اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل التاسع والعشرين 29 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل التاسع والعشرين 29 بقلم سارة علي 



                                    

الفصل التاسع والعشرون 


+



( الجزء الأول ) 





+



تجتجمد لوهلة وهو يطالعها أمامه من جديد بعدما ظن نفسه تخلص منها للأبد بينما إنتبهت هي لوجود زوجته جانبه فإشتعل الحقد داخلها مجددا وظهر ذلك في عينيها اللتين إسودتا تماما وفقدتا بريقهما الذي إندلع قبل لحظات نصرا وبهجة فباتتا حادتان مريعتان بسواد يشابه سواد قلبها الذي يحترق غلا في تلك اللحظة ...


+



كانت توليب تطالع الموقف بحيرة عندما صاح الجد بغضب رافضا ما يسمعه من حفيده الذي قال بدوره بثبات :-


+



" إنتهينا يا جدي ... لقد تزوجتها ..."


1



إتسعت عينا توليب بدهشة بينما إعتصر إياس قبضته بقوة وإشتعلت عيناه بوعيد حارق عندما نهض الجد يقابل حفيده في وقفته ويده تهبط فوق وجنته بصفعة قوية جعلت عينا رأفت تحتدان تماما بينما يتحدى جده  بهيمنة مدهشة :-


+



" إفعل ما تشاء .. إرفض كما تريد .. لكنني تزوجتها ... وأنت مجبر أن تقبل بها ... لا حل آخر أمامك ..."


+



إندفع عارف يقف في وجه ولده رغم إتفاقهما المسبق بكل ما يحدث بينما نظر رأفت أخيرا إتجاهه ليلوي ثغره بإبتسامة متهكمة متوعدة قابلها إياس بملامح ثابتة محافظا على تماسكه بأعجوبة بينما قال الجد بصوت جهوري :-


+



" تصرف مع ولدك يا عارف فأنا لن أقبل بما حدث أبدا ... هذه الزيجة ستنتهي ... هل فهمت أنت وولدك ...؟! لا ينقصني سوى زواج بهذه الطريقة من فتاة لا نعرف أصلها ولا أي شيء عنها ...!!"


+



إحتقنت ملامح مروة بقوة وداخلها ينمو وعيد إتجاه الجد الذي سينال يوما ما نصيبه من أفعاله هو الآخر....


+



طالعتها توليب بشفقة بينما إندفع إياس يتبع جده وبقيت توليب مع البقية عندما قالت ألفت وهي تندفع خلف عمها وولدها :-


+



" سأرى عمي وأحاول تهدئته قليلا ..."


+



تأملت توليب رحيلها بحيرة قبلما تحسم أمرها وتتحرك خلفها متجهة نحو جناحها هناك حيث إنفردت بنفسها بملامح ضائقة وما يحدث من مشاكل حولها يفوق قدرتها على التحمل لكنها مضطرة أن تتماسك بثبات كما إعتادت...


+



بعد حوالي ربع ساعة إندفع زوجها إلى الجناح لتنهض من مكانها في الحال تتطلع لثورة غضبه القادمة بوجوم حائر قبلما تتحدث وهي ترى وقفته المتحفزة :-


+



"أنت لن تغضب بالطبع بسبب ما حدث لأن لا شأن لنا به ...."


+



" كيف يعني لا شأن لنا به ...؟!"


+



هدر بها بعصبية لتخبره بجدية :-


+



" نعم يا إياس .... من حق رأفت أن يتزوج من المرأة التي يريدها ..."


+



هتف ممتعضا من حديثها :-


+



" أنت لا تفهمين شيئا مما يحدث ...؟!"


+



ثم تحرك بعصبية نحو النافذة الواسعة ليسمعها تسأل بحيرة :-


+



" إشرح لي إذا ... مالذي يحدث وأنا لا أفهمه ...؟! ما شأننا نحن بزواج رأفت ..؟!"


+



قال بسرعة مبررا غضبه :-


+



" ألا ترين ما فعله حقا ..؟! لقد تزوج من فتاة لا نعرفها ودون أن يستشير جدي ووالده حتى ... فتاة لا تليق بالعائلة ... لا تليق بنا ولا بإسم عائلتنا ... "


+



" إنه يحبها ..."


+



كلامها كان يضاعف من غضبه فهي لا تدرك ما يحدث وأي خطة تحاك  ضده وأي مكيدة تدور حولهما وهو بدوره لا ينقصه سوى سماع وجهة نظرها التي لا تلائم الموقف ....


+



" توليب إفهميني أرجوك وإتركينا من نظرتك العاطفية الآن ..."


+



قالها بنفاذ صبر وهو يضيف :-


+



" ما فعله يسيء للعائلة ...."


+



طالعته بإستغراب لحظي قبلما تهتف بجدية :-


+



" من الواضح إنه يحب الفتاة وكان يعلم برفضكم لها فقرر وضعكم أمام الأمر الواقع ... "


+



صاح بإندفاع :-


+



" هو لا يحبها ولا يوجد شيء من هذا القبيل ...."


+



همست مستغربة :-


+



" لم سيفعل هذا بأكمله إن لم يكن يحبها ...؟! "


+



ثم منحته نظرة مشككة وترته أكثر فقال بإنفعال خفي :-


+



" سأذهب لأطمئن على جدي فصحته لن تتحمل المزيد من هذا الجنون الذي نحيا به بسبب الحقير رأفت ..."


+



وقبلما تقول شيئا كان يغادر سريعا تاركا إياها تطالعه بدهشة ممزوجة بشك غير مفهوم نحته جانبا وهي تتجه نحو السرير تتمدد عليه وتشرد فيما يحدث حولها ....!


+



**


+



بعد حوالي نصف ساعة ... 


+



نهضت من فوق سريرها شاعرة بالملل من هذه الأجواء الباردة التي تحاوط المكان ...


+



جذبت شالا ثقيلا تدثرت به ثم تحركت خارج جناحها ومنه إلى الحديقة الخارجية للقصر تسير بها بملامح شاردة قبلما تجلس فوق الأرجوحة تتطلع للسماء المظلمة بعينين ساهمتين وأفكار كثيرة ...


+



تتذكر لا إراديا طفلها الذي فقدته فتتشكل ذات الغصة في حلقها لتتجاهلها مجبرة فلا حل آخر أمامها ...


+




        


          


                

لم تكن تعلم إنه يراقبها منذ خروجها إلى الحديقة ...


+



يتأملها بحرص ....


+



يتابعها هي وكل خلجاتها دون أن يفوت شيء ...


+



تقدم نحوها بحذر حتى بات قربها لتشعر هي به فتعتدل سريعا  في جلستها ...


+



ظّنته زوجها في البداية ليتبين لها إنه إبن عمه ....


+



دون مقدمات فوجئت به يجلس جانبها على مسافة قريبة منها بملامح متكدرة عن قصد ....


+



طالعته بحذر قبلما تخبره بمواساة  :-


+



" لا تحزن .. جدك سيغفر لك ما فعلته ... "


+



" صدقيني لا أهتم ..."


+



قالها بجدية قبلما يبتسم لها بضعف لحظي سرعان ما قام بمحوه وهو يخبرها بجدية :-


+



" و أنت لا تهتمي ... جدي سيقبل غصبا عنه ... لا حل آخر لديه ...."


+



إبتسمت بتروي :-


+



" أتمنى أن تنتهي هذه المشكلة على خير ...."


+



أضافت بتردد :-


+



" بالمناسبة ما فعلته كان جيدا ... "


+



طالعها بإستغراب لتومأ برأسها وهي تخبره :-


+



" يعني تمسكت بالفتاة التي تحبها بل وتزوجت بها رغما عن رفض عائلتك ... هكذا يتصرف الرجال الحقيقيون ... وجدك سيفهم بالطبع أسبابك ويتقبلها ... ربما غضبه بسبب زواجك دون علمه لكنه حتما سيتقبل ما حدث بعدما يتفهم موقفك ...."


+



" أنتِ دائما هكذا .... "


+



قالها وهو يقابلها في جلسته لتضحك برقة :-


+



" كيف يعني هكذا ...؟!"


+



قال ببسمة عفوية :-


+



" تبسطين الأمور بدلا من تضخيمها ... تتقبلين كل شيء عكس الجميع و..."


+



توقف لوهلة يأخذ نفسه قبلما يضيف بنبرة حارة :-


+



" وتريحين المقابل بحديثك الدافئ الرقيق ...."


+



" أحاول أن أكون إيجابية ... لا أحب تعقيد الأمور ... "


+



قالتها بعفوية وهي تضيف :-


+



" الحياة أساسا مليئة بالتعقيدات فلا داعي لأن نضاعف نحن من تعقيداتها ... ما المشكلة أن نكون بسطاء قليلا في تصرفاتنا  و إيجابيين في نظرتنا ... ؟!" 


+




        

          


                

ومجددا يدرك كم إن إياس محظوظ بها وكم هو قليل حظ لإنه إلتقى بها بعده ...


+



هذه الفتاة مميزة ..


+



مختلفة عن أي فتاة عرفها وكانت تستحق رجلا يقدر إختلافها ويستحقه ...!


+



شعرت بإختلاف نظرته فتوترت قليلا لتهمس بسرعة :-


+



" بالمناسبة زوجتك جميلة ... كان إسمها مروة ... أليس كذلك ..؟!"


+



أيقظته من شروده بها ليهتف سريعا متذكرا الأخرى التي تركها في جناح الضيوف :-


+



" نعم مروة ...."


+



" ألم يكن من الأفضل أن تبقى جانبها فربما تحتاج وجودك ودعمك ..؟!"


+



قالتها بتردد ليبتسم بتروي وداخله يتمنى لولا تنتهي هذه الجلسة لكنه مجبر أن ينهيها الآن قبلما يفضح نفسه أمامها  ..


+



" معك حق ... لأنهض وأراها ... "


+



نهضت تتحرك جانبه متجهين إلى الداخل حيث دلفا إلى القصر لتتفاجئ بإياس في وجهها يصيح بها :-


+



" أين كنت يا هانم وماذا تفعلين معه ...؟!"


+



اتسعت عينا توليب بعدم تصديق بينما هدر رأفت بإندفاع :-


+



" ما بالك تصرخ عليها هكذا ....؟! هل جننت ...؟!"


+



لم يستوعب إياس ما يقوله ....


+



أي جنون تلبّس هذا الأحمق ...؟!


+



" أنت يبدو إنك لن ترتاح حتى تنال نصيبك مني هذا اليوم ..؟!"


+



وقبلما ينقض عليه كانت توليب تقف في وجهه تهتف بعدم تصديق :-


+



" إياس ماذا تفعل ...؟!"


+



صاح بها بطريقة أجفلتها :-


+



" إصعدي إلى الأعلى ... لا أريد رؤيتك هنا قبلما أنهي حديثي مع هذا الوغد .."


+



اتسعت عيناها بعدم تصديق وعقلها لا يستوعب هذا الكم من الغضب ...


+



إحتقنت ملامحها وهي تخبره والغضب طل من عينيها :-


+



" سأصعد حالا ولكن بيننا حديث طويل على ما تفعله من مهازل ..."


+



أنهت حديثها الذي لم يسمعه سواه وإندفعت إلى الطابق العلوي بينما بقي هو مع إبن عمه الذي قابله بوقفته واضعا كفيه في جيبي بنطاله يطالعه بنظرات هازئة يخبره عن قصد :-


+



" لم تستطع السيطرة على نفسك كما توقعت .. لا ألومك .. الضربة قوية هذه المرة ..."


+




        

          


                

ضحك إياس بإستهزاء وهو يردد :-


+



" "تعتقد إنك نجحت ... مخطئ إذا ... لا بأس يا رأفت ... سأتركك تحتفل بنجاح مؤقت ضريبته ستكون أبشع مما تتصور ولكن ..."


+



إندفع في ثواني ينقض عليه يصرخ به ويده تعتصر عنقه بقسوة :-


+



" إلا زوجتي ... هل فهمت ...؟! تصرف كرجل لمرة واحدة في حياتك يا رأفت ولا تنظر لزوجة غيرك ... "


+



أضاف وكفيه يهبطان نحو ياقة قميصه :-


+



" قسما بربي ... قسما برحمة أبي ... سأهدر دمائك دون تردد إن إقتربت من زوجتي مجددا ... زوجتي خط أحمر ... هل فهمت يا إبن عارف ...؟! "


+



أضاف عن قصد وهو يعدل ياقة قميصه بعدها بحركة إستفزازية مقصودة :-


+



" أما بخصوص مروة فأنا سأعرف كيف أؤدب كليكما  وأجعلكما تدفعان ثمن محاولاتكما للتلاعب بي ...."


+



حرره من حصاره وتحرك مغادرا المكان عندما سمعه يهمس بخفة :-


+



" لا تكن واثقا إلى هذا الحد فالمفاجئات لم تنتهِ بعد ..."


+



إلتفت إياس نحوه يبتسم له بسخرية باردة وهو يردد بثقة :-


+



" سنرى يا إبن عارف ... وأيا كانت  مفاجئاتك فلا تقلق بشأني لأنني قادر على التعامل معها جيدا ...."


+



طالعه رأفت وهو يرحل بحقد يتنامى ووعيد أكبر قبلما يندفع نحو الجناح الذي تمكث به مروة يخبرها دون مقدمات :-


+



" لن تخبرينه عن حملك حتى أقرر أنا ولن تتحدثي معه أساسا حتى أسمح لك بذلك ..."


+



نهضت من مكانها تهتف بثبات :-


+



" كيف يعني تسمح لي ...؟! أنت نسيت إنني شريكتك و ..."


+



أوقفها بحزم :-


+



" لا تنسي إن ما أفعله وأريده لصالح كلينا ... لذا توقفي عن المجادلة ..."


+



تقدمت نحوه تهتف بجدية :-


+



" أنا أريد حلا سريعا ... لن أنجب طفلي في هذا الوضع ..."


+



" يجب أن تصبري قليلا ..."


+



صاحت بنفاذ صبر :-


+



" كم سأصبر ...؟! في الوقت الذي يجب أن أكون به بجوار والد طفلي أرى غيري مكاني تجاوره طوال الوقت .... "


+



أكملت بجدية ومخاوفها بشأن تلك الزوجة تتضاعف :-


+



" ماذا لو حملت مجددا ...؟! ماذا سنفعل ...؟! "


+




        

          


                

" توقفي يا مروة ... حمل توليب سيدمر ما أطمح إليه أنا وليس أنت ... حملها سيضاعف المسافات بيني وبينها أكثر لذا فأنا من يجب عليه القلق وليس أنت ..."


+



قالها بوجوم وفكرة حملها مجددا تقلقه هو الآخر لكنه يأمل بعدم حدوث هذا لتخبره عن قصد :-


+



" وأنا لا أريد أخا لطفلي منها ... لن أضعه في مقارنات فارغة مع إبن سليلة الهاشمي والأهم إنني لا أريد أي رابط يجمعها بإياس مستقبلا ..."


+



سأل رأفت بسخرية :-


+



" لمَ أنتِ واثقة لهذا الحد من إياس وتقبله لطفلك ...؟!"


+



عقدت ساعديها أمام صدرها تخبره بثقة :-


+



" لأن إياس الذي أعرفه لا يتخلى عن طفل من صلبه مهما بلغت مساوئه ...."


+



" ربما أنتِ لا تعرفينه جيدا ..."


+



قالها بحاجب مرفوع لتخبره بذات الثبات :-


+



" إنظر إلي... أنا عاشرته لأعوام ... أعرف هذا الرجل جيدا بل أحفظه كخطوط يدي ... إياس ليس الرجل الذي يتخلى عن طفله ... ولده الذي يحمل دمائه .. كل شيء يمكنني الشك به ما عدا هذا الأمر ... لذا أنا مطمئنة بشأن مستقبل طفلي ..."


+



قالتها وكفيها تحتضنان بروز بطنها الظاهر من أسفل ملابسها الضيقة لتضيف وعيناها تحتدان بقوة :-


+



" ما يهم هي توليب ... لا يجب أن تحمل ... إن حملت توليب فإياس لن يتخلى عنها ولا عن طفله مثلما لن يتخلى عن طفلي لكن دائما ستبقى الكفة الراجحة لها ناهيك عن كون حملها سيمنع إجتماعكما فهي لن تتزوج من إبن عم والد طفلها وتضع نفسها في موقف كهذا ..."


+



" مالذي تريدين الوصول إليه ...؟! تحدثي مباشرة ..."


+



قالها بنفاذ صبر لتشتعل عيناها بنيران حادة وهي تخبره :-


+



" توليب يجب ألا تحمل مجددا .... يجب أن نمنع حدوث حمل جديد ... "


+



وبينه وبين نفسه كان يفكر بذات الطريقة ليجد نفسه متفقا معها من جديد ..


+



**


+



إنتفضت توليب من مكانها ما إن وجدته يدلف إلى جناحهما لتصيح به :-


+



" أنت كيف ترفع صوتك عليّ أمامه وتتحدث معي بهذه الطريقة ..."


+



" وأنت ماذا كنتِ تفعلين معه خارجا يا هانم ..؟! ألف مرة أخبرتك ألا تتعاملي معه ..."


+



صاح بها بدوره لتجابهه بتحدي :-


+



" أنت تنسى دائما إننا نعيش في مكان واحد ... يعني نحن بمثابة عائلة واحدة ..."


+




        

          


                

صاح بسخرية حادة :-


+



" عائلة واحدة ..؟! إذا كنت أنا لا أعتبره ووالده من أفراد عائلتي فكيف تعتبرينه أنت كذلك ....؟!"


+



" هذا الواقع عزيزي..."


+



أضافت بصلابة :-


+



" طالما نعيش في مكان واحد فلا تطلب مني ألا أتعامل معه وإذا كنت تصر على ذلك فدعنا نعيش لوحدنا إذا ..."


+



" أخبرتك مجددا إن هذا القصر لي ...."


+



" أعلم ..."


+



تمتمت بها بإقتضاب وهي تضيف بمنطقية :-


+



" ولكن لا تطلب مني شيئا غير منطقيا بأن أعتزل جميع سكان هذا القصر وكأنهم غير موجودين .."


+



هدر بنفاذ صبر :-


+



" ما شأنك بهم لا أفهم ... ؟! لماذا تعاندين أساسا ...؟! إسمعي كلامي وكفى ..."


+



" أنا لست دمية تسمع كلامك وتنفذه دون تفكير ... إذا كان كلامك لا يعجبني فيحق لي ألا أستمع له ..."


+



قالتها بذقن مرفوع ليتقدم خطوتين نحوها يهتف بأنفاس محتدة :- 


+



" إنتبهي على كلامك يا هانم .. أنتِ تتحدثين مع زوجك ...."


+



" ماذا يحدث معك ...؟! أنا حقا لا أفهم ..."


+



قالتها وهي تضيف بعدم تصديق :-


+



" كل هذا لأنني تحدثت معه قليلا ..."


+



قاطعها يصرخ بشكل أجفلها :-


+



" بل لأنك تعاندين ... أخبرتك ألف مرة عن خلافاتنا وبدلا من إحترام كلامي ورغباتي أجدك تعاندين معي دون سبب مقنع ..."


+



" أنت اليوم لست طبيعيا ..."


+



قالتها وهي تندفع نحو الخزانة تهم بسحب قميص نوم لها لتشهق بصدمة عندما وجدته يقبض على ذراعها يهدر بها بعصبية وملامح قاتمة :-


+



" كيف يعني غير طبيعي ...؟! راجعي حديثك قبل التفوه به يا توليب هانم ... "


+



" إترك يدي .."


+



همست بها وعيناها تطالعانه بعدم تصديق لما يفعله قبلما تصيح به وهي تدفعه محررة ذراعها من قبضته :-


+



" إترك يدي يا إياس .."


+



أدمعت عيناها وهي تهدر بعصبية :-


+



" وتلومني عندما أقول إنك لست طبيعيا اليوم ..."


+



طالعها بغضب ووعيد بينما فتحت هي الخزانة بعصبية وأخرجت قميص نوم لها ...


+




        

          


                

كانت غاضبة بشدة منه ومن تصرفاته الليلة معها ...


+



وبدلا من أن تغير ملابسها وجدت نفسها ترمي القميص فوق السرير بعصبية وهي تتحدث معه :-


+



 " منذ مجيء إبن عمك مع تلك الفتاة وأنت تغيرت بشكل مريب ... ما بالك لا أفهم ...؟!"


+



لوهلة تملك التوتر منه وخوفه من إدراك ما يجول داخله فقال بسرعة مبررا محاولا احتواء الموقف وهو يستوعب إنه فرّغ غضبه بها بسبب هذين الحقيرين :-


+



" أخبرتك يا توليب ... ما فعله رأفت غير مقبول ويسيء للعائلة ..."


+



ثم حاول إحتوائها فجذبها نحو أحضانه يخبرها :-


+



" أنا آسف حبيبتي ولكن أنت أيضا تفهمي غضبي وأسبابي ..."


+



دفعته برفض وهي تخبره :-


+



" لن أتفهم ... لست مسؤولة عن تصرفات غيري ولست مجبرة أن أدفع ثمن أخطائهم التي تصب غضبك بسببها فوق رأسي أنا ..."


+



أكملت بجدية :-


+



" ثانيا أنا لا أفهم عليك حقا ، ألم تكن تكره رأفت وتراه عدوك ... ؟! من المفترض أن تفرح لما فعله فهو تزوج من فتاة لا تساوي شيئا حسب وجهة نظرك لا أن تغضب بسبب إقدامه على زيجة كهذه ... فهذه الزيجة التي ترفضها أنت ستقلل منه ومن مكانته وهذا يجب أن يجعلك سعيدا لا غاضبا بهذا الشكل الغير مفهوم ... هل كنت تريد زواجه من إمرأة توازي مكانة عائلتك العريقة ...؟! ألم يكن هذا سيجعله في مكانة موازية لك ...؟! أليس من المفترض أن يزعجك هذا ...؟! أليس من الطبيعي أن تسعدك زيجته هذه بناء على طريقة تفكيرك ونظرتك للأمور ...؟! حقا لم أعد أفهمك يا إياس ولا أفهم ما تفعله ولكن ما أدركته الآن وفي هذه اللحظة إن كلا منا يدور في فلك بعيدا تماما ومختلف جذريا عن الفلك الذي يدور به الآخر ..."


+



كلماتها وتفكيرها المنطقي للغاية صدمه بل على ما يبدو هي تحمل شكوكها الخاصة نحوه ونحو تصرفاته ....


+



هل فضح نفسه دون أن يقصد ....


+



تسائل وجملتها الأخيرة أقلقته :-


+



" ماذا تعنين بكلامك الأخير ..؟!"


+



عادت تجذب قميص نومها تخبره بإقتضاب :-


+



" كلامي مفهوم ولا يحتاج إلى شرح ..."


+



ثم إندفعت نحو دورة المياه مقررة تبديل ملابسها فيها وعقلها يعيد التفكير به وبتصرفاته التي تزداد سوءا بشكل غير مفهوم بينما تمكن القلق منه هو الآخر فقرر أن يعدل من تصرفاته ولا يسمح لما حدث بتعكير صفو علاقته بها ....


+




        

          


                

**


+



في طريق العودة ..


+



يجاور والده الذي يتطلع من النافذة إلى الخارج بملامح متجهة ..


+



يعلم جيدا برفضه لهذه الخطوة التي أقدم عليها لكنه إضطر أن يدعي الموافقة ويرافقه في طريقه المجهول بالنسبة له  ....


+



تنهد أثير بصمت ثم نادى على والده :-


+



" بابا ...."


+



إلتفت والده نحوه يسأل بعد تنهيدة قصيرة :-


+



" نعم يا أثير ..."


+



" أعلم إنك لست راضيا عما حدث ..."


+



قالها أثير بصوت جاد ليومأ حاتم برأسه وهو يخبره بدوره :-


+



" سأكون كاذبا إن قلت غير ذلك ...."


+



أضاف بجدية :-


+



" لا أرفض الفتاة ... لا مشكلة لدي معها ... لكنني أعلم جيدا إن هناك نوايا مختلف لديك خلف هذه الزيجة ولست واثقا كذلك بنوايا الفتاة نفسها ...."


+



هم أثير بالتحدث ليوقفه والده بحزم :-


+



" أنا خائف عليك يا أثير ... أخاف عليك من نفسك وغضبك وحقدك الذي يعميك عن الكثير ..."


+



وجمت ملامحه بينما والده يسترسل :-


+



" حذاري من غضبك وحقدك يا أثير ... لا تدمر نفسك يا ولدي وتدمرها معك ..."


+



مال نحوه يخبره بحرص :-


+



" لا تنسى إنها يتيمة ... صحيح أعلم إن الفتاة قوية وليست هينة إطلاقا ولكنني أدرك جيدا كم المعاناة التي عاشتها طوال الفترة السابقة .."


+



" معاناة ...!!"


+



تمتم بها أثير بنبرة هازئة ليقاطعه والده بحزم :-


+



" لا تحكم على المكتوب من عنوانه .... "


+



ثم شرد في لقائهما السابق ...


+



وقتها رآها في أسوأ حالاتها ...


+



كانت ضعيفة ومنهارة ...


+



إنهيارها الذي يؤكد مدى عمق علاقتها بمن كان زوجا لها ...


+



لقد رأى ذلك بعينيها ...


+



رأى الحب الصادق ... 


+



رأى خوفها عليه ....


+



يخشى على ولده من تلك الحقيقة بقدر ما يخشى على الفتاة من غضب ولده الذي سيبتلعها تماما بكل قسوة ....!


+




        

          


                

عاد بذاكرته إلى الخلف حيث تحدث معها لأول مرة وتعامل معها عن قرب رغم إنها تربت في كنف إبن عمه وكانت جزءا من عائلته لكن بقيت العلاقة رسمية بينهما إلى حد ما ...


+



حتى إلتقى بها ليساعدها في إنقاذ طليقها من أنياب السجن بعدما إعترف أمام الجميع بكونه من تسبب بذلك الحادث لولده ... 



+



 " أنا هنا يا هالة لإصلاح ما يمكنني إصلاحه ..."


+



هتفت بصعوبة :-


+



"" مالذي ستصلحه ..؟! كل شيء تدمر ... إبنك دمر كل شيء وأنا ومن كان زوجي دفعنا ثمن أفعاله ..."


+



أضافت تهمس بمرارة :- 


+



" كل شيء إنتهي ..."


+



" أنا سأخرج كرم من السجن ... "


+



طالعته بدهشة فأضاف بتروي :-


+



" سأحل هذا الأمر بنفسي ... سأفعل كل شيء ليخرج من السجن سريعا ..."


+



همست بعدم تصديق :-


+



" ولكن أثير .."


+



قاطعها بملامح صارمة :-


+



" أثير لن يتدخل في هذا الأمر بتاتا ..."


+



" وهل هذا سيكفي ..؟! هل ما ستفعله سيصلح ما تدمر ..؟!"


+



سألته بإبتسامة يائسة ليتنهد بصمت ثم يقول بجدية :-


+



" لا أعلم ... أنا فقط سأفعل ما بوسعي ..."


+



أضاف بجدية :-


+



" ولدي سأتصرف معه بنفسي ..."


+



" مالذي ستفعله معه ..؟!"


+



سألته بوجوم ليجيب بثبات :-


+



" أثير سيخرج من المشفى إلى المطار مباشرة .. سيسافر إلى سويسرا ويبقى هناك ما لا يقل عن عامين .. سيختفي من طريقك نهائيا وأنا سأحرص بنفسي على ذلك ..."


+



أضاف بهدوء :-


+



" أما كرم فكما أخبرتك سأخرجه من الحبس وسأعوضه بالشكل الذي يرضيه وأنت ..."


+



أخذ نفسا عميقا ثم قال :-


+



" تستطيعين أن تصلحي الوضع بينكما ... "


+



إبتسم يخبرها بتروي :-


+



" طالما الحب ما زال بينكما فكل شيء يمكن إصلاحه ... الحب قادر أن يمحي أي دمار مهما بلغ مقداره يا إبنتي .." 


+




        

          


                

" أنت مخطئ يا حاتم بك ...."


+



قالتها بآسف وهي تضيف بخيبة طلت من عينيها :-


+



" لأننا بالفعل إنتهينا وما بيننا لا يمكن إصلاحه ...."


+



تنهدت ثم أضافت بحسرة خفية :-


+



" ليخرج كرم من السجن سالما وغير ذلك ليس مهما ... ما يهم سلامته ...."


+



أفاق من شروده يخبر ولده عن قصد :-


+



" هالة ما زالت صغيرة وعاشت تجارب سيئة للغاية رغم عمرها الصغير ... حاول أن تتفهم أسباب تصرفاتها السابقة وتحتويها وربما حينها تنجح زيجتكما وتصلان إلى بر الآمان سويا ..."


+



" كأنك تدافع عنها بشكل مبالغ فيه يا بابا ..."


+



قالها أثير بنبرة مستاءة ليخبره حاتم بمنطقية :-


+



" لا أدافع بقدر ما أتفهم وهذا ما تفتقده أنت في نظرتك للأمور يا أثير ...."


+



أضاف عن قصد :-


+



"الله وحده يعلم ما فعلته والدتك بها في الماضي ... لا يمكنني لومها وتجاهل أفعال والدتك التي أعرف جيدا كيف تتحول بشراسة مخيفة عندما يتعلق الأمر بك ..."


+



" هذا لم يعد مهما ..."


+



قالها أثير منهيا الحوار مضيفا عن قصد :-


+



" لنفكر بما ستفعله زمرد هانم عندما تعلم بما حدث الليلة من خلف ظهرها ...."


+



قال والده بنبرة حازمة :-


+



" دع هذا الأمر لي ... أنا سأتصرف معها ... سأخبرها بالأمر بنفسي وأحذرها من أي تصرف خاطئ ...."



+



**


+



عندما وصل حاتم إلى قصره وجدها تنتظره وعلى ما يبدو قد شعرت بوجود أمر ما يحاك من خلف ظهرها ...


+



عندما وصل حاتم إلى قصره وجدها تنتظره وعلى ما يبدو قد شعرت بوجود أمر ما يحاك من خلف ظهرها ...


+



لم يمهد الأمر طويلا بل أخبرها بما حدث بوضوح جعلها تنتفض من مكانها صارخة برفض :-


+



" لا يا حاتم ... أنت لم تفعل ذلك ... لم تفعلها يا حاتم ..."


+



قال بهدوء محاولا احتواء غضبها :-


+



" إهدئي يا زمرد ودعينا نتحدث بالعقل ...."


+



" وهل تركت عقلا لي يا حاتم ...؟!" 


+



صاحت به وهي تضيف :-


+



" خطبتها له ... ودون علمي ... وضعتماني أمام الأمر الواقع ... لكن والله لا ..."


+




        

          


                

وقبلما تكمل حديثها إندفع هو يقبض على كفها يهدر بها بصرامة :-


+



" إياك يا زمرد ... هذه المرة لن أغفر لك أي تصرف خاطئ مهما كان صغيرا ...."


+



" ماذا ستفعل يا حاتم ...؟! ألا يكفي إنك تصرفت وخطبت لإبنك دون علمي ... ماذا ستفعل أكثر ...؟! "


+



" سأطلقك ..."


+



قالها بثبات وكل خلجة به تخبرها إنه يعني ما قاله ...


+



بهتت ملامحها وهي تهمس بصعوبة :-


+



" تطلقني يا حاتم ... وتقولها ببساطة ... ولأجل من ... ؟! لأجل حقيرة لا تساوي ... "


+



قاطعها مجددا بحزم :-


+



" إياك يا زمرد ... تلك الفتاة ستصبح زوجة ولدك و ..."


