اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الخامس 5 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الخامس 5 بقلم سارة علي 


                                    

الفصل الخامس


+



عادة ما تقود النهايات الى بدايات جديدة ...


+



ماذا عن البدايات نفسها ...؟!


+



مالذي تحمله لنا ..؟! وكيف ستنتهي ...؟!


+



هل البداية كانت بقرارنا نحن أم محض بداية قدرية دون تخطيط ...؟!


+



وما الفارق بين الاثنين طالما النتيجة واحدة ...؟!


+



شئنا أم أبينا فهناك حقيقة ثابتة لا جدال فيها ...


+



نحن أسرى أقدارنا ، تحركنا كيفما تشاء ...


+



مهما حاولنا و حاربنا ، ستبقى الكلمة الأخيرة للقدر الذي يفرض سطوته علينا دون جدال ...


+



القدر الذي يفاجئنا دائما بما يخبئه لنا ...


+



قد تكون البداية من صنعنا ولكن النهاية حتما بقراره ....


+



لذا كن حذرا من البداية ولا تضع آمالا مبالغ فيها فيصفعك القدر فجأة دون إدراك لتستيقظ من فقاعتك الوردية على واقع قاسي لا مفر منه ...



+



قبل عدة أعوام ...


+



أوقف سيارته بجانب أحد المتاجر الراقية بتردد ...


+



اليوم عيد ميلادها الثامن عشر وكالعادة ستحتفل العائلة به حيث تقيم والدته احتفالا صغيرا لا يوجد به غير العائلة بناء على طلب همسة التي لا تفضل التجمعات عموما وتكتفي بوجود شقيقتها وعائلة خالتها التي تعتبرها عائلتها الثانية ...


+



في العادة كان يحضر الميلاد كعادته في حضور جميع مناسبات العائلة فهو حريص ألا يقوم بتفويت أي مناسبة عائلية مهما حدث الا للضرورة القصوى بناء على وصايا والده له منذ الصغر ...


+



لكن هذه المرة هناك شيء مختلف ...


+



شعور غريب يسيطر عليه ...


+



يشعر إنه متحمس بشكل غريب ...


+



لا يفهم سبب حماسه واستعداده الغريب لهذه الليلة ...


+



لا يفهم ولا يرغب أن يفهم ....


+



لقد أنهى أعماله مبكرا وغادر مقررا أن يشتري هديتها بنفسه ...


+



في العادة كان لا يهتم كثيرا بأمر الهدية التي يهديها لها او لغيرها ...


+



في أي مناسبة تحدث يشتري هدية ثمينة لصاحب المناسبة وأحيانا يطلب من والدته أن تشتري الهدية نيابة عنها بسبب انشغاله الدائم لكن اليوم يريد أن يختار الهدية بنفسه والأهم إنه يبحث عن شيء مميز يشتريه لها ...


1





                

هبط من سيارته ودلف الى محل المجوهرات الذي اعتادت العائلة أن تشتري مجوهراتها منه...


+



استقبله صاحب المحل بترحاب شديد كعادته ثم قدم له الضيافة المعتادة عندما باغته راغب قائلا :-


+



" أريد تصميما مميزا ...قلادة أو سوارا ..."


+



أخذ صاحب المحل يعرض عليه أفضل وأندر قطع المجوهرات والتي وجدها راغب غير مناسبة فقال بجدية :-


+



" أريد تصميما أبسط وأنعم ... "


+



كان يعلم إنها لا تحب التصاميم شديدة الفخامة والثقيلة ...


+



تحب أن ترتدي أشياء رقيقة مثلها ...


+



نهض من مكانه واتجه يتفحص القطع المعروضة قبل أن تقع عيناه على قلادة رفيعة لفتت انتباهه بشكلها الرقيق الجذاب ...


+



كانت قلادة ناعمة ذات ميدالية مكونة من هلال ذهبي تجلس عليه فتاة بشكل ملاك لديها جناحين في ظهرها بينما فستانها مرصعا بفصوص ماسية صغيرة ....


+



بدا التصميم مناسبا لها للغاية فاختارها على الفور واشتراها دون تردد ...


+



وقبل مغادرته المحل تذكر خطيبته فجأة والتي نساها في خضم اهتمامه بهمسة وحفلة ميلادها  فشعر بضميره يؤنبه ليقرر أن يشتري هدية لها هي الأخرى فطلب من الرجل أن يغلف له احدى القلادات الثقيلة الفخمة والتي تشبه ذوق يسرا في مجوهراتها ...


+



غادر المحل بعدها وهو يحمل القطعتين بالفارق الكبير بينهما عائدا الى  القصر ...


+



وصل الى القصر يحمل هداياه معه حيث صعد الى جناحه ليأخذ حماما سريعا ثم يحصل على قيلولة قصيرة قبل المساء ...


+



استيقظ بعد حوالي ساعتين وقد طالت قيلولته على غير العادة ...


+



حمل هاتفه ليجد خطيبته اتصلت به ثلاث مرات فقرر الاتصال بها عندما سمع صوتها الأنثوي المبحوح يرحب به ثم تخبره إنها ترغب بتناول العشاء معه ...


+



اعتذر منها متحججا بكونه مرهق للغاية بسبب العمل الكثيف هذه الفترة وتجاهل ميلاد همسة الذي لم يتطرق له فهو يعرف طبيعة همسة المتحفظة والتي ترغب بحفل عائلي مثلما يعلم إن يسرا لا تتوافق لا مع همسة ولا حتى هالة بل حتى مع أشقاؤه مهند وفيصل وتوليب لذا لا داعي لوجودها في تجمع عائلي كهذا ...


1



ودعته بتفهم بينما شرد هو في أفكاره التي ينتبه اليها للمرة الأولى ...


+



رغم إن يسرا ابنة خاله إلا إنها لم تنشأ معهم كهمسة وهالة فخاله كان دائم السفر خارجا وهي بدورها كانت تسافر معه وكذلك شقيقها لذا فكانت تقضي أغلب العام خارج البلاد حتى استقرت العائلة منذ عامين بشكل نهائي هنا ...


+




        


          


                

علاقة يسرا بالعائلة لم تكن عميقة الى الحد الملائم لقرابة الدرجة الأولى التي تجمعها بهم ...


+



علاقتها بوالدته كانت جيدة ووالدته تحبها وهي كذلك ولم يكن هذا أمرا غريبا فوالدته تحب الجميع ولطيفة مع الكل دون استثناء ..


+



اما والده فكانت علاقة رسمية قليلا معها فهو لا يستسيغ عائلة خاله عموما ...


+



شقيقه راجي علاقته كانت عادية معها وذلك يرجع لطبيعته الهادئة الرزينة اما مهند فكان العدو الأول لها ...


1



كان يكرهها بشدة ويتصادم معها دائما رغم فرق السن بينهما والذي يتجاوز الثمانية اعوام لكن مهند بطبيعته الشرسة الحادة لم يكن يتحمل طريقة يسرا المتغطرسة في التعامل وحتى طريقة  حديثها  وتكبرها الدائم وترفعها على الجميع فهو لم يكن يتردد في صدها إذا ما تحدثت بطريقة غير لطيفة بالنسبة له ولم يغب عليه عدم محبة يسرا له مثلما لم يغب عليه ضيق مهند من قراره بخطبة يسرا التي كان يتضايق بشدة كلما أتت الى قصرهم هي وعائلتها بل يتعمد ألا ينزل اليهم في اغلب الزيارات وإن كانت والدته تجبره أحيانا أن يلقي التحية فكان يكتفي بالقاء تحية مقتضبة ويصعد بعدها الى جناحه ولا يغادره حتى يغادروا القصر مما كان يسبب الاحراج الشديد لوالدته ...


+



اما فيصل فكان يرى يسرا انسانة مغرورة مملة لكنها جميلة وعلى ما يبدو إن الصغير الشقي يهتم بالجمال كثيرا ...!


+



بينما توليب الصغيرة لم تكن تحب يسرا منذ الصغر بسبب طبيعتها المتسلطة عموما بينما هالة تكرهها بشدة ولا تتردد في اظهار هذا البغض والمثير للدهشة إن يسرا بدورها تبغض هالة بشدة بل وتعبر عن ذلك ببرود غير مبالية بفرق السن بينهما والذي يجعلها في مظهر غير لائق وهي تتعامل مع طفلة تصغرها بعشرة أعوام ...


+



الوحيدة همسة التي لا يعرف شعورها اتجاه يسرا ..


+



كيف سيعرف وهي متحفظة وقليلة الكلام ولم يجمع بينها وبين يسرا يوما موقفا ما كونها متباعدة دائما تكتفي بالقاء التحية والانكماش بعيدا حيث عالمها الخاص البعيد تماما عن صخب عالمهم ..


+



تنهد بصمت وهو ينهض من  مكانه ليغير ملابسه استعداد لحفل الميلاد ...


+



ارتدى ملابس كلاسيكية بسيطة و


+



غادر جناحه بعدها هابطا الى الطابق السفلي ليجد والدته تتحدث مع احدى الخادمات قبل أن تمنحها ابتسامة وديعة وهي تسمح لها بالمغادرة والعودة الى عملها عندما اتجهت نحوه مبتسمة وهي تسأله بدهشة :-


+



" متى عدت من الشركة ..؟!"


+



أخبرها بجدية :-


+




        

          


                

" منذ حوالي ثلاث ساعات ... ارتحت في جناحي قليلا ..."


+



أضاف متسائلا باهتمام :-


+



" هل كل شيء جاهز للحفل ...؟!"


+



" نعم يا عزيزي ..."


+



ابتسم قائلا :-


+



" سأذهب الى صالة الجلوس ..."


+



أضاف وهو يتأمل فستانها الأنيق رغم بساطته وجمالها البارز :-


+



" بالمناسبة تبدين  رائعة كالعادة ..."


+



" حبيبي ..."


+



قالتها وهي تربت فوق  وجنته بحنو شديد ثم تخبره وهي تحاوطه بذراعيها :-


+



" لو تعلم مدى لهفتي ليوم زفافك ... حدد وقت الزفاف بسرعة فأنا أريد أن أراك عريسا في أقرب فرصة يا راغب ..."


+



تجمدت ملامحه بنفس اللحظة التي قالت فيها ما قالته لتتسائل بقلق وهي تراقب جمود ملامحه الذي فشل في إخفاؤه على غير عادته :-


+



" ماذا حدث يا راغب ...؟! هل هناك مشكلة ما بينك وبين يسرا ...؟!"


+



قال بسرعة نافيا :-


+



" كلا يا ماما ... لا توجد أي مشكلة ..."


+



أضاف بجدية :-


+



" فقط ما زال الوقت مبكرا على تحديد موعد الزفاف ... نحن نحتاج لفترة خطوبة نتعرف بها أكثر على بعضنا .."


+



قالت زهرة بجدية وقد ملأ الخوف قلبها بسبب جمود ولدها الواضح  :-


+



" عزيزي ...لا داعي لتطويل الخطبة أكثر من اللازم ... "


+



أضافت بجدية :-


+



" ثلاثة أشهر او أربعة بالكثير ... هكذا يفعل الجميع ..."


+



هتف بصوت عادي رغم الضيق الذي ملأ كيانه:-


+



" أعلم ... ولكن ..."


+



أخذ نفسا عميقا ثم قال :-


+



" فقط لا أريد الاستعجال ..."


+



هتفت زهرة بتحذير :-


+



" اسمع يا راغب ... انت اخترت يسرا بنفسك ... لم يجبرك أي منا عليها ... وأنت تعلم إن يسرا ليست مجرد خطيبتك بل هي ابنة شقيقي الذي هو خالك لذا من فضلك لا تسبب مشاكل لنا نحن في غنى عنها ...."


1



كان الأمر واضحا ولا يحتاج الى مزيد من الشرح ...


+



والدته لا تريد مشاكلا مع شقيقها وعائلته وهو لا يلومها ...


+




        

          


                

تنهد بصمت ثم قال وهو يربت على كتفها :


+



" لا تقلقي يا ماما ... كل شيء سيكون بخير ..."


+



ثم منحها ابتسامة رزينة وتحرك بعدها متجها الى صالة الجلوس ليجد كلا من راجي ومهند وفيصل يجلسون يتسامرون بينهم عندما هتف مهند بحماس :-


+



" الكبير ظهر أخيرا ..."


+



عبث راغب بشعره المجعد وهو يخبره بخفة :-


+



" على أساس إنك معاقب ..."


+



هتف مهند بلا مبالته المعتادة :-


+



" انتهت العقوبة ... همسة طلبت من والدتي أن تفرج عني ووالدتي بالطبع لا ترفض طلبا من همسة ..."


+



قال راجي بجدية :-


+



" بدلا من ذلك انتبه على دروسك اكثر ..."


+



قال فيصل بسخرية :-


+



" يا حرام يا مهند ... رسبت في ثلاث مواد ..."


+



لوى مهند فمه مرددا بتهكم :-


+



" وأنت بالكاد نجحت ... درجاتك مخزية ..."


+



" ما يهم إنني نجحت ..."


1



قالها فيصل ببرود ليرفع راغب حاجبه مرددا بتهكم :-


+



" نجحت بدرجات مثيرة للشفقة يا فيصل ... لا تنسى ذلك  .. "


+



قال مهند باستخفاف :-


+



"لولا درجات المساعدة ما كان لينجح أساسا ... "


+



" لكنني على الأقل نجحت ..."


+



قالها فيصل بعناد عندما تحدث راجي بحزم :-


+



" ما بالكما أنتما الاثنان ..؟! ألا تستوعبان ما يحدث ...؟! أنتما تهملان دروسكما لدرجة إن أحدكما رسب بثلاثة مواد والآخر نجح بدرجات المساعدة ...."


+



قال فيصل متذمرا :-


+



" أنت تعرف إنني لا أحب المدرسة ..."


+



هتف راجي بحزم يليق به فبالرغم من شخصيته الهادئة إلا إنه يمتلك شخصية مهيبة حازمة لا تختلف كثير عن شخصية شقيقة الأكبر وإن كان أقل عصبية منه بكثير :-


+



" توقف عن هذه الحجج السخيفة .. اسمعاني جيدا كلاكما ... من الآن فصاعدا لا تهاون في الدروس ... يكفي إن والدي كاد أن يصاب بجلطة قلبية بسبب صدمته في مستواكما الدراسي .."


+



تحدث راغب بدوره وعيناه ترسلان نظرات حازمة :-


+



" اسمعا كلام شقيقكما الأكبر جيدا ... وعليكما أن تعلمان جيدا إنني سأتدخل بنفسي المرة القادمة إذا لم تضعان حدا لهذا الاستهتار ... قسما بربي سأقوم بنفيكما الى احدى القرى النائية لتعملان هناك مع المواشي ..."


+




        

          


                

تطلع كلا من مهند وفيصل الى بعضهما البعض بحذر وهما يدركان جيدا إن راغب يفعلها مثلما يدركان جيدا مدى قوة تأثير راغب على والدهما والذي سيرى في قراره حكما عادلا يستحقانه ...


