رواية نشوة العشق اللاذع الفصل السادس والعشرين 26 بقلم سارة علي
الفصل السادس والعشرون
+
( الجزء الأول )
+
حملت غالية صغير شقيقها الذي ولد حديثا تضمه لصدرها وهي تتمتم :-
+
" ماشاءالله .. إنه يكبر بسرعة ... "
+
أضافت وهي تطبع قبلة رقيقة فوق وجنته :-
+
" وكلما يكبر كلما إزداد شبها بوالده ..."
+
هتفت حياة مبتسمة :-
+
" نعم ، هو نسخة من نديم .."
+
قالت غالية مشاكسة :-
+
" هذا دليل على مدى عشقك لشقيقي ..."
+
تنهدت حياة ثم قالت ببسمة حالمة :-
+
" نعم أنا أحبه بل أعشقه ..."
+
" كم أنا محظوظ إذا ..."
+
إنتفضت من مكانها بعدما صدح صوته المفاجئ لتتورد وجنتيها بحمرة خاطفة بينما تغمز له غالية :-
+
" دائما ما كنت محظوظ يا عزيزي ..."
+
حاوط كتفي زوجته بذراعيه وهو يخبر شقيقته بصدق :-
+
" حياة هي أكبر حظ لي في هذه الحياة ..."
+
إبتسمت حياة وهي تطالعه بعشق جارف يزداد مع مرور السنوات ليهمس لها بصوت آبح خافت :-
+
" وأنا أيضا أحبك بل أعشقك غاليتي.."
+
كحت غالية مرددة بخفة :-
+
" نحن هنا ..."
+
تقدم نديم نحوها يخبرها ممازحا :-
+
" لم نتبادل التحية حتى ..."
+
ثم عانقها قبلما ينحني نحو صغيره بين ذراعيها يقبله من جبينه مبتسما وهو يطالع عينيه المتسعتين قبلما يبدأ بمناغاته ثم ينظر لزوجته متسائلا وهو ممسك بكف صغيره :-
+
" أين شمس ...؟!"
+
أخبرته :-
+
" نامت قبل قليل .."
+
أضافت بحرص :-
+
" أنا قلقة لأجلها يا نديم ... باتت عدوانية قليلا هذا غير تلك الحبوب التي ملأت وجهها فجأة ..."
+
تنهد ثم قال :-
+
" لا تقلقي ... الطبيب قال إن هذا بسبب غيرتها من شقيقها ... لم تتقبل بعد وجوده ...."
+
جلست غالية على الكنبة وهي تخبرهما :-
+
" عليكما مراعاتها جيدا وعدم إظهار إهتمامكما به أمامها ..."
+
هتفت حياة :-
+
" والله هذا ما نفعله ... أصبحنا نتناوب عليها ... تارة أنا معها ونديم يراقب الصغير وتارة العكس فقط كي لا تشعر بذلك ..."
+
هتف نديم وهو يربت على كتفها :-
+
" لا تقلقي ... شعورها طبيعي ... فترة قصيرة وسوف تعتاد على وجوده ..."
+
" بإذن الله ..."
+
تمتمت بها حياة قبلما تضيف :-
+
" سأطلب من الخادمة أن تجهز مائدة الطعام ..."
+
تحركت مغادرة المكان بينما جلس كلا من نديم وغالية قبال بعضهما ليسألها بجدية بعدما حمل الصغير عنها :-
+
" ما أخبار فادي ...؟!"
+
" بخير لكنه قلق على والدته ..."
+
همست بها بخفوت ليسأل بإهتمام :-
+
" ألم يتحسن وضعها ...؟!"
+
ردت بوجوم :-
+
" يتحسن تدريجيا ولكنها ما زالت مريضة وتحتاج لرعاية ..."
+
" هل تحسنت علاقتها به أم ..."
+
أخبرته بجدية :-
+
" تحسنت الحمد لله ..."
+
" ألم تذهبي لزيارتها ...؟!"
+
سألها بإهتمام لتجيب بضيق خفي :-
+
"كلا ، أنا أريد الذهاب ولكنني لا أضمن ردة فعلها وفادي يبدو وكأنه لا يريد ذهابي ..."
+
تنهد قائلا :-
+
" وهذا يزعجك بالطبع ..."
+
أخبرته بصراحة :-
+
" بالطبع ، يزعجني كثيرا .. إلى متى سيبقى الوضع هكذا ...؟! "
+
" كنت تعلمين بذلك منذ البداية يا غالية ..."
+
قالها بصراحة وهو يضيف بحيادية :-
+
" وبكل الأحوال طالما حياتك مع زوجك تسير بشكل جيد فهذا هو المهم ودعكِ من البقية ..."
+
" أحاول إقناع نفسي بهذا ..."
+
قالتها بتعب خفي عندما طلت حياة تخبرهما بأن المائدة باتت جاهزة لينهض كليهما بينما تتناول حياة الصغير من والده وتذهب به إلى المربية ثم تعود مجددا لتشاركهما تناول الطعام ...
+
تناولوا القهوة بعدها ثم صعد نديم إلى غرفته ليرتاح قليلا بينما بقيت حياة معها تتبادلان الأحاديث ...
+
أخبرتها غالية عن عملها الذي يتقدم بشكل رائع وعن رغبتها في توسعة نطاق عملها وبدورها تحدثت حياة عن عملها هي الأخرى ورغبتها بالتقديم على الدراسات العليا ولكن صغيريها يحتاجان وجودها لذا ستؤجل الأمر حتى يكبران قليلا ...
+
" كل شيء يسير بشكل جيد ولكن ..."
+
توقفت غالية لوهلة وهي تضيف بإحباط :-
+
" قلقة بشأن الحمل الذي لم يحدث حتى الآن ..."
+
" سيحدث بإذن الله ... لستِ أول من يتأخر حملها ... لا تقلقي ..."
+
سألت غالية بقلق :-
+
" ماذا لو لدي مشكلة ما ...؟! قريبا سيمر عام على زواجي ..."
+
أكملت بضيق :-
+
" أنا قلقة يا حياة ... قلقة جدا ... فادي لا يتطرق إلى الأمر بتاتا وهذا يضايقني جدا ..."
+
ترددت في قولها :-
+
" أريد الذهاب إلى طبيبة لحسم الأمر ..."
+
" إذا كان هذا سيريحك فلتذهبي ..."
+
قالتها حياة بجدية وهي تضيف بينما تربت على كفها :-
+
" بإذن الله لن يكون هناك أي مشكلة ... "
+
" بإذن الله .."
+
قالتها غالية بخفوت قبلما تطلب من حياة رقم الطبيبة التي كانت تراجع لديها أثناء فترة حملها لتقرر الذهاب إليها مساءا ...
+
ذهبت مساءا إلى الطبيبة التي قامت بالفحوصات المعتادة بعدما شرحت غالية لها مخاوفها بسبب تأخر الحمل رغم مرور أشهر طويلة على زواجها ....
+
كانت تتابع الطبيبة وهي تقرأ نتائج الفحوصات التي أجرتها بقلب خائف بل مذعور مما ستقوله فهي منذ فترة طويلة تمكن منها هاجسا يخبرها إنها لديها مشكلة صحية تمنعها من الإنجاب ...
+
لا تعرف من أين ظهر هذا الهاجس لكنه تملك روحها بقوة ..
+
وضعت الطبيبة الفحوصات جانبا وأخبرتها بعملية :-
+
" أنت سليمة تماما يا سيدة غالية ... لا يوجد ما يمنعك من الحمل والإنجاب ..."
+
" حقا ..؟!"
+
سألت بلهفة وهي تضيف بعدم تصديق :-
+
" حقا يا دكتورة لا مانع عندي يمنعني من الإنجاب ..."
+
" حقا يا سيدة غالية ..."
+
إبتسمت بسعادة قبلما تسأل بحذر :-
+
" لماذا لم أحمل بعد إذا ...؟!"
+
" يحدث أحيانا كثيرة أن يتأخر الحمل ..."
+
توقفت الطبيبة للحظة قبلما تضيف :-
+
" هل زوجك سليم أيضا ..؟! هل سبق وأجرى فحوصات يتأكد من سلامته ..؟!"
+
بهتت ملامحها قبلما تجيب :-
+
" كلا لم يجرِ أي فحوصات مسبقا ..."
+
" إذا عليه أن يفعل لنطمئن وبعدها سأمنحك برنامج علاجي للحمل يساعد في تسريع إمكانية الحمل لديك ..."
+
هزت رأسها بصمت وعقلها يشرد في حديث الطبيب ..
+
هل يُعقل إن المشكلة منه لا منها ..؟!
+
نفضت سريعا هذه الأفكار من رأسها وهي تخبر نفسها إنه سليم مثلها تماما ...
+
غادرت عيادة الطبيبة عائدة إلى منزلها ...
+
هناك وجدت زوجها ينتظرها بملامح واجمة ليباغتها متسائلا بحدة :-
+
" أين كنت يا هانم ...؟!"
+
فوجئت لوهلة من طريقته الحادة معها لتجيب :-
+
" كنت عند الطبيبة وكان لديها الكثير من المراجعين وإسمي الأخير ..."
+
أضافت بعصبية خفيفة :-
+
" ولا تصرخ عليّ مجددا بهذه الطريقة ..."
+
أخذ نفسا عميقا محاولا السيطرة على أعصابه بعد شجاره مع والدته التي طلبت منه هذه المرة وبكل صراحة أن يطلق زوجته كي ترضى عنه وتسامحه :-
+
" حسنا لم أقصد ..."
+
أضاف بوجه ما زال متجهما :-
+
" أي طبيبة تلك التي ذهبتي إليها ولماذا ..؟! هل أنت مريضة ..؟!"
+
أجابت وهي تخلع سترتها :-
+
" طبيبة نسائية .. "
+
" لماذا ذهبت ..؟!"
+
سألها بحيرة لتجيب بعدم تصديق :-
+
" حقا تسأل .. ألم تنتبه لكوني لم أحمل حتى الآن رغم مرور أشهر طويلة على زواجنا ...؟!"
+
" إنه أمر وارد .. ليس جميع النساء يحملن مبكرا .."
+
قالها بمنطقية لتخبره بخفوت :-
+
" عامة فحوصاتي سليمة الحمد لله ..."
+
تمتم :-
+
" الحمد لله ..."
+
طالعت إنعكاس صورته على مرآتها بتردد ...
+
عقلها يخبرها أن تطلب منه إجراء تلك الفحوصات للتأكد من سلامته لكنها تخشى من ردة فعله ..
