اخر الروايات

رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الثالث والاربعون 43 بقلم دفنا عمر

رواية حصنك الغائب الجزء الثاني الفصل الثالث والاربعون 43 بقلم دفنا عمر


                                    

الفصل الثالث والأربعون

------------------------------

أخبروا النجوم أن أجملها ترقد فوق وسادتي! 

وأخبروا السماء أن شمسها اختبأت بمقلتي حبيبتي

وأخبروا الربيع أن زهوره أينعت على شفتي جميلتي

أخبروا الجميع أني ظفرتُ بها وغدت أخيرًا مليكتي! 

……… 

واقفًا يطالع السماء بنظرة تأمل شاردة متعجبًا غرابة الاقدار  ورسائلها الخفية..في ليلة شبية هذه كان يُبصر ذات الأفق بحالٍ غير حاله..وقلبه المكسور ينبض لغير ساكنته تلك اللحظة..ها هي بلقيس تزوجت ونالت ما تمنت كما نال هو ما استحقه، أصبح لكلٍ منهما طريقه في الحياة، الليلة أجتاز أخر اختبار لمشاعره القديمة عندما شاهد مراسم زواجها دون أن يُثار شيئا يُذكر في نفسه..أو ربما أثار القليل من ذكراياته الساذجة الواهمة بها،أخيرًا انطوت تلك الصفحة إلى الأبد..وبيومٍ ما ستلهو أطفالهما سويًا بين الحدائق گ الأشقاء تمامًا مثلهما الآن..!


+



تنهد بضيق وهو يبتعد عن سياج شرفته جالسًا على مقعد جانبي وذهنه ينزلق لحدث أخر هو سبب أرقه الرئيسي وعزوفه عن النوم، فلم يكن يدري أن أنظاره الشاردة بخبايا نفسه أثناء حفل الزفاف، سيلتقطها رادار فواحته وتغار وتحتل عينيها اتهام مبطن أدركه و أزعجه..مازالت لا تثق به وكم يؤسفه هذا..! ماذا يفعل أكثر مما فعل لتُسقط من رأسها تجربته الأولي والفاشلة؟!


1



_ مش هتنام يا يزيد؟ 


+



التفت لصديقه:  هنام بعد شوية يا احمد..! 

لاحظ ضيقه فتسائل:  ايه مالك شكلك زعلان ليه

_لا مافيش حاجة إرهاق بس من اليومين بتوع الفرح

_ طيب خلاص تعالى ارتاح وماتسهرش أكتر من كده! 


+



أومأ له صامتًا وداخله يهمس:  ارتاح ازاي والفواحة زعلانة ومزعلاني! 

__________________


+



جافاها النوم واللوم يأكلها، لما رمته بتلك النظرة واتهمته بما تعلم انه كذب خيالها وحده وافتراءه؟ يزيد الآن لا يعشق سواها، لما مازالت تضيق بنظراته إن توجهت إليها، متى ستنتهي غيرتها العمياء؟ ماذا جنت غير إغضابه؟ رغم انهما لم يتحدثا لكنها قرأت عتاب عينيه الصامت..!


+



" أنت صاحي؟"


+



جازفت وأرسلتها له عله يجيب، لم يأتيها ردًا فعادت ترسل أخرى ليقرأها حين استيقاظه ( حقك عليا لو كنت زعلت مني) اكتفت بجملة اعتذارها وتركت الهاتف جانبًا وهي تزفر بضجر، لتفاجيء بانبعاث رنين اتصال فالتقطت هاتفها بلهفة مع قولها:  يزيد؟؟ أنت صاحي؟

ابتسم بتهكم بوهن:  لا نايم، بس عفريتي بيكلمك! 

حاولت الابتسام لدعابته لم تجد سوى دمعة برقت بعينيها وهي تقول:  زعلان مني صح؟

صمت برهة قبل أن يجيبها:  مش زعل قد ما هو حيرة.. هو المفروض اعمل ايه تاني عشان تصدقي ان بلقيس انتهت جوايا وبقيت بنت عمي وبس..معني انك لسه مش مصدقة ده يبقي احنا كده بنبتدي غلط ياعطر..!


+



حاولت ان تدافع عن حماقتها:  والله غصب عني لما لمحتك بتبص ناحيتها وانت شارد شيطاني صورلي نظراتك غلط، وعقلي فسرها إنك ندمان وبتتحسر عليها


+




_ أنا لو ندمان وبتحسر.. يبقي ندمان اني ماحسيتش بيكي من الأول.. وإن ضيعت وقت كبير عشان افهم انك نصي التاني وتؤام روحي..وواصل:  عطر انا لو عندي شك 1% اني مش بحبك عمري ما كنت هتقدم خطوة واحدة ناحيتك.. وسوء ظنك ده عدم ثقة فيا وفي نفسك قبلي.. واتهام مش هقبله منك تاني.. ولا كل مرة هلاقي مبرر يشفعلك عندي! 


+



أطرقت رأسها تبكي بصمت لعتابه مدركة خطأها وإجحافها حقه لما قدمه لها لاعنة غيرتها الغبية، فتمتم بصوت حنون:  عطر متعيطيش انا بس مش عايز غيرتك تكون أثرها سلبي على حياتنا، عايزها تفرحني مش تتعسني.. عموما ياحبيبتي خلاص انسي أنا متأكد ان ماكنتيش تقصدي.. ثم داعبها ليلطف الأجواء معها: خلينا بقى في المهم يا فواحة، ايه الفيديو الجامد اللي بعتيه ده؟ كنتي تجنني وانتي لابسة الساري وبترقصي بيه في الحنة، كنت عايز اخطفك وابعد عن الكل بس للأسف كان صعب! 


+



ابتسمت بسعادة وهي تجفف عبراتها بظهر كفها: 

بجد عجبك عليا؟

_ ده جنني مش عجبني بس! 

_ أمال لو شوفت بقى الساري التاني اللي جبته عشان البسه ليك لوحدك واحنا في بيتنا.. اصله مكشوف ماينفعش يتلبس قصاد حد غير حبيبي! 

أشعلت شوقه ورغبته وهو يهمس:  بجد.. طب ابعتي صورته! 

قالت بدلال بعد أن تراجعت داخلها حالة البؤس التي تملكتها قبل مكالمته:  لا يا زيدو.. مش هتشوفه غير واحنا في بيتنا..! 

_ ماشي ياستي، هانت ونتمم جوازنا بسرعة لأني بصراحة مش قادر اتحمل بعدك اكتر من كده! 

_ خلاص ياحبيبي انا قربت اتخرج، وعلى ما تكمل توضيب شقتنا اكون خلصت ونتجوز فورا..! 


+



_ ربنا يصبرني، انا وافقت استني لحد ما تتخرجي عشان خاطرك بس! 

_ ماهو كده احسن، مش عايزة لما نكون في بيت واحد حاجة تشغلني عنك يا حبيبي، عايزة اعوضك كل اللي فاتك واسعدك قد ما اقدر..! 


+



صمت لحظات وهمس عُقبها بعد أن زال ضيقه ولم يعد يسيطر عليه سوى شعور الراحة والشوق لها:  بحبك يا فواحة! 

_ مش اكتر مني يا يزيد، وسامحني لو بغير عليك زيادة عن اللزوم..أنت لسه ماتعرفش حبي ليك قد ايه، انا فتحت عيوني عليك انت، عمري ما حبيت ولا اتمنيت غيرك! 

_ طب مش كنتي قولتي الكلمتين دول وانتي قدامي عشان ارد بطريقتي! 

ضحكت بخجل: ماهو عشان طريقتك دي مش هتسمع مني الكلام ده غير في التليفون! 

رفع حاجبيه توعدا:  ماشي ياقردة.. وانا هحوش كل ردودي عليكي لحد ما اشوفك وهرد على كلمة كلمة، وحرف حرف.. وابقي وريني هتفلتي مني ازاي! 


+



جلجلت ضحكتها الرقيقة الصافية التي امتزجت بضحكاته على الطرف الأخر..لتصفو القلوب ثانيًا والآن فقط سيغفو كلًا منهما براحة بال ويحلم بصاحبه أحلامًا جميلة بجمال تواصلهم الخاطف الذي انتهى لتوه! 

___________________


+



أهكذا يكون صباحها؟


+



وجهها الغارق بخصلات شعرها الغزير الطويل اللامع گ حورية فاتنة، عبقها الذي تغلل داخله ويشعل احتياجه الرجولي لاجتياح جديد، بشرتها الناعمة التي تتلمسها الآن أنامله برقة ومتعة طاغية..أهدابها الطويلة التي تُحرضه أن يقبلها لتفتح عيناها وتشرق عليه بشمسيها، شفتيها المكتنزة الوردية، زفر لحرارة مشاعره وجسده يثور ويطلب المزيد من زوجته الجميلة التي خاض معها أولى تجاربه الحلال في عالم أنوثتها التي لم يطأ أرضها أحدًا قبله.. براءتها التي اختبرها، خجلها ورقتها الشديدة التي ضاعفت انجذابه وحبه..!


+




        


          


                

أزاح خصلات شعرها وظل يتأملها وهو يقارن بين تلك الأنثى الرقيقة المتجاوبة لرغباته بحب قوي استشعره وأسعده، وبين تلك النمرة الشرسة التي حطمت أنوف من حاول نيلها دون تهاون.. كم يعشق فيها هذا التناقض من القوة الردعة حين يتطلب الأمر ابراز قسوتها، ورقتها وحنانها حين تكون بين ذراعي من تحب..مزيج فريد وفخور أن مثلها زوجته وحبيبته وأم أطفاله حين يقدر الله! 


+



أحتضنها بدافع مسار أفكاره التي التهبت وتأججت برغبته التي لم ترتوي وأراد نيلها الآن، فتلملت من لمساته التي تدعوها لوصاله ، فندت من شفتيها همهمة ناعمة وطيف ليلتهما الأولى يلوح بمخيلتها، ليسحبها يزداد قربه  حميمية فتلبي نداء زوجها لتشبع روحه وجسده معًا..!

