اخر الروايات

رواية مذكرات حائر الفصل السادس 6 بقلم هالة الشاعر

رواية مذكرات حائر الفصل السادس 6 بقلم هالة الشاعر 

الحلقه السادسه
" جراح المـــــــاضي "
استيقظت سارا وقال السيد شاكر لها " عمك شهاب وطنط نور اتصلوا وعزموكي علي الغدا وبعد نص ساعة احمد هيعدي يخدك , أجهزي يالا " كانت سارا مشعه المنظر والهيئة وتنظر لوالدها بعين مفتوحة والأخرى لم تستيقظ بعد , نظرت الي نفسها في المرآة وصرخت وهي تركض نحو الحمام " مش هلحق اخلص في نص ساعــــــة !! " أخذت حمام سريع وسرحت شعرها الأشعث وأخذت تصرخ بأمل وايه " مش عارفه البس إيه ! البس إيه !!! " , دخلت الأختان وساعدوا سارا علي اختيار طقم مناسب , قالت ايه " لازم بكره ننزل نجيب ليكي كام طقم " ردت بسرعة " اكيد اكيد " انتهت من لف الطرحة وصلت الظهر ووجدت هاتفها يرن واسم احمد علي الشاشة " جاهزة يا سارا " " خمس دقايق بالظبط " أكملت زينتها وارتدت حذائها وجرت الي الأسفل صارخة بأمها " سلاااام يا مامااا "
وقفت ايه مشدوهة وضربت كف بالآخر وقالت لوالدها " دي سارا اتهبلت خلاص " ضحك الوالد والوالدة كثيرا .
نزلت سارا الي الأسفل بسرعة وحالما خرجت من العمارة وجدت احمد وعبد الرحمن ينتظروها أمام السيارة توجهت نحو احمد وقالت " السلام عليكم " " وعليكم السلام أزيك يا سارا " " الحمد لله " كانت البسمة لا تفارقهم . رفعت يدها ولوحت بمرح " أزيك يا أبيه " الحمد لله أزيك يا سارا " الحمد لله " , تحسس احمد طريقه وفتح لها باب السيارة كي تصعد شكرته وصعدت , ثم تلمس طريقه وجلس الي جانب عبد الرحمن مره أخري .
انطلق عبد الرحمن بهم وقال احمد لها وهو يحاول الالتفات لها " عامله إيه يا سارا " " الحمد لله " " نمتي كويس " " اها " " ها تجربي أكل ماما انهارده ولا تحبي نتغدي برا " , ترددت قليلا ثم قالت " لا مفيش داعي نتغدي برا " .
وصلت السيارة الي مدخل كبير ودلفت منه الي حديقة جميله أوقف عبد الرحمن السيارة في الحديقة ونزل احمد وفتح لها الباب وامسك يدها أثناء نزولها من السيارة وظل ممسكا بها , غاص عبد الرحمن بالسيارة , وتأملت هي الحديقة الجميلة حيث يوجد مكان كبير مغطي وأسفله طاوله طعام وأرجوحة كبيره علي شكل كنبه وباقي الحديقة مزروعة بورود جميله , قال لها احمد " أهلا بيكي في بيتك " ابتسمت سارا وقالت له " الحديقة جميله أوي يا احمد " اقترب منها وقال " حبتيها ؟ " " أوي أوي " " يا بختها " عاد عبد الرحمن ووجدهم لازالوا بنفس المكان " انتو لسه واقفين هنا بابا مستنيكوا جوا " , واتجه ثلاثتهم نحو المظلة حيث السيد شهاب والسيدة نور .
رحب السيد شهاب كثيرا بسارا وكذلك والده احمد وقدمت لهم العصير وجلس احمد الي جوار سارا وظل ممسكا بيدها رافض كل المحاولات لتركها " نورتينا يا سارا " ابتسمت بخجل " ده نور حضرتك يا عمي " وبعد ان تحدثوا الي بعض الوقت جاء حسام ومحمد من الأعلى وهتف محمد " العروسة بنفسها هنا " ورحب حسام بها وبعد قليل استأذنت السيدة نور لتحضير الطعام .
جلست سارا قليلا معهم ثم همست الي احمد " ممكن أروح لطنط " " عاوزة حاجه ؟ " " لا بس كنت عاوزة أساعدها " " مفيش داعي تتعبي نفسك " " لا مفيش تعب انا هبقي مرتاحة كده " ابتسم احمد لها " ماشي بس ما تتأخريش " " بس انا مش عارفه المكان أروح ازاي " ضحك احمد لبرأتها في الكلام , " عبد الرحمن ممكن تاخد سارا لماما عشان عاوزة تساعدها " وقفت سارا وقال السيد شهاب " متتعبيش نفسك يا سارا " " لا أبدا يا عمي مفيش تعب ولا حاجه " وسارت بهدوء مع عبد الرحمن .
قال حسام بمرارة " مشاء الله علي مراتك يا احمد , اعرف واحده عمرها ما فكرت تساعد ماما ولما كانت بتجيب شبكتها كان هاين عليها تشيل الحيطان وهي ماشيه " " ان شاء الله هتلاقي بنت الحلال يا حسام " قالها السيد شهاب ثم ربت علي يد احمد " ها يا احمد عامل ايه الوقتي ؟ " امسك بيد والده وقبلها وقال بغبطة " الحمد لله يا بابا ربنا ما يحرمني منك أبدا " .
أشار عبد الرحمن الي سارا بأن تتقدمه وصعدت عده سلالم ودخلت العمارة وفتح لها المصعد كي تدخل عضت شفتاها وسالت " هو الدور بعيد " ضحك عبد الرحمن " لاء الدور الأول " " طب ممكن نطلع أحسن من غير البتاع ده " " أتفضلي " أشار نحو السلم وأغلق باب المصعد , " عشان كده كنتي ماسكه قلبك اول يوم في الشغل " " حضرتك شوفتني ! " هز رأسه " انا كنت راكب معاكي بس أنتي مخدتيش بالك مني " , وحدث نفسه بآسي " عمرك ما خدتي بالك مني يا سارا " .
