رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم سارة علي
الفصل الثاني والثلاثون
+
تجهمت ملامحه وهو يتقدم نحو والدته التي أتت لزيارته في شقته التي إستأجرها مؤخرا ليسكن فيها مقررا مغادرة منزل والده والإنفراد بنفسه كما يرغب متجاهلا إعتراض والده منفذا ما يريده ويرغبه كعادته ..!
+
نهضت إنتصار تستقبل والدها ببسمة مرحبة تعانقه بحب بينما الأخير يستقبل عناقها بجفاء صريح ...
+
تحرر من عناقها متجها إلى الكرسي المقابل للكنبة التي كانت تجلس عليها ليجلس عليه واضعا قدما فوق الأخرى بملامح جامدة تماما لا تخلو من الضيق لهذه الزيارة الغير مستحبة ...
+
تشنجت ملامح إنتصار كليا بسبب هذا الإستقبال المجحف من وجهة نظرها لتعاود الجلوس مكانها واضعة قدما فوق الأخرى بدورها ليتأمل نضال ساقيها الظاهرين من أسفل تنورتها القصيرة والتي بالكاد تلامس ركبتيها بعدم رضا مرتفعا ببصرها نحو ملابسها الضيقة والتي لا تليق بسنها فوالدته امرأة متصابية تتجاهل حقيقة إنها على مشارف الستين من عمرها ...
+
" لماذا أتيت ..؟!"
+
خرج سؤاله جافا باردا كبرود مشاعره إتجاهها ليأتيه صوتها الساخر :-
+
" هل يجب أن يكون هناك سبب لتزور الأم ولدها...؟!"
+
" بالنسبة لي .. نعم يجب أن يكون هناك سبب ..."
+
قالها بجمود لتعتدل في جلستها وهي ترسم على ملامح وجهها الحزن والرجاء ببراعة :-
+
" أتيت للإطمئنان عليك .. هكذا فقط ... "
+
" أنا بخير ..."
+
قالها وهو ينهض من مكانه مضيفا بوقاحة متعمدة :-
+
" بما إنك إطمئنيتِ عليّ فيمكنك المغادرة ..."
+
نهضت من مكانها تهدر بعصبية :-
+
" لماذا تتعامل معي هكذا ...؟! مالذي فعلته لك لتعاملني بهذه الطريقة ...؟!"
+
" من الأفضل ألا نتطرق لأسئلة كهذه لأن أجوبتها لن تعجبك ...."
+
قالها بغلظة وهو يسترسل بينما يتعمد النظر إلى ساعة يده :-
+
" والآن غادري من فضلك لأنني سأغادر بدوري بعد دقائق فعملي ينتظرني ولست متفرغا لهذه الإسطوانات المملة ..."
+
" لن أحاسبك على وقاحتك .."
+
نطقتها بحدة وهي تضيف بهيمنة :-
+
" لكن عليك أن تعلم بأنني أمك ولا شيء يغير هذه الحقيقة يا نضال ..."
+
تابع رحيلها بعدها بأنفاس مشحونة مرددا جملتها الأخيرة في رأسه مرارا ..
+
نعم هي أمه وهذا أسوأ ما في الأمر ..
+
هي لعنته التي لو كان بمقدوره لتخلص منها منذ زمن ...
+
إتجه بعدها إلى غرفته ليحمل متعلقاته الشخصية ويغادر شقته متجها إلى مكان عمله هناك حيث وجدها في وجهه تتحدث مع أحد الموظفين بمودة تغيظه رغم تحذيراته السابقة لها بشأن علاقتها مع موظفي المكان ..
+
" رانيا هانم .. من فضلك ..."
+
قالها بنبرته الجليدية لتلفت نحوه بذات الإبتسامة المنطلقة وهي ترد مع إيماءة من رأسها :-
+
" سأتبعك حالا ..."
+
ثم سارعت تنهي حديثها مع الموظف الذي تشكل الحذر على ملامحه لا إراديا بظهور مديره المهيب قبلما تتبعه حيث مكتبه ...
+
وجدته يشغل حاسوبه عندما تقدمت نحوه بخطواتها الهادئة تهتف بإبتسامة رحبة :-
+
" صباح الخير ..."
+
ثم أخذت مكانها على الكرسي المقابل له بينما أجابها وتركيزه منصب على حاسوبه :-
+
" صباح النور ..."
+
طالعته بصمت عندما تراجع إلى الخلف يخبرها بجدية :-
+
" سبق وتحدثنا بهذا الأمر يا رانيا ... ضعي حدودا بينك وبين الموظفين ... مهما كان ستبقين أنتِ أعلى مركزا منهم وعليكِ التعامل معهم على هذا الأساس ..."
+
تنهدت بضجر ...
+
منذ قرارها بمشاركته العمل بعدما ساعدها في مسألة ميراثها ونجح في كتم أفواه الجميع ومنحها ميراثها الشرعي من أملاك سيمور وهي تشعر بالإمتنان نحوه ...
+
إمتنان ممزوج بالثقة الخالصة فهو أثبت لها صدق نواياه إتجاهها حيث وقف معها وساعدها بل وحماها من شقيق سيمور ...
+
ولكن رغم ذلك ما زالت تشعر بالإنزعاج من إسلوبه الجاف في التعامل ..
+
صرامته المزعجة وغلظته المرفوضة بالنسبة لها ...
+
" من فضلك يا نضال .. أنا لا أحب التدخل في تصرفاتي وأنت تعلم ذلك جيدا ..."
+
أضافت بجدية :-
+
" أقدر مكانتي جيدا وتعاملي معهم بقليل من السماحة لن يقلل منها أبدا .."
+
أكملت بصراحة مطلقة كعادتها :-
+
" أنا أحب أن يرونني كصديقة لهم ونشكل فريقا واحدا ناجحا أفضل من تعاملهم معي بحذر وخوف غير مبرر وكأنني وحش سيبتلعهم إذا ما تحدثوا أو فعلوا أي شيء خارج إطار العمل ...."
+
" هم يرونني وحشا إذا .."
+
قالها بسخرية لتضحك بمرح قبلما تخبره ببساطة :-
+
" يؤسفني ذلك ..."
+
" لكنه لا يؤسفني أبدا بل هذا ما أسعى عليه .."
+
قالها وهو يضيف بصرامة :-
+
" أنا مديرهم وعليهم أن يخشوني دائما كي أضمن لنفسي السيطرة عليهم وتسييرهم كما أريد ..."
+
عارضته بحنق :-
+
" هم ليسوا عبيد عندك ..."
+
هتف ببرود :-
+
" هم موظفين لدي وأنا رئيسهم..."
+
" لكنك تقسو عليهم كثيرا يا نضال ..."
+
قالها بضيق شديد ليردد ببساطة :-
+
" هذا أنا ومن يريد العمل لدي فليتحمل ذلك وإلا ..."
+
أشار نحو الباب بلا مبالاة :-
+
" يمكنه المغادرة بكل بساطة ..."
+
أكمل وهو يتأمل إحتداد ملامحها والذي يكشف عن مدى رفضها لوجهة نظره بل وإسلوبه في التعامل مع موظفينه :-
+
" وأنتِ عليك أن تلتزمي بحديثي فهذه الأجواء لا تناسبني ... أنت مديرة هنا ولكِ مكانتكِ وسبق أن حذرتك يا رانيا لكنكِ تصرين على معارضتي كما تعارضيني في الكثير من الأمور ..."
+
" لا أصدق إننا نتناقش بشأن أمر سخيف كهذا ..."
+
قاطعها بنبرة حادة :-
+
" الموظف إن لم يدرك حدوده منذ البداية يتمرد في أي لحظة وأنا أريدهم طوع يدي لا يدركون شيئا داخل هذه البناية سوى العمل ولا يفعلون سواه ..."
+
نهضت من مكانها وهي تطالعه بنظرة رافضة تتسائل عن تركيبة هذا الكائن القاسي ذو القلب المتحجر بأفكاره العنجهية وجبروته المرعب لمن حوله ...
+
" ألا يكفي الموظف الذي طردته من عمله بسبب خطأ بسيط لا يذكر ...؟!"
+
" الخطأ البسيط يقود لأخطأء أكبر ... إن غفرت خطأه هذا كان سيكرره بل ربما يخطأ بشكل أكبر كما إن طرده من العمل جعله عبرة لمن حوله وها أنتِ بنفسك ترين كيف يعمل الجميع على قدم وساق ..."
+
زفرت أنفاسها بتململ قبلما تهتف محاولة تغيير الموضوع :-
+
" اليوم موعدنا مع مندوب الشركة الإنجليزية ..."
+
" جيد ..."
+
قالها وهو يجذب أحد الملفات الموضوعة على مكتبه مضيفا :-
+
" ستحضرين معي ، أليس كذلك ..؟!"
+
" نعم ، سآتي ..."
+
تمتمت بها بجدية وهي تضيف :-
+
" يجب أن أغادر مبكرا اليوم كي أستعد لأجل المساء ... "
+
" سأمر عليكِ في التاسعة ... الأفضل أن نصل إلى المطعم سويا ..."
+
هزت رأسها بتفهم ثم تحركت مغادرة المكان يتابعها هو بعينين غائمتين قبلما يعاود العمل ...
+
بقي يعمل حتى المساء ليغادر الشركة مباشرة إليها ...
+
وقف ينتظرها أسفل البناية التي تقطن بها عندما هبطت إليه أخيرا بفستان أسود أنيق وحذاء من نفس اللون ذو كعب مرتفع مما أظهر جمال طولها الأهيف ...
+
شعرها الطويل مرفوع عاليا بتسريحة أنيقة وملامحها المليحة بدت أكثر جمالا بعدما زينتها بمساحيق التجميل ذات الألوان الغامقة قليلا عكس العادة فهي بطبعها تميل إلى الألوان الهادئة والمشرقة حتى في زينة وجهها ...
+
" مساء الخير ..."
+
تمتمت بها بنعومة وإبتسامة هادئة تعلو ثغرها ولم يخفَ عنها تأمله لها بإهتمام صريح قبلما يجيب بهدوء :-
+
" مساء النور ..."
+
ثم تحرك يفتح الباب لها لتصعد في سيارته فيغلق الباب ويتجه إلى الجهة الأخرى حيث قاد سيارته متجها بها إلى المكان المنشود...
+
كان العشاء ناجحا وإستطاعا أن يحققان خلاله غايتهما وقد ساعدت لباقتها وشخصيتها المميزة بأسلوبها الطاغي أن تفرض نفسها على الجميع حتى إنها تولت دفة الحديث أكثر من مرة ...
+
غادرا كلاهما بملامح مسترخية عندما بدأت هي تتحدث بحماس عن اللقاء ونجاحه وما سيحقّقانه نتيجة هذا التعاقد المهم ....
+
كان يتجاوب معها بهدوئه المعتاد والذي أغاظها بشدة لتسأل بنفاذ صبر :-
+
" من المفترض أن تكون سعيدا بهذه الخطوة المهمة والتي ستضيف لعملنا الكثير ..."
+
" ماذا يفترض بي أن أفعل ...؟! "
+
سألها ببرود لتهتف ببساطة :-
+
" أن تظهر سعادتك ..."
+
" ومن قال إنني سعيد ..؟!"
+
باغتها متسائلا لتطالعه بدهشة :-
+
" أليس من الطبيعي أن تسعد كونك حققت إنجازا مهما كهذا ...؟!"
+
" كلا ليس من الطبيعي ..."
+
قالها ببرود لتهتف بسخرية متعمدة :-
+
" صحيح ، أنا نسيت إنك لست شخصا طبيعيا من الأساس ..."
+
ثواني وصدرت شهقة مرتفعة منها بعدما أوقف سيارته بمنتصف الطريق بصورة مفاجئة لتصرخ بإندفاع :-
+
" هل جننت ..؟!"
+
قبض على ذراعها يجذبها إتجاهه يصرخ وعيناه تحمران بقوة بينما ملامحه المحتدة تواجه ملامحها المصدومة :-
+
" إياك أن تكرريها مجددا ولا تتجاوزي حدودك معي مرة أخرى ..."
+
ثم حرر ذراعها وهو يعاود الإعتدال في جلستها عندما حاولت فتح الباب لكنه كان مغلقا فصرخت به :-
+
" إفتح الباب ... أريد النزول ..."
+
تجاهل رغبتها وهو يتحرك بسيارته غير مباليا بصياحها بعدها :-
+
" ألا تفهم ...؟! أريد النزول .. حالا ..."
+
طالعت لا مبالاته بغضب يتفاقم لكنها عجزت عن فعل أي شيء لتشيح بوجهها جانبا تتأفف بعصبية ...
+
ثواني ووجدته يشغل الموسيقى حيث صدح صوت إحدى الأغاني الأجنبية ذات الإيقاع السريع لتطالعه بعدم إستيعاب مفكرة إنه رجل مجنون ...
+
مجنون بحق ..
+
زفرت أنفاسها ببطأ ثم عادت تنظر إلى الخارج مراجعة ما حدث بينهما فشعرت بأنها أخطأت وتجاوزت حدودها حتى لو ما قالته كان بدافع المزاح ...
+
كلا واقعيا هي لم تكن تمزح فهذا الرجل الجالس جانبها مختلفا عن أي رجل رأته في حياته ...
+
رجل يمتلك صفاتا غير مفهومة ويتصرف بعنجهية وبرود مستفزين ...
+
عادت تطالعه من أسفل رموشها مفكرة إن الخطأ كان منها أولا ...
+
تنهدت بسأم وداخلها تود الإعتذار بشدة فهي ليست من النوع الذي يتجاهل أخطائه وكأنها لم تكن بل على العكس لطالما أدركت أخطائها وحاولت تصحيحها قدر المستطاع ...
+
ما إن ركن سيارته أمام العمارة التي تقطن بها حتى إستدارت نحوه تهتف بجدية :-
+
" أنا آسفة ..."
+
لوهلة ظنَّ إنه أخطأ السمع لكن حديثها الذي تلا إعتذاره أكد له ما سمعه :-
+
" لم يكن عليّ قول ذلك ... تحدثت بإندفاع غير مقبول ..."
+
إنتظرت أن يقول شيء .. أي شيء ..
+
وعندما يأست من ذلك سألت بضيق خفي :-
+
" ألن تقول شيئا ...؟!"
+
إستدار نحوها أخيرا يرمقها ببروده المستفز عندما قال :-
+
" ماذا سأقول مثلا..؟!"
+
عقدت ساعديها أمام صدرها تخبره بوجوم :-
+
" كأن تعتذر عن عنفك الغير مبرر معي قبل دقائق ...."
+
" لا يمكنك لومي على ردة فعلي فما من رجل يقبل أن تتحدث معه امرأة بهذه الطريقة .."
+
قالها بجدية لتزفر أنفاسها بسأم وهي تردد :-
+
" لا فائدة .."
+
ثم فتحت الباب وسارعت تهبط من سيارتها متوجهة إلى داخل العمارة يتابعها هو بعينين غامضتين قبلما ينتبه لعقدها الذهبي الذي سقط منها على ما يبدو عندما جذبها بقوة من ذراعها نحوه ...
+
رفع العقد يتأمله لثواني قبلما يهبط من السيارة ويتبعها ...
+
بينما كانت تفتح الباب شعرت به خلفها فإستدارت نحوه بدهشة ليرفع العقد في وجهها ...
+
" لم أنتبه عليه عندما سقط .."
+
قالتها وهي تتناول العقد منه قبلما تهمس :-
+
" أشكرك ..."
+
" العفو .."
+
قالها بإقتضاب وهم بالرحيل عندما فوجئ بها تدعوه إلى الداخل :-
+
" هل تتناول شيئا ...؟!"
+
أكملت بتردد:-
+
" من غير المعقول أن تصل إلى هنا دون أن أستضيفك ..."
+
أضافت القليل من المرح على نبرتها :-
+
" إعتبره عربون الصلح وكي ترى إنني أفضل منك وأعتذر عن أخطائي بل وأصالحك كذلك .."