_________________________


+



_ نامي شوية يا دره انتي عيونك ماغمضتش من ليلة امبارح! 

_ يعني انت اللي جالك نوم ياعاصم.. ثم اغرورقت عيناها مع قولها: بنتي وحشتني وعايزة اطمن عليها


1



رغم انه لا يختلف حاله عنها ويموت شوقا لرؤيتها والتأكد انها بخير، قال كذبا ليطمئنها: هي لحقت توحشك، ده معداش غير سواد الليل، وبعدين بلقيس خلاص بقيت مع جوزها لازم نتقبل ده ونتعود انها مابقيتش معانا وندعيلها بالسعادة! 


+



همست وخيط دموع شفاف يسيل على وجنتها:  عارفة بس غصب عني ياعاصم دي عمرها ما فارقتني، كنت كل ليلة لازم اقوم اغطيها وابوسها واشم ريحيتها وارجع انام.. معقول مش هصحى علي وشها الحلو كل يوم؟ مش هنفطر سوا ونتكلم ونهزر؟ خلاص هنبقى لوحدينا؟


+



كم ضغطت علي وجيعته دون أن تدري، هو ذاته من فرط شوقه كاد أن يهاتفها بمنتصف الليل ليسمع صوتها ويطمئن.. لكن صوت العقل رشد جنون لهفته گ أب بفارق ابنته للمرة الأولي وتراجع..رعزائه الوحيد ثقته بزوجها أنه لن يؤذيها..ولن يعاملها بقسوة بعد ان استحضر في عقله حديثه الجانبي الخاطف مع ظافر  قبل أن يرحل بها لجناحهما في الفندق..ونصيحته له أن يتروى ويتعامل معها برفق كي يزيل رهبتها.. وأن ليلتهما الأولى ستكون انطباعها الأول والأهم عنه گ زوج.. وألا يتعجل بسبب رغباته ويخسر ثقتها وحبها في أهم ليلة بينهما، كما ذكره بظروفها وربما تزور خيالها ذكرايات  قاسية وتخافه وعليه أن يثبت رجولته الحقة بمعالجة هذا الأمر بحكمته وحبه.. ولم ينسى حينها النظرة التي ومضت بعين ظافر.. نظرة طمئنته دون أن يتفوه حرفًا..ومع هذا أخبره بكلمات مقتضبة ألا بقلق وأنه يخاف عليها أكثر مما يتصور ولن يؤذيها..! 


+



_ أتصل بيها دلوقت ياعاصم؟


+



افاق من شروده على سؤال زوجته فتمتم:  ماينفعش يادره الوقت لسه بدري هيكونوا نايمين مايصحش! 


+



ثم اقترب منها وضمها إليه هامسا:  متخافيش أنا مطمن عليها ومتأكد أنها بخير.. ظافر راجل بجد وعارف قد ايه بيحبها.. انتي بس ادعيلها بصلاح الحال هي وجوزها..! 


+



همست بسكينة وهي علي صدره:  ربنا يسعدهم ويبعد عنهم كل شر


+



أراد أن يشاكسها ليشتت عقلها عن قلقه، فرفع بأنامله وجهها وقال:  فاكره ليلة دخلتنا الشرسة يادرتي! 


+




        

          


                

مر طيف عراكها معه سريعا فضحكت وهي تقول بخجل حقيقي:  مش هتنسى ابدا زلتي دي

ضحك بالمثل وقال:  بالعكس، انتي وقتها عحبتيني اكتر وانتي واخدالي وضع القتال وبتقوليلي، ثم قلد صوتها ( لو قربت مني هطيرك من الشباك)


+



صدحت ضحكة جديدة وقد نست تماما حزنها منذ قليل وهي تقول:  بس مش صالحتك بعدها لما لقيتك قاعد غلبان وزعلان ومش راضي تاكل وتقولي ذنبي في رقبتك هنام جعان! 


1



برقت عيناه بحب أثقلته عشرتهما قوة: وبعدها قضينا احلي ليلة في عمرنا يا دره! 

ربتت علي صدره: لأنك كنت حنين ياعاصم وراعيت خوفي.. ثم عاد لعقلها قلقه الأول:  تفتكر ظافر هيكون كده مع بنتنا؟

همس بصدق:  وأحسن.. انا واثق في الولد ده انه مش هيخيب ظني فيه ابدا.. وتعالي بقي ننام حتي ساعة ولما نصحى نكلمها

_ ماشي هحاول! 

_____________________________


+



تداعب أنفه وهو يلوح بيده كأنه يطرد عن وجهه ذبابة، فكتمت. ضحكتها وهي تعاود مشاكسته فغمغم بصوت ناعس:  بس يابلقيس سيبيني انام! 


+



هتفت برقة: كفاية كده الضهر قرب يآذن وانا جعانة أوي..! 

جذبها ودس رأسها بصدره وحاوطها بذراعيه وربت عليها كأنه يهدهد طفلة: طب نامي كمان شوية وبعدين نصحي نفطر..! 


+



رفعت رأسها من علي صدره بينما ظلت محتجزة بين ذراعيه:  ياحبيبي الفطار ده حجة، بصراحة عايزة اكلم. بابا وماما انا وانت لأنهم هيتكسفوا يتصلوا غير لما يطمنوا اننا صاحيين..ومتأكده ان عيونهم ماداقيتش النوم من القلق! 


+



تلاشى نعاسه مع حديثها وقال:  بس أنا كلمت والدك امبارح وطمنته انه مايقلقش عليكي! 

_ مهما قلت هيقلق هو وماما.. قوم خد حمام وفوق وتعالي نكلمهم ونكلم كمان طنط هدى وايلي ونصبح عليهم! 

مط جسده بكسل وتسائل:  طب هو الساعة كام بالظبط

اجابت بتلقائية:  الساعة تسعة

رمقها بغيظ:  وتقوليلي الضهر قرب ياكدابة؟؟؟

جلحلت ضحكتها مع نظرتها الشقية بابتسم وعانقها مع قبلة حانية هامسا:  ادلعي وخدي راحتك كده في الاول، بس بعد كده يا قلبي في نظام وقوانين تانية لازم تمشي عليها

_ اهلا بقوانين حبيب قلبي..كل حاجة تريحك هعملها.. انا بس حسيت بشعور ماما وبابا وزعلانة عشانهم! ثم رمقته بنظرة محبة:  بس لو يعرفوا حبيبي حنين وبيحبني وبيخاف عليا ازاي عمرهم مايخافوا عليا..! 


+



اشتد عناقه أكثر وهمس لها: يعني ماخوفتيش مني امبارح ولا اتأذيتي ياحبيبتي! 

قبلت خده مع قولها وعيناها تبرق: لا ياحبيبي اطمن أنت عمرك ما تأذيني ابدا.. وصدقت امي لما قالتلي الليلة دي انطباعها عند الزوجة بيفرق وبيبان ان كان الزوج ده حنين وبيحب مراته ولا اناني.. وانت اثبت انك بتحبني، وانا بحبك اوي واوعدك أخليك سعيد ومبسوط طول العمر يا ظافر..! 


+



غمرت نفسه السعادة والراحة بعد قولها، وازدادت في قلبه غلاوة وثارت لهفته التي على مايبدو لن تهدأ، فغيبها في موجة جديدة من عاطفته لتتلاحم معه بلقاء صاخب حاني ثم نهضا بعد وقت قصير ليستعدا لمكالمة والديهما..!

_____________________________


+




        

          


                

رنين متواصل بتر نومهم العزيز الذي أتى بصعوبة، ليتململ عاصم وهو يفرك عيناه.. ومن ثَم التقط هاتفه الذي انتفض حين تبين المتصل: 


+



_ دره.. دره اصحي.. بلقيس بتتصل! 


+



هبت من رقدتها بمجرد سماع اسمها وخطفت الهاتف من يد زوجها مجيبة بلهفة واضحة: 

نور عيني صباح الخير..وحشتيني اوي طمنيني عليكي.. انتي بخير.. مبسوطة.. في حاجة ضايقتك ..نمتي كويس ولا معرفتيش تنامي! 


+



قاطعتها لبلقيس وهي تهتف بذات الحنان:  براحة يامامتي هجاوب على ايه ولا ايه بس.. وواضح من صوتك انك لسه صاحية.. بصي انا هقفل وانتي وبابا فوقوا وكلموني فيديو عشان تطمنوا عليا بنفسكم! 

………… ..


+



تطالع وجهها المضيء عبر شاشة الهاتف ومن نظرتها الخبيرة ولمعة عينيها أدركت كل شيء.. صغيرتها حظت بزوج صالح حنون عرف كيف يحتويها ويدللها كما ترى الآن وهو يضمها إليه ويقول لهما بمزاح:  

طب انا عايز اشتيكي من بنتكم وانتم احكموا بنا.. ينفع تصحيني الساعة تسعة وتقولي الضهر قرب يآذن؟ 

ضحك عاصم:  أمها عملت معايا كده، أنا كنت بحب انام كتير وهي ممكن تنام ساعتين يخلوها تطبق يوم بليلة! 

أجابت بلقيس بمرح وهي تلكز كتف زوجها:  شوفت بقى، أنا طالعة لمامتي.. اعترض بقي وزعل حماتك يوم صباحيتنا

مازحها: لأ أزعل حماتي ايه وانا مستغني عن عمري! 


+



ضحكت لهما وقالت:  أولا قولي ياماما بلاش حماتي دي عشان بحس اني زي ماري منيب أو ميمي شكيب وانا غلبانة واسأل عمك عاصم! 

