكرهه فيها ...

+


إنها ليست صريحة تماما مثله ....

+


لديها جانب ماكر مخادع ...

+


ليست واضحة بشكل كامل مثله ...

+


فهو منذ خطبته لها لم يتطرق لجانب العاطفة بل كان صريحا معها وهو يخبرها إنه إختارها لإنها تناسبه وتناسب طموحه ليس إلا ...!

+


زفر أنفاسه بضيق وهو يقرأ رسالة الصباح التي ترسلها له يوميا بنفس الكلام المعسول ولم تنسى أن تذكره بحماسها لما سيجلبه لها من هناك ...

+


مر الوقت سريعا بالنسبة له لكنه في النهاية اختار تحكيم عقله ....

+


هو اختار يسرا وعليه أن يتحمل نتيجة اختياره ...

+


من غير المنطقي أن يتخلى عنها ...

+


الأمر ليس هينا ...

+


هي ليست مسؤولة عما حدث ...

+


واقعيا لا ذنب لها بكل هذه الفوضى ...

+


كان لابد أن يضع حدا لمشاعره هذه ....

+


ربما عليه أن يقتلها مكانها ...

+


أن يخفيها في أبعد نقطة في قلبه ....

+


مشاعره تلك ستبقى طي الكتمان ...

+



        
          

                
لا أحد سيعلم بها ....

+


نعم هذا ما سيحدث ...

+


فلو أطلق لها العنان لدمرت كل شيء ...

+


يسرا والعائلة وحتى همسة نفسها لن تسلم من دمارها ....

+


همسة التي لا تدرك شيئا عن مشاعره ...

+


همسة التي ستدخل حربا شرسة لن تتحملها ...

+


ويسرا رغم كل شيء لا تستحق أن يفعل بها هذا .. يتركها في منتصف الطريق دون سبب وجيه ....

+


قرار كهذا سيدمر الكثير ويشتت العائلة ويخرب العلاقات بين العائلتين ...

+


في النهاية كان لابد أن يبتلع مشاعره تلك داخله ويطمرها إلى الأبد ...

+


عندما عاد من رحلته حمل معه الهدايا ليسرا كما تاقت ...

+


لم يجلب هدايا لأحد غيرها ...

+


لم يرد أن يبدأ بالبحث عن هدية لهمسة كفرد من العائلة ...

+


لم يرغب بالتفكير بها من الأساس ....

+


يجب أن يبتعد عنها تماما ....

+


ألا يجتمع بها الا للضرورة ....

+


عند وجبتي الفطور والعشاء فقط ....

+


وهذا ما حدث ....

+


ابتعد تماما عنها ...

+


لم يكن يراها الا عند وجبات الطعام فيتعمد أن يشغل نفسه عنها وهي بدورها لم تنتبه لكل هذا ...

+


هي لا تدرك أي شيء مما يدور حولها وهذا ساعده بشكل ما ...

+


مرت الأيام وهو يغرق نفسه في العمل أكثر وأكثر ...

+


يحقق نجاحات لا نهاية لها ..

+


يربح صفقات مهمة ساهمت في رفع أسهم شركاتهم أكثر وأكثر ...

+


لم يعد يتواجد في القصر الا قليلا ...

+


غالبا يعود متأخر حيث يتناول العشاء مع العائلة ثم يصعد الى جناحه بسرعة ..

+


كانت يتهرب من رؤيتها ...

+


رؤيتها التي تحرك مشاعره رغما عنه ....

+


رغما عن كل محاولاته لردمها ....

+


مرت فترة لا بأس بها ونجحت همسة من الثانوية بمعدل جيد واختارت دراسة علوم الحياة ...!

+



        
          

                
أقامت والدته لها احتفالا بسيطا بناء على رغبتها وهو طلب منها أن تدعو يسرا التي أخبرته إنها ستأتي بهدية تقدمها عنهما فتراجع هو عن اخبار والدته بجلب هدية لها باسمه ...!

+


لم يكن هناك أحد سوى العائلة ويسرا فخاله وزوجته في الخارج وبراء لم يتجرأ ويحضر بعد آخر محادثة حدثت بينهما ...

+


جلس راغب بجانب يسرا في الحديقة يتبادلان الأحاديث عندما أخرجت علبة صغيرة من حقيبتها وفتحتها أمامه تخبره :-

+


" اشتريت لهمسة هذا الخاتم ...."

+


فتح العلبة لتتجهم ملامحه وهو يقول :-

+


" ما هذا ...؟! ألم تجدي أصغر منه ...؟!"

+


كان خاتما صغيرا للغاية يحوي ماسة صغيرة لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة ولم يكن يعلم إن يسرا اختارت هذا الخاتم عن قصد ..!

+


" كثير عليها أساسا ... "

+


قالتها ببرود وهي تغلق العلبة ليهتف من بين أسنانه :-

+


" ما هذا الهراء الذي تقولينه ...؟! ماذا يعني كثير عليها ...؟!"

+


قالت بنفس البرود :-

+


" يعني واحدة مثلها كثير عليها جدا هدية كهذه... أساسا الألماس لا يليق بها ولا يناسبها ... "

+


" أنت جننت حتما ... مالذي تتفوهين به ...؟! ولم لا يليق بها ان شاءالله ..؟!"

+


سألها بغضب مكتوم لتهتف بجدية :-

+


" حبيبي اهدأ ... انا أتحدث بواقعية ... من هي همسة لأجلب لها هدية ثمينة كالتي أجلبها لتوليب مثلا او أي فرد آخر من عائلتنا ...؟!"

+


" همسة ابنة خالتي وابنة عمتك اذا نسيت ..."

+


قالها بجمود لتهتف بجدية :-

+


" لم أنسَ مثلما لم أنسَ إنها وشقيقتها يمثلان الجانب الوضيع من العائلة ...."

+


" لا أنت جننت بالفعل ..  كيف تتحدثين هكذا ...؟!"

+


هتفت بضيق :-

+


" ما بالك يا راغب .... ؟! لا داعي لهذا الغضب ..."

+


" هل تتسائلين حقا بل وتستغربين غضبي وأنت تهينين وتقللين من ابنة خالتي التي نشأت معنا تحت رعايتنا ....؟!"

+


أشاحت يسرا وجهها بعيدا عنه بوجوم ليسألها بحدة :-

+


" أخبريني يا يسرا .. ماذا بينك وبينها لتكرهينها الى هذا الحد ...؟؟"

+



        
          

                
التفت نحوه مجددا تخبره بثبات :-

+


" أنت تعلم إنني لا أميل لها منذ البداية وكذلك لشقيقتها المزعجة ولكن ما حدث مؤخرا أجج غضبي ناحيتها ..."

+


عقل حاجبيه متسائلا :-

+


" ومالذي حدث ان شاءالله ...؟!"

+


ردت بوجوم :-

+


" براء ... براء يحبها بل يريد أن يتزوجها ...."

+


اشتعلت عينيه لا اراديا عندما قال بجمود :-

+


" أعلم ..."

+


" وهل أنت موافق ...؟؟"

+


سألته بغضب مكتوم ليرد عن قصد :-

+


" موافقتي من عدمها لن تغير شيء لإن همسة نفسها غير موافقة ..."

+


تمتمت بسخرية لا تخلو من ضحكة قصيرة :-

+


" والله ... الهانم غير موافقة اذا ..."

+


سألها بخفة :-

+


" وأين الغريب في ذلك ...؟!"

+


ردت بعدم تصديق :-

+


" وتسأل أيضا ... همسة هانم ترفض شقيقي ... براء الحداد ... هذا ما كان ينقصنا .... على أساس إننا كنا سنسمح لها بأن تتزوج براء وتدخل العائلة ..."

+


" أنا لا أصدق إنك تتحدثين عن ابنة عمتك بهذه الطريقة ..."

+


قالتها راغب مذهولا حقا من تفكيرها الذي لم يتصور أن يصل الى هذا الحد بينما قالت يسرا بعجرفة :-

+


" نعم هي ابنة عمتي لكنها ذات اصل متواضع لا يليق بنا وبشقيقي الوحيد ... حتى لو ربيت عندكم ونشأت في بيئتكم فهذا لن يغير من أصلها ... دعها تتزوج ممن يليق بها ويناسب أصلها المتواضع ..."

+


نظر لها بنفور لا ارادي قائلا :-

+


" أنت فاجئتني حقا بما تقولينه ..."

+


" لم يا راغب ..؟! أليست هذه الحقيقة ..؟! أليس من الطبيعي أن يتزوج شقيقي من فتاة مناسبة له ومن نفس مستواه الاجتماعي ... أنت نفسك اخترتني لإنني أناسبك وأماثلك من هذه الناحية رغم كل شيء ..."

+


أضافت بتهكم :-

+


" لا تدعي مثاليات فارغة من فضلك ... على أساس إنك لو كنت مكاني ما كنت سترفض ..."

+


قال بصدق :-

+


" ولم سأرفض ... همسة فتاة رائعة يتمناها ألف شخص ...نعم انا لست مثاليا ولكن لا أرى فعليا أي مشكلة في هذا ... "

+



        
          

                
" حسنا زوجها لراجي او مهند إذا ..."

+


قالتها بسخرية مقصودة لتشتعل النيران في صدره أكثر وفكرة أن تتزوج همسة بأحد شقيقيه أغضبته بقوة رغم ادراكه لحقيقة إن علاقتها بكليهما علاقة أخويه بحتة ...

+


نهض من مكانه بسرعة لتسأله وهي تنهض بدورها :-

+


" إلى أين ..؟!"

+


رد بجمود :-

+


" ليس من شأنك ..."

+


ثم تحرك خارج القصر ولم تكن تعلم إنه ذهب ليشتري هدية ثمينة لها بدلا من تلك الهدية الحمقاء التي أتت بها بل وسيقدمها باسمه فقط دونها ولتحترق يسرا بكل غرورها وصلافتها ووضاعة تفكيرها ...

+


أفاق من أفكاره عائدا الى الحاضر مجددا ...

+


ابتسم بتهكم من تلك الذكريات وذلك الموقف الذي كان بداية نفوره الحقيقي من يسرا ...

+


يسرا التي يبدو إنها لم تتغير وما زالت كما هي بل ربما ازدادت سوءا ....

+


تحرك متجها نحو سيارته ليركبها ويعود الى القصر من جديد حيث صعد الى جناحه مباشرة ليجد همسة ما زالت مستيقظة تجلس فوق السرير تقرأ كتابا ونصف جسدها مغطى بلحاف السرير ...

+


لم يلقِ عليها نظرة عابرة حتى حيث اتجه سريعا الى الخزانة يخرج ملابسا له فيتجه بعدها الى دورة المياه ليرتديها غافلا عن عينيها اللتين تراقبانه بحذر ...

+


تأملته بعدها وهو يخرج من دورة المياه مرتديا ملابسه البيتية قبل أن يسحب هاتفه ويتحرك خارج الجناح مقررا المبيت في جناح الضيوف معلنا بوضوح عن عدم رغبته في النوم جانبها بل النظر في وجهها حتى بينما بقيت هي متجمدة مكانها مصدومة مما فعله ...

1


يبيت خارج جناحهما للمرة الثانية خلال فترة قصيرة ولكن هذه المرة كل شيء بدا مختلفا فهاهو يذهب الى المبيت في جناح الضيوف حتى وهو يدرك إن الجميع سيعلم إنه لم يبيت جانبها الليلة وإنهما متخاصمان ...!

+


****************

+


في اليوم التالي ...

+


ليلة كاملة قضاها في غرفته في المشفى صامتا جامدا و وجهه فاقدا للحياة ...

+


جالسا فوق مكتبه بعينين جامدتين والتقرير النهائي موضوع أمامه فوق الطاولة ...

+


تقرير يخبره بوضوح عن حالتها المتأخرة ...

+


ورغم إدراكه صعوبة حالتها بناء على ما رأه وما أخبره به زميل له متخصص في هذا النوع من الأمراض لكنه يرفض التصديق ...

+



        
          

                
لا بد أن يكون هناك أمل ....

+


هاهو أرسل التقارير لثلاثة أطباء عباقرة في الخارج وسينتظر جواب كلا منهم ...

+


ربما أحدهم سيمنحه أملا ... 

+


ربما هناك ضوء خلف العتمة ...

+


هو فقط يحتاج لمن يخبره إن هناك أمل ... فرصة للعلاج ... التعافي ...!

+


أغمض عينيه بارهاق قبل أن ينحني بوجهه اتجاه الطاولة محيطا رأسه بكفيه ....

+


الألم ينهش روحه بينما قلبه يرفض التصديق إن هذه النهاية ....

+


يرفض تصديق إنها مريضة بمرض كهذا وإن حالتها متردية لدرجة لا ينجح معها أي علاج ....

+


اعتدل في جلسته مجددا محاولا التفكير فيما سيفعله الآن ...

+


من الجيد إنه أخبرها أن تغادر بعدما أجرت الفحص المطلوب ...

+


من الجيد إنها لم تصر على معرفة النتائج ...

+


من الجيد إنها غادرت ولم تكن متواجدة معه لحظة معرفته النتيجة ....

+


لكنها ستأتي بعد قليل ..

+


حل الصباح وهي لن تبقى في منزلها لغرض الراحة ....

+


على العكس تماما ، ستأتي بكل حماس الى عملها ....

+


هذه نغم التي يعرفها ....

+


لا تحب المرض ولا تهتم به ...