+
كانت عفوية للغاية كما عرفها ...
+
لوهلة أراد الرفض لكن هناك شيء ما مبهم جعله يوافق ..
+
عليه أن يعترف بأنه رغم كل شيء يستسيغ رفقتها ...
+
تقدم إلى الداخل عندما أغلقت الباب وقالت وهي تخلع معطفها :-
+
" هل تفضل العصير أم القهوة ..؟!"
+
" القهوة .."
+
قالها بجدية لتخبره وهي تتحرك إتجاه المطبخ :-
+
" دقائق وتكون جاهزة .."
+
بقي للحظات يتأمل المكان بطابعه الكلاسيكي ..
+
كانت الشقة ذات طراز أوروبي كما توقع ..
+
كل شيء منظم وأنيق ...
+
تحرك ببصره في أرجاء المكان بفضول قبلما ينتبه لتلك الطاولة التي تحوي على الكثير من الصور لها في مراحل عمرية مختلفة ..
+
لحظات وتجمدت ملامحه بل تجمد كل إنش فيه حتى نبضات قلبه وتلك التي ترافقها في إحدى الصور يعرفها جيدا بل لا يعرف سواها ...
+
كانت هي نفسها حبيبته الراحلة ...
+
الأنثى التي قلبت كيانه وصنعت منه شخصا مختلفا بكل شيء...
+
رويدا ... !
+
**
+
كتمت غالية عبراتها بصعوبة وهي تجذب هاتفها من مكانه تجيب على مكالمة أحد عملاؤها المهمين في الشركة ..
+
تبادلت الأحاديث مرغمة معه قبلما تنهي المكالمة وهي تتنهد بتعب ...
+
لم تستطع اليوم الذهاب إلى الشركة حيث سارعت تجمع بعضا من أغراضها منذ الصباح الباكر لتغادر منزلها آتية إلى منزل شقيقها ...
+
رغم عدم إستيعابها بعد لما حدث بينها وبين زوجها وما قاله لكنها لم تستطع أن تنتظر أكثر بعدما بلغها بقراره وأظهر تمسكه به ...
+
إعتصرت عينيها بقوة محاولة أن تكتم عبراتها فيكفي إنها قضت الليلة الماضية بعد رحيله تبكي دون توقف ..
+
لا يمكنها تصديق ما حدث ولا ما قاله ...
+
كانت تشعر بتغييره معها منذ فترة وحاولت أن تتجاهل ذلك قدر المستطاع لكنه لم يهدأ حتى أنهى كل شيء ...
+
عادت بذاكرتها إلى الخلف حيث تلك المواجهة التي جمعت بينهما :-
+
( " أنا أريد الطلاق يا غالية .."
+
لولا إنها تعرفه جيدا لظنت إنه يمزح لكنه لم يكن كذلك وتعابير وجهه الجادة تخبرها بذلك ...
+
هو يعني ما يقوله ..
+
" ماذا تقول أنت ...؟! كيف يعني نتطلق ..؟!"
+
سألته بملامح تسيطر عليها الصدمة وهي تسترسل بنبرة سيطر الوجع عليها :-
+
" أنا لا أصدق ما أسمعه ... هل تريد الطلاق مني ...؟!"
+
" هذه الزيجة منذ بدايتها كانت خطأ ... نحن أخطئنا بزيجتنا يا غالية .. علينا أن نعترف بذلك..."
+
" الآن تذكرت إنها خطأ ... "
+
صاحت بإنفعال تمكن منها وهي تضيف بعبرات ملأت عينيها :-
+
" بعد أكثر من عام على زواجنا ..."
+
تنهد بصعوبة ثم قال :-
+
" نعم يا غالية ... هذا ما حدث ..."
+
هتف بنبرة عقلانية :-
+
" ظننت إنني سأستطيع التعايش وتجاهل الشرخ الذي حدث بيني وبين عائلتي بسبب زواجي منك ولكن ..."
+
" أنت إخترتني يا فادي وأنت تعلم بأن ذلك سيتسبب بمشاكل كبيرة مع عائلتك وكنت راضيا قانعا ..."
+
هتفت بها بأنفاس غاضبة وهي تكمل بينما يكاد يصيبها الجنون مما تسمعه :-
+
" الآن تذكرت هذا الشرخ .. الآن تذكرت هذه الحقيقة ... أين كنت طوال عام كامل ونحن مخطوبين ... ؟! ألم يكن هذا العام إختبارا كافيا لعلاقتنا وقدرتنا على تجاوز الخلافات ورفض عائلتك والمضي قدما في زواجنا ..؟!تحدث .."
+
نعم لقد تأخر زواجهما لعام كامل أصرت هي عليه كي يأخذ فادي الوقت الكافي ليتأكد من صحة قراره حيث يراجع نفسه مرارا قبلما يتزوجان ويصبحان في منزل واحد ...
+
" ظننت إن الأمور ستنصلح مع عائلتي بعد زواجنا ... إعتقدت إنهم سيتقبلون الأمر الواقع ولكن ..."
+
صرخت بعدم تصديق :-
+
" ظننت ... ؟! هل تزوجتني وأسست معي حياة كاملة بناء على ظنونك ...؟!"
+
صاح بدوره وهذه المواجهة ضاعفت من حمله الثقيل :-
+
" إفهميني يا غالية .. أنا لا يمكنني الإنفصال عن عائلتي ... "
+
" والدتك أتت منذ فترة محاولة إصلاح ما بيننا ووالدك أساسا كان سعيدا بزواجنا ... لم يتبقَ سوى فراس .."
+
كانت تتحدث بينما تتماسك بأعجوبة .
+
تجاهد كي تحتفظ بقوة بدأت بالتهاون تدريجيا عندما هتف بوجوم :-
+
" فراس شقيقي يا غالية... هو لم ولن يتقبل هذه الزيجة أبدا ... أنا خسرته بسبب زواجي منك .."
+
جحظت عيناها تماما وما يقوله بدا ضربا من الجنون ...
+
" الآن تذكرت هذا .."
+
همست بها بصوت متهدج ليتنهد بصوت مسموع ثم قال :-
+
" حتى والدتي ليست راضية وأنتِ بالطبع لم ينطلِ عليكِ مجيئها وحديثها فهي تخطط لأمر ما ولا تنوي الصلح حقا كما تعتقدين .."
+
"والله أنا لم أعد أفهم يا فادي من يقول الصدق ومن يكذب .. "
+
طالعها بملامح كساها بالجمود لترتسل بضعف :-
+
" رغم كل ما قلته لكنني لا أستطيع التصديق... لا يمكنني تصديق أسبابك ... حقا لا أستطيع ...."
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال بحسم :-
+
" أنا أريد الطلاق يا غالية .. صدقي أو لا تصدقين ... أنا أريد ذلك .... دعينا ننفصل بهدوء ..."
+
" ننفصل بهدوء .."
+
هتفت بها ساخرة قبلما تهتف بسخط ظهر على ملامحها :-
+
" إطمئن يا فادي... أنت بالطبع تعلم إنني لست المرأة التي ستثير المشاكل كي لا تنفصل عن زوجها .. من
+
يبعني سأبيعه أنا أيضا ولن أشتريه مجددا ولو بأبخس ثمن كان ..." )
+
أفاقت من شرودها على صوت طرقات على باب غرفتها عندما سمحت للطارق بالدخول لتجده شقيقها الذي تقدم نحوها بملامح قلقة لتبتسم مرغمة محاولة طمأنته ...
+
جلس جانبها يسأل بهدوء :-
+
" كيف أصبحت الآن ...؟!"
+
" أنا بخير يا نديم ..."
+
تمتمت بها بخفوت وهي تضيف بثبات مصطنع :-
+
" لا تقلق عليّ ... لن أنهار بسبب ما حدث .."
+
بسخرية تحمل مرارة خفية :-
+
" هذه ليست صدمتي الأولى بأحدهم ولن تكون الأخيرة بالطبع .."
+
تنهد بصمت ثم قبض على كفها يخبرها بدعم :-
+
" أنا معك حبيبتي ... لا تنسي هذا أبدا..."
+
تجاهلت العبرات التي طفرت بعينيها وهي تهمس بصعوبة :-
+
" لا حرمني الله منك يا حبيبي ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم أضافت بعدها :-
+
" صدقني سأكون بخير .."
+
" أنت قوية يا غالية وأنا أكثر من يعلم ذلك ولكن ..."
+
توقف للحظات ثم قال بعقلانية :-
+
" مع ذلك حاولي أن تفهمي أكثر سبب تصرفات فادي فأنا لا يمكنني تصديق أسبابه التي ذكرتها على لسانه ..."
+
تنهدت بقهر ثم همست بصعوبة :-
+
" ولا حتى أنا يا نديم ... فادي الذي أعرفه لا يفعلها ... لا يُعقل إنني كنت مخدوعة فيه طوال هذه المدة ..؟! فادي الذي أعرفه جيدا لا يتخلى عني لأي سبب كان ولكن ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
+
" أخشى إنني لم أعرفه جيدا...."
+
قال نديم بجدية :-
+
" ما أريده فقط ألا تحكمي عليه فورا ... فكري جيدا وحاولي أن تبحثي خلفه .."
+
" لكنه يريد الطلاق ومصر عليه ..."
+
هتفت بها وهي تضيف بحيرة :-
+
" بالتأكيد هناك سبب خفي وراء قراره هذا ... لا يمكن أن يقرر تركي فجأة بسبب عائلته ... أنا لا أستطيع تصديق ذلك ...."
+
قالتها وهي تشعر إنها ستصاب بالجنون من كثرة التفكير ...
+
ربت شقيقها على كتفها يخبرها بجدية :-
+
" ولا أنا يمكنني تصديق ذلك لهذا أطلب منك التروي والتفكير جيدا ومحاولة معرفة السبب الحقيقي .. "
+
طالعته بصمت لثواني قبلما تسأل بصعوبة :-
+
" وماذا لو كان ما قاله هو السبب الحقيقي ..؟! "
+
هتف نديم بجدية :-
+
" سيكون فادي لا يستحقك يا غالية وليس الشخص الذي يمكنكِ الوثوق به والإستمرار معه أبدا ..."
+
أومأت برأسها بصمت وشردت مجددا به وعقلها يتسائل عن سبب ما حدث مقررة داخلها أن تبحث خلفه علها تجد شيئا يثبت لها شكوكها ويبرد نيران قلبها ...
+
**
+
" هل لدينا ضيوف ..؟!"
+
تسائلت همسة وهي تدلف إلى المطبخ ليأتيها جواب الخادمة :-
+
" نعم يا هانم ... يسرا هانم أتت منذ قليل ..."
+
إحتقنت ملامحها كليا وهي تسمع إسم المرأة التي دمرت حياتها بسبب أكاذيبها وألاعيبها التي لا تنتهي ..
+
وضعت قنينة المياه التي كادت أن تشربها لتوها فوق الطاولة وإندفعت مغادرة المطبخ متجهة إلى حيث تجلس تلك الحرباء ...
+
ما إن دلفت إلى المكان حتى هتفت خالتها ببسمة مرحبة :-
+
" تعالي يا همسة ... يسرا أنت لتبلغني بموعد عقد القران ..."
+
كانت يسرا قد أتت بالفعل لتخبر خالتها عن موعد عقد قرانها وتدعوها عليه بينما رفضت زهرة الحضور بسبب حزنها على كنتها التي لم يمر سوى القليل على رحيلها لتعتذر من يسرا وهي تتمنى لها السعادة في هذه الزيجة ...
+
" مرحبا همسة ..."
+
هتفت بها يسرا وهي تتأمل تلك الواقفة أمامها بنظرات مستخفة عندما هدرت همسة بغضب متفاقم :-
+
" ماذا تفعلين هنا ...؟!"
+
شهقت زهرة بصوت مكتوم قبلما تنهض وهي تهتف بسرعة :-
+
" همسة إبنتي ..."
+
بينما بقيت يسرا تطالعها بذات النظرات المستفزة لتصيح بها :-
+
" يا لك من وقحة وعديمة كبرياء ..."
+
إنتفضت يسرا من مكانها تصيح بها بحدة :-
+
" إلزمي حدودك يا همسة .. أم نسيت مع من تتحدثين ..؟!"
+
" أتحدث مع أكبر إنسانة منافقة وحقيرة عرفتها في حياتي ..."
2
لم تكن همسة ترى أمامها سوى المرأة التي دمرت حياتها لعدة مرات آخرها عندما سممت روحها بتلك الأحاديث المؤلمة يوم الحفلة والتي بسببها فقدت جنينها ...
+
لم يكن الأمر يحتاج إلى تفسير فهي بعدما راجعت ما حدث أدركت إن الحديث يومها كان مقصودا وهذه الألاعيب ليست جديدة على يسرا التي سبق وفعلت نفس الشيء وبخّت سمومها في رأسها ليلة زفافها والنتيجة إن حياتها تدمرت كليا وعاشت في تعاسة دائمة لأعوام طويلة ...
+
" أنا لن أرد عليكِ ... أنتِ امرأة مجنونة لا يؤخذ على حديثها ..."
+
قالتها يسرا بحدة وهي تسحب حقيبتها ثم تشير لعمتها :-
+
" لقد تعرضت للإهانة في منزلك يا عمتي من قبل كنتك المصون ... "
+
أضافت وهي تشير لهمسة :-
+
" لا أعتقد أن يكون زوجك راضيا عن تصرفاتك السوقية هذه ..."
+
جلبها لسيرة زوجها ضاعف من غضبها وإنفعالها لتنتفض همسة من مكانها متجهة نحوها بملامح ناقمة متجاهلة رجاء خالتها عندما جذبتها من ذراعيها تصرخ بها :-
+
" أنتِ السبب .. ماذا تريدين منا ...؟! غادري حياتنا ... ألم تكتفِ بما فعلته حتى الآن ..؟! لقد دمرتي حياتنا ... غادريها أيتها اللعينة ..."
+
" ماذا تقولين أنت ..؟! هل جننت ..؟!"
+
قالتها يسرا بنفور وهي تحاول دفعها بينما هتفت همسة بكره :-
+
" أنا أعرف كل شيء .. أعرف مخططاتك السابقة حول سرقة زوجي مني مثلما أعرف ما فعلته عندما يئستِ من حدوث ذلك .."
+
تقدمت زهرة تحول الفكاك بينهما بينما همسة تتحدث بلا وعي :-
+
" تعمدت إقامة تلك الحفلة وإتفقتِ مع صديقتيك ليتحدثان عني بتلك الطريقة الحقيرة فقط كي تؤلميني بكلامهم المسموم ..."
+
" أنا لا أعرف عمَ تتحدثين ..."
+
قالتها يسرا وهي تدفعها بعنف لتسندها زهرة قبل سقوطها ...
+
إلتقطت همسة أنفاسها بصعوبة وهي تهتف بإحتقار :-
+
" كوثر وسلمى ... صديقتيك ... لقد بحثت خلفهما وعلمت إنهما صديقتين مقربتين لكِ ... "
+
توقفت لوهلة عن الحديث بيننا زهرة تطالع كلتيهما بعدم إستيعاب قبلهما تهتف بتساؤل حاد :-
+
" أريد أن أفهم حالا عم تتحدثان ..."
+
" يسرا تعرف جيدا ما أتحدث عنه ..."
+
قالتها همسة بملامح كارهة عندما هتفت يسرا ببرود متعمد :-
+
" لست مسؤولة عن أوهامك يا همسة ... ولا مسؤولة عن شعور النقص الذي تحملينه داخلك كونك أقل ممن حولك مثلما لست مسؤولة إذا ما كان الجميع يرى الفارق بينك وبين زوجك والذي فشلت الأيام والسنوات في محوه ..."
1
لم تتحمل همسة سماع المزيد فيسرا صغطت على أكثر نقطة حساسة بالنسبة لها لتندفع بسرعة البرق تجرها من شعرها وهي تصرخ بها :-
+
" أيتها الحرباء اللعينة ...."