ثم حدجته بنظرة دافئة:  وثانيا أنا اللي مقدرش ازعلك يا ظافر، ربنا يعلم اني بعتبرك ابني مش جوز بنتي وغلاوتك هتكون من غلاوتها وزي مابدعيلها هدعيلك ياحبيبي.!


+



لمس صدقها فحمد الله داخله ان والدة زوجته بتلك الطيبة وستكون گ أم ثانية يكسب دعواتها ويعد ذاته قبلها أن لن يفعل ما يفقده دعواتها تلك..!

بعد قليل تركهما يتابعان المكالمة بخصوصية وغادر بحجة وهمية.. كما تعلل عاصم انه سيجري مكالمة هامة في الحديقة تاركا المجال لدره وبلقيس! 

……………… 


+



جالت على وجهها بحنان وهي تهتف: 

طمنيني عليكي ياحبيبتي.. جوزك كان كويس معاكي ولا أذاكي؟


+



لمعت عيناها وابتسمت ونبرتها تقطر سعادة: 

بالعكس يا ماما.. أنا اكتشفت ان ظافر حنين اوي وبيحبني وبيخاف عليا، الطريقة اللي عاملني بيها امبارح خلتني اطمن ان ربنا رزقني بزوج صالح زي ما ربنا رزقك ببابا.. واستطردت وبريق عيناها يزداد: 

فاكرة  لما كنت بقولك نفسي اتجوز واحد في حنية بابا؟ أهو ربنا استجاب وعوضني.. عشان كده مش عايزاكي تقلقي عليا ابدا وانا معاه..!


+



وصف ابنتها لتعامل ظافر اثلج صدرها، فزفرت براحة ثم قالت بهدوء:  الحمد لله ياحبيبتي ان ده نصيبك، وربنا يديم عليكم السعادة وراحة البال! 

واستأنفت:  في كلمتين قصدت اقولهم ليكي متأخر بعد ما تكوني خلاص دخلتي العالم المقدس ده وهتستوعبي كلامي.. علاقتك بزوجك يابنتي في ايدك  تخليها حلوة وهادية وممتعة طول الوقت.. وفي ايدك بردو تخليها مملة وكئيبة.. وأول حاجة تخلي علاقتكم قوية انك تفهمي امتي عايزك تكلميه، وامتى محتاج مساحة صمت مع نفسه، احترمي خصوصياته لأنها من حقه زي ما انتي لازم هيكون عندك شيء خاص تحتفظي به.. ماتحاسبيهوش على حاجة فاتت لأن حياتكم بزكدأت من لحظة اتقفل عليكم باب واحد وبقي هو أمانك وسندك وسترك اللي لو اتعريتي هتستخبي وراه هو مش حد تاني! 


+




        

          


                

واستطردت نصائحها الثمينة لابنتها: 


+



الذكاء إنك تعرفي هو محتاج منك ايه.. عايزك مراته اللي تشبع رغباته بالحلال؟ ولا أمه اللي تطبطب عليه وقت الضيق؟ ولا صديقته اللي تفهمه ويحكي ليها مشاكله وتساعده في حلها لو قدرت؟ ولا عايزك بنته المطيعة اللي هيكافئها بحنانه ودلاله؟ كل اما هتقدري تفهمي طبيعة نفسيته هتكسبيه وتريحيه معاكي وتكون حياتكم مستقرة! واهم نصيحة لازم تعرفيها إن أي راجل بيحب الاهتمام من مراته ويكره جدا انها تستهين وتسخر من مشاعره أوتقلل من اهتماماته اللي بيحبها.. بيحب تشاركه كل حاجة بنفس الشغف، لو لقتيه بيتكلم في موضوع مش من ضمن اهتماماتك مثلا أوعي تبيني انك نافرة او مش مهتمة، بالعكس اظهري حماسك معاه في اي شيء مندمج فيه..  ماتش كوره، وصفة جديدة  ..موضوع سياسي واخد تفكيره.. نوع فيلم بيفضله عن غيره، خليكي دايما ماشية معاه على نفس الخط.. خليه يلاقي فيكي كل حاجة بدون ماينقصه شيء معاكي! 

وصمتت لحظة ثم استأنفت نصيحتها الأخيرة:  وأخر حاجة يابلقيس عايزاكي تعرفيها.. ان جمال الست مهم لكن مش الاساس.. حنانها واحتوائها لزوجها هو الاساس.. لو أهملتيه مش هيشفعلك عنده جمالك بالعكس يمكن وقتها يشوفك وحشة.. واقل واحدة جمالًا منك هيميل ليها لو لقى عندها الحنان والاحتواء اللي افتقده معاكي.. خليكي جميلة من جوة زي من برة..فهمتي كلامي يا نور عيني؟


+



أومأت لها دون أن تنطق كلمة متأثرة بحديث والدتها وكم بدت لها عظيمة.. ليس گ أم فقط.. بل زوجة.. الآن علمت لما يحبها والدها بعد هذا العمر بينهما.. أدركت ماذا منحت والدها لتحافظ على حبه.. وهي ستحذو حذوها.. ستكون زوجة لحبيبها ظافر كما يستحق وكما يحب أن تكون! 


1



انتهت المكالمة وتركتها لتستعد لزوجها ودعت لها بالهناء وراحة البال والسكينة! 

______________________


+



_صباح الخير ياعطر، خططك ايه انهاردة؟

_ يزيد هيعدي عليا ونخرج، وانتي؟

_ أنا معزومة عند مامة خطيبي، وهيعدي عليا بعد شوية ! 

_ يعني مش هنتقابل اليوم كله، خلاص بكرة هشوفك، ونرتب سوا هنحضر فرح أمونة بايه! 

جوري: أنا عاملة حسابي وجبت معايا طقم تاني بس عايز حجاب مناسب، وانتي لو عايزة حاجة نشتريها سوا بكرة! 


+



_ تمام،طب انتي هتفضلي عند عمو عاصم كتير؟


+



_ ايوة لحد فرح امونة ونرجع المنصورة سوا. اصل طنط دره زعلانة وماما قالتلي اخليني معاها واهون عليها غياب بلقيس! 

_ فكرتني بماما اللي من دلوقت بتقولي هتتحمل غيابي ازاي لما اتجوز في القاهرة

_ نفس الحال.. بس اكيد هيتعودوا زي ما احنا هنتعود! 

_ عندك حق. طب روحي بقى اجهزي عشان عامر وانا كمان هستعد قبل ما يزيد يجي ياخدني من عند جدو.. سلام يا زئردة.

_ سلام يا قردة.

__________________


+



استقبلتها عائلة عامر بحفاوة كبيرة وللمرة الأولى تتعرف بجدية علي والدته الحنونة ووالده خفيف الظل. الآن علمت ممن ورث عامر قدرته علي المزاح..لكن شقيقه الأخر ورث ملامح أبيه أكثر مع بعض الجدية.. أما شقيقته قصة أخري، كم اندمجت معها كأنهما أصدقاء منذ زمن.. انطباعها الأول عن عائلة زوجها كان رائع واجمل مما تصورته! 

…………

_ ماما وبابا والكل مبسوطين بيكي اوي يا جوجو..! 

_ أنا اللي فرحانة وسطيكم ياعامر، تعرف كنت متوترة شوية قبل ما اجي، بس دلوقت حاسة اني في بيتي

تمتم بحنان:  ماهو بيتك بردو..ثم غمزها بخبث: ماتيجي افرجك على أودتي! 

كتمت ضحكتها مدركة أفكاره الوقحة:  اتلم ياعامر! 


+




        

          


                

_ هو انا قلت حاجة غلط، تعالي يابنتي شوفي الغرفة اللي ترعرع فيها حبيبك! 

_ لأ مش عايزة اعرف ترعرعت فين، خليها بعدين

_ على فكرة انتي سيئة الظن جدا

تخصرت گ عادتها:  عاجبك ولا مش عاجبك؟ 


+



رمق وقفتها بإعجاب هامسا:  عاجبني يا باشا


+



_ أنتي حلوة أوي يا طنط..! 


+



ضحكت وهي تتلقف ذاك الكائن الصغير ابن شقيقته وقبلته هاتفة: انت اللي عيونك حلوة يا حبيب طنط..! واستطردت:  أنت فاكرني؟

هز رأسه:  أيوة انتي اللي خالو بعتني ليها مرة عشان اديكي حاجة.. أنا فاكرك! 


+



ثم نظر الصغير لعامر هاتفا بعفوية: طنط دي أحلى من عروستك التانية ياخالو..!


+



تسمرت عين جوري على الصغير بصدمة حقيقية! 

هل كان في حياة عامر فتاة غيرها؟

ألم يخبرها أنها حبه الأول ولم يرتبط قط قبلها؟

أكان كاذبًا؟؟؟ والأهم من هذا..!

هل يستهين بعادة الكذب لتلك الدرجة؟

وهي عادة تُمقتها كل المقت! 

فالكاذب لا يؤتمن..ولا تستقيم معه حياة! 


+



التفتت إليه لتجده ملجم لا ينطق، ينظر للصغير بدهشة ولا تتعجب إن عاقبه بعد رحيلها..! 

وعليها أن ترحل الآن.. وحالًا!


+



_ جوري أنا…


+



قاطعت دفاعه المزعوم: أنا عايزة امشي يا عامر..!


+



هتف مستنكرًا:  تمشي؟ بس… 

قاطعته ثانيًا بحدة أكبر:  مافيش بس همشي حالا وماتحاولش تمنعني ولا تتكلم معايا دلوقت! 


+



نظر لها بحزن وضيق خاصتًا وقد ارتفعت نبرة صوتها وكادت تلفت نظر عائلته، فأشار لها أن تتقدمه هاتفا باقتضاب: اتفضلي هوصلك! 

وصمت لحظة يحدجها بخيبة أمل مستطردا: 

ومن غير ما ازعجك بكلمة! 