وصلوا وفتح بابا الشقة وأشار لها بالدخول , شعرت بحرج شديد ولم ترغب في التقدم بالشقة أكثر " ممكن تقول لطنط الأول إن أنا هنا " , تأملها قليلا دون أن يعي كلما تحدث معها او رآها ازداد إعجابه بها أكثر وأكثر .
" أبيه حضرتك كويس؟ " " هاا " أشاح بنظره بعيدا وقال لها " معلش يا سارا أصل في موضوع شاغل بالي , بوصي ده الصالون ودي السفرة وده الأنترية و وراه المطبخ والدور اللي فوق كله نوم , انا هبلغ ماما " ودخل الي والدته المطبخ وقال لها هامسا " ماما سارا هنا عاوزة تساعدك " " هي فين ؟ " وبحثت بعينها " واقفة برا مش راضيه تدخل إلا لما حضرتك تعرفي " .
رفعت حاجبها وزمت شفتاها ثم خرجت لها " أهلا يا سارا مفيش لزوم تتعبي نفسك يا حبيبتي " " لا أبدا ولا تعب ولا حاجه يا طنط " , استأذن عبد الرحمن " طيب بعد اذنكوا انا طالع فوق لو احتجتوا حاجه اندهولي " وصعد راكضا وذهب الي الحمام لكي يغسل وجهه ويفكر بحل للمشكلة التي أوقعه الزمن بها , لابد وان يذهب بعيدا عن هنا كي لا يراها أمامه طوال الوقت هكذا قرر .
وقفت سارا في المطبخ مع السيدة نور والخادمة تعد الأطباق , نظرت سارا حولها وجدت أن كل شيء معد " تحبي اعمل مع حضرتك إيه يا طنط " " لو مصممه حاجه السلطة هناك ", علي الفور بدأت سارا بإعداد السلطة وتقطيع مكوناتها ولكن السيدة نور وجدتها فرصه مناسبة أكثر للحديث " سارا كفاية كده يا حبيبتي وفاطمة هتكملها , تعالي نتكلم برا شويا " امتثلت سارا لأوامرها وغسلت يدها وجففتها وتبعتها للخارج .
جلست السيدة نور وهي تضع قدم فوق الأخرى وجلست سارا الي قبالتها وهي تشعر بتوتر شديد لتغير ملامح السيدة نور " سارا أنتي كنتي متجوزة قبل كده " توترت سارا كثيرا وغاص قلبها بصدرها وهزت رأسها موافقة , " متفهمنيش غلط بس انا عاوزة اطمأن علي احمد ويهمني اعرف انفصلتي ليه عشان نتجنب أي مشاكل في المستقبل " .
ازدردت لعابها وشعرت بحنق شديد وشعور غمرها بأن سعادتها مع احمد ولت وانتهت , أغمضت عيناها ولم تعرف من اين تبدأ .
" مش عارفه أقول لحضرتك ايه مش عارفه ابدأ منين ؟ " " قدامنا وقت كبير يا ريت تبدأي من الأول خالص يا سارا " ازدردت لعابها وجمعت شجاعتها :
" من 3 سنين مامه " علي " زوجي السابق شافتني كنت فأول سنه رابعة من الكلية وهي أعجبت بيا وبعدها بفترة جه هو ومامتو وطلبوا ايدي , كانت أول مره ليا عمري ما أعدت مع حد او أتعرفت علي ولد قبل كده , ومكنتش فاهمه أي حاجه خطبني وبعدها بأسبوعين سافر سنه علي ما اخلص دراستي ورجع تاني علي معاد الفرح , مكنش بيتصل بيا او بيتكلم معايا وف نفس الوقت والدته كانت بتتصل بيا كل يوم تطمن عليا وتفهمني قد إيه ظروف الاتصال هناك صعبه " وصدرت عنها ضحكه سخريه رغم عنها " رغم أني لما روحت هناك عرفت ان مفيش أي مشاكل في الاتصال , وبعدها بكام شهر بدأ يكلمني كل فتره يطمن عليا ويقفل وانا طبعا كنت فاكره ان ده قمة الحب .
بعد ما أتجوزنا بأسبوع واحد بس عرفت قد إيه أنا عاديه بالنسبة ليه , وانو مش خجول أوي زي ما كنت فاكره او كتوم بالعكس ده مرح مع الناس كلها إلا أنا مكنش بيتكلم معايا إلا في أضيق الحدود وسافر بعد الفرح بشهر , وبعدها بكام شهر بضغط من والدته سافرت الإمارات .
طول اليوم شغل وبالليل مع أصحابه كان ممكن نعد بالأسبوع منتكلمش نهائي وبدون أي سبب وعلي أتفه الأسباب بنتخانق وحاولت معاه بكل الطرق أني أشده ليا لكن مكنش ممكن أبدا " , " ليه يا سارا ؟ " سالت السيدة نور . " لأنه كان بيحب واحده من أيام الجامعة وهي سابته واتجوزت بس هو فضل يحبها واتجوزني بس تحت ضغط والدته , طبعا معرفتش ده غير في الأخر شوفت كلامهم مع بعض بالصدفة كنت عشت معاه تقريبا سنتين وملقتش أي تغير بالعكس كل يوم كان بيبعد فيه اكتر من اللي قبله ولما شوفت الحوار اللي بنهم معرفتش اعمل ايه مكلمتوش ولا عرفته بس طلبت منه ينزلني مصر , مكنتش قادرة اعد معاه خلاص اكتر من كده ولما نزلت مصر بعدها بأسبوع اتصل بيا وبدون أي مقدمات طلقني وقالي ورقتك هتوصلك في أسرع وقت ".
ثم أردفت بمرارة " طبعا هو عمل كده عشان كان متفق مع حبيبته انو هيسبني ويرجع لها وهي كمان تسيب جوزها " , لم تعد دموع سارا تستطيع الصمود وسقطت بهدوء .