+
صاحت زهرة بفزع وهي تحاول جذبها بينما همسة تعتصر شعر يسرا وتضربها بلا وعي ...
+
لحظات وإندفع راغب الذي وصل قبل لحظات ووصله صوت الصياح بينما كان الخدم في الأسفل يتهامسون بينهم عما يحدث في الأعلى دون أن يجرئوا على الصعود ..
+
قفز راغب نحو زوجته يجذبها بقوة يبعدها عن الأخرى التي إنهارت تصيح بها :-
+
" أيتها القذرة اللعينة ... ماذا تظنين نفسك فاعلة ... ؟! والله ستدفعين الثمن غاليا ..."
+
" إتركني ..."
+
صاحت بها همسة وهي تحاول التحرر من حصار زوجها وذراعيه اللتين تمنعانها من القفز نحو تلك الحرباء مجددا بينما وضعت زهرة يدها فوق رأسها وقد تمكن الدوار منها لتستند على الكرسي جانبها قبلما تسارع وتجلس عليه ...
+
" يكفي ..."
+
هدر بها راغب بحزم عندما إندفعت من بين ذراعيه تصيح بعينين باكيتين :-
+
" لا أريدها هنا ... لا أريد رؤيتها مجددا ..."
+
صاحت يسرا بحنق :-
+
" لا أصدق أن تكون زوجتك بهذا الكم من التخلف والوضاعة .. كيف أمكنك أن تحيا كل هذه السنوات معها بتصرفاتها السوقية الغير لائقة ..؟!"
1
" إخرسي يا يسرا ...."
+
صاح بها راغب بحدة لتتسع عينيها بينما همسة تطالعها بتوعد لتصيح بعدم تصديق :-
+
" أنا لا أصدق ما أسمعه ... ألم ترَ ما فعلته ..؟!"
+
" كيف تجرؤين على التحدث بعد كل ما فعلته ...؟! كيف ..؟!"
+
صاحت بها همسة وهي تضيف مشيرة إلى راغب :-
+
" هذه الحقيرة هي سبب كل مشاكلنا ... وهي سبب إجهاضي .... لقد إتفقت مع صديقتيها أن يتحدثان عني بالسوء وتعمدت أن أسمع حديثهما ..."
+
عادت العبرات تملأ عينيها وهي تضيف بأسى :-
+
" أرادت تسميم أفكاري كما فعلت ليلة الزفاف ... "
+
إعتصر راغب قبضة يده بقوة وأعصابه بلغت ذروتها فمن جهة تصرفات زوجته الساذجة والغير مقبولة ومن جهة أخرى ما فعلته يسرا والذي لن يمرره لها بسهولة كما تعتقد ...
+
صدح صوت يسرا الحاد يحمل حقدا دفينا لم ينضب رغم مرور سنوات عليه :-
1
" لا أحد يمكنه تصديق أوهامك ... إذا كان الناس يرونك بتلك الصورة الناقصة فهذه ليست مسؤوليتي بل هو نتاج أصلك المتواضع والذي تثبتينه كل مرة بتصرفاتك السوقية ..."
1
" يسرا ...."
+
صرخ بها راغب بصرامة أربكتها بينما عبرات همسة تساقطت رغما عنها وزهرة تغمض عينيها بقهر لما يحدث وتسمعه على لسان إبنة شقيقها عندما سمعت ولدها يضيف :-
+
" لولا إنك امرأة لأريتك ما يمكنني فعله فيمن يتجاوز حدوده ويتحدث عن زوجتي بهذه الطريقة ..."
+
" ألم ترَ ما .."
+
أوقفها بنبرة حازمة :-
+
" إسمعيني جيدا ... بعدما قلته وبعد كل تصرفاتك الحقيرة مع زوجتي سأقولها بكل وضوح إنه لا مكان لك بيننا ..."
+
طالعته بعدم تصديق بينما يضيف بقوة :-
+
" لا أريد رؤية وجهك مجددا حتى لو بالصدفة ... هذه القصر لن تدخلينه مجددا ... مناسباتنا العائلية لن تحضرينها فأنا لا أريد رؤيتك حولي وحول زوجتي وعائلتي أبدا ... "
1
تطلعت إلى عمتها تهتف بعدم تصديق :-
+
" هل سمعتِ ما يقوله يا عمتي ...؟!"
+
" أمي لا شأن لها ... أنا صاحب القرار هنا ..."
+
" من تظن نفسك ...؟!"
+
سألته بحدة ليجيب بقوة وهيمنة :-
+
" أنا الكبير هنا .. أنا صاحب الكلمة الأولى بعد والدي .. أنا كل شيء ... كلمتي واحدة لا أكررها وقراري لا أتراجع عنه مهما حاول الجميع ... غادري هذا القصر حالا وعليك أن تعلمي إنه لا مكان لكِ فيه منذ هذه اللحظة ... لن تطأ قدميك قصري مجددا طوال حياتي وحتى بعد مماتي ..."
1
" ستندم يا راغب .. ستندم كثيرا ..."
+
قالتها وهي تندفع مغادرة المكان يتبعها صوته وهو يردد :-
+
" والصفقة التي بيننا ملغية أيضا ..."
+
مسحت همسة عبراتها بوهن بينما لاحت منه نظرة سريعة نحو والدته بملامحها المتكدرة قبلما ينظر لهمسة فتتوتر الأخيرة وهي ترى نظراته التي تحمل توعدا بينما خرج صوته الحاد زاعقا بها :-
+
" إتبعيني ...."
+
**
+
تبعته إلى جناحهما ...
+
أغلقت الباب خلفها بإرتباك عندما إستدار هو نحوها بملامح متقدة غضبا ليهدر بها :-
+
" هل لديك تفسير واحد منطقي لما حدث قبل قليل ..؟! كيف ستبررين لي ما رأيته ...؟! كيف يا همسة ...؟!"
+
رفعت عينيها المتوسلتين نحوه تخبره بترجي :-
+
" إسمعني أولا .."
+
صاح بها بأعصاب محتدة :-
+
" هل يليق بك ما حدث يا همسة..؟! هل تليق بك هذه التصرفات الرعناء ...؟! ضرب وشتائم ... ماذا بعد ..؟!"
+
ترقرقت العبرات في عينيها وهي تهمس بضعف :-
+
" لم أتحمل وجودها وهي التي ترتدي قناع الطيبة أمام الجميع بينما ..."
+
قاطعها بغضب مهيب :-
+
" هذا ليس مبررا ... ما فعلته لا يليق بك ... أنا لا أصدق حتى الآن الوضع الذي رأيتكِ فيه ... لا أصدق أن أرى زوجتي تتصرف بهذه الوضاعة ... مهما حدث فلا يوجد مبرر لتصرفك يا همسة ..."
+
صاحت معترضة وعبراتها عادت تشق طريقها فوق وجنتيها :-
+
" وما فعلته هي كان طبيعيا ...؟! بسببها حدث كل شيء ... بسببها تدمرت حياتي وبسببها أجهضت ..."
+
صاح بدوره :-
+
" كان يمكنكِ أن تأخذي حقكِ منها بطريقة أكثر قبولا لا بهذه الطريقة الهوجاء والتي أسائت لكِ قبل أي أحد .."
+
إسترسل بعصبية :-
+
" أو كنتِ تركتني أتصرف بنفسي معها وها أنتِ رأيتني بنفسك كيف أهنتها و طردتها من حياتنا دون التقليل من نفسي ...."
+
" ماذا أفعل ...؟! للأسف إنه نصيبك أن تتزوج من حمقاء مثلي لا تجيد التصرف ..."
+
هتفت بها وهي تعقد ساعديها أمام صدرها ليهتف بقسوة :-
+
" أنت بالفعل لا تجيدين التصرف ... أخبرتك مرارا أن تكوني حذرة في تصرفاتك ... أن تستوعبي مكانتك ... إن لم يكن لأجلك أو لأجلي فليكن لأجل أطفالك .. ماذا لو رآكِ أحد أولادك وأنت تضربين وتشتمين بتلك الطريقة الغير لائقة ... ماذا سيكون موقفك حينها ...؟!"
+
صاحت وقد نفذ صبرها هي الأخرى :-
+
" يكفي حقا .. هل هذا ما يهمك ..؟! ما سيقوله الناس ...؟! كيف سينظرون إلينا ...؟! ألا تفكر سوى بهذا ...؟! ألا تفكر بي قليلا ...؟!"
+
هز رأسه بيأس :-
+
" لا فائدة ... مهما تحدثت ومهما شرحت لن تفهمي ... "
+
أضاف ساخرا :-
+
" إشكري ربك إنه لم يكن هناك أحد موجود سوى أمي والتي من حسن حظك تكون خالتك في ذات الوقت ... "
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" بعد الفضيحة التي فعلتها قبل قليل لا يمكنني الوثوق بك حقا فأنت تتصرفين بلا تفكير وبلا وعي ..."
1
" ماذا تريد مني بالضبط ...؟! هل أذهب وأعتذر منها...؟!"
+
سألته بصوت منفعل ليصيح وقد فقد صبره كاملا :-
+
" أريدك أن تعقلي ... أن تراجعي نفسك مرة واحدة ... أن تتصرفي بقليل من الهدوء والرزانة ... ماذا جرى لك لا أفهم ...؟! ما بالك تتصرفين هكذا ...؟! إسمعيني يا همسة ... ما حدث قبل قليل مهزلة لا يمكنني تجاهلها وكأنها لم تكن ... الخدم كانوا في ألأسفل يتهامسون عن سيدة المنزل التي تصرخ في قريبتها وتضربها بجنون .. هل تعين مقدار ذلك ...؟!"
+
إحتقنت ملامحها بقوة بينما يضيف بحنق :-
+
" هل ترين هذا عاديا ...؟! أخبريني ..."
+
أشاحت وجهها بضيق وهي تكتم عبراتها بصعوبة عندما هتف وهو يتنفس بقوة :-
+
" خذلتني مجددا يا همسة... ككل مرة ... "
+
طالعها بنظرة متأسفة قبلما يندفع مغادرا المكان تاركا إياها تبكي بصمت فهي مجددا زرعت المزيد من المسافات بينهما بسبب تصرفاتها الغير محسوبة ..
+
سارعت تمسح عبراتها بعدها وهي تخبر نفسها إنها لم ولن تندم على ضربها ليسرا فتلك الحرباء كانت تستحق هذا منها بل إنها تأخرت كثيرا فيما فعلته ...
+
**
+
عادت يسرا إلى منزلها بملامح تنطق غضبا ..
+
تجاهلت أسئلة والدتها بل تجاهلت كل شيء وإعتزلت الجميع في جناحها مقررة ألا تخبر أي أحد بما حدث حتى والدتها ..
+
داخلها غضب مخيف يتزايد لا ينقص ...
+
لا تصدق ما حدث وما تعرضت له بسبب تلك الحمقاء ...
+
تدرك جيدا إنها لا تستطيع فعل شيء لها فراغب خلفها والتلاعب معه قد يجلب نهايتها لا محالة ...
+
ماذا فعلت تلك الحمقاء لتستحوذ عليه بهذا الشكل ..؟!
1
كيف تمكنت من جعله طوعا لها ...؟! كيف ..؟!
+
لعنتها في سره ولعنته هو كذلك ...
+
ربما لن تلتقيهما مجددا لكن ستبقى همسة أكثر من كرهته في حياتها وستبقى دائما ناقمة عليها هي وراغب تتمنى لهما الحظ السيء والتعاسة الأبدية ..
1
قررت بعدها أن تتجاهل أفكارها حولهما بل وتتجاهل ما حدث ...
+
موعد عقد قرانها يقترب وهي عليها أن تستعد جيدا لهذا اليوم ...
+
إنشغلت بعدها تماما وهي تجهز نفسها لزيجتها القادمة ..
+
سافرت بعد يومين إلى باريس للتسوق هناك حيث دللت نفسها وإشترت الكثير من الملابس والإكسسوارات والعطور ولم تنسَ أن تشتري مجموعة خاصة مميزة التصميم من قمصان النوم التي حرصت أن تنتقيها بعناية فائقة ...
1
لم تنسَ مستحضرات التجميل ذات الماركات العالمية والكثير من العطور ...
+
تأملت أحد قمصان النوم بتصميمه المغري مفكرة إن عقله سيطير تماما حينما يراها به ...
+
سارعت ترتديه و إبتسمت بغنج وهي تتأمل جمالها المبهر في المرآة وداخلها عازمة أن تستحوذ عليه كليا وتجعله لا يرى أنثى سواها لذا ستستخدم كافة أسلحتها الأنثوية لأجل ذلك ....
1
هي امرأة تعرف إمكانيتها جيدا وتسعى لإستغلالها بالشكل المطلوب ...
+
ستجعله يخر خاضعا أمام أنوثتها الطاغية حيث لن يستطيع الإبتعاد عنها أبدا ...
1
هكذا فكرت وهي تتأمل جمالها الذي لا خلاف عليه وقميص نومها الذي يظهر أكثر مما يخفي ...
+
قضت اليومين المتبقيين تعتني بنفسها حيث جلسات الساونا والمساج والعناية بالشعر والبشرة ....
+
عادت إلى البلاد وهناك يومين باقيين فقط على يوم عقد القران ...
+
أتاها صوته الرخيم مرحبا بها فتهمس له بنعومة وصوت أنثوي فتاك :-
+
" إشتقت لك ..."
+
إبتسم بهدوء وهو يخبرها :-
+
" وأنا إشتقت لك ..."
+
أضاف يسألها بإهتمام :-
+
" كيف كانت رحلتك ..؟!"
+
أجابته وهي تجلس فوق سريرها واضعة قدما فوق الأخرى بينما أناملها تتلاعب بخصلاتها الطويلة :-
+
" كانت رائعة رغم إنها مجهدة ... إشتريت جميع ما أحتاجه ... وأكملت جميع نواقصي .. أصبحت مستعدة تماما لعقد القران والسفر ..."
+
هتف بجدية :-
+
" وأنا رتبت أمور رحلتنا كاملا ونظمتها بالشكل الذي طلبته ..."
+
" حقا حبيبي ...؟!"
+
قالتها بحماس و إن كانت محتفظة بذات النبرة الأنثوية الخاصة لتضيف برقة :-
+
" لا أصدق إننا سنجتمع أخيرا .. يومان فقط وسنكون سويا ... أخبرني يا شريف ..؟! هل تشعر بالحماس مثلي ..؟!"
+
ضحك بخفة وهو يقول :-
+
" هل لديكِ شك في ذلك ..؟!"
+
ضحكت بنعومة ثم قالت :-
+
" سيكون شهر عسل لا مثيل له ... ستشعر إنك في حلم ... أعدك بذلك ..."
+
صوتها المغوي وتّره رغما عنه وحمّسه في ذات الوقت وهو الذي ينتظر إنتهاء هذين اليومين بسرعة كي تصبح زوجته وينفرد بها كما يتمنى ويشتاق :-
+
" أنا واثق من ذلك ... "
+
قالها بصوته الرجولي الجذاب وهو يضيف :-
+
" أنا سعيد حقا بهذه الزيجة يا يسرا ..."
1
إبتسمت براحة وهي تسمع حديثه الصادق قبلما تتبادل المزيد من الأحاديث معه ثم تودعه بعدها وتعاود الإنشغال في التجهيز ليوم عقد القران الذي سيكون عائليا كما أراد كليهما ... سيسافران في نفس الليلة إلى أوروبا هناك حيث سينتقلان خلال هذا الشهر إلى أربع دول أوروبية إختارتها هي بنفسها ونفذ هو لها ما أرادت ...
+
تم عقد القران بعد يومين ...
+
أطلت هي عليه بثوب من الستان الكريمي أنيق مصمم خصيصا لها وشعرها رفعته عاليا وملامحها زينتها لها الفتاة بعناية فائقة ...