________________


+



صمت كئيب يسودهما وعامر يقود بوجهٍ عابس تراه عليه للمرة الأولي..أهو الغاضب؟ أليس الغضب من حقها هي بعد أن اكتشف كذبه انه ارتبط قبلها؟ لما ببساطة لم يخبرها؟ معنى اخفاءه الأمر ان الفتاة كانت تمثل له شيئا هام واعمق من مجرد خطبة..نغزت قلبها الغيرة لافتراضها ان اخري استحوذت على تفكيره قبلها. فالتفت إليه وصاحت بحدة: 

يعني حتى مش مكلف خاطرك توضحلي حقيقة اللي سمعته وليه خبيت عني وكمان عامل انك زعلان؟؟؟


+



رمقها بطرف عينه بنظرة جامدة وواصل قيادته مطبق شفتيه حتى وصل امام فيلا العم عاصم، ليتفاجأ بالأخير مقدمًا عليهم بسيارته هو الأخر، فهبط يستقبله وتبعته جوري! 


+



_ ايه المفاجأة الحلوة دي ياعامر.. يلا اتفضل معانا نسهر شوية مادام اتقابلنا هنا..! 


+



_ معلش ياعمي مش هقدر، بكره في ضغط شغل كبير في المطعم وأوردارات هشرف على تسليمها، انت عارف انا مسؤل لوحدي عن كل حاجة في غياب ظافر..! قلت هوصل جوري وارجع انام علي طول! 


+



ربت علي كتفه:  الله يعينك ياحبيبي، خلاص مش هقدر اقولك حاجة! صمت وشملهما بنظرة سريعة مدركا أن هناك أمرًا ما حدث بينهما، فأشار لجوري:  طب ادخلي انتي ياحبيبتي، وانا هحصلك! 


+




        

          


                

فعلت بعد أن رمقت عامر بنظرة سريعة لائمة واختفت دون ان تودعه بتحية لائقة، بينما تجنب هو الأخر النظر إليها..! 


+



عاصم: هو الموضوع كبير اوي كده؟

_ موضوع ايه ياعمي؟

_ موضوع زعلك انت وخطيبتك، انتم مش شايفين وشكم عامل ازاي، بصراحة يسد النفس! 

نكس عامر رأسه صامتًا، فغمغم عاصم برفق:  بصرف النظر عن سبب زعلكم، ماتقساش على جوري لأنها صغيرة ومش عندها لسه خبرة.. واحدة واحدة هتفهمك وتفهمها.. ونصيحة ما تطولش في زعلك معاها عشان الشيطان مايدخلش بينكم اكتر.. فاهمني يا عامر؟


+



أومأ له بتهذيب: حاضر، ربنا يسهل ياعمي..طيب استأذن انا ، مش عايز حاجة؟ 

_ عايز سلامتك.. ربنا يصلح ما بينكم! 


+



استدار ليرحل وقبل أن يستقل مقعد سيارته رفع وجهه بعفوية تجاه نافذتها البعيدة، فلمحها تقف خلفها تنظر له..طول المسافة لم تسمح لبصره بتبين تعبير وجهها، لكنه شعر انها تبكي.. فألمت قلبه غصة لكنه نفض تعاطفه وانتصر لغضبه وابتعد سريعا.. إن كانت غاضبة.. هو يكاد يشيط من فعلتها وتقليل احترامه حين "علت" نبرة صوتها عليه ولن يتهاون تلك المرة!

_______________


+



سمعت طرقًا علي الباب فصاحت:  اتفضلي ياطنط!

دره بعد دخولها:  ايه ياجوجو مش عوايدك تفضلي في أودتك كتير، عمك نام تعالي نتفرح انا وانتي على حاجة ونرغي شوية! 

_ معلش ياطنط عايزة انام بدري انهاردة! 


+



_ طب قومي بطلي ندالة، هتسيبيني اسهر لوحدي؟

_ أصلي مصدعة! 

رمقتها بإمعان وقالت: طب بردو قومي احكيلي ايه مزعلك، عمك. قالي شكلك انتي وعامر كان مش مظبوط! 

أطرقت برأسها لتتماسك، فخانتها دمعة سقطت على وجنتها، فضمتها دره هاتفة بحنان: اهدي بس وماتزعليش، وبعدين وارد يحصل شد وجذب بينكم، انتم لسه في البداية، ياما هتختلفوا وترتكبوا حماقات لحد ما كل واحد يفهم طبع التاني! 

واستأنفت: يلا البسي روبك وتعالي نشم هوا في الجنينة واحكيلي حصل ايه! 

_________________


+



دره بعد أن استمعت إليها: انتي غلطانة يا جوري! 


+



أشارت بكفها لصدرها بدهشة:  أنا ياطنط؟؟ بقول لحضرتك كدب عليا انه كان في واحدة تانية.. ولما صممت امشي ووصلني فضل ساكت وماحاولش يكلمني ويوضحلي حاجة گأنه مش مهتم! 


+



_ طب وانتي منين أتأكدتي ان كان في غيرك؟ من كلام طفل ممكن يكون مش فاهم حقيقة اللي قاله ؟ وبعدين عامر سكت لأنك دخلتي فيه شمال وطلبتي تمشي بعصبية من غير ما تديله فرصته يفهمك! 


+



_ أمال اعمل بعد ما الولد قال كده..؟

_ كنتي ببساطة تتبيني منه وتسأليه وبعد رده تحكمي وتاخدي موقفك حسب رده.. لكن انتي اتسرعتي وزعلتيه منك لما عليتي صوتك وده غلط كبير، لو مامته ولا ابوه سمعوا كانوا اهدوا منك موقف وحش وانطباع سيء.. ليه تفقدي عقلك كده؟ اهو الموقف كله اتقلب عليكي وبقي هو اللي زعلان منك وله حق عندك! 


+




        

          


                

صمتت مدركة صواب ما تقول العمة دره وشعرت بالحزن وتدفقت العبرات لعينيها، فتمتمت الأخرى: 

ياحبيبتي انا مش بقولك كده عشان تعيطي.. انا بس عايزاكي تفهمي وتتعلمي من اخطائك! 


+



دافعت عن نفسها:  بس عامر كذب قبل كده يا طنط، منا حكيتلك حكايتنا بدأت ازاي..وده سبب اني ظنيت فيه بسرعة واتجننت! 


+



_ بس دي كدبة الموقف نفسه فرضها عليه، ولأنه انجذبلك خاف يصارحك فيفقدك..لكن ده مش معناه انك ضمنيا تعتبريه شخص كذاب.. الولد بيحبك وماشي معاكي دوغري من بعد الموقف ده وبينفذ كل طلباتك، تنكري انه غير الشقة اللي كان واخدها ووافق يسكنك جمب يزيد عشان يسعدك؟ كان ممكن رفض وقال انا عندي شقة ومسستم نفسي عليها..لكن هو كان ذوق! 


+



واستطردت: وخديها مني نصيحة يا جوجو..الشخص المرح اللي يهزر كتير مش معناه انه بيتساهل في حقه زيادة، بالعكس زعله بيكون وحش..لكن انتي بذكائك تقدري ماتخليش النكد يعتب ناحيتكم وتحافظي على حبه! 


+



_ ازاي ياطنط؟

_ بالحنية والنعومة..دول سلاح فتاك مع اي راجل مهما اختلفت طبيعته..بادري وكلميه صدقيني هتفرق معاه جدا لأنه هيحس انه مش هاين عليكي، وساعتها مهما كان زعله هيروق بكلمتين منك! 


+



_ بس انا كنت ناوية افضل مخصماه! 

_ لما يكون هو الغلطان ماشي ادلعي عليه، لكن المرة دي انتي غلطتي.. كفاية انك عليتي صوتك عليه وكمان ف بيت اهله.. لازم تعترفي بغلطك يا جوري، ده مش عيب على فكرة! 


+



أومأت لها بعد أن هدأت:  حاضر يا طنط..وربنا مايحرمني منك ابدا

_ ولا منك ياجوجو.. يلا بقي فرفشي وتعالي نشوف فيلم ولا حاجة لحد ما ننام! 

____________________


+



ماذا تقول له؟ 


+



ظلت تطالع هاتفها بحيرة ثم وجدت نفسها ترسل له ( عامر، أنت كان في واحدة في حياتك قبلي؟ ليه معرفتنيش؟ وليه ماحاولتش توضحلي؟)


+



وتبعت رسالتا بملصق حزين لتستدر تعطفه منتظرة  جوابه، وبغتة انتبهت جميع حواسها حين تلون مؤشر مشاهدة رسالتها على الواتس بالأزرق، توقعت أن يرسل لها شيئا، بل خمنت اتصاله مباشرا.. لكن الدقيقة تحولت لعشر أمثالها وهي تنتظر لكن لم يكتب حرفًا، رآي رسالتها وتجاهل أن يمنحها ردًا ولو ملصق تحفظ به ماء وجهها وشعورها بالإحراج لعدم رده..لم تعهده بتلك القسوة! 

يأست أن يجيب، فتركت هاتفها واستلقت على جانبها تخدع ذاتها بالنوم واللامبالاة.. لكنها تحترق حزنًا..لو منحها فرصة ورد عليها لأمطرته باعتذار واستعادت رضاه، لكن يبدو انه لن يُعدل عن عقابها! 