+



" لن يحدث ... سأفعل أي شيء كي لا يحدث ...."


+



" صدقيني إن فعلت أي شيء وحاولت تخريب الزيجة بأي طريقة فهذه المرة سأطلقك دون تردد .. لن أغفر لك هذه المرة يا زمرد مهما حدث ..."


+



إندفع بعدها مغادرا المكان تاركا إياها تطالعه بجنون تلبس منها وحقدها يتضاعف على تلك الفتاة التي بسببها وجدت زوجها يهددها لأول مرة في حياته بالطلاق .!


+



**


+



إنهارت بعدها زمرد حتى الموت ....


+



إسود العالم حولها ...


+



صرخت بلا ...


+



إنتفضت رافضة ...


+



لن تأخذه ....


+



لن تناله تلك الشمطاء ...


+



ركضت نحو فريدة ...


+



هي الأمل الوحيد المتبقي لها بعدما سحب زوجها نفسه من أرض المعركة معلنا موافقته على هذه الزيجة البائسة ...


+



جثت فوق ركبتيها أمامها بإنهيار لم تره عليه حماتها مسبقا ...


+



" ماذا تفعلين يا زمرد ... ؟! ما هذا ...؟!"


+



" أنجديني يا فريدة ... أتوسل إليك .. ولدي يضيع مني .... حفيدك يضيع ...."


+



إرتجف قلب الجدة بوجل بينما إسودت عينا زمرد وهي تصرخ بإنهيار :-


+



" سرقته تلك الساقطة ... نالته مجددا ... هددت ونفذت ... الحقيرة ... فعلتها ... فعلتها إبنة زينة ...."


+



ثم تشبثت بركبة حماتها تتوسلها :-


+



" إفعلي شيئا .... أنت تستطيعين فعل الكثير وكلانا يعلم ذلك ... لا تجعليها تنتصر عليّ ... مهما حدث بيننا سأبقى كنتك ... زوجة وحيدك ... هل ستتركينها تنتصر عليّ ...؟!أعلم إنك تحبينني رغم كل شيء وأنا أحبك أيضا... لا تخذليني أنت كذلك ..." 


+




        

          


                

طالعتها فريدة بشفقة ...


+



أي جنون مسّ زمرد يجعلها تنهار بهذا الشكل ....؟!


+



ماذا فعلت يا أثير بأمك ...؟! وما قصة تلك الفتاة معها ..؟!


+



طالعتها فريدة بثبات مزيحة مشاعر شفقتها جانبا تهدر بها بحزم أمومي :-


+



" تجلدي يا فتاة ... تجلدي يا زمرد ... "


+



ثم إنحنت تقبض على ساعديها تساعدها على النهوض :-


+



" أنت زمرد الهاشمي ولن يهزمك أي شيء مهما كان حتى هذه الزيجة التي لا أفهم سبب تعنتك الشديد ورفضك الغير مفهوم إتجاهها ...."


+



" هذه الزيجة لن تحدث ... سنفعل أي شيء لننهيها ..."


+



صاحت بها زمرد وبدت وكأنها فقدت آخر خيط في عقلها لتزفر فريدة أنفاسها بتعب قبلما تجذبها وتجلسها أمامها وهي تخبرها :-


+



" ولدك يريدها يا زمرد ...."


+



" ولدي لا يدرك مصلحته ... ولدي يدمر نفسه دون أن يعي ...."


+



قالتها بنبرة باكية لتتنهد فريدة بصمت ثم تعتدل في جلستها وهي تخبرها :-


+



" أنا أيضا صدمني قرار ولدك ... لم أفكر يوما بتلك الفتاة زوجة له ولكن ..."


+



" هل تقبلين بها لحفيدك حقا يا فريدة هانم ...؟! هل تقبلين بفتاة مطلقة زوجة لإبن ولدك ...؟! هل هذه الفتاة اللائقة به ...؟! أخبريني يا فريدة هانم ..هل تليق هذه الفتاة بولدي الوحيد ...؟! "


+



كانت نبرة صوتها تتصاعد تدريجيا حتى بلغت ذروتها لتنتفض من مكانها تهدر بأنفاس مشتعلة :-


+



" لم أقبل بها سابقا وهي عزباء فهل سأقبل بها وهي مطلقة ...؟!"


+



طالعتها فريدة بوجوم :-


+



" ربما هذا خطأك من البداية يا زمرد ... ربما كان عليك أن تقبلي بها من البداية ...."


+



" أنت من تقولين هذا ...؟!! "


+



قالتها زمرد بعدم تصديق وهي تضيف :-


+



" لم تقبلِ بي طوال حياتك رغم إنني أوازي ولدك مكانة وكل شيء وتريدين مني تقبل الفتاة التي لا تليق به من جميع النواحي ..."


+



قالت فريدة بمنطقية :-


+



" أنا رفضتك لأسباب مختلفة ... أنت كنت مدللة ومتعجرفة ... كنت ستتعبين ولدي وكان معي الحق فحاتم لم يرتح معك يوما يا زمرد بسبب دلالك المبالغ فيه وعجرفتك وغرورك الذي لا يطاق لكن قلبه المعلق بك هو من جعله يتحملك ..."


+




        

          


                

أضافت بينما لأول مرة لا تهتم زمرد بحديث حماتها عن عجرفتها ودلالها فجل ما يهمها ولدها والمصيبة التي وقع فيها :-


+



" أما وضع ولدك مختلف ... الفتاة ليست سيئة ... ووالدها لا يعيبه شيء ... أنت كنت تبالغين وكأن والدها كان رجلا مجرما أو غير شريفا ... "


+



" إذا لو كنت مكاني ما كنت لتمانعي ...؟!"


+



سألتها زمرد وهي تعقد ساعديها أمام صدرها لتخبرها فريدة بحكمة :-


+



" ربما كنت سأتمنى نصيبا أفضل له لكن الفتاة بالفعل لا يعيبها شيء ... "


+



" والآن ... ؟! وهي مطلقة ...؟! "


+



" نصيبه يا زمرد ... بالطبع لم أكن أتمنى يوما أن يرتبط حفيدي الوحيد بفتاة سبق لها الزواج قبله لكنه النصيب .... ماذا أفعل ...؟!"


+



" ماذا يعني حديثك ..؟! هل ستقبلين بهذه الزيجة ...؟! "


+



" نعم يا زمرد لأن ولدك يحبها ويريدها ... أتمنى فقط أن يجد سعادته معه فالحب وحده لا يكفي لجلب هذه السعادة ...."


+



" حتى أنت يا فريدة ..."


+



" حتى أنا يا زمرد .... "


+



والأمل الوحيد المتبقي لزمرد رحل دون رجعة لذا فالأبواب أُغلقت جميعها في وجهها ولم يكن أمامها حل سوى الإستسلام ....!


+



**


+



فتح صلاح عينيه على كف كاميليا وهو يهبط فوق عينه بقوة جعلته ينتفض من مكانه متألما قبلما يستوعب ما يحدث وقد بدأ يستعيد وعيه ...


+



" آه يا كاراميلا .."


+



تمتم بها وهو يفرك عينه ليجدها تقفز عليه تخرمش وجهه وتضربه بكفيها الصغيرين :-


+



" آه يا إبنة القردة .."


+



تمتم بها وهو يقبض على كفيها الصغيرين يوقفها لينصدم بوجود نانسي أمامه حاملة كريم تطالعه بعينين محتدين ليهتف بصدمة :-


+



" القردة أقصد نانسي .."


+



هتفت بوجوم :-


+



" كنت سأصرخ عليها لأنها ضربتك وأجفلتك لكنك تستحق ما هو أكثر .."


+



ثم سارعت ترمي كريم عليه وهي تخبره :-


+



" منذ الصباح وهما يناديان بابا فأتيت بهما لك ..."


+



تحركت مغادرة المكان سريعا متجاهلة نداءه :-


+



" نانسي ... إنتظري يا نانسي ..."


+



ليجد نفسه مع طفليه لوحديهما فأخذ يحادثهما :-


+




        

          


                

" ماذا سنفعل الآن ...؟! "


+



" بابا ... "


+



تمتم بها كريم وهو يقفز فوق السرير بفرحة ليحمله صلاح ويقبله بحب :-


+



" حبيب بابا أنت ..."


+



إحتدت ملامح كاميليا ونهضت تتقدم نحوه تحاول دفع كريم بعيدا عنه بغيرة ليهتف صلاح بسرعة :-


+



" تعالي أنتِ أيضا ولا تغضبي ..."


+



ثم حملها من الجهة الثانية ليجدها ترفع كفّها اتجاه وجهه لتضربه فيسارع ويقبض عليه بيده التي تحاوط كريم مرددا :-


+



" كلا ، لن أسمح لك مجددا ...."


+



طالعته بعينين إحتدتا ليرفع حاجبه بحركة محذرة وهو يهدر بها :-


+



" إياك يا كاراميلا ... أنا بابا وستسمعين كلامي ..."


+



وقبلما ينهي حديثه كان كريم ينفجر باكيا بعدما خاف من نبرة صوته بينما إنقضت كاميليا عليه تهاجمه تحاول خربشة وجهه ليهتف صلاح وهو حائرا بين دفع كاميليا بعيدا عنه وتهدئة كريم:-


+



" يا أبناء المجنونة ... ما هذه المصيبة ...؟! صبرني يارب ..."


+



إستطاع بعدها بإعجوبة أن يسيطر على الوضع ليغادر سريره وهو يحمل كريم ويمسك كاميليا بكفه الآخر متجها بهما إلى الطابق السفلي هناك حيث والدته تترأس مائدة الفطور ونانسي تجلس على يمينها بينما شريف غادر إلى عمله ....


+



ألقى تحية الصباح بينما ركضت كاميليا سريعا نحو والدتها ...


+



إبتسمت نجاة بفرحة وهي ترى زيادة تعلق صلاح بطفليه وإهتمامه بهما بدعم من نانسي التي بدأت تتعمد أن تطوف بهما حمله بل وتتركهما معه ...


+



جلس قبال نانسي بعدما وضع الصغير جانبه لتخبره نانسي بإقتضاب أن يطعمه معه بينما أخذت هي تطعم كاميليا الطعام المخصص لها ...


+



مرت الدقائق وصلاح يتبادل الأحاديث مع والدته وقد عاد يتدلل عليها كعادته حتى نهضت نجاة مستأذنه فهذا وقتها الخاص للصلاة وقراءة القرآن بينما ظلت نانسي عابسة بعد رحيلها ليهتف صلاح بضيق :-


+



" هل ستبقين غاضبة مني ...؟!" 


+



لم تجبه فأكمل بوجوم :-


+



" ننوس حبيبتي ... أنا لم أصدق نفسي عندما تصالحنا أخيرا ... لا تغضبي مني بسبب هذين القردين ..."


+



إحتدت نبرة صوتها قليلا :-


+



" لا تنعت طفليّ بالقردين ...."


+




        

          


                

أكملت بسخرية باردة :-


+



" في الأعلى كنت أنا القردة والآن تنعتهما كذلك ....." 


+



" ولكنني كنت أمزح ..."


+



قالها بسرعة وهو يضيف بينما يغمز لها :-


+



" هل يعقل أن أشبه هذا الجمال كله بالقرد ...؟! خسئتُ والله ...."


+



" توقف عن تصرفاتك هذه يا صلاح ...."


+



قالتها بضيق ليهتف متنهدا بحرارة :-


+



" ماذا أفعل يا حلوتي ... إنه جمالك الذي يسحرني ويسبب الدوار لي ..."


+



" هل شربت شيئا ما قبل هبوطك ....؟!"


+



قالتها عابسة ليهتف بسرعة :-


+



" جمالك هو من يجعلني هكذا ... "


+



أضاف صائحا بمرح :-


+



" يا فرحتي بي ... يا لحظي الجميل .. الناس لديهم نانسي عجرم وأنا لدي نانسي مختار في بيتي ..."


+



منحته نظرة متجهمة وهي تخبره بنفور متعمد :-


+



"ما هذه الطريقة التي تتحدث بها ..؟! ألا يمكنك أن تتحلى بالقليل من الرقي وأنت تتحدث ..؟!"


+



حرك حاجبيه يردد بمشاكسة :-


+



" سامحيني يا زوجتي الشقراء فجمالك يفقدني جميع ما تعملته من أصول الرقي في حياتي ....  "


+



أضاف وعيناه تتأملانها بنظراته الوقحة المعتادة :-


+



" كم محظوظ في هذا العالم لديه شقراء جميلة بعينين خضراوين نادرين  ... أنا المحظوظ فقط ..."


+



تنهدت تخبره بصدق :-


+



" وأنا التعيسة التي أوقعها حظها بهذا المحظوظ ...."


+



غمز لها يخبرها :-


+



" تقولينها من وراء قلبك ... أعلم ..."


+



هزت رأسها بيأس بينما يتمتم بعبثه الفطري :-


+



" أليس كذلك يا ليمونتي ...؟!"


+



إنسلت ضحكة من شفتيها رغمت عنها ليصيح بحماس :-


+



" ضحكت والله ضحكت ..."


+



نهرته بعينيها بسبب صياحه بينما تنهد هو يضع كفه فوق قلبه مضيفا بنبرة مسرحية :-


+



" قلبي لا يتحمل كل هذا الجمال يا شقراء ..."


+



" يكفي ، سيسمعنا الخدم ...."


+




        

          


                

قالتها تؤنبه بخفوت ليميل نحوها من فوق الطاولة يخبرها :-


+



" نحن متزوجان أم نسيت ...؟!"


+



" متزوجان مع وقف التنفيذ ...."


+



قالتها بعفوية قبلما تستوعب ما تفوهت به فعضت على شفتيها بقوة بينما اتسعت هو عيناه بدهشة سرعان ما إبتلعها وهو يهتف ضاحكا :-


+



" نانسي يا بنت ... هل مللتِ من وقف التنفيذ وتريدين تفعيل الزواج ...؟! أقسم لك إنني أريد هذا كذلك ولن أمانع ...."


+



توقف وهو يشاهد اتساع عينيها بصدمة قبلما تهدر به بخفوت :-


+



" ماذا تقول أنت ...!! هل جننت ...؟! "


+



بسط كفيه يخبرها ببراءة :-


+



" أنت من قلتِ ذلك و ..."


+



قاطعته بحزم :-


+



" لم أكن أعني ما يدور في دماغك القذر ...."


+



" ومن أين عرفت ما يدور في دماغي القذر ...؟!"


+



سألها وهو يغمز لها بمكر لتهز رأسها مرددة بتعب :-


+



" لا فائدة منك ... ستبقى كما أنت ..."


+



تنهد مقررا تغيير موضوع الحوار ليقول بعد لحظات :-


+



" ما رأيك أن نخرج أنا وأنت والصغيرين ....؟! "


+



طالعته بشك ثم سألت :-


+



" ما المناسبة ...؟!"


+



أجاب ببساطة :-


+



" نخرج كعائلة ... ما المشكلة في ذلك ...؟! "


+



تطلعت إلى صغيريها مفكرة إن إقتراحه لا بأس به فوافقت في النهاية بينما هتف هو بسعادة لم تتوقعها :-


+



" رائع ... جهزي كريم وكاراميلا إذا ... لدي برنامج مميز سيعجبك ويعجبهما كذلك ...."


+



ثم نهض بحماس وهو يردد :-


+



" بعد ساعة سنكون جميعنا جاهزين ...."


+



طالعت رحيله بإندفاع يشبهه بحيرة وهي تسأل بينها وبين نفسه :-


+



" لو فقط أفهم سر هذا التغيير يا صلاح ... ربما حينها يمكنني الوثوق بك قليلا ..."


+



**


+



صف مهند سيارته في كراج العمارة وهبط منها متجها إلى الداخل بملامح قاتمة تماما ...


+



منذ ما حدث مساء البارحة وهو محتفظا بذات الملامح المخيفة صابا جم غضبه فوق جميع من حوله ..


+




        

          


                

لا يصدق كيف سقط في ألاعيبها بهذه السهولة وكيف سمح لنفسه بالإنجراف خلف رغباته ....


+



حاول أن يقنع نفسه كثيرا بأن ما حدث أمر طبيعي لرجل تعرض لإغواء صريح من أنثى وليست أي أنثى بل إنها زوجته ....!


+



ورغم محاولاته لم يقتنع بل زاد في لوم نفسه وهو يذكرها بأنها مريضة تعاني من إختلال نفسي يجعلها تتصرف بلا وعي وهو بدلا من مساعدتها خرّب كل شيء ..


+



الله وحده يعلم ما تفكر به هي وما تعتقده وكيف ستكون خطوتها  القادمة في إيقاعه وكيف سيتصرف هو ...؟!


+



كان الله في عونه ....


+



أما هي فرأته عند وصوله وبقيت تتابعه من نافذتها في الخفاء ...


+



لم يغب عنها وجومه بل إحتداد ملامحه الشديد ...!


+



ليلة البارحة لم تستطع النوم حتى ساعات الصباح الأولى ..


+



لم تستوعب حتى الآن ما حدث معها ..


+



توترها وهروبها بشكل لم تتوقعه ...


+



كانت تعتقد إنها قوية بما يكفي لتواجهه وتنتصر عليه ....


+



لكنها ما زالت ضعيفة كما عهدت نفسها وهذا أكثر ما يقهر روحها ..


+



تنهدت بسأم وهي تتجه إلى الداخل مفكرة إن اليوم موعدها الإسبوعي مع طبيبتها ....


+



تلك الطبيبة التي لا تنكر إنها باتت تشعر بإرتياح غريب نحوها في الآونة الأخيرة ولكنها ما زالت تخشى البوح وتتردد في الذهاب خوفا مما ستحمله الجلسة القادمة ...


+



تحاول التهرب لكنها تفشل فداخلها شيء مجهول يجبرها على الذهاب إليها حتى لو رغما عنها ...


+



شيء يسيرها لهناك ..!


+



تنهدت وهي تقرر تغيير ملابسها استعدادا للذهاب إلى هناك ....


+



غادرت غرفتها بعدما عدلت هندامها للمرة الأخيرة ...


+



ما إن تحركت خطوتين حتى بات في وجهها وهو الذي كان يغادر غرفته في ذات اللحظة ...


+



الغريب إنها شعرت بخجل غير مفهوم من رؤيته بعد تلك القبلة التي جمعتهما سويا ...


+



الخجل كان من نصيبها والغضب كان من نصيبه ..


+



غضب من نفسه ومنها ...


+



وجد نفسه يهدر متسائلا :-


+



" إلى أين ...؟!"  


+




        

          


                

لحظات وقررت أن تنحي خجلها جانبا فهي لن تسمح له بأن يشهد هزيمتها وهي التي كانت تحارب طويلا هذا ...


+



" سأذهب للطبيبة ..اليوم موعدي الإسبوعي معها ..."


+



قالتها بملامح ثابتة ونبرة هادئة قبلما تتحرك بنية المغادرة ليوقفها متسائلا بحدة :-


+



" وكيف ستذهبين إليها إن شاءالله ...؟!"


+



إستدارت نحوه تجيبه بذقن مرفوع :-


+



" طلبت سيارة أجرة وهي تنتظري في ألأسفل ..."


+



وقبلما يقل شيئا إضافيا تركته وغادرت بينما يتابع هو رحيلها بملامح محتقنة غضبا ....


+



أما هي فوصلت عند طبيبتها التي إستقبلتها مرحبة قبلما تأخذ مكانها قبالها ليبدئان جلستهما الإسبوعية ...!


+



سألت الطبيبة بإهتمام :-


+



" تبدين متوترة قليلا  اليوم يا جيلان ... "


+



عضت جيلان على شفتيها وهي تخبرها دون مقدمات :-


+



" لقد حدث شيء.. بيني وبين مهند ... مهند زوجي ... "


+



أخذت تفرك كفيها ببعضهما وهي تضيف :-


+



" تقاربنا .. حدث تقارب بينني ... "


+



إحتقنت ملامحها بقوة :-


+



" تبادلنا القبلات ..."


+



" حقا ...؟! إنه تقدم مهم في علاقتكما .."


+



قالتها الطبيبة وهي تضيف عن قصد :-


+



" من المفترض إنك سعيدة لأنك تريدين هذا التقارب منذ ..."


+



قاطعتها جيلان :-


+



" نعم كنت أريده ولكن ..."


+



أخذت نفسا طويلا ثم أضافت بحيرة :-


+



" مشاعري مضطربة بشدة وحقا لا أفهم إذا ما كنت راضية عما حدث أم العكس ...."


+



" هذا أمر طبيعي ...."


+



قالتها الطبيبة بمنطقية لتهمس جيلان :-


+



" لكنني توقعت ردة فعل مختلفة مني .. ظننت إنني ..."


+



أخذت نفسا طويلا من جديد :-


+



" ظننت إنني سأتجاوب معه وأغويه لما هو أكثر ولكنني هربت ..."


+



أشاحت وجهها بضيق من نفسها ومن ضعفها الذي كانت ولا زالت تمقته ...


+




        

          


                

" هذا أمر طبيعي يا جيلان ...بالنتيجة فطرتك إنتصرت ..."


+



أضافت الطبيبة :-


+



" مهما حاولت التجرد من صفاتك الحقيقية وتغيير نفسك سيبقى الأصل موجود وفطرتك السليمة ما زالت موجودة لأن هذه هي حقيقتك ...."


+



" ولكنني لا أريد هذه الحقيقة .."


+



صاحت بها معترضة وهي تضيف :-


+



" ليس هذا ما أريده ... لا أريد أن أعود لتلك الفتاة الخانعة التي يتحكم بها الجميع ...."


+



" أنت تبالغين عزيزتي ...."


+



قالتها الطبيبة بلطف وهي تضيف :-


+



"إنظري إلي جيدا ... نحن في حياتنا نحتاج أن نتوازن عامة ... إذا كنت تعتقدين إن تطرفك إلى الجانب المعاكس تماما لجانبك السابق هو الحل فأنت مخطئة تماما ....."


+



تلألأت العبرات في عينيها وهي تخبرها :-


+



" سابقا تحطمت ... كنت ضعيفة للدرجة التي جعلتني أخضع لتهديدات شاب حقير وأنفذ له ما يريده دون تفكير .... "


+



تساقطت عبراتها وهي تسترسل ببؤس :-


+



" أنا أخدع نفسي عندما أتهمهم جميعا بما حدث لي بينما ضعفي كان هو السبب الرئيسي لكل شيء .."


+



" أنتِ تلومين نفسك إذا ..."


+



قالتها الطبيبة بآسف لتصرخ جيلان ويديها تضربان فخذيها بضربات خفيفة لا ارادية :-


+



" نعم ، فأنا من لجأت لذلك الحقير وأنا من خضعت له بسبب ضعفي وغبائي والنتيجة كانت إنني خسرت كل شيء وأصبحت لعبة في يدهم جميعا ...."


+



هتفت الطبيبة بعقلانية :-


+



" لماذا لا تنظرين للأمر من جانب مختلف ...؟! مثلا أنت كنت وحيدة .... لو كان هناك من يسمعك ويقف جانبك لكنتِ لجأتِ إليه دون تردد وكان سيساعدك ويتصرف مع ذلك الشاب لكنك بكل آسف لم تجدِ من ينجدك يا جيلان ...." 


+



أضافت بجدية :-


+



" عندما تقتنعين بذلك وتتوقفين عن لوم نفسك وتحميلها الذنب الأكبر ستشفين من أكبر عقدة زرعتها داخلك لأنك وبكل آسف تلومين نفسك وتحملينها فوق طاقتها وفالمقابل تعاقبينها بأفعالك الحالية وكأنك تخففين من غضبك عليها بأن تهبطي بها للقاع بأفعالك المرفوضة وتمردك وما غير ذلك ..."


+



" كلا ، أنا أتصرف بالنحو الذي يشبهني ويمثلني فهذه حقيقتي ...."


+



صاحت بها معترضة لتضيف وعبراتها تسترسل فوق وجنتيها :-


+




        

          


                

" أنا لست شريفة ... أنا لست نظيفة .... ولست بريئة ...."


+



ضربت فوق فخذيها بقوة وهي تضيف بأنفاس هادرة :-


+



" أنا فقط خلعت قناع البراءة الذي كنت أرتديه وظهرت على حقيقتي .... ظهرت كما ينبغي أن أظهر .... "


+



إلتقطت أنفاسها بصعوبة وهي تهمس :-


+



" أليست هذه حقيقتي يا دكتورة ....؟! أجيبيني ..."


+



" طالما هذه هي حقيقتك فلماذا أنت هنا ...؟! لماذا تأتين إلي ...؟! أليس لكونك مريضة ...؟! لكونك تتصرفين بنحو لا يشبهك وتلجئين إلى هذه التصرفات لتعاقبي نفسك .... حتى هذا الضعف الذي تتحدثين عنه ... أنتِ تعاقبين نفسك عليه ... تكرهينه .... وتعتبرينه ذنبا إرتكبته بحق نفسك ..."


+



تنهدت ثم قالت بحسم :-


+



" تصالحي مع حقيقة ما قلته وحينها ستجدين طريق شفائك وتسيرين فيه بكامل قناعة لتصلي إلى بر الآمان ...."


+



أرادت أن تنهي جلستها وسمحت لها الطبيبة بذلك ...


+



عادت بوضعية منهارة إلى شقتهما ...


+



طالعها بصدمة وهو يراها بتلك الهيئة الباكية المحطمة ...


+



" جيلان ...؟! ماذا حدث ...؟!"


+



قفز سريعا نحوها يتسائل بوجل ليجدها تقبض على كفيه تستنجد به برجاء ودموع حارة :-


+



" إبقى معي ... لا تتركني ... أنا أحتاجك ... كثيرا ..."


+



ثم رمت بنفسها بين ذراعيه ليهتف بسرعة وتوتر :-


+



" حسنا أنا هنا جانبك ... لا تقلقي ... سأبقى معك ..."


+



سار بها نحو غرفتها وهناك ساعدها في خلع سترتها وحذائها قبلما يدثرها جيدا أسفل غطاء سريرها ليجدها تمسك بكفه ترجوه بضعف لم يرها عليه مسبقا :-


+



" إبقى معي ... أنت وعدتني ...."


+



تنهد ثم إتجه نحو الجانب الآخر وبتردد نحاه جانبا إستسلم لطلبها وتمدد جانبها لتلقي بنفسها بين أحضانه وتغمض عينيها مستسلمة للنوم الذي غرقت فيه بعد دقائق بينما بقي هو مستيقظا يطالعها بإرتباك غير مفهوم وخوفه يتضاعف عليها ووجودها بين ذراعيه يضاعف من إرتباكه وتوتره ...


+



**


+



بعد مرور يومين ...


+



تتأمل ملامحها الفاتنة بالمرآة بغرور جلي ... 


+



لطالما كانت جميلة بل الأجمل بين بنات جيلها من الأقارب والأصدقاء ....


+



جميلة ببشرة برونزية جذابة وخصلات بندقية  طويلة ....


+




        

          


                

عينان خضراوان بلون العشب النقي وملامح تحمل فتنة طاغية لا غبار عليها ...


+



تلك الفتنة التي جذبت أهم الرجال وأفضلهم إليها لتجد نفسها في حيرة من أمرها في إختيار الأفضل لها ...


+



تمر السنوات وجمالها يزداد فكلما كبرت كلما نضجت ملامحها أكثر فباتت أكثر جاذبية ...!


+



وهاهي اليوم تتأمل نفسها في المرآة بحرص تتسائل إذا ما كانت تحتاج لأي عناية معينة فهي شديدة الإهتمام بنفسها وجمالها وطاقتها الأنثوية التي تجيد إستخدامها بحرفية عالية واليوم تحديدا تحتاجها أكثر من أي وقت ..


+



نهضت من مكانها تلقي نظرة أخيرة على نفسها بملابسها التي إنتقتها بعناية وتصفيفة شعرها المميزة دون تكلف مبالغ فيه ...! 


+



تحركت تغادر جناحها لتقابل والدتها في طريقها لتخبرها عن ذهابها إلى المشفى أولا فاليوم موعد إزالة ضماد جرحها ...


+



تطالعها والدتها بنظرات مشككة بخصوص الطبيب الذي بات يحتل جزءا كبيرا من تفكيرها ....!


+



تجاهلت نظراتها بل التساؤلات التي تطل من عينيها فتغادر المكان سريعا متجهة إلى المكان المنشود ..


+



هناك وجدته في غرفته الخاصة فطلت عليه بإبتسامة مشرقة بادلها إياها على الفور وهو ينهض من فوق مكتبه يستقبلها بترحيب خاص أجج من ثقتها بما هو قادم ....


+



جلست قباله تخبره بإبتسامة مرحة :-


+



" وأخيراً سأفكّ الضماد ..."


+



" هل أنت جاهزة ....؟!"


+



سألها بجدية لتومأ برأسها فينتقلان إلى الغرفة المجاورة لتجلس فوق السرير المخصص للفحص بينما يقف هو قبالها حيث رفعت بلوزتها قليلا ليبدأ بفك الضماد ببطأ وحرص ...


+



" آه ...."


+



أطلقت تأوها خافتا مقصودا ليهتف بحذر :-


+



" هل آلمتك ...؟!"


+



رفعت عينيها نحوه واللتين حملتا نظرة ضعف مقصودة ممزوجة بجاذبية خطيرة لتهمس بصوت أنثوي مبحوح بحرفنة أنثى تجيد إقتناص فريستها :-


+



" قليلا ...." 


+



إبتسم بعملية :-


+



" لا بأس ... لقد إنتهينا أساسا ..."


+



نهضت من مكانها تعدل هندامها وهي تتمتم براحة :-


+



" أووف وأخيرا تخلصت منه ...."


+




        

          


                

إلتفت نحوها يخبرها :-


+



"هل كان يقيدك لهذا الحد ...؟!"


+



هتفت بنبرة مرحة :-


+



" في الواقع أنا من لا تطيق التقييد بأنواعه مهما كان بسيطا .... " 


+



إكتفى بإيماءة من رأسه بينما قالت هي بنبرة رقيقة :-


+



" أشكرك مجددا ... لقد أنقذت حياتي مسبقا .."


+



توقفت لوهلة قبلما تهمس بإعتذار بات مستحقا .-


+



" وأنا سبق وتصرفت معك بطريقة ليست لطيفة لكنني ..."


+



قاطعها بجدية :-


+



" لقد مر وقت طويل وأنا نسيت أساسا ما حدث ...."


+



" هذا رائع ...."


+



قالتها بنعومة وهي تضيف وقد أزعجها عدم تباسطه معها في الحديث رغم محاولاتها :-


+



" وأنا أحاول أن أنسى هذا الحادث اللعين قدر المستطاع رغم إن صدمتي بما تعرضت له ما زالت حية داخلي ...."


+



"كان عليكِ أن تبلغي عن الفاعل ...."


+



لقد نجحت في جذب إنتباهه لحديثها أخيرا ...


+



تمتمت سريعا :-


+



" لا أستطيع ... على الأقل حاليا .."


+



طالعها بإستغراب لتتنهد تخبره :-


+



" إنها قصة طويلة ولا أعتقد إنك تريد سماعها ..."


+



" كلي آذان صاغية ...."


+



تمتم بها وهو يجلس على الكرسي الذي تقف قباله لتبتسم بمرونة وتعاود الجلوس على السرير خلفها تخبره ببساطة :-


+



" إنه طليقي ..."


+



تجهمت ملامحه وهو يخبرها :-


+



" حتى لو ... كان يجب أن تبلغي عنه ..."