+
إبتسمت بسعادة وهي تتلقى قبلته فوق جبينها ...
+
كانت والدته أول المباركين له بعينين دامعتين بينما تدعو له بالسعادة الدائمة والذرية الصالحة ...
+
أتى دورها لتبارك لها نجاة بملامح عاد البرود يسيطر عليها ...
+
لم تحبها نجاة ولا تعلم إذا ما كانت ستحبها فيما بعد أم ستبقى مشاعرها كما هي ...
+
جاء دور شقيقه الذي بارك له ونانسي التي هنئته وهي تعانقه بأخوية خالصة غير منتبهة لنظرات يسرا التي تفحصتها بإهتمام خاص بجمالها الأشقر المميز والذي ضاعف منه فستانها الأحمر القصير الذي بدت فيه ساحرة الجمال خاطفة للبصر ..
+
منحتها يسرا إبتسامة متكلفة وهي تتلقى مباركتها وداخلها يتسائل عن عمرها بالضبط فهي تبدو صغيرة مقارنة بوضعها كزوجة وأم لطفلين ...
+
بارك البقية لهما وعانقها شقيقها بمحبة خالصة وهو يتمنى لها السعادة قبلما يبارك لشريف ...
+
كان براء سعيدا بهذه الزيجة فشريف رجل رائع كما عرفه لكنه لم يستطع أن يمنع نفسه من الشعور بالقلق إتجاه شقيقته التي يعرفها جيدا ويعرف طبعها الصعب ورغم ذلك يتمنى داخله أن يختلف الأمر في هذه الزيجة ويستطيع شريف ترويض شقيقته جيدا بينما تتخلى يسرا عن طباعها الصعبة وتحاول بدورها تغيير نفسها ...
+
إنتهت المباركات ليغادر الجميع بعدها تدريجيا بينما كانا كليهما يستعدان للسفر حيث ستقلع طائرتهما بعد ساعات قليلة ...
+
**
+
إبتسم صلاح وهو يخبر زوجته :-
+
" لا أصدق إن شريف تزوج أخيرا ..."
+
هتفت نانسي بصدق :-
+
" شريف يستحق كل خير ... "
1
" وماذا عني ...؟! ألا أستحق الخير يا زوجتي العزيزة ...؟!"
+
سألها وهو يمنحها نظرات ماكرة لترفع حاجبها متسائلة بخفة :-
+
" ما هذه النظرات الآن ...؟!"
+
ركن سيارته في كراج الفيلا ومن حسن حظه إن والدته سبقته وعادت مع إبن عمه لينفرد هو بها :-
+
" متى سترضين عني يا نانسي ...؟!"
+
" توقف يا صلاح ..."
+
قالتها بضيق وهي تلاحظ ميله نحوها لتدفعه بكفيها بينما يطالعها هو بعينين شغوفين مرددا :-
+
" أنا لا يمكنني تحمل هذا الكم من الجمال يا نانسي ... إنه كثير على قلبي والله ..."
+
" توقف .. صلاح ...!!"
+
كانت تنهره بضعف قبلما تفتح الباب وتسارع بالهرب منه ليشتم نفسه فهو بكل غباء نسي أن يغلق الباب عليهما ..
+
تنهد بصبر ثم تحرك مغادرا سيارته بسرعة راكضا ورائها ...
+
وجدها تطمئن على الأولاد فألقى عليهما نظرة خاطفة قبلما يتبعها ...
+
حاصرها بين ذراعيه قرب باب غرفتها ...
+
طالعته بحنق ثم سألته بنفاذ صبر وقد تمكن النعاس منها فاليوم كان طويلا :-
+
" ماذا تريد يا صلاح ..؟!"
+
وبكل بجدية ممكنة أجاب :-
+
" أريد قبلة يا نانسي .."
+
" هل جننت ...؟!"
+
قالتها وهي تدفعه فوق صدره لكنه كان مصرا على ما يريده فهتف بإصرار :-
+
" والله لن أتحرك من هنا حتى أنالها ..."
+
" أنت جننت حقا ..."
+
قالتها بحنق لتجد أنامله تتجه فوق وجنتها تلمسها بنعومة بينما يهمس لها :-
+
" أنا زوجك يا هذه ... إفهمي ..."
+
" أخبرتك إنني لا أريد ..."
+
قالتها بضيق وهي تضيف :-
+
" ضع أفكارك السافلة هذه جانبا ودعني أدخل إلى غرفتي فأنا متعبة ..."
+
" أخبريني يا نانسي ..."
+
هتف بجدية وهو يضيف بملامح متلاعبة :-
+
" ألا تشعرين بالبرد وأنتِ تنامين لوحدك في ذلك السرير الواسع ...؟!"
+
" هناك تدفئة وهناك غطاء فمالذي سيجعلني أشعر بالبرد مثلا ...؟! ما بالك تتحدث وكأنني أنام في وسط الثلوج ..."
+
طالعها بخيبة وهو يبتعد بجسده قليلا عنها :-
+
" ليس هذا الجواب الذي كنت أنتظره يا نانسي ..."
+
أرادت أن تضحك على منظر ملامحه الخائبة لكنها تجاوزت ذلك وهمت بالدخول عندما فوجئت به يجذبها من ذراعها ويدفعها نحو الحائط خلفها مجددا قبلما يكتم شهقتها بقبلة شغوفة ...
+
حاولت دفعه في البداية لكنه كان فارضا سيطرته عليها وهو يقبلها بمهارة ليست غريبة عليه لتخف مقاومتها تدريجيا حتى خضعت له ولسحر قبلته التي دغدغت مشاعرها وبعثرت ثباتها الذي تمسكت به طوال الفترة السابقة ...
+
وأخيرا إبتعد عنها بعدما شعر بحاجته لإستنشاق الهواء قبلما تلمع عينيه بفرحة عارمة وهو يطالع آثار شفتيه الظاهرة بوضوح فوق شفتيها ...
+
سيطر الحنق على ملامحها لترفع كفها تضرب وجنته بحركة خاطفة ثم تندفع إلى داخل غرفتها ...
+
وضع كفه فوق وجنته وهو يضحك بعفوية قبلما يصيح من خلف الباب :-
+
" أخذتها يا نانسي .. تذكري هذا جيدا ..."
+
بينما في الداخل بترت هي ضحكتها بصعوبة وتحركت بمشاعر ملتهبة إلى الحمام تتجاهل ما حدث قدر المستطاع إلا إن الأمر لم يكن سهلا عليها فتلك القبلة أشعلت داخلها مشاعرا فتية لم تختبرها من قبل ...
+
**
+
في أمريكا ..
+
يجلس فوق الكنبة يتابع إحدى المسلسلات بذهن شارد تماما ...
+
كان يفكر في مسألة تخص العمل دون أن ينتبه لقدومها وهي التي وقفت على مسافة تطالعه بإهتمام تتأمل شروده بقلق تتسائل عما يشغل باله لهذه الدرجة ...
+
تنهدت ثم تقدمت نحوه عندما إنتبه لمجيئها فإبتسم بهدوء بينما سارعت هي تجلس فوق قدميه محاوطة رقبته بذراعيها مائلة نحوه تقبل شفتيه برقة ...
+
ثواني وشهقت بصوت مكتوم عندما دار بجسدها نحو الجانب الآخر ليصبح هو فوقها يقبلها بعنف بعثرها كليا ...
+
حرر شفتيها من شفتيه وهو يتنفس بصعوبة بينما ضحكت هي بسعادة ليقرصها من وجنتها وهو يردد :-
+
" تضحكين أيتها الماكرة ...؟!"
+
أومأت برأسها وهي تتوقف عن ضحكاتها بصعوبة قبلما تعتدل في جلستها تنتبه للمسلسل ومشهد لإحدى الراقصات يحتل شاشة التلفاز لتسأل بوجوم :-
+
" هل كنت تشاهد هذا المسلسل ...؟!"
+
" ظهر لي بالصدفة ..."
+
قالها بجدية وهو يسحب جهاز التحكم رافعا صوت التلفاز لدرجة عالية بينما عيناه تتمعنان النظر في المشهد أمامه ...
+
لو جذبت تلك الفازة وضربتها في رأسه فهل سيلومها أحد ...؟!
+
الوغد اللعين يكاد يأكل تلك الراقصة السافلة بعينيه ..
+
جذبت جهاز التحكم وأغلقت التلفاز سريعا ليطالعها بدهشة عندما نهضت من مكانها ووقفت قباله تقبض على كتفيه بكفيها تشير له كي ينظر إليها ثم تخبره ببرود وهي تميل نحوه :-
+
" تعجبك ، أليس كذلك ..؟!"
+
" من ..؟! الراقصة ..؟! إطلاقا ..."
+
قالها دون تفكير لتميل نحوه تتسائل بمكر محبب :-
+
" هل أرقص لك ....؟!"
+
نالت من إهتمامه بالفعل لتلمع عينيه وهو يسأل :-
+
" هل تجيدين الرقص ...؟!"
+
إعتدلت في وقفتها تخبره بثقة :-
+
" بالطبع ... "
+
أضافت وهي ترسم الخيبة على ملامحها :-
+
" لكنني لا أمتلك بذلة رقص كهذه الراقصة السافلة ..."
+
ضحك بخفة وهو يردد :-
+
" سافلة إذا ..."
+
أومأت برأسها وهي تهتف بملامح محتقنة :-
+
" نعم هي كذلك ..."
+
جذبها من كفها وأجلسها جانبه يخبرها بنبرة متلاعبة :-
+
" إتركينا من الراقصة وبذلتها وأخبريني عن قميص النوم المخفي بين ملابسك... ذلك الأحمر المنقط بفصوص فضية ..."
+
إحتقنت ملامحها وهي تسأل :-
+
" هل رأيته ..؟!"
+
أومأ لها مبتسما لتسأله وهي تحاوط خصرها بكفيها :-
+
" هل تعبث بأغراضي ...؟!"
+
هز كتفيه يخبرها ببساطة :-
+
" أنا زوجك ولا توجد مشكلة إن عبثت بأغراضك ..."
+
أضاف وأنامله تلمس وجنتها بنعومة :-
+
" ما رأيك أن ترتديه لي الليلة ..؟! "
+
طالعته بتفكير قبلما تسأل وهي تتطلع نحوه بخبث :-
+
" ما المقابل ..؟!"
+
" مقابل ماذا ...؟!"
+
صاح بها وهو يضيف معترضا :-
+
" هل يجب أن يكون هناك مقابل إذا ما أردت رؤية زوجتي ترتدي لي الشيء الذي أرغبه ...؟!"
+
إبتسمت وهي تستمع للفظ كلمة " زوجتي " منه قبلما تخبره بخفة :-
+
" سأرتديه وأفعل لك ما أريد لكن بشرط ..."
+
تأفف ثم قال :-
+
" شرط ماذا ...؟!"
+
هتفت بجدية :-
+
" نسافر سويا هذا الصيف في رحلة لا تقل مدتها عن إسبوعين ..."
+
طالع ملامحها المتوسلة مفكرا إنها لم تخرج في رحلة حقيقية بدافع الترفيه و المتعة منذ أعوام ...
+
شعر بالشفقة إتجاهها ليخبرها ببسمة هادئة :-
+
" حسنا يا جيلان .. سنسافر في الصيف ... أساسا كلانا يحتاج لرحلة ترفيهية بعد جميع الضغوطات التي مررنا بها ...."
+
" حبيبي يا مهند ..."
+
قالتها وهي تعانقه بسرعة ليبتسم بهدوء عندما وجدها تبتعد عنه بعد لحظات وهي تخبره بينما تنهض من مكانها :-
+
" سأرتديه حالا وأعود عليك ..."
+
دب الحماس فيه وهو يخبرها بصوت مرتفع :-
+
" لا تأتي أنتِ .. فقط نادني وسآتي إليك فورا ..."
+
**
+
تنهد بضجر وأخذ يتأفف بصوت مرتفع بينما لم تظهر هي بعد ...
+
لقد مرت أكثر من نصف ساعة وهي في الداخل ...
+
ماذا تفعل ..؟!
+
شعر بالقلق فربما تعرضت لمشكلة ما وهي في الداخل ...
+
توجه نحو الغرفة وهم بفتح الباب لكنه وجده مغلقا ليهتف بأنفاس قلقة :-
+
" أين أنتِ يا جيلان ولماذا الباب مغلق ...؟!"
+
" دقيقة وسأفتح الباب ...."
+
تنهد براحة بعدما سمع صوتها السليم ليعاود الحنق يكسو ملامحه وهو يسأل :-
+
" ماذا تفعلين كل هذا ...؟! "
+
مرت دقيقتين آخرتين ولم تظهر ...
+
" جيلان اخرجي وإلا سأهدم الباب فوق رأسك ..."
+
قالها بعصبية عندما فتحت الباب أخيرا وإندفعت إلى الداخل بسرعة يتبعها هو بملامح منزعجة من تأخرها ...
+
ما إن وقعت عينيه عليها حتى تجمد مكانه وهو يراها تتألق بقميص النوم الذي لاق عليها بشكل مهلك ...
+
ملامحها التي زينتها بإتقان فنجحت أن تظهر فتنتها الطاغية بينما برع قميص النوم في إبراز أنوثتها المتفجرة أسفله وكان يظهر من جسدها أكثر مما يخفي ...
+
سارت نحوه بخطوات بطيئة متعمدة ...
+
الإنبهار في عينيه ضاعف من ثقتها بنفسها فإبتسمت بمكر وهي تقبض على كفيها وتجذبه نحو السرير ثم تجلس عليه ...
+
إبتلع ريقه وهو يراها تنحني نحوه تقبل شفتيه برقة وببطأ متعمد عندما جذبها بقبلة قوية تملصت منها بصعوبة وهي تخبره بغمزة من عينيها :-
+
" ليس الآن ... إصبر قليلا ...."
+
طالعها بقلة صبر بينما عيناه تتأملان ساقيها الرفيعين وبقية جسدها الظاهر من أسفل قميص النوم برغبة متعطشة ...
+
جذبت شالا حريرا ولفته حول خصرها ليزداد لمعان عينيه عندما صدح صوت الموسيقى عاليا وبدأت هي الرقص ...
+
أخذت تتمايل بجسدها أمام عينيه وآخر ما كان يتصوره أن تجيد جيلان الرقص بهذا الشكل الإحترافي ...
+
هبط بعينيه على خصرها النحيل والذي يتمايل بشكل أطاح بجنونه لينهض من مكانه متقدما نحوها بينما بقيت هي على وضعيتها ترقص وعيناها مثبتتان فوق عينيه ...
+
جذبها أثناء رقصها من خصرها وقد تطايرت خصلاتها الجامحة حول وجهها ...
+
أزاح خصلاتها جانبا وهو يتأمل وجهها الفاتن ...
+
عيناها الخضراوين بنظراتها المغرية والتي تشكل مع سمرة بشرتها مزيجا رائعا ...
+
شفتاها المغويتان ...
+
شعرها الطويل ورائحتها المميزة ..
+
أطلق زفيرا حارا ثم قال :-
+
" ماذا أفعل بك أخبرني ...؟!"
+
سألته بنعومة وهي تضع كفها فوق صدره :-
+
" ماذا ستفعل ...؟!"
+
" سأكلك ..."
+
قالها وهو يجذبها نحوه في قبلة جامحة أودع فيها رغبته الطاغية وجنونه بها ...
+
كان مستمرا في تقبيلها بينما يتحرك بها نحو السرير...
+
دفعها لتسقط فوق السرير ثم سارع يخلع قميصه قبلما يهبط بجسده فوق جسدها ...
+
" لم أتناول الحبة .."
+
همست بها متذكرة بينما قبلاته تهبط فوق عنقها بشوق ولهفة لتجده يمد كفه بسرعة بينما ما زال يقبلها دون توقف نحو الدرج المجاور للسرير ساحبا شريط الدواء المانع متناولا حبة منه بسرعة ..