__________________


+



رآى رسالتها لكنه مازال يغلي غضبًا، الأفضل أن يهدأ، فإن حدثها الآن لن يكون خيرا.. ويعلم الله ان ليس بالهين عليه تجاهلها والقسوة عليها بهذا الشكل وهو يذوب فيها حبًا لدرجة لم تختبرها بعد، لكنها اخطأت خطأ عظيم عنده، صوتها العالي حين صاحت لتغادر البيت دون أن يوضح لها، وخوفه من سماع والدته وهي تصيح عليه كانت ستكون كارثة، فإن غفر لها هو، لن تكن لتغفر والدته فعلتها وتتعكر علاقتهما وهي في مهدها، حتى شقيقته ربما أخذت عنها فكرة سيئة، لما لم تتعقل وتسأله بهدوء ثم تبني رد فعلها بعد سماعه، أخبرها انه لم يخوض تجربة الخطبة قبلها، لم يعشق قبلها.. لكنها كذبته ولا تثق به وكم هذا مؤسف، سوء ظنها وتسرعها وعيناها ترشقه باتهام صريح لا دليل عليه لديها حقًا مؤسف، اعتمدت ثرثرة طفل لا يفهم شيء وضخمت الأمر واستأسدت عليه بغضبها..مهما كان يعشقها لن يرضى معها بتهاون..إن تنازل اليوم.. سيتنازل بقية العمر وهذا يُعرض حياتهما لخطر حقيقي مستقبلًا.. هو رجلٌ له طباعه التي يجب عليها احترامها، يمزح نعم.. لكن لا يقبل أهانة أو تجاوز أو اتهام ظالم..! 

______________


+




        

          


                

استقبلته والدته هو وعروسه استقبال حار بين أحضانها، بينما وثبت إيلاف درجات السُلم وتكاد تطير عليه ما أن علمت أن شقيقها أتي هو وزوجته، فتلقفها بقوة محاولا التوازن وهو يمازحها:  هتوقعيني يامجنونة.. ثم ضمها بحنان:  وحشتيني يا ايلي..!

ردت بحفاوة: أنت أكتر يا آبيه والله، مفتقداك اوي اوي! 

حمحمت بلقيس بمزاح:  ياعيني علينا اللي محد عبرنا وقالنا سلام! 


+



ضحكت هدى، وتحررت إيلاف من حضن شقيقها وعانقتها بنفس القوة هاتفة بصدق:  ده انتي حبيبتي يا "بلي" ووحشتيني جدا والله، بس معلش انا اصلي متعودتش ابيه يبعد عننا خالص! 

ربتت علي ظهرها: ربنا مايحرمكم من بعض حبيبتي! 

ابتعدت إيلاف وراحت تدير جسد بلقيس مع صفير اعجاب:  بس تعالي هنا وقوليلي.. هو الجواز بيحلي كده يا بلي، الله أكبر يعني ونمسك الخشب.


+



ظافر بتوبيخ زائف:  بس يابنت هتحسدي عروستي! 


+



_ شايفة يا مامتي، من دلوقتي هيقول عروستي..!

ابتسمت هدى والفرحة لا تساعها وهي ترى السعادة تتقافز من عين وحيدها وقالت وعيناها تُنذر برقرقة;  ربنا يسعدك يا ابني انت ومراتك ويرزقكم الذرية الصالحة وتملوا البيت علينا ولاد وبنات! 


+



بلقيس وزوجها:  اللهم امين.. في حياتك يا امي

ايلاف:  ايوة عشان انا اكون عمتو واخد البيبي معايا في كل مكان! 


+



هدى:  طب بلاش رغي بقي وخلي اخوكي ياخد مراته لجناحهم يرتاحوا على ما نجهز غدا يليق بيهم، يكونوا أهل بلقيس وصلوا عشان يباركوا ويسلموا قبل رجوعهم المنصورة..! 


+



صعد بزوجته لجناحهما الخاص الذي تراه بلقيس للمرة الأولى بعد تمام فرشه وتنظيمه! 

وقبل أن تخطوا صاح مازحًا: ادخلي برجلك اليمين يا شابة! 

ضحكت له ومدت قدمها اليمني التي ما ان لمست الأرض حتى تراقصت أضواء الغرفة بشكل متتابع كأنها ترحب بها وتحي حضورها وصوت موسيقي ينبعث من مكان ما يناسب تراقص الاضواء.. ضحكت بدهشة وسعادة طفولية وهو جوارها يتأمل بحب رد فعلها وفرحتها بما فعل، ابتعدت لتنطفيء الأضواء وينقطع صوت الموسيقى فتعجبت مغمغمة:  ايه ده النور والموسيقى راحوا فين؟ 

_ اممم فعلا راحوا فين، طب ما تجربي تاني تدخلي برجلك اليمين كده؟

فعلت وتلك المرة تنظر بتركيز أسفل قدمها وتلك الدواسة الناعمة تتوسط عتبة الغرفة، وما ان لمست الأرض بنفس الموضع حتى انبعثت الأضواء المتراقصة مع الموسيقى مرة اخرى، لتضحك بصوت أعلى وهي تهلل:  الله يا ظافر حلوة الحركة دي اوي، انا حاسة اني زي الطفلة اللي بتلعب! 


+



ألصق ظهرها بصدره محتضنا اياها بحنان هاتفا:  منا قلت اعمل الفكرة دي عشان تبسطك وتمحي اي توتر جواكي في اول يوم لينا هنا..!


+



استدارت له ولا تعرف ماذا تقول..وهو يراعي نفسيتها گ عروس لهذا الحد.. راعى غربتها وأراد تبديدها بتلك الفكرة التي أسعدتها بالفعل، شبت على قدميها قليلا وقبلت خده قبلة طويلة بثته فيها حبها وامتنانها، فابعدها مشاكسًا: طب هو هيجرى حاجة لو البوسة الطويلة دي كانت هنا، وأشار بعينيه لشفتيه مقرنًا قوله بالفعل وهو يقتنص منها قبلة دافئة حانية ثم ابتعد عنها هامسا:  أهم حاجة عندي انك تكوني مبسوطة ومافيش حاجة تضايقك ابدا..! 

منحته نظرة تساوي ألف عناق والكلمات أحيانا لا تليق به ردا، فأكفته النظرة وأكثر وضمها إليه ولفحهما الصمت برهة، ثم ابتعدت تقول:  بس كده لازم افضل دايسة برجلي على الدواسة عشان النور يفضل موجود؟ 

_ لا طبعا ياحبيبتي، وضغط على ذر جانبي ثم أخر قائلا: مهندس الكهربة عمل حساب ده، في مفتاح يفصل تماما الكهربة اللي في الأرض واللي معمولة بشكل آمن طبعا، وفي مفتاح تاني بيتحكم بإضاءة عادية للغرفة..  واستعرض أمامها قصده فأومأت بتفهم:  ممتاز، شغل جميل واحترافي وفكرة جديدة! 

_ طبعا انا جبت اللي عملي تأسيس كهربة الكافيه والمطعم.. والحمد لله دايما يرفع راسي بشغله! 


+




        

          


                

واستطرد وهو يتبعها للداخل:  خلينا بقى نغير هدومنا ونرتاح شوية قبل وصول اهلك! 

_ اه يا ظافر دول وحشوني اوي، وفرحانة ان كلهم جايين عندنا..روح انت خد حمامك وانا هحضرلك غيار..! 

شاكسها بهمسة ماكرة: طب ماناخده سوا ونوفر الوقت! 

ازاحته عنها بقوة:  بلاش وقاحة ودلع يا ظاظا، ادخل خد حمامك عشان ادخل بعدك وتنام شوية. لأني هنزل لايلي وطنط اشوف بيعملوا ايه! 


+



_ ماشي يا قاسية! 

____________________


+



حضر الجميع محملًا بالهدايا متمتما بالمباركات لبلقيس وزوجها وطغى على الأجواء فرحة كبيرة والعناقات تتبادل والثرثرة المضحكة من عابد ويزيد لظافر، بينما غاب عن ذاك التجمع جوري التي تعللت بصداع وانها ستعوض الزيارة لبلقيس بوقت أخر، وعامر الذى فضل ألا يحضر بينهم گ عائلة مكتفيا بمهاتفته صديقه وزوجته! 

………… .


+



زمزم بلهفة بعد أن اختلت ببلقيس: أدينا بقينا لوحدنا اهو. يلا احكيلي عملتوا ايه ليلة الدخلة، مشتاقة للتفاصيل وخدي راحتك انا ليا سابقة جواز قبلك.


+



ضحكت لها وقالت:  مش هتصدقي عملنا ايه! 

_ لأ هصدق، قولي بس! 

صمتت بلقيس برهة لتلعب بأعصابها ثم هتفت: 


+



_ لعبنا استغماية! 


+



_ نعم ياختي؟؟؟ استغماية؟ ليلة الدخلة؟؟؟؟


+



أومأت بلقيس بتأكيد:  أه والله! 


+



هزت زمزم رأسها بأسف وهي تنظر لظافر من بعيد مغمغمة:  مسكين يا شيف، حظك طلع في الأخر " كيلو بامية" ياعيني! 


+



جلجلت ضحكة بلقيس لتعليق زمزم فهتفت الأخيرة بحنق:  ماتبطلي خباثة وتحكيلي يا رخمة!  

تلاعبت بلقيس بحاجبيها لتغيظها: 

_ لأ.. مامتي قالتلي خصوصياتك انتي وجوزك ماتطلعش برة! 

_ كده؟ ماشي.. خليكي فاكراها، ولما اتجوز هعاملك بنفس الطريقة ومش هحكيلك حاجة! 

_ ومين هيسألك أصلا؟؟؟

ازاحتها زمزم بحنق: طب وسعي بقي اشوف ابني مادام الوقت ضاع معاكي على الفاضي يا سوسة! 

ضحكت ثانيا ثم سألت قبل ان تغادرها زمزم:  زوما اوعي تطلعي ندلة وتتجوزي من غيري هزعل لو مش حضرت فرحك! 

رمقتها بنظرة ممتعضة:  ليكي عين تتكلمي، عموما هستناكي يا سوسة! 

وتركتها وضحكات بلقيس تلاحقها وعين دره تترصد فرحة ابنتها وتُطرب بضحكتها وقلبها يدعوا لها بدوام السعادة مع زوجها! 