+


يتذكر إنها لم تكن تغيب عن المحاضرات حتى وهي مريضة للغاية ...

+


الجميع يستريح في منزله عندما يصاب بالبرد او أي مرض ما لكنها لا تفعل ...

+


كانت تكره البقاء في المنزل ...

+


تكره الروتين ...

+


تحب الخروج .. تحب الجامعة ... تحب المشفى ...

+


حتى بعدما ينتهي يومها الجامعي لابد أن تخرج مساءا الى أي مكان معه او مع احدى صديقاتها ....

+


نغم تحب الحياة ...

+


عند تلك النقطة شعر بطعنة تنفذ لأعماق قلبه ...

+


روحه تسحب من جسده ...

+


نغم تحب الحياة ...

+


من غير العدل أن تفقدها ...

+


في نفس اللحظة اقتحمت هي الغرفة ليتجمد مكانه لا اراديا ....

+



        
          

                
بدت في أوج نشاطها وحيويتها ...

+


بدت تضج بالحياة ....

+


تقدمت نحوها بإبتسامتها المنطلقة ...

+


لا يمكن أن تكون مريضة ...

+


ربما هناك خطأ ...

+


تجاهل أفكاره الحمقاء وهو يرسم ابتسامة على شفتيه ...

+


ابتسامة خرجت باهتة مهما حاول أن  يفعل العكس ...

+


" صباح الخير ..."

+


قالتها بمرح وهي تتقدم نحوه ثم تضع أكياس الطعام على مكتبه لتخبره :-

+


" البارحة كان لديك مناوبة ... قلت لآتي بالطعام ونتناول الفطور سويا ..."

+


تأملها مجددا .. بصمت وتركيز ...

+


ملامحها الجميلة ...

+


عينيها الساحرتين ...

+


شعرها الكثيف المموج ....

+


كانت جميلة ... لامعة ....

+


لم يكن يعلم إنها كانت بدورها تتابعه وهو يتأملها ...

+


بدا مفتونا بها لوهلة حتى هاجمته الحقائق مجددا ...

+


حقيقة إنها مريضة وربما تخسر حياتها قريبا ...

+


شحبت ملامحه بلا ادراك لتهمس بخفوت :-

+


" راجي ...."

+


بالكاد اصطنع ابتسامة على شفتيه متجاهلا أفكاره مقررا ألا تشعر بأي شيء .. حاليا على الأقل ...

+


هتف بهدوء وهو يتحرك من خلف مكتبه :-

+


  " لنتناول الفطور .."

+


ثم أشار لها لتجلس مكانها فابتسمت بهدوء وهي تتجه بدورها وتجلس مكانها بينما جلس هو على الكرسي المقابل لها فيتناولان الفطور سويا بينما تخبره هي :-

+


" هل تتذكر أيام الجامعة ...؟! المتجر الذي كنا نشتري منه الفطائر الشهية بأنواعها المختلفة ..؟!"

+


ابتسم متذكرا تلك الأيام بذكرياتها الجميلة رغم مرور سنوات طويلة عليها ..

+


قال وهو ما زال مبتسما :-

+


" بالطبع أتذكر .... كانت أيام جميلة ..."

+


أكمل بصدق :-

+


" الذكريات الجميلة لا تُنسى مهما مرت من سنوات عليها ..."

+



        
          

                
" نعم ، هذا صحيح ...."

+


قالتها بجدية وهي تضيف بابتسامة حنين :-

+


" كم أتمنى لو تعود تلك الأيام ... ونعود كما كنا وقتها .. كل شيء كان بسيطا ومريحا ... عفويا ومفرحا ..."

+


شردت بعينيها وهي تتذكر الماضي بكل ما فيه ...

+


لم تنتبه إنه بدوره شرد فيها ...

+


وكلماتها لامست روحه ...

+


ودون إدراك وجد كفه تمتد نحو كفها وتقبض عليها لتفيق من أفكارها على تصرفه هذه بدهشة فيبتسم بهدوء مرددا :-

+


" صحيح تلك الذكريات مضت وتلك الفترة انتهت ولكن .."

+


توقف لوهلة يأخذ نفسا ثم يقول :-

+


" ألا يمكننا أن نصنع ذكريات جديدة ...؟!"

+


نظرت له بدهشة سرعان ما تحولت الى عبرات ملأت عينيها لتسأله بينما قلبها وروحها وكل كيانها ينتظر جوابا بالايجاب :-

+


" هل تعتقد إننا نستطيع ...؟!"

+


قال ببديهية :-

+


" بالطبع ... طالما نريد ذلك ..."

+


" راجي أنت ..."

+


توقفت لوهلة عاجزة عن نطقها بينما ترجوه داخلها أن ينطقها هو لتتحقق أمنيتها وهو يخبرها :-

+


" أنا أحبك يا نغم ... كنت وما زلت أحبك ...."

1


وذلك الإعتراف كان جل ما تحتاجه وأكثر شيء تتوق اليه منذ عودتها ..

+


ذلك الاعتراف كان كافيا ليضيء روحها وهذا جل ما أراده هو ... إسعادها ومنحها ما تمنته بكل كيانها .. 

+


*****************

+


في قصر آل هاشمي ...

+


على طاولة الطعام يجلس الجميع يتناول فطوره بصمت ...

+


انتهى عابد من فطوره ثم نهض من مكانه مشيرا الى راغب الجالس على يمينه :-

+


" اتبعني الى المكتب عندما تنتهي من تناول فطورك ..."

+


ثم تحرك بعدها متجها الى مكتبه بينما تلاقت عينيه بعيني والدته لتمنحه ابتسامة هادئة ليحمل كوبه ويرتشف ما تبقى فيه ثم يمسح فمه بالمنديل وينهض تابعا والده تاركا همسة مكانها بملامحها الهادئة المعتادة رغم إن داخلها مكتظ بالكثير ....

+


دلف راغب الى مكتب والده الذي كان يجلس مكانه يقلب في أحد كتبه عندما أغلقه ما إن دخل ولده ليشير له :-

+



        
          

                
" تعال يا راغب ... "

+


تقدم راغب الى الداخل بعدما أغلق الباب خلفه ...

+


اتجه وجلس على الكرسي الجانبي للمكتب يسأل والده بجدية :-

+


" ماذا هناك يا بابا ...؟!"

+


" ألا يجب أن نتحدث عما حدث البارحة ...؟!"

+


تسائل عابد بهدوء ليقول راغب بثبات :-

+


" ما حدث كان مرفوضا وغير لائقا ... همسة أخطأت ... لم يكن عليها التصرف هكذا ..."

+


" نعم همسة أخطأت ..."

+


قالها عابد مؤيدا له قبل أن يضيف :-

+


" ولكن هذا لن يلغي إن الخطأ الأساسي يبدأ من قدوم يسرا الى هنا ... "

+


هتف راغب بملامح متصلبة :-

+


" وهل أنا من أتيت بها ..؟! هل أنا من دعوتها ...؟!"

+


قال عابد بنبرة جادة :-

+


" لم أقل هذا ..."

+


ثم استرخى في جلسته وهو يضيف :-

+


" ولكن عليك أن تضع حدا لما يحدث منذ البداية ... ما حدث البارحة كان تنبيها لك أنت لما ينتظرك من وجود يسرا في محيطنا ...."

+


أكمل بجدية :-

+


" وأنت تعرف بالتأكيد نواياها ..."

+


" أعرف .."

+


قالها بثبات وهو يضيف :-

+


" مثلما أعرف كيف أتصرف معها بشكل يناسبها .. "

+


أضاف بحرص :-

+


" بطريقة لائقة دون تصرف أحمق يسيء لي ولمن تكون زوجتي ...."

+


" معك حق أن تغضب من همسة ولكن لا تنسى إنها إنسانة ولها طاقة تحمل .."

+


" أنت تدافع عنها ..."

+


قالها راغب مصدوما ليهتف عابد بابتسامة رزينة :-

+


" لا أدافع ولكنني أتفهم موقفها ... "

+


أخذ نفسا عميقا ثم قال :-

+


" وأنت عليك أن تتفهم أيضا وإلا ستنجح يسرا في مخططها بتعكير صفو علاقتكما سويا ... "

+


قال عابد جملته الأخيرة بغموض وهو يضيف :-

+


" حاول أن تتحدث مع زوجتك وتفهم منها سبب تصرفها الهجومي ... "

+



        
          

                
أكمل ينصحه بتروي :-

+


" أنت زوجها ... أقرب شخص لها ... عليك أن تفهم ما يدور داخلها ... أن تحتويها وتبدد مخاوفها ...."

+


هز راغب رأسه بصمت و وجهه واجما بالكامل ليضيف عابد بجدية :-

+


" بالمناسبة .. أنا لم يعجبني حديث خالك وزوجته عن همسة بهذه الطريقة .... خاصة كلام منيرة ...."

+


تذكر راغب مجددا حديث منيرة ووصفها لتصرفات زوجته بالسوقية وكلام خاله عن عدم حسن تصرف همسة ليهمس بجدية وهو الذي لم ينسَ حديثهما بدوره :-

+


" وأنا كذلك ... "

+


قالها بجمود بينما لم يعقب عابد على حديثه مقررا أن يترك لولده حرية التصرف في هذا الأمر ...

+


سمع كلاهما طرقات على باب المكتب ليسمح عابد للطارق بالدخول ففوجئ راغب بزوجته تدلف الى الداخل وهي تحمل صينية تحوي فنجانين قهوة وكوبين من الماء ...

+


رمقها راغب بنظرات باردة لتتقدم همسة نحو عابد وتضع الصينية على طاولة المكتب ثم تحمل الفنجان وتضعه أمام عابد الذي شكرها لتعود وتحمل الفنجان الآخر وتضعه أمام زوجها الواجم والذي لم يعلق بحرف واحد منذ دخولها ...

+


وقفت بعدها تنظر الى عابد لتخبره بجدية :-

+


" أنا أسفة لما حدث البارحة يا عمي ..."

+


ابتسم عابد مرددا بمودة :-

+


" لا داعي للاعتذار يا ابنتي ..."

+


 " ولكنني أخطأت ...."

+


قالتها بهدوء ليقول عابد بجدية :-

+


" إعترافك بخطأك يكفيني ... لا أحتاج لأكثر من ذلك ..."

+


أضاف يطمأنها :-

+


" جميعنا نتعرض لمواقف كهذه نفقد بها سيطرتنا على أنفسنا ... لا تضخمي الأمر ولا تحملي نفسك فوق طاقتها .. ما حدث البارحة أمر وارد قد يصدر عن أي أحد ..."

+


ابتسمت له بامتنان قبل أن تنتقل بنظراتها نحو زوجها الواجم لتهمس بخفوت قبل أن تتحرك خارج المكان :-

+


" عن إذنكما ..."

+


نهض راغب بدوره بعدها ليهتف عابد :-

+


" إلى أين ...؟! ألن تتناول قهوتك ...؟!"

+


" كلا ..."

+


قالها بجدية وهو يضيف :-

+


" لا يمكنني التأخر في المغادرة أكثر ... لدي مشوار مهم أساسا قبل الذهاب الى الشركة .."

+



        
          

                
ثم تحرك مغادرا تاركا عابد يتابع آثره بصمت وشكه في محله فالمشوار كان لمنزل خاله ...سالم الحداد ...!

+


****************

+


في منزل سالم الحداد ...

+


كانت منيرة تتحدث بضيق عما حدث البارحة بينما يسرا تجلس قبالها ترتشف قهوتها باستمتاع ...

+


هتفت منيرة بضيق :-

+


" لماذا لا تتحدثين ...؟! لا تردين علي ... هل أعجبك ما حدث البارحة ...؟!"

+


" كثيرا ..."

+


قالتها يسرا وهي تبتسم باتساع لتنهض منيرة من مكانها وتتجه نحوها تجلس جانبها قائلة :-

+


" إلام تخططين يا يسرا ...؟! انا بالطبع لم أصدق حسن نيتك في زيارتك لبيت عمتك مرتين بحجة اشتياقك للعائلة والأقارب ... "

+


وضعت يسرا فنجان قهوتها على الطاولة أمامها ثم استدارت نحو والدتها تخبرها بوضوح :-

+


" أخطط لإستعادة ما كان لي ... لراغب الذي كان معي وخطفته همسة هانم ...."

+


" أعلم هذا ..."

+


قالتها منيرة ببساطة لترفع يسرا حاجبها مرددة بحيرة :-

+


" إذا عمَ تتسائلين ...؟!"

+


أجابت منيرة بجدية :-

+


" عن مخططاتك المجهولة والتي جعلتك مستمتعة الى هذا الحد بعدما فعلته همسة بك البارحة ...؟!"

+


التوى فم يسرا بابتسامة باردة وهي تخبرها :-

+


" ما حدث البارحة يصب في مصلحتي .... "

+


أكملت وعيناها تلمعان ببريق متوهج :-

+


" راغب لن يعجبه تصرف زوجته الأحمق ... سيشعر بالاحراج الشديد منها ... وهذا نقطة في صالحي ..."

+


سألتها منيرة بعدم فهم :-

+


" كيف ..؟!"

+


أجابت يسرا بجدية :-

+


" من جهة سيحدث خلاف بينهما نتيجة ما حدث ومجرد حدوث خلاف بينهما بسببي يحتسب نقطة لي وثانيا سيلفت انتباه راغب لواقع يعايشه منذ سنوات وهو إن زوجته صغيرة بلهاء لا تجيد التصرف والأهم إنه لا بد أن يسعى لتصحيح الموقف واصلاحه وهنا ستكون فرصتي التي سأقتنصها بسهولة ..."