+
همس وأنفاسه تلفح وجهها بجنون :-
+
" تناوليها هيا فأنا لست مستعدا للحصول على طفل حاليا .. يكفيني أنتِ .."
+
ضربته على صدره بضيق من حديثه عندما سارع يضع هو الحبة في فمها لتبتلعها على الفور بينما يلتقط هو شفتيها بقبلة شغوفة...
+
هذا الشغف بينهما والممتد إلى ما لا نهاية يعجبه أكثر من أي شيء ...
+
شغف لم يشعر به سوى معها وجنون أطاح بكيانه كاملا فجعله منقادا لها ...
+
سائرا خلف لهيب روحها غير آبها بكون ذلك اللهيب المشتعل بشراسة قد يحرقه يوما ...!
1
كان هناك إتفاق مسبق بينهما بعدم الحصول على أطفال في الوقت فكليهما غير مستعد لتحمل مسؤولية طفل خاصة جيلان التي لم تصل بعد لمرحلة التعافي التي تؤهلها لإنجاب طفل ...
+
أغمض عينيه بعدما إستقرت فوق صدره بجسد مرهق وملامح لا تقل إرهاقا ...
+
غفت بين ذراعيه على الفور كما إعتادت أن تفعل في الآونة الأخيرة بينما شرد هو بها وبما يجمع بينهما وكيف تطورت علاقتهما فجأة بهذه الطريقة التي تثير قلقه في كثير من الأحيان ...
+
لا ينكر إن ما يعيشه معها يعجبه كثيرا لكنه لا يشعر به كافيا ...
+
ليس كافيا لكليهما وليس له وحده ...
+
ما زال هناك شيئا ناقصا بينهما ...
+
تنهد بصمت وهو يتطلع لملامحه البريئة ....
+
تلك البراءة التي لا تظهر سوى في نومها ...
+
براءة تذكره بتلك الفتاة التي رآها لأول مرة قبل أربعة أعوام ....
+
هناك حيث بدأت حكايتهما ...
+
من كان يتصور أن تصل الأمور يوما بينهما إلى هنا ...؟!
+
من كان يصدق أن يعيشان سويا كزوجين حقيقيين يتشاركان حياة زوجية طبيعية ...؟!
+
كل هذا حدث بسبب جيلان ...
+
جيلان التي نجحت في أن تخلق هذه العلاقة بينهما ...
+
هذا الرابط الذي جمعهما كان بسببها هي وبسبب إصرارها ومشاعرها الصادقة نحوه وهي وحدها من يمكنها أن تفك هذا الرباط يوما ما إذا أرادت أما عنه فهو قد إتخذ قراره ...
+
لن يتركها مهما حدث ...
+
جيلان باتت زوجته وستبقى كذلك ....
1
**
+
كان راجي يتابع عمله بذهن شارد ...
+
ما زال أمر تلك الوصية يؤرقه ....
+
يسعى لتجاهله لكنه رغما عنه يعاود التفكير به وداخله يتسائل عن غاية نغم الخفية خلف وصية كهذه ...
+
تنهد بتعب وهو يغادر غرفة أحد مرضاه عندما وجدها في وجهه ...
+
لم يكن ينقصه سوى أن يراها في هذا التوقيت ....
+
كانت تخرج هي الأخرى من غرفة أحد مرضاها عندما إنتبهت إليه فهتفت بإبتسامة هادئة :-
+
" مرحبا دكتور راجي ...."
+
أجابها بإقتضاب :-
+
" أهلا ..."
+
ثم تحرك بملامحه التي تجهمت تماما بعيدا عنها تتابعه هي بإستغراب سرعان ما وضعته جانبا وهي تنهمك في عملها مجددا ...
+
مرت الأيام التي بعدها على نفس المنوال ...
+
حالما يراها تتغير ملامحه بشكل لاحظته هي ...
+
بالكاد يرد تحيتها بنفس الإقتضاب ...
+
يتعمد ألا يتواجد معها في نفس المكان ...
+
تصرفاته معها جعلتها تشعر بالحيرة ...
+
صحيح لم يجمعها به مسبقا سوى تحية وبعض الأحاديث التي تخص العمل والحالات المشتركة بينهما لكنه لم يكن كذلك ...
+
كان لطيفا معها كما إعتاد أن يكون مع الجميع ...
+
ما باله يتعامل معها بهذه الطريقة ...؟!
+
ما سر هذا الجفاء ...؟!
+
هل أخطأت بشيء ما ...؟!
+
حاولت تجاهل أفكارها تلك رغم توترها الذي بات حليفها الدائم كلما رآته بالصدفة البحتة ....
+
مرت الأيام وهو على حاله معها حتى إنها لم تستطع أن تذهب لرؤية الصغيرة فكيف تطلب منه رؤية إبنته وهو يعاملها بهذا الجفاء الصريح ...؟!
+
وصلت اليوم إلى المشفى مبكرا ...
+
لديها عدة عمليات اليوم ...
+
بدأت في عملها مبكرا ولم تنتهي حتى المساء لتشعر بالتعب يتمكن منها ...
+
تحركت متجهة نحو غرفتها بتعب فاليوم ستبيت في المشفى حيث موعد مناوبتها الأسبوعية ..
+
صنعت القهوة بنفسها وجلست تقرأ في إحدى المجلات الطبية ...
+
تمكن النعاس منها بعدها حتى إنها غفت في مكانها ولم يوقظها سوى صوت إحدى الممرضات تطلب منها رؤية مريضتها التي تعاني من تقيؤ مفاجئ حاد وآلام متفرقة ...
+
نهضت من مكانها سريعا متجهة إليها هناك حيث سارعت تفحصها قبل أن تدرك الطامة الكبرى ...
+
لقد منحتها إحدى الطبيبات الشابات دواءا لدى المريضة حساسية منه ....
+
سارعت تقوم بالإجرائات السريعة لإنقاذ المريضة التي حياتها باتت مهددة بالخطر ...
+
إنتشر الخبر بين الجميع وساد الهرج في المكان خاصة بعدما أدرك أهل الفتاة سبب تدهور حالة إبنتهم ...
+
أتى راجي سريعا غير مصدقا الخطأ الذي حدث يتبعه مؤيد ...
+
مرت الساعات التي بعدها ثقيلة على الجميع والخوف يسيطر عليهم ..
+
إستطاعت أروى إنقاذ المريضة بسبب تدخلها الفوري لكن وضعها ما زال خطيرا ونسبة نجاتها ضعيفة ....
+
غادرت أروى غرفة العناية المشددة بملامح مكفهرة وداخلها مرتعب من فكرة رحيل المريضة المسكينة بسبب خطأ طبي كهذا ...
+
خطأ لا يمكن غفرانه ...
+
الطبيبة الحمقاء والتي حذرتها مسبقا من وضع المريضة التي تعاني من حساسية مفرطة إتجاه هذا النوع من الأدوية ...
+
تنهدت بتعب قبلما تخبرها الممرضة أن دكتور عمر يريدها في مكتبه ...
+
إنشغالها بحالة المريضة لم يمنحها الفرصة لتدرك ما حدث خارجا ...
+
كيف جن جنون عائلة المريضة والشجار الذي حدث بينهم وبين بعض الأطباء وكيف إنتشر خبر وفاة إحدى المريضات نتيجة خطأ طبي سخيف في أرجاء المشفى الأمر الذي دفع بعض الأهالي لإخراج مرضاهم من المشفى على الفور بينما قام بعض المرضى بإلغاء حجوزاتهم المستقبلية ....
+
إتجهت إلى مكتب عمر عندما توقفت لوهلة خلف الباب بينما الأخير يصيح بإنفعال مخيف :-
+
" ما حدث كان فضيحة ... الأمر إنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي ... الناس يتحدثون عن الحادثة ... خطأ هذا لا يوجد له مبرر ... كيف أخطأت تلك الطبيبة لا أفهم ..؟!"
+
أخذت نفسا عميقا ثم طرقت على الباب بحذر ليأتيه صوت راجي الذي كان يحاول تهدئته رغم غضبه هو الآخر مما حدث :-
+
" تفضل ..."
+
دلفت إلى الداخل ليطالعها عمر بملامح ناقمة بينما تجهمت ملامح راجي لا إراديا ليهدر عمر بها :-
+
" تفضلي يا دكتورة ... تفضلي وأخبرينا كيف حدث هذا الخطأ وأين كنت بينما المريضة تأخذ هذه الحقنة ...؟!"
+
بالكاد إستجمعت نفسها وهي تخبره :-
+
" أنا حذرت الطبيبة الشابة بشأن حساسيتها وأكدت عليها ألا تمنحها هذا الدواء تحديدا .."
+
" لكنها أنكرت ذلك وقالت إن لا علم لديها بحساسية المريضة إتجاه هذا النوع من الأدوية ..."
+
قالها راجي بهدوء لتشهق بصدمة وهي تردد سريعا :-
+
" والله أخبرتها وأكدت عليها ذلك ...."
+
أضاف بسرعة وملامحها المرتعبة ترجوهما أن يصدقونها :-
+
" أخبرتها بذلك ... يمكنني مواجهتها حتى ... أنا لا يمكن أن أرتكب خطئا جسيما كهذا ...."
+
كان عمر يطالعها بملامح محتدة فهو يراها سببا فيما حدث وإن كانت الطبيبة الأخرى تتحمل جزءا من المسؤولية ...
+
أما راجي فإلتزم الصمت لكنه كان يصدقها فهو يعرفها جيدا كطبيبة ماهرة تجيد عملها بشكل لا خلاف عليه ...
+
" هل تدركين حجم ما حدث يا دكتورة ...؟! بسبب إهمالك أنت وتلك الطبيبة نحن سندفع ثمنا أغلى مما تتصورين ..."
+
قالها عمر بحدة قبلما ينتفض من مكانه ضاربا على المكتب بكفيه صارخا بها :-
+
" كيف يمكننا تبرير ما حدث ...؟! خطأ كهذا لا يحدث حتى في أسوأ المستشفيات ..."
+
ملأت العبرات عينيها والخوف داخلها يزداد ليطالعها راجي بشفقة لا إراديا قبلما يشير لعمر بجدية :-
+
" إهدأ يا دكتور عمر ... الدكتورة أروى تقول بأنها أبلغت الطبيبة الأخرى عن حساسية المريضة ... يعني الخطأ لم يكن منها ...."
+
" نعم أبلغتها ... والله فعلت ..."
+
قالتها وهي تقاوم عبراتها بصعوبة قبلما تنظر نحو راجي تخبره بتوسل :-
+
" دكتور راجي أنت تعرفني جيدا وتعرف مدى إتقاني لعملي ...."
+
" أعرف يا دكتورة ...إهدئي من فضلك ..."
+
قالها راجي بلطف ليهدر عمر بعصبية :-
+
" المريضة بين الحياة والموت ... والخبر بدأ ينتشر حتى في مواقع التواصل الإجتماعي ... هل تدركين حجم هذا يا دكتورة ...؟!"
+
هتفت أروى بعصبية تمكنت منها فهي تُحاسب على ذنب لم ترتكبه :-
+
" أخبرتك إنه لا دخل لي بما حدث ... علام تحاسبني لا أفهم ...؟! ربما كان من الأفضل أن تنتقوا أطبائكم الجدد بعناية بدلا من تعيين كل من هب ودب ..."
+
أضافت وروح التحدي دبت داخلها فجأة :-
+
" فالطبيبة التي إرتكبت خطئا شنيعا كهذا هي إبنة أحد أقاربك حسب علمي يا دكتور عمر ورغم قلة كفائتها تم تعيينها في مشفى ضخم كهذا فقط لأنها تقربك ... أليس هذا صحيح أم أنا مخطئة ...؟!"
+
طالعها راجي بعدم تصديق فآخر ما يتصوره أن تقف أروى في وجه عمر وتجابهه بهذه الطريقة ...
+
بينما إنتفض عمر من مكانه يصيح بها :-
+
" هل تحاسبينني ...؟! "
+
" أنت من تحاسبني على خطأ لم أرتكبه ...."
+
هتفت بها وهي تجاهد للحفاظ على ثباتها مذكرة نفسها إنها صاحبة الحق هنا ليهتف عمر بقوة :-
+
" تلك التي تتحدثين عنها هي خريجة إحدى أرقى الجامعات في الخارج ..؟!"
+
عارضته بقوة :-
+
" لا يكفي ... فهي رغم ذلك لا تفهم شيئا ولا تجيد العمل بشهادة جميع الأطباء الذين عملوا معها و الذي من سوء الحظ كنت أنا آخرهم ..."
+
" كان عليكِ أن تأخذي حذرك جيدا إذا طالما هي كذلك ..."
+
صاحت بتعب :-
+
" أخبرتها أكثر من مرة ألا تمنحها هذا الدواء ... ماذا أفعل أيضا ..."
+
" دكتور عمر .. يكفي من فضلك ..."
+
قالها راجي وهو ينهض من مكانه يطالعه مضيفا :-
+
" برأيي إن الخطأ كان من تلك الطبيبة وليس من دكتورة أروى ..."
+
هتف عمر بعناد :-
+
" الخطأ من كليهما.."
+
أضاف وهو ينظر نحو أروى :-
+
" إدعي ربك ألا تموت المريضة وإلا ستضطرين أن تقفين أمام القاضي وتشرحي له سبب هذا الخطأ الجسيم وقتها ..."
+
طالعته بنظرات كارهة قبلما تندفع خارج المكان وعبراتها تشق طريقها فوق وجنتيها ...
+
طالعه راجي بضيق ثم إندفع بدوره خارج مكتبه ...
+
دلفت أروى إلى غرفتها وسارعت تجمع أغراضها مقررة ألا تبقى في هذا المشفى ثانية واحدة بعد ...
+
لملمت أغراضها سريعا وتحركت تغادر المكان عندما وجدت راجي في طريقها ...
+
تأمل راجي عبراتها بشفقة وهو يقول :-
+
" أتيت أن أخبرك ألا تقلقي ... وضع المريضة سيتحسن ...."
+
صاحت باكية :-
+
" أنا لا شأن لي بما حدث .. الخطأ من تلك الغيبة وليس مني..."
+
" أعلم ذلك ..."
+
" أنت تصدقني إذا ..."
+
سألته بلهفة ليومأ برأسه وهو يجيبها :-
+
" نعم أصدقك ... "
+
تنهدت براحة ثم سألت بصعوبة :-
+
" لماذا دكتور عمر يصر أنني أتحمل مسوؤلية هذا الخطأ معها ...؟! لماذا يفعل ذلك ..؟!"
+
هتف محاولا مبررا تصرفات الآخر :-
+
" إنظري عمر غاضب بشدة ... الخبر إنتشر بسرعة في أرجاء المشفى بل وخارجها ناهيك عما فعله عائلة المريضة بعدما أدركوا سبب تدهور حالة إبنتهم .."
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" لا تلوميه فهو المسؤول عن أي مشكلة تحدث هنا كونه المدير الأول في المشفى ..."
+
" هذا كله ليس مبررا..."
+
قالتها بوجوم وهي تضيف بتعب :-
+
" أنا لا يمكنني تقبل طريقته المجحفة معي ... "
+
" لا بأس ... لتهدأ الأمور قليلا وأنا سأتحدث معه و ..."
+
قاطعته بسرعة :-
+
" لا داعي .. أساسا أنا إتخذت قراري ... سأقدم إستقالتي في المشفى ..."
+
" بالطبع لا ..."
+
قالها بسرعة لتهمس بصعوبة :-
+
" هكذا أفضل ... "
+
هتف بجدية :-
+
" لا تتخذي قرارا متسرعا قد تندمين عليه فيما بعد ..."
+
أضاف بمنطقية :-
+
" كما إن إستقالتك في الوقت الحالي ستجلب إتجاهك الشبهات ..."
+
همست بتردد :-
+
" سيعتقد الجميع إنني أهرب بسبب ما حدث ، أليس كذلك ...؟!"
+
أومأ راجي برأسه وهو يضيف بمنطقية :-
+
" لهذا أجلّي قرار الإستقالة مبدئيا على الأقل ..."
+
صمتت ولم تعلق إلا إنها أدركت داخلها بأن ما قاله صحيح ...
+
تركها العمل هنا في هذا التوقيت سيتم تفسيره بشكل خاطئ لن يصب في صالحها ...
+
مر اليومين الآخرين بصعوبة عليها حتى إستقرت حالة المريضة وغادرت غرفة العناية لتشعر أروى بقليل من الراحة ...
+
تمت تسوية الأمور مع عائلة المريضة بينما تم فصل الطبيبة الشابة من العمل بقرار من عمر نفسه ...
+
يومها إجتمع راجي مع عمر وأخبره بوضوح :-
+
" أنت تعلم إنه لولا دكتورة أروى وتدخلها السريع كنا سنخسر المريضة لا سامح الله ..."
+
" مالذي تريد قوله يا دكتور راجي ..؟!"
+
سأله عمر بوجوم ليتنهد راجي ثم يقول بعقلانية :-
+
" أنت أسأت إليها يا عمر ..."
+
" ما المطلوب يا راجي ...؟! "
+
سأله عمر بنفاذ صبر ليهتف راجي :-
+
" أنا أتحدث معك كصديق يا عمر قبلما أكون طبيب ... حاول أن تتحدث معها وتطيب خاطرها قليلا ..."
+
" مستحيل...."
+
قالها عمر رافضا بشكل قاطع ما يتفوه به راجي الذي نهض من مكانه مرددا بضيق :-
+
" أنت حر يا عمر مع إنها تستحق إعتذارا منك نتيجة ما فعلته بها ..."
+
ثم غادر المكتب متجها إلى أروى التي إستقبلته بملامح منشرحة فهتف بهدوء :-
+
" أتيت لأبارك لك نجاة المريضة وتسوية بقية الأمور على خير ..."
+
تنهدت براحة ثم قالت :-
+
" الحمد لله ... خشيت أن تصل الأمور إلى المحاكم ..."
+
" الفضل كان لكِ بعد الله سبحانه وتعالى ... فأنت من أنقذتها بتدخلك السريع ..."
+
همست بخفوت :-
+
" الحمد لله ... لقد أنقذني الله من مصيبة كبيرة ... "
+
أضافت بخفوت :-
+
" بالمناسبة أود أن أشكرك على وقوفك جانبي اليومين السابقين .. أنا حقا ممتنة لك ..."
+
إبتسم بهدوء مرددا :-
+
" لا داعي للشكر ..."
+
أضاف بجدية :-
+
" ما فعلته كان واجبي ... كما إنني لن أنسى أبدا إنك صديقة نغم رحمها الله وجميع معارف نغم يهموني كما كانوا يهمونها ويعنون لها الكثير .."
+
طالعته بملامح ممتنة وهي تشكره مجددا قبلما تهتف بتساؤل مترددة :-
+
" كنت أريد سؤالك إذا ما يمكنني رؤية حياة مجددا ...."
+
لاحظت تبدل ملامحه قليلا لتقول بسرعة :-
+
" إذا لا يزعجك هذا بالطبع ..."
+
تنهد بصمت مفكرا إن أروى لا ذنب لها بوصية نغم وليس من حقه أن يتصرف معها بهذه الطريقة أو يسيء إليها فهي ليست مسؤولة عن قرارات زوجته ووصيتها التي لا يعرف حتى الآن ما سيفعله بشأنها ...
+
" بالطبع لا يزعجني ...."
+
قالها بهدوء وهو يضيف بترحيب :-
+
" يمكنك زيارتها في أي وقت ..."
+
ثم إندفع مغادرا بعدها دون أن ينتبه لكونه لم يخبرها عن تغيير مكان إقامة الصغيرة في قصر عائلته ....
+
**
+
إبتسمت هالة للصغيرة التي كانت تطالعها بعينين زرقاوين لامعين قبلما تصدح ضحكاتها البريئة فترتفع ضحكات هالة معها و التي سرعان ما جذبتها تقبلها من وجنتيها الممتلئين بحب لتلك الصغيرة التي إمتلكت قلبها بحق فتعلقت روحها بها بشدة وباتت تقضي معظم أوقات فراغها بجانبها ...
+
كم أسعدها مكوث الصغيرة معهم بعدما قرر راجي الإنتقال معها إلى قصر العائلة ...
+
منذ يومها وهي لا تنفك أن تسرق القليل من الوقت وسط يومها المزدحم لتقضيه معها وكأن الصغيرة باتت ملاذها حيث تلعب معها بسعادة إفتقدتها منذ مدة طويلة ...
+
منذ زفافها ربما ...
+
تنهدت بصمت وهي تربت على شعر الصغيرة التي حملت بمجيئها إلى القصر الفرح للجميع فحياة كان لديها إبتسامة مشعة تخطف القلب مما جعلها تسلب قلوب جميع أفراد العائلة الذين يتسابقون لحملها واللعب معها لتصبح مدللة الجميع حتى إن إبراهيم الصغير بات يغار منها بشدة ويظهر ذلك بعنف غير مفهوم ليحرم على والدته اللعب مع الصغيرة بل وحتى الإقتراب منها أثناء وجوده ولم يكن الأمر يختلف كثيرا مع والده الذي بات حذرا بدوره فلا يقترب من حياة بوجود إبراهيم الذي ينهار باكيا حالما يحمل أحد والديه الصغيرة بل لم يكتفِ بذلك حيث جعلته غيرته الشديدة منها يضربها بكفه على وجهها في إحدى المرات لتصرخ حياة باكية بلوعة بينما يطالعها هو بإنتشاء ....
+
عادت تقبل الصغيرة بحب قبلما تتنهد بصمت مفكرة في أحداث الفترة الماضية ...
+
غياب خطيبها بسبب عمله بينما بدأت هي تجهيزات حفل الزفاف الذي لم يتبقَ عليه سوى القليل ...
+
كلما إقترب موعد الزفاف كلما شعرت بغصة غير مفهومة داخلها وخوف مبهم تحاول أن تتجاهله وتمضي قدما ...
+
الوضع العام حولها لا يبشر بالخير ...
+
من جهة توليب وخطر إجهاضها في أي لحظة ومعاناتها الصامتة ...
+
تعرف توليب جيدا وتشعر بها أكثر من أي شخص ..
+
هي تعاني وتشعر بالرعب من خسارة حملها للمرة الثانية ...
+
إتجهت بأفكارها بعدها نحو شقيقتها التي تكاد تجزم إنها تخفي داخلها الكثير ومن الواضح وجود خلاف مع راغب الذي يتجاهلها كليا منذ فترة طويلة ...
+
حاولت أن تتحدث معها لكن شقيقتها كعادتها كتومة لا تشاركها همومها ولا تفعل حتى مع غيرها فتحتفظ بكل أوجاعها داخلها بينما تدّعي أمامها هي والبقية إن كل شيء على ما يرام ...
+
رنين هاتفها أيقظها من أفكارها فوضعت الصغيرة في سريرها ثم حملت الهاتف لتجد إسمه يضيء الشاشة ...
+
لوت ثغرها بتهكم فهو لم يتصل بها منذ أيام وحتى إتصالاته السابقة كانت على مسافات متباعدة وبالكاد تحمل حديثا مختصرا لا يعني شيء ...
+
" أهلا ..."
+
تمتمت بها وهي تجيب عليه ليأتيها صوته الرخيم متسائلا :-
+
" كيف حالك ...؟!"
+
ردت وهي تتحرك نحو النافذة المطلة على الخارج :-
+
" بخير ... وأنت ..؟!"
+
" بخير ..."
+
قالها بهدوء وهو يضيف :-
+
" بعد الغد سأكون في البلاد .."
+
" حقا ..؟!"
+
هتفت بها متعجبة ليؤكد حديثه :-
+
" نعم ، قلت ليكن لديك علم ..."
+
" حسنا ..."
+
حل الصمت المطبق بينهما للحظات قبلما يسأل :-
+
" ماذا تفعلين الآن ...؟!"
+
ردت بهدوء :-
+
" أنا في غرفة حياة ... ألعب معها قليلا ..."
+
تشكلت إبتسامة خاطفة على ثغره وهو يخبرها :-
+
" تلعبين معها إذا ..."
+
تقدمت نحو الصغيرة تتأملها وهي تخبره بثرثرة عفوية :-
+
" لو تراها يا أثير ... تكبر بسرعة وتصبح أجمل مع مرور الأيام ..."
+
" هكذا إذا ... أنا متشوق حقا لرؤيتها ..."
+
خرجت منه حارة فشعرت بالتوتر يغزوها وكأن كلماته تلك كان يخصها هي بها لا الصغيرة ...
+
سمعت صوت تنهيدته الحارة عبر الهاتف قبلما يخبرها بعدها :-
+
" حسنا .. يجب أن أغلق ... أراك بعد يومين ..."
+
" تصبح على خير ..."
+
تمتمت بها بخفوت ليغلق هو الهاتف بعدما رد تحيتها فيشرد كلاهما في أفكاره التي كانت تتمحور حول الآخر..
+
هو وخيبته من طبيعة العلاقة التي باتت تجمعهما ...
+
من كان يصدق أن يتبادلا الحديث كغريبين لا خطيبين سيتزوجان بعد مدة قصيرة ...؟!
+
الخيبة تسيطر عليه فليس هذا ما كان يتمناه ..!
+
وهي أفكارها لم تختلف كثيرا عن أفكاره فيكفي إنها بقيت عاجزة عن قول شيء مناسب بينما يحادثها ويخبرها بعودته وكأن لسانها بات عاجزا عن قول أبسط الكلمات له ...
+
تنهدت بتعب ثم ألقت نظرة أخيرة على الصغيرة قبلما تغادر الغرفة متجهة إلى جناحها هناك حيث إنفردت بنفسها وأفكارها ما زالت تتمحور حوله وحول علاقتهما السيئة والتي تعجز بحق عن تخمين نهايتها ...
+
تمددت فوق سريرها تتطلع إلى السقف بشرود متسائلة عما سيحدث عندما يجتمعان في مكان واحد ..
+
مخاوف كثيرة تراودها بشأن ذلك بينما تحاول هي تجاهلها بلا فائدة فالهرب ليس حلا ...
+
هي ستصبح زوجته بعد شهرين بل أقل ...
+
رنين هاتفها مجددا أيقظها من أفكارها فحملت الهاتف تتطلع متعجبة لذلك الرقم الغريب عندما فوجئت بسولاف تعرفها عن نفسها وتعتذر برسمية إذا ما إتصلت بها في وقت غير مناسب ...
+
أخبرتها عن موعد عودة شقيقها وإنها ستذهب لإستقباله في المطار وسألتها إذا ما كانت ستذهب هي الأخرى كي يذهبان سويا ...
+
تمكن الإحراج منها لوهلة ولم تستطع سوى أن تؤكد لها ذهابها لإستقباله موافقة أن يذهبان سويا ....
+
وبالفعل أتى اليوم المنشود وأتت سولاف إليها مع سائقها لتجاورها هالة في الخلف بينما ينطلق السائق متجها بهما إلى المطار...
+
كانت سولاف شديدة الرسمية معها مما جعل هالة تستغرب طلبها بأن ترافقها إلى المطار ليستقبلانه ولم تكن تعلم إن سولاف تعمدت ذلك للتقريب بينهما فهي خمنت لوحدها توتر العلاقة التي تجمعهما وأرادت أن تقرب بينهما ووجدت في عودته هذه فرصة حيث تأتي هي معها لتستقبله فهي كانت واثقة بأن هالة لا تمتلك النية للذهاب إلى المطار وإستقباله هناك ففكرت أن تتصل بها وتقترح عليها ذلك بطريقة غير مباشرة فقدومها بالتأكيد سيفرح شقيقها حتى لو لم يظهر ذلك ...
+
وقفت كلتاهما تنتظر وصوله عندما طل أخيرا وهو يجر حقيبته خلفه لتتمكن الدهشة منه وهو يراها جوار شقيقته ...
+
لوحت له سولاف بكفها بفرحة ليتجه نحوها ويعانقها بشوق حقيقي بينما هالة تتابعهما بهدوء مفكرة داخلها إن علاقته بشقيقته لطالما كانت مميزة ولطالما أعجبها هذا الرابط الذي يجمعهما سويا رغم شعورها السابق بالغيرة من تلك المحبة الخاصة التي يكنها أثير لشقيقته وعنايته بها وحرصه الدائم عليها وإرتباط سولاف الشديد وتعلقها الواضح به ...
+
جاء دورها ليبتسم لها بهدوء وهو يردد :-
+
" كيف حالك ...؟!"
+
" بخير ..."
+
قالتها وهي تلتقط كفه الممدود نحوها بينما سولاف تقف بينهما تطالعهما بمكر خفي قبلما يصدح صوتها عاليا :-
+
" هل نغادر ...؟! السائق ينتظرنا في الخارج ...؟!"
+
**
+
سارعت زمرد تستقبل ولدها متجاهلة وجود هالة التي لا تعرف لمَ أتت معهما ....
+
عانقته بقوة وهي تهتف بفرحة :-
+
" وأخيرا عدت .. إشتقت لك كثيرا يا حبيبي ..."
+
إمتعقت ملامح هالة تماما ونبرة صوت زمرد لوحدها كافية أن تستفزها ..
+
إبتسم أثير وهو يقبلها من جبينها ثم كفيها قبلما يخبرها وهو يشير نحو هالة بعينيه :-
+
" نعم أتيت ... "
+
إحتقنت ملامح زمرد وهي تسأل هالة بأنف شامخ :-
+
" كيف حالك يا هالة ..؟!"
+
" بخير ..."
+
قالتها هالة وهي تمنحها إبتسامة صفراء قبلما تخبرهم سولاف أن يتجهوا إلى الداخل هناك حيث إجتمع أربعتهم وأتت الخادمة بالقهوة ...
+
جلست سولاف على طرف المقعد جوار شقيقها تعانقه حيث تحاوط كتفيه بذراعيها تتبادل معه الأحاديث وتسأله عن الهدايا التي جلبها له بينما تجلس هالة تتابع ما يحدث بصمت قبالهما وزمرد على الطرف المقابل تتابع ما يحدث بسعادة ظاهرية وداخلها تريد أن تشكر سولاف لما تفعله وكيف تسيطر على إنتباه ولدها بعيدا عن خطيبته بينما لم تكن تعلم إن سولاف نفسها من أتت بهالة معهما ...
+
" إبنة أمك ..."
+
هكذا فكرت زمرد وهي تبتسم بظفر عندما سألتها سولاف عن الطعام لتخبرها زمرد بأن والدها سيصل بعد قليل وحينها يتناولون الطعام سويا ...
+
هتفت سولاف وهي تنهض من جانب شقيقها :-
+
" ما رأيك أن تأخذ خطيبتك لتريك جناحكما والتعديلات التي أجرتها عليه ..؟!"
+
" اللعنة عليك يا سولاف....أيتها الغبية ..."
+
همست بها زمرد لنفسها عندما هتف أثير بحماس فهو كان يتوق لينفرد بها منذ لحظة وصوله ورؤيته لها في المطار :-
+
" فكرة جيدة ..."
+
ثم أشار لهالة:-
+
" هل ننهض ..؟!"
+
نهضت هالة من مكانها ليتقدم هو نحوه قابضا على كفها متجها خارج المكان صاعدا إلى الطابق العلوي حيث جناحهما ...
+
**
+
وقف أثير يتأمل الجناح بإهتمام بينما تقابله هي في وقفتها عاقدة ساعديها أمام صدرها تسأله :-
+
" ما رأيك ...؟! هل أعجبتك التعديلات ...؟!"
+
أجاب بصدق وإعجاب :-
+
"كل شيء رائع ..."
+
شمخت برأسها وهي تخبره :-
+
" كل شيء هنا كان من إختياري ..."
+
أضاف بخبث لمع في عينيها :-
+
" أرادت والدتك التدخل لكنني لم أسمح لها بذلك ..."
+
تنهد ثم هتف ببساطة :-
+
" إنه جناحك أنتِ ووحدك من يحق لها أن تختار أثاثه وما يخصه ..."
+
" شكرا ..."
+
قالتها بهدوء ولا تعرف لماذا شعرت بالإحراج من جوابه ...
+
أخذ يتأملها بصمت غير مفهوم أربكها فوجدت نفسها تسأله وهي تزيح خصلاتها خلف أذنها :-
+
" هل تريد قول شيء ما ...؟!"
+
سار نحوها بخطوات متمهلة بينما عيناه لا تتحركان من فوق ملامح وجهها التي زاد إرتباكها ليقف أمامها مباشرة يسألها بمكر :-
+
" هل تنتظرين قول شيء ما مني ...؟!"
+
هزت رأسها نفيا بسرعة ثم قالت بذات الإرتباك :-
+
" فقط إستغربت صمتك ..."
+
" لماذا تبدين مرتبكة ..؟!"
+
سألها بإهتمام بينما عيناه تحاصرانها بنظرات خشيت أن تفسرها بالشكل الصحيح ...
+
" لست مرتبكة .."
+
قالتها وهي تلعنه داخلها فهو ما زال يجيد قرائتها جيدا كما كان يفعل قبل سنوات ...
+
" لنغادر هيا ..."
+
قالتها وهي تتحرك بإندفاع محاولة الهرب منه عندما تعثرت بكعبها العالي في السجادة ليسارع وهو ويتلقفها بين ذراعيه قبلما تسقط ...
+
شهقت بصوت مكتوم وقد إستوعب ما حدث وكيف باتت بين ذراعيه في ذات اللحظة التي كانت تسعى فيها للهرب منه ...
+
" محظوظ أنا ..."
+
قالها بذات المكر وعيناه تتحركان فوق تفاصيل وجهها المليح بحرص وشوق بلغ ذروته ...
+
كاذب هو وأحمق لو إعتقد يوما إنه توقف عن حبها ...
+
نظراته تلك جعلتها تتوتر كليا فأخذ قلبها يخفق بين ضلوعها بقوة ورغما عنها أخذت الذكريات تتدفق لعقلها ...
+
ذكريات تتعلق بماضي جمعهما ومواقف كثيرة إنتهت وهي بين ذراعيه تبادله القبلات المحمومة بشغف وجنون ...
+
وهو لم يستطع تمرير تلك اللحظة دون قبلة تاق إليها منذ سنوات وإن إدعى العقل غير ذلك ....
+
مال نحوها بشغف لمعت به عينيه بينما إضطربت ملامحها بقوة وقد أدركت من نظراته ما ينتويه ...
+
وضعت كفها لا إراديا فوق صدره تحاول دفعه لكنه لم يمهلها الوقت حتى لتدفعه حيث سارع يقتنص شفتيها بقبلة خاطفة جمدتها تماما في لحظتها لتتسع عينيها لا إراديا وعقلها لا يصدق مدى جرئته عندما مال نحوها مجددا يتناول شفتيها بقبلة بطيئة متمهلة هذه المرة ...
+
باغتها بقبلته الثانية بينما بالكاد كانت تستوعب الأولى لتغمض عينيها مستسلمة لحصاره العنيف وقبلته تتعمق أكثر ...
+
في بداية الأمر لم تتجاوب معه وقد غلبتها الدهشة لكن بعد لحظات وجدت نفسها تتجاوب مع قبلته بعفوية أطاحت ما تبقى من ثباته ليشدد من قبضتي كفيه حول خصرها بينما حاوطت هي رقبته بكفيها تتفاعل معه بإنسجام ونصف وعي ...
+
تجاوبها معه بتلك الطريقة أثار جنونه وأفقده كل ذرة تعقل لديه ...
+
رغبته بها بلغت ذروتها وهذه اللحظة التي يحياها معها هي جل ما تمناه و كل ذرة في كيانه تخبره ألا يحررها فهذه اللحظة الفارقة ربما لن تتكرر مجددا ...
+
ثواني أخرى وحملها من خصرها النحيل بكفيه مندفعا بها نحو السرير وقد إضطر لتحرير شفتيها مرغما....
+
وضعها بتمهل فوق السرير و جثى بجسده فوقها مقتحما شفتيها بشفتيه مجددا دون أن يمنحها الفرصة للهرب من حصار عشقه هذه المرة ...
+
كانت لحظة خالية تماما من الوعي الذي غادر كليهما ...
+
بقي يقبلها دون توقف بكل جنون ممكن قبلما تنحدر قبلاته نحو عنقها الأبيض ....
+
أغمضت عينيها تستسلم لغزوه المرهق ...
+
كانت بنصف وعي بينما ينحدر بشفتيه نحو كتفيها مزيحا حمالات فستانها ثم عاد يقبل شفتيها قبلما يهبط هذه المرة عند بداية نحرها ...
1
كانت مستسلمة لها تماما خاضعة دون إرادة منها ...
+
شعرت بشفتيه مجددا تتسللان نحو شفتيها فتأوهت بصمت وهي تبادله قبلاته ..
+
وضعت كفيها فوق صدره تلمسه بلا وعي دون أن تدرك ما قد تفعله لمستها تلك به عندما شعرت بإحدى يديه تقبض على كفيها بقوة بينما الأخرى تتسلل أسفل فستانها ...
+
في تلك اللحظة تدخل الوعي أخيرا لتبعد شفتيها بصعوبة من شفتيه وهي تهمس إسمه برجاء وأنفاس لاهثة :-
+
" أثير أرجوك ... أثير ..."
+
كانت تناديه بصوت محتقن ومشاعر كثيرة تضج داخلها ليأتي دوره هو الآخرفي الإدراك...
+
إنتفض من مكانه كمن لدغه شيء بعدما أدرك ما كان سيفعله ...
+
نهض من فوقها وهو يلعن نفسه وجنونه الذي كان سيدمر كل شيء في لحظة غباء ...
+
ماذا جرى له وكيف تحكمت به رغبته لهذا الحد ...؟!
+
هل كان سينالها قبل الزواج ...؟!
+
خلل أصابعه بين خصلات شعره بتوتر قبلما يستدير نحوها فيجدها تعدل هندامها بإرتباك وملامح شاحبة تماما ...
+
تقدم نحوها ثم مال بجسده عليها يخبرها وعيناه تتأملان العبرات التي ملأت عينيها :-
+
" أنا آسف يا هالة ... لا أعرف ماذا حدث .. لا أعرف كيف فقدت سيطرتي على نفسي ..."
+
تنفست بعمق ثم قالت بصوت متحشرج :-
+
" لم يكن خطأك وحدك يا أثير ..."
+
كانت غاضبة من نفسها وخجلة من ذاتها التي إستسلمت له بتلك الطريقة المهينة ...
+
جذبها من كفّها يساعدها بالوقوف عندما هتفت بصعوبة :-
+
" سأغسل وجهي وأعدل مكياجي ثم نغادر ..."
+
أومأ برأسه متفهما بينما إندفعت هي إلى الحمام لتغادر بعد دقائق بملامح أفضل ...
+
أخذت نفسا عميقا ثم سألت :-
+
" هل نغادر ...؟!"
+
أومأ برأسه ثم تحرك جانبها وهو يلوم نفسه على ما فعله قبلما يقرر ألا ينفرد بها مجددا لأي سبب كان حتى يتم زواجهما ...
+
**
+
إندفع إلى داخل مكتبه وهو يتسائل بعصبية :-
+
" أين مروة يا إياس ...؟!"
+
قابله إياس ببسمة باردة بينما إنقض الأخير عليه ممسكا بباقة قميصه يهدر بإنفعال شديد :-
+
" ماذا فعلت بها ...؟! كنت أعلم إنك سوف تستغل سفري المفاجئ بهذه الطريقة ... أيها الوغد ..."
+
" مروة معي ... وهي بأفضل حال ..."
+
قالها إياس بذات البساطة المستفزة ليتراجع رأفت إلى الخلف مرددا بملامح غير مصدقة :-
+
" أنت تكذب ...."
+
" لم يكن عليك الوثوق بها أبدا يا عزيزي ...."
+
تمتم بها إياس ببرود وهو يضيف بعدما نهض من مكانه يقابله في وقفته :-
+
" أنت غبي يا رأفت .. غبي لأنك وثقت بها ... إخترت الشخص الخطأ لتتحالف معه ضدي ..."
+
تقدم نحوه خطوتين وهو يسترسل :-
+
" مروة تحبني يا عزيزي وجميع ما فعلته من محاولات إنتقام فاشلة كان نتاج غيظها لأنني تركتها بسهولة ..."
2
كان رأفت يعلم جيدا ما يقوله فالغضب الذي كان يشتعل داخلها ليس نتاج الطمع والرغبة بالإنتقام بل سببه الأساسي عشق مروة لهذا اللعين الذي تلاعب بها طويلا وما زال يفعل ...
+
كان عليه أن يتوقع ذلك منها وهو الغبي الذي خضع لأوامر جده فإضطر أن يسافر بسبب العمل الذي كلفه به ليتفاجئ عند عودته بإختفائها المبهم ليكتشف إنها خدعته وأخّلت بالإتفاق الذي جمع بينهما ...
+
" أنت لم تنتصر يا إياس وطالما كل شيء بات مكشوفا فأنت ستدفع ثمن كل شيء غاليا ..."
+
هتف إياس بتهكم :-
+
" سنرى يا إبن عمي ... "
+
تهكمه أغاظ رأفت الذي إشتعلت حدقتيه بوعيد حاد :-
+
" أنت تعتقد إنك بإخفائك لها إنتصرت لكنك مخطئ ... لنرى كيف ستتصرف بشأن وليدك القادم وكيف ستشرح ذلك لجدي والأهم لزوجتك المصون .."
+
عند هذه النقطة إندفع إياس يقبض على قميصه يهدر به وهو الذي لم يتحمل أن يذكر رأفت سيرة زوجته على لسانه :-
+
" إياك أن تجلب سيرتها على لسانك مجددا ... سأقتلك في مكانك إن فعلتها يا رأفت ... "
1
صدحت ضحكات رأفت عاليا بشكل جعل غضب إياس يتصاعد ليشدد من قبضته وهو يصيح :-
+
" توليب خط أحمر ... ها أنا أكررها مجددا ..."
+
" نهايتك تقترب يا باشا ... تذكر كلامي جيدا ..."
+
قالها رأفت وهو يحرر نفسه من قبضته قبلما يقبض على كفه يخبره بعينين متحدتين :-
+
" الآن كل شيء بات واضحا ... واللعب بات على المكشوف ... إستعد لنهايتك يا إبن العم ..."
1
ثم إندفع مغادرا المكان تتابعه عيني إياس المشتعلتين بنيران لاهبة متوعدة ...
+
التخلص من رأفت بات أمرا محسوما ...
+
سيتخلص منها قبلما يقضي عليه ...
+
لن يمنحه لذة الإنتصار عليه مهما حدث ...
+
**
+
عند عودته إلى القصر قابلته والدته التي هتفت حالما رأته :-
+
" إياس تعال نتحدث ..."
+
" لست متفرغا الآن ..."
+
قالها وهو يهم بإكمال طريقه لكنها أوقفته وهي تخبره بحزم :-
+
" يجب أن أتحدث معك يا إياس ..."
+
تأفف بضيق وهو يسير معها متجها إلى جناحها هناك حيث قابلته في وقفتها تسأله وهي تعقد ساعديها أمام صدرها :-
+
" ما أخبار زوجتك ...؟! متى ستعود ...؟!"
+
تنهد بضيق على ذكر زوجته التي ما زالت ترفض العودة معه متعللة بحالتها الصحية ليجيب بإقتضاب :-
+
" ستعود قريبا ... "
+
أضاف متذكرا شرطها بشأن الإنتقال للعيش في مكان جديد :-
+
" أنا أفكر جديا في الإنتقال إلى مكان آخر نسكن فيه ..."
+
جحظت عينا والدته التي رددت بذهول :-
+
" ماذا تقول أنت ...؟! لماذا ستنتقل لمكان آخر ...؟! ماذا حدث ...؟!"
+
أجاب بهدوء :-
+
" توليب تريد ذلك ... وأنا لا أرى مشكلة في ذلك ..."
+
" ماذا حدث ..؟! هل أزعجها أحدهم ...؟!"
+
سألته بقلق ليخبرها بوجوم :-
+
" الجو العام هنا لا يناسبها ... "
+
" لكن هذه ليست رغبتك بالطبع يا إياس ..."
+
صمت ولم يعلق لتتنهد بصمت ثم تخبره بجدية :-
+
" إفعل ما يريحك أنت وزوجتك يا بني ...."
+
" هذا سيكون أفضل لتوليب ولكن هناك مشكلة ..."
+
تمتم بها بخفوت لتهتف بإدراك :-
+
" جدك ، أليس كذلك ...؟!"
+
أومأ برأسه بصمت لتخبره بضيق :-
+
" لن يقبل بقرارك أبدا وسيغضب كثيرا منك ..."
+
" لهذا أحتاج لتمهيد الموضوع أولا ... سأحاول إقناع توليب بأن تصبر قليلا وتعود إلى هنا مؤقتا ... المشكلة إنها عنيدة ومتمسكة بقرارها وهذا ما يجعلها تتحجج بحالتها الصحية رافضة العودة معي ..."
+
كان يتحدث بضيق شديد وما يحدث معه في الآونة الأخيرة يخنقه بحق ...
+
حاولت والدته تهدئته وهي تردد :-
+
" إهدئ يا حبيبي ... كل شيء سيتم حله ..."
+
طالعها بنظرات صامتة مفكرا إن الأمر معقد للغاية فإن عادت توليب معه ورضخت للأمر الواقع فهل ستتقبل فيما بعد حقيقة زواجه من أخرى وإنجابه لطفل منها ...؟!
1
بالطبع لن تفعل وهو بدوره لا يعلم ما يجب أن يفعله فمن جهة طفله القادم والذي سيعترف به بالطبع ومن جهة هي ..
+
المرأة التي يحب ويسعى لأن يقضي ما تبقى من عمره معها ...!
+
أحيانا يشعر بأن خسارتها وخروجها من حياته باتت مسألة وقت لكنه يعاند مجددا كاتما شعوره هذا داخله متمسكا برغبته في الحفاظ عليه مقررا أن يحارب حتى آخر رمق ليبقيها جانبه وحملها بطفله يمنحه آملا بحدوث ذلك فهذا الطفل يمثل رباط جديد يجمع بينهما ويقوي علاقتهما أكثر ويزيد من صعوبة إنفصالهما مستقبلا ...
1
تجاهل أفكاره الحالية وهو يسأل والدته :-
+
" مالذي كنتِ تريدين قوله ...؟!"
+
ظهر الإرتباك جليا على والدته وهي تجيب كاذبة :-
+
" أبدا حبيبي ... أردت الإطمئنان على توليب منك ..."
+
أضافت بنبرة رقيقة :-
+
" سأذهب لزيارتها اليوم وأتحدث معها ..."
+
" إفعلي ما تريدين ..."
+
قالها وهو يتحرك مغادرا المكان تتابعه هي بعينيها بقلب يخفق ذعرا تلوم نفسها لأنها لم تخبره بما تريده وخوفها كالعادة غلبها ككل مرة ...
+
**
+
مساءا ..
+
تجلس في شرفتها تتأمل السماء الشبه المظلمة بملامح يسيطر على السكون بينما تمرر كفها ببطأ فوق بطنها هناك حيث يقبع صغيرها الذي لا تعرف إذا ما كان سيصل سالما إلى هذه الدنيا كما تتمنى أم سيلفظه رحمها كالذي سبقه ...
+
جل ما تعرفه إنها تريده بشدة وهي التي تنتفض رعبا بين لحظة وأخرى خشية خسارته التي لن تتحملها مطلقا ...
+
طرقات على باب جناحها أنبأتها بقدوم أحدهم لتعتدل في جلستها وهي تهتف :-
+
" إدخل ..."
+
ثم نهضت بحذر من مكانها عائدة إلى الداخل عندما وجدته قبالها يطالعها بشوق جعل قلبها ينتفض من مكانه لا إراديا بمشاعر ما زالت تتملكها بقوة ...
+
" إياس ..."
+
همست بها بصوت ضعيف بينما سار هو نحوها بتمهل حتى بات قبالها يتأملها بصمت ...
+
يشبع عينيه من ملامحها التي يشتاق لها بشدة ...
+
ثواني ووجدته يجذبها نحوها بعناق حذر لكنه يحمل مشاعرا عاصفة ...
+
تنهدت بصمت وهي تحاوط جسده من الخلف بذراعيها وداخلها تعترف إنها إشتاقت له بشدة ....
+
أغمضت عينيها مستسلمة لدفء أحضانه بينما همس هو بأنفاس حارة :-
+
" إشتقت لكِ كثيرا يا توليب.."
+
فتحت عينيها مجددا وهي تبتعد قليلا بجسدها عنه بينما ما زالت ذراعيه تحاوطانها بحرص لتهمس بأنفاس متصاعدة :-
+
" وأنا إشتقت لك ..."
+
مال نحوها مقبلا شفتيها بتروي بينما مشاعره عصفت تماما بسبب قربها ورغبته تأججت بقوة ..
+
رغبة سرعان ما بترها فهذا النوع من القرب بات محظورا بسبب وضعها الصحي ...
+
أغمضت عينيها مجددا وهي تتجاوب مع قبلته ...
+
كانت قبلة هادئة ناعمة لكنها حملت إليها ما يشعره إتجاهها من عشق وشوق ولهفة ...
+
تنهدت وهي تحرر شفتيها من حصار شفتيه بينما تستند بكفيها فوق صدره فيميل مجددا نحوها وأنامله تعبث بخصلاتها الطويلة يسألها بوله :-
+
" متى ستعودين معي ...؟! أفتقدك بجنون ..."
+
إرتبكت ملامحها وهي تتمتم :-
+
" لا أعلم ..."
+
تنهد بصمت ثم إحتضن وجنتيها بكفيه يخبرها بصدق :-
+
" صدقيني سننتقل إلى منزل جديد في أقرب فرصة ممكنة لكنني أحتاج بعضا من الوقت لتمهيد قراري هذا لجدي فأنت تدركين صعوبة قرار كهذا بالنسبة له ..."
+
أومأت برأسها بصمت ثم قالت بجدية وهي تزيح كفيه للأسفل :-
+
" أتفهم ذلك يا إياس لكنني ..."
+
توقفت لوهلة محاولة أن تصيغ عبارتها القادمة بصورة صحيحة ليسأل بجدية :-
+
" لكنكِ ماذا ...؟!"
+
مسحت على وجهها بتعب ثم قال :-
+
" ما حدث في ذلك اليوم ليس هينا يا إياس ... بالتأكيد أنت تتذكر ما فعلته وقلته يومها ..."
+
وجمت ملامحه لا إراديا عندما أتت بسيرة ذلك اليوم الذي حمل له الكثير بينما أضافت هي :-
+
" حتى لو كنت منفعلا يومها فهذا لن يلغي صعوبة ما تفوهت به ..."
+
رفعت عينيها الحائرتين نحوه وهي تضيف :-
+
" أخشى أن أعود معك فتتصرف بذات الطريقة مجددا ... "
+
" صدقيني لن يحدث ..."
+
قالها بسرعة وهو يضيف :-
+
" يومها كنت حانقا منفعلا بشدة لأنكِ كنت بعيدة عني لأيام طويلة ... "
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" أنت لا تفهمين ما أشعر به عندما تبتعدين عني يا توليب ... "
+
" أتفهم ذلك يا إياس ولكن ..."
+
زفرت أنفاسها ثم قالت بجدية :-
+
" كان يمكنك أن تعبر عن شوقك لي بطريقة مختلفة ...."
+
" أنا غبّي .. ماذا أفعل ..؟!"
+
قالها بضيق وهو يضيف بينما يلمس وجنتها بحنو :-
+
" بدلا من إخبارك عن ضيقي من غيابك وشوقي الكبير لك وجدتني أعبر عن ذلك بأغبى طريقة ممكنة ...."
+
طالعته بتردد عندما قبض على كفيها يخبرها برجاء :-
+
" سامحيني يا توليب ... نعم أخطأت ولكنني نادم ... قسوت عليك لكن صدقيني ...."
+
قاطعته بآلم ظهر في نبرة صوتها ولمعة عينيها :-
+
" قسوت عليّ كثيرا يا إياس لدرجة إنني كدت أن أخسر طفلي بسبب قسوتك هذه ...."
1
حررت كفيها من قبضته ثم إتجهت نحو سريرها تجلس عليه بملامح مهمومة والحيرة تمكنت منها ...
+
هل تعود معه ...؟!
+
هي تحبه وهو يحبها ...
+
ربما هذا الشيء الوحيد الذي يبدو واضحا وأكيدا في علاقتهما ...
+
لكن ماذا عن تصرفاته ...؟!
+
ماذا عن قسوته وجبروته ...؟!
+
نظرت له بملامح ضائعة عندما وجدته يتقدم نحوها ...
+
ركع على قدميه أمامها ...
+
تطالعه هي بصمت متعب عندما قبض على كفيها بكفيه وقربهما من فمه يقبل الواحد تلو الآخر ..
+
شدد من قبضته على كفيها وهو يخبرها بأنفاس حارة :-
+
" رغم كل شيء ... و مهما حدث ... ثقي بأنني أحبكِ ... أحبكِ أكثر مما تتصورين ..."
1
لمس وجنتها برقة وعبراتها التي لمعت في مقلتيها آلمت قلبه ليهمس بصدق ونبضات قلبه التي رافقت همسه تشي بمدى غرامه وتتيمه بها :-
+
" ربما أبدو لك مؤذيا ... قاسيا ... معقدا ... "
+
أخذ نفسا عميقا ثم زفره ببطأ وإسترسل برجاء:-
+
" تأكدي بأن حبي لكِ لا يضاهيه حب ... أحبك ولا أتخيل حياتي بدونك يا توليب ... لا تتركيني أبدا ... أرجوكِ .... "
1
عاد يقبل كفيها يخبرها بصوت مرتجف :-
+
" أنا بدونك أضيع ... لا تتركيني ... لا تتخلين عني ... ليس بعدما وجدتك ..."
1
وهو كان يعني ما يقوله ..
+
هي نقطة الضوء الذي بدأ عندها كل شيء ..
+
هي النور الذي بدد عتمة روحه وأحيا داخله مشاعرا لم يعهدها من قبل ...
+
هي من يكتمل بها ومعها ودونها يضيع ...
+
هي ولا شيء سواها ...
+
سقطت دمعة يتيمة من عينيها سارعت تمسحها ليهمس بصوت مبحوح :-
+
" لا تبكي أرجوك ... لا أريد أن أبكيك ..."
+
همست وهي تبتسم بصعوبة :-
+
" لا أبكي ..."
+
مرر أنامله على وجنتها لتبتسم بعينين تلمعان بعبرات حبيسة عندما نهض مجددا وجلس جانبها يجذبها نحو صدره فتستكين بين ذراعيه ليهبط بشفتيه مقبلا شعرها ببطأ وهو يخبرها :-
+
" أحبك توليب ... لا أعرف كيف ومتى أحببتك لهذه الدرجة لكن ما أعرفه إنني أحبك ولن أتخلى عنك مهما حدث ..."
+
رفع وجهها نحوه يحاوطه بكفيه يخبرها بإقرار :-
+
" أنا لن أنفصل عنك مهما حدث ..ستبقين حبيبتي وزوجتي ونصفي الثاني الذي لا أكتمل بدونه ..."
+
إبتسمت برقة :-
+
" أعلم إنك متملك ..."
+
" نعم أنا متملك لكنني عاشق كذلك ..."
+
قالها بثبات قبلما ينحني نحو شفتيها يقبلها بعشق ممزوج بالشغف الذي كان وسيظل لها وحدها ....
+
**
+
بعد مرور بضعة أيام ...
+
إبتسمت وهي تتأمل صور لمجموعة من ملابس الأطفال عندما دلف هو إلى الداخل حاملا معه علبة زرقاء مربعة أثارت إنتباهها ...
+
جلس جانبها ومد العلبة إليها لتلتقطها وهي تسأل بعينين لامعتين :-
+
" هل جلبت هدية لي ..؟!"
+
أومأ برأسه لتفتح العلبة فتجد طقما ماسيا أنيقا نال إعجابها لتهمس برقة :-
+
" إنه رائع ..شكرا حبيبي ..."
+
ثم مالت تطبع قبلة على وجنته عندما مال مقبلا شفتيها وهو يخبرها :-
+
" سأكتفي بها مع إنني أشتاق لك بجنون .."
+
توردت وجنتاها بينما أخذ هو يطالعها بإفتنان قبلما ينتبه لهاتفها فيسأل بإهتمام :-
+
" ماذا كنت ترين على الهاتف ...؟!"
+
سارعت تفتح الهاتف وهي تريه بملامح متحمسة :-
+
" إنظر لملابس الأطفال كم هي جميلة ..."
+
أضافت وهي تلمس بطنها :-
+
" هل أشتري له الملابس منذ الآن أم أنتظر معرفة جنسه أولا ..؟!"
+
" برأيي أن ننتظر معرفة جنسه أولا ..."
+
قالها وهو يضع كفه فوق كفها الذي يحتوي بطنها بحرص لتهتف بملامح مشاكسة :-
+
" أعلم إنك تريده صبي يا إياس ..."
+
تنهد ثم قال بخفوت :-
+
"لا يهم صبي أو فتاة ... المهم أن تنهضي لي بالسلامة..."
+
ربتت على وجنته وهي تضيف :-
+
" سأفرح لإجلك إن كان صبيا ... صبيا يحمل إسم والدك .. باسل ... إنه إسم جميل بالمناسبة ..."
1
إبتسم بصمت دون تعليق بينما إستمرت هي في ثرثرتها وهو يتجاوب معها تارة ويشرد تارة أخرى ...
+
أغمض عينيه وهو يجذبها نحو صدره بينما يخبرها مشاكسا :-
+
" أحتاج أن أتحدث مع طبيبتك ..."
+
" لماذا ..؟!"
+
سألته وهي ترفع وجهها نحوه ليخبرها بإبتسامة خفيفة :-
+
" لأسألها إذا ما كان مسموح لنا ببعض الممارسات البسيطة ..."
+
" آية ممارسات ...؟!"
+
" الممارسات يا توليب ... "
+
قالها وهو يلتقط شفتيها بقبلة دافئة بطيئة لتدفعه وهي تتمتم بحنق :-
+
" توقف عن قلة الأدب .."
+
ضحك بقوة ثم قال وهو يجذبها نحو صدره :-
+
" ماذا أفعل إذا كنت أشتاق لزوجتي بجنون ..؟!"
+
أضاف وهو يتحرك بأنامله فوق ذراعها بحنو :-
+
" لا ضير من التقارب بشكل سطحي .. تصبيرة فقط ريثما تلدين سالمة وحينها لن أرحمك أبدا ..."
+
" توقف عن أحاديثك السافلة ودعنا ننام .."
+
قالتها وهي تخفي وجهها في صدره ليبتسم بهدوء وهو يحاوطها بذراعيه بحرص قبلما يغمض عينيه هو الآخر مقررا أن يستسلم للنوم فغدا لديه يوم عمل طويل ....
+
**
+
رنين هاتفه أيقظه فجرا ليجذبه سريعا متأملا رقم الحارس الشخصي الذي تركه أسفل البناية التي تقطن بها مروة ...
+
نهض بحذر من مكانه وهو يجيب على الهاتف بينما عيناه تتأملان زوجته الغافية بحرص :-
+
" ماذا هناك ..؟!"
+
" الهانم تلد يا باشا ..."
+
توتر كليا رغم إنه يدرك إقتراب موعد ولادتها...
+
" خذها إلى المشفى المجاور للشقة وأنا سآتي حالا ..."
+
تمتم بها بخفوت قبلما يسارع لتغيير ملابسه وهو يحرص ألا يصدر صوتا أثناء حركته ...
+
ألقى نظرة سريعة على زوجته النائمة بعمق قبلما يغادر المكان متجها إلى المشفى ..
1
**
+
فتحت توليب عينيها لتتفاجئ بعد لحظات بالفراش خاليا جانبها ...
+
نهضت من مكانها وهي تشعر ببعض التقلصات في بطنها ..
+
تجاهلت تلك التقلصات وهي تطمئن نفسها بعدم وجود شيء خطير خلفها فهذه ليست المرة الأولى التي تحدث معها هذه التقلصات المؤلمة ..
+
أخذت حماما دافئا ثم غادرته عندما شعرت بتلك التقلصات تزداد ...
+
بصعوبة بدلت ملابسها قبلما تجذب هاتفها مقررة الإتصال بزوجها كي يأتي ويأخذها إلى المشفى ...
+
بينما كان هو ينتظر خروج الطبيب بلهفة تمكنت منه ...
+
منذ ساعات تم إدخال مروة إلى غرفة الولادة ...
+
كانت منهارة ترفض الولادة حتى تراه وحالما رآته أوصته على وليدها ترجوه أن يعترف به ولا يظلمه ويمنحه كل الحب والرعاية إذا ما حدث لها شيئا ...
+
أغمض عينيه بتعب ممزوج بخوف فالولادة عسيرة كما أخبره الطبيب المشرف عليها ...
+
إنتبه لرنين هاتفه فوجد إسم زوجته يلمع على الشاشة ...
+
رفض مكالمتها فهو في حالة من التوتر تجعله غير قادرا على التحدث مع أحدهم ....
+
عاد هاتفه يرن مجددا فقرر أن يجيبها وبخبرها إنه في اجتماع عمل مهم لكن صوت بكاء الصغير الذي صدح في المكان جعله ينتفض من مكانه بلهفة راميا الهاتف جانبا عندما وجد الممرضة تخرج إليه بعد لحظات وهي تحمل الصغير بين ذراعيه ...
1
سارع يتناوله منها يتطلع لملامحه الصغيرة بقلب خافق بعنف ..
+
إبتسم بحنو وهو يتأمله ...
+
كان ولده .. إبنه من صلبه ..
+
مال نحوه يقبل جبينه بعمق قبلما يعاود النظر لملامحه الجميلة غير منتبها لصوت رنين الهاتف مجددا قبلما يهمس وعيناه تطالعان الصغير الذي إمتلك قلبه تماما حالما حمله بين ذراعيه بشكل لم يتصوره :-
+
" حبيبي ... "
+
ثم أغمض عينيه وهو يستنشق رائحته قبلما يهمس له مجددا بعدما فتح عينيه متطلعا إليه بحب جارف :-
+
" أنرت الدنيا يا باسل ... يا حبيب والدك ..."
3
نعم سيمنحه إسم باسل كما كان ينوي ويتمنى منذ سنوات ...
+
أما هي فرمت الهاتف جانبها بعدما يأست من جوابه ...
+
تشكلت العبرات في عينيها والألم يتضاعف ...
+
تحاملت على نفسها وهي تنهض من مكانها وتجذب الهاتف مجددا تتصل بوالدتها كي تنقذها لكن الألم إزداد مما جعلها تتأوه بصوت مسموع وهي تضم بطنها بكفيها قبلما تشهق بصوت عالي وهي تشعر بالدماء تتسرب أسفل قدميها لتنطلق صرختها عاليا وهي تنهار بجسدها على أرضية المكان بجزع و إنهيار فهي فقدت طفلها هذه المرة لا محالة ...
3
إنتهى الفصل
+