اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل السابع والعشرين 27 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل السابع والعشرين 27 بقلم سارة علي 


                                    

الفصل السابع والعشرون


+



( الجزء الأول ) 



+



       لا تحارب في سبيل من لا يستحق فالحب حرب قاسية تحتاج لهدف يستحق هذا الكم من القتال والنضال ..! 













+



هي تراه هدفا مميزا وإنتصارا مستحقا ولهذا قررت أن تخطو الخطوة الأولى في حربها معه ...


+



نعم هي تحاربه وتحارب ماضيها وذكرياتها وتشوهات روحها فقط لتكون معه كما ينبغي أن تكون ...


+



لا تعرف لمَ هو تحديدا لكنه الوحيد الذي شعر بها والوحيد الذي عايش قهرها وعذابها وجميع تخبطاتها وكان شاهدا على كل لحظة إنهيار عاشتها وستكون أكبر حمقاء إن جعلته يفلت من يدها ...


+



ستتمسك به بكل قوتها لأنها تريده ...


+



تريده برغبة شديدة غير مفهومة ...


+



تريده ولا تعرف متى باتت لا تريد من الدنيا سواه ...


+



أمام طبيبتها النفسية جلست بملامح هادئة على غير عادتها بينما ينتظرها هو بالخارج بعدما رفضت مغادرته حتى تنتهي الجلسة بل أصرت أن ينتظرها خارجا مهما طالت مدة الجلسة بل وهددته بأنها لن تتابع الجلسات فيما بعد إذا ما تحرك خطوة واحدة خارج العيادة ...


+



إبتسمت الطبيبة الأجنبية ذات الملامح الباردة قليلا فبددت تلك الإبتسامة جمود ملامحها الأجنبية لتبدو أكثر دفئا ...


+



كانت ودودة معها وهي ترحب بها ...


+



وفي الواقع هي لم تكن تهتم بكل هذا ...


+



هي جائت إليها فقط لترضيه وإن أدعت غير ذلك أمامه ...


+



وجدت الطبيبة تسألها بذات الإبتسامة الهادئة :-


+



" هل تجيدين التحدث بالإنجليزية بطلاقة ...؟!"


+



أومأت جيلان برأسها وهي تكتفي بكلمة واحدة :-


+



" نعم ..."


+



" هل تعيشين هنا منذ فترة طويلة ...؟!"


+



ردت بهدوء غير مسبوق :-


+



" كلا ، لكنني قضيتُ نصف سنوات عمري ما بين أمريكا ولندن ... "


+



" مع عائلتك ...؟!"


+



سألتها الطبيبة بهدوء لتبتسم بسخرية خفية وهي تجيب بوجع دفين :-


+



" مع والدي فقط .... لم يكن لدي سواه .."


+



هزت الطبيبة رأسها بتفهم قبلما تطالعها بصمت وتّر الأخرى التي سألت بنبرة حادة :-


+




          


                

" هل ستبقين تتأمليني هكذا ...؟! هل جئت إليك ودفعت الأموال هذه للتأمل ...؟!"


+



إبتسمت الطبيبة بسماحة وهي تخبرها ببساطة :-


+



" على مهلك ... أنا فقط أمنحك القليل من الوقت لتستعدي جيدا قبلما نبدأ حديثنا ..."


+



شمخت برأسها تخبرها بثبات :-


+



" أنا مستعدة ..."


+



" رائع .."


+



تمتمت بها الطبيبة وهي تضيف :-


+



" لنبدأ إذا ..."


+



أضافت عن قصد :-


+



" إستعدادك بهذه الطريقة يعني إنك من أردت المجيء بنفسك إليّ ... أليس كذلك ..؟!"


+



لم يغب عن الطبيبة ذلك التوتر اللحظي الذي لمعت به عينيها قبلما تجيب بإقتضاب :-


+



" نعم ...."


+



قالت الطبيبة بهدوء :-


+



" إذا أخبريني يا جيلان ... ما هو السبب الرئيسي الذي دفعك للمجيء عندي ..؟!"


+



طالعتها جيلان لوهلة وداخلها يعرف الجواب ...


+



الجواب كان مهند ولكنها لا تستطيع قولها بصراحة فوجدت نفسها تكذب معللة مجيئها بسبب آخر وإن كان واقعيا صحيحا :-


+



" لأنني بحاجة للعلاج النفسي نتيجة التجارب السيئة التي عشتها في الماضي ...."


+



" جيد ..."


+



قالتها الطبيبة وهي تضيف :-


+



" إذاً ،  كان هناك تجارب سيئة في الماضي ... "


+



هزت جيلان رأسها بوجوم لتسأل الطبيبة بحذر :-


+



" هل يمكنني سؤالك عن أسوأ تجربة مررتِ بها حتى اليوم ...؟!"


+



طالعتها جيلان بملامح إزداد تجهمها عندما أجابت بعدها دون تزويق :-


+



" تجربة فقدان عذريتي مع رجل في عمر والدي .... "


+



سيطرت الطبيبة على ملامحها بمهارة وهي تضيف بإهتمام :-


+



" كيف حدث هذا ..؟! كم كان عمرك ...؟! و ...."


+



قاطعتها جيلان مسترسلة :-


+



" سأخبرك بكل شيء تريدين معرفته ... كنت في السادسة عشر من عمري والأمر حدث دون إرادتي ... "


+



إبتلعت غصة مريرة وهي تهمس مضيفة :-


+



" لكنني لم أقاوم في ذات الوقت ... "


+




        


          


                

" هل يمكنكِ التحدث من البداية ...؟! يعني كيف تعرفت على ذلك الرجل و ..."


+



قاطعتها جيلان مجددا :-


+



" لم أتعرف عليه حتى ... لا أتذكر شكله جيدا أساسا ... "


+



أخذت نفسا عميقا ووجدت نفسها مرغمة على الرجوع بذاكرتها إلى تلك الحادثة اللعينة والتي كانت سببا في تعاستها :-


+



" كنت في السادسة عشر من عمري كما ذكرت حينما تعرفت على شاب عن طريق الإنترنت وتعلقت به ليطلب مني لقاؤه وعندما ذهبت إليه خدّرني وإختطفني ثم صورني وأنا عارية وطلب مني بعدها أن أكون جاهزة ليقدمني لأحد الرجال المهمين وأنا من شدة خوفي وافقته والنتيجة إنني خسرت كل شيء ... خسرت شرفي على يد رجل لا أعرفه وحينها بدأت معاناتي التي لم تنتهِ حتى اليوم ..." 


+



توقفت وهي تلتقط أنفاسها التي تفاقمت داخل صدرها بصعوبة ...


+



تجاهلت عبرات ملأت عينيها وهي تقاومها بشدة ...


+



أدركت الطبيبة كم معاناتها وهي تتحدث هكذا مدعية الثبات والقوة بل تقاوم دموعها وتقاوم أي لمحة ضعف أو ألم قد تظهر عليها ...


+



" هل تعلمين إن هناك الكثير مثلكِ تعرضن لهذا النوع من الإبتزاز وخضّعن له مثلكِ ...؟!"


+



قالتها الطبيبة بجدية لتسأل جيلان بسخرية وهي تقاوم عبراتها بقوة :-


+



" هل تحاولين مواساتي يا دكتورة ...؟!"


+



قالت الطبيبة بجدية :-


+



" بالطبع لا ... هذه حقائق .. يمكنك البحث عن الإبتزاز الألكتروني وضحاياه كمثال ..."


+



أخفضت جيلان وجهها وهي تشبك يديها ببعضهما بينما ما زالت تقاوم عبراتها التي ترفض أن تجف داخل عينيها لتخبرها الطبيبة بهدوء :-


+



" البكاء ليس ضعفا يا جيلان ... "


+



رفعت جيلان عينيها الحادتين نحوها وصاحت معترضة :-


+



" لا شأن لك ..."


+



ثم وعلى بغتة منها تساقطت عبراتها لتعاود خفض وجهها نحو ألأسفل وهي تعتصر قبضتي يديها بقوة قبلما ترفعها نحو وجهها الباكي تخفي بهما عبراتها قدر المستطاع وتكتم عبراتها بمشقة ...


+



تنهدت الطبيبة بصمت وبقيت تتطلع نحوها بوضعها هذا دون تدخل حتى وجدتها ترفع وجهها المحمر بشدة وآثار عبراتها صريحة عليها تطلب منها بنبرة باردة :-


+



" هل يوجد مناديل ...؟!"


+



منحتها الطبيبة مناديل ورقية وهي تشير إلى غرفة جانبية :-


+




        

          


                

" يمكنك الذهاب إلى دورة المياه لتغسلي وجهك ..."


+



نهضت من مكانها دون كلمة وتوجهت لدورة المياه بينما تابعت الطبيبة آثرها حتى دلفت إلى الداخل لتسحب الملف خاصتها والذي دونت به معلوماتها الشخصية فتعاود قرائته مجددا بتركيز ...


+



**


+



عادت جيلان لمكانها لتجد الطبيبة تنتظرها بذات الإبتسامة الهادئة التي لم تعجبها إطلاقا ...


+



إستعادت سيطرتها على نفسها وهي تخبر الطبيبة ببرود مقصود :-


+



" يمكننا البدء ...."


+



أغلقت الطبيبة الملف وهي تخبرها :-


+



" أنتِ متزوجة يا جيلان ..."


+



أوقفتها بوجوم :-


+



" نعم ، هل هناك مشكلة ..؟!"


+



ابتسمت الطبيبة متسائلة بتروي :-


+



" لا توجد مشكلة ولكن ألا ترين نفسك صغيرة على الزواج ...؟!"


+



" ألا ترين إن هذا السؤال ليس من شأنك ..؟!"


+



نطقت بها بحدة لترفع الطبيبة حاجبها وهي تردد بسماجة :-


+



" عزيزتي جيلان ، على ما يبدو إنك لا تدركين جيدا مكان وجودك ... أنت في جلسة علاج نفسي و ..."


+



تأففت بضيق لتضيف الطبيب بنبرة تحمل حزما خفيا رغم لطفها الظاهر :-


+



" أنتِ هنا لأنك بحاجة لعلاج نفسي لذا كل سؤال أطرحه عليك هو بدافع الوصول إلى مشاكلك الفعلية ومعالجتها ... "


+



هزت جيلان رأسها مرغمة :-


+



" حسنا ، لا أرى نفسي صغيرة .."


+



قالت الطبيبة بجدية :-


+



" ربما شعورك هذا نابع من خوفك من الوحدة ... لذا وجدتِ في زواجك الفرصة ليكون هناك شخص يشاركك حياتك بدلا من وحدتك ..."


+



" لنفترض إن كلامك صحيح فمالذي سأفعله ... أنفصل عن زوجي مثلا ...؟!"


+



سألتها بضيق لتبتسم الطبيبة قائلة :-


+



" لم أقل هذا ... أنا فقط أمامي فتاة صغيرة بالكاد أنهت عامها الثامن عشر منذ فترة قصيرة وهي متزوجة رغم سنها الصغير للغاية ... يهمني معرفة مدى رضاكِ عن هذا الزواج المبكر و ..."


+



أوقفتها جيلان بسرعة :-


+



" أنا راضية وسعيدة ... جدا ...."


+




        

          


                

" هل زوجك جيد معك إلى هذا الحد ...؟!" 


+



سألتها بجدية لتخبرها جيلان بشرود :-


+



" يكفيني إنه الوحيد الذي لم يتخلَ عني وبقي معي رغم كل تصرفاتي السيئة والمزعجة ...."


+



طالعتها الطبيبة بصمت تتأمل تلك النظرة التي طغت عليها ...


+



نظرة تجمع بين الخذلان والإمتنان في ذات الوقت ....


+



" من خذلك يا جيلان ...؟!"


+



سألتها مباشرة لتنتفض جيلان لا إراديا من سؤالها المباغت قبلما ترسم إبتسامة مريرة وهي تجيب :-


+



" الجميع يا دكتورة .. بداية من والدي ثم أخي والبقية .. حتى مهند خذلني يوما ما لكنه على الأقل أدرك خطئه ويحاول إصلاحه ..."


+



" وماذا لو خذلك مهند مجددا ...؟! ماذا لو فعلها مجددا ..؟!"


+



سألتها الطبيبة بهدوء لتخبرها بعينين إسودتا تماما :-


+



" سيكون حينها حكم عليّ وعلى نفسه بالإعدام فهو الأمل الوحيد المتبقى لي ..."


+



" أليس من الخطأ أن نضع آمالنا على شخص ...؟! "


+



سألتها بحرص لتبتسم جيلان بتهكم وهي تتسائل بدورها :-


+



" وما الصحيح من وجهة نظرك ...؟! على أي شيء نضع آمالنا إذا ...؟!"


+



تمتمت الطبيبة بحكمة :-


+



" على أنفسنا ... وعلى ما نصنعه لأنفسنا ... على تفوقنا ونجاحنا ... على قدراتنا التي يمكنها أن تحقق لنا الكثير...."


+



طالعتها جيلان بنظرة هازئة قبلما تسأل بجدية :-


+



" أخبريني يا دكتورة ... هل لديك عائلة ...؟! أب وأم ... ؟! أخوة وأخوات ..؟! دعكِ من العائلة ... هل لديك أصدقاء ...؟! حبيب أو حتى زوج ...؟! أطفال ..؟! والأهم من هذا فهل لديك إنجازات وحياة سوية ...؟!"


+



توقفت لوهلة ثم قالت :-


+



" لا يمكنك أن تطلبي مني ألا أضع آمالي عليه وأنا لا شيء لدي سواه بينما تجلسين أنت خلف مكتبك تمتلكين الكثير مما ذكرته ... "


+



" ولماذا لا تفعلي المثل وتمتلكي الكثير...؟!"


+



سألتها بجدية مضيفة :-


+



" لماذا لا تنجحي في دراستك وتصنعي لك كيانا مستقلا و ..."


+



قاطعتها بثبات :-


+



" كلام جميل لكن هل تعتقدين إن تطبيقه سهل ...؟!"


+



" لا يوجد شيء سهل يا جيلان ... أبدا ...."


+




        

          


                

قالتها الطبيبة بذات الثبات وهي تضيف :-


+



" جلسة اليوم كان مجرد جلسة تعارف ... سنبدأ الجلسات الفعلية من الإسبوع القادم و أتمنى منك الإلتزام ...."


+



أضافت مسترسلة :-


+



" جلستنا الأولى ستكون عن مرحلة الطفولة ..."


+



عادت جيلان تهز رأسها ملتزمة الصمت لتخبرها بعدها :-


+



" سأمنحك واجبا بسيطا ...."


+



طالعتها جيلان بإستغراب لتخبرها :-


+



" ستجلبين ورقة وقلم وتدونين بها الذكريات المهمة التي عشتها في طفولتك لكنك ستفصلين الذكريات السيئة عن الجيدة من وجهة نظرك ..."


+



شرحت لها ما تريده أكثر ثم تركتها تغادر وعادت تفتح الملف تتأمل صورة الفتاة الصغيرة والتي أدركت منذ أول تعارف بكم العطب الذي تحمله داخلها ...!


+



**


+



منذ أن عادا إلى شقتهما وهي معتكفة في غرفتها لم تغادرها أبدا وها قد قاربت الشمس على الغروب ولم تخرج بعد وهو بدوره لم يتحدث معها أو يسأل عنها ...


+



ألا يؤثر به غيابها أبدا ...؟!


+



ألا يهتم بوجودها من عدمه ..؟!


+



مجددا يتمكن الإحباط منها ...


+



مجددا تشعر بخذلان كبير فهي وحدها من تحاول ووحدها من تبادر للقرب ...


+



منذ تلك اللحظة التي كاد أن يقبلها بها وهو يتعامل معها بحذر وإن كان يراعيها ويسألها دائما عما تحتاجه وتريده لكن هذا لا يكفي ولن يكفي أبدا ...


+



هي لم تتخطَ بعد كيف رفض تقبيلها وكأنه سيرتكب جرما بفعلته هذه ...


+



والآن باتت العلاقة بينهما تحمل طابعا رسميا مزعجا ...


+



نهضت من مكانها مقررة الخروج ومحاولة التحدث معه ..


+



أغلقت سحاب بيجامتها جيدا مقررة الإبتعاد هذا اليوم عن فنون الإغواء خاصتها والتي بدأت تحقق نتائج عكسية لما تريد...


+



وجدته في الصالة يتابع إحدى المباريات بتركيز شديد عندما ألقت التحية ليمنحها نظرة عابرة وهو يرد تحيتها قبلما يعاود النظر على شاشة التلفاز أمامه ...


+



جلست على مسافة منه تتابع المباراة بذهن شارد ...


+



إنتهى الشوط الأول بتعادل سلبي لتأخذ نفسا عميقا وتقرر فتح مجال للحوار بينهما فإختارت الحديث عن كرة القدم :-


+




        

          


                

" أنت تحب كرة القدم كثيرا ...؟!"


+



إعتدل في جلسته قبالها وهو يؤكد حديثها :-


+



" نعم ، كثيرا ..."


+



شعرت بالحماس لبداية تجاوبه معها 


+



فإلتفت بجسدها لتصبح قباله ورفعت قدميها متربعة في جلستها لتسأل :-


+



" أي فريق تشجع ...؟!"


+



" غير منتخبنا الوطني فأنا أشجع إسبانيا ...."


+



" هل هو فريق قوي ...؟!"


+



سألته بفضول ليومأ برأسه وهو يخبرها إنه قوي جدا ويسرد عليها بعض إنجازاته لتخبره بدورها :-


+



" أنا لا أتابع كرة القدم ولا أفهم بها ..."


+



أكملت متذكرة :-


+



" لكنني أسمع عن فريقيّ ريال مدريد وبرشلونة ..."


+



ضحك مرددا :-


+



" نعم ، هؤلاء الأشهر بالطبع ...."


+



" وأنت ، من تشجع بهما ...؟!"


+



سألته بفضول ليجيب تلقائيا :-


+



" ريال مدريد بالطبع ... "


+



هزت رأسها بتفهم ليسألها منتبها لتأخر الوقت :-


+



" هل تشعرين بالجوع ...؟!"


+



فرحت لسؤاله فقالت بسرعة :-


+



" قليلا ..."


+



نهض من مكانه يخبرها :-


+



" لنطلب الطعام إذا ... ماذا تفضلين ..؟!"


+



" الباستا ..."


+



أخبرته وهي تضيف :-


+



" أشتهيها كثيرا ...."


+



قرر أن يطلب لكليهما الباستا من أحد المطاعم الشهيرة ليخبرها بينما يتصل :-


+



" علينا أن نجد خادمة في أقرب وقت .."


+



لا إراديا تذكرت تلك الشقراء فوجمت ملامحها قبلما تخبره :-


+



" يمكنني أن أتواصل مع مكتب الخدم ..."


+



توقفت وهي تسمعه يتحدث مع المطعم لتتابعه بصمت حتى أنهى مكالمته فيخبرها :-


+



" سأتواصل معهم أنا وأطلب منهم خادمة جيدة و ..."


+



نهضت سريعا من مكانها تخبره بتردد :-


+




        

          


                

" أريد تحديد بعض المواصفات التي نحتاجها ..."


+



إستغرب ما تريده لكنه أومأ برأسه موافقا لتضيف متسائلة بتردد :-


+



" هل يمكنني أن أطلب شيئا آخر ...؟!"


+



" بالطبع ..."


+



قالها بعفوية لتبتسم بفرحة قبلما تقول :-


+



" غدا يوم عطلتي ... هل نخرج سويا ...؟! "


+



طالعها بتردد لتهمس بإحباط :-


+



" لست مجبرا يعني ولكن ..."


+



" حسنا سنخرج ..."


+



دبت الفرحة داخلها وهي تهتف بعدم تصديق :-


+



" حقا يا مهند ..؟!"


+



أومأ برأسه لتهتف بسعادة :-


+



" أنت رائع ..."


+



أشار لها أن تجلس جانبه طالبا منها الهدوء حيث سيبدأ الشوط الثاني بعد قليل لتطيعه على الفور وتجلس جواره على مسافة قريبة هذه المرة وقلبها ينتفض من شدة الفرح ...!


+



**


+



في اليوم التالي ... 


+



خرجا سويا كما أرادت هي ....


+



إختارت الذهاب إلى السينما أولا ، أرادت أن يشاهدان فيلما رومانسيا ليخبرها بوجوم :-


+



" لا أحب هذا النوع من الأفلام ..  المشاهد الرومانسية المبالغ فيها تصيبني بالملل والقرف ... سخيفة ..."


+



" والله لا يوجد سخيف غيرك ..."


+



تمتمت بها بخفوت ليهتف متسائلا :-


+



" مالذي قلته ..؟!"


+



هتفت سريعا :-


+



" قلت لنختر غيره ..."


+



" معك حق ..."


+



تمتم بها ليختار فيلم أكشن رفضته بشدة معللة سبب رفضها :-


+



" البطل ليس وسيما ..."


+



كاد أن يصفعها على وجهها بعدما سمع سبب رفضها ليهدر بنفاد صبر :-


+



" ما شأننا بوسامته ...؟!" 


+



" كيف يعني ما شأننا ...؟! أنا أتابع الفيلم أولا بسبب وسامة البطل و ..."


+



قالتها بجدية جعلته يرغب في خنقها ليعترض على رفضها بينما تتمسك هي به لينتهي بهما المطاف بمشاهدة فيلم كوميدي تم إختياره كحل وسط بينهما ...!


+




        

          


                

بعد إنتهاء الفيلم ذهبا ليتناولا طعام الغداء وقد إختارت جيلان تناول البرغر الشهي ليأخذها مهند حيث أرادت ليتناولان الطعام سويا ولم يغب عنه حماسها الزائد طوال اليوم ....


+



سألها وهي تتناول المثلجات التي إشتراها لها بعدما أنهت غدائها :-


+



" هل نعود إلى الشقة أم تريدين الذهاب لمكان آخر..؟!"


+



طالعته بشك قبلما تسأله :-


+



" هل ستأخذني لمكان آخر إذا أردت ...؟!"


+



تنهد مجيبا :-


+



" بالطبع وإلا ما كنت لأسأل ..."


+



إبتسمت تخبره بمشاكسة :-


+



" سأشفق عليك هذه المرة لأنك تعبت وهذا يوم عطلتك الوحيد ... دعنا نعود إلى الشقة ..." 


+



ابتسم بهدوء لتعاود هي تناول المثلجات عندما أدار مقود سيارته متجها بها إلى شقتهما ...


+



ما إن دخلت الشقة حتى رمت حقيبتها بسرعة فوق الكنبة ثم خلعت حذائها ورمته أمامها بإهمال لتخبره :-


+



" اليوم كان ممتع جدا ..."


1



تأملها وملامحها السعيدة جعلته يشعر بإرتياح غير مسبوق ليخبرها بجدية :-


+



" سنخرج كل عطلة هكذا ..."


+



قفزت من مكانها وهي تصيح بفرحة :-


+



" حقا يا مهند ...؟!!!"


+



اومأ برأسه لتسارع وتعانقه بذات الفرحة ليتجمد هو مكانه لوهلة عندما وجدها تبتعد عنه بعد لحظات تهمس بعينين مرتبكتين :-


+



" آسفة ..."


+



إغتصب إبتسامة هادئة فوق ثغره ليربت فوق كتفيها مرددا :-


+



" لا عليك ..."


+



إتجهت تحمل حذائها ثم تخبره :-


+



" سأنام قليلا ثم أستيقظ لأبدأ بمذاكرة دروسي ..."


+



هز رأسه بتفهم فتتحرك من أمامه يتبعها هو بنظراته قبلما يطلق تنهيدة مرتاحة فهي اليوم أكثر هدوءا وهو بتصرفات بسيطة منه إستطاع أن يخفف من تصرفاتها الحادة المعتادة ...!


+



**


+



طالع كرم شقيقته التي تصر على الإعتناء به رغم تمسكها بجفائها معه بعدما حدث بعدم رضا ليخبرها ببرود :-


+



" لماذا لم تذهبِ كما طلبت منك ..؟!"


+



ردت بذات البرود :-


+




        

          


                

" أخبرتك وسأخبرك مجددا ... وعدت ماما برعايتي لك ..."


+



صاح بنبرة جافة :-


+



" لست صغيرا ..."


+



احتدت ملامحها وهي تهدر به :-


+



" لا ترفع صوتك ... ماذا جرى لك لا أفهم ...؟! منذ متى وأنت هكذا ..؟!"


+



تمتم بسخط :-


+



" ألا تملون من التعامل معي بهذه الطريقة وكأنني طفل صغير مسؤول منكم ...؟! إفهموا جيدا .. أنا كبرت .. لم أعد صغيركم المدلل ..."


+



لم يخفَ عنها تلك النبرة الجريحة التي ظهرت بوضوح في نبرة صوته لتخبره بتماسك :-


+



" نحن نعلم ذلك .. أنت لم تعد صغيرا ... أصبحت رجلا ولكن..."


+



قاطعها بسخط :-


+



" لا يوجد لكن .. لا يوجد لكن يا نانسي ... إرحموني ... لم أطلب منكم شيئا صعبا إلى هذا الحد ... فقط أردتكم أن تتركوني وشأني ..."


+



" أعدك إننا سنفعل ذلك حالما تغادر المشفى ..."