" ومحملتيش خالص في المدة دي ؟ " قالت سارا بمرارة " لا حملت تلات مرات بس كلهم نزلوا قبل الشهر التاني ما يخلص " " وإيه السبب ؟ " " إرهاق , زعل , وسعات من غير سبب " " واحمد يا سارا " ابتسمت سارا من بين دموعها " احمد أول واحد يقولي انو بيحبني , حتي لما كنت بطلب من علي انو يقولي بحبك كان بيتهرب مني وعمره ما قالها ليا " . " يعني أنتي بتحبيه بجد ؟! " " عمري ما كنت مبسوطة زي ما انا ببقي مبسوطة وأنا معاه , بحس أني واحده تانيه عمري ما شوفتها قبل كدة " .
اقتربت السيدة نور من سارا كثيرا وأمسكت بكلتا يداها " سارا احمد أتعذب كتير بعد ما خطيبته أتخلت عنه بعد ما بقي كفيف وأنا خايفه عليه لو قلبه انكسر تاني مش هيستحمل المرة دي " " وأنا عمري ما هسيبه لأني بحبه بجد لأنه الوحيد اللي حبني من قلبه من غير حتي ما ييشوفني " , كانت سارا تتكلم من وراء دموعها , مسحت السيدة نور دموع سارا برقه وقبلتها " أنتي واحمد هتعوضوا بعض عن اللي فاتكو اهم حاجه متتخلوش عن بعض ماشي يا سارا " .
هزت سارا رأسها موافقة بشده علي كلام السيدة نور , " يالا زمانهم جاعوا أوي وممكن ينقضوا علينا في أي لحظه , روحي اغسلي وشك وتعالي " ضحكت سارا وذهبت لغسل وجهها وهي سعيدة بالحديث مع السيدة نور لأنها رأت تلك التساؤلات بعينها منذ أول يوم وسرها ان تتفاهم معها جيدا .
ومن جانب أخر وقف عبد الرحمن وهو يسند رأسه للحائط بآسي بعد ان سمع كل شيء حدث لسارا وهي تأسره بحزنها أكثر وأكثر , وشعر بنفسه يغرق يريد ان يذهب لها ويمسك يدها ويضمها ويخبرها بأنه موجود وانه لن يخذلها أبدا , ولكن ليس من حقه فعل هذا .
خرجت سارا والسيدة نور بعد ان صاروا أصدقاء ومصارحة كل منهم للأخرى .
" ايه يا ماما كل ده ؟ جوعنا أوي " سال حسام , " الأكل نازل اهه بطل لاماضه " " وديتي مراتي فين يا نور ؟ " " بقي كده نور حاف طب مش هقعدها جمبك , خليك لوحدك سارا هتعد جمبي " " نعم نعم !! ما تقولي حاجه يا سارا " ابتسمت سارا ونظرت نحو حماتها " أنا هسمع كلام طنط نور " , ضحك السيد شهاب " مامتك بقالها سنين لوحدها مع خمس رجاله , وبقي معاها سارا الوقتي هيكونوا قوة مزدوجة أنصحك تسحب ناعم يا احمد " " خلاص يا ست الحبايب والله ما نقدر علي زعلك هاتيلي مراتي بقي " " خلاص يا سارا روحي جنبه هسامحه عشان خاطرك ", ذهبت سارا الي الجلوس بجانب احمد الذي امسك بيدها فور ان جلست الي جواره وقال لها محذرا " مسمعكيش تاني بتقولي عاوزة أساعد طنط فاهمه " ضحك الجميع ونزل علي صوت ضحكهم عبد الرحمن .
قال حسام مازحا " تعالي يا عبد الرحمن ماما وسارا اتفقوا علينا خلاص " , نظر عبد الرحمن نحو سارا ورفع يده مستسلما " وأنا مش ناوي أعارضهم او اقف قدامهم ".
اصبحت السفرة جاهزة وبدأ الجميع بتناول الطعام , كانت هذه أول مره لسارا تري فيها احمد يأكل أمامها وأحست باضطراب غريب وحزن شديد وهي تراه يتخبط في طبقه ويأكل بصعوبة لم تعرف ما أصابها ولكنها سعدت كثيرا , لأنها رفضت تناول الطعام بالخارج فهي لا تريد لأي احد ان يراه هكذا حتى لو كانوا عائلته .
نكزها حسام برقه , فنظرت له وهي واجمة أشارا برأسه نحو طبقها كي تأكل قبل ان يشعر احمد بشيء تنهدت وهزت رأسها موافقة وبدأت بوضع أي شيء في فمها , أحس الجميع بحزنها فكلهم مروا بهذه المرحلة سابقا لكنهم الآن تعودوا علي رؤية احمد هكذا , قال عبد الرحمن كي يكسر هذا الحزن " إيه رأيك في أكل ماما يا سارا ؟ " " جميل بجد تسلم أيدك يا طنط " ردت بوهن , وأردف حسام " لازم تدوقي محشي ورق العنب منها جبار ملوش حل " ابتسمت له " احمد قالي انو بيحبوا أوي " ثم نظرت نحو حماتها " ان شاء الله أتعلمه من حضرتك " " طبعا يا حببتي " , نظرت الي احمد مره أخري وقلبها مفطور" ممكن أكلك بقي شويا " " يا سلام طبعا ممكن " , أحست سارا بسعادة كبيره وهي تقطع بشوكتها الطعام وتطعمه الي احمد وأخذت تطعمه كل الأصناف من علي السفرة الي ان امتلئ تماما حتي التخمة .
" يا بختك يا عم مين قدك يا سيدي" قالها عبد الرحمن " بقولك ايه يا سارا إحنا بعد كده ناكل لوحدنا عشان العيال دي انا عارفها حسودة وعينها مدورة " ضحكت سارا كثيرا من طريقه احمد وضحك الجميع عليهم .
قال السيد شهاب " لااا بقي لو كده أنتي لازم تاكلي معانا كل يوم عشان نضحك كده ونتبسط " " ربنا يخليك يا عمي ", بعد تناول الطعام شرب السيد شهاب القهوة وطلب الشباب الشاي واكتفت سارا والسيدة نور بالعصير .