+
تخشى ألا يتفهم طلبها وأسبابها ...
+
لاحظ الحيرة المرتسمة فوق ملامحها دون أن تدري ليسأل بينما تسحب هي قميص نوم لها من الخزانة :-
+
" مالذي تريدين قوله يا غالية ..؟! أسمعك .."
+
نظرت له بتردد سرعان ما قررت نحيه جانبا والتحدث معه بوضوح :-
+
" أنا أريدك أن تجري الفحوصات اللازمة للتأكد من قدرتك على الإنجاب ...!"
+
**
+
يحمل طفله الذي يبكي دون توقف يحاول تهدئته بينما الصغير لا يتوقف عن البكاء وعلى ما يبدو إنه يريد والدته ...
+
لم يتوقع أبدا أن يأتي اليوم الذي يجد به نفسه متحملا مسؤولية طفلين لم يتجاوزا العامين بعد بل هو الآن يجاهد مع الصغير كي ينام مجددا بعدما إستيقظ باكيا فجأة بشكل أفزعه وهو الذي كان غافيا لتوه ليسارع ويحمله فيتفاجئ بتوأمه التي إستيقظت بدورها وبدأت تبكي ...
+
لوهلة أراد أن يشاركهما البكاء وهو يقف عاجزا أماميهما لا يعرف كيف يتصرف لكنه قرر أن يحاول بأي طريقة إسكاتهما ليجلب الحليب لهما حيث حضرته نانسي قبل رحيلها ليرفضانه وكلاهما يردد بدموع آلمت قلبه بشدة :-
+
" ماما .. ماما ..."
+
قرر بعدها أن يلجأ للألعاب فجلب ألعابهما وجلس محاولا اللعب معهما لتندمج كاميليا بعد لحظات بينما توقف الصغير عن البكاء لكنه ظل يراقبهما بوجه محمر وفم متقوس نحو ألأسفل ...
+
بالكاد شاركهما قليلا في اللعب قبلما ينخرط باكيا من جديد وهاهو محتار بشأنه لا يعرف كيف يتصرف وصغيرته تراقبه تارة وتلعب بدميتها تارة ...
+
" لماذا تبكي ..؟! لماذا لا تفعل كشقيقتك ...؟!"
+
قالها محادثا إياه وكأنه سيفهم ويستوعب حديثه فيتوقف الصغير عن البكاء ويطالعه بنظراته البريئة ليبتسم صلاح له فيعاود الصغير البكاء بشكل يفطر القلب فيضمه صلاح لصدره وهو يتمتم :-
+
" حسنا يا صغيري .. لا تبكي ... سنتصل بماما ..."
+
وقبلما يبحث عن هاتفه وجد الأخرى تنخرط في بكاء عنيف أجفله فسارع يضع ولده جانبا ويركض نحوها يتسائل عن سبب بكائها فوجدها تدفعه برفض وهي تردد :-
+
" ماما .. ماما ..."
+
" ستأتي ... والله ستأتي بعد قليل ..."
+
قالها وهو يكاد يبكي مما يحدث ليجلس في النهاية فوق الأرضية جانبهما عاجزا عن إيقافهما عن البكاء ملتزما الصمت والوجوم يملأ ملامحه ...
+
بعد دقائق من البكاء المزعج وجد كاميليا تحمل دميتها وتتحرك نحو شقيقها وقد توقفت عن البكاء لتعطيه الدمية وهي تربت على كتفه فتتسع عيناه بدهشة من تصرفها وتزداد دهشته عندما تناول كريم الدمية وتوقف عن البكاء ليطالعها وهو يردد بعدم تصديق :-
+
" هكذا بكل بساطة بعدما أوشكت أنا كذلك على البكاء ..."
+
نهض من مكانه سريعا مقررا إستغلال الفرصة ليأتي لهما بالحليب فوجد كاميليا ترفض أخذه بينما تناوله كريم بسرعة وهو ما زال يلعب بالدمية القطنية لأحد الشخصيات الكرتونية الشهيرة ..
+
جثى على ركبتيه أمامها يخبرها بهدوء :-
+
" تناولي الحليب يا كراميلا ..."
+
رفضت أن تأخذ الحليب وعادت تولي إنتباهها لدمية باربي خاصتها ليطالع الدمية مرددا بينه وبين نفسها :-
+
" هذه الدمية تشبه والدتك ... "
+
ابتسم مع نفسه وهو يهمس :-
+
" تتحمل والدتك الكثير ... لا أصدق إن نانسي التي كانت يوما في قمة الضياع والإستهتار تحملت مسؤوليتكما وقامت بها على أكمل وجه ..."
+
تنهد بصمت قبلما ينهض متجها نحو الكنبة يتمدد عليها وهو يراقبهما بحرص لم يكن يعرف إنه يمتلكه أبدا ..
+
بعد حوالي نصف ساعة رن جرس الباب فنهض سريعا من مكانه متجها نحو الباب ليفتحها فيجد نانسي أمامه بملامح تحمل آثار بكاء واضحة ...
+
طالعها بدهشة عندما دلفت هي إلى الداخل دون أن تلقي التحية حتى ودون مقدمات إتجهت نحو طفليها اللذين ركضا نحوها وعانقتها بقوة ودموعها تساقطت فوق وجنتيها بحرارة ...
+
أغلق صلاح الباب وتقدم نحوها يطالعها بقلق ...
+
أبعدت الطفلين عن أحضانها بعدها ونهضت من مكانها تكفكف دموعها ليسأل صلاح بتوجس :-
+
" ماذا حدث يا نانسي ولماذا تبكين ...؟!"
+
لم تجبه بل همت بالتحرك لكنه قبض على ذراعها يسألها بقلق :-
+
" أجيبيني أولا ..."
+
دفعته بقوة وهي تصرخ بشكل آثار فزع الصغيرين :-
+
" لا تلمسني ... إتركني وشأني ... إتركوني .. ماذا تريدون مني ...؟!"
+
هتفت بها وإنهارت في بكاء مرير جعل كلا الطفلين يطالعانها بعينين ملأتهما العبرات بينما يهتف صلاح :-
+
" حسنا إهدئي ... أنا فقط قلقت عليك ... هل حدثت مشكلة مع كرم ..؟!"
+
هتفت من بين بكائها :-
+
" نعم حدثت ... هل تريد أن تعلم ما حدث ...؟!"
+
طالعها بتردد لتهتف بحرقة :-
+
" ما حدث إن شقيقي المحترم عايرني بما حدث بيننا ... بحقيقة زواجنا وكيف تزوجنا ...؟!"
+
بهتت ملامحه فأكملت بذات الحرقة :-
+
" زواجنا الذي علم حقيقته بسببك أنت .. بسبب ما فعلته بي ... "
+
تضاعفت دموعها :-
+
" تلك الحقيقة التي هربت منها طويلا ولكنني مهما فعلت ستبقى حقيقة ثابتة لا مفر منها ... أنا وأنت تزوجنا بعدما أجرمنا بحق أنفسنا وشرف عائلتنا وبحق ديننا قبل أي شيء ... نحن زنينا يا صلاح ولكنك لن تفهم هذا لأنك معتاد ... معتاد أن تزني ... "
+
إسترسلت وطفليها شاركانها البكاء :-
+
" وأنا بعدما فعلته لم أفرق عنك ... فرطت بشرفي ... خسرت كرامتي وعزة نفسي ... و..."
+
تحشرجت نبرتها وهي تهمس بصعوبة :-
+
" وأغضبت ربي بإرتكابي جرما عظيما لا أعرف إذا ما كان سيغفره لي يوما أم لا ..."
+
" نانسي إهدئي ...."
+
" لن أهدأ ..."
+
صرخت بها بشكل أفزع الطفلين الذي صرخا بدورهما باكيين بينما تخبره هي :-
+
" لن أهدأ يا صلاح ... ولن أهرب من هذه الحقيقة ... الحقيقة التي عايرني بها شقيقي اليوم والله يعلم من سيعايرني بها فيما بعد ..."
+
" لكنكِ لم تكونِ واعية ... كنتِ ثملة ..."
+
قالها محاولا التبرير لتضحك بمرارة :-
+
" هل هذا مبررك...؟!"
+
طالع طفليه الباكيين ليشير نحوهما :-
+
" نانسي ... الأولاد ..."
+
فزعت ملامحها وهي ترى الدموع تغطي عينيهما رغم توقفهما عن البكاء بصوت مرتفع لتركض نحوهما سريعا تجثي على ركبتيها تحتضنهما بقوة وهي تهمس بدموع حارة :-
+
" لا بأس .. أنا آسفة ... أفزعتكما... آسفة كثيرا ..."
+
تقدم صلاح نحوها وحمل كريم يحاول تهدئته بينما حملت هي الصغيرة تربت على ظهرها وتتحدث معها ببضعة كلمات ليقرر صلاح أن يفعل كما تفعل هي فيربت على ظهره ويتحدث معه محاولا تهدئته مستعينا بكلمات نانسي ..
+
ومن بعيد بدت الصورة مثالية لعائلة جميلة وأبوين يتقاسمان رعاية طفليهما بكل حرص ممكن وليت كل الصور المرئية أمامنا تمثل الواقع بحذافيره ..!
+
**
+
غفا الصغيران أخيرا ونانسي تجاورهما بملامح منطفأة تماما ..
+
طرق صلاح على الباب مرتين قبلما يدلف إلى الداخل ليجدها تجلس بملامح باهتة وعينين حمراوين عندما نظرت له بلا مبالاة قبلما تربت فوق ظهر طفليها بحرص تتأكد من عمق نومهما ثم تهمس بصوت متحشرج :-
+
" ماذا تريد ..؟!"
+
وجدته يجلس قبالها يخبرها بخجل صادق :-
+
" أتيت لأعتذر عن كل ما تسببت لك به ... إنها المرة الأولى التي أدرك بها كم آذيتك يا نانسي .. أنا آسف حقا ... آسف كثيرا ..."
+
طالعته بصمت وقد شعرت بصدق إعتذاره لتتنهد بصمت ثم تخبره بخفوت :-
+
" أنا متعبة للغاية يا صلاح .. هلا تركتني لوحدي من فضلك ..."
+
هز رأسه موافقا ثم نهض من مكانه يشيعها بنظرة حزينة فطنت لها قبل رحيله ..
+
عادت العبرات تكسو عينيها ما إن أغلق الباب خلفه لتأخذ نفسا عميقا عدة مرات محاولة السيطرة على عبراتها ...
