اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل السادس 6 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل السادس 6 بقلم سارة علي 







" معضلة النساء تكمن في عاطفتهن ...


2



فالأنثى مهما بلغ جمودها لا بد وأن تأتي لحظة ضعف تغلبها عاطفتها فيها فتذيب جليدها القاسي وتحرر نارا مشتعلة اختبئت لسنوات خلف الجليد 


+



نارا إن تحررت ستحرق جميعمن يقف في وجهها دون رحمة ...



+



2وأنثى أخرى مهما بلغت عاطفتها ودفئها ستأتي عليها لحظة وتكبح تلك العاطفة فيتحول دفئها المعتاد وعاطفتها التي تغدق بها عليك دون ت.وقف الى صقيع يحاوطك من كل صيب ويجعلك تفقد الحياة التي كنت تنعم فيها بوجودها ...."

























+



بالكاد تماسكت وهي تتقدم نحوها راسمة على شفتيها ابتسامة مصطنعة باردة تناقض النار المشتعلة في صدرها ...


+



هتفت يسرا وهي ما زالت تحتفظ بتلك الابتسامة المغيظة بينما تحتضن إبراهيم بين ذراعيها :-


+



" حمد لله على السلامة ....."


+



" شكرا ..."


+



قالتها همسة ببرود قبل أن تحمل الصغير من بين أحضانها فورا تحتضنه بتملك لم يغب عن أنظار الأخيرة التي تحولت ابتسامتها الدبلوماسية الى أخرى خبيثة لتقول همسة باقتضاب :-


+



" والحمد لله على سلامتك أنت أيضا ..."


+



همت يسرا بالرد عندما وجدته يطل أخيرا ووالدته تسير جانبه ترسم هي الأخرى ابتسامة هادئة على وجهها ولكن لم يغب عن ناظري يسرا ذلك التوتر الخفي في مقلتيها والظاهر في حركات جسدها ...


+



كانت المرة الأولى التي تراه فيها منذ زواجها أي منذ أعوام عديدة ...


+



تغير ... تغير كثيرا ...


+



بدا أكثير هيبة من السابق ...


+



كما إن تقدم العمر منحه وسامة مختلفة ...


+



لم يكن راغب شديد الوسامة ولكنه كان رجلا مهيبا قويا وجذابا ....


+



يمتلك شخصية فخمة تجبر الجميع على الاعجاب به ..


+



هيبته وقوة شخصيته منحته هالة خاصة جعلته من أهم الرجال وأكثرهم جاذبية في المجتمع رغم وسامته المتوسطة ...


1



كان يشبهها ... يليق بها ... يماثلها في كل شيء ....


+



وهي بدورها من كانت تناسبه ... تليق به ... هي وحدها ولا غيرها ...


+



الآن وبعد هذه السنوات وبعدما رآته تأكدت إنها كانت ولا زالت وستظل الوحيدة من تليق به وتستحق أن تحمل لقب زوجته ...


2




              

                

" صباح الخير ..."


+



قالها بصوته الرخيم وملامحه بدت عادية تماما بينما لم يمنحها ابتسامة ولو مجاملة حتى ..!


+



" صباح النور ..."


+



هتف وهو يتقدم واقفا بجانب زوجته التي ما زالت تحتضن صغيرها بحمية مرددا بجدية :-


+



" الحمد لله على سلامتك يا يسرا ..."


+



ردت بينما عيناها تطوقانه بنظرة لا نهاية لها :-


+



" شكرا يا راغب والحمد لله على سلامتك أنت أيضا ..."


+



هتف راغب بجدية وهو يشير إليها :-


+



" تفضلي .. اجلسي ... "


+



ثم تقدم نحو زوجته يشير لها :-


+



" لنذهب الى جناحنا ... نرتاح قليلا قبل الغداء ..."


+



قالت زهرة مؤيدة حديثه :-


+



" نعم اذهبوا وارتاحوا قليلا ... انا باقية مع يسرا وتوليب ستصل بعد قليل ...."


+



ابتسم راغب بهدوء قبل أن يشير الى يسرا :-


+



" اعذرينا يا يسرا ولكننا مرهقين للغاية بسبب السفر ..."


+



قالت يسرا ببساطة وهي تبتسم بانطلاق مقصود :-


+



" خذا راحتكما يا راغب ... أنا باقية مع عمتي زهرة لنتحدث ... أساسا هناك الكثير مما أريد إخبارها به ..."


+



أومأ برأسه متفهما ثم نظر الى همسة التي قالت بجمود غلف نبرة صوتها كليا :-


+



" عن إذنكما ..."


+



ثم أشارت الى صغيريها أن يتبعانهما فغادرت العائلة المكان تتابعهم عيني يسرا التي أخذت تتفحص همسة بنظراتها أثناء مغادرتها لتتجهم ملامحها وهي تفكر إنها ما زالت بنفس رشاقتها المعهودة رغم مرور عشرة أعوام على زواجها بل إنجابها بدل الطفل ثلاثة ...


+



حتى ملامحها لم تتغير كثيرا ...


+



ما زالت تلك الشابة اليافعة وكأنها لم تكبر عشرة أعوام ...


+



بينما الكبر ومرور سنوات ظهر على ملامح زوجها ما زالت همسة كما هي بنفس الملامح الشابة الرقيقة والبشرة الصافية والجمال الطبيعي الجذاب ...


+



تجاهلت أفكارها وهي تعاود النظر نحو عمتها التي جلست قبالها لتمنحها ابتسامة هادئة لا تشبه أفكارها أبدا ثم تبدأ بالحديث في مواضيع مختلفة منتظرة وقت الغداء حيث سيهبطان من جناحهما بكل تأكيد ...


+




        


          


                

*****************









+



اندفعت الى داخل جناحها بملامح جامدة كليا بينما السخط يملأ كيانها ...


+



وضعت إبراهيم على السرير واتجهت نحو النافذة بينما دلف هو خلفها مغلقا باب الجناح خلفه ليقف مكانه للحظات يتأمل وقوفها أمام النافذة عاقدة ذراعيها أمام صدرها وبالتأكيد الجمود يملأ ملامحها كالعادة دون أن يرى ملامحها فهو واثق من جمودها المعتاد ...


+



زفر أنفاسه بضيق من قدوم يسرا في هذا التوقيت الغير محبذ على الإطلاق ...


+



أشار اليها وهو يتقدم نحو صغيره يحمله بين ذراعيه :-


+



" لماذا لم ترسليه الى جناحه لتغير المربية له ملابسه ...؟!"


+



استدارت نحوه ترمقه بنظرات باردة قبل أن تجيب :-


+



" سآخذه أنا ..."


+



ثم اتجهت نحوه وسحبته من بين يديه ليوقفها راغب متسائلا بوجوم :-


+



" ما بالك تبدين هكذا ..؟!"


+



" كيف أبدو ..؟!"


+



سألته بثبات ليخبرها بصدق :-


+



" منزعجة مهما حاولت إخفاء عكس ذلك .."


+



" أنا لا أخفي شيئا ..."


+



قالتها بثبات وهي تضيف :-


+



" أنا بالفعل منزعجة من وجود تلك المرأة .."


+



نطق بهدوء :-


+



" أعلم ..."


+



أضاف بجدية :-


+



" لا أحد سعيد بوجودها أساسا ..."


+



تمتمت بسخرية باردة :-


+



" نعم ، أعلم ...!!"


+



عقد ذراعيه أمام صدره متسائلا :-


+



" ما معنى هذا الآن ...؟!"


+



وضعت صغيرها على الأرض ثم رفعت رأسها مجددا حيث عقدت ذراعيها هي الأخرى أمام صدرها تخبره :-


+



" معناه واضح ... سعادتك بوجودها او ضيقك لن يغير من الحقيقة شيء ..."


+



سأل من بين أسنانه :-


+



" آية حقيقة ...؟!"


+



ردت بغضب متفاقم :-


+



" حقيقة إن هذا الوضع بأكمله غير مقبول بالنسبة لي ...."


+



زفر أنفاسه ثم قال بجدية وهو يفك ذراعيه :-


+




        

          


                

" غير مقبول لي أيضا ولكن ماذا أفعل ... ؟! هل أطردها ...؟! هل أمنعها من دخول القصر ..؟! في النهاية هي ابنة خال كلينا يا همسة ..."


+



نطقت من بين أسنانها :-


+



" لا تفعل ... لم أطلب منك أن تفعل ذلك أساسا ولكن ..."


+



تقدمت نحوه أكثر وجليد عينيها تحول الى نيران مشتعلة بينما تخبره بشراسة قدحت في نظراتها .. شراسة يراها تلوح في مقلتيها  لأول مرة في حياته ..


+



" لا أريدها قربي أو قرب آيا من أولادي ... لا أريدها أن تراهم حتى ... "


+



أضاف وعيناها تقسوان أكثر :-


+



" يمكنها أن تدور حولك كما تشاء وأن تراك متى ما أرادت ولكن ستبقى بعيدة تماما عني وعن أولادي ... هل سمعت يا راغب ..؟!"


+



سألها والجمود كسا ملامحه هو هذه المرة :-


+



" ماذا تعنين بهذا الكلام ...؟!"


+



أجابت بعزيمة :-


+



" ما أعنيه إنني لا أريد  رؤيتها أبدا حتى إنني لن أخرج وأتناول الغداء في وجودها وكذلك أولادي ... "


+



" أنت جننت حتما .."


+



قالها بعدم تصديق لما تتفوه به وهو يضيف بغضب مكتوم بسبب الحماقات التي تتفوه بها :-


+



" ماذا يعني هذا الآن ...؟! "


+



" لقد سمعت ما قلته وأنا بدوري لن أتراجع عنه .. لا أريد رؤيتها .. لا أنا ولا أولادي ..."


+



" هذا جنون ... هل تحاولين التهرب منها ...؟! تهربين من لقائها ..."


+



قالها بسخرية لتهدر بحنق :-


+



"أنا لا أهرب منها ... أنا فقط لا أطيق رؤيتها ..."


+



قال بصوت ثابت صارم :-


+



" اسمعيني يا همسة ... ليست كل الأمور تسير بناء أوامرك ... ما تقولينه غير مقبول ... ماذا يعني ترفضين رؤيتها ولا تتناولين الطعام في الأسفل عندما تكون موجودة ...؟؟ هل تعين ما تقولينه ..؟! أنت سيدة هذا المنزل بعد والدتي ... استوعبي هذا جيدا ..."


+



" لست مضطرة أن أضغط على نفسي وأعصابي فقط كي أظهر بصورة لائقة ترضيك وترضي العائلة ..."


+



قالتها بأعصاب مثارة ليصيح بقوة :-


+



" بلى مضطرة ...."


+



أضاف والسلطة تشع من عينيه القاسيتين :-


+



" مضطرة أن تفعلي يا همسة ولن أسمح لك بغير ذلك ... ستخرجين معي وتتصرفين كما تتصرف أي زوجة طبيعية عند وجود ضيف في المنزل ولن أسمح بغير هذا ولن أقبل بأي تصرف غير عقلاني منك ..."


+




        

          


                

سألته وهي تضغط على أعصابها بقوة :-


+



" أنت تجبرني على ما لا أطيق إذا ... كعادتك ... "


+



" فسريها كما تشائين ... "


+



قالها وهو يضيف ببرود لا يخلو من العنجهية :-


+



" توقفي عن تصرفاتك هذه ... أنت لست طفلة .. أنت زوجة وأم لثلاثة أولاد ... زوجتي أنا وأم لأولادي أنا لذا أنت مضطرة أن تتصرفي بناء على هذا سواء كان بإرادتك إو إجبارا عنك ..."


+



رمقته بنظرات محتقنة كليا امتدت للحظات قبل أن تهمس بصوت متحشرج :-


+



" أمرك ... "


1



ثم اتجهت تحمل صغيرها وتتحرك خارج المكان تاركة إياه يطالعها بوجوم ولا يصدق كيف كانت تفكر بل وتريد فعل هذا ...


+



لمَ لا تفهم إن تصرف كهذا سوف يسيء لها قبله ...؟!


+



زفر أنفاسه بتعب مفكرا إنه لم يشرح لها أسبابه وإصراره على هبوطها الى الأسفل بوجود يسرا لإنه يعرف جيدا إنها لن تفهمه ...


+



كلا ، في الحقيقة هي ليست لن تفهمه وإنما ستفهمه بشكل خاطئ كعادتها وهذا أسوء بكثير ..!


+



*********************


+



الإصرار في عينيها أنعشه ...


+



بثبات لم يكن يعلم إنه زائف ...


+



كانت تدعي الثبات فمنذ إن لامس جسدها بجسده وتشنجت كليا ...


+



جسدها تشنج بالكامل ...


+



النفور غزا روحها ... نفور بلا نهاية ....


+



لم تعرف مالذي يحدث معها ...؟!


+



لم يحدث هذا ..؟!


+



الإصرار في عينيها أنعشه ...


+



جذبها دون تروي ... عانقها بشغف ... رغبة ... 


+



شعر بيديها تحاوطان جسده بثبات لم يكن يعلم إنه زائف ...


+



كانت تدعي الثبات فمنذ إن لامس جسدها بجسده وتشنجت كليا ...


+



جسدها تشنج بالكامل ...


+



النفور غزا روحها ... نفور بلا نهاية ....


+



لم تعرف مالذي يحدث معها ...؟!


+



لم يحدث هذا ..؟!


+



هي أرادت ذلك ... هي تريد ذلك ... لماذا تشعر هكذا إذا ...؟!


+



تجاهلت نفورها ... وقررت التجاوب معه ...


+




        

          


                

كان تريد أن تثبت لنفسها شيئا ما ...


+



ربما تريد أن تثبت لنفسها إنها قوية ... قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية ... إنها حرة نفسها ...


+



كانت غافلة تماما عن كون الحرية لا علاقة لها أبدا بما تفعله ...


+



كانت مغيبة ...


+



كل ما تريده هو تحقيق غايتها المشدودة ...


+



ربما تريد أن تتحول الى عاهرة ولكن بإرادتها الحرة ...


+



ربما تريد أن تتحرر من قيود كبلتها طويلا .... 


+



قيود كرهتها ...


+



قيود كان سببها فقدان عذريتها ...


+



عذرية جسد خسرتها دون إرادة  منها والأسوء إنها خسرت عذريتها وحرمة جسدها باستسلام وخضوع تمام .. دون مقاومة ...


+



ربما هي تعاقب نفسها أيضا ... تعاقبها على استسلامها المخزي في المرتين السابقتين ....


+



استسلام لا تريد تذكره إطلاقا فكلما تذكرت إستسلامها في تلك المرتين كلما رأت نفسها إنسانية مثيرة للشفقة والغثيان ...


+



إنسانة خاضعة .. خانعة ... متخاذلة ..


+



جارية بلا ثمن ...


1



جميع هذه الأفكار راودتها بينما هي تجاهد مع نفسها لتتجاوب معه ...


+



بدأ يقبلها وهي تتجاوب ظاهريا بينما نفورها يزداد أكثر حتى بلغ ذروته ...


+



لم تعد تطيق التحمل ...


+



بينما يده كانت تحاول خلع ملابسها عنها كان شعور الغثيان سيطر تماما عليها ...


+



كانت تريد التقيؤ حالا ...


+



تشنج جسدها ازداد أكثر حتى شعر هو به ...


+



جسدها يتشنج بين ذراعيه وأنفاسها بدأت تضيق أكثر ...


+



وشعور الإشمئزاز والرفض يسيطران كليا عليها ...


+



هي لا تريد هذا ... لا تستطيع تحمله ...


+



لا تطيق لمساته على جسدها ... تشمئز من قبلاته ...


+



جسدها لا يتحمل لمسة منه ولا حتى من غيره ...


+



جسدها برفض أن يلامسه أي أحد ...


+



كان هذا الواقع الذي هربت منه طوال الفترة السابقة ...


+



تجاهلت حقيقة واضحة ...


+




        

          


                

حقيقة عدم قدرتها على فعل هذا ليس لإنها لا تريد بل لإن جسدها لا يريد ... لا يستطيع ... يرفض بقوة ...


+



وفي النهاية وكالعادة كان القرار لجسدها ...


+



جسدها الذي تحرك لا إراديا يدفعه بعيدا عنها بقوة لم تكن تعلم إنها تمتلكها ...


+



دفعته وانتفضت من مكانها راكضة نحو أحد أركان الغرفة تفرغ ما في جوفها كليا ....


+



لم يكن لديها فرصة للبحث حتى عن سلة مهملات ...


+



رفعت وجهها أخيرا بعدما أفرغت ما تحويه معدتها ...


+



ملامحها تكدرت تماما وهي تستوعب ما يحدث .. 


+



ما أصابها بينما يقف هو خلفها لاهثا وقد صدمه تصرفها ...


+



ما زالت صدمته بما فعلته تسيطر عليها ...


+



أما هي فتحركت خطوتين الى الوراء ...


+



ثم انفجرت بالبكاء ...


+



دموعها الحارقة تتدفق بغزارة على وجنتيها ...


+



شهقاتها تتصاعد تدريجيا ...


+



وجسدها ينتفض بخوف وألم دون رحمة ....


+



دون أن ينبس بكلمة واحدة تقدم نحوها وهو يحمل سترتها التي خلعها عنها قبل قليل ...


+



وضع السترة فوق جسدها عندما وجدها تنتفض بسرعة وهي تستدير نحوه تصيح بحدة بينما تتراجع الى الخلف بخوف بديهي :-


+



" ابتعد ..."


+



" لا تقلقي ... لن أفعل لك شيئا ... "


+



أضاف محاولا طمأنتها بينما عينيها الناقمتين ترمقانه بنظرات شديدة الحدة رغم الألم المدفون فيهما :-


+



" لن ألمسك حتى ... إطمئني ..."


+



أضاف وهو يميل حاملا حقيبتها المرمية فوق الطاولة :-


+



" تعالي معي ... سأعيدك الى منزلك ..."


+



نظرت له بشك ...


+



لم تتوقع منه تصرفا كهذا ...


+



من أين أتى بكل هذه الكياسة ...؟!


+



ربما يمثل عليها ... 


+



ربما يخدعها ...


+



سخرت من أفكارها فورا .. لم سيفعل ذلك ...؟! هي أساسا معه لوحدها في شقته ... يمكنه أن يفعل بها ما يشاء ولن يمنعه أي شيء عنها ...


+




        

          


                

في النهاية استسلمت له ...


+



أخذت الحقيبة منه وسارعت تتحرك قبله يتبعها هو بصمت تام ...


+



ركبت سيارته ليتحرك بها متجها نحو شقتها فمالت هي برأسها على النافذة جوارها مغمضة عينيها باستسلام تام بينما ذراعيها تحاوطان جسدها بحمية فطرية ...


+



لحظات وبدأت دموعها تتساقط من جديد ... 


+



تتساقط بصمت ...


+



بقيت على هذه الحال وهو بدوره لم يلتفت إليها ....


+



كان يركز على الطريق كليا مقررا أن يمنحها مساحتها الخاصة ...


+



ربما لا يفهم حتى الآن ما حدث ولم حدث هذا معها ولكنه عليه أن يحترم ما حدث رغم كل شيء ...


+



في النهاية وبالرغم من كل صفاته  الفاسدة وتصرفاته المستهترة  يبقى شابا عاديا لا يمكنه أن يرغم إمرأة على ما لا تريد ولا يمكنه أن يقف مكتوف الأيدي يراها وهي منهارة تنازع نفسها بهذه الشكل لذا كان لابد أن يفعل ما فعله ويأخذها من يدها ويعود بها الى شقتها ...


+



سيوصلها الى هناك ويطمئن إنها عادت الى شقتها بسلام ثم يغادر بعدها دون عودة ...


+



على ما يبدو إنها ليست كالبقية وحتى جذوة التمرد في روحها و التي ظن إنه قادر على اشعالها كانت خادعة لا تشبه روحها البتة الهشة للغاية ...


+



وصل الى المكان المنشود ليلتفت نحوها فيجدها ما زالت على وضعيتها تلك تستند برأسها على النافذة وتحتضن جسدها بذراعيها بينما توقفت عن البكاء لكن بقيت آثار دموعها ملتصقة على وجنتيها وقد امتزج معها كحلها الأسود الملطخ بتلك الدموع ...


+



" وصلنا ..."


+



قالها متنهدا لتعتدل في جلستها ببطأ ثم بقيت لثواني تتأمل المكان أمامها بعينين جامدتين فقدتا الحياة تماما بعدما استنزفهما البكاء كليا ...


+



ثواني ومدت كفها تفتح الباب وتخرج من السيارة متجهة الى العمارة...


+



كانت تتحرك بآلية حيث دخلت الى العمارة وركبت المصعد ومنه الى الشقة ...


+



كانت عاجزة حتى عن إخراج مفتاح الشقة فضغطت على جرس الباب دون أن تهتم بما ستفعله شيرين التي لن تتردد في منحها نظرات قاتلة وكلمات شديدة متعمدة ...!


+



 سوف تتجاهلها كعادتها الأيام السابقة ...


+



دقيقة وفتحت شيرين الباب لتتسع عينيها من حالتها المزرية ...


+




        

          


                

وجهها المنتفخ وعينيها الذابلتين والوهن الذي يملأ ملامحها رغم جمودها ...


+



لم تعرف ماذا تقول .. 


+



بقيت عاجزة عن الحديث ...


+



حائرة بين رغبتها في أن تسارع وتجذبها الى احضانها وتفهم منها ما حدث وجعلها بهذه الحالة المزرية وبين خوفها من ردة فعلها إذا ما تصرفت هكذا ...