+



تنهدت مرددة :-


+



" إنه مجرم ... أخشى على عائلتي منه ... أساسا بصعوبة تخلصت منه .... بقي يلاحقني حتى بعد طلاقنا ... "


+



رفعت وجهها نحو السقف وهي ترسم البؤس على ملامحها :-


+



" أخشى أن أموت قبلما أتخلص منه ..."


+



" لن يحدث هذا بإذن والله ولكن كان عليكِ أن تبلغي الشرطة عنه ...."


+



كانت خطتها تسير كما تشاء وقد نجحت في رسم قصة لا وجود لها أمامه ...


+




        

          


                

تمتمت بآسف :-


+



" مبدئيا هو لا يقيم هنا وأنا لا أمتلك أي دليل ضده أساسا ورغم ذلك يستطيع إيذائي وإيذاء عائلتي ... أنا حقا لا مشكلة لدي لو كان الأمر ينتهي عندي لكنني أخشى على عائلتي كما أخبرتك وخاصة شقيقي .."


+



" غريب أن تتزوج إمرأة مثلك من رجل مجرم كهذا ...."


+



قالها بجدية لتبتسم بخيبة متقنة :-


+



"لم أدرك حقيقته حتى عاشرته ... سنوات عانيت بها معه حتى تخلصت منه ورغم ذلك رفض أن يتركني وشأني .... أتمنى أن تكون هذه الحادثة نهاية المطاف فلست مستعدة أبدا للخوض في مشاكل جديدة .... "


+



قبلما يتحدث كانت أخرى تقتحم الجلسة لينهض شريف من مكانه سريعا :-


+



" دكتورة مها .. هل هناك مشكلة ...؟!"


+



نقلت بصرها بينهما بحذر قبلما تسأل :-


+



" كلا ، أتيت فقط لأنني أحتاجك في إستشارة ..."


+



ثم توقفت ببصرها عند يسرا التي طالعتها بإبتسامة رسمية جافة قابلتها مها بواحدة مماثلة ...


+



" يجب أن أذهب أنا ولا أشغلك أكثر معي ...."


+



تمتمت بها عن قصد بنبرتها الناعمة ليلتفت شريف نحوها مرددا :-


+



" سعدت برؤيتك يا هانم ..."


+



قالت بمرح خفيف :-


+



" لا داعي للرسميات ... نادني يسرا ... دون ألقاب ..."


+



" سعدت برؤيتك يا يسرا ...."


+



" وأنا كذلك يا دكتور ..."


+



ثم منحت مها نظرة باردة رغم الإبتسامة المصطنعة التي ما زالت مرتسمة على شفتيها ولم يغب عنها كم الغيرة والخوف التي رآتها في عيني هذه الطبيبة ..


+



يبدو إنها مغرمة به ولكنها تأخرت للأسف الشديد فقد سبقتها هي وإختارته زوجا لها وطالما باتت هي في المنتصف فطريقها نحوه مسدود دون رجعة ....



+



**


+



تجلس أمام المرآة تتأمل ملامحها التي ظهرت بفتنة خاصة مميزة بينما خبيرة التجميل تخبرها بصدق :-


+



" تبدين مذهلة .... منذ فترة طويلة لم أعمل على جمال كهذا ..."


+



شكرتها هالة بإبتسامة شاحبة :-


+



" أشكرك حقا ... "


+



هزت السيدة رأسها مبتسمة مستغربة ملامح العروس التي تشي بعدم سعادتها أو ربما حماسها ليوم خطبتها تتسائل عن السبب الذي يجعل فتاة جميلة مثلها تعيسة بوضوح في مثل هذا اليوم ....!


+




        

          


                

دلفت توليب إلى المكان لتضع كفها فوق موضع قلبها بحركة مازحة وهي تردد :-


+



" قلبي الصغير لا يتحمل كل هذا الجمال حقا .."


+



أضافت وهي تعانقها من الخلف :-


+



" كان الله في عون العريس ..."


+



" ووالدة العريس ..."


+



قالتها هالة بسخرية مقصودة لتضحك توليب عاليا قبلما تطلق تنهيدة قصيرة تتبعها بتساؤل مباغت :-


+



" لماذا لست سعيدة ...؟! تبدين وكأنك مجبرة ..."


+



قاطعتها هالة بثبات :-


+



" لست مجبرة ... على العكس ... "


+



طالعتها توليب بقلق بينما دلفت همسة إلى المكان تنادي برقة :-


+



" هل إنتهت خبيرة التجميل  من عملها يا هالة ..؟!" 


+



ثم توقفت تتأمل شقيقتها بإنبهار حقيقي بتلك الإطلالة الملكية التي إختارتها لهذه الليلة ....


+



كانت هالة قد إختارت فستانا ذو تصميم ملكي بلون أسود مطرز بفصوص فضية لامعة ...


+



فستان طويل ينسدل بنعومة ظاهرا رشاقة جسدها يلتصق بالنصف العلوي من جسدها حتى الخصر ثم يتسع قليلا أسفل الخصر بشكل تدريجي حتى النهاية ....


+



رفعت خصلاتها الطويلة عاليا بشكل كعكة قصيرة وتركت بعضا من خصلاتها تنسدل محاوطة وجهها مما ضاعف من جاذبية ملامحها المليحة والتي لونتها بمكياج خفيف ذو ألوان دافئة بإستثناء كحل عينيها الأسود والذي أصرت أن ترسمه بنفسها لتبرز جمالها رماديتيها بوضوح ولون شفتيها اللتين طلتهما بلون وردي غامق جذاب ....!


+



" يا إلهي .. تبدين مبهرة ...."


+



تمتمت بها همسة وقد تمكن الخوف منها على شقيقتها الفاتنة بشكل مذهل لا إراديا بينما إبتسمت هالة بهدوء وقد حرصت ألا تشعر همسة بضيقها اليوم فهي لا تريدها أن تقلق بشأنها أبدا ...


+



قالت توليب بجدية :-


+



" سأرى زوجي وأعود بعد قليل ..."


+



ثم أشارت لهمسة بعينيها عن قصد مقررة أن تتركهما لوحديهما قليلا فتقدمت همسة نحو شقيقتها تبتسم لها بمرونة وهي تخبرها  بتروي :-


+



" أنت متأكدة من قرارك الليلة ، أليس كذلك ...؟!"


+



" ألم يتأخر هذا السؤال قليلا فالحفل بعد حوالي ساعة ....؟!" 


+



ابتسمت همسة برقة وهي تخبرها بصدق :-


+



" لا يهم ، يمكنك التراجع إذا أردت .."


+




        

          


                

ضحكت هالة بتوتر خفي :-


+



" كي يقتلني يا راغب ..."


+



"ومن سيسمح له بذلك ...؟!"


+



نطقتها همسة بحدة لترفع هالة حاجبيها مشاكسة :-


+



" ستقفين في وجه الكبير بنفسه لأجلي ..."


+



قالت همسة بنبرة دافئة صادقة جدا :-


+



" أقف في وجه الجميع لأجلك يا هالة مهما كلفني ذلك ..."


+



أدمعت عينا هالة على الفور ما إن سمعت حديث شقيقتها لتسارع وتقبض على كفيها وهي تخبرها :-


+



" أنا محظوظة بك حقا ..."


+



" هالة صغيرتي ..."


+



قالتها همسة بنبرة ضعيفة وعبرات مكتومة قبلما تجذبها نحوها تعانقها بقوة فتبادلها هالة عناقها بعينين دامعتين وداخلها تمنت لو تستطيع إيقاف ما يجري في هذه اللحظة لكنها تراجعت عن تفكيرها هذا في اللحظة التالية متذكرة إن ما يحدث اليوم هو قرارها الذي سعت بنفسها إليه فلا مجال الهرب ولا وقت لضعف غير مسموح أن يتمكن منها بعد جميع ما حدث ...!


+



**


+



يقف أمام مرآته يعدل من هندامه للمرة الأخيرة قبل مغادرته ...


+



على طاولة الزينة أمامه يوجد خاتمين ...


+



أحدهما يحمل ذكرى قديمة ستبقى محفورة داخله للأبد وآخر حديث العهد جلبه قبل يومين بعدما إختارته هي من أحد المواقع الشهيرة التي أرسلها لها لتخبره عن إختيارها لهذا الخاتم الذي حمل تصميما جميلا من إختيارها ...


+



لطالما تميزت بذوقها الرفيع في كل شيء ولكن رغم جمال الخاتم ومهما بلغ جماله فلن يماثل جمال الخاتم القديم بتصميمه الخاص ...


+



يومها طلب تصميمه وحرص على إختيار أجمل تصميم غير مكرر وكان ينوي أن يقدمه إليها بعدما يخطبها من عائلتها رسميا ...


+



تأمل ذلك الخاتم بشرود لحظي ...


+



خاتم صممه وقتها خصيصا لها ...


+



بفص ماسي يحمل لون عينيها اللتين ما زالتا تفتنانه بذات الطريقة كأول مرة رآها فيه ...


+



خاتم كانت سترتديه يومها يحمل إسمه الذي ظن إنه سيبقى موشوما بقلبها للأبد ...


+



أعاد الخاتم لمكانه ...


+



لم يعد مناسبا ...!


+



خاتم كهذا لم يعد مناسبا لها ...


+



ذلك كان ماضي وولى ...


+




        

          


                

لا هو يناسبها ولا هي باتت تستحقه ... 


+



هي ليست حبيبته الأولى التي أحبها بكل ما فيها ....


+



بنقائها وبرائتها ... بقوتها وجنونها ...


+



 ولا هو نفسه الحبيب الذي فُطِر قلبه على حبها وأحيا نبض روحه بغرامها ...


+



حمل الخاتم الآخر واضعا إياه في جيبه ...


+



هبط إلى الطابق السفلي هناك حيث ينتظره والديه وشقيقته ...


+



إستقبلته شقيقته بترحيب حار وهي تهمس له بينما تعانقه :-


+



" أنت وسيم بشكل مبالغ فيه اليوم ..."


+



عبث بخصلاتها بأنامله فعاتبته قبلما ينتقل ببصره نحو والدته التي كانت في أبهى حلة لها حيث إختارت فستانا صممته خصيصا على يد مصممها الشهير وإرتدت طقما ماسيا مصمم خصيصا لها سيكون حديث الليلة بتصميمه المختلف وثمنه الباهظ ..


+



كانت جميلة كما عهدها وقوية بشكل صريح و إن كانت ملامحها كدرة بشكل فشلت أن تخفيه بل ربما لا تريد إخفاؤه ...


+



" ما كل هذا الجمال يا هانم ...؟!"


+



قالها أثير وهو يتقدم نحوها قبلما ينحني أمامها جاذبا كفها يقبله برقي فتخبره ببسمة مقتضبة :-


+



" أليس حفل خطبة إبني الوحيد..؟!"


+



كانت والدته قد تعمدت أن تقيم حفلا فخما يكون حديث الساعة لسبب لم يفهمه بعد لكن والده فهم عليها بل هو وحده من يفهم عليها فهي أرادت أن تثبت للجميع موافقتها بل سعادتها بهذه الزيجة والأهم أن تثبت لهالة إنها ستبقى المتحكمة الأولى بكل شيء بينما لم تهتم هالة بأمر الحفل ولم تجادل بخصوصه بل تقبلت ما يحدث دون ردة فعل معينة ....


+



" إبنك الوحيد سيسعد عندما تسعدين لأجله ... "


+



قالها أثير لتهتف بسخرية :-


+



" عندما تسعد حقا سأسعد أنا أيضا ..."


+



تنهد أثير بصمت بينما قال والده بجدية :-


+



" لننهض هيا ... جدتك ستصل مباشرة هناك في قصر خالك ..."


+



تذمرت زمرد :-


+



" كان من المفترض أن تدخل معنا يا حاتم .."


+



تجاهل حاتم تذمرها المعتاد وهم بأن يمد ذراعه لها لكن أثير سبق مرددا بمرح مصطنع :-


+



" اليوم زمرد هانم ستتأبط ذراعي أنا ..."


+



إبتسمت زمرد مرغمة لها قبلما تتأبط ذراعه وتسير جانبه يتبعهما زوجها الذي جذب إبنته لأحضانه مغادرين المكان جميعا حيث قصر العائلة الذي سيتم به الحفل كما قررت زمرد ...


+




        

          


                

**


+



تجاوز زمرد زوجها تستقبل المدعوين للحفل بإبتسامة تظهر حقيقية بينما الواقع غير ذلك ...!


+



همست لزوجها وهي تمنح إبتساماتها المجاملة لمن حولها :-


+



" من كان يصدق إننا سنقف في خطبة ولدنا الوحيد على فتاة كهذه ..... هل هذه الزيجة التي كنت تحلم بها حقا لولدك يا حاتم ...؟!"


+



تجهمت ملامح حاتم وهو يهمس لها من بين أسنانه :-


+



" توقفي يا زمرد .... ألا تملين من تكرار نفس الحديث ...؟! إفرحي بولدك وإنسي أي شيء يعكر فرحتك .."


+



منحته ضحكة ساخرة وهي تردد :-


+



" قد أنسى كل شيء عدا تهديدك لي بالطلاق ... لم تفعلها طوال سنوات زواجنا يا حاتم .... كيف فعلتها ذلك اليوم ...؟! لا أصدق حتى الآن إنك هددتني بالطلاق ..."


+



" زمرد ..."


+



قالها بنفاذ صبر لتهتف غير مبالية :-


+



" لكن لا بأس .... والله سأرد لك تهديدك هذا يوما يا حاتم وستندم لأنك بسبب الهانم خطيبة ولدك هددتني بالطلاق ...."


+



" لا فائدة فيك ... لن تتغيري طوال حياتك ... من الأفضل أن أذهب .. بسببك أصابني الصداع .... "


+



إندفع تاركا إياها بملامح كدرة نحتها جانبا وهي تسير مرحبة بصديقاتها اللواتي باركن لها الخطبة قبلما تهتف إحداهن :-


+



" رغم إنني لم أصدق ما سمعته عندما أخبروني عن العروس ووضعها ..."


+



إحتقنت ملامح زمرد بينما الأخيرة تضيف عن قصد :-


+



" من كان يصدق إن زمرد هانم ستزوّج إبنها من مطلقة ..!!"


+



طالعتها زمرد بوجوم لحظي قبلما تبتسم ببساطة مقصودة :-


+



" وما المشكلة في ذلك عزيزي سهير ..؟؟ ما بالها المطلقة ...؟!"


+



" أنت من تقولين هذا يا زمرد ..?!!!"


+



قالتها الأخرى لتهتف زمرد ببرود :-


+



" نعم أنا من تقول هذا ... ولدي يحب الفتاة وأنا كأم جل ما يهمني سعادة ولدي ... سواء سعادته كانت مع عزباء أو مطلقة لا يهمني بقدر ما تهمني سعادته ..."


+



أضافت عن قصد :-


+



" كما إن الطلاق ليس عيبا أو وصمة عار على الفتاة .... الطلاق لا يسيء للمرأة ولا يقلل منها ... عيب حقا أن نفكر بهذه الطريقة التافهة ... لم أتوقع منكن أن تفكرن بهذه الطريقة اللتي لا تليق بنساء راقيات مثقفات .. لا يعقل أن ندافع عن حقوق المرآة في الجمعيات ونأتي هنا ونرفض المطلقات منهن ..."


+




        

          


                

أنهت حديثها ثم تحركت بشموخ تاركة إياهن يتبادلن الأحاديث عندما قالت إحداهن بصدق :-


+



" حقا عيب .. ثانيا ما بالها المطلقة ..؟! إنها إمرأة عادية مثلها مثل غيرها .. لمَ هذه النظرة الدونية لا أفهم ..؟! هل يعُقل أن نقلل من المرأة التي سبق لها تجربة الزواج ...؟؟ ما هذا التفكير المتخلف ...؟! كما قالت زمرد جميعنا معرضات لخوض تجربة كهذه .. ومن يميز بين العزباء والمطلقة فهذا يعني إنه ينظر للمرأة كجسد فقط قابل للإستعمال وهذا قمة التخلف والغباء ..."


+



**


+



جلست زمرد بجانب حماتها بملامح محتقنة غضبا لتميل نحوها فريدة تخبرها بمرح :-


+



" ما كل هذا الجمال يا زمرد ... من يراك اليوم لا يراك قبل أيام وأنتِ تترجيني لإنهاء الزيجة ...."


+



" إتركيني من فضلك يا عمتي ...."


+



قالتها زمرد بقهر وهي تضيف بكبت :-


+



" سأموت من قهري ... والله سأموت ..."


+



" أوف يا زمرد ... تقبلي الأمر الواقع ..."


+



قالتها فريدة بملل لتهمس زمرد بعصبية خافتة :-


+



" ليتني مت قبلما أرى ولدي يتزوج من هذه .... من فتاة لا تليق به من جميع النواحي ومطلقة كذلك ...."


+



"لا فائدة فيك ...."


+



قالتها فريدة بسخرية لتهتف زمرد بتهكم :-


+



" بالطبع تقولين هذا .. لأنه ليس ولدك ... "


+



" على أساس أن ولدي تزوج من كاملة الأوصاف ... يوم زيجتكما يا زمرد كنت أندب حظي و أقول مثلك تماما ، ليتني مت قبلما أرى وحيدي يزج نفسه في ورطة كهذه .."


+



طالعتها زمرد بحقد بينما إتجهت فريدة ببصرها نحو ولدها تضيف بقهر :-


+



" إنظري إليه ... بسببك لا يبتسم يوم خطبة ولده .... حسبي الله فيكِ يا زمرد ... لا ينال منك ولدي سوى النكد ... "


+



أشاحت زمرد وجهها إلى الجانب الآخر بضيق بينما فريدة تكمل :-


+



" ماذا ستفعلين به يوم الزفاف ...؟! كان الله في عونه منذ الآن ..."


+



" لن يكون هناك زفاف بإذن الله ..."


+



قالتها زمرد بتجهم لتهتف فريدة بسخرية :-


+



" وكيف سيحدث هذا ..؟! هل ستلغين الزفاف رغما عن الجميع ...؟!"


+



" لا أحد يعلم ... ربما تحدث مصيبة ويتم إلغاء الزفاف ... حادث يدهس العروس مثلا وتلقي حتفها بسببه ..."


+




        

          


                

طالعتها فريدة بعدم تصديق قبلما تهتف :-


+



" إتقي الله يا زمرد ... وأنت لديك فتاة أيضا .."


+



" بعيد الشر عن إبنتي ..."


+



قالتها زمرد بسرعة وهي تضيف بحنق :-


+



" سامحك الله يا خالتي ..."


+



قالت فريدة بتحذير :-


+



" تعقلي يا زمرد ... وكوني رحيمة قليلا بالفتاة .. إتقِ الله يا زمرد هانم قبلما تلقين نصيبك من أفعالك وأفكارك السوداء ..."


+



أنهت فريدة حديثها ثم سارعت تبتسم لزهرة التي تقدمت ترحب بها بينما بالكاد منحت زمرد تحية مقتضبة لتجذبها فريدة من كفها تجلس جانبها مرددة عن قصد :-


+



" تعالي يا حبيبتي ... مر وقت طويل لم أركِ فيه ... أنت تعلمين كم إنني أحبك ..."


+



أخذت زمرد تنقل بصرها بينهما بوجوم وهي تتأفف بصمت بين الحين والآخر ...


+



**


+



يقف بجانب عادل صديقه يتبادلان الأحاديث وقد نجح في تبديد مزاجه السيء قليلا في هذه الليلة ....


+



هتف عادل مبتسما متذكرا صديقهما الغائب عنهما منذ زمن :-


+



" ليت مهند كان معنا ...."


+



" مهند مشغول مع جيلان ... كان الله في عونه .."


+



قالها أثير ساخرا ليهتف عادل بمرح :-


+



" بل كان الله في عونها هي ..."


+



أضاف بجدية وهو يتأمل الحفل :-


+



" لكن الحفل رائع حقا... والدتك يبدو وكأنها أفرغت غضبها مما يحدث في تفاصيل الحفل التي إنتقتها بعناية .."


+



تنهد أثير مرددا :-


+



" تعبت منها يا عادل ...."


+



قال عادل بجدية :-


+



" لا بأس .. ستتقبل الأمر تدريجيا ...."


+



هتف أثير عن قصد :-


+



" ماذا عنك ...؟! تسافر كثيرا هذه الفترة ..."


+



" مؤتمرات طبية كما تعلم ..."


+



إرتشف أثير القليل من عصره ثم سأل بخبث :-


+



" ألم تتعرف على إحداهن بعد ...؟! طبيبة زميلة لك مثلا ..."


+



" أبدا ...."


+




        

          


                

قالها عادل ببساطة ليرفع أثير حاجبه مرددا بدهشة :-


+



" أبدا ... لا أصدق ... "


+



" لم لا تصدق .. ؟؟"


+



سأله عادل  ليهتف أثير بمنطقية :-


+



" يعني شاب في عمرك ومكانتك غريب أن يكون بلا تجارب عاطفية حتى الآن ...."


+



تمتم عادل بصدق :-


+



" لم أجد الفتاة المناسبة بعد ... هكذا فقط ..."


+



" ومتى ستجدها ان شاءالله ..؟!"


+



سأله أثير بجدية ليخبره عادل بشرود لحظي :-


+



" لا أعلم ... سأجدها في الوقت المناسب بالطبع ... صدقني حتى الآن لم أرَ الفتاة التي تحرك شيئا ما داخلي وتجعلني أقول إنها هي الفتاة التي كنت أنتظرها لسنوات ...."


+



" أنت تبحث عن مواصفات معينة يعني ...؟!" 


+



سأله أثير بجدية ليجيب عادل سريعا :-


+



" إطلاقا ... أنا لا أبحث أساسا يا أثير ولا أهتم بهذا الأمر ... أنا أترك نفسي للقدر ... القدر الذي سيجمعني يوما بالفتاة المناسبة كما جمعك بهالة بالصدفة رغم إنك تعرفها قبلها منذ أعوام لكن شاء القدر أن تغرم بها بتلك الحفلة تحديدا وتبقى مغرما بها حتى اليوم ..."


+



وجمت ملامح أثير ولم يعلق عندما طلت شقيقته تعانقه بمرح وهي تخبره :-


+



" والدتك ستنفجر من الغضب ..."


+



ثم ضحكت بنعومة وهي تحيي عادل :-


+



" مرحبا عادل .. كيف حالك ...؟!" 


+



إبتسم عادل وهو يربت على شعرها بحركة تثير غيظها :-


+



" بخير يا صغيره ..."


+



تجهمت ملامحها وهي تخبره :-


+



" لن أرد عليك ..."


+



ضحك عادل بمرح بينما قالت سولاف بجدية لشقيقها :-


+



" تحدث معها وحاول التخفيف عنها ..."


+



قال عادل بجدية :-


+



" بالعكس ... إتركها تتقبل الأمر الواقع تدريجيا كما أخبرتك ..."


+



رفعت سولاف كفيها تدعي الإستسلام :-


+



" أمام نصائح طبيبنا لا يمكننا المعارضة ..."


+



ضحك عادل فبادلته ضحكته بشقاوة وهي تخبره بمرح :-


+



" كان الله في عون أمي ... لا أحد سيجلب الجلطة لها سوى أنا وشقيقي ..."


+




        

          


                

عبست ملامح أثير ليهتف بجدية :-


+



" ماذا فعلت أنتِ الأخرى ...؟!"


+



" حاليا لم أفعل لكنني سأفعل في المستقبل القريب ..."


+



قالتها وهي تغمز له بمشاكسة ليهتف عادل بسخرية :-


+



" لا تقولي إنك ستتزوجين من رجل لا تريده والدتك أنت الأخرى .. "


+



قالت سولاف بمرح هامس :-


+



"تخيل أن يحدث ذلك ... ستكون نهايتها هذه المرة حتما ..."


+



رفع أثير حاجبه مرددا :-


+



" منذ متى ونحن نتحدث عن مواضيع الزواج بهذه الأريحية ...؟!" 


+



هزت كتفيها ببراءة :-


+



" أنا أمزح ..."


+



أضافت ضاحكة :-


+



" فقط تخيل لو أتيت لماما برجل ذو مواصفات مرفوضة ... "


+



" هل ستأتين برجل عصابات مثلا كي ترفضه والدتك ... ؟! " 


+



قالها عادل ساخرا لتتجهم ملامحها وهي تخبره :-


+



" بل رجل دون مستوانا من وجهة نظر والدتي .."


+



" برأيي أن تفكري بدراستك أفضل ، أليس كذلك ...؟!"


+



قالها أثير بوجوم لتقول سولاف بسرعة :-


+



" والله أمزح ..."


+



قال عادل وهو يغمز لها :-


+



" دعك منه ... إنها يغار عليك ..."


+



أضاف مشيرا له :-


+



" متى ستذهب لخطيبتك يا أثير ....؟!"


+



تطلع أثير إلى ساعته وهو يردد :-


+



" أعتقد إنه حان الوقت .."


+



ثم تحرك متجها خارج القاعة حيث تمكث خطيبته بينما إبتسمت سولاف لعادل وهي تخبره :-


+



" جميل فكرة رجل عصابات ... قرأت رواية مشابهة منذ فترة ..."


+



ضحك بخفة :-


+



" هذا ما ينقصنا يا سولاف ...حينها لن تجلطي زمرد هانم فقط بل والدك وشقيقك ....."


+



ثم تبادلا الضحكات قبلما تهم بالتحرك لتصطدم بأحدهم فتهتف بسرعة من بين ضحكاتها :-


+



" أنا آسفة ... لم أنتبه .. أعتذر حقا .."


+



ثم تحركت سريعا بينما بقي هو يتابعها بعينيه بفضول وقد خطفت بصره رغما عنها بجمالها وشقاوتها المحببة فبقيت حبيسة بصره حتى نهاية الحفل ....


1




        

          


                

**


+



طرق على الباب قبلما يدلف إلى الداخل يبحث عنها بعينيه ليتجمد مكانه وهو يراها بهذه الطلة الآخاذة التي سلبته كيانه كاملا ..


+



كان الله في عونه ألف مرة ..


+



لم تكن جميلة فقط بل كانت فاتنة الجمال بشكل مرهق لعاشق يصارع عشقه وغضبه وحقده الذي يتضاعف مع كل موقف يعيشه منذ بداية خطبتهما مقارنا وضعهما الحالي بوضعهما سابقا لولا ما حدث ...!


+



تنهد بصمت وهو يتقدم نحوها فتراقبه هي بطرف عينيها مفكرة إنه وسيم  وأنيق كعادته ...


+



الوغد الوسيم ...


+



هكذا فكرت داخلها عندما وقف قبالها يطالع ملامحها التي تتابعه بثبات وغموض غير مفهوم ...


+



وضع كفيه في جيوب بنطاله ووقف يتأملها بإسترخاء قبلما يهمس بسخرية :-


+



" سيقول الجميع عني اليوم إنني محظوظ جدا ... محظوظ بك .."


+



عقدت ساعديها أمام صدرها وهي تخبره ببرود :-


+



" سيتحدثون عن حظي كذلك بعريس مثالي مثلك ولكن ...."


+



قتمت ملامحها وإسودت عينيها فجأة :-


+



" لا أحد يعلم خفايا النفوس وما تحمله القلوب داخلها .... "


+



إبتسم بخفة قبلما يتأملها ببطأ من رأسها حتى أخمص قدميها ليخبرها عن قصد :-


+



" تبدين جميلة حقا والفستان تحفة فنية مذهلة التصميم .."


+



" حاولت أن أكون لائقة قدر المستطاع بإبن سيادة الوزير وزمر د هانم مع إنني واقعيا أليق بك وبمن هو أفضل منك كيفما تزينت ومهما إرتديت ..... "


+



ضحك مرغما ثم قال ببرود مقتضب :-


+



" مغرورة كما عهدتك ..."


+



" بل واثقة من نفسي ...."


+



هتفت بها بتحدي لينظر نحو عنقها فيقول متذكرا :-


+



" كنت أرسلت لكِ طقما ماسيا ....."


+



قاطعته وهي تشير بعينيها نحوه فوق طاولة الزينة :-


+



" نعم هاهو ... "


+



أضافت وهي تتقدم خطوتين للأمام :-


+



" الأصول تقول أن تهديني الطقم بنفسك لا أن ترسله مع أحد موظفينك ..."


+



أضافت بسخرية باردة :-


+




        

          


                

" بل وتلبسني إياه ... أليس كذلك يا باشا ....؟!"


+



" الأصول تقول الكثير من الأشياء التي نفتقدها اليوم في علاقتنا يا هانم ولكن لا بأس .."


+



اتجه نحوه يسحبه ويتقدم به نحوها ليخبرها بهدوء :-


+



" إستديري من فضلك ...."


+



إستدارت ببطأ ليفتح القطيفة مخرجا الطوق الماسي ويلبسها إياه يتبعه ببقية الطقم عندما وقفت تتأمل نفسها في المرآة وهو خلفها فهمست بصدق عفوي :-


+



" إنه جميل للغاية ....."


+



" حرصت أن أجلب شيئا يليق بمن ستكون زوجتي ...."


+



لم يقل إسمها متعمدا ....


+



إستدارت نحوه تخبره بإقتضاب :-


+



" جميل ... شكرا ...."


+



أشار لها مرددا :-


+



" هل نغادر ....؟!"


+



اومأت برأسها موافقة لتتطلع نحو كفه التي إمتدت نحوها فتتنهد بصبر ثم تضع كفها في كفه ويتحركان سويا مغادرين المكان منه إلى القاعة الكبيرة التي أعدت للحفل ....


+



ما إن دلفا القاعة حتى إستقبلهما الحميع بالتصفيق ....


+



هتفت فريدة مشيرة لولدها الذي يجاورها :-


+



" بسم الله ماشاءالله ... إنهما رائعين وهالة جميلة للغاية ..."


+



" نعم إنها جميلة جدا اليوم وأنيقة ...."


+



قالها حاتم بفرحة صادقة بينما تنهدت زمرد تخبر نفسها :- 


+



" يارب صبرني ..."


+



لتسمع إبنتها وهي تهمس بدورها :-


+



" إنهما رائعان سويا حقا ... يليقان ببعضهما والكيمياء بينهما عالية وهالة ..."


+



توقفت تطالع والدتها بحذر قبلما تهمس بضحكة خافتة :-


+



" آسفة لقول ذلك ولكنها فاتنة ..."


+



هزت زمرد رأسها بخيبة تتسائل عن حظها التعيس والذي جعل حتى إبنتها الوحيدة لا تشبهها بشيء ....


+



إبتسم كلا من أثير وهالة للحضور بتصنع عندما قدمت لهما توليب الخواتم ليجذب أثير كفها ويلبسها الخاتم بينما تتحاشى هي النظر في عينيه قبلما تلبسه بدورها حلقته الفضية ...


+



تقدم والده يبارك لولده أولا ثم لها ولم تستطع هالة ألا تبتسم بوجهه فهذا الرجل كان لطيفا معها عكس زوجته وولدها ..


+




        

          


                

باركت زمرد لولدها وهي تحتضنه بقوة ثم منحتها مباركة باردة قبلما تأتي سولاف وتبارك لها ببسمة سمجة فهي لم تغفر لها بعد ما فعلته بشقيقها قبلما تعانق شقيقها بمحبة خالصة ....


+



أتت فريدة لينحني أثير بسرعة مقبلا كفها وهو يبتسم لأول مرة من أعماق قلبه :- 


+



" فريدة هانم ..."


+



" حبيبي ... أتمنى لك السعادة وأن تكون زيجة الدهر ..."


