اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم سارة علي 


                                          

الفصل الثالث والثلاثون 



+



تجلس أمام مرآتها تتأمل جمالها المبهر بملامح واثقة ...


+



عيناها تحملان الكثير رغم هدوء ملامحها التي لا تناسب الموقف الذي تحياه ...


+



أخفضت عينيها تتأمل خاتمها الماسي ... خاتم زواجها ...


+



الخاتم الذي من المفترض أن تخلعه بعد دقائق ... بعدما ينتهي زواجها ... 


+



عادت ترفع عينيها نحو المرآة مجددا ..


+



تتأمل فتنتها التي لا خلاف عليها ...


+



شعرها الذي صففته بعنايه وتركته منسدلا بخصلاته المموجة على جانب وجهها ...


+



ملامحها المزينة بحرص ...


+



عيناها الخضراوان الواسعان وحمرة شفتيها القانية ..


+



لقد تعمدت أن تظهر بتلك الصورة المبهرة بل إنها بالغت في زينة وجهها وكأنها تستعد لحضور حفل زفاف لا لحظة طلاقها ...


+



عادت تجذب عطرها المميز برائحته القوية ترش منه الكثير فوق رقبتها نزولها إلى بقية جسدها ...


+



نهضت من مكانها تتأمل فستانها الأنيق بلونه الأسود والذي يشكل مع بياضها الناصع كارثة كونية ...


+



كانت تمثل الفتنة بأبهى صورها ...


+



عادت تنظر إلى الخاتم بينما تجيب على طرقات الباب :-


+



" تفضل ..."


+



دلف شقيقها إلى غرفتها ليتأملها لثواني بدهشة سرعان ما وضعها جانبا وهو يتقدم نحوها يتسائل بهدوء :-


+



" فادي في الأسفل .. ينتظرك هو والشيخ ..."


+



إبتسمت بهدوء وهي تخبره :-


+



" أنا جاهزة ... لنهبط سويا ..."


+



تأملها مرددا بتحفظ :-


+



" ألا ترين إنك تبالغين قليلا بإطلالتك هذه ..؟!"


+



" بل كثيرا ..."


+



قالتها وهي تضحك بنعومة ليهتف والإدراك لمع في عينيه :-


+



" أنت تخططين لشيء ما ... الأمر لا يحتاج إلى تفكير ..."


+



إبتسمت بتروي ثم قالت :-


+



" سنرى ..."


+



إلتفتت نحو المرآة تتأمل إطلالتها بحرص عندما شعرت به يقبض على كتفها يخبرها بحرص :-


+




                

" مالذي تخططين إليه يا غالية ...؟! أخبريني من فضلك .."


+



عادت تلتفت نحوها وهي محتفظة بذات الملامح الإعتيادية عندما أخبرته وهي تقبض على كفه الرابت فوق كتفها :-


+



" لا تقلق عليّ يا نديم ..."


+



تنهد ثم قال بخفوت :-


+



" كيف لا أقلق عليكِ يا غالية ..؟! أنت شقيقتي الوحيدة ..."


+



جذبته نحوها تعانقه بشكل خاطف ثم تعاود النظر نحوه وهي تخبره بثبات تمنحه الطمأنينة التي يحتاجها :-


+



" أنت تثق بي يا نديم ... أليس كذلك ..؟!"


+



سارع يومأ برأسه مرددا :-


+



" بالطبع ..."


+



إبتسمت وهي تردد :-


+



" لا تقلق بشأني إذن ... إطمئن ..."


+



إضطر أن يلتزم الصمت وداخله يتسائل عما يحدث فغالية تبدو مرتاحة تماما بينما تنوي على الكثير ...


+



رغم كل شيء هو يثق بشقيقته ورجاحة تفكيرها ولكن يبقى القلق حيا داخله فهي ليست فقط شقيقته بل قطعة من روحه التي يخشى عليها من نسمة الهواء ...


+



" هيا لنغادر ..."


+



قالتها وهي تتأبط ذراعه ليتحركان مغادران المكان عندما وجدا حياة في طريقهما تحمل صغيرها ...


+



فرغت حياة فمها بدهشة عفوية قبلما تتبادل النظرات مع نديم الذي هز رأسه بجهل ...


+



إبتسمت غالية  وهي تقبل الصغير بحب قبلما تطلب من حياة مرافقتهما فيهبط ثلاثتهم حيث ينتظرهم فادي مع الشيخ الذي أتى ليتمم الطلاق بينهما رسميا ...


+



**


+



كان يجلس بجانب الشيخ بملامح مختنقة بل روحه كلها تختنق من شدة الموقف الذي كان ثقيلا للغاية عليه ...


+



يعلم إنه يرتكب خطئا جسيما فيما يفعله لكن هذا أفضل ... أفضل لها ..


+



غالية لا تستحق أن تحيا مع رجل لا يمنحها الحياة التي تتمناها ...


+



هي تستحق أن تحيا حياة مثالية تشبهها ...


+



حياة زوجية سعيدة يتممها أطفال رائعون يشبهونها وهو لن يمنحها ذلك ...


+



مهما كان الحب ثابتا بينهما سيبقى هناك شيء مفقود في علاقتهما ...


+



ستبقى غريزة الأمومة حية داخلها وستبقى هي بحاجة لطفل يشبع تلك الغريزة ... 


+




        


          


                

يعلم إنه يقسو عليها بما يفعله ..


+



جرحها بشكل كبير ...


+



لكنه يقسو على نفسه أكثر بما يفعله ...


+



يكفي إنه سيحرم نفسها منها وهي المرأة الوحيدة التي أحب وسيبقى يحبها هي دونا عن سواها حتى آخر أنفاسه ....


+



في نهاية المطاف هو يفعل هذا لأجلها ....


+



لأجل مصلحتها وسعادتها التي تهمه أكثر من أي شيء ...


+



عبوس زين ملامحه وهو ينتبه لصوت طرقات كعبها العالي فوق أرضية المكان ...


+



رفع وجهه بتردد ليجدها تطل عليه بجمالها الذي فاق الخيال هذه المرة ...


+



حُبِست أنفاسه داخل صدره بينما عيناه منبهرتين تماما بهذا الجمال الآخاذ والذي لم يفشل يوما في إبهاره ...


+



لطالما إستطاعت غالية أن تسيطر على كافه حواسه في حضرة وجودها فتجعل عينيه مقيدتان بها وبحضورها الطاغي ....


+



لوهلة نسي كل شيء وما يحدث بينهما في هذه اللحظة مفكرا أن يخطفها حالا من جانب شقيقها ويأخذها لمكان بعيد تماما حيث لا أحد سواهما كي يحييان غرامها الأبدي ...


+



تمكن الإدراك منه بعد ثواني ليستوعب ما تفعله به ...


+



وقوفها أمامه بكل ثقة وإبتسامة باردة تزين  ثغرها وجوارها شقيقها الواجم ...


+



" أهلا فادي ..."


+



تمتمت بها بنبرة آجشة قبلما تتحرك بخيلاء وتأخذ مكانها على الكرسي المقابل له بينما ما زال هو مدهوشا بما يراه ...


+



جاورها شقيقها في جلستها وجلست حياة مع طفلها جانبهما بملامح حزينة ...


+



تقابلت نظراتهما مجددا ..


+



هي تطالعه بثبات وقوة وهو يجابهها بهدوء نجح في أن يستعيده أمامها ...


+



" هل نبدأ ...؟!"


+



تمتم بها نديم بجدية بينما بدأ الشيخ يتحدث بكلماته المعهودة يطلب من كليهما أن يراجعان أنفسهما قبلما يتخذان خطوة مصيرية كهذه ...


+



" نحن إتخذنا قرارنا بالفعل يا شيخ ..."


+



قالها فادي بجمود لترفع غالية حاجبها بتحدي وهي تردد :-


+



" لكنني لست موافقة ..."


+



طالعها شقيقها بدهشة لا تقل عن دهشة زوجته بينما بهتت هو ملامحه تماما وآخر شيء توقعه أن تقول غالية شيء كالذي سمعه ...