+



في النهاية فسحت لها المجال لتدلف جيلان الى الداخل بصمت متجهة مباشرة الى غرفتها ..


+



فتحت باب الغرفة ودلفت الى الداخل حيث صفعت الباب خلفها وسارعت ترمي سترتها المرمية بإهمال فوق ذراعيها قبل أن تهوي بجسدها فوق السرير ...


+



بقيت جالسة مكانها تتأمل الفراغ حولها بعينين جامدتين بينما كفيها تقبضان على شرشف السرير بقوة شديدة ...


+



أخذت تشدد من قبضتها حتى شعرت إن الشرشف سوف يتمزق من شدة قبضة كفها ...


+



دارت بوجهها اتجاه المرآة فوجدت ملامحها تنضح بالألم والضياع ....


+



بدت وكأنها تتأمل ملامحها للمرة الأولى ...


+



عيناها الحمراوان شديدتي الذبول وقد تحول لونيها الأخضر في تلك اللحظة الى كتلة سوداء وسط بقعة بيضاء  مدججة بحمار شديد ...


+



ملامح وجهها المليحة كانت مخيفة في تلك اللحظة بعدما فقدت الحياة تماما فبدت كتلة صخرية متحجرة تماما ...


+



كانت تشعر بكل جزء منها محطم كليا برغم الجمود الذي يغلفه ...!


+



هي محطمة كليا ....


+



روحها محطمة ...


+



جسدها محطم ...


+



مشاعرها محطمة ...


+



هي مجرد حطام أنثى فقدت كيانها وروحها وشبابها منذ زمن فباتت تحيا جسدا دون روح ومهما حاولت أن تصطنع العكس ستفشل لإن روحها ماتت بالفعل ولا شيء قادر أن يحييها من جديد ...



+



*****************



+



أغلق هاتفه سريعا مرددا :-


+



" يجب أن أغادر ... "


+



ثم توقف وهو يستوعب إنها طبيبة فنطق دون تفكير :-


+



" أختي تعرضت للإغماء ... هي في المنزل الآن ... هل يمكنك أن ترينها ...؟!"


+



كان يتحدث دون تفكير فعقله كان مع حنين الذي أخبره والده إنها فقدت الوعي بينما والده مسافر خارج العاصمة في رحلة عمل ضرورية وزوجته ليست متواجدة في المنزل ...


+




        

          


                

الخادمة اتصلت به وأخبرته وهي بدورها عاجزة عن التصرف ....


+



قالت أروى بجدية :-


+



" سآتي معك  ...."


+



لم يحتج الأمر منها الى تفكير فطالما هناك حالة مرضية تستدعي تدخلها فلابد أن تسارع وتؤدي وظيفتها ...


+



في الحقيقة هي كان لديها شغف لا مثيل له بوظيفتها كطبيبة ...


+



تحب عملها بشدة ...


+



وهذا ما يجعلها لا تتذمر أبدا عندما يحتاج أي شخص تدخلها مهما كانت مشغولة ومتعبة كما إنها لا تنزعج من كثرة استفسارات المرضى وأهاليهم..


+



تحركت معه حيث أخبرته وهي تسير جانبه بعدما نزعت ردائها الطبي ووضعته جانبا باهمال ...


+



" سأتبعك بسيارتي ..."


+



أومأ برأسه دون رد حيث خرجا الى كراج المشفى بسرعة قياسية حيث سارع هو متجها نحو سيارته وهي بدورها ركبت سيارتها قبل أن تهتف به بجدية :-


+



" انا خلفك ... لا تسرع كثيرا كي لا أضيع سيارتك ..."


+



حرك رأسه بآلية وهو يركب سيارته حيث قادها متجها الى منزله تتبعه هي ...


+



وصلا الى هناك حيث سارع يشير نحوها لتتبعه عندما فتحت الخادمة لهما الباب فسارع نضال يتسائل :-


+



" أين هي الآن ...؟! هل أفاقت ...؟؟"


+



قالت الخادمة بسرعة :-


+



" نعم ولكنها ليست بخير ... ما زالت غير واعية بشكل كامل ..."


+



" خذيني عندها ..."


+



قالتها أروى وهي تتحرك الى الداخل تتبعها الخادمة يلحق بهما نضال ...


+



لا يعرف كيف مر الوقت عليه حتى خرجت أروى تهتف بجدية :-


+



" ارتفاع شديد في السكر كادت أن تدخل بسببه في غيبوبة .... "


1



أكملت بجدية :-


+



" يجب أن ترتاح وتتم متابعتها باستمرار حتى يستقر وضعها وبالطبع تأخذ أدويتها ..."


+



ثم أخذت تحدثه عن الأشياء التي يجب فعلها والخادمة تستمع لها بانتباه عندما أتت حياة في نفس اللحظة وهي تتسائل بذعر :-


+



 " ماذا حدث يا نضال ...؟! كيف حال حنين ...؟!"


+



" أفضل الآن ..."


+



قالها بخفوت لتنتبه الى اروى التي قالت بحرج :-


+



" أهلا حياة ..."


+




        

          


                

ابتلعت دهشتها من وجودها وهي تخبرها :-


+



" طمئنيني يا أروى ... هل هي بخير ...؟!"


+



قالت أروى تطمئنها :-


+



" إطمئني ... الحمد لله إننا وصلنا بسرعة قبل أن يتطور الأمر ..."


+



تنهدت حياة براحة مبدئية وهي تخبرها بامتنان :-


+



" شكرا كثيرا ..."


+



ثم أضافت بتوتر:-


+



" أنا يجب أن أراها ..."


+



قال نضال بسرعة :-


+



" ادخلي عندها وأنا سأوصل أروى الى الخارج ..."


+



تحركت حياة بسرعة حيث غرفة حنين بينما تحركت أروى بجانب نضال متجهة خارج الفيلا حتى وصلا الى الباب ليهتف نضال بجدية :-


+



" أشكرك كثيرا يا دكتورة ... "


+



قالت أروى بنفس الجدية :-


+



" لا داعي للشكر .. لقد قمت بواجبي ..."


+



تنهد مرددا :-


+



" من حسن حظي إنني كنتِ عندك عندما اتصل والدي بي ..."


+



هتفت بخفوت :-


+



" الحمد لله .. "


+



ثم نظرت الى ساعتها وقالت :-


+



" يجب أن أعود الى المشفى حالا ..."


+



قال بجدية :-


+



" بالطبع ، تفضلي ..."


+



تحركت بعدها نحو سيارتها حيث ركبت السيارة بينما بقي هو يتابعها بأنظاره حتى التقت عيناها بعينيه ليمنحها ابتسامة رزينة فتهز رأسها بتحية سريعة وهي تتحرك بسيارتها بعيدا عن المنزل بينما عاد هو أدراجه حيث الداخل متجها الى أخته ليطمئن عليها ...


+



*******************************************



+



صعد نضال الى غرفة حنين حيث وقف بجانب الباب يطرق عليها عندما صدح صوت حياة يسمح له بالدخول ...


+



تقدم الى الداخل فوجد حياة تساعد حنين في تسوية مخدتها بينما الأخيرة كانت شاحبة للغاية وآثار المرض ظاهرة على ملامح وجهها بوضوح ...


+



تقدم نحوها ووقف جانبها بينما حياة تقف قباله على الجانب الآخر ليسألها باهتمام شديد :-


+



" كيف أصبحت الآن ...؟! هل تشعرين إنك أفضل قليلا ...؟؟"


+



هزت رأسها بصمت ثم نطقت بصوت خافت ضعيف :-


+




        

          


                

" الحمد لله ..."


+



مال نحوها قابضا على كفها النحيل متسائلا مجددا :-


+



" ماذا حدث..؟! هل نسيت دوائك أم تناولت طعامك حلوا ...؟؟"


+



أجابت بتعب :-


+



" لا أعلم ... لا أتذكر سوى إنني فقدت وعيي فجأة .. هكذا دون سبب ...."


+



" ربما من الأفضل أن نتصل بالطبيب المسؤول عنها .... "


+



قالتها حياة بجدية وهي تسوي خصلات شعرها بعناية لتهمس حنين وهي تبتسم بضعف :-


+



" أنا بخير ... لا تضخما الأمر ..."


+



قال نضال بجدية :-


+



" سأتصل بالطبيب ليأتي ويراكِ بنفسه ... في النهاية هو طبيبك المسؤول عن متابعة حالتك ..."


+



" الطبيب خارج البلاد ... الخادمة كانت ستتصل به أساسا لو كان موجودا ..."


+



قالتها بصوت متعب لتهتف حياة بجدية :-


+



" لا بأس ... سنتحدث معه عندما يعود ..."


+



سأل نضال :-


+



" أين والدتك يا حياة ...؟؟"


+



أجابت حياة بجدية :-


+



" ماما سافرت مع والدك في رحلته .. ألم تكن تعلم..؟!"


+



هتف بتجهم :-


+



" الآن فهمت لمَ هي غير موجودة ...؟! كلا فحسب علمي إنه كان سيسافر وحده ..."


+



قالت حنين بتذكر :-


+



" نعم كان سيسافر وحده لكن ماما قررت أن تذهب معه بعدما علمت إنه سيعود نفس اليوم مساءا ..."


+



تدخلت حياة :-


+



" هما في طريقهما الى هنا أساسًا ..."


+



هز نضال رأسه بتفهم ثم أشار الى حنين :-


+



" سأتركك مع حياة .. ارتاحي وحاولي أن تنامي ... حسنا ..."


+



ثم منحها ابتسامة خفيفة قبل أن يتحرك خارج المكان تتبعه حنين بنظراتها عندما سارعت حياة تجلس جانبها تسألها بقلق خفي وهي تقبض على كفها :-


+



" كيف تشعرين الآن ...؟!"


+



تمتمت بخفوت :-


+



" أنا بخير ... حقا بخير ...."


+



" ماذا حدث بالضبط يا حنين ..؟! ألم تأخذي أدويتك ...؟! أخبريني ..."


+




        

          


                

أغمضت حنين عينيها مكتفية بالصمت فهي لا تعرف حقا سببا محددا لما حدث ...


+



ربما تدهور حالتها النفسية هي سبب ذلك فلا سبب منطقي عدا ذلك كما قلة نومها اليومين السابقين تسبب في إرهاقها أكثر ...


+



فتحت عينيها مجددا فوجدت حياة تحاوطها بنظراتها بقلق واضح فابتسمت بضعف مقررة ألا تفصح عن مكنونات صدرها لأي أحد مهما كان :-


+



" صدقيني أنا بخير ... "


+



" لكنني أشعر بذلك ..."


+



قالتها حياة بخفوت وهي تضيف :-


+



" تبدين مرهقة و موجوعة ..."


+



نطقت كلمتها الأخيرة بخفوت وقلبها يخبرها إن الأمر ليس مجرد نوبة سكر وانتهت ...


+



حنين بها شيء مختلف ... 


+



وكأنها تعاني ... تتألم ...


+



" تحدثي يا حنين ... أنا أختك وأكثر من سيفهمك ويقف بجانبك ويساعدك ..."


+



قالتها برجاء لتلمع الدموع الحبيسة في عيني حنين عندما سارعت ترمي جسدها داخل أحضانها وتبكي دون توقف ....


+



منها ما حدث وجعلها بهذه الحالة المزرية وبين خوفها من ردة فعلها إذا ما تصرفت *************


+



لا تعرف كيف غادرت بتلك السرعة ومن حسن حظها إنه لم يرها أحدا من سكان القصر فخالتها مشغولة مع يسرا وشقيقتها و راغب كانا يلقيان التحية عليها عندما خرجت راكضة متجهة الى المشفى الذي حصلت على عنوانه من الطبيب الذي أجاب على اتصالها ....


+



قادت سيارتها بسرعة قياسية حتى وصلت أخيرا لتتجه راكضة تتسائل عنه حتى دلتها احدى الممرضات على المكان الذي ستجده فيه فتحركت بخطوات سريعة حيث أشارت لتتوقف مكانها وهي تراه جالسا على أحد المقاعد يتحدث مع احد الاطباء هناك ...


+



جسده سليم باستثناء تلك الضمادة التي تغطي الجزء العلوي من جبينه وهناك آثار دماء على جانب وجهه ....


+



" كرم ..."


+



هتفت بها بلهفة لينتفض من مكانه مرددا :-


+



" هالة ... وأخيرا أتيت ..."


+



تقدمت نحوه تحتضنه بلا وعي بينما تهمس بعدم تصديق :-


+



" أنت بخير ... الحمد لله ... أنت سليم ..."


+



هتف وهو يحتضنها بدوره :-


+



" اهدئي يا هالة ... انا بخير ... مجرد حادث بسيط ..."


+



ابتعدت عنه تتفحصه بعينيها من جديد وكأنها تتأكد مجددا من سلامته عندما تحدثت بصوت لاهث متقطع :-


+




        

          


                

" اتصلت بك  .. أحدهم أجابني ... قال إنك تعرضت لحادث ... لم أنتظر سماع المزيد ... أخذت عنوان المشفى وأتيت سريعا ..."


+



" ليتك فهمتِ منه أولا .. كان حادثا عابرا ..."


+



قاطعته تتسائل بخوف :-


+



" كيف حدث ...؟! أخبرني ..."


+



" اهدئي أولا ..."


+



قالها محاولا طمأنتها وهو يجذبها من كفها متجها بها الى المقاعد خلفهما حيث أجلسها على أحد المقاعد لتقول بسرعة وهي تقبض على كفه :- 


+



" اجلس انت ايضا ... لا تبقى وافقا .. أنت مصاب ..."


+



ضحك مرددا :-


+



" لا تقلقي ... أخبرتك إنني بخير ..."


+



ثم انتبه الى الطبيب الذي يتابعهما مبتسما بهدوء والذي قال بدوره :-


+



" أنا سأذهب الآن لأتفقد بقية المرضى ... الحمد لله على سلامتك ..."


+



" أشكرك حقا يا دكتور ..."


+



قالها كرم ممتنا ليتحرك الطبيب بعدها فيلتفت كرم مجددا نحوها لتهتف به بحزم :-


+



" اجلس يا كرم .. "


+



سارع يجلس بجانبها وهو يخبرها :-


+



" انا بخير ... والله بخير ..."


+



أضاف وهو يلمس الضمادة :-


+



" جرح بسيط احتاج لبضعة غرز ..."


+



مدت أتأملها نحو الضماد تلمسه بخفة وهي تتسائل :-


+



" كيف حدث ذلك ...؟!"


+



تنهد مجيبا :-


+



"قطة قفزت أمام سيارتي فحاولت تفاديها لأفقد السيطرة على مقود السيارة وأصطدم بشجرة ضخمة ... رأسي اصطدم بالنافذة وقد تسبب الاصطدام بجرح عميق قليلا في جبيني احتاج الى خياطة فورية ..."


+



" قطة ... حدث كل هذا بسبب قطة .."


+



رددتها بذهول وهي تستوعب أخيرا إن أفكارها ومخاوفها لم تكن في محلها ...


1



تنهدت براحة بينما قال هو مبتسما :-


+



" تخيلي ... حدث كل هذا بسبب القطة ..."


+



ابتسمت براحة قبل أن تسأله مجددا باهتمام :-


+



" هل تؤلمك ...؟!"


+



تنهد مجيبا :-


+



" قليلا ،  وضعوا لي مخدر ...."


+




        

          


                

قبضت على كفه تخبره بصدق :-


+



" كدت أموت بسبب خوفي وقلقي عليك ..."


+



هتف مبتسما :-


+



" أيتها المجنونة ... لو صبرت قليلا واستمعت الى بقية حديث الرجل او أجبت على اتصالاتي المتكررة بعدها لوفرت على نفسك هذا الكم من الخوف بل الذعر ..."


+



" لا أعلم مالذي أصابني ... ما إن سمعت كلمة حادث حتى جن جنوني تماما وفقدت سيطرت على نفسي ... حملت مفاتيح سيارتي وركضت بسرعة قياسية الى الخارج ..."


+



تنهدت مضيفة:-


+



" الحمد لله إنك بخير ...."


+



ابتسم ثم قال بعدها بجدية :-


+



" هل سنبقى في المشفى ...؟!"


+



ابتسمت مرددة بخفة :-


+



" أنا لا مانع لدي من البقاء هنا ... معتادة على اجواء المستشفيات ..."


+



" وأنت تعرفين إنني لا أطيق المشفى بكل أجوائها ..."


+



هتفت مشاكسة :-


+



" ومع ذلك أحببت طبيبة عملها دائما بين جدران المشفى ..."


+



هتف مبتسما بصدق :-


+



" ماذا أفعل إذا كانت تلك الطبيبة خطفت قلبي دون إرادة مني فجعلتني مجبرا على ارتياد المستشفيات لأجل رؤيتها في فترات التدريب وغير ذلك ..."


+



وضعت كفها فوق جانب وجهه تخبره :-


+



"لا تنسى إن أول مرة تحركت فيها مشاعري نحوك كانت في المشفى ..."


+



ضحك مرددا :-


+



" كيف يمكنني أن أنسى ...؟! أساسا سأقوم بتقديم هدية شكر وعرفان الى ذلك المشفى لدوره المهم في علاقتنا ..."


+



ابتسمت بصمت قبل أن تشرد بعينيها بعيدا حيث عادت اليها ذكريات بداية علاقتها بكرم التي بدأت بصداقة جمعت كليهما ...


+



صداقة خالية من مشاعر الحب والغرام وتوطدت تلك الصداقة  بينهما وبقيت محافظة على هذا الإطار لمدة لا بأس بها حتى تغير فجأة كل شيء وتحركت مشاعرهما اتجاه بعضهما وتحولت الصداقة بينهما الى حب من كلا الطرفين ...


+



" أين شردت ...؟!"


+



أفاقت من أفكارها على سؤالها فهمست بصدق :-


+



" شردت بك... وبعلاقتنا التي كانت بدايتها صداقة ثم تحولت الى حب كبير ..."


+



قال بصدق :-


+




        

          


                

" نعم ، أنت كنتِ صديقتي المقربة ثم حبيبتي وقريبا خطيبتي وبعدها زوجتي ..."


+



قالت بجدية :-


+



" هل تعلم إن هذا أجمل شيء في علاقتنا ...؟! إننا بدئنا كصديقين ثم تحولنا الى عاشقين .... "


+



" أنا أعلم شيئا واحدا فقط ..."


+



نظرت له باهتمام ليقبض على كفها ويرفعه نحو شفتيه يقبله ثم يقول بعينين عاشقتين :-


+



" إنني أكثر رجل محظوظ في الدنيا كونك أنتِ دونا عن الجميع حبيبتي ..."


+



شعرت بالخجل يغزوها كليا قبل أن تلتفت الى الجانب فتنصدم من عدد الأشخاص الذين يحملقون فيهما لتستوعب أخيرًا حقيقة إنهما ما زالا في المشفى في قسم الطوارئ تحديدا حيث المرضى والممرضين والأطباء وغيرهم ...


+



نهض كرم من مكانه مرددا بحرج:-


+



" برأيي أن نغادر أفضل ...."


+



" وهذا رأيي كذلك ..."


+



قالتها وهي تتحرك جانبه متجهين خارج 


+



المشفى بيدين متشابكتين ...!


+



*************


+



في طريق العودة عادت الذكريات تغزو عقلها دون رحمة ...


+



ذكريات لا تتعلق بكرم هذه المرة ...


+



ذكريات تخص الآخر الذي عاد يقتحم حياتها مجددا مشهرا أسلحته في وجهها ...


+



آخر تعرفه جيدا ومعرفتها له تجعلها تخشاه كثيرا ..!



+



قبل بضعة أعوام ...


+



حفل ضخم في قصر عابد الهاشمي بمناسبة تخرج ولده الأصغر فيصل من الثانوية بمعدل جيد للغاية ..


+



كانت هالة تقف بجانب توليب وبجانبهما اثنتان من صديقات المدرسة ...


+



كن يتبادلن الأحاديث العامة التي لا تخلو من المزاح والضحكات ...


+



الحفل كان ضخما قليلا ويضم معارف كثر يتخطون حاجز العائلة حيث معارف وأصدقاء العائلة ورجال أعمال وغيرهم الكثير ...


+



أقيم الحفل في حديقة القصر الفخمة والأجواء كانت مميزة كالعادة ...


+



اتجهت الانظار لا اراديا نحو احدى الشابات الفاتنات التي دخلت الحفل متأبطة ذراع شاب وسيم على ما يبدو زوجها ...


+



كانت جميلة بحق مما جعل احدى صديقات هالة وتوليب تهتف بإنبهار :-


+



" يا إلهي كم هي جميلة ... خطفت الأبصار حرفيا ...."


+




        

          


                

أيدتها توليب :-


+



" جميلة ومثيرة للغاية ...."


+



مطت هالة شفتيها مرددة :-


+



" ليس الى هذا الحد ...."


+



قالت الرابعة :-


+



" بلى ، إنها جميلة حقا ..."


+



هتفت هالة ببرود :-


+



" ترتدي فستانا مكشوفا وتضع أطنانا من المكياج ناهيك عن عمليات التجميل ..  طبيعي أن تخطف الأنظار خاصة ونصف جسدها ظاهر بسبب قصر الفستان وضيقه ..."


+



مازحتها صديقتها :-


+



" ما بالك يا هالة ..؟! لم أنت منزعجة هكذا ...؟!"


+



قالت بجدية :-


+



" ولم سأنزعج ..؟! أنا فقط لا أحب المبالغات ..."


+



" لكنها جميلة حقا .."


+



قالتها باصرار وهي تضيف :-


+



" وحتى لو كانت تتعمد ابراز جمالها وحتى لو قامت بعمليات تجميل ..  هذا لا يلغي حقيقته كونها جميلة من الأساس وإلا ما ظهرت بهذه الصوره المثيرة ..."


+



أضافت الرابعة تؤيدها بينما توليب تتابع الحوار بملل وقد بدا لها إن الحديث أخذ أكبر من حجمه بكثير :-


+



" نعم ، بالضبط عزيزتي ... يعني مثلا لو أي واحدة منا ارتدت فستان مماثل وقامت بعمليات تجميل مشابهة كما تدعي هالة فهل ستظهر بنفس الفتنة ..؟! بالطبع لا ..."


+



قالت هالة ببرود :-


+



" تحدثي عن نفسك ... أنا فاتنة بدون أن أرتدي ملابس مكشوفة كهذه أو أقوم بعمليات تجميل ..."


+



" توقفي بالله عليك ..."


+



قالتها الثالثة بسخرية وهي تضيف :-


+



" أين هذه الفتنة أخبريني ...؟؟ لا أرى إن أحدهم التفت نحوك منذ بداية الحفل ..."


+



هتفت هالة بنبرة محتقنة :-


+



" تتحدثين وكأن هناك من التفت لك ..."


+



هتفت الأخرى ببرود :-


+



" على الأقل أنا لا أبالغ في مديح نفسي وجمالي مثلك ..."


+



هتفت هالة بغضب مكتوم :-


+



" أنا لا أبالغ ... انت بالفعل جميلة بل فاتنة والجميع يقول هذا ..."


+




        

          


                

" حقا ...؟! اثبتي لي ذلك..."


+



قالتها باستهانة لترفع هالة حاجبها متسائلا بخفة :-


+



" وكيف سأفعل ..؟!"


+



" لا أعلم .. تصرفي ... حاولي أن تلفتي نظر أحدهم ... أم إنك لا تستطعين ..؟!"


+



نطقت الجملة الأخيرة باستفزاز متعمد جعل ملامح هالة تحتقن كليا ...


+



" يمكنني إغواء أي شاب تختارينه في هذا الحفل ..!!"


+



قالتها هالة بإندفاع لا يخلو من التعالي لتقابلها عيني صديقتها الهازئتين وهي تردد بسخرية :-


+



" لا تبالغي عزيزتي هالة ...."


+



عقدت هالة ذراعيها أمام صدرها تخبرها بثبات يخفي وراءه أعصاب وصلت ذروتها بسبب تلك المستفزة الواقفة أمامها بتبجج سافر :-


+



" يمكنك أن تري ذلك بنفسك .. "


+



أكملت وهي تمرر بصرها في أرجاء المكان قبل أن تعود ببصرها عليها وهي تضيف بتروي :-


+



" يمكنك إختيار الشاب الذي تريدينه .. "


+



مطت الأخرى شفتيها بإستهانة ثم أخذت تقلب بصرها مدعية الملل بينما الإثارة بلغت ذروتها داخلها من ذلك الرهان الذي ستربحه هي بكل تأكيد ..


+



غمغمت أخيرا ببرود كاذب :-


+



" حسنا سنرى ..."


+



سألتها هالة متجاهلة نظرات ابنة خالتها الغير راضية :-


+



" أنتظر خيارك.."


+



عادت تحرك بصرها في المكان تتأمل الضيوف من الشباب الذين بدوا كثيرين للغاية ...


+



بحثت عن أكثر الشباب صعوبة للإيقاع به فهي تريد الخسارة لها دون محالة ...


+



لحظات وسقطت عينيها عليها فابتسمت بتلكؤ وهي تردد :-


+



" وجدته ..."


+



سألتها هالة بحاجبين معقودين :-


+



" من هو ...؟!"


+



ابتسمت بمكر وهي تشير بعينيها تجاهه لتكتم هالة شهقة كادت أن تفلت منها وهي تتمتم :-


+



" أثير الهاشمي ..."


+



جحظت عينا توليب بينما قالت الأخرى بخبث مقصود :-


+



" بشحمه ولحمه .. أثير الهاشمي .. إبن سيادة الوزير الذي تحاوطه الفتيات من كل حدب وصوب دون أن ينلن منه ولو نظرة بسيطة فهو منيع ضد الجنس الناعم على ما يبدو ... "


+




        

          


                

أكملت وهي تهمس لها بتروي :-


+



" والآن دعيني أرى قدراتك عزيزتي هالة فالصيد كما ترين صعب للغاية ويستحق الرهان ... أليس كذلك ..؟!"


+



صاحت توليب معترضة :-


+



" هل جننتم ...؟!"


+



نقلت هالة بصرها بين كلتيهما بينما أضافت توليب بضيق ورفض قاطع :-


+



" هذا مستحيل ... إنه ابن عمتي ...."


+



" دعينا نستمتع قليلا يا تولاي ..."


+



قالتها الفتاة ببرود مستفز بينما أشارت هالة لتوليب بعينيها بنظرة فهمتها الأخيرة ..


+



نظرة كانت تمثل شفرة بينهما جعلت توليب تطمئن قليلا بينما هالة قالت بحزم مصطنع لصديقتها :-


+



" توقفي يا تولاي .. هذا رهان ... وأنا يجب أن أربحه .."


+



ضحكت الفتاة بسخافة وهي تخبرها :-


+



" أرينا كيف ستفعلين ذلك ...؟!"


+



بينما الرابعة كانت تتابع ما يحدث بصمت وقد بدا الحديث غير مرحبا به بالنسبة لها ...


+



تحركت هالة بذقن شامخ تتابعها توليب بقلق فهي لا تعرف ما الجنون الذي سوف ترتكبه هالة كي تربح الرهان وهي التي لن تقبل بالخسارة كعادتها ولكن ما كان يخيفها أكثر هو أثير نفسه والذي تعرفه جيدا وتعرف نتيجة العبث معه ..!


+



اتجهت هالة نحو الطاولة المقابلة للطاولة التي يقف عليها أثير بجانب مهند وصديق ثالث لهما اسمه عادل وهو يشكل مع مهند وأثير ثلاثي بدأت علاقتهم منذ الطفولة وامتدت حتى الوقت الحالي وهم في الجامعة ....


+



كان أثير مندمجا كليا في حديثه مع عادل ومهند بينما وقفت هالة تتابعه بتأني مقصود وهي تنتظر منه أن يلمح نظراتها الخاصة نحوه ..


+



اتجهت ببصرها نحو تلك الحمقاء فوجدتها تتابعها بملامح تحمل السخرية والاستهانة مما جعلها تهتف داخلها بغيظ :-


+



" انظر نحوي ولو لمرة أيها الأحمق ..."


+



وفي خضم غضبها كانت تتحرك بعصبية جعلتها تصطدم بالنادل الذي يحمل أكواب العصير فسقطت الصينية منه بينما شهقت هي بصدمة وأخذت تعتذر منه بسرعة فالخطأ كان منها ....


+



تقدم مهند بسرعة نحوها كونه كان الأقرب لها يطمئن عليها وعلى النادل عندما تقبل النادل اعتذارها بينما سألها مهند وهو يقبض على ساعدها بحمية :-


+



" ماذا حدث ...؟؟ هل أنت بخير ...؟!" 


+



ردت بتجهم :-


+




        

          


                

" بخير ..."


+



ثم رفعت بصرها لتجد كلا من عادل وأثير يتابعان ما يحدث باهتمام ...


+



عندما توجهت بنظرات حادة مشتعلة نحو أثير ..


+



عيناها الرماديتان كانتا تنظران له بحدة وشراسة غير مفهومة بالنسبة له ....


1



صبت هالة جم غضبها عليه من خلال نظرات عينيها الناقمة الموجهة نحوه عن قصد وكأنها تريد إخباره إنه السبب ولم تكن تعلم إن تلك النظرة سقطت مثل السهم  في منتصف قلبه جعلت نبضة عسرة تتحرر منه دون إدراك من أثير نفسه الذي وقف عاجزا عن ترجمة هذا الشعور الغريب وتلك النبضة التي زاغت من قلبه ما إن إلتقت عيناه بوهج عينيها القاتل ..!


+



جذبت هالة انتباهه كليا في تلك اللحظة ...


+



سيطرت على حواسه حتى بدا وكأن العالم حوله اختفى ولم يتبق سواها .. 


+



أخذ  يتأملها مرغما بتمهل وتمعن ... 


+



لون عينيها في تلك اللحظة  بدا بلون العواصف والغيوم الكثيفة وقت الغروب  مع ملامح وجهها والتي ينتبه لأول مرة الى مدى جمالها وحسنها ...


+



يتذكر أنه كان يراها قليلا قبل سفره منذ حوالي ثلاثة اعوام خارج البلاد ولم يكن يجمعهما أكثر من سلام عابر رغم علاقتها العميقة بأبناء خاله فهي تربت معهم وتعتبر واحدة من العائلة ...


+



هل كبرت بهذه السرعة ..؟!


+



تسائل وهو يتأملها بتمهل غير واعيا إن نظرة عينيها الحادة الموجهة نحوه عن قصد أوقعته في شرك عشق غمر روحه وكيانه ...


+



كان عشقا من النظرة الأولى ....!


+



وجدها تتقدم نحوه بجانب مهند فشعر بنبضات قلبه ترتفع بشكل جديد عليه ومزعج ...


+



هتف مهند :-


+



" تعالي يا هالة ... عادل وأثير ... بالطبع تعرفينهما ..."


+



" كيف حالك يا هالة..؟!"


+



قالها عادل بدماثة جعلتها تبتسم بلطف وهي تحييه :-


+



" أهلا عادل ، كيف حالك ...؟!"


+



بينما بدا أثير مذهول لتحول ملامح وجهها بهذه السرعة من النقمة والغضب الى اللطافة اللا محدودة ولكن عليه أن يعترف إنها في كلتا الحالتين جميلة بل فاتنة ولكن الغضب والحدة تمنحان ملامحها جاذبية آخاذة خاصة بتلك الشراسة التي تنطلق من عينيها الرماديتين ...


+



" ألن تحيي أثير أيضا ..؟!"


+



قالها مهند بعفوية بينما اتجهت هالة بأنظارها نحو أثير وقد تحول وجهها في نفس اللحظة وكأنه خلع  قناع اللطف الذي ارتداه أمام عادل قبل لحظة وعاد الى طبيعته الحادة الغاضبة والناقمة عليه لسبب غير مفهوم ..


+




        

          


                

طالعها أثير بحيرة بينما هتفت هي من بين أسنانها :-


+



" أهلا ..."


+



رفع أثير حاجبه بدهشة قبل أن يرد ببرود متعمد :-


+



" أهلا بك .."


+



شعر مهند بوجود خلل ما فسأل بحيرة :-


+



" هل هناك مشكلة ...؟!"


+



أجابت بسرعة وصوت قاطع :


+



" كلا ..."


+



تشكلت ابتسامة لا ارادية على جانب فم أثير تحمل سخرية عفوية لتتسائل هالة بحدة :-


+



" لماذا تضحك ...؟!"


+



" عفوا .."


+



قالها أثير مدهوشا بينما هدر مهند اسمها بصرامة تجاهلتها ليهتف أثير بجمود كسا ملامحه :


+



" ماذا يعني هذا ..؟!"


+



عقدت ذراعيها أمام صدرها تخبره :-


+



" كنت تضحك .. ما سبب ضحكتك الكريمة ...؟!"


+



" وما شأنك أنت ..؟!"


+



قالها ببرود جعلها ترغب في صفعه على وجهه ...


+



الأحمق المغرور ...


+



ألا يكفي إنه جعلها تخسر الرهان بل الأسوء إنها ستصبح محل سخرية تلك الحمقاء بعد الآن ... ؟!


+



" ماذا هناك يا هالة ...؟!"


+



سألها مهند قلقا من تصرفاتها الغريبة وعصبيتها الغير مفهومة لتكسو الخيبة ملامحها لا إراديا ويتهدل كتفيها بينما تجيب بحزن طفولي :


+



" لا شيء ..."


+



ثم تحركت بعيدا ليهتف مهند مستأذنا :-


+



" سأرى ما بها وأعود ..."


+



التفت عادل نحو صديقه يسأله :


+



" ماذا حدث يا أثير ..؟!"


+



هتف أثير بعدم ادراك :-


+



" لا أعلم حقا .."


+



بينما كانت عيناه تتابعانها وهي تبتعد متجهة الى احد الزوايا يلحقها مهند ....


+



نهر نفسه بقوة كونه يتبعها ببصره فأشاح وجهه بعيدا لتقع عيناه على توليب ابنة خاله وهي تشير له بيديها بينما تقف بعيدا قليلا منزوية في أحد أركان المكان ...


+



عقد حاجبيه بحيرة مما يحدث وقد بدت الأخيرة تحاول لفت انتباهه ليراها منذ مدة ليست بقصيرة ..


+




        

          


                

تحرك في النهاية مستسلما متجها نحوها ليفهم ما بها وماذا تريد منه ..


+



***********************************


+



" من الجيد إنك أتيت ..."


+



قالتها توليب بجدية ليسأل أثير بوجوم من غرابة ما يحدث حوله :-


+



" ماذا يحدث بالضبط يا تولاي ...؟!"


+



حركت توليب بصرها يمينا ويسرا كمن يخشى أن يراه أحد وهو يرتكب جريمة تتمثل بسرقة الشوكولاتة ربما بينما أثير يتابعها بنفاذ صبر لتقول بجدية :-


+



" عدني أن تساعدنا ..."


+



" بماذا ..؟!"


+



سألها بضيق لتهتف برجاء :-


+



" عدني أولا ..."


+



هدر بحزم :-


+



" لن أمنحك وعدا دون أن أعرف الشيء نفسه ..."


+



زفرت أنفاسها بضيق ثم قالت بتردد :-


+



" صديقتنا انا وهالة ... راهنت هالة إنها لن تستطيع الايقاع بك ..."


+



" عفوا ..."


+



قالها أثير مدهوشا من صراحة ابنة خاله التي ربما ستؤدي بها مع ابنة خالتها الى مشاكل كبيرة لو سمع أحدهم ما تفوهت به من حماقة بينما سارعت توليب تسرد على مسامعه ما حدث كمحاولة لتبرير سبب الرهان وما حدث ..


+



أنهت حديثها أخيرا ليتابعها أثير بوجوم قبل أن يهتف ببرود :-


+



" أطفال ... أنتم مجرد أطفال حمقى ... ماذا سأنتظر منكم أكثر ..؟!"


+



ثم هم بالتحرك عندما أوقفته توليب قابضة على ذراعيه تتوسله :-


+



" ارجوك ساعدها يا أثير ... ستخسر الرهان وهذا سوف يحزنها كثيرا ..."


+



" هل جننت ..؟!"


+



هدر بها ثم قال بتحذير :-


+



" هل ستعلمين مالذي سيفعله خالي او حتى راغب إذا علما بهذه الحماقات ...؟!"


+



زمت شفتيها بعبوس لتقول أخيرا :-


+



" لا داعي لكل هذا ... يمكنك أن ترفض ... مع إنك لن تخسر شيئا لو ساعدتها كي تكسب الرهان كي لا تبدو بذلك المظهر السخيف أمام صديقتها ..."


+



" هي تكسب الرهان وتظهر بشكل جيد أمامها بينما أنا أبدو كالأحمق أمامهم عادي جدا ..."


+



قالت ببساطة :-


+



" أنت لا تعرفهم ولا يعرفونك ولن تراهم بعد الآن ولن يرونك ... "


+




        

          


                

" اصمتي بالله عليك ... "


+



قالها بضيق مضيفا بتحذير :-


+



" وتوقفي عن هذه التفاهات أنت وابنة خالتك المصون .. أعتقد إنكما كبرتما على تصرفات الاطفال ... هذه تصرفات تناسب فتيات في المرحلة الأبتدائية لا فتيات لم يتبقَ لهما سوى عام واحد ويتخرجان من المدرسة ..."


+



تحرك بعدها متجها حيث صديقه تاركا توليب تتابع آثره بحسرة ...


+



بينما عاد هو ووقف بجانب صديقه مدعيا عدم الاهتمام بينما قلبه وكيانه بأكمله يرغب في النظر نحوها عندما حانت منه التفاتة نحوها ليجد تقف لوحدها على احدى الطاولات البعيدة تتابع الحفل بملامح خائبة ...


+



زفر أنفاسه بضيق وأشاح وجهها مقررا عدم التدخل فما علاقته بهكذا تصرفات حمقاء ...؟!


+



" هل أنت بخير ...؟!"


+



سأله عادل وعلى ما يبدو إنه شعر بوجود خطب ما في صديقه عندما تقدم مهند نحوهما ليهتف أثير بوجوم وهو يتحرك بعيدا :-


+



" عن إذنكما ..."


+



ثم اتجه نحوها وقد دفعه قلبه لمساعدتها غافلا عن كون قلبه هو المحرك الوحيد له في تلك اللحظة فلو حكم عقله قليلا كعادته ما كان ليتحرك خطوة واحدة نحوها 


1



**********************************


+



نظرت له هالة مذهولة عندما هتف بنبرة جادة تشبه نظراته :-


+



" هل تأتين معي ...؟!"


+



سألته ببلاهة :-


+



" إلى أين ..؟!"


+



مال نحوها يهمس لها بنبرة خافتة :-


+



" حيث تشائين ..."


+



أضاف وعيناه تلتقيان بعينيها فغرقت في نظراته القوية الصارمة في تلك اللحظة دون أن تستوعب ما نطق به في بادئ الأمر :-


+



" كي تربحي الرهان ...."


+



رمشت بعينيها بتوتر شديد من قربه هذا ونظراته بينما غرق هو بدوره في تأملها عن قرب وقد شتت عطرها الناعم انتباهه كليا حتى اقتحمته رغبة مخيفة في عناقها وغمرها داخل أحضانه ..


+



رغبة لجمها بعنف بينما استطاعت هي أن تتحدث أخيرا وقد استوعبت ما قاله :-


+



" أي رهان ..؟! ماذا تقول ..؟!"


+



" عرفت كل شيء وها أنا سأتنازل وأساعدك ..."


+



قالها ببرود وغرور مقصود لترفع عينيها نحوه لوهلة قبل أن يكسو الضيق ملامحها ...


+




        

          


                

ماذا يظن نفسه ذلك المغرور ...؟!


+



مال أثير نحوها مستمتعا بتلك التقلبات التي لاحت فوق ملامح وجهها وفي نظرة عينيها عندما قال بخفة :-


+



" ولكن سوف تساعديني أنت أيضا في المقابل ...؟!"


+



" عفوا ..."


+



نطقت بها بعدم استيعاب ليهتف مبتسما ببساطة وجاذبية :-


+



" مساعدة مقابل مساعدة ... أنا سأجعلك تربحين رهانك مع صديقتك وأنت سوف تساعديني بدورك في التخلص من تلك الفتاة الملتصقة بي منذ فترة وترفض تصديق إنني مرتبط بأخرى غيرها ...!"


1



وكان تصرفه هذا أكثر تصرف أحمق ارتكبه في حياته ولكنه كان راضيا ومستمتعا بشكل جعله يتغاضى عن حماقة  تصرفه هذا ولا يبدأ بلوم نفسه ...!


+



**************


+



ركنت هالة سيارتها في كراج القصر وهبطت منها لتجد مهند يتقدم في سيارته داخل الكراج فوقفت تنتظره وملامحه بدت متكدرة كليا ...


+



هبط مهند من سيارته لتباغته هالة متسائلة :-


+



" ما بالك ...؟! تبدو منزعجا .."


+



هتف مهند بضيق :-


+



" ماذا تفعل يسرا هنا لا أفهم ...؟! لماذا أتت ...؟!"


+



تجهمت ملامحها وهي تخبره :-


+



" هل تصدق إنني نسيت أمرها ...؟!"


+



هتف مهند بتململ:-


+



" سأضطر الى تحمل سماجتها على الغداء ... تخيلي ذلك ..."


+



ضحكت هالة مرغمة ثم قالت بجدية :-


+



" تناول الغداء ثم اصعد فورا الى جناحك ..."


+



هتف مهند ساخرا :-


+



" على أساس إنني كنت أنوي البقاء معها وتبادل الأحاديث حتى المساء ..."


+



ثم تحركا سويا متجهين الى الداخل حيث صالة الجلوس لتهتف زهرة مبتسمة :-


+



" مهند وهالة وصلا أخيرا.."


+



تقدمت هالة نحو خالتها أولا متعمدة أن تقبلها من وجنتيها دون أن تنظر نحو يسرا التي فهمت تصرف الصغيرة الحمقاء فابتسمت داخلها بسخرية على حماقتها تبعها مهند الذي كان في نظرها لا يقل حماقة عن هالة ....


+



" يسرا أتت لزيارتنا يا مهند ..."


+



قالتها زهرة وهي تبتسم لمهند ليكشر مهند عن إبتسامة صفراء في وجه والدته بينما تقدمت هالة نحو يسرا تهتف بترفع :-


+




        

          


                

" حمد لله على سلامتك ..."


+



تمتمت يسرا باقتضاب :-


+



" شكرا يا هالة..."


+



أكملت وهي تسير بنظراتها عليها :-


+



" تغيرت كثيرا ..."


+



قالت هالة ببرود :-


+



" بالطبع سأتغير ... آخر مرة التقينا فيها منذ عدة أعوام ولولا طلاقك ما كنا لنلتقي بعدها أبدا ..."


+



جحظت عينا زهرة بيتما كتم مهند ضحكته بصعوبة عندما هتفت هالة بسرعة وهي ترسم الأسف على ملامحها :-


+



" أووه آسفة .. أقصد إننا بالفعل لم نكن لنلتقي لولا عودتك المفاجئة بسبب طلاقك للأسف ..."