+



ثم نظرت نحو هالة :-


+



" مبارك لك يا هالة ... "


+



أشار لها أثير بعينيه لتقبل كفها كما فعل ففعلت مرغمة عندما فوجئت بفريدة تعانقها ثم تبتسم لها وهي تخبرها بصدق :-


+



" أنت جميلة كوالدتك ... نسخة منها ...."


+



لمعت عينا هالة عندما أتت سيرة والدتها فسارعت تقول ببسمة صادقة :-


+



" أشكرك ...."


+



ربتت فريدة على كفها وهي تخبره :-


+



" فقط إعتني بحفيدي فهو رجل رائع ... صدقيني ستدركين ذلك جيدا عندما تعاشرينه ... "


+



كادت أن تضحك بسخرية لاذعة لكنها تماسكت أمام المرأة العجوز وهي تخبرها بضحكة رقيقة :-


+



" إن شاءالله ...."


+



جذب راغب أثير جانبا بينما همسة تبارك لشقيقتها :-


+



" لن أوصيك عليها ... هالة خط أحمر يا إبن عمتي ... أنت اليوم خطبت إبنتي يا أثير ... تذكر هذا جيدا قبلما تقم بأي تصرف يعود بالسوء عليك قبل أي أحد ...."


+



وهذا كان تهديدا صريحا من راغب الذي ما زال يشك بنواياه مثلما يشك بنوايا هالة نفسها .... 


+



" هل نرقص ....؟!"


+



سألها أثير بعدما تلقيا المباركات من المقربين لتهز رأسها موافقا فيشير إلى منظمة الحفل قبلما يقبض على كفها سائرا بها نحو المكان المخصص لرقصتهما ليحاوط خصرها بكفيه بينما تضع هي كفيها فوق كتفيه فتبدأ رقصتهما الأولى ... 


+



ليشرد كلا منهما لوهلة بذات الذكرى التي جمعتهما مسبقا عندما أخبرته ذات مرة :-


+



"سنرقص التانغو في خطبتنا ... ستكون هي رقصتنا الأولى ...."


+



" التانغو ...؟!!!"


+



تمتم بها مستغربا لتومأ برأسها وهي تخبره بحماس عاشقة :-


+



" يقولون إنها رقصة الحب ... أريدها أن تكون رقصتنا الأولى سويا ..."


+




        

          


                

تلاقت نظراتهما سويا ليدرك كلا منهما في تلك اللحظة إن الآخر يشاركه ذات الذكرى التي تعود لماضي إنتهى ولا مجال لعيش حاضر يماثله فذلك الماضي كان نقيا لا يلوثه شيء عكس حاضرهما الملوث بالكثير ...!


+



**


+



تبتسم بسعادة وهي تتأمل رقصتهما مفكرة إنه رغم الجمود الذي يغلف كليهما سيأتي يوم ويذوب جليد قلبيهما وتعود الأمور بينهما إلى نصابها ...


+



شعرت بزوجها يحاوطها من الخلف يخبرها ممازحا :-


+



" لا أفهم سبب هذا الكم من السعادة .... أنت لم تفرحِِ هكذا يوم زفافنا حتى ..."


+



إلتفتت نحوه تخبره ضاحكة :-


+



" وما أدراك عن كم فرحتي وقتها ...؟!"


+



أضافت بعد تنهيدة حارة :-


+



" ثانيا أخبرتك عن سبب سعادتي بهما وعن قصة حبهما وكم عانى كليهما ..."


+



شردت لوهلة مرددة :-


+



" من كان يتخيل أن يعودان سويا بعد زواج هالة من آخر ...؟!"


+



" الغريب إنني لا أرى الإمر مثلك ...."


+



عبست ملامحها وهي تتسائل :- 


+



" لماذا ..؟! ما السبب ...؟؟"


+



أخبرها بصدق :-


+



" أساسًا لا أفهم كيف رضي قريبك أن يعود إليها بعدما تركته وتزوجت بغيره ..."


+



" لأنه يحبها ولأنها كان لديها أسبابها ...."


+



قالتها بمنطقية ليخبرها ببرود :-


+



" لو كنت مكانه ما كنت سأعود إليها حتى لو كانت روحي بين يديها ...."


+



" ما هذا الكلام ..؟!"


+



قالتها بضيق ليخبرها :-


+



" أقول الحقيقة فأنا لا أقبل بالعودة لواحدة تركتني بل وفضّلت آخر علي ... "


+



أكمل ببرود :-


+



" أنا الأول والوحيد في حياة إمرأتي وإذا حدث وتخلت عني أو كانت مع غيري يوما فهذا يعني إنها قطعت كل سبل العودة بيننا مهما كانت الأسباب ...."


+



" أنت تبالغ ..."


+



قالتها بخفوت ليهز كتفيه ببديهية :-


+



" أنا رجل واقعي ....هذه علاقة خاطئة وأصحابها ليسوا طبيعيين ويتصرفون بشكل يخالف المنطق ... " 


+




        

          


                

" إنه الحب يا عزيزي ...."


+



قالتها بوجوم ليهتف بسخرية :-


+



" أي حب ذلك الذي يجعلني أعود لواحدة تركتني وتزوجت بآخر ....؟!" 


+



" حسنا يكفي ... لا أصدق إنك تفكر بهذه الطريقة يا إياس ... "


+



أضافت بجدية :- 


+



" ولا تنسى إن من تتحدث عنهما هكذا هما إبن عمتي وإبنة خالتي ... خاصة هالة فهي بمثابة توأمي وأنت تعرف ذلك جيدا ...."


+



" حسنا لا تغضبي ... دعك منهما ..."


+



قالتها وهو يبتسم لها مضيفا وهو يجذبها من كفها :-


+



" تعالي لنرقص ..."


+



إبتسمت مرغمة وهي تتحرك جواره ليخبرها بينما كفيها يستقرّان فوق كتفيه :-


+



" بالمناسبة لدي مفاجئة لك بعد الحفل ...."


+



" مفاجأة ماذا ...؟؟ "


+



سألته بحماس ليهتف بجدية :-


+



" ستعرفين بعدد الحفل مباشرة .."


+



**


+



على إحدى الطاولات ..


+



يجلس راغب مجاورا زوجته التي تطالع شقيقتها بحرص لا يخلو من القلق ....


+



وجدت نزار ولدها يتقدم منها يسألها بوجوم :-


+



" هل ستتزوج هالة وتتركنا مجددا ...؟!" 


+



" نعم حبيبي .."


+



قالتها همسة بآسف ليطالع راغب ولده مرددا بعدم رضا :-


+



" وما المشكلة في ذلك ...؟! الجميع يتزوج ..."


+



لمعت عينا نزار على الفور :-


+



" وأنا سأتزوج أيضا ...." 


+



أشار لشقيقه :-


+



" وماذا عن سيف ...؟! "


+



" سيتزوج بالطبع ...."


+



قالها راغب بجدية ليهتف سيف معترضا :-


+



" ربما لا أريد الزواج ...."


+



قال راغب بهيمنة :-


+



" لا أقبل بشيء كهذا ... الجميع يتزوج وأنت أولهم ..."


+



طالعه سيف بدهشة بينما أشارت لهم همسة لولديها  بضيق :-


+



" توقفا ... عيب ..."


+




        

          


                

جذبها راغب من كفها يهمس لها :-


+



" ما رأيك أن نرقص ..؟!"


+



ابتسمت بخجل رقيق وهي تنهض من مكانها ترافقه حتى أخبرته بينما يرقصان سويا :-


+



" هالة ليست بخير ..."


+



" ستكون بخير ..."


+



قالها بثقة لتسأله بشك :-


+



" هل تعتقد ذلك ..؟!"


+



ابتسم يخبرها بذات الثقة :-


+



" ستكون بخير ... هي بحاجة لقليل من الوقت ...."


+



تنهدت بصمت بينما أضاف يطمأنها :-


+



" صدقيني ستكون بخير .... أساساً أثير لا يمكنه إيذائها .. سأقتله هذه المرة إن فكر أن يؤذيها هو وكل من يحاول الدفاع عنه ...."


+



ضحكت تخبره بصدق :-


+



" أنت تصبح شرس جدا عندما يتعلق الأمر بمن تحبهم ...؟!"


+



" كثيرا.."


+



أخبرها مؤكدا حديثها وهو يضيف بينما يتطلع إليها بحب خالص :-


+



" وخاصة أنت ...."


+



أخفضت عينيها خجلا قبلما ترفعهما مجددا وهي تخبره بإحباط بينما عينيها تنظران خلفها حيث تمكث يسرا مع عائلتها :-


+



" لا أحب وجودها حولنا ... "


+



" لا أحد يعلم .... ربما سيأتي يوم لا تتواجد به حولنا أبدا .."


+



قالها بمكر لتمط شفتيها متسائلة :-


+



" وكيف سيحدث هذا ....؟!"


+



دار بها وهما يرقصان ليخبرها عن عمد :-


+



" لا تفكري أنت ... إتركي الأمر لي وأنا أعدك بأن كل شيء سيكون كما تتمنين وأكثر ..."


+



أضاف وهو يقرّبها منه :-


+



" تذكري فقط إنني لن أتوانى في نيل حقك كاملا من كل شخص حاول أن يؤذيك ... سأجلب لك حقك منها ومن غيرها كذلك ..."


+



أما على مسافة منهما كانت منيرة تتحدث مع ابنتها :-


+



" لا أصدق حتى الآن ما يحدث .... هالة تتزوج مجددا بهذه السرعة وممن ...؟! من أثير الهاشمي .. "


+



" لا تستغربي ذلك .... فعلتها شقيقتها قبلها وتزوجت من راغب الهاشمي وهي لا تساوي شيئا ...."


+



" نعم ولكن هالة مطلقة ....!"


+



هتف براء بعدم تصديق :-


+




        

          


                

" ما المشكلة في ذلك لا أفهم ....؟! ماذا يعني مطلقة ....؟!"


+



إستدارت منيرة نحوه تهدر به :-


+



" بلى هناك مشكلة ... إنه شاب لم يسبق له الزواج من قبل ... ماذا لو كنت مكانه ...؟؟ هل ستقبل بأن تتزوج من واحدة سبق لها تجربة الزواج ...؟!" 


+



" ولم لا ...؟! "


+



قالها ببساطة كادت أن تجلطها وهو يضيف :-


+



" إذا كانت فتاة جيدة فأين المشكلة ....؟! الطلاق لا يعيب المرأة .... "


+



" إياك أن تفعلها يا براء .... هل فهمت ....؟!"


+



قالتها منيرة بسرعة لتهمس بيسرا بسخرية :-


+



" توقعي من ولدك هذا أي شيء أم نسيت مشاعره القديمة إتجاه همسة ...؟!" 


+



احتدت ملامح براء وهو يهدر بها بخفوت :-


+



" مبدئيا من العيب أن تذكري هذا الأمر لأن من تتحدثين عنها إمرأة متزوجة ولديها أطفال أيضا ثانيا فأنت كذلك مطلقة لكنك تنسين هذا على ما يبدو ... "


+



" أنا وضعي مختلف ... أنا لست مثل أي إمرأة و..."


+



قاطعها بسخرية :-


+



" حقا ..؟! كلا يا عزيزتي أنت مثلك مثل الجميع ...."


+



إحتدت عيناها بشراسة تجاهلها وهو يضيف بقوة :-


+



" لا تختلفين عن أي إمرأة .... حسنا ....؟! وبناء على حديثك فأنت لا يجب أن تتزوجي سوى من رجل أرمل أو مطلق فأنت لا تصلحين الزواج من عازب ..."


+



" كيف تتحدث مع شقيقتك هكذا ...؟!"


+



هدرت به والدته ليهتف ساخرا :-


+



" ماذا قلت ...؟؟ أنتم من تستنكرون زواج هالة من شاب لم يسبق له الزواج مسبقا .... أنتم ولست أنا .... "


+



أكمل وهو ينظر لكلتيهما :-


+



" بالله عليكما توقفا عن هذه النظرة الدونية إتجاه بنات خالتي وغيرهما ... عيب والله ... في أي قرن نحن ...؟! وبالمناسبة من يسمع حديثكما سيقول إنكما تغاران منهما وكثيرا أيضا ...."


+



نهض من مكانه متجها نحو أحد معارفه يتحدث معهما بينما هتفت والدته مستنكرة :-


+



" هذا جن حتما ....."


+



قالت يسرا بوجوم :-


+



" دعك منه ... هذا هو ولدك ... بذات النظرة الغبية ... ظننته سيتغير عندما يكبر ... "


+




        

          


                

تنهدت مضيفة بإزدراء :-


+



" لكنه كما هو ... أتمنى فقط ألا يقع في فخ فتاة من ذات النوعية .. لا ينقصنا سوى هذا ...."


+



" لا أرجوك ... ولدي لن يتزوج سوى من إمرأة مناسبة وعلى ذوقي أنا ...."


+



قالتها منيرة بسرعة لتخبرها يسرا بآسف :-


+



" لا تكوني واثقة هكذا ... ها أنتِ منذ سنوات تحاولين معه ويرفض كل فتاة تجلبينها .... "


+



طالعتها منيرة بقلق مفكرة إن عليها تزويجه سريعا من فتاة ملائمة بدلا من أن توقعه إحداهن ممن لا تليق به وبمكانة عائلتهم ....



+



**


+



وقفت تتلقى التهاني من الموجودين جانبه ...


+



فوجئت بعالية تتقدم منها لتبتسم هالة برسمية تماثل رسميتها وهي ترد تحيتها عندما أخبرتها بصدق :-


+



" فوجئت بمجيئك ...أهلا وسهلا بك ..."


+



أخبرتها عالية مبتسمة بهدوء :-


+



" أتيت مع عائلتي .... دعتنا زمرد هانم للحفل ... مبارك الخطبة مجددا ..."


+



" أشكرك والعقبى لك ...."


+



تحركت مغادرة بينما سألت توليب بإهتمام :-


+



" من هذه الجميلة ...؟!" 


+



" عالية نصار ... طبيبة زميلة لي ولكنها أتت بدعوة من زمرد هانم مع عائلتها ...."


+



" إنها جميلة للغاية ..."


+



قالتها توليب بجدية عندما أخبرتها هالة بخفة :-


+



" ولكنها شديدة التكبر ...."


+



" حقا ..؟!"


+



تمتمت بها توليب بدهشة لتخبرها هالة ضاحكة :-


+



" تتصرف وكأن العالم كله تحت قدميها ...."


+



أضافت بصدق:-


+



" صحيح هي جميلة كما ترين ومميزة وذكية ولكن غرورها مبالغ به قليلا ..."


+



تأملتها توليب بإهتمام بفستانها القصير بلونه الأسود الذي يليق بها بشكل خاص لتهمس لها هالة :-


+



" نصف أطباء المشفى الشباب يحلمون بنظرة واحدة منها رغم تعجرفها الدائم معهم .."


+



" أنت تبالغين .."


+



قالتها توليب بعدم إقتناع لتضحك هالة :-


+




        

          


                

" والله أبدا ...."


+



أضافت بجدية :-


+



" لكن كان لديها موقف نبيل للغاية معي لن أنساه مهما حدث ..."


+



" موقف ماذا ...؟!"


+



سألتها توليب بإهتمام لتتنهد هالة مرددة :-


+



" سأخبرك فيما بعد ...."


+



وعلى مسافة منهما وقفت عالية تتبادل الأحاديث مع العريس المرشح لها من قبل والدتها قبلما تتحرك نحو إبني عمتها اللذين وصلا قبل قليل لتلقي التحية على كنان ثم تعانقه بمحبة قبلما تبتسم لسيف تحييه بإقتضاب :-


+



" مرحبا سيف ...."


+



" أهلا عالية .."


+



رد تحيتها بسماجة بينما سألت هي كنان :-


+



" أين ليلى ...؟! لماذا لم تأتِ معك ...؟!"


+



رد بجدية :-


+



"ليلى متعبة قليلا بسبب الحمل ... حملها في الأشهر الأخيرة ..."


+



" هل تبين نوع الجنين ...؟!"


+



سألته بإهتمام ليبتسم مرددا :-


+



" صبي ... إنه صبي .."


+



" أووه هذا رائع ..."


+



قالتها وهي تضيف بنبرة مدللة عفوية :-


+



" سيكون صبي جذابا كوالده .... "


+



ابتسم وهو يربت على كتفها يتبادل معها الأحاديث قبلما تغادر مستأذنة بعدها يتابعها سيف بنظراته الساخطة :-


+



" مملة وباردة ..."


+



" لا تبالغ ... عالية رائعة ... "


+



قالها كنان بجدية ليرفع سيف حاجبه بخبث :-


+



" رائعة إذا ...."


+



" لا تفعل يا هذا ... الفتاة بمثابة شقيقتي الصغرى ...."


+



" لم يكن هذا رأي والدتي  ...."


+



قالها بمكر ليهتف كنان وهو يرتشف القليل من عصيره :-


+



" والدتك تفكر بطريقة غير مفهومة ... أساسا الفتاة أصغر مني بكثير وطوال عمري وأنا أنظر لها كشقيقتي علياء وأحبها حقا كشقيقتي الصغرى .... "


+



تنهد سيف ثم قال ساخرا :-


+



" أما أنا فلا أحبها بل لا أطيقها ...."


+




        

          


                

" كنت سأخشى عليك من والدتي التي كانت تطمح بها كعروس لك ولكنها على ما يبدو ستتزوج قريبا ...."


+



قالها وهو يشير بعينيه إلى ذلك الشاب الذي يجاور عائلتها ليهتف سيف مصدوما :-


+



" هل والدتي كانت تريدها لي أيضا ...؟!"


+



" لم تكن تريد ضياعها من بين يدينا ...."


+



" الحمد لله إنها ضاعت إذا ...."


+



قالها سيف براحة ليطالعه كنان معاتبا فيخبره سيف :-


+



" أنت تعرف إنني لا أجيد المجاملة ...."


+



أضاف وهو ينظر لها بطرف عينيه :-


+



" لا أحب نوع عالية أبدا ... أنا أحب الفتيات البريئات الرقيقات ... من يجعلنك تشعر بالحمية دائما إتجاهن ... من يمنحن الرجل الدفء والرضا بوجودهن لا مثلها بغرورها وبرودها الذي لا يطاق ..."


+



ثم سقطت عيناه لا إراديا على تلك التي كانت تبتسم وهي تتبادل الأحاديث مع العروس فتجذبه إبتسامتها المرحة وغمازتيها الجذابتين لينهر نفسه سريعا وهو يتذكر إنها متزوجة ولا يجوز النظر إليها بإعجاب حتى لو دون قصد ...


1



هتف كنان مرددا بسخرية :-


+



" براءة ودفء إذا ...."


+



تنهد ثم قال :-


+



" تعال معي لنسلم على عائلة خالك ... علياء وصلت أيضا مع زوجها ..."


+



ليتحرك كلاهما مقررين تبادل التحية مع خالهما وزوجته ثم يقضيان القليل من الوقت ويرحلان فيما بعد ...


+



**


+



وقف راجي جوار شقيقه الأصغر يتابع الحفل بذهن شارد ....


+



إضطر أن يترك زوجته لوقت قصير كي يحضر الحفل بسبب إصرار الجميع وسيعود إليها سريعا ...


+



طالع شقيقه بتجهم وهو يتبادل الإبتسامات مع إحدى الفتيات قبلما يهم بالتقدم نحوها ليقبض على ذراعه هادرا بحنق :-


+



" إلى أين ...؟؟"


+



" ما شأنك أنت ...؟!"


+



تمتم راجي بسرعة :-


+



" إحترم نفسك وقف مكانك يا فيصل ... ألا تعرف من هذه ..؟! إنها إبنة أحد أهم أصدقاء والدي .."


+



تجهمت ملامح فيصل مرددا :-


+



" هي من بدأت وحاولت ...."


+



توقف وهو يتطلع لنظرات شقيقه المحذرة ليبتلع بقية كلماته بإرتباك عندما تقدم والدهما نحوهما ليخبره راجي  وهو ينظر إلى ساعته :-


+




        

          


                

" يجب أن أذهب الآن ... تأخرت على نغم ... "


+



تنهد والده وهو يردد :-


+



" إذهب يا بني ... لا تترك زوجتك ... "


+



أضاف مبتسما :-


+



" أبلغ سلامي لها ..."


+



" يصل بإذن الله ...."


+



ثم تحرك نحو والدته يودعها قبل رحيله بينما وقف عابد بجانب ولده الأصغر يسأل :-


+



" لماذا تقف وحدك يا فيصل ...؟!"


+



" أتابع ترتيبات الحفل ..."


+



قالها فيصل كاذبا ليرفع والده حاجبه بعدم تصديق قبلما تلتقط عيناه وصول أحد أصدقائه المقربين جدا ليخبره بسرعة :-


+



" عمك صالح قد وصل مع إبنته ... تعال نسلم عليه ..." 


+



تحرك فيصل  بجانب والده نحو صديق عمره المقرب ليجده يرحب به وجانبه تقف فتاة صغيرة بعمر المراهقة  تمتلك شعرا قصيرا غامقا وملامح بريئة تطالع المشهد بحذر طفولي قليلا ....


+



إبتسم والدها وهو يعرفها :-


+



" إنها ديمة يا عابد ... كبرت أليس كذلك ...؟!" 


+



" بسم الله ماشاءالله ... كبرتِ بسرعة ..."


+



أشار لها ليعانقها فربت والدها على ظهرها يدفعها للتقدم فتقدمت بحذر بينما عابد يمازحها :-


+



" تعال لحضن عمك يا فتاة ... ألم يخبرك والدك إنني أقرب إليه من أخيه ...؟!" 


+



عانق الصغيرة ثم أشار نحو فيصل معرفا عنه ليرحب به صالح قبلما يطلب منه عابد التقدم معه نحو طاولة العائلة ليرحب الجميع به وخاصة زهرة التي تعرفه وزوجته وتجمعها بهما صداقة وطيدة قبل سفرهما خارجا بينما أشار عابد نحو سولاف ليخبرها وهو ينظر لديمة :-


+



" إهتمي بالفتاة فهي لا تعرف أحدا هنا ...."


+



" حاضر يا خالو ..."


+



إتجهت ترحب بالفتاة التي سرعان ما إندمجت معها وقد بدت لطيفة ومرحة بينما إنفرد عابد بصديقه يسأله عن حال زوجته المريضة فيخبره بآسف :-


+



" وضعها كما هو بل يزداد سوءا ...."


+



تنهد مضيفا وهو ينظر لإبنته التي تتبادل الأحاديث مع سولاف :-


+



" من جهة هي ومن جهة ديمة التي أخشى عليها كثيرا ... إذا رحلت والدتها ستنهار حتما فهي متعلقة بها بشكل أشعر إنه مبالغ فيه أحيانا ..."


+




        

          


                

" لأنها وحيدتها ..."


+



قال عابد بجدية قبلما يسأل بحذر :-


+



" ألا يوجد أمل أن يتحسن وضعها ....؟!" 


+



" إدعِ لها يا عابد فهي عانت وما زالت تعاني بسبب المرض ...."


+



طالعه عابد بشفقة قبلما يتجه ببصره نحو الفتاة المسكينة والتي باتت معرضة لخسارة والدتها في أي وقت ...


+



تذكر لا إراديا زوجة ولده الأخرى وحالها الذي يتدهور ليتنهد بصمت قبلما يكمل أحاديثه مع صديق عمره ....


+



**


+



إنتهى الحفل بسرعة وبقيا سويا يستند كلاهما على الشرفة المطلة على الحديقة الخارجية يتحدثان مع مهند عبر الكاميرا والذي كان يبارك خطبتهما بسعادة وجيلان التي باركت لهما بدورها ...


+



أنهى حديثه مع مهند ثم تنهد بصوت مسموع ليقول :-


+



" غدا سنلتقي على العشاء ..."


+



طالعته بصمت ليضيف بجدية :-


+



" لأنني سأسافر بعد الغد إلى سويسرا ...."


+



إستدارت بكامل جسدها قباله تسأل مستغربة :-


+



" حقا ...؟! ومتى ستعود ....؟!"


+



إستدار هو الآخر نحوها يخبرها بجدية :-


+



" بعد أشهر قليلة .. عملي سيكون من الآن فصاعدا هناك ...."


+



" وأنا ...؟!"


+



سألته ببرود ليرفع حاجبه مرددا :-


+



" وأنت ماذا ...؟! "


+



أضاف بجدية :-


+



" ستبقين هنا حتى نتزوج .... بالمناسبة تحدثت مع راغب مبدئيا ... سنتزوج بعد بضعة أشهر و ...."


+



أوقفته بضيق :-


+



" أليس من المفترض أن تتحدث معي أولا ...؟! ثانيا كيف ستتزوج مني بعد بضعة أشهر وأنت لديك عملك في الخارج ...؟!"


+



" ما المشكلة في ذلك ..؟! ستتزوج ونسافر خارجا .... "


+



قالها ببساطة صدمتها لتخبره بعدم تصديق :-


+



" أسافر معك خارجا.... لم تخبرني بهذا مسبقا ...."


+



" وما المشكلة في ذلك ..؟! مبدئيا أنت تعلمين ظروف عملي في الخارجية ... ثانيا أنا فكرت أن تسافرين معي وتقدمين على الدراسات العليا هناك ...."


+




        

          


                

ابتسمت بتهكم بارد :-


+



" وااو تفكر نيابة عني ... "


+



أضافت مدعية التذكر :-


+



"آه صحيح...  نسيت إن هذا كان مخططي الأول أساسا في تلك الزيجة ... كنت سأدرس خارجا و ..."


+



شهقت بصوت مرتفع عندما فوجئت بكفه تقبض على فكها تعتصره بقوة وهو يردد بشراسة :-


+



" إياك ثم إياك أن تجلبي سيرة زيجتك الأولى على لسانك مجددا لأنني لن أرحمك حينها ...."


+



حررفكها من قبضته بعدها لتهدر بعدم تصديق :-


+



" هل جننت يا هذا ...؟!"


+



" لا يوجد رجل عاقل يقبل بشيء كهذا ..."


+



أخذ نفسا عميقا ثم قال :-


+



" إلزمي حدودك جيدا يا هالة فأنت أكثر من يعلم عن غضبي وما يمكنه أن يفعل ...."


+



أنهى حديثه وتحرك مندفعا خارج المكان تطالعه هي بنظرات ناقمة ووعيد خفي يتزايد مع مرور الوقت ..!


+



**


+



يقف راجي بجانب السرير يتطلع إليها بصمت وملامح حزينة ....


+



عاد مبكرا لأجلها ليجدها تنتظره ....


+



تبتسم له رغم ضعفها وآلمها ...


+



أخبرها عن الحفل وحدثها قليلا عنه قبلما يتبادلان الأحاديث الخاصة بهما لتغرق هي بعدها في نومتها ويبقى هو مستيقظا جانبها يتأملها بقلق شديد ....


+



تنهد وإتجه نحو الكنبة التي بات لا يفارقها حتى تستيقظ ....


+



جلس هناك يعبث بهاتفه يحاول أن يشغل نفسه بأي شيء كان ...


+



بقي على هذا الوضع لأكثر من ساعتين عندما قفز من مكانه سريعا وهو يراها تستيقظ من نومتها وهي تنازع شيئا ما ....


+



صرخ بالأطباء الذين أتوا بسرعة لأجلها ...


+



سارعوا ينقلونها إلى غرفة أخرى بينما لأول مرة منذ حملها وجد نفسه يرجو طبيبها أن يحافظ على الحمل الذي ما زال لم يتجاوز شهره الخامس فقد بات يدرك جيدا إن هذا الحمل آخر أمنياتها التي سيقاتل لأجل أن تتحقق ...


+



لا يعرف ما يحدث حوله سوى إن وضعها خطير ...


+



رباه ...!


+



هل ستموت قبلما تنجب طفلها حتى ...؟!


+



كان على وشك الإنهيار بينما يراقبها فاقدة للوعي والأجهزة تحاوطها من جميع الجوانب وبروز بطنها الضئيل بالكاد يمكن ملاحظته ...


+



هل سيخسرها ويخسر طفلته معها ...؟!


+



هل سينتهي كل شيء بهذه القسوة ...؟!


+



هل سترحل قبلما تتحقق أمنيتها الأخيرة حتى ...؟!


+



ومن بين أفكاره المرعبة صدح صوت صفير الأجهزة حولها وأعضائها الحيوية في هذه اللحظة كانت تنهار ورحيلها بات وشيكا ....







2



يتبع في الجزء الثاني من الفصل ....


+



ضروري لايك ...


+



و كومنت رأيك بالفصل وياريت ريفيو لو مفيهاش تعب ☺️


+



                                    

الفصل التاسع والعشرون 





+



( الجزء الثاني ) 











+



على متن الطائرة المتجهة إلى أمريكا كانت حنين تجاوره بملامح مرتبكة أما هو فيجلس جانبها يتناول طعامه بهدوء وصمت تام ...


+



ليلة البارحة شب شجار بينها وبين والدتها التي جنّ جنونها عندما علمت بأنها ستذهب مع كرم في نفس الطائرة ....


+



وقتها ثارت بقوة وهي تصيح بها :-


+



" لن تذهبي معه ..."


+



" ماما من فضلك ...."


+



تمتمت بها برجاء وهي تضيف بضيق :-


+



" لا تبالغي أرجوكِ .. أنا فقط سأسافر  معه على نفس الطائرة و ..."


+



صاحت والدتها معترضة بقوة :-


+



" حتى لو .. لا أريدك معه في نفس المكان لوحدكما ..."


+



" هناك مسافرين معنا ..."


+



" لوحدكما دون أحد منا ..."


+



قالتها أحلام بإعتراض شديد لتزفر حنين أنفاسها بضيق صامت ثم تخبرها بعدما جلست فوق سريرها بتعب :-


+



" حقا يكفي ... لست صغيرة لتتعاملي معي هكذا ...."


+



هدرت أحلام بحنق :-


+



" بلى صغيرة ولا تعرفين مصلحتك ..."


+



" ما مشكلتك معه لا أفهم ...؟! الشاب لم يفعل شيئا ..."


+



قالتها حنين بحنق لتهتف أحلام :-


+



" وهل سأنتظر كي يفعل ...؟!"


+



تنفست بعمق ثم سارعت تجلس بجانب ابنتها تخبرها بحرص :-


+



" ابنتي إفهمي ... الشاب لتوه خرج من تجربة سيئة تركت آثارها واضحة عليه ... غريب أن يهتم بأمرك ويحجز لك تذكرة الذهاب وغير ذلك ... هذا الاهتمام مقصودا وأنا لا يمكنني الوثوق بنواياه ..."


+



قالت حنين مدافعة عنه :-


+



" كرم ليس سيئا ...."


+



تنهدت أحلام بصبر ثم قالت :-


+



" لم أقل إنه سيئا لكنه يتخبط كليا ويحاول جرّك لطريق مظلم أخشى عليك منه بشدة ...."


+



" ماما أنت تبالغين ...."


+



قالتها بلطف وهي تضيف بمنطقية :-


+




                

" لن يحدث أي شيء ... سنسافر سويا وما إن نصل إلى هناك حتى يرحل كلا منا متجها لعالمه الذي يخصه ...."


+



أطلقت تنهيدة طويلة مفكرة إن عالميهما مخلتفان وواقعهما يرفض أن يجمع بينهما ...


+



عادت إلى الحاضر تستحضر صورته في عينيها تتأمل تقطيبة جبينه الدائمة وغياب إبتسامته وخمود لمعة عينيه ...


+



تعلم إنه يتألم بسبب تجربته السابقة والتي لم يمر عليها سوى القليل ...