+



ابتسم راجي بمكر وهو يمنح راغب  نظرات جعلت راغب يبتسم داخله وهو يغمز له بعينيه ...


+



دلفت هالة الى الداخل بفستانها الأبيض القصير ليصفر فيصل عاليا وهو يردد مبهورا بجمالها  :-


+



" البرنسيسة وصلت ..."


+



ضحكت هالة بمرح وهي تدور بفستانها أمامهم :-


+



" كيف أبدو ...؟!"


+



قال مهند بخبث :-


+



" عادية للغاية ..."


+



هتف فيصل ببرود :-


+



" اصمت انت ... لا أحد يهتم برأيك ..."


+



قال راجي مبتسما :-


+



" تبدين رائعة يا هالة ..."


+



ضحكت هالة بسعادة بينما قال فيصل :-


+



" تبدين مبهرة ..."


+



أكمل وهو يضع كف يده فوق موطن قلبه :-


+



" ليتك لم تكونِ أختي في الرضاعة ... كنت تزوجتك فورا .. سامح الله والدتي التي أرضعتك ولم تفكر في مستقبل ولدها المسكين ..."


1



تطلع راغب نحوه مرددا بحزم :-


+



" في الرابعة عشر من عمرك وتتحدث عن الزواج ..."


+



" لا تستغرب يا شقيقي .. فيصل يعشق النساء وأنا متأكد إنه سيتزوج ما إن يكمل عامه الثامن عشر ..."


+



انتقلت الصدمة الى ملامح راجي بينما هتف فيصل بسخرية :-


+



" لا والله .. انا لن اتزوج يا هذا ... أنا سأبقى عازبا ... الزواج يعني الارتباط بإمرأة واحدة وأنا أريد الارتباط بجميع النساء ..."


+



" راغب ... هل تسمع ما يقوله شقيقك الصغير ...؟!"


+



قالها راجي مصدوما ليجيب راغب وهو مسلط نظراتها القاسية على فيصل الذي انكمش في مكانه بسبب نظرات شقيقه الكبير :-


+



" سمعت يا راجي ... سمعت يا شقيقي ..."


+



قالت هالة وهي تتقدم ناحية راغب بمرح :-


+



" لم أسمع رأيك يا راغب ..."


+



قال مهند ببرود :-


+




        

          


                

" ألا يكفيك اطراء كلا من راجي و فيصل ..؟!"


+



" ما شأنك أنت ...؟!"


+



صاحت به هالة بحدة وهي تضيف بينما تحاوط راغب من الخلف بذراعيها :-


+



" راغب بالذات يهمني رأيه .."


+



ابتسم راغب مرددا :-


+



" قفي أمامي لأرى ..."


+



وقفت أمامه وهي تحيط خصرها بذراعيه ليتأملها مبتسما بحنو وهو يردد بصدق :-


+



" كما قال فيصل .. تبدين مبهرة ... "


+



لم يكن يبالغ فهالة كانت جميلة بل تعتبر اجمل فتيات العائلة حيث تمتلك جمالا مميزا بدءا من عينيها الرماديتين بلونيهما النادر وبشرتها الثلجية وشعرها الإسود كالليل بخصلاته المموجة ...


+



ملامحها التي تجمع بين النعومة والحدة بطريقة تجعلها جذابة بشكل مهلك ..


+



كانت هالة جذابة لدرجة كبيرة ويكاد يجزم إنها سوف تسرق قلوب الرجال حينما تكبر خاصة إنها تمتلك شخصية منطلقة وحيوية للغاية ...


+



شرد في خياله مفكرا في شقيقتها والتي كانت تشبهها لدرجة كبيرة باختلاف لون العينين اللذين ورثتهما من والدها حيث كانت تمتلك همسة عيون خضراء جذابة وبشرة ثلجية كشقيقتها وشعر بني ناعم عكس شعر شقيقتها المموج بلونه الأسود الحالك ..


+



كانت هالة نسخة مصغرة من خالته زينة ليس في الشكل فقط بل في انطلاق الروح و صخبها بينما كانت همسة على النقيض منها فهي هادئة للغاية ورقيقة جدا وهشة بشكل يجعل المرء يخشى عليها من نسمة الهواء ...


+



توقف عن أفكاره وهو يراها تخطو الى الداخل بملامح خجلة قليلا عندما صدح صوت صفير فيصل وكذلك مهند الذي صفق بحماس لها وهو يصيح :-


+



" وأخيرا وصلت أميرتنا...."


+



ابتسمت همسة بخجل بينما تقدمت خلفها توليب بفستانها السمائي الرقيق مثلها بجانبها والدته التي أخذت تبتسم وهي تتحدث مع الموجودين بينما شرد هو تماما بها متأملا جمالها بعينين غائمتين ...


+



فستانها الرقيق من الشيفون الناعم ذو اللون الزهري  ...


+



حذائها الشفاف بكعبه الصغير ...


+



شعرها الحريري المنسدل خلف ظهرها بنعومة فائقة بينما رفعت خصلاته الأمامية من الجانبين وقد عقدتهما الى الخلف بفراشة صغيرة بنفس اللون الفستان ...


+



كانت ملامح وجهها خالية من مستحضرات التجميل فلم تضع شيئا عدا ملمع الشفاه ...


+




        

          


                

كانت رقيقة ، ناعمة ومغوية رغم نعومتها ...


+



بالكاد استطاع أن يفيق من تأملها له عندما سمع صوت والده يصدح بالتحية وهو يدخل الى المكان ولم يكن يعرف إن هناك من شاهده وهو يراقبها مفتونا بها حد النخاع وقد تجمد كليا من الصدمة غير مصدقا تلك النظرة التي رآها فيه عين شقيقه الأكبر الخاطب ابنة خالهم...


1



هتف والده وهو يحتضنها بحنو :-


+



" كل عام وأنتِ بألف خير يا صغيرتي ..."


+



همست على استيحاء :-


+



" وأنت بألف خير يا عمي ... أشكرك كثيرا ..."


+



هتفت توليب بحماس :-


+



" ألن تطفئي الشمع ...؟!"


+



" حالا ..."


+



هتفت بها زهرة وهي تشير لهم أن يتجهوا جميعا الى الغرفة المجاورة حيث تم اعدادها للاحتفال بعيد الميلاد ...


+



دخل الجميع الى الغرفة المزينة بشكل رائع وقد قام كلا من مهند وفيصل بتزيينها بمساعدة حارسين من حراس القصر ...


+



تم وضع كعكة ضخمة قليلا ذات لون زهري هي الأخرى مع مختلف الحلوى ...


+



وقفت همسة أمام الكعكة والتي وُضِعت فوقها ثمانية عشر شمعة لتغمض عينيها كي تتمنى أمنية بينما راغب يتأملها بصمت مأخوذ بها تماما غارقا في تأمل تفاصيلها ...


+



أطفأت همسة الشموع وبدأ الموجودين بترديد الأغاني المعتادة في حفلات عيد الميلاد قبل أن تعانقها خالتها بحب وهي تقدم لها هدية ثمينة كعادتها منها ومن زوجها الذي عانقها بعد زوجته متمنيا لها حياة سعيدة ومستقبل باهر ...


+



ثم عانقها كلا من مهند وفيصل بأخوية يتبعهما راجي الذي حياها بنبرته الحانية المعتادة وهو يربت على كتفيها بأخوة خالصة تبعه كلا من توليب التي عانقتها بمحبة خالصة فهي تعتبرها بمثابة شقيقتها الكبرى تبعتها هالة التي احتضنتها بحب شديد لتشدد همسة من عناق شقيقتها التي تمثل لها أثمن شيء حصلت عليه من والديها الراحلين ...


+



جاء دوره حيث تقدم نحوه يمد هديتها له لتتناولها منه بخجل معتاد عندما مد كفه وهو يردد بصوت رجولي مبحوح :-


+



" كل عام وأنتِ بخير يا همسة ...؟!"


+



تمتمت بخفوت :-


+



" وأنت بخير يا راغب ..."


+



ثم قالت وهي تشير الى الهدية :-


+



" شكرا على الهدية ..."


+



ابتسم بهدوء بينما قدم لها البقية هداياهم ثم أشارت زهرة الى الخدم ليقوموا بتقطيع الكعكة وتقديم قطع الكيك للموجودين ...


+




        

          


                

*************


+



بعد حوالي ساعة ..


+



رن هاتفها فحملته ظنا منها إن صديقتها المقربة تتصل بها كعادتها في هذا الوقت لكنها تجمدت وهي ترى اسم ابن خالها يضيء الشاشة ..


+



ابتلعت ريقها بقلق وتحركت الى الخارج تنظر الى اسمه بتردد ..


+



هل تجيبه أم تتجاهل اتصاله ...؟!


+



توقف الهاتف عن الرنين لتأخذ نفسا عميقا عندما عاد يرن مجددا فزفرت أنفاسها بضيق وهي تقرر إجابته غافلة عن راغب الذي خرج وتبعها ووقف خلفها دون أن تشعر ليستمع الى صوتها وهي ترحب به :- 


+



" أهلا براء ..."


+



تشنجت ملامحه كليا وهو يستمع اليها تتحدث معه فبدأت الشكوك تغزوه اذا ما كان هناك تواصل بينهما عندما سمعها تضيف :-


+



" انا بخير .. تفضل .. "


+



بدت نبرتها رسمية رغم هدوئها المعتاد فأخذ راغب يستمع اليها بتركيز شديد عندما تهتف بنفس الهدوء:-


+



" شكرا يا براء .. وأنت بخير ..."


+



لحظات وأضافت :-


+



" كلا ، لا داعي لذلك .. يكفي معايدتك لي ..."


+



وجدها تضيف بعض ثواني بجدية تامة :-


+



" من فضلك يا براء .. لا تتصل بي محددا ... "


+



أتاها صوت براء يتسائل بضيق :-


+



" هل بسبب راغب ..؟! هل تخشين منه ..؟!"


+



هتفت بجدية جعلت راغب يبتسم بسعادة وفخر في آن واحد :-


+



" ليس بسبب راغب فقط .. بل لأن حديثنا سويا لا يجوز ... إضافة الى كون راغب ابن خالتي الذي يكبرني بأعوام عديدة وأنا أعيش في منزله تحت وصاية والديه لذا من الطبيعي أن أحترم كلامه وأنفذه خاصة إنه معه كل الحق فيما يقوله ...."


+



" ولكنكِ تعرفين إنني أحبك يا همسة ..."


+



قالها براء بصدق لتتنهد همسة ثم تقول بتروي :-


+



" براء ... انت تعرف جيدا إنني أرفض هذا الحديث ... أنا آسفة لإنني سأقول ذلك ولكنني لا أفكر بك ولا أراك بهذه الطريقة ... انت ابن خالي الذي أحبه كأخ لي واحترمه للغاية وستبقى كذلك لذا من فضلك احترم مشاعري وقراري وأرجو ألا تتحدث مجددا بهذا الموضوع ...."


+



تلك الكلمات جعلت الراحة تسكن قلبه ...


+



كل شيء بات واضحا ... هي لا تحمل أي مشاعر اتجاه ابن الخال بل لا تفكر به من الأساس ... مشاعره فقط من طرف واحد ...


+




        

          


                

استدارت همسة تنوي العودة الى الداخل عندما شهقت برعب وهي تراه أمامها لتهمس فجأة بنبرة متقطعة :-


+



" والله أنا لم ..."


+



لكنها أوقفها على الفور قائلا بجدية :-


+



" سمعت كل شيء يا همسة .."


+



تنهدت بصوت مسموع ليضيف بصدق :-


+



" أنا سعيد جدا بك ... سعيد بما قلتيه ..."


1



توقفت للحظة تأملله بهدوء ليضيف مبتسما بهدوء لا يخلو من الرزانة :-


+



" وفخور بك ... "


+



" فخور بي ..."


+



همست بها مذهولة ليومأ برأسه وهو يؤكد حديثه :-


+



" فخور بك كثيرا ... ما سمعته قبل قليل يدل على مدى رزانتك ورجاحة عقلك وحسن تربيتك ... "


+



تنهد مضيفا :-


+



" احترامك لي وللعائلة التي عشتي في كنفها يؤكد لي إن نظرتي اتجاهك يوما لن تخيب وتربية والدتي لك كذلك ... ليت والدتي سمعت حديثك هي الأخرى ... كانت ستفرح كثيرا وهي ترى نتاج تربيتها الصالحة لك ومدى تقديرك واحترامك لها ولنا جميعا ...."


1



توردت وجنتيها والفرحة ملأت قلبها ..


+



لم تكن تتوقع يوما سماع إطراء كهذا فكيف إذا كان هذا الاطراء من راغب نفسه ..؟!


+



كانت تعلم إنه مختلف عن الجميع والكلمة منه لها ثقلها ...


+



مثلما تعلم إنه لا يمدح أحدا بسهولة .


+



راغب كان شديدا وصعبا للغاية ...


+



والده نفسه ليس كذلك فعابد بالرغم من قوته وصلابته إلا انه رجل حنون غمرها بحنانه ورعايته هي وشقيقتها كما يفعل مع أبناؤه ولم يفرق بينهما وبين ابنته توليب في المعاملة والاهتمام ...


+



" انا ... انا لم أفعل شيئا مذهلا الى هذا الحد ... انا تصرفت بالشكل المطلوب والصحيح ... "


+



كانت تتلعثم في حديثها فابتسم وهو يتأمل ارتباكها اللذيذ ثم قال :-


+



" لكن فتاة أخرى في عمرك كانت ستنجرف رغما عنها عندما ترى اعجاب شاب بها واصراره عليها ..."


+



هتفت بسرعة :-


+



" لا يجوز ... يعني لا يجوز أن تجمعني علاقة كهذه مع أي شاب ... هذا شيء مرفوض وعيب ..."


+



أضافت متنهدة :-


+



" وحرام أيضا ... "


+




        

          


                

هتف بجدية :-


+



" هل ترين ..؟! هذا ما كنت أتحدث عنه ... "


+



أضاف وعيناه تشتعلان بنظرة مختلفة كانت أبرأ من أن تعيها:-


+



" أنت بريئة للغاية يا همسة ونقية تماما ورغم ذلك فأنتِ لست ساذجة وبرائتك لا تقلل من رجاحتك وحسن تصرفك في مواقفك كهذه ... "


+



تنهد مضيفا :-


+



" ابقي هكذا يا همسة ... لا تسمحي لأي شخص أن يلوث برائتك ونقائك ولا تسمحي أيضا لأي شخص كان أن يغير مبادئك و يؤثر على التزامك ..."


+



هتفت مبتسمة :-


+



" حسنا ... بالتأكيد لن أسمح ...."


+



تحركت بعدها مبتعدة تاركة إياها يتابعها بعينيه ونبضات قلبه بلغت ذروتها ...


+



صعد بعدها الى جناحه حيث خلع ملابسه وأخذ حماما باردا كان يحتاجه ...


+



وقف أمام مرآة الحمام يتأمل ملامحه القوية بعدما مسح ضبابها بكفه ..