+



قالتها بعصبية قبلما تتحرك نحو الكنبة تجلس عليها بملامح محتدة ليتنهد بصعوبة قبلما يغمض عينيه بإرهاق فتطالعه بقلق سرعان ما أخفته وهي تجده يفتح عينيه مجددا فتتلاقى نظراتها التي إحتدت من جديد بنظراته الرافضة لتجد نفسها تهتف :-


+



" كونك كبرت فهذا لا يعني إنك لم تعد تحتاج أحد خاصة عائلتك ... نحن عائلتك يا سيد كرم ومثلما نحتاجك في حياتنا كونك رجلنا الوحيد فأنت أيضا تحتاجنا ... "


+



أشاح وجهه بعيدا رافضا سماع المزيد لتزفر أنفاسها بقوة ثم تسحب هاتفها تتبادل الرسائل مع صلاح لتطمئن على الطفلين ..


+



سمعته يقول بوجوم :-


+



" وماذا عن طفليك ..؟! ألا يحتاجان وجودك ورعايتك ..؟!"


+



" لا شأن لك ..."


+



قالتها ببرود وهي تضيف :-


+



" لن تخشى عليهما أكثر مني ...."


+



أضافت بسخرية مقصودة :-


+



" فكّر بنفسك ودعك مني ومن أولادي ..."


+



سألها بتهكم :-


+



" الغريب حقا هو وجود زوجك معنا ... منذ متى وهو يمتلك هذا الحس من المسؤولية ..؟! ظننتها معدومة لديه ...."


+



طالعته بغيظ من حديثه لتجد نفسها تصيح مدافعة عن زوجها وإن كان الغرض من دفاعها هو صدّه :-


+




        

          


                

" لا تتحدث عنه هكذا ... لا تنسى إنه زوجي كما قلت وأب أطفالي ..."


+



" من الواضح إن هناك تطورات جديدة بينكما ... تطورات جيدة ..."


+



قالها بتهكم لتنهض من مكانها تصرخ به :-


+



" أخبرتك ألا تتدخل ... ما بالك أصبحت مستفزا هكذا ..؟!" 


+



أضافت بمرارة :-


+



" بالكاد أحاول تجاهل ما قلته لي ذلك اليوم وأنت ما زلت تصر أن تتصرف وتتحدث بذات الطريقة المستفزة ..!!"


+



" لم أقل شيئا خاطئا يا نانسي ..."


+



قالها ببرود وهو يضيف بمنطقية :-


+



" وعامة لا تحزني بسبب كلامي فأنا لم أقصد معايرتك ... أنا فقط واجهتك بالحقيقة التي تهربين منها ... "


+



" متى أصبحت هكذا يا كرم ...؟! ولماذا ..؟!"


+



سألته بنبرة متحشرجة ليجيب بملامح إحتقنت تماما :-


+



" هكذا أفضل .. علينا أن نعترف بالحقائق ونكون واقعيين مع أنفسنا  بدلا من العيش في دنيا الأحلام الكاذبة ...."


+



لم تتحمل حديثه أكثر فهتفت بعناد :-


+



" أي واقع هذا الذي تتحدث عنه ...؟! هل هذا واقعك الذي تطمح إليه ..؟!"


+



" واقعي إنني خسرت كل شيء وأصبحت مشلولا كذلك ...."


+



" يدك ستطيب ... بإذن الله ستكون نتائج العملية جيدة .. ستنجح العملية ... ثق بذلك ..."


+



أضافت بتوسل :-


+



" وما خسرته يمكنك تعويضه ... صدقني ... أنت ما زلت في ريعان شبابك وتستطيع تعويض جميع الخسارات مهما كانت ..."


+



أراد أن يصرخ بها لوهلة رافضا ما تتفوه به من آمال خادعة ...


+



فهو لم يخسر بضعة أشياء قابلة للتعويض كما تدعي بل فقد عالمه كاملا ...


+



إنهدم عالمه الذي بناه فوق رأسه وخسر كل شيء في لمحة بصر ...


+



إنتبه على صوت الباب الذي يفتح ليجد طبيبه يتقدم نحوه بإبتسامة بشوشة ملقيا التحية قبلما يبدأ بفحوصات معتادة يتبعها حديثه وهو يبشره بخبر تاق إليه رغم كل شيء :-


+



" رائع يا كرم ... العملية نجحت كما توقعت ..."


+



" ستعود يدي إلى طبيعتها مجددا ..."


+



تسائل كرم بلهفة ليؤكد الطبيب حديثه يخبره :-


+



" ستخضع للعلاج الطبيعي بعد أيام قليلة وستتحسن تدريجيا حتى تعود إلى وضعها الطبيعي ..."


+




        

          


                

تساقطت عبرات نانسي وهي تضحك بسعادة لتتلاقى عيناه بعينيها فترى الفرحة لأول مرة تضيء عينيه وملامحه ...


+



تقدمت بسرعة تعانقه بلهفة وهي تردد :-


+



" مبارك يا حبيبي ..."


+



لوهلة أراد أن يبعدها لكن دفئها وحنانها الطاغي جعله يتراجع عن ذلك بل وجد نفسه عاجزا عن مقاومة رغبته في مبادلتها عناقها ليلف ذراعه السليمة حولها يبادلها العناق براحة تغلغلت في كيانه رغم كل شيء ...!


+



**


+



أمام بوابة القصر الضخمة وقفت الخادمة تستقبلهما بترحيب شديد بجانبها سلوى التي سارعت تعانقه بلهفة لتبتسم توليب برقة بعدما أقبلت المرأة عليها وظهر التردد على وجهها فهي ليست واثقة إنها ستتقبل عناقها لكن توليب سارعت تقبلها من وجنتيها بلطف زائد ثم تعانقها ليبتسم إياس على عفويتها الصادقة وتواضعها رغم إختلافه الصريح عنها في هذا الأمر تحديدا ...


1



تأبطت ذراعه وهو يتقدم بها إلى الداخل يخبرها :-


+



" أنرتِ قصرك يا هانم ..."


+



ضحكت برقة ثم قالت بخفوت  :-


+



" إنه قصر جدك .. ماذا سيقول لو سمعك ...؟!" 


+



أخبرها بجدية :-


+



" يوما ما سيكون قصري وتكونين أنتِ سيدته ..."


+



لم يعجبها حديثه لكنها تجاهلت ذلك وهي ترى والدته تقبل عليه تعانقه بلهفة يبادلها إياها مرغما عكس ما رأته وهو يعانق سلوى ...


+



إبتسمت مجددا وهي تستقبل ترحاب والدته لتعانقها بدعم شعرت إنها تحتاجه وبرود زوجها مع والدته لم يعجبها ...


+



إتجها بعدها نحو الجد الذي رحب بهما بفرحة غامرة :-


+



" أهلا بالغالي وزوجته ..."


+



سارع إياس يقبل كفه ويحتضنه قبلما يشير الجد لها :- 


+



" تعالي يا زوجة الغالي ..."


+



تقدمت توليب بخجل ليجذبها نحوه بعناق قبلما يردد وهو يتأملهما بفخر فحفيده حصل على عروس مثالية كما تمنى :-


+



" أدام الله عليكما سعادتكما للأبد ..."


+



" آمين ..."


+



تمتمت بها ألفت بتمني عندما وجدت رأفت يطل عليهما مرددا بسخرية خفية :-


+



" العرسان وصلوا إذا ...." 


+



تجهمت ملامح إياس وهو يلتفت نحوه بينما توترت توليب لا إراديا ليتقدم رأفت نحويهما فيقابل إبن عمه في وقفته يخبره :


+




        

          


                

" مبارك الزواج مجددا ...."


+



تأمل إياس كفه الممدودة ولم تخفَ عنه نظرات السخرية في عينيه ليصافحه مجبرا فيتجه ببصره نحوها يخبرها بإبتسامة تحمل غموضا مريبا :-


+



" مبارك يا عروس ..."


+



تأملت توليب كفه الممدود بتردد وداخلها يرفض مصافحته لتتفاجئ بإياس يقبض على كفه ثم يجذبه نحوه هامسا بصوت منخفض :-


+



" لن تلسمها لأي سبب كان حتى لو لأجل إلقاء التحية ..."


+



طالعه رأفت بنظرات هازئة بينما هتفت ألفت محاولة تبديد الجو المشحون الذي سيطر على المكان بقدوم رأفت :-


+



" ما رأيكما أن ترتاحان قليلا في جناحكما قبل موعد الغداء ...؟!" 


+



" فكرة جيدة ..."


+



قالها إياس ثم قبض على يد زوجته مضيفا :-


+



" عن إذنكم ... نراكما على الغداء ..."


+



ثم سحب زوجته معه صاعدا بها إلى جناحهما ...


+



دلفت توليب أمامه لتتأمل الجناح المعد لإستقبالهما بإبتسامة هادئة قبلما تجذب إحدى الورود التي تم تزيين المكان بها تقربها من أنفها وهي تتمتم :-


+



" الجناح معد بشكل رائع ..."


+



" هذا كله لأجل إستقبال الأميرة الجميلة ..."


+



قالها وهو يعانقها من الخلف مقبلا رقبتها ببطأ أركبها لتتحرر من بين أحضانه وهي تخبره :-


+



" أحتاج إلى حمام دافئ ..."


+



غمز لها مشاكسا :-


+



" نأخذه سويا .. ما رأيك ..؟!"


+



إحتقنت ملامحها بقوة وهي تردد :-


+



" توقف يا إياس ..."


+



ابتسم مرغما لتقول بعدها :-


+



" ولا تنسى إنهم ينتظرونا على الغداء ..."


+



" أي غداء الذي سأرغب في تناوله بوجود ذلك الوغد ...؟!" 


+



قالها بتجهم وهو يبدأ بفك أزرار قميصه لتقول بتروي :-


+



" وجوده أمر واقع يا إياس ..."


+



" للأسف ، مضطر أن أتحمل وجوده ووالده كذلك ..."


+



قالها وهو مستمر يفك أزرار قميصه بعصبية لتجلس فوق السرير تطالعه بتردد قبلما تقول :-


+




        

          


                

" لماذا لا تشتري راحتك بأن ننتقل للعيش في مكان آخر ...؟!"


+



إحتدت ملامحه وهو يهدر بإنفعال :-


+



" ما هذا الهراء ...؟! هل تريدينني أترك القصر لهما ...؟! القصر هذا حقي ككل شيء ولن أتركه لهما مهما حدث وإذا كان هناك من سيغادر هذا القصر فسيكونان هما لا محالة ..."


+



" على مهلك يا إياس .."


+



قالتها بجدية وهي تراه يتحدث بهذا الإنفعال الزائد لتضيف بضيق :-


+



" ثانيا لا تقل عن كلامي هراء ..."


+



تقدم نحوها ومال عليها يخبرها بجدية :-


+



" إسمعي يا توليب ... مهما حدث فلن أترك هذا القصر ولو على جثتي ..."


+



" إذا تحمل وجودهما ..."


+



قالتها وهي تنتفض من مكانها بعصبية ليزفر أنفاسه بضيق بينما سحبت هي ملابسا أخرى لها وضعتها جانبا  وإتجهت بذات العصبية نحو الحمام ...


+



جلس مكانه بملامح واجمة ينتظر خروجها من الحمام لتخرج بعد حوالي ثلث ساعة وهي ترتدي روب الإستحمام وخصلاتها ما زالت مبللة ...


+



تابعها وهي تجلس أمام طاولة الزينة تسرح شعرها الطويل وملامحها ما زالت متجهمة ...


+



نهض من مكانه وتقدم نحوها ليجذب المشط من كفها ويبدأ بتسريح خصلاتها الطويلة وهي باقية على حالها ...


+



مال جانبها يهمس لها :-


+



" لا يليق بملامحك الفاتنة التجهم يا تولاي ..." 


+



أضاف وأنامله تلمس وجنتها :-


+



" لا أحب أن أراك هكذا ... أحب رؤيتك بالشكل الذي إعتدت عليه ... "


+



أكمل وأنامله تنخفض نحو ثغرها يلمسه :-


+



" أحب رؤية إبتسامتك التي تضيء عالمي ..."


+



ثم لمس موضع غمازتها :-


+



" ورؤية غمازتيكِ الجميلتين .. هيا توقفي عن التجهم وإبتسمي ..."


+



" أنت أغضبتني يا إياس ..."


+



قالتها بدلال جعله يهتف وهو ينحني بيده جالسا قبالها بنصف جلسة :-


+



" ما عاش من يغضبك يا حبيبتي ..."


+



أضاف وأنامله تلمس حافة روبها :-


+



" يمكنني مصالحتك بالطريقة التي تريدينها .. "


+



" حسنا سامحتك ..."


+




        

          


                

قالتها وهي تبتسم برقة ليهتف برفض :-


+



" هكذا دون أن أصالحك .. لا أقبل ..."


+



رفعت حاجبها تسأل :-


+



" ماذا تريد إذا ..؟!"


+



" مصالحتك وحالا ...." 


+



وقبلما تتفوه بكلمة أخرى كان بجذبها نحوه بقبلة عميقة تجاوبت معها على الفور ...


+



**


+



همست وأناملها تسير فوق صدره العاري ببطأ :-


+



" علينا أن نتجهز لموعد الغداء ..."


+



تنهد مرددا بضيق :-


+



" لماذا لا يجلبوه هنا أسهل ...؟!"


+



رفعت جسدها الرشيق تستره بغطاء السرير تخبره بإبتسامة مشرقة :-


+



" إنهض وتوقف عن التكاسل ..."


+



" أنت من تجبريني على التكاسل والبقاء جانبك لأكبر وقت ..."


+



قالها وأنامله تسير فوق ذراعها العارية لتشهق بصوت مرتفع  عندما وجدته يجذبها نحوه قبلما ينقلب فوقها ليحتل جسدها من الأعلى مرددا :-


+



" ما رأيك في جولة أخرى ...؟!"


+



ثم مال بشفتيه نحو عنقها يطبع فوقه قبلات متتالية شغوفة بينما تحاول هي إيقافه عندما سمع كلاهما صوت طرقات على الباب يتبعه صوت إحدى الخادمات :-


+



" الغداء بعد نصف ساعة يا بك ...."


+



طالعته توليب وهي تحاول كبت إبتسامتها بصعوبة بينما تأفف هو بضيق وإنزلق من فوقها تتبعه هي ليتجهز كلاهما بسرعة كي يكونا جاهزين عند موعد الغداء ...


+



**


+



كانت تسير جانبه بتوتر وخجل فهما تأخرا عن موعد الطعام حوالي عشر دقائق وبالتأكيد سوف يخمن الجميع سبب تأخرهما...


+



تبادلت النظرات معه فيغمز لها بشقاوة جعلتها تبتسم لا إراديا عندما دخلا إلى غرفة الطعام ليجدان الجد وألفت لوحدهما فيلقي كلاهما التحية ليجدا الجد يخبرهما :-


+



" عمك ورأفت إعتذرا عن الحضور بسبب أعمال مهمة لديهما اليوم ..."


+



تنفست توليب براحة وإسترخت ملامح زوجها عندما بدأ أربعتهم يتناولون الطعام ليهتف الجد بجدية :-


+



" أريد أن أفرح بحفيدي الأول قريبا .."


+



كادت توليب أن تغص بالطعام عندما سارع إياس يقبض على كفها بينما إبتسمت هي بخجل لتهتف ألفت معاتبة :-


+




        

          


                

" أنت ُتخجل الفتاة يا عمي ..."


+



" لم الخجل ..؟! توليب باتت واحدة منا ...أليس كذلك يا إبنتي ..؟!"


+



" بالطبع كذلك ..."


+



قالتها بنبرة رقيقة ليقول مضيفا :-


+



" وأنا على وعدي معك يا إياس ..."


+



طالعه إياس بتحفز ليخبره :-


+



" إدارة الشركة ستكون قريبا لك ..."


+



ظهر القلق على ملامح ألفت ليكمل الجد :-


+



" وهذا القصر سيكون هديتي لك عندما تجلب الحفيد المنتظر ..."


+



اتسعت عينا توليب بعدم تصديق بينما هتف إياس بفرحة غامرة :-


+



" حقا يا جدي ..؟!"


+



" حقا يا عزيزي ... "


+



قالها الجد وهو يضيف بإقرار :-


+



" ما إن تضع باسل الصغير في حضني ستنتقل ملكية هذا القصر لك يا إياس ... "


+



أكمل وهو ينظر لتولاي والتي شعرت بعدم الراحة لقرار الجد :-


+



" فقط أسرعا بذلك ..."


+



لم تكن هي الوحيدة التي لا تشعر بالراحة فوالدته كذلك أما هو فسعادته بلغت أوجها ولم يتوقع أن يمنحه جده هذا القصر مباركا ميلاد أول حفيد ...


+



تطلع لزوجته مبتسما بفرحة بادلتها بأخرى مرتبكة ...


+



أنهوا تناول الطعام وإتجهوا بعدها لصالة الجلوس يرتشفون الشاي قبلما يتجهان إلى جناحهما حيث سيرتاحان قليلا ثم يتجهزان مساءا لزيارة عائلتها ...


+



شهقت بصوت مكتوم عندما وجدته يعانقها من الخلف حالما وطأت بقدميها جناحهما لتهتف معاتبة :-


+



" أفزعتني مجددا يا إياس ..."


+



" إشتقت لك يا روح إياس ..."


+



إلتفتت نحوه تهتف بحاجب مرفوع :-


+



" إشتقت إلي ونحن قبل ساعة كنا سويا ...؟!"


+



لمس خصلاتها المموجة بأنامله يهمس بأنفاس حارة :-


+



" أنا أشتاق لك طول الوقت دون توقف ..."


+



ثم مال نحو ثغرها يخبرها بغمزة عابثة :-


+



" ثانيا ، ألم تسمعِِ ما قاله جدي بشأن الحفيد المنتظر ...؟!" 


+




        

          


                

وقبلما تعلق على حديث الجد كان يجذبها نحوه مقبلا إياها بتوق ...


+



أما إبن العم فكان يشتعل غضبا ورؤيتها جانبه كزوجة له تضاعف كرهه وحقده عليه ...


+



وحده والده من كان يفهمه فهو عاش مشاعرا مشابه قبل سنوات طويلة ويبدو إن ولده كان له نصيبا من ذات الوجع ...


+



" تعقل يا رأفت ولا تتصرف بشكل تندم عليه ..."


+



قالها عارف بحكمة محاولا التحكم بغضب ولده ليخبره الأخير بإقرار :-


+



" توليب لي .. لن أتنازل عنها ... لن يأخذها مني كما أخذ كل شيء ..."


+



" ماذا ستفعل ..؟! الفتاة باتت زوجته .."


+



قالها عارف بتعقل ليخبره بلا مبالاة :-


+



" ليس مهما .. سأخذها منه ... "


+



أكمل وهو ينظر إلى والده بقوة :-


+



" حتى لو إضطررت أن أفعل مثلما فعلت في الماضي لتنال ألفت ... أقتله وأتزوج منها ...!"


+



**


+



دلف إلى القصر بعدما طلبت والدته رؤيته ...


+



إتجه نحو صالة الجلوس ليراها عندما سمع صوتها المتذمر وهي تتحدث مع شقيقته :-


+



" آه يا سولاف لو ترينها ... إنها لا تفعل شيئا سوى قول حاضر ونعم ... لا رأي لديها ولا شخصية ..."


+



أضافت وهي تقلدها :-


+



" كلما قلت لها شيء قالت كما تريدين يا ماما ..."


+



أضافت بإمتعاض :-


+



" متى أصبحت أمها لا أفهم ...؟! أساسا لا أحب مناداة الحماة بهذا اللفظ وهي ملتصقة بي طوال اليوم وتناديني ماما ...  "


+



" إنها إختيارك يا ماما .."


+



هتفت بها سولاف مشددة على كل كلمة لتهمس زمرد بوجوم :-


+



" إختيار غبي ومتسرع ..."


+



وتلك كانت المرة الأولى التي تنعت زمرد الهاشمي بها نفسها بالغباء ...


+



هنا قرر التدخل فصدح صوته وهو يدلف إلى الداخل :-


+



" كلا يا زمرد هانم .. لا تنعتي نفسك بالغباء فأنت كان عليك أن تتوقعي كل شيء طالما إخترت العروس بناء على المظاهر الخادعة ...."


+



نهضت من مكانها سريعا تهتف بحدة :-


+



" وما أدراني أنا بأنها هكذا ...."


+




        

          


                

" كيف هكذا يعني ..؟! لا أفهم .."


+



قالها وهو يجلس على الكنبة المقابلة لها بإسترخاء لتندفع متحدثة :-


+



" خرجت معها اليوم كما طلبت هي للتسوق وإلقاء النظر على أشهر الفنادق في البلاد لأجل الزفاف .."


+



نهض من مكانه سريعا يهدر بحدة :-


+



" أي زفاف ..؟! ما زال الوقت مبكرا ..."


+



" أعلم ذلك ... والدتها أرادت وأنا فقط سايرتها ..."


+



تغضن جبينه بينما تسترسل :-


+



" ألمهم ، طوال اليوم وخطيبتك لا تفعل شيئا سوى قول نعم وكما تريدين يا ماما ... تلك الفتاة ليست طبيعية يا أثير والأمر ليس مجرد خجل فطري ... أنا بدأت أشك بوجود خلل ما فيها خاصة بعدما تعرضت لتلك النوبة الغريبة ذلك اليوم ..."


+



هتف ببرود :-


+



" ربما هناك شيء خلفها بالفعل ...."


+



سألت سريعا :-


+



" وماذا ستفعل ..؟! برأيي أن تفسخ الخطبة وتنتهي منها ... يمكنك أن تتحدث مع والدها اليوم إذا أردت ..."


+



" ومن قال إنني سأفسخ الخطبة ...؟! من قال أصلا إنني أريد فسخها ..؟!"


+



جحظت عيناها وهي تردد بعدم استيعاب :-


+



" ماذا يعني هذا ...؟؟ هل ستتزوج هذه البلهاء ...؟!"


+



" لا أسمح لك بأن تنعتيها بالبلهاء ..."


+



صاح بها قاصدا أن يحرق أعصابها لتهتف بأنفاس هادرة :-


+



" لا تجن يا أثير ولا تفعل بي هذا .. أم إنك تحاول الإنتقام مني بسبب الماضي ..؟!"


+



" ذلك الماضي إنتهى تماما حتى لو لم أغفر لك أفعالك وقتها بعد ... أما أفنان فأنا سأمنحها فرصة ..."


+



صاحت معترضة :-


+



" لماذا ..؟! لماذا ستفعل هذا ..؟! مالذي يجعلك تمنحها فرصة ...؟! أنت حتى لا تحبها ...؟!"


+



" من قال إنني لا أحبها ...؟!"


1



قالها بنبرة إعتيادية جعلت عينيها تتسعان تماما وهي تردد بعدم استيعاب :-


+



" ماذا تقول ..؟! هل أحببتها ..؟! هل تعني ذلك حقا ..؟!"


+



" كل شيء وارد ..."


+



قالها ببرود قبلما يندفع مغادرا المكان تاركا إياها تكاد تجن وهي تلوم نفسها :-


+




        

          


                

" أنا السبب ... أنا السبب ..."


1



تمتمت سولاف بوجوم :-


+



" نعم أنت السبب ..."


+



أضافت بتروي :-


+



" لكن لا تقلقي ... هو لا يحبها ولن يستمر معها .."


+



التفتت نحو ابنتها تسأل بلهفة :-


+



"حقا يا سولاف ...؟!"


+



هزت سولاف رأسها وهي تضيف بثقة :-


+



" هو يخطط لشيء ما لكنه سيفسخ تلك الخطبة عاجلا أم آجلا ..."


+



قالت زمرد بجدية :-


+



" وأنا سأبحث خلف الفتاة ...لا بد أن أجد شيئا يثبت شكوكي ..."


+



" إتركيها وشأنها ولا تتدخلي في أمور لا تخصك ..."


+



قالتها سولاف بعقلانية لتهدر زمرد :-


+



" ما يخص ابني يخصني ..."


+



ثم إندفعت بدورها مغادرة المكان تاركة سولاف تضرب كفا بكف وهي تخبر نفسها بأنه لا فائدة من والدتها التي لن تتغير مهما حدث ...


+



**


+



أمام صديقه جلس شاردا مفكرا في تلك الفتاة وتصرفاتها الغريبة ...


+



ليست تصرفاتها وحدها بل تصرفات والدتها كذلك التي تبدو وكأنها تريد التخلص من إبنتها وإلصاقها به بأي طريقة ...


+



هو الآن متأكد من وجود خطب ما يخص أفنان وهذا يعني تلاعبهم به وخداعهم له وهو ما لن يمرره بسهولة أبدا ...


+



أفاق من شروده على صوت عادل الذي يهتف متسائلا :-


+



" ألن تقول شيئا يا هذا ...؟! هل ستبقى صامتا ..؟!"


+



قال أثير بهدوء  :-


+



" ماذا سأقول ..؟!"


+



" أنت لست بخير ... هل حدثت مشكلة مع خطيبتك ..؟!"


+



ضحك أثير بسخرية ليهتف عادل بجدية :-


+



" أخبرني ماذا حدث أم الأمر خاص ولا يمكنك التحدث به ...؟!" 


+



" لا خاص ولا عام ..."


+



قالها أثير بتهكم وهو يضيف :-


+



" الفتاة ليست طبيعية يا عادل ... "


+



طالعه عادل متسائلاً بدهشة :-


+



" كيف يعني ....؟!"


+




        

          


                

" لا أعلم ، لكن هناك أمور خفية تخصها ..."


+



تنهد مضيفا بجدية :-


+



" لا تقلق ، سأتدبر الأمر ...."


+



قال عادل بمنطقية :-


+



" فضفض لي يا رجل ... ربما أستطيع مساعدتك ..."