+



أحيانا تتمنى لو تخفف عنه ، لو تتحدث معه وتخبره إن كل شيء سيكون أفضل لكنها تخشى من ردة فعله والأهم إنها تخشى مما سيحدث بعد ذلك لو تجرأت وحاولت أن تفعل ذلك فتلقي بنفسها في طريق مظلم لا تدرك نهايته كما قالت والدتها ...


+



أحيانا تلوم نفسها لإنها تتصرف بجبن رغم إدراكها لحقيقة وقوة مشاعرها نحوه ...


+



الحب لا يناسب الجبناء ...


+



وهي فتاة جبانة تتلصّص سرا عليه ...


+



تكتفي بنظرات خاطفة راضية بالقليل ...


+



فتاة لا تحارب في سبيل العشق المستحيل ولا تجازف في مشاعرها لأجله ...


+



لكنها في ذات الوقت يمكنها أن تفديه بروحها إذا طلبها وتنزلق خلفه في مغارات عشقه المظلمة إذا مدّ كفه نحوها وأرادها معه ....


+



فقط ليطلب وحينها ستكون معه وجانبه وطوع يديه ....!


+



بإسم العشق ستفعل ... العشق الذي تملك منها وتفني روحها لأجله ....


+



إنتفضت بفزع من شرودها على نظراته التي تطالعها بتمعن ....


+



إبتسم مرغما وهو يرى فزعها الطفولي ليقول بجدية :-


+



" فيمَ كنت شاردة ...؟!"


+



ترددت لوهلة لكنها وجدت نفسها تبوح بجزء بسيط لا يذكر من مشاعرها :-


+



" فيك ..."


+



صدمه الإعتراف لكنه تجاوز تلك الصدمة بسرعة وهو يبتسم بمكر :-


+



" حقا ...؟!"


+



ولكي لا يذهب عقله بعيدا أخبرته شارحة له المقصد :-


+



" أنت تغيرت ...."


+



" أعلم ..."


+



قالها بإقتضاب وهو يضيف ببساطة :-


+



" الجميع يتغير ...."


+



" كنت أفضل ..."


+




        


          


                

تمتمت بها بشجاعة غريبة ليطالعها بنظرات طويلة المدى ... نظرات صامتة لا تبوح بمضمونها ..


+



نطق أخيرا ببرود :-


+



" ربما ...."


+



ثم عاد يتناول لقمة من طعامه يتبعها برشفة من عصيره البارد قبلما يخبرها مكملا :-


+



" كنت أفضل لمن حولي ... والآن أفضل بالنسبة لي وهذا ما يهم ...."


+



" ألا تهتم حقك بمن حوّلك ...؟!"


+



سألته بقنوط ليلتفت نحوها مجددا يطالعها بنظرة غامضة قبلما يخبرها عن قصد :-


+



" من تقصدين بمن حولي ...؟! أنتِ ...."


+



تجمدت لوهلة وأخذت تلعن نفسها لأنها تمادت في حديثها معه لكنها سرعان ما تداركت نفسها وهي تخبره :-


+



" الجميع .. والدتك ... شقيقتيك والبقية ..." 


+



تنهد وهو يعود بوجهه للأمام ليخبرها بحسم :-


+



" طالما لا أؤذي أحدا فلا يهم ولا يحق لأي شخص أن يعترض ...."


+



أرادت أن تصمت لكنها لم تستطع ...


+



هناك شيء ما يدفعها للغوص في دواخله ورغبة عاشقة فطرية في مساعدته حتى لو دون مقابل لعشقها الثمين ...


+



" إذا أنت بخير ...؟! حقا بخير ...؟! "


+



تنهد بحرارة ثم قال دون أن ينظر نحوها :-


+



" أحاول أن أكون بخير ..."


+



ثم إستدار نحوها يضيف بعزيمة :-


+



" وسأكون بخير ... وفي أقرب وقت ...."


+



وهنا تحديدا لم تتفوه بحرف واحد بعدها ...


+



**


+



عندما وصلا إلى البلاد أصر أن يوصلها إلى شقتها والتي كانت بالصدفة قريبة للغاية من شقته حيث تقع كلتاهما في نفس الشارع الرئيسي وحينها تذكرت حنين إنه بنفسه من وجد هذه الشقة لها وقت قرار دراستها في أمريكا ...


+



بقيت ملتزمة الصمت طوال الطريق يجاورها هو بملامح صامتة كذلك قبلما يستدير نحوها يتأملها للحظات بنظرة غير مفهومة شعرت هي بها وتوترت كليا لكنها لم تستدر وتواجهه بل بقيت على وضعيتها رغم تخشّب جسدها للحظات بعدما شعرت بعينيه المسلطتين عليها ...


+



عاد بنظراته نحو النافذة يتأمل الشوارع بشرود وشعوره بعودته إلى أمريكا مجددا مختلف تماما هذه المرة ..


+




        

          


                

في المرة الأخيرة التي أتى بها إلى هنا كان محطما كليا فاقدا لحركة يده أما اليوم فهو مختلف ...


+



بات أكثر صلابة وقوة ...


+



نالت منه نظرة نحو يده التي تتحسن تدريجيا بالعلاج الطبيعي بشرود متذكرا ذلك الحادث الشنيع الذي كان سببه هو فيبتسم بسخرية مريرة وتلك الذكريات البشعة أخذت تتدفق في رأسه فجأة دون رحمة ....


+



ومع تدفق الذكريات كانت ملامح وجهه تشتد تماما وقبضة يده السليمة تزداد معتصرا إياها بقسوة ولم يكن يعلم إنها لاحظت تغير ملامحه بل شدة إحمرارها المفاجئ وقبضته المضمومة فوق قدمه توحي بغضب مكتوم داخله يأبي التحرر ....


+



" أنت بخير ...؟!"


+



سألته بتردد لكنه لم يجب بل لم ينتبه لها من الأساس لتهمس بتردد وهي تطالع كفه بحذر :-


+



" كرم ... أنت بخير ...؟!"


+



صوتها الرقيق إخترق مسامعه بنبرة مترددة حريصة ليحاول السيطرة على أعصابه المثارة وهو يجيب بإقتضاب وقبضة كفه تتراخى تدريجيا وملامحه تسترخي قليلا بدورها :-


+



" بخير...."


+



ثم إستدار نحوها لتجذبه عينيها اللتين تطالعانه بنظرات شفافة للغاية تحمل إهتماما صريحا وكلام غير منطوق باحت به عينيها ....


+



تنهد بصمت ثم قال بتروي :-


+



" سنصل بعد قليل ..."


+



اومأت برأسها دون صوت قبلما تبتعد بعينيها من حصار عينيه اللتين أخذتا تتأملان تفاصيلها بإهتمام ولأول مرة ينتبه لكونها جميلة بملامح رقيقة للغاية وجذابة جدا ...


+



عينان بلون الشوكولاتة النقية مع خصلات ملساء متوسطة الطول بذات اللون تلمع بشكل خاطف للبصر ...


+



أنف دقيق وكأنه مرسوم بحرص على يد فنان محترف وشفتان ...


+



توقف لوهلة وشفتاها الطريتين بإمتلاء متوسط يتناسق مع بقية ملامحها الصغيرة أججت فيه رغبة صريحة بقرب محرم ليشيح بوجهه بعيدا وهو يؤنب نفسه على أفكاره والمكان الذي وصلت إليه ...


+



حنين إبنة عمه ولا يجوز أن يفكر بها بهذه الطريقة ...


+



أفاق من أفكاره مدركا وصولهما لمكان شقتها ليهبط من السيارة وتفعل هي المثل عندما فوجئت به يدفع للسائق حسابه ويتركه يرحل ....!


+



طالعته بتردد ليبتسم ببرود :-


+



" هيا بنا ..."


+




        

          


                

ثم جرّ حقيبتها إلى جانب حقيبته صاعدا بهما إلى شقتها ...


+



أدخل حقيبتها إلى الشقة لتقف قباله تشكره:-


+



" أشكرك حقا يا كرم .. تعبت كثيرا معي اليوم .."


+



تأمل الشقة بطابعها الحميمي بإهتمام قبلما يعاود النظر نحوها وهو يسألها بمكر لم تعهده منه لكنه بالفعل تغير ولم يعد هو نفسه الشاب الذي عرفته :-


+



" ألن تقومي بدعوتي على أي شيء ..؟!"


+



قالت بسرعة ونبرة متوترة :-


+



" نعم بالطبع ..."


+



ثم أضافت بصوت إنخفض قليلا :-


+



" ماذا تشرب ...؟!"


+



" قهوة ... "


+



" بالبندق ...."


+



توقف لوهلة يطالعها بعدم تصديق بينما عضت هي شفتيها وهي تلعن نفسها لتفوهها الأحمق فيدرك مدى إدراكها لمختلف تفاصيله دون إستثناء ...


+



إبتسم بصمت وودّ في البداية الرفض فهو بات يفضل تناول القهوة السوداء الأصلية لكنه وبسبب مجهول وجد نفسه يخبرها :-


+



" نعم بالبندق ..."


+



همت بالتحرك قبلما تعاود التوقف مكانه تطالعه بحرج فرفع حاجبه بتساؤل لتخبره بتردد :-


+



" قد لا أجيد إعدادها ... يعني ..."


+



أوقفها وإبتسامته تتسع ومنظرها في تلك اللحظة بدا قابلا للأكل :-


+



" أعديها يا حنين وسأتناولها أيا كان طعمهما ..."


+



إنفرجت عن شفتيها إبتسامة فرحة رغم خجلها :-


+



" حسنا ... سأعدها حالا ..."


+



ثم تحركت بحماس إلى المطبخ يطالعها هو بعينيه حتى رحلت ليتنهد بصمت وعقله يتسائل عما يريده من أفعاله تلك فلا يجد إجابة واضحة ليتجه خارجا يسحب حقيبته هو الآخر إلى الداخل ثم يتجه ويجلس في صالة الجلوس منتظرا عودتها مع القهوة ....


+



**


+



أتت بالقهوة أخيرا بعد حوالي نصف ساعة من التأخير ...


+



أغاضته تلك الإبتسامة العفوية وهي تمنحه كوب قهوته وكأنها لم تتأخر لوقت يكفي لإعداد الطعام لا كوب قهوة ...


+



جلست قباله وهي تحمل كوبا ورديا يحوي مشروب الشوكولاتة الدافئ ....


+



تطلع إلى القهوة لوهلة قبلما يرتشف منها رشفة صغيرة فيبتلعها بصعوبة بسبب طعمها السيء ...


+




        

          


                

وجدها تتطلع نحوه بملامح متلهفة تنتظر رأيه :-


+



" ما رأيك ...؟! "


+



لوهلة أراد أن يقول بصراحة فجة بأنها أبشع قهوة تناولها طوال حياته  لكن ملامحها التي فقدت حماسها فجأة وتمكن منها الإحباط بينما تهمس بحزن طفولي :-


+



" سيئة ... أليس كذلك ...؟!"


+



" إنها جيدة ...."


+



لا يعرف كيف خرجت منه لتظهر اللهفة في عينيها اللتين رفعتهما نحوه وهي تسأل بدهشة :-


+



" حقا جيدة ... "


+



أضافت سريعا :-


+



" لا تجاملني ... أنا لست جيدة في صنعها ولن يحزنني قولك غير هذا ..."


+



" والله جيدة ... ولذيذة ..."


+



ثم سارع يرتشف منها رشفة أخرى مبتلعا إياها وهو يجاهد لتجاهل طعمها الذي بدا مقرفا بحق هذه المرة ...


+



طالع إبتسامتها الفرحة بإطرائه بحرص بينما ترتشف هي من كوبها بدورها ليسأل بإهتمام :-


+



" هل تتناولين القهوة بدورك ...؟!"


+



ردت بسرعة :-


+



" كلا ، أنا لا أحب القهوة ...."


+



" إذا مالذي تتناولينه ...؟!" 


+



" إنه مشروب الشوكولاتة ...."


+



قالتها وهي تشير بالكوب نحوه تضيف بحركة عفوية بحتة :-


+



" هل تريد ....؟!"


+



تراجعت لا إراديا إلى الخلف عندما وجدته ينهض من مكانه متقدما نحوها ليشرف عليها بقامته الطويلة ويتناول الكوب منها ثم يرتشف منه تلقائيا ....


+



كانت تتابعه بإرتباك بينما يرتشف هو مجددا من كوبها قبلما يهمس وهو يتطلع بعينيه نحوها بنظرة خاصة لم تفهمها :-


+



" تجيدين إعداده بشكل رائع ..."


+



نهضت من مكانها تهمس بسرعة مقررة الهروب من أمامه :-


+



" يمكنك أن تتناوله وأنا سأصّب لي غيره فقد أعددت كمية كبيرة و ...."


+



شهقت بصوت مكتوم وكفه تقبض على معصمها توقفها مكانها فتتواجه نظراتهما سويا هي بنظراتها  الضائعة وهو بنظراته القوية الثابتة ...


+



" لا داعي لذلك .. لا أحب مشروب  الشوكولاتة أساسا ...."


+



قالها وهو يمد الكوب لها بينما كفه ما زالت قابضة على معصمها لتعبس ملامحها وهي تخبره معترضة :-


+




        

          


                

" إنه لذيذ ... أطيب من القهوة ...."


+



حرر معصمها أخيرا وهو يغمز لها مناوشا :-


+



" قهوتك أطيب ..."


+



توترت مجددا بينما تحرك هو يجذب هاتفه يخبرها بينما يفتحه مقررا الإتصال بوالدته ليطمئنها بوصوله :-


+



" سأغادر الآن ... إتصلي بي حالما تحتاجين شيئا ...."


+



لكنه سرعان ما تجمد مكانه وهو يتطلع إلى تلك الصورة التي أرسلها صديقه له ....


+



صديقه الذي أبدى أسفه لهذا الإنفصال وسرعة إرتباط من كانت زوجته بآخر غيره ...


+



أظلمت عيناه بقوة بينما يتطلع إلى صورتها جانبه وفي تلك اللحظة تحديدا شعر بذات الشعور الذي شعره عندما أدرك خداعها له وإستغفاله ... 


+



شعور تكرر مجددا بألم أكبر عندما ألقى يمين الطلاق عليها ...


+



شعور يتكرر معه للمرة الثالثة وهو يراها بجانب آخر ترتدي خاتمه بينما يحاوطها الآخر بتملك صريح ....


+



شعور مريع ... 


+



كريه ...


+



وموجع كإشتعال جمر من النار في منتصف قلبه ....


+



في تلك اللحظة كان عالمه ينهدم للمرة الثالثة دون رجعة ...!


+



**


+



ظلام مفاجئ كسا ملامحه ....


+



ورغم العتمة التي سيطرت عليه كان هناك وجع خفي يطل من عينيه ....


+



وجع لم يغب عنها وهي التي على ما يبدو تحبه لدرجة تجعلها قادرة أن تشعر به وبوجعه دون أن يتحدث بل يكفي أن تنظر في عينيه لتدرك ما يعايشه من مشاعر مختلطة بين الغصب والألم والهزيمة ....


+



" أنت بخير ..."


+



سألته بتردد ليستيقظ هو للحظة من جموده فيراها تطالعه بتردد وتتمنى لو بأمكانها أن تتقدم نحوه لكنها لا تستطيع ....


+



عاد يتطلع إلى الصورة متعمدا أن يطبعها في ذهنه كي يستحضرها في خياله كلما خانه شعور وقاده الحنين إليها وإلى ذكرياتهما سويا ...


+



يتعمد أن يقسو على نفسه بتلك الطريقة المجحفة ...


+



لا بأس فالقسوة ستصنع منه ذلك الشخص الذي تحترمه الحياة وتمنحه التقدير الذي يستحقه ....


+



تحرك مندفعا خارج الشقة تطالعه هي بعينيها تتسائل عن سبب إنقلاب حاله فجأة قبلما تنتبه لحقيبة ملابسه التي نسي أن يأخذها معه في خضم تخبط  مشاعره التي ثارت فجأة لسبب ما زال مجهولا ...


+




        

          


                

إنتظرت حتى المساء ...


+



إنتظرت عودته ليأخذ حقيبته لكنه لم يفعل ...


+



قلقها بلغ أوجه ....


+



هناك شيء ما حدث معه ...


+



شيء رآه في هاتفه وجعل حاله ينقلب فجأة في ذات اللحظة ..


+



نهضت من مكانها تتحرك داخل الشقة بعشوائية تتسائل عما يجب أن تفعله لتحسم قرارها في نهاية المطاف وتتحرك ساحبة معها حقيبتها متجهة حيث شقته ....


+



هناك وجدته يفتح الباب لها بملامح ما زالت معتمة تحمل حدة غير مفهومة ...


+



" حنين ...." 


+



تمتم بها مندهشا من قدومها لتشير نحو حقيبته بحرج :-


+



" نسيتها عندي ...."


+



هز رأسه متفهما ثم جذب الحقيبة إلى الداخل قبلما يسأل بإستخفاف لم تدركه :-


+



" ألن تدخلي ...؟!"


+



أخذت تبلل شفتيها بلسانها وهي تخبره بإرتباك  :-


+



" أتيت بالحقيبة فقط و ..."


+



" إدخلي يا حنين ..."


+



قالها بملل لتنظر نحوه بتردد وقد بدا في حال غير مريح ليهتف بنفاذ صبر :-


+



" هيا ، ماذا تنتظرين ...؟!"


+



دلفت إلى الداخل لتتطلع في المكان المبعثر قليلا بإهتمام قبلما تتجمد مكانها وهي ترى قنينة المشروب موضوعة على الطاولة وجانبها كأس كان يرتشف منه ...


+



شعرت به خلفها يخبرها بسخرية باردة :-


+



" إجلسي يا حنين ...."


+



ثم تقدم دون أن ينتظر جلوسها ليرمي بجسده فوق الكنبة يطالع نظراتها المستنكرة نحو المشروب فييسحب كأسه يرتشف ما تبقى منه بجرعة واحدة ثم يقول :-


+



" أرتشف القليل منه بين الحين والآخر...."


+



" أنت تتناول المشروبات الكحولية ..."


+



قالتها وما زالت الصدمة تسيطر عليها ليضحك بخفة :-


+



" هل صدمتك ...؟! "


+



تنهد يضيف بصعوبة :-


+



" هل شوهت صورتي في عينيك ....؟!"


+



طالعته بتشوش ولم تعرف ماذا تقول فوجدته يشير لها نحو الكنبة المقابلة له :-


+




        

          


                

" إجلسي هيا ...."


+



" أنا يجب أن أذهب ..."


+



قالتها وهي تتمسك بحقيبتها الصغيرة مفكرة إن ذهابها بسرعة هو الحل الأفضل ...


+



إستدارت تهم بالرحيل عندما صاح  بصوته:-


+



" حنين ..."


+



توقفت مكانها وهي ما زالت توليه ظهرها لتشعر به ينهض من مكانه ويتقدم نحوها يسأل :-


+



" لماذا تهربين ...؟!"


+



إلتفتت نحوه بسرعة تهمس بحيرة :-


+



" أنا لا أهرب ..."


+



تقدم خطوتين نحوها فشعرت بالتوجس عندما مال بوجهه قرب وجهها يهمس بأنفاس حارة :-


+



" بلى تهربين ... تهربين مني ..."


+



التوى ثغره بسخرية مضيفا :-


+



" كعادتك منذ سنوات ..." 


+



" كرم أنت ...."


+



قالتها وهي تتحرك إلى الخلف هربا من حصاره بينما يتقدم هو بدوره حتى إرتطمت بالجدار خلفها وكان هذا ما يريده ...


+



" أنت ..."


+



كررتها بصوت ضعيف ليهمس وهو يقترب منها أكثر :-


+



" أنا ماذا ...؟!"


+



" إبتعد ..."


+



" سأبتعد عندما تتوقفين عن الهرب ...."


+



" أنا لا أهرب ..."


+



" كاذبة يا حنين ..."


+



همت بدفعه لكنه سبقها وهو يقبض على كفيها بكفيه يخبرها بينما يميل مجددا بوجهه قرب وجهها :-


+



" أنا سمعتك يا حنين ... سمعتك ذلك اليوم في المشفى ...."


+



في تلك اللحظة ودت لو تنشق أرضية المكان وتبتلعها ...


+



إرتجف جسدها كليا وتشنجت ملامحها وقد تمكنت منها رغبة شديدة في البكاء ليزداد ميله نحوها وقد حاصرت عينيه عينيها بنظرات تحمل رغبة صريحة تمكنت منه في لحظة قرب محرمة بينما شفتيه على وشك مس شفتيها :-


+



" أنت جميلة يا حنين ... جميلة جدا ..."


+



ملأت العبرات عينيها ورغبتها بالبكاء تضاعفت عندما إمتدت أنامله تلمس خصلات شعرها الحريرية ثم تنحدر نحو وجنتها اللينة تسير فوقها وأنفاسه الحارة تفلح وجنتها ليهمس من بين أنفاسه المتصاعدة :-


+




        

          


                

" حنين أنتِ ..."


+



ثم توقف لوهلة قبلما ينحني بشفتيه فوق وجنتها وهي محتجزة بين ذراعيه بعجز وخوف مؤلم لا تعرف ما تفعله وكيف تتصرف معه ...


+



شعرت بشفتيه تلمسان وجنتها تطبعان قبلة خفيفة بطيئة فوقها ..


+



لحظات وسقطت عبراتها من عينيها بينما إبتعد هو عن وجنتها وعيناه أخذتا تلتهمان ملامحها المليحة وقبلما ينفذ ما يريده ويقبل شفتيها لاحظ عبراتها التي أغرقت وجنتيها فتراجع إلى الخلف لا إراديا بلحظة إدراك حقيقي لجريمة كان سيرتكبها في حق أبرئ إنسانة رآها في حياته ...


1



تراجع إلى الخلف مصعوقا غير مصدقا إنه كان سيفعل هذا بها ...


+



" غادري .... حالا ... "


+



هدر بها منفعلا بينا 


+



إندفعت هي  بخطوات راكضة تغادر المكان وعبراتها تغرق وجنتيها....


+



 راقب آثر رحيلها بأنفاس لاهثة وعقله يكرر اللحظات السابقة التي جمعته بها فيصرخ بلوم حقيقي لنفسه التي راودته عنها .... عنها هي دونا عن الجميع بينما هي آخر من تستحق أن تحيا شعورا مؤذيا كهذا معه ...



+



**


+



تجلس أمام مرآتها تضع اللمسات الأخيرة من زينة وجهها ...


+



اليوم ستخرج معه كما أراد ....


+



مع خطيبها المبجل ...


+



منذ صباح اليوم وهي تشعر بغربة غير مفهومة ..


+



تتطلع إلى خاتمه الذي يزين بنصرها فتموج  مشاعرها 


+



بين الضيق والغضب والضياع والرهبة ....


+



جميعها مشاعر غير مألوفة بالنسبة لها ....


+



لا تعرف متى بات غريبا عنها لهذا الحد ..


+



كيف نجحت السنين في تحويله من معشوق لرجل تهابه و تبغضه بل وتغترب روحها في وجوده ...؟!


+



جذبت حمرة شفاه بلون أحمر ناري لتبتسم بسخرية باردة قبلما تطلي شفتيها به .... 


+



هاهي تتجهز مثل أي عروس تستعد لرؤية خطيبها في أول موعد لهما بعد خطبتهما رسميا ....  


+



طرقات على باب الجناح يتبعها دخول الخادمة تخبرها عن وصوله ....


+



تنهدت بصمت ثم صرفت الخادمة ونهضت من مكانها تجذب معطفا ثقيلا قليلا ترتديه فوق فستانها ثم تعدل من هندمة خصلات شعرها عندما طلت شقيقتها  تسألها :-


+




        

          


                

" هل جهزتِ ...؟!"


+



ثم إبتسمت مرددة :-


+



" تبدين في قمة جمالك ...."


+



" إنه موعدي الأول مع خطيبي ... هل كنت تنتظرين مني شيء أقل ....؟! "


+



تمتمت بها وهي تجذب حقيبتها الصغيرة لتجد همسة تقف قبالها وبتربيته حانية فوق وجنتها أخبرتها :-


+



" كوني سعيدة .... ولا تضغطي على نفسك كثيرا ... "


+



" حسنا ..."


+



قالتها هالة وهي تبتسم مرغمة لشقيقتها قبلما تتحرك مغادرة الجناح ومنه إلى الطابق السفلي حيث كان ينتظرها هو في صالة الجلوس ومعه راغب الذي إستقبله مرحبا به وأخذ يتبادل الأحاديث معه ريثما تظهر هي ...


+



صوت طرقات كعب حذائها المرتفع بشدة أنبأهما بوصولها فرفع أثير عينيه لا إراديا ينتظر ظهورها ورائحة عطرها القوية النفاذة سبقتها ....


+



تنهد بصمت بينما يشاهد إطلالتها بجمالها الذي بدا مبهرا كعادتها بعدما زينت وجهها بحرص بمساحيق التجميل التي ضاعفت من جمال ملامحها وجموحها ....


+



خصلاتها السوداء صففتها بشكل غجري جامح كذلك مع كحل عينيها الجذاب وحمرة شفتيها القاتلة ...


+



كانت قمة في الفتنة بمزيج ساحر لا تشبه غيرها وهو وإن رأى الكثير من الجميلات من مختلف أنحاء العالم ومن بينهن من يتفوقن عليها جمالا لكنها تبقى هي المرأة الوحيدة التي تعجبه بهذا الشكل بل وتخطف أنفاسه بجمالها الذي لا يرى له مثيل ولا يقارنه بأي جمال آخر ....


+



نهض من مكانه فبقيت ثابتة مكانها للحظات تتأمل إطلالته الكلاسيكية ببذلة رصاصية وقميص أبيض لا تختلف عن إطلالاته الرسمية المعتادة في مناسبات كهذه ...


+



نهض راغب بدوره مرددا :-


+



" لأذهب أنا إذا ..."


+



ثم إبتسم لها وهو يتحرك خارج المكان ولم ينسَ أن يربت فوق كتفها بدعم أبوي خالص يذكرها ككل مرة إنه معها وإنها في حمايته ...


+



بدأت هي الحديث ما إن غادر زوج شقيقتها :-


+



" هل نخرج ...؟!"


+



" لنخرج ...."


+



قالها بنبرة إعتيادية ثم يتحرك إلى الخارج وهي تسير جانبه ....


+



جلست جانبه في سيارته وقد قرر التخلي عن السائق وقيادة السيارة بنفسه ليتجه بها إلى أحد المطاعم الشهيرة هناك حيث خلعت معطفها ومنحته لموظفة الإستقبال ليظهر فستانها الأنيق بلونه الأحمر الغامق ...


+




        

          


                

فستان ضيق للغاية مما جعله يبرز تفاصيل جسدها الأنثوية وقصير بالكاد يغطي منتصف فخذيها ...


+



بصعوبة تحكم في غيرته التي إندلعت بسبب الفستان الذي لم يعجبه إطلاقا لكنه لا يريد حدوث مشكلة بينهما منذ أول يوم ....


+



ورغم ذلك وجد نفسه يقبض على كفها وهو يجذبها نحوه بحركة تثبت ملكيته لها بينما يجعلها تسير جانبه وعيناه تراقبان بحرص من حولهما رافضا أي نظرة غير مرغوبة قد تتعرض لها ...


+



سحب لها كرسيها أمام الطاولة التي حجزها لهما ومن حسن حظه إنه إختار طاولة معزولة ....


+



جلس قبالها وأشار للنادل الذي أتى مرحبا بهما حاملا معه قائمتي الطعام .....


+



شردت لوهلة بعدما غادر النادر وشرد هو بدوره وكلاهما يتطلعان إلى المنظر الخارجي المطل على حدائق واسعة مزينة بعناية ....


+



سألته دون أن تحيد بصرها عن الخارج :-


+



" إذا ستسافر غدا ...."


+



عاد ببصره نحوها يجيب :-


+



" نعم ، طيارتي ستكون عصر الغد بإذن الله ...."


+



إلتفتت نحوه مجددا تسأله :-


+



" ومتى ستعود ...؟! "


+



" سأتأخر قليلا ... يمكنك أن تفرحي ..."


+



قالها بسخرية باردة ليجدها تنظر له بوجوم فيتسائل بما يختلج داخله منذ أيام :-


+



" لماذا وافقتِ على هذه الخطبة فجأة ....؟! "


+



" ألم تتأخر في سؤالك هذا ...؟!"


+



أخبرته ساخرة ليتجاهل سخريتها وهو يضيف :-


+



" للإنتقام ... تريدين الإنتقام .. ممن تحديدا ..؟! مني أم من والدتي أم ...."


+



أوقفته بحزم :-


+



" إذا قلت نعم ، ستتراجع ... ؟! أم ستبقى على قرارك ...؟!" 


+



أنهت حديثها الأخيرة بكلمات متحدية :-


+



" وأنت أيضا لديك غايتك .. يكفي إنك ستحصل عليّ مجددا وتثبت لنفسك قبل الجميع إنك تحصل على ما تريده كما إعتدت طوال حياتك ..."


+



ضحك مرغما ثم قال :-


+



" كم ترينني سيئا يا هالة ...."


+



" جميعنا سيئون ..."


+



أخبرته بذلك وكانت تعنيه ....


+




        

          


                

هي سيئة ... وهو كذلك .. وحتى الآخر الذي لم تعد تعرف عنه شيئا ...


+



الجميع يحمل السوء بداخله ...


+



لا يوجد شخص مثالي نقي على الأقل في حياتها ....


+



" جيد ... يمكنك أن تريني كما تشائين ... لا أهتم صدقيني .."


+



قالها بثبات لتهمس بتهكم مقصود :-


+



" ومنذ متى وأنت تهتم بآراء الآخرين ... ؟!"


+



" من الجيد إنك تعرفين ذلك ..."


+



قالها بذات التهكم لتخبره ببرود :-


+



" أنا عرفتك لسنوات .... هذا شيء لا يمكن نكرانه ...."


+



أخفضت عينيها تتأمل الكأس الفارغ أمامها فتضيف بهمس :-


+



" لكن هناك أشياء بقيت غافلة عنها ... أو ربما تعمدت التغافل عنها ..." 


+



" أشياء مثل ماذا ..؟!" 


+



سألها بإهتمام صادق لترفع عينيها نحوه تخبره بنظرة مرهقة :-


+



" إنك لا تنسى الأذى ولا تغفر أبدا حتى لو كان هناك مبررات منطقية تستحق الغفران ... "


+



" نعم أنا لا أغفر يا هالة .. لا أغفر الأخطاء أبدا ... ولا أرتاح حتى أنال حقي كاملا ممن أخطأ معي ..."


+



كانت يتحدث بصلابة معهودة وهو يعني كل حرف يقوله ...


+



هو لا يغفر ... 


+



ولن يفعل .. 


+



ليس قبلما ينال حقه على الأقل ..


+



وهنا وجدت نفسها تتسائل كيف سينال حقه منها بعدما تركته لأجل آخر ...؟!


+



كيف سيرضي غروره وكبريائه اللذين دهستهما هي أسفل قدميها ...؟!


+



كانت أفكارها تتنازع وعقلها يخشى مما هو قادم لكنها كعادتها تتمسك بقوة مزعومة وهي توعد نفسها بأن القادم سيكون كما تريد هي وليس كما يريد هو ...


+



ربما لن يحدث ذلك بسهولة وربما ستتعب بل بالتأكيد ستتعب كثيرا لكن سيأتي اليوم الذي تعود فيه إلى قوتها المعهودة وتحقق إنتصارا يستحق التقدير  ....


+



أتى النادل يحمل الطعام لهما ..


+



تابعته وهو يرّص الصحون فوق المائدة بشرود مفكرة لا إراديا فيما ينتظرهما سويا وكيف ستسير الحياة بينهما ....