+



ينظر الى نفسه بقوة والحقيقة باتت واضحة أمامه كالشمس  ...


+



ثابتة لا جدال فيها ..


+



هو عاشق ..


+



عاشق لهمسة ...


1



ابنة خالته اليتيمة التي عاشت في كنف عائلته لأعوام ...


+



هو متيم بها بطريقة غير قابلة للشك ...


+



لا يمكنه أن يراوغ بعد ولا يمكنه أن يخدع نفسه ومشاعره أكثر ...


+



مشاعره فاضت تماما ...


+



هو رجل لا يجيد خداع نفسه ...


+



رجل لا يجيد ارتداء الأقنعة ...


+



رجل صريح وواضح دائما وفي كل شيء حتى في مشاعره ...


+



هو عاشق ... مغرم ... متيم ..


+



ومعشوقته هي همسة ...


+



ابنة خالته الراحلة ... الرقيقة كنسمة هواء هبت فوق قلبه بلطف فحركت نبضاته اتجاهها بقوة لا تشابه لطفها ورقتها ...


+



الناعمة  و البريئة لدرجة تجعله يخشى عليها من أبسط الأمور ... لدرجة تجعله يرغب في حبسها داخل قلبه ويحميها من أي شيء قد يسرق برائتها ويؤلم روحها النقية ...


+



الثمينة كماسة يخشى عليها حتى من نفسه ...


+



يخشى من غدر الزمان بها .. ويسعى ليحميها بكل ما يملك كي لا يصيبها خدش مهما كان بسيطا ...


+




        

          


                

****************


+



عودة الى وقت الحاضر ...


+



" أن نتزوج .."


+



نطقتها بهدوء وثبات ..


+



بقرار نهائي ...


+



توقف لوهلة يتأملها بدهشة ... دهشة سرعان ما تحولت الى ضحكات عالية جعلت ملامحها تتوقد غضبا ...


+



توقف عن ضحكاته وهو يرى الغضب الذي غزا ملامحها ليهتف بسرعة وهو يجاهد لايقاف ضحكاته بسبب ما تفوهت به من حماقة :-


+



" أنا آسف حقا ولكن .."


+



تنهد مضيفا والابتسامة ما زالت تزين وجهه :-


+



" هذه أغبى مزحة  سمعتها منذ فترة ..."


+



" هذه ليست مزحة ..."


+



قالتها بجمود وهي تضيف :-


+



" أنا أريد ذلك حقا ... أريد الزواج حالا وأنت الشخص المناسب لأتزوجه ..."


1



عاد يضحك مجددا قبل أن يهتف بعدما توقف عن ضحكاته :-


+



" أعلم إنها ليست مزحة بالنسبة لك لكنها كذلك بالنسبة لي ..."


+



انتفضت من مكانها تصيح به :-


+



" توقف عن سخريتك يا صلاح ..."


+



نهض من مكانه مرددا بسرعة :-


+



" حسنا اهدئي ...."


+



أضاف والجدية ترتسم فوق ملامحه :- 


+



" حسنا ، أنت لديك عرض ولكنه لا يناسبني ... "


+



عقدت ذراعيها أمام صدرها بتحفز ليضيف بجدية :-


+



" أنا لست رجل زواج يا ماذي ... "


+



أكمل والضحكة عاد تغزو ملامحه :-


+



" أنا هربت من البلاد وأتيت هنا لأحيا بطريقتي الخاصة وأحصل على حريتي الكاملة دون حسيب ورقيب ... "


+



قالت بسرعة :-


+



" ومن أخبرك إن وضعك الحالي سوف يتغير ...؟! "


+



أضافت وهي تلاحظ حيرة ملامحه :-


+



" زواجي منك غرضه الحماية فقط لا غير ...انا لا شأن لي بك... تخرج وتعود وقتما تريد وتفعل ما تريد مع من تريد ... انا فقط أحتاج لرجل في حياتي يقف في وجه شقيقتي ويحميني منها ..."


+



أكملت :-


+



" أما عني فلا شأن لي بك ... زواجنا لغرض محدد وبدورك لن تتأثر به ولن يتغير نمط حياتك أبدا.."


+




        

          


                

أضافت وهي تلمس صدره العضلي بنعومة :-


+



" وبالطبع لا مانع من المتعة المشتركة لكلينا أيضا لكن هذا لا يغير حقيقة إن زواجنا بلا قيود ..."


+



قبض على كفها يهتف بجدية :-


+



" وهذا يشملك أيضا ...؟! "


+



" كيف يعني ...؟!"


+



سألته بحيرة ليلوي فمه قائلا :-


+



" يعني أنا حتى لو تزوجتك سأبقى كما أنا ... أعيش بطريقتي المعتادة .. أصاحب هذه وتلك وأنت لن تمانعي ولن تتدخلي ... ماذا عنك أنت ...؟؟ هل ستفعلين نفس الشيء ..؟!"


+



" بالطبع ..."


+



قالتها ببساطة وهي تضيف :-


+



" مثلي مثلك ... أساسا كما أخبرتك منذ لحظات ... هذه مجرد زيجة على الورق ... واقعيا نحن كما أنا ..."


+



" هل أخبرك أحدا إنني رجل بقرون ...؟؟"


+



هتفت مدهوشة :-


+



" عفوا ....؟!!!"


+



قال بسخرية :-


+



" إذا تزوجنا ستحملين اسمي .. ستكونين زوجتي يا هانم ... هل تعتقدين إنني سأقبل أن تتجول زوجتي مع هذا وهذاك ... ؟! ماذا تظنينني أنت ..؟!"


+



هتفت ساخرة :-


+



" انظروا من يتحدث ... مثال الشرف والأخلاق ..."


1



هدر بها بصلابة :-


+



" لا تتجاوزي حدودك ولا تدمري العلاقة اللطيفة التي بيننا .."


+



جزت على اسنانها بينما أكمل هو :-


+



" وعلى العموم يا ماذي وفي كافة الأحوال فلن أوافق لإنني ضد مبدأ الزواج ككل ... معك او مع غيرك ..."


+



تنهد مضيفا :-


+



" ولكنني كما أخبرتك ... يمكنني تقديم جميع ما تحتاجينه من مساعدة ومال ..."


+



أشاحت وجهها بضيق لينهض من مكانه مرددا :-


+



" سأعود الى النوم وأنت يمكنك أن تنامي في المكان الذي تريدنه .. أنت تعرفين الشقة جيدا ولست غريبة عنها .."


+



اتجه بعدها الى غرفته وصفق الباب خلفه لتحتقن ملامحها بغضب مخيف ...


+



حتى صلاح الأحمق لم يكن كما تظن ...


+



كانت تعتقد عكس ذلك ... تراه أحمقا غبيا ولكنه على ما يبدو يعرف متى يكون أحمق ومتى يجب أن يتخلى عن حماقته ويستعيد نباهته...


+




        

          


                

" غبية يا ماذي ... غبية .."


+



هتفت مؤنبة نفسها فما كان عليها أن تفعل ذلك .. لم يكن عليها عرض الزواج عليها بتلك الطريقة دون تخطيط ومقدمات ...


+



زفرت أنفاسها مرددة بجمود :-


+



" لا بأس يا صلاح ... ستندم ... والله ستندم .. وستتزوجني أيضا .. شئت أم أبيت ستفعل ..."


2



****************


+



في اليوم التالي ..


+



عاد الى البلاد أخيرا بعدما قضى الفترة الأخيرة في عمل مستمر في سويسرا ...


+



وهاهو يحصل على اجازته المنتظرة ويعود الى البلاد حاملا داخله الكثير ومنتظرا الكثير ..


+



وصل الى قصره أخيرا فوجد والدته في استقباله والتي بالرغم من مشغولياتها الدائمة وعدم تواجدها في القصر أغلب الوقت إلا إنها أصرت أن تستقبله بنفسها عند عودته بل وتقضي اليوم معه حيث يتناولان الغداء سويا ....


+



سارع يعانقها وهي التي احتضنته بلهفة شديدة ...


+



كانت والدته شديدة الحب له ولشقيقته وربما شديدة التملك أيضا ولم يكن هذا أمرا غريبا خاصة إنها أنجبت كليهما بعد معاناة...


+



فهي أنجبت أثير بعد ثلاثة عشر عاما على زواجها ثم لم تستطع إنجاب سولاف الا بعد عشر أعوام من قدوم أثير ...


+



ابتعد عنها بعد لحظات وهو يرفع كفها يقبلها بحركة يعرف جيدا مدى تأثيرها عليها وهو يخبرها بصدق :-


+



" اشتقت لك يا زمرد هانم ... "


+



ضحكت وهي تربت على كتفه بسعادة :-


+



" وأنا أكثر يا حبيبي .."


+



ثم تأبطت ذراعه وسارت معه نحو صالة الجلوس تخبره بينما العامل حمل أغراض أثير متجها بها الى جناحه :-


+



" أخبرني ... كيف كان عملك هنا ..؟؟"


+



رد بجدية :-


+



" رائع كالعادة ...."


+



جلست جانبه على الكنبة تخبره بجدية :-


+



" لولا ادراكي لمدى أهمية عملك وتأثيره المهم على مستقبلك المهني والسياسي ما كنت لأسمح لك بأن تبتعد إطلاقا عني وتسافر باستمرار خارج البلاد ..."


+



تنهد مرددا :-


+



" ولا أنا كنت سأفضل أن أقضي أغلب الأيام خارج البلاد بعيدا عنكم ..."


+




        

          


                

أضاف مبتسما وهو يخرج قطيفة أنيقة من جيبه :-


+



" هذه هديتي لك ... أتمنى أن تعجبك .."


+



فتحت القطيفة لتجد خاتما ماسيا رائع التصميم مزين بحجر الزمرد لتبتسم باعجاب بينما يخبرها هو :-


+



" كي لا تعتقدين إن حاتم بك فقط من يجيد انتقاء المجوهرات التي يطلب تصميمها خصيصا لك .. انا الآخر طلبت منهم تصميم هذا الخاتم خصيصا لك وبالطبع زينته بحجر الزمرد الثمين ..."


+



" إنه رائع ... "


+



قالتها بصدق ليبتسم مشاكسا :-


+



" أروع من هدايا حاتم بك ..."


+



ابتسمت قائلة :-


+



" بالطبع ، فالهدية التي تأتي من ولدي ابن قلبي لا مثيل لها ..."


+



ضحك بخفة :-


+



" انتبهي ، ربما أخبره بذلك ..."


+



رفعت إصبعها في وجهه تحذره :-


+



" حذاري أن تفعلها يا أثير ...."


+



ضحك غير مصدقا قبل أن يتسائل عن شقيقته لتخبره زمرد :-


+



" سولاف ستصل بعد قليل حيث خرجت تتناول طعام الفطور مع صديقتها  ..."


+



لحظات وصدح صوت سولاف عاليا منادية بإسم شقيقها عندما ركضت بسرعة نحوه تعانقه بسعادة ليستقبلها هو بين أحضانه بحب ولهفة ...


+



تعلقت سولاف بعنقه وهي تخبره بدلال عفوي :-


+



" اشتقت لك كثيرا ... لا تسافر مجددا ..."


+



عبث بشعرها وهو يردد بصدق :-


+



" وانا اشتقت لك كثيرا يا صغيرة ..."


+



سألته بعدما ابتعدت من بين احضانه :-


+



"ماذا جلبت لي من هناك ...؟!"


+



هتف بجدية :-


+



" جلبت لك قلادة وسوارا رائعين ..."


+



مطت شفتيها مرددة ببؤس مصطنع :-


+



" فقط ..!!"


+



ضحك مرددا :-


+



" كلا ، جلبت لك حقيبة كاملة مليئة بالهدايا من فساتين واحذية وحقائب ومجوهرات وكل شيء يمكنك تخيله ..."


+



" أين هي ..؟!"


+



سألته بعينين متلهفتين ليجيبها :-


+




        

          


                

" بالطبع أخذها العامل الى جناحك ..."


+



" عن إذنكما إذا ..."


+



قالتها وهي تنطلق بسرعة خارج المكان قبل أن تتوقف على صوت والدتها وهي تنادي عليها فتلتفت لها لتجد والدها تخبره بعينين هادئتين لا تخلوان من الحزم :-


+



" على مهلك يا عزيزتي ..لا ضرورة لهذا الحماس الزائد وتوقفي عن القفز هنا وهناك كالاطفال ..."


+



زمت سولاف شفتيها وهي تخبرها بضيق :-


+



" حسنا ..."


+



ثم تحركت متجهة الى جناح بهدوء سرعان ما تحول الى قفزات سريعة حماسية بعدما اختفت من انظار والدتها بينما عاد أثير يجلس بجانب والدته التي أخبرته بعد تنهيده طويلة :-


+



" لا أفهم متى ستتعلم التصرف بطريقة لائقة ..."


+



قال أثير بجدية :-


+



" ما زالت صغيرة يا ماما .. لا تدققي على تصرفاتها كثيرا ..."


+



قالت زمرد بتجهم :-


+



" لم تعد صغيرة يا أثير ... ستدخل الجامعة بعد عام ... لا بد أن تتعلم وتفهم وتجيد التصرف ..."


+



ابتسم قائلا :-


+



" أنت تبالغين يا ماما .. سولاف تتصرف بانطلاق وعفوية أحيانا ولكنها ليست كما تتحدثين ..."


+



" ألا تراها ...؟! تركض وتضحك وتمرح دون حذر والأسوء من ذلك إنها تعاندني ولا تسمع كلامي بل وتسخر مني ومن ملاحظاتي ..."


+



أكملت بسخرية :-


+



" والدك بالغ في تدليلها وأنت كذلك ... دلالكما الزائد أفسدها تماما حتى باتت تجادل وتعاند وهي تعلم جيدا إنها ستجد من يدافع عنها ويقف في صفها ..."


+



" تتحدثين وكأننا ندافع عنها وهي ترتكب الأخطاء ... لا يا ماما ... نحن لسنا هكذا ... رغم حبنا الشديد لها ودلالنا الدائم لكنها عندما تخطأ ستجدنا في وجهها نحاسبها على اخطائها ولكن من غير المعقول أن أحاسبها على أشياء بسيطة لا داعي لها ..."


+



قالها بجدية لتتسع عيناها وهي تخبره :-


+



" لا داعي لها ... هل هذا رأيك حقا ..،؟"


+



قال أثير بصراحة :-


+



" أنت تريدين من سولاف أن تكون نسخة مصغرة منك ... تريديها أن تحيا حسب بروتوكول معين من اعدادك لكن هي لا تريد هذا وبدورها تريد أن تحيا بحرية قليلا دون قيود مبالغ فيها وواقعيا هي لا تتصرف بشكل يجعلنا ننزعج او نعاقبها بسببه ... "


+




        

          


                

تنهد مضيفا :-


+



" ما أقصده إن تصرفاتها عادية مشابة لتصرفات أبناء جيلها ..."


+



قالت من بين أسنانها :-


+



" ولكنها ليست كبقية أبناء جيلها يا أثير ... عليها أن تدرك مكانتها جيدا و 


+



مكانة عائلتها كي تكون واجهة مشرفة لنا .."