همست سارا لأحمد " عاوزة أصلي العصر " ربت علي يدها ثم قال لوالدته " ماما ممكن تاخدي سارا عشان تصلي " " طبعا تعالي يا حبيبتي وانا كمان هصلي بالمرة " ذهبت مع السيدة نور وقالت لها أثناء صعودهم " انا مش هركب البتاع ده معاكي يا طنط انا هسبقك علي السلم " , وركضت سارا نحو الأعلى وفتحت باب المصعد للسيدة نور التي ضحكت كثيرا لفعلتها .
توضأت سارا وبعد ذلك أخذتها السيدة نور الي غرفتها وأعطتها جلباب الصلاة وتركتها لتصلي وبعد الصلاة رتبت نفسها من جديد ونزلت لأحمد بالأسفل وانتظرت بالصالون , بعد انتهاء عبد الرحمن واحمد من أداء الصلاة خرجوا لها وجلس احمد الي جوارها " تقبل الله " " منا ومنك يا شيخ احمد " وضحكوا سويا ," إيه رأيك في بتنا " " جميل أوي زوق طنط يجنن " " يا بخت طنط يا ستي " ثم همس بالقرب منها " مش عاوزة تتفرجي علي اوضتي " , قالت بمكر " اشمعني!! " .
" مش قصدي حاجه والله أوعي تفهميني صح , انا بس بقول جايز نتكعبل في السجادة ولا حاجه " ضحكت ثم قرصته في يده , " أي أي حرمت خلاص " " ايوة كده , احمد ممكن ننزل تحت " " طبعا ممكن " هم بالوقوف وتحرك قليلا فسأله عبد الرحمن " علي فين كده من غيري " " ما تقلقش يا أبيه انا معاه " " طيب أوصله انا بدل ما تركبي الاسانسير " " لا مش مشكله بقي هركبه عشان خاطر احمد " .
خرج احمد وسارا وفتحت المصعد ودخلا سويا " أنتي مش بتحبيه ولا إيه ؟ " " بكرهه أوي , مبحبوش خاالص , بخاف منه " امسك يدها وقال برقه " تخافي وانا معاكي " " هنجرب ده أول تست ليك لما نشوف هخاف ولا لأ " ضغطت الزر ولم تشعر بأي شيء سوي بيد احمد الممسكة بها وتدفئها وهبط المصعد " ها حسيتي بحاجه ؟ " " تؤ " ضحك احمد يعني نجحت في أول امتحان , يا اما أنت كريم يا رب عقبال الباقي " .
أمسكت سارا بذراع احمد وساعدته علي النزول , كان الجو بالحديقة جميل والهواء عليل ورائحة الورود رائعة .
" احمد ممكن نعد علي المرجيحة " " زي ما تحبي " جلسوا سويا وقد التصق بها تقريبا وظل ممسكا بيدها هزت قدمها بآسي " دا انا قصيرة أوي مش طايله الأرض برجلي " " ولا يهمك انا همرجحك " واخذ احمد يهز الكنبة ويتحدث مع سارا بحب شديد .
" قوليلي بقي البيت عجبك " " جميل جدا , واحلي حاجه عجباني الحديقة وبالأخص المرجيحة " ضحكوا كثيرا , " بس كده هعملك في البلكونه بتعتنا واحده زيها عشان تعدي براحتك فيها " "ربنا يخليك ليا يا احمد " , صمت احمد قليلا ثم قال " سارا انا عارف أني هكون صعب في حياتك يعني مش هتعرفي تعملي كل حاجه زي البنات اللي زيك مع أجوازهم , وكمان أنا مسئوليه كبيره عليكي مش عاوزك تيجي علي نفسك أبدا وتصارحيني أول بأول بكل حاجه ولو حسيتي انك مش هتقدري تقولي ليا أنا أول واحد , انا مش عاوز غير سعادتك بس اوعديني يا سارا من فضلك ".
كان احمد ممسك بيدها وينظر نحوها , قالت سارا من بين دموعها " انا مستحيل اسيبك يا احمد " قال بلهفه " ليه يا سارا ايه اللي يمنعك لو عاوزة " " لأني بحبك أوي يا احمد " , امسك بوجهها ومسح دموعها وابتسم بخبث " ايوة كده يا شيخه أتكلمي بقي نشفتي ريقي " , فطنت سارا الي ما فعله احمد سحبت يده من يده وكورتها وضربت عده ضربات علي كتفه وابتعدت عنه في الجلسة وهي تبكي " سارا , سارا خلاص والله انا أسف مش هعمل كده تاني " واخذ يبحث بيده عنها الي ان وجدها وامسك بها بشده مره أخري " خلاص سبني من فضلك " كانت سارا تبكي بشده , أحس بشيء يحرق في قلبه من بكاؤها وقال بكل جديه " والله يا سارا انا أسف بس كنت عاوز اسمع منك انك بتحبيني ومكنش قصدي ازعلك أبدا " , ضمها الي صدره وأسندت رأسها اليه وظل ممسكا بها هكذا ويمسح دموعها .
كان السيد شهاب والسيدة نور يراقبان الوضع من شرفه غرفتهم ويضحكون لما فعله احمد , وحسام كان يشاهدهم هو الآخر من نافذته وهو يتذكر أيامه مع صافي , إلا انه أحس بأن حب احمد هو أعمق وانقي من حبه ل صافي , لان احمد لم يختار سارا علي أساس الجمال مثلما فعل هو , وإنما اختارها لروحها الطيبة السمحة .
اما محمد فكان الي جوار عبد الرحمن الذي تصارع بداخله ثلاثة أشياء ولم يخرج أي منهم منتصر , الأول فرحته بأخيه وهو يراه سعيدا وفرح بعد ما مر به من صعاب , والثاني سعادة سارا وحبها لأحمد بعد شقائها مع زوجها الأول , والثالث غصة قلبه وهو يراها بعيده عنه كل البعد ولا يعلم لما كتب عليه القدر ان يعشق من لن يكون له .