+



ما إن غادر النادل حتى سألته بهدوء :-


+



" ماذا سيحدث الفترة القادمة ...؟!"


+




        

          


                

أخبرها وهو يجذب شوكته وسكينه :-


+



" سأكون في الخارج لكنني سأتابع معك كل شيء بخصوص زفافنا ومنزلنا وما يخص ذلك ...."


+



" وهل حددت موعد زواجنا أم تنتظرني ...؟!"


+



سألته بسخرية مقصوده ليتنهد بصبر ثم يسأل بعدما وضع كلا من شوكته وسكينه جانبا :-


+



" كلا يا هالة ... أنتظرك .. هل يناسبك أن نتزوج بعد خمسة أشهر من الآن حيث سيكون لدي إجازة جيدة من عملي وقتها ... "


+



" لا فرق عندي .."


+



أخبرته وهي ترتشف من عصيرها ببرود وكانت تعلم إن كلمة كهذه ستغضب أي رجل فكيف لها ألا تهتم بموعد زفافهما ...


+



" طالما لا يشكل الأمر فارقا لديك فلم السؤال ..؟! أم إنك تتعمدين إثارة المشاكل فقط لا غير ...."


+



قررت تجاهل سؤاله فجذبت شوكتها وسكينها تقطع القليل من اللحم المشوي الموضوع في طبقها تتناوله بنهم ثم تشير لطبقه عن قصد:-


+



" ما زلت لا تتناول اللحوم الحمراء إذا ...؟!" 


+



تمتم ساخرا:-


+



" منذ طفولتي وأنا لا أتناول اللحوم الحمراء .. ما الجديد في ذلك ...؟!"


+



" الجديد إنها لذيذة جدا ..."


+



قالتها وهي تبتسم ببرود ليتنهد بصمت فتعاود تناول قطعة أخرى بينما تسأله :-


+



" عامة أنا لا مانع لدي من الزواج بعد خمسة  أشهر .... "


+



أضافت بجدية :-


+



" وبما إننا سنقضي فترة زواجنا الأولى في سويسرا فأنا سأبحث جيدا عن نظام الدراسة هناك ... "


+



" سيكون ذلك جيدا ...."


+



قالها وهو يبدأ في تناول طعامه بدوره لتسأله بإهتمام :-


+



" أين سنسكن هناك ...؟!"


+



" لدي شقتي وإذا أردتِ يمكننا شراء شقة جديدة أو حتى فيلا ...."


+



تمتمت بجدية :-


+



" لأرى الشقة أولا وأقرر ... "


+



" سأصورها لك عندما أسافر ...."


+



هزت رأسها متفهمة وقد بدا حديثهما عن ترتيبات سكنهما بتلك الطريقة الإعتيادية رغم برودها غريبا عليها ورغما عنها تذكرت مخططاتهما السابقة بشأن زواجهما بل شروطها التي ملأتها عليه وهي تخبره إنها لن تتنازل عنها حيث أرادت فيلا فخمة تطل على البحر تخصهما لوحدها بعيدا عن عائلته وعائلتها تختار تصميمها بنفسها وتنتقي كل قطعة أثاث فيها بنفسها ...


+




        

          


                

أرادت زفافا نهاريا مختلفا في حدائق فخمة تطل على البحر ...


+



لقد خططت للكثير ولا تعرف كيف تحول كل شيء فجأة بل كيف إنقبلت حياتها كليا ....


+



" أين شردت ...؟!"


+



سألها بإهتمام يوقظها من شرودها لتهمس عن قصد :-


+



" أفكر في مكان إقامتنا هنا ... في النتيجة سنعود هنا بين الحين والآخر ..."


+



" بالطبع ..."


+



قالها بجدية وهو يضيف بلا مبالاة متعمدة :-


+



" إختاري أنتِ المكان الذي تريدين السكن فيه ... يمكنك البحث عن أحد القصور المناسبة أو ..."


+



قاطعته بما صدمه :-


+



" لا داعي للبحث ... لنسكن مع عائلتك ...."


+



" ماذا تقولين أنت ...؟!"


+



رددها بدهشة لتخبره ببساطة بعدما قضمت لقمة صغيرة من طعامها وإبتلعتها :-


+



" برأيي سيكون هذا مناسبا ... نعيش مع عائلتك ... القصر لديكم ضخم جدا جدا وبالطبع سيكفينا بل يكفي عشرين شخصا غيرنا ... "


+



" ما مناسبة ذلك ...؟!"


+



سأل بتجهم لتخبره بذات البساطة :-


+



" أنت ولدهم الوحيد ومن الطبيعي أن تسكن معهم ..."


+



ضحك لوهلة ثم قال بخفة :-


+



" كم إنك مراعية .... "


+



ضحكت بنعومة وهي تخبره :-


+



" مراعية جدا ...."


+



" لا تفعلي ذلك يا هالة .."


+



قالها محذرا لتهمس مدعية عدم الفهم :-


+



" مالذي أفعله ...؟!"


+



أخبرها بنبرة صارمة  :-


+



" إنظري إلي ... لست متفرغا لمشاكل جديدة ستحدث بينك وبين والدتي لا محالة ... توقفي عن تصرفات الأطفال هذه فهي لا تليق بك ..."


+



إحتدت ملامحها كليا وتشنج كل جزء فيها بينما تهدر بصوت منخفض وأنفاس متلاحقة :-


+



" أنا لا أسمح لك أبدا أن تتحدث معي بهذه الطريقة ..."


+



بصعوبة سيطرت على عصبيتها وهي تضيف من بين أسنانها :-


+



" كما إنني لم أقل شيئا خاطئا ... أنت فقط من لديك حساسية غريبة  إتجاه هذا الأمر ..."


+




        

          


                

سألته متعمدة إستفزازه :-


+



" هل تخشى من والدتك ..؟!"


+



صاح بحدة خافتة :-


+



"" لا تهذي ..."


+



ضحكت عن قصد :-


+



" أم تخشى عليها مني ...."


+



ضحك بإستخفاف مرددا :-


+



" العكس ممكن مع إنه لا خوف عليكِ أنت الأخرى ...."


+



أضاف وإبتسامته تختفي سريعا :-


+



" كلاكما لا يطيق الآخر لذا فالحياة بينكما ستكون مستحيلة ...."


+



" ماذا عن الحياة بيننا إذا وكلانا كذلك لا يطيق الآخر ....؟!"


+



سألته مصطنعة الدهشة ليهتف عن قصد :-


+



" هذه الحياة أنتِ أردتها بنفسك هذه المرة أم نسيتِ ...؟!"


+



" كلا لم أنسَ ..."


+



تمتمت بها بثبات وهي تضيف بصلابة :-


+



" أما عن والدتك فهي مجبرة أن تتقبل وجودي في حياتها بعد الآن مثلما أنا مجبرة لتقبل ذلك ...."


+



تنهد بسأم ثم قال :-


+



" حسنا يا هالة .... سأمنحك ما تريدين ... أساسا الأمر لا يهمني أبدا ... بالأحرى لا يفرق عندي ... "


+



" طالما لا يفرق عندك فلمَ المماطلة ...؟!"


+



سألته ببرود وهي تضيف بحسم :-


+



" إترك الأمر لي وأنا سأرتب كل شيء ... "


+



طالعها بنظرات صامتة وداخله سخرية شديدة إتجاه تفكيرها الأحمق وهي التي تظن إنها تستطيع أن تغلب والدته ولم تكن تعلم إنها ستدخل حرب شرسة معها إن أرادت زمرد هانم ذلك ... 


+



ما زالت كما هي ... هكذا فكرّ فغرورها الأحمق يجعلها تعتقد إن قادرة أن تدير كل شيء كما تريد ولكن لا بأس سيمنحها ما تريد ويجعلها في وجه المدفع كما يقولون بينما سيتفرج هو عليها مع والدته ويكتفي بمتابعة تلك الحرب الخفية التي ستحدث بينهما ولن يتدخل إلا عند لزوم ذلك .... 


+



إنتهى العشاء بعدها ليقودها عائدا بها إلى القصر ...


+



طوال الطريق لم يتحدث كلاهما ...


+



أوصلها إلى هناك لتهم بالمغادرة عندما أوقفها يسأل بسخرية متعمدة :-


+



" ألن تودعيني على الأقل ...؟! سأغيب عنك لأشهر ..."


+




        

          


                

طالعته بنظرات باردة تحمل تهكما وهي تردد عن قصد :-


+



" سآتي غدا لتوديعك بنفسي ... كنت أريد مفاجئتك لكن لا بأس .... "


+



ثم توقفت وهي تلمح فيصل يغادر القصر بسيارته ليشير له أثير بتحية فيهبط الآخر من سيارته بملامح غير مريحة فتهمس هالة بقلق :-


+



" ماذا يحدث ....؟!"


+



أنزل أثير نافذة سيارته بينما إنحني فيصل قليلا يخبره :-


+



" نغم زوجة راجي دخلت في غيبوبه ليلة البارحة والعائلة تجمعت عندها ..."


+



شهقت هالة بصدمة بينما سأل أثير :-


+



" متى حدث هذا ...؟!"


+



" ليلة البارحة لكنه لم يخبرنا حتى مساء اليوم ..."


+



" لنذهب بسرعة إلى المشفى ..."


+



قالتها هالة بتوتر بينما هز أثير رأسه موافقا ليتحرك بسيارته تابعا الآخر متجها إلى المشفى ....


+



**


+



في المشفى ...


+



جاورت شقيقتها في جلستها بعينين دامعتين والخوف من فقدان تلك التي تقنط في غرفة العناية تحت سيطرة الأجهزة الطبية التي تحاوطها من كل صوب فلا تعي شيئا مما يحدث حوّلها وجسدها المنهك إستسلم لغيبوبة لا إرادية غرقت فيها هي ربما إلى الأبد ....!


+



على مسافة منها كان يقف هو يتحدث مع راغب تجاوره زهرة وزوجها الذي يواسيها بقلب منهك هو الآخر ...


+



كان راجي غائبا بذهنه عن الجميع باقيا جوارها في عزلتها رافضا أن يتركها فهو سبق ووعدها ألا يتركها أبدا بل كرّس الشهور الأخيرة كاملة لها فلم يفارقها إلا عند الضرورة القصوى ....


+



ورغم تماسكه الظاهري كان يعيش أسوأ أيامه خاصة بعد المواجهة القاسية التي جمعته مع والديها و أشقاؤها ....


+



والدتها التي صاحت به بكل قسوة ممكنة:-


+



" لتجهض الجنين .... هذا الطفل سيقتلها ... يجب أن تجهضه ... حالا ...."


+



حينها دخل معها في جدال حاد ليتفاجئ بصياح شقيقتها الحاد :-


+



" أنت أناني ولا تفكر سوى بنفسك.... تريد طفلك حتى لو على حساب حياة شقيقتي ..."


+



حينها حاول هو أن يشرح لهم رغبة زوجته بل وتوّقها لذلك الطفل الذي تعمدت إنجابه حتى وهي تدرك مدى خطورة مرضها ووضعها الصحي ليتفاجئ بوالدها يردد بإنفعال :-


+




        

          


                

" إذا كانت هي مجنونة وتتصرف بلا وعي فماذا عنك ...؟! "


+



بينما صاحت الأم :-


+



" لتجهض الطفل .... يجب أن ينتهي هذا الحمل حالا كي تجري تلك العملية ... "


+



حاول أن يضبط أعصابه وهو يخبرها بتروي :-


+



" إفهميني من فضلك ... أنا لا يمكنني فعل شيء كهذا لأجل نغم نفسها ... نغم تريد هذا الطفل بشدة ... هي من سعت لهذا الحمل بكل ما تملك ... لا يمكنني مخالفة رغبتها ... إنها أمنيتها الأخيرة ..."


+



" هذا جنون ... من الواضح إنك لا تفهم ... أنا أريد إنقاذ إبنتي بأي شكل بينما أنت لا تفكر سوى في الطفل اللعين ... ماذا سأستفيد من قدوم الطفل إذا كان المقابل خسارة إبنتي أنت ...؟! هل تعتقد إن طفلك سيغنيني ولو قليلا عنها ... نغم إبنتي قبلما تكون زوجتك .... وأنا إتخذت قراري ... ستدخل غرفة العمليات وتنجب الطفل في شهرها الخامس وبعدها نسافر بها إلى الخارج لتجري عمليتها وأنت لا يمكنك أن تعترض ..."


+



حينها فقد صبره مع تلك العائلة الجاحدة ليهدر بهم :-


+



" ما بالكم تتحدثون وكأنني لا أهتم بحياة نغم ولا أتمنى شفائها ... ؟! هل تعتقدون إنني سعيد بهذه الحالة ...؟! أنا أنفذ ما أرادته هي ..."


+



أضاف بسخرية تحمل قهرا خفيا :-


+



" الآن تذكرتكم إبنتكم ... أين كنتم طوال الفترة السابقة ..؟! أنتم حتى لم تشعروا بمرضها وتدهور حالتها حتى أخبرتكم هي ...أنا من كنت معها طوال الوقت وأنا من أدرك ما تمنته طويلا ... نغم حملت بهذه الطفل عن قصد ... أرادت هذا الطفل ... أرادته بشدة ... أرادت أن تحيا إحساس الأمومة الذي حرمت نفسها منه لسنوات لأنها تزوجت من رجل لم ترغبه بسببكم أنتم ... يكفي حقا ... لقد صبرت عليكم طويلا ولكن بعد الآن لا أحد سيتدخل أو يفتح فمه بكلمة واحدة ... نغم مسؤوليتي ... وأنا من يقرر كل شيء بشأنها أما أنتم فمتى ما أردتم زيارتها أهلا وسهلا بكم لكن غير ذلك لا يخصكم ولا يحق لكم أن تتدخلوا بأي شيء مهما كان ...."


+



أفاق من شروده بما حدث صباح اليوم على دخول الطبيب ليطمئن عليها...


+



تحدث معه قليلا ثم غادر الأخير تاركا إياه لوحده شاردا مجددا والهموم حولّته فجأة لشخص آخر خائر القوى منهك الروح ....


+



أما خارجا وصلت توليب بملامح متلهفة شبه باكية وخلفها زوجها ....


+



إجتمعت العائلة بأكملها في الخارج وأتى والديّ نغم كذلك وشقيقتها الصغرى ...


+



أتت زمرد كذلك مع سولاف بعدما علمت بما حدث عن طريق ولدها ...


+



عانقت زهرة محاولة مواساتها قبلما تتجه ببصرها نحو خطيبة ولدها تتأمل إطلالتها الأنيقة بملامح مترفعة  قبلما تتجه ببصرها نحو ولدها الذي كان يحاوط شقيقته بذراعيه وهو يستمع لحديثها بإهتمام ....


+




        

          


                

أغمضت هالة عينيها مستندة على كتف شقيقتها التي همست لها بحرص :-


+



" من الأفضل أن تعودي إلى القصر ... أنت تستعدين منذ الصباح لعشاء الليلة ... وملابسك لا تساعدك على البقاء ..."


+



ظهر التردد في عينيها وهي تتطلع نحو شقيقتها :-


+



" لكن ...."


+



قاطعتها همسة بجدية:-


+



" غادري يا هالة ... حتى نحن سنغادر بعد قليل ... "


+



أضافت وهي تنادي على أثير بعدما خطفت نظرة سريعة إتجاه زمرد :-


+



" أثير .. ثواني من فضلك ...."


+



تقدم أثير نحوها بينما زمرد تتابع  بغيظ ما يحدث عندما إنحنى ولدها بقامته الطويلة نحو همسة التي أخبرته بخفوت مقصود :-


+



" خذ هالة وعد بها إلى القصر ... لا داعي لوجودها هنا خاصة إن ملابسها لا تساعد على ذلك ..."


+



" وهذا رأيي أيضا ...."


+



قالها وهو ينظر نحو هالة التي أذعنت لحديثهما :-


+



" حسنا لأذهب إذا ..."


+



ثم نهضت من مكانها لتتقابل عينيها بعيني زمرد التي كانت تجلس بجانب زهرة قبالها لترمقها زمرد بنظرة ساخرة وهي تقيمها من رأسها حتى أخمص قدميها بنظرات مستخفة بينما شمخت هالة برأسها بترفع مقصود وسارت نحو خالتها تنحني نحوها ثم تطبع قبلة على وجنتها وهي تخبرها :-


+



" كل شيء سيكون بخير .... لا تقلقي ..."


+



" هل نذهب ...؟!"


+



سأل أثير لتسأله زمرد بحدة خافتة :-


+



" إلى أين ...؟!"


+



أجابها ببرود :-


+



" سأوصل هالة أولا إلى القصر ثم أعود بدوري إلى قصرنا كي أجهز أغراضي  ..."


+



بحركة متعمدة طلبت منه :-


+



" خذ سولاف معك ..."


+



" سأعود معك ..."


+



قالتها سولاف بضيق لتخبرها زمرد بصوت مقتضب :-


+



" ربما أتأخر قليلا وأنت لديك مدرسة ..."


+



" هيا يا سولاف ... تعالي معنا ..."


+



قالها أثير وهو يشير لها أن تتحرك جانبه ليغادر ثلاثتهم تحت أنظار زمرد المتوعدة عندما وجدت زهرة تهمس لها عن قصد :-


+




        

          


                

" توقفي عن ذلك يا زمرد ... إنظري بنفسك ... فتاة مثل الورد تنازع الموت في الداخل ... الحياة لا تستحق هذا الكم من الحقد ... حقا لا تستحق ...."


+



أشاحت زمرد وجهها بضيق متجاهلة ذلك الشعور المزعج الذي ملأ صدرها عندما إستمعت لحديث زهرة الذي آثر بها لوهلة وإن إدعت عكس ذلك ....


+



**


+



في طريق العودة إلتزمت الصمت كالعادة بينما مشاعرها كانت تتخبط ما بين الألم والخوف ...


+



الخوف من ماضي مشابه يتكرر في هذه العائلة ....


+



ماضي كانت هي جزءا منه ....


+



بل ربما كانت أساسه بعد والدتها الراحلة ...


+



والدتها ونغم وجهان لعملة واحدة ...


+



كلتاهما تمسكتا بطفلهما رغم إن وجوده يهدد حياتهما ...


+



كلتاهما قامتا بالتضحية لأجل أمومتهما ...


+



هل سيكون مصير نغم كوالدتها ...؟!


+



عند هذه اللحظة شعرت بقلبها يختلج داخل أضلعها ثم ينتفض برعب مدجج بالألم ....


+



هل تخطت هي حقيقة خسارتها والدتها في لحظة ميلادها ...؟!


+



كلا لم تتخطَ ... 


+



وهل سيتخطى طفل نغم ذلك يوما ما ...؟!


+



سارعت تنهر نفسها ...


+



نعم ستعيش ... 


+



ستحدث معجزة وتعيش ....


+



لتعاود وتسخر من نفسها ...


+



هي طبيبة وتدرك جيدا مدى سوء الوضع ... 


+



أما هو فكان يراقبها بين الحين والآخر دون أن تلحظ ..


+



يختلس النظر نحوها فينتبه لإضطراب مشاعرها الذي ظهر بوضوح على ملامحها التي كانت تتغير تعابيرها بين لحظة وأخرى ..


+



سمع صوت شقيقته تخبره بتردد :-


+



" هل تأخذني أنا أولا إلى القصر فلدي دراسة ولا أريد التأخر أكثر ..."


+



كانت تريد أن تمنح لهما القليل من المساحة ليكونا وحدهما ويودعا بعضهما قبل سفره ...


+



تفّهم أثير سبب طلبها هذا فأخبرها وهو يطالعها من مرآته :-


+



" حسنا ... سأوصلك أولا ...."


+



بينما من كانت جانبه لم تنتبه لحديثهما بل بقيت شاردة في أفكارها المؤلمة ....


+




        

          


                

**


+



غادرت سولاف السيارة بعدما ودعتهما فإلتفتت نحوه تسأل بإستغراب :-


+



" لماذا أوصلتها هي أولا ....؟!"


+



" هي أرادت ذلك لكنكِ لم تنتبه لها وهي تتحدث على ما يبدو...."


+



قالها بجدية وهو يضيف :-


+



" أرادت أن تمنحنا بعض الخصوصية ...."


+



" شقيقتك لديها ذوق وتحترم الخصوصية خاصة لأنك ستسافر غدا  ..." 


+



ضحك بخفة :-


+



" تتحدثين وكأنكِ تريدين هذه الخصوصية ...." 


+



أخبرته ببرود :-


+



" الأمر ليس هكذا لكن تصرفها أعجبني عكس تصرف والدتك الغير مبرر ..."


+



تنهدت بعدها تنهيدة مرهقة وعاد الشجن يملأ ملامحها ليتسائل بتردد :-


+



" هل أنت بخير ...؟!"


+



إبتسمت بشحوب وهي تهمس بذات الشجن الذي لم تستطع إخفاؤه :-


+



" نعم بخير ...."


+



أذار مقود سيارته متحركا بها حيث القصر لتعاود لصمتها المعتاد مستندة برأسها على النافذة جانبها تتطلع إلى الخارج بشرود حتى وصلا فأخبرته وهي تستدير نحوه :-


+



" متى طيارتك غدا ...؟!"


+



" الثالثة عصرا ..."


+



أخبرها بجدية لتهز رأسها بتفهم قبلما تخبره بتردد :-


+



" هل ستمّر على راجي مجددا قبل رحيلك ...؟!"


+



" بالطبع ... أساسا الظروف غير مناسبة للسفر لكنني مضطر ... "


+



قالها بآسف لتهمس بصعوبة :-


+



" قد نفقد زوجته في أي لحظة ...."


+



" لن يحدث ذلك بإذن الله ...."


+



قالها مرغما وداخله متمنيا ألا يحدث ذلك رغم إن الوضع العام يوحي بغير ذلك ...


+



همست بصعوبة :-


+



" نغم سترحل ... أساسا الحمل جعّل شفائها مستحيلا ... "


+



أضافت بخفوت :-


+



" لم يكن عليها الإحتفاظ بالطفل  .... "


+



" من حقها أن تصبح أما يا هالة ...."


+



قالها بحذر لتنفعل بعدم إدراك :-


+



" ومن حق الطفل أن يولد وأمه جانبه لا أن تتركه وترحل دون أن يراها حتى ...."


1



إرتجفت ملامحها بقوة والعبرات ملأت عينيها فما حدث اليوم أعاد ذكريات سيئة وأثار أوجاعا خمدتها السنوات أو هكذا ظنت ...!


+



أشاحت وجهها بعيدا تقاوم عبراتها بصعوبة لتشعر به ينحني نحوها يهمس لها ورغما عنه تعاطف معها وهو يدرك مدى صعوبة هذا الوضع بالنسبة إليها :-


+



" إهدئي يا هالة ولا تفعلي هذا ..."


+



إستدارت نحوه تهمس بصعوبة :-


+



" أنا هادئة ... وبخير ..."


+



ثم عادت تشيح بوجهها بعيدا هاربة من حصار نظراته ليطالعها  بتردد بينهما تهمس هي بصعوبة :-


+



" لم يكن علي قول هذا ... أنا لم أقصد إنها أنانية ولكن ..."


+



" أتفهمك ...."


+



إستدارت نحوه مجددا تطالعه بضياع تمكن منها وهي نفسها لم تعرف ما تشعر به بحق ليخبرها بجدية :-


+



" أتفهم صعوبة الموقف بالنسبة لك أنت تحديدا دونا عن الجميع ..."


+



" كلا أنت لا تفهم ولا أحد سيفهم ذلك إلا من عايشه وسيعيشه ... "


+



عادت العبرات تملأ مقلتيها بوضوح هذه المرة لتهمس من بين أنفاسها الهادرة   :-


+



" ذلك الطفل سيعاني بشكل أكبر مما تتصور وسيتحمل الكثير دون ذنب ... "


+



أراد أن يقول شيئا .. أي شيء لكنه لم يعرف ما يقوله ...!


+



ما زال هناك مئات الحواجز بينهما والتي تجعل كل حديث وكل محاولة 


+



قرب مقيدة بحدود يعجز عن تخطيها ...


+



" لا أحد يعلم ما يخبئه القدر لهذا الطفل ... لا أحد يعلم يا هالة لذا تفائلي قليلا ..."


+



" سأحاول ..."


+



قالتها ببسمة مريرة ثم أخبرته وهي تفتح باب سيارته :-


+



" يجب أن أغادر الآن ... تصبح على خير ..."


+



ثم غادرت المكان تاركة إياه يطالعها بقلق ...


+



في موقف آخر كان سيبقى جانبها ... يدعمها ويحاول التخفيف عنها وهو يدرك إن ليلتها هذه ستمر عليها بصعوبة لكنه مضطر أن يغادر عائدا دون أن يفعل شيئا مثلما هو مضطر ألا يشغل رأسه بها وبما تعايشه فلديه ما هو أهم .. سفره وعمله ولا شيء سواهما ...


+



هذا ما يجب أن يفعله ولا شيء سواه ...!



+



يتبع 


+



                                    

الفصل التاسع والعشرون


+



( الجزء الثالث )


+



تجلس فوق سريرها تقلب في ألبوم الصور الخاص الخاص بها ....


+



صور إحتفظت بها منذ سنوات ... صور تعود أغلبها لطفولتها مع والديها ثم مراحل متقدمة من حياتها ...


+



صور مع أطفالها وصور قليلة معه هو ولا تعرف لمَ إحتفظت بها وقتها رغم سوء علاقتهما طوال السنوات السابقة ...


+



إبتسمت وهي تسحب صورة من الألبوم تعود لها وهي تحمل سيف عند ولادته تنظر إليه وكأنه العالم بما فيه ....


+



لم تكن ولادته أمرا عاديا بل كان حدثا غير حياتها ورباط أبدي جمعها براغب مهما أنكرت ذلك فبعد إنجابها سيف إعترفت داخلها إن إنفصالها عنه بات مستحيلا حتى وإن سعى هو يوما لذلك ...


+



تنهدت بصمت قبلما تقبل الصورة برفق ثم تعيدها إلى مكانها لتبتسم مجددا وهي تقلب في صور أطفالها في مراحلهم العمرية المختلفة ...!


+



أعادت بعدها الألبوم إلى مكانه ثم قررت أن تجهز نفسها قبل وصول زوجها الذي سيتأخر اليوم قليلا كما أخبرها بسبب العمل ...


+



أخذت حماما دافئا ثم إرتدت فستانا أنيقا قصير قليلا يعلو فوق ركبتيها بقليل بحمالات عريضة وصففت شعرها بعناية ....


+



في الفترة الأخيرة باتت تشعر إنها عروس في بداية زواجها وكأنها تسعى لتعويض ما فاتها قبل سنوات ....


+



سمعت صوت طرقات على باب الجناح فأعادت حمرة شفاهها لمكانها وهي تقول :-


+



" أدخل ...."


+



دلف كلا من سيف ونزار وقبلهما شقيقهما الأصغر ...


+



إبتسمت وهي تتقدم نحوهم بينما ترى ثلاثتهم يحمل الهدايا المغلفة ..


+



" ما هذا ...؟!"


+



قالتها بسعادة عندما دفع سيف الصغير برفق ليتقدم نحوها بخطوات راكضة وهو يحمل هديته المغلفة فيلقي نفسه بين ذراعيها لتضمه نحوها وهي تقبل شعره برفق ثم تتناول الهدية منه تفتحها بحماس لتجد عطر ثمين فإبتسمت لولديها الأكبر وهي تخبرهما :-


+



" أنتما من إشتريتموها ..."


+



أومأ كلاهما برأسها بينما قال سيف :-


+



" أردنا أن يشاركنا الإحتفال بك ... "


+



ثم تقدم وهو يحمل هديته لتأخذها منه ثم تضمه بعناق دافئ قبلما تقبل وجنتيه وهي تخبره بحماس :-


+




                 

" لنرى ما جلبته لي ..."


+



وجدته يهديها ساعة ماسية ذات ثمن باهظ لتقول بصدق :-


+



" إنها رائعة يا سيف لكنها غالية ..."


+



إبتسم سيف يخبرها ببساطة :-


+



" لا شيء يغلو عليك ..."


+



عادت تعانقه بحب ثم تطلعت لنزار الذي ركض نحوها بحماس فسارعت تضمه هو الآخر قبلما تفتح هديته والتي كانت عبارة عن قلادة فضية على شكل وردة رقيقة لتقبله من وجنتيه وهي تخبره بصدق :-


+



" أحببتها كثيرا ... "


+



أضافت بعدما وضعت الهدايا جانبا :-


+



" أنا سعيدة جدا بمفاجئاتكم .... الهدايا جميعها رائعة ..."


+



غادر بعدها ثلاثتهم وبقيت هي لوحدها تتأمل الهدايا بفرحة بالغة ....


+



أولادها دائما ما يجعلونها تشعر بأنها محظوظة للغاية ...


+



هم أثمن شيء حصلت عليه طوال سنوات عمرها ...


+



شعرت به يدلف إلى الداخل ويقف خلفها يتأملها عن كثب قبلما يسأل :-


+



" ماذا تفعلين ...؟!"


+



إلتفتت نحوه تهتف ببهجة :-


+



" إنظر ماذا جلب الأولاد لي ...؟!"


+



تأمل الهدايا مبتسما ثم قال وهو يجلس جوارها :-


+



" دعيني أرى ..."


+



سألته بعينين تشكلت بهما العبرات :-


+



" أنت من ساعدتهم بذلك ... "


+



أخبرها بصدق:-


+



" كلا ، هم فقط أخذوا رأيي في نوع الهدية ... سيف صاحب الفكرة وهو من رتّب الأمر بل وتولى مسؤولية طلب الهدايا من المتجر ..."


+



" حبيبي ..."


+



همست بها بحنان جارف قبلما تعاود تأمل الهدايا ليخبرها وعيناه تتبعان تفاصيلها المهندمة بحرص :-


+



" هل تنوين الخروج لمكان ما ...؟!"


+



تطلعت له بإستغراب قبلما تدرك مقصده فتشير لملابسها :-


+



" أحببت أن أرتديه اليوم .... مناسب للخروج أليس كذلك ..؟!"


+



إبتسم بصدق :-


+



" نعم ، ولهذا سنخرج اليوم ..."


+



" حقا ...؟! إلى أين ...؟!"


+




        


          


                

قالتها بحماس دبَّ فيها فجأة ليقول بجدية :-


+



" لآخذ حمامي أولا ثم أغيّر ملابسي ونغادر بعدها ...."


+



" حسنا ..."


+



قالتها بهدوء ليسارع هو يجذب ملابس مناسبة للخروج بينما حملت هي الهدايا وإتجهت بها نحو الخزانة ....


+



**


+



إبتسمت وهي تجاوره في السيارة متجهين إلى مكان من إختياره كما أراد ...


+



في الآونة الأخيرة بات الهدوء يسيطر على مسار حياتها بشكل يمنحها راحة مبدئية ...


+



بعد إجهاضها توترت الأوضاع بينهما خاصة وإن الأمر جرحها بشكل قد يبدو مبالغا فيه للبعض لكنها حقا أرادت ذلك الطفل الذي كان سيحمل شيئا مختلفا لهما معا ...


+



ذلك التوتر بدأ يخمد تدريجيا وهاهي الأمور بينهما تعود إلى نصابها والهدوء يسيطر على علاقتهما ....


+



هي بطبيعتها إمرأة تحب الهدوء والسلام ولا تميل إلى الإثارة والحياة المليئة بمنعطفات متنوعة لا آخر لها ...


+



إمرأة تبحث عن زواج هادئ ... عشق ناعم ... وأسرة سعيدة .... 