+
هناك شيء ما يجثم فوق صدرها ...
+
حديث شقيقها طعن قلبها بقوة وأحيا جراحا أخفتها داخل أعماقها ليأتي هو وبكلمة واحدة يحرر جروحها من مكمنها ...
+
تساقطت عبراتها بغزارة والألم يزداد لا يقل وهي لا تعرف ماذا تفعل أو لمن تذهب ...
+
جل ما تعرفه إنها مجبرة على السيطرة على أوجاعها بل وإخفائها تماما لأجل طفليها اللذين لا ذنب لهما ليتحملا آثار ذنب لا دخل لهما فيه ...
+
ودون شعور وجدت نفسها تحاوطهما بذراعيها وهي تهمس إليهما بصوت خافت باكي :-
+
" أصبر لأجلكما وسأتحمل المزيد لأجلكما .. وعد مني لن أدمر حياتكما بسبب أخطائي الشنيعة ... سأفعل كل شيء كي تحييان بسعادة وتعيشان الحياة التي تستحقانها مهما كلفني هذا ... حتى لو كان الثمن أوجاعي .."
+
وفي النهاية حسمت أمرها وذهبت إليه في غرفته ووقفت أمامه تخبره بعد إقتناع تام :-
+
" طلقني يا صلاح ..."
+
**
+
جلست نغم قرب أروى تطالعها بصمت بينما دموع الأخيرة لا تتوقف عن الإنهمار ...
+
لا تصدق ما سمعته على لسانها عما فعله ذلك الحقير بها ...
+
كيف تجرؤ وفعل هذا بل وعاد بكل تجبر وظهر أمامها في المشفى الذي تعمل به ...
+
تنهدت بصمت وهي تتذكر ما حدث قبل قليل عندما رأته أروى لتقبض على كفها بقوة وتضغط عليها وكأنها تناجيها فشعرت هي بها عندما إنتبهت للمكان الذي تنظر إليه فوجدته يطالعها بعينين حادتين على وشك إفتراسها مجددا لتتمكن الدهشة منها وهي تسحبها إلى الداخل فتنتبه لكم الفزع المرتسم على ملامحها قبلما تتساقط دموعها بغزارة فتجلس أمامها تسألها بقلق عما يحدث وعما فعله بها فيزداد إنهيارها بشكل أقلقها كثيرا ...
+
بقيت تحاول تهدئتها وترجوها كي تتحدث وتفهم منها ما حدث حتى تحدثت أخيرا بصوت مرتجف باكي لتنصدم بعدم تصديق لما فعله ذلك النذل وما إقترفه بحقها ...
+
" توقفي عن البكاء يا أروى ... أنت تبكين منذ ساعة دون توقف ..."
+
جذبت أروى منديلا آخرا تكفكف به عبراتها لتجذب نغم كفها تضغط عليه بقوة وهي تخبرها بعزيمة :-
+
" أعدك بأنني سأحل الأمر وسأجلب حقك منه و ..."
+
إنتفضت أروى تصيح بصوت مرتعب :-
+
" كلا ، لا تفعلي أي شيء ... إتركيه .. إنه مجرم ... إتركيه وشأنه ... لا تفعلي شيء ... لا تفعلي ..."
+
كانت تتحدث بطريقة أقرب للهذيان لتنهض نغم سريعا تحاول تهدئتها وهي تهتف سريعا :-
+
" حسنا لن أفعل .. فقط إهدئي ..."
+
" لا يجب أن يعرف أحد وأنت لا تفعلي شيئا ..."
+
قالتها بصوتها المتقطع وهي تضيف وقد عادت العبرات تملأ عينيها :-
+
" سيؤذيكِ أنت أيضا ..."
+
تنهدت محاولة السيطرة على أعصابها متفهمة مدى ذعرها منه لتهمس مجبرة :-
+
" حسنا لن أفعل ... فقط إهدئي ..."
+
ثم جذبتها من كفها وأجلستها على الكرسي مجددا وجلست قبالها تسألها بتردد :-
+
" هل أحد من عائلتك عرف بما حدث ...؟!"
+
" جميعهم ..."
+
تمتمت بها باكية وهي تضيف :-
+
" أمي وشقيقتي وقبلهم شقيقي ..."
+
أضافت بعبرات حارة :-
+
" شقيقي أساساً من وجد مكاني وأخذني إلى المنزل ..."
+
إنهارت أكثر وهي تضيف بعدما تذكرت ما حدث :-
+
" وجدني عارية في سريره يا نغم ..."
+
إرتفع صوت نحيبها بشكل يؤلم القلب فجذبتها نغم نحوها تعانقها بقوة وهي تشاركها البكاء بعدما هتفت أروى :-
+
" كسر شقيقي ... حطم شرفه ... نادر بات مكسور العين بسببي .... هو يحاول ألا يظهر ذلك أمامي لكنني أعلم .. أشعر به ... أشعر به وروحي تتمزق يا نغم ..."
+
إبتعدت من بين أحضانها تطالعها بتشوش مضيفة بينما عبرات نغم تنهمر بدورها :-
+
" وأمي .. أمي التي تحاول إدعاء الثبات لأجلي ... أعلم جيدا ما تشعر به بعدما تدمر مستقبلي وهي التي كانت تريد أن تفرح بي وبذريتي .... "
+
حاولت نغم السيطرة على دموعها وهي تخبرها :-
+
" ما حدث لم يكن ذنبك ... أنت تعرفين هذا بالطبع ..."
+
" لا أعلم ..."
+
قالتها بيأس وهي تضيف :-
+
" ربما لم يكن عليّ الذهاب معه لوحدي ... كان عليّ أن أبتعد عنه وأكون حاسمة في قراري ..."
+
" كلا يا أروى ... لا تفعلي بنفسك هذا ... أرجوكِ ...."
+
أضافت برجاء :-
+
" كوني أقوى يا أروى. ... لا تسمحي لوغد حقير أن يجعلك على هذا النحو من الضعف والإستسلام ..."
+
" أقوى ... أكون أقوى ..!!"
+
همست بها أروى بمرارة وهي تضيف بعبرات حارة :-
+
" أنا لم أكن يوما قوية بل لطالما كنت ضعيفة وهذا سبب ما حدث لي أساسا ..."
+
" توقفي عن لوم نفسك ..."
+
قالتها نغم برجاء وهي تضيف بعقل مشوش :-
+
" لا بد أن نجد حلا لما حدث ... "
+
" لم يعد هناك حلول وأنت تعرفين ذلك ... لا تخدعي نفسك يا نغم ..."
+
قالتها أروى بيأس لتهتف نغم بعناد فطري :-
+
" كل شيء يوجد له حل ... "
+
تنهدت ثم قالت بمؤازرة :-
+
" أنا سأبقى جانبك ولن أتركك حتى أجد الحل المناسب لهذه المشكلة ..."
+
إكتفت أروى بالصمت لتضيف نغم بجدية :-
+
" فقط إهدئي أنت ولا تتوتري بهذا الشكل ... "
+
" يجب أن أعرف سبب مجيئه .... ماذا لو جاء ليفضحني ...؟!"
+
تمتمت بها أروى وعاد الهلع يرتسم فوق ملامحها لتنتفض نغم تصيح بحدة :-
+
" حينها سيكون جنا على نفسه
+
ولن أتردد في تصويب مشرطي في منتصف قلبه .."
+
أضافت بجدية :-
+
" سأذهب وأسأل عنه ..."
+
وقبلما تتحرك شعرت بدوار لحظي لتنتفض أروى تمسكها من ذراعها تتسائل بخوف :-
+
" ماذا حدث ..؟! هل أنت بخير ...؟!"
+
" لا تقلقي .. إنها أعراض طبيعية ..."
+
أضاف مبتسمة وهي تطالع ملامح أروى المتوجسة تفصح عن فرحتها القادمة لها قبل الجميع :-
+
" أنا حامل ...."
+
تمتمت نغم بها لتبتسم أروى من بين عبراتها :-
+
" حقا ...؟!"
+
قبضت نغم على كفها تخصها بمعرفة هذا الخبر السار قبل الجميع :-
+
" أنت أول شخص علم بهذا ... حتى راجي لم يعرف بعد ..."
+
" مبارك يا نغم ..."
+
نطقتها بفرحة صادقة رغم آلمها لتخبرها نغم وهي تشدد من قبضتها على يدها :-
+
" لا تقلقي يا أروى ... سنجد حلا لما حدث معك ... لا بد أن نفعل ... سأبقى جانبك حتى نحل هذا الأمر ..."
+
دون مقدمات فوجئت بها نغم تعانقها وهي تهمس لها :-
+
" شكرا لأنك في حياتي .. أنا محظوظة بك يا نغم ... محظوظة بك وممتنة لوجودك معي ... حفظك الله لي ..."
+
ملأت العبرات عيني نغم التي سارعت تربت على ظهرها وهي تهمس بصوت مبحوح :-
+
" أنا جانبك وسأبقى جانبك طالما هناك نفس يتردد داخل صدري ..."
+
إبتعدت أروى عنها بعد لحظات لتخبرها بأنها ستذهب وترى سبّب تواجد ذلك الوغد في المشفى لتعود بعد دقائق وهي تخبرها :-
+
" صديقه تعرض لحادث وهو يرقد في العناية المركزة حاليا ..."
+
**
+
مساءا ...
+
جاورها فوق السرير يسألها بإهتمام ولم يغب عنه شرودها الدائم منذ عودتها من المشفى :-
+
" لو أعلم فقط فيمَ أنت شاردة هكذا ..؟!"
+
ابتسمت نغم وهي تستدير نحوه تخبره كاذبة :-
+
" لا شيء ... "
+
مال نحوها يلمس خصلاتها وهو يسأل بقلق خفي :-
+
" هل أنت بخير ...؟!"
+
هزت رأسها بصمت مجيبة :-
+
" نعم حبيبي ، أنا بخير ..."
+
" لم تتناولِ طعامك جيدا على العشاء .."
+
تمتم بها بهدوء لتخبره بخفوت :-
+
" لا شهية لدي ..."
+
" حسنا ..."
+
قالها والتزم الصمت قليلا بينما تراقبه هي بعينيها ولم يغب عنها ذلك الحديث الغير منطوق والذي على ما يبدو مترددا في البوح به ..
+
" ماذا هناك يا راجي ...؟! مالذي تريد قوله ..؟!"