+


قالت منيرة بتجهم :-

+


" لا أعلم لماذا لا أرى الأمور بهذه الطريقة ...؟!"

+



        
          

                
" ولكن أنا أراها بهذه الطريقة وهذا ما يهم .."

+


قالتها بثقة لتهتف منيرة بجدية :-

+


" لا أعتقد إن الأمور سوف تسير بهذه السهولة.."

+


أكملت بتردد :-

+


" هي زوجته منذ عشرة أعوام ولديه منها ثلاثة أطفال ... كيف يمكنك أن تأخذيه منها ...؟!"

+


قاطعتها يسرا مصححة :-

+


" تقصدين أسترجعه منها ..."

+


هتفت منيرة بتجهم :-

+


" هذا ليس مهما ... المهم كيف ستفعلين ذلك ..؟!"

+


نهضت يسرا من مكانها وسارت في المكان وهي تخبر والدتها :-

+


" الأمر لن يحدث بسهولة بالطبع ... انه يحتاج لتخطيط جيد وطويل وصبر أطول .."

+


أضافت وهي تنظر نحو والدتها مبتسمة بثقة :-

+


" ولكن لا تقلقي ... أنا سأجيد فعل ذلك ... "

+


وداخلها كانت على يقين إنها ستنجح فهي سوف تسترجع راغب من همسة ...

+


كما إن لن تأخذ راغب فقط بل ستأخذ الأولاد أيضا وحينها سيصبح لديها العائلة التي تتمناها ...

1


زوج وثلاث أولاد رائعون ...

+


عائلة تكون هي سيدتها ...

+


عائلة فشلت في تكوينها مع جلال لكن لابد أن تنجح مع راغب ...

+


لابد أن يحدث ذلك فهذا وحده ما سيعوضها عما فعله جلال بها بل وما فعله راغب قبله ...

+


أفاقت من أفكارها على صوت الخادمة وهي تتقدم الى الداخل تخبرهما :-

+


" السيد راغب الهاشمي ينتظركم في صالة الضيوف ..."

+


قالت يسرا بسرعة وهي تتقدم نحو والدتها :-

+


" ألم أخبرك إنه سوف يسارع لإصلاح ما أفسدته تلك الحمقاء ...؟!"

+


نهضت منيرة مرددة :-

+


" دعينا نذهب ...."

+


" انا لن أدخل فورا ..."

+


قالتها يسرا بجدية لتنظر والدتها نحوها باستفهام فتقول يسرا بمكر :-

+


" سأنتظر في الخارج قليلا ثم أدخل ... لا أريده أن يشعر إنني كنت أنتظر قدومه أو إنني ما إن علمت بوجوده حتى سارعت واستقبلته بلهفة ..."

+



        
          

                
***************

+


في صالة الضيوف ...

+


كان راغب يضطجع فوق الكنبة الأنيقة واضعا قدما فوق الأخرى بينما خاله وزوجته يجلسان على الكنبة المقابلة له ينتظران بداية حديثه ويسرا تقف في الخارج كي تستمع لما سيقوله قبل أن تدخل في الوقت المناسب ....

+


تحدث راغب أخيرا بصوته الرزين :-

+


" ما حدث البارحة لم يكن مقبولا أبدا يا خالي ...."

+


قال سالم بوجوم :-

+


" بالطبع يا راغب ... تصرف زوجتك كان غير محترما ..."

+


اعتدل راغب في جلسته يهتف بصرامة :- 

+


" لا أسمح لك أن تتحدث عن زوجتي بهذه الطريقة أبدا..."

+


هتفت منيرة معترضة :-

+


" لم يقل شيئا خاطئا ... زوجتك هكذا فعل ..."

+


هدر راغب بحزم :-

+


" من فضلك أنت يا هانم ... لا تتدخلي في حديثي مع خالي ... أساسا أنت أيضا تحدثت عن زوجتي بطريقة غير مقبولة البارحة وهذا أمر غير مقبول أبدا..."

+


نهضت منيرة من مكانها لا اراديا تصيح بانفعال بينما احتقنت ملامح يسرا التي تقف بالخارج تستمع لدفاعه عن زوجته :-

+


" أنا لا أفهم ... هل أتيت هنا لتحاسبنا عما قلناه بدلا من الإعتذار عن تصرف زوجتك ...؟!"

+


هتف راغب ببرود :-

+


" لمَ سأعتذر ...؟! إذا كان هناك من يجب أن يعتذر فهي همسة وهي لا تريد الإعتذار وأنا بالطبع لن أجبرها على ما لا تريده مثلما في نفس الوقت لن أتغاضى عما تفوهتِ به في حق زوجتي ...."

1


قال سالم بجمود :-

+


" لاحظ إنك تتحدث مع زوجة خالك يا راغب ..."

+


نهض راغب من مكانه هاتفا بتسلط :-

+


" وزوجتك كانت تتحدث مع زوجتي ... زوجة راغب الهاشمي .. "

+


أكمل وعيناه تتوهجان بقتامة :-

+


" همسة زوجتي يا هانم وهذا يجعل أمامها مليون خط أحمر لا يمكن تجاوزه .... لا أنت ولا غيرك يمكنه أن يتحدث عن  زوجتي بهذه الطريقة ... "

+


أضاف وعيناه تتجهان نحو خاله :-

+


" أتمنى أن يفهم الجميع هذا ... اليوم أتيت وقلت ما عندي كي يستوعب الجميع الوضع ويفهم مكانة زوجتي جيدا ...."

+



        
          

                
سألته منيرة باستفزاز :-

+


" ولماذا زوجتك لم تحترم هذه المكانة ...؟!"

+


تقدمت يسرا الى الداخل في هذه اللحظة فمنحها راغب نظرة عابرة ثم قال :-

+


" زوجتي أخطأت ... أخطأت لانها انفعلت وصرخت على يسرا بهذه الطريقة ولكنها لم تتفوه بكلمة خاطئة في حقها ... خطئها يكمن في طريقة حديثها وهذا ناتج عن انفعالها بسبب اختلاط الهرمونات ..."

+


أضاف ببرود قاصدا كل حرف :-

+


" هرمونات الحمل غالبا ... اعذريها يا زوجة خالي ... همسة حامل والحمل يفعل ذلك وأكثر وأنت بالطبع تعلمين ذلك .... ناهيك عن حساسية الوضع السابق بينها وبين يسرا ... كان لابد أن تنفعل مع هرموناتها المضطربة والنتيجة كان انفعالا غير صحيحا ... "

+


أكمل بنبرة قاتمة :-

+


" لكنها على الأقل لم تتفوه بكلمة خطأ عكسك أنت حيث وصفتِ تصرفاتها بالسوقية ... وخالي قال إنها لا تحترم أحدا ..."

+


التفت بعدها نحو يسرا بينما خاله وزوجته بقيا جامدين عاجزين عن الحديث ليهتف بها :-

+


" من الجيد إنك أتيت ..؟؟"

+


عقدت يسرا ذراعيها أمام صدرها تسأله بتجهم :-

+


" لماذا أتيت يا راغب ...؟!"

+


أجاب بجدية :-

+


" أولا لقول حديثي السابق وثانيا لأخبرك بإنه من الأفضل لكِ ولهمسة ألا تتواجدي في القصر خلال الأشهر القادمة ..."

+


أكمل مبتسما ببساطة :-

+


"كما قلت قبل لحظات  ، همسة حامل ويجب أن نحرص على راحتها الجسدية والنفسية أيضا ووجودك يسبب حساسية لها ... "

+


اتسعت عينا يسرا بعدم تصديق ليهتف سالم بغضب :-

+


" هل تطرد ابنتي من قصركم يا راغب ...؟؟ "

+


" أبدا والله يا خالي ..."

+


قالها راغب وهو يستدير ليضيف :-

+


" أنا فقط أجنب يسرا مواقف لا داعي لها ... وكذلك همسة ... همسة لن تتقبل وجود خطيبتي السابقة ببساطة وأنا لا أريد أن أضغط عليها حاليا خاصة إنها حامل وأنا حريص بشدة على صحتها وصحة الجنين وهي بوضعها الحالي لن تستوعب إننا انفصلنا منذ أعوام وكل شيء انتهى بيننا وإن يسرا هي مجرد ابنة خالي التي احترمها وأقدرها كثيرا بسبب صلة القرابة بيننا ليس إلا ... "

2


أضاف يمازحه بتصنع  :-

+


" غيرة النساء وجنون الغيرة إضافة الى الهرمونات ... تعرف  هذا بالطبع ..."

1



        
          

                
تابع الوجوه الثلاثة المحتقنة بابتسامة مصطنعة قبل أن يشير الى يسرا :-

+


" صحيح ، بشأن المشروع الذي كنت تتحدثين عنه البارحة ... يمكنك أن تأتي الى الشركة في أي وقت لنتناقش عنه وأرى إذا ما كان مناسبا أم لا ... "

+


هزت يسرا رأسها وهي تتمتم بنبرة محتقنة :-

+


" ان شاءالله ..."

+


نظر راغب الى ساعته ثم قال :-

+


" يجب أن أغادر حالا .. تأخرت على عملي كثيرا ..."

+


ثم القى تحية الوداع وغادر الفيلا تاركا إياهم يتابعونه بعدم تصديق لما حدث وما قاله فتندفع يسرا بغضب مخيف الى الطابق العلوي حيث غرفتها وتصفع الباب خلفها بعنف ...

1


****************

+


مساءا ..

+


دلفت غالية الى المطبخ تطمئن على إعدادها لكل شيء كما أرادت ....

+


أخذت تجهز بعض الأمور معها حتى قررت بعدها أن تجهز نفسها استعدادا لزيارة حماها الليلة ...

+


صعدت الى غرفتها حيث أخذت حماما دافئا ثم خرجت وارتدت فستانا أنيقا يليق بها كعروس جديدة رغم بساطته ولكن تصميمه أنيق للغاية وفخم بطريقته الخاصة ...

+


صفقت شعرها ووضعت المكياج وعطرها الخاص ثم ارتدت حذائها متجاهلة هذا اليوم جل أفكارها التي تسيطر عليها منذ ذلك اليوم والألم الذي ينهش روحها منذ قرائتها لتلك الرسالة ...

+


في الحقيقة هي جاهدت كي تستعيد توازنها في الأيام السابقة ونجحت نوعا ما في ذلك وخاصة أمام زوجها وكذلك شقيقها الذي ما زال يحاول أن يفهم بينما هي لا تعطيه الفرصة لذلك ....

+


سمعت صوت سيارة زوجها في الخارج فسارعت تهبط الى الطابق السفلي حيث استقبلته وهي تخبره بنبرة مؤنبة :-

+


" تأخرت كثيرا يا فادي ... سيصلون بعد قليل ..."

+


" العمل يا غالية ..."

+


قالها بنبرة مرهقة لتدفعه نحو الطابق العلوي مرددة :-

+


" خذ حماما سريعا بينما أجهز لك ملابسك ..."

+


اتجه هو الى الحمام بينما أخرجت له هي ملابسا بسيطة وأنيقة في ذات الوقت وجهزت له حذاءا مناسبا كذلك عندما خرج وهو يجفف شعره بالمنشفة لتخبره بجدية :-

+


" هيا غير ملابسك بسرعة ...."

+


ارتدى ملابسه سريعا بينما كانت هي تلملم بعض الأغراض حتى أخبرته بينما وقف هو يصفف شعره أمام المرآة :-

+



        
          

                
" سأتفقد الطعام وصالة الضيوف .."

+


تابعها وهي تخرج فتنهد بصمت مفكرا إنه اليوم سيتعرف على أخته وأخيه الذي فوجئ بمجيئهما يوم زفافه ...

+


كان يعلم بوجودهما بالطبع فهو كان يتواصل مع أبيه بين الحين والآخر بل في الواقع هو الوحيد من كان يتواصل معه ....

+


رغم أفعال والده الخاطئة المتمثلة بزيجاته المتعددة وغير ذلك من خلافاته مع والدته إلا لم يستطع أن يقاطعه كما فعل فراس وكما تفعل لوجين التي لا يعلم إذا كانت ترفضه حقا أم تخشى والدته ...

+


هو بدوره كان رافضا لتصرفات والده ولم يتقبلها يوما لكنه لم يقاطعه ...

+


لا يوجد شرع يقبل بهذا ... 

+


في النهاية خليل يبقى والده رغم كل أخطاؤه في حق والدته وأولاده وحق نفسه هو قبل الجميع ...

+


نعم والده أخطئ في حق نفسه قبلهم جميعا ...

+


سار خلف نزواته كما يفعل فراس حاليا ولكن لأسباب مختلفة تماما ...

+


فوالده كان يبحث من خلال زيجاته العديدة  على المرأة التي خطفت قلبه وخسرها مرغما بينما فراس على العكس تماما ..

+


خسر المرأة الوحيدة التي أحبها بسبب نزواته تلك ...

+


تنهد بتعب مفكرا في والدته التي لا يعرف كيف ستكون ردة فعلها إذا علمت بزيارة والده له ولكنه بالطبع ما كان يمكنه أن يرفض رغبة والده في زيارته في منزله والتعرف على زوجته والتي وجدها خليل فرصة ليتعرف فادي على أخته وأخيه أيضا ...

+


جنى وفارس ... هذا كل ما يعرفه عنهما ...