+



متطلباتها بسيطة ... أبسط بكثير من الحياة التي تعيشها ... !


+



شعرت بكفه يقبض على كفها فإستدارت نحوه ليسألها بينما عينيه تنتقلان بينها وبين الطريق أمامها :-


+



" أين شردت ...؟! "


+



" أنا معك ..."


+



وهي كانت تعنيها بحق ....


+



جذب كفها يطبع قبلة دافئة عليه ثم يخبرها بجدية :-


+



" اليوم والغد لنا ... وحدنا ...."


+



" ماذا تعني ..؟!"


+



سألته بشك لتجده يركن سيارته في كراج أحد الفنادق الشهيرة فتطالع المكان بإهتمام قبلما تهمس بتفكير :-


+



" سنبيت الليلة هنا ...؟!"


+



" نعم ..."


+



" فكرة رائعة ...."


+



قالتها بحماس سرعان ما إختفى وهي تسأل بقلق :-


+



" ولكن الأولاد وإبراهيم ..."


+



قاطعها على الفور :-


+



" لا تقلقي عليهم .. هم بخير ... والدتي معهم وكذلك هالة ... "


+



إبتسمت بهدوء بينما أشار هو لها :-


+




        

          


                

" هيا ننزل ... "


+



هبطت من السيارة معه بعدما فتح الباب لها ليقودها إلى الداخل ومنه إلى جناح فخم حجزه مسبقا لهما ...


+



دلفت إلى الجناح تتأمله ببسمة هادئة عندما وجدته يقودها إلى الشرفة الواسعة المطلة على مجموعة من الحدائق مزينة بعناية مليئة بالأشجار والديكورات الرائعة  والأضواء البراقة  تلمع فيها إضافة إلى أحواض السباحة الواسعة لتشكل إطلالة أكثر من رائعة ....


+



توقفت لوهلة تستند على سور الشرفة تتأمل المنظر في الأسفل بإعجاب شديد قبلما تنتبه إلى الجانب فهناك كانت طاولة معدة بعناية موضوع عليها أصناف مختلفة من الطعام تتوسط المكان كعكة صغيرة قليلا مزينة باللونين الذهبي والأبيض ...


+



" أنا لا أصدق ..."


+



تمتمت بها بضحكة فرحة وهي تتقدم نحو الطاولة ليتبعها هو فيقف خلفها محاوطا إياها من كتفيها مرددا بصدق :-


+



" إنه أول ميلاد لكِ يمر علينا ونحن سويا بحال جيد .... لذا لم يكن من الممكن أن أتركه يمر دون إحتفال خاص بيننا ...."


+



إستدارت نحوه تتأمله عن قرب ...


+



مدت كفها تلمس جانب وجهه فترى العشق صريحا في عينيه ...


+



كيف لم تعِ عشقه الجارف لها ...؟!


+



كم كانت غبية ...؟!


+



حتى الروايات التي تقرأها فشلت أن تجعلها تفهم مشاعره نحوها وتدرك عشقه الصادق لها ... 


+



همست بخفوت :-


+



" صدقني لو عاد بي الزمن إلى الخلف لغيرتُ الكثير من أحداث الماضي ...."


+



" لا يهم ... لدينا مستقبل طويل يجمعنا سويا  بإذن الله ... " 


+



جذب كفها من فوق وجنته يقبله ثم يشير لها أن تتقدم نحو الطاولة ليسحب لها كرسيها تجلس عليه ويجلس هو قبالها ... 


+



تناولت الطعام بشهية مفتوحة عكس عادتها ...


+



تبادلا الأحاديث العامة ثم جاء وقت إطفاء الشموع التي أشعلها لها بنفسه بينما وقفت هي تتأملها بسعادة مفرطة قبلما تتمنى ما تريد حيث تمنت أن تحيا الحياة التي تمنتها يوما ما وعلى غير العادة تمنت هذه المرة أن تحيا الحياة التي حلمت بها منذ الطفولة معه هو بوجود أطفالهما ....!


+



أطفئت الشموع لتجده يبتسم لها قبلما يقبل وجنتيها برفق ثم يمد كفه أخيرا بهديته ...


+



طالعت القطيفة بفضول لتفتحها لتجد طوقا ماسيا بتصميم مذهل وزخرفة مميزة تحتوي حروف إسمها بالترتيب ...


+




        

          


                

قالت بسرعة :-


+



" إنه رائع ومصمم بحروف إسمي أيضا ..."


+



" إنه تصميم مبتكر قليلا ... طلبته من المصمم الخاص بالعائلة ...."


+



" إنه رائع ... أحببته كثيرا .."


+



قالتها بنبرتها الرقيقة المعتادة قبلما تغلق القطيفة وتضعها جانبا ثم تتقدم نحوه وتحاوط رقبته بذراعيها فتهمس له وعيناها تحاوطان عينيه بنظرة لامعة :-


+



" شكرا ... أحببت كثيرا الهدية والمفاجئة وكل شيء .."


+



ثم بتردد رفعت شفتيها نحو شفتيه تقبلها برفق قبلما تبتعد عنه بعد ثواني وكفيها ما زالا يحاوطان رقبته ...


+



" آه يا همسة ..."


+



تمتم بها بأنفاس حارة لترمش بعينيها وهي تسأل :-


+



" ماذا حدث ..؟!"


+



حاوط خصرها بكفيه ثم قال وهو يشدد من قبضتهما عليه :-


+



" ما حدث إن هناك ليلة حافلة تنتظرنا في الداخل فعليك أن تكوني مستعدة جيدا ..."


+



وقبلما تنطق بحرف واحد كان يتناول شفتيها بقبلة جارفة محمومة  تجاوبت معها بشوق هي الأخرى ...


+



ذلك الشوق الذي جعله ينتفض للحظة وهو يحملها بين ذراعيه متقدما بها إلى الداخل بينما إستسلمت هي تماما له وتجاوبت معه بشغف مماثل لشغفه الشديد بها ...


+



**


+



أغمضت عينيها تستسلم لقبلاته التي يطبعها بحرارة فوق شعرها وجانب وجهها بعدما إندمجا سويا لعدة مرات متتالية فنالها لأكثر مرة وفي كل مرة يمرر لها شغفه بها وعشقه الجارف نحوها بينما لا تكتفي هي من ذلك وتشعر بحاجة للمزيد وكأن ذلك يعزز من ثقتها بنفسها أولا وبقوة مشاعره نحوها ثانيا ....


+



شعرت بأنامله تسير فوق ظهرها العاري ببطأ بينما يسأل بصوت خافت :-


+



" هل غفوتِ ...؟!"


+



رفعت وجهها نحوه تتأمله عن كثب قبلما تجيب :-


+



" كلا .." 


+



أضافت وأناملها تسير فوق فكه :-


+



" لكنني أشعر بالنعاس ..."


+



جذبها مجددا نحو صدره تتوسده بينما يخبرها :-


+



" نامي إذا ..."


+



" سأفعل ..."


+



تمتمت بها وعادت تغمض عينيها لتغفو بالفعل بعد دقائق معدودة ....


+




        

          


                

إستيقظت بعد حوالي ساعة ونصف لتجد السرير خاليا جانبها ...


+



إعتدلت في جلستها وهي تجذب الغطاء فوق جسدها فتنتبه لصوت المياه القادم من الحمام الداخلي الملحق بغرفة النوم ...


+



نهضت من مكانها بجسدها العاري لتجذب فستانها الملقي فوق أرضية الغرفة  ترتديه بسرعة قبلما تتأمل هيئتها المبعثرة بالمرآة فتبتسم لا إراديا وهي تتذكر مجددا اللحظات الطويلة التي جمعتهما والتي كانت مختلفة قليلا هذه المرة فهي مع مرور الوقت تصبح أقل تحفظا معه أثناء العلاقة بل باتت تتجاوب بشكل غريزي تماما تتبع رغبتها التي لم تكن تعتقد وجودها يوما أما هو ففي كل مرة يكون أكثر شغفا بها حتى إنه لم يكن يريد الإبتعاد عنها لولا شعوره بإنهاكها بعدما أخذها في جولة من الحميمية لعدة مرات وفي كل مرة كان يكون أكثر شغفا و رغبة وإشتعالا ...


+



إبتسمت بتوتر مفكرة إنها لم تنزعج من قربه لمرات معدودة ولم تمل عكس المتوقع بل إنها كانت سعيدة وراضية ومتفاعلة معه بكل حواسها ....


+



توقفت عن أفكارها وهو يغادر الحمام وبيده منشفة يجفف بها خصلاته ليتوقف متطلعا بها متسائلا :-


+



" إستيقظتِ بسرعة ...؟!"


+



أخذت تتأمله لوهلة بملامحه الرجولية  الوسيمة وعكس كل المرات رأت في ملامحه لطفا و حنوا مخبئا خلف قناع القوة والسلطة الذي يرتديه دائما وفي كل موقف ...


+



لأول مرة تدقق النظر في ملامحه عن قرب بينما قال هو مستغربا :-


+



" ماذا يحدث ..؟! هل أنت بخير ...؟!"


+



إبتسمت بخفة ثم سارت نحوه لتقف قباله تطبع قبلة خاطفة فوق شفتيه ثم تجيب :-


+



" سآخذ حمامي ... حسنا .."


+



طالعها وهي تتجه إلى الداخل ليقسم داخله إن هناك شيء ما تغير بها ولم يكن يعلم إن ما يتغير بها تدريجيا هو نظرتها إتجاهه فهي كل يوم تستكشف شيئا جديدا عنه ... شيئا جميلا للغاية ...!


+



**


+



غادرت الحمام بعد مدة لتجده ممددا فوق الفراش ينتظر خروجها على ما يبدو ...


+



إبتسمت وهي تتقدم نحو المرآة مرتدية روب الإستحمام لتقول :-


+



" كان يجب أن أجلب ملابسا لي ..."


+



" لم نكن لنحتاجها ..."


+



قالها ببديهة لتطالعه بنظرة خجلة قبلما تهتف بخفة تداري خجلها :-


+



" لم أعهدك وقحا هكذا من قبل ...."


+



ثم جذب المشط وهمت بتسريح شعرها عندما شعرت بآلم لحظي  غريب في منطقة جانب ثديها ... 


+




        

          


                

مدت أناملها أسفل الروب تلمس تلك المنطقة وتلك النغزات تكررت مجددا ...


+



توترت لوهلة قبلما تشعر به يتقدم خلفها فسارعت تخرج يدها من مكانها  عندما وجدته يعانقها من الخلف يخبرها بمرح :-


+



" الوقاحة تمثل للبعض إسلوب حياة .."


+



ثم مال يطبع قبلاته المتفرقة على رقبتها وكتفها بعدما أزاح الروب من فوقه لتخبره وهي تبتسم :-


+



" لكنك لست منهم .."


+



" وما أدراك ...؟!"


+



قالها وهو يديرها نحوه وقبلاته تأخذ طريقها فوق شفتيها لتضحك مرغمة وهي تلمس صدره العاري تخبره بصدق :-


+



" لم أتوقع يوما أن تكون هكذا ...؟!"


+



عقد حاجبيه متسائلا :-


+



" كيف يعني هكذا ..؟!"


+



ردت بتردد :-


+



" يعني محبا وشغوفا هكذا ...."


+



عاد يقبل شفتيها بقوة ثم يخبرها بجدية :-


+



" لأنك لا تعرفيني جيدا ..."


+



تجاهلت نغزة خاطفة آلمت بذات المنطقة لتنهض من مكانها تحاوط رقبته بكفيها تخبره بعينين تنبضان بقوة :-


+



" نصيبي ألا أعرفك جيدا حتى اليوم ... "


+



أضافت وأناملها تسير فوق وجنته :-


+



" لكن ها أنا أتعرف عليك عن قرب وكل يوم أكتشف شيئا جديدا يخصك .."


+



" وهل يعجبك ما تعرفينه وتكتشفينه ...؟!"


+



" كثيرا ..."


+



قالتها ببسمة صادقة ليجذبها نحوه في عناق جارف بينما يتجه بها نحو السرير وهي تتجاوب معه كالعادة متجاهلة تلك النغزات التي رحلت بعد لحظات وكأنها لم تكن ...!


1



**



+



منذ جلستها الأخيرة مع الطبيبة وهي تعتزل كل شيء منزوية بعيدا عنه والأفكار تتلاطم بقوة داخل رأسها ....


+



تتسائل عن حقيقتها ... هل هي نفسها الفتاة الهشة الضعيفة التي يتحكم الجميع بها وتقودها عاطفتها نحو المجهول ...؟! أم إنها تغيرت وباتت فتاة أخرى جامحة متمردة لا حدود تقف عندها ...؟!


+



في الآونة السابقة شهدت هاتين النسختين منها بإختلافهما الشاسع ...


+



تارة تهاجم بكل قوة وشراسة وتحصل على ما تريد وتارة تتحول لفأرة صغيرة تخشى من المجهول وهي الآن بعدما أدركت ذلك التناقض داخلها باتت أكثر حيرة وضياعا ....!


+




        

          


                

شعرت به يقف خلفها بملامح تحمل تساؤلا جادا ...


+



حاول أن يفهم منها ما حدث بعدما عادت من طبيبتها بتلك الوضعية المزرية لكنها إلتزمت الصمت ...


+



حاول هو الآخر أن يتجاهل ما رآه لكنه لم يستطع فالأيام تمر وحالها يقلقه فالصمت حليفها والهروب منه بات ملازما لها ...


+



" جيلان ..."


+



تمتم بها وهو يتقدم نحوها لتتحرك جانبا فيجاورها هو في جلستها يسأل بإهتمام باتت يوترها :-


+



" ألن تتحدثي ...؟!"


+



إستدارت نحوه ترمقه بنظرات صامتة تحمل ضياعا واضحا فمد كفه يلمس كفها يخبرها بصدق :-


+



" تذكري إنني هنا لأجلك .."


+



" لا أريد الذهاب إلى الطبيبة مجددا ..."


+



قالتها أخيرا ليسأل بحذر :-


+



" لماذا يا جيلان ...؟!"


+



طالعته بحيرة ...


+



ماذا تخبره ...؟! هل تخبره إن زيارتها لتلك الطبيبة فتحت جروحا وكشفت واقع سعت لطمره أسفل رداء القوة والجموح الذي إرتدته عنوة ...؟!


+



هل تخبره إنها أدركت مجددا كم هي ضعيفة وبلا حول أو قوة ...؟!


+



" هكذا ... لا أريد دون سبب ..."


+



قالتها وهي تتحاشى النظر إليه ليتنهد بصبر ثم يقول :-


+



" تحدثي يا جيلان ... هل فعلت تلك الطبيبة شيئا ...؟! هل ضايقتك ...؟!"


+



تشكلت العبرات في عينيها ووجدت نفسها عاجزة عن قول شيء ...


+



كان نفسه ذلك العجز الذي شعرت به عندما إستسلمت لذلك الرجل الذي إنتهك عذريتها وذاته العجز الذي واجهت به عمار بعد تلك الحادثة ...


+



هو نفسه العجز الذي جعلها تخضع لقراره المجحف وتتزوج من مهند ونفسه العجز الذي جعلها تستسلم لمهند عندما تمم زواجه منها فقط ليثبت حقيقة عهرها ...!


+



" تحدثي .... !"


+



قالها بنفاذ صبر لتنتفض من مكانها هاربة من جواره تهمس بعبرات شقت طريقها فوق وجنتيها :-


+



" لا أريد ... تلك الجلسات تؤذيني ... تذكرني بالماضي ... ذلك الماضي الذي هربت منه طويلا ..."


+



تنهد بصمت ثم نهض من مكانه متجها نحوها ..


+



وقف خلفها تماما وهمس بصدق :-


+




        

          


                

" ها أنتِ قلتها بنفسك ... هربتِ ... والهروب ليس حلا ولا علاجا ... أنت لم تتحررِ من الماضي بعد .... إن كنت تعتقدين إن الهروب وتجاهل ما حدث هو الحل الأمثل فأنتِ مخطئة ... الحل أن تواجهي ذلك الماضي كي تشفي منه ..."


+



إستدارت نحوه تهتف بأنفاس متصاعدة ودموع حارقة :-


+



" لا أستطيع ... لماذا لا تفهم ...؟!"


+



" أنت قوية يا جيلان ... لا تقولي هذا ..."


+



قالها وكفه تربت فوق كتفها بلطف مضيفا بحنو :-


+



"وأنا معك ..."


+



" أنت لا تفهم ... أنا لا أريد تذكر ما حدث ... وخاصة تلك الحادثة اللعينة مع ذلك الحقير الذي لا أريد تذكر إسمه حتى ..."


+



طالعها بصمت ورغما عنه أدرك لأول مرة إنه لم يبحث خلف ذلك الحقير ... لم يتسائل عن هويته ... 


+



لا يعلم حتى ما فعله شقيقه وأخيها كذلك ...


+



هل وجداه ...؟! هل إنتقما لها منه ..؟! أم تجاهلا الأمر تماما ...؟! 


+



إنتفضت ملامحه بإدراك وغضب من نفسه لأنه لم يبحث عنه ويلقنه العقاب الذي يستحقه...


+



ماذا كان ينتظر...؟!


+



كلا ، هو لم يفكر بهذا من الأساس...


+



" ماذا حدث ...؟!"


+



سألته بتوتر وهي تلاحظ ذلك الغضب المريب الذي ملأ ملامحه ...


+



حاول أن يسيطر على أعصابه فهمس سريعا :-


+



" لا شيء .... "


+



أضاف وهو يضغط على كتفيها بكفيه :-


+



" إسمعيني جيدا ... ذهابك إلى الطبيبة أفضل لك ... لا تتخلي عن علاجك يا جيلان مهما حدث ...."


+



طالعته بحيرة بينما شدد هو من قبضته :-


+



" أقول هذا لأجلك ... صدقيني ..."


+



طالعته بعينيها الباكيتين تخبره بوجع :-


+



" لأجلي أم لأجلك يا مهند ... لأجل أن تتخلص مني بأسرع وقت ..."


+



بهتت ملامحه وهو يتسائل بإستغراب بعدما حرر كتفيها من قبضته :-


+



" ما هذا الكلام ...؟! بالطبع كلا ..."


+



ضحكت بمرارة وقالت :-


+



" هذه الحقيقة مهما حاولت إنكارها ... أنت تزوجتني لأجل مساعدتي ... لأن مساعدتي تمنح ضميرك الراحة  التي ينشدها ... "


+




        

          


                

" نعم هذا صحيح ولم أكذب عليكِ بشأنه .. هذا ما قلته أساسا عندما عرضت الزواج مجددا عليك ..."


+



" زواج مؤقت إذا ....؟!'"


+



همست بها بسخرية بائسة ليسأل بجبين متغضن :-


+



" نعم يا جيلان ... أنا لم أكذب عليك قط ... تزوجتك لأجل مساعدتك .... أم نسيت ذلك ...؟!"


+



صاحت منتفضة بغضب :-


+



" لم تقل إنه مؤقت ... لم تتطرق لهذا الأمر ..."


+



" أنا لا أفهم حقا ما المشكلة في ذلك ...؟!"


+



تسائل بنفاذ صبر لتصيح بعبرات عادت تشق طريقها فوق وجنتيها :-


+



" ولن تفهم .. لن تفهم إنني لا أريد لهذا الزواج أن ينتهي ... ولن تفهم إنني لا أريد إبتعادك عني أبدا ...."


+



دموعها الحارة تتساقط بغزارة وأنفاسها تتضاعف بينما تهتف بتعاسة :-


+



" أنا أريدك معي يا مهند ...."


+



شعر ببرودة تتسرب لأطرافه ...


+



أي جنون تلبسها ...؟! 


+



ربما لم يكن عليه التطرق لهذا الحديث في الوقت الحالي خاصة وهو يدرك تخبطها وضياعها ....


+



طالعته بقهر وعبراتها المنهمرة تشي بمدى آلم روحها وقهرها ...


+



" أنت لا تشعر بي ... حتى محاولاتي لجذبك إلي فشلت جميعها ... "


+



تقدمت نحوه تجابهه بملامحها الباكية تمنحه إعترافا لا يقبل مناورة :-


+



" أنت تخطط لإنهاء هذه الزيجة حالما تأتيك الفرصة لذلك بينما أنا ..."


+



توقفت لوهلة تطالعه بنظرات لم يخطئها ...


+



نظرات عاشقة جعلته ينتفض بإدراك بينما تصيح هي بيأس :-


+



" بينما أنا أتشبث بقربك طوال الوقت وأجاهد كي أجذبك نحوي لأنني ...."


+



إبتلعت ريقها بصعوبة ثم أنهت حديثها بنبرة باكية محطمة :- 


+



" لأنني أحببتك ... نعم أحببتك ...."


+



صاحت بقهر وهي تضرب موضع قلبها بكفها :-


+



" لأن قلبي رغم كل شيء تعلق بك يا مهند وأحبك وتمنى أن تبادله هذا الحب وتبقى جواره للأبد...."


+



هو الآن يعيش أسوأ موقف مر به طوال حياته ..


+



لا يعرف كيف يتصرف ....


+




        

          


                

إعترافها صدمه ...


+



نعم كان يعلم بمشاعرها نحوه لكنه لا يراها حقيقية ... 


+



مجرد نوع من التعلق المرضي سينتهي حالما تمر تلك الغيمة التي تظلل عالمها ...


+



لكن الآن وفي هذه اللحظة تحديدا قلبه يخبره إنه ليس مجرد تعلق مرضي وسينتهي ...


+



هناك شيء أكبر ينمو داخلها إتجاهه ...


+



شيء لم يتوقعه يوما ... 


+



شيء لا صدى له عنده ولا يعتقد إنه سيكون ...


+



طالع ملامحها الباكية بقهر ...


+



ماذا عساه أن يفعل ...؟!


+



إتجهت نحو سريرها تنهار قوية بنحيب مؤلم بينما يطالعها هو بقهر ...


+



" جيلان ..."


+



ناداها بصعوبة فرفعت عينيها الحمراوين بعبرات غزيرة نحوه ....


+



يؤلمها أن تنهار بهذا الشكل وأن تظهر بهذا الشكل المثير للشفقة أمامه ...


+



سارعت تمسح عبراتها بعنف وتهدر بأنفاس متصاعدة :-


+



" لا تقل شيئا ...."


+



ثم عادت العبرات تكسو عينيها وهي تهمس بصوت مبحوح باكي :-


+



" أنت لست مجبرا على قول أي شيء ... مثلما لست مجبرا على فعل أي شيء يخصني ..."


+



عادت تبكي بصمت فسار نحوها وجلس جانبها يطالعها بحيرة لا يعرف ماذا يفعل وكيف يحتوي آلمها ....


+



لحظات وجذبها نحوه لتتشبث بأحضانه ملتصقة بها بقوة ....


+



تنهد بصمت ثم أغمض عينيه بقهر بينما تبكي هي فوق صدره ....


+



تبكيه هو ... تبكي عشقها له ... غرامها به ...


+



تسائلت داخلها بقهر ، لم لا يشعر بها ..؟! ألم يتحرك شيئا ولو قليلا داخله نحوها ...؟! 


+



ألا تمثل له أي شيء ...؟! 


+



ألا يرغب حتى بها ...؟!


+



كانت ضائعة ومشوشة ...


+



تريده بجنون ... 


+



تريده معها وجانبها إلى الأبد ... 


+



لماذا توقفت عن القتال فجأة ...؟! ألا يستحق مهند أن تحارب لأجله ...؟! ألا يستحق أن تناضل لتنال قلبه ..؟!


+



إبتعدت قليلا من بين أحضانه لتجده يطالعها بإرتباك وعجز ..


+



بتردد مدت كفها نحو وجهه تلمس لحيته المشذبة بعناية تهمس بآسف :-


+




        

          


                

" آسفة .... آسفة لأنني أصبحت حملا ثقيلا على كاهلك ..."


+



" كلا يا جيلان ... أنتِ لست كذلك ...."


+



قالها بجدية قبلما يقبض بكفه على كفها الآخر يخبرها بصدق :-


+



" ولم تخطئِ بشيء ..."


+



ترددت لوهلة لكنها قالت :-


+



" أنا أحبك يا مهند ... حقا أحبك ..."


+



تنهد بصمت ثم قال بخفوت :-


+



" أعلم ...."


+



عانقت وجهه بكفيها تسأله بصعوبة :-


+



" ماذا عنك ...؟! ما هي مشاعرك نحوي ...؟! كيف تراني ...؟! كيف ...؟!"


+



طالعها بتوتر ... لا يعرف ما يجب أن يقوله ...


+



هو لا يمتلك شعورا خاصا نحوها ... لا يمتلك ذلك الحب الذي تبحث عنه لديه ... لا يمكنه خداعها ... لا يمكنه أن يمنحها آملا بشيء لن يحدث أبدا وفي ذات الوقت لا يستطيع أن يحطم قلبها وروحها وهو يخبرها بذلك ...


+



لا يمكنه أن يصارحها بتلك الحقيقة التي ستدمر ما تبقى من ثباتها ...


+



مالت نحوه صدره تستند بمقدمة رأسها عليه تهمس بخفوت أقرب للهذيان :- 


+



" أنا أحبك لكن ماذا عنك ...؟! ألا تشعر بأي شيءٍ نحوي ...؟! لماذا أنت متباعد عني ..؟! لماذا ترفض قربي حتى ...؟!"


+



" جيلان ..."


+



قالها بصوت ضعيف وهو يلمس ظهرها بتردد لترفع وجهها مجددا نحوه وبتردد تحاوط وجهه مجددا بكفيها تخضع لسحر عينيه للحظة ...


+



سألته برجاء :-


+



" ألا تريدني حقا ...؟! ألا تريد قربي حتى ...؟! هل أنا هامش بالنسبة لك ...؟! شيء غير مرئي لا يؤثر بك أبدا ..."


+



" كلا ، أنتِ ليس كذلك ..."


+



قالها بسرعة قبلما يقبض على كفيها ينزلهما وهو يخبرها :-


+



" أنت مهمة جدا بالنسبة لي يا جيلان .... "


+



تنفس بصعوبة بينما تطالعه هي بعدم تصديق ...


+



لا تصدق حديثه ... 


+



إبتسمت بمرارة مفكرة إنها حتى عاجزة عن التأثير به جسديا ....


+



همت بالنهوض من 


+



أمامه  لتجده يقبض على ذراعها هامسا بتردد :-


+




        

          


                

" جيلان .... "


+



طالعته بذات النظرة المقهورة التي تؤلم قلبه بشدة فسارع يحاوط وجهها بكفيه يخبرها :-


+



" جيلان أنا .. أنا فقط أحتاج لقليل من الوقت ..."


+



" يكفي يا مهند ..."


+



صاحت به وهي تضيف بقهر :-


+



" أنت لا تحبني ولا تريدني ولا ترغب بي حتى .. دعني أرحل ... إتركني ..."


+



" جيلان الأمر ليس كذلك ..."


+



قالها بسرعة لتصيح به وهي تنتفض من مكانها :-


+



" لماذا قبلتني ذلك اليوم في حوض السباحة ...؟! لماذا منحتني أملا وسرعان ما سرقته مني ...؟!"


+



" أنا ...."


+



" بعدما حدث ظننت إن هناك شيء ما سيحدث بيننا ... إعتقدت إن هذه البداية الحقيقية لنا ..." 


+



" أنت من هربتِ يومها يا جيلان .."


+



قالها وهو يقف قبالها بينما عقله يستوعب ما تفوه به ....


+



نعم هي من هربت يومها ولكن ماذا عنه ..؟! هل كان يريد ذلك القرب حقا ..؟! نعم كان يريده حتى لو بدافع غريزي بحت ....


+



 أما هي فوجدت بجملته تلك إعترافا تتشبث به لتسأل بتردد :-


+



" ماذا تعني ...؟! هل كان سيتغير شيئا ما لو لم أهرب منك يومها ..؟!"


+



لم يجبها فأصرت على سؤالها وهي تتقدم نحوه حتى باتت قباله لا يفصلهما شيء :-


+



" تحدث يا مهند ... هل كان سيتغير شيء ...؟! "


+



" نعم يا جيلان .. ربما ما كنت سأتوقف يومها ...ما كنت سأكتفي بتلك القبلة .."


+



أضاف بأنفاس لاهثة :-


+



" وحينها لا يمكنني توقع ردة فعلك ولا نتائج هذا عليك ... "


+



إسترسل بجدية :-


+



" لم أكن أريد إستغلالك ...أو على الأقل لم أرد أن تفكري بأنني إستغليتك ..." 


+



أوقفته على الفور :-


+



" أنت بالذات لن أفكر بك بهذه الطريقة يا مهند ..."


+



أضافت بصوت رقيق :-


+



" ثق بي وبمشاعري نحوك يا مهند .. "


+



" كان من الممكن أن تندمي ..."


+



" لن أندم أبدا ..."


+




        

          


                

أضافت وأناملها تلمس جانب وجهه بنعومة :-


+



" أنا هربت منك بسبب  خجلي ولكنني كنت أريدك وقتها وربما لو عاد بي الزمن إلى الوراء ما كنت سأهرب .."


+



إبتلع ريقه بتوتر وعيناه تطالعان الحياة التي عادت لملامحها بعدما قاله عن تلك القبلة ...


+



أغمض عينيه عندما وجدها تعانقه بجسدها الصغير ..


+



ماذا يفعل ...؟! هل يتركها مجددا ...؟! هل يحطم آمالها ...؟!


+



كلا لن يتركها ... لن يفعل بها هذا ...


+



ربما هو لم يحبها كما تحبه لكنها مهمة لديه ...


+



في النهاية هي زوجته وقبلها إبنة عمه ...


+



وهي تحبه وتريده ... 


+



وهو لا يكرهها ولا ينفر منها ...


+



جذب وجهها يرفعه نحوها يتأمل ملامحها الباهتة بسبب آثار البكاء ....


+



يشير بأنامله فوق ملامح وجهه بحذر ...


+



لن تكون مرتهما الأولى لكن هذه المرة تحديدا ستكون مختلفة ...


+



ما سيحدث بينهما رباط أبدي يقيده بها دون رجعة ...


+



إن نالها الليلة فهو لن يثبت ملكيته لها فقط وإنما سيمنحها عهدا صريحا ببقائهما سويا في هذه الزيجة إلى الأبد ...


+



شعر بأناملها تمتد نحو عنقه تلمس تفاحة آدم البارزة بتردد خجول قبلما تنحدر نحو موضع قلبه الذي بدأ ينبض بعنف تلقائيا ...


+



بتردد وقفت على أطراف قدميها ثم مالت نحو شفتيه تقبلهما بنعومة ...


+



هي إتخذت قرارها .. لن تتنازل عنه .. ستحارب في سبيل عشقها ... ستحارب لأجل الرجل الذي تحبه وتريده ...


+



ثواني وسارعت كفيه تقبضان على خصرها بينما يعمق هو من قبلتهما ...


+



يده تتحرك فوق جسدها بلمسات جريئة إنتفضت لها في البداية لكنها سرعان ما حاوطت رقبته بكفيها تبادله قبلاته متجاهلة لمساته الجريئة فوق جسدها ...


+



إبتعد عنها بعد لحظات ممررا أنامله فوق وجنتيها بحنو قبلما يعاود تقبيلها برغبة أكبر وشغف أكبر ...


+



كفه هذه المرة تسلل أسفل بلوزتها وبعد ثواني كانت تطير من فوق جسدها بينما تساعده هي في خلع قميصه وكلاهما يتبادل القبلات بجنون ...


+



كل شيء كان مثاليا بعدها وهي تجاوبت معه بجنون أطاح بكل ذرة تعقل لديه ....