+




        

          


                

" غالية ... "


+



همس بها نديم بتحذير عندما نهضت من مكانها تطالعه بنظرات حادة تكاد تفتك به :-


+



" لا أريد الطلاق يا فادي خاصة وأنا أحمل طفلك ..."


+



كتمت حياة شهقتها بصعوبة بينما تنهد نديم بصمت لينتفض هو من مكانه يصيح بعدم إستيعاب :-


+



" ماذا ..؟! حامل ...؟!"


+



عقدت ساعديها أمام صدرها تجابهه بذات التحدي :-


+



" نعم حامل ... ما المشكلة في ذلك ...؟! "


+



" لا يمكن ..."


+



قالها وهو يهز رأسه بنفي و إنكار لينتفض نديم من مكانه هادرا به :-


+



" ماذا يعني لا يمكن ..."


+



" نديم ، من فضلك ..."


+



قالتها غالية وهي تقبض على كفه تضيف بينما تتابع ملامح فادي الشاحبة :-


+



" أعتقد إننا بحاجة أن نتحدث سويا على إنفراد..."


+



" نعم ، نحن بحاجة لذلك ..."


+



قالها فادي وهو يتماسك بإعجوبة عندما أشارت له أن يتقدمها إلى الغرفة المجاورة ليتحدثان سويا وعلى إنفراد ...


+



**


+



أغلقت غالية الباب ثم إستدارت نحوه لتجده يطالعها بإنفعالات متعددة وهو يسأل :-


+



" أنت حامل حقا ...؟!"


+



" لماذا أنت مصدوم هكذا ..؟!"


+



سألته بسخرية باردة ليهتف على الفور :-


+



" لأنني لا ..."


+



ثم إبتلع باقي كلماته غير قادر على التفوه بالمزيد لتكمل نيابة عنه :-


+



" لأنك تعاني من مشاكل صحية قد تمنعك من الإنجاب ..."


+



شحبت ملامحه كليا وهو يسأل بخفوت :-


+



" أنتِ تعرفين ...؟!"


+



" نعم أعرف ..."


+



قالتها بثبات وهي تضيف بنبرة باردة :-


+



" شككت منذ البداية بوجود خطب ما خلف تغيرك المفاجئ ورغبتك بالإنفصال عني لأسباب ليست منطقية ... بحثت خلفك .."


+



أخذت نفسا عميقا وهي تتذكر ما أقدمت عليه قبل مدة :-


+



" ذهبت إلى الفيلا بحجة جمع بقية أغراضي وهناك بحثت جيدا .. من حسن حظي إنني أحفظ رقم خزنتك السرية وهناك وجدت التقارير وفهمت كل شيء ..."


+




        

          


                

" إذا  كنت تكذبين قبل قليل بخصوص حملك و ..."


+



صاحت بحدة :-


+



" بالطبع أكذب ... "


+



أضافت وهي تندفع نحوه بخطوات عصبية :-


+



" من سمح لك بذلك ...؟! من سمح لك بالإنفصال عني لسبب كهذا ...؟! "


+



" غالية أنا كنت مجبر ... قرار كهذا لم يكن سهلا عليّ كما تظنين ..."


+



قالها بصعوبة لتصيح بغضب :-


+



" مجبر ...؟! حقا يا فادي ...؟! هل تعي ما فعلته بي ...؟!"


+



إحتقنت ملامحها تماما بينما تصيح بقهر :-


+



" أنت آلمتني لدرجة لا يمكنك تخيلها ... حطمت قلبي ومشاعري ... "


+



تابعت بوجع سكن ملامحها رغما عنها :-


+



" كيف تفعل بي هذا ..؟! كيف تضعني في موقف كهذا ...؟! كيف تجرحني بهذا الشكل ...؟! كيف ...؟!!"


+



" لأجلك ..."


+



صرخ بها بقوة وهو يضيف بقهر :-"فعلت هذا لأجلك ... لأجل أن تعيشي مع رجل كامل يمنحك الأطفال الذين تمنيتهم ... لم أرغب بربطك بي وأنا العاجز عن منحك الأطفال الذين تستحقينهم ... أنت تستحقين رجلا يمنحك حياة كاملة لا ينقصها شيء وأنا لا أستطيع ذلك ووجودي جانبك سيحرمك من أهم شيء تتمناه أي امرأة ..."


+



" بأي حق تقرر شيء كهذا نيابة عني ...؟! "


+



سألته بنبرة عصبية وهي تضيف بأنفاس متصاعدة :-


+



" أنت لا يحق لك أن تفعل بي هذا ... لا يحق لك أن تجرحني بهذه الطريقة ولا يحق لي أن تقرر أمرا كهذا نيابة عني .. قرار كهذا يخصني وحدي ... وحدي أنا يا فادي ... "


+



طالعها بضعف لأول مرة تراه عليه ...


+



ضعف آلمها بقوة لكنها تجاهلت شعورها هذا وهي تخبره بحسم :-


+



" أنا أحببتك يا فادي وما زلت أحبك .. لكن ما فعلته خطأ كبير جدا ..."


+



" أنا آسف ..."


+



تمتم بها بصوت خافت بالكاد وصل لمسمعها قبلما يخفض بصره أرضا بعجز مؤلم لتهمس والعبرات ملأت عينيها :-


+



" أنا إخترتك أنت دونا عن أي شخص آخر .. أردتك أنت ... "


+



" أعلم .."


+



تمتم بها بخفوت وهو يضيف مبررا لها سبب تصرفه :-


+



" لكنك تحتاجين أن تكونين أما .. تستحقين ذلك يا غالية ... الأمومة ليست شيء بسيطا يمكنك التنازل عنه ... "


+




        

          


                

أخذت نفسا عميقا ثم همست بصعوبة :-


+



" أعلم ذلك ... لكن عليك أن تعلم بأن رغبتي في الأمومة ليست أهم منك ومن حبي لك ...."


+



زفرت أنفاسها ببطأ ثم أضافت بجدية :-


+



" صدقني لو علمت بحالتك تلك حتى قبل زواجنا لكنت تزوجت منك دون تردد ... "


+



مجددا تضعه في موقف لا يحسد عليه ..


+



مجددا تجعله يشعر بالخجل من نفسه ...


+



" غالية أنا ...."


+



قاطعته بجمود :-


+



" لا تقل شيئا يا فادي .... لا تقل أي شيء ..."


+



تلاقت عينيهما مجددا فرأى في نظراتها الخيبة والآسف ...


+



مالذي فعله بنفسه وفعله بها ...؟!


+



كيف تصرف بهذه الحماقة ..؟!


+



بصعوبة نطق :-


+



" صدقي أو لا تصدقي فأنا فعلت كل هذا لأجلك ..."


+



" ليتك لم تفعل أي شي..."


+



هتفت بها بآسف وهي تضيف :-


+



" ليتك أخبرتني بالحقيقة ... لو كنت صارحتني من البداية بحقيقة مرضك لكنا تجاوزنا تلك الحقيقة سويا  ... "


+



حاول التقدم نحوها لكنها أوقفته بحزم :-


+



" لا تقترب ..."


+



" سامحيني ... كنت أحمقا ولكن..."


+



" لا أستطيع الآن ..."


+



همست بها لتضيف بتعب :-


+



" غادر يا فادي ... بعدما حدث كلانا يحتاج أن ينفرد بنفسه ويعيد حساباته جيدا ... "


+



أضافت مرغمة:-


+



" ربما أخطأنا في زواجنا بالفعل كما قلت مسبقا ..."


+



هتف بسرعة رافضا ما تفوهت به :- 


+



" لم أقل هذا لأنني أقصده بالفعل ولكن ..."


+



قاطعته بصلابة :-


+



" ما حدث في الآونة الأخيرة أثبت لي بأن علاقتنا لم تكن قوية بما يكفي كما كنت أعتقد والدليل إننا لجئنا للإنفصال عند أول أزمة واجهتنا ..."