+
تنهد ثم قال مبتسما :-
+
" تدركين فورا ما يشغل بالي ..."
+
ابتسمت وهي تلمس ذقنه الحليقة بأناملها :-
+
" بالطبع .."
+
أضافت بمكر محبب :-
+
" أنا حتى أدرك ما تريد قوله ..."
+
تنهد بصمت وظهر التردد مجددا عليه لتخبره بإقرار :-
+
" ما تريده بات مستحيلا ... "
+
وجمت ملامحه بعدم استيعاب فأضافت مقررة الإفصاح عن سرها الصغير :-
+
" لأنني حامل بالفعل يا راجي ..."
+
تجمد مكانه لوهلة ...
+
جمود ضرب روحه وعقله ...
+
بدأ الخبر مفاجئا له بل صادما ولكن في اللحظة التالية إنشرحت ملامحه لينسى في تلك اللحظة مرضها ولا يستوعب سوى شيءواحد وهو أن زوجته التي يحبها بشدة تحمل طفله ...
+
" أنت حامل ..."
+
الفرحة التي رأتها في عينيه بل وظهرت في نبرة صوته أراحتها قليلا لتومأ برأسها فيهتف بسعادة جلية:-
+
" مبارك يا نغم ... مبارك حبيبتي ..."
+
ثم جذبها يعانقها لتبادله عناقه بمحبة خالصة قبلما تبتعد عنه وهي تخبره بفرحة :-
+
" أنا لا أصدق ما يحدث يا راجي ... لا أصدق إنني تزوجتك بعد كل هذه السنوات بل وأحمّل طفلك ... لقد تحققت أكبر أمنياتي ..."
+
" أحبك يا نغم ..."
+
تمتم بها وهو يعانق شفتيها بشفتيه لتستسلم له وتبادله قبلته بشوق جارف لا ينضب قبلما تهمس بعبرات تملأ عينيها :-
+
" لو تعلم كم إنتظرت هذه اللحظة وتمنيتها ..."
+
إبتسم بحب وهو يمسح عبراتها بأناملها لتجذب كفه تقبله وهي تتمتم بعشق صريح :-
+
" أحبك يا أجمل شيء حدث لي ..."
+
جذبها نحو صدره مجددا يعانقها وفي تلك اللحظة عادت الحقيقة تتجسد أمامه ومرضها الذي نساه قبل لحظات دون وعي عاد يذكره بوجوده فيغمض عينيه بآلم وهو يستوعب أخيرا إن النهاية تقترب تدريجيا فالحمل هذا يعني خسارتها ولكن ماذا يفعل ..؟!
+
الحمل كان أمنيتها وهو لم يستطع أن يقف في وجهها ويحرمها من هذا الحق ...
+
الأمومة حق مشروع لكل امرأة وهو لم يكن ليسامح نفسه لو أجبرها على عدم الحمل حتى لو كان الدافع حياتها ...
+
تنهد بصمت مقررا أن يتناسى أمر مرضها هذه الليلة فقط ويشاركها فرحتها وغدا سيتحدث مع طبيب خاص بشأن وضعها الصحي ...
+
رغم كل شيء ما زال داخله أمل أن يتحسن وضعها بمعجزة إلهية ....
+
" أريدها فتاة ..."
+
تمتمت بها وهي تجلس جانبه تميل برأسها فوق صدره بينما تحاوطها ذراعه ليخبرها بجدية :-
+
" فتاة جميلة بعينين زرقاوين وخصلات سوداء مموجة .... "
+
ضحكت برقة ليخبرها وهو يحاوط وجهها بكفيه متأملا جمالها الذي يفتنه :-
+
" فاتنة كوالدتها وشقية .. قوية وجريئة وذكية للغاية وطاقتها عالية مثلك تماما حيث تنشر الفرح والإيجابية في كل مكان تدخل إليه ..."
+
" ما زلت تراني هكذا يا راجي ..."
+
سألته بحبور ليخبرها بصدق :-
+
" كنت ولا زلت وسأبقى أراك هكذا ..."
+
عادت برأسها فوق صدره ليتنهد بحرارة قبلما يسأل بمكر :-
+
" وماذا لو كان صبيا ...؟!"
+
رفعت وجهها نحوه تخبره بإصرار :-
+
" ستكون فتاة ... أنا واثقة من ذلك ..."
+
أكملت بجدية :-
+
" أنا حتى إخترت إسمها ..."
+
" ماذا سوف تسميها ...؟!"
+
" سأتركه مفاجئة لك ..."
+
قالتها بدلال عفوي ليحاوطها مجددا بذراعه بينما تتشبث هي به مغمضة عينيها مستسلمة لدفء جسده ..
+
ومن بعيد كانت الصورة مثالية لزوجين عاشقين يحييان فرحتهما الأولى بطفلهما الأولى الذي سيتمم فرحتهما بقدومه ..
+
كانت صورة رائعة وحلم لكل عاشقين وليتها تبقى هكذا للأبد ... !
1
**
+
أغلقت زهرة الهاتف وهي تخبر الجميع بفرحة عارمة :-
+
" نغم حامل ..."
+
أضافت بذات الفرحة :-
+
" الحمد لله يارب ... كم كنت أنتظر هذا اللحظة ..."
+
سارع الجميع يبارك لها بفرحة سيطرت عليهم جميعا ليهتف عابد بذات الفرحة الكبيرة :-
+
" الحمد لله الذي منّ عليّ بهذه الفرحة ... عسى أن يقرّ عيني برؤية ولده ..."
+
تنهدت زهرة بعدما جلست جانبه مرددة :-
+
" كنت على وشك اليأس من هذا الولد الذي بقي طويلا دون زواج ..."
+
في نفس اللحظة دلف كلا من راغب وهمسة إلى داخل المكان لتنهض زهرة بسرعة تخبرهما :-
+
" نغم حامل يا راغب ... راجي بشرّني بحملها قبل قليل ..."
+
سارعت همسة تحتضن خالتها تبارك لها تبعها راغب الذي عانقها فتخبره زهرة بعبرات صامتة :-
+
" وأخيرا سأراه أبا ...."
+
أضافت بتنهيدة مسموعة :-
+
" عقبال خبر حمل شقيقتك أيضا لتتضاعف فرحتي بقدوم حفيدين وليس واحدا ..."
+
قال راغب بسرعة بعدما جاورته همسة في وقفته :-
+
" بالمناسبة هناك مفاجئة مهمة ..."
+
تطلع له الجميع بداية من والديه مرورا بشقيقه وجيلان وهالة وولديه الكبيرين :-
+
" همسة حامل ..."
+
صاح الجميع بسعادة بينما سارعت زهرة تحتضن همسة تبارك لها بفرحة عارمة بينما هتف فيصل ممازحا :-
+
" القصر سيمتلأ بالأطفال ..."
+
نهرته زهرة بضيق :-
+
" قل ما شاءالله ..."
+
بينما قالت هالة بعدما عانقت شقيقتها مباركة لها حملها :-
+
" على أساس إنك متواجد في القصر طوال الوقت ... نحن لا نراك أساسا ..."
+
" سامحك الله يا هالة ..."
+
قالها فيصل بنظرة معاتبة لتضحك بخفة ثم تبارك لراغب وتعانقه عندما نظرت همسة لولديها وكذلك راغب الذي رفع حاجبه مرددا :-
+
" ألن تباركا لنا حمل والدتكما ...؟!"
+
تقدم سيف أولا يبارك لوالدته بإبتسامة هادئة يتبعه نزار الذي هتف بحماس :-
+
" ستكون فتاة هذه المرة ، أليس كذلك ..؟!"
+
بينما قال سيف معترضا بجدية :-
+
" بل سيكون صبي كي نصبح أربعة أشقاء مثل بابا وأعمامي ..."
+
" لكنني أريدها فتاة ... ألا تريد شقيقة يا سيف ..؟!"
+
سألته والدته بإهتمام بينما يطالعه والده مبتسما فولده يكبر تدريجيا وتظهر معالم شخصيته بوضوح حيث كلما كبر كلما ازداد شبها به :-
+
" في الحقيقة يا ماما أنا أفضل أن يكون صبيا ..."
+
قفز نزار مرددا :-
+
" أنا أريدها فتاة فأنا أحب الفتيات كثيرا ..."
+
" حبيبي يا نزار ... شبيه عمك ..."
+
قالها فيصل وهو يرفعه عاليا بمرح لتهتف هالة بإمتعاض :-
+
" لا سامح الله ...لا ينقصنا زير نساء جديد ..."
+
" ألا تلاحظين إنك تبالغين بتصرفاتك معي وعقابي سيكون قاسيا ..؟!"
+
قالها مشاكسا لتهز كتفيها وهي تخبره بلا مبالاة :-
+
" أنا لا أخاف منك ..."
+
بينما أوقفتهما زهرة :-
+
" لا تتصرفا كالصغار ..."
+
ثم أضافت بفرحة كبيرة :-
+
" لا أحد يعلم مدى فرحتي اليوم .. سيصبح لدينا حفيدين جديدين يا عابد ..."
+
ابتسم عابد وهو يحاوطها بذراعه لتخبره بانني :-
+
" بإذن الله سيكون هناك ثالث من توليب ..."
+
ثم أشارت لمهند وجيلان عن قصد :-
+
" عقبالكما أنتما أيضا ... لنفرح بذريتكما كذلك ..."
+
توردت وجنتي جيلان بينما بهتت ملامح مهند غير مستوعبا ما تتفوه به والدته التي عاتبته قائلة :-
+
" قل إن شاءالله ..."
+
كز على أسنانه وهو يردد :-
+
" إن شاء الله ..."
+
ثم تطلع إلى الجميع بإبتسامة صفراء عندما هتفت هالة بسرعة :-
+
" طالما إنكما تريدان فتاة فستكون فتاة إن شاءالله وتمنحانها إسمي ..."
+
" أرجوك لا .. يكفينا هالة واحدة ..."
+
قالها فيصل برجاء لتضربه على كتفه بينما هتفت همسة برقة :-
+
" إذا كان هناك من ستحمل إسمه فخالتي أولى من الجميع ...."
+
إبتسمت زهرة مرددة :-
+
" يا روح خالتك أنتِ ..."
+
ثم أضافت بجدية :-
+
" ولكن برأيي إن هناك أخرى أهم من كلينا لتحمل إسمها ..."
+
إبتسم راغب مرددا :-
+
" وأنا فكرت بهذا أيضا ..."