+


لا يعرف حتى من هي والدتهما ....

+


ويعرف شكلهما بعدما رآهما سريعا يوم زفافه ولكنه سيتعرف عليهما اليوم ...

+


هو ليس مستاءا من قدومها على آية حال فهما لا ذنب لهما في كل هذه الفوضى التي أحدثها والده ....

+


هبط الى الطابق السفلي ليتأمل زوجته وهي تتقدم نحوه مبتسمة وقد عادت إليها روحها القديمة قليلا الفترة السابقة رغم إنه ما زال هناك جزءا منها مظلما متباعدا يشعر به مهما حاولت إخفاؤه ..

+


ابتسم وهو يجذبها نحوه متأملا جمالها الذي لا يماثله جمالا :-

+


" نسيت أن أخبرك إنك تبدين رائعة كعادتك ...."

+


ضحكت برقة ليضيف بصدق :-

+


" كم أنا رجل محظوظ لإنني متزوج من أنثى رائعة وفاتنة ومثالية مثلك ..."

+



        
          

                
مالت نحو شفتيه تقبلها برقة قبل أن تهمس بغرور مصطنع :-

+


" بالطبع محظوظ ... "

+


أضافت بصدق لمع في عينيها :-

+


" وأنا أيضا محظوظة لإنني معك ... "

+


تنهدت ثم قالت بعدها :-

+


" أنا أحبك يا فادي ... أحبك كثيرا ..."

+


كانت صادقة لأبعد حد ..

+


هي تحبه ... تحبه ولم تتوقع أن تحب يوما رجلا الى هذا الحد ...

+


هم بالرد عليها عندما صدح صوت رنين جرس الباب فقالت بسرعة :-

+


" لقد وصلوا ..."

+


ابتسم بهدوء وهو يتحرك جانبها ليفتح الباب فيجد والده أمامه مبتسما قائلا :-

+


" مساء الخير ..."

+


" أهلا وسهلا ..."

+


قالها فادي وهو يفسح له المجال للدخول ليعانقه والده وهو يربت على ظهره هاتفا :-

+


" مبارك الزواج مجددا يا بني ..."

+


ابتسم فادي مرددا :-

+


" أشكرك كثيرا ..."

+


نظرت غالية الى والد زوجها والذي كان يشبه فادي للغاية بل تكاد تجزم إنه كان نسخة من فادي في شبابه ..

+


" مبارك الزواج عزيزتي ..."

+


قالها خليل لتتقدم غالية نحوه ترحب به فيعانقها بأبوة قبل أن يقول وهو يتأمل جمالها المبهر :-

+


" لم أكن أعلم إن ذوق ولدي رائع الى هذا الحد ..."

+


ابتسمت بخجل بينما أشار خليل الى ابنته وابنه :-

+


" تعالا يا جنى وفارس ..."

+


تأملت غالية الفتاة الصهباء بجمالها المبهر والولد الصغير بملامحه الشبيهة بملامح أبيه وبالطبع ملامح فادي ليهتف وهو يحتضنهما من كتفيهما :-

+


" هذه جنى أختك يا فادي ... وهذا فارس ... الأصغر ..."

+


ابتسمت جنى مرددة :-

+


" مرحبا فادي ..."

+


" أهلا ..."

+


قالها فادي وهو يبتسم بهدوء بينما التفتت جنى نحو غالية تقدم لها باقة الورد و علبة زرقاء أنيقة تخبرها :-

+


" مرحبا ومبارك الزواج مجددا ..."

+


شكرتها غالية على الفور بينما قالت جنى مبتسمة :-

+



        
          

                
 " هذه هدية بسيطة منا ... انا وبابا وفارس أيضا ... انتقيتها بنفسي لك وأتمنى أن تعجبك ..."

+


قالت غالية وهي تربت على ذراعها بصدق :-

+


" ستعجبني بالطبع ...شكرا لكم ..."

+


أضافت وهي تنظر الى خليل :-

+


" شكرا لك ..."

+


قال خليل مبتسما بدوره :-

+


" هذه هدية بسيطة لعروس ابني ... هناك هدية أخرى أثمن وتليق أكثر ..."

+


أضاف وهو يشير الى فارس :-

+


" سلم على أخيك الأكبر يا فارس ..."

+


تقدم فارس نحو فادي يحييه فتأمله فادي بسنوات عمره والتي لا تتجاوز الثلاثة عشر عاما ليبتسم مرغما وهو يرد تحيته قبل أن تطلب منهم غالية أن يتقدموا الى الداخل حيث صالة الضيوف ...

+


جلس الجميع في صالة الضيوف بينهما تقدمت الخادمة تحمل العصير عندما أخذ فادي يتحدث مع والده في أمور عامة حيث والده يسأله عن عمله وأمور أخرى بينما هتفت جنى وهي تتأمل غالية :-

+


" أنت جميلة للغاية ... في الحقيقة كان جمالك واضحا يوم الزفاف ..."

+


" وأنت رائعة الجمال ..."

+


قالتها غالية بصدق بينما شردت جنى في رغبة والدها في قضاء الفترة التي ستبقى فيها في البلاد لأجل الدراسة في منزل أخيها ...

+


كان هذا شرطه الوحيد كي يسمح لها أن تحيا هنا بينما رفضت هي ذلك وأرادت أن تبقى في منزلهم لوحدها أو تستأجر شقة صغيرة تعيش بها ...

+


رفض والدها ذلك بشدة معللا إنه لا يمكنه أن يتركها تحيا لوحدها وإنها إذا أرادت أن تبقى هنا في البلاد لأجل الدراسة فيجب أن تستقر في منزل أخيها خاصة وهو لا يستطيع أن يتواجد الأشهر القادمة في البلاد وإذا رفضت فستعود معه من حيث أتى ....

+


في النهاية خضعت جنى لقراره وهي تقنع نفسها إن فادي لن يقبل وإذا قبل هو فزوجته سترفض بالتأكيد ...

+


أي عروس جديدة ستقبل أن تعيش أخت زوجها التي تتعرف عليها للمرة الأولى معها في نفس المنزل ...

+


سترفض بالتأكيد وحينها هي ستقنع والدها بالبقاء لوحدها ...!

+


أفاقت من أفكارها على صوت غالية وهي تستأذن مغادرة لتجهيز المائدة فسألت جنى :-

+


" هل يمكنني مساعدتك ..؟!"

+


هتفت غالية بنبرة ودودة :-

+



        
          

                
" بالطبع تفضلي ...."

+


تابعهما كلا من خليل وفادي وهما يغادران بينما فارس منغمس في هاتفه الخلوي ليهتف خليل بجدية :-

+


" زوجتك جميلة وابنة عائلة ... لماذا رفضتها والدتك ...؟!"

1


رد فادي بوجوم :-

+


" لإنها كانت خطيبة فراس ..."

+


 " هكذا إذا ..."

+


هتف بها خليل وهو يضيف :-

+


" لم تلن قليلا ...؟!!"

+


هز فادي رأسه نفسا ليقول خليل بجدية :-

+


" من الجيد إنك تزوجتها ...."

+


تابعه فادي بصمت ليضيف خليل بهدوء :-

+


" أنت تحبها بحق وهذا كان سيجعلك عاجزا عن تخطيها مهما حاولت ومهما ارتبطت بغيرها ... "

+


هتف فادي بسخرية :-

+


" أو ربما كان سيجعلني نسخة منك ..."

+


قال خليل بثقة :-

+


" لا يمكن ... انت لست مثلي ... رغم الشبه الشكلي الشديد بيننا ...."

+


تنهد فادي مرددا :-

+


" ولكن فراس مثلك ..."

+


" ولا حتى فراس ..."

+


قالها خليل ببرود لينظر له فادي باستنكار فيهتف موضحا :-

+


" مبدئيا عليك أن تعلم إنني لم أدخل في علاقة خارج إطار الزواج الشرعي طوال حياتي ولكن أنت بالطبع لا تدرك هذا لإن والدتك لم تتطرق لهذا عكس شقيقك المبجل والذي علاقاته جميعها علاقات زنا محرمة ..."

+


" وزيجاتك المتعددة ...؟! هل تراها تصرفا صحيحا ...؟!"

+


سأله فادي بجمود ليجيب خليل :-

+


" حتى لو لم تكن صحيحة لكنها لم تخالف الشرع .. الزواج كان شرعيا ونيته سليمة ..."

+


ابتسم فادي بتهكم وهو يقول :-

+


" وهل خسارتك للمرأة التي تحب مبررا لزيجاتك المتعددة ..؟؟"

+


قال خليل بهدوء :-

+


" كلا ، أنا أساسا لم أقل إن تصرفاتي كانت صحيحة ولكنني فعليا لم أرتكب ذنبا او شيئا مرفوض شرعا ... انظر الي ...انا لست ملاكا ولكنني صريح ... انا لم أحب والدتك يوما ... لم أحب سوى امرأة واحدة كنت أبحث عنها في جميع النساء ولكنني لم أخدع أي امرأة تزوجتها ولا حتى والدتك ... "

1



        
          

                
هتف فادي بغلظة :-

+


" من الأفضل ألا نتحدث بشأن هذا الموضوع أكثر ..."

+


قال خليل :-

+


" أعلم إنك مثلهم ... داخلك رافضا لي ... رافضا لتصرفاتي ... لكنك تتواصل معي فقط كي ترضي ضميرك ناحيتي ... ولكنني أثق جيدا بحكمتك وإنك يوما ما ستفهم الكثير من الأمور الغائبة عنك ... الكثير مما تجهله يا فادي ... "

+


تنهد مضيفا :-

+


" وستفهم إن الخطأ لم يكن خطئي لوحدي بل والدتك كانت شريكتي فيه ... "

+


تجاهل فادي حديثه الأخير وهو يسأله :-

+


" فارس ابنك من زوجتك الأخيرة التي ما زالت على ذمتك ، أليس كذلك ..؟؟"

+


ابتسم خليل قائلا :-

+


" نعم ، فارس ابن شيماء ... أنت لا تعلم إن شيماء هي المرأة التي أحببتها وكنا نتحدث عنها قبل قليل ..."

+


أجاب فادي بوجوم :-

+


" كلا ..."

+


أضاف يسأل :-

+


" وجنى ابنتها أيضا ..."

+


هتف خليل نافيا :-

+


" كلا ، جنى ابنتي من زوجتي السابقة الأجنبية ... لكنها تعيش معنا و شيماءمن قامت بتربيتها .... "

+


هز فادي رأسه بتفهم عندما تقدمت غالية تتبعها جنى لتخبرهم غالية إن العشاء جاهز ....

+


****************

+


بعد العشاء ...

+


تقدمت غالية نحوهم تتبعها الخادمة وهي تحمل القهوة للجميع والعصير لفارس ....

+


تناول الجميع القهوة بينما هتف خليل بجدية :-

+


" بما إن زوجتك هنا ، أريد التحدث معكما بأمر .. بالأحرى طلب وأتمنى ألا تشعران بالإحراج مني في حال رفضتما ذلك الطلب ..."

+


نظر كلا من فادي وغالية لبعضهما بحيرة بينما وجمت ملامح جنى ليهتف خليل :-

+


" جنى ستبقى هذا العام هنا ... لديها دراسات تخص آثار البلاد .... "

+


أكمل مسترسلا :-

+


" أنت تعلم يا فادي إن عملي في الخارج ولا يمكنني تركه أبدا وكذلك شيماء لديها عملها في الخارج ... وفي المقابل جنى تريد بشدة البقاء هنا لاجراء بحوثات مهمة تتطلب وجودها لعام على الأقل مبدئيا وأنا لا يمكنني تركها لوحدها ... لذا إذا لم يكن لديك ولدى زوجتك مانع فهل تستطيعان أن تستضيفان جنى لديكما خلال فترة دراستها ...؟!"

+



        
          

                
هتفت غالية بسرعة وهي تبتسم بصدق :-

+


" بالطبع يا عمي .... أهلا بها ..."

+


تطلعت لها جنى بصدمة لحظية لتقول بسرعة :-

+


" ولكن هذا قد يكون محرجا ..."

+


أكملت بتأني :-

+


" يعني أنتما زوجان و ..."

+


قاطعتها غالية بصدق :-

+


" الفيلا كبيرة يا جنى ... كما إننا سنسعد بوجودك معنا حقا ..."

+


أكملت وهي تشير الى فادي :-

+


" لا يوجد أي إحراج ، أليس كذلك يا فادي ..؟؟"

+


قال فادي بسرعة وهو ما زال غير مستوعبا طلب والده :-

+


" نعم عزيزتي ... بالطبع ..."

+


أكملت غالية تشير لخليل :-

+


" جنى مرحب بها في أي وقت ... هذا منزل أخيها ... وولدك ... "

+


ابتسم خليل قائلا بإعجاب :-

+


" ماشاءالله عليك يا ابنتي ... ابنة أصول بحق ..."

+


أشار الى فادي :-

+


" هنيئا لك بزوجتك يا فادي ... أهنئك حقا على هذا الاختيار ..."

+


ابتسم فادي قبل أن ينظر نحو غالية بامتنان لما فعلته وكيف تقبلت الأمر بسلاسة ليقول بعدها بجدية مشيرا الى جنى :-

+


" يمكنك أن تبقي معنا يا جنى لأي وقت تريدينه ... كما قالت غالية .. هذا منزل أخيك ... "

+


نقل فارس بصره بينهما مرددا باحباط :-

+


" يعني جنى لن تعود معنا الى منزلنا خارجا ..."

+


هتف خليل :-

+


" لديها دراسة هنا يا بني ...."

+


ابتسمت غالية لا اراديا وهي تتأمل ضيقه من فكرة ابتعاد اخته عنه لتهتف بصدق :-

+


" يمكنك أن تبقى معها إذا أردت ..." 

+


" لا يمكن .. لدي دراستي هناك ووالدتي أيضا ..."

+


أكمل بمرح :-

+


" ولكنني سآتي في العطل إذا لم يكن لديك مانع ..."

+


قالت غالية بسرعة :-

+


" بالطبع لن يكون هناك مانع .. سأجهز لك غرفة أنت الآخر هنا ... "

+



        
          

                
طالعها خليل بامتنان وقرر داخله أن يرسل فارس بعد فترة هنا ليسكن في منزل أخيه فهذه فرصته لتقريب العلاقة بينهما و بين فادي عسى ولعل ينجح يوما في تقريب العلاقة مع الآخرين ... فراس ولوجين ... 

+


نهض من مكانه بعدها مقررا المغادرة حيث ودعهم كلا من فادي وغالية الذي استدار نحو زوجته ما إن غادرا ليهتف بجدية :-

+


" أعرف إن طلب والدي كان محرجا وربما كنت ترغبين في خصوصية سنفتقدها بالطبع في وجود جنى ..."

+


قالت غالية بسرعة :-

+


" إطلاقا ... انا كنت صادقة في حديثي ... ما المشكلة إذا بقيت هنا .. "

+


أضافت وهي تبتسم بصدق :-

+


" إنها أختك .. من الطبيعي أن تسكن معنا .. كما إنني لا أمانع حقا ذلك ولست من النوع الذي يكره أن يشاركنا أحدا ما السكن .. على العكس تماما... أنا أحب العائلة كثيرا ..."

+


ابتسم بينما أضافت هي :-

+


" أساسا الفيلا كبيرة وتتسع لعدة أشخاص ..."

+


أكملت بعدها بجدية :-

+


" وليكن بعلمك والدك متعمدا طلبه هذا .. من الواضح إنه يريد جمع شملك بأخوتك الآخرين ..."

+


تنهد مرددا :-

+


" نعم ، هذا واضح .."

+


" تبدو منزعجا ...!!"

+


قالتها باهتمام ليهتف بجدية وهو يتجه نحو صالة الجلوس ملقيا بجسده فوق الكنبة :-

+


" أفكر في ردة فعل والدتي إذا علمت بذلك ... أنت تعلمين حساسية الوضع ... هي لم تتقبل يوما تواصلي المتقطع مع والدي فكيف ستتقبل وجود ابنته في منزلي ..؟!"

+


تقدمت نحوه وجلست جانبه تسأله باهتمام :-

+


" وماذا ستفعل أنت ..؟!"

+


أجاب بجدية :-

+


" ماذا سأفعل ...؟! مهما حدث تبقى جنى أختي .. وفارس كذلك .. لا يمكن أن أرفض وجودها والأهم إنني بالطبع لم أكن لأسمح أن تعيش لوحدها بينما منزلي هنا مفتوحا لها ....""

+


ابتسمت غالية وهي تميل على وجهه تطبع قبلة على وجنته تخبره بجب :-

+


" أنت رائع ..."

+


ابتسم لها دون رد عندما قبضت على كفه تطلب منه النهوض ليصعدا الى الأعلى ويستريحان بعد هذا اليوم المرهف عندما هتف فادي بجدية وهو يتحرك معها :-

+



        
          

                
" صحيح ، لقد تحدثت مع زميلي بشأن رغبتك في زيارة عمار ..."

+


تصنمت مكانها لوهلة قبل أن تلتفت نحوه ليسألها بتروي:-

+


" هل ما زلت مصرة على زيارته ...؟!"

+


ردت بثبات ودون تفكير :-

+


" نعم وبشدة ..."

+


قال مضطرا :-

+


" جهزي نفسك إذا.. لقد حددت لك موعدا لزيارته ... الأسبوع القادم ..."

+


****************

+


في اليوم التالي ...

+


تقدم أثير الى داخل النادي يتأمل الموجودين من خلف نظارته الشمسية حتى وجدها تجلس هناك كما أخبره الرجل الذي طلب منه أن يتبعها ....

+


اتجه بخطواته الواثقة نحو الطاولة المقابلة لها وجلس قبالها ليتقدم النادل نحوه يسأله عما يريده فيطلب منه قهوة قبل أن يسحب هاتفه من جيبه ويدعي الانشغال به بينما هايدي تجلس على الطاولة قباله مع مجموعة من صديقاتها في النادي تتبادل الأحاديث معهم عندما وقعت عيناها عليه ومن حسن حظه إنه رفع عينيه نحوها في ذات اللحظة فتعمد أن يخلع نظارته الشمسية وهو يهز رأسه بتحية تصاحبها ابتسامة رزينة ...

+


نهضت من مكانها مقررة تحيته لينهض هو بدوره يستقبلها عندما هتفت وهي تقف أمامه تمد كفها نحوه :-

+


" مرحبا أثير .. كيف حالك ..؟!"

+


ابتسم وهو يجيبها بعدما التقط كفها :-

+


" بخير ، وأنت كيف حالك ...؟!"

+


ردت مبتسمة بهدوء :-

+


" بخير ... "

+


" تفضلي ..."

+


قالها وهو يشير الى الكرسي المقابل لكرسيه لترفع حاجبها مرددة بخفة  :-

+


" لا أريد إزعاجك ..." 

+


قال ببساطة :-

+


" أجلس لوحدي أساسا ...."

+


" هكذا إذا ..."

+


قالتها وهي تجلس على الكرسي بينما جلس هو قبالها ليتقدم النادل اليه بالقهوة فيسألها إذا ما كانت تريد شيئا ما لتطلب عصيرا طبيعيا قبل أن تهمس بعدما ابتعد النادل :-

+


" ما أخبارك إذا ...؟!"

+


قال بجدية :-

+


" كل شيء كما هو .. عمل وسفر من دولة لأخرى ... "

+


" أين تعمل حاليا ..؟؟"

+



        
          

                
سألته باهتمام ليجيب بعدما ارتشف قليلا من قهوته :-

+


" حاليا في إجازة ولكنني كنت قبلها في سويسرا ..."

+


" رائع ..."

+


قالتها مبتسمة ليهتف بجدية :-

+


 " وماذا عنك ...؟! ألا يوجد جديد في حياتك ...؟!"

+


سألته بمراوغة :-

+


" جديد مثل ماذا ..؟!"

+


هتف بخفة :-

+


" حبيب ..؟! عمل ..؟!"

+


هتفت ببساطة  :-

+


" لا يوجد ..."

+


" غريب .. هل أصيب الشباب بالعمى ...؟!"

+


قالها بخفة لتهتف ببرود :-

+


" الشباب  كثيرون  لكنني لا أنتقي أي أحد ..."

+


" تبحثين عن مواصفات خاصة إذا ..."

+


قالها وهو يبتسم بتروي لتجيب ببطأ :-

+


" خاصة جدا ...."

+


أكملت وهي تتراجع بجسدها الى الخلف متسائله بثقة فطرية :-

+


" ألا يحق لي ...؟!" 

+


تأملها مليا بتدقيق مقصود قبل أن يجيبها :-

+


" يحق بالطبع ..."

+


ابتسمت بثبات عندما أتى النادل بالعصير لتأخذه منه وتتناول القليل بينما يسألها هو متعمدا :-

+


" ما أخبار العائلة ...؟! "

+


ردت بعفوية:-

+


" نانسي تزوجت وبات لديها كريم وكاميليا ولكن ربما تنفصل قريبا وكرم سيخطب قريبا ..."

+


أخفى حنقه بمهارة وهو يردد :-

+


" هكذا إذا .. يؤسفني احتمالية طلاق شقيقتك ومبارك خطبة شقيقك مقدما ..."

+


ضحكت مرغمة :-

+


" لا داعي للأسف ... ليتها تتطلق فعلا وأقيم لها حفلة طلاق ..."

+


أكملت متذكرة صلة القرابة التي تجمع هاله بآل هاشمي :-

+


" صحيح ، الفتاة التي سيخطبها كرم ،

+


أنت تعرفها ..."

+


ادعى الدهشة وهو يتسائل :-

+



        
          

                
" أنا ..؟! كيف ..؟!"

+


أجابت موضحة :-

+


" تكون قريبة خالك وزوجته ... هالة .... تعرفها بالطبع ...."

+


احتقنت ملامحه رغما عنه وهو يجيب باقتضاب :-

+


" نعم أعرفها ..."

+


أكمل مستعيدا ملامحه العادية :-

+


" لم أكن أعلم بذلك ... متى ستكون الخطبة ..؟!"

+


ردت بعفوية :-

+


" البارحة ذهب والتقى بزوج خالها وأبنائه فهي يتيمة الأبوين وليس لديها أخوة شباب كما تعرف... غالبا الخطبة ستكون بعد أسبوعين او ثلاثة بالكثير ..."

+


أضافت مبتسمة :-

+


" لا داعي لأن أدعوك فأنت تعتبر من أقارب العروس ..."

+


تمتم بسخرية لم تنتبه لها :-

+


" بالطبع لا داعي لذلك ...."

+


أضاف يتسائل باهتمام مصطنع :-

+


" وماذا عن العمل ...؟! ألم تعملي بعد ...؟!"

+


" لم أجد عملا مناسبا ..."

+


قال بجدية :-

+


" يمكنني مساعدتك ... ما رأيك أن تعملي في المؤسسة لدينا ....؟!"

+


أرادت أن ترفض فهي كانت تريد أن تصنع مشروعا خاصا لها ولكن رغما عنها وجدت في ذلك فرصة جديدة  للتقرب منه وربما ما لم يحدث قبل أكثر من عامين يحدث الآن ....

+


" لم لا ..؟! سأفكر في عرضك ...."

+


ابتسم قائلا :-

+


" سأنتظر جوابك إذا ..."

+


هزت رأسها بصمت بينما كما توقع هو .. لقد نجح في لفت انتباهها ....

+


بقيا يتحدثان لفترة لا بأس بها حتى غادرا بعدها حيث عادت هي الى المنزل واتجه هو الى احد المقاهي حيث سيلتقي بكلا من عادل ومهند هناك كما اتفق معهما ...

+


هناك اجتمع الثلاثة يتبادلون الاحاديث وقد تعمد أثير ألا يخبر مهند بمعرفته بأمر خطبة هالة بينما لم يتطرق مهند بدوره لهذا الأمر حيث كان مترددا في إخباره وهو يدرك مدى عشقه لهالة وكيف سيؤثر هذا الخبر عليه سلبيا ...

+


انتهى اللقاء بعد ساعات طويلة حيث تجاوزت الساعة الحادية عشر مساءا عندما تحرك أثير خارج المكان متجها نحو سيارته التي ركنها في الشارع الجانبي للمقهى ليجد شابين يحاولان التحرش بفتاة ...

+



        
          

                
تقدم بسرعة نحوهما يجذب أحدهما من الخلف ويلكمه بينما انكمشت الفتاة في ذعر ....

+


حاول الآخر أن يتقدم نحوه من الخلف لكن صراخ الفتاة أنبئه لذلك فسارع يلتفت نحوه ويلكمه بقوة هو الآخر في بطنه مما  جعله يتأوه أرضا بينما أشار هو الى الفتاة أن تتجه نحو سيارته فنفذت ما قاله قبل أن يجد الشاب الآخر يهجم عليه محاولا ضربه وصديقه ينهض من مكانه فيتبادل الشجار معهما عندما انتبه الى شابين آخرين لما يحدث فتقدما يحاولان فض النزاع حتى صاح أثير بعدما أبعده أحد الشابين عن وجه الآخر المليء بالدماء بقوة :-

+


" عليكما أن تفكرا مرة أخرى قبلما تحاولان التحرش بفتاة أيها الوغدين ..."

+


ثم سارع ينفض الغبار عن ملابسه قبلما يبصق عليهما ويتحرك نحو سيارته بينما تأمل الشابين الآخرين كليهما بقرف قبل أن يتحركان بدورهما تاركين إياهما ممددين على الأرض بعجز ...

+


ركب أثير السيارة ليجد الفتاة تتسائل بلهفة :-

+


" هل أنت بخير ...؟!"

+


تنهد بعمق ثم قال :-

+


" أنا بخير ..."

+


استدار نحوها يتأمل ملامحها الشاحبة قبلما يسألها :-

+


" ماذا عنك ...؟! هل أنت بخير ...؟!"

+


تمتمت بصوت ضعيف :-

+


" نعم ، بخير.."

+


أكملت بنبرة ممتنة مرتجفة :-

+


" شكرا لك ... لقد أنقذتني ..."

+


ابتسم بهدوء مرددا :-

+


" لا داعي للشكر .... ولكن انتبهي مرة ولا تخرجي لوحدك في وقت متأخر ..."

+


" والله كنت مضطرة ..."

+


قالتها بذعر لا ارادي ليهز رأسه بتفهم ثم يقول :-

+


" سأوصلك الى منزلك ...."

+


هزت رأسها بطاعة لا ارادية عندما أخبرته بعنوان المنزل ليتحرك الى هناك حيث كانت تسكن في احدى المناطق الراقية للغاية في البلاد ....