+



قال أثير بصدق :-


+



" لا أستطيع أن أتحدث بشيء لست متأكدا منه يا عادل ...."


+



أضاف بعدها :-


+



" لكن بالطبع إذا إحتجت لأي مساعدة أو نصيحة فلا يوجد أحسن منك يا طبيبنا العزيز ..."


+



ابتسم عادل بهدوء :


+



" ستجدني دائما في إنتظارك ..."


+



أضاف بعدها :-


+



" ما رأيك أن نقضي سهرة اليوم سويا ..؟!"


+



" فكرة رائعة ..."


+



قالها أثير وهو يضيف :-


+



" لنذهب إلى الشاليه خاصتك ونقضي اليوم هناك ... "


+



هتف عادل بدوره :-


+



" ونشتري السمك ونشويه هناك ...."


+



" ماذا تنتظر ..؟! لننهض هيا ... "


+



قالها أثير بحماس دبّ فيه فهو يحتاج حقا للإبتعاد عن كل ما يحيطه عندما أخبره عادل :-


+



" فقط سنذهب أولا إلى الجامعة لإنهاء معاملة تخص رسالة الدكتوراه  خاصتي ..."


+



وافقه أثير فقررا أن يذهبان أولا إلى الجامعة لينهي عادل ما لديه ثم يتجهان بعدها إلى الساحل ...


+



**


+



كان أثير يجلس على أحد الكراسي ينتظر خروج صاحبه من المكتب المقابل له بعدما ينهي ما لديه ...


+



سحب هاتفه يقلب فيه ريثما ينتهي عادل من عمله عندما وجده يرن بإسم خطيبته ليتأفف بضيق فهو سبق وأخبرها صباحا عن إنشغاله ورغم ذلك ما زالت تصر على الإتصال به ومراسلته ...


+



رفض الإتصال قبلما يغلق الهاتف ويعيده داخل جيبه ليتفاجئ بعد دقائق بهالة تتقدم إلى داخل المكان ...


+



تجمدت كليا ما إن لمحته بدورها لتبتلع ريقها بصعوبة وهي تتحرك بثبات ورأس مرفوع متجاوزة إياه متجهة إلى نهاية الممر دون أن يرف لها جفن ...


+



كانت صدفة غريبة في وقت غير مناسب ..!


+



هكذا فكر أثير وملامحه تمتعض كليا ...


+




        

          


                

ما كان ينقصه سوى رؤيتها ....


+



تأفف بضيق بعد حوالي نصف ساعة من الإنتظار ليجد عادل يخرج أخيرا معتذرا :-


+



" أعتذر حقا .. تأخرت ولكنني ..."


+



قاطعه بسرعة :-


+



" لا عليك ... دعنا نذهب ..."


+



وقبلما يتحركان كان هالة تتقدم إتجاههما وقد أنهت ما أتت لأجله لتنتبه لعادل فتبتسم بهدوء وهي تقبل عليه ملقية التحية ...


+



" أهلا هالة ... كيف حالك ...؟! "


+



" بخير الحمد لله ..."


+



قالتها بإبتسامة هادئة بينما أثير يقف بجانب صديقه ملتزما الصمت بملامح جامدة ليسأل عادل بإهتمام :-


+



" ماذا تفعلين هنا ...؟! هل ستقدمين على الدراسات ...؟!"


+



أومأت برأسها وهي تجيب :-


+



" نعم ، سأقدم على الدراسات وجئت لمعرفة بعض الأمور التي تخص التقديم ..."


+



" وهل إخترت تخصصا معينا ...؟!"


+



" ليس أكيد بعد ... لكنني أميل إلى الجراحة ..."


+



ابتسم عادل مرددا :-


+



" تخصص صعب ..."


+



قالت بجدية :-


+



" أنا أحب الجراحة كثيرا ..."


+



" أنت عكسي تماما ..."


+



قالها ضاحكا وهو يضيف بينما يحك ذقنه وأثير يريد خنقه لأنه يطيل الحديث :-


+



" أنا لا أحب التخصصات التي بها تواصل فعلي وتلامس مع المريض ..."


+



" هذا يعني إنك تكره جميع التخصصات بإستثناء الطب النفسي ..."


+



" هذا ما حدث للأسف ... فأنا كما تعلمين دخلت الطب مجبرا ..."


+



قالها بجدية لتقول هالة بصدق :-


+



" لكنك كنت متفوقا في دراستك وستتفوق في مجال تخصصك ..."


+



أضافت متذكرة :-


+



" قبل فترة رأيت إحداهن ترشح إسمك لشخص يسأل عن طبيب نفسي جيد في مجموعة على الفيس بوك  ..." 


+



" هذا الكلام ما يدفعني للتفاؤل بالمستقبل  ..."


+



قالها مبتسما لتهتف ببسمة خافتة :-


+



" وفقك الله في عملك ..."


+



" ولك بالمثل ..."


+




        

          


                

تبادلا تحية الوداع قبلما يشيعها عادل بنظراته فيشير لصديقه عن قصد :-


+



" لطالما كانت هالة قوية ... واحدة غيرها كانت ستندب حظها بعد طلاقها السريع لكنها مختلفة ... قررت أن تركز على دراستها وعملها وتترك الماضي خلفها ..."


+



" هل إنتهيت أم ما زال هناك المزيد ..؟!"


+



سأله بوجوم ليهتف عادل بمكر خفي :-


+



" لا تتضايق ... لم أقصد إزعاجك ..."


+



" لست متضايقا ..."


+



قالها بحدة وهو يضيف بينما يتحرك بعجلة :-


+



" دعنا نتحرك أم سنبقى للمساء هنا ..."


+



تبعه عادل بتنهيدة صامتة وداخله يتسائل عن مصير صديقه بمشاعره التي ما زالت مرتبطة بها ..


1



**


+



في طريق العودة كانت تفكر في هذا اللقاء وتلك الصدفة اللعينة التي جمعتها به ...


+



وجوده أمامها يستفزها ويعيد إليها ذكريات سيئة لم يمر عليها سوى القليل ..


+



كلما رأته كلما تذكرت ما عاشته بسببه منذ إنفصالها عنه بسبب والدته وحتى اليوم ...


+



ركنت سيارتها في كراج القصر وهبطت منها متجهة إلى الداخل ومنه مباشرة إلى جناحها ...


+



خلعت ملابسها وإرتدت بيجامتها قبلما تسحب هاتفها من حقيبتها لتجد رسالة من صديق كرم يخبرها بنجاح عمليته ...


+



كادت أن تطير من السعادة عندما قرأت محتوى الرسالة لتسارع وترسل له رسالة تشكره فيها قبلما تتنهد براحة فهي منذ معرفتها بموعد عمليته وقلبها مذعور خوفا من نتائج تلك العملية ...


+



" الحمد لله ... الحمد لله ..."


+



تمتمت بها براحة تزورها لأول مرة منذ أشهر ...


+



الأشهر السابقة عاشت خلالها الكثير ...


+



عاشت تجارب لم تتوقع يوما أن تعيشها ...


+



تلك التجارب بدلتها بشكل ما و علمتها الكثير مما كانت تجهله ورغم إن تجاوز تلك التجارب والمضي قدما يحتاج لوقت طويل لكنها تسعى لذلك بقوة فهي لن تبقى أسيرة الماضي ولن تسمح لما حدث بتدميرها وتحطيم مستقبلها الذي سعت ليكون أفضل شيء بكل الطرق ...


+



صوت طرقات على باب جناحها أيقظها من أفكارها لتجد همسة تتقدم نحوها بإبتسامة هادئة وهي تسأل :-


+




        

          


                

" متى عدت ..؟! وماذا فعلت في الجامعة ..؟!"


+



" عدت قبل قليل وكل شيء كان على ما يرام ..."


+



قالتها بفرحة طاغية لتسأل همسة بدهشة :-


+



" وما سر هذه الفرحة العارمة...؟!"


+



" عملية كرم نجحت ... يده ستعمل مجددا ..."


+



تمتمت بها بفرحة غامرة ...


+



كانت شقيقتها تعلم بما يجول في خاطرها وخوفها عليه فهي بعدما حدث لجأت إليها وحدثتها عن بعض من مخاوفها ...


+



" الحمد لله الذي شافاه ..."


+



تمتمت بها همسة براحة فهي تعلم مدى تأثير الخبر على شقيقتها لتضيف بحذر :-


+



" أعتقد آن الآوان لتتجاوزينه كليا وتتوقفين عن السؤال عنه ..."


+



إبتسمت هالة بيأس مرددة :-


+



" للأسف ، أنا مضطرة لذلك ...."


+



" ما زلت تحبينه ..؟!"


+



سألتها همسة بحذر لتجيب هالة بألم  :-


+



" كرم آذاني يا همسة ... آذاني كثيرا ... خذلني وأنا التي ظننت نفسي أعرفه أكثر من أي شخص وظننته يعرفني بدوره جيدا ..."


+



أضافت ببؤس :-


+



 " هو الشخص الوحيد الذي لم أتوقع منه يوما أن يجرحني أو يأذيني وهو فعل الإثنين ..."


+



تنهدت منهية حديثه بمرارة خفية :-


+



" على العموم ليوفقه الله في حياته القادمة ..."


+



ربتت شقيقتها على كفها بدعم قبلما تقول :-


+



" كل شيء سيصبح أفضل .. صدقيني ..."


+



" هذا ما أسعى إليه أساسا فأنا لن أبقى مقيدة بماضي دفعت ثمنه مقدما ..."


+



تنهدت همسة ثم سألت بإهتمام :-


+



" وماذا عن باسم ..؟! هل ما زال يحاول معك ..؟!"


+



ردت هالة بسرعة :-


+



" نعم ما زال لكنني أتجاهل تلميحاته وحتى محاولاته ... لقد أخبرته بوضوح بأنه لا أمل له معي ... ماذا أفعل بعد ..؟!"


+



" إستمري في تجاهلك ... سيمّل ويتركك وشأنك ..."


+



قالت هالة برجاء :-


+



" أتمنى أن يحدث هذا في أقرب وقت ..."


+



" حسنا سأتركك ترتاحين ..."


+




        

          


                

قالتها همسة وهي تهم بالنهوض قبلما تتراجع تطالع شقيقتها بتردد لتسأل هالة :-


+



" مالذي تريدين قوله يا همسة ..؟!"


+



تنهدت همسة بصوت مسموع ثم قالت بتردد :-


+



" أثير ..."


+



تشنجت ملامح هالة وهي تسأل :-


+



" ماذا هناك ...؟! لماذا تذكرين إسمه أمامي ..؟!"


+



" سمعت إنه سيفسخ خطبته من أفنان ..."


+



" وما شأني أنا بهذا ...؟!"


+



سألت بحدة لتقول همسة سريعا :-


+



" حسنا إهدئي ... لمَ كل هذه العصبية ..؟!"


+



إنتفضت هالة من مكانها تهدر :-


+



" لأنني لا أحب أن أسمع إسمه حتى وأنتم تدركون هذا فلا تكتفون بذكر إسمه وإنما تجلبون لي أخباره أيضا ...؟!"


+



دون مقدمات باغتتها شقيقتها :-


+



" هل ما زالت لديك مشاعر إتجاهه يا هالة ...؟! "


+



جحظت عينا هالة وهي تسألها بعدم تصديق :-


+



" هل تعين سؤالك يا همسة ...؟!"


+



" يهمني معرفة الجواب يا هالة ...."


+



قالتها همسة بثبات لتجيب هالة بقوة :-


+



" كلا ، لم يعد هناك أي مشاعر إتجاهه سوى الكره والغضب ..."


+



" إذا يوجد هناك مشاعر ..."


+



قالتها همسة بشكل إستفز الأخرى التي صاحت حانقة :-


+



" أقول كره وغضب وحقد ..."


+



نهضت همسة من مكانه تحتويها بين ذراعيها وهي تخبرها بحكمة :-


+



" أنا فقط أستغرب غضبك الغير مبرر عندما يذكر أحدهم سيرته أو يظهر أمامك ... "


+



" لأنني أكرهه ... لأنني بسببه تدمرت حياتي ولأنني تعرضت للإهانة مرات بسببه على يد والدته وغيرها...."


+



قالتها بصوت متحشرج وهي تضيف :-


+



" أثير سبب تعاستي يا همسة ... هل تريدين سببا أقوى بعد لكرهي له ...؟!"


+



هزت همسة رأسها نفيا قبلما تربت على وجنتها وهي تخبرها :-


+



" أتفهمك ولكنني قلقة بشأنك ..."


+



سألتها وهي تعقد ساعديها أمام صدرها :-


+



" ولماذا أنتِ قلقة إن شاءالله ...؟!"


+




        

          


                

طالعتها همسة بصمت مفكرة إنها تشعر بوجود شيء ما داخلها خلف مشاعر الغضب والكره ...


+



شيء ربما لا تشعر به بعد أو لا تترجمه بالشكل الصحيح ...


+



ربما ما زالت هناك مشاعر خفية في قلب شقيقتها إتجاه حبها الأول لكن الغضب والكراهية طغت على ذلك الشعور وتراكمت فوقه لتدفنه أسفلها وتسيطر هي على قلبها وأحاسيسها ...


+



تجاهلت أفكارها تلك وهي تبتسم لها بحنو :-


+



" أنا فقط أريدك أن تكون بخير ..."


+



هتفت هالة مستسلمة :-


+



" أنا بخير ..."


+



جذبتها همسة نحوها دون مقدمات تعانقها وداخلها تتمنى أن تصل شقيقتها إلى بر الأمان الذي تفتقده منذ مدة ..!


+



تركتها بعد ورحلت تاركة إياها غارقة في أفكار بخصوص حديث شقيقتها قبلما تنحي أفكارها جانبا وتقرر النوم فغدا لديها يوم حافل ...


+



وفي اليوم التالي وصلت إلى المشفى لتجد باسم في وجهها كعادته يرحب بها بنظرات تائقة باتت تزعجها حقا يدعوها لتناول الفطور معها فترفض عن قصد ...


+



إستمرت في عملها بعدها حتى وقت الغداء لتقرر تناول الطعام في كافيتريا المشفى عندما فوجئت بآخر شخص توقعت زيارته لها ....


+



رؤى طليقة باسم ....


+



**


+



تجلس أروى في غرفتها في المشفى  تقرأ أحد الكتب العلمية بتركيز شديد عندما تقدمت نحوها إحدى الطبيبات حديثات التخرج والتي تعمل تحت إشرافها ...


+



رفعت أروى وجهها نحوها تطالعها بنظرات باردة أرهبت الفتاة لوهلة قبلما تبتسم بسماحة وهي تخبرها :-


+



" أتيت لدعوتك على حفل زفافي يا دكتورة وسوف يسعدني حضورك بشدة ...."


+



رمقت أروى البطاقة التي مدتها نحوها بنظرات باردة قبلما تأخذها منها وهي تهتف بإقتضاب :-


+



" مبارك ...."


+



ثم عاودت النظر نحو كتابها دون أن تضيف كلمة أخرى لتتحرك الفتاة مغادرة المكان بحرج عندما رفعت أروى وجهها مجددا تتأمل البطاقة فتبتسم بسخرية مفكرة إن الفتاة التي تصغرها بأعوام ستتزوج وهي ثابتة في مكانها بل لن تتزحزح منه أبدا بعد الآن ...


+



تمكنت المرارة منها وهي تتذكر أحلامها في تكوين عائلة سعيدة مع رجل يحبها وتحبه ...!


+



جميع أحلامها تحطمت ولم يعد لها وجود ...! 


+



تجاهلت عبرات ملأت عينيها فسارعت تمسحها بأطراف أناملها قبلما تتجاهل أفكارها وهي تعاود قراءة الكتاب عندما فوجئت بعد حوالي ساعة بنضال يقتحم مكتبها لتنتفض من مكانها تصرخ بمزيج من الغضب والرعب :-


+




        

          


                

" أنت ماذا تفعل هنا ...؟!"


+



إندفع نحوها يقبض على ذراعها وفي كفه الآخرى يكمم فمها بقسوة هادرا من بين أنفاسه :-


+



" دخلت هنا على أساس إنني خطيبك ... على ما يبدو إنك نسيت إعلان فسخ خطبتنا ...."


+



الرعب الصارخ في عينيها أعجبه فأكمل بخبث مقصود :-


+



" أم ما زال لديك أملا في عودتي إليك ...؟!" 


+



لم تتفوه بحرف واحد ...


+



الرعب كان مسيطرا عليها ولمسته لها لا تتحملها أبدا....


+



جسدها يرتجف بقوة وصدرها يرتفع وينخفض بذات القوة عندما هدر بأنفاس حارة جعلتها تشعر بالإشمئزاز :-


+



" إذا فكرتي أن تخبري أحدهم بما حدث فستكونين حينها قد فتحت أبواب جهنم كلها عليكِ ... إياك أن تفعليها يا أروى لأنني لن أرحمك حينها ...."


+



أضاف وعيناه تتقدان بنظرات رأتها بشعة ومريعة :-


+



" لا تجازفي معي ... رأيت بنفسك ما يحدث حينما يحاول أحدهم التلاعب بي أو العبث معي ... "


+



أنهى حديثه :-


+



" لذا توخي حذرا مني ... هل فهمت ...؟!"


+



هزت رأسها على الفور بإيماءة موجبة والعبرات ملأت عينيها ليحررها أخيرا من حصاره فتهدر به وهي تنكمش بجسدها الذي إلتصق بالحائط خلفها وعبراتها شقت وجنتيها :-


+



" إخرج ... إخرج من هنا ..."


+



أخذ يعدل هندامه ببطأ مقصود قبلما يخبرها :-


+



" سأخرج ولا تنسي كلامي أبدا ..."


+



ثم غادر بعدها المكان تاركا إياها ترتجف من شدة الرعب قبلما تسارع وتحمل حقيبتها بعدما وضعت هاتفها فيها وتتحرك مغادرة المكان غير آبهة بما تبقى لها من عمل ...


+



لا تعرف كيف إستطاعت قيادة سيارتها والوصول إلى المنزل سالمة ...


+



جل ما تعرفه إنها ما إن رأت والدتها حتى إنهارت بين ذراعيها باكية مرتعبة بشكل يثير الهلع ...


+



تمسكت بوالدتها رافضة أن تتحرك من جانبها بينما الأخيرة لم تتوقف عن إحتضانها ومحاولة تهدئتها وقراءة الآيات القرآنية عليها وعبراتها تتساقط هي الأخرى ...


+



**


+



إبتسمت ليلى وهي تتأمل كنان الذي يلعب بالكرة مع عبد الرحمن وبدا مندمجا معه ...


+




        

          


                

جانبها تجلس مريم تعبث بهاتفها بينما غفي مصطفى بين أحضان ليلى لتأخذه المربية إلى الأعلى ...


+



نهضت ليلى من مكانها تخبر شقيقتها :-


+



" سأرى الطعام ..."


+



ثم إتجهت إلى الداخل حيث تفقدت الطعام الذي أعده الطباخ ثم طلبت من الخادمات تجهيز المائدة لتعود إلى شقيقتها وزوجها تخبرهما بحلول موعد الطعام ...


+



إبتسمت لعبد الرحمن الذي أقبل عليها مهلهلا بفوزه لتحمّله معانقة إياه عندما نهرتها مريم :-


+



" أنت حامل يا ليلى ..."


+



قبلت ليلى الصغير من وجنتيه ليحمله كنان عنها ثم يتجهان إلى الداخل حيث إجتمع ثلاثتهم مع عبد الرحمن الذي أصرت ليلى أن تطعمه بنفسها ...


+



" غدا ستعرفون جنس الجنين ، أليس كذلك ..؟!"


+



سألتهما مريم بحماس لتومأ ليلى برأسها بينما يجيب كنان بحماس :-


+



" نعم ، غدا إن شاءالله ..."


+



" ستكون فتاة ... فتاة جميلة تشبه والدتها ..."


+



قالتها مريم بإقرار لتهتف ليلى وهي تشير بعينيها لزوجها :-


+



" كنان يريد صبي ..."


+



هتف كنان وهو يجذب كفها يقبله برقي :-


+



" إذا كانت أميرة مثلك فلن أمانع ..."


+



توردت وجنتاها بقوة بينما ضحكت مريم بشقاوة ...


+



مرّ الوقت سريعا ليأتي المساء فتغادر مريم مع الصغيرين ولم يغب عن ليلى تحسن علاقتها بهما مما أراحها ذلك بشدة ..


+



" مريم علاقتها تحسنت بالصغيرين ..."


+



تمتمت بها ليلى وهي تجلس بجانب كنان على السرير ليؤكد الأخير حديثها :-


+



" لاحظت ذلك ..."


+



أضافت بحزن :-


+



" عبد الرحمن كان يريد البقاء ... كنت سأبقيه لولا رحلة الغد ..."


+



جذبها نحو صدره يخبرها :-


+



" عندنا نعود من السفر سنجلبه عندنا ...."


+



" حسنا ..."


+



تمتمت بها بخفوت قبلما تضيف بحماس شديد ويدها تلمس بطنها البارزة قليلا :-


+



" غدا سنعرف جنسه ... متحمسة للغاية ..."


+



مسك كفها يخبرها :-


+




        

          


                

" ليس بقدر حماسي ...."


+



أضاف متذكرا :-


+



" لا تنسي تجهيز جميع ما تحتاجينه من أغراض باكرا ... طائرتنا في التاسعة مساءا ...."


+



كانت تلك رحلة عمل إلى إيطاليا أصرت أن تذهب معه ووافقها هو حيث سيبقى حوالي ثلاثة أسابيع هناك مما جعلها ترفض فكرة أن يسافر وتبقى هي بدونه ...


+



لا تعرف متى تعلقت به لهذا الحد لكنها باتت لا تستطيع أن تبتعد عنه ولو لليلة ...


+



تعلقت به بشدة تقلقها أحيانا كثيرة ورغم تعلقه هو الآخر بها لكنها تخشى أن تخفت مشاعره هذه يوما ما ...


+



تجاهلت أفكارها وأغمضت عينيها مستسلمة للنوم عندما غادرت في اليوم الثاني معه ...


+



عند الطبيبة توترت لا إراديا وهي تنتظر معرفة نوع الجنين ...


+



إبتسمت الطبيبة وهي تتطلع إلى الشاشة أمامها لتخبرها بإبتسامة واسعة :-


+



" مبارك .. سيأتيكما صبيا رائعا بإذن الله ..."


+



" ألم أقل لك ..؟!"


+



قالها كنان وهو يعانقها بحماس لتهمس هي بدموع تلألأت في عينيها :-


+



" صبي ..! "


+



" ليل ..."


+



قالها وهو يضيف بسعادة وفخر  :-


+



" ليل كنان نعمان ...." 



+



**


+



أمام عيادة الطبيب المختص بأمراض الذكورة والعقم وقف فادي مترددا قبلما يحسم أمره ويقرر الدخول ليتأكد من سلامته ويطمئن زوجته ...!


+



إستقبله الطبيب بترحاب ليشرح له سبب مجيئه فيطمئنه وهو يخبره إن تأخر الحمل أمر وارد حدوثه قبلما يكتب له بضعة فحوصات ...


+



أنهى فادي فحوصاته ثم غادر مقررا العودة بعد بضعة ساعات  ليستلم النتيجة ويذهب بها إلى الطبيب ..


+



ذهب إلى والدته التي غادرت المشفى منذ يومين ...


+



هناك وجدها تنتظره على غير العادة ...


+



رحبت به وأجلسته جانبها تسأله عن أحواله قبلما تفاجئه بقولها :-


+



" متى ستطلق زوجتك ...؟!"


+



هتف غير مصدقا :-


+



" من قال إنني سأفعل ..؟!"


+



" مالذي تنتظره ..؟!"


+



سألته بثبات وهي تضيف :-


+




        

          


                

" ألا تريد رضاي عنك ... ؟!"


+



نهض من مكانه يهتف بثبات :-


+



" لم أتزوجها لأطلقها يا أمي ..."


+



" مجددا يا فادي ... مجددا تفضلها عليّ ... كدتُ سأموت وأنا غاضبة عليك وما زلت متمسكا بها ..."


+



" ما مشكلتك معها لا أفهم ..؟! لماذا ترفضينها إلى هذا الحد ...؟! ولا تبرري رفضك بسبب فراس ... أنت لا تحبينها ..."


+



قالها بإنفعال لتنتفض من مكانها تهدر بعصبية :-


+



" نعم لا أحبها بل لا أطيقها ..."


+



" لماذا ...؟! لأنني أحبها ..؟!"


+



نطقها بحنق لتتسع عيناها بينما يضيف وقد نفذ صبره :-


+



" تكرهين حقيقة إنني أحببتها ... دائما ما كنتِ تريدين تزويجي فتاة من إختيارك .. فتاة لا يميل قلبي لها لأنك تكرهين ذلك ...."


+



أضاف بآسف :-


+



 " مثلما فعلتِ مع عهد ... عهد التي حاربتها بالبداية عندما رأيت تعلق قلب فراس بها ... كرهتها ورفضتها ولم تتقبليها حتى علمتِ بخيانات فراس لها ... "


+



" ماذا تقول أنت ..؟!"


+



صاحت بأنفاس هادرة ليهتف بقوة :-


+



" أقول الحقيقة ... أنتِ ترفضينها لأنني أحبها كما رفضتي عهد مسبقا ... كرهتها لأنها حصلت على ما لم تحصلِ عليه ولم ترتحِِ حتى تعرضت لما تعرضتِ له على يد والدي ... حينها فقط تقبلتها بل وقفتي جانبها ... أنت هكذا يا أمي ... ما زلت تعيشين في الماضي ... ما زلت ترفضين تجاوز ما عشته مع والدي والذي دفعنا ثمنه غاليا ... غاليا للغاية ..."