+



تجهمت ملامحه لتضيف بضيق :-


+



" دائما أنا المخطئة ... دائما أنا أبالغ من وجهة نظرك ووجهة نظرها هي وحتى والدك يراني كذلك ..."


+



تنهد مرددا :-


+



" حسنا يا ماما .. لا تتضايقي مني .. انا فقط اريد أن تتفهمي صغر سنها وصدقيني ستكبر وتنضج وتصبح كما تريدين وافضل ..."


+



قالت بخفوت :-


+



" أتمنى يا أثير مع إنني أشك في ذلك ..."


+



****************


+



على طاولة الغداء...


+



جلس كلا من زمرد مع أثير وسولاف يتناولون الطعام في ظل غياب الأب بسبب ظروف عمله ...


+



هتفت زمرد بينما قطعت لقمة صغيرة من طعامها :-


+



" أريدك أن تتفرغ بعد الغد ظهرا ... لدينا ضيوف مهمين ..."


+



نظر لها باهتمام متسائلا :-


+



" من هؤلاء الضيوف ...؟!"


+



قالت سولاف بسرعة :-


+



" عروس يا شقيقي .. "


+



غص أثير بلقمته لا اراديا ليسعل بشدة بينما سارعت زمرد تعطيه كأس الماء وهي ترمق ابنتها بنظرات حادة تجاهلتها سولاف وهي تلوي فمها بابتسامة خبيثة لتهتف زمرد بضيق :-


1



" ألا يمكنك أن تمسكي لسانك قليلا ...؟! امنحيني الفرصة لأخبره أنا أولا .."


1



سألته سولاف ببرود مثير للاستفزاز :-


+



" وما الفرق ...؟!"


+



تجاهل أثير الحديث الدائر بين والدته وشقيقته ليقول بضيق :-


+



" أعتقد إننا تحدثنا بشأن هذا الأمر مسبقا يا ماما ... عروس ماذا التي تأتين بها ...؟!"


+



هتفت زمرد بجدية :-


+



" عروس لك يا أثير .... انت كبرت يا بني ... أكملت عامك السابع والعشرين ... متى ستتزوج ...؟؟ متى سأفرح بك وبأولادك ...؟!"


+




        

          


                

" ولكنك تعلمين إنني لا أفكر بأمر الزواج حاليا ..."


+



قالها بوجوم لتهتف بقوة :-


+



" يجب أن تفكر ... انت لم تعد صغيرًا كما إن الزواج والاستقرار ضروري لك ولمستقبلك أيضا خاصة إذا كنت تريد اثبات وجودك في المجال السياسي الذي ستدخله بعد فترة ليست بطويلة .. من الأفضل أن يكون لديك زوجة مناسبة تشكل واجهة اجتماعية مناسبة لك ..."


+



" أنا لا أحتاج الى هذا ... أنا بذكائي واجتهادي سأصل الى أعلى المراتب وأنت تعلمين ذلك جيدا .."


+



قالها من بين أسنانه لتهتف ببرود :-


+



" عندما تتزوج من فتاة مناسبة تليق بك و تستقر في حياتك ويصبح لديك أولاد يحملون اسمك ، جميعها أشياء تعزز من مكانتك ..."


+



" من فضلك يا ماما ... هذه أشياء تخصني ولا يحق لك تقريرها نيابة عني .."


+



قالها بحزم لتهتف بلا مبالاة :-


+



" فقط ستراها مبدئيا وتتحدث معها ... ربما حينما تراها تغير رأيك .."


+



" برأيي أن تتركيه يختار الفتاة المناسبة بنفسه ..."


+



قالتها سولاف بجدية لتلتفت زمرد نحوها بحدة وهي تخبرها من بين أسنانها :-


+



" أعتقد إنك ما زلت صغيرة على التدخل في أمور كهذه يا سولاف والأهم هو إنه ربما يكون إختياري مناسبا بالنسبة له ...."


+



" ربما ولكن ليس أكيد .."


+



سألتها زمرد بضيق :-


+



" ألا تريدين أن تفرحي بزواج شقيقك ..؟!"


+



قالت سولاف بسرعة وصدق :-


+



" بالطبع أريد .. أريد ذلك بشدة ولكن أريده أن يختار زوجته بنفسه ... أن يتزوج من فتاة يعشقها لا لكونها مناسبة له اجتماعيا وماديا .. "


+



لم تكن تدرك سولاف بكلماتها البسيطة إنها أصابت سهما في قلبه جعله يسحب المنديل ويمسح به فمه سريعا قبل أن ينهض من مكانه مرددا بتجهم :-


+



" هذا الكلام لا يهمني ... ما يهمني إنني لن أحضر هذا اللقاء طالما لم يتم أخذ رأيي فيه ..."


+



ثم تحرك خارج المكان تاركا والدته تتابع آثره بجمود وسولاف تبتسم ببرود وسعادة لموقف شقيقها الصارم كعادته ..


+



*****************


+



أخذ راجي يرتشف من قهوته بملامح شاردة ...


+



عقله منشغل بها أغلب الوقت وهذا شيء غير مرغوب به ...


+



لا يعلم إذا ما كان ندمه على طريقته معها بسبب وجود مشاعر حية داخله اتجاهها او بسبب تأنيب الضمير ...!


+




        

          


                

مهما كان ومهما حدث ستبقى بينهما عشرة قديمة امتدت لسنوات لذا من الطبيعي أن يهتم وأن يتأثر عندما يشعر انه جرحها ناهيك عن كونه رجل لا يحب أن يتسبب بالألم لمن حوله ..


+



رجل لا يحب أن يجرح أحدا ونغم ليست شخصا عاديا عابرا ...


+



نغم كانت حبيبته سابقا ...


+



علاقتهما امتدت لأعوام ...


+



جمعتهما ذكريات ومواقف لا تعد ولا تحصى ...


+



جمعهما الكثير ...


+



تنهد بضيق وهو يتسائل مجددا عن حقيقة شعوره نحوها ...


+



هل ما زال يمتلك مشاعر حب نحوها وهذا ما يجعله غاضب من نفسه بشدة لتسببه بإحزانها أم الأمر يتعلق بمعرفته السابقة بها وطبيعته السمحة عامة ...؟!


+



هل ما يعتمل داخله من مشاعر مبهمة أساسها حب حقيقي أم مجرد حنين لمشاعر مضت لكنها تركت آثرا في قلبه ...؟!


+



الحيرة تنهشه بشدة ولا يعرف ماذا يفعل ...


+



هل يتحدث معها فترفض سماعه كما حدث من قبل ..؟!


+



هل سيتقبل رفضها ...؟!


+



هل سيحرج نفسه معها ...؟!


+



يعرف كم هي عنيدة وذات كبرياء شديد ...


+



كلماته جرحتها وبالتأكيد لن تقبل اعتذاره بسهولة ...


+



نهض من مكتبه وتحرك خارج غرفته حيث قرر التوجه الى كافيتريا المشفى فربما تكون هناك وبالفعل وجدها هناك كعادتها في هذا التوقيت تجلس وحيدة ترتشف مشروبا باردا بصمت ...


+



عقد العزم على التقدم نحوها والتحدث معها وتبرير موقفه لها ...


+



تحرك اتجاهها عندما رفعت عينيها نحوه وكأنها شعرت بقدومه ...


+



بدا وجهها شاحبا قليلا عندما سحب الكرسي وجلس أمامها يهتف بدون مقدمات :-


+



" كيف حالك ..؟؟"


+



أجابت برسمية :-


+



" بخير ..."


+



" هل يمكنني التحدث معك قليلا أم سترفضين سماعي كما حدث من قبل ...؟!"


+



سألها بجدية لتتأمله بصمت امتد لثواني قبل أن تقطعه قائلة :-


+



" هل ستتفهمني لو أخبرتك إنني مرهقة ولا قدرة لدي للدخول في نقاش معك حاليا ...؟!"


+



سألها بقلق وهو يرى الإرهاق واضحا في عينيها بل والتعب يكسو نبرتها :-


+



" ماذا هناك يا نغم ...؟! هل أنت مريضة ..؟!"


+




        

          


                

تنهدت مجيبة :-


+



" نعم ، قليلا ...."


+



" مالذي يؤلمك ..؟!"


+



سألها باهتمام صادق لتخبره وهي تفرك جبينها بأصابعها :-


+



" ارهاق عام ...وصداع ... "


+



" لماذا لا تأخذين إجازة وتذهبين الى المنزل ... ترتاحين هناك ..."


+



قالها بجدية لترمقه بنظراتها لثواني ثم تقول :-


+



" معك حق .. سأتحدث مع المدير او المعاون وأطلب منه إجازة ..."


+



قال بسرعة :


+



" أنا سأفعل ..."


+



نظرت له بصمت ليضيف:-


+



" سأخبرهم إنك تحتاجين الى إجازة كونك مرهقة قليلا .... انت اجمعي اغراضك وغادري وحاولي أن ترتاحي قدر المستطاع ..."


+



أومأت برأسها ثم نهضت من مكانها وهمت بالتوجه خارجا عندما وقف هو بدوره حالما وقفت لتتطلع له للحظة ثم تمنحه ابتسامة هادئة وتخبره بامتنان :-


+



" أشكرك يا راجي .."


+



بادلها ابتسامتها وهو يقول :-


+



" لا شكر على واجب ..."


+



همت بالتحرك عندما شعرت بدوار شديد يداهمها فجأة فسارعت تتمسك بذراعه ليهتف راجي بقلق :-


+



" نغم ، هل أنت بخير ...؟!"


+



وقبل أن ينهي كلماته كانت تسقط ارضا 


+



فاقدة للوعي ..!


+



***************


+



فتحت نغم عينيها الزرقاوين على صوت همساته جانبها لتهمس بصوت ضعيف متحشرج :-


+



" راجي ..."


+



" بمَ تشعرين ...؟! "


+



سألها بقلق وهو ممسك بيدها يقيس نبضها عندما بدأت هي تستعيد وعيها تدريجيا ...


+



" انا بخير ..."


+



قالتها بصوت ضعيف وهي تحاول النهوض ليوقفها بسرعة قائلا :-


+



" لا تنهضي .. ارتاحي ..."


+



أكمل بعدها :-


+



" سنجري بعض الفحوصات للاطمئنان عليك ..."


+



" لا داعي لذلك ..."


+



رفضت بسرعة ليخبرها بحزم طبيب يؤدي عمله :-


+



" لا يمكن ذلك ... لنطمئن عليك ..."


+




        

          


                

زفرت أنفاسها مرددة بضيق :-


+



" انا بخير ... مجرد ارهاق ..."


+



تنهد مرددا :-


+



" أنت طبيبة يا نغم .. وتعرفين أهمية الفحص الطبي للتأكد والاطمئنان عند حصول أي عارض مرضي ..."


+



" أعلم يا راجي ولكنني حقا بخير ... ربما لم أتناول طعاما جيدا منذ البارحة ..."


+



قال ممازحا :-


+



" وأنت بالطبع لا تتحملين قلة الطعام ..."


+



همست ضحكة :-


+



" أنت تعرف مدى حبي للطعام ولكنني أضطر أن أتبع حمية غذائية بين الحين والآخر كي أحافظ على وزني ..."


+



سألها وهو يحمل جهاز الضغط لقياس ضغطها :-


+



" هل تتبعين حمية غذائية هذه الفترة ...؟! ربما قلة الطعام تسببت لك بهبوط في الضغط ..."


+



قالت بخفوت :-


+



" كلا ولكنني لم أتناول فطوري اليوم وعملت لفترة طويلة ... "


+



هز رأسه متفهما قبل أن ينتهي من قياس ضغطها فيخبرها :-


+



" ضغطك منخفض ولكن ليس بدرجة كبيرة ... درجتين فقط ..."


+



أضاف مبتسما بخفة :-


+



" اهتمي بطعامك جيدا يا نغم ... طالما قلة الطعام تؤثر بك هكذا ..."


+



عادت بظهرها الى الخلف مرددة بتعب :-


+



" معك حق ... "


+



" دقيقتين وسأعود ...لا تتحركي من مكانك ..."


+



قالها وهو يتحرك خارج الغرفة تتابعه هي بعينين عاشقتين والسعادة ملأت قلبها بسبب خوفه ولهفته الواضحة عليها ...


+



لحظات ووجدت أروى تدلف الى الداخل مرددة بقلق :-


+



" هل أنت بخير يا نغم ...؟؟ يقولون في الخارج إنك تعرضت للاغماء ..."


+



ابتسمت نغم وهي تعتدل في جلستها :-


+



" انا بخير يا اروى ..."


+



أوقفتها أروى بسرعة :- 


+



" لا تتحركي .. ابقي مرتاحة ..."


+



هتفت نغم بجدية تحاول طمأنتها :-


+



" انا حقا بخير ... لدي هبوط طفيف بالضغط ..."


+



أضافت مشاكسة رغم الإرهاق الذي يسيطر على ملامحها :-


+



" ربما لإنني لم أتناول فطوري ...."


+




        

          


                

قالت أروى بجدية :-


+



" ارتاحي قليلا يا نغم ... خذي كفايتك من الراحة والنوم حتى تستعيدي نشاطك ..."


+



" ان شاءالله ..."


+



تمتمت بها نغم وهي تضيق بامتنان صادق :-


+



" شكرا على اهتمامك ..."


+



ابتسمت أروى بسماحة :-


+



" علام تشكرينني ..؟! نحن زملاء ومن الطبيعي أن أسارع للاطمئنان عليك ..."


+



قالت نغم ممازحة :-


+



" ظننت إننا أصبحنا بمثابة أصدقاء ..."


+



تنحنت أروى مرددة بخجل :-


+



" بالطبع نحن كذلك ...."


+



ابتسمت نغم بصدق تتأمل خجلها مفكرة إنها على النقيض منها تمام في الشخصية فهي شديدة المرح والانطلاق عكسها بخجلها الزائد وانطوائيتها ورغم ذلك تكاد تجزم إن هناك شيئا ما مشتركا بينهما لا تعلم ماهيته لكنها ستدركه يوما ما ...


+



توقفت عن أفكارها وهي ترى راجي يتقدم الى الداخل حاملا بيديه صينية تحوي إفطارا لها ليطالع أروى بدهشة من وجودها قبل أن يحمحم وهو يخفض بصره أرضا :-


+



" مرحبا دكتورة ..."


+



" أهلا دكتور ..."


+



قالتها أروى قبل أن تبتسم لنغم مرددة :-


+



" سأغادر الى عملي وأعود للاطمئنان عليك بعد قليل ..."


+



ثم تحركت بسرعة تترك مساحة خاصة لهما وقد أدركت بسهولة إن هناك شيئا ما يجمع بين راجي ونغم ...


+



ربما اعجاب من ناحيته او اعجاب متبادل ...


+



بينما تقدم راجي نحوها مرددا بابتسامة :-


+



" جلبت الفطور لك ..."


+



" لا داعي لذلك حقا ..."