غفت سارا علي كتف احمد وهو يربت علي كتفاها كي تهدأ بعد ان بكت بشده , واستيقظت بعد مده وجدت ان الجو أصبح ليلا , واعتدلت في جلستها بسرعة وقد أفاق احمد الي تلك الحركة " صباح الخير " قالها احمد وهو يفرك وجهه , كانت سارا مفزوعة " يا خبر يا احمد انا أتأخرت أوي لازم امشي الوقتي " " اهدي بس إحنا المغرب ولا حاجه " , " أنا أزاي نمت كده ! " ضحك احمد " نمتي زي الأطفال وبعدين انا سندت راسي عليكي ومحستش بالدنيا " .
امسك بالهاتف واتصل بأخيه " ايوة يا عبد الرحمن معلش تيجي عشان سارا عاوزة تمشي " .
ابتسمت سارا " أنت كل حاجه عبد الرحمن واضح انك بتحبه أوي " " جدا يا سارا قبل الحدثة كنا اكتر من الأخوات اعز أصحاب وبنعمل كل حاجه مع بعض ومبنتفرقش أبدا ولو كان عنده أي سفريه كنت ببقي مضايق أوي وهو كمان بعد الحدثة لما فقدت بصري , مسبنيش لحظه لوحدي حتي شغلي بقي بيعمله ليا واخد توكيل مني بأسهمي ونصيبي في الشركة وكبره في سنتين بس لأربع أضعاف ما كان وحلف انو عمري ما هيسبني طول ما هو عايش وفيه نفس وفعلا هو في ضهري من يوميها وبيزعل أوي لو طلبت حاجه من حسام او محمد وهو موجود " " مشاء الله عليكو ربنا يخليكو لبعض " .
جاء عبد الرحمن " لسه بدري يا سارا عاوزة تروحي علي طول ولا تحبي تخرجوا في حته بره شويا " " لا يا أبيه معلش انا عاوزة أروح علي طول , مفيش داعي تتعبوا نفسكوا انا هعرف أروح لوحدي " قال احمد قاطعا " لا طبعا مينفعش " , اخذ منها عبد الرحمن هاتفها وسجل رقمه " ده رقمي لما تعوزي أي حاجه تكلميني علي طول " ابتسمت سارا وشكرته , امسك احمد يدها وقال بجديه " عبد الرحمن مسئول عنك الوقتي أنتي بقيتي أخته واكتر شويا كمان متتكسفيش وتطلبي منه اللي أنتي عاوزا اتفقنا يا سارا " " ربنا يخليكو لبعض " " طيب استنو هنا لحد ما اطلع العربية دقيقه مش هتأخر " ومضي عبد الرحمن , تمشت سارا مع احمد قليلا بالحديقة ثم أوقفها احمد " بكره هعدي عليكي عشان نروح الشغل سوا " " اممم مش عارفه لسه بابا هيقول إيه , وبعدين أنت بتروح متأخر وانا بروح في معادي ولا عاوز اللي في الشركة يقولو كوسا بقي وكده " ضحك كثيرا وامسك بوجهها بين كفيه " هكلمك بدري ومش هتأخر من هنا ورايح رجلي علي رجلك في أي مكان فاهمه ولا لاء " " تمام يا فندم " ابتسم واقترب منها ليضع قبله علي جبينها , إلا ان صوت البوق لسيارة عبد الرحمن افزع سارا وجعلها ترجع الي الوراء بسرعة , تأفف احمد " بس لما أمسكك يا عبد الرحمن " ..... .
بعد ان أوصلها كل من احمد وعبد الرحمن رجع احمد مع أخيه الي المنزل وأوصله عبد الرحمن الي غرفته وهم بالذهاب ولكن احمد استوقفه " إيه النداله دي ؟ أنت رايح فين ؟ مش هتسألني عملت إيه ؟ " " معلش يا احمد أصلي تعبان شويا وعاوز أنام " كان صوت عبد الرحمن مرهق للغاية من كثره الصراعات التي تدور بداخله .
" تعالي بس يا عُبد , بوص نام علي السرير وأنا هعد علي الكرسي ونتكلم ولو نمت مش هصحيك " , دخل عبد الرحمن علي مضض أمام إلحاح أخيه وجلس علي السرير بتعب وتحسس احمد طريقه وجلس علي الكرسي واسند رأسه وقال وهو حالم " سارا قالت لي إنها بتحبني " ضحك ثم قال " طبعا مقلتش كده علي طول ده انا أعدت ادحلب ليها لحد ما اعترفت بس صعبت عليا أوي لما عيطت , مش عارف سعات بحس إنها عمرها ما كلمت حد أبدا ساذجة أوي وبتصدق أي حاجه وطيبه ملهاش أي طلبات , مش زي أي واحده عرفتها قبل كده , واقل حاجه بتخليها سعيدة ومبسوطة " ثم تنهد " مش عارف هي كانت متجوزة أزاي أكيد كان واحد بقف بحسها بتضايق لما أفكرها بأنها كانت متجوزة , عشان كده لسه معرفتش كل حاجه " ثم سال " ساكت ليه ؟ أوعي تكون نمت ! " " فعلا جوزها بقف " قال عبد الرحمن من بين أسنانه , " تفتكر أسالها ولا اسيبها تتكلم لوحدها " .
" متستعجلش الأمور معاها وهي لما تبقي مستعدة هتتكلم من نفسها بلاش تضغط عليها " , ضحك احمد " معاك حق ربنا يخليك يا عبد , ممكن خدمه كمان معلش انا تقلت عليك , ممكن تدخل الفيس بتاعها وتجبلي عنها شويا معلومات كده " " ليه ! " " يا سيدي عاوز اعمله مفاجئة يعني تلاقيني بحب نفس الأغنية بتاعتها والكتاب والحركات دي بقي " " ماشي يا سيدي أنت عارفه " " هو إيه ! " " الفيس بتاعها يا احمد " قال عبد الرحمن بنفاذ صبر , " اه اه هي كانت ضافتني تقريبا " وأعطي الهاتف الي أخيه , دخل عبد الرحمن علي صفحتها الشخصية وجدها رقيقه هادئة مثلها , لم تكن من الذين يدخلون كل يوم وذكر كل شيء حدث لهم علي العلن .