+



" كلا يا غالية ... لا تقولي هذا ..."


+



قالها برجاء لتهتف بصلابة :-


+




        

          


                

" لهذا من الأفضل أن نراجع أنفسنا جيدا فربما الإنفصال سيكون أفضل لكلينا ..."


+



تجاهل ألم قلبه وهو يخبرها :-


+



" مالذي تريدينه بالضبط يا غالية ...؟!"


+



" أخبرتك يا فادي ... أحتاج أن أنفرد بنفسي ... أحتاج بعضا من الوقت ... هذه ستكون فرصة لكلينا ... وأنت أيضا راجع نفسك ... علينا مراجعة علاقتنا كي لا نتخذ قرارا نندم عليه فيما بعد ... أيا كان قرارنا هذه المرة فسيكون قرار بلا رجعة ... "


+



أنهت حديثها وتحركت مغادرة المكان يتابع هو رحيلها بحسرة ...


+



**


+



يتأمل صغيره النائم بسلام ببسمة خافتة ...


+



الصغير الذي سيكمل شهره الثاني قريبا ...


+



كلما كبِرَ إزداد شبها به بعينيه الخضراوين اللامعتين وشعره البني الفاتح وملامحه التي تشبهه لحد كبير ...


+



أطلق تنهيدة خافتة قبلما ينحني قربه مقبلا جبينه ببطأ ثم يتحرك مغادرا المكان فيجدها قباله تطالعه بنظرات متحفزة ...


+



سيطر الوجوم على ملامحه حالما رآها ...


+



هو يجاهد بصعوبة كي يتقبل وجودها رغما عنه ...


+



" يجب أن نتحدث ..."


+



هتفت بها وهي تشير له أن يتقدم إلى صالة الجلوس ليتبعها بضيق قبلما يسأل بحدة خافتة  :-


+



" نعم ...؟!" 


+



عقدت ساعديها أمام صدرها وهي تسأل بتحفز :-


+



" علام تنوي يا إياس ..؟! منذ ولادة باسل وأنت لم تفعل شيئا ... تركتني مجددا وحدي وولدي معي و ..."


+



قاطعها بحزم :-


+



" مالذي تنتظرينه مني حاليا يا مروة ...؟! لم يمر على ولادة باسل سوى شهر ونصف .. هل تعتقدين إنني سأحل كل شيء بهذه السرعة ...؟!"


+



" أنت وعدتني إنك ستعترف بباسل ..."


+



هتفت بها ليخبرها بجدية :-


+



" وهذا ما سيحدث .. منحته إسمي وسيأتي اليوم الذي سيعرف الجميع بوجوده .. لا أفعل هذا لأجلك أو خوفا منك بل  سأفعله لأنه ولدي .. ولدي من صلبي .. ولدي الذي أحبه وسأسعى لينال كافة حقوقه ولن أبخل عليه بشيء ..."


+



" لماذا تتركه مخفيا عن الجميع إذا ..؟! لماذا لا تعلن للجميع عن ولادته ..؟!"


+



صاحت بها بنفاذ صبر ليهتف بحدة :-


+



" لأن الوضع الحالي لا يسمح بذلك .. لأن مصلحة ولدك نفسه تقتضي أن نؤجل هذا الأمر حتى أرتب أموري أولا ..."


+




        

          


                

" مصلحته أم مصلحتك ...؟! خوفك من خسارة الهانم زوجتك التي لن تتقبل وجود طفل لك من امرأة غيرها ..." 


+



" لا شأن لك بها ..."


+



هدر بها بحزم وهو يضيف بحدة :-


+



" الأمر لا يتعلق بتوليب فقط فجدي إن علِم بوجود باسل سيفعل الكثير .. لن يقبل أن يعترف به وربما سينقلب ضدي وغالبا سيحرمني من الميراث بل من كل شيء ..."


+



إسترسل بأنفاس هادرة :-


+



" إعترافي بباسل حاليا وإظهاره للعلن سيدمرني كليا ويجعلني أخسر كل شيء وبالتالي ولدك سيخسر كل شيء بدوره ... "


+



تجهم بضيق مفكرا إن ردة فعل جده ستكون قاسية للغاية فهو يعرف جده جيدا ويعرف ما سيفعله إن علم بوجود طفل له من مروة ...


+



سيخسر كل شيء حينها ..


+



يفقد إحترام جده له وربما ينقلب الجد ضده تماما ناهيك عن عمه وولده اللذين سيستغلان ما حدث ضده ...


+



ألا يكفي معرفة رأفت بكل شيء وهو بالتأكيد يسعى الآن ليثبت عن حقيقة ولادة طفله أمام الجميع كي يحقق إنتقامه منه ...؟!


+



أفاق من شروده على صوتها وهي تسأل  :-


+



" ماذا ستفعل إذا ..؟! لا تقل لي إنك ستنتظر رحيل جدك كي تعترف به أمام الجميع ...!"


+



" إنتبهي على حديثك يا مروة ..."


+



قالها بحدة وهو يضيف بثبات :-


+



" أنا أسعى لترتيب أموري جيدا وأنتِ عليك الصبر .. "


+



أضاف بنبرة محذرة :-


+



" وليكن بعلمك أي تصرف منك دون علمي وأي محاولة غدر منك ستجعلك تخسرين كل شيء ... لن أرحمك حينها يا مروة ...ستبقين هنا مع ولدك معززة مكرمة ولن تخطّي خطوة واحدة دون إذن مني .. "


+



تنهدت ثم قالت برجاء :-


+



" فقط عدني ألا يستمر هذا الوضع طويلا ..."


+



صاح بصرامة :-


+



" أنا حر .. وأنت ليس عليك سوى القبول ... وسأكررها مجددا .. إنه ولدي ... ولدي أنا .. وسأفعل كل شيء لأجله ... هل فهمت ..؟!"


+



أومأت برأسها مرغمة بينما تحرك هو مغادرا المكان تاركا إياها تطالعه بضيق ممزوج بالغضب ...


+



أما هو فشرد لا إراديا في وضعه الحالي ووضع ولده الذي سيبقى في السر لفترة غير معلومة ..


+




        

          


                

هو لن يستطيع إظهاره للعلن حتى يرتب كل شيء ويستقر كليا ...


+



من جهة توليب وردة فعلها حينها ومن جهة جده الذي لن يرحمه وسيفعل كل شيء كي يخفي هذا الصغير عن الأنظار وهذا ما لن يسمح به أبدا ...


+



تنهد بتعب متذكرا إجهاض زوجته وحالة القهر التي تحيا بها ..


+



كان يريد هذا الطفل بشدة ..


+



قدومه كان سيغير الكثير ..


+



وصل إلى القصر وهناك وجدها في جناحها تعتزل الجميع كعادتها في الآونة الأخيرة ...


+



منذ خروجها من المشفى وهي على هذه الحال ..


+



حزينة دائما .. 


+



شاردة طوال الوقت وكأنها في ملكوت آخر ..


+



بالكاد تتبادل الحديث معه بينما تقضي معظم وقتها شاردة بصمت مؤلم ..


+



تنهد بتعب وهو يسير نحوها يجاورها في جلستها ويجذبها نحو صدره في عناق دافئ ..


+



ما زال يلوم نفسه على ما حدث ..


+



كيف تجاهل مكالمتها ..؟! 


+



رغم إدراكه لحتمية إجهاضها بسبب وضع رحمها الصحي لكنه يشعر بالذنب رغما عنه فهو لم يكن بجانبها بينما كانت في أشد إحتياجها له ..


+



ذنب لن يغفره لنفسه أبدا و يحاول تعويضه بكافة الطرق ..


+



" توليب حبيبتي .."


+



همس بها بخفوت وهو يقبل عنقها بحب لتهمس بصعوبة :-


+



" نعم يا إياس ...."


+



تنهد وهو يميل مقبلا جبينها متسائلا :-


+



" إلى متى يا توليب ..؟!"