+




        

          


                

**


+



إبتعد عنها وهو يلهث بعنف ... ثواني وعاد يجذبها نحوه يتسائل وصمتها يقلقه :-


+



" أنتِ بخير ... ؟! هل آذيتك ..؟!"


+



إكتفت بإيماءة من رأسها دون رد ليتطلع نحوها فيجدها تخفي وجهها داخل صدره ليبتسم مرغما وهو يتمتم :-


+



" من يراكِ الآن لا يصدق إنك نفس الشخص الذي كنت عليه قبل قليل ..."


+



ضربته فوق صدره بعنف قبلما تعاود الاختفاء بوجهها داخل صدره ليتنهد بصمت قبلما يغمض عينيه مستسلما لغفوة تمكنت منه لترفع وجهها نحوه بتردد بعدما شعرت بإنتظام أنفاسه تتأمل ملامحه بحرص وعشق لا تعرف متى  فاض بقلبها إلى هذا الحد ...


+



إبتسمت بحب فاليوم هناك حاجز كبير إختفى من بينهما ..


+



هذه مجرد البداية والقادم سيكون أفضل بالطبع ... 


+



كل شيء سيكون أفضل من الآن فصاعدا ...!


+



هكذا أخبرت نفسها وهي تندس مجددا بجسدها بين ذراعيه مستسلمة لدفء أحضانه متشبثة به بكل ما تملك من قوة وعشق ...!


+



**


+



غادرت ماذي عملها بملامح مكفهرة ... 


+



أحيانا تفكر في ترك العمل الذي بات مرهقها بشكل مبالغ فيه لكنها تتراجع بعدها فهي لا تملك المال وليس لديها مصدر دخل سواه ...


+



تنهدت بضجر وهي تركب سيارتها التي إستأجرتها مؤخرا عائدة إلى شقتها لتأخذ حماما طويلا قبلما تلجأ للنوم بعدها ...


+



إستيقظت مساءا بنشاط عاد يسيطر عليها لتقرر الخروج قليلا حيث إتجهت لأحد البارات الليلة  هناك حيث قررت أن تقضي سهرتها خاصة وإن غدا إجازة ....


+



بعد حوالي نصف ساعة شعرت بالضجر فهي لوحدها دون أحد معها ...


+



في الآونة الأخيرة باتت تحن لحياتها السابقة وأصدقائها القدامى لكنها سرعان ما تنهر نفسها وهي تتذكر ماذا كان سيكلّفها بقائها هناك من ثمن باهظ ...


+



تنهدت بملل وهمت بالنهوض عائدة إلى شقتها عندما وجدت أحدهم يجاورها في جلستها يسأل :-


+



" ما إسم الجميلة ...؟!"


+



" ما شأنك ...؟!"


+



سألته بحدة ليهتف وهو يحاول لمس يدها :-


+



" على مهلك يا جميلة ..."


+



دفعته بعنف وهي تنتفض من مكانها تسّبه وتشتمه قبلما تندفع مغادرة المكان ولم تكن تعلم إنه تبعها بإصرار ...


+




        

          


                

شهقت بصدمة وهي تجده يقبض على ذراعها يحاول ثنيها عن الرحيل ويعرض عليها الأموال لتصفعه على وجهه بإنفعال جعله يتجمد مكانه لوهلة عندما إندفعت هي ركضا نحو سيارتها يلحق هو بها بوعيد ..


+



صرخت بألم وهو يقبض عليها من شعرها قبلما يخرج سكينا حادة من جيب بنطاله ...


+



اتسعت عيناها بهلع بينما يهتف هو بوعيد :-


+



" هل تدركين ثمن هذا الكف يا هانم ...؟! "


+



صرخت وهي تحاول إبعاده عنها ..


+



كان المكان مظلم وخالي من أي شخص يمكنها أن تستنجد به ...


+



" ستأتين معي وإلا ...."


+



قالها وهو يرفع السكين نحوها لتصرخ بجزع :-


+



" هل جننت ...؟! إتركني ...."


+



حاولت التملص منه لكن دون فائدة بينما هو كان مصرا على نيلها  و رد الصفعة لها ...


+



دفعها نحو الحائط خلفها وكفه تحاول خلع ملابسها عنها بينما تقاومه هي بلا فائدة حتى تعثرت قدمها بصخرة لتنحني سريعا وتجذبها ثم تضرب بها رأسه ..


+



سقط فاقدا للوعي بينما طالعته هي بهلع ولم تعرف ماذا تفعل ...


+



ركضت بسرعة نحو سيارتها وقادتها مغادرة المكان وفي طريقها إستوعبت أي مصيبة أوقعت نفسها بها ..


+



ماذا لو مات الرجل ...؟!


+



ماذا ستفعل ...؟!


+



لقد تركته ينزف أرضا وهربت على الفور ...


+



أوقفت سيارتها بجانب الطريق عاجزة عن القيادة ....


+



تطلعت إلى كفها الذي ما زال يرتجف لتتشكل العبرات في عينيها متسائلة عن مصيرها إذا مات ذلك الشخص .... 


+



بتردد سحبت هاتفها تطالع إسمه تتسائل إذا ما تتصل به ليساعدها أم تتجاهل ما حدث ولكن ماذا لو عرفوا هويتها وبلغوا الشرطة عنها ...؟!


+



حسمت أمرها وإتصلت به وداخلها ثقة غريبة بأنه سيجيبها بل ويساعدها في مصيبتها ....


+



وبالفعل جاءها صوته بعد لحظات لتقول بسرعة ونبرة باكية :- 


+



" براء .. أرجوك ... أنا أحتاجك .. تعال وأنجدني ..."


+



" ماذا حدث ...؟! أين أنتِ ...؟!"


+



سأل بقلق فأخبرته عن مكانها ليصلها بعد حوالي ربع ساعة فتسارع وتهبط من سيارتها متقدمة نحو تهمس بنبرة مرتعبة :-


+




        

          


                

" أنا في مصيبة ... غالبا قتلت أحدهم ..."


+



تجمد لوهلة غير مصدقا ما يسمعه قبلما يسأل :-


+



" ماذا تقولين أنت ..؟! كيف حدث هذا ..؟!"


+



أخبرته عما حدث ....


+



تمكن الغضب منه وهو يهدر بها :-


+



" تذهبين إلى البار وتتسببين بمصيبة كهذه ... ما هذا الجنون ...؟!"


+



هتفت باكية :-


+



" والله لم أقصد .. كاد أن يعتدي عليّ ..."


+



زفر أنفاسه بغضب بينما سألته هي بقلق :-


+



" ماذا سيحدث الآن ..؟! هل سيتم سيجني ...؟! "


+



" ربما لم يمت ...."


+



قالها محاولا تهدئتها قبلما يضيف بجدية :-


+



" إسمعيني جيدا ... أنت ستغادرين إلى شقتك وأنا سأبحث خلف الأمر ..."


+



" لكن ..."


+



أوقفها بحزم :-


+



" لا يوجد لكن ... غادري حالا وأنا سأتصرف ..."


+



أذعنت لطلبه وتحركت مغادرة المكان يراقبها هو بإنفعال صامت حتى غادرت ليزفر أنفاسه مجددا بعصبية منها ومن تصرفاتها التي ستؤدي بها إلى الهاوية يوما ما قبلما يتوجه إلى المكان الذي كانت تسهر فيه ليرى ما حدث مع ذلك الرجل وإذا كان ما زال حيا أم فقد حياته بالفعل ..؟!


+



**


+



فتحت ماذي الباب له وهي تتسائل بلهفة :-


+



" ماذا حدث ..؟! لم يمت ...؟! أليس كذلك ...؟!"


+



دلف إلى الداخل يخبرها ببسمة هادئة :-


+



" لم يمت ..  تركته حيا يرزق ... إطمئني ..."


+



" هل أنقذته أم ماذا حدث ...؟!"


+



سألته بوجل ليجيب بجدية :-


+



" ذهبت إلى البار وتحديدا إلى المكان الذي حدثت به الواقعة لأجده خاليا وعندما دلفت إلى البار لأبحث خلف الأمر وجدته جالسا مع بعض الرجال ورأسه ملفوف بالضماد ..."


+



" يا إلهي ... الحمد لله ... كدت أموت من رعبي ..."


+



قالتها وهي تضع كفها عند موضوع قلبها الذي يهدر برعب ليتمتم بجدية :-


+



" الحمد لله ..." 


+



أضاف بعدها :-


+




        

          


                

" أتمنى ألا تذهبي إلى تلك الأماكن مجددا يا ماذي ..."


+



إرتبكت ماذي وهي تتمتم :-


+



" أنا لم أرد الذهاب ولكن ..."


+



أوقفها بحزم :-


+



" لا داعي لأن تكذبي ... أنا أعرف جيدا إنك معتادة على إرتياد هذه الأماكن ..."


+



بهتت ملامحها وهي تهمس :- 


+



" تعرف ذلك .."


+



أومأ برأسه دون رد ...


+



الآن فهمت سبب تباعده عنها ...


+



" ماذا تعرف أيضا ..؟!"


+



سألته بوجوم ليتنهد بصمت ثم يقول مرغما :-


+



" أعرف كل شيء .. عن ماضيك ...."


+



لأول مرة في حياتها كانت تشعر بالخجل و العار من ماضيها ...


+



لم تجرب شعورا كهذا مسبقا ولا تعلم لماذا تشعر به في هذه اللحظة تحديدا ...؟!


+



" أنت ..."


+



توقفت عاجزةً عن إكمال المزيد ليقول بصدق :-


+



" لم أشأ إحراجك ولكن ... "


+



كاد أن يخبرها بأن حركاتها المكشوفة بثت الشكوك داخله إتجاهها مما جعله يبحث خلفها لكنه لم يستطع قول ذلك بالطبع ...


+



" هذا كان سبب تباعدك عني إذا ...؟!"


+



قالتها بخيبة ليخبرها عن قصد :-


+



" لم نتقارب أساسا  كي نتباعد يا ماذي ..."


+



إحتقنت ملامحها بحرج قبلما تهمس بخفوت :-


+



" حسنا ، أشكرك حقا بسبب ما فعلته  ... وآسفة مجددا لأنني أزعجتك ...."


+



هتف بنبرة جادة :- 


+



" لا تشكريني يا ماذي ... أتمنى فقط أن يكون ما حدث اليوم درسا لك ..."


+



مال نحوها قليلا يضيف بينما زاد توترها من حديثه :- 


+



" حافظي على نفسك يا ماذي ... لا تهبطي بها إلى هذا المستنقع ... ما زال أمامك فرصة ... فرصة حقيقية ... تمسكي بها ولا تفلتيها من يدك أبدا ..."


+



لم تعرف ماذا تقول ...


+



كلماته مست شيئا داخلها...


+



" شكرا يا براء ..."


+



تمتمت بها بخفوت ليمنحها إبتسامة بسيطة شدّت إنتباهها لوهلة قبلما يتحرك مغادرا المكان يتركها لوحدها تفكر في حديثه وما قاله حتى جفاها النوم طوال الليل فبقيت ساهرة تفكر به وبكلامه ونصيحته التي لم تغب عن بالها ...!


+




        

          


                

**


+



إبتسمت توليب وهي تجاور زوجها في سيارته حيث يتجه بهما إلى مكان سري يقضيان به بضعة أيام كما قرر هو وأخبرها ...


+



كانت بحاجة لهذه العطلة أكثر من أي وقت ... 


+



بحاجة لأن تبتعد عن أجواء القصر المزعجة ... 


+



إبتسم وهو يتطلع لها قبلما يعاود النظر إلى الطريق أمامه وهو يهمس بمكر :-


+



" متحمسة كثيرا أنت ..."


+



" كثيرا ..."


+



قالتها بمرح قبلما تخبره بصدق :-


+



" كنت بحاجة لقليل من التغيير حقا بعد الأحداث السيئة التي عشناها ..."


+



إبتسم بصمت متذكرا ما يحدث في القصر ومروة التي باتت تمكث رسميا به وإن تلتزم البقاء في الجناح المخصص لها  وجده الذي يلتزم الصمت بشكل مقلق ...


+



يدرك إن هناك مكيدة يجهّزها له كلا من عمه وولده ولكنه يثق بنفسه وقدرته على التفوق عليهم وإفشال مخططاتهم مهما كانت ...


+



تجاهل أفكاره وهو يضع تركيزه مع زوجته مقررا أن تكون الأيام القادمة فرصة لهما ليبددان التوتر الذي طرأ على علاقتهما مؤخرا ...


+



وصلا إلى المنزل الذي سينفرد معها به ...


+



هنا حيث سيبثها عشقه وغرامه ويعوضها عن الفترة السابقة ..


+



تأملت توليب المنزل بإهتمام ...


+



كان منزلا متوسط الحجم ذو طابقين بحديقة رائعة يتوسطها حوض سباحة خارجي إضافة إلى حوض سباحة آخر داخلي مخصص للسباحة في وقت الشتاء ...


+



إتجهت معه إلى الطابق العلوي ومنه إلى غرفة النوم لتشهق بصدمة عندما وجدته يحملها فجأة بين ذراعيه متجها بها إلى الداخل مرددا بمكر :-


+



" الآن وصلنا إلى الجزء الأهم من رحلتنا ..."


+



" إياس .."


+



تمتمت بها بنبرة مدللة ليهمس بأنفاس حارة :-


+



" روح وقلب وعيون إياس ..."


+



ثم وضعها على السرير وكفه تزيل حمالات فستانا لتهتف برقة وخجل :-


+



" ألن نرتاح أولا ...؟!"


+



همس وقبلاته تنهمر فوق كتفها العاري :-


+



" إشتقت لكِ كثيرا يا تولاي ...."


+




        

          


                

ثم إتجه بقبلاته نحو شفتيها لتتجاوب معه على الفور ليهمس من بين أنفاسه وهو يحرر شفتيها بصعوبة :-


+



" تولاي ... "


+



" نعم ...."


+



" أريد طفلا منك ... حالا ..."


+



طالعته بعدم إستيعاب :-


+



" كيف يعني حالا ...؟!"


+



إبتسم ببساطة :-


+



" يعني هكذا ..."


+



ثم سارع يخلع ملابسها عنها ...


+



هو كان يعني ما يقوله ...


+



هو يريد طفلا منها وفي أقرب فرصة ممكنة ... 


+



و هي لن تخطو خارج هذا المنزل خطوة واحدة  إلا وهي 


+



تحمل طفله المنتظر ...!


+



**


+



مساءا ...


+



كانت تتحرك بجسدها الرشيق داخل حوض السباحة الداخلي بينما يجري هو إتصالا مع أحد رجاله المكلف بمراقبة عمه وتحركاته ...


+



أنهى المكالمة سريعا وسارع يضع هاتفه جانبا ويلقي بجسده في الحوض ...


+



إبتسمت وهي تتعمد الهرب منه ليلحق بها فيقبض على ذراعها يخبرها بنبرة مرحة :-


+



" لا مهرب منك يا جميلتي ..."


+



" والله ..."


+



قالتها وهي تحاوط رقبته بذراعيه ثم  تميل بمكر محبب نحوه ...


+



تبادر بقبلة خاطفة ثم تهرب من بين يديه ....


+



يتبعها بشغف لا ينتهي ...


+



وينالها بشغف أكبر ....


+



بعشق مختلف ...


+



عشق صادق وإن كان جزءا منه مدنس بالخطيئة ....!


+



خطيئة تجاهلها وهو يمرر شغفه لها بكل ما يملك ..


+



ينالها مرارا دون ملل ...


+



يغرق بها ومعها ...


+



توسدت صدره بصمت فوق سريرهما 


+



تخبره بصدق :-


+



" أحببت هذا المكان كثيرا ..."


+



" سنأتي إليه دائما ..."


+



قالها بتلقائية لترفع وجهها المبتسم نحوه تهمس :-


+




        

          


                

 " حقا ...؟!"


+



" حقا .."


+



قالها وهو يقرص وجنتها ثم يميل نحوها طابعا قبلته فوق شفتيها ثم وجهها وعنقها مرورا بنحرها فتتجاوب هي معه رغم تعبها وإرهاق جسدها بسبب السباحة التي مارستها طويلا بينما هو كعادته منذ مجيئهما لا يفوت فرصة إلا وينالها فيها ساعيا لزرع بذوره في رحمها بأسرع وقت ممكن حتى إنه قرر تمديد إجازته من عشرة أيام لأسبوعين سيكون حريصا خلالها أن ينالها بإستمرار حتى يحصل على ما يريد فأمر حملها تآخر كثيرا وهو يتوق بشدة للحصول على طفل من صلبه ....!


+



وبالفعل كان له ما يريد فهي بعد عودتها بحوالي ثلاثة أسابيع شعرت بأعراض الحمل فسارعت تجري التحليل اللازم لتتأكد من كونها حاملا بطفله الذي كان ينتظره بلهفة ..!


+



**


+



تجلس ليلى فوق سريرها تقلب في أحد المواقع المتخصصة ببيع ملابس الأطفال وحاجياتهم ...


+



تتأمل زوجها المشغول بإحدى صفقات عمله بين الحين والآخر بينما الأخير لا يرفع بصره عن حاسوبه والأوراق الموضوعة أمامه ...


+



أغلقت حاسوبها ووضعته جانبا ثم نهضت بتثاقل من مكانها متجهة نحوه ...


+



رفع بصره نحوها ليبتسم وهو يراها تتقدم ببطنها البارز وقميص نومها القصير والذي بالكاد يغطي منتصف فخذيها ...


+



جلست جانبه تسحب الأوراق منه تخبره بوجوم :-


+



" إترك العمل وكن معي قليلا ..."


+



" كلي لكِ أميرتي ..."


+



تمتم بها وهو يجذب كفها يقبله ثم يجذبها نحوه بعناق دافئ إستجابت له على الفور ...


+



إبتسم بحب وأنامله تقبض على ذقنها بينما يقبل ثغرها بشغف معتاد  ...


+



" هل ما زلت تراني جميلة حتى ببطني المنتفخ وأنفي الذي كبر فجأة ....؟!"


+



والسؤال خرج ببراءة مغوية ..


+



لا يعرف حتى الآن كيف يمكن للبراءة أن تجتمع مع الأغواء في آن واحد لكنها ليلى ...


+



أميرته المتفردة في كل شيء ...


+



لو تعرف كيف تضاعف جمالها بعد الحمل ...


+



كم تبدو لذيذة ببطنها المكور الذي يحمل طفله وملامحها التي أزدادت توهجا وحيوية ومفاتنها التي ظهرت بوضوح أكبر ...


+



" حمقاء أنت يا ليلى ... ألا ترين جمالك في المرآة ..؟!" 


+



أضاف وهو يقرص أنفها :-


+




        

          


                

" ومتى كبر أنفك لا أعلم ...؟! إنها أوهام يا عزيزتي ..."


+



" أنا خائفة من الولادة يا كنان ...."


+



قالتها بتردد ليخبرها بجدية :-


+



" أخبرتك أن نلجأ إلى الولادة القيصيرية أفضل لكنك عنيدة ... "


+



" الولادة الطبيعية أفضل وأنت تعلم ذلك ..."


+



قالتها بضيق ليهتف بصدق :-


+



" أنا فقط لا أريدك أن تتألمي ... القيصرية ستكون أكثر آمانا ..."


+



توقف لوهلة وهو يلاحظ تغضن جبينها فجأة ليتسائل بقلق :-


+



" ماذا حدث .."


+



" هناك شيء ما ..."


+



قالتها بنبرة متلعثمة ليسأل بإرتباك :-


+



" شيء ماذا ..؟!"


+



نظرت إلى الأسفل للحظات قبلما تهمس بجزع :-


+



" أنا ألد يا كنان ... خذني إلى المشفى حالا ..."


+



**


+



لا يعرف كيف حدث كل شيء فجأة ...


+



حملها إلى المشفى بينما تمكنت الآلام منها على الفور ...


+



أتت طبيبتها مسرعة وكذلك عائلتها وبالطبع والدته وشقيقته مع زوجها ...


+



تعسرت الولادة قليلا حيث إستمرت حتى صباح اليوم التالي ...


+



حاول كثيرا إقناعها بالدخول إلى غرفة العمليات لكنها رفضت بعدما أكدت لها الطبيبة إن الولادة تسير بشكل طبيعي ولا خطر عليها أو على الجنين حتى الآن ...


+



مرت الساعات بصعوبة عليه ... 


+



يستمع لصوتها المتألم بين الحين والآخر فيهوي في منتصف قلبه ...


+



والدتها في الداخل معها ووالدته معه تدعمه بكلماتها المطمئنة بين الحين والآخر كذلك شقيقته وزوجها ...


+



شقيقه أتى كذلك يجاوره ويدعمه بينما بقيت مريم صامتة بقلق وملامح شحبت بقوة وقد تمكن منها الخوف على شقيقتها لا إراديا ...


+



أتى والد ليلى بملامح وجلة هو الآخر وقد شعر بمخاوف مريم فسارع يضمها نحوه يطمأنها وهو يؤكد لها إن الولادة قد تأخذ ساعات طويلة وربما يوم كامل حتى بينما كان قلبه ينتفض وجلا ورعبا على طفلته  مع كل ساعة تمر وولادتها ما زالت متعسرة ...


+



" ألم يكن من الأفضل أن تدخل إلى غرفة العمليات وتلد قيصريا  ...؟!"


+



قالها كنان بعصبية والساعة تجاوزت العاشرة صباحا ...


+




        

          


                

ماذا ينتظر طفله ليأتي ...؟! 


+



لقد إستهلك والدته كليا ...!


+



أخذت علياء تحاول تهدئته متفهمة مخاوفة وكذلك والدته بينما أحمد يحاول التخفيف عن مريم رغم خوفه الشديد ...


+



دقائق وصدح صوت بكاء  الصغير معلنا وصوله لينتفض كنان بإرتباك لا إرادي ونهضت مريم من مكانها سريعا تصيح بعينين دامعتين :-


+



" وَلَدت ..  ليلى وَلَدْت أخيراً .."


+



ثواني وخرجت فاتن تحمل الصغير بين ذراعيها تناوله لوالده الذي تلقفه بحنان قبلما يسأل بلهفة :-


+



" ليلى بخير ..، أليست كذلك ..؟!"


+



" ليلى بخير وسيتم نقلها حالا إلى غرفتها ..."


+



قالتها الطبيبة التي خرجت خلف فاتن وهي تضيف مبتسمة:-


+



" مبارك لكم الصغير والحمد لله على سلامة ليلى ...."


+



ثم تحركت مغادرة المكان لينظر كنان إلى صغيره مبتسما بحنو مقبلا جبينه بلهفة حامدا ربه على وصوله سالما إلى دنياه وسلامة زوجته ...!


+



**


+



فتحت نغم عينيها بصعوبة وهي تستمع للأصوات من حولها بينما الطبيبة تخبر راجي :-


+



" يجب أن تدخل إلى غرفة العمليات حالا .. لن ننتظر أكثر .. لتلد في شهرها السابع أفضل ..."


+



" راجي .."


+



همست بها نغم التي إستيقظت من غيبوبتها قبل يومين ليسارع ويتجه نحوها :-


+



" نعم حبيبتي ..."


+



" أريد أن ألد ... إبنتي ستكون بخير ... هي في شهرها السابع ولا خطورة عليها إن شاءالله ..."


+



كانت تتحدث بصوت متقطع ضعيف  رغم آلمها الشديد ليهمس بصعوبة :-


+



" كما تريدين يا نغم ... لكن سأبلغ عائلتك أولا ..."


+



تم بعدها كل شيء بسرعة ....


+



أتت عائلتها ... وعائلته ... 


+



أتت أروى إليها لتبتسم نغم بضعف قبلما تجذبها نحوها تهمس لها بشيء جعل أروى تغادر المكان بعدها باكية ....


+



كان يتابع ما يحدث بذهن غائب حتى أتى دوره لتوديعها قبل دخولها إلى غرفة العمليات ...


+



مال نحوها يقبل كفها عدة مرات يخبرها برجاء :-


+



" حاربي لأجلي .... "


+




        

          


                

" سامحني ...."


+



همست بها بنبرة ضعيفة وهي تضيف بعينين دامعتين :-


+



" آلمتك كثيرا يا راجي ... ربما لم يكن عليّ العودة  ..."


+



أوقفها سريعا :-


+



" إياك أن تقوليها ... أنا ممتن لكل لحظة عشتها معك ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لكررتها دون تردد .."


+



" حياة أمانتي لديك يا راجي ... "


+



تجاهل عبراته التي ملأت عينيه لتضيف مبتسمة بمرارة :-


+



" ربما لن أستطيع حتى رؤيتها لكن ...."


+



حاول أن يتحدث لكنها أوقفته :-


+



" إسمح لي بقول ما لدي يا راجي ...."


+



طالعها بصمت لتضيف برجاء :-


+



" تجاوز حزنك بأسرع ما يمكن ... لا تجعله يشغلك عن طفلتنا ... أرجوك ... تذكر دائما إنني إخترت نهايتي بنفسي ..."


+



قبضت على كفه تضيف :-


+



" أنا أحبك يا راجي ... أحبك كثيرا ... أنت قدمت لي ما أتمناه كاملا ... حققتَ لي جميع أمنياتي ... "


+



إلتقطت أنفاسها بصعوبة ثم قالت :-


+



" فقط عدني أن تحيا كما تستحق من بعدني .. لا أريد أن تحيا تعيسا أبدا ... "


+



شددت من قبضته على كفه وهي تهمس برجاء :-


+



" أريدك أن تحيا بسعادة مع طفلتنا بل ويكون لديك عائلة كبيرة مع زوجة تليق بك وأطفال آخرون يكونون عزوة لك وأخوة لصغيرتي ... "


+



" توقفي يا نغم من فضلك ...."


+



قالها متوسلا وكلامها هذا يحرق روحه أكثر ويعذبها لتخبره بإصرار :-


+



" هذه وصيتي لك يا راجي ... أريد أن تحيا من بعدي وأن تمنح صغيرتي الحياة التي تستحقها .... أريد أن يكون لديك أسرة وأطفال كثر ... يكفي إنني تسببت لك بالوجع والعذاب منذ عودتي ... أريد الرحيل وأنا مطمئنة عليك وعليها  ..."


+



أضافت بصوت مختنق :-


+



" لكن عدني إنك لن تنساني أبدا بعد رحيلي مهما حدث ... حتى لو أحببت غيري يوما ما فلا تنساني ولا تنسى حبي يا راجي ..."


+



تنهد بصعوبة ثم قال بصدق :- 


+



" صدقيني يا نغم ... مهما حدث ... عليكِ أن تعلمي إنني أحببتك كما لم أفعل أبدا ... إن قلبي تاق دوما لأن يحيا جنة عشقك ... لم يكن القدر رحيما بنا يا نغم ... أبدا ... "


+




        

          


                

تلاقت عيناها بعينيه ..


+



العبرات تنهمر فوق وجنتيها بينما تهمس برجاء وأناملها تلمس وجنتيه بتوق :-


+



" لا تنساني .. لا أريد أن تنساني ..."


+



" توقفي ..."


+



قاطعها بجدية بينما كفيه قبضتا على كفيها اللتين تحاوطان وجنتيه بحميمية ...


+



جذب كليهما يقبلهما بدفء بينما يهمس بصوت مبحوح يقاوم عبرات ملأت عينيه :-


+



" لا يمكن أن أنسى ... أنت بالذات لا يمكن نسيانك ... ستظلين أجمل شيء حدث لي ... ستظلين حبي الأول ..."


+



وهو كان يعني ما يقوله ..


+



هي ستظل حلمه الضائع ..


+



والحسرة التي سترافق قلبه للأبد ..


+



" حتى لو رحلتِ ، ستبقين حبي الأول ... ستبقين حبيبتي التي لن أنساها طالما حييت ... ذكراكِ ستبقى حية داخلي للأبد يا نغم ... أنتِ ستبقين داخلي وستظلين جزءا مني .. تأكدي من هذا ... ثقي بهذا ..."


+



" أريد أن أعانقك ... "


+



قالتها بنبرة مترجية ليجذبها نحوه يعانقها بصمت وعبراته شقت طريقها فوق وجنتيه ليسارع ويمسحها سريعا حالما إبتعدت عنه قبلما يقبل جبينها عدة مرات ثم يتجه إلى الخارج مناديا الممرضة والبقية حيث سيتم تجهيزها لدخول غرفة العمليات ....


+



بقي ينتظر خارجا حتى غادرت الطبيبة تخبرهم سريعا :-


+



" مبارك ما آتاكم ..."


+



صاحت والدة نغم بسرعة :-


+



" ماذا عن إبنتي ...؟! أين هي ..؟!"


+



" في الحقيقة وضعها ليس جيدا ... سيتم نقلها إلى غرفة العناية المشددة لتبقى هناك تحت المراقبة ... والصغيرة كذلك سيتم نقلها إلى الحضّانة ..."


+



لم تستمع والدتها لبقية الحديث فجل ما يهمها إبنتها  بينما توجه راجي مسرعا خلف الطبيبة يتحدث معها قبلما يتوجه بعدها إلى الغرفة التي سيتم نقل نغم إليها غير منتبها لأي شيء عدا ذلك ....


+



بقيت نغم في غرفة العناية ليوم كامل قبلما تستيقظ فتهمس بصوت خافت مترجي :-


+



" أريد طفلتي .. أريد أن أراها ولو لمرة واحدة ... " 


+



ليغمض راجي عينيه بعجز فالصغيرة في الحضّانة لم يرها حتى الآن لكن وضعها ليس جيدا مما سيجعلها تبقى هناك لأيام غير معلومة ...


+



" خذني إليها ... أرجوك ..."


+



"همست بها بصعوبة ليقول بسرعة :-


+



" لا يمكن يا نغم ..  الأمر سيشكل خطورة عليك .. "


+



" أرجوك يا راجي ... أرجوك .. أنا سأموت بكل الأحوال ...دعني آراها قبل رحيلي ..."


+



أمام توسلها لم يستطع الرفض فأخذها بحرص إلى هناك حيث تم حمل الصغيرة ووضعها بين ذراعيها بينما راجي يسندها وطبيبة أخرى تساعدها في حملها.. 


+



 تساقطت دموعها بغزارة وهي تتأمل الصغيرة وراجي يراها لأول مرة بدوره فينتفض قلبه لا إراديا وهو يرى طفلته للمرة الأولى ...


+



مالت نحوها تقبلها بشفاه مرتجفة تهمس لها برجاء وصوت خافت لا يسمعه سواه :- 


+



" سامحيني .. سامحيني لأنني تركتك مبكرا جدا .. أنا أحبك .. أحبك كثيرا..."


+



ثم بدأت تفقد توازنها فلم تتحمل الوقوف أكثر ليسارع ويحملها بين ذراعيه ويضعها على الكرسي المتحرك متجها بها إلى غرفتها مجددا هناك حيث فقدت وعيها تماما ليبقى جانبها طوال الليلة والأجهزة الطبية تحاوطها من كل جنب حتى فجر اليوم التالي عندما إنتفض من مكانه بعينين دامعتين وصوت صفير الجهاز يعلن رحيلها بعدما توقفت أعضائها الحيوية تماما ليغمض عينيه بقهر قبلما ينحني صوبها يقبل جبينها وعينيها وكفيها ثم يجذب الغطاء ....


2



وقف يتأملها للحظات قبلما ينهار باكيا جوارها لأول مرة في حياته بنحيب مؤلم .... 


1



لقد خسرها ...


+



خسرها مجددا لكن بلا رجعة ....


+



إنتهى الفصل


+



الثلاثون من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close