+
أكمل بجدية :-
+
" إذا وافقت همسة فالفتاة ستحمل إسم خالتي زينة رحمة الله عليها ..."
+
ترّحم الجميع عليها بينما هتفت همسة بإبتسامة حزينة :-
+
" بالطبع سأوافق ... سيكون إسمها زينة ... "
+
" وإذا كان صبيا ... "
+
قالها فيصل بإهتمام وهو يضيف بمرح :-
+
" سموّه فيصل ... "
+
" يكفي فيصل واحد يا عزيزي ..."
+
تمتمت بها هالة بينما قال راغب بجدية :-
+
" إذا كان صبي فهمسة من تسميه لأنني إخترت أسماء الثلاثة السابقين ..."
+
لتقول همسة وهي تلمس بطنها بتمني :-
+
" لن أفكر في إسم الصبي حاليا ... بإذن الله ستكون فتاة ونسميها زينة ..."
+
**
+
صعدا إلى جناحهما ليفاجئها بهدية خاصة بمناسبة الحمل حيث إشترى لها عقدا رقيقا من الذهب الأبيض الذي تحبه لتبتسم وهي تتأمل العقد بعدما ألبسها إياه :-
+
" أنت تعرف إنني أحب الذهب الأبيض إذا ..."
+
" أعرف عنك أكثر مما تتصورين ..."
+
قد تبدو تلك الجملة عادية للغاية لكنها تحمل تصريحا خفيا منه ...
+
جملة آثرت بها وإحتلت أفكارها لثواني قبلما تسأل بإهتمام :-
+
" لديك عشاء عمل الليلة ، أليس كذلك ..؟!"
+
أومأ برأسه وهو يقول :-
+
" نعم ..."
+
" ما رأيك أن أذهب معك ..؟!"
+
قالتها بتردد لتظهر الدهشة على ملامحه وهو يتسائل :-
+
" هل تريدين حقا الذهاب معي ...؟! "
+
اومأت برأسها بحذر ليبتسم مرددا :-
+
" جهزي نفسك إذا ... سنغادر في تمام الساعة الثامنة مساءا ..."
+
وبالفعل بدأت في تجهيز نفسها بينما إنشغل هو في عمله ...
+
أتى المساء ليجدها تنتظره وقد إنتهت بالفعل من تحضير نفسها ليتطلع بها مبهورا بجمالها الآخاذ بذلك الفستان الرقيق بلونه الكريمي الجذاب مع خصلات شعرها التي صففتها بشكل مموج وتركتها على أحد جانبي وجهها ...
+
زينة وجهها الرقيقة مع حمرة شفتيها الغامقة قليلا منحاها جاذبية مهلكة ..
+
بدت إطلالتها مختلفة قليلا عن المعتاد وبها لمحة جرئة أعجبته رغم إحتشام فستانها كعادتها ولكن الإختلاف كان في زينة وجهها وتصفيفة شعرها ...
+
" كيف أبدو ...؟!"
+
" رائعة ..."
+
قالها دون تفكير وهو يتقدم نحوها يضيف بعشق لمع في عينيه اللتين تتأملان كل إنش فيها بحرص:-
+
" رائعة لدرجة تجعلني لا أرغب بأخذك معي كي لا يرى الجميع جمالك المبهر الذي أريده لي وحدي دائما ..."
1
توردت وجنتيها بخجل بديهي قبلما ينحني مقبلا بشفتيه برقة تجاوبت معها للحظة قبلما تدفعه وهي تهمس له :-
+
" ستمحي حمرة شفاهي ..."
+
إبتسم بمكر :-
+
" ألا يوجد غيرها مثلا ...؟!"
+
وضعت يدها فوق صدره وهي تخبره بدلال :-
+
" غيّر ملابسك هيا ... سنتأخر على الموعد ..."
+
تحرك بسرعة ليغير ملابسه بينما عادت هي تقف أمام المرآة تعدل حمرة شفاهها وتنظر لهندامها بحرص مجددا ...
+
غادرا بعدها سويا متجهين إلى المطعم المنشود ..
+
هناك وجدا سكرتيرته الشخصية في إستقبالهما ...
+
كانت المرة الأولى التي تراها فيها وجها لوجه رغم سماعها إسمها مرات قليلة ...
+
" هذه لمى .. سكرتيرتي يا همسة ..."
+
عرفها راغب عليها لتهتف لمى بإبتسامة شعرت بها همسة مزيفة :-
+
" أهلا بك يا هانم ..."
+
ردت همسة تحيتها بفتور وهي تتأمل جمالها الجذاب بغيرة خفية :-
+
" أهلا ..."
+
تحرك ثلاثتهم بينما لمى تستحوذ عليه بحديثها عن العمل والصفقة المنتظرة وهمسة تتابعها بغيرة تتضاعف ونظراتها نحو زوجها لم تكن مريحة على الإطلاق ...
+
إبتسم راغب وهو يسألها بإهتمام :-
+
" هل تشعرين بالضجر ..؟!"
+
هزت رأسها نفيا وتجاهلت غيرتها الحمقاء وهي تخبر نفسها إن هذه الغيرة لا داعي لها فهي تعرف راغب ومدى رسميته مع موظفينه وخاصة النساء وقبلما تنتهي من أفكارها هذه وجدت شريكته في الصفقة تصل بجانب موظفين من شركتها وإذا كانت لمى جذابة فشريكته تحمل جمالا أسطوريا ...
1
رحب راغب بها برزانته المعتادة قبلما يعرفهما على بعضيهما :-
+
" إنها همسة هانم ... زوجتي يا سهر هانم ..."
+
ثم أشار لزوجته :-
+
" سهر هانم ... من أهم شركائنا ..."
+
" تشرفت بمعرفتك يا هانم ..."
+
قالتها سهر بإبتسامة رسمية وهي تضيف :-
+
" كان لدي فضول كبير للتعرف على حضرتك ولكن راغب بك كان يتعمد إخفائك عنا دون سبب مفهوم ..."
+
إرتبكت ملامح همسة وشعرت خلف حديثها بشيء غير مريح بينما سارع راغب يتدارك الموقف محاوطا كتفي زوجته بذراعه يجذبها قربه أكثر مرددا ببسمة هادئة :-
+
" بل هناك سبب ... أنا رجل غيور وكما ترين لدي زوجة صغيرة وجميلة للغاية وأخشى عليها من نسمة الهواء وأغار عليها من كل نظرة مترصدة ..."
1
منحته همسة إبتسامة باهتة لم تصل لعينيها قبلما يتقدم الجميع ويجلسون على المائدة لتبدأ الأحاديث الجادة حول العمل بينما شردت هي كعادتها بكلمات سهر تلك ...
+
أشار لها زوجها :-
+
" ماذا تحبين أن تتناولي ...؟!"
+
قالها بعدما أتى النادل ليأخذ طلباتهما لتخبره بخفوت :-
+
" سأتناول طبقا على ذوقك ..."
+
ابتسم وطلب لكليهما نفس النوع من الطبق لتسمع سهر تردد ببسمة باردة :-
+
" من الواضح كم التفاهم بينكما ... "
+
طالعتها همسة بإستغراب قبلما تقول بهدوء :-
+
" أليس من الطبيعي أن نكون كذلك بإعتبارنا زوجين منذ أعوام ولدينا بدل الطفل ثلاثة ...؟!"
+
" صحيح .. هذا طبيعي ..."
+
أضافت سهر بعدما إرتشفت القليل من عصيرها :-
+
" عادة بعد سنوات من الزواج يقل التفاهم عكس المعتاد بل يزداد الفتور بين الزوجين خاصة مع تراكم المشاكل و صعوبة تربية الأولاد ..."
1
" هذا غير صحيح ... "
+
قالتها همسة وهي تضيف عن قصد :-
+
" الأمر يعتمد على الزوجين ... الحياة عامة مليئة بالصعاب ونحن مجبرون على تجاوز الكثير منها بالصبر والتفهم ... عندما يكون الزوجان عاقلان بما يكفي ولديهما سعة صدر كافية للتعامل مع شتى المواقف والمشاكل ستسير الحياة بينهما بشكل جيد ولو بعد أربعين عاما ..."
+
" ربما ..."
+
قالتها سهر وهي تمط شفتيها مضيفة :-
+
" إنها وجهات نظر ..."
+
" نعم هي كذلك ..."
+
قالتها همسة ببسمة باردة قبلما تسحب كأس عصيرها تتناول منه القليل بينما يراقب راغب ما يحدث بين كلتيهما بوجوم رغم إعجابه بردود زوجته ...
+
ما إن إنتهى العشاء وغادرا حتى سألها راغب بحرص :-
+
" هل أعجبتك السهرة ..؟!"
+
" كلا ..."
+
قالتها بصدق وهي تضيف بإحباط خفي :-
+
" أدركت مجددا إن هذه الأجواء لا تناسبني ..."
+
مد كفه يلتقط كفها وعينيه مرتكزتين على الطريق أمامها :-
+
" ليس من الضروري أن تناسبك ... "
+
تنهد ثم جذب كفها يقبله وهو يخبرها :-
+
" أنت كنت رائعة اليوم .. "
+
أضاف عن قصد :-
+
" شكلا ومضمونا ..."
+
ابتسمت دون مرح بينما عاد هو بتركيزه نحو الطريق أمامه ...
+
وصلا إلى القصر لتسبقه هي إلى جناحهما بينما هو يجري بضعة مكالمات لتغير ملابسها وتقف لوهلة تتأمل نفسها في المرآة وحديث سهر يتكرر على مسامعها لتتنهد بإستياء قبلما تتجه بكفها نحو بطنها تلمسها بنعومة وهي تخبر نفسها ألا تسمح لواحدة مثلها أن تعكر مزاجها بسبب كلامها السخيف ...
+
هكذا تعمدت أن تقنع نفسها قبلما تتجه نحو السرير فتتمدد عليه وتسحب هاتفها تفتح إحدى مسلسلاتها المفضلة مقررة الإنشغال به والهرب من خلاله بعيدا عن أفكارها تلك حتى يتمكن منها النعاس وتغفو ...!
+
**
+
يقف شاردا في شرفة جناحه مفكرا في خطيبته ووضعها المريب متذكرا ما حدث البارحة وكيف تصرف حينها بعدما عرفه ...
+
عاد بذاكرته إلى الخلف وهو يتذكر معرفته بمرضها الذي صدمه بشدة ...
+
وقتها قابلته هي بملامح شاحبة وعينين محتقنتين بالعبرات لتهمس بصوت خافت متحشرج :-
+
" أثير أنا ..."