+



قالتها وهي تعتدل في جلستها ليضع الصينية أمامه لتتأمل المعجنات الشهية وعصير البرتقال بشهية مفتوحة قبل أن تهتف مبتسمة :-


+



" أنت تعلم إنني لا أستطيع مقاومة المخبوزات ..."


+



أضافت وهي تحمل قطعة تقضم قليلا منها فتهتف بسرعة :-


+



" إنها لذيذة للغاية ..."


+



سحب كرسيا وجلس جانبها مرددا :-


+



" جلبتها من محل المعجنات جانبنا ..."


+



ابتلعت لقمتها ثم همست تشكره بصدق :-


+




        

          


                

" شكرا كثيرا يا راجي ... شكرا على اهتمامك وعلى الطعام أيضا ..."


+



" لا شكر على واجب ..."


+



قالها بجدية لتبتسم بخفوت وهي تتناول الطعام وفي داخلها نبت أملا بعودة المياه الى مجاريها بينهما ..


+



***************


+



يجلس مهند على احدى الطاولات ينتظر وصول أثير الذي وصل الى البلاد صباح اليوم واتفقا أن يلتقيان في النادي حيث يقضيان أمسيتهما هنا ...


+



كان يقلب في هاتفه بملل غافلا عن تلك العيون التي تراقبه منذ لحظة جلوسه على الطاولة وقد تبعته منذ لحظة مغادرته الشركة حتى وصوله الى النادي لتأخذ تلك الطاولة المقابلة لطاولته وتجلس عليها بعدما وضعت كتبها ومحاضراتها تدعي إنها تدرس بينما تراقبه بعينيها تنتظر منه أن ينتبه لوجودها فتجد الفرصة لتنهض وتلقي التحية وتتعرف عليه ...


+



لحظات قليلة ورفع وجهه يهم بطلب شيء ما من النادل عندما التقت عيناه بعينيها فاصطنعت الدهشة للحظة قبل أن تبتسم وهي ترفع كفها بتحية سريعة بادلها إياها وهو يشير الى النادل الذي تقدم يسأله عما يريد فيخبره بأن يجلب له عصيرا باردا بنكهته المفضلة قبل أن يبتعد النادل فتنهض جنى من مكانها متجهة نحوه وهي تبتسم له بتروي ..


+



راقبها وهي تتقدم نحوه بشك فمن المستحيل أن يكون تواجدها أمامه لمرتين متقاربتين صدفة ...


+



نهض من مكانها يستقبلها لتمد كفها وهي تحييه :-


+



" مرحبا ... كيف حالك ..؟!"


+



ابتسم باقتضاب وهو يجيب :-


+



" أهلا بك .. أنا بخير .. ماذا عنك ..؟!"


+



" انا بخير .."


+



قالتها بابتسامة عريضة قبل أن تسأله :-


+



" أنت عضو في النادي هنا ..."


+



أومأ برأسه لتقول :-


+



" صدفة رائعة .. انا انضممت له حديثا ..."


+



تمتم بسخرية خفية :-


+



" حقا ..؟! يا لها من صدفة غريبة ..."


+



" نعم ، هي كذلك ..."


+



قالتها وهي تضيف :-


+



" أنا أساسا أعيش في لندن منذ ولادتي ولكنني عدت الى البلاد وسأبقى هنا لفترة لا بأس بها .."


+



" عظيم ..."


+



قالها وصمت عندما سألته وهي تنظر الى الطاولة :-


+




        

          


                

" هل تنتظر أحدا ما ...؟! يعني إذا كنت لوحدك ، يمكننا الجلوس سويا و ..."


+



قاطعها بهدوء :-


+



" انتظر ابن عمتي ... "


+



هزت رأسها بتفهم ليضيف وهو يرى أثير يتقدم نحوه وعيناه تتأملان الصهباء الواقفة بجانبه  باهتمام :-


+



" وهاهو وصل أخيرا .."


+



ابتسم أثير وهو يلقي التحية ليرد مهند تحية قبل أن يشير الى جنى :-


+



" هذه جنى يا أثير ... تعرفت عليها مسبقا في رحلة عودتي الى البلاد..."


+



ثم أشار نحو أثير :-


+



" وهذا أثير الهاشمي .. ابن عمتي .."


+



حيته جنى بهدوء ثم انسحبت ليسحب أثير كرسيا له ويجلس عليه بينما يعود مهند الى كرسيه ...


+



تقدم النادي حاملا العصير لمهند ثم أخبره أثير إنه يريد العصير بدوره ...


+



ما إن تحرك النادل حتى غمز أثير له :-


+



" من هذه الصهباء يا مهند ...؟! ذوقك مميز كالعادة ..."


+



" لا تجن ... مجرد فتاة تعرفت عليها بالصدفة وساعدتها وأصبحت أراها كل يومين في وجهي ..."


+



ضحك أثير مرددا :-


+



" هل تقصد إنها تلاحقك ...؟!"


+



هتف مهند بجدية :-


+



" غالبا ، في البداية وجدتها في الشركة تدعي إنها أتت للتقديم على وظيفة لدينا واليوم وجدتها في وجهي على الطاولة المقابلة لي وعلمت إنها اشتركت في النادي حديثا ..."


+



" هكذا إذا .. الصهباء الفاتنة معجبة بك ..."


+



قالها أثير بخفة وهو يضيف بمكر :-


+



" ولكنك محظوظ يا هذا ... الفتاة رائعة الجمال ... "


+



" لا تبالغ ..."


+



قالها مهند بملل ليهتف أثير بخفة :-


+



" برأيي لا تقطع كل سبل الوصال منذ البداية ، ربما تندم لاحقا ..."


+



" توقف يا أثير بالله عليك ..."


+



قالها مهند بجدية وهو يضيف :-


+



" أنت تعرف إنني لا أفكر في الدخول في أي علاقة ... "


+



" ولكن هناك من هن استثناء لهذه القاعدة بالتأكيد ..."


+




        

          


                

قالها وهو يشير الى الفتاة بنظرة ذات مغزى ليتأمل مهند الفتاة للحظات بشعرها الأحمري الناري وبشرتها البيضاء كالثلج وملامحها الجميلة ليسمع أثير يقول :-


+



" أنت تعيد التفكير، انا متأكد من ذلك .."


+



ضحك مرددا :-


+



" حسنا لا أنكر إنها جميلة جدا بل فاتنة لكن انا حقا لا أفكر بهذه الطريقة ..."


+



أضاف بصدق :-


+



" أنت تعلم جيدا رأيي في هذا الموضوع تحديدا ... انا رجل لا يصلح للارتباط ولا يستطيع تحمل أي امرأة على وجه الأرض .... "


+



" لا تبالغ ..."


+



قالها الآخر ضاحكا ليقول مهند بجدية :-


+



" انا لا أبالغ .. من الجيد أن يدرك الانسان طباعه ... انا لا أحتمل النساء و تصرفاتهن عامة ... وفي المقابل لا توجد إمرأة يمكن أن تتحملني بكل عصبيتي ونرفزتي الدائمة .. لذا أنا أشتري راحتي وأنا حقا سعيد بعزوبيتي ولا أنوي الاستغناء عنها ..."


+



تنهد أثير قائلا :-


+



" يوما ما ستجد من تجبرك على تغيير قرارك هذا رغما عنك ...."


+



" وحتى هذا لن يحدث ... لإنني بعيد تماما عن أي أنثى مهما كانت .. "


+



قالها بثقة ليقول أثير  هازئا :-


+



" وكأن القرار قرارك وكأن الوقوع في إحداهن محل اختيارك ...."


+



قال مهند ببرود :-


+



" سيكون كذلك ... طالما هذا أفضل لي ... "


+



هتف أثير باستخفاف :-


+



" سنرى يا مهند .. سأذكرك بحديثك هذا عندما تقع في العشق يوما حد الغرق ..."


+



طالعه مهند باستخفاف وهو يردد :-


+



" سنرى يا بك ..."


+



أضاف والحماس يدب فيه :-


+



" هل تراهن على ذلك ...؟!"


+



رفع أثير حاجبه مرددا بتحدي :-


+



" أراهن ... وأنا واثق بأنني سأكسب الرهان ..."


+



ابتسم مهند مرددا ببرود :-


+



" من يكسب الرهان سيمنح الآخر ما يريد .."


+



" اتفقنا ..."


+



قالها أثير بحماس قبل أن يجد النادل يتقدم واضعا طلبه أمامه فيتبادل مع ابن خاله النظرات المتحدية وكلاهما واثق إنه سيكسب الرهان ..


+




        

          


                

*************


+



تابعها وهي تجلس أمام المرآة تزين وجهها بمساحيق التجميل بتركيز ...


+



منذ عودتهما الى البلاد وهناك تغيير مفاجئ طرأ عليها ...


+



تغيير تحاول اخفاؤه لكنه يدركه جيدا ويشعر به ..


+



مهما حاولت اصطناع العكس لكن تبقى روحها المهمومة تسيطر على ملامحها ونبرة صوتها وتصرفاتها التي تسعى بكافة الطرق لتكون طبيعية ...


+



لو يعلم فقط مالذي تخفيه عنه ...؟!


+



لو يفهم مالذي تغير بعد عودتهما ...؟!


+



سألها وهو يراقبها تنهض من مكانها وتفتح شعرها الطويل ليسترسل فوق ظهرها :-


+



" هل انتهيت من تجهيز نفسك ...؟!"


+



ردت بجدية :-


+



" نعم ، سأرتدي حذائي فقط وأكون مستعدة للمغادرة ..؟؟"


+



اتجهت تحمل حذائها وترتديه يتابعها هو بعينيه بصمت عندما تقدم نحوها فرفعت وجهها نحوه تطالعه بصمت ليسألها بجدية :-


+



" أنت بخير ، أليس كذلك يا غالية ..؟!"


+



تنحنت تجيبه بابتسامة لم تصل الى عينيها :-


+



" نعم ، انا بخير ..."


+



ثم نهضت من مكانها وهمت بالتحرك لتحمل حقيبتها عندما أوقفها ممسكا بذراعها لتنظر له بقلق فيخبرها بجدية :-


+



" متى سأعرف ما تخفينه عني ..؟!"


+



همست بارتباك :-


+



" مالذي أخفيه يا فادي .. ؟! انا لا أخفي شيئا ... "


+



" غالية ... لا يمكنك أن تكذبي علي .... "


+



قالها بهدوء وهو يضيف بثبات :-


+



" أتفهمك عدم رغبتك بالفصح عما يدور داخلك وأحترم رغبتك هذه ولكن ..."


+



أخذ نفسا عميقا ثم قال بصدق :-


+



" أريد أن أطمئن عليك والأهم إنني أريد التأكد من كونني لست سببا فيما يحدث ..."


+



قالت بسرعة :-


+



" أقسم إنه لا علاقة لك بالأمر ..."


+



هتف بجدية :-


+



" من إذا ...؟! لا أعتقد إنه نديم وإلا ما كنا سنذهب بعد قليل الى منزله ..."


+




        

          


                

أشاحت وجهها بضيق تحاول السيطرة على شعور الاختناق الذي ملأ فؤادها ..


+



منذ ذلك اليوم وهي تكتم كل مشاعرها المؤلمة داخلها ... 


+



تتجاهلها متعمدة وتصطنع إنها بخير وسعيدة ولا تظهر ألمها لأي أحد ...


+



تتعمد ألا تفعل ذلك ...


+



طوال عمرها كانت كذلك ....


+



تلتزم القوة والثبات في أصعب المواقف ولكن هذا المواقف كان مختلفا ...


+



في العادة كانت تتجاوز أي موقف مهما بلغ وتخرج منه سالمة في النهاية ولكن هذه المرة هي حتى عاجزة عن التجاوز ..


+



عاجزة عن النسيان وفي النفس الوقت عاجزة عن البوح ..


+



تخشى البوح ... ترفضه .. 


+



ماذا ستخبره ...؟! 


+



ما ستقوله سيحطم كبريائها ...


+



كبريائها الذي تحطم بالفعل على يد والدها .... بل ووالدتها أيضا ...


+



أغرقت عينيها بالدموع ليهمس فادي بقلق :-


+



" هل تبكين يا غالية ...؟!"


+



سارعت ترمي بجسدها بين ذراعيه تستند بوجهها فوق صدره وهي تغمض عينيها وتجاهد لمنع عبراتها من النزول ...


+



احتواها بين ذراعيه بصمت رغم القلق الذي ينهش روحه ..


+



زوجته تعاني وهو حتى لا يدرك سبب معاناتها ....


+



ابتعدت عنه بعدما اخذت  تمسح عينيها بأناملها قبل أن تشمخ برأسها وهي تخبره :-


+



" لا داعي أن نتأخر أكثر ... "


+



أضافت وهي ترسم ابتسامة مرتعشة فوق شفتيها :-


+



" انا بخير ... لا تقلق ..."


+



زفر أنفاسها هاتفا باستسلام مؤقت :-


+



" هيا لنذهب ..."


+



سحبت حقيبتها وتحركت أمامه ليخرجان من الفيلا متجهين الى منزل شقيقها ...


+



**************


+



أخذت غالية تلاعب شمس بينما فادي جالسا بجانب نديم وكلاهما يتأملها بتفكير لا يخلو من القلق ...


+



نظر فادي نحو نديم يسأله بتدقيق :-


+



" مالذي تخفيه عني غالية يا نديم ...؟!"


+




        

          


                

نظر نديم نحوه مرددا بدوره :-


+



" لا أعلم يا فادي .."


+



تنهد مضيفا :-


+



" طوال الأيام السابقة كنت أتواصل معها بشكل يومي أطمئن عليها وأحاول الوصول لأي شيء منها ولكنها متكتمة بشدة ترفض البوح بأي شيء ..."


+



أكمل بجدية :-


+



" ليتني أعرف ما يدور ... "


+



ثم ابتسم بتروي بعدما تلاقت عيناه بعينيه فنهضت من مكانها وتقدمت نحوه تعانقه من الخلف وهي تشير الى فادي بمشاكسة متعمدة :-


+



" هل تشتكيني له ...؟!"


+



هتف فادي مبتسما :-


+



" هل تعتقدين ذلك ...؟! "


+



غمزت له مرددة :-


+



 " أعلم جيدا إنك لا تميل الى الشكوى للآخرين بل تميل الى الصراحة والحديث بشكل مباشر .."


+



" من الجيد إنك تعرفين صفات زوجك جيدا ..."


+



قالها بجدية ليهتف نديم بخفة:-


+



" ولكنكِ يمكنكِ أن تشتكي لي متى ما أردتِ ..."


+



" بالطبع يا عزيزي ... من لدي سواك لأشتكي له عندما يضايقني سيادة المقدم ..."


+



رفع فادي حاجبه مرددا :-


+



" هكذا إذا ..."


+



تقدمت حياة وهي تحمل صينية القهوة عندما وضعتها على الطاولة لتنهض غالية وتحمل فنجان القهوة تقدمه لفادي الذي شكرها بينما حملت حياة فنجان آخر لنديم قبل أن تتجه وتجلس على الطاولة المقابلة لهما وتجلس غالية جانبهما بعدما حملت فنجان قهوتها ليسأل نديم زوجته باهتمام :-


+



" لماذا لم تجلبي شيئا لك غير القهوة لتتناولينه ..؟!"