" ها يا عبد الرحمن لقيت إيه " " مفيش حاجه يا احمد مدخلتش من زمان شكلها " , " طيب شوف الاغاني والكتب والحاجات دي " دخل عبد الرحمن علي الكتب ووجد الكتاب الأول القران الكريم وألف ليله وليله و سلسله الشفق و...... واخذ يذكر عده كتب كثيرة .
قال احمد " إيه الحوسه دي بقي أجنبي وشكسبير وعربي اووف دي طلعت مثقفه طب والعمل يا عُبد دا انا أخر حاجه قرأتها كانت ميكي وسمير !! " " اشرب يا معلم " ضحك عبد الرحمن بشده , " طب حود علي الأغاني أحسن " " اسمع يا سيدي , ام كلثوم " " الله " رد احمد , " فيروز " " وماله " " عبد الحليم حافظ " " جميل " " Enrique Iglesias " " مين ده برتغالي ده ولا إيه ؟! " " لا ده مغني معرفش ! , واكتر أغنيه some body " , واخذ يعد له قائمه أغانيها " وتفضل القران الكريم بصوت الشيخ " مشاري العفاسي " " اه فعلا صوته حلو جدا , طب يا عبد الرحمن هات الأغنية دي بقي وحملها والأغاني اللي بتحبها كلها ماشي " وأعطي أخيه الجهاز اللوحي , وجد عبد الرحمن الأغنية وأدارها واستكان الي السرير يستمع الي كلماتها .
بدأت الأغنية بضربات هادئة حالمة علي الجيتار وبدأ الحبيب يسال حبيبه إذا كانت لا تزال تذكره ويخبرها بأنه يذكرها ويخبرها بأنه امضي عمره يبحث في عقله عن هذه الذكريات ,
لأنه يتجول في الشوارع وحيدا وهو يكره وحددته , والجميع يروا بأنه سقط وانه سوف يفقد عقله , لأنه يفكر بها مع شخص أخر .
وبدأ يتسارع الضرب علي الجيتار مع زيادة أمل المغني بأن تري محبوبته انه هو الشخص المناسب ويخبرها بان هناك شخص يريدها ويحتاج لها وانه يحلم بها كل ليله وانه لا يستطيع التنفس عندما لا تكون الي جانبه وانه يأمل في يوم من الأيام ان تري ان هذا الشخص "هو" .
ويخبرها بانه يبكي ويصلي في الليالي من اجل ان تتقاطع طرقهم مره اخري ويجتمع بها ويعوض ما ضاع منهم ثم يعود ويخبرها بأن هناك من يريدها ويحلم بها كل ليله ويأمل فقط بأن تري ذات يوم انه هو الشخص المناسب .
كان عبد الرحمن واحمد يستمعون الي كلمات الأغنية بإنصات شديد وعندما انتهت تنهد احمد وقال " أغنيه جامدة فعلا دي طلعت دماغها عاليا أوي, بس ان بتهيالي سمعتها قبل كده " .
مسح عبد الرحمن دمعه سقطت عن وجهه دون إرادة منه , عندما سمع كلمات الأغنية تأثر كثيرا , وقال بصوت حاول ان يكون هادئ " اه كانت بتيجي في الراديو زمان , أنا هقوم يا احمد تصبح علي خير " وترك أخاه وذهب الي غرفته وارتمي علي سريره وقد حطمت تلك الأغنية كل دفاعاته .
أدارها مره أخري واستكان الي صوت المغني , لقد كان يسمع هذه الأغنية قديما منذ سنوات عديدة قبل ان يعرف بوجود سارا من قبل وكانت تأسره بشكل ما كل مره يسمعها ولكنه لم يعتقد في يوم من الأيام انه سوف يكون هذا الشخص الذي تتحدث عنه الأغنية , وان تكون الأغنية التي تصف مأساته بشكل تفصيلي هي أغنيتها المفضلة !! .
وفي أخر الأغنية كان يستمع الي تمني المغني بأن تشعر بوجوده وان تعلم بأنه هو الشخص المطلوب , أما عبد الرحمن فكان يعلم انه لا يوجد لديه أي فرصه مماثله كي يأمل بها مع سارا فحتي وان حدث شيء ما وتركت أخيه لأي سبب , لن يستطيع خسارة أخيه وتزوجها لقد خسرها الي الأبد .
أخذت الأغنية تدور وتعيد نفسها ولم يستطع عبد الرحمن انتشال نفسه من ذلك الشعور المحبط الذي يشعر به .
وفي الصباح كان وجهه لا يفسر عليه بدفن نفسه في العمل والسفر بعيدا عن هنا ولو لفترة ، هذا هو أفضل حل كي يتخلص من عذابه .
مر بأخيه وأخذه في طريقه ومرا بسارا التي كانت بانتظارهم بالأسفل وكلها نشاط وإشراق وصعد ثلاثتهم الي الشركة , كانت سارا خجله للغاية وحاولت سحب يدها من احمد ولكنه رفض وترك يد عبد الرحمن وتركها هي تقوده الي المكتب , أخفضت رأسها فهي تشعر بنظرات الموظفين سهام حارقه تخترقها ودلفت الي المكتب معهم , دخل احمد وقد وعد سارا بأن يعمل بكل جد وإلا لن تعمل بالشركة كلها مره أخري , استأذنت سارا لتأتي بعده ملفات وعندما عادت وجدت احمد يستمع الي أغنيتها المفضلة سعدت كثيرا " الله أنت بتحب انريكي ايغليساس " " إيه ! اه طبعا يا بنتي من زمان جدا !!! " " وانا بموت فيه " بتموتي في مين بقي ان شاء الله ؟ " كان غاضبا , " قصدي أغانيه يعني , وبعدين معاك غلطه كمان والله هسيب الشغل أنت حر " " خلاص ابدئي وحسابي معاكي بعدين , انريكي قال ! " .