+


أوقف سيارته أمام قصر فخم للغاية ليجدها تلتفت نحوها وقد خف شحوب وجهها قليلا تخبره بابتسامة خجلة :-

+


" أشكرك مجددا ..."

+


ابتسم برزانة قائلا :-

+


" لا شكر على واجب يا آنسة ..."

+


مدت يدها تخبره :-

+



        
          

                
" شكرا للمرة الأخيرة يا ...." 

+


قالها وهو يلتقط كفها الرقيق بكفه لتخبره بدورها :-

+


" وأنا أفنان  ...."

1


ابتسم قائلا :-

+


" تشرفت بمعرفتك يا أفنان ...."

+


" الشرف لي ..."

+


قالتها بابتسامة خجولة قبل أن تهبط من سيارته وتتحرك متجهة نحو القصر بينما تحرك بدوره في سيارته عائدا الى قصر عائلته ..!

+


***************

+


في صباح اليوم التالي ..

+


تقدمت بخطواتها خارج المطار وهي تجر حقيبتها معها بينما خلفها يسير الرجل الذي أرسله لها عمها خلفها وهو يحمل معه حقيبة أكبر ....

+


ما إن علمت بما أصاب عمها حتى قررت العودة الى البلاد حالا ليتواصل معها رجل من طرف عمها مقيم في أمريكا يخبرها إنه سيجهز كل شيء وبالفعل تم كل شيء بسرعة وغادرت هي أمريكا بسرعة عائدة الى البلاد والخوف ينهش روحها على عمها ..

+


رغم كل ما حدث هي ما زالت تحبه وتخشى فقدانه ....

+


ركبت السيارة التي كانت تنتظرها بينما أخذ الرجل الآخر موقعه بجانب السائق لتتسائل بلهفة :-

+


" سنذهب الى المشفى مباشرة ، أليس كذلك ..؟!"

+


قال الرجل بمهنية :-

+


" كلا ، عابد بك يمكث في القصر حاليا ..."

+


" كيف ..؟!"

+


سألت بدهشة ليجيب ببساطة :-

+


" هناك طاقم طبي كامل يعتني به في القصر ..."

+


تجهمت ملامحها ولأول مرة بدأت الشكوك تغزوها فأخذت اراجع ما حدث في الأيام القليلة الفائتة وكيف حدث كل شيء بسرعة ووجدت نفسها خلال أيام قليلة في البلاد ...

+


هل هناك لعبة ما ...؟!

+


ازداد وجوم ملامحها وعقلها يرفض تصديق ذلك ...

+


لا يمكن أن يكون هذا فخا من عمها ...

+


تأملت الطريق بعينين جامدتين وداخلها يتمنى ألا يكون هناك خدعة في الأمر ....

+


ما إن دلفت السيارة الى القصر حتى سارعت تهبط منها وتتجه الى الداخل لتجد الخادمة في استقبالها فتسألها وهي تتقدم الى الداخل :-

+


" أين عمي ...؟!"

+


لكنها تجمدت مكانها وهي تراه أمامها على بعد مسافة عنها واقفا يتأملها بشموخ قبل أن يردد بهدوء مهيب :-

+



        
          

                
" حمد لله على السلامة يا إبنة أخي ..."

+


***************

+


" لا أصدق ..."

+


تمتمت بها جيلان وهي تتأمله قبل أن تضيف بصوت مبحوح :-

+


" شككت بذلك أثناء مجيئي لكنني تمنيت أن يكون العكس هو الصحيح وأن تكون شكوكي خاطئة ..."

+


تقدم نحوها بخطوات هادئة قبل أن يهتف بتروي :-

+


" كان لا بد أن أفعل ذلك ... ما كنتِ لتأتي بطريقة أخرى ..."

+


هتفت من بين أسنانها وقد تحولت الصدمة داخلها الى غضب يتفاقم تدريجيا :-

+


" خدعتني ... "

+


" لم تتركِ أمامي خيارا آخرا ...."

+


قالها بجدية لتهمس بثبات :-

+


" أنا لم أكن أريد العودة وأنت لا يحق لك أن تجبرني على ما لا أريد وتخدعني بهذه الطريقة ..."

+


سارعت تحمل حقيبتها وهي تهم بالتوجه خارج القصر مرددة :-

+


" سأعود حالا من حيث آتيت ..."

+


صدح صوته الصارم :-

+


" إلى أين جيلان ..."

+


توقفت مكانها وكفها يقبض على الحقيبة بقوة ليضيف بصرامة لم تعدها منه مسبقا :-

+


 " لا خروج لك من هنا إلا بأمر مني ..."

+


التفتت نحوه تهدر بحدة وعيناها تشعان غضبا :-

+


" أنت لا يحق لك أن تمنعني ..."

+


قاطعها بقوة :-

+


" بل يحق لي ..."

+


صاحت معترضة :-

+


" هل سوف تحبسني في قصرك ...؟!" 

+


رد بإيجاب :-

+


" نعم ، إذا إظطررت سأفعل ذلك ..."

+


أكمل وهو يتقدم نحوها بملامح قوية حازمة  :-

+


" سأفعل أي شيء حتى أعيد عقلك الى رأسك حتى لو إضطررت لأن أعيد تربيتك من أول وجديد ..."

+


ضحكت ... ضحكت بقوة وجنون ...

+


بينما تأملها هو بشفقة تملكت منه في تلك اللحظة ...

+


بدت ضائعة ... 

+


ضحكتها بدت وكأن هناك مس من الجنون أصابها ...

+



        
          

                
توقفت أخيرا عن ضحكاتها فتحولت في ذات اللحظة نظراتها الى أخرى مليئة بالحقد والكره الذي لا يعلم متى باتت تحمله داخله ..

+


هتفت بصوت قاتم كقتامة روحها :-

+


" تأخرت .. تأخرت كثيرا يا عابد بك ...."

+


" كلا ، لم أتأخر ..."

+


صاحت بعصبية :-

+


" بلى فعلت ... أنت تأخرت ... "

+


أكمل بألم ظهر في نبرة صوتها ونظرات عينيها :-

+


" أين كنت عندما عشت سنوات لوحدي ...؟! أين كنت عندما تعرضت للاغتصاب مرتين ...؟! أين كنت عندما تزوجت ولدك مرغمة ...؟! أين كنت عندما إغتصبني ولدك وحملت منه وأنا ما زلت قاصرا ...؟؟ أين كنت عندما خسرت طفلتي غدرا على يد عشيقة ولدك ... ؟! "

+


اختفى الألم وحل محله السواد الذي ملأ روحها كاملا :-

+


" بعد كل هذا تأتي وتقرر تربيتي من جديد ... لماذا ...؟! لإن تصرفاتي لم تعد تعجبك ... لإن ريم هانم اشتكتني لك ...."

+


" وهل ترين تصرفاتك مقبولة حقا يا جيلان ...؟!"

+


سألها بجمود لتصيح :-

+


" ليس من شأنك .. تصرفاتي لا تخصك مثلما كنت طوال عمري لا أخصك أم إنك لا تتذكر ابنة أخيك إلا عندما ترتكب الأخطاء ..."

+


صاح منفعلا :-

+


" ماذا جرى لك ..؟! علام تحاسبيني بالضبط ...؟!"

+


أضاف متنهدا بتعب :-

+


" هل تحاسبيني على كوني لم أكن أراك سوى في المناسبات حيث والدك كان بعيدا عنا دائما وأبعدك أنت بدورك عنا ... ؟! والدك الذي كان يسافر بإستمرار وعندما يعود الى البلاد لا يأتي عندنا الى مرات معدودة وغالبا لا يجلبك معه ..؟!"

+


ظهر القهر في عينيها وهي تتذكر والدها واهماله لها وبقاؤها الدائم في القصر الواسع الضخم لوحدها مع مربيتها والخدم بينما أكمل هو :-

+


" أم تحاسبيني على كونك اخترت أن تبقي تحت وصاية أخيك الذي بدوره لم يسمح لنا برؤيتك ...؟! ألم تختاري أنت عمار ...؟! هل حاولت مرة واحدة أن تتحدثي معي ...؟! هل طالبتني بشيء ما ...؟! هل اشتكيت لي يوما ولم تجديني عندك ...؟! انت اخترت عمار وأنا لم يكن بوسعي سوى الرضا ...."

+


" وزواجي من ولدك وما حدث لي بسبب ذلك ...؟! ألم يكن لك ذنب فيه ..؟!"

+


هتف بأسف :-

+


" بلى ، كان لي ذنب ... لن أنكر هذا ... "

+


" جيد ... وماذا فعلت ..؟! التزمت الصمت وأنت ترى ولدك الأكبر يشتريني والأصغر يغتصبني ... "

+



        
          

                
أضافت ساخرة :-

+


" وبعد كل هذا تأتي وتحاسبني على تصرفاتي ...."

+


" ابنتي أنا لم أكن أريد حدوث كل هذا ..."

+


صاحت بوجع :-

+


" لا تقل ابنتي ... انا لست ابنتك ... لو كانت توليب مكاني ما كنت لتسمح لولديك أن يفعلان بها هذا ...."

+


" جيلان ، افهميني ... أنا أريد إنقاذك ..."

+


صاحت بسخرية :-

+


" كان عليك أن تنقذني من زمن .... لكنك تأخرت.. استوعبت هذا ..."

+


هتف بجدية :-

+


" ماذا تظنين نفسك فاعلة بالضبط ...؟! من تحاولين أن تؤذي بتصرفاتك هذه ...؟! "

+


" لا أريد إيذاء أحد ولا يهمني أحد ... جميعكم لا تهموني ... ولا تعنوني بشيء ..."

+


" لكنك تعنيننا جميعا وتهمينا ..."

+


" توقف عن الكذب ... انت لا تهتم سوى بسمعتك وسمعة العائلة ..."

+


قالتها بجمود ليتنهد بتعب قبل أن يهتف بصدق :-

+


" نعم أنا أخطأت يا جيلان .. أخطأت عندما وافقت على زواجك من مهند .... ولكن جل من لا يخطأ يا ابنتي ... وها أنا أحاول تصليح خطئي في حقك ..."

+


باغتته متسائلة :-

+


" هل حاسبت نفسك ...؟! هل دفعت ثمن أخطاؤك... ؟!"

+


تجهمت ملامحه لتضيف بجدية :-

+


" أنت والبقية ... جميعكم أخطئتم بحقي ... جميعكم ساهمتم بتدميري ..."

+


أكملت بجدية :-

+


" يمكنك أن تحاسبني على أخطائي وأنا بدوري سأتقبل عقابك ولكن بشرط ..."

+


توقفت لوهلة تلتقط أنفاسها قبل أن تقول بعينين لامعتين بدموع حبيسة ترفض الخضوع :-

+


" حاسبهم جميعا ... هاتهم جميعا وحاسبهم ... اخرج إبراهيم الهاشمي من قبره وحاسبه واخرج عمار الخولي من سجنه ... حاسب ولديك راغب ومهند ولا تنسى تقى هانم ... حاسبهم جميعا وحاسب نفسك أيضا ... ليدفع الجميع ثمن أخطاؤه وحينها أعدك إنني سأدفع ثمن أخطائي بدورك وأخضع لعقابك الذي تختاره ..."

+


هتف بهدوء :-

+


" أنا لا أريد معاقبتك يا جيلان .... أنا أريد مساعدتك ..."

+


ضحكت ساخرة رغم الألم المرير قبل أن تقول بجمود احتل كيانها كاملا :-

+


" فات الآوان ... فات منذ زمن بعيد ...."

1



        
          

                
أشار لها بوجوم مقررا انهاء هذا الحوار الثقيل على روحه :-

+


" جناحي جاهز ... يمكنك الصعود اليه ..."

+


منحته نظرة ساخرة وهي تخبره :-

+


" لن تفلح في ذلك صدقني ..."

+


ثم تحركت بذقن مرفوع الى الداخل مقررة الصعود الى جناحها حالا فهي تشعر بإرهاق شديد بعد هذه المواجهة المنهكة وتحتاج أن ترتاح بشدة ...

+


****************

+


وأخيرا عادت الى البلاد ....

+


هكذا فكرت ليلى وهي تهبط من الطائرة الخاصة يجاورها كنان وشعور العودة الى البلاد كان مختلفا عما توقعت ...

+


دفء غريب اجتاحها ما إن خطت أولى خطواتها خارج الطائرة ولفحتها نسمات الهواء ...!

+


شعرت بكف كنان تقبض على كفها فابتسمت له وهي تتجه معه الى المطار لانهاء الاجرائات المطلوبة  قبل المغادرة ...

+


ركبت بعدها السيارة الخاصة التي أتت لاستقباله وجاورها هو في الخلف ليتجه السائق بهما نحو منزلها أولا ...

+


كانت قد أخبرت عائلتها مساء البارحة بقدومها ورفضت أن يأتي أيا منهم لاستقبالها وشددت على ذلك ...

+


وصلت أخيرًا الى الفيلا لتلتفت نحوه وهي تبتسم له بهدوء فيقبض على كفها ويرفعه نحو فمه يقبله وهو يتمتم :-

+


" سأتركك اليوم مع عائلتك ولكن سنلتقي غدا لنتحدث في أمور الزواج ..."

+


" حسنا ..."

+


قالتها بخجل لا ارادي قبل أن تتحرك خارج السيارة بعدما فتح السائق لها الباب بينما سارع حارس الفيلا يرحب بها وهو يأخذ حقائبها لتحييه بمودة ثم تشير الى كنان ملوحة بيدها قبل أن تتحرك الى الداخل ..