+



" ولماذا تتأسفين عزيزتي ... ؟! لا يوجد شيء يدعو للتأسف ..."


+



قالتها يسرا بابتسامة باردة لتهتف هالة بابتسامة بدت ليسرا سخيفة للغاية :-


+



 " معك حق ... أساسا الطلاق لم يعد شيئا سيئا يدعو للتعاسة .. على العكس بل هو بات  فرصة للتحرر وبداية حياة جديدة حتى إن المطلقات أصبحن يقمن احتفالات بمناسبة طلاقهن ..."


+



قالت زهرة بسرعة تحاول  إسكات هالة :-


+



" ألن تحيي يسرا يا مهند ..؟!"


+



تمتم مهند ببرود :-


+



" بالطبع ..."


+



ثم هتف من بين أسنانه وهو ينظر نحوها :-


+



" الحمد لله على سلامتك ..."


+



ردت يسرا بابتسامة مقتضبة :-


+



" شكرا عزيزي مهند ..."


+



اتجهت هالة وجلست بجانب خالتها وهي تبتسم لها بينما زهرة تنظر لها بتأنيب حتى وصلت توليب التي اتجهت ترحب بيسرا يتبعها فيصل بعد دقائق ...


+



تقدم بعدها راغب وهمسة مجددا وقد حرص راغب أن يمسك بيد زوجته وهو يدخل الى المكان عندما نهض الجميع يرحبون بهم وبعودتهم من رحلتهم ..


+



استقبل كلاهما التحية من الجميع ثم اتجها وجلسا على الكنبة الفارغة حيث أحاط راغب كتفي يسرا بذراعيه مما جعل فيصل يهمس لمهند الجالس جانبه :-


+



" أقسم لك إن ما تراه مجرد صورة مصطنعة بينما الواقع فإن شقيقك الأكبر وزوجته سوف يبيتان في غرف منفصلة الليلة ..."


+



" اصمت الآن ..."


+



قالها مهند بتحذير بينما تقدم عابد لتنهض يسرا من مكانها تستقبله وهي ترحب به ليرد عابد تحيتها بهدوء لا يخلو من الفتور ...


+




        

          


                

دقائق أخرى مرت قبل أن يتجه الجميع الى غرفة الطعام ليبدئوا في تناول طعام الغداء في ظل غياب راجي الذي كان مشغولا في عمله كعادته ..


1



************


+



بعد الغداء ...


+



تقدمت الخادمة تحمل الشاي معها للجميع عندما سأل فيصل باهتمام :-


+



" هل تنوين الاستقرار هنا بعد الآن يا يسرا ...؟!"


+



أجابت يسرا بجدية :-


+



" بالطبع عزيزي فيصل .. عائلتي بأكملها هنا فماذا سأفعل بالخارج ..."


+



سألت زهرة باهتمام :-


+



" وعملك في الخارج ...؟!"


+



ردت يسرا بجدية :-


+



" سأنقله تدريجيا الى هنا .. فأنت تعرفين يا عمتي إنني لا يمكنني الاستغناء عن عملي أبدا ..."


+



نهض عابد معتذرا عن اكمال الجلسة مقررا الصعود الى جناحه لأجل الراحة ولم يغب عن زوجته عدم رضاه عن وجود يسرا ...


+



أرادت زهرة أن تتبعه لكنها تراجعت مفكرة إن بقائها وسطهم أفضل لهم ...


+



دقيقتان ونهض مهند معتذرا هو الآخر مقررا الراحة لتهمس توليب الى هالة تسألها إذا ما كانت ستصعد هي الأخرى لتجيبها هالة :-


+



" كلا ، لن أصعد .. سأبقى هنا مستعدة في حالة حدوث أي جدال أو موقف فأنا الوحيدة التي أستطيع التصدي لها ..."


+



كتمت توليب ابتسامتها بسبب حديث هالة العدائي بينما اتجهت يسرا ببصرها نحو راغب وهمسة تخبرهما :-


+



" يمكنكما المغادرة الى جناحكما لأجل الراحة فأنتما بالطبع مرهقان بسبب السفر كما إنه يكفي وجود عمتي ... لا داعي للاحراج ..."


+



هم راغب بالرد إلا إن همسة سبقته قائلة :-


+



" الأمر ليس كذلك يا يسرا ... نحن معتادون على التواجد وقضاء الوقت سويا بعد الغداء حيث نتناول الشاي ونتبادل الأحاديث... هذه عاداتنا بوجود ضيف من عدمه ...."


+



نظر لها راغب مدهوشا من هدوئها وحديثها الذي يحمل رسالة مبطنة واضحة للغاية لتلتفت همسة نحوه فترى في عينيه نظرات فخر أثلجت صدرها لوهلة قبل أن تشمخ بذقنها بثقة وهي تضيف بينما تتجه بأنظارها نحو خالتها التي كانت تبتسم لها بهدوء :-


+



" سأطلب من الخدم أن يأتو بالفواكه ..."


+



أضافت وهي تسأل الموجودين  :-


+




        

          


                

" هل يرغب أحدكم بتناول شيء ما الى جانب الفواكه ..."


+



قال فيصل :-


+



" عصير برتقال يا هموس فأنا لا أحب الشاي كثيرا ..."


+



" من عيوني ..."


+



قالتها همسة مبتسمة قبل أن تتحرك خارج المكان بينما نهضت هالة من مكانها واتجهت نحو زوج شقيقتها حيث جلست جانبه ليحاوطها هو بذراعيه في ردة فعل عفوية معتادة بينما تسأله هي بتعمد :-


+



" كيف كانت الرحلة ...؟!"


+



أجاب مبتسما :-


+



" رائعة ... استمتعنا كثيرا .. خاصة الأولاد ..."


+



هتفت بحماس مقصود :-


+



" نعم أخبروني بذلك حتى إنهم أرسلوا صورا عديدة لي لكن هناك صورة مميزة للغاية .."


+



قالت جملتها الأخيرة ثم سارعت تفتح هاتفها وتبحث عن صورة السيلفي العائلية التي أرسلها لها ابن شقيقتها لتفتحها أمام راغب وهي تخبره :-


+



" كم رائعة هذه الصورة ...؟!"


+



أخذ راغب الصورة يتأملها بشرود وعيناه لا تريان سوى زوجته المبتسمة بنعومة وهي بين أحضانه ومعهما أولادهما الثلاثة ...


+



سحبت هالة الصورة ثم نهضت من مكانها مدعية إنها تريد أن تريها لكل أفراد العائلة حتى وصلت الى يسرا ووضعت الصورة أمام عينيها لترسم ابتسامة باردة وهي تهتف :-


+



" حقا صورة عائلية مميزة ..."


+



ثم نظرت الى راغب تضيف :-


+



" أدام الله الحب والإستقرار عليكم ..."


+



" شكرا ..."


+



قالها راغب باقتضاب بينما تقدمت همسة أمام  خادمتين تحملان معهما الفواكة المنوعة بينما تحمل هي معها عصير البرتقال لفيصل حيث تناول فيصل كأس العصير وهو يشكرها بينما اتجهت هي تجلس بجانب زوجها مجددا الذي أحاط كتفيها بذراعيه بينما مالت هي بجسدها نحوه مستكينة تماما جانبه عن قصد ...'


+



*****************


+



عادت أروى الى المشفى وسارعت تباشر عملها الذي امتد حتى المساء فهي ستقضي الليلة في المشفى كما يقتضي الجدول ...


+



اتجهت الى غرفتها تستريح قليلا قبل بداية موعد جولتها الليلية عندما سمعت صوت طرقات على باب الغرفة يتبعها دخول نغم وهي تحمل أكياس محملة بالطعام بينما ابتسامتها تملأ ثغرها كالعادة ..


+




        

          


                

هتفت أروى وهي تبتسم بارهاق :-


+



" أهلا نغم ..."


+



تقدمت نغم ووضعت الأكياس على الطاولة الجانبية للمكتب وقالت :-


+



" اليوم لدي خفارة ليلية معك ... قلت لأجلب الطعام ونتناول العشاء سويا ..."


+



أضافت بجدية :-


+



" لا تقولي إنك لست جائعة ..."


+



هتفت أروى مبتسمة :-


+



" بلى ، أنا بالفعل جائعة ..."


+



" ماذا تنتظرين ... تعالي وتناولي الطعام معي .."


+



أضافت بمرح :-


+



" جلبت الكثير من الأطعمة اللذيذة ... البيتزا والشاورما والبطاطا المقلية بالطبع ...."


+



" هذا كثير حقا ..."


+



قالتها أروى وهي تتأمل الطعام قبل أن تجلس قبالها وتبدأ بتناول الطعام معها ....


+



أخذا يتبادلان الأحاديث العامة بينما تتناولان الطعام عندما قالت نغم وهي تحمل كيسا مغلقا :-


+



" أتيت بهذا الساندويش لدكتور راجي ... "


+



ابتسمت أروى بصمت لتهتف نغم ببساطة :-


+



" يعني لقد ساعدني البارحة واهتم بي وهو أيضا لديه خفارة الليلة ..."


+



قالت أروى بجدية :-


+



" خذيها له ..."


+



" لا يمكن ..."


+



قالتها نغم بسرعة ثم أضافت بنعومة :-


+



" ما رأيك أن تأخذيها أنت ...؟!"


+



جحظت عينا أروى وهي تردد بعدم تصديق :-


+



" أنا ..."


+



ثم أضافت بذهول :-


+



" ماذا تقولين يا نغم ..؟! بأي صفة سآخذ الطعام له ... ؟!"


+



هتفت نغم بسرعة :-


+



" اسمعيني اولا .. ستقولين إن الطعام مني بالطبع ...."


+



عقدت أروى ذراعيها أمام صدرها تخبرها :-


+



" اشرحي لي من فضلك ..."


+



تنهدت نغم ثم قالت :-


+



" ستأخذين الطعام وتقولي إنني أتيت بطعام العشاء لنا  وتبقى الكثير من الطعام الذي ما زال كما هو في كيسه لذا اقترحت  أن نذهب به الى زملائنا وأنت بالفعل ستذهبين الى زملائنا الموجودين غيره ...."


+




        

          


                

رفعت أروى حاجبيها تردد :-


+



" يعني تريدين أن ترسلي الطعام له لكن بطريقة غير مباشرة ...تجعلينه يدرك اهتمامك به بشكل غير مباشر. وأنا الوسيلة لذلك ..."


+



" نعم ..."


+



قالتها نغم مصطنعة الأسف لتهتف أروى بهدوء :-


+



" هل يمكنني أن أسألك سؤالا ...؟!"


+



قالت نغم بتلقائية :-


+



" بالطبع ، مع إنني خمنت السؤال .."


+



" كلا، سؤالي لا يتعلق بدكتور راجي وإنما أتسائل عن السبب الذي يجعلك تتخذين هذه الطريقة لتظهرين اهتمامك بدكتور راجي ... طريقة لا تشبهك ولا تشبه شخصيتك الواضحة والجريئة كما تبدو والتي لا تتردد في فعل ما تريده بوضوح وصراحة ..."


+



" كيف حللت شخصيتي وأنت لا تعرفيني جيدا ..؟!"


+



سألتها نغم بدهشة لتبتسم أروى مجيبة :-


+



" الأمر واضح ... يعني واضح إنك شخصية ثابتة واضحة وجريئة أيضا ولا تهابين المبادرة بأي شيء تريدنه ... لذا لا أفهم حقا لما تتعمدين التصرف بتلك الطريقة التي لا تشبهك مع دكتور راجي ... ؟! لماذا لا تتصرفين بطريقتك المعتادة ...؟!"


+



هتفت نغم بجدية :


+



" تقصدين أن أحمل الطعام وأذهب به إليه وأخبره إنني اشتريته له خصيصا ... "


+



" نعم ..."


+



قالتها أروى بجدية لتتنهد نغم ثم تقول بخفوت :-


+



" هناك الكثير مما تجهلينه عني وعن راجي يا أروى ..."


+



سألت أروى بتردد :-


+



" هو حبيبك السابق ، أليس كذلك ...؟!"


+



هزت نغم رأسها بصمت لتضيف أروى بخفوت :-


+



" وأنت تسعين لاستعادة علاقتكما ..."


+



" هذا كل ما أريده وأتمناه ..."


+



قالتها نغم بصدق ولهفة ثم أضافت :-


+



" لكنه صعب ... صعب جدا ... "


+



سألته أروى بحيرة :-


+



" لماذا ...؟! من الواضح إن دكتور راجي ما زال مهتما بك ..."


+



" نعم مهتم ولكن ليس من الضروري إنه ما زال يحبني ..."


+



قالتها بجدية ثم أكملت باحباط :-


+




        

          


                

" أكثر ما أخشاه أن يكون راجي توقف عن حبي وتذهب جميع آمالي هباءا  ..."


+



سألتها أروى بتردد :-


+



" ماذا ستفعلين حينها ..؟؟"


+



ابتسمت نغم بضعف وهي تجيبها :-


+



" ماذا سأفعل مثلا ...؟! سأتقبل الهزيمة وأبتعد عن حياته تماما ... بالطبع لن أبقى أسعى وراء شخص توقف عن حبي ..."


+



شردت أروى لا إراديا في شريف الذي اتخذت بسبب مشاعرها نحوه قرارا مشابها ...


+



تأملت نغم شرودها بصمت قبل أن تسألها :-


+



" شردت في الرجل الذي تحبينه ..؟! أليس كذلك ..؟!"


+



أجفلت أروى من قولها المفاجئ لتبتسم نغم مرددة :-


+



" الأمر لا يحتاج الى ذكاء ... فأنتِ سبق وأخبرتني عن مشاعرك اتجاه شخص ما ولكن من طرف واحد ..."


+



ظهر الحزن في عيني أروى التي هزت رأسها وهي تخبرها :-


+



" نعم وتصرفت كما قلت .. انسحبت من  حياته كليا بعدما أدركت إستحالة أن يبادلني مشاعري ..."


+



" جيد ما فعلته ...."


+



قالتها نغم بهدوء وهي تضيف :-


+



" لا أنكر إن الحب يستحق المحاولة بل المحاربة ولكن عند حد ما .. عندما تتأكد من إستحالة تبادل هذه المشاعر أو إتمام هذه العلاقة عليك أن تحافظ على ما تبقى من مشاعرك وتنسحب من هذه العلاقة مهما كلفك ذلك من ألم ... "


+



" وهذا ما فعلته ..."


+



قالتها أروى بشرود لتهتف نغم مبتسمة بصدق :-


+



" هذا يدل إنك قوية بما يكفي لتقسي على مشاعرك وتدعسي على قلبك وتتركي من أحببته بثبات ..  "


+



سألتها أروى بأمل :-


+



" هل تعتقدين ذلك ...؟!"


+



ردت نغم بجدية :-


+



" نعم ، قرار كهذا ليس سهلا ... برأيي إن المرأة التي تستطيع أن تتجاهل ما يمليه عليها قلبها هي أقوى إمرأة في هذا الكون حيث ضعف المرأة يكمن في عاطفتها النابعة من قلبها المرهف وتجاوز تلك العاطفة أمرا يحتاج الى إمرأة قوية للغاية .."


+



" وماذا يحدث بعدها ...؟! أخبريني يا نغم .. ابتعدت كليا عنه ... أسعى بكل طاقتي لتجاوزه .. مالذي سيتغير ...؟!"


+



كانت المرة الأولى التي تتحدث بها أروى مع شخص بهذه الدرجة من الصراحة وهي تطرح سؤالا يؤرقها وتخشى التطرق اليه ...


+




        

          


                

أجابت نغم برزانة :-


+



" لا أحد يعلم ما ينتظرك ... ربما تلك المشاعر تخف تدريجيا ... ربما ذلك الحب يخفت وهجه مع مرور الأيام حتى ينتهي تماما ويتحرر قلبك من تلك المشاعر المؤلمة ..."


+



أخذت نفسا عميقا ثم قالت بأسف :-


+



" وربما يبقى هذا الحب مسيطرا عليك للأسف ... تبقى مشاعرك كما هي .. نعم سيكون هذا مؤلما ولكنك على الأقل ستكونين ربحت شيئا مهما .. ربحت نفسك واستقرارك ... حسمت كل شيء واكتفيت بمشاعرك الخفية ... في النتيجة ستعتادين والحياة تستمر وإن بقيت تلك المشاعر داخلك ولكن يظل قرار البعد أرحم بكثير من وجودك جانبه وهو لا يشعر بك .."


+



" وتتوقف الحياة عنده ... لا حب ولا زواج ولا استقرار ..."


+



خرجت منها محبطة مثقلة بالألم لتهتف نغم بأمل :-


+



" لا أحد يعلم ... ربما يدخل حياتك شخص يجعلك تتخطين مشاعرك تلك وتحبينه هو بعدها ..."


+



رغما عنها احتل نضال أفكارها فسألت بتردد :


+



" كيف سيحدث هذا ...؟! يعني اذا كانت مشاعري كلها نحو ذلك الرجل ... كيف سينجح الآخر في جعلي اتخطاها بل كيف سيفهم ما أعيشه ..."


+



هتفت نغم بتروي :-


+



" هذا الأمر متروك للقدر يا عزيزي .. إذا أراد الله سيرسل لك من يساعدك في ذلك ... من يجعلك تعيشين معه حبا مختلفا ..."


+



تنهدت أروى ثم قالت :-


+



" وهل تعتقدين إن المحاولة مع شخص جديد قرار صائب ...؟!"


+



تطلعت اليها نغم بصمت لثواني قبل أن تسأله بجدية ؛-


+



" هل هناك شخص يسعى لقربك وأنت محتارة بشأنه ..؟!"


+



اكتفت أروى بإيماءة من رأسها لتسألها نغم مجددا :-


+



" هل هو شخص جيد ...؟!"


+



نطقت أروى بخفوت :-


+



" لا أعرفه كي أحكم عليه إذا كان جيدا أم لا ..."


+



" ماذا تنتظرين ... ؟! تعرفي عليه ..."


+



قالتها نغم ببساطة لتهتف أروى بدهشة :-


+



" بهذه السهولة ..."


+



قالت نغم بصراحة :-


+



" طالما ذلك الشخص الذي تحبينه لا أمل فيه لدرجة إنك ابتعدت عنه تماما فلا يوجد شيء يجعلك تترددين في ذلك ... مجرد محاولة ... فرصة جديدة .. ربما تجدين في هذا الشخص شيئا مناسبا ... لا أحدٍ يعلم ... في النهاية الأمر مجرد تعارف وتقارب مبدئي ليس إلا ... إذا لم تشعري بالراحة معه اتركيه ..."


+




        

          


                

صمتت أروى مفكرة في حديثها مفكرة إن نغم تتحدث عن تعارف وتقارب ومحاولة انشاء علاقة ربما تنجح بينما هي لا تميل الى هذا النوع من العلاقات بل لن تقبل بأن ترتبط بأحدهم لفترة طويلة خارج إطار رسمي...


1



طبيعتها تملي عليها هذا ونضال نفسه كان يخبرها إنه يريد علاقة رسمية بل عرض الزواج عليها بكل وضوح ...


+



تنهدت بصمت قبل أن تسمع نغم تطلب منها أن تذهب بالطعام فرفضت معتذرة فهي لا يمكنها أن تفعل ذلك  لتهز نغم رأسها بتفهم قبل أن تنهض من مكانها مقررة بشجاعة أن تبادر هي بأخذ الطعام له وليحدث ما يحدث وقد شجعتها أروى على هذا قبل أن تعود بعد دقائق بملامح محبطة فراجي لم يكن موجودا الليلة حيث تبادل هذا الأسبوع موعد خفارته مع زميل له ...



+



****************


+



في صباح اليوم التالي ...


+



فتحت عينيها بتعب ...


1



بقيت حتى ساعات الليلة المتأخرة غير قادرة على النوم حتى بلغ تعبها ذروته فغفت في النهاية في مكانها دون وعي منها ....


+



تحاملت على نفسها وهي تعتدل في جلستها متجاهلة ألم مفاصلها وعظامها بسبب وضعية نومها الخاطئة ...


+



لاحت منها نظرة الى نفسها في المرآة فارتسمت فوق شفتيها ابتسامة ساخرة مريرة قبل أن تنهض من مكانها وتتجه نحو الحمام حيث سارعت تخلع ملابسها قبل أن تقف أسفل المرذاذ بينما تتساقط المياه الباردة فوق جسدها العاري ...


+



أغمضت عينيها تستقبل برودة المياه والتي بدت تماثل برود روحها في تلك اللحظة ...


+



غادرت الحمام وهي تلف المنشفة فوق جسدها ...


+



سحبت بيجامة خفيفة وسارعت ترتديها قبل أن ترفع خصلات شعرها المبللة عالية دون أن تهتم بتجفيفها اولا او تسريحها حتى ...


+



تحركت خارج غرفتها والقطرات تتساقط من خصلاتها المبللة حيث اتجهت نحو المطبخ تصنع لنفسها كوبا من القهوة المرة ...


+



اتجهت بعدها بالكوب نحو غرفتها حيث جلست على السرير ورفعت فخذيها نحو صدرها بينما تحمل كوب القهوة بين يديها وترتشف منه بصمت ...


+



لم تكن تحب القهوة أبدا بل لم تكن تطيقها لكن منذ متى وهي تفعل شيئا تحبه ..؟!


+



لقد اعتادت على أن تفعل ما لا تريده ... ما تكرهه ولا تطيقه ...


+



أخذت ترتشف القهوة متجاهلة مرارتها الشديدة وطعمها الكريه بالنسبة لها ...


+




        

          


                

عيناها غائمتان في نظرات بعيدة المدى ...


+



حيث الماضي والحاضر ...


+



ماضي تعيس وحاضر يملؤه الضياع ....


+



والمستقبل لن يكون أفضل بكل تأكيد ....


+



بعدما حدث ليلة البارحة وانهيارها المرير استيقظت بلا روح و عاد الجمود يكسوها مجددا وقد فقدت هذه المرة حتى جموحها السابق ...


+



لا جموح ولا تمرد ولا حتى خضوع ...


+



هي الآن لا شيء ...


+



مجرد جماد خالي من كل شيء ...


+



أغمضت عينيها بتعب استولى عليها قبل أن تفتحها وهي تسمع صوت طرقات على باب غرفتها ...


+



دلفت شيرين الى الداخل دون أن تنتظر ردا منها وكانت تحمل بين ذراعيها جَسور الذي هلل فرحا ما إن رآها وهو ينادي عليها بصيحات فرحة ..


+



لم يخف جمودها ولم تتحرك ملامحها حيث عيناها كانتا تتأملانه بنظرات باردة عندما وجدت شيرين تتقدم منها وتمد الصغير إليها تخبرها بابتسامة حانية :-


+



" إنه يريدك ... منذ البارحة ..."


+



نظرت جيلان له بصمت امتد لوهلة قبل أن ترفع ذراعيها وتأخذه من والدته فترتفع ضحكات الصغير وهو يحرك كفيه الصغيرين فوق خصلات شعرها و وجنتيها  مرددا اسمها المختصر :-


+



" جي جي ...."


+



" سأتركه معك قليلا ..."


+



قالتها شيرين بلطف فتابعتها جيلان وهي تتحرك خارج المكان تاركة الصغير معها لتعود وتنظر الى الصغير الذي يبتسم لها ببراءة مطلقة وعينيه الخضراوين المماثلين للون عيني والده تبرقان بفرحة جعلت شعور الألم يجثم فوق صدرها ....


+



" جي جي ... "


+



رددها الصغير مجددا وهو يحرك أنامله فوق ملامح وجهها حيث يضغط على أنفها ويضحك ثم فمها و وجنتيها قبل أن يتجه نحو عينيها ويحاول إدخال أنامله فيهما بينما هي ساكنة تماما تاركة له المجال ليفعل ما يشاء...


+



نزلت به بعدها نحو ارضية الغرفة عندما أخذ يتحرك في غرفتها بينما هي جالسة تتابعه بصمت ....


+



اتجه نحو طاولة التجميل خاصتها فحاول أن يتسلق على الكرسي ويصعد عليها لكنه فشل حتى سقط فسارعت تركض نحوه بخوف تملك منها وهي تحمله بين ذراعيها بقلق ....


+



تنهدت براحة بعدما تأكدت من سلامته عندما وجدته يشير الى علب المكياج الموضوعة فوق طاولة التجميل فنهضت بسرعة تجذب العلب وتعطيها له بلا مبالاة ....


+




        

          


                

جلست بعدها تراقبه وهو يفتح العلب ويعبث بها بسعادة وقد جذبته بألوانها ...


+



لم تهتم بما يفعله وكيف دمر علب المكياج الغالية للغاية حيث تحمل علامة تخص احدى أشهر الماركات العالمية بل على العكس وجدت نفسها تراقبه بتركيز لا يخلو من الاستمتاع وهي تراه فرحا مستمتعا لهذه  الدرجة وكأنها منحته شيئا خرافيا ....


+



كيف لأشياء بسيطة كهذه أن تجعل الأطفال يطيرون من فرط سعادتهم ...؟!


+



هكذا فكرت وهي تتذكر إنها بدورها لم تكن تطلب الكثير ...


+



لم تكن تريد  أكثر من أشياء بسيطة حرمها  القدر منها مبكرا جدا ...


+



متطلباتها كانت بسيطة للغاية ومشروعة ...


+



كانت تبحث عن حياة حقيقية وعائلة ...


+



كانت تريد أحضانا دافئة تحتويها و مشاعر حب تغمرها كليا ....


+



لم تطلب شيئا غاليا او صعبا الى هذا الحد فلماذا لم تحصل على ما أرادته ...؟!


+



تراكمت الدموع في عينيها لا إراديا حتى أخذت طريقها فوق وجنتيها ....


+



وضعت كفها فوق فمها بسرعة تسارع لكتم شهقاتها عندما نظر لها الصغير وكأنه شعر بها فوجدته ينهض من مكانه ويتقدم نحوها وهو يحمل معه علبة مكياج صغيرة ...


+



وقف أمامها ومد العلبة نحوها وكأنه يطلب منها أن تشاركه اللعب وقد ابتسم لها باتساع ...


+



حركته تلك سلبتها قلبها لا اراديا فسارعت تحمله وتضمه نحو صدرها تقبله بحب ولهفة على وجنتيه ثم جعلته يستكين فوق صدرها ودموعها ما زالت تتساقط ...


+



بعد لحظات أبعدته عن صدرها وهي تمسح  دموعها بأناملها عندما حملته واتجهت به نحو الارضية ولكنها جلست أمامه هذه المرة فوق الأرضية مقررة أن تشاركه عبثه ...


+



أرادت أن تخطف لحظة من الزمن تعود فيها طفلة صغيرة لا تعي شيئا من هذه الدنيا وفي داخلها كانت تعلم إن تلك كانت وستبقى أمنيتها الاولى والأخيرة طوال سنوات عمرها ...


2



أمنية أن تستعيد طفولتها وسنوات عمرها الضائعة ...


+



أخذت تلعب معه وقد نجح جَسور بفضل برائته أن يجعلها تبتسم وهي تعبث بالالوان ثم سارعت تجلب اوراقا بيضاء وترسم بالألوان فوقها أشكالا عشوائية لا معنى لها وجَسور يشاركها ما تفعله بسعادة ...


+



مر الوقت دون أن تنتبه حتى دلفت شيرين الى الداخل بملامح شاحبة وهي تهمس اسمها :-


+




        

          


                

" جيلان ..."


+



رفعت جيلان وجهها نحوها وقد اختفت ابتسامتها بعدما رأت ملامح شيرين المقلقة لتهمس الأخيرة بتردد :-


+



" اتصلوا من البلاد ... عمك في المشفى ... يعاني من أزمة قلبية حادة ... وضعه خطير جدا و ...."


+



توقفت للحظة تتابع الرعب الذي ملأ عيني الصغيرة فأكملت بخفوت :-


+



" ربما يفقد حياته ... "


+



***************


+



على طاولة الإفطار ...


+



كانت العائلة بأكملها مجتمعة يتناولون طعام الإفطار حتى راجي كان متواجدا على غير العادة وقد وجد عابد في وجود الجميع فرصة لقول ما عنده ...


+



تحدث عابد بصوته الرزين :-


+



" بالطبع بات الجميع لديه علم بشأن رغبة إياس الصواف بخطبة توليب ..."


+



توقفت توليب لا إراديا عن تناول طعامها بينما نظرت هالة نحوها تبتسم بخفة ليهتف راغب بجدية :-


+



" نعم ، علمنا بذلك ...."


+



سأله والده بإهتمام :-


+



" وما رأيك أنت ..؟!"


+



أجاب راغب بجدية :-


+



" بالنسبة لي أراه شاب مناسب للغاية ... من عائلة كبيرة ومعروفة ... شاب مجتهد ومحترم ولديه مستقبل باهر ...."


+



أضاف بتروي وهو ينظر الى شقيقته التي تكاد تذوب من الخجل :-


+



" ولكن هذا كله ليس مهما بقدر أهمية قرار توليب نفسها ..."


+



قال عابد بهدوء :-


+



" بالطبع القرار لها أولا وأخيرا ..."


+



أكمل بتروي :-


+



" الشاب جيد مبدئيا ولكن أريدك أن تبحث خلفه أكثر يا راغب ... من باب الإحتياط .."


+



هتف مهند بتجهم :-


+



" بالطبع يجب أن نفعل .. في النهاية هذا الشاب يريد أن نمنحه ابنتنا لذا يجب أن نعلم عنه كل شيء من الألف حتى من الياء ... منذ ولادته وحتى هذه اللحظة .."


+



همست هالة لتوليب :-


+



" طالما مهند حشر أنفه فلن يتم هذا الأمر ببساطة ..."


+



" اصمتي .."


+



نهرتها توليب بصوت منخفض بينما أضاف عابد :-


+




        

          


                

" على العموم هو سيأتي بعد يومين ويلتقي بنا ... فضلت أن نلتقي به نحن أولا ... أنتم الأربعة سوف تتواجدون وتتعرفون عليه مبدئيا قبل أن نتخذ قرار نهائي بعد قرار توليب بالطبع  ..." 


+



أضاف مشيرا الى راجي :-


+



" فرغ نفسك يا راجي في تلك الليلة .... يجب أن تتواجد وتتعرف عليه فأنا يهمني رأيك أنت والبقية .."


+



أكمل مشيرا الى فيصل بتحذير :-


+



" وأنت لا تفكر في عدم الحضور ..."


+



قال فيصل بوجوم :-


+



" لست مستهترا الى هذه الدرجة يا بابا ..."


+



همس مهند لفيصل الجالس جانبه :-


+



" هل تعرف إياس هذا ..؟!"


+



همس فيصل بدوره :-


+



" كلا ولكن تقريبا راغب يعرفه ..."


+



هتف مهند بعدم رضا :-


+



" هل سنمنح شقيقتنا الوحيدة لشاب لا نعرفه ..."


+



قال فيصل بتهكم :-


+



" معك حق ... يجب أن نحصل على فترة تعارف معه قبل اتمام الخطبة ..."


+



هم مهند أن يتحدث عندما قال عابد :-


+



" اسمحا لي أن أقاطعكما يا مهند وفيصل ..."


+



كح مهند باحراج بينما قال فيصل بسرعة :-


+



" تفضل  يا بابا .."


+



قال عابد بصرامة :-


+



" انا لم أنتهِ من كلامي يا باشوات لذا توقفا عن الأحاديث الجانبية ..."


+



إسترسل :-


+



" وبالطبع تعرفون إن هالة الأخرى تقدم عريس لخطبتها ... كان زميلها في فترة الدراسة ..."


+



ابتسمت هالة وهي تخفض رأسها لا إراديا ليضيف عابد بجدية :-


+



" الشاب جيد ومن عائلة محترمة وعريقة ولديه مستقبل جيد وراغب سأل عنه جيدا ..."


+



قال راغب بسرعة :-


+



" كرم شاب ممتاز يا بابا .. أنا سألت عنه جيدا وتأكدت من ذلك بنفسي ..."


+



قال عابد بجدية وهو ينظر نحو هالة :-


+



" جيد وهالة موافقة بالطبع ..."


+



هزت هالة رأسها بحرج ليبتسم مضيفا :-


+



" إذا سنحدد موعدا معه هو الآخر ليأتي ونلتقي به وسوف تتواجدون أنتم الأربعة كذلك ..."


+




        

          


                

قال فيصل بتردد :-


+



" برأيي أن يأتيان في نفس اليوم ... مثلا إياس في السادسة وكرم في الثامنة .. يعني مرة واحدة افضل ..."


+



قال راجي بتهكم :-


+



 " نعم ، معك حق يا فيصل فأنت لديك ارتباطات كثيرة تمنعك من التفرع ليومين كاملين ..."


+



منحه فيصل نظرات مغتاظة وهو يخبره :-


+



" أنت أكثر شخص يفيدك اقتراحي لإنك لست متوفرا أغلب الوقت بسبب عملك ..."


+



نهض عابد من مكانه منهيا الحوار :-


+



" كلامي واضح ... إياس سيزورنا بعد يومين وبعده بيوم سيأتي كرم ... "


+



أضاف وهو يشير الى راغب بتنبيه :-


+



" لا تنسى أن تبحث جيدا خلف إياس .... خاصة في فترة دراسته خارج البلاد ..."


1



ثم تحرك مبتعدا تتبعه زهرة ليقول فيصل بسخرية وهو ينظر الى الفتاتين :-


+



" ستتزوجان إذا ..."


+



هتفت هالة ببرود :-


+



" ما رأيك أنت ...؟!"


+



قال فيصل ساخرا :-


+



" حتى في الزواج سويا ... ستتزوجان في نفس التوقيت ..."


+



أكمل ساخرا :-


+



" لم يكن ينقصكما سوى أن تتزوجان نفس الشخص ..."


+



هتفت هالة بتجهم :-


+



" هذا ليس مضحكا ..."


+



سأل فيصل همسة التي التزمت الصمت طوال الحديث :-


+



" ما بالك صامتة يا همسة ...؟! لم نسمع رأيك حتى الآن ..."


+



هتفت همسة بخفوت وهي ترسم ابتسامة خفيفة على شفتيها :-


+



" وما علاقة رأيي بالموضوع ... ما يهم هو رأيهما ... طالما هما موافقتان فليوفقهما الله في هذه الخطوة ... "


+



ثم نهضت من مكانها تستأذن منهما تاركة زوجها خلفها جالسا مكانه بوجوم سيطر على ملامحه ورغما عنه شعر إن كلماتها مقصودة وليست بنية حسنة ...


+



***************************************


+



كانت توليب تجلس بجانب هالة في حديقة القصر بينما الأخيرة تسألها باهتمام :-


+



" إذا أنتِ متأكدة من قرارك ..؟!"


+



ظهر التردد على ملامح توليب لكن سرعان ما أجابت وهي تمحي ترددها سريعا :-


+




        

          


                

" نعم ، يعني إياس شاب جيد ومناسب لي من الناحية الاجتماعية والثقافية وكل شيء ..."


+



ابتسمت هالة قائلة بصدق :-


+



" أتمنى لك التوفيق حبيبتي ..."


+



بادلتها توليب ابتسامتها وهي تخبرها :-


+



" ولك بالمثل يا هالة ... صحيح ما أخبار كرم..؟! بالتأكيد سيموت فرحا بسبب قرب موعد خطبتكما ..."


+



هتفت هالة بابتسامة متوترة :-


+



" بالطبع ... هو كذلك ..."


+



سألت توليب باهتمام :-


+



" هل أنت بخير ..؟! هل حدثت مشكلة ما ..؟!"


+



تنهدت هالة بصمت لتضيف توليب بحرص :-


+



" أقلقتني يا هالة ... هل حدث شيء لا أعرفه ..؟! هل حدثت مشكلة بينكما ...؟!"


+



قالت هالة بسرعة :-


+



" كلا يا تولاي ... المشكلة ليست في كرم ..."


+



" إذا ..؟!"


+



سألتها توليب بحيرة لتهتف هالة بخفوت :-


+



" أثير ..."


+



سألتها توليب بقلق :-


+



" ما به أثير ..؟!"


+



زفرت هالة أنفاسها المضطربة لا إراديا ما إن أتت سيرة أثير ثم أخبرت توليب بما حدث أثناء رؤيتها له وقلقها منه وخوفها من احتمالية كونه يضمر شيئا ما لكرم ...


+



قالت توليب بسرعة :-


+



" مستحيل ... يعني أثير لا يمكن أن يفعل شيئا كهذا ... لا يمكن أن يؤذي كرم ..."


+



" لا أعلم يا تولاي ..."


+



قالتها هالة بحيرة وهي تضيف بتعب :-


+



" أثير شخص جبار ..."


+



قالتها وقد شردت بعيدا في ذكرى قديمة مرت عليها سنوات ...


+



في فترة علاقتهما عندما تحرش أحد زملاؤها بها في سنتها الجامعية الأولى ومن سوء حظها إن هذا حدث تحت أنظار أثير الذي أتى وقتها بالصدفة ليراها ...


+



وقتها تشاجر مع الشاب وكاد أن يقتله لولا تدخل الموجودين ولم يكتف بهذا بل صدمها في اليوم التالي عندما علمت بعدها ما فعله بالشاب حيث أخذه بمساعدة رجاله الى مكان مهجور ولم يتركه حتى أشبعه ضربا ودخل المشفى ورقد فيها لثلاثة أسابيع بسببه ..


+




        

          


                

يومها صاح بها بجنون وتملك شرس بينما تلومه على ما فعله :-


+



" هذا عقاب بسيط جدا بالنسبة لي .. ذلك الشاب تحرش بك ... هل تدركين معنى هذا ...؟! احمدي ربك إنني لم أقتله حتى الموت واكتفيت بسحق عظامه فقط ..."


+



" الشاب مدمر حرفيا ... كيف تفعل هذا ...؟! ماذا لو مات بسبب الضرب ...؟! ماذا سافعل ...؟!"


+



" فليذهب الى الجحيم .. لا يهمني ..."


+



قالها بسلطة وتجبر جعلتها تخافه لا إراديا وقتها فمن كان أمامها شخصا مختلف عن حبيبها أثير العاشق بكل جوارحه ....


+



أفاقت من شرودها على حديث توليب وهي تهتف بتردد :-


+



" ليته يعلم الحقيقة كاملة ... ما كان ليحدث كل هذا ..."


+



" تولاي .. من فضلك ..." 


+



قالتها بتجهم قبل أن تصمت وهي ترى تقدم فيصل نحوهما بينما قال ممازحا كليهما :-


+



" ستتزوجان إذا ..."


+



أضاف بمكر وهو يجلس بينهما :-


+



" وستتركان القصر ونرتاح منكما ..."


+



قالت هالة ببرود:-


+



" عقبالك يا فيصل مع إنني أتمنى ألا يحدث ذلك كي لا نخسر فتاة مسكينة خطئها الوحيد إنها تزوجت شخص مثلك ..."


+



" عزيزتي .... لا داعي لذلك لإنني لن أتزوج قبل عشرة أعوام على الأقل ..."


+



هتفت هالة ساخرة :-


+



" عشرة أعوام .. مدة لا بأس بها .. عسى أن تكون كافية لإشباعك بمختلف اصناف الفتيات ..."


+



" يمكنني تمديدها وقتها لعامين آخرين إذا لم أكتفِ بها ..."


+



قالها ببرود مستفز لتمط هالة شفتيها مرددة بضيق :-


+



" بارد .. مستفز وفاسد ..."


+



هتف فيصل بتفاخر  :-


+



" زير نساء أيضا ... لا تنسيها ..."


+



قالت بتحدي :-


+



" نعم أنت كذلك ..."


+



هتف ببرود :-


+



" ولي الفخر ..."


+



جاء مهند بدوره وجلس معهم عندما أخذ يتبادل الأحاديث باقتضاب بينما داخله كان يشعر بالضيق الشديد فمن جهةٍ فكرة زواج توليب التي أزعجته وعلى ما يبدو إنه يغار على شقيقته الوحيدة ومن جهة خطبة  هالة التي باتت قريبة والتي يدرك جيدا مدى آثرها على ابن عمته الذي يعلم جيدا كم هو متيم بهالة ...


+




        

          


                

هالة التي لو أدركت مدى قوة مشاعر أثير نحوها لأدركت إنها إرتكبت خطئا كبيرا عندما تركته فهو لا يعتقد إن هناك رجل يحب إمرأة كما يحب أثير هالة ..


+



حتى كرم نفسه لا يمكنه أن يحب هالة كما يحبها أثير ...


+



أفاق من شروده على صوت توليب تقول متذكرة :-


+



" نسيت أن أخبركم ...جيلان ستعود الى البلاد خلال أيام ..."


+



تجهمت ملامح مهند بينما هتف فيصل  مدهوشا :-


+



" حقا ..؟!" 


+



أومأت برأسها مؤكدة ما قالته بينما هتفت هالة باستغراب :-


+



" على أساس إنها ستبدأ دراستها في أمريكا قريبا ..."


+



 " ربما ستأتي لبضعة أيام ..."


+



قالها فيصل بينما سأل مهند باهتمام :-


+



" من أخبرك بهذا ...؟!"


+



أجابت توليب بسرعة :-


+



" ماما بعدما سمعتها بالصدفة تطلب من الخادمة تحضير جناحها ولكنها حذرتني ألا يعلم أي أحد بأمر قدومها لذا إياكم وأن تتحدثوا بهذا الأمر ... تصرفوا وكأنكم لا تعلمون شيئا ..."


+



هتف فيصل ساخرا :-


+



" يعني ماما حذرتك أن تخبري أي أحد بقدوم جيلان فقمت أنتِ بإخباري أنا وهالة ومهند ... لم يتبقى سوى همسة وراغب ومعهما راجي ..."


+



أضاف ضاحكا :-


+



" ويمكنك أن تخبري الأطفال ..  يعني لم يتبقَ سواهم ..."


+



هتفت بحنق :-


+



" توقف يا فيصل ..."


+



قالت هالة ضاحكة بدورها :-


+



" أنت رهيبة يا تولاي ... السر عندك يتسرب الى ثلاثة أشخاص ... "


+



" سخيفان ... أنا المخطئة لإنني أخبرتكم ..."


+



قالتها بتذمر بينما قالت هالة بجدية :-


+



" ولكن حقا أمر عودتها غريب ... "


+



قالت توليب بصوت منخفض :-


+



" هناك سر في الموضوع وإلا ما كان بابا أخفى الأمر عن الجميع ..."


+



أشار لها فيصل بنفس الخفوت :-


+



" وماذا تنتظرين يا تولاي ... ؟! اعرفي لنا السر من ماما وأخبرينا ...."


+



ضربته على ذراعه بينما ضحك هو بصوت مرتفع قبل أن يتوقف وهو يراقب الضيق الذي ملأ كيان شقيقه الذي نهض بعد لحظات مستأذنا ليتبعه فيصل مناديا عليه ...


+




        

          


                

التفت مهند نحوه والضيق ما زال يملأ كيانه ليسأله فيصل بجدية :-


+



" ما بالك يا مهند ...؟! هل عودة جيلان أزعجتك لهذه الدرجة ..؟!"


+



أجاب بصدق :-


+



" ليست عودتها تحديدا ... "


+



أكمل بتجهم :-


+



" هناك شيء ما وراء عودتها ... شيئا ليس جيدا على الاطلاق ... جيلان ارادت أن تهرب من هنا ... مالذي عاد بها ..؟؟"


+



قال فيصل بتفكير :-


+



" لا أعلم ... أنت معك حق خاصة إنه لم يمر سوى القليل على رحيلها ولكن دعنا لا نستبق الأمور ... "


+



أضاف بجدية :-


+



" ربما أتت لأجل أملاكها هنا أو مثلا ل..."


+



توقف عن حديثه ليسأله مهند بحيرة :-


+



" لأجل ماذا ...؟! لماذا توقفت ..؟!"


+



حك فيصل ذقنه قائلا بتردد :-


+



" أخشى أن تنزعج ..."


+



" تحدث يا فيصل ... "


+



سأله مهند بنفاذ صبر ليقول فيصل :-


+



" ربما قررت أن تتزوج ... يعني هناك شخص ما في حياتها تريد الارتباط به وطالما أخيها في السجن فسوف تضطر أن تلجأ لعمها .."


+



" يا رجل .. أفزعتني ..."


+



قالها مهند براحة ليرفع فيصل حاجبه متسائلا :-


+



" أنت حقا لا تهتم أم تدعي عدم الإهتمام ...؟!"


+



سأله مهند بعدم استيعاب :-


+



" بمَ أهتم..؟!"


+



قال فيصل :-


+



" يعني إذا تزوجت يا جيلان ... ألن يزعجك هذا ..؟!"


+



" ولم سأفعل ..؟!"


+



قالها وهو يضيف :-


+



" لماذا تتحدث وكأن لا تعرف الوضع بكل تفاصيله ...؟! جيلان لا تعنيني بشيء ... أو لأكن أكثر دقة فهي لا تعنيني من هذه الناحية التي تشير إليها .. "


+



" ولكنها كانت زوجتك ..."


+



" لم يكن زواجا ..  كانت تجربة سيئة لكلينا ..."


+



قالها وهو يضيف بجمود كسا ملامحه ونبرة صوته :-


+



" تجربة سأبقى أدفع ثمنها طوال عمري ...."


+




        

          


                

"لا تفعل يا مهند ... "


+



قالها فيصل بأسف ليهتف مهند بصدق :-


1



" أنت تعلم إن الذنب يثقل كاهلي ... هذا الذنب الذي لن أتخلص منه طوال حياتي ... ربما إذا رأيت جيلان استعادت توازنها وباتت تحيا الحياة التي تستحقها سأرتاح قليلا ... راحة جيلان وطمأنينتها هي من ستخفف عني شعور الذنب اتجاهها ...."


+



قال فيصل بأمل :-


+



" لا أحدٍ يعلم .. ربما بدأت بالفعل تتحسن ..."


+



" اتمنى ذلك ..."


+



قالها مهند برجاء قبل أن يتحرك مع شقيقه الى داخل القصر وهما يتبادلان الاحاديث ...


+



***************


+



انتهت نانسي من إطعام طفليها عندما أشارت للمربية أن تأخذهما فسارعت المربية تفعل ما أرادته تساعدها إحدى خادمات المنزل بينما نهضت هي واتجهت نحو المرآة تتأمل نفسها بشرود متذكرة قرارها الأخير بالعمل ...


+



لا تعرف كيف ومتى قررت هذا لكنها استمعت لكلام شقيقتها الغير راضية نهائيا عن وضعها الحالي وهي تراها مكتفية بطفليها وعالمها بأكمله يتمحور حوليهما ...


+



ورغم رضا نانسي عن حياتها الحالية واكتفائها بطفليها وحرصها الدائم على تقديم كل شيء لهما إلا إن حديث هايدي بدا مقنعا وهي تخبرها عن حاجة طفليها لأم قوية مستقلة لا تعتمد اعتمادا كليا على عم أولادها وجدتهما ورغم إنها لديها مال كافي لتصرف منه على نفسها وطفليها إلا إن العمل يبقى شيئا مختلفا كما أخبرتها هايدي ...


+



كانت تعلم إن حديث شقيقتها صحيح وإنها لا يجب أن تبقى على وضعها الحالي ...


+



سابقا كانت تائهة لا تفعل شيئا في حياتها ..


+



لم تعمل أبدا حيث اكتفت بشهادتها الجامعية التي نالتها بصعوبة فهي أرادت كثيرا أن تترك الدراسة لولا خوفها من ردة فعل والدتها ....


+



قضت سنوات كاملة من عمرها في ضياع واهمال حيث لم تتقدم خطوة واحدة في حياتها ولولا ما حدث وحملها وقدوم طفليها ما كان ليتغير أي شيء وكانت ستبقى حياتها كما هي بنفس الإهمال والضياع ...


+



عليها أن تعترف بإنها ممتنة لطفليهما لإنهما بقدومها جعلاها تفيق من غيبوبتها التي كانت تحيا بها فبات لديها هدف تعيش لأجله بينما قبلهما لم يكن لديها أي شيء تحيا لأجله ....


+



ورغم هذا كانت تعلم إن الأمر لا يقتصر على رعايتهما فقط وتقديم الأمومة الكاملة لهما ...


+




        

          


                

طفلاها يحتاجان لأم قوية شديدة يفتخران بها وبنجاحها مستقبلا خاصة في ظل غياب والدهما الذي سيبقى غائبا عن عالمها كما يبدو ...


+



في النهاية كان مع هايدي كل الحق فهي عليها أن تصحح حياتها من جميع الجوانب وألا تبقى هكذا مكتفية بدورها في المنزل معتمدة على عائلة زوجها في كل شيء بينما دورها هي يقتصر على رعاية الطفلين ...


+



ماذا سيحدث عندما يتزوج شريف ويصبح لديه عائلة ...؟!


+



بالتأكيد لن يبقى متفرغا لهما ...


+



الأمر أبعد مما يبدو بكثير وعليها أن تحرص على مستقبل الطفلين كما هي تحرص حاليا على كل شيء يخصهما في الوقت الحاضر ...


+



نظرت الى تلك البطاقة التي تخص تقديم وظيفة على احدى شركات التصميم والديكور ...


+



مجالها الدراسي ...


+



كانت هناك مقاعد شاغرة في الشركة وهايدي شجعتها على الذهاب واجراء المقابلة فهي لن تخسر شيئا حتى لو لم يتم قبولها ...


+



على الأقل ستكون خاضت تجربة مبدئية ربما تستفيد منها لاحقا ..


+



أخذت تبحث في ملابسها عن شيء مناسب ترتديه حتى اختارت بذلة رسمية ذات لون أخضر غامق ...


+



ارتدتها ورفعت شعرها الأشقر بتسريحة حصرت على أن تكون رسمية قليلا ...


+



وضعت المكياج الخفيف كعادتها ورسمت عينيها الخضراوين بالكحل مع أحمر شفاه ذو لون بني خفيف ....


+



تأملت نفسها بإعجاب ...


+



كانت أنيقة للغاية وجميلة و صغيرة .....


+



أم عشرينية جميلة بحق ... 


+



ابتسمت مرغمة وهي تفكر إنها لم تتخيل يوما أن تكون أم لطفلين في عمرها هذا ولكنها تعشق طفليها وممتنة لوجودهما في حياتها ...


+



هذه حقيقة لا جدال فيها ...


+



هي كانت تحتاج وجودها ...


+



تحتاجها بشدة ...


+



وجودهما حرر جانبا خفيا فيها ....


+



جانبا اختفى أسفل رماد الماضي الخانق ...


+



كان لديها جانب أمومي لم يظهر الا بمجيئهما ...


+



جانبا شديد الحنو والعطاء ....


+



هي أنثى فطرتها تكمن في أمومتها ...


+




        

          


                

كانت تعلم إنها شديدة العاطفة ....


+



وهذا ما جعلها تنهار بعد رحيل والدها الصادم خاصة كونه كان الأقرب لقلبها والأحب لروحها ...


+



رحيله جعلها تائهة مشتتة ...


+



ضاعت هي بعد رحيل والدها ولم تفق من ضياعها الا بقدوم طفليها ...


1



طفلاها اللذان آتيا ليعوضان فقدانها لوالدها وحنانه وعطفه الذي لا مثيل له ...


+



فباتت هي تمنحهما حنانا مشابها لحنانه وتحرص على أن تجعلهما يعيشان ما حرمت هي منه مبكرا ...


+



لا شيء ينغص عليها حياتها سوى صلاح واهماله لهما ....


+



كيف ستعالج هذا الأمر...؟!


+



كيف ستبرر لهما مستقبلا ...؟!


+



كيف ستجعلهما ينشئان بشكل سوى دون أن يتضرران نفسيا ...؟!


+



تنهدت بصمت وهي تحمل حقيبتها وتتجه خارجا حيث غادرت الفيلا متجهة الى موقع الشركة ...


+



كانت قد أخبرت شريف برغبتها في العمل فشجعها وقدم لها دعمه كالعادة ...


+



هي ستبقى ممتنة لشريف طوال حياتها ولن تنسى ما قدمه لها ولطفليها حتى نهاية عمرها ...


+



أوقفت سيارتها في كراج الشركة ثم هبطت منها وتوجهت الى الداخل حيث الشركة ..


+



اتجهت نحو موظفة الاستقبال تسألها عن مكان التقديم على الوظيفة ثم اتجهت الى المكان المنشود حيث وجدت عدة متقدمين الى الوظيفة معها فأخذت تؤدي الإجراءات الأولية المطلوبة منها قبل أن تأخذ مكانها في قاعة الانتظار ...


+



مرت حوالي نصف ساعة قبل أن يأتي دورها لتنهض وتقابل براء الحداد..


+



ابن صاحب الشركة والمسؤول عن مقابلة المتقدمين الى الوظيفة وقبولهم ...


+



***************









+



دلفت نانسي الى المقابلة بارتباك تمكن منها في البداية ...


+



كان براء يجلس وجانبه شاب آخر والذي يكون سكرتيره الشخصي ...


+



" تفضلي ..."


+



قالها براء وهو ينظر إليها للحظة قبل أن يشير الى سكرتيره الذي ابتسم لها  وبدأ المقابلة ...


+



طرح بضعة أسألة عليها بينما أخذت نانسي تجيبه بينما براء يستمع الى المقابلة بانصات ويسجل بعض الملاحظات بخصوصها في ملفها الشخصي ....


+




        

          


                

انتهت المقابلة وشكر السكرتير نانسي التي غادرت بعدها وقد شعرت قليلا بالراحة ما إن خرجت من المكان ...


+



غادرت بناية الشركة حيث ركبت سيارتها واتجهت الى أحد المولات الشهيرة لتتسوق بعض الحاجيات لها ولطفليها ....


+



مرت حوالي ساعتين عندما غادرت المول التجاري وتوجهت الى سوبر ماركت قريب منه حيث كانت تحتاج شراء بعض الأطعمة التي يحبها طفليها ....


+



وفي نفس التوقيت دلف براء الى السوبر ماركت حيث أراد أن يشتري مشروبا ويغادر سريعا المكان ...


+



حملت نانسي بضعة أشياء معها فتذمرت وهي تلوم نفسها لإنها لم تحمل سلة شراء معها بعدما ظنت إنها لن تحتاج سوى شراء أشياء محددة بينما وجدت نفسها تشتري الكثير من الأشياء حتى باتت ثقيلة للغاية عليها ...


+



تحاملت على نفسها وهي تتحرك بالاشياء قبل أن تستدير بشكل خاطئ فيصطدم جسدها بجسد شاب كان يوليها ظهره ...


+



شهقت بسرعة وهي تهبط نحو الارض تجمع أغراضها لتجده بدوره ينحني ويساعدها عندما نهضت من مكانها وهي تحتضن بضعة أكياس تحوي مشتريات لطفليها فتهمس معتذرة :-


+



" أنا أعتذر حقا ..."


+



قاطعها مبتسما بهدوء :-


+



" لا داعي للاعتذار .." 


+



ثم توقف لوهلة يتأملها متفاجئا قليلا فهي نفس الفتاة التي أتت صباحا لأجل الوظيفة ....


+



" أنتِ كنت صباحا ... في الشركة .."


+



سارعت تهتف :-


+



" نعم انا نانسي ... وأنت المدير ... أليس كذلك ...؟!"


+



ابتسم مرددا :-


+



" نعم ، أنا من سيكون مديرك مستقبلا إذا تم قبولك بالوظيفة ..."


+



" اتمنى ذلك حقا ..."


+



قالتها بتمني ليهتف بجدية متأملا الأكياس الكثيرة والثقيلة بالتأكيد عليها :-


+



" يمكنني مساعدتك ..."


+



رفضت بسرعة وخجل :-


+



" كلا لا داعي ... "


+



"لا ترفضي من فضلك ... الأكياس كثيرة وثقيلة ..."


+



ثم مد يده ونظراته الجادة تخبرها أن تفعل لتمنحه الأكياس فيتحرك جانبها متجها نحو مكان الدفع ...


+



دفعت نانسي الأموال ثم استدارت نحوه مبتسمة تشكره ليبادلها بدوره ابتسامتها وهو يتفحص ملامحها الجميلة باعجاب خفي بعدما انتبه لجمالها وجاذبيتها الواضحة ....


+




        

          


                

" شكرا مجددا ..."


+



قالتها نانسي بابتسامة عذبة جعلته يبتسم بدوره وهو يمد يده نحوها معرفا عن نفسه :-


+



" بالمناسبة .. أنا براء ... براء الحداد ..."


1



" أهلا بك ... وأنا نانسي مختار ..."


+



قالتها وهي تصافحه قبل أن تحمل أكياسها وتتحرك خارج المكان تاركة إياه يتابعها بعينين لامعتين وقد اتخذ قراره ...


+



سيعينها في الشركة لا محالة حتى لو لم تكن تمتلك الكفاءة المطلوبة ... 


+



****************


+



في المشفى ...


+



كان شريف يتابع عمله عندما رن هاتفه برقم شقيقه صلاح ...


+



تجهمت ملامحه وهو يجيب على شقيقه مرددا باقتضاب :


+



" أهلا ..."


+



جاء صوت شقيقه الناعس:-


+



" كيف حالك يا شريف ...؟! قلت لأتصل وأسأل عنك وعن ماما ..."


+



توقف لوهلة ثم أضاف :-


+



" وعن الطفلين ..."


+



" اسمهما كريم وكاميليا .... "


+



قالها شريف ببرود وهو يضيف بجمود :


+



 " وتوقف عن السؤال عنهما وكأنهما  طفلان غريبان يقربانك من بعيدا لا طفليك ..."


+



هتف صلاح بضيق :-


+



" ما بالك يا شريف ...؟! لماذا لا تتحدث معي هكذا ...؟!"


+



" ألا تعلم حقا يا صلاح ...؟!"


+



نطق بها شريف بعدم تصديق ليهتف صلاح بملل :-


+



 " سبق وتحدثنا بهذا الموضوع... لا داعي لتكرار أحاديث لا فائدة منها ... أنا خليت مسؤوليتي عن الطفلين وأنت بدورك تستطيع ذلك .."


1



صاح شريف بنبرة محتدة وقد فقد تعقله كاملا في تلك اللحظة :-


+



" إنهما طفليك يا هذا .. هل تعي ذلك ...؟!"


+



أكمل هادرا بها :-


+



" هل فقدت إحساسك الى هذا الحد ...؟! بل الأسوء إنك فقدت رجولتك ..." 


+



" لا تغلط بي يا شريف ..."


+



قالها صلاح برفض ليصرخ شريف بحدة :-


+



" بل سأغلط ... سأغلط لإنك تستحق ولإنني أخجل منك ... أخجل من انعدام رجولتك ... عديم الرجولة والنخوة ... هذه حقيقتك يا باشا ... من يترك دمه ولحمه بهذه الطريقة ويتخلى عنهما ببساطة لا يستحق غير ذلك ... "


+




        

          


                

" انا لا يمكنني تحمل سماع المزيد من الاهانات ..."


+



قالها صلاح بصوت محتقن قبل أن يسارع ويغلق الهاتف في وجهه ليتأمل شريف الهاتف بصمت مفكرا إن شقيقه جعله يفقد تعقبه كاملا في لحظة ...


+



كان يحاول طوال تلك الفترة ألا يكون قاسيا الى هذا الحد معه عسى ولعل يفيق يوما ويتراجع عن تصرفاته لكن على ما يبدو إن صلاح لا ينوي ذلك وهو بدوره لا يستطيع تجاهل مدى حقارة وخسة حديثه وتصرفاته ...


+



زفر أنفاسه ببطأ واتجه نحو الثلاجة يخرج منها قنينة مياه باردة يرتشف منها الكثير من الماء البارد دفعة واحدة ...


+



توقف عن تناول المزيد عندما سمع صوت طرقات على باب غرفته في المشفى فأعاد القنينة الى مكانها وسمح للطارق بالدخول بينما عاد هو يجلس فوق مكتبه ليجد مها تدلف الى الداخل مبتسمة وهي تتقدم نحوه بابتسامتها المعهودة ...


+



" أهلا مها ... تفضلي ..."


+



قالها بعملية ولم تغب عنه نظراتها التي تتأمله بطريقة مختلفة مليئة بالاعجاب والانجذاب ...


+



لا ينكر إنها كانت جميلة ببشرتها البرونزية وخصلاتها البنية الناعمة بأطرافها المصبوغة بلون أفتح قليلا ...


+



ترتدي ملابسا شديدة الأناقة كالعادة وكان من الواضح مدى اهتمامها بملابسها وأناقتها بل بجمالها عموما سواء من مكياج وجهها الكامل الموضوع بحرص  وحتى أظافرها التي تعتني بها باستمرار ....


+



كانت مها تعشق الاهتمام بنفسها وجمالها وحريصة أن تظهر بأفضل صورة ممكنة ....


+



تقدمت نحوه تخبره :-


+



" أتيت لأسألك عن بضعة أشياء ..."


+



" تفضلي ..."


+



قالها بعمليته المعتادة لتتقدم نحوه وهي تحمل فلاش صغير معها تخبره :-


+



" هل يمكنني إستخدام حاسوبك ....؟!"


+



أومأ برأسه عندما تقدمت جانبه وجذبت حاسوبها تضع به الفلاش الصغير فباتت قريبة منها للغاية وجسدها شبه ملتصق بجسدها ...


+



أزاح كرسيه قليلا لا إراديا فنظرت له بدهشة ليبتسم لها بهدوء لتفهم إنه فعل ذلك كي لا يتلامس جسدها بجسده فتأخذ راحتها أكثر ..


+



نظرت له مبتسمة وقد تضاعف إعجابها به وبتصرفه الذي يدل على مدى رجولته ...


+



فتحت أمامه الفيديو الذي يخص عملية جراحية وأخذت تطرح عليه عدة أسئلة أثناء عرض الفيديو بينما هو يجيب على أسئلتها وقد اندمج معها تماما حتى مر الوقت لتنتهي من أسئلتها فتهتف وهي تعتدل في جلستها :-


+




        

          


                

" أشكرك حقا ... وآسفة لإنني أخذت من وقتك ..."


+



" لا شكر على واجب ..."


+



قالها بجدية لتبتسم له قبل أن تنادي عليه :-


+



" شريف ..."


+



ثم أضافت بسماحة :-


+



" يمكنني أن أناديك دون ألقاب كذلك ..."


+



شعر بالإحراج فاضطر أن يقول :-


+



" بالطبع ... "


+



ابتسمت بسعادة ثم تقدمت نحوه 


+



واضعة كفيها فوق المكتب تخبره بجدية :-


+



" الخميس القادم خطبة شقيقتي ... أنت مدعو ... بابا سيرسل لك الدعوة بنفسه وأتمنى أن تشرفنا وتأتي الى الحفل ..."


+



قال بهدوء متجاهلا تلك اللهفة الواضحة في نبرتها :-


+



" سأحاول باذن الله ..."


+



أومأت برأسها ثم استأذنت متحركة خارج المكان يتابعها هو بعينيه حتى رحلت قبل أن يزفر أنفاسه مفكرا إن تصرفاتها تلك لا تروقه على الإطلاق ولا يعرف كيف يتخلص من قربها ومحاوطتها له طوال الوقت فهو مضطر أن يصمت بسبب والدها الذي كان له فضل كبير عليها ومعزة خاصة للغاية ...!


+



**************


+



أوقف إياس سيارته أمام المتجر الخاص بها ...


+



هبط منها وتقدم الى الداخل ليقف في مقدمة المكان يتأمل المتجر متوسط الحجم بتصميمه المميز للغاية ليقع بصره أخيرا عليها وهي تقف أمام طاولة متوسطة الحجم تجهز باقة ورد بعناية شديدة وحولها مجموعة من الورود المتنوعة ...


+



خلع نظارته الشمسية وأخذ يتأملها بصمت حيث تركيزها بأكمله منصب على تلك الباقة غير منتبهة بعد لقدومه ...


+



كانت ترتدي ملابسا بسيطة مكونة من بنطال جينز فوقه قميص أبيض مقلم باللون الأزرق ...


+



شعرها المموج منسدلا على جانبي وجهها بينما يدها تمتد بين الحين والآخر لإبعاده خلف أذنها كي تتمكن من التركيز على عملها ...


+



ارتكن بجسده على الحائط جانبه يتأملها باهتمام لا يخلو من الاستمتاع وهو يعقد ذراعيه أمام صدره وقد بدت جذابة للغاية وجميلة وعفوية جدا وهي تعمل بتركيز شديد وكأنها تقوم بحل معادلة كيميائية صعبة لا تجهيز باقة ورد ...!


+



اعتدلت بجسدها وفتحت المجر تخرج شريطا سمائيا منه ثم رفعت خصلات شعرها الكثيفة وجمعتها الى الخلف مستخدمه الشريط في جمعهما قبل أن تتجمد كليا وهي تراه واقفا أمامها يتأملها بصمت وعلى شفتيه إبتسامة خفيفة ...


+




        

          


                

سقطت يديها لا اراديا فسقط شعرها مجددا على جانبي وجهها كالشلال الذي جعله يتأملها بإعجاب خفي بينما بدت توليب في تلك اللحظة وهي تنظر له بدهشة وشعرها الكثيف يحيط وجهها من الجانبين مع ملامحها الناعمة الرقيقة وردة رائعة زكية تتوسط بقية الورود ..


+



وردة بات مصرا أن تكون من نصيبه ويكون هو من يقتطفها من جذورها ويأخذها الى مملكته لتحيا ما تبقى من عمرها معه .. بجانبه ....


+



تحرك أخيرا نحوها لتهتف بنبرة مدهوشة وهي تخفي توترها من وجوده بسرعة :-


+



" إياس .. أهلا وسهلا ..."


+



هتف مبتسما بجاذبية :-


+



" أهلا بك ..."


+



أضاف وعيناه تتركزان عليها :-


+



" أتيت لأرى متجرك وأراك أيضا ..."


+



همست بخفوت :-


+



" أهلا بك ..."


+



تحرك ببصره حول أرجاء المحل ليهتف بجدية :-


+



" المتجر رائع حقا ...."


+



ابتسمت تشكره :-


+



" أشكرك ..."


+



" أنت من إخترت هذا التصميم والديكور ..."


+



قالها وهو يتأمل تصميم المحل المختلف والذي بدا يحمل طابع الورد  في كل جزء منه ...


+



" نعم أنا ..."


+



قالتها بخفوت ليبتسم مفكرا إن كل شيء هنا يحمل بصمتها هي .. كان هذا أمرا واضحا لا يحتاج الى تفكير ...


+



هتف عن قصد :-


+



" لديك ذوق رفيع ... سأنتظر بحماس تصميمك لمنزلنا وديكوراته ... "


+



توترت ملامحها بشدة وكسا الإحمرار وجنتيها بينما ابتسم هو داخله وعيناه تتأملان احمرار وجنتيها بانجذاب ورغم دهشته من خجلها المفرط والذي لا يتذكر أن رأى خجلا مشابها عند أي فتاة عرفها من قبل إلا إنه لا ينكر إن خجلها هذا يمنحها جاذبية مختلفة ويجعلها أكثر جمالا وفتنة في عينيه ...


+



هتف مغيرا الحوار بعدما شعر بها تكاد تذوب من شدة الخجل :-


+



" إذا ، ألن تضيفني شيئا ...؟!"


+



قالت بسرعة وارتباك :-


+



" بالطبع ، ماذا تفضل أن تتناول ...؟!"


+



" ما لديك أنت ...؟!"


+



سألها وهو يسحب احد الكراسي المجاور للطاولة ويجلس عليه لتخبره بسرعة وما زال التوتر يسيطر عليها بسبب وجوده بل وحضوره الطاغي :-


+




        

          


                

" يمكنني صنع القهوة وهناك عصائر ..."


+



هتف بجدية :-


+



" هل لديك عصير تفاح ...؟!"


+



هتفت متأسفة :-


+



" للأسف لا يوجد ... هل تريد عصير برتقال ..."


+



" لا بأس ..."


+



قالها مبتسما لتفتح الثلاجة الصغيرة الموضوعة جانبا وتحمل زجاجة العصير وتتقدم بها نحوه ليأخذها منها وهو يشكرها بينما يخبرها :-


+



" مستقبلا عليكِ أن تملئي الثلاجة بعصير التفاح لإنني أحبه كثيرا ..."


+



قالها ببساطة وثقة شديدة في كونهما سيكونان معا ...


+



من أين أتى بهذه الثقة وعائلتها لم تلتقِ به بعدِ ولن يمنحونه موافقتهم بسرعة وسهولة كما يعتقد ...


+



" ألن تجلسي ...؟!"


+



سألها باهتمام بينما أخذت هي تتأمله بصمت مفكرا إنه آسرها كليا بحضوره الطاغي ...


+



تحدثت أخيرا بجدية :-


+



" لماذا أتيت ...؟!"


+



ابتسم مجيبا :-


+



" لأراك بالطبع ..."


+



ثم أضاف بتلاعب :-


+



" ولأطلب منك تجهيز باقة ورد مميزة للغاية ... "


+



عقدت حاجبيها متسائلة :-


+



" وكيف تريدها ..؟! يعني نوع الأزهار ولونها .."


+



قال بجدية :-


+



" أريدها على ذوقك ..."


+



أضاف وهو يتأملها بتمعن :-


+



" ضعي فيها ما تفضلينه من أزهار ... رتبيها بالشكل الذي تحبينه فأنا أثق بذوقك للغاية ..."


+



" حسنا ..."


+



قالتها بهدوء ثم تحركت لتبدأ عملها عندما سمعته ينادي اليها فالتفتت نحوه مجددا تنظر له بحيرة ليخبرها بجدية :- 


+



" اعتني بها جيدا فأنا سأقدمها لشخص مهم للغاية ومميز ..."


+



*************************************


+



انتهت من اعداد الباقة التي حرصت على أن تكون مميزة بحق رغم فضولها لمعرفة هوية الشخص الذي سيهديه الباقة ..


+



كان فضولا يشوبه غضب خفي ...


+



بالطبع هذه الباقة ستكون لإمرأة ولكن من هي هذه المرأة ...؟!


+




        

          


                

تسائلت إذا ما يحق لها أن تنزعج من ذلك في هذا التوقيت قبل أن يربط بينهما شيء ...؟!


+



ثم تجاهلت أفكارها وهي تحاول اقناع نفسها إنه سيهدي تلك الباقة الى والدته بالطبع بل إن قدومه الى هنا وطلبه تجهيز هذه الباقة مجرد حجة لرؤيتها والتحدث معها فهو بالطبع ليس صلفا لدرجة أن يأتي اليها تحديدا ويطلب منها تجهيز باقة لإمرأة غير والدته ...


+



كانت غافلة كليا عن نظراته التي تتابعها بحرص ....


+



يتأملها وهي تتحرك كالفراشة بين الزهور تبحث عن أنواع مناسبة ومتناسقة ....


+



مندمجة في عملها كليا وكأن عالمها بأكمله يكمن بين تلك الزهور الجميلة والتي تمثل هي إحداهن بل أكثرهن جمالا وجاذبية ...!


+



اتجهت بعدها نحو الطاولة مجددا تجهز  الباقة بعناية ورغم إن وقت التحضير طال إلا إنه لم يهتم بل على العكس كان مسترخيا مرتاحا وهو يتابعها غير مهتما بكم الوقت الذي أضاعه وهو ينتظرها تنهي تجهيز الباقة بينما في العادة هو رجل يكره إضاعة الوقت الذي يسعى لإستغلال كل ثانية فيه لصنع شيئا مهما ..


+



كانت قد أخبرته في منتصف تحضيرها :-


+



" يمكنك أن تذهب وأنا أرسلها لك او الى الموقع الذي تريده مع سائق التوصيل لإنني سوف أتأخر قليلا في تجهيزها ..."


+



ليجيب بتلقائية :-


+



" تأخري كما تشائين ... لا مشكلة لدي من انتظارك حتى صباح اليوم التالي ..."


+



كلماته البسيطة والتي خرجت بعفوية صادقة جعلتها تتورد فسارعت تعود بتركيزها نحو عملها بينما يتابعها هو بهدوء وترقب ....


+



انتهت من اعداد الباقة فقالت وهي تحملها بيديها :-


+



" ما رأيك ...؟!"


+



نهض من مكانه يتأمل الباقة الجميلة بألوانها المتناسقة للغاية :-


+



" رائعة .. جدا ..."


+



ابتسمت براحة قبل أن تسحب بطاقة صغيرة من المجر وهي تخبره :-


+



" يمكنك أن تكتب ما تريده وتضع توقيعك ... "


+



تناول البطاقة منها ثم القلم لينحني على الطاولة ويكتب فوق البطاقة ما يريده ثم يضع توقيعه قبل أن يمنحها البطاقة لتضعه على الباقة ثم تجلب عطرا خاصا وترشه فوق الباقة بعناية قبل أن تمنحه الباقة وهي تخبره :-


+



" الباقة أصبحت جاهزة ..."


+



ابتسم بجاذبية وهو يتناول الباقة منها قبل أن يمد كفه  في جيبه ويخرج بطاقته المالية ويمدها لها لتطالعها بتردد ما بين أخذها او الرفض لكنها تراجعت عن رفضها مفكرة إنه لا زال غريبا عنها وعليها أن تتعامل معه على هذا الأساس لا العكس ...


+




        

          


                

هتفت وهي تتناول البطاقة :-


+



" أليس لديك أموال خارج البطاقة ... يعني المبلغ لا يحتاج الى بطاقة ..."


+



قال بجدية :-


+



 " في العادة أحمل المال معي الى جانب البطاقة إذا كنت سأخرج الى مكان غير العمل لكنني أتيت الى هنا من الشركة دون تخطيط مسبق ... أليس لديك ماكينة للسحب ...؟!"


+



" كلا ، فالأسعار ليست مرتفعة الى هذا الحد ..."


+



قالتها بهدوء ليبتسم وهو يردد :-


+



" لا بأس ... سأرسل لك الأموال مع أحد العاملين إذا ..."


+



" حسنا ..."


+



قالتها بجدية عندما ودعها بعدها وهو يتحرك خارج المتجر تتابعه هي بصمت وعادت الأسئلة تدور في رأسها عن هوية المرأة التي سيرسل لها الباقة لتسارع في اقناع نفسها بأن تلك المرأة والدته لا غيرها ...


+



وبعد أقل من ساعة وجدت عاملا من قصره يتقدم نحوها وهو يخبرها إنه من طرفه ليمنحها النقود فأخذتها منه وهي تشكره ثم عادت لعملها متجاهلة أفكارها التي باتت تتمحور حوله منذ أن وطأت قدميه للمكان ...


+



انتهت بعدها من عملها وتحركت تغادر المتجر عائدة الى قصرها حيث وجدت والدتها في انتظارها وهي تخبرها بتمهل :-


+



" وأخيرا أتيت..."


+



سألتها بريبة :-


+



" ماذا هناك ...؟!"


+



هتفت والدتها بهدوء :-


+



" اصعدي الى جناحك وستعرفين ...."


+



ناظرتها بقلق قبل أن تصعد الى جناحها حيث فتحت الجناح بسرعة لتنصدم بوجود باقة الورد في منتصف سريرها ....


+



اتجهت راكضة بسرعة وسحبت الباقة ثم البطاقة تقرأ ما مكتوب فيها بلهفة حيث كتب لها بخطه الجذاب :-


+



" إحترت ما يمكنني إهدائه لفتاة جميلة ورقيقة مثلك ... يمكنني التخمين إن الورد هو أكثر شيء تفضلينه لذا كان لا بد أن تكون هديتي الأولى لك باقة ورد كنت حريصا أن تصنعيها بنفسك فليس من المعقول أن أستعين بغيرك ليصنع باقة ورد لك وأنت فتاة الورد كله ... أتمنى أن تعجبك هديتي البسيطة من صنع يديك على وعد بأن أقدم لك في القريب العاجل ما هو أثمن بكثير  ويليق بك وبمكانتك مع إنني أشك إن هناك ما يكافئ مكانتك الثمينة ...."


+



كلماته تلك أصابت قلبها بسهم بعثر نبضاته كليا ....


+



هذا الرجل يعرف كيف يتسلل الى مواطن قلبها ويحتلها دون رحمة ...


+




        

          


                

ابتسمت ونبضات قلبها أخذت تتقافز بسعادة بينما ضمت الباقة إليها وهي تكاد تقفز من فرط سعادتها ....


+



جلست على سريرها بعدها والباقة ما زالت بين ذراعيها عندما أخذت تقرأ ما في البطاقة مجددا بنفس اللهفة ...!


+



****************************************


+



للمرة العاشرة تقرأ البطاقة وقلبها ما زال يقفز بين أضلعها بنفس الطريقة ...


+



أخذت تشم الورود بسعادة قبل أن تحمل الباقة وتضعها بعناية فوق السرير ثم تحمل احدى الفازات الموضوعة جانبا وتضع بها الباقة بعدما ملأتها بالمياه ....


+



احتارت أين تضع الفازة حتى اختارت أن تضعها على الطاولة الصغيرة الموضوعة أمام سريرها مباشرة فوضعتها هناك ثم حملت البطاقة واتجهت بها نحو الخزانة فأخرجت صندوقا صغيرا وضعت البطاقة به وأغلقتها بحرص ...


+



غادرت بعدها الجناح متجهة الى جناح والديها فوالدتها ستكون هناك غالبا ...


+



طرقت على باب الجناح فصدح صوت والدتها يسمح لها بالدخول لتدلف الى الداخل فتنظر والدتها نحوها ولم يغب عنها تلك السعادة المنبثقة من عينيها وتورد وجنتيها ...


+



ابنتها تسقط في الغرام تدريجيا وبالرغم من سعادتها لذلك لكنها لا بد أن تشعر بالقلق والخوف على ابنتها الوحيدة ففي النهاية العشق سلاح ذو حدين مثلما يحمل جانبا مشرقا لديه جانب آخر مناقض تماما مظلم وظلامه قادر أن يبدد حياة من يعيشونه كاملة دون رحمة ... 


+



" إنه إياس ..."


+



قالتها توليب وهي تتقدم نحو والدتها بخجل وارتباك بينما أخذت تفرك كفيها بتوتر ...


+



هتفت زهرة بجدية :-


+



" أعلم ... يعني كان ذلك متوقعا ..."


+



" هل أنت منزعجة ...؟!"


+



سألتها توليب بتردد لتبتسم زهرة قائلة بحنو :-


+



" كلا يا توليب .. لست منزعجة ... هل تعلمين لماذا ..؟!"


+



نظرت لها توليب بترقب لتضيف زهرة بجدية :-


+



" لإنني أثق بابنتي وبرجاحة عقلها وتصرفاتها .."


+



وهنا لم تكن زهرة تكذب فهي تثق بابنتها التي تعرفها جيدا وتحفظها عن ظهر قلب ...


+



تثق بهدوئها وتحفظها ورزانتها وإن كانت ناعمة ورقيقة وعاطفية ...


+



كانت تعلم إن إبنتها عاطفية للغاية ورقيقة بشكل يجعلها تبدو هشة ورغم إنها تخشى عليها بسبب برائتها ورقتها لكنها تدرك إن ابنتها في نفس الوقت ليست ساذجة بل هي واعية بما يكفيها لتدرك الصح من الخطأ وتجيد التصرف الصحيح وقت الجد ...


+




        

          


                

نهضت زهرة من مكانها وتقدمت نحوها تربت عل شعرها بحنو وهي تهتف بصدق :-


+



" أتمنى لك السعادة يا صغيرتي لإنك تستحقين ذلك ..."


+



ارتمت توليب بين ذراعي والدتها بحب بينما زهرة تعانقها بقوة وفكرة أن يأتي شخص ويأخذ صغيرتها منها بدت مزعجة لها رغم قرب حدوثها على ما يبدو ولكنها تبقى أم متعلقة بطفلتها لا تريد فراقها لولا إن سنة الحياة تقتضي ذلك ...


+



دلف عابد الى الجناح فقد عاد أخيرا الى عمله ليبتسم وهو يرى ابنته بين ذراعي زوجته ...


+



ابتعد توليب بحرج فقال عابد وهو يتقدم نحويهما وما زال محتفظا بإبتسامته :-


+



" هل قطعت لحظة مهمة بينكما ..؟!"


+



تنحنت توليب مرددة :-


+



" كنا نتحدث فقط..."


+



ملست زهرة على شعر ابنتها وهي تردد :-


+



" كنا نتحدث قليلا .."


+



" أشياء خاصة بين الأم وابنتها ..."


+



قالها عابد وهو يخلع سترته لتهتف زهرة ضاحكة :-


+



" نعم هو كذلك ... أشياء خاصة جدا ..."


+



هتفت توليب بسرعة :-


+



"أنا سأذهب .. عن إذنكما ..."


+



لكن والدها أوقفها قائلا :-


+



" تعالي هنا ..."


+



تقدمت نحوه وهي تبتسم له ليحاوط كتفيها وهو يسألها :-


+



" كيف يسير العمل في المتجر ...؟!"


+



قالت بفرحة :-


+



" أكثر من رائع ..."


+



هتف بجدية :-


+



" ما زلت على وعدي ... متى ما أردتِ يمكنك توسيع عملك وتطوير المتجر كما تشائين بل والتعامل مع شركات خارج البلاد ويمكنك توسيع نطاق مبيعاتك أيضا كما يمكنك التعامل مع شركات إعلان وترويج متخصصة .. يعني إذا كنت ترغبين بذلك ..."


+



نظرت له بامتنان شديد وهو الذي احترم رغبتها في فتح متجر متخصص لبيع الزهور متفهما شغفها بهذا المجال دون أن يضغط عليها لأجل العمل في شركات العائلة رغم إنها تخرجت من قسم ادارة الاعمال ...


+



" ما زلت أدرس الأمر جيدا وأضع الخطة المناسبة ..."


+



" أنا جاهز متى ما أردت وكنت مستعدة لتنفيذ خطتك ..."


+




        

          


                

قالها بصدق لتحتضنه وهي تردد بحب :-


+



" شكرا بابا ... شكرا كثيرا ...."


+



ثم تحركت تغادر المكان سعيدة تتابعها عيني والدتها بحنو وهي تدعو لها مرارا في قلبها أن يوفقها الله في كل خطوة تخطوها ...


+



************************************


+



دلف الى المطعم الذي اتفق أن يلتقيها به ....


+



اليوم سينهي كل شيء ...


+



هذه العلاقة لا بد أن تنتهي قبل أن يضع خاتمه في بنصر توليب الهاشمي ...


+



كل شيء بينهما يجب أن ينتهي قبل ذلك ...


+



رغم كل شيء هو ليس ذلك الرجل متعدد العلاقات...


+



ليس الرجل الذي يمكنه أن يتزوج إحداهن وهناك أخرى حياته ...


+



ربما هو ليس مثاليا بل هو كذلك بالفعل ولكنه لا يحبذ  ذلك ...


+



هو سيدخل في علاقة جدية .. حقيقية ...


+



زواج سيعسى ليكون زواجا ناجحا مثمرا لذا لا بد أن ينهي كل شيء قد يتسبب في تعكير صفو هذه العلاقة ....


+



وجدها تنتظره على المائدة بملامح متغضنة فوقف لوهلة يتأملها بجمود ويسأل نفسه إذا ما أحبها حقا كما يعتقد أو إن الأمر كان مجرد اعجاب وانجذاب لأنثى جميلة منحته مشاعرها بل وجسدها على طبق من فضة ...


+



كانت المبادرة منها وما تلا ذلك كان مباحا فيه كل شيء ...


+



لا ينكر إنه كان يحب وجوده معها ...


+



تعجبه كأنثى جميلة تحمل فتنة لا خلاف عليها ...


+



تعجبه جرئتها خاصة في علاقتهما الحميمية والأهم يحب محاولاتها الدائمة لإرضاءه ... لكسب قلبه ....


+



كان يعلم إن قراره اليوم سوف يصدمها بل يتوقع ردود أفعال حادة منها فمروة ليست سهلة على الاطلاق ...


+



مروة قوية وذكية ولديها اهدافها الخاصة وإن كانت تحمل مشاعرا حقيقة نحوها لكن هذا لا يلغي رغبتها الواضحة في تخطي حدود علاقتهما السرية الى علاقة علنية يكللها الزواج ...


+



وعاد مجددا يتسائل ، ماذا لو كان جده سيقبل بها ولن يرغب في نسب عريق ...؟!


+



هل كان سيختارها كزوجة ...؟! 


+



وللمرة الأولى يصارح نفسه بحقيقة إنه لم يرها يوما من هذا المنظور ولا يعتقد إنه كان سيراها الزوجة المناسبة له ...


+




        

          


                

سار نحوها أخيرا لتتأمله بتجهم صريح عندما جلس قبالها هاتفها بجدية :-


+



" كيف حالك ...؟!"


+



سألته بوجوم :-


+



" أين أنت يا إياس ...؟! لماذا غير متواجدا أغلب الوقت حتى إنني لا أستطيع الوصول إليك إلا بصعوبة ..."


+



هتف بجدية :-


+



" نحن نجب أن نتحدث يا مروة ..."


+



الخوف غزاها فهي تكاد تقسم إن حديثه القادم يحمل خبرا سيئا لها ...


+



هي ليست غبية كي لا تدرك تباعده في الفترة الأخيرة ..


+



تباعد تقسم إنه مقصود ...


+



تباعد لم تفهم سببه رغم إنها تخشى معرفة السبب الذي جعله يبتعد عنها هكذا ...


+



قال بنفس الجدية :-


+



" أنا سأتزوج يا مروة ..."


+



وقبل أن تستوعب تصريحه الأول كان يباغتها بالثاني :-


+



" لذا نحن يجب أن ننفصل .... "


+



تطلعت له بصمت امتد لثواني قبل أن تنطق ببرود :-


+



" بهذه البساطة ..."


+



تنهد قائلا :-


+



" هناك فتاة سأتزوج منها قريبا لذا علاقتنا ستكون غير منطقية بعد الآن .. ليذهب كل منا في طريقه ..."


+



" ستتخلى عني بهذه البساطة ..."


+



نطقتها بقهر تمكن منها وهي تضيف بتشنج :-


+



" هل فقداني بسيط لهذه الدرجة ...؟! هل يعقل إنك ستتخلى ببساطة عني وعن كل شيء جمعنا ..؟!"


+



تنهد مجيبا :-


+



" الأمر ليس كذلك ولكنني أجد هذا أفضل من المماطلة ... افهمي ما أقوله .. أنا سأتزوج ..."


+



هتفت من بين أسنانها :-


+



" فهمت ..."


+



أكملت بملامح قاتمة :-


+



" فهمت إنك ستتزوج ... غيري .. بعدما منحتك كل شيء .. بعدما أحببتك من أعماق قلبي ... بعدما عشنا الكثير سويا ..."


+



أضافت تسأله بألم :-


+



" منذ متى وأنت تخطط للتخلص مني والزواج بأخرى ..؟!"


+



هتف بوجوم :-


+



" لم أخطط .. جدي اقترح علي أمر الزواج لإن الإستقرار أفضل لي حاليا ومستقبلا ... "


+




        

          


                

" أجبرك يعني ..؟!"


+



سألته بلهفة ليجيب بحزم ؛-


+



" كلا ، لم يجبرني ..."


+



ارتخى جسدها باحباط ليضيف بصدق :-


+



" انا من اقتنعت بحديثه ووجدت إن الزواج والاستقرار أفضل لي ... "


+



" ومن سعيدة الحظ ...؟!"


+



سألته بجمود عاد يكسو ملامحها ليجيب :-


+



" فتاة ... لا تعرفينها بالطبع ... "


+



" من عائلتك ...؟!"


+



سألته بنفس البرود لينفي ذلك فتقول بمرارة خفية :-


+



" من احدى العوائل العريقة التي تعرفها عائلتك بالطبع ..."


+



نطق بصراحة :-


+



" أنا أحتاج لذلك ... أحتاج لمن تناسبني من كافة النواحي ...."


+



هتفت بثبات :-


+



" وأنا بالطبع لست مناسبة من جميع النواحي ...."


+



قال بتروي :-


+



" دعينا نتحدث بصراحة ..."


+



قاطعته بصوت ناقم :-


+



" من الأفضل ألا نفعل ذلك لإن حديثنا الصريح سوف يظهر كم إنك رجل وغد واستغلالي ..."


+



نطق بصلابة :-


+



" لا تتجاوزي حدودك ..."


+



" أليست هذه الحقيقة ...؟! ألم تستغلني ...؟!"


+



قالتها بجدية ليرفع حاجبه لوهلة ثم يقول :-


+



" لا أتذكر إنني أجبرتك على أي شيء ولا نلت منك شيئا دون وعيك ... كل شيء تم بإرادتك الكاملة بل كنت من تسعين بنفسك لحدوثه ..."


+



تراجعت الى الخلف لا إراديا وكلماته الصريحة القاسية ضربتها في مقتل بينما أكمل هو بنفس الصراحة القاتلة :-


+



" دائما أنت كنت صاحبة الخطوة الأولى .. لقاؤنا الأول في الطائرة وكيف أظهرت اعجابك بي بل سارعت للتعرف علي بكل استطاعتك وما تلا ذلك ... حتى أول علاقة جسدية بيننا .. كانت برغبة منك ... أنت من عرضت نفسك عليّ وأنا في النهاية رجل من غير الطبيعي أن يرفض أنثى جميلة مثلك ..."


+



انتفضت من مكانها تصيح بينما تضرب الطاولة بكفيها :-


+



" يكفي ...."


+




        

          


                

نهض بسرعة يهدر بها بحزم :-


+



" توقفي عن هذه الحركات .. ستفضحيننا ..."


+



اندفعت نحوه تقبض على ياقة قميصه تخبره بتوعد :-


+



" نعم أنا سأفضحك ... سأدمرك ..."


+



قبض على كفها القابض على ياقته يخبرها بقوة وثبات :-


+



" تجرئي و افعليها وحينها ستندمين ندم عمرك يا مروة ..."


+



صاحت وعيناه تحولتان الى بركة من النيران :-


+



" غادر ..  لا أريد رؤية وجهك أمامي ..."


+



أبعد كفيها عن قميصه وهو يسحب هاتفه الذي وضعه فوق الطاولة منذ قليل ويتحرك خارج المكان تاركا إياه تتابعه بقهر وحقد قبل أن تتوعده :-


1



" ستندم ، والله ستندم ... لن أمرر لك هذا بسهولة ولن تفلت مني بسهولة يا إياس ..."


+



**************


+



عادت ماذي الى المنزل متأخرا للغاية فقد تجاوزت الساعة الثانية صباحا ....


+



كانت تتوجه نحو غرفتها وقد قررت أن تقضي الليلة هنا قبل أن تذهب صباحا الى منزل احدى صديقاتها فتبقى لبضعة أيام معها تفكر من خلالها في حل لمشكلتها الحالية وفي نفس الوقت تتعمد خلالها ألا تتواصل مع صلاح الذي سيتعجب من غيابها ...


+



ستحرص أن تلقنه درسا ليدرك إنها ليست بحاجته لا هو ولا غيره ...


+



وفي نفس الوقت تؤجج نار الشوق داخله لها فيضطر أن يتصل بها ويعلن عن شوقه ويخضع مقابل عودتها له بشروطها هي هذه المرة...


+



اتجهت الى غرفتها حيث قضت ليلتها فيها حتى استقيظت صباحا على صوت طرقات على باب غرفتها فتذمرت وهي تسمح للطارق بالدخول لتجد احدى الخادمات والتي وضعتها جاسوسة على شقيقتها ستيلا حيث تنقل لها أخبارها ...


+



" تعالي ..."


+



قالتها ماذي بتململ وهي تعتدل في جلستها لتهتف الخادمة بسرعة بعدما أغلقت الباب وتقدمت نحوها :-


+



" سيدتي ... سمعت السيدة ستيلا تتحدث عنك ...."


+



نظرت لها ماذي باهتمام لتضيف الخادمة بتردد:-


+



" كانت تخبر شخصا ما إنها جهزت كل شيء ليخطفك ويجبرك على الذهاب معه الى رئيسه ... "


+



انتفضت ماذي من مكانها تصيح بعدم تصديق :-


+



" ماذا تقولين أنت ...؟!"


+




        

          


                

قالت الخادمة بسرعة :-


+



" هذا ما حدث ...."


+



" أخبريني ما سمعته بالتفصيل ..."


+



هتفت بها ماذي لتومأ الخادمة برأسها وتسارع في اخبارها بما حدث حتى انتهت من حديثها لتهتف ماذي بشحوب :-


+



" حسنا ، غادري أنت الآن ..."


+



ثم لحظات وسارعت تغير ملابسها وتأخذ حقيبة صغيرة تضع فيها حاجياتها الخاصة ثم تتحرك خارج الفيلا ومنها الى شقة صديقتها التي استقبلتها بدهشة بسبب الغضب الذي يملأ كيانها ....


+



أخذت تقص ماذي عليها ما سمعته وهي تنهي حديثها مرددة :-


+



" يجب أن أهرب من هنا بأسرع وقت ... ستيلا باعتني الى ذلك الرجل كما كانت تفعل مع من قبلي ..."


+



" ولكنك شقيقتها ... كيف تفعل بك هذا ..؟!"


+



قالتها صديقتها مذهولة لتهتف ماذي ساخرة :-


+



" على أساس إنها تهتم ... ستيلا تبيع أي شيء لأجل المال .. إسأليني أنا ..."


+



قالت جملتها الأخيرة بمرارة لتتسائل صديقتها بحيرة :-


+



" ماذا ستفعلين الآن ...؟!"


+



نظرت لها ماذي بصمت وهي تفكر في حل لهذا المعضلة ومجددا ظهر صلاح أمامها فهو حاليا الشخص الوحيد الذي قادر أن ينقذها وينتشلها من وضعها الحالي ...


+



لو فقط يوافق أن يتزوجها ويغادر بها البلاد حتى لو أراد أن يتركها بعد فترة ....


+



أخبرت صديقتها بما تفكر به فقالت صديقتها بجدية :-


+



" لن يوافق يا ماذي .... لو أراد لفعل ... لكنه ليس مجبرا أن يوافق .."


+



شردت ماذي في كلماتها مفكرة إنه بالفعل لا يوجد شيء يجبره أن يوافق على عرضه قبل أن تلمع عينيها بعد لحظات وهي تخبرها :-


+



" ولكن ربما بإمكاننا أن نجعله مجبرا على الموافقة ...."


+



" كيف ...؟!"


+



سألتها صديقتها بذهول فنهضت ماذي من مكانها تتجه نحو النافذة تتأمل الخارج بابتسامة خبيثة تشكلت فوق ثغرها قبل أن تردد :-


+



" فضيحة ...."


+



نهضت صديقتها متجهة نحوها مرددا :-


+



" فضيحة ...؟! كيف يعني ...؟!"


+



التفتت ماذي نحوها تخبرها :-


+




        

          


                

" صلاح رغم كل شيء لديه مظهره الاجتماعي وسمعته الظاهرية في بلاده وسط مجتمعه ... ماذا سيحدث لو وضع أمام خيارين .. ؟! إما الفضيحة هناك أو الزواج مني بشكل مؤقت ...؟!"


+



" لا أعتقد إنه سيجازف بمظهره الاجتماعي ... ولكن ما الفضيحة التي ستهددينه بها ...؟!"


+



لمعت عيناها بمكر قبل أن تهتف :-


+



" فيديو مصور له مع احدى العاهرات ... فضيحة من العيار الثقيل ... سيضطر أن يتزوجني بل وينفذ جميع ما أريده .... !"


+



*************


+



تقدمت نغم نحو راجي وهي تحمل كوبين بلاستيكين من القهوة ليرفع وجهه نحوها فيبتسم لا اراديا وهو يراها أمامه بجمالها المضيء وابتسامتها العذبة قبل أن يتذكر ما أصابها قبل يومين ليهتف معاتبا :-


+



" ألم أطلب منك الراحة لبضعة أيام ...؟!"


+



" انا مرتاحة فعلا هنا في عملي ..."


+



قالتها وهي تجلس فوق الكرسي المجاور لمكان وقوقه بعدما منحته كوب قهوته ليرتشف القليل منها ثم يهمس :-


+



" شكرا ..."


+



" عفوا ..."


+



قالتها مبتسمة وهي تضيف :-


+



" لم تأتِ الى المشفى البارحة ..."


+



قال بجدية :-


+



" تبادلت موعد الخفارة مع حيدر لإنه لا يستطيع التواجد في موعد خفارته هذا الإسبوع ..."


+



هزت رأسها بتفهم ثم عادت ترتشف قهوتها بينما عاد هو ببصره نحو الملف الذي كان يعمل عليه ...


+



أخذت تتأمله بصمت مفكرة إنه ازداد وسامة مع تقدم العمر ....


+



رفع بصره نحوها فقبض عليها وهي شاردة في تأمله ليبتسم مرغما فتنتبه على ما حدث لتسارع وتكح بحرج وهي تعاود ارتشاف قهوتها بصمت ...


+



هز رأسه بيأس فنغم ما زالت كما هي بكل تقلباتها وجنونها وعشقها الجارف الذي يسطع من مقلتيها ...


+



" أليس لديك عملا ...؟!"


+



قالها بجدية لتضرب على رأسها بتذكر فسارعت تنهض من مكانها وهي تخبره :-


+



" لدي عملية بعد أقل من نصف ساعة ... كيف نسيت ..."


+



ثم توقفت مكانها فجأة فنظر نحوها بحيرة تحولت الى قلق عندما وجد جسدها يسقط ارضا فاقدا للوعي ...


+



لا يدرك كيف حملها وركض بها موعوبا متجها الى اقرب غرفة ليحاول افاقتها ...


+




        

          


                

استيقظت بملامح متعبة بينما صديقه كان يساعده في فحصها عندما قال الأخر بجدية :-


+



" من الأفضل أن تقومي بهذه الفحوصات يا نغم طالما الأمر تكرر معك لأكثر من مرة دون سبب معروف ...."


+



هزت نغم رأسها بشرود بينما هتف راجي بجدية :-


+



" الآن ستقومين بتلك الفحوصات ..."


+



" العملية ...."


+



قالتها بصوت ضعيف ليهتف راجي بحزم :-


+



" لا يمكنك أن تقومي بها حاليا في وضعك هذا ...."


+



ثم اتجه نحو المختبر الطبي لاجراء التحاليل والفحوصات المطلوبة لتظهر تحاليلها بنتائج غير حميدة على الأطلاق فتملأ الشكوك صدره بينما يقرر زميل له أن تدخل الى جهاز الرنين المغناطيسي لفحص الدماغ ...


+



لم يخبرها راجي عن نتائج التحاليل التي لا تبشر بالخير بل اكتفى بأمرها بأن تدخل الى الجهاز للاطمئنان ليس إلا ...


+



كان الخوف ينهشه دون رحمه والأفكار المرعبة تسيطر على عقله ...


+



مر الوقت بطيء للغاية حتى ظهرت نتائج الفحص والتي كانت أسوء مما تتخيل ...


+



نغم تعاني من ورم في الدماغ ....


+



*************


+



فتحت عينيها على أصوات حركته في الجناح ...


+



ما زال كابوس الليلة الماضية مرسوما أمامها ...


+



ما زالت تتذكره في كل تفاصيله ....


+



كابوس سيشكل هاجسا لها على الأغلب الفترة القادمة ....


+



كانت يسرا في الكابوس تناظرها بتحدي بينما تحتضن أطفالها الثلاثة بتملك ....


+



راغب لم يكن في الصورة ...


+



أطفالها فقط ....!


+



كانت تحاول أن تتقدم نحوهم ...


+



تحاول الصراخ كي ينتبهون لها لكن صوتها أبى أن يخرج ....


+



وهناك سلاسل تقيد قدميها تمنعها من التقدم نحوهم ....


+



وبينما كانت تجاهد وتحاول فعل أي شيء يجعلهم ينتبهون لها امتدت يد من الخلف تقبض على عنقها وتخنقها دون رحمة بينما هي تنازع حتى إستيقظت مجفلة على يد راغب وهي تهزها بقلق فتنهار بين ذراعيه للحظات قبل أن تتمالك نفسها فتدعي العودة الى النوم مجددا بينما النوم فارقها حتى ساعتت الصباح الأولى ...


+




        

          


                

" هل أيقظتك ...؟!"


+



قالها راغب بجدية لتهتف وهي تعتدل في جلستها :-


+



" كلا ، أساسا يجب أن أستيقظ ..."


+



كان اليوم هو يوم عطلته فغادر قبلها بينما تبعته هي بعدما غيرت ملابسها وسرحت لتجلس على المائدة جانبه يتناولان الإفطار ...


+



اتجهت بعدها العائلة بأكملها عدا راجي الذي كان  في عمله كالعادة ....


+



جلس الجميع يتناولون القهوة في الحديقة في أجواء عائلية بينما تشرد همسة بين الحين والآخر في ذلك الكابوس حتى تجسد الكابوس حيا أمامها بقدوم يسرا مع والديها ....


+



بالكاد ردت تحيتها بينما عيناها لا تفارقان أطفالها الذي يلعبون في الحديقة مع عمهم فيصل ...


+



نهضت من مكانها بعدما شعرت بالاختناق من تواجدها معها في نفس المكان عندما استغلت يسرا غيابها لتنهض متجهة نحو راغب تخبره عن المشروع الذي تخطط له وتريد مشاركته به ...


+



اضطر راغب أن يتجاوب معه في حديثها بينما نظرات والده لم تغفل عما يحدث حتى عادت همسة لتتفاجئ بيسرا تقف جانب زوجها تتحدث معه باهتمام قبل أن تلحظ يسرا وجودها فتشير لها بابتسامة طالبة منها المجيء ....


+



تقدمت همسة نحويهما عندما قالت يسرا :-


+



" من الجيد إنك أتيت ... كنت سأنادي عليك أساسا ..."


+



نظرت لها همسة بجمود لتضيف يسرا :-


+



" كنت أقترح مشروعا مهما على راغب أريد منه أن يشاركني به ولكنني فكرت إنه لا بد أن نأخذ رأيك أيضا فربما ترفضين ..."


+



كانت تتحدث بنبرة وديعة لا تشبه ما تحمله داخلها نحوها ..


+



خطيبته السابقة في مواجهة زوجته الحالية ..


+



الموقف كان غريبا للغاية لكنه متوقع بسبب صلة القرابة التي تجمع بين ثلاثتهم ...


+



سألتها يسرا بتردد يشوبه القلق ، تردد مصطنع بالطبع :-


+



" هل تمانعين ذلك يا همسة ...؟!"


+



نظرت همسة نحوها لثواني ...


+



نظراتها كانت عادية للغاية .. لا تحمل شيئا مختلفا ... لا تشبه حتى نظراتها الباردة التي توجهها نحوه بشكل شبه دائم ...


+



رسمت همسة أخيرا ابتسامة هادئة فوق شفتيها ...


+



ابتسامة لا يتذكر انها منحتها له يوما ثم نطقت بسماحة أثارت ريبه :-


+




        

          


                

" ولمَ سأفعل ...؟! "


+



التفتت نحو راغب تضيف بجدية وابتسامتها ما زالت على وضعها :-


+



" أنا لا أمانع ذلك أبدا ولا راغب نفسه سيمانع ... "


+



ثم عادت تنظر نحو غريمتها مرددة بسلاسة :-


+



" لا أفهم لماذا تعتقدين إنني سأفعل ...؟!"


+



همست يسرا :-


+



" ربما بسبب الوضع القديم ... فالوضع حساس قليلا ..."


+



قاطعتها همسة تمنعها من مواصلة المزيد :-


+



" لقد مرت سنوات عديدة ... لا تقلقي ... انا كبيرة بما يكفي لأتجاوز الماضي بما فيه ...."


+



" أحسنت عزيزتي ...."


+



قالتها يسرا بابتسامة باردة مقصودة قبل أن تنحني نحو إبراهيم الذي تقدم نحو والدته وهي تهتف بنبرة ودودة :-


+



" حبيبي ... كم هو جميل .... "


+



ثم نظرت الى راغب تخبره :-


+



" إنه يشبهك للغاية ..."


+



نقلت همسة بصرها بين طفلها ويسرا وعاد الحلم يتجسد أمامها بكل تفاصيله عندما حاولت يسرا أن تحمل إبراهيم فدفعها الأخير رافضا لتحاول مجاراته وهي تحمل وتقبله من وجنته ليصيح الأخير باكيا ...


+



كان الموقف عاديا للغاية لكنه  لم يكن كذلك أبدا بالنسبة لها ...


+



دون وعي منها جذبت الصغير من ذراعيها وهي تهدر بها :-


+



" إنه لا يريدك ... لماذا لا تفهمين ...؟!"


+



اتسعت عينا راغب وهو يهتف مصدوما :-


+



" همسة .. ماذا تفعلين ...؟!"


+



بينما أسبلت يسرا رموشها مرددة بصوت متحشرج وما حدث صب في صالحها وحدث دون مجهود منها :-


+



" أنا آسفة ... أحببت أن ألاعبه قليلا ..."


+



تطلع  راغب الى الموجودين حيث ينظرون الى ما يحدث بصدمة بصوت همسة خرج عاليا ليقول بسرعة محاولا تلافي الموقف :


+



" لم يحدث شيء يا يسرا ... همسة لا تقصد ..."


+



اشتعلت عينا همسة وهي تنظر نحوه بغضب قبل أن تصيح :-


+



" بلى أقصد .. الطفل لا يريدها .. أنت تعلم إنه لا يحب الغرباء وهي غريبة ... "


+



أكملت وقد سيطر عليها الجنون كاملا في تلك اللحظة ولم يعد بمقدورها ادعاء الثبات :-


+



" ابتعدي عن أولادي ... هل فهمت ... ؟!"


+



تساقطت دموع يسرا بينما نطق راغب اسمها بصوت حازم يحذرها أن تتمادى أكثر لتهتف يسرا بدموع مصطنعة :-


+



" لا يمكنني تحمل المزيد من الاهانات .. انا لم أقصد فعل أي شيء ... يجب أن أغادر ..."


+



ثم تحركت  راكضه لتنهض والدتها تصيح بهمسة قبل أن تغادر خلفها :-


+



"ما  هذه التصرفات السوقية ...؟! ولكن ماذا نتوقع من واحدة في مثل مستواك ...؟!"


+



بينما صاح خالها في راغب :-


+



" حاول أن تحسن من تصرفات زوجتك يا راغب الغير مقبولة ... نحن ضيوف عندكم وهي تتصرف هكذا ولا تحترم أحدا..."


+



اشتعلت عينا راغب بطريقة جعلت همسة تفزع لا اراديا وقد رأت في عينيه نظرة مخيفة لدرجة لم تتخيل إنها سترى مثلها يوما ما منه قبل أن تمتد ذراعه نحو الصغير فينزعه من بين يديها ويضعه أرضا ثم يجذبها من ذراعها بقسوة متجها بها الى الداخل متجاهلا صياح والديه باسمه وخوفهم مما قد يفعله بها بعد هذا التصرف المهين منها ...


+



انتهى الفصل


+




السابع من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close