اخر الروايات

رواية خيوط القدر الفصل الثاني 2 بقلم سارة المصري

رواية خيوط القدر الفصل الثاني 2 بقلم سارة المصري


الفصل الثانى
أخذت مرام ترصف الملابس فى الخزانة فى نظام حين خرج سليم من الحمام واخذ يجفف رأسه بمنشفه ويتابعها بابتسامة هادئة وما ان شعرت به حتى التفتت له قائلة فى حب ” حمد لله ع السلامة يا حبيبى ” ، ألقى سليم بالمنشفة جانبا ووقف أمام المرآة يمشط شعره وهو يقول ” عجبتك الفيلا ؟؟“ ، ابتسمت وهى تحتضنه من ظهره قائلة ” اى حاجة بتعملها او بتختارها دايما بتعجبنى ” ، استدار لها وقبل وجنتها قبلة سريعة قبل ان يفتح خزانة الملابس ليبحث عن شىء يرتديه وهو يقول ” الشغل هنا فى القاهرة هيكون احسن وافضل من اسكندرية بكتير ” ، ابتسمت مرام وجلست على حافة الفراش قائلة ” مفيش حد غيرك كان ممكن يخلينى اسيب اسكندرية ابدا ولو حتى مين ” ، وضع سليم الملابس جانبا وجلس الى جوارها قائلا وهو يضع رأسها على صدره ” صدقينى يا حبيبتى كدة احسن ” ، اعتصرت مرام عينيها لتتجاوز ألما بداخلها وقالت ” هنفتتح الشركة امتى ؟؟“
هنا رفع سليم حاجبيه وهو يقول ” آه فكرتينى فى حاجات كتير لازم تطلعى عليها قبل ما ننفذها ”
تنهدت مرام وهى تستند بكفيها الى حافة الفراش قائلة ” سليم انا قولتلك قبل كدة أعمل اللى انت عاوزه وعاملالك توكيل عام ”
ابتسم سليم قائلا ” بس دى فلوسك يا مرام ولازم تعرفى كل قرش فيها بيروح وييجى فين ”
رمقته مرام بنظرة عاتبة وهى تقول ” تانى يا سليم ..مش قولنا ميت مرة فلوسى هيا فلوسك وبعدين لولا مجهودك وتعبك كان زمان كل الفلوس دى ضاعت بعد وفاة بابا الله يرحمه ”
لوح بكفيه قائلا ” بس يا مرام دى مسئ..“
قاطعته وهى تضع سبابتها على فمه قائلة ” خلاص بقا ..انا مش عاوزة يكون ليا اى صفة فى الحياة غير انى اكون مراتك وحبيتك وبس ..كدة كفاية عليا اوى ”
ابتسم سليم وهو يمرر يده على جانب وجهها قائلا ” بس انا عاوز حاجة كمان مراتى وحبيبتى وام ابنى او بنتى ”
تلاشت الابتسامة من على وجه مرام وأطرقت أرضا فرفع سليم وجهها بسبباته قائلا ” مالك يا حبيبتى ؟؟“
أشاحت مرام بوجهها قائلة ” مفيش..بس مش ملاحظ انك مستعجل اوى ”
مرر يده فى خصيلات شعرها الاسود المسدل قائلا ” احنا بقالنا تسع شهور متجوزين وانا نفسى اشوف ولادى منك بقا ”
هزت مرام رأسها ونهضت الى الخزانة من جديد لتعيد رصف الملابس قائلة ” ان شاء الله ”
سمعته يناديها فى حنان ” مرام ”
التفتت اليه فى بطء فقال وهو ينهض ليقترب منها ويحيط خصرها بذراعه فى تلقائية ” آسف لو كنت ضايقتك بس عايزك تعرفى انى بحبك انتى وعايز أخلف منك انتى مش عاوز اخلف وخلاص ”
رفعت مرام رأسها اليه وسددت نظراتها الى عينيه فى دقة وكأنها تقيده بهما فلا يستطيع الافلات وقالت ” سليم انت بتحبنى ؟؟“
أطرق سليم برأسه فى دهشة وقال ” مرام ايه السؤال ده ؟؟“
وضعت وجهه بين كفيها لتثبت نظراتها عليه أكثر كانها تختبر صدقه ” بتحبنى يا سليم ؟؟“
شعرت بأنفاسه الساخنة تكاد تحرق وجهها وهو يرد ” طبعا يا مرام بحبك ومقدرش اتخيل حياتى من غيرك ”
اتسعت حدقتيها وثبتت رأسه اكثر بكفيها وهى تقول ” يعنى عمرك ما هتسيبنى أبدا ”
صمت سليم للحظات وهو ينظر الى عينيها يحاول ان يبحث عن سبب لتلك الحالة التى تعتريها دون ان يرد فهتفت ” سليم ”
رد بسرعة ” عمرى يا مرام ..مقدرش أصلا ”
تشبثت بملابسه ونقلت يدها من على جانبى وجهه لتحيط بها خصره وهى تقول بصوت يشوبه البكاء والضغف ” اوعى تسيبنى يا سليم اوعى انت بقيت كل حاجة فى حياتى ”
احاطها بذراعيه وضمها أكثر ليبثها الامان متعجبا من حالتها ، مرام دائما قوية وهذا ما جذبه اليها ، لم يرها على هذه الحال الا نادرا ، ترى مالذى أصابها ؟؟
*************************************************************************************
لكل منا قناع يخفى خلفه وجهه الحقيقى ، ربما كان القناع سىء يخفى جمالا ، او جمالا يخفى سىء ، لا احد يختار بل دائما تختار الحياة وتفرض علينا اى قناع نرتدى
********************************************************************************
ندى ابنه العز والثراء وليس ثراء عاديا بل ثراء فاحشا ، جميلة بشكل يفوق الطبيعة ، جمال يلفت الانتباه بشكل صارخ ، بشرتها بيضاء ناعمة كبشرة الاطفال ، بعينين واسعتين زرقاوين صافيتين كالسماء تكاد روموشها من طولها تصطدم بحاجبيها ،وشفاة رقيقة فى لون الكرز، وشعر كستنائى فاتح طويل ومسدل ، هى أشبه بلوحة فنية فريدة يكاد يجزم كل من يراها على انها أجمل انثى وقعت عليها عيناه وعلى الرغم من ان الجمال يفتح كل الابواب المغلقة فى كثير من الاحيان الا انها كانت تشعر بالضيق من تعامل الكثيرين معها على انها مجرد دمية جميلة بلا روح تستحق ان تعشق أكثر ، تربت مع اخيها عمر فى مدارس أجنبية الا انها اختارت اللحاق بجامعة القاهرة كتجربة جديدة لتلتحق بكلية الهندسة ، ربما كان قرراها صائبا قلو لم تفعل لما استطاعت ان تواصل دراستها فى جامعتها الخاصة بعد تلك الازمة المالية التى لحقت بأبيها وتسببت فى موته بعد ان فقدو كل ما يملكون ، البيوت والسيارات والمجوهرات كل شىء ، فقدت الاسرة العائل والمال فى آن واحد ، لم يكن امامهم سوى الانتقال الى بيت خالهم الذى كان ثريا بدوره ، ولأنه انتهزها فرصة للنيل من ابيهم الذى لم يكن يكن له اى حب وتدخل فى حياتهم بشكل لم يفعله حتى والدهم الراحل ، لم تكن ندى تثقل عليه ولا تشعر برغبتها فى طلب اى شىء منه فعاشت حياة اقرب الى التقشف ، لم تعد ترتدى الملابس باهظة الثمن ولم يعد بامكانها تصفيف شعرها كل فترة عند صالون التجميل ذى التكاليف الباهظة ولكن بدأ كل ذلك يتغير حين التحقت بعملها الجديد وأصبح لها راتب شهرى يمكنها العيش به ليس كحياتها السابقة بالطبع ولكن حياة تستطيع التلائم معها .
*******************************************************************
ألقى عمر بسماعته فى عصبية على المكتب فرفع مصطفى رأسه له مبتسما ” ايه مالك السهرة لسة مبدأتش ؟؟“
حك عمر رأسه للحظات واستدار ليواجه مصطفى قائلا ” بقولك ايه يا درش ..متقدرش تخدمنى فى حاجةكدة ؟؟“
ضيق مصطفى عينيه للحظات ليدقق النظر فى وجه عمر ثم أطلق صفيرا عابسا قال بعده ” لا انسى كله الا ده ”
ضرب عمر كفيه ببعضهما قائلا ” انت عارف انا هقول ايه الاول ؟؟“
ابتسم مصطفى ابتسامة أقرب الى الضحك وهو يقول ” عايزنى ابدل النبطشيات واخد مكانك صح ؟؟“
تراجع عمر فى دهشة وهو يقول ” وعرفت منين ؟؟“
ضحك مصطفى بصوته كله قائلا ” ما هو أسبوع شغل مع ياسمين لازم ده يكون طلبك ”
جلس عمر وهو يعبث باوراق أمامه فى عصبية قائلا ” طيب انا مستعد اشيل اى شغل اضافى بس حد يشيل بدالى الشفت ده ”
قال مصطفى وهو يخلع معطفه الابيض ” مفيش حد هيوافق يبدل معاك ..ريح نفسك بقا وارضى بنصيبك ”
مط عمر شفتيه فى دهشة قائلا ” للدرجادى هيا وحشة ”
قطب مصطفى حاجبيه وهو يقول ” وحشة ؟؟..مين دى اللى وحشة ؟؟...انت نظرك ضعيف ولا ايه ..دى صاروخ أرض جو ..دى قمر يا بنى ”
صمت عمر للحظات كأنه يتعجب من عدم ملاحظته ذلك وعدم تحققه من ملامحها وواصل فى احتجاج ” ولما هيا قمر وصاروخ وطيارة وكل ده مش عايز تروح وياها ليه وتبدل معايا ”
رد وهو يهز كتفيه ” عشان اللى انت شوفته منها فى أسبوع ده يخلى اى حد يستغنى عن جمالها ”
هز عمر رأسه فى يأس وأخذ يخدش على الورق فى عشوائية ، ربت مصطفى على كتفه وقال مشاكسا ” معلش مضطر اسيبك ..بس دقيقة وهتلاقى ياسمين هنا تونسك ” واطلق ضحكة عالية عابسة أغاظت عمر فالتقط حاوية الاقلام امامه ورماه بها فأخطاته وسقطت على بعد سنتيمترات قليلة من قدم يا سمين التى كانت على وشك الدخول ، انتفضت انتفاضة خفيفة تخلصت منها بسرعة وشدت قامتها من جديد ، ازدرد مصطفى ريقه فى توتر وابتسم فى خجل قائلا ” آسف ” وابتعد بسرعة من أمامها وبعد خطوات التفت الى عمر من جديد وكانت ياسمين تعطيه ظهرها فابتسم وهو يخرج لعمر لسانه ، هنا ضحك عمر فوصل صوت ضحكته الى ياسمين ، فرمقته بنظرة عبوس لم يعرف غيرها منها منذ ان عرفها والتفتت الى مصطفى الذى كان لايزال واقفا يشير الى عمر بكفيه بحركات طفولية ، رفعت حاجبها ورمقته بنظرة صارمة فتراجع فى خطوتين الى الخلف واعطاها ظهره وبدا فى المشى بسرعة ، هنا عادت هى الى مكتبها بعد ان نظرت الى عمر وهزت رأسها فى سخرية.
جاءت ممرضة جديدة لم يراها عمر من قبل وياسمين لم تهتم بتقديم كل منهما للاخر كما كان يفعل مصطفى ، قالت الممرضة بصوت خفيض وهى تنظر الى عمر بغرابة ” مساء الخير ” ، ردت يا سمين دون ان ترفع عينها من الاوراق التى كانت معها بينما ابتسم عمر قائلا ” مساء النور انا دكتور عمر ..جديد هنا على فكرة من أسبوع ”
ابتسمت الممرضة قائلة ” اهلا يا دكتور انا سمية ”
وأضافت وهى تدقق النظر به ” نورت هنا يا دكتور ان شاء الله ترتاح معانا و..“
قاطعتها ياسمين قائلة ” سمية رتبى الورق ده يلا وابداى دخلى العيانين ”
نظر لها عمر فى غيظ ، حقا لديها قدرة غريبة على الاستفزاز بل وتفتقد لابسط قواعد اللياقة والأدب ، ولكنها أيضا ...جميلة كما أخبره مصطفى ، تأملها دون قصد ربما ليكذب ادعاء زميله ويؤكد لنفسه ان مخلوقة بهذه الفظاظة لا يمكن ان تمتلك اى جمال يذكر ، ولكنها حقيقة واضحة وضوح الشمس ، لم تكن تضع ايا من مساحيق الزينة حجابها كان بسيطا تماما كملابسها ،عينيها على مايبدو عسليتان وانفها دقيق وبشرتها بيضاء نضرة ، تطلع الى يديها فى روتينية وابتسم فى سخرية حسنا الجمال وحده لا يكفى فليس هناك احمقا فى هذا العالم يستطيع احتمال فظاظتها تلك وان كانت حتى اجمل جميلات هذه الدنيا .
مر الوقت سريعا هذه المرة فضغط العمل كان أصعب من كل ليلة ، نظر عمر الى ساعته لقد انتهت النوبتجية ولم يتبقى سوى حالة واحدة اشارت لها سمية بالدخول ، نظر الرجل الى ياسمين وهى تخلع معطفها فاتجه بطفله الى عمر الذى كان قد فحص هذه الحالة من قبل من أيام ، تفاجىء ان الطفل يتناول علاجا غير الذى وصفه له وحين سأله عمر فى ضيق اخبره الرجل ان ياسمين هى من قامت بتغيير العلاج ، لم يحتمل عمر هذا لقد تجاوزت هذه الفتاة كل الحدود ، شعر بالغيظ ولحق بها قبل ان تغادر وناداها فالتفتت له وقالت فى نفاذ صبر ” افندم فيه حاجة ”
تجاوز قلة ذوقها التى اعتاد عليها وقال وهو يشير بالروشته فى يده ” ممكن افهم حضرتك ازاى تدخلى فى شغلى وتغيرى العلاج لحالة مريض متابع معايا انا ؟؟“
تناولت ياسمين الورقة من يده ومالبثت ان ان قرأتها حتى اعادتها اليه وهى تبتسم فى سخرية ” العلاج اللى انت كاتبه مبيجيش معاه نتيجة غير ان المريض عنده حساسية من البنسلين ..الطفل ده انا عارفاه من اول ما جيت هنا وعارفة كل الادوية اللى خدها ”
قال وهو يعقد حاجبيه وغيظه يزداد حتى ليكاد يفتك بها وابتسامتها الساخرة تزيد حنقه أكثر ” حتى لو كدة ..حضرتك كان لازم ترجعيلى وتفهمينى ده مش تغيرى للمريض العلاج من غير ادنى احترام لزميلك ..فى حاجة اسمها اداب مهنة ”
اشاحت ياسمين بوجهها للحظات وقالت وهى تعقد ساعديها وتنظر اليه من جديد ” لو مبتعرفش تاخد تاريخ مرضى من الحالة فدى مشكلتك انت مش مشكلتى ...وانت وزميلك المحترم بحركاتكو المكشوفة دى اخر اتنين تتكلمو عن اداب المهنة ”
طوى العمر الورقة بيده واطبق عليها بشدة حتى كأنه يعتصرها ويخرج فيها طاقة غضبه قائلا ” بصى يا دكتورة ..انا معرفش انتى بتتعاملى معايا كدة ليه ..وانا حاولت انى اغير الشفت او حتى المستشفى بس معرفتش ..فياريت التعامل بينا يكون افضل من كدة ..احنا فى الاول وفى الاخر المفروض ان احنا زملا ”
رآها عمر تتنهد وللحظات ظنها ستعتذر وانتظر هذا منها الا انها وجهت له نظرة خالية من اى معنى وذهبت ، رمقها فى دهشة مشوبة بغيظ وحنق ماهذه الفتاة ؟؟، لم يسبق له ان تعامل او رأى مثلها ، كيف تستطيع العيش وسط كل هذا الحنق والجفاء من زملائها ، وتنهد فى ضيق الا يكفى كل ما مر به حتى تأتى تلك المجنونة وتفسد عليه لحظاته ، انه لتوه قد خرج من الم فقدان الثروة والاب والحبيبة ، لم يكن ليستفيق من ضربة حتى يتلقى الاخرى ، لقد قبل العمل فى هذا المكان فقط ليبتعد عن كل شىء عن نظرات الناس التى تمتلىء بالشفقة على حاله ، على حال ابن العز والثراء الذى كان يمتلك سيارة فارهة من احدث طراز ويبدلها كل عام بأخرى ، اصبح الان يرتاد المواصلات العامة ويسكن فى شقة صغيرة بالايجار تاركا شقيقته ندى لتحيا مع امها فى فيلا خالها ، فهى لن تستطع تحمل ما يتحمله هو ابدا ، لكم تمنى ان يأخذها للحياة معه ولكن ما كان بيده حيلة ، تحمل غياب شقيقته واقرب الناس الى قلبه عن ناظريه لتحيا الحياة التى تعودت ان تحياها فى بيت ابيها .
حين ذهب الثراء ذهب معه الكثير ، الحياة المنعمة والعديد من الاصدقاء ، وحبيته ريم ، تلك التى احبها منذ عامه الاول فى الجامعة وبادلته هى المشاعر ، كانت ثرية مثله تماما وحين مر بهذه الازمة وضاع من ابيه كل شىء ، كان عمر وريم فى بداية حياتهما المهنية ، وكان مقررا لزواجهما بعد شهور ، وبعد ان تغيرت الظروف كان لزاما عليها ان تتزوجه فى شقته الصغيرة وان تركب مثله المواصلات العامة ، لم تحتمل مجرد التفكير فى هذا وعرضت عليه ان يساعدهما والدها ولكنه رفض بعزة نفس ، أبت عليه كرامته بشدة ان يفعل ، وخيرها اما ان تقبل بالحياة معه على هذا الوضع او ينتهى كل شىء ، وتفاجىء باختيارها ، اخبرته انها لن تستطيع ان تغامرفى حياة كهذه ابدا ، لن تقوى على العيش فى مستوى لا يمكن مقارنته بما تحيا عليه ، لن تدخل تجربة الزواج وتقامر بمجرد مشاعر ستموت حتما بمجرد اصطدامها بالواقع ، تمنى حقا لو اختلفت عن اصدقائه المتملقين ولكنها لم تختلف ، اختلف العذر والنتيجة واحدة ، تخلت عنه بعد حب دام لسنوات ، لم ينهر امامها ولم يعنفها ، بل ابتسم متمنيا لها السعادة مع اخر ، واختفى من امامها محاولا اخفاء جرح الخذلان التى تسببت له فيه ، لم يشا ان ترى بعينها اثار صدمته فيها فالصدمة تكون على مقدار الحب وكم أحبها !!، ارادها ان تظن انها كانت له كما كان لها مجرد تجربة عاطفية رفعت رايتها البيضاء وهزمت فى اول مواجهة مع الظروف .
*******************************************************
نظرت مرام الى سليم المستغرق فى نومه الى جوارها ، تاملت ملامحه ومررت يدها فى سلاسة على شعره ، لو يعلم كم تحبه ، لو يعلم ماذا يمثل لها ، لو يعلم انه الرجل الوحيد الذى هزمها وجعلها تسلم أمامه ، مرام الجميلة ابنة احد اكبر رجال الاعمال ، والذى كان سليم يعمل مهندسا فى أحد مصانعه ولعب القدر دوره واوقعه بها ، ولا تدرى اى اختلاف فيه جعلها تسقط صريعة غرامه بهذه السرعة وتسلمه أحلامها ومستقبلها ، لاتدرى اى قدر جعلها تراه غير كل الرجال وتؤمن بمشاعر ظنتها طيلة عمرها تخالف المنطق والعقل ، لم تشعر بحبه فى البداية وربما حتى الآن ، لازالت تذكر ما اخبرها به فى بدايه علاقتهما معا انها تذكره بفتاة أحبها ذات يوم ولم يكن القدر منصفا فافترق كل منهما فى طريق ونساها ، هكذا اخبرها او هكذا ادعى وربما ادعت هى ايضا لتكذب على نفسها وتتجاهل تلك الصورة الواضحة فى عينيه ، ربما تكون اختفت من حياته ولكنها لم تختفى من احلامه ، لم تختفى من شروده المستمر، مرام الذى علمها والدها كف تكون قوية وكيف تواجه العالم بأسره ، فقدت كل قدراتها امامها ، فأصبحت ضعيفة هشة تحمل ذعر أنثى عاشقة تخشى ان تستيقظ ذات صباح ولا تجد حبيبها الى جوارها ، انها تحبه ولا تحتمل لحظة فى الحياة دونه ، ليتها تستطيع ان تتحول الى حبيبته المجهولة ايا كانت صورتها وايا كانت هيئتها حتى تنعم معه بلحظات حب خالصة حقيقة ، ليتها تعرفها ليتها تقابلها لتعرف من هى التى سلبت لب وقلب زوجها ، لتعرف اى قوة تملكها لتجعل من غيابها اقوى من حضورها هى ، لا تدرى ماذا تفعل وهذا الهلع ينتابها كل ليلة دون ان تدرى كيف تتخلص منه .
*********************************************

“ انا اللى جبته لنفسى ”
قالتها ندى فى سرها وهى تلقى قلمها وتنظر الى هاتفها فى ضيق ، بهدوء فتحت المكالمة ” مساء الخير ”
رد ادهم فى سعادة ” مساء النور ..عاملة ايه يا ندى ؟؟
أغمضت ندى عينيها لتحبس الغيظ بقدر المستطاع ولا تفلت منها كلمات نافرة غاضبة من بين شفتيها ، توازنت أخيرا وقالت ” أدهم انت لسة مكلمنى من ساعتين ..أكيد محصلش حاجة جديدة فى الدنيا ”
صمت للحظات وقال ” أخبار الديكور ايه طيب اللى انت شغالة فيه ..خلصتيه ولا لسة يا ندى ؟“
أجابت وهى تترك الهاتف بين أذنها وكتفها وتمد يدها بالقلم الرصاص لتضيف بعض التعديلات على رسم امامها ” لسة بشتغل فيه ..صاخب البيت كلمنى من شوية وطلب منى شوية تعديلات ”
ـ حاجة رخمة فعلا يا ندى
عادت ندى لتمسك الهاتف بيدها قائلة ” بقولك ايه يا ادهم هو انت ليه طول الوقت بتكرر اسمى بعد كل جملة ...ندى ندى ندى ”
ابتسم قائلا ” يمكن عشان بعشقه فبحبه يفضل على لسانى على طول ”
كلماته كانت كفيلة باذابة مشاعر اى فتاة الا هى لم ترد فواصل هو قائلا ” الا لو كان يضايقك ”
تنهدت ندى قائلة ” كل حاجة بالمعقول كويسة يا ادهم ”
ـ معاكى حق تمام ..انا وصلت القسم خلاص ...هكلمك بعدين ..سلام يا حبيبتى
اغلقت ندى المكالمة دون ان ترد سلامه وألقت بالهاتف جانبا ، ماالداعى لان يحدثها كل دقيقة ، لا جديد ليتحدثا فيه ، ومالجديد الذى من الممكن ان يكون بينهما ، ادهم سيظل ادهم ولن يصبح شخصا آخر ، لن يصبح ....أحمد ، تنهدت وهى تلقى القلم من يدها واتجهت الى احد ادراج مكتبها فتحته لتجد الكراس القديم الذى كان احمد يشرح لها فيه ايام الدراسة ، مررت يدها تتلمس أوراقه وهى تتذكر طريقته فى الشرح والحديث وطريقته فى كل شىء ، أغلقت الكراس فجاة وأغلقت معه شريط الفيديو القصير الذى أخذ يعرض ذكرياتهما معا فى رأسها ، عادت الى عملها وهى تتنهد من تلك القصة التى كتبت فيها كلمة النهاية من قبل حتى ان تبدأ .
سمعت طرقا خفيفا على الباب ، ارتعدت قليلا وشيئا ما جعلها تظن ان الطارق هو ادهم ، هذا ما كان ينقصها ، ادهم فى الهاتف ، ادهم فى المنزل ، وربما الان على باب غرفتها ، نظرت الى اوراقها واسندت جبينها بكفها وقالت فى عصبية ” ادخل 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close