+


قبل أن تصل ليلى الى الباب كانت والدتها تفتح الباب وتندفع نحوها تعانقها بلهفة بادلتها ليلى إياها بينما فاتن تهمس بخفوت :-

+


" اشتقت لك كثيرا ... الحمد لله إنك عدت .."

+


كانت ليلى تعلم إن والدتها تريد عودتها حتى لو لم تخبرها بذلك صراحة كي لا تضغط عليها وهي بدورها لا تنكر إنها كانت تريد العودة فهي اشتاقت لعائلتها وخاصة والدتها التي لم تغب عنها مسبقا لمدة طويلة كهذه ...

+


ابتعدت عنها أخيرا لتجد والدها يبتسم فتسارع وتعانقه باشتياق ليقبلها من رأسها وهو يتمتم بفرحة :-

+


" الحمد لله على سلامتك يا صغيرتي ...."

+


دلفت مع والديها الى الداخل لتجد مريم تهبط درجات السلم بحذر بينما عبد الرحمن يسبقها بسرعة راكضا نحو ليلى وهو يصيح بسعادة :-

+



        
          

                
" لي لي ..."

+


تلقفته ليلى بسرعة بين أحضانه وهي تهتف بحب :-

+


" روحي .... "

+


ثم أخذت تقبله بشوق بينما أحمد يبتسم وهو يرى مدى حب عبد الرحمن لليلى رغم غيابها عنه لعام ومدى تعلق ليلى به ...

+


تقدمت مريم بتردد نحو شقيقتها عندما رفعت ليلى وجهها نحوها لتجد التردد صريحا في عينيها ...

+


تردد سرعان ما أزاحته جانبا وهي تتجه نحوها وتعانقها بشوق شديد ...

+


اضطرت ليلى أن تتجاوب فرغم غضبها منها لكنها اشتاقت لها حقا ...

+


في النهاية مريم ليست مجرد شقيقتها بل هي قطعة من روحها ...

+


ما فعلته كان صعبا ...

+


لقد خذلتها ...

+


طعنتها بسكين الغدر ... 

+


ولكنها تبقى شقيقتها ...!

+


" كيف حالك ...؟!"

+


سألتها ليلى بهدوء لتهتف مريم بعينين دامعتين :-

+


" اشتقت اليك كثيرا يا ليلى ...."

1


ربتت ليلى على ذراعها بينما أشارت لها فاتن أن تتقدم الى صالة الجلوس لتقبض على كف عبد الرحمن وتسير معه يتبعها البقية عندما أشارت فاتن الى الخادمة أن تطلب من مربية الصغير مصطفى أن تأتي به لتراه ليلى هو الآخر ...

+


***************

+


أخذت ليلى تلاعب مصطفى بحب وهي تقبله من وجنتيها كل دقيقة لتتجهم ملامح عبد الرحمن وهو يجذبها من قميصها فتنظر له لترى الغيرة واضحة في عينيه ...

+


ابتسمت وهي تضع الصغير بين أحضانها بينما تجذب عبد الرحمن نحوها وتميل اتجاهه تقبله بحب وهي تخبره :-

+


" جلبت لك الكثير من الألعاب ..."

+


صاح وعيناه تشعان بحماس :-

+


" حقا ...؟!"

+


ضحكت ليلى وهي تعبث بشعره الأشقر :-

+


" حقا ..."

+


ثم نهضت من مكانها وهي تخبره :-

+


" تعال معي لأريك الهدايا ..."

+


أشارت فاتن نحو مصطفى القابع بين أحضانها :-

+


" هاتيه ..."

+


منحتها ليلى الصغير الذي تقدم نحو والدتها بلهفة فابتسمت لا إراديا قبل أن تتحرك بعبد الرحمن حيث غرفتها بعدما وضع الحارس الحقائب هناك...

+



        
          

                
فتحت الحقيبة الخاصة بالهدايا وأخرجت مجموعة الألعاب التي اشترتها له فأخذ يقفز ويصيح فرحا ...

+


أتت المربية بعدها وأخذت الصغير مع ألعابه تتبعها فاتن التي أشارت لها :-

+


" بالتأكيد تحتاجين الى النوم بعد هذه الرحلة الطويلة ..."

+


" سآخذ حماما أولا ..."

+


قالتها ليلى بجدية ثم اتجهت تأخذ حماما قبل أن تخرج بعدها فتجد والدتها تنتظرها على السرير لتتقدم بسرعة نحوها وتندس داخل احضانها بخصلات شعرها المبللة  وهي ترتدي روب الاستحمام فتعانقها والدتها بلهفة لتهمس ليلى بصدق :-

+


" اشتقت لك كثيرا ..."

+


" ليس بقدري ..."

+


قالتها فاتن وهي تقبل رأسها لتبتعد ليلى عنها قليلا وهي تتسائل :-

+


" أرى إن علاقتك بعبد الرحمن ومصطفى رائعة ..؟؟"

+


ابتسمت فاتن بحنو مرددة :-

+


" تعلقت بهما كثيرا يا ليلى وهما كذلك ..."

+


" فطرتك الحانية انتصرت كالعادة ..."

+


قالتها ليلى مبتسمة لتهتف فاتن بصدق :-

+


" انا راضية عن ذلك.. لا ذنب لهما في كل ما حدث ... يكفي إن والدتهما تخلت عنهما ... لا بأس أن أعوضهما ولو قليلا ..."

+


 " قليلا ..."

+


قالتها ليلى ضاحكة وهي تضيف :-

+


" على العكس يا ماما ... أنت ستعوضينهما عن كل شيء ... سوف تمنحينهما ما لم تكن والدتهما حتى قادرة أن تمنحهما إياه ...."

+


ابتسمت فاتن دون رد بينما سألتها ليلى مجددا :-

+


" ماذا عن بابا ..؟؟ كيف تسير علاقتكما ..؟!"

+


هزت فاتن كتفيها تجيب ببساطة :-

+


" عادي ... لا يوجد شيء مهم ... الاحترام يسود علاقتنا ليس إلا ..."

+


فهمت ليلى إن والدتها لم تغفر لوالدها بعد وما زال زواجهما قائم شكليا فقط وهي لا تلومها على ذلك لتهتف فاتن بضيق :-

+


" ولكن مريم ما زالت ترفض الصغيرين .. "

+


تجهمت ملامح ليلى بصمت بينما أكملت :-

+


" أحيانا تحسن من إسلوبها معهما ولكن هذا لا يدوم طويلا ..."

+


قالت ليلى بجدية :-

+



        
          

                
" لا تسمحي لها بمضايقتهما ..."

+


" انا لا أسمح لها بالطبع ولكن الوضع هذا لا يعجبني ... عليها أن تتقبلهما وتستوعب إنهما أخويها ولا ذنب لهما بأفعال والدتهما ..."

+


تنهدت ليلى ثم قالت :-

+


" لا تقلقي ... سيأتي يوم وتستوعب هذا ...."

+


" ان شاءالله ..."

+


قالتها فاتن بتمني قبل أن تخبر ليلى :-

+


" نامي انت وارتاحي حتى وقت العشاء ..."

+


" حسنا ..."

+


قالتها ليلى قبل أن تنهض من مكانها لارتداء قميص نوم كي تخلد الى النوم حتى المساء ...

+


**************

+


مساءا ...

+


في قصر آل هاشمي ...

+


وقفت جيلان أمام المرآة تضع اللمسات الأخيرة من مستحضرات التجميل على وجهها ...

+


أخذت بعدها تتأمل ملابسها المكونة من شورت قصير بالكاد يغطي ربع فخذيها ترتدي فوقه تيشرت بحمالات رفيعة يظهر عنقها وبداية نحرها بسخاء ....

+


شعرها الطويل تركته مموجا على جانبي وجهها بينما وضعت عطرا قويا شديد الجاذبية ...

+


بدت متفجرة الجمال والأنوثة ولم يتبقَ سوى أن ترتدي كعبها العالي وتخرج ...

+


أراد عابد الهاشمي بقائها هنا ... هنيئا له بقراره الذي عليه أن يتحمل تبعاته ....

+


تحركت بثقة خارج الجناح وهبطت الى الطابق السفلي وهناك وجدت زهرة تتحرك بتوتر وهمسة تمنح الخادمات بعض التعليمات حتى تصنمت كلتاهما أمامها لتهمس همسة بعدم استيعاب :-

+


" جيلان ... "

+


بينما سارت زهرة بنظرتها من رأسها حتى أخمص قدميها تحاول أن تستوعب ما تراه عندما تقدمت جيلان بخطواتها الرشيقة وهي تبتسم باتساع :-

+


" مرحبا جميعا ..."

+


ثم مالت نحوها زهرة تحتضنها وتقبلها من وجنتيها بينما بالكاد استفاقت زهرة من صدمتها وردت تحيتها بشحوب ...

+


اتجهت بعدها نحو همسة تحييها لتبتسم همسة بوداعة وهي ترد تحيتها قبل أن تسأله برقة :-

+


" الحمد لله على سلامتك يا جيلان ..."

+


" شكرا يا همسة ..."

+



        
          

                
قالتها وهي ما زالت تبتسم ثم سألت :-

+


" هل تجهزان لدعوة ما ...؟!"

+


أجابت همسة مبتسمة :-

+


" اليوم خطبة توليب .. يعني العريس سيأتي مع عائلتها ليتقدم رسميا لها ..."

+


" هذا رائع ..."

+


قالتها بحماس مفتعل وهي تضيف :-

+


" من الجيد إنني وصلت اليوم إذا  ..."

+


في نفس اللحظة دلف فيصل الى الداخل ليتوقف مكانه مصدوما لوهلة مما يراه فتبتسم جيلان لها وهي تهمس :-

+


" كيف حالك يا فيصل ...؟!"

+


" يا الهي ... ما هذا ...؟!"

+


قالها فيصل مبهورا بينما تقدمت هالة وهي تصيح عليه بغيظ عندما توقفت مكانها هي الأخرى  لوهلة تنظر الى جيلان بملامح باهتة قبل أن تهمس بصدمة :-

+


" جيلان ...."

+


" نعم جيلان ... ما كل هذه الصدمة ..؟! هل تغيرت الى هذا الحد ...؟!"

+


" وتسألين أيضا ...؟!"

+


قالها فيصل ساخرا قبل أن يتقدم نحوها مبتسما وهو يردد :-

+


" الحمد لله على سلامتك يا صغيرة ..."

+


ثم ضرب على جبينه مرددا بمزاح :-

+


" أي صغيرة ... أقصد يا فاتنة .. يا مغوية ... يا جميلة ..."

+


ضحكت بنعومة بينما همست زهرة لهمسة :-

+


" ماذا سنفعل يا همسة ..؟! عابد لن يقبل بما ترتديه ولا حتى راغب ..."

+


" لا أعلم يا خالتي ..."

+


قالت زهرة وهي تتأمل هالة التي تقدمت نحو جيلان وتحييها :-

+


" تصرفي ... "

+


قالت همسة بتردد :-

+


" لا يمكنني فعل شيء ...."

+


تحركت جيلان بعدها مرددة :-

+


" سأخرج الى الحديقة قليلا ...."

+


ما إن أنهت جملتها حتى دلف راجي الى الداخل بملامح مرهقة مرددا :-

+


" مساء الخير ..."

+


رد الجميع تحيته بينما هتف فيصل بحماس :-

+


" جيلان عادت يا راجي ..."

+



        
          

                
ابتسم راجي بوهن وهو يحييها غيرمنتبها للتغير الذي طرأ عليها بينما راقبت زهرة ما يحدث بعدم رضا عندما تحركت جيلان خارجا يتبعها فيصل الذي أخذ يتحدث معها بينما زهرة تهمس من بين أسنانه :-

1


" وهذا الأحمق سيفضحنا بما يفعله ...."

+


قالت هالة بجدية :-

+


" عمي عابد لن يعجبه ما سيراه ..."

+


هتفت زهرة بضيق :-

+


" وما ذنبي أنا ...؟! كان عليه أن يفكر جيدا قبل أن يجلبها بتلك الطريقة ..."

+


سأل راجي وقد انتبه أخيرا للتوتر الذي يملأ المكان :-

+


" ماذا هناك ..؟! ماذا يحدث ..."

+


" خالتي اهدئي..."

+


قالتها همسة بجدية بينما هتفت زهرة بعصبية :-

+


" جيلان لن تمرر هذه الليلة على خير وعابد السبب في هذا ..."

+


ثم تحركت خارج المكان تاركة الثلاثة يتابعون آثرها بدهشة وحيرة فهم لا يفهمون ما يحدث بالضبط ...

+


**************

+


وقف فيصل بجانب جيلان يسألها بجدية :-

+


" إذا ما كل هذا التغيير المفاجئ ...؟!"

+


ردت ببرود :-

+


" تغيير عادي جدا ..."

+


هتف فيصل ساخرا :-

+


" كل هذا وتغيير عادي ...."

+


مطت شفتيها وهي تهمس بغرور :-

+


" هذا لا شيء أساسا ...."

+


تأملها مجددا ولكن بغموض أزعجها ليتسائل فجأة :-

+


" هل أنت سعيدة في حياتك الجديدة إذا ..؟!"

+


رمقته ببرود ثم قالت :-

+


" جدا .. "

+


هم بقول شيء عندما وجد مهند يركن سيارته في كراج القصر ليهمس بسخرية :-

+


" ها قد اكتمل النصاب أخيرا ..."