تركهم عبد الرحمن وقد سره وجه سارا وهي سعيدة بالأغنية الا انه نفضها سريعا من عقله وتوجه لمكتب والده لإنهاء عده معاملات , خرجت سارا لجلب عده ملفات وكانت معامله فتيات المكتب معها باردة للغاية وهتفت واحده بحقد " طب كنتي اعزمينا ولا خايفه من الحسد ؟ " , لم تكن سارا صادقت أي منهن او تحدثت معهم حتي بأي شيء لا يخص العمل " معلش أصلها كانت علي الضيق " ، كان عبد الرحمن وحسام يراقبان الوضع من بعيد و شاهدوا وجه سارا وهموا بالذهاب لكي يرو سبب تكهن الفتيات عليها , دخلت سارا مسرعة عائده الي المكتب , هم حسام بالتوجه نحوهم ولكن عبد الرحمن منعه بحركة من يده وتسلل خلفهم دون ان يشعروا , كانت " علا " تتكلم بمرارة مع الفتيات " تعبان مايه من تحت تبن , في الأول لفت علي حسام ولما منفعش راحت للكبير وفي طريقها سلكت احمد الغلبان ده كمان لحد ما وقعته وخلته يكتب كتابها علي طول , لأ وعامله فيها مؤدبه ومبتروحش في حته وتقضي الاستراحة بتصلي وتشتغل سهوكه وكهن بنات لا ومكفهاش ووقعت الأخوات في بعض فاكرين الخناقة في مكتب حسام " .
سمعت صوت ضربه علي المكتب مدوية كانت ليد عبد الرحمن الذي صاح بها " أنتي اللي فاكره نفسك فين بالظبط ؟! " , انتفضت الثلاث فتيات وارتعبن واطرقن رأسهن الي الأرض , همس بحنق شديد لهن " لو سمعت نفس عنها او عن أي شيء تاني ميخصش الشغل صاحبه الكلام هتندم , كلكو خصم تلات ايام يالا علي شغلكوا " , جلست الفتيات مرتعبات ودخل عبد الرحمن مكتب حسام وامسك برأسه من الآم , مر حسام من بعد أخيه ورمي نظره احتقار عليهن .
لقد شعر بالدم يغلي في عروقه عندما سمع حديثهم المقزز عن سارا وعن محاولاتها لاجتذاب أي رجل نحوها لكنه يعلم بأن هذا لم يحدث أبدا , صحيح انها لم تكن مديره مكتبه سوي يوم إلا انه لن يكذب إحساسه أبدا , ربت حسام علي كتفه " مالك يا عبد الرحمن هما قالوا إيه ؟ " " شويه زباله " رد عبد الرحمن " انطق يا عبد الرحمن مالك هما قالوا إيه ؟ " لقد شعر بخيبة امل في سارا عندما سمع هذا الكلام ولم يرد لحسام ان يسمعه , ماذا لو كان صحيح ؟ قص عليه ما سمعه , اشمئز حسام كثيرا " إيه القرف ده يا أخي المفروض كلهم يمشوا من هنا " ارتاح عبد الرحمن لرد حسام وندم علي شكه هذا لو كان هناك شيء علي سارا لما وافق حسام علي الزيجة لن يفعل هذا بأخيه .
قال وهو خاو القوي " تعالي زمان احمد سمع الزعيق بتاعي " وقد كان عندما دخلوا المكتب كانت سارا تبكي وتلملم بأغراضها واحمد يقف ولا يعلم سبب بكاؤها , كان باب المكتب مفتوح وهكذا تركه حسام وعبد الرحمن عندما دلفوا .
" اهدي يا سارا أنا خدتلك حقك خلاص " " لو سمحت يا أبيه انا مش عاوزة اشتغل تاني انا مش محتاجه الشغل " زمجر حسام غاضبا " يعني أنتي كمان اللي عاوزة تمشي " ثم أشار بيده خارجا وصاح " ما اللي مش عاجبه يغور في داهية " " حسام أرجوك انا مش عاوزة مشاكل من فضلك انا مش زعلانه والله وبعدين انا مش محتاجه اشتغل وهما ربنا العالم بظروفهم سيبوني امشي أحسن , ده أحسن حل عشان مش هستحمل حد يجيب في سيرتي " , كانت سارا تبكي بمرارة وتمسك بحقيبتها .
"حد يفهمني في إيه ولا هفضل واقف كده ! " صاح احمد بهم جميعا , حاول عبد الرحمن ان يهدئ عصبيه احمد , لم تره سارا غاضبا هكذا أبدا ...
" مفيش يا احمد شويا بنات ضايقوا سارا بالكلام وإحنا عملنا اللازم ولو مش مرتاح يمشوا خالص " هتفت سارا " لا يا أبيه حرام " , كسر احمد عصاه من غضبه وتحول الي شخص أخر , هجم حسام عليه قبل ان تراه سارا وهو غاضب هكذا وأجلسه وهدأه " صلي علي النبي يا احمد الموضوع خلص صدقني وخدنا حقها وزياده " " وانا مخدش حقها ليه ولا انا هفضل كده زي الأطرش في الزفة عشان اعمي ؟ " كان يصيح بغضب قاتل , همس حسام في أذنه " حاول تهدي شويا سارا واقفه مرعوبة منك " كشر عن أسنانه وعض شفتيه بقوة وحاول ان يهدأ من أنفاسه المتلاحقة غضبا , اخذ عبد الرحمن يربت عليه ويتمتم ببعض الكلمات له .
جلست سارا في كرسي وثير وهي منكمشة علي نفسها ومرعوبة من الوحش الذي خرج أمامها , ظلت ممسكه بالحقيبة وهي ترتعش انحني حسام أمامها وهمس لها " حاولي تهدي يا سارا من فضلك ما تخفيش احمد بس من ساعة الحادثة وبتجيلو ساعات نوبات غضب كده , بس هو زعلان عشانك والله " لم تستطع التكلم وهزت رأسها ببطء ورعب شديد .