+



قالت حياة بجدية :-


+



" لا شهية لدي حاليا ..."


+



هتف فادي بعدما ارتشفت القليل من القهوة :-


+



" سلمت يداك يا حياة ..."


+



" العفو يا سيادة المقدم ..."


+



ابتسم فادي مشيرا اليها :-


+



" لا داعي للالقاب ... فها أنا أناديك باسمك ..."


+



أضاف نديم بجدية :-


+



" فادي أصبح من العائلة يا حياة ..."


+




        

          


                

هتفت حياة مبتسمة :-


+



" بالطبع يا نديم ..."


+



سألتها غالية باهتمام :-


+



" كيف يسير الحمل معك ...؟!"


+



ردت حياة مبتسمة :-


+



" الحمد لله ... كل شيء حتى الآن يسير بخير ..."


+



" والعمل ...؟! ألا يتعبك قليلا مع الحمل ...؟!"


+



" عملي حاليا خفيف ... كما إن دوامي ثلاثة أيام فقط في الجامعة ..."


+



قال نديم وهو يحمل ابنته بين ذراعيه :-


+



" لا يتبعها سوى شمس بشقاوتها التي لا تنتهي ..." 


+



" حبيبتي ..."


+



قالتها غالية وهي تتأمل ابنة شقيقها بحب جارف قبل أن تهتف مازحة :-


+



" ماذا ستفعل عندما وصول شقيقها او شقيقتها ..؟! لن يتركان حينها الفرصة لحياة كي تتنفس حتى ..."


+



هتف نديم بصدق :-


+



" ليصل سالما باذن الله وكل شيء بعدها قليلا للتدبير ..."


+



سألت غالية باهتمام :-


+



" ماذا تريدان ...؟! فتاة أم صبي ...؟!"


+



هتف نديم بجدية :- 


+



" بالنسبة لي لا يوجد فرق ... فتاة أم صبي ... كل ما يأتي به الله خير ..."


+



هتفت حياة بدورها :-


+



" وأنا كذلك لا فرق عندي ولكنني أريد فتاة أخرى ... شقيقة لشمس ...."


+



" وأنا كذلك .. أحب الفتيات كثيرا ..."


+



قالتها غالية مبتسمة ليهتف فادي بمكر :-


+



" أنت عنصرية اتجاه الذكور حتى الأطفال منهم ..."


+



رفعت غالية حاجبيها مرددة باعتداد :-


+



" نعم ، انا أحب الفتيات كثيرا ... أجمل من الذكور بمراحل وألطف ..."


+



هتفت حياة ممازحة :-


+



" توقفي على قول ذلك كي لا تكون ذريتك من الذكور فقط ..."


+



ابتسمت غالية بتوتر خفي بينما قال فادي :-


+



" تخيلي أن تنجب ثلاثة أو أربعة ذكور ولا تحصل على فتاة واحدة ... ستصاب بصدمة ..."


+



" باذن الله ستحصلان على العديد من الفتيات والذكور ..."


+



قالتها حياة مبتسمة ليؤمن كلا من نديم وفادي على دعائها بينما شردت غالية لا إراديا فهم دون أن يدركوا تطرقوا لموضوع حساس للغاية بالنسبة لها ...


+




        

          


                

************


+



وقفت غالية جوار زوجها تودع كلا من نديم وحياة عندما قال فادي بجدية :-


+



" العشاء المرة القادمة سيكون عندنا .."


+



" باذن الله ..."


+



قالها نديم مبتسما قبل أن يشير الى غالية :-


+



" وأنت كوني بخير ... حسنا ..."


+



تأملته غالية بصمت لثواني قبل أن ترمي بنفسها بين أحضانه فجأة بشكل أدهشه وأدهش كلا من فادي وحياة ..


+



سارع نديم يحتضنها رابتا فوق ذراعها والقلق تضاعف داخله من تصرفها بينما تمنت غالية في تلك اللحظة أن تبقى بجانب أخيها ولا تغادر منزله أبدا...


+



كانت تحتاجه في هذا الوقت ... تحتاج وجوده حولها ... 


+



تماسكت بصعوبة وهي تبتعد عنه  تهمس بعينين لامعتين :-


+



" مع السلامة ..."


+



ثم قبلت حياة وتحركت بجانب زوجها تاركة شقيقها يتابع بقلب مرتعب خوفا عليها حتى ركبت بجانب زوجها الذي تحرك بسيارته والقلق يملأ صدره هو الآخر ...


+



لحظات قليلة ووجدها تستدير نحوه تخبره بعزم بعدما ترددت عدة مرات في اتخاذ هذه الخطوة :-


+



" أريد زيارة عمار يا فادي ... دبر لي موعدا لزيارته في أقرب وقت ممكن ..."


+



**************


+



بعد مرور يومين ...


+



تقدمت توليب الى داخل المطعم بتوتر شديد ...


+



لا تصدق إنها فعلتها وسمعت كلام والدتها ووافقت على رؤيته ...


+



بعد يوم حفلة الجمعية أتت والدتها في الصباح التالي تخبره بصراحة عما يحدث ...


+



ألفت الصواف تريدها عروسا لابنها الذي أعجب بها بشدة بعدما رآها ...


+



لم يحتج الأمر الى تفكير لتدرك إن وجودها هناك كان مخطط له من قبله وقبل والدته كي يراها بشكل مبدئي ...


+



لم تستسغ الفكرة لكن كلام والدتها وكذلك هالة استطاع التأثير فيها ...


+



والدتها التي لم تصر عليها كي تراه ولكنها أخبرتها بوضوح عما تنتظره وهي ترفض مقابلة كل من يراها ...


+



في الحقيقة كان معها حق فهي لا يوجد شخص ما في حياتها تنتظره على سبيل المثال وقد مر على تخرجها اكثر من عامين ...


+




        

          


                

ماذا تنتظر ..؟!


+



هالة بدورها أيدت مقابلتها له خاصة بعدما علمت إنه نفس الشخص الذي تحدثت عنه لها بعدما عادت من الحفلة ...


+



وقتها أخبرتها عن ذلك الشاب الجريء الذي ضايقها بسخريته وبروده المستفز بل شتت كيانها بأكمله وهو يصفها بالنجمة أمام جميع الموجودين ...


+



كان الحماس واضحا على هالة التي سألتها وقتها عن شكله وإذا ما كان وسيما ولم تستطع توليب ألا تخبرها بالحقيقة فهو وسيم ... وسيم للغاية ...


+



تنهدت بصمت وهي تتقدم الى الداخل مفكرة إنها لا داعي أن تنتظر أكثر ...


+



مالذي تنتظره أساسا ...؟!


+



لم تجد حتى الآن فارس أحلامها الذي يبادلها مشاعرها والشخص الوحيد الذي تحركت مشاعرها نحوه لا يراها ولن يفعل ...


+



للمرة الأولى حكمت عقلها وقررت أن تمنح الفرصة لهذا الشخص على عكس عادتها ...


+



وجدته أخيرا يجلس على احدى الطاولات الجانبية ينظر في هاتفه باهتمام قبل أن يرفع وجهه نحوها فيراها أمامه ليمنحها ابتسامة هادئة وهو ينهض من مكانها مستقبلا إياها ...


+



تقدمت نحوه تلقي التحية ليرد تحيتها وهو يسحب الكرسي المقابل لها برقي يليق به قبل أن يعاود الجلوس أمامها ..


+



أشار الى النادل ليتقدم فسألها عما تحب تناوله لتخبره بطلبها ويطلب هو بدوره مشروبا له ....


+



ابتعد النادل فأخذ يتأملها وهي ترتدي ملابسا بسيطة لكنها أنيقة في نفس الوقت ..


+



تأملها بتروي ...


+



جميلة وناعمة ....


+



تمتلك ملامح رقيقة للغاية ولطيفة ...


+



بشرتها سمراء جذابة وعيناها بلون البن الغامق ...


+



شعرها البني الطويل يسترسل بخصلاته المموجة على جانبي وجهها ....


+



لم تكن خارقة الجمال لكنها جميلة على آية حال وملامح وجهها الهادئة مريحة للنظر ومحببة ...


+



هتف وهو يبتسم باتزان كعادته :-


+



" أنا سعيد حقا بهذا اللقاء يا آنسة توليب ..." 


+



منحته ابتسامة لا تخلو من الإرتباك الذي كانت تجاهد لإخفاؤه ...


+



لم تتخيل يوما أن تمر بموقف كهذا ...


+



تقابل شخصا يريد الزواج منها بطريقة تقليدية للغاية ..


+



رأها وأعجبته فطلب يدها من والدها بأبسط طريقة ممكنة ...


+




        

          


                

كانت سترفض في بادئ الأمر لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة وقررت أن تراه ...


+



إياس الصواف ...


+



شاب ثلاثيني ..ينتمي لعائلة الصواف الشهيرة المعروفة بثرائها الفاحش والسمعة الجيدة للغاية المتوارثة من الأجداد ...


+



عائلة لا تقل عن عائلتها مكانة وهذا ما يجعل والدها سعيدا بطلبه وإن أخفى ذلك عنها كي لا يؤثر على قرارها لكنها تدرك جيدا إن مصاهرة عائلة مثل عائلة الصواف شيء يدعو للبهجة ...


+



الأمر لا يقتصر على سمعة عائلته التي أثبتت وجودها بقوة سواء في مجال الإقتصاد او حتى السياسة فإياس شاب ذكي جدا وطموح وذو أخلاق عالي ...


+



يدير شركات العائلة ويسعى لدخول عالم السياسة من أوسع أبوابه مكملا مسيرة والده الراحل وجده ...!


+



كان ذو سمعة ممتازة ... وسيم الطلعة ... يكبرها بأعوام قليلة لذا فهو مناسب للغاية لها كما أخبرتها هالة بل والدتها أيضا والتي أبدت اعجابها الشديد به ...!


+



سمعته يسألها وهو ما زال محتفظا بتلك الابتسامة المتزنة :-


+



" هل تشعرين بالتوتر ..؟!"


+



أجابت بسرعة وهي تمرر أناملها في خصلات شعرها بحركة عفوية :-


+



" أبدا ... لماذا سأفعل ...؟!"


+



هتف بجدية:-


+



" ربما لإن الموقف يدعو الى التوتر قليلا ..."


+



تمتمت بصدق :-


+



" في الحقيقة إنها المرة الأولى التي أمر بها في موقفا كهذا ... " 


+



" غريب ..."


+



قالها وهو يضيف بجدية :-


+



" فتاة مثلك ... جميلة وابنة عائلة كبيرة ومعروفة في البلاد كلها .. يعني فتاة في وضعك يتهافت الكثير عليها ويتمنون الاقتران بها ..."


+



" ليس الجميع يتزوج بهذه الطريقة ..."


+



قالتها بخفوت ليرفع حاجبه متسائلا :-


+



" هل تقنعيني إنه لم يسبق وتقدم لك شاب للزواج بهذه الطريقة التقليدية ...؟!"


+



شردت وهي تتذكر عدد الشبان الذي تقدموا لخطبتها من والدها منذ دخولها الجامعة ...


+



لم يكن الأمر غريبا فأغلب من تقدموا لها كانوا يطمعون بمصاهرة والدها وأشقائها خاصة وهي فتاة حسنة المظهر ولطيفة ومثقفة ....


+




        

          


                

تمتمت بخفة :-


+



" بلى ، بالطبع هناك من تقدم لوالدي ..."


+



" إذا هناك الكثير يتزوجون بهذه الطريقة ..."


+



قالها بجدية وهو يضيف مبتسما بهدوء :-


+



" ولكن معنى كلامك إنك لم تمنحي من سبقني حتى الفرصة لرؤيتهم والتعرف عليهم ..."


+



هزت رأسها دون رد لتتسع ابتسامته وهو يخبرها :-


+



" هذا يعني إنني محظوظ للغاية كونك وافقت على مقابلتي دونا عن الجميع ..."


+



عاد التوتر يكسوها من فكرة أن يفهم إن خطوتها هذه ناتجة عن إعجاب خاص به هو تحديدا ...


+



سألها وعيناه تتأملان التردد الذي كسا ملامح وجهها باستمتاع :-


+



" ما السبب الذي جعلك توافقين هذه المرة على عكس عادتك ..؟!"


+



ردت بعدما مررت لسانها فوق شفتيها بتوتر خفي :-


+



" أبدا ... لا يوجد سبب محدد ولكن ..."


+



قاطعها بجدية :-


+



" وافقت على رؤيتي بعدما فقدت الأمل في أن تعيشي قصة حب مع شاب ما كما كنت تتمنين ... أليس كذلك ...؟!"


+



تجهمت ملامحها وهي تخبره بضيق :-


+



" أنت تتحدث بصراحة زائدة عن اللزوم ..."


+



ابتسم مرددا ببساطة :-


+



" عليك أن تعتادي عليّ ... أنا لا أميل الى تزويق الكلام عموما كما إنني لم أقل شيئا خاطئا أو مسيئا ..."


+



تنهد مضيفا :-


+



" بالتأكيد أنت مثلك مثل جميع الفتيات أو أغلبهن ... تحلمين بقصة حب جميلة للغاية تعيشينها مع فتى أحلامك المنتظر لكن الواقع ليس دائما هكذا للأسف ... القليل جدا من ينجح في عيش تجربة كهذه بينما واقعيا اغلب الزيجات تتم بهذه الطريقة التقليدية .." 


+



" معك حق ..." 


+



قالتها بخفوت وهي تضيف بتساؤل :-


+



" هذا يعني إنك بدورك لم تجد فتاة أحلامك ..؟!"


+



أجاب ببرود :-


+



" لم أكن أبحث عنها أو أنتظرها من الأساس ... لا فتاة أحلام لدي ..."


+



أضاف بجدية كست ملامحه :-


+



" انا رجل عملي ولا أحلم بقصة حب عاطفية تزلزل كياني ... الحب ليس من أولوياتي ...."


+




        

          


                

لكنه من أولوياتها ... كادت أن تقولها صريحة لكنها تراجعت وهي تهتف بهدوء :-


+



"حسنا ... فهمت ... ولكن إسمح لي بسؤال آخر ..."


+



نظر لها باهتمام لتسأل بفضول :-


+



" لماذا أنا ..؟! على أي أساس اخترتني وتقدمت لخطبتي ...؟! من أين عرفتني أم إنك إخترتني معتمدا على اسم عائلتي فقط ...؟!"


+



أجابها بجدية شعرت انها صفة ملازمة له :-


+



" بالطبع اسم عائلتك أحد الأسباب التي دفعتني للتقدم لكِ ولكنني رأيتك قبلها وشعرت بالإعجاب نحوك وعندما سألت عنكِ وعرفت من يكون والدك فرحت كثيرا فأنت تناسبينني للغاية ..."


+



سألته بتردد :-


+



" أين رأيتني...؟! أنا لا أتذكر إنني سبق ورأيتك في مكان ما ..." 