+



في تلك اللحظة واجهها بالواقع الذي هربت منه دائما ...


+



لم تتحمل سماع المزيد ...


+



طردته وهي تصرخ بصوت جهوري :-


+



" إخرج ... لا أريد رؤيتك ... إخرج حالا ..."


+



إندفع مغادرا المكان بنبضات مرتفعة عندما وجد هاتفه يرن حيث تخبره السكرتيرة عن ظهور نتيجة فحوصاته ليتجه إلى الطبيب ...


+



إستقبله الطبيب بملامح لا تبشر بخير عندما أخبره :-


+



" للأسف ... التحاليل تؤكد معاناتك من العقم ولكن لا تقلق سيكون هناك علاج بالتأكيد ... "


+



لم يهتم بسماع باقي الحديث حيث غادر المكان بذهن شارد ...


+



قاد سيارته وعقله لا يستوعب سوى شيء واحد ...


+




        

          


                

هو عقيم ولن يستطيع الحصول على طفل من صلبه ...


+



وقبلما يستعيد وعيه كانت سيارته تصطدم بسيارة أخرى ليفقد وعيه على الفور وآخر ما سمعه صوت صراخ أحدهم ...!


+



**


+



" لن أذهب ... لن أحضر تلك الحفلة ..." 


+



قالتها همسة بعناد ليهتف راغب بجدية :-


+



" كيف يعني لن تذهبي ...؟! هل سأحضر الحفلة لوحدي ...؟!"


+



" لا تحضر أنت كذلك ..."


+



قالتها ببساطة ليخبرها غير مصدقا :-


+



" الحفلة لمشروع أنا مساهم به ..."


+



هتفت بحنق :-


+



" ألا يكفي إنني قبلت أن تشاركها المشروع ...؟! ماذا تريد بهذه الحفلة ...؟!"


+



قال بعقلانية :-


+



" أنت تعرفين يسرا ... تحب المظاهر وهي أصرت أن تقيم إحتفالاً ضخما إحتفالا بهذه الشراكة ..."


+



" أرجوك لا تضغط عليّ يا راغب ... أنا لا أريد الذهاب ..."


+



قالتها بنبرة متوسلة فهي لا تطيق رؤيتها منذ ما حدث ....


+



زفر أنفاسه بتعب ثم قال :-


+



" العائلة بأكملها ستذهب ... هل يعقل ألا تأتي زوجتي معي ..؟!"


+



صاحت معترضة :-


+



" لماذا تضغط علي لا أفهم ..؟!"


+



تشنجت ملامحه وهو يهدر بحدة :-


+



" لا ترفعي صوتك عليّ ..."


+



" راغب أنا...."


+



أوقفها بحزم :-


+



" قلت ستأتين الحفلة ... ستأتين يا همسة .. توقفي عن تصرفات الأطفال ..."


+



إتسعت عيناها غير مصدقة ما تسمعه لتهمس بقهر :-


+



" أنا أتصرف كالأطفال ... أشكرك حقا ..."


+



ثم إتجهت نحو السرير تتمدد عليه وتوليه ظهرها ليزفر أنفاسه بضيق وداخله يلعن يسرا التي لا يعرف من أين أتت بهذه الفكرة ...


1



**


+



في صباح اليوم التالي ...


+



بقيت تتجنبه طوال اليوم حتى أتى المساء حيث بدأت العائلة تتجهز للذهاب إلى الحفل بينما إلتزمت هي الصمت حتى وجدته فوق رأسها يخبرها بصرامة :-


+




        

          


                

" ستذهبين يا همسة ... هيا إنهضي وإرتدي فستانا مناسبا ..."


+



رفعت عينيها نحوه تخبره بضيق :-


+



" سأفعل .. كالعادة يجب أن أفعل لأنك تريد ذلك ..."


+



تنهد بتعب ثم جلس جانبها يسأل بهدوء :-


+



" أخبريني فقط لماذا لا تريدين الذهاب ...؟!"


+



" تريد مني الذهاب لحفلة المرأة التي خططت لأخذك مني ..."


+



نطقتها بإنفعال ليضحك مرغما قبلما يقول :-


+



" من تلك التي تأخذك مني ..؟! ألم تصدقيني بعد ...؟! ألم تستوعبي إنه لا يوجد امرأة يمكنها أن تأخذني منكِ ...؟!"


+



" أكرهها .. لا أحبها وأنت تعلم ..."


1



همست بها بصوت متحشرج ليحاوط وجنتيها بكفيه يخبرها :-


+



" وأنا لا أطلب منك أن تحبيها ولا حتى أن تتعاملي معها ... أنا فقط أريدك معي .. أريد زوجتي معي ..."


+



أضاف عن قصد :-


+



" زوجتي الذي سيجلب غيابها التساؤلات ...."


+



همست بصعوبة :-


+



" آية تساؤلات ...؟! أنت تعلم إذا بأن الناس ما زالوا يتحدثون عن الماضي ..."


1



" التافهون فقط من يفعلون ذلك ..."


+



قالها بثبات وهو يضيف بحسم :-


+



" الماضي إنتهى ... أنت زوجتي وأم أولادي ... هذا الواقع .. الواقع الجميل الذي نحياه سويا مع أطفالنا ... لا تسمحي لأي شيء كان أن يعكر واقعنا .. أبدا يا همسة ..."


+



دون مقدمات ألقت بنفسها داخل أحضانه ليحاوطها بذراعيه لتبقى داخل أحضانه لفترة حتى سمعته يسأل :-


+



" ألن تتجهزي ..؟!"


+



سألته وهي ما زالت متعلقة بأحضانه :-


+



" ما زلت مصر على ذهابي ...؟!"


+



رفع وجهها بأنامله يخبرها :-


+



" لأنني لا أجد سببا مناسبا لعدم ذهابك معي ..."


+



" حسنا .. سأذهب ... طالما تريد ذلك سأفعل ..."


+



ثم نهضت من مكانها وأخذت تبحث عن فستان مناسب ترتديه وداخلها شعور غريب يخبرها ألا تذهب لكنها مضطرة أن تفعل لأجله ...


+



**


+



في الحفل ..


+



تقف بجانب زوجها الذي يتبادل الحديث مع أحد معارفه بذهن شارد ...


+




        

          


                

لا تسمع ما يدور بينهما وجل ما تريده أن تنتهي هذه الحفلة بسرعة وتعود إلى القصر حيث أطفالها ...


+



لمحت يسرا وهي تسير بملامح منشرحة توزع إبتسامتها الجذابة هنا وهناك ..


+



كانت في قمة جمالها ...


1



فاتنة كعادتها ...


+



خاطفة للأنظار ...


+



إبتلعت ريقها بصعوبة عندما شعرت بيد تحاوط خصرها لتنظر نحوه فتجده يبتسم لها بحنو ..


+



منحته إبتسامة صغيرة مرتبكة قبلما تقول :-


+



" سأذهب لدورة المياه ... "


+



أومأ برأسه متفهما بينما تحركت هي إلى هناك تتبعها عينا يسرا ...


+



دلفت إلى المرحاض عندما سمعت أصوات متداخله لفتاتين تتحدثان عن زوجها ووسامته عندما قالت إحداهما :-


+



" لكن زوجته عادية للغاية ..."


+



ضحكت الأخرى مرددة :-


+



" أقل من عادية ... ليست لائقة به إطلاقا ..."


+



تمتمت الأولى بسخرية :-


+



" تبدو كفأرة صغيرة جانبه ... لا أفهم كيف يتزوج رجل قوي وجذاب مثله بإمرأة كهذه ..."


+



" تخيلي ترك يسرا هانم الحداد وتزوج تلك الفتاة ..."


+



قالتها الأخرى لتردد الأولى :-


+



" ربما جلبته بالسحر ... أساسا الجميع ما زال متعجبا من هذه الزيجة الغير مفهومة ... يقولون إن والدته أجبرته لأنها يتيمة الأبوين ولا يوجد لديها سواهم ...."


+



تساقطت عبراتها بغزارة بينما تضيف الأخرى قبلما تغادر :-


+



" وهناك من يقول بأنها أغوته و إرتكبت الفاحشة معه ولذا تزوجها..."


1



إندفعت خارج المرحاض وهي بالكاد تلتقط أنفاسها بصعوبة وعبراتها تنهمر بغزارة ...


+



سقطت فوق أرضية الحمام تنتحب دون توقف بينما خارجا غادرت كلتاهما لتلتقي عينا الأولى بعيني يسرا فتغمز لها حيث تخبرها بأن المهمة تمت وما أرادته قد حدث بالشكل المطلوب ..


1



إبتسمت يسرا بإنتصار قبلما تتحرك نحو راغب تسأله مدعية الاهتمام  :-


+



" أين همسة يا راغب ...؟! لماذا ليست جانبك ..؟!"


1



" ذهبت إلى دورة المياه لكنها تأخرت .. سأراها ..."


+



ثم إتجه إلى هناك ليجدها تخرج مستندة على الحائط بملامح باكية ...


+



إندفع نحوها يسأل بقلق :-


+



" ماذا حدث يا همسة ...؟!"


+



دفعته بقوة وهي تهدر من بين عبراتها :-


+



" دعني وشأني ..."


+



قبض على ذراعها يسأل وقلقه يتضاعف :-


+



" ماذا حدث يا همسة ..؟! لماذا تبكين هكذا ...؟! "


+



" إبتعد عني .. أنا أكرهك ... لماذا أجبرتني على الحضور ..؟! لماذا ...؟!"


+



شهقت باكية بينما يحاول تهدئتها غير مدركا لما يحدث ليحسم أمره ويقرر المغادرة بها ...


+



بقيت تبكي طوال الطريق وهو ملتزما الصمت والقلق ينهشه ...


+



تجاهل إتصالات والديه وكذلك يسرا حيث تعجب الكثير من إختفاؤه المفاجئ ...


+



غادرت السيارة بسرعة متجهة إلى داخل القصر يتبعها هو ...


+



إندفعت إلى الجناح بينما يصيح هو خلفها :-


+



" إنتظري يا همسة ..."


+



إلتفتت نحوه تصرخ به :-


+



" دعني وشأني... لا أريد رؤيتك ... لا أريد ..."


+



" ماذا حدث ..؟! هل جننت ...؟!"


+



سألها بعدم إستيعاب لتهمس باكية :-


+



" نعم جننت ... جننت ..."


+



ثم سقطت فوق السرير باكية بينما يقف هو عاجزا عن معرفة ما يحدث ... 


+



رفعت وجهها الباكي نحوه تهدر به من بين شهقاتها :-


+



" توسلتك كي تتركني ولا تجبرني على الذهاب ولكنك لم تهتم .. "


+



إنتفضت من مكانها تصرخ به :-


+



" لماذا أنا مجبرة على طاعتك دائما في كل ما تريده .. ؟! لماذا مجبرة على السير خلفك حيثما تريد ..؟!"


2



" ماذا جرى لك ..؟! أريد أن أفهم ..."


+



وقبلما تجيب كانت تشعر بشيء غريب يحدث معها لتنظر إلى الأسفل فتهمس بصوت مرتعب :-


+



" أنا أنزف ... أنا أنزف يا راغب .... "



2



يتبع


+



                                    

في المشفى ...


+



تقدم والديه نحوه بخطوات سريعة لتتسائل والدته بقلق عما يحدث فيجيب بنبرة منهكة :-


+



" لا أعلم ... فجأة تعرضت لنزيف وأتيت بها فورا إلى هنا ..."


+



لم يكن في مزاج يسمح له بالتحدث ... بالكاد يتمالك أعصابة بشدة .. يخشى عليها حد الموت ... يخشى أن يصيبها مكروه ... لا يعلم مالذي حدث بالضبط لتنهار بهذه الطريقة لكنه السبب ... هو السبب ولا يدري ما حدث بسببه وجعلها هكذا ...


+



لن يسامح نفسه أبدا إذا ما أصابها هي أو طفلهما أي مكروه ... 


+



إنتبه لهالة التي أتت سريعا مع فيصل لتنهار باكية بخوف بديهي بين ذراعي خالتها قبلما تتماسك بصلابة واهية بعدها ...


+



شعر بأنفاسه على وشك أن تتوقف وهو يرى الطبيب يغادر الغرفة التي تقطن هي بها ليخبرهم بنبرة تحمل آسفا :-


+



" السيدة بخير لكن خسرنا الجنين للأسف ..."


+



تصلب مكانه ولم يستمع لأي شيء بعدها ...كانت والدته تربت على كتفه تحاول التهوين عليه فيكفي سلامتها هي ...


+



هالة تمالكت نفسها بأعجوبة وهي تحمد ربها على سلامة شقيقتها وتدعو أن يعوضها الله خيرا عن الجنين الراحل ..


+



أتت توليب بعد لحظات مع زوجها فبدا الجميع يحاول التخفيف عنه بكلام لا يغير شيئا بينما يتقبل هو حديثهم بصمت مريب وثبات خادع ..


+



هو وحده من يعلم مدى صعوبة ما حدث وهو أكثر من سيدفع ثمن ذلك فهو من أصر على حضورها تلك الحفلة بل أجبرها على ذلك ...


+



لن يغفر لنفسه هذا التصرف ... أبدا ...!


+



**


+



بقي جانبها طوال الليل رافضا المغادرة بينما هي ما زالت نائمة بعمق لا تعي شيء مما حدث ..


+



تحاوره هالة التي أتت له بكوب قهوة رفضه لتجلس جانبه تخبره بجدية :-


+



" تناوله يا راغب ... من فضلك ..."


+



" تناوليه أنتِ ... لا أريد ..."


+



تمتم بها بنبرة مقتضبة لتزفر أنفاسها بضيق وهي تخبره :-


+



" تحتاج أن تبقى بخير حتى صباح الغد لأنها ستحتاجك عندما تستيقظ ..."


+



" وهذا ما سيحدث ... أنا بخير .. إطمئني ..."


+



قالها بنبرة ثابتة لتقرر إلتزام الصمت وعدم الضغط عليه أكثر ...


+



مع حلول الفجر بدأت تستيقظ لينتبه هو أولا فينهض من مكانه بلهفة هامسا بإسمها ليجدها تهمس بإسمه بدورها بينما تحاول فتح عينيها بصعوبة ... 


+




                          

فتحت عينيها أخيرا لتجده منحنيا جانبها قابضا على كفها يتسائل بلهفة :-


+



" هل أنت بخير ..؟! هل تشعرين بآلم ...؟!"


+



" أشعر بتعب شديد ..."


+



همست بها بنبرة ضعيفة وملامحها باهتة تماما قبلما تمتد يدها بتردد نحو مكان رحمها فتسأل بذات النبرة الضعيفة :-


+



" هي بخير ، أليس كذلك ...؟!"


+



لم يعرف ما يقول بينما سارعت هالة تهتف ببسمة متوترة :-


+



" وأخيرا إستيقظتِ ... الحمد لله على سلامتك حبيبتي ..."


+



لم تهتم همسة بحديثها بل تسائلت بعينين حمراوين ونبرة لاهثة :-


+



" إبنتي يا هالة .. هل هي بخير ...؟!"


+



ثم عادت تنظر نحو راغب فهمست بعد ثواني والعبرات ملأت عينيها :-


+



" ماتت ... طفلتي ماتت ... أليس كذلك ...؟!"


+



عاد يقبض على كفها مشددا عليه يرجوها :-


+



" أرجوك لا تفعلي .. سيعوضنا الله خيرا عنها ... صدقيني ... ما يهم إنك بخير ... أنت بخير وهذا هو المهم ...."


+



" أنت ..."


+



توقفت غير قادرة عن إكمال المزيد بينما انحنت هالة جوارها من الجهة الأخرى تلمس شعرها بحنو مرددة :-


+



" لله ما أخذ وله ما أعطى .. قولي الحمد لله يا حبيبتي .. ليحفظ الله أولادكم ويرزقكم غيرها بإذنه تعالي ..."


+



أخذت عبراتها تتساقط بغزارة قبلما تشيح بوجهها فتغمره في مخدتها وهي تبكي بنحيب خافت وقف أمامه عاجزا بينما سارعت شقيقتها تحتضنها بوضعيتها تلك ترجوها ألا تفعل بنفسها هذا ...


+



تحرك يغادر المكان وقد شعر بعدم قدرته على التنفس أكثر .. إندفع نحو حديقة المشفى يتطلع إلى السماء بأنفاس مختنقة داخل صدره وألم لم يشعر بمثله من قبل .... 


+



كيف سيغفر لنفسه هذا ..؟! بل كيف ستغفر هي له هذا ...؟! 


+



**


+



حل الصباح مجددا ...


+



بعد إنهيارها فجر اليوم لجأت للنوم هربا من الواقع المرير ليعود هو ويجاورها حتى حل الصباح وأتى الطبيب يطمئن عليها وعلى صحتها ويخبره بقدرتها على المغادرة ... 


+



إستيقظت مجددا ولكن بحالة مختلفة تماما حيث إرتدت قناع الصمت والثبات رغم جرحها الذي ينزف بقوة تستقبل مواساة الجميع بملامح هادئة حزينة دون أن تذرف دموعها مجددا ...


+




        


          


                

إستقبلت عناق والدته بصمت مقلق وكذلك البقية ...


+



عادت معه إلى القصر بينما كان هو حريصا على كل خطوة تخطيها ...


+



كان ممسكا بيدها وهو يخرج بها من المشفى ويقودها نحو سيارته بينما هي تتبعه بذات الصمت الذي بات يقلقه ...


+



عندما وصلا إلى القصر بقيت مستسلمة له حيث صعد بها إلى جناحهما وأجلسها بحرص على السرير قبلما يبعد الغطاء ويمددها عليه ليأتي الأولاد حيث تقدم سيف حاملا شقيقه الأصغر وجانبه إبراهيم لتلتمع عينيها بالعبرات لأول مرة منذ الصباح وهي تستقبل الصغير الذي رمى بجسده نحوها بلهفة مناديا :-


+



" ماما .. ماما ..."


+



عانقته بقوة و هي تبكي بدموع صامتة بينما وقف كلا من سيف ونزار يطالعانها بصمت ...


+



كان سيف يطالع والدته بملامح صلبة بينما عينيه تحمل حزنا خفيا أما نزار فتراكمت العبرات في عينيه ومشاعره كانت صريحة على ملامح وجهه كعادته ..


+



تقدم نزار بسرعة نحوها يضم جسده بين أحضانها لتلف ذراعها حوله وهي تقبله فتتساقط عبراته سريعا حزنا على والدته أما راغب فسارع يربت فوق كتف ولده البكري ليرفع سيف وجهه نحوه بملامح باهتة رغم تماسكها ليربت هذه المرة فوق خصلات شعره مشيرا له أن يتقدم ليتقدم بخطوات رزينة نحو والدته التي طالعته بوجهها الباكي فجلس جانبها ودون مقدمات قبض على كفها يقبله بحنو وهو يخبرها :


+



" لا تحزني يا ماما ... المهم سلامتك ....."


+



" سيف ... "


+



تمتمت بها همسة بصوت متحشرج ليبتعد نزار من بين ذراعيها ويتحرك إبراهيم هابطا إلى الأسفل عندما وجدت همسة بكريها دون مقدمات يعانقها متشبثا بها يخبرها بصوت آجش :-


+



" كوني بخير يا ماما .. أرجوك ..."


+



إستسلمت لعناقه وقد توقفت عن البكاء لتخبره بنبرة حزينة :-


+



" أنا بخير طالما أنتم بخير .."


+



إبتعد عنها بعد لحظات وهو يربت على كفها بدعم لتستوعب إن ولدها كبر وبات يجيد التعامل مع المواقف الصعبة كهذه بل بدا نسخة من والده ليس في شكله فقط بل في صلابته وهدوءه في التعامل مع المواقف الصعبة ...!


+



كان راغب يتابع ما يحدث بصمت يغلف ملامحه لتلتقي عينيها بعينيه أخيرا فترى بهما لأول مرة إعتذارا صريحا عندما سمعت سيف يخبرها :-


+



" سأطلب من الخادمة أن تعد لكِ الطعام فأنت لم تتناولِ شيئا منذ البارحة ..."


+




        

          


                

" لا شهية لدي يا حبيبي ..."


+



تمتمت بها همسة ليخبرها بإصرار :-


+



" يجب أن تتناولي شيئا ... لا يمكن أن تبقي دون طعام ..."


+



أكمل وهو ينظر نحو والده :-


+



" وعلى العموم سنتناول جميعنا الطعام معك ... فنحن كذلك لم نتناول فطورنا بعد .."


+



أمام إصرار ولدها لم تستطع سوى القبول فهبط سيف نحو الخدم يطلب إعداد الفطور ونقله إلى جناح والديه ليجلس جميعهم على طاولة دائرية تتوسط شرفة الجناح يتناولون فطورهم وقد حرص سيف أن يضع أصناف الطعام التي تفضلها في صحنها ويحثها أن تتناولها بينما إضطرت هي أن تسايره وتتناول القليل من الطعام رغم إنعدام شهيتها له ...!


+



**


+



غادر الأولاد وباتا لوحديهما في الجناح ...


+



إتجهت هي دون حديث نحو سريرها حيث تمددت عليه وجذبت الغطاء فوق جسدها مقررة الهروب إلى النوم بينما يتابعها هو بصمت تاركا لها الحرية الكافية للهرب منه وإن كان هروبها ليس حلا فالمواجهة بينهما آتية لا محالة ...


+



مساءا أتت والدته مع شقيقتها وتوليب لتطمئن عليها لينسحب هو تاركا المجال لهن فينفرد بنفسه في غرفة المكتب بعدما طلب من الخادمة أن تجلب له القهوة ...


+



بقي لفترة من الوقت يدخن بصمت وعقله لا يتوقف عن التفكير يتسائل عما حدث الليلة السابقة وأوصلها لهذه الحالة ...


+



هل يعقل إن إرغامه لها على الحضور هو فقط من تسبب بهذا ..؟!


+



لابد أن هناك شيء آخر حدث ...


+



أما هي فبقيت في سريرها بعدما غادرت خالتها مع توليب وهالة تتذكر ما حدث في تلك الحفلة اللعينة فتشعر بذات الألم وتتضاعف الحرقة في صدرها وهي تستوعب إنها فقدت جنينها بسبب ما حدث ...


+



شردت في الماضي ولم يكن هذا بجديد فهي سبق وتعرضت لمواقف مشابهة منذ بداية إرتباطها به بل سمعت كلام مشابه من يسرا نفسها في أسوأ توقيت وقتها ...


1



عادت بذاكرتها إلى الخلف وتحديدا يوم زفافها ....


+



قبل أعوام مضت ...


+



ليلة زفاف راغب الهاشمي على إبنة خالته همسة الشامي ...


+



كانت همسة في الجناح المخصص لها تستعد للظهور أمام الجمع الذي ينتظرها خارجا بقلب متوتر ...


+



معها خبيرة التجميل التي ما زالت تضع اللمسات الأخيرة على وجهها وتجاورها كلا من شقيقتها هالة وتوليب ...


+




        

          


                

أما في الخارج فبقية أفراد العائلة متواجدين في قاعة الحفل وعلى رأسهم العريس الذي كان يستقبل ضيوفه بنفسه إلى جانب والده وشقيقه راجي ....


+



خالتها كذلك تشرف على تحضيرات الحفل وترحب بالمدعوين بينما تطمئن عليها بين الحين والآخر ...


+



تم التجهيز لهذا الحفل منذ حوالي ثلاثة أشهر وكان هو حديث الموسم والزفاف الأشهر لهذا العام خاصة مع تكاليف الزفاف الخيالية والبذخ المبالغ فيه ..


+



تم إختيار أشهر فندق في البلاد لإقامة حفل الزفاف وكان راغب ووالديه حريصين أن يكون الزفاف متكاملا مثاليا من جميع النواحي ..


+



تم تصميم فستان العروس على يد أحد أشهر المصممين والذي يصمم فساتين أشهر الفنانات بل والكثير من ملابس  الأميرات والملكات ...!


+



كما تم تصميم الطقم الماسي الذي سترتديه في الحفل على يد مصمم مجوهرات مشهور للغاية ليكون حديث الموسم كالفستان ...


+



ورغم إنها شاركت بإختيار ما يخصها من تصميم الفستان وغيره إلا إنها كانت غير مندمجة مع كل هذه الترتيبات والبذخ المبالغ فيه ...


+



كانت هذه الأجواء لا تناسبها ولا تشببها فداخلها كانت تتمنى زفافا بسيطا على الساحل وسط المقربين ويراقصها عريسها أسفل ضوء القمر طوال الليل ...


+



أحلامها كانت بسيطة للغاية ...


+



وواقعها لا يحتمل البساطة أبدا ...


+



وعلى العكس تماما كان راغب سعيدا بكل هذه التفاصيل الذي إختارها بنفسه بدعم من والديه اللذين كانا في قمة سعادتهما وهما يجهزان لحفل زفاف بكريهما ...


+



كان يقف بجانب والده وقد بدا وسيما أكثر من المعتاد معتدا بنفسه فخورا بما يراه متلهف لظهور عروسه التي سينفرد بها أخيرا كما ينبغي ...


+



ملامحه كانت تشي بمدى سعادته بهذه الزيجة وهذا ما لاحظه الكثير ممن ما زالوا مستغربين ما حدث خلال مدة ليست بطويلة حيث إنفصاله عن إبنة خاله ثم زواجه من إبنة خالته ربيبة عائلته ...


+



إبنة خاله التي فاجئت الجميع بحضورها عداه هو فهو يعرفها جيدا وكان متأكدا من حضورها حفل الزفاف خاصة مع الصلح الذي تم بين العائلتين لتظهر بطلة ملكية وتتقدم نحوه بإبتسامة هادئة تبارك له زيجته فيستقبل مباركتها بذات الإبتسامة الهادئة والعيون بأكملها تسلطت عليهما ...


1



من يعرف يسرا الحداد سيفهم جيدا سبب قدومها وهي التي إدعت تقبلها لما حدث بل ومباركتها لهذه الخطبة مدعية عدم ضيقها مما حدث فهي وإبن عمتها لم يتفقان وإنفصلا بشكل حضاري دون تأثير على رباط العائلة وهو من حقه أن يختار غيرها ممن يتوافق معها ويشعر إنها تناسبه...


+




        

          


                

تجاهل بعدها راغب وجودها فهو لا يهتم بقدومها من عدمه وإن كان متأكدا من قدومها ...


+



تحرك والده ليجلب العروس بينما صدحت أصوات الموسيقى العالية تمهيدا لظهور العروس ووقف هو مكانه بقلب متلهف ينتظر ظهورها جانبه أشقائه وخلفهم والدته تتابع ما يحدث بعينين سرعان ما ملأتهما الدموع وهي ترى همسة تطل متأبطة ذراع زوجها بجمال لا مثيل له وفستان ملكي يليق بها ...


+



إبتسم راغب بهدوء وعيناه تتأملانها بشغف وعشق لا مثيل له ...


+



تلك هي حبيبته .. الفتاة الوحيدة التي خطفت قلبه .. الأنثى الوحيدة التي جذبته لها وحركت رغباته إتجاهها ...


+



الكثير من النساء حوله لكنه لم ينجذب لأيا منهن بل حتى يسرا لم يشعر يوما إتجاهها بأي شيء كان أما همسة فهي شيء مختلف .. هي عشقه الذي أدركه متأخرا وقطعة من روحه المتيمة بها ...


+



لم يتصور يوما أن تكون هناك أنثى على وجه الأرض قادرة أن تحتل مساحة من قلبه لتأتي هي وتحتل قلبه كاملا ..


+



عانق والده الذي بارك له زيجته بسعادة وأوصاه عليها بشدة ليتجه نحوها وهي التي تخفض رأسها بخجل شديد وقلبها يخفق بشدة فالأنظار جميعها مسلطة عليها ليهمس بإسمها فترفع عينيها الخضراوين نحوه ليسقط بسحرهما وبتلك النظرة البريئة الشفافة التي تشي بمدى توترها وخجلها بل وخوفها كذلك ...


+



مال يطبع قبلة دافئة فوق جبينها ثم يمنحها إبتسامة مطمئنة بينما بقيت هي عاجزة عن الإبتسام ليمد لها ذراعه فتتأبطها وتسير جانبه متجهين حيث المكان المخصص لجلوسهما يتبعهما كلا من هالة وتوليب اللتين إرتدتا فساتينا متماثلة من الدانتيل الكريمي اللون تنثران الورود خلفهما ....


+



جلس كلاهما في مكانه بينما أثنى الجميع على طلة العروس الرائعة وفستانها المثالي ...


+



كانت يسرا تتابع الحفل بإبتسامة ثابتة رغم النار المشتعلة داخلها فهي من كانت تستحق هذا الحفل وهي من يجب أن تكون جواره لا أخرى ..


+



حقدها يتضاعف وعقلها يرفض تصديق إن تلك الصغيرة البلهاء أخذت مكانها هي ...


+



مكانها الذي لا يليق بسواها هي ولا تناسبه غيرها ... 


+



نهض بعدها العروسين لتقطيع كعكة الزفاف الضخمة ثم بدأت رقصتهما لتمر بعدها فقرات الحفل المعتادة بتنظيم مثالي  ...!


+



أثناء الوقت المخصص للعشاء نهضت همسة لتستريح قليلا في الجناح المخصص لها بينما بقي هو يتبادل الأحاديث مع بعض الضيوف المهمين ...


+



جلست في جناحها تلتقط أنفاسها بصعوبة وقد تعبت حقا من المجاملات وتلقي المباركات والإبتسامة الثابتة طوال الوقت ...


+




        

          


                

أتت خالتها وجلست جانبها قليلا وحاولت إقناعها بتناول شيء لكنها رفضت بشدة لتتركها بعدها وتغادر لأجل متابعة الضيوف والإطمئنان على سير الحفل كما هو مطلوب ..


+



بعد دقائق فوجئت بيسرا تدخل إليها لتنهض من مكانها سريعا تردد بعدم تصديق :-


+



" يسرا ..."


+



" لا تنهضي يا عزيزتي ..."


+



قالتها يسرا بنبرة ودودة لم تسمعها منها من قبل قبلما تتقدم نحوها وهي تخبرها :-


+



" لم أبارك لك .. مبارك الزواج ... "


+



أضافت وهي تقدم لها علبة ضخمة :-


+



" فضّلت أن أمنحك هديتك هنا منعا للأقاويل خارجا ...."


+



تناولت همسة الهدية منها لتفتحها فتجد طقما ماسيا رائعا لتقول همسة بسرعة :-


+



" شكرا ولكن هذا كثير ..."


+



" لا يوجد شيء كثير على إبنة عمتي ..."


+



تمتمت بها يسرا بذات المودة لتقول همسة بتردد :-


+



" يسرا أنا حقا آسفة ... أنا لا ذنب لي ب..."


+



أوقفتها يسرا سريعا :-


+



" علام تعتذرين ...؟! أعلم جيدا إنه لا دخل لك بكل هذا ... ليس كما يقول الناس .... "


+



إرتبكت ملامح همسة وهي تتذكر ما وصل إليها من حديث الناس عن كونها سرقت راغب من خطيبته وكلام كثير ضاعف من حزنها وتوترها من هذه الزيجة لتضيف يسرا بنبرة باردة :-


+



" على العكس تماما .. صدقيني أنا لست حزينة بإنفصالي عنه ... أنا نفذت بجلدي من هذه الزيجة كما يقولون ... "


+



طالعتها همسة بعدم فهم لتضيف يسرا مصطنعة الشفقة :-


+



" أما أنت فكان الله بعونك ..."


+



" لماذا تقولين هذا ..؟!"


+



سألتها همسة بعدم فهم لتقول يسرا بعدما أطلقت تنهيدة طويلة :-


+



" إسمعي يا همسة ... أنت بمثابة شقيقتي الصغرى ... سأمنحك بضعة نصائح كي تستعدي بشكل صحيح لحياتك القادمة معه وتعرفين كيف تتعاملين مع راغب كي لا يجعلك خاضعة له خانعة لرغباته ومتطلباته كما يريد ..."


+



زاد الخوف في قلب همسة بينما يسرا تسترسل :-


+



" بعيدا عن علاقاته النسائية ، راغب شخص متملك وقاسي ... يتحكم بكل شيء ... ويريد كل شيء حوّله وهذا ما لم أستطع تحمله لأقرر فسخ الخطبة والهروب من هذه الزيجة الفاشلة ..."


1




        

          


                

" علاقاته النسائية ...؟!"


+



همست بها همسة بصوت ضعيف لتقول يسرا :-


+



" لا تقولي إنك لا تعلمين ... "


+



هزت همسة رأسها نفيا لتهتف يسرا مدعية الشفقة :-


+



" كنت أعلم إنكِ مسكينة لا تدركين شيئا مما يحدث حولك ..."


+



أضافت بمكر خفي :-


+



" راغب متعدد العلاقات ... يعرف نساءا بعدد شعر رأسه ... حاولت كثيرا تقبل ذلك وتغيير هذه الخصلة فيه لكنني لم أنجح ..."


+



ربتت على شعرها بحنو وهي تخبرها :-


+



" ولكن ربما تنجحين أنتِ بذلك وتجعلينه يكتفي بك ..."


+



" هل هذا سبب إنفصالك عنه ..؟!" 


+



سألتها همسة بصوت مبحوح لتجيب يسرا :-


+



" نعم ، إضافة لكونه شخص متحكم وكان يبحث عن زوجة مطيعة تستجيب له دائما وتطيعه في كل ما يريده ..."


+



أخذت نفسا عميقا ثم رسمت الآسف على ملامحها :-


+



" وأنا لم أكن كذلك ... لذا إنفصلنا ... وفوجئت بعدها بخبر خطبته لك .. لا تحزني من كلامي ولكنني فهمت السبب على الفور .. فهو وجد بك الزوجة المطيعة التي يتمناها والتي لن تطالبه بشيء ولن تتمرد عليه بل ستخضع له دائما ..."


+



أضافت بقسوة متعمدة :-


+



" وبالطبع لا عائلة لديكِ تحاسبه على أي تصرف يصدر منه اتجاهك ... آسفة حقا ولكنني أريد تنبيهك بهذا كي تدركي علامَ أنت مقبلة وتجيدي التصرف الصحيح ..."


+



لم تؤثر بها العبرات التي ملأت عينيها أبدا فهي تستحق هذا وأكثر لتميل نحوها تطلع قبلة على وجنتها تليها الأخرى على الوجنة الثانية ثم تهمس لها :-


+



" مبارك مجددا وأتمنى لك السعادة معه .."


1



ثم تحركت مغادرة المكان بعدما قالت جميع ما تريده تاركة همسة واقفة مكانها بعبرات تحجرت في عينيها قبلما تشعر بدوار يتمكن منها لتجلس سريعا على الكنبة وهي تدرك إنها تورطت بالفعل ... تورطت بزيجة ستدمر حياتها ...!


+



**


+



بعد مرور دقائق ...


+



دلف راغب إلى الجناح ليتفاجئ بها تجلس مكانها والدموع تغرق وجنتيها ليركض نحوها سريعا يتسائل بلهفة :-


+



" ماذا حدث يا همسة ..؟! هل أنت بخير ...؟!" 


+



طالعته بعينيها الباكيتين لتهمس بصعوبة :-


+




        

          


                

" لا أريد ...."


+



تسائل بعدم فهم :-


+



" مالذي لا تريدينه ...؟!"


+



" لا أريدك ..."


+



قالتها بثبات واهي جعله يتراجع إلى الخلف مصدوما لتنهض من مكانها تشرف عليه تخبره بذات النبرة الجادة رغم خوفها :-


+



" لا أريدك يا راغب ... طلقني ..."


+



نهض من مكانه يطالعها بعدم استيعاب :-


+



" هل جننت ...؟! هل تستوعبين ما تقولينه ...؟!"


+



" كلا لم أجن بل العكس ...  الآن فقط عقلت... "


+



هز رأسه نفسا لتضيف بألم :-


+



" أنت تعلم إنني كنت مجبرة على الموافقة ..."


+



" مجبرة ..."


+



همس بها بصوت متحشرج لتخبره باكية :-


+



" لم أستطع أن أرفضك وأنت إبن العائلة التي تبنتي أنا وشقيقتي وقدمت لي معروفا لم أنسه أبدا ..."


+



" فقررت رد المعروف من خلالي ..."


+



تمتم بها مذهولا وهو يضيف بعينين إشتعلتا بقوة :-


+



" وافقتِ عليّ فقط لرد الجميل ... أليس كذلك ..؟!"


+



لم تجب فصاح بها :-


+



" لماذا لا تجيبين ..؟! لهذا السبب تزوجتني .. ؟! لرد المعروف ... !"


+



صاحت بدورها وقد تعبت من كل شيء :-


+



" نعم ، هل كنت تتوقع مني الرفض ...؟! كيف كنت سأرفض إبن العائلة التي قدمت لي كل شيء ..؟! كيف سأرفض إبن الرجل الذي عاملني كأب حقيقي ولم يفرق بيني وبين أولاده أبدا وفعل ذات الشيء مع شقيقتي ..؟! كيف سأرفض ابن خالتي التي كانت أما ثانية لي وغمرتني بحنانها ورعايتها طوال الوقت ...؟! "


+



أنهت كلامها وإنهارت باكية ليسأل وألمه يكاد يقتل روحه  بصوت محتقن بحزن لا آخر له :-


+



" وهل تذكرتِ الآن أن ترفضي ...؟! الآن في حفل زفافنا ..."


+



" لأنني تعبت من التمثيل وتعبت من فرض أشياء عليّ لا أرغبها ..."


+



طالعها بقهر ليقول بأنفاس هادرة :-


+



" إطمئني .. لست مضطرة لذلك بعد ... الآن لا أستطيع تطليقك حالا للأسف لكنني أعدك بالطلاق بعد مرور عام منعا للأقاويل وخلال هذا العام لن أثقل عليكِ بأي شيء ولن أطالبك بشيء يثقل كاهلك أبدا ..."


+




        

          


                

أضاف بعدها بثبات رغم الوجع الذي يحرق روحه :-


+



" سأخبرهم إنك متعبة ولا تستطيعين البقاء حتى نهاية الحفل ... لنغادر مباشرة إلى جناحنا في الأعلى ..."


+



إندفع بعدها مغادرا الجناح تاركا إياها تطالع آثره بدموع جفت قليلا لتشعر بأنها أخطأت وبالغت في ردة فعلها وحديثها الذي جرحه لكنها كانت في قمة إنفعالها خاصة وهي تقارن حديث يسرا بعلاقتهما طوال الأشهر الماضية وهو الذي كان مسيطرا وكل شيء يجري وفقا لإرادته هو بينما هي لا تفعل شيئا سوى إلتزام الصمت وإدعاء الموافقة عند اللزوم ...!


+



إستيقظت من أفكارها على صوت باب الجناح يُفتح ليدخل هو أخيرا فتتلاقى عيناه بعينيها ليسأل بعدما أغلق الباب :-


+



" كيف تشعرين الآن ..؟! هل أصبحت أفضل ..؟!"


+



أشاحت بوجهها نحو الجهة الثانية وهي تجيب بإقتضاب :-


+



" الحمد لله ..."


+



تنهد بصمت ثم جلس قبالها يخبرها :-


+



" إنظري إليّ يا همسة ..."


+



إستدارت نحوه تطالعه بنظرة تحمل رفضا صريحا ...


+



رفض آلمه فهمس دون مقدمات :-


+



" أنا آسف ..."


+



إبتسمت بسخرية ثم قالت :-


+



" أتمنى أن تكون إرتحت الآن بعدما حضرت حفلتك اللعينة ..."


+



" لم أكن أريد حدوث هذا حقا ولكن ..."


+



إنتفضت من مكانها تصيح به :-


+



" ولكن ماذا ... ؟! لماذا تجبرني على ما لا أريده ..؟! لماذا تريد مني حضور حفل لا أطيق صاحبته ..؟! لماذا عليّ أن أطيعك في كل شيء والمقابل كان خسارة طفلي ....؟!"


+



نهض من مكانه يخبرها بصدق :-


+



" أنا فعلت هذا لأجلك ... لم أرغب بأن يعتقد الناس إنك تهربين من مواجهتها ... "


+



" حقا ..؟!"


+



سألته وهي تضحك بسخرية لتضيف بمرارة :-


+



" ليكن بعلمك إذا ... هذه المواجهة التي تتحدث عنها كلفتني طفلتي التي خسرتها بسببك ... بسببك أنت يا راغب ... وهذا ما لن أغفره أبدا ..."


+



" تتحدثين وكأنني كنت أقصد ذلك ..."


+



" أنت آذيتني ..."


+



صاحت به وهي تضيف بقهر :-


+



" مرة واحدة فقط إحترم رغباتي وقراراتي ...مرة واحدة توقف عن الاهتمام بالناس وما سيقولونه ..." 


+




        

          


                

طالعها بعدم تصديق ليسأل :-


+



" متى أجبرتك على ما لا تريدينه ...؟! هل أجبرتك يوما على الظهور معي في الحفلات وغيرها ...؟! "


+



" عندما يتعلق الأمر بيسرا فأنت تجبرني على ذلك يا راغب ..."


+



قالتها بحرقة وهي تضيف :-


+



" لماذا تفعل ذلك ..؟! ماذا تريد أن تثبت لها ..؟! أخبرني ..."


+



" مالذي أريد إثباته مثلا ...؟! أفيقي يا همسة ... أنا فقط لا يعجبني هروبك من رؤيتها ..."


+



قالها بصدق لتصرخ :-


+



" وما شأنك أنت ..؟! دعني أهرب من رؤيتها ..."


+



أضافت وعبراتها عادت تتساقط :-


+



" أم إنك تفعل ذلك لتثبت لها إنها لا تهمك وإن لديك البديل المناسب ..."


+



" ما هذا الهراء ...؟!  هي بالفعل لا تهمني ... ولم تكن تهمني يوما ..."


+



قالها بنبرة منفعلة لتصرخ بوجع :-


+



" كانت خطيبتك يوما وبالطبع كانت تهمك وعندما تركتك وجدت أنت البديل المناسب .."


+



" بديل ...؟! هل ترين نفسك بديلا لها ...؟!هل هذه نظرتك لنفسك ...؟!"


+



قالها مدهوشا لتسأل بمرارة :-


+



" أليست هذه الحقيقة ..؟! ألم تخترني بعدما فسخت خطبتك منها ...؟! أو ربما هي من فسختها .. لا أعلم حقا ..."


+



" أنت أصبحتِ تهذين ..."


+



جلست على الكنبة خلفها بإرهاق لترفع وجهها الباكي نحوه فيسألها بجدية :-


+



" ماذا حدث هناك معكِ لتنهاري بتلك الطريقة التي جعلتكِ تجهضين الطفل ...؟!"


+



" هل تريد المعرفة حقا ..؟!"


+



سألته بملامح متهكمة ليخبرها بإصرار :-


+



" نعم أريد المعرفة ..."


+



" كانوا يتحدثون عني ..."


+



قالتها ببؤس وهي تضيف بقهر ودموعها عادت تغرق وجهها :-


+



" يتحدثون عن الفتاة التي تزوجها راغب الهاشمي والتي لا تناسبه أبدا بل تبدو كفأرة صغيرة جواره ... يتسائلون أيضا عن سبب إختياره لي ... "


+



هتفت بصوت باكي :-


+



" وأنا أيضا أتسائل عن ذلك .. لماذا إخترتني وأنت تعلم جيدا إنني لست المرأة المناسبة لك ولعالمك الذهبي ...؟! لست من تناسب مكانتك في المجتمع ..."


+




        

          


                

" هل هذا ما جعلك تنهارين بهذه الطريقة ..؟!"


+



سألها بعدم تصديق لتهدر به :-


+



" حديث سخيف من وجهة نظرك ... أليس كذلك ..؟!"


+



نهضت من مكانها وتقدمت نحوه تصيح باكية :-


+



" أنا عشت عمرا كاملا معك أعاني من هذا الشيء الذي تستهزأ به ... أعاني من حقيقة إنني متزوجة من رجل يتفوق عليّ بكل شيء وأنا مضطرة أن أضغط على نفسي لأوازيه مكانة لكنني بالطبع لن أنجح ناهيك عن المقارنات التي يعقدها الجميع بيني وبين يسرا هانم سيدة الأعمال الناجحة فاتنة الجمال طاغية الحضور .. "


+



إسترلست بذات البكاء :-


+



" كانوا يقارنون بيني وبينها ... تخيل يقولون إنني لجأت للسحر أو ربما أغويتك ووقعت بالمحظور معي ..."


+



صرخت بإنفعال :-


+



" وبعد كل هذا ما زلت مندهشا من إنهياري ..."


+



شعرت بألم شديد  في بطنها فصرخت وهي تنحني تلمسها ليهتف سريعا :-


+



" إهدئي يا همسة ... "


+



قالها قبلما يجذبها من كفها ويقودها نحو السرير وهو يخبرها :-


+



" الإنفعال ليس جيدا عليك ..."


+



" إتركني ..."


+



همست بها بصعوبة رغم آلمها ليقول رافضا :-


+



" لن أتركك ..."


+



ثم أجلسها بوضعية مريحة فوق السرير ليخبرها وهو يحاوط وجهها بكفيه :-


+



" لن أتركك مهما حدث ..."


+



" أنت السبب ..."


+



صاحت به ليهمس معتذرا بصدق :-


+



" أنا آسف ... آسف حقا ..."


+



ثم دون مقدمات جذب رأسها فوق صدره لتنهار باكية من جديد بينما حاوطها هو بذراعه ...


+



بقيت تبكي فوق صدره لفترة من الوقت حتى بدأ بكائها يخفت ...


+



تحدث أخيرا يخبرها :-


+



" متى ستفهمين إن لا امرأة في هذا العالم تضاهي مكانتك لدي وإنك خارج المقارنة مع أي أنثى بالنسبة لي ...؟!"


+



شعر بتشنج جسدها للحظات قبلما تبتعد عنه تطالعه بعينيها الحمراوين ليحاوط وجهها مجددا وهو يخبرها :-


+



" لا يهم ما تفكرين به ولا يهم ما يقوله الناس .. ما يهم حقا هو الواقع والواقع يا همسة إنني إخترتك لأنني أريدك ولا أريد سواك ولم أرغب يوما بسواك حتى يسرا ذات نفسها ... "


+




        

          


                

" كيف يعني ...؟!"


+



سألته بعدم إستيعاب ليبتسم بمرارة وهو يخبرها :-


+



" ألم تفهمِ بعد ..؟! ألم تسألِ نفسك يوما مالذي يجعلني صابرا كل هذه السنوات على جفائك وتباعدك ..؟! ألم تشعري بشيء ما في لحظات قربنا ...؟! ألم تفهمي حقا يا همسة ...؟! "


+



" مالذي لا أفهمه ...؟! "


+



سألته وقلبها أخذ يقرع كالطبول وما يتبادر لذهنها يبدو مستحيلا وإن كانت كل تصرفاته وكلامه يشيران إليه ليخبرها أخيرا بما أخفاه داخله لسنوات :-


+



" ألم تفهمِ حقا بأنني أحبك وهذا ما جعلني أختارك زوجة لي وهذا ما جعلني باقيا عليك لسنوات بل لآخر عمري سأكون باقيا عليك ...؟! سأقولها بوضوح إذا .. أنا أحبك ولم أحب يوما غيرك ولن أحب غيرك مهما حدث ..."


1



إنتفض قلبها بقوة بل دار الكون بها ...


+



لم تصدق ما تسمعه وقد تبين لها إنها كانت تتوق لهذا الإعتراف دون أن تدري ..


+



" أنت تحبني ..."


+



سألته بنبرة مذهولة ليخبرها بجدية مدركا مدى إحتياجها لتصديق هذه الحقيقة التي غابت عنها لسنوات :-


+



" أحبك ...أحبك لدرجة لو إجتمعن جميع نساء العالم يرحبن بي في جنتهم الخضراء اليانعة سأرفضهن جميعا وأختارك أنتِ بنارك وجحيمك ...أحبك يا همسة ...."


1



" أنت ...."


+



توقفت عاجزة عن قول المزيد والدموع عادت تتراكم في عينيها ليضع إصبعه فوق شفتيها يخبرها بجدية :-


+



" لا تقولي شيئا ... أعرف إن ما قلته صادما وتأخر .."


+



قاطعته بدموع حارة :-


+



" تأخر كثيرا ..."


+



" آسف حبيبتي ..."


+



همس بها بصدق قبلما يضيف بمرارة :-


+



" كنت مضطرا لذلك ... لم أستطع قولها مسبقا وأنا أدرك جيدا إنه لا صدى لديها عندك ... "


+



إرتجف جسدها بالكامل لتخبره بتردد :-


+



" راغب أنا .... "


+



" أنت لست مجبرة على قول شيء يا همسة ...."


+



قالها بجدية ثم أخذ يمسح دموعها لتهمس بتردد :-


+



" كررها يا راغب ... أخبرني إنك تحبني ... أحتاج لسماعها منك ... أرجوك ...."


+



إبتسم مرغما ليهمس لها بحرارة :-


+




        

          


                

" أحبك يا همسة ... أحبك كثيرا ...."


+



عادت تذرف دموعها مجددا قبلما تلقي بنفسها داخل أحضانه تبكي بصمت بينما يحاوطها هو بذراعيه يحتويها داخل أحضانه يمنحها آمانا غير مشروطا وعشقا لا نهاية له ...


+



**


+



فتحت توليب عينيها على صوت حركته في الجناح لتعتدل في جلستها وهي تتمتم بنعاس :-


+



" صباح الخير حبيبي ..."


+



هتف بإقتضاب :-


+



" صباح النور ...."


+



رفعت الغطاء عن جسدها ونهضت من مكانها ليظهر قميص نومها القصير فتتقدم نحوه تسأله وهو الذي يبحث عن شيء تجهله :-


+



" علامَ تبحث ..؟!"


+



رد بوجوم :-


+



" ملف كنت وضعته في الخزانة .."


+



تابعته وهو يبحث عنه حتى وجده لتسأله بحذر :-


+



" ما بالك يا إياس ...؟! تبدو غاضبا ..."


+



" كنت غاضبا لأنني أضعت الملف ..."


+



قالها وهو يتجه نحو المرآة يسحب مشطا يسرح به خصلات شعره لتتحرك بدورها متجهة إلى الحمام قبلما تخرج وتفتح الخزانة تبحث عن شيء مناسب ترتديه بينما تخبره :-


+



" سأذهب بعد الفطور إلى القصر لأرى ماما و ..."


+



قاطعها بنبرة ساخرة :-


+



" وما الجديد ...؟! طوال اليومين السابقين وأنت تفعلين ذلك ..."


+



إلتفتت نحوه لتجده يسحب سترته يهم بإرتدائها فتسأله بضيق :-


+



" هل يزعجك ذهابي إلى هناك ...؟! "


+



" وهل يهمك إنزعاجي من عدمه ..؟!"


+



كانت نبرته تحمل غضبا صريحا وإن كانت هادئة لتسأل مجددا بتجهم :-


+



" ما بالك يا إياس ...؟! أنا قضيت اليومين السابقين هناك بسبب ما حدث مع همسة وإجهاضها ... "


+



" ما زلت عروس جديدة وتقضين أغلب وقتك عندهم ..."


+



قالها بنبرة عصبية لتهتف مبررة :-


+



" أخبرتك عن السبب .. "


+



" زوجة شقيقك باتت بخير ..."


+



قالها بمنطقية وهو يضيف :-


+



" الأفضل أن تبقي هنا قليلا وتهتمي بقصرك الجديد ...."


+




        

          


                

" هذا ليس قصري يا إياس ..."


+



قالتها بثبات وهي تضيف عن قصد :-


+



" هذا قصر العائلة وسيدته هي والدتك ..."


+



" قريبا ستكونين أنت سيدته .."


+



قالها بعنفوان لتخبره ببرود:-


+



" هذا لن يحدث حتى لو بات القصر لك لأن والدتك أولى مني بذلك ..."


+



" توليب ... لا شأن لك بما بيني وبين والدتي ..."


+



هدر بها بعصبية لتتقدم نحوه تخبره بعصبية تمكنت منها :-


+



" على مهلك يا إياس .. وتوقف عن طريقتك هذه .. أنا زوجتك ولي دخل بما يخصك ..."


+



" إلا هذا الموضوع ..."


+



قالها بنبرة عنيفة لتتسع عينيها مرددة بعدم تصديق :-


+



" لهذه الدرجة ..؟!"


+



" وأكثر ..."


+



قالها بإقتضاب قبلما يتجه نحو طاولة الزينة يسحب عطره ويرش منه الكثير ثم يهم بالمغادرة لتسأله بضيق :-


+



" ألن تنتظرني لنهبط سويا ...؟!"


+



أجاب ببرود :-


+



" أنا مستعجل ... لدي أعمال كثيرة مثلما أنت مستعجلة للذهاب لعائلتك وقضاء يومك معهم ...."


+



ثم غادر تاركا إياها تشعر بالإحباط وتراجع نفسها متسائلة عن الخطأ في تصرفها ...


+



إتجهت بعدها ترتدي ملابسها ثم غادرت الجناح وتوجهت خارج القصر دون أن تتناول الفطور ...


+



هناك قضت وقتا مع والدتها وإطمئنت على همسة التي ما زالت مرهقة وحزينة للغاية قبلما تنفرد بها والدتها وهي تخبرها :-


+



" غدا لا تأتي ... إبقي مع زوجك في يوم عطلته ... "


+



ترددت في الحديث لكنها شعرت بحاجتها إلى إستشارة من والدتها لتخبرها :-


+



" أساسا هو غاضب مني لأنني قضيت اليومين السابقين هنا ..."


+



" معه حق ... أخبرتك إننا بخير .. من حق الرجل أن يجد زوجته تنتظره عندما يعود من عمله وأنت منذ ثلاثة أيام هنا معنا ... زوجك له حق عليكِ مثلنا وأكثر ..."


+



شعرت في تلك اللحظة بأنها أخطأت بالفعل وإن كان دون قصد ...


+



عادت إلى قصر آل صواف مبكرا ليتفاجئ إياس بوجودها عند عودته وهي التي إستقبلته بإبتسامة رحبة وعناق دافئ إستجاب له بحاجة حقيقية خاصة بعد شجاره مع عمه وولده اللذين علما برغبة جده في منحه إدارة المجموعة بدلا من عمه ...


+




        

          


                

" جهزت الحمام لك ..."


+



قالتها وهي تساعده في خلع سترته ثم أضافت مبتسمة :-


+



" وطلبت من الخالة سلوى أن تجهز لك طعامك المفضل على العشاء .."


+



" هذه طريقتك في الإعتذار إذا ...؟!"


+



قالها مبتسما بخفة لتخبره بصدق :-


+



" لم أقصد الإنشغال عنك وعدم التواجد حولك فقط إنشغلت قليلا بهمسة ووضعها وماما كانت حزينة ..."


+



أضافت مبتسمة بنعومة :-


+



" ولكن أعدك إنني لن أنشغل عنك بعد الآن أبدا ..."


+



أخذ يحرك أنامله فوق وجنتها وهو يخبرها :-


+



" وهذا ما أريده .. أريدك جانبي وحولي دائما ... لا أريد لأي شيء أن يأخذك مني حتى عائلتك ...."


+



" أنا معك دائما يا إياس ..."


+



قالتها بجدية لينحني طابعا قبلة فوق شفتيها عندما أخبرته وهي تدفعه نحو دورة المياه :-


+



" خذ حمامك بسرعة فموعد العشاء إقترب ..."


+



إنتهى من أخذ حماما ثم إرتدى ملابسه بسرعة ليتحركا سويا خارج الجناح ومنه إلى الطابق السفلي ..


+



سقطت عينا رأفت عليهما وهما يسيران متشابكين الأيدي فإشتعلت نار الغيرة والحقد داخله ...


+



جلست قباله ليشعر بضيق أكبر وهو يتأملها بجمالها المشرق وذلك الفستان الذي ترتديه بلون الكراميل يظهر جمال جسدها الرشيق ويلائم سمار بشرتها الجذاب ..!


+



بدأ الجميع يتناول طعامهم عندما تحدث العم يتسائل بغضب مكتوم :-


+



" هل صحيح ما سمعته يا أبي ...؟! هل ستمنح إدارة المجموعة لإياس ..؟!"


+



أجاب الجد بجدية :-


+



" لا أحب التحدث عن مواضيع العمل على الطعام يا عارف وأنت تدرك ذلك جيدا ..."


+



" من فضلك يا أبي ... هذا الموضوع ليس عاديا .... إدارة المجموعة حقي أنا و ...."


+



قاطعه إياس بثبات :-


+



" إدارة المجموعة من حق الأفضل مهنيا وأنا الأفضل بشهادة الجميع ...."


+



" أنا أتحدث مع والدي وليس معك ..."


+



قالها عارف بعصبية ليهدر الجد بهما :-


+



" توقفا أنتما الإثنان .."


+



أكمل بصرامة :-


+




        

          


                

" إدارة المجموعة ستكون للشخص الذي أقرره أنا .. الشخص الأفضل 


+



بالنسبة لي ..."


+



تدخل رأفت مرددا بسخرية :-


+



" والشخص الأفضل هو إياس كالعادة يا جدي ..."


+



قال الجد بعقلانية :-


+



" إياس أثبت جدارته في إدارة فرعنا في الخارج وهو الأفضل بالفعل ..."


+



" يعني إتخذت قرارك بالفعل ..."


+



قالها عارف بغضب متفاقم عندما هتفت ألفت محاولة إحتواء الموقف :-


+



" ما المشكلة في ذلك ..؟! في النهاية الجميع يتشارك الإدارة و ..."


+



قاطعها عارف يصيح بها :-


+



" إخرسي أنت ..."


+



إنتفض إياس من مكانه يصيح به :-


+



" لا ترفع صوتك عليها ...."


+



طالعته ألفت بدهشة بينما إبتسمت توليب داخلها بسبب دفاعه عن والدته ليسخر عارف منه :-


+



" ماشاءالله ... منذ متى وأنت تهتم بوالدتك وتغضب لأجلها ...؟!"


+



" يكفي يا عارف ..."


+



قالتها ألفت برجاء بينما هتف عارف متهكما :-


+



" هل رضي الولد عاق عن والدته أخيرا ...؟!"


+



إندفع إياس نحوه ينوي الإنقضاض عليه لتنتفض ألفت بسرعة تقف في وجهه بينما يهدر الجد :-


+



" ماذا تفعلون ...؟! توقف يا إياس ... لا تنسى إنه عمك ..."


+



صاح عارف مشيرا لوالده :-


+



" هل رأيت أخلاقه يا أبي ...؟!هل  هذا من تريده أن يدير الشركة ...؟! "


+



" سأديرها غصبا عنك ..."


+



صاح به إياس ليهتف عارف بإستفزاز :-


+



" ماذا سأتوقع منك ...؟! في النهاية أنت لم تجد من يربيك ..! والدك توفي و تركك في عمر صغير ووالدتك إختارتني بدلا منك والنتيجة لا تربية ولا أخلاق ...."


+



إشتعلت عينا إياس بقوة ليصرخ بصوت جهوري هز الجدران حوله قبلما يدفع والدته بقوة بعيدا عنه وينقض عليه يلكمه بقوة فصرخت توليب بإسمة بينما توقف الجد غير مصدقا ما يراه أمامه أما رأفت فسارع ينقض عليه من الخلف يديره نحوه ثم يلكمه بقوة على وجهه لتنفجر الدماء من أنفه ...


+




        

          


                

صرخت توليب بجزع وسارعت تركض نحوه وكذلك والدته بينما ضرب الجد بكفيه فوق الطاولة يصيح بهم :-


+



" هل جننتم ...؟! "


+



صرخ رأفت بقوة :-


+



" يمد يده على والدي ... الحقير.. من يظن نفسه ...؟!" 


+



ثم طالع لهفة زوجته عليه وهي تحاول الإطمئنان بينما إياس يبعدها عنه وهو ينهض من مكانه يندفع نحو إبن العم لتبدأ معركة بينهما بينما يصرخ الجد بولده :-


+



" أوقفهما يا عارف .. "


+



كانت ألفت تتابع ما يحدث بعبرات صامتة بينما دفع إياس رأفت بقوة ليسقط أرضا فسارعت توليب تقف في وجهه :-


+



" إتركه يا إياس .. أرجوك ..."


+



حاول إياس دفعها بينما رأفت ينهض من مكانه ينوي الإنقضاض عليه :-


+



" إبتعدي الآن يا توليب ودعيني أربي هذا الحقير ..."


+



لكن صراخ والدته باسم جده أوقف كليهما ليسقط الجد أرضا فاقدا للوعي ...


+



**


+



إطمئن الجميع على صحة الجد من خلال طبيبه المختص ليغادر كلا منهم إلى جناحه بناء على طلب الجد نفسه لتهتف ألفت بولدها بعدما خرجا من جناح الجد :-


+



" تعال لأداوي أنفك ..."


+



تمتم بإقتضاب :-


+



" أداويه بنفسي ...."


+



أضاف بذات النبرة :-


+



" لا تعتقدي إنني دافعت عنكِ حبا فيكِ ... أنا تصرفت هكذا لأنك رغم كل شيء تبقين والدتي ومحسوبة عليّ للأسف ..."


+



" إياس ..."


+



هتفت بها توليب بنبرة معاتبة من خلفه بينما قالت ألفت بآسف :-


+



" لو كان والدك حيا لما رضي عن كلامك هذا أبدا ..."


+



" لا تجلبي سيرة والدي على لسانك ..."


+



هدر بها بحدة قبلما يندفع مغادرا المكان تتبعه توليب ليخبرها قبل دخوله إلى الجناح :-


+



" إتركيني لوحدي قليلا فأنا غاضب جدا ..."


+



ثم سبقها بخطوات مندفعة ودخل إلى جناحهما مغلقا الباب خلفه بعنف ...


+



هو غاضب بل يكاد ينفجر من الغضب ...


+



فوجئ بها تدخل إلى الجناح خلفه رغم ما قاله ليلتفت نحوها هاتفا بصوت محتقن تماما ووجهه أحمر بشدة وملامحه تنطق بما يعتمل داخله من إنفعال بل هياج :-


+




        

          


                

" إخرجي الآن يا توليب ... اتركيني لوحدي من فضلك ..."


+



تذكرت حديثه عن نوبات غضبه المخيفة ...


+



عن تحذيره لها بأن تبتعد عنه عندما تهاجمه تلك النوبات فهو يخشى عليها من ردود أفعاله الغير محسوبة ..!


+



ترددت للحظات وهي تتذكر حديثه لكنها تراجعت وهي تهمس بهدوء :-


+



" لن أخرج ..."


+



صاح منفعلا :-


+



" توليب .. من فضلك ..."


+



تقدمت نحوه بثبات ... 


+



مالت اتجاهه تلمس فكه المتصلب بأناملها تخبره بصوتها الرقيق :-


+



" سأبقى معك ... "


+



" أنا غاضب جدا ..."


+



هتف بها قبل أن يندفع نحو طاولة التجميل يرمي جميع ما عليها أرضا وهو يصيح بصوت مخيف جعل جسدها يهتز لا إراديا :-


+



" سأجن من الغضب ...."


+



وقف أمامها يلهث بقوة ورغبة دفينة بقتل ذلك الحقير والتمثيل بجثته تسيطر عليه ...


+



كان مظهره مخيفا وردود أفعاله غير محسوبة في تلك اللحظة لكنها لم تهتم ...


+



تقدمت بخطوات ثابتة نحوه ماحية كل مشاعر الخوف والرهبة والتردد جانبا ...


+



وصلت إليه ومدت أناملها مجددا تلمس جانب وجهه تخبره بتروي :-


+



" حرر غضبك يا إياس ... اصرخ كما تشاء ... حطم ما تريد .. إذا كان هذا سيريحك ويخفف من غضبك فلا بأس أن تفعله ... المهم أن تهدأ ..."


+



صرخ بقوة وانفعال :-


+



" هل تعرفين ما يخفف غضبي بل ينهيه ..؟!"


+



سألته بهدوء :-


+



" ما هو يا إياس ..؟!"


+



رد بعينين مشتعلتين :-


+



" أن أقتله .. هذا فقط ما يمكنه أن يخفف من غضبي ...هذا فقط ما يريحني .."


+



أشاح بوجهه بعدها بعيدا عنها متجها نحو النافذة ينظر الى الخارج بأنفاس متفاقمة وهو يرجوها :-


+



" اخرجي يا توليب .. من فضلك ..."


+



" لن أفعل ..."


+



قالتها بقوة هي نفسها لا تعرف من أين أتتها ...


+



تقدمت إتجاهه تخبره بثبات :-


+




        

          


                

" انا زوجتك ... يجب أن أكون معك دائما وجانبك في لحظاتك السيئة قبل الجيدة ...."


+



لمست ظهره بكفها فشعرت به يتشنج تحت وطأة لمستها لتضيف بنعومة صادقة :-


+



" أنا بالذات لا يمكنك أن تنأى بنفسك عني ... يمكنك أن تبتعد عن الجميع ... أن تهرب من الجميع .. أن تخفي ما تريد عن الجميع إلا أنا ... أنا زوجتك ... نصفك الثاني .. شريكتك في حلو الحياة ومرها ...."


+



صمته إزاء كلماتها منحها أملا إنه سيتقبل قربها ومواساتها له في تلك اللحظة عكس عادته المنغلقة مع البقية...!


+



مالت بجسدها نحوه تحتضنه من الخلف وهي تضيف بصوتها الرقيق الذي يطرب أذنيه عادة :-


+



" أنا لا أحب أن أراك هكذا ... أحزن عندما أراك غاضبا و ..."


+



توقفت لوهلة تتردد في استكمال حديثها قبل أن تضيف وقد عزمت على قول ما تريده :-


+



" وحزينا ... "


+



شعرت بإرتجافة جسده ما إن نطقت كلمتها الأخيرة ...


+



هو ليس غاضبا فقط ..


+



هو حزينا .. حزينا للغاية ويكره أن يعري حزنه أمام أي أحد ...!


+



" سيدفع ثمن ما قاله ... سيدفع ثمنه غاليا ... أغلى مما يتصور ..."


+



نطقها بنبرة مشحونة وقد تجاهل كلمتها الأخيرة بينما هي ما زالت تعانقه من الخلف لتضيف بعد لحظات :-


+



" هو يتعمد إغضابك يا إياس ... لا تسمح له بذلك ... "


+



أضافت وصوتها خرج مليء بعاطفة صادقة يحتاجها الآن أكثر من أي وقت :-


+



" أنت تحتاج لهدوئك وثباتك الدائم أمامه ... الغضب لن يجدي نفعا .. صدقني ..."


+



التفت نحوها يتأمل الرجاء المتلهف في عينيها فيخبرها :-


+



" ليس بيدي ... أنا لا أستطيع السيطرة على نفسي بوجوده ... أكرهه .. أكره رؤيته .. أكره سماع صوته ..."


+



" وهو يعلم ذلك ويستغله جيدا ... يتعمد استفزازك ..."


+



قالتها وكفها يلمس جانب وجهه بحنو بينما داخلها سعيد لإنه ولأول مرة يبوح ولو بجزء قليل مما يعتمل داخله ....


+



كانت تعلم إنه يحتاج الى البوح مهما رفض أن يعترف بذلك ...


+



هو نفسه لا يعترف بحاجته للبوح ...


+



لكنه سيفعل ...


+



سيبيح لها بمكنونات صدره ....


+




        

          


                

لا بد أن يفعل وهي لن ترتاح حتى تصل الى هذه النقطة حيث يصبح إياس الصواف مكشوفا أمامها دون تزويق ... بكل ما فيه ..


+



إياس الحقيقي المختبئ خلف الشخصية التي يتعمد إظهارها أمام الجميع ...


+



حاوطت وجهه بكفيها هذه المرة تضيف وعيناها مثبتتان فوق عينيه الغائمتين ف تلك اللحظة :-


+



" لا تجعله يستفزك .. لا تسمح له بذلك ... "


+



" كيف سأفعل ..؟! كيف سأتجاهل حديثه السام وتلميحاته الحقيرة ..؟!"


+



هتف بها بتعب لتخبره بعزيمة :-


+



" ستفعل .. ستعاني في البداية لكنك سوف تعتاد على التجاهل مع مرور الوقت ..."


+



أضاف وهي تمنحه ابتسامة داعمة :-


+



" وأنا معك ... سأبقى جانبك حتى تتجاوز هذا ... "


+



" أنا آسف ..."


+



همس بها بخفوت وكفه تمد نحو احد كفيها يسحبه ويقبله ليضيف بندم :-


+



" آسف لإنك رأيتني في هذا الوضع ... "


+



وضعت أناملها فوق فمه تمنعه من اكمال حديثه فتخبره بجدية :-


+



" أنا زوجتك ... إن لم أكن جانبك في وضع كهذا فمتى سأكون إذا ..؟! من فضلك يا إياس .. لا تضع حواجز  بيننا .. لا توجد حواجز بين الزوجين أساساا ..."


+



ابتسم مرغما .. حديثها أجبره على الإبتسام رغم الغضب والألم اللذين يملئان كيانه ليهمس بصدق :-


+



" أنت لست مجرد زوجة يا توليب .. أنت نعمة ... هبة من الله ... أنت كنز لو جلت بلدان العالم كلها ما كنت لأجد مثله .."


+



" حبيبي .."


+



قالتها برقتها وحنوها الدائم لتجده ينحني نحوها يعانقها بقوة وهو يردد :-


+



" أحتاج لعناقك ... أحتاج لدفئ حضنك و روحك يا توليب ... " 


+



بادلته عناقه وهي تبتسم بحنو قبلما تبتعد عنه فيما بعد وهي تخبره بسرعة :-


+



" يجب أن نداوي أنفك ..."


+



أضافت وهي تتحرك خارج الجناح :-


+



" دقيقة وسأعود لك ..."


+



ثم عادت وهي تحمل بعض الحاجيات لتطلب منه أن يجلس على السرير ثم بدأت تمسح دماء أنفسه المتبقية وتداويه بحرص ...


+



أعادت بعدها الأغراض إلى مكانها لتعود فتجده ممددا بجسده فوق السرير مغمضا عينيه ...


+




        

          


                

تقدمت نحوه بحذر لتتفاجئ به يفتح عينيه متطلعا بنظرة غريبة لم تفهمها قبلما يمد كفه نحوها فتضع كفها داخل كفه وتتقدم نحوه ليخبرها بصوت مبحوح :-


+



" تعالي جانبي ..."


+



سارعت تجلس جانبه عندما لاحظت مجددا مدى الحزن الممزوج بالإرهاق لتسأله بحنو :-


+



" ما رأيك أن تنام ...؟!"


+



" لا أعتقد إنني سوف أستطيع النوم بعدما حدث وقاله ذلك الوغد ..."


+



ابتسمت بحنو ثم دون مقدمات جذبت رأسه فوق صدرها تخبره ببسمة صادقة :-


+



" في أحضاني ستنام ... "


+



رفع وجهه نحوه ليبتسم بصعوبة وهو يردد :-


+



" أنت أجمل شيء رأيته في هذا العالم ... جميلة لدرجة تجعلني أخشى ألا أكون جديرا بك ..."


+



تحركت بأناملها فوق ذقنه تخبره :-


+



" لا تقل هكذا ... كلانا يستحق الآخر بشهادة القدر الذي جمعنا سويا ..."


+



عاد يخفض وجهه ليغمض عينيه مستسلما لدفء حضنها فيغرق في النوم بعد دقائق بينما بقيت هي على وضعها تتنهد بصمت وداخلها يشفق عليه بشدة فاليوم إكتشفت الكثير عن زوجها .. الكثير مما يخفيه ويحاول إظهار عكسه ...!


+



**


+



بعد مرور أسابيع ..



+



مرت الأسابيع السابقة طويلة عليه حتى بدأ جلسات العلاج الطبيعي والتي بدأ يحصد ثمارها سريعا فهو يتحسن بشكل ملحوظ مما يدفعه للإستمرار والإصرار على التشافي بأقرب وقت ممكن ..


+



ترافقه شقيقته التي تقسم وقتها بين بينه وبين طفليها ...


+



تدريجيا عادت الأمور إلى نصابها بينهما وإن كان هو ما زال يتعامل مع الجميع بذات البرود المعتاد ...


+



فوجئ بزيارة زوجها في المشفى وهو يبارك له نجاح عمليته ليستقبله وقتها بذات البرود والجفاء الصريح بينما الأخير إكتفى بمباركته وغادر بعدها بعدم إهتمام فعلي ...!


+



يكره صلاح فهو لن ينسى الماضي بهذه السهولة ولا يعتقد إنه سينساه يوما ..


+



هاهو قد عاد إلى شقته أخيرا يسكن فيها ويمكنه إستخدامه يده اليسرى لكن بحذر شديد وفي عمليات بسيطة فقط ...


+



ينتظر شفاءها الكامل ليعود ويمارس حياته الطبيعية وإن كانت بشكل مختلف عن المعتاد ...


+



قبل ثلاثة أيام ذهب إلى جامعته مقررا التراجع عن التقديم على الدراسات العليا هناك كما كان يخطط  فهذا الأمر لم يعد يستهويه وليس هو ما يريده لنفسه وفي ذات الوقت بدأ يبحث عن مكان مناسب لإنشاء شركته الخاصة مقررا إستخدام ميراثه من والده كمصدرا لتمويل مشروعه هذا ...


+




        

          


                

مخططاته تغيرت تماما فبعدما كان ينتظر عملا في إحدى أكبر الشركات المتخصصة في مجال العمل الألكتروني هنا بات يريد أن ينشأ شركته بنفسه حتى لو كان ذلك يعني البدأ من الصفر ... 


+



وهاهو يسعى للعودة سريعا إلى البلاد لتأسيس شركته بعدما ينهي علاجه ...


+



مخططات الماضي تغيرت كما تغير عالمه كليا وإن كان القلب ما زال يتألم وجعا وشوقا في ذات الوقت ..


+



شوق يجعله يكره نفسه ويغضب عليها ليستيقظ اليوم غاضبا من نفسه حانقا من مشاعره التي ما زالت مقيدة بها ...


+



لقد رآها البارحة في حلمه فعاش شعورا سيئا للغاية حالما إستيقظ والحنين يقتل روحه دون رحمة ...


+



حاول إشغال نفسه بأي شيء لكنه لا يملك ما يشغله ...


+



إتصلت به شقيقته تخبره إنها قادمة لزيارته مع طفليها وزوجها ليجد نفسه فرحا بهذه الزيارة ليس حبا بها بالطبع وإنما وجد في تلك الزيارة فرصة للهرب من أفكاره التي تدور حولها ومن مشاعره التي تحن إليها ...


+



فتح الباب ليجد أمامه كلا من نانسي وصلاح والأولى تحمل طفلها بينما صلاح يحمل طفلته بملامح واجمة وعلى ما يبدو إنه مجبر على القدوم ...


+



أفسح لهما المجال ليدخلان ...


+



جلسوا في صالة الجلوس ليبتسم هو للصغيرين بصدق لأول مرة متأملا كريم بخصلاته المجعدة وملامحه الصغيرة وشقيقته الشقية بعينيها الجميلتين اللتين تطالعانه بإهتمام لا يخلو من الحذر رافضة الإقتراب منه كما طلبت والدتها بينما كريم سارع يقترب منه ويتقبل عناقه ببساطة ...!


+



قررت نانسي إعداد العصير لهم عندما طالع صلاح الذي لم يلتقيه بعد زيارته السريعة له ...


+



سأله صلاح عن أحواله برسمية فأجاب بذات الرسمية ...


+



أتت نانسي بعدها بالعصائر لتسأله بعدما إرتشفت القليل من عصيرها :-


+



" ماذا ستفعل بعدما تنهي علاجك ...؟! وماذا عن ماما التي تريد زيارتك بلهفة شديدة لكنك ترفض دون سبب وجيه ..؟!"


+



أخبرها بجدية :-


+



" لا داعي لأن تأتي لأنني سأعود إلى البلاد حالما أنهي علاجي ...!"