أشفق حسام علي حال سارا التي أصيبت بالصدمة , وفطن عبد الرحمن أيضا حالما رآها نظر عبد الرحمن الي أخيه وقال لها هامسا هو الأخر " سارا من فضلك حاولي تغيري قرارك عشان الشغل عشان احمد أضايق وحاسس انو عاجز لو كلمتيه هيهدا شويا " . نظرت نحو احمد الذي خلع نظاراته بعنف ورماها أرضا ووضع رأسه بين كفيه في آسي , نظرت نحو عبد الرحمن تتوسل له بعيناها ألا يتركها وحدها معه إلا أن عبد الرحمن نظر لها وأغمض عينيه إشارة منه علي أنها يجب ان تطمئن .
خرج عبد الرحمن الي مكتب حسام وحين جلسوا قال حسام " قولي إيه اللي ميخلهاش تفسخ معاه , لو شافته مرتين كده الموضوع ده مش هيكمل " " لازم تبقي جنبه علي طول يا حسام ومتسبوش لوحده مش عاوزين حد ياخد باله خصوصا سارا وأهلها " هز حسام رأسه موافقا , " بتتكلم كده كأنك مش هتبقي موجود " " أنا فعلا مش هبقي موجود الفترة الجايه هنا عندي مشروع في شرم وكنت مأجله عشان احمد والوقتي أنت فاضي وتقدر تاخد بالك منه , وكمان هشغل فلوس احمد فيه " , هز حسام رأسه بآسي " ربنا معاك يا عبد الرحمن علي الأقل أنت واحمد كسبتو شغلكوا مش انا خسرت كل حاجه " " شيد حيلك واقف علي رجليك وأبوك هيرجع كل حاجه لأحسن من الأول و هعلمك تشغل فلوسك برا الشركة أزاي " ابتسم حسام " ربنا يخليك لينا يا عُبد " كان يشعر بالامتنان لأن عبد الرحمن عطوف معطاء فكل ما وصلوا إليه الي الآن بفضله هو .
تحركت سارا ببطء شديد وقد أحس احمد بها " سارا تعالي هنا " " ممكن اطلب حاجه من عم إبراهيم الأول " كان صوتها مرتعب , طلبت العصير بالهاتف وذهبت لتلملم الأغراض المبعثرة وهو يشعر بها في كل حركه وبعدها جلست الي جواره ساكنه , التفت لها بغضب " مقولتيش ليا ليه ؟ " عندما لم ترد سارا امسك بكلتا ذراعيها بعصبيه شديدة , تأوهت ولم ينتبه لها وصاح بها " عشان اعمي مش كده مفيش مني فايده " وتركها من يده , وبعد فتره كان اهدأ سألها " أنتي كويسه ؟ " كان وجهه غاضب للغاية " اها " , امسك بيدها إلا أنها كانت ترتعش بشده ضغط عليها إلي أن أوقفت رعشتها " معلش يا سارا انا مش قصدي أخوفك بس مستحملتش حد يضايقك وكمان انا مش قادر اعرف في إيه " , دخل العصير ووضعه عم إبراهيم ومضي في طريقه .
"ممكن تشرب العصير الأول " سألته بخفوت , رد بنفاذ صبر " ماشي يا سارا " ناولته الكوب كي يشرب وبعد فتره كان قد هدأ قليلا " سارا أنتي لسه خايفه ؟ " ازدردت لعابها " احمد ممكن نبدأ في الشغل انا مش عاوزة أتكلم الوقتي " , رد بعصبيه " ماشي يا سارا براحتك " .
بصوت مرتعش كانت تقرأ الملفات وعلي مضض كان يرد عليها ويجعلها تكتب الملاحظات , بعد عده ساعات من العمل هدأ الوضع قليلا واقترب موعد الراحة , ارجع رأسه الي الوراء وتنهد " لسه كتير " " لأ ده أخر واحد لسه علي الراحة عشر دقايق ومش هنلحق نخلص اللي بعده ", جاء كل من حسام وعبد الرحمن الي المكتب قال حسام محاولا ان يلطف الجو " ها هتغدوني ايه ؟ " , وقال عبد الرحمن " في مطعم قريب من هنا حلو أوي انا عازمكو " , " بعد اذنكو " قالت سارا وهي مطرقة الرأس , سال حسام " إيه راحة فين كده ؟ " " هصلي " " طيب متتاخريش عشان هتيجي معانا " " شكرا يا أبيه بس انا مش جعانه روحو انتو " , قال احمد بغضب " سارا روحي صلي ومتتأخريش " ذهبت دامعة العينين " في إيه يا احمد مش كده يا اخي " " معرفش بقي يا عبد الرحمن اهو اللي حصل " وامسك برأسه " مرديتش تتكلم معايا ومن ساعتها بترتعش " ، امسك حسام كميه الملفات المنجزة أمامه وقال بتهكم " كل ده خلصتو ومبتكلمكش ! " " مرديتش تسمعني وبدأت في الشغل علي طول " , قال عبد الرحمن محذرا " مش إحنا منبهين عليك يا احمد بلاش عصبيه خصوصا قدام سارا " " اهو اللي حصل بقي يا عبد الرحمن معرفتش امسك نفسي " " حصل خير المهم الوقتي متتكلمش بقي معاها كده وهي هتنسي والموضوع يعدي ماشي يا احمد " " حاضر يا حسام " .
ربت عبد الرحمن علي ظهر أخيه " قوم نصلي عشان تهدي شويا ", وذهب الإخوة للصلاة وعندما عادوا كانت سارا في المكتب تكتب بعض الملاحظات , قال حسام بحسد " طبعا ما هو جوزك لازم تخافي علي شغله ومشيه حاجته زي النار , بقولك إيه تعالي معايا وانا هنصص معاكي إيه رأيك " , ابتسمت سارا رغم عنها لطريقه حسام المازحة وقال احمد برقه " مهونش عليها تس



السابع من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close