+



" رأيتك هنا في النادي ... جذبت انتباهي منذ أول مرة رأيتك بها ... أنت جذابة وتمتلكين جمالا مميزا وابتسامة لطيفة للغاية جذبت انتباهي كليا مع إنني عادة لا ألاحظ أحدا بسهولة فأنا حتى عندما آتي الى النادي أقضي وقتي في ممارسة نشاطاتي الخاصة دون التركيز مع أحد ... لكنكِ نجحت في جذب انتباهي نحوك فسارعت للبحث خلفك وأسعدني ما عرفته عنك ..."


+



توردت وجنتيها بخجل محبب جعله يبتسم برزانة وهو يسترخي في جلسته مفكرا إن كذبته انطلت عليها فهو واقعيا لم يسبق ورأها على أرض الواقع أبدا كما إنه لا يأتي الى النادي نهائيا رغم اشتراكه سنويا به ....


+



هو فقط بحث عن فتاة تناسبه وتليق بمكانته فكانت هي أحدى المرشحات التي وافق عليها دون أن يرى صورتها حتى فإسم عائلتها لوحده كفيل بأن يجعلها الزوجة اللائقة والتي تناسبه أكثر من بقية المرشحات معها ...


+



تبادلا بعدها الأحاديث وقد وجدته متحدثا لبقا ذو شخصية جذابة ...


+



مثقف وذكي ... لطيف قليلا ...


+



تأملت بدورها وسامته التي لا خلاف عليها ...


+



شقاره الجذاب وعينيه الخضراوين وملامحه الحادة شديدة الرجولة والجاذبية ...


+



ابتسامته كانت جميلة للغاية ورغما عنها غرقت في تأمله وهو يضحك من أعماق قلبه وهي تحدثه عن موقف قديم حدث معها ...


+



توقف وهو يراها تتأمله ببراءة لا تخلو من الانبهار ...


+



بريئة ورقيقة وأعجبته ...


+



سيتزوجها وهذا كل ما في الحكاية ...


+



" سأكون سعيدا حقا إن وافقت على رغبتي بالزواج منك يا توليب ..."


+




        

          


                

كلمات لابد أن يقولها ..


+



كلمات تحتاج أي امرأة في موقفها لسماعها ...


+



احتقنت ملامحها بخجل يعجبه للغاية وهي تحمل عصيرها وترتشف منه القليل بينما بقي هو يتأملها مبتسما وهي تهرب بعيدا عن عينيه ...


+



انتهى اللقاء وعادت هي القصر بينما كانت طوال الطريق تشعر بسعادة غريبة عليها ...


+



سعادة ممزوجة بلهفة ...


+



رأت والدتها ذلك في عينيها اللتين تلمعان بفرحة خفية ...


+



طلبت منها أن تؤدي صلاة الاستخارة قبل اتخاذ قرارها النهائي ..


+



فعلت ما قالته والدتها وسارعت تؤدي صلاة الاستخارة ليلا ووقفت بين يدي ربها تدعوه أن يقدم لها الخير في هذه الزيجة إذا تمت بالفعل ثم نامت على أمل أن تستيقظ على قرار صحيح يحمل كل الخير لها ..


+



وفي صباح اليوم التالي حسمت قرارها واتجهت نحو والدتها تخبرها بخجل شديد إنها موافقة ..


+



موافقة على الخطبة ... 


+



لتستقبل والدتها الخبر بسعادة شديدة وهي تحتضنها وتدعو داخلها أن يتمم الله لها هذه الزيجة على خير وأن يكون إياس زوجا صالحا يستحق ابنتها ووحيدتها بنقائها وبرائتها وطيبتها الشديدة ...


+



***************


+



في احد المولات الشهيرة ...


+



كان أثير يسير بجانب شقيقته التي ترجته بشدة أن يخرج معها اليوم كي يقضيان اليوم سويا وبالطبع كانت الوجهة الأولى لهما هي احد أشهر المولات حيث شقيقته العزيزة بدأت رحلتها المعتادة في تسوق الملابس والأحذية والحقائب وغيرها من احتياجاتها التي لا تنتهي ...


+



دلفا الى احدى المحلات حيث أخذت سولاف تقلب في مجموعة من الفساتين قبل أن تحمل ثلاثة منها وهي تخبره إنها ستقيسها ...


+



وقف هو جانبا يتأمل المكان بملل ...


+



لم يستطع رفض طلب شقيقته التي بات يراها قليلا بسبب عمله وسفره الدائم خارج البلاد...


+



يحاول تعويضها عن غيابه الدائم والذي تتذمر بسببه باستمرار ...


+



تنهد بضيق مفكرا إن الفتيات لا يشعرن بالملل من التسوق اطلاقا قبل أن يستدير جانبا فتتوقف أنفاسه داخل صدره وهو يراها تدخل الى المحل وتتجه نحو مجموعة من الفساتين تقلب فيها ...


+



وكالعادة ما إن تواجدت في مكان ما حتى خطفت جميع حواسه التي توحدت كليا معها ....


+




        

          


                

استدارت وهي تحمل احد الفساتين عندما تجمدت مكانها وهي تراه يقف على بعد مسافة منها يتأملها بجمود يخالف النار المشتعلة في صدره بسبب وجودها ...


+



شمخت برأسها وتحركت متجهة الى غرفة القياس عندما خرجت سولاف وقد رأتها فابتسمت بود وهي تتقدم نحوها ملقية التحية عليها لترد هالة تحيتها باقتضاب جعل سولاف تتأملها بتجهم قبل أن تتجه نحو شقيقها متجاهلة سلامها البارد والذي لا تعرف سببه ...


+



" هل هناك المزيد ...؟!"


+



سألها أثير وعيناه تلاحقان هالة التي دلفت الى غرفة القياس لتخبره إنها ما زالت تريد اختيار المزيد فأخبرها أن تأخذ راحتها ...


+



تأملها وهي تخرج بعد لحظات مرتدية فستانا أسودا أنيقا يليق ببشرتها الثلجية ..


+



وقفت تعدل من هندامها عندما شعرت به خلفها يتأملها بنظرات هازئة وهو يخبرها :-


+



" جميل ... "


+



التفتت نحوه بعينيها الحادتين ونظراتها في تلك اللحظة رشقت كالسهم في قلبه ..


+



لطالما كانتا عينيها مهلكتين... 


+



نظراتها الحادة تحمل جاذبية خطيرة لا مثيل لها ...


+



ابتسم مرددا بسخرية متجاهلا مشاعره في تلك اللحظة :-


+



" على مهلك يا هالة .. سيرتفع ضغطك بسبب شدة الانفعال ..."


+



" ماذا تفعل أنت ..؟!"


+



سألته بجمود وهي تضيف :-


+



" لم تلاحقني ...؟!"


+



رفع حاجبه قائلا بخفة :-


+



" ألاحقك ...؟! دخلت الى المحل بعدنا على ما أتذكر ... "


+



" توقف عن تصرفاتك هذه يا أثير .."


+



قالتها بتجهم وهي تضيف بجمود :-


+



" نحن انتهينا ... وأنت تعلم ذلك ..."


+



هتف بصلابة :-


+



" نعم انتهينا ... نحن كذلك بالفعل ولكن ..."


+



توقف يتأمل ملامحها الفاتنة لوهلة قبل أن يقول :-


+



" المشاعر انتهت بيننا ولكن الثأر ما زال موجودا ...."


+



" ثأر ماذا ...؟! أنت جننت حتما .."


+



قالتها وهي تهم بالتحرك لتشهق وهي تجده يقبض على ذراعه يخبرها بعينين قاسيتين :-


+




        

          


                

" ثأر العبث بقلبي ومشاعري ... هل تعلمين مقدار ثمن هذا ..؟! بالتأكيد لا تعلمين وإلا ما كنتِ لتجازفي وتعبثي معي ..."


+



" ابتعد ..."


+



قالتها وهي تحرر ذراعها من قبضته وتهم بالتحرك عندما توقفت على صوته وهو يسألها ببرود :-


+



" كيف حال كرم ..؟!"


+



استدارت نحوه بعينين متسعتين ليضيف مبتسما بمكر :-


+



" أبلغي سلامي له ... "


+



ثم تحرك مبتعدا بعدما رأت في عينيه نظرة جعلت قلبها يقفز داخل أضلعها لا إراديا ...


+



نظرة تحمل جبروتا مخيفا وهي تعلم جيدا إن جبروت هذا الرجل لا نهاية له ..


+



*****************


+



جلس نضال أمام والده قائلا بجدية :-


+



" برأيي إن سفر حنين الى الخارج أفضل ... أنت تعلم مستوى الدراسة هناك ... أفضل من هنا بكثير ... كما إنها فرصة لتتعرف على العالم خارجا وتعتمد على نفسها ..."


+



قال أشرف بجدية مستغربا إصرار ولده على سفر أخته خارج البلاد :-


+



" معك حق يا نضال ولكن حنين ما زالت صغيرة وأنا أخشى عليها من السفر لوحدها ..."


+



" والدتها يمكنها أن تبقى معها في البداية ..."


+



قالها بجدية وهو يضيف :-


+



" لا أعتقد إنها ستمانع ذلك ولا أنت ستفعل طالما الأمر يصب في مصلحة ابنتها ...."


+



" غريب اصرارك على سفر حنين الى الخارج ..."


+



قالها والده والتساؤل يشع من عينيه ليهتف نضال بثبات :-


+



" أليس من المفترض أن تفرح لاهتمامي بها والذي كنت تتوق اليه منذ أعوام ...؟!"


+



استطاع أن يراوغ في حديثه ويقلب الأمر لصالحه ...


+



هو بالطبع لن يخبره إنه يريد ابعاد شقيقته خارج البلاد لمدة لا بأس حتى تتخلص من مشاعرها اتجاه كرم ....


+



كما إنه يسعى لحدوث ذلك في أسرع وقت قبل زواج كرم الذي سيكون قريبا على ما يبدو ...


+



يريدها أن تبتعد بأسرع وقت ليس خوفا على مشاعرها فقط وإنما خوفا من انكشاف مشاعرها تلك أمام أحد ما ..


+



لا يريد لأي شخص أن يدرك ما تحمله حنين اتجاه كرم ...


+



لا أحد يجب أن يعرف ...


+




        

          


                

مشاعرها ستبقى في قلبها لا يعلم بها أي شخص حتى تتخلص منها نهائيا ...


+



" حسنا يا نضال ... في النهاية القرار لها ... هي من ستقرر وأنا سأفعل ما تريده أيا كان ... "


+



نهض بعدها متجها الى غرفتها حيث تمكث بها منذ يومين لا تهبط منها الا قليلا ...


+



طرق على الباب ودخل بعدها ليجدها تجلس في سريرها تقرأ احد الكتب بتركيز قبل أن ترفع وجهها نحوه فتهتف :-


+



" نضال .. تفضل ..."


+



تقدم نحوها وجلس قربها على سريرها قبل أن يسحب الكتاب من يدها ويخبرها بجدية :-


+



" أريد التحدث معك في أمر مهم ..."


+



نظرت له بقلق فأضاف بجدية :-


+



" تحدثت مع والدك بشأن سفرك خارجا للدراسة ... "


+



نظرت له بانتباه ليضيف :-


+



" لا مانع لديه إذا كنت تريدين ذلك حقا ... "


+



إسترسل بثبات :-


+



" أخبريه برغبتك في السفر خارجا ... ذلك افضل لك من جميع النواحي ... "


+



" هذا رأيك إذا ..."


+



سألته بخفوت ليومأ برأسه وهو يخبرها :-


+



" نعم يا حنين ... صدقيني ... الرحيل لفترة مؤقتة أفضل لك ..."


+



هزت رأسها بصمت ليربت فوق شعرها وهو يبتسم لها باقتضاب قبل أن ينهض متجها خارجا تتابع هي بعينين موجوعتين ..


+



أما هو فقرر الذهاب الى المشفى الذي تعمل به ...


+



سيراها ويتحدث معها ...


+



لا بد أن يفعل ذلك ...


+



وبالفعل ذهب الى هناك ووصل وسأل عنها ليتجه الى مكتبها حيث طرق الباب فسمحت له أن يدخل ...


+



دلف الى الداخل ليجدها تجلس مرتدية ردائها الطبي قابعة على مجموعة من الأوراق وشعرها الأسود اللامع مرفوع عاليا ...


+



" مساء الخير ..."


+



قالها بصوته الرخيم لترفع وجهها عاليا فتتسع عينيها من وجوده أمامه ..


+



نهضت بسرعة تسأل بتجهم :-


+



" أنت ... ماذا تفعل هنا ...؟!"


+



دلف الى الداخل مرددا ببرود :-


+



" ماذا سأفعل في المشفى مثلا ..؟! إما إنني مريض أو أتيت لرؤيتك ...؟!"


+




        

          


                

اكمل وهو يجلس على الكرسي الجانبي لمكتبها واضعا قدما فوق الأخرى :-


+



" وأنا أتيت للسبب الثاني بالطبع ...."


+



أشار لها مرددا :-


+



" اجلسي يا دكتورة ودعينا نتحدث ..."


+



جلست بوجوم على كرسيها مرددة من بين أسنانها :-


+



" لا يصح ما تفعله يا ..."


+



توقفت تحاول تذكر اسمه عندما هتف بضيق خفي من نسيانها لاسمه :-


+



" نضال ... اسمي نضال يا دكتورة اروى ..."


+



" نضال بك ... مجيئك هنا أمر مرفوض تماما بالنسبة لي ..."


+



" أعتقد مجيئي هنا منطقيا كونني أرغب في خطبتك أم تفضلين ذهابي مباشرة الى منزلك والتحدث مع عائلتك .."


+



قالت بسرعة ورفض بديهي :-


+



" لا هذا ولا ذاك ..."


+



" هل لي أن أفهم سبب رفضك الغير مبرر ...؟! هل يوجد أحد في حياتك ...؟!"


+



اندهشت من جرأته وهو يتسائل عن وجود شخص ما في حياتها وهو لا يجمعه بها معرفة من أي نوع ...


+



" هذا شيء لا يخصك ..."


+



هتف بنبرة قوية ثابتة :-


+



" آنسة أروى ... أنا أريد الحلال و ...."


+



توقف للحظة وهو يضيف :-


+



" وأنا جاد في رغبتي تلك ..."


+



تغضن جبينها قليلا وعرضه يتكرر للمرة الثانية باصرار واضح ....


+



همت بقول شيء ما عندنا صدح صوت رنين هاتفه ليهتف معتذرا :-


+



" اعذريني ... انه والدي .. "


+



ثم أجاب على والده لترى عينيه الزرقاوين تتسعان بعد لحظات لينتفض من مكانه هاتفا بفزع :-


+



" ماذا تقول ...؟! ما بها حنين ...؟! متى حدث هذا ...؟!"


+



****************


+



في لندن ....


+



تقدمت ليلى اتجاه كنان الذي كان واقفا ينتظرها بجانب سيارته حيث قررا أن يقضيان يوم العطلة سويا يتعرفان على بعضيهما أكثر وبشكل كافي ...


+



تأملت باقة الورد الأنيقة التي قدمها لها لتبتسم برقة عندما مال يقبل وجنتها فشعرت بارتباك لذيذ يغزو روحها تجاهلته وهي تتحرك وتدلف الى سيارته بعدما فتح الباب لها ...


+




        

          


                

ركب في مقعده وقاد السيارة متجها الى احد المطاعم الراقية ليتناولان الفطور سويا ...


+



هتف بعدما تحرك النادل بعيدا :-


+



" سيعجبك الطعام هناك كثيرا ... يقدمون فطورا إنكليزيا رائعا ..."


+



" المكان جميل بالفعل ... "


+



قالتها مبتسمة وهي تضيف بجدية :-


+



" هل تعلم إنني لم أخرج سوى لأماكن قليلة للغاية طوال العام المنصرم الذي قضيته هنا ..."


+



" بالطبع ، لإن أغلب وقتك تقضينه في العمل ..."


+



تنهدت مرددة :-


+



" العمل هنا شاق ومدته طويل حقا ..."


+



أومأ برأسه موافقا لتضيف بانشراح :-


+



" ولكنني استفدت كثيرا ... وتعلمت الكثير ...."


+



" العام الذي قضيته هنا يعادل ثلاثة أعوام وربما أكثر عندنا ... العمل هنا يمنحك خبرة أكبر بشكل أسرع ...."


+



قالها بجدية لتهتف بدورها :-


+



" لولاك ما كنت لأحصل على عملا بسهولة هنا ..."


+



قال مبتسما :-


+



" أنا لم أختر هذه الشركة عبثا ... قصدتها هي تحديدا لإنني أعرف جيدا طبيعة العمل فيها وكم ستفيدك وتمنحك خبرة جيدة خلال مدة قصيرة ..."


+



سألته بتردد :-


+



" هل تعتقد إنني سأحقق يوما ما نجاحا في مجال العمل أم ..."


+



" أم ماذا ...؟!"


+



سألها باهتمام لتهمس بخفوت :-


+



" أم إنني سأكتفي بدوري كزوجة وأم فقط لا غير ..."


+



" هذا يعتمد عليك وعلى إرادتك ..."


+



نظرت له بصمت ليضيف بجدية :-


+



" من يريدك شيئا بحق سيناله يا ليلى مهما طال الزمن طالما يسعى لنيل ذلك الشيء ...."


+



أضاف بثبات :-


+



" ولكن من المهم أن تكون رغبتك بهذا الشيء رغبة حقيقة نابعة من داخلك ... "


+



" ماذا تقصد ..؟!"


+



سألته ليجيب موضحا :-


+



" ما أقصده أن تكون رغبتك في أن تكوني امرأة ناجحة في ميادين العمل رغبة حقيقة لإنك تحبين أن تعملي وتتقدمي في مراتب العمل لا لكونك ترفضين أن تكوني ربة منزل ترعى زوجها وأولادها فقط لأجل كلام البعض مما يرون عدم عمل المرأة تقليل من شأنها وبخس لحقوقها مع إنها حرية شخصية ... مثلما توجد نساء يردن العمل ولا يمكنهن تركه ، هناك من يحبذن الاهتمام بالمنزل والأولاد ويجدن راحتهن في ذلك ..."


+




        

          


                

أكمل بجدية :-


+



" كما إن عدم دخول المرأة ميدان العمل لا يعني إنها لن تفعل شيئا سوى رعاية الزوج والأولاد ... خاصة في مجتمعنا المرأة لديها مهام عديدة لا تقتصر على الأسرة والأطفال مع إنني لا أرى حصر دور المرأة في رعاية أسرتها يقلل منها ... على العكس تماما ... نجاح المرأة في تكوين أسرة متماسكة وأبناء ناجحين محترمين ليس شيئا سهلا على الاطلاق مثلما لا أرى إن عمل المرأة يؤثر على علاقتها بزوجها ورعايتها لأبنائها فالمرأة من وجهة نظري تستطيع التوفيق بين العمل ومتطلباتها كزوجة وأم جيدا ..."


+



أنهى كلامه ليجدها تتأمله باعجاب يشع من عينيها ليبتسم متسائلا :-


+



" لمَ تنظرين إليّ هكذا ...؟!"


+



هتف بصدق :-


+



" منبهرة ... أنت تمتلك شخصية رائعة وفكر راقي ومثالي ... "


+



أضافت مبتسمة :-


+



" ما تقوله مثالي لدرجة تجعلني لا أصدق إنه يخرج من رجل ... "


+



ضحك مرددا :-


+



" بل صدقي .. لست وحدي من أفكر .. هناك الكثير غيري ... "


+



" ربما ..."


+



قالتها وهي تتأمل النادل الذي تقدم يضع الطعام لهما حتى انتهى مما يفعله فقال بجدية :-


+



" هيا نتناول الطعام فينتظرنا يوما طويلا ..."


+



أخذا يتناولان الطعام ويتبادلان الأحاديث ثم غادرا بعدها الى شوارع لندن مقررين السير فيها سويا مرورا بالأماكن الشهيرة هناك ..


+



مر الوقت سريعا لدرجة إنهما لم يشعران حتى لاحظا غياب الشمس فاتجها لأحد المطاعم مقررا تناول الطعام ثم عودة ملا كلا منهما الى منزله ...


+



هتفت ليلى وهي تضع كأس عصيرها على الطاولة :-


+



" استمعت اليوم كثيرا يا كنان واكتشفت ان صحبتك رائعة حقا .. "


+



مد كفه يقبض على كفها وهو يخبرها مبتسما :-


+



" كلامك هذا يسعدني حقا يا ليلى ..."


+



ارتشفت القليل من العصير مجددا قبل أن تقول بجدية :-


+



" انا اتخذت قرارا مهما يا كنان ... قرار ترددت فيه كثيرا ..."


+



نظر لها بتركيز لتضيف بجدية وحسم :-


+



" انا قررت العودة الى البلاد يا كنان ... سأعود معك مجددا ..."


+




        

          


                

************


+



في أمريكا ...


+



كانت تجلس بجانبه ترتشف مشروبها البارد وهي تتأمل المكان حولها بملل .. 


+



لقد سارع يصالحها في اليوم التالي ورغم ترددها في بداية الأمر إلا إنها قررت مصالحته أخيرا ...


+



سامحته دون إدراك فقط لإنها ترغب في دخول تجربة جديدة ...


+



تجربة بدت لها مختلفة ...


+



الحياة باتت عبارة عن تجارب بالنسبة لها لكن الفرق إنها سابقا كانت تخوض التجارب دون إرادة منها بينما الآن باتت تدخل التجربة بإرادتها الحرة ورغبتها الكاملة ...


+



سمعته يسألها :-


+



" هل ترقصين...؟!"


+



رفضت الرقص فلا تملك حقا رغبة في ذلك ...


+



نهضا بعد مدة حيث سارت معه وركبت سيارته دون أن تسأله عن الوجهة التي سيذهبان اليها لتجده يصف سيارته عند العمارة السكنية التي يسكن فيها كما أخبرها وهو يسألها بمكر :-


+



" هل تصعدين الى شفتي أم ستهربين ...؟!"


+



قاطعته ببرود :-


+



" وممَ سأهرب مثلا ...؟!"


+



ثم سارعت تفتح الباب وتهبط من السيارة ليتابعها هو بدهشة أعجبتها وهي تتجه نافذة السيارة من جهته وتميل نحو وجهه تخبره باستخفاف :-


+



" هل ستنزل أم تخشى مني ..؟؟"


+



ضحك مرغما وهو يفتح الباب ثم يخبرها وهو يقبض على كفها :-


+



" أنتِ قطة أليفة يا جيلان لا خوف منها ..."


+



رمقته من أسفل رموشها مرددة:-


+



" لا تستعجل في حكمك يا إيوان ... انت لا تعرفني جيدا كي تقول هذا ..."


+



" ولكنني أريد التعرف عليك جيدا .. جيدا للغاية ..."


+



قالها وهو يميل بوجهه نحو عنقها الطويل لتدفعه على صدره وهي تخبره ببرود:-


+



" لنصعد .. هيا ..."


+



ثم تحركت تسبقه لتركب المصعد جانبه فيضغط على زر الطابق الذي توجد به شقته ..


+



وصلا الى الشقة حيث خلعت سترتها ورمتها على الكنبة باهمال ليسألها وهو يتجه نحو البار الذي يحتل ركنا في الشقة :-


+



" ماذا تفضلين أن تشربين ..؟!"


+



نطقت بتردد :-


+




        

          


                

" هل لديك عصير ..."


+



ضحك بخفة :-


+



" عصير ... قولي إنك تمزحين ...!!"


+



هتفت باقتضاب :-


+



" لا أريد شيئا إذا ...."


+



حمل كأسين من النبيذ واتجه يجلس جانبها عندما جذبها من كفها يحيط كتفيها بذراعيه يخبرها بمزاج :-


+



" أنت تغضبين بسرعة يا قطتي ..."


+



" لا تناديني هكذا ..."


+



نطقتها بحدة ليضيف متسائلا :-


+



" لماذا ترفضين تناول المشروب ...؟! هل تخشين أن تفقدين وعيك وتمنحيني جسدك دون إدراك ..."


+



تأملته بسكون لوهلة قبل أن ارد :-


+



" أو ربما العكس ... أريد أن أمنحه وأنا بكامل وعيي كي نتشارك اللذة سويا ..."


+



اتسعت عيناه بدهشة من جرأتها التي لا تشبه تصرفاتها التي رآها عليها ..


+



هذه الفتاة غريبة .. غريبة حقا ...


+



هتف بخبث مقصود :-


+



" أنت تكذبين ... كلانا يعرف إنك لا تستطيعين أم نسيت ما فعلته عندما حاولت التقرب منك ..."


+



" لإنك فعلت هذا دون ارادتي ...."


+



قالتها بتجهم ليهتف ببرود :-


+



" ومتى سيكون بإرادتك ...؟! أخبريني هيا ..."


+



مال نحوها مضيفا بصلابة :-


+



" لن يكون أبدا... هل تعلمين لماذا ...؟! لإنك كاذبة ..  تدعين إنك تريدين التحرر والمتعة ولكنك لا تسعين لمتعة كاملة ... تضعين حدودا معينة لا تتخطينها دون أن تدركي إن المتعة لا تكون بشروط ولا قيود وليس لها حدود وإن حدث فستفقد ذاتها ولن تكون هناك متعة .. المتعة أساسها حرية لا نهاية لها ولا حد فاصل يمكنه إيقافها ..."


+



انتفضت من مكانها تسحب حقيبتها بعنف ليهتف ببرود :-


+



" غادري ... اهربي مجددا .... لا تعتقدي إنني سألحق بك ... ماذا سأفعل بفتاة مثلك ..؟! فتاة عاجزة حتى عن معرفة ما تريد ..."


+



توقفت لوهلة تعتصر حقيبتها بكفيها والجمود يكسو ملامحها ...


+



لقد واجهها إيوان بالحقيقة المرة ...


+



ما قاله صحيح ...


+



هي تخدع نفسها ..


+




        

          


                

تدعي إنها تحررت وتفعل ما يحلو لها لكنها واقعيا لا تفعل ذلك ...


+



هي فقط تدعي ذلك بينما واقعيا هي ما زالت عاجزة عن اتخاذ خطوة واحدة جريئة وشجاعة ...


+



خطوة تجعلها تدرك إنها باتت قوية ... حرة ... وجريئة ...


+



خطوة ليست جديدة عليها فسبق وهناك من امتلك جسدها دون إرادة منها والآن عندما بات الأمر بيدها و بإرادتها تتراجع مجددا ...


+



استدارت نحوه ترمقه بنظرات جامدة تماما بينما يتابعها هو باستفزاز مقصود لتجد حائرة بين رغبتها في الهرب خارجا بسرعة وبين رغبتها في التقدم نحوه واثبات قوتها وجرئتها له ..


+



وفي النهاية حسمت قرارها وتقدمت نحوه باصرار يشع من عينيها ...


+



****************


+



دلفت الى جناحها وصفعت الباب خلفها بقوة ..


+



نظراته ما زالت تلاحقها..


+



تلك النظرة في عينيه بثت الذعر في قلبها...


+



سارعت تحمل هاتفها وتتصل بكرم فلم يجب على اتصالاتها ...


+



صاحت بغضب وهي ترمي الهاتف وملامحها تشنجت بخوف مريع ..


+



مالذي يضمره أثير لكرم ...؟!


+



هل يمكنه أن يؤذيه ..؟!


+



كلا ، لا يعقل ...


+



من المستحيل أن يفعل ذلك ...


+



جلست فوق سريرها بعينين تشكلت الدموع فيهما ..


+



الخوف ينهش روحها دون هوادة ...


+



لحظات وصدح صوت رنين هاتفها فسارعت تجذبه وتحمله مجددا لتتسع عينيها بصدمة وهي تردد اسمه بهلع :-


+



" كرم ......"


+



وفي نفس التوقيت وصل راغب مع زوجته وأولاده الى القصر ....


+



ما إن فتحت الخادمة لهما الباب حتى قبض على كفها فاستدارت نحوه بملامحها الرقيقة تتأمله بحيرة ليخبرها بجدية :-


+



" نحن نحتاج إلى أن نتحدث يا همسة ... آن الآوان لنجلس سويا ونتحدث بعقلانية ونصل الى نقطة الخلاف بيننا ... ربما نصل الى حل لها ..."


+



تأملته بصمت امتد قليلا وداخله يتمنى ألا ترفض وتمنح الفرصة لزيجتهما أن تسير في نصابها الصحيح ...


+



لحظات و سمعها تجيب :-


+



" حسنا يا راغب ... معك حق ... نحن بحاجة أن نتحدث ..."


+



نطقتها بهدوء جعلته يبتسم لها برزانة قبل أن يتجه معها الى داخل القصر عندما وجد والدته تستقبله بتوتر غريب لتسارع وتعانق همسة ثم تعانقه قبل أن تهمس بتردد :-


+



" لدينا ضيوف ..."


+



" ضيوف من ...؟!"


+



سألها راغب باهتمام قبل أن يرى والدته تنظر الى همسة بنظرات فهمتها الأخيرة فتقدمت همسة قبلة بخطواتها ودلفت الى داخل غرفة الجلوس لتتجمد مكانها بعدما رأت همسة تحمل ولدها الصغير والذي دخل مع شقيقه قبلها هي وراغب حيث حمله حمله سيف راكضا لرؤية جدته يتبعه نزار ...


+



رفعت يسرا وجهها نحوها والتقت عيناها بعيني همسة لتمنحها ابتسامة باردة تضمر داخل الكثير بين ذراعيها تحتويان الصغير إبراهيم بحرص جعل همسة لا ترغب سوى بأخذ ولدها منها بسرعة ودون تردد بل ابعاد أولادها الثلاثة عن مخالب تلك الشيطانة ...


+



انتهى الفصل


+



قراءة ممتعة


+




السادس من هنا 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close