+


تأملت جيلان مهند وهو يهبط من سيارته ولم يغب عنها التغيير البسيط الذي طرأ عليه  حيث قص خصلات شعره الطويلة قليلا وشذب لحيته ....

+


كان يرتدي ملابسا عملية مكونة من بنطال جينز كلاسيكي فوقه قميصه أبيض ويحمل بأطراف أصابعه سترة سوداء ...

+



        
          

                
تقدم فيصل مرددا بحماس يشع من عينيه :-

+


" وأخيرا أتيت يا رجل ..."

+


تقدم مهند عدة خطوات قبل أن يتوقف مكانه وهو يتأمل تلك التي تقف على مسافة منه تتأمله بنظرات ثابتة قوية بدت للحظة وكأنها تفترسه بنظراتها ..

+


" لا يمكن ..."

+


همس بها لنفسه وهو يتأملها بعدم استيعاب ....


+


تسائل مهند وهو ينظر اتجاهها ببلاهة :-

+


" من هذه ...؟!"

+


كتم فيصل ضحكته وهو يجيبه :-

+


" جيلان ، ابنة عمك ..."

+


هتف مهند مصعوقا بحق مما يراه :-

+


" قل غيرها يا رجل ..."

+


ابتلع ريقه وهو يتأمل تفاصيلها الأنثوية المثيرة باعجاب :-

+


" جيلان باتت صاروخ يا هذا .."

+


ضحك فيصل بصوت عالي فتجهمت ملامح جيلان ليرمقه مهند بنظرات حادة جعله يصمت فورا ...

+


تقدم مهند بتردد نحوها بينما نظراتها كانت مثبتة عليه وهو يسير اتجاهها ...

+


وقف أمامها أخيرًا ليأخذ نفسا قبل أن يسألها وفيصل وراءه :-

+


" كيف حالك يا جيلان ...؟!"

+


ردت ببرود :-

+


" بخير ... "

+


ثم سألت وهي تتأمله باستهانة :-

+


"وماذا عنك ..؟؟ كيف حالك ...؟! "

+


رد بهدوء :-

+


" بخير ..."

+


تمتمت بسخرية خفية :-

+


" واضح جدا ..."

+


تسائل باهتمام :-

+


" غريب أمر عودتك بهذه السرعة ..."

+


هتفت ضاحكة بخفة :- 

+


" نعم غريب جدا ..."

+


عقد حاجبيه متسائلا :-

+


" هل ستبقين هنا أم أتيت في زيارة ...؟!"

+


مالت نحوه تهمس ببرود :-

+


" توقف عن ادعاء الجهل ... "

+


رفع حاجبه بدهشة بينما فيصل يراقب ما يحدث مستمتعا لتضيف ببرود :-

+



        
          

                
" عن إذنكما ... لدي أشياء أهم علي فعلها بدلا من تبادل الأحاديث التي لا معنى لها معكما ..."

+


ثم تحركت بغرور مبتعدة عنهما تاركة مهند يتابعها بذهول مما يراه عندما سمع فيصل يهمس جانبه :-

+


" كنت تخشى عليها إذا وتريد الإطمئنان عليها ... الآن يجب أن تخشى منها لا عليها ..."

+


***********

+


ما إن دلفت الى الداخل حتى وجدت راغب في وجهها عندما رفع حاجبه مرددا بغلظة :-

+


" ما هذا الذي ترتدينه يا جيلان ...؟!"

+


تجاهلت حديثه وهي تتقدم نحوه تخبره بتهكم :-

+


" قل حمد لله على السلامة على الأقل يا ابن عمي ..."

+


سارعت همسة تتجه نحو زوجها الذي تسائل بصرامة :-

+


" ما هذا الذي ترتدينه يا هانم ..؟!"

+


ردت ببرود مستفز وهي تدور بجسدها أمامه :-

+


" شورت .. وتيشرت بحمالات رفيعة ... وحذاء ذو كعب طوله عشرة سنتيمترات ...."

+


كان راجي قد وقف بدوره يتأمل ما يحدث بجبين متغضن وجانبه هالة  التي تتابع ما يحدث بقلق عندما انتفض راغب من مكانه يقبض على ذراعها هادرا بها بحدة :-

+


" غيري هذه المهزلة حالا ...."

+


صاحت بقوة وهي تحاول دفعها :-

+


" لن أغير شيئا ... وأنت لا يحق أن تطلب مني شيئا هكذا ..."

+


" راغب ارجوك..."

+


قالتها همسة بترجي وهي تقبض على ذراعه الآخر بينما صاح راغب وهو يشدد من قبضته على ذراعها العاري :-

+


" هل جننت لتخرجي هكذا أمام الجميع ...؟! هل تريد فضحنا ..؟!"

+


" انا حرة ..."

+


قالتها وهي تناظره بتحدي ليصيح بقوة :-

+


" كلا لست حرة ... "

+


سألته بسخرية مقصودة :-

+


" ماذا ستفعل مثلا ...؟! هل ستخلع ملابسي عني إجبارا ..؟!"

+


شهقت همسة لا اراديا من وقاحتها ليهتف راغب من بين أسنانه :-

+


" وقحة ...سفيهة وعديمة الحياء ..."

+


ثم أضاف بوعيد :-

+


" كلا لن أفعل ذلك لكن سوف أحبسك في جناحك غصبا عنك ..."

+



        
          

                
ثم سحبها بقوة رغم مقاومتها وصراخها ليجرها رغما عنها الى الطابق العلوي حيث جناحها عندما خرج عابد مسرعا من جناحه تتبعه زهرة وكذلك توليب ليصيح عابد متسائلا :-

+


"ماذا يحدث يا راغب ..؟!"

+


صاح راغب وهو يسحب جيلان جانبها :-

+


" ما يحدث إن ابنة شقيقك قليلة تربية وأنا سأربيها ..."

+


صاحت وهي تحاول دفعه :-

+


" ابتعد عني أيها الحقير .. لم يبقَ سواك ليربيني ..."

+


اشتعلت عينا راغب بقوة عندما قبض على شعرها يهدر بها :-

+


" اقسم لك برحمة والدك الذي هو عمي بأنه لا أحدٍ سيربيكِ غيري ...."

+


" راغب اتركها ...."

+


قالها عابد وهو يتجه نحوها ويسحبها من قبضته ليهتف راغب بغضب :-

+


" هذه تحتاج لمن يعيد تربيتها من جديد ..."

+


" لا شأن لك بها ...."

+


قالها عابد بصرامة ليهتف راغب بسخرية :-

+


" حسنا لا شأن لي بها ولكن عليك أن تعلم إنها ستخرج بملابس العاهرات هذه أمام الجميع ..."

+


صاحت زهرة باسم ولدها تنهره بقوة ليهتف راغب بثبات :-

+


" لم أقل شيئا خاطئا ..."

+


قال عابد محاولا احتواء الموقف :-

+


" جيلان ستغير ملابسها وترتدي شيئا مناسبا ..."

+


ابتعدت حيلته عنه تصيح به :-

+


" كلا لن أغيرها ولن أفعل ما تريدون ... أنا حرة فيما أرتديه وطالما جلبتني الى هنا فعليك أن تتقبلني كما أنا وإلا دعني أغادر ..."

+


صاح عابد :-

+


" هل تلوين ذراعي يا جيلان ...؟!"

+


" نعم أفعل .. إما أن تتركني أغادر حالا أو سأبقى كما أنا بملابسي المخجلة ..."

+


أضافت ساخرة وهي تنظر الى توليب الشاحبة :-

+


" وتحمل حينها الفضيحة التي ستحدث أمام خطيب ابنتك المبجلة ..."

+


" يبدو إن راغب معه حق ..."

+


قالها وهو يتقدم نحوها جاذبا إياها من ذراعها لتصرخ برفض تجاهله وهو يتجه بها نحو اول جناح وجده أمامه والذي كان جناحه عندما دفعها الى الداخل متجاهلا صياحها ومحاولاتها لمنعه قبل أن يغلق الباب عليها ...

+



        
          

                
في نفس اللحظة صعد كلا من مهند وفيصل سريعا بعدما سمعا صوت صباح جيلان ما إن وطأت أقدامهما داخل القصر ...

+


" ماذا يحدث هنا ..؟!"

+


قالها مهند وهو يتقدم نحو الجميع ليجد والده يغلق باب الجناح بالمفتاح بينما صوت صياح جيلان يعلو اكثر وهي تضرب على الباب بيديها طالبة منه ألا يحبسها ...

+


" هذه الفتاة قليلة أدب وتحتاج الى تربية ..."

+


قالها راغب ببرود ليمنحه مهند نظرات محتقنة قبل أن يتقدم نحو والده يخبره بجدية :-

+


" لا يمكنك أن تحبسها ..."

+


حاول والده إبعاده وهو يخبره :-

+


" لا تتدخل فيما لا يعنيك ...."

+


لكن مهند أصر على موقفه وهو يخبره بثبات وقوة :-

+


" بلى سأتدخل ...."

+


أكمل وهو يمد كفه نحوه :-

+


" هات المفتاح ...."

+


" جيلان لن تخرج من هنا حتى تدرك خطأها وتعتذر ..."

+


" ما تفعله ليس صحيحا يا أبي..."

+


قالها مهند بجدية بينما صاح راغب به :-

+


" دع والدك يتصرف بالشكل الذي يراه صحيحا يا مهند ..."

+


التفت مهند نحوه يهدر به :-

+


" لا تتدخل انت يا راغب ... يوما ما كنت تعتقد إنك تتصرف بالشكل الصحيح ورأينا ماحدث ..."

+


اشتعلت عينا راغب بقوة بينما كرر مهند طلبه :-

+


" هات المفتاح من فضلك ..."

+


" وإذا لم أفعل ....؟!"

+


سأله عابد بجمود ليرد مهند بنفاذ صبر :-

+


" لا تلمني حينها على ما سأفعله ...."

+


" هل تهددني يا ولد ....؟!"

+


قالها عابد بعدم تصديق بينما هتفت زهرة برجاء :-

+


" عابد ، مهند .. يكفي ارجوكما ..."

+


" ارجوكم انتم ... اتركوها وشأنها ...."

+


قالها مهند بأنفاس غاضبة قبل أن يضيف :-

+


" ما تفعلونه ليس حلا ..."

+


توقف وهو يستمع الى صوت صياحها بينما تضرب على الباب حتى شعر إنها ستفقد صوتها من شدة الصياح ليهدر بقوة :-

+


" انا لا يمكنني السكوت عن هذا اكثر..."

+


تراجعت توليب بعينين دامعتين الى الخلف بينما هالة تقبض على كفها تؤازرها ....

+


ركض فيصل خلف مهند بينما تقدم راجي نحو والده يخبره بتروي :

+


" مهند معه حق يا بابا ...."

+


لم يجبه عابد بينما توقفت جيلان عن الصياح لتهمس زهرة بخفوت :-

+


" عابد ..  الفتاة توقفت عن الصياح ... ربما أصابها مكروه ..."

+


لحظات وتقدم مهند وهو يحمل مطرقة حديدية ضخمة للغاية بينما فيصل يركض خلفه وهو يردد :-

+


" ماذا تفعل أيها المجنون ..؟!"

+


اتسعت عينا راجي بعدم استيعاب بينما وقف مهند في المنتصف يشير الى الجميع :-

+


" ابتعدوا جميعا ... "

+


أكمل وهو يناظر ولده بتحدي :-

+


" اعذرني ولكنني مضطر لذلك ... لم تترك لي حلا آخر ..."

+


" لقد جن هذا الولد ...."

+


قالها راغب بعدم تصديق بينما اتسعت ابتسامة هالة وهي تهمس بحماس :-

+


" برافو عليك يا مهند .... "

+


وقف فيصل يتابع ما يحدث بحماس هو الآخر وقد أعجبه الموقف بينما توليب مذعورة وزهرة ترجو عابد بهمساتها أن يمنحه المفتاح ...

+


حمل مهند المطرقة وهو يصيح بجيلان :-

+


" ابتعدي عن الباب لإنني سأكسرها ..."

+


وعندما لم يسمع جوابا منها قال :-

+


" هل تسمعيني يا جيلان ..."

+


خرج صوتها ضعيفا مشحونا :-

+


" سأبتعد ... فقط أخرجني .. ارجوك يا مهند ... " 

+


" سأخرجك يا جيلان ..."

+


قالها بعزيمة قبل أن يضرب باب الجناح بالمطرقة بكل قوته ليتابع راغب ما يحدث مذهولا قبل أن يتجه ببصره نحو والده ليجده واقفا يتابع ما يحدث بعينين هادئتين خاليتين من الغضب المعتاد قبل أن يلتفت والده نحوه فيمنحه نظرات فهمها راغب على الفور ...

2


ضربة .. ثانية .. ثالثة ...

+


بدأ الباب يتحطم ...

+


هم مهند أن يضرب الضربة الرابعة عندما أوقفه صوت والده وهو يخبره بصرامة :-

+


" خذ المفتاح يا مهند ..."

+


ليتجمد مكانه لوهلة قبل أن يستدير نحو والده محاولا التأكد مما سمعه عندما وجده حاملا المفتاح أمام عينيه وابتسامة هادئة تعلو ثغره قبل أن يلقي المفتاح اتجاهه فيتلقفه مهند بلهفة ...


1


انتهى الفصل 

+



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close