+



" حقا ..؟!"


+



تمتمت بها بفرحة وهي تضيف :-


+



" ستفرح ماما كثيرا ..."


+



أومأ برأسه مؤكدا حديثه وهو يضيف :-


+




        

          


                

" لبضعة أيام فقط ثم أعود هنا ..."


+



سألت نانسي بوجوم من فكرة رحيله مجددا :-


+



" لأجل الدراسة ، أليس كذلك ..؟!"


+



هز رأسه نفيا وهو يشرح لها :-


+



" تراجعت عن الدراسات العليا ..."


+



" إذا ..؟!"


+



سألته نانسي بحذر ليجيب :-


+



" سوف أنشئ مشروعي الخاص  ..؟!"


+



" كيف يعني ...؟!"


+



سألته بذات الحذر ليخبرها :-


+



" شركة متخصصة في مجال دراستي ... الألكترونيات وما يخصها ..."


+



" جيد ..."


+



تمتمت بها بخفوت وداخلها كان مستغربا هذه الخطوة السريعة وقلقا منها لكنها بالطبع لا تستطيع القول ليضيف شقيقها :-


+



" سأستخدم أموالي من ميراث والدي بالطبع ..."


+



هزت رأسها متفهمة بينما لم يغب عن صلاح توتر ملامحها وكذلك شقيقها الذي شعر بها لكنه لم يهتم فهو لا يعنيه ما يراه الآخرين ولن يهتم بسماع رأيهم حتى ...


+



هتف صلاح محاولا تبديد الأجواء المتوترة التي حلت في المكان :-


+



" بالمناسبة ، ما رأيكما بالخروج وتناول الغداء خارجا ..؟!"


+



" من أين أتت هذه الفكرة الآن ..؟!"


+



سألته نانسي بإستغراب ليرفع حاجبه متسائلا:-


+



" هل الفكرة سيئة ..؟!"


+



" كلا ولكن ..."


+



" طالما كلا لنخرج إذا ..."


+



قالها ببساطة ثم يشير إلى كرم محاولا تخفيف الجفاء الصريح بينهما :-


+



" ما رأيك يا كرم ..؟!"


+



أجاب كرم :-


+



" إذهبا أنتما ... أنتم عائلة فماذا سأفعل معكم ..؟!"


+



هتف صلاح بخفة :-


+



" لست غريبا ... أنت شقيق نانسي وخال الأولاد ..."


+



قالت نانسي سريعا :-


+



" نعم يا كرم ... لنخرج أرجوك ... "


+



" لكن ..."


+



أراد الرفض لكنه وجد شقيقته ترجوه ألا يرفض ليزفر أنفاسه بضيق ثم يوافق على مضض مفكرا إن خروجه معهما فرصة للهروب من أفكاره ...


+




        

          


                

نهض مقررا تجهيز نفسه بينما وجدت نانسي زوجها يخبرها :-


+



" لماذا لا تدعين إبنة عمك كذلك ...؟! المسكينة تقيم وحدها هنا ... "


+



طالعته بدهشة قبلما تردد بوجوم :-


+



" وما شأنك أنت بها ..؟! "


+



أضافت بحدة :-


+



" إياك يا صلاح ... إنها إبنة عمي و ..."


+



صاح بها منتفضا من مكانه :-


+



" هل جننت أنتِ...؟! هل ترينني وغدا لهذا الحد ...؟!"


+



صوت صياحه سمعه الآخر في غرفته ليندفع خارجا هادرا به :-


+



" لماذا تصرخ على شقيقتي ..؟!"


+



نهضت نانسي تهتف سريعا محاولة احتواء الموقف :-


+



" أبدا ... مجرد سوء تفاهم ...."


+



" حتى لو .. لا يمكنك أن تصرخ عليها ..."


+



قالها كرم بصوت حاد ليهتف صلاح بعصبية :-


+



" أصرخ عليها لأنها جنت تماما ... الهانم أخبرتها أن تدعو إبنة عمها على الغداء معنا لأنها تقيم لوحدها لأجدها تتهمني بأشياء سخيفة وغير مقبولة ..."


+



طالعته نانسي بتأنيب لأنه تحدث أمامه بما حدث بينما هتف كرم ببرود :-


+



" معها حق .. "


+



بهتت ملامح صلاح بينما يضيف كرم :-


+



" أنت غير مؤتمن ..."


+



إبتلع صلاح ريقه بصعوبة ثم قال بآسف ظهر على ملامحه وفي نبرة صوته :-


+



" إنظر إلي .. مهما بلغت تصرفاتي من سوء ومهما كان لدي علاقات مع مختلف جنس حواء لكنني لم أنظر يوما لنساء بيتي وقريباتي وحنين قريبة زوجتي لذا هي لا تختلف عن قريباتي أبدا ناهيك عن كونها فتاة محترمة وأنا لا أتصرف بدناءة مع المحترمات مثلها ..."


+



إندفع بعدها يتحرك مغادرا الشقة لتطالع نانسي شقيقها وهي تهتف بنبرة معاتبة :-


+



" لماذا قلت ذلك يا كرم ..؟!"


+



ثم ركضت خلف زوجها تنادي عليه بينما يطالعهما هو بتهكم بارد قبلما يجد الطفلين يطالعانه بعينين متسعتين لينفجر كريم بالبكاء بعد لحظات وهو ينادي بصوت مزعج :-


+



" ماما .. ماما ..."


+



**



+



تبعته وهي تنادي عليه ليتوقف مكانه هادرا بها :-


+




        

          


                

" ماذا تريدين يا نانسي ..؟!"


+



" توقف لحظة وإسمعني ..."


+



قالتها برجاء ليستدير نحوها فتلاحظ مدى الغضب المرتسم على ملامحه ...


+



تنهدت بصعوبة ثم قالت بصدق :-


+



" أنا آسفة يا صلاح ..."


+



قال بسخرية:-


+



" بهذه البساطة ..."


+



تمتمت بنبرة ضجرة :-


+



" يكفي حقا ... أنت بالغت ... مرة واحدة أخطأت في حقك ... ماذا حدث ...؟! كم مرة أخطأت في حقي ...؟! كم مرة يا صلاح ...؟!"


+



شحبت ملامحه لا إراديا لتضيف بصعوبة :-


+



" بالطبع لم تنسَ بعد ..."


+



أشاح وجهه بضيق لتضيف بجدية :-


+



" ومع هذا أنا أعتذر منك مجددا لسوء ظني .."


+



" حسنا ..."


+



قالها بخفوت قبلما ينظر إليها مرددا بإرتباك :-


+



" وأنا آسف على ما حدث في الماضي ... آسف جدا ..."


+



أضاف بتردد :-


+



" آذيتك كثيرا يا نانسي ... كثيرا جدا ..."


+



سألت بتجهم :-


+



" ما مناسبة هذا الآن ...؟!"


+



أجاب بجدية :-


+



" لأنك تستحقين إعتذارا ..."


+



إكتفت بإيماءة سريعة قبلما يتفاجئ كلاهما بكرم يخرج حاملا كريم بذراعه السليمة ويدفع كاميليا أمامه بحرص وهو يردد :-


+



" بقيا يبكيان دون توقف ... إنهما مزعجان ..."


+



هدرت نانسي بحدة :-


+



" لا تتحدث عن أطفالي هكذا ..."


+



بينما سارع صلاح يتناول الصغير منه وهو يشير إلى كاميليا :-


+



" كاراميلا ... إذهبي لأمك ..."


+



ركضت الصغيرة نحو والدتها التي سارعت تحملها بين ذراعيها وتضمها لصدرها بينما يهتف كرم ساخرا وهو يتأمل صلاح حاملا ولده بحرص :-


+



" يليق بك دور الأبوة يا صلاح .."


+



" مثلما يليق بك دور الإزعاج وتكدير صفو الناس ...."


+



قالها صلاح بذات السخرية لتحمر ملامح كرم بغضب مكتوم عندما بكى الصغير وهو يشير لوالدته التي سارعت تقبض على كفه الممدودة ثم تهم بحمله ليخبرها صلاح :-


+




        

          


                

" هاتي كراميلا ..."


+



ناولته الفتاة التي إستكانت بذراعه بينما هتف كرم بسخرية :-


+



" إبنك مدلل مثلك تماما ..."


+



ثم شعر بغصة داخلة متخيلا نفسه مكانهما مع هالة .. هما وأطفالهما الذين تمناهم دائما ...


+



تجاهل غصته تلك وهتف دون تفكير مستغلا وجودهما بكل هذه الفوضى للهرب من أفكاره :-


+



" لنذهب ونتناول الطعام خارجا كما أراد صهري ..."


+



طالعته نانسي بدهشة بينما تأفف صلاح بصمت ليضيف قبلما يتحرك إلى الداخل بنية تغيير ملابسه :-


+



" لا تنسي أن تتصلي بحنين ...."


+



طالعته نانسي بدهشة أكبر بينما قال صلاح وهو يرفع كفه عاليا :-


+



" لا شأن لي هذه المرة ..."


+



بينما كانت تهمس بينها وبين نفسها :-


+



" ماذا يريد كرم من حنين ...؟! "


+



أما هو فصعد إلى شقته وهناك بدأ يغير ملابسه ليتوقف لوهلة وهو يتذكر إعترافها الأحمق والذي سمعه جيدا فيبتسم بسخرية باردة فالصغيرة المسكينة ما زالت مغرمة به حتى بعدما تزوج من غيرها ...!


+



تنهد بصمت وهو يخبر نفسه إنه أحمق مثلها تماما فهو ما زال مغرما بهالة بعد كل شيء حدث ليقرر تجاهل أفكاره التي كلما قرر تجاهلها ما تلبث أن تحاوطه مجددا ..!


+



**


+



عادا سويا إلى شقتهما وعاد شقيقها بدوره لشقته ....


+



كانت تحمل طفلتها بينما صلاح يحمل كريم وكلاهما نائمان ...


+



وضعت صغيرتها بحذر في السرير وفعل هو المثل لتتأملهما لوهلة بحنان طغى على نظرتها فمست قلبه لا إراديا وهو الذي يقف في الجهة المقابلة لها يتأملهما بدوره ...


+



شرد فيها مفكرا إنها تمتلك حس أمومي كبير لم يتوقعه مسبقا ...


+



من كان يصدق إن نانسي التي عرفها من بعيد ستكون أما رائعة بهذا الشكل وتتحمل مسؤولية طفلين بكل هذه الهمة والثبات المثير للإعجاب ...


+



إنتبهت هي لشروده بها فتمكن منها الخجل لأول مرة معه وهي ترى في عينيه نظرة غريبة عجزت عن تفسيرها لتسأل بإرتباك :-


+



" ما بالك تنظر إلي هكذا ..؟!"


+



بلا وعي أجاب:-


+



" معجب بكِ .."


+



إحتقنت ملامحها بقوة ليعي ما قاله فيضيف مرددا :-


+




        

          


                

" معجب بأمومتك كذلك .... لم أتوقع يوما أن تكونِ أما مثالية إلى هذا الحد ..."


+



تمتمت مرغمة :-


+



" ولا أنا توقعت ذلك وما زلت أخشى أن أفشل في أمومتي لهما فيما بعد ..."


+



" مستحيل ... أنت لن تفشلي أبدا ..."


+



قالها بثقة شديدة وهو يضيف بصدق :-


+



" أنت أم رائعة وستبقين كذلك وكريم وكاميليا محظوظين بك ..."


+



توردت وجنتاها بخجل فطري ليجذبه ذلك الخجل لا إراديا ولمعة عينيها الخضراوين تجذبه بدورها ليتجاهل أفكاره الخاصة بجمالها وجاذبيتها فيتنهد مرغما وهو يقول بآسف :-


+



" أما أنا فغالبا سأبقى أب فاشل ...."


+



" هل هذا ما تريده حقا ..؟!"


+



سألته بحذر ليتسائل بعدم فهم :-


+



" لا أفهم .. ماذا تقصدين ..؟!"


+



سارت نحوه ووقفت قباله ليستدير قبالها فتخبره بجدية :-


+



" يعني تقول إنك ستكون أب فاشل ونسيت إن فشلك أو نجاحك كأب لهما يعتمد عليك وعلى رغبتك وإرادتك الحرة ..."


+



تطلعت لهما تضيف بجدية :-


+



" إذا كنت لا ترغب بأن تكون أبا فاشلا لهما فيمكنك أن تكون العكس ... "


+



طالعها بجهل حقيقي قبلما يسأل والخوف يتمكن منه :-


+



" هل تعتقدين إنني أستطيع ...؟!"


+



أجابت بثقة :-


+



" نعم ، تستطيع ذلك إذا أردته بحق وبدافع صادق ورغبة أبدية بالأبوة الصالحة لهما لا رغبة مؤقتة تنتهي بعد فترة قصيرة وتعود لعاداتك القديمة وحياتك الخاطئة ..."


+



لم تكن تعلم إن هذا ما يخشاه بالفعل ...


+



يخشى أن يكون ما يشعر به مجرد رغبة مؤقته ستنتهي في وقت معين ويجد نفسه راغبا بالعودة لحياته القديمة حيث اللهو والسهر والعبث والحرية بلا قيود تربطه بأي شيء كان ...


+



طالعهما مجددا فخفق قلبه بقوة وهو يتأملها ليمد أنامله يلمس خصلات صغيرته المموجة فيبتسم لا إراديا قبلما يتجه ببصره نحو شقيقها النائم بسلام يشبهه عندما همس متذكرا :-


+



" كنت أكبر منهما بقليل عندما مات والدي ..."


+



إرتجف قلبها لا إراديا ليضيف وأنامله تسير ببطأ فوق خصلات طفلته :-


+




        

          


                

" لا أتذكر أي شيء عنه ... لا أعرفه سوى من الصور ..."


+



إعتدل في وقفته ينظر لها مضيفا بحشرجة :-


+



" لم أعِِ فقدانه إلا عندما كبرت قليلا ورأيت الآباء حولي .."


+



تنهد يضيف بضيق خفي :-


+



" وأنا كنت ذلك اليتيم الذي يتعاطف الجميع معه بسبب يتمه ..."


+



طالعته بحزن لمع في عينيها ليبتسم بألم وهو يسترسل في ذكرياته :-


+



" كنت في الصف الخامس الإبتدائي عندما تشاجرت مع زميل لي وضربته فجاء والده بناء على طلب المديرة وأتت والدتي ليقرر والده التنازل عن الشكوى بعدما أدرك إنني يتيم الأب ... لم أنسَ شعوري وقتها حتى اليوم مثلما لم أنس نظرة الشفقة في عينيه وكلامه وهو يقنع ولده بقبول  إعتذاري ... وقتها فقط فهمت أهمية وجود أب يحبك و  يحميك ويدافع عنك ..."


+



تشكلت العبرات في عينيه ليحاول صدها بسرعة بينما سقطت دمعة يتيمة من عينها مسحتها سريعا ليبتسم بأسى فتخبره وهي تشيح بوجهها نحو الجانب الآخر :-


+



" ورغم ذلك ما زلت تريد حرمان طفليك منك يا صلاح وأنت حي ترزق ..."


+



تنهد ثم قال بسخرية تحمل مرارة خفية :-


+



" أناني جدا ، أليس كذلك ..؟!"


+



أومأت برأسها وهي تحاول إخفاء عبراتها ليهتف بخفة  :-


+



" يمكنك البكاء ، لا داعي للخجل ..."


+



أضاف ممازحا :-


+



" صدري يتسع لعبراتك ... "


+



ضحكت لا إراديا وهي تمسح عبراتها بينما تغمغم :-


+



" ستبقى عابثا مهما حدث ..."


+



" إنه طبعي للأسف ..."


+



قالها بتهكم وهو يضيف بعدما تنهد بصمت :-


+



" هيا لنغادر ونتركهما نائمين ..."


+



تحركا سويا مغادرين المكان ليتجه كلا منهما إلى مكان مختلف منفردا بنفسه وأفكاره تدور حول حديثهما الأخير الذي ترك آثرا عميقا داخل كل منهما ..!


+



**


+



تتحرك ماذي في غرفتها بملامح ضائقة وهي التي فشلت في التواصل معه طوال الأسابيع السابقة حيث لم تجد حجة تلتقيه من خلالها ناهيك عن شقيقته التي تكثف عملها بشدة وتتعمد أن تشغلها طوال الوقت ولولا رغبتها في الإقتراب منه وتوطيد علاقتها به لكانت تركت العمل فورا ...


+




        

          


                

توقفت أمام المرآة ترمق نفسها بتفكير قبلما تلمع في عينيها فكرة ...


+



بتردد ذهبت نحو دورة المياه ثم سارعت تستحم بالمياه الباردة رغم برودة الجو ولم تكتفِ بذلك بل خرجت بعدها على الفور إلى الشرفة بشعرها المبلل وجسدها الذي بالكاد سترته بشورت قصير وتيشرت ذو حمالات رفيعة فبات جسدها عرضة للجو البارد وهو مبلل بالكامل خاصة في هذا الوقت المتأخر من الليل وكما أرادت إستيقظت ظهر اليوم التالي وهي تعاني من البرد ..


+



بلعومها يؤلمها بشدة وحرارتها مرتفعة ولا تتوقف عن السعال ...


+



بتعب شديد إتصلت به تخبره بصوتها المبحوح :-


+



" أنا مريضة للغاية ووحدي ..."


+



" سآتي حالا ..."


+



قالها بجدية لتعاود إغماض عينيها مستسلمة للنوم فلم تستيقظ حتى علا صوت رنين جرس الباب لتنهض بصعوبة من مكانها قبلما تجذب روبا ثقيلا تخفي به ملابسها المكشوفة كي لا يعتقد إنها تتعمد إغواءه ..


+



فتحت الباب له لتجده قبالها فيتقدم نحوها متسائلا بإهتمام :-


+



" كيف تشعرين الآن ..؟!"


+



سارعت تلقي بجسدها عليه متعمدة وكأنها فقدت توازنها فأمسك بها سريعا وحملها بين ذراعيه متجها بها إلى الغرفة ليمدّدها فوق السرير فتهمس هي بصوت متحشرج :-


+



" جسمي كله يؤلمني ..."


+



" لا بأس .. إنها الإنفلاونزا الموسمية .."


+



ثم وضع كفه فوق جبينها ليهمس :-


+



" حرارتك مرتفعة ..."


+



كانت تشعر بوضعها يزداد سوءا بينما يتصل هو بالطبيب كي يأتي ويفحصها ويمنحها الدواء المناسب ...


+



أتى الطبيب بالفعل وكتب لها مجموعة من الأدوية ليودعه براء ثم يخبرها بأنه سيذهب ويجلب الأدوية لها ...


+



إستسلمت هي بعدها للمرض الذي تمكن منها فلم تعِِِ بعدها أي شيء ...


+



بالكاد تناولت دوائها بصعوبة ثم غابت مجددا عن الوعي ليتأملها هو بشفقة لا إرادية قبلما يبدأ بوضع الكمادات الطبية لها طوال الليل حيث لم يستطع تركها لوحدها وهي بهذه الحالة المزرية ...!


+



حل الصباح لتفتح عينيها الزرقاوين فتجد الغرفة خالية تماما ...


+



تمكن الإحباط منها وهي تعتدل في جلستها بعدما شعرت بتحسن حالتها قليلا لتنهض من فوق سريرها رغم ألم جسدها وتتحرك خارج المكان فتتفاجئ به موجودا في الخارج ممددا على الكنبة غارقا في نومه ...


+




        

          


                

تحركت بحذر إتجاهه لتقف على مسافة منه تتأمله بحرص فتجذبها ملامحه الوسيمة الهادئة ...


+



كان وسيما وهي تدرك ذلك بعينيه الخضراوين وشعره البني الفاتح وملامحه المنمقة ...


+



مالت بتردد تطالعه عن قرب تهمس بينها وبين نفسه :-


+



" أنت وسيم للغاية والأهم إنك طيب وحنون وهذا شيء نادر جدا بالنسبة لي .. "


+



تنهدت بصمت ثم إتجهت تجلس على الكنبة المقابلة له تتأمله بصمت مفكرة فيما تريده منه وتنوي عليه وإذا ما كانت تستطيع تنفيذه ...


+



في الفترة السابقة بحثت خلفه وأدركت كم إن عائلته فاحشة الثراء وهذا شيء جعلها تتحفز وتقلق في ذات الوقت فعائلة كعائلته لن تتقبلها أبدا ولكن لا يهمها فيكفيها أن يسقط وحيد العائلة في غرامها وتكون هذه الثروة  من نصيبها ناهيك عن المكانة التي ستحصل عليها في المجتمع عندما تكون زوجة لرجل مثل براء الحداد وكنة عائلة عريقة إرستقراطية كعائلته ...!


+



أفاقت من شرودها عندما بدأ يستيقظ لتتمد بسرعة فوق الكنبة تدعي النوم مجددا عندما نهض من مكانه يطالعها مستغربا قبلما يسير نحوها ويبدأ بإيقاظها ...


+



سألها حالما إدعت الإستيقاظ :-


+



" لماذا تنامين هنا ..؟!"


+



أخبرته وهي تعتدل في جلستها :-


+



" إستيقظت مبكرا وخرجت إلى الحمام لأتفاجئ بك هنا .. جلست قليلا ثم شعرت بالتعب مجددا فتمددت وغفيت بسرعة دون أن أدري ..."


+



هز رأسه بتفهم ثم سألها عن حالتها الصحية لتجيب :-


+



" أشعر بأنني أفضل قليلا لكن ما زلت مرهقة وجسدي يؤلمني وبلعومي محتقن تماما ..."


+



" لا بأس ... التعافي سيأخذ وقتا ...." 


+



أضاف يسأل :-


+



" هل تشعرين بالجوع ...؟!"


+



" بصراحة نعم فأنا لم أتناول شيئا منذ صباح البارحة ...."


+



" إستريحي أنتِ وإنا سأعد الفطور لك .."


+



قالها بجدية لتقول سريعا :-


+



" ولكنك تتعب نفسك كثيرا وهذا ..."


+



قاطعها برفق :-


+



" حالتك لا تسمح بفعل أي شيء ... إبقي مستريحة مكانك وأنا سأعد الفطور لكلينا ..."


+



وبالفعل أعد لها الفطور ليتناولانه سويا قبلما تجده يجلب لها مشروب الشوكولاتة الدافئ لتتناوله فسألته مبتسمة بنعومة :-


+




        

          


                

" أنت تعتني بي وكأنني إبنتك ..."


+



إبتسم بهدوء وقال :-


+



" المهم أن يعجبك ... أكثري من المشروبات الدافئة حتى تتعافي ..."


+



إرتشفت القليل منه لتخبره سريعا :-


+



" إنه لذيذا حقا ...."


+



إبتسم دون رد لتسارع وترتشف المزيد ...


+



وجدته ينهض بعدها من مكانه قائلا :-


+



" يجب أن أغادر الآن ..."


+



لم يغب عنه الإحباط الذي ظهر على ملامحها ليقول بجدية :-


+



" إلتزمي بأدويتك ..."


+



ثم اتجه يجلب الأدوية لها يخبرها عن موعد كل دواء وعدد مراته في اليوم الواحد ...


+



" ربما آتي مساءا أو صباح الغد للإطمئنان عليكِ ..."


+



هزت رأسها بتفهم ثم وقفت قباله تخبره :-


+



" شكرا حقا يا براء ... تعبت معي كثيرا ..."


+



" العفو يا ماذي .... فقط كوني بخير ..."


+



" أنا بخير طالما أنت معي ..."


+



قالتها عن قصد لترتبك ملامحه للحظة قبلما يبتسم لها بهدوء ثم يتحرك مغادرا المكان تاركا إياها تتابعه بصمت وهي تهنئ نفسها على نجاح خطتها هذه المرة أيضا ...


+



**


+



في اليوم التالي زارها ليطمئن عليها ...


+



إستقبلته ببهجة وقد تحسنت حالتها كثيرا ..


+



طمأنته على حالها ثم أصرت أن تدعوه على العشاء كتعبير عن إمتنانها لما فعله معها ...


+



رفض في البداية لكن أمام إصرارها إضطر أن يوافق فسارعت تغير ملابسها بينما ينتظرها هو خارجا كي يذهبان سويا إلى أحد المطاعم لتناول العشاء ...


+



وجدها بعد حوالي نصف ساعة تطل عليه بفستان من الحرير الأسود أنيق للغاية يبرز جمال جسدها الرشيق وبشرتها السمراء المميزة ...


+



شعرها تركته حرا بخصلاته الغجرية السوداء أما عينيها الزرقاوين فقد رسمتهما بالكحل الأسود الذي أبرز جمالها بجانب حمرة شفاه بلون النبيذ لتظهر بطلة خاطفة للأنفاس تمكنت من خطف بصره للحظات قبلما يبتسم بهدوء وهو يقول بلباقة :-


+



" تبدين جميلة ..."


+



همست بخجل مفتعل :-


+




        

          


                

" أشكرك ...."


+



"لنذهب ..." 


+



قالها بجدية وهو يشير لها أن تتقدمه لتتبعه وتجاوره في سيارته ...


+



إختار لها أحد المطاعم الراقية لتناول العشاء ...


+



كان المطعم هادئا بتصميم أنيق نال إعجابها ...


+



جلسا على إحدى الطاولات وإختارت هي أن تتناول العشاء على ذوقه ...


+



إبتسمت له بعدما أخبر النادل عما يريده ثم قالت بعد أن شربت القليل من الماء :-


+



" المكان جميل ... "


+



" أنا آتي هنا دائما .... أحب المكان كثيرا والطعام لذيذ جدا ..."


+



قالها بجدية لتخبره :-


+



" منذ مجيئي إلى هنا ولم أجد الفرصة المناسبة للخروج والتعرف على البلاد ... "


+



أضافت بآسف :-


+



" مع إنني أرغب بذلك لكنني لم أجد من يعرفني على البلاد ... "


+



"لا بأس ... ستتعرفين عليها تدريجيا ..."


+



قالها بهدوء لتخبره مجددا بنبرة ممتنة :-


+



" أنا حقا أشكرك على ما فعلته معي ... لولاك لا أعلم كيف كنت سأتصرف ..."


+



" أخبرتك إنه لا داعي للشكر ... أنا تصرفت بنفس الطريقة التي كان سيتصرف بها أي شخص مكاني ..."


+



قالها بجدية لتعارضه على الفور :-


+



" كلا ، لا يتصرف الجميع بهذه الشهامة ..." 


+



إكتفى بإبتسامة هادئة دون رد لتخبره بنبرة ناعمة :-


+



" لكنك مختلف .. شهم ولطيف وتحب مساعدة الجميع .."


+



رفع كأسه يرتشف القليل من الماء دون تعليق ليتفاجئ بها تمد كفها تقبض على كفه ...


+



طالع كفها للحظة قبلما يرفع عينيه نحوها فيجدها تهمس بعد لحظات :-


+



" براء أريد أن أخبرك بشيء ... في الحقيقة ترددت بقول ذلك لكنني ... "


+



توقفت لوهلة غير قادرة على الإكمال قبلما تبوح بما تريده قوله :-


+



" أنا معجبة ..."


+



ليقاطعها هو على الفور بما صدمها وجعل الدماء تفر من عروقها :-


+



" أنا مرتبط يا ماذي ... هناك فتاة في حياتي سأخطبها قريبا .."


1




        

          


                

**


+



في سريرها تجلس بملامح شاردة تفكر في وضعها الصحي وضرورة حملها في أقرب وقت ممكن ...


+



منذ سنوات ولديها رغبة في الحصول على طفل لكنها فشلت في ذلك أثناء فترة زواجها من جلال وهي الآن على وشك ألا تستطيع الحصول على طفل مطلقا وهذا ما لا تريده لذا عليها إيجاد شخص مناسب يصلح أبا لطفلها ولكن أين وكيف ستجد هذا الشخص ..؟!


+



تنهدت بصمت لتتذكر ما حدث مع همسة في تلك الليلة حيث أخبرتها والدتها بأنها تعرضت للإجهاض لتسخر حينها وهي تردد :-


+



" لديها ثلاثة أطفال ، ألم تكتفِ من الأطفال بعد ..؟!"


1



فتخبرها والدتها بجدية :-


+



" راغب من يريد الكثير ... زهرة قالت إنه يريد الكثير من الأولاد ... يريدهم عزوة له ..." 


+



لتهمس هي بضيق :-


+



" طمّاع كعادته ...." 


+



باتت لا تحبذ سماع سيرتهما ...


+



رغم السنوات لم ينطفئ الغضب داخلها إتجاههما ...


+



لقد منحها راغب الصفعة الأولى في حياتها عندما تركها والصفعة الثانية كذلك عندما فضّل تلك الغبية عليها ...


+



تجاهلت أفكارها تلك مقررة التفكير في مشكلتها فبعدما فعلته يوم الحفلة لم تعد تهتم بشيء ...


+



هي ثأرت لنفسها من تلك الفأرة الصغيرة كما نعتتها وثأرت من راغب كذلك فهي تدرك إن ما حدث سيقلب حياته لجحيم من طرف زوجته التي تدرك مدى حساسيتها ومدى تأثرها بنظرات وأقاويل من حولها ...


+



الآن يجب أن تفكر بنفسها ومشكلتها ..


+



سمعت صوت طرقات على باب جناحها فسمحت للطارق بالدخول لتجد والدتها عندها وكأنها كانت تسمع أفكارها حيث فاجئتها بحديثها عن عريس يريد خطبتها يكون شريك والدها في عمله ..


+



رجل في منتصف الأربعينات ... مطلق ولديه صبي في الثانوية يعيش مع والدته ...


+



جن جنونها عندما سمعت بذلك ...


+



كيف يفكرون هؤلاء ...؟!


+



هي لن تتزوج من رجل لديه أطفال مهما حدث ...؟!


+



ليس هذا ما تطمح إليه ...


+



غضبها جعل والدتها تندم على إخبارها بطلبه ولكن إصرار زوجها الذي يراه عريسا مناسبا لإبنته جعلها تضطر لذلك فهي تعرف إبنتها جيدا وطريقة تفكيرها ...


+




        

          


                

إبنتها التي تبحث عن رجل بمواصفات مثالية لا يشوبه شيء ...


+



" ماذا يظن أبي ..؟! هل يظن إنني لن أجد رجلا عازبا مثلا ..؟! متزوج ولديه صبي ..؟! وماذا بعد ..؟!" 


+



هدرت بها بعصبية وهي تضيف :-


+



" ليكن بعلمكما ... سأتزوج مجددا من هو أفضل من جلال حتى ..."


+



داخلها كان يحترق فهي رغم ما تقوله لكنها ليست واثقة من حديثها والأسوأ في الأمر إنها تحتاج لزوج في أقرب وقت وإلا ستخسر فرصتها الضئيلة في الإنجاب ...


+



ولكن هل هذا يجعلها تتنازل ...؟! 


+



ألا يكفي خساراتها السابقة ...؟!


+



هي التي ترفض الخسارة ...


+



تمقتها ...


+



لا تتقبلها ..


+



وهي خسرت مرتين ...


+



في المرة الأولى خسرت راغب الهاشمي ..


+



والمرة الثانية خسرت جلال الراشد ...


+



والقاسم المشترك بين كلتي الخسارتين كان كبريائها ...


+



كبريائها الذي يأبى أن يخرج خاسرا من علاقة سعت إليها ...


+



علاقة خالية من المشاعر ..


+



هي لم تحب راغب ...


+



ولم تحب جلال كذلك ...


+



هي أساسا لا تبحث عن الحب ...


+



الحب ليس من ضمن اهتمامتها ...


+



هي تبحث عن الكمال ...


+



وهي أنثى كاملة الأوصاف لا ينقصها سوى رجل يليق بها وطفل فشلت في الحصول عليه بعد عدة محاولات بائت بالفشل  ... 


+



ورغم كل هذا ترفض الخسارة ...


+



يسرا الحداد لن تتقبل خسارتها مرتين ...


+



يسرا الحداد لن ترتاح حتى تعوض هاتين الخسارتين بإنتصار  مناسب ...


+



لن يرضيها أقل من إنتصار يعادل الخسارتين والأفضل أن يعلو عليهما ..


+



شمخت برأسها وأخبرت والدتها بثبات :-


+



" أخبري بابا إنه مرفوض ولن يتدخل أيا منكما بأموري الخاصة مجددا ...."


+



قررت بعدها الخروج لعملها ...


+



غادرت دون أن تتناول الفطور مع والديها وشقيقها حتى ...


+




        

          


                

قضت اليوم في العمل وكعادتها حققت نجاحات جديدة ...


+



إبتسمت وهي ترى صورتها تتصدر أولى صفحة في إحدى المجلات الشهيرة المهتمة بمجال التجارة والأعمال وحديث خاص عنها كإحدى أشهر سيدات الأعمال الشابات ....


+



أغلقت الجريدة وما مكتوب عنها أنعش روحها لتقرر مغادرة الشركة والذهاب مع صديقتها المقربة للسفر يومين في شمال البلاد لغرض الإستجمام ...


+



أثناء خروجها من الشركة شعرت بشخص ما يلاحقها في الكراج ...


+



ما إن إستدارت إلى الخلف حتى فوجئت بسكين تخترق بطنها بينما أحدهم يهمس بجانب أذنها :-


+



" جلال بك يرسل لكِ تحياته ... "


+



ثم إندفع راكضا بملامحه الملثمة التي لا يظهر منها شيئا بينما سقطت هي بجسدها على أرضية المكان ودمائها حولها ...


+



**


+



بعد مرور ساعات ...


+



فتحت عينيها بصعوبة لتسمع صوت والدتها تهمس بلوعة :-


+



" حبيبتي ...! وأخيرا إستيقظت ...!" 


+



" ماما ..."


+



نطقتها بصعوبة وصوت مبحوح قبلما تفتح عينيها كاملا أخيرا لتهمس بعدم إستيعاب :-


+



" ماذا حدث ...؟!"


+



ثم تأوهت بآلم لتهمس والدتها بحرقة :-


+



" شخص حقير إعتدى عليكِ ... طعنك وهرب ..."


+



بدأت تتذكر ما حدث لتهمس بصعوبة :-


+



" نعم ، تذكرت ... كنت في كراج الشركة ..."


+



" تم نقلك إلى أقرب مشفى ودخلت مباشرة إلى غرفة العمليات ...."


+



قالتها والدتها وهي تضيف :-


+



" الطعنة لم تكن عميقة ... الحمد لله على سلامتك يا روحي .."


+



" لم يكن يريد قتلي ... كان يريد تأديبي فقط ..."


+



تمتمت بها بسخرية رغم ألمها لتهتف والدتها بجزع :-


+



" هل جلال من فعلها ...؟!"


+



إبتلعت ريقها بصعوبة ثم أومأت برأسها عندما قالت والدتها :-


+



" سأنادي الطبيبة وأخبر والدك وشقيقك بما حدث ..."


+



أتت إحدى الطبيبات الشابات المتواجدات في الفترة المسائية لتطمئن على وضعها الصحي ثم تخبرها :-


+




        

          


                

" كل شيء جيد .. غدا سيأتي الدكتور شريف أيضا ليطمئن عليك ...."


+



إكتفت يسرا بإيماءة من رأسها ثم أشارت لوالدتها :-


+



" لا تخبروا أحدا بهذا الحادث ... لا أريد معرفة أي شخص بما حدث لي .."


+



هزت والدتها رأسها بتفهم ثم قالت بحرص :-


+



" دعك من هذا الآن ... إهتمي بنفسك ولا تشغلي بالك بأمور كهذه ..."


+



حل الصباح سريعا حيث عادت هي لنومها قبلما تستيقظ وتجد والدها وشقيقها عندها ...


+



والدها الذي أنبها كونه حذرها مرارا من طليقها بينما نهرته والدتها وهي تخبره أن يتركها وشأنها فهي ليست في وضع يسمح له بتأنيبها ....


+



شقيقها كان مراعيا لها كعادته وكان جوارها عندما أتت الشرطة للتحقيق لتخبره بأن ما حدث كان مجرد حادث من شاب حاول سرقتها وعندما قاومته وحاولت أن تصرخ طعنها بالسكين وهرب .. 


+



لم يقتنع الشرطي بحديثها لكنها تمسكت بما قالته ليسجل كلامها ثم يغادر بعدها ...


+



بقيت والدتها جانبها بينما غادر والدها مع شقيقها بعد إصرار منها فوالدها كان مرهق كونه لم ينم طوال الليل وهو مريض كما إنه يكره جو المستشفيات بشدة ....


+



وصل شريف ظهر اليوم نفسه ليفحصها ...


+



ألقى التحية على والدتها التي رحبت بها بحرارة ثم تقدم نحوها يسأل :-


+



" كيف أصبحت اليوم ...؟! "


+



تمتمت بصلابة واهية :-


+



" أنا بخير ...."


+



" دعينا نطمئن عليك إذا ..."


+



ثم بدأ يفحصها قبلما يخبرها :-


+



" كل شيء جيد ..."


+



" لا توجد خطورة عليها بعد الآن ، أليس كذلك ..؟!"


+



سألت والدتها بقلق ليخبرها وهو يمنحها إبتسامة مطمئنة :-


+



" لا تقلقي يا هانم ... أخبرتك بأن الطعنة لم تكن عميقة من الأساس ..."


+



" هل يمكنني الخروج اليوم إذا ...؟!"


+



سألته بملامح باهتة ليومأ برأسه وهو يخبرها :-


+



" نعم يمكنك ... سأسمح لكِ بالخروج إذا أردت ..."


+



قالت والدتها سريعا :-


+



" لماذا لا تبقي يوما آخرا لنطمئن عليكِ أكثر ..؟!"


+




        

          


                

أجابت يسرا بتعب :-


+



" لا أحب جو المستشفيات والبقاء في السرير ..."


+



قال شريف :-


+



" أنت ستبقين في السرير بكل الأحوال حتى في منزلك ..."


+



" على الأقل سأكون في منزلي ..."


+



قالتها بجدية ليقول شريف بعملية :-


+



" سأكتب لك ورقة الخروج إذا ..."


+



أضاف بعدها :-


+



" بالمناسبة ، هل أتت الشرطة للتحقيق في الحادث ...؟!"


+



" أنت يا دكتور ... كان حادثا بالفعل ... "


+



قالتها يسرا وهي تضيف :-


+



" حرامي أراد سرقتي وعندما قاومته طعنني ..."


+



" غريب ... بدا لي إن هناك من تعمد فعل هذا ..يعني محاولة قتل متعمدة ..."


+



قالت والدتها بعدم إنتباه :-


+



" هي من أرادت قول ذلك ..."


+



" ماما ..."


+



نهرتها يسرا بحدة لتقول بسرعة :-


+



" يا إلهي ... والله لم أنتبه ... قلتها بلا وعي ... "


+



أضافت وهي تنظر لشريف :-


+



" أنت لست غريبا عنا .. ليبقى سرا بيننا ..."


+



" لم يكن حادثا إذا ..."


+



قالها وهو يتأمل ملامحها الواجمة ليضيف :-


+



" كانت محاولة قتل ..."


+



تجاهلت حديثه وهي تسأله بلا مبالاة متعمدة:-


+



" متى ستكتب لي ورقة  الخروج من هنا ..؟!"


+



هتف بجدية متجاهلا بدوره سؤالها:-


+



" يجب أن نبلغ الشرطة ..."


+



احتدت ملامحها رغم إرهاقها لتهمس بخفوت وقوة :-


+



" كان حادثا ... أخبرت الشرطي بذلك ... وأنت لا شأن لك .."


+



" مستحيل ... ما تفعلينه خاطئ ..."


+



غضبت كليا فتحركت دون وعي لتصيح بألم لا إراديا بعدما آلمها مكان الجرح عندما حاول التقدم نحوها بقلق لتوقفه بنظرة عينيها الحادتين كسهام نارية سقطت في منتصف قلبه ، نطقت من بين أسنانها :-


+




        

          


                

" قف مكانك ... لا شأن لك بكل هذا ... قم بعملك يا حضرة الطبيب ولا تتدخل فيما لا يعنيك ... "


+



أخذت نفسا عميقا وقد بدأ ألمها يخفت عندما أضافت بنبرة متسلطة لم تعجبه :-


+



" أريد أن أغادر المشفى .. اليوم .. "


+



هتف بصرامة :-


+



" مجددا لا تتحدثي بهذه الطريقة معي يا هانم ..."


+



قالت منيرة بسرعة ولم تعجبها طريقة إبنتها :-


+



" إعذرها يا بني ... إنها منفعلة قليلا ..."


+



" ماما ...!!"


+



صاحت بها رافضة محاولة إعتذار والدتها بينما قال شريف بوجوم :-


+



" لا عليك يا منيرة هانم ... سأكتب لها ورقة الخروج بسرعة ..."


+



ثم تحرك مغادرا الغرفة لتهتف يسرا بغضب :-


+



" تعتذرين منه أيضا ...!!"


+



" إصمتي أنتِ ... الرجل أنقذ حياتك ... كيف تتحدثين معه بهذه الطريقة ...؟!"


+



"ألا يوجد طبيب غيره في عائلتنا ... لا أفهم حقا ..."


+



تسائلت يسرا بضيق قبلما تضيف بخفوت :-


+



" أجده في كل مكان حولي ..."


+



" هذا من حسن حظك ... إنه طبيب ممتاز ..."


+



قالتها والدتها بجدية لتبتسم بتهكم بينما تضيف والدتها :-


+



" كما إنه لطيف ومحترم ومن عائلة راقية ..."


+



" تعرفين عائلته أيضا ...؟!" 


+



قالتها يسرا متعجبة لتخبرها والدتها :-


+



" ليست معرفة شخصية ... لكن والده كان رجل أعمال معروف ووالدته كذلك تنتمي لأحدى العوائل الإرتستقراطية الراقية ... غريب إنه لم يتزوج حتى الآن ..."


+



قالت جملتها الأخيره بشرود لتهتف يسرا بتعجب :-


+



" ليس متزوجا ...؟!"


+



" نعم ، ما زال عازبا ...."


+



شردت يسرا في حديثها لا إراديا لتقول والدتها عن قصد بعدما لاحظت شرودها :-


+



" ولكن محظوظة من سيكون نصيبها ... محظوظة للغاية ..."


+



" لا يخصنا هذا ... "


+



تمتمت بها يسرا عن قصد قبلما تأتي الطبيبة وهي تحمل ورقة الخروج لتطلب يسرا من والدتها مساعدتها لتغيير ملابسها والخروج من المشفى ...


+




        

          


                

**


+



يجلس أثير على إحدى الطاولات ينتظر مجيئها ليخبرها بقراره الذي إتخذه بعد تفكير ...


+



طوال الفترة السابقة كان يبحث خلفه وما عرفه عنها صدمة بشدة ...


+



كما توقع كانت لديها الكثير من الأسرار التي جعلته يشعر بأنه أحمق بالفعل لأنه لم يفكر بالبحث خلفها ومعرفة خفايا ماضيها وحياتها ...


+



إكتشف الكثير عنها مما جعله يتخذ قراره دون رجعة ...


+



في وقت آخر كان سيقلب العالم فوق رأسها لأنها خدعته ووالديها كذلك خدعانه لكنه وجد نفسه يريد إنهاء هذه المهزلة فقط ويخرج تلك الفتاة من حياته فلا طاقة لديه للدخول في مشاكل جديدة ولا رغبة له بذلك حقا ...


+



وجدها تتقدم نحوه بإبتسامة واسعة ...


+



" حبيبي ..."


+



تمتمت بها وهي تجلس أمامه ...


+



لم يعد يستغرب تعلقها المرضي به فهو بات يعلم كل شيء ...


+



يعلم بأمراضها النفسية والسنوات التي قضتها في العلاج داخل وخارج البلاد دون نجاح يذكر ...


+



دون مقدمات وضع خاتمه فوق الطاولة لتطالعه بصدمة هزت كيانها  كاملا ...


+



ملأت العبرات عينيها على الفور وهي تهمس بصعوبة :-


+



" أثير ... ماذا تفعل ...؟!"


+



" واضح ما أفعله يا أفنان ... أنا أفسخ الخطبة ..."


+



" كيف يعني ..؟! هل ستتركني حقا ...؟!"


+



قالتها وعبراتها تساقطت فوق وجنتيها لتضيف بحرقة :-


+



" ماذا فعلت لتتخلى عني ..؟!"


+



أخبرها بملامح ثابتة :-


+



" أنا عرفت كل شيء عنك ..."


+



طالعته بصدمة ليضيف بنفس الثبات :-


+



" بحثت عنك وعرفت كل شيء كنت تخفينه أنت وعائلتك ...."


+



سألته بأنفاس متصاعدة خوفا :-


+



" ماذا عرفت ..؟!"


+



" كل شيء ..."


+



قالها بقوة وهو يضيف :-


+



" ورغم إنه كان بوسعي محاسبتكم جميعا على خداعي لكنني إكتفيت بفسخ خطبتي ..."


+



نهض من مكانه مقررا إنهاء اللقاء فالمزيد من الأحاديث لن تفيد بشيء ليجدها تنهض سريعا تقبض على ذراعه تتوسله باكية :-


+




        

          


                

" أرجوك إسمعني ... سأشرح لك كل شيء ... فقط لا تتركني ..."


+



" توقفي يا أفنان ... توقفي عما تفعلينه ..."


+



هدر بها والأنظار بدأت تتجه نحوهما لتهمس بلوعة :-


+



" ما حدث ليس ذنبي ... لماذا ستتخلى عني ...؟!"


+



" لأنني لا أريدك ... إنتهينا ..."


+



قالها بصرامة لتتراجع إلى الخلف تطالعه بنظرات غير مفهومة قبلما تصيح :-


+



" هي من أخبرتك ، أليس كذلك ..؟!"


+



" عمن تتحدثين ..؟!"


+



سألها بعدم فهم لتصرخ :-


+



" تلك الحقيرة .. هالة .. أخبرتك عن تلك الأدوية ... الحقيرة ... والله سأقتلها ..."


+



قبض على ساعدها يهدر بها :-


+



 " هل جننتِ ..؟! هالة لا شأن لها بكل هذا ..."


+



" كنت أعلم .. ماما قالت لي ذلك أساسا ... تلك المطلقة لن تتركك وشأنك .. ستفعل كل شيء لتأخذك مني ... نعم فهي باتت مطلقة وتبحث عن أي رجل يحل محل طليقها ..."


+



كانت تتحدث بلا وعي لتجده يشدد من قبضته على ساعدها هادرا بها بصوت منخفض حازم :-


+



" إخرسي، أنت مريضة ... حالتك ميؤوس منها ..."


+



ثم دفعها بعنف وتحرك ليجدها تتبعه راكضة تتمسك به بقوة قبلما تصدمه بهبوطها أرضا وركوعها أمامه وهي تتوسله ببكاء عنيف :-


+



" أرجوك لا تتكرني ..."


+



ثم تمسكت بحذائه تتوسله وأنظار الجميع توجهت نحوها :-


+



" إمنحني فرصة أخيرة ... أنا أحبك وأريدك ..."


+



" ماذا تفعلين يا أفنان ...؟!" 


+



قالها وعيناه تتطلعان في المكان حولها قبلما يسارع وينحني ويجذبها من ذراعها بعنف يهدر بها :-


+



" توقفي عن حركاتك الغبية المثيرة للشفقة ... تصرفات كهذه لا تليق بك ..."


+



ثم تحرك سريعا مغادرا المكان هاربا من تصرفاتها المجنونة لتنهار باكية وتتجه بدورها إلى منزلها هناك حيث إستلمتها والدتها تصرخ بها وتنهرها بينما تهتف هي من بين عبراتها :-


+



" ماذا أفعل ..؟! أخبرته بكل شيء ..."


+



" لأنك حمقاء ... كيف تتناولين الدواء أمامها ..؟!"


+



صرخت بها شهيرة وهي تضيف بوعيد :-


+



" لكن لا بأس ... سأربيها ... والله لن أرحمها ..."


+



" وأنا ، ماذا عني ..؟! ماذا سأفعل ...؟!"


+



سألتها باكية لتخبرها شهيرة بكره :-


+



" أنت فضحتني ... بعد الآن لا مكان لك هنا ..."


+



" ماذا تقولين أنت ..؟!"


+



هتفت بها مذهولة لتخبرها شهيرة :-


+



" ستسافرين خارجا ولن تعودي إلى هنا مجددا ..."


+



" ماما ..."


+



قالتها وهي تتمسك بها برجاء لتدفعها بعيدا :-


+



" توقفي عن قول ماما ..."


+



أخذت تهز رأسها نفيا وهي تردد :-


+



" كلا، أنت لن تفعلي بي ذلك ... مستحيل ..."


+



قبضت والدتها بكفيها على ذراعيها تضغط عليهما بقوة وهي تخبرها :-


+



" ستغادرين البلاد .... يكفينا فضائح ... لست مستعدة لتحمل فضيحة جديدة بسببك ... الله وحده يعلم ما عرفه إبن الهاشمي عنك .. ستنفضح العائلة بأكملها بسببك ..."


1



إندفعت مغادرة المكان تاركة إياها مصدومة بما قالته وفكرة السفر خارجا ترفضها بشدة ...


+



بقيت تبكي لفترة من الوقت وداخلها تتوعد لهالة التي أفشت سرها وحقدها يتنامى عليها لتنهض فجأة من مكانها وقد تلبسها الجنون لتهبط إلى الأسفل بإندفاع ...


+



دلفت إلى المطبخ وسحبت سكينا حادة ثم ركضت تغادر المكان متجهة إلى حيث تعمل حيث علمت بمكان المشفى الذي تعمل به أثناء بحثتها عنها على تطبيق الفيس بوك وفي الطريق إتصلت بأثير تصرخ به بنبرة مختلة :-


+



" سأقتلها .. سأقتل تلك الحقيرة ... خلال ساعة سيصلك نبأ مقتلها يا أثير ..."


1



وأغلقت الخط غير آبهة بصياحه ....


+



وصلت إلى المشفى لتركن سيارتها في الكراج ثم تضع السكين في حقيبتها وتدلف بعدها إلى الداخل تسأل عنها ومن حسن حظها إنها كانت باقية في المشفى لتندفع حيث مكان عملها بينما أثير يقود سيارته بأنفاس مرتعبة محاولا الإتصال بفيصل ليخبر هالة عما يحدث فهو لا يمتلك رقمها الجديد لكن فيصل لا يجيب وكذلك توليب وراغب بالتأكيد لن يجيب عليه ...


+



ركن سيارته أخيرا وهبط سريعا منها بينما وصلت هي إلى الطابق الذي تعمل فيه لتجدها تقف بردائها الطبي تتحدث مع إحدى الزميلات فتصرخ بصوت عالي بإسمها قبلما تندفع نحوها بتلك السكين وصوت صراخ حاد إخترق أذنيها في ذات اللحظة ....



3



إنتهى الفصل 


+




      الثامن والعشرين من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close