+



ترقرقت العبرات في عينيها بينما تخبره بصعوبة :-


+



" لا أستطيع التحمل ... كنت أريده بشدة ... "


+



تحركت بجسدها من بين أحضانه تقابله في جلسته تخبره وعبراتها تشق طريقها فوق وجنتيها :-


+



" أردته بشدة يا إياس ... ألا يحق لي ذلك ..؟! ألا يحق لي أن أكون أما ..؟!"


+



هتف بسرعة وآلمها يحرق قلبه :-


+



" ستكونين يا حبيبتي .. صدقيني ستكونين .."


+



شهقت باكية ليسارع ويجذبها نحو صدره مجددا يهدهدها كطفلة صغيرة يحاول أن يخفف عنها ويمنحها آملا تحتاجه ...


+




        

          


                

" ألم تسمعِ ما قالته الطبيبة ..؟! مجرد عملية صغيرة ويمكنكِ أن تحملي بشكل طبيعي بعدها .."


+



" لم أعد أصدق حتى هذا .."


+



تمتمت بها وهي تتحرر من أحضانه وتمسح عبراتها قبلما تضيف بوجع :-


+



" قد تفشل العملية ... قد لا أحمل مجددا ..."


+



أضافت وهي تتأمله بحسرة :-


+



" ربما لن أستطيع الإنجاب طوال عمري ... ربما سأبقى هكذا ... وأنت لن تحصل على الطفل الذي تتمناه مني .. ماذا سيحدث حينها ..؟!"


+



تسائلت بعينين تائهتين حائرتين قبل أن تضيف بصوت مبحوح متألم :-


+



" ستتزوج غيري .. بالطبع ستفعل ... "


+



البؤس سيطر على ملامحها وهي تضيف بقهر مكبوت :-


+



" أنت لن تتنازل عن رغبتك في الحصول على طفل من صلبك حتى لو لأجلي وأنا لن أبقى معك حينها ... سأغادر حياتك دون رجعة ..."


+



هتف بعدم تصديق لما وصلت إليه أفكارها :-


+



" ماذا تقولين يا توليب ..؟! العملية أساسا بسيطة ونسبة نجاحها مضمونة ... "


+



أضاف وهو يبتلع ريقه بصعوبة متذكرا إنجابه ولدا من أخرى :-


+



"كما إنني لن أتخلى عنك مهما حدث ... "


+



قبض على ذقنها يرفع وجهها بملامحه البائسة نحوه يخبرها بعشق مدجج بالتملك :-


+



" لن أتركك مهما حدث .. أنت زوجتي وستبقين هكذا بوجود أطفال أو بعدم وجودهم ...."


+



أخذ نفسا عميقا ثم قال بجدية :-


+



" غدا سنتحدث مع الطبيبة بشأن العملية .. ما رأيك ..؟!"


+



همست بتردد :-


+



" أخشى ألا تنجح ..."


+



قال بسرعة وثبات :-


+



" هذا هراء ... نجاح العملية مضمون بإقرار الأطباء نفسهم .."


+



أضاف بحرص :-


+



" لا تخشي من شيء يا حبيبتي .. ستجرين العملية وتنجح بإذن الله ثم تنجبين بعدها الطفل الذي تمنيته طويلا ..."


+



طالعته بشك وملامح معذبة :-


+



" هل تعتقد هذا حقا ..؟!"


+



" بالطبع يا حبيبتي ..."


+



عاد و جذبها في عناق دافئ إستسلمت له ...


+




        

          


                

تنهد بصمت ثم قال بجدية :-


+



" ما رأيك أن نسافر خارج البلاد  لبضعة أيام ...؟!"


+



إبتعدت من بين أحضانه تهتف بدهشة خافتة :-


+



" نسافر ..؟!!"


+



عانق وجهها بكفيه هاتفا بتروي :-


+



" نعم يا توليب ... كلانا يحتاج لذلك ... كلانا يحتاج لهدنة قصيرة بعد أحداث الفترة الماضية ... "


+



أكمل متذكرا :-


+



" نسافر ونعود قبل زفاف هالة ..."


+



أكمل بجدية :-


+



" وبعد الزفاف نسافر خارجا لإجراء العملية فأنا أفضل إجرائها خارج البلاد ....صحيح إنها عملية بسيطة وسهلة كما قالت الطبيبة ولكنني هكذا  سأطمئن أكثر ..."


+



تنهدت بصعوبة ثم همست بضعف :-


+



" حسنا كما تريدين ..."


+



أكملت بتساؤل :-


+



" هل سنذهب إلى الطبيبة قبل رحلتنا القصيرة ...؟!"


+



" نعم حبيبتي .. كي نرتب كل شيء  ونستعد للسفر مباشرة بعد الزفاف  .."


+



" جيد ..."


+



تمتمت بها بخفوت قبلما تندس بجسدها بين ذراعيه تهمس له بذات الخفوت :-


+



" أنا أحبك كثيرا يا إياس ...."


+



" وأنا أعشقك يا قلب وروح إياس ..."


+



قالها وهو يشدد من إحتضانها شاعرا بالإكتمال كعادته بوجودها بين ذراعيه ...


+



**


+



يقف أمام قبر زوجته يقرأ الفاتحة على روحها قبلما يتأمل قبرها بشرود ..


+



يتسائل عما سيفعله بشأن وصيتها التي صدمته بشدة ..


+



يتمنى لو يستطيع أن يفهم غرضها الحقيقي من هذه الوصية الغريبة ..


+



هل أرادت أن تضمن لطفلتها أما تعوضها عن غيابها عنها وهل أروى يمكنها أن تكون هذه الأم ..؟!


+



مالذي سوف تستفيده أروى من هذه الزيجة وهل لديها علم بوصية نغم ...؟!


+



أسئلة كثيرة تدور في رأسه لا جواب لها ..


+



الحيرة تتملك منه .. قلبه وعقله يرفضان هذه الوصية بشدة ..


+



تنهد بصمت ثم هتف بصوت هامس :-


+




        

          


                

" لماذا يا نغم ..؟! لماذا وضعتني في هذا الموقف ..؟! لماذا تركتني أسيرا لحيرتي وترددي بشأن وصيتك الغير مقنعة ..؟! لا أستطيع الزواج منها يا نغم .. ولا حتى من غيرها .."


+



أغمض عينيه بقهر قبلما يفتحهما مجددا وهو يسترسل بتساؤلاته وكأنها تسمعه :-


+



" ما هي غايتك الحقيقية يا نغم ..؟! لماذا أردتِ زواجي ..؟! ولماذا أروى تحديدا ..؟! لماذا ..؟!"


+



كان هناك سر في الأمر .. سر ربما لن يعرفه أبدا .. سر مات برحيلها ..


+



ماذا أرادت نغم من وصيتها هذه ..؟!


+



كيف إستطاعت أساسا أن تطلب منه شيئا كهذا ..؟!


+



وكيف إستطاعت هي نفسها تحمل هذا ..؟! 


+



كم تألمت وهي تطلب منه الزواج من غيرها ..؟! 


+



بالطبع الموقف كان مؤلما وصعبا للغاية ..!


+



ما الثمن المقابل لهذه الزيجة ..؟!


+



ألهذه الدرجة تثق بقدرة أروى على إحتواء صغيرتها ومنحها الأمومة التي تحتاجها ..؟!


+



بقيت تساؤلاته كما هي بينما يودعها بنظراته ويرحل متجها إلى المشفى ..


+



هناك إلتقى بمؤيد الذي سأله عن سبب تأخره في القدوم ليخبره :-


+



" كنت عند نغم .."


+



لم يغب عنه التأثر الذي ظهر على ملامح صديقه بوضوح قبلما ينطق بصعوبة :-


+



" رحمها الله .."


+



أضاف مؤيد بخفوت :-


+



" حتى الآن لا أستوعب رحيلها .."


+



" ولا أنا يا مؤيد .. ولا أنا .."


+



قالها راجي بنبرة متعبة قبلما يجلس على أحد الكراسي جانبا ليسأله مؤيد بإهتمام :-


+



" أشعر إنك تعاني من أمر ما يا راجي .. هناك شيء ما تخفيه داخلك .."


+



طالعه راجي بنظرات مثقلة بالهموم ليجاوره صديقه وهو يسأل بقلق :-


+



" ماذا هناك ..؟! أخبرني .. "


+



تردد راجي في البوح ..


+



كان بطبعه كتوما لا يلجأ لمن حوله ولا يفضفض لأحدهم سوى نادرا لكنه الآن يشعر وكأنه في أمس الحاجة لمن يسمعه ويساعده في حيرته التي أرهقته بشدة ..


+



ورغم ذلك وجد نفسه رافضا البوح مكتفيا بكلمات بسيطة :-


+



" لا شيء .. أنا فقط أفكر بحياة وكيف ستحيا دون والدتها .."


+




        

          


                

" أنت ستكون جانبها يا راجي ..."


+



قالها مؤيد بجدية وهو يضيف :-


+



" ستكون أبا رائعا لها يعوضها عن غياب والدتها .. "


+



" هل تعتقد إنني سأستطيع فعل ذلك ..؟!"


+



سأله راجي بصوت مبحوح قبلما يضيف مجيبا على تساؤله دونما ينتظر جواب صديقه :-


+



" لن أستطيع مهما حاولت فلا أحد يعوض غياب الأم يا مؤيد .. "


+



تنهد مؤيد بصمت ثم قال بجدية :-


+



" هذا صحيح ولكن .."


+



توقف لوهلة قبلما يقول بحزن صامت :-


+



" إنه قدرها .. حياة ليست الطفلة الوحيدة التي ستنشأ بلا أم .. على الأقل هي لديها أب رائع مثلك وعائلة كبيرة مثل عائلتك..."


+



" نعم عائلتي .. يكفي إن عائلة والدتها تتجاهل وجودها ولم يسأل أي فرد منهم عنها .. "


+



أضاف بسخرية مريرة :-


+



" ربما يحملونها ذنب رحيل إبنتهم .."


+



" لا أصدق إن نغم بكل روعتها تمتلك عائلة جاحدة كهذه العائلة .."


+



أضاف بعفوية :-


+



" نغم كانت رائعة وجميلة للغاية ولا تستحق عائلة كهذه ..."


+



" أنت تحب نغم كثيرا يا مؤيد ..."


+



قالها راجي بنبرة ثقيلة رغم حفاظه على هدوء ملامحه ليهمس مؤيد بتوتر :-


+



" بالطبع .. إنها بمثابة شقيقتي و .."


+



توقف وهو يرى نظرات صديقه الغير راضية ..



+



"أحببتها ..؟! كنت تحبها يا مؤيد..."


+



سأل بصوت محتقن وملامح واجمة ليهمس الأخير بخفوت :-


+



" سأكذب إن قلت غير ذلك ..."


+



تنهد ثم قال بنفس الخفوت :-


+



" نعم أحببتها ..."


+



إسترسل محافظا على خفوت نبرته يبوح بسر أخفاه لسنوات :-


+



" حاولت ألا أفعل ... حاولت كثيرا ... أقسم لك .. " 


+



غامت عيناه بعيدا حيث هي بكل تفاصليها التي سلبته قلبه:-


+



" أنت تعرف جيدا إنها لم تكن واحدة عادية .. لا أعتقد إن هناك شخص رآها ولم يتأثر بها ... إنها من نوع النساء اللاتي يفرضن حظورهن بقوة ... لذا كان من الصعب جدا ألا أنجذب إليها ... ألا أتأثر بها وألا تتحرك مشاعري نحوها فهي بكل ما فيها تجبر الفرد أن ينجذب لها ويغرق في تفاصيلها ... كنت مفتونا بها ولا زلت ..."


+




        

          


                

كان أسوأ إعتراف ..


+



إعتراف سيندم عليه مستقبلا لا محالة لكنه لم يعتد الكذب كما إنه كان بحاجة ليبوح بمكنونات قلبه لأي شخص حتى 


+



لو كان آخر شخص يفترض به أن يسمع حديثه..!


+



ران الصمت بينهما لمدة لا بأس بها قبلما يهمس راجي بخفوت :-


+



" أعرف بل أنا أكثر من يعرف يا مؤيد .."


+



" صدقني يا راجي مشاعري بقيت داخلي ولم يعلم بها أي أحد بل أنت أول شخص يدركها .. لا أريد لهذه الحقيقة أن تؤثر على صداقتنا .. أنا لا أعرف أساسا كيف تفوهت بهذه الكلمات .. عاهدت نفسي إنها ستبقى بمثابة شقيقة لي لا أكثر لكن .."


+



هتف راجي بجدية :-


+



" لا تبرر يا مؤيد .. أساسا حديثنا هذا لا داعي له .. نغم رحلت .. رحلت ولن تعود .. أما مشاعرك فهي تخصك ولا يمكنني محاسبتك على شيء إحتفظت به داخلك .. أنت كنت نعم الصديق لكلينا ..."


+



" لا أريد لإعترافي هذا أن يؤثر على علاقتنا يا راجي .. أرجوك .."


+



قالها مؤيد بنبرة مترجية ليهتف راجي وهو ينهض من مكانه مرددا بعدما ربت على كتف صديقه :-


+



" لن يحدث هذا بإذن الله .."


+



ثم تحرك متجها إلى غرفته هناك حيث إنفرد بنفسه وسط ذكرياته مع زوجته الراحلة حتى قرر النهوض لممارسة عمله ..


+



**


+



إنتهت أروى من عملها لهذا اليوم فهمت بالمغادرة عندما قابلته في طريقها ..


+



غلبها توترها لوهلة وشعر هو بها فسألها بملامح هادئة تخلو من العدائية  :-


+



" مرحبا دكتورة أروى .."


+



" أهلا دكتور عمر .."


+



تمتمت بها بخفوت لتجده يتأملها بإهتمام قبلما يهتف بجدية :-


+



" من الجيد إن دكتور راجي نجح في إقناعك بالتراجع عن قرار الإستقالة .."


+



شحبت ملامحها لا إراديا فهي لم تكن تعلم بمعرفته عن رغبتها السابقة في ترك العمل ..


+



بصعوبة سيطرت على رباطة جأشها وهي تخبره بثبات مصطنع :-


+



" لولا دكتور راجي ما كنت لأبقى دقيقة واحدة هنا بعدما تعرضت له من إهانة وظلم غير مقبول .."


+



" ما حدث كان غير مقصودا يا دكتورة .."


+



قالها بجدية وهو يضيف بذات الهدوء :-


+




        

          


                

" والحمد لله إن كل شيء إنتهى بخير بفضل الله أولا وبجهودك ثانيا لذا نحن نعتز بطبيبة ماهرة مثلك وسعيدين بوجودك معنا .."


+



أنهى كلماته بإبتسامة مقتضبة وغادر على الفور لتستوعب بينها وبين نفسها إنه كان يعتذر بشكل غير مباشر ..


+



تنهدت بصمت وهي تتحرك نحو غرفة راجي متذكرة رغبتها بزيارة الصغيرة والتي أجلتها لأكثر من مرة ..


+



هناك وجدته يجمع أغراضه وعلى ما يبدو إنه على وشك مغادرة المشفى بدوره ..


+



" أهلا دكتورة .."


+



قالها مرحبا لتخبره بتردد بعدما ردت تحيته :-


+



" هل يمكنني رؤية حياة ..؟!"


+



" نعم بالطبع .."


+



قالها وهو يضيف :-


+



" لكنها في قصر العائلة حاليا ... يمكننا أن نذهب سويا الآن فأنا سأغادر كما ترين .."


+



أرادت أن ترفض الذهاب خجلا من لقاء عائلته وموقفها أمامهم لتهتف بتردد :-


+



" يمكنني أن أراها فيما بعد منعا للإحراج .."


+



" لا يوجد أي إحراج .. سنذهب سويا .."


+



إضطرت مرغمة للقبول فهمست بخفوت :-


+



" سأنتظرك داخل سيارتي في الكراج .."


+



هز رأسه متفهما بينما غادرت هي وبقيت تنتظره في الكراج عندما أتى بعد دقائق قليلة لتتحرك بسيارتها تتبعه حتى وصلا إلى قصر عائلته ..


+



تضاعف خجلها عندما وصلت إلى هناك بينما تفتح الخادمة لهما الباب مرحبة بهما ..


+



أشار لها أن تتقدم وطلب منها الإنتظار في غرفة الضيوف ريثما يأتي بالصغيرة ..


+



وجدها مستيقظة في سريرها ومربيتها تجلس قريبة منها..


+



ألقى التحية وهو يحملها بإبتسامة متسعة قبلما يغمرها بقبلاته ثم يتحرك بها مغادرا غرفتها ليجد والدته في وجهه تبتسم له مرحبة فأخبرها :-


+



" صديقة نغم هنا .. أتت لترى حياة .."


+



" تلك التي أتت مسبقا في منزلك .."


+



هتفت بها زهرة بتذكر ليومأ برأسه وهو يتحرك جانبها حيث غرفة الضيوف ..


+



رحبت زهرة بأروى قبلما تتناول الأخيرة الصغيرة من راجي وتضمها لأحضانها بمحبة خالصة تحت أنظار راجي المراقبة بإهتمام ...


+




        

          


                

إبتسمت زهرة وهي تطلب من أروى الجلوس مجددا لتجلس أروى والصغيرة ما زالت بين أحضانها ..


+



" ماشاءالله .. كبرت كثيرا عن المرة السابقة .. "


+



ثم عادت تتأملها بحنو قبلما تتبادل الأحاديث بخجل مع زهرة بينما راجي يتابعها بصمت وإهتمام ..


+



غادرت أروى بعدها وبقي هو مع الصغيرة ليشعر بوالدته خلفه تسأله بجدية :-


+



" ما قصة هذه الدكتورة يا راجي ..؟! أليس غريبا إهتمامها بالصغيرة لهذه الدرجة ..؟!"


+



" إنها وصية نغم يا أمي .. نغم أوصتها على حياة قبل رحيلها ..."


+



قالها راجي بجدية وهو يضع حياة في سريرها ثم يلتفت لها ليجد الشكوك واضحة على ملامح والدته التي عادت تسأل :-


+



" وماذا أوصتها أيضا ..؟! غريب أن تطلب نغم منها شيئا كهذا .. هل كانتا مقربتين لهذه الدرجة ..؟!"


+



" أروى كانت الأقرب لنغم في الفترة الأخيرة من حياتها .. "


+



إكتفى بهذه الكلمات عندما قالت والدته بتروي :-


+



" من الواضح إن نغم تعمدت وصيتها هذه وربما تسعى لشيء آخر من خلالها .."


+



تجهمت ملامحه بقوة بينما تسأله والدته :-


+



" ما رأيك أنت يا بني ..؟!"


+



" لا أعلم .."


+



تمتم بها بجدية وهو يهم بالمغادرة لتتبعه والدته وهي تخبره بحكمة :-


+



" من الواضح إن نغم لم ترغب بتركك مع طفلتك وحيدا .. أرادت أن تجمعك بها ... "


+



كان الأمر واضحا ولا يحتاج إلى تفكير ليتنهد راجي بصمت بينما تضيف والدته الواقفة خلفه :-


+



" ولكن هذا لا يعني إنك مجبر على تنفيذ وصيتها يا راجي فهذه حياتك وأنت من تقرر القادم فيها لا غيرك .."


+



" أنا لا يمكن أن أفكر بالزواج من غيرها أساسا .."


+



قالها بحزم لتهتف زهرة وهي تتقدم إلى الأمام وتقف قباله :-


+



" حاليا لن تفكر لكن مستقبلا يجب أن تفعل .. أنت لن تحيا عازبا ما تبقى من عمرك .."


+



" ربما أنا أريد ذلك .."


+



قالها بوجوم لتهتف والدته بمنطقية :-


+



" كلامك هذا ليس منطقيا يا بني ولا يرضي أحد .. نغم نفسها من الواضح إنها أرادتك أن تحيا من بعدها وتتزوج من غيرها بل وتعمدت الزج بصديقتها في حياتك أنت والصغيرة للتقريب بينكما .."


+




        

          


                

تنهدت ثم قالت بمنطقية :-


+



" لذا أنت يجب أن تتزوج فيما بعد وتأتي بإمرأة تناسبك كزوجة وأم لطفلتك لكن هذا لا يعني أن تجبر نفسك على الزواج من صديقة نغم لأنها أرادت ذلك .."


+



"لمَ أنت مقتنعة تماما بأن هذه رغبة نغم ..؟!"


+



" هذا واضحا .. فكرة أن تطلب نغم من صديقتها زيارة الصغيرة بإستمرار تعني شيئا واحدا وهو ما فكرت به .. ربما صديقتها نفسها تعلم برغبتها هذه .. لا أحد يعلم ما إتفقتا عليه لكن ما أريد قوله إنك غير مجبر على تنفيذ هذه الرغبة .. يعني إن كانت الفتاة تناسبك فخيرا على خير لكن إن لم تكن لديك رغبة فيها فهذا لا يعني أن تجبر نفسك عليها لا لأجل نغم ولا لأجل إبنتك حتى .. هل فهمت ..؟!"


+



أومأ برأسه دون رد بينما إبتسمت هي بحنو وكفها تربت فوق كتفه لتتحرك مغادرة المكان تاركة إياه غارقا في أفكاره التي عادت تتمحور حول تلك الوصية وما سيفعله بشأنها ..


+



**


+



يجلس في مكتبه يتأمل صورتها على هاتفه بشرود غير مستوعبا بعد ما علمه بشأنها وكيف تكون رانيا شقيقتها كما أخبرته حالما سألها عن تلك الصورة التي جمعت بينهما ..


+



لا يعلم حتى الآن كيف إستطاع التماسك حينها ومغادرة الشقة دونما يظهر عليه أي ردة فعل تشي بصدمته ومعرفته بهويتها أمام رانيا التي بات يتعامل معها بتحفظ شديد متباعدا عنها قدر المستطاع ..!


+



أغلق الهاتف بسرعة حالما وجدها تطل عليه وهي تحمل ملفا يخص العمل ..


+



قدمته له طالبة منه أن يضع توقيعه على أوراقه ليفعل ما قالته بصمت بات دائما يلتزمه حينما تتواجد هي حوله في أي مكان ..


+



ناولها الملف بعدما أنهى المطلوب منه ليجدها بقيت واقفة قباله في مكانها ولم تتحرك خطوة واحدة ..


+



تراجع إلى الخلف بجسده يسأل بوجوم :-


+



" ماذا هناك ..؟!"


+



" أنا من يجب أن تسأل .. ما بالك تتعامل معي بهذا البرود والتجاهل ..؟! "


+



سألته بثبات وعيناها تتحدانه أن ينكر ما قالته لكنه أنكر ببرود :-


+



" من قال إنني أفعل ..؟!"


+



" بلى ، تفعل .."


+



قالتها بضيق مضيفة :-


+



" أنت لا تتصرف كالمعتاد معي .. تتجاهلني متعمدا بشكل غير مفهوم .."


+



" تتحدثين وكأننا كنا مقربين للغاية بل صديقين .."


+



قالها بسخرية متعمدة لتهتف بتجهم :-


+




        

          


                

" لم نكن صديقين لكن كان بيننا ..."


+



توقفت غير قادرة على إكمال المزيد وصياغة جملة مناسبة لوصف التقارب الذي حدث بينهما في الفترة السابقة ..


+



أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-


+



" أنا لست غبية .. أنت تغيرت فجأة معي .. أصبحت تتجنبني وتتعمد ألا تتعامل معي إلا للضرورة القصوى .. ماذا يحدث يا نضال ..؟! أريد أن أفهم .."


+



لم تكن رانيا من النوع الذي يتجاهل أمر كهذا لذا كانت مصرة أن تفهم سبب تغيره معها ..


+



إصرارها ضايقه وجعله يدرك حجم غبائه فهي ربما ستشعر بوجود خطب ما خلف تغيره هذا وربما ستبحث وراءه وتدرك سر علاقته القديمة بشقيقتها ..


+



تنهد بصمت ثم قال بهدوء :-


+



" حسنا يا رانيا أنا أمّر بفترة صعبة ولدي مشاكل كثيرة .. تباعدي ليس معك فقط بل مع الجميع .. "


+



هتفت بتروي :-


+



" لماذا أشعر إنك تكذب ..؟!"


+



" ولمَ سأفعل ..؟!"


+



سألها بحدة لتهتف بضيق :-


+



" على مهلك قليلا .. لم العصبية لا أفهم ..؟!"


+



زفر أنفاسه بضيق ثم نهض من مكانه وتقدم نحوه ليقف قبالها هاتفا بجدية :-


+



" الأمر حقا لا يتعلق بك يا رانيا .. فقط أنا أمرّ بفترة صعبة قليلا والكثير من الضغوطات تحاوطني .. "


+



هتفت ببسمة هادئة :-


+



" حسنا سأصدقك .. "


+



أضافت بجدية بالغة :-


+



" ولكن توقف عن التعامل معي بهذه الطريقة الباردة .."


+



أكملت برجاء :-


+



" أنا لا أعرف أحدا سواك هنا يا نضال .. تحملت كل طباعك الصعبة الفترة السابقة لأنني لا أعرف غيرك ورغم إنك لا تطاق فعليا لكنني إعتدت عليك وعلى صحبتك ..."


+



" لا أطاق ..؟!!!"


+



تمتم بها مدهوشا لتهتف ببساطة مغيظة :-


+



" لا تقل لي بأنك لا تعلم ذلك .. "


+



" صراحتك دائما ما تفاجئني يا رانيا .."


+



ضحكت بنعومة ليشرد في ضحكتها لثواني قبلما يستعيد ثباته وهو يخبرها بجدية :-


+



" علينا التركيز على العمل الفترة القادمة .. تنتظرنا مشاريع مهمة ستدر علينا بالكثير .."


+




        

          


                

" لا تقلق .. كل شيء يسير كما تريد والجميع دون إستثناء يعمل على قدم وساق .."


+



أنهت حديثها معه وغادرت المكان تاركة إياه يطالعها بشرود وهناك شيء ما مبهم يتشكل داخله إتجاهها .. شيء سارع يطرده من رأسه دون تفكير ..


+



**


+



وقفت تتأمل نفسها في المرآة وهي ترتدي فستان الزفاف للمرة الثانية ..


+



مشاعرها مختلطة في هذه اللحظة بين الخوف والغضب والقلق والتردد والكثير من المشاعر السلبية التي تأبى مفارقتها ..


+



عانقتها توليب من الخلف وهي تهمس لها بسعادة :-


+



" تبدين رائعة .. تشبهين الأميرات .."


+



منذ البارحة وتوليب لم ترتح لحظة واحدة حيث أصرت أن تقيم حفل حناء لها رغم رفضها لذلك بشدة إلا إنها أبت أن تنصت لرغبتها فأقامت حفل حناء بسيط يجمع المقربين فقط من نساء العائلة وبعض الصديقات ..


+



كان الحفل رائعا رغم بساطته ولا تنكر إنها إندمجت بأجوائه وتناست مخاوفها وقتها ..


+



مرت ليلتها بصعوبة بعدما عجزت عن النوم حتى الفجر لتغفو لسويعات قليلة قبلما تستيقظ كي تستعد للحفل وهاهي قد إنتهت لتوها من إرتداء فستان زفافها بعدما إنتهت خبيرة التجميل من تصفيف شعرها وتزيين وجهها ..


+



إستدارت نحو توليب التي أخبرتها بجدية :-


+



" أعلم مدى قلقك وتوترك لكن صدقيني كل شيء سيكون بخير .."


+



تنهدت هالة ثم همست بخفوت :-


+



" أتمنى ذلك حقا يا تولاي .."


+



" أنتِ فقط حاولي أن تنسي الماضي وتبدئين حياة جديدة مع أثير .. أثير يحبك كثيرا يا هالة .. تذكري هذا دائما .."


+



قالتها توليب وهي تضغط على كفها لتهز هالة رأسها بصمت دون تعليق ..


+



بينما على الجانب الآخر كان قد إنتهى لتوه هو الآخر من إرتداء بذلته الرسمية عندما دلفت والدته إلى غرفته بإطلالة فخمة كعادتها ليبتسم وهو يتقدم نحوها مقبلا كفها :-


+



" ملكة كعادتك يا زمرد هانم ..."


+



تأملته زمرد بنظرة خاصة لا تظهر لسواه حيث نظراتها مزيجا من الحب الشديد والحنو الأمومي قبلما تربت على كتفه بمحبة خالصة :-


+



" وأنت شديد الوسامة كعادتك .."


+



هتف وهو يقبل كفها مجددا :-


+




        

          


                

" هل رضيت عني أخيرا ..؟!"


+



هتف زمرد ببسمة مرغمة :-


+



" أنا دائما راضية عنك يا أثير .. "


+



أخذت نفسا عميقا ثم همست بصعوبة :-


+



" أتمنى أن تنال سعادتك التي رجوتها كثيرا وأن تغفر لي خطئي السابق في حقك .."


+



" لا داعي لذكر هذا الموضوع مجددا .. هذا أفضل لكلينا .."


+



قالها بجدية لتهتف بضيق :-


+



" أعلم إنك لن تنسى أبدا .. مهما حاولت ولن تفهمني أبدا كذلك ولن تستوعب دوافعي ولكن كن واثقا بإنني لم أرغب سوى براحتك وسعادتك وكنت أريد الأفضل لك دائما .."


+



تنهدت ثم أضافت بأسى :-


+



" لم أرغب بإيذائك أبدا لكنني يومها رأيتُ ما لم ترهَ أنت ومن حولك .."


+



" مالذي رأيته ..؟!"


+



سألها بجدية لتبتسم بقهر وهي تخبره :-


+



" رأيت تعلقك بها بشكل مبالغ فيه .. رأيت عشقك الشديد لها والذي غيرك وجعل منك شخصا آخر لا يشبه ولدي الذي ربيته وعرفته لسنوات .. بسببها أصبحت شخصا آخر حتى إنك قاطعتني لفترة طويلة فقط لأجلها ..."


+



" أنت مخطئة و هذا ليس صحيحا .. قاطعتك لأنك أذيتني وتلاعبت بي بشكل مرفوض تماما .."


+



قالها بجدية لتقاطعه على الفور :- 


+



" كلا يا أثير ... أنا لست مخطئة ... "


+



أخذت نفسا عميقا ثم زفرته ببطأ قبلما تهتف بأسى خفي :-


+



" عندما يتعلق الأمر بها تتحول لشخص آخر ... أنت لم تعد إبني الذي أعرفه .. بسببها تغيرت ... تغيرت معي .. ومع الجميع ..."


+



مالت نحوه تضيف بحسرة تملأ قلبها وهي تشعر إن ولدها وحيدها  يتسرب تدريجيا من بين يديها  :-


+



" لكن مهما حدث تذكر دائما إنني أكثر من يحبك ويخشى عليك في هذه الدنيا  ... لا أحد يحبك بقدري .. حتى هالة مهما أحبتك فلن يبلغ حبها نصف حبي لك .. "


+



زفر أنفاسه ببطأ ثم ربت على كتفيها وهي يخبرها بصدق :-


+



" لتعلمي فقط إنك أمي .. حبيبتي .. مكانتك كانت وستبقى مختلفة ولن يستطيع أي شخص كان أن يمسها حتى هالة نفسها .. أنتِ ستبقين زمرد هانم .. المرأة الأولى والأهم .. صدقيني .."


+



عانقته بسرعة وهي تجاهد لكتم عبراتها قبلما تغادر بعدها غرفته سريعا وهي في أشد حالاتها تأثرا بينما جذب هو هاتفه يتصل بعروسه يتسائل إذا ما إنتهت من تجهيز نفسها لتجيب توليب على الهاتف وتخبره إن هالة جاهزة وهي في طريقها إلى الفندق ..!


+




        

          


                

**


+



مساءا ..


+



يقف في المكان المخصص له ينتظر هبوطها بجانب راغب الذي سيسلمها إليه الليلة كما طلبت هي ..


+



مشاعره متضاربة .. حلمه يتحقق لكن سعادته ليست كاملة ..


+



سعادة مشروخة .. 


+



فرحة ملطخة بأوجاع ماضي وكبرياء جريح يأبى أن تلتئم جراحه الضانية ..


+



طلت أخيرا تتأبط ذراع راغب ..


+



خطفت أنفاسه كليا ..


+



كانت مذهلة .. ملكة متوجة بفستانها الرائع وجمالها المبهر كالعادة ..


+



بصعوبة سيطر على ملامحه التي تمكن منها الإنبهار للحظات ..


+



إنبهار لم يغب عنها وهي تتقدم نحوه فإبتسمت بتألق وتضاعف شموخها الفطري بسبب نظرات الإنبهار التي رآتها في عينيه ..


+



تقدم راغب أولا يحييه وهو يخبره بجدية :-


+



" إنتبه عليها .. أنا أمنحك اليوم إبنتي يا أثير .. إنها أمانة لديك بعد الآن .. راعها جيدا ولا تؤلمها أو حتى تزعجها  أبدا وإلا ستجدني في وجهك على الفور .."


+



إبتسم أثير برزانة وهو يخبره بهدوء :-


+



" لا تقلق أبدا يا راغب ... ستكون في رعايتي دائما بإذن الله .."


+



ثم إلتفت نحوها ليقدمها راغب له فيقبض على كفها بينما ينحني قليلا مقبلا جبينها ببطأ ..


+



إبتسم بتروي عندما رأى الإرتباك الذي ظهر في عينيها ليمنحها ذراعه كي تتأبطه ثم يتقدمان إلى الداخل قبلما يبدئان رقصتهما سويا ..


+



حاوط خصرها بكفيه بينما حاوطت هي رقبته بكفيها ليرقصان على أنغام الموسيقى الكلاسيكية قبلما تنتهي وتشتعل موسيقى مختلفة بإيقاعات راقصة جعلته يجذبها من كفيها ويراقصها بحماس ..


+



كانت تدور بين ذراعيه وتشاركه الرقص بحماس تمكن منها هي الأخرى ..


+



تقدم بعض من الموجودين يشاركونهما الرقص ..


+



قبض على كفها وهو يجعلها تدور حول نفسها  بفستانها عدة مرات  قبلما يلتقطها بين ذراعيه وهو يبتسم بسعادة وتشاركه هي بسمته تلك ..


+



كانت لحظات قصيرة لكنها مميزة تناسى كلا منهما واقعا وإندمجا سويا في رقصة أظهرت مدى إنسجامهما وتألقهما وكم يليقان ببعضهما ...


+



**


+



إنتهى الزفاف ..


+



غادر الضيوف تدريجيا وبقيا لوحدهما في الجناح الملكي الذي حجزه لهما ليقضيا به ليلتهما الأولى ..


+




        

          


                

دلفت إلى الداخل يتبعها هو قبلما ترتفع نبضات قلبها وهي تستمع لصوت إغلاق الباب ..


+



عانقت جسدها بذراعيها للحظات وهي تشعر بخجل شديد وغير مفهوم...


+



لا تتذكر متى آخر مرة شعرت فيها بالخجل معه لكنها الآن خجلة .. متوترة .. ومرتبكة جدا ...!


+



شعرت في تلك اللحظة وكأنها عروس تعايش هذا الموقف للمرة الأولى ثم سرعان ما إنتبهت إنها بالفعل لم تعش هذه اللحظة في زيجتها الأولى ..


+



عادت ذكريات تلك الليلة تندفع في رأسها لتتجاهلها بصعوبة وهي تهم بالتحرك إلى الداخل عندما أوقفها هو يتسائل بنبرة كسولة :-


+



" إلى أين ..؟!"


+



أجابت ببرود :-


+



" أحتاج أن أغير ملابسي ..."


+



وببساطة مغيظة همس لها :-


+



" سأساعدك في تغييرها .."


+



إحتقنت ملامحها وهي تخبره من بين أسنانها :-


+



" لا داعي لخدماتك .. يمكنني تغييرها لوحدي .."


+



ثم همت بالإندفاع عندما فوجئت به يقبض على ذراعها فزجرته بعنف تجاهله وهو يميل نحوها يهمس بعذوبة :-


+



" الرجل ينتظر هذه اللحظة بلهفة .. اللحظة التي يزيل بها فستان الزفاف عن عروسه وأنتِ تريدين حرماني من هذه اللحظة المميزة والتي لن تتكرر مجددا ..."


+



همست بصعوبة :-


+



" إتركني أغير ملابسي يا أثير كما إن ما تريده لن يحدث ..."


+



إبتسم ببرود :-


+



" من قال بإنه لن يحدث ..."


+



" أنا قلت ..لا أريد .."


+



هتفت بها بحدة ليخبرها ببسمة رائقة :-


+



" بل سيحدث يا عزيزتي .."


+



أضاف وعيناه تلمعان بقوة :-


+



" سيحدث يا هالة .."


+



ثم جذبها بعناق تجاوبت معه لا إراديا بشكل ضاعف من غضبها من نفسها فكيف لها أن تستجيب له بهذه السهولة وهي لا تريده ..؟! 


+



طالعها بوجهه المبتسم بخفة وملامح الإنتصار سيطرت عليه بينما يخبرها بسخرية :-


+



" واضح جدا إنك لا تريدين يا هالة ... واضح للغاية ..."


+



لعنت نفسها وجسدها الذي إستجاب له على الفور ..


+



عاد يجذبها نحوه يخبرها بأنفاس متلاحقة :-


+



" ماذا حدث ..؟! هل أكلت القطة لسانك ..؟! أم إنك خجلة ..؟!"


+



مال بأنامله يسير بها على جانب وجهها وهو يخبرها :-


+



" أنت خجلة ، أليس كذلك ..؟! لا تخجلي أبدا .. كنت أعتقد إننا تخطينا مرحلة الخجل منذ زمن .."


+



نبرته الهادئة شعرت بها تحمل سخرية خفية مما جعلها تدفع كفه بحدة وهي تخبره بعينين محدتين :-


+



" ولم سأخجل ..؟! الخجل يكون للفتيات اللاتي يتزوجن للمرة الأولى ..  إنها ليست مرتي الأولى كما تعلم وهناك من سبقني إليك لذا فأنا لست خجلة أو ما شابه ذلك .."


+



لم تكن تعلم إنها أشعلت بكلماتها الحمقاء لهيب غضبه ..


+



ضغطت على أكثر نقطة حساسة لديه ..


+



همس من بين أنفاسه المتصاعدة :-


+



" ألم أخبرك ألا تجلبي سيرته أمامي مهما حدث ..؟!"


+



طالعته بنظرات متحدية غير مبالية بما تفوهت به عندما جذبها من ذراعها نحوه لترتطم في صدره فتجده يهمس بوعيد :-


+



" سترين الآن ما يفعله الرجل عندما تتحدث إمرآته عن ماضيها مع رجل آخر قبله ..ستفهمين مدى حماقة حديثك وتتعلمين أصول الحديث معي فيما بعد .."


+



وقبلما تحاول دفعه كان يلقيها على السرير خلفها قبلما ينقض عليها بجسده ..



+



يتبع في الجزء الثاني من الفصل 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close