+
سألها بإهتمام :-
+
" كيف تشعرين الآن ..؟! هل تشعرين بتحسن ..؟!"
+
" ماذا قال الطبيب لك ..؟!"
+
سألته بصوت باكي متقطع ليخبرها بهدوء :-
+
" أخبرني عن مرضك ..."
+
ظهر الهلع في عينيها لتجده يجلس على الكرسي المقابل للسرير يسأل بوجوم :-
+
" لماذا لم تخبريني يا أفنان ...؟! لماذا لم تتحدثي عن مرضك ..؟! الصرع مرض خطير وكان يجب أن أعلم به ..."
+
بهتت ملامحها لوهلة وهي تهمس بصوت لم يصل إليه :-
+
" الصرع ..."
+
تساقطت دموعها بغزارة ليهتف بتروي :-
+
" لا أريد إيلامك ولكن ما فعلته خداع لا يمكن تجاهله ..."
+
حاولت النهوض من مكانها وهي تهتف باكية :-
+
" والله ليس ذنبي .. إنها والدتي ... هي من رفضت إخبارك بمرضي و ..."
+
نهض من مكانه يهتف بسرعة :-
+
" إبقي مكانك يا أفنان ... لن تغادري السرير قبلما يسمح الطبيب لك بذلك ..."
+
قبضت على كفه تتوسله :-
+
" سامحني يا أثير .. أنا لم أرد خداعك ولكنها والدتي ... لم يكن بوسعي فعل أي شيء ..."
+
" حسنا إهدئي ..."
+
قالها وهو يشعر بالشفقة عليها لتسأل بعينين متلهفتين :-
+
" سامحتني إذا ..."
+
تنهد بصبر ثم أومأ برأسه مرغما ليتفاجئ بها تتشبث بجسده تعانقه بقوة وهي تخبره بأنفاس متسارعة :-
+
" لا تتخلى عني يا أثير .. أرجوك ..."
+
طالعها بتوجس وما تفعله بات يثير داخله شكوك إتجاهها ...
+
أفاق من شروده على صوت طرقات على باب جناحه ليتحرك خارج شرفته وهو يأذن للطارق بالدخول فوجد والدته تدلف إليه بملامح مبتسمة قبلما تسأله بحرص :-
+
" هل ستخرج مع أفنان الليلة ..؟!"
+
أومأ برأسه لتهتف زمرد بتردد :-
+
" ما بالك يا أثير ..؟!"
+
" ما بالي يا ماما ...؟!"
+
هتف بها ببرود لتخبره بضيق :-
+
" لا تبدو سعيدا بخطبتك ..."
+
" غريب ..."
+
تمتم بها لترفع حاجبها متسائلة :-
+
" ما الغريب فيما قلته ..؟!"
+
" غريب أن تهمك سعادتي ..."
+
أضاف ببرود :-
+
" عادة ما يهمك هو مظهركِ الاجتماعي و..."
+
عقدت ساعديها أمام صدرها تخبره بثبات :-
+
" إن كنت تعتقد إنك ستجد سعادتك مع هالة فأنت مخطئ يا عزيزي ..."
+
" دعكِ منها الآن .. هي باتت لا تهمني بشيء ... "
+
قالها بنبرة مقتضبة قبلما يضيف :-
+
" ولكن هذا لا يعني إنني سأنسى يوما إنك فضلتي مظهرك الاجتماعي على سعادتي ..."
+
" أنا متأكدة إنك ستغفر لي يوما ما فعلته عندما تدرك صحة تصرفي ..."
+
ضحك بإستخفاف جعل عينيها تشتعلان بغضب حارق تجاهلته وهي تهتف بوجوم :-
+
" سأتركك تجهز نفسك قبلما تذهب لتأخذ خطيبتك ..."
+
ثم غادرت الجناح ليتابعها بعينيه قبلما يزفر أنفاسه بملل ويتوجه نحو دورة المياه ليأخذ حماما سريعا قبلما يرتدي ملابسه إستعدادا للخروج مع خطيبته ...
+
**
+
كان يقف بجوار سيارته ينتظر خروجها ليجدها تطل عليه أخيرا مرتديه فستانا أبيضا أنيقا يتلائم مع بشرتها البيضاء وقد تركت خصلات شعرها حرة تحاوط وجهها وكتفيها كعادتها ...
+
إبتسمت بسعادة وهي تتقدم نحوها تهتف :-
+
" كيف حالك ...؟!"
+
" بخير ..."
+
أكمل يتأملها :-
+
" تبدين جميلة ..."
+
توردت ملامحها وهي تهمس :-
+
" شكرا ..."
+
ركبت بعدها جانبه حيث أخذها إلى أحد المطاعم الشهيرة ليتناولان العشاء هناك ...
+
هناك سألها عما تطلب فتركت حرية الإختيار له ...
+
إختار لها طبقا لذيذا وأخذ يتبادل الحديث معها محاولا التعرف عليها أكثر ..
+
كانت متوترة أغلب الوقت وتجيب على أسئلته بنبرة مرتبكة متقطعة ...
+
شعر بالضجر من طريقتها بينما بالكاد يسمع صوتها الأقرب للهمس وأجوبتها لم تكن مقنعة في أغلب الوقت لكنه أخفى ذلك بمهارة وهو يحرص أن يتعامل معها بتروي ..
+
حدثته عنها قليلا وعن دراستها وعلاقتها بوالديها ولا يعلم لماذا شعر بأن معظم حديثها لم يكن صادقا مما جعله يقرر بينه وبين نفسه أن يبحث خلفها أكثر ...
+
وجد نفسه يسأل فجأة وقد تذكر أول مرة رآها فيه :-
+
" أول مرة إلتقينا فيها ... رأيتك بذلك الحي ... ماذا كنت تفعلين وقتها ...؟! "
+
وجد ملامحها تتوتر بشكل صريح بينما بدأت بالتلعثم كعادتها منذ بداية الجلسة :-
+
" أنا كنت .. كنت ... لدى صديقتي ..."
+
" صديقتك ...؟!!"
+
هزت رأسها وهي تضيف بذات التلعثم :-
+
" نعم صديقتي ..."
+
" ولماذا كنتِ خائفة إلى هذا الحد من والدتك إذا ما عرفت بوجودك هناك ..؟!"
+
إبتلعت ريقها عدة مرات تبحث عن جوابا بينما وجمت ملامحه بشدة ومجددا يدرك مدى سعة المسافة بينهما فهما ظاهريا يبدوان متلائمين لكن واقعيا يختلفان إختلاف السماء عن الأرض فهي بشخصيتها هذه لا تناسبه ولا تصلح لتكون زوجته ...
+
أفاق من أفكاره على صوتها وهي تخبره :-
+
" لأن ماما ترفض علاقتي بها كونها فقيرة ..."
+
" هل والدتك صعبة إلى هذا الحد ..؟؟"
+
سألها وهو يتراجع في جلسته إلى الخلف لتهز رأسها بتوتر ليسحب كأسه مرتشفا القليل من العصير وهو يبتسم بإقتضاب قبلما يشير لها :-
+
" تناولي طعامك ..."
+
" حاضر ..."
+
قالتها بطاعة وهي تبدأ بتناول طعامها بينما يتأملها بصمت وداخله يكاد يجزم إن تلك الفتاة تتصرف بشكل غير طبيعي وتحمل أسرارا خفية ومشاكل كثيرة...
+
**
+
غادرا المطعم عائدا بها إلى منزل عائلتها ليجدها تهمس بإحباط :-
+
" هل سنعود مباشرة ..؟!"
+
تمتم متسائلا :-
+
" هل تريدين الذهاب إلى مكان آخر ...؟!"
+
" نعم ، أريد ..."
+
قالتها بلهفة وهي تضيف بخفوت :-
+
" سمعت إنه لديك مركب رائع .."
+
" نعم لدي ... "
+
أضاف بملل :-
+
" هل تريدين الذهاب هناك ..؟!"
+
اومأت برأسها وهي تبتسم بلهفة ليضطر أن يفعل ما تريد ...
+
أخذها إلى المركب لتهتف بإنبهار وهي تتأمل مدى سعته وحداثته :-
+
" إنه رائع ..."
+
ثم إختارت أن تجلس خارجا في الهواء الطلق ليقرر هو أن يصنع لكليهما القهوة السريعة ...
+
ناولها بعدها كوب قهوتها لتشكره بصمت ليجلس جانبها ويرتشف من قهوته بدوره ...
+
" الجو رائع اليوم ..."
+
تمتمت بها ليخبرها بجدية :-
+
" لماذا لا تشربين القهوة ...؟!"
+
" سأشرب ..."
+
همست بها بتردد قبلما تسحب القهوة وترتشف منها قليلا ...
+
وضعت الكوب جانبا وقالت :-
+
" سأنهض هناك ..."
+
أشارت نحو الجزء العلوي من المركب لكنها ما إن نهضت حتى إختل توازنها بسبب حركة المركب وكانت على وشك السقوط أرضا فسارع وتلقاها بين ذراعيه ...
+
سألها بقلق وهو يعدل وضعية جلوسها :-
+
" هل أنت بخير ...؟!"
+
طالعته بخوف مجيبة :-
+
" نعم بخير ..."
+
ثم إبتلعت ريقها وهي ترى قربه وجسده الذي ما زال يحاوط جسدها لترمش بعينيها بتوتر ليتوتر هو الآخر قبلما يتفاجئ بها تمر بأناملها فوق ذقنه الحليقة تلمسها بتردد ...
+
ثواني ومالت بوجهها نحو شفتيه وسارعت تطبع قبلة خفيفة سريعة فوقها قبلما تبتعد من بين أحضانه بخجل غير مفهوم ...
+
تنهد بصمت وهو ينهض من مكانه يربت فوق خصلات شعره بإرتباك من تصرفاتها التي تفاجئه ...
+
عادت تنظر له وهي تهمس بصعوبة :-
+
" أنا فقط .. أنا ..."
+
" أنتِ ماذا ..؟!"
+
تمتم بها مدهوشا من كل شيء يخصها لتنهض من مكانها تقابله في وقفته تعض فوق شفتيها بإرتباك لتقول بعد لحظات :-
+
" أنا فقط أشعر بأنني بدأت أحبك ..."
+
اتسعت عيناه بعدم تصديق قبلما يهتف مقررا إنهاء هذه المهزلة التي تحاوطه :-
+
" دعينا نغادر فالوقت تأخر ..."