____________________


+



توجهت كل عائلة بسيارتها عودةً للمنصورة، وصاحبت زمزم ومهند عابد الذي غمغم بمزاح:  الحمد لله دلوقت اطمنا على بلقيس واحمد هيحصله بعد كام يوم، ومش فاضل غيرنا انا وانتي يا زوما.. ايه رأيك نخلي فرحنا الأسبوع الجاي؟ خلاص جناحنها بقي جاهز وحتى الفستان والبدلة اشتريناهم..وحفلة زفافنا اتفقنا انها هتكون عائلية مش مستاهلة حتي تحضيرات كتير، هنستنى ايه تاني؟ 


+



_  بس بلقيس مش هتكون موجودة، وانا عايزاها تكون معايا في فرحي وهزعل لو عملته وهي مش هنا

_بس دي لسه هتغيب شهر العسل كله، ياستي ممكن نعمل معاها بث كامل للفرح وتبقوا شايفين بعض! 

ثم واصل بطرح فكرة أخرى: وممكن اعمل معاكي احلى واجب، نتجوز الاسبوع الجاي زي ما قلت، وبعدين نطير نحصل بلقيس وطافر ونقضي شهر العسل معاهم، ايه رأيك بقي؟


+




        

          


                

لم تستحسن الفكرة فقالت:  لا مش هينفع يا عابد مش حابة اسافر، احنا هنفضل في بيتنا عادي، ومافيش داعي للاستعجال، ماجتش من شهر كمان نستناه يعني!   


+



أصابه إحباط شديد وشعر داخله بضيق حقيقي لأنها لا تتلهف على تفعيل زواجهما مثله، مكتفية بلحظات مسروقة بينهما رغم أنها صارت حقه وصار لا يكتفي مما يناله منها، هو يريدها زوجته.. يريدها تشاطره كل شيء ولا تبتعد عنه لحظة، لكن يبدو انه لا يمثل لها نفس الاهمية، فقال باقتضاب:  خلاص براحتك يا زمزم وواصل بعد أن لاحت بوابة فيلا أبيها:  انزلي انتي ومهند وانا هعدي على المزرعة اشوف الشغل اخباره ايه!  


+



حزنت لإغضابه فقالت برقة: عايز تمشي وانت زعلان كده؟

_مش زعلان! 

_ لأ زعلان.. وانا مقدرش اتحمل زعلك! 


+



رمقها بنظرة عاتبة ثم قال: انزلي يا زمزم لو سمحت عايز امشي! 


+



ظلت تطالعه بنظرة تستجدي تفهمه، فقابلها بنظرة جامدة، فلم تتحمل أن تتسبب له بهذا الحزن، فعانقته فلم يجد سبيلا سوى ان بادلها عناق متحفظ، فهتفت: خلاص ياحبيبي انا موافقة نتجوز وقت ما تحب، بس ماتزعلش ولا تضايق! 


+



الغريب لم يرضيه قولها او يروي لهفته عناقها..كان سيطير فرحا لو كان رد فعلها الأول قبل أن يغضب، لكنها ما وافقت إلا لترضيه وليس لهفة منها عليه، هو ليس طفلا لتلعب معه هكذا، تارة تتدلل وترفض، وتارة توافق.. ليس هكذا تجري الأمور..! 


+



ابعدها عنه برفق مع جمود قوله: 

_ بعدين يازمزم نبقي نشوق الموضوع ده، أنزلي وخليني امشي دلوقت عشان اشوف اللي ورايا..!


+



وغادر تحت أنظارها التي تابعته بضيق، فعادت للداخل مطرقة الرأس بحزن وصعدت غرفتها تبكي حماقتها

__________________


1



زفر دخان تبغه ببطء وتشكلت سحابة ملتوية گ أنها أفعي سوداء انبثقت من سواد سريرته.. وظللت السخرية شفتيه والقدر يهديه مصادفة عجيبة وهو يشاهد بشاشة تلفازه زميلته الفاتنة المغرورة.. من تجرع على يدها أولى هزائمه.. هزيمة بنكهة موت رفاقه الثلاث..وفقد ذاكرة زعيمهم الرابع" رائد".. هزيمة أجبرته على الفرار خوفا من قضبان محتملة تُكبل حريته خلفها اعوام، ترك وطنه ليتسكع في طرقات بلدة أجنبية أخري.. تزوج.. ظن أن ماضيه الملوث مجرد لهو شباب ومضى لحال سبيله..أحب زوجته ذات العرق الأجنبي، الجميلة، نعم أحبها متذوقًا هذا الشعور للمرة الأولى، حرم على نفسه لمس غيرها.. أخلص لها.. نسى ضلاله القديم.. وظن انه في أمان وفلت من آثامه دون عقاب، وگأن يد الله لن تطوله أينما كان.. وهاهو ينتظر مولودا.. كم الحياة جميلة.. بل رائعة أن تشعر أنك على مشارف الأبوة.. سيُصلح من نفسه أكثر.. لن يشرب المحرمات.. سيقلع عن التدخين.. سيلتزم بعمله الذي حصل عليه بعد استهتار أشهر بين الراقصات والسهرات المشينة ..!


+



نفث أفعى أخرى تشكلت من دخان سيجاره ومازال سابحًا في فضاء ذكراياته القريبة المؤلمة، تذكر ذلك اليوم بعد أن قرر العودة مبكرا ثلاث ساعات كاملة.. بعد تنظيمه سهرة خاصة لزوجته.. أدار مفتاحه ليدخل بيته الهاديء وتعجب أنه مظلم.. لكن ربما زوجته غافية.. فإحدى أعراض حملها الأول كثرة النوم.. سار على أطراف أصابعه حتى لا يقلقها.. ببطء شديد فتح باب غرفة نومه..لتلتقط أذنه همهمة خافتة بكلمات من زوجته يعرفها..كلمات لا تقولها إلا وهما بوضع خاص.. خاص جدا.. وهنا تحديد فوق فراشهما.. أشعل ضوء الغرفة سريعا ليُصعق بخيانتها مع شخص أخر! 


+




        

          


                

يجاورها على فراشه هو..!

بين ذراعيه تسكن زوجته هو..!

يلتحف جسدهما العاري بغطاءه هو..!

يتمتع بحقه هو..!


+



أهكذا تكون الخيانة؟ نصل خفي ينغرز بقلب الروح.. لا ينزف جُرحه دمًا..بل ينزف قهر.. غضب.. جنون جعله يهجم عليه ملتقطا شيئًا من فوق طاولة زينتها.. لا يدري إلا الآن كنهه! ربما زجاجة عطر ثقيلة.. أو مبرد أظافرها الحاد.. لا يدري.. كل ما أدركه أنه ظل يضرب ذاك الرجل في رأسه حتى تفجرت دمائه وسط صرخات زوجته التي هرولت تدثر جسدها بمفرش كبير وأسرعت تسابق الريح بقدميها هربا من مارد جنونه قبل أن يطالها ذات المصير! 


+



كيف أفاق من الصدمة وأدرك جريمة قتله للرجل؟

أين ذهبت زوجته الخائنة؟ والتي علم بفقدان حملها فيما بعد! كيف هرول تاركا منزله باحثًا عن مخبأ يحميه من سجن أخر خلف قضبان گ تلك التي هرب منها بعد أختطاف زميلتهم بلقيس..كل ما يذكره أنه دفع كثير من نقوده ليجد وسيلة هروب من مصيره خاصتا بعد أن نال حكما غيابيا بالسجن أعوام كثيرة لقتل عشيقها..وبمساعدة شخص متمرس بالأفعال الغير قانونية زيف له هوية بعد أن جعله يبدل هيئته الحقيقية بأخري تناسب أسمه الجديد .. سافر إلي سويسرا.. تلك البلدة الآمنة لمن مثله..ترك جريمته خلفه لكن لم يتخلص من حقده على زوجته.. بل كل زوجة وزوج وأسرة مستقرة نالوا ما لم ينالوه هو.. كان متزوج وينتظر مولودا ..كان سيمتلك عائلة.. لكنه فقدها.. وكأن ذنوبه له بالمرصاد..ومثلما استباح أعراض الفتايات سابقا.. عاقبه الله بزوجة تهوى القذارة وتعشق الدنس مثله.. لم تكتفي به رجلًا فبحثت مع غيره عن متعة محرمة.. ذاق من نفس الكأس الذي أذاقه لغيره..!


+



((ومن الجدير بالذكر أن الشيف " ظافر الشباسي" الحاصل مؤخرا على لقب " top chif" تزوج منذ أيام من بلقيس الفتاة التي لُقبت ب " الملكة" لجمالها الملحوظ، وأبنة رجل الأعمال المعروف " عاصم أبو المجد" صاحب أكبر شركة لتصدير الفواكهه والخضراوات الأورجنك في الشرق الاوسط للخارج والداخل أيضًا..ومن مصادرنا الخاصة تبين وجهته القادمة لقضاء  "Honey moon"..هو وزوجته في سويسرا))


1



سحق عُقب سيجارته بالمطفئة ولمعت عيناه بوميض حقد مخيف وهو يطالع بلقيس.. وعيناه تتوعد لها بالكثير.. بل للجميع.. خاصتًا من شاطروه ماضيه القذر.. لن يتركهم ينعمون باستقرار وعائلة دافئة.. هم يستحقون العذاب لأنهم مثله.. مدنسون.. مذنبون! 

_______________________


+



أفزعها رنين هاتفها..ربما يكون شيطانها الرجيم بعث برسالة تهديد جديد.. الحقير يراودها في شرفها.. يريد تدنيسها..كيف تفعلها؟ لم يستبيحها برغبتها سوى رائد..ظنًا أنها ستكسب حبه.. لكن ليتها ما فعلت..ليتها ظلت زميلة الجامعة وابنة الجيران البريئة، ربما حينها ما خافت شيء.. ولا لجأت لعقار يؤخر حالة ذاكرته..!

ياليت..!

كلمة تأتي كل المصائب بعدها..! 


+



صمت الرنين.. لكنه عاد! 

مدت يدها تلك المرة تلتقط الهاتف لتجده زوجها رائد، فتنهدت براحة وأجابت بصوت واهن:  أيوة يا رائد! 

_ مش بتردي ليه قلقتيني عليكي، انتي كويسة؟

ابتسمت رغم كل شيء وهي تنعم بحنانه الحقيقي وهمست بذات الوهن:  ماتقلقش، كنت نايمة، هتيجي امتى؟

_ في معادي المعتاد.. مش عايزة حاجة وانا جاي؟

_ لا شكرا عايزك تيجي بالسلامة! 

__________________


+




        

          


                

نفذ الرنين ولم تجيبها گ العادة، فتركت هاتفها جانبًا يحتل دواخلها الحزن والخوف معًا..!


+



" أنا خايفة عليكي اوي يا ماما بقالك كتير مش عايزة تخفي"


+



طمأنتها كذبًا: متخافيش ياحبيبتي بكره هبقي أحسن! 

_ طب نتصل تاني بأختي رودي يمكن ترد علينا، انا عارفة انك لو كلمتيها وشوفتي رحمة هتكوني مبسوطة وتخفي بسرعة! 


+



تجرعت ألمها لشوقها لحفيدتها التي لم تراها رؤية ملموسة وشيء داخلها يخنقها ويشعرها أن ابنتها ليست بخير وهناك ما يؤرقها.. قلبها لا يكذب.. رودي تعاني من شيء لا تعرفه،  وكلما حاولت الاتصال عليها لا تجيب، قاسية لكن تظل ابنتها وفرحة أمومتها الأولى! 


+



_ بعدين هنكلمها، لما ربنا يريد اننا نتكلم! 


+



لم تفهم الصغيرة سبب هذه العلاقة الغريبة، كل ما تعيه ان والدتها تحب رودي وستتحسن حالتها إن تحدثا.. وهي ستحاول بقدر ما تستطيع تحقيق هذا التواصل بين والدتها وشقيقتها الكبرى.. ستأخذ الرقم وتهاتفها من الخارج وتخبرها أن تأتي سريعا هي ورحمة.. الصغيرة التي بضحكة منها ستمنح والدتها القوة وحب الحياة، خاصتًا وشقيقها الأكبر غائب تلك الفترة لأمور تخص عمله مع زوجته گ أطباء في مرحلة التدريب بداية وهو الأخر لا يحدثهما كثيرا، أما شقيقتها الأوسط التي تزوجت حديثًا ومستقرة في محافظة بعيدة عنهم لا تأتي الا قليلا، ولا تعرف عن مرض والدتها التي تخبئه عنهم.. لكن عقلها الصغير يعي جيدا أن رودي هي سر تعافي والدتها وليس غيرها..وتعاهد نفسها انها ستحاول ان تصل إليها..! 

______________


+



يزيد:  جوجو هتروحي فرح امونة معايا انا وعطر ولا هتروحي مع خطيبك؟


+



خطيبها؟! أين هو؟

لقد أهملها منذ يومان ولم يفكر أن يهاتفها مرة واحدة

بعد أن أرسلت له أخر رسائلها..ألم يتسائل كيف ستذهب حفل الزفاف ومن ستصاحب؟.. أليست زوجته الآن وواجب عليه أن يعلم عنها كل شيء؟


+



_ هييييييييه.. ايه ياجوجو فينك مابترديش ليه، هتروحي الفرح مع مين؟ عمك ومراته سبقونا على أساس انا هاخدك معايا


+



تنهدت مسقطة عنها شرودها الحزين وقالت: هروح معاك يا آبيه، ( وواصلت كذبًا) عامر كان عايز يجي ياخدني بس انا قلتله بلاش لأنه مشغول مع صاحبه، عادي هروح معاك واقابله هناك! 


+



_ ماشي اجهزي وانزلي هتلاقيني منتظر مع عطر..! 

………… 


+



شرعت بهندمة هيئتها وتزينت برتوش قليلة جعلت وجهها فاتن لكن عيناها منطفئة مستدارة بهالة سوداء..ملامحها منحوتة بحزن..ولم تفلح زينتها بطمس علامات اكتئابها الذي اجتاح روحها منذ ايام! 

____________________


+



تحركت تبحث عن يزيد في الردهة فلم تجد أحدًا، ربما ينتظر هو وعطر بركنٍ ما في الخارج، تقدمت لتتفقده، لمحت سيارة أخرى تنتظر في الزاوية تشبه كثيرا سيارة عامر، فتهكمت داخلها لفكرة وجوده، لقد فات آوان حضوره، هو هناك يضحك ويسامر أصدقائه غير مبالي بها.. كم تراه قاسي.. وكم اشتاقت هذا العنيد! 


+




        

          


                

اقتربت أكثر لتقف مذهولة على بعد خطوات منه بعد أن غادر السيارة! لقد أتى إليها.. عامر أتاها ليأخذها معه، مازال يهتم بها..ترقرقت عيناها من فرحة رؤياه ولم تشعر بقدميها التي وثبت مندفعة تلتهم الأرض لتصل إليه متعلقة في عنقه گطفلة لأبيها.. فاشتدت ذراعيه حولها بتملك حاني وشى بشوقه وشفتيه تلثم رأسها المندس بصدره، شعر بها تبكي فرفع وجهها إليه وتأملها بحب هامسًا وأنامله تطارد دموعها: خلاص جوري بلاش عياط، أنا أتأخرت غصب عني وانشغلت في كذا حاجة..بس اتصلت بيزيد وخليته يمشي وعرفته اني جاي اخدك! 


+



تكسرت الكلمات على شفتيها وهي تبكي: 

بس.. أنا… افتكرت… 


+



قاطعه بقبلة خاطفة ليُسكتها:  بعدين ياجوري هنتكلم، لأن كلامنا اللي هنقوله مهم وماينفعش يتقال في العربية، خلينا نمشي وحاولي تخليكي طبيعية، مهما يحصل بنا عايز دايما قصاد الناس نكون شيء تاني ومحدش يعرف أسرارنا.. اتفقنا..! 


+



أومأت له وبقايا دموعها مازالت تتساقط، فقادها لتحتل مقعدها جواره، وتحركت سيارته بسرعة مناسبة سمحت له أن يضم كتفها باحتواء حاني فمالت رأسها بتلقائية على كتفه، لم يتحدثا، يكفيها انه معها ولم تهون عليه أن تظهر للجميع بمفردها..تعلم أن الامور مازالت مشدودة بينهما وكلًا منهما لديه ما يقوله للأخر، لكنها ستتغاضى، يكفي أنها ترتاح الآن على كتفه وشفتيه تدللها بقبلات ناعمة بقمة رأسها، هو أيضًا اشتاقها رغم غضبه.. وهذا يكفي.. بل هذا ما تحتاجه..شعورها بلهفته التي يحاول تقنينها فتت قشرة كآبتها وهزمت حزنها.. تكاد تقسم أن وجهها اختلف وأصبح أكثر أشراقة بعد ان تكحلت عيناها برؤياه ! 

_____________________


+



قالت بعد عودتهما من زفاف صديقه: 

_  تعرف ياظافر، أمونة كانت زي القمر وفستانها يجنن. ولا التورتة التحفة اللي عملتها ليهم.. بصراحة الفرح كله كان جميل! 

_ فعلا كان احتفال مميز جدا، ربنا يسعدهم ويهنيهم

_ هما هيقضوا شهر العسل فين ماتعرفش؟

_ احمد قال هيقضوا أول ليلة في بيتهم وتاني يوم رايحين الساحل، أخوه ظبطله هناك شاليه ومتكفل بكل حاجة هدية ليهم! 


+



عانقته بدلال: لكن احنا رايحين سويسرا ، متتصورش ازاي متشوقة اشوفها معاك يا حبيبي حتة حتة، انا كان كان نفسي من زمان اروحها من اللي بسمعه عنها! 

ضم خصرها أكثر: وعشان كده اختارت نروح هناك عشان احقق رغبة حبيبة قلبي، ولأني زورتها مرة لوحدي عارف اغلب الأماكن هناك، هخرجك في كل مكان روحته، وهنقضي فيها ايام حلوة بإذن الله! 


+



داعبت أنفه بمشاغبة

_ ان شاء الله ياحياتي، هتكون اجازة جميلة مليانة ذكرايات حلوة هنسجلها في دفاترنا الخاصة! 


1



ارتفع جسدها من فوق الارض بغتة بعد أن حملها بين ذراعيه وهو يهمس ووجهه يميل عليها:  وبما أن دي اخر ليلة لينا قبل السفر خلينا نختمها بما بليق بملكة قلبي وحبيبتي وعمري! 


+




        

          


                

ورافق قوله بنثر قبلاته الناعمة على سائر وجهها وعنقها حتى أرقدها برفق علي فراشهما لتبدأ مراسم جديدة لعشقه الصاخب الذي كلما اقترب منها ازداد اشتعالا لا يحرق لكن يدفئ، عله يروي جوعه لها، لكن هل يرتوي عاشق من جنة من يحب؟

______________________


+



شهقت وهي تبصر فراشها  وخلفيته المضيئة المحاط بستائر شيفون، على جانبيها يتدلي قنديلان إضاءة ناعمة منحته طلة دافئة تثير مشاعر ليلة گ هده، فالتفتت تنظر له وعينيها يغشاها دموع فرحتها بما فعل، .هاهو مازال يتفنن بمنحها تلك التفاصيل الصغيرة التي تمنتها في شريك العمر يومًا..!


+



التف ذراعه حول خصرها الرفيع مع تمتمته الدافئة: عجبك؟

همست:  عجبني بس؟؟ انا مش لاقية كلام اقوله يوفيك حقك، انت قدرت تفرحني بشكل مش طبيعي.. ربنا مايحرمني منك يا احمد.. انت احلي وأهم فرحة في حياتي! 


+



أدار جسدها بين يديه ليطالعها بنظرة مهلكة وعيناه تطوف علي وجهها وتفاصيل جسدها الرقيق. ثم عاد بصره لشفتيها واقترب ليأخذ هديته فابتعدت مرتبكة وهي تقول:  أحمد.. أنا..! 

ابتلعت ريقها وصمتت.. ماذا تقول.. لا تدري لكنها خائفة! 

_ مالك ياحبيبتي؟ قولي عايزة ايه؟

نظرت له برهة. ثم هتفت سريعا كأنها تتخلص من عبء ثقيل:  عشان. خاطري يا احمد.. بلاش الليلة دي خليني اتعود عليك الأول، يعني خلينا نقضيها كأننا اخوات.. عايزة اتعود بس اني في مكان تاني ولأول مرة مع حد لوحدي!


+



ابتسم  ووجها يكاد يذوب خجلا أمامه، فقال مازحا:

من امتي بتتكسفي كده؟ فين أمونة ام لسان طويل اللي مطلعة عيني طول الخطوبة؟

استفزها بقوله ، فنفضت خجلها وهتفت بشراسة راقته: بقي انا طلعت عينك يا أحمد؟ وبعدين ليه مش هتكسف ان شاء الله؟ طبيعي لأن اول مرة ابقي معاك لوحدي..وبصراحة نظراتك من اول ما كتبنا كتابنا في الفرح مخوفاني.. انا في دماغي سيناريوهات مرعبة، الله يسامحك يا موني!


+



لم يستطع تمالك نفسه فانفجر ضاحكا لمرآها تكاد تبكي وقال:  ادي نتيجة سماع تجارب الاخرين، وبعدين انا نظراتي كانت مش غريبة.. كنت متغاظ وهطق! 

_ متغاظ؟ ليه؟


+



عشان والدك صمم كتب كتابنا يكون في الفرح، فيها ايه لو كانت قبل فرحنا باسبوع ولا حتى يومين! 


+



نظرت له ببراءة غير مدركة مقصده: طب وهتفرق يا احمد، المهم ان اتجوزنا..! 


+



منحها نظرة غامضة:  لا طبعا تفرق كتير.. كنت عايز اعمل حاجة كان نفسي فيها وكنت عايزها ذكري منفصلة عن ليلة فرحنا، وباباكي حرمني منها وتاهت في الفرح نفسه! 

_ مش فاهمة يعني كنت عايز تعمل ايه؟! 

_ كنت عايز اعمل كده! 


+



واكتسحها بأولى قبلاته لتستكشف مذاقها للمرة الأولى بمشاعر شتي، خوف، استحسان، حنان، حب..لا تدري لأيهما تنجرف، فتركت العنان لمشاعرها وذابت بين ذراعيه مستجيبة لأمنيته التي أدركتها الآن!


+




        

          


                

همس بعد ان اعتقها من اجتياحه:  ها.. نقضيها اخوات ولا نكمل عريس وعروسة يا أمونتي؟!


+



ضحكت بخجل ودست وجهها بصدره، فاحتواها ملثما رأسها:  تعالي نصلي الأول عشان ربنا يبارك في حياتنا سوا.. 


+



وكما تذوقت عناقه وقبلته الحلال.. تذوقت حلاوة صوته وهو يصلي بها وشعورها المهيب بتلك اللحظة، ثم سحبها مرة أخري لعالمهما الجديد وغمرها بسيل عاطفته الجارفة بين ذراعيه!

_____________________


+



_ أسمع ياسامر.. انا مافيش حاجة تهددني بيها.. ورائد مش هيصدق منك اي حاجة لانه بيحبني.. انا دلوقت مراته وام بنته.. ومش هسمحلك تهد حياتي بحقارتك.. ومستحيل ارضخ لطلبك القذر.. انا ست محترمة غصب عنك.. وصدقني لو مابعتدتش عن طريقي هقتلك.. انت لسه ماتعرفش تيماء ممكن تعمل ايه.. ابعد عني وشوف حالك مع غيري بدال ماتندم! 


+



اغلقت الهاتف فور سماعها ضحكته الساخرة وتشقق قناعها المتماسك الشجاع الذي تقمصته مع سامر حتي لا يستغل خوفها وركوعها امامه.. لكنها في الحقيقة تموت رعبا من القادم وحياتها التي انقلبت بعد ظهور وأصبحت على كف شيطان يعبث بها كيفما شاء وتكاد تسمع ضحكاته الساخرة وتتخيل أنيابه وهي تنقض عليها لسحقها، عاد ماضيها يُطلي بسواده أثامها ولم تعد تعرف الليل من النهار، ودعت الأمان ولاصق روحها الخوف الذي ابتلع كل ما حصلت عليه.. كل لحظاتها الجميلة مع رائد تحولت لصمت كئيب.. وأفكارها ترسم لها مصائر بشعة، لدرجة أنها أهملت اعطائه تلك العقاقير الخفية التي تفقد ذاكرته نشاطها.. كل ليلة تسمع أنات كوابيسه بعجز عن إنقاذه كما اعتادت.. وكيف ينقذ أسير.. أسيرًا مثله مكبل بقيد أثام ماضيه.. تئن معه.. تتألم كما يتألم.. تتعرق جبهتها وتغرق بملوحة عبراتها وهي تبكي حتى بأحلامها مستغيثة من مصير مهلك.. أبنتها تبكي.. زوجها يطالعها بغضب.. يلفظها بعيدًا..وسامر يقف قريبا ضحكاته تعلو.. وتعلو.. تصم بكفيها أذنيها  علها تُخرس صوته، وتفشل.. فالصوت داخلها.. كيف تُخرسه وروحها محتلة به؟ تصرخ.. وتصرخ.. ولا مجيب..فيأتي الغيث من ذاتها حين تتمتم مستعيذة من الشيطان.. حينها فقط ينصرف وتتحرر من أصفادها الوهمية وتنتفض على صوته يطمئنها انه مجرد كابوس وانتهي، فيهمس الصوت داخلها! 

ليته مجرد كابوس وينتهي! 

ياليت! 

______________


+



_ معلش يا ميرا، بتقل عليكي انتي واخويا وجبتلكم رحمة بنتي تراعوها اليومين دول.. غصب عني رودي اعصابها تعبانة جدا ومش قادرة تراعيها..! 

_ ماتقولش كده يا رائد دي زي بنتنا والولاد اصلا طايرين بيها.. المهم انت خد بالك من مراتك لحد ما ترجع لطبيعتها.. ربنا يشفيها..! 


+



تنهد بحزن:  اللهم امين.. والله ما عارف مالها.. حتي بقيت كوابيسها كتير واغلب الوقت بلاقيها صاحية بس مش مركزة خالص في حياتنا.. ولا مهتمة بيا ولا بالبنت.. وانا زعلان عشانها.. 


+



_ يمكن في حاجة حصلت معاها وانت ماتعرفهاش وهي السبب في حالتها، خليك معاها واهتم بيها قد ما تقدر.. وبإذن الله تكون بخير وماتطولش في حالتها.. عكست عيناه بؤس شديد مع قوله: ربنا يشفيها ويقدرني اساعدها..! 

___________________


+



فرك عينه وهو يتبين التوقيت، فوجدها مازالت الثالثة فجرا، تمطى بكسل وحاد بصره لزوجته النائمة وقبل شعرها المبعثر على وجهها گ عادته وغمغم لنفسه بخفوت ( الفجر قرب، هتصفح الفيس شوية لحد معاد الآذان واصحي بلقيس نصليه سوا ونرجع ننام لحد معاد سفرنا)

…………… 


+



كم المباركات بمناسبة زواجه المشيرة له عبر صفحته الشخصية على الفيس بوك ورسائل التهاني لا حصر لها.. يحتاج أسبوع متواصل ليرد عليها..!

رصد تسجيل اعجابًا من رفيقه عامر، ثم أضاء بريده برساله منه ، فابتعد ليحدثه مكالمة صوتيه! 


+



_ أخيرا شوفناك على الفيس يا عريس! 

_ أزيك ياعامر ليك وحشة والله

_ وانت أكتر ياغالي.. ايه اخبار الجواز؟

ابتسم وهو يجيبه: حلو الحمد لله، عقبالك ياعمور

_ اللهم امين.. على فكرة كله تمام في الشغل مش عايزك تشيل هم، أنت مسافر بكرة امتي عشان شهر العسل؟

_ طيارتي بعد الضهر بساعة

_ تحب اجي اوصلك؟ او اجيبلك اي حاجة عايزها؟

_ لا ياحبيبي شكرا، كل حاجة جاهزة.. انا قلت الفجر قرب هصليه وارجع انام تاني ونصحي على معادنا، لازم اكون في المطار بدري شوية! 

_ خلاص تمام، ورحلة سعيدة ان شاء الله

_ طب لو احتاجت حاجة معينة من هناك عرفني، أما جوري خطيبتك هجيبلها هدية حلوة من هناك! 


+



_ ماتتعبش نفسك ياظافر، المهم اتبسط وارجع بالسلامة، يلا هسيبك بقي وتصبح على خير..! 

_ وانت من أهل الخير! 


+



اكتفى بمكالمته مع عامر وقرر غلق حسابه ليستعد للصلاة، لكن قبل أن يغادر صفحة الرسائل، أشار بريده لرساله من حساب يحمل أسم " الشيطان"..لا يعرف لما انقبض من هذا الاسم خاصتًا مع صورته القبيحة التي يضعها.. قرر عدم فتحها وتجاهلها وغلق حسابه، لكن  أول جملة لمحها من الخارج اشعلت فضوله وهو يقرأ ( هتندم لو مافتحتش رسالتي خصوصا إن… ) 


+



إن أيه؟

وهندم على ايه؟

اشتعل فضوله وقرر فتح الرسالة! 

وليته ما فعل! 

_______________________


+



الرابع والاربعون من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close