+
شعرت بالإحباط تمكن منها لتخبره بتردد :-
+
" حسنا ، لأعدل حمرة شفاهي أولا ..."
+
هز رأسه دون رد لتتحرك إلى الداخل وتحديدا لغرفة النوم ...
+
طالعتها بإهتمام قبلما تتجه نحو الخزانة تفتحها فلا تجد فيها شيئا مهما ...
+
ثم تتجه نحو طاولة الزينة تبحث بها بفضول سرعان ما تضاعف وهي ترى قلادة مرمية في أحد الأدراج تحمل حرف الH ...
+
لم تكن تعلم بأنها تأخرت كثيرا مما جعله يتبعها ليراها وهي تعبث بمحتوياته فيهدر بشكل أفزعها :-
+
" ماذا تفعلين ..؟! هل تفتشين أغراضي ...؟!"
+
لتباغته متسائلة وهي ترفع القلادة أمام عينيه :-
+
" من صاحبة حرف الH يا أثير ...؟!"
+
جذب القلادة من يدها وهو يصيح بها :-
+
" لا يحق لك البحث خلفي بهذه الطريقة يا أفنان ..."
+
ملأت العبرات عينيها وهي تتسائل بإصرار :-
+
" أخبرني ... من صاحبة القلادة ..."
+
" فتاة كنت أحبها ..."
+
قالها بهدوء لتصيح بعدم تصديق :-
+
" تحبها .. أنت كنت تحب إحداهن قبلي ..."
+
" عفوا ..."
+
قالها بعدم تصديق لتصيح باكية :-
+
" وما زلت تحبها لهذا ما زلت تحتفظ بقلادتها ..."
+
وقبلما يتحدث إندفعت تفتح الدرج الأخر لتنصدم بصور هالة تحتله فترفع إحداها تهمس بحرقة :-
+
" تلك الفتاة .. شكلها ليس غريبا ..."
+
سرعان ما إتسعت عينيها وهي تتمتم :-
+
" نعم هي .. من رأيتك معها في حفلة إبنة خالك ..."
+
جذب الصور من يدها يهدر بها :-
+
" أنت تتجاوزين حدودك كثيرا ...."
+
بإندفاع مجنون صرخت به :-
+
" هل كنت تخونني معها ...؟!"
+
اتسعت عيناه وهو يهدر :-
+
" أنتِ جننتِ حتما ..."
+
أضاف وهو يقبض على ذراعها :-
+
" تعالي لأعيدك إلى منزلك ..."
+
سارت خلفه مرغمة والتزمت الصمت طوال الطريق وفي النهاية وجدت نفسها تخلع الخاتم وتضعه في كفه ثم تغادر سيارته باكية يطالعها هو بعدم تصديق ليهمس بعدم استيعاب :-
1
" إنها مجنونة .. هي حتما كذلك ..."
+
**
+
في صباح اليوم التالي ...
+
تسير داخل أروقة المشفى بملامح منفرجة ...
+
لم يمر على عملها سوى يومين لكنها تتأقلم سريعا مع أجواء العمل هنا ...
+
تندمج في عملها بشكل أكبر يوم بعد يوم ...
+
قابلت نغم في طريقتها فتبادلتا التحية وباركت لها بفرحة صادقة حملها ...!
+
بقيت تعمل حتى الظهر عندما إنتهى عملها وأتى موعد مغادرتها العمل لتهم بالمغادرة عندما وجدته في وجهها مبتسما فقالت مرحبة :-
+
" أهلا باسم ..."
+
" كيف حالك ..؟!"
+
سألها وهو ما زال متحفظا بإبتسامته لتخبره :-
+
" بخير الحمد لله ..."
+
" إنتهى وقت عملك إذا ..."
+
أومأت برأسها ليخبرها :-
+
" وأنا كذلك ..."
+
أضاف بجدية :-
+
" تعالي نخرج سويا ... نتناول الطعام و..."
+
أًوقفته بسرعة قائلا :-
+
" أعتذر بشدة لكنني أفضل تناول الطعام مع عائلتي ..."
+
همت بالتحرك لكنه وقف في وجهها يقول معاتبا :-
+
" هل سترفضين دعوتي بهذه السهولة ..؟!"
+
وجمت ملامحها بسبب ما يفعله ليضيف بحرص :-
+
" تتناولين الغداء ثم تعودين إلى منزلك ..."
+
" حقا لا أستطيع يا باسم ..."
+
قالتها بجدية ليظهر التردد على ملامحه قبلما يهمس :-
+
" هالة أنا ... أنا معجب بك وأنت تعرفين ذلك بالطبع ..."
+
تنهدت ثم قالت :-
+
" من فضلك يا باسم .. سأعتبر نفسي لم أسمع شيئا ..."
+
" ولكن ..."
+
أوقفته سريعا :-
+
" لا يوجد لكن ... أنا لم يمر سوى القليل جدا على طلاقي وفكرة الإرتباط مجددا بعيدة للغاية وليست من أولوياتي إطلاقا ..."
+
قال برجاء :-
+
" إمنحيني فرصة على الأقل .. فرصة تتعرفين عليّ من خلالها جيدا ..."
+
" صدقني الأمر لا يتعلق بك أنت تحديدا ... أنا لا أريد ... إفهمني من فضلك ..."
+
ثم تركته ورحلت وهو يتابعها بإحباط ...
+
هناك عادت إلى القصر لتتناول الغداء مع العائلة قبلما تصعد إلى الطابق العلوي وتأخذ حماما دافئا ثم تتجه نحو سريرها وهي تحمل هاتفها معها تقلب فيه قبل نومها ...
+
وكعادتها كل يوم تفكر به وبوضعه الحالي خاصة بعدما علمت بعودته إلى أمريكا ...
+
تحاول أن تتقصى عن أخباره عسى ولعل تسمع ما يطمئنها عنه ...
+
قلقة لأجله بشدة وتخشى أن يصلها يوما ما خبرا سيئا يخصه ...
+
رغم إنفصالهما بشكل نهائي يبقى هو كرم الذي يعنيها بشدة ...
+
كرم الذي عاشرته لأعوام وقدم لها الكثير ..
+
صديقها المقرب قبل أن يكون حبيبها وزوجها ...
+
تنهدت بصمت وعادت العبرات تملأ حدقتيها وهي تتذكر أحداث الفترة الماضية ...
+
ربما هي تتظاهر بالثبات والقوة أمام الجميع وتتبع إسلوب التعافي لكن داخلها جرح عميق يرفض أن يلتئم وضميرها الذي يجلدها بشأنه لا يتركها تحيا بسلام أبدا ...
+
ترددت فيما ستفعله لكنها كانت تريد معرفة أخباره بشدة لتحسم أمرها في نهاية المطاف وتتصل بصدقه المقرب تسأله عن حاله ليخبرها :-
+
" نعم تواصلت معه ما إن وصل لأمريكا ... هو لا يتجاوب معي سوى قليلا لكنني علمت إن موعد عمليته تحدد .. بعد ثلاثة أسابيع تقريبا ..."
+
" بإذن الله سيشفى ..."
+
تمتمت بها بأمل ممزوج بخوف من فشل العملية وبقاء يده على وضعها ..
+
شكرت صديقه مجددا وهي تحذره ألا يجلب سيرتها أمامه ...
+
أغلقت الهاتف ووضعته جانبا لتنخرط في بكاء مرير فكل شيء حولها يؤلمها ويثير مخاوفها وتخبطها أكثر ...
+
**
+
إندفعت جيلان إلى داخل شقتهما وهي تصيح بحماس :-
+
" وأخيرا رجعنا إلى شقتنا ..."
+
إبتسم بهدوء قبلما يتجه نحو نحو الكنبة ويلقي بجسده فوقها لتقابله وهي تحاوط خصرها بكفيه تسأله بفضول :-
+
" هل أنت سعيد بعودتنا أم حزين لأنك إبتعدت عن عائلتك مجددا بسببي ..؟!"
+
" كلا يا جيلان .. لست حزينا .. إطمئني ..."
+
قالها بصدق وهو ينهض من مكانه مضيفا :-
+
" ولكنني متعب .. أحتاج أن أنام بعد هذه الرحلة الطويلة ..."
+
" أين ستنام ..؟!"
+
سألته بتردد ليجيب :-
+
" في غرفتي .. وأنت أيضا نامي ... غدا ورائنا يوما طويلا ... أم تنوين التغيب عن جامعتك منذ أول يوم ..؟!"
+
تجاهلت حديثه وهي تسأله بوجوم :-
+
" هل ستنام في غرفة منفصلة عني ..؟!"
+
سيطرت الدهشة على ملامحه غير مستوعبا سؤالها لوهلة حتى أجاب بجدية :-
+
" نعم ، نحن من الأساس كنا ننام في غرف منفصلة... "
+
" لماذا ..؟!"
+
سألته بجدية وهي تضيف :-
+
" لماذا لا تنام معي في نفس الغرفة ...؟!"
+
دهشته تضاعفت بوضوح فسيطر الحرج عليها رغما عنها لتخبره بعدها وهي تعض فوق شفتها السفلى بقوة :-
+
" أنا أخشى النوم لوحدي يا مهند ... بعدما حدث معي أصبحت لا أشعر بالأمان وأنا لوحدي ..."
+
إرتبك بشدة لكنه تجاهل إرتباكه وهو يربت على كنفها :-
+
" لا تخافي .. لا يوجد ما يدعو للخوف ..."
+
أضاف بجدية:-
+
" ثانيا غرفتي قبال غرفتكِ ... ستجديني فورا أمامك إذا ما إحتجتني ..."
+
طالعته بوجوم وعدم إقتناع ليقرص وجنتها وهو يخبرها :-
+
" هيا غيري ملابسك وإذهبي للنوم ... غدا سوف تستيقظين مبكرا وأنا من سيوقظك بنفسي ..."
+
طالعته بصمت ليتجه نحو غرفته فتشعر بعصبية بسبب تصرفاته ...
+
اتجهت نحو غرفتها وقررت أن تأخذ حماما دافئا تزيل من خلاله تعب الرحلة ..
+
غادرت الحمام وهي مرتدية روب الإستحمام لتبدأ في تسريح شعرها قبلما تتوقف لوهلة وهي تناظر نفسها في المرآة بخبث صدح من نظراتها ...
+
بعد حوالي نصف ساعة إتجهت نحو غرفته فدلفت عنده وهي تسير فوق رؤوس أصابعها لتجده كما توقعت غارقا في نومه ...
+
نومه الثقيل كعادته ...
+
تأملت صدره العاري بتوتر نحته جانبا وهي تتجه نحو فتتسطح جانبه وتستسلم لنومها بقربه فهي قررت أن تنام جانبه شاء أم أبى ...
+
ستزرع نفسها قسرا في عالمه مهما حاول أن يبعدها عنه ...!
+
**
+
فتح عينيه في صباح اليوم التالي لينتفض من مكانه بفزع ما إن وجدها جانبه تغط في نوم عميق ...
+
مسح فوق وجهه بتعب يردد بضيق :-
+
" أيتها الملعونة ..."
+
ثم رفع الغطاء عن جسده ونهض من مكانه يتأملها وهي تنام في روب الإستحمام ...
+
تنهد بصعوبة ثم مال نحوها يوقظها لتفتح عينيها بعد لحظات فتنتفض بدورها ليتمتم من بين أسنانه :-
+
" صباح الخير عزيزتي جيلان ..."
+
ثواني وأشرق وجهها بإبتسامة واسعة :-
+
" صباح النور ..."
+
سأل بسخرية باردة :-
+
" هل إرتحت في نومتك هنا ...؟! "
+
" كثيرا ..."
+
قالتها دون تفكير وهي تضيف بمكر :-
+
" من الآن فصاعدا سأنام هنا .... "
+
" هذا طلب أم إبلاغ بقرارك ...؟!"
+
سألها بذات السخرية لترمش بعينيها قبلما تسأل بنظرات منخفضة للأسفل ونبرة رقيقة :-
+
" يمكنك أن تعتبره طلبا يا مهند وأتمنى ألا تخجلني وترفضه ...!"
+
زفر أنفاسه بصعوبة ثم قال :-
+
" هيا تجهزي كي أخذك إلى الجامعة ..."
+
ركضت بسرعة البرق لتتجهز لأجل الجامعة وبدأ هو الآخر يجهز نفسه ...
+
إرتدي ملابسه سريعا وسرح شعره ثم غادر ليجدها تغادر هي الأخرى فوقف يتأمل ملابسها المكونة من بنطال جينز فوقه قميص ذو أكمام قصيرة مربعة ...
+
" هل هناك مشكلة في ملابسي ..؟!"
+
سألته بإهتمام ليرفع حاجبه متسائلا بمكر :-
+
" هل ستغيرينها إذا قلت نعم ..؟!"
+
" بالطبع ..."
+
قالتها دون تردد ليبتسم مرغما على طريقتها الحمقاء في محاولة إرضاءه فيخبرها :-
+
" ملابسك جيدة .. لنغادر هيا ..."
+
غادرا سويا ليشتري لها الفطائر من أحد المحلات التي مر جوارها لتشكره بفرحة غامرة وإهتمامه بها يسعدها بشدة ...
+
أوصلها إلى الجامعة لتخبره إنها ستتصل به حالما تنتهي محاضراتها ...
+
مر اليوم سريعا تعرفت من خلاله على بعض من زملائها إحداهن عربية تدعى حنين والتي بدت فتاة لطيفة مرحة حيث ساعدتها في إخبارها عما فاتها بل وعرفتها على أصدقائها اللذين رحبوا بها ...
+
طوال طريق عودتهما أخذت تثرثر له عن يومها الجامعي الأول وهو يستمع لها بصبر حتى وصلا إلى شقتهما ليخبرها عما تريد تناوله كي يتصل بأحد المطاعم القريبة ويطلب العشاء لهما ...
+
جلسا بعدها يتناولان الطعام وهي تثرثر دون توقف قبلما تجاوره وهو يتابع إحدى المباريات لتجده ينادي بإسمها فتنتبه له ليعتدل مقابلا إياها في جلسته يسألها بحذر خفي :-
+
" متى ستبدئين جلسات العلاج ...؟! أنت وعدتني و ..."
+
قالت بسرعة :-
+
" ولا أنوي التراجع عن وعدي ... هل تعلم لماذا ..؟!"
+
سألها :-
+
" لماذا يا جيلان ...؟!"
+
" لأجلك ..."
+
همست بها ليرتبك كليا خاصة بعدما قبضت على كفها بكفه لتضيف بحرج خفي :-
+
" أنا أصبحت أكثر تصالحا مع نفسي وإدراكا لمدى مشاكلي النفسية وعقدي التي ستجعلني أخسرك بحق وهذا ما لا أريده ... "
+
تنهدت بصوت مسموع ثم قالت وهي تشدد من قبضتها على كفه بينما مشاعره تضطرب بقوة وداخله يخشى مما ستقوله :-
+
" طوال حياتي وأنا أحيا شعور الخسارة .. خسرت أمي ثم أبي وحتى أخي الوحيد خسرته ... باتت الخسارة تشكل هاجسا لي .. أنتظر طوال الوقت خسارتي القادمة لكن هذا لن يحدث بعد الآن .. لا أريد معايشة هذا الشعور المقيت مجدا .. تعبت من الخسارة يا مهند .. أريد الفوز ولو لمرة واحدة في حياتي ... أريد الفوز بك ... لن أخسرك كالبقية ... لن أسمح بذلك ... أنت ستكون إنتصاري الأعظم بعد سنوات كانت مليئة بالخسائر المؤلمة ..!"
+
كلماتها مست شيئاً داخل روحه لكن أحلامها التي تسعى لتحقيقها لا تلائمه ولن تحدث ...
+
" جيلان أنا ..."
+
لم يستطع قول المزيد ...
+
كيف يحطم أحلاهما هكذا في غمضة عين ..؟!
+
كيف يخيب آمالها ...؟!
+
إبتسمت بتروي قبلما تلمس بكفها جانب وجهه تهمس :-
+
" أنا أريدك دائما معي وجانبي ولا تسأل لماذا ..."
+
تضاعف إرتباكه منها عندما مالت تطبع قبلة فوق وجنته قبلما تتقابل عينيها بعينيه فيرى عاطفة قوية بهما ضاعفت من خوفه ....
+
تعلقها الشديد به بات يخيفه وواقعيا هو لا يعلم إذا ما كان يخاف منها أم من نفسه ...
+
تشوشت أفكاره بسبب قربها الشديد منه أما هي ترددت لكنها قررت أن تأخذ خطوة شجاعة قد تساعد في خلق الوصال بينهما لتقرب شفتيها من شفتيه ودون وعي منه وجد نفسه يقترب بدوره ليلامس شفتيها أخيرا ..
+
يتبع
+
الفصل السادس والعشرون
+
( الجزء الثاني )
+
بالكاد مست شفتاه شفتيها حتى إنتفض مبتعدا بإدراك لما ينوي فعله لاعنا رغبته التي تحكمت به لثواني معدودة ...
+
طالعته بعدم إستيعاب قبلما يخيم عليها الإحباط الممزوج بالألم وعقلها يخبرها إنه لا يرغبها ولا يرى فيها الأنثى التي ترضي رجولته ..!
+
مسح وجهه بكفيه قبلما يتنهد بصوت مسموع ثم يهم بالتحدث وأنامله تتخلل خصلات شعره بتوتر ليقول بصوت متردد :-
+
" جيلان .. ما حدث قبل قليل ... يعني كان ... كان مجرد ... إفهميني ... و .."
+
لم يستطع أن ينتقي كلمات تشرح الوضع وما حدث وداخله خوف أن يجرحها دون قصد ...
+
نهضت جيلان سريعا من مكانها وإندفعت دون كلمة واحدة نحو غرفتها ...
+
تأفف بضيق قبلما يعاود الجلوس فوق الكنبة وهو يسب ويلعن نفسه :-
+
" غبي .. أحمق ... ألم تستطع السيطرة على نفسك قليلا...؟! "
+
بينما في غرفتها أخذت تتحرك بعشوائية وعقلها يتسائل عما حدث ولمَ إبتعد عنها بتلك الطريقة ...؟!
+
هل هي سيئة لهذه الدرجة في نظره ..؟!
+
أليس فيها ما يجذبه ...؟!
+
أليست من النوع الذي يفضله ...؟!
+
أسئلة كثيرة تدور داخل رأسها قبلما تتطلع إلى نفسها في المرآة متأملة ملامح وجهها وجسدها الرفيع ...
+
وجدت نفسها على نسبة جيدة من الجمال ...
+
هي كانت جميلة إلى حد ما ومع زينة الوجه تصبح جذابة للغاية ومدهشة وقد رأت ذلك في عيون أكثر من رجل ....!
+
خصلاتها البنية الطويلة الناعمة إلى جانب عينيها الخضراوين واللتان تتلائمان مع بشرتها الناعمة بسمرتها الخفيفة المحببة ...
+
أنفها صغير وشفتاها ممتلئان بشكل متوسط ...
+
وجسدها رشيق ولا يخلو من معالم الأنوثة التي بدأت تنضج وإن ما زالت هي في طور النمو حتى تكتمل أنوثتها ...!
+
تنهدت بسأم وهي تجلس على سريرها بذات الإحباط فتتذكر مرغمة تلك التي كانت زوجته سرا لتشعر برجفة قوية في جسدها وهي تتذكر ما فعلته بها بل وتسببها بموت طفلتها ...
+
ما إن تذكرت طفلتها حتى شعرت وكأن هناك شيء يلدغها بقسوة لتنتفض من مكانها طاردة تلك الأفكار سريعا هاربة منها كعادتها تبحث عن أي شيء يشتت ذهنها لتستقر في النهاية على أحد كتبها الدراسية لتجذبه وتقرر الدراسة بدلا من التفكير بأشياء تؤذيها وتجدد آلمها الذي لم ينضب بعد ...
+
**
+
" هل تريدين الطلاق حقا...؟!"
+
سألها صلاح بدهشة وآخر ما توقعه أن تطلب نانسي منه شيئا كهذه..
+
وقفت تواجهه عاقدة ساعديها أمام صدرها تهتف بثبات رغم آثار العبرات المحفورة على وجهها :-
+
" نعم يا صلاح ... أريد الطلاق منك ... أريده حالا ..."
+
" هذا جنون ..."
+
هتف بها بنزق وهو يضيف :-
+
" لا تجعلي لحظة غضب تؤثر بك لهذا الحد ... "
+
طالعته بعدم تصديق فأضاف بتروي :-
+
" لا طلاق الآن يا نانسي ... نحن ..."
+
توقف غير قادرا على الإكمال فهو لا يجد ما يقوله لتهتف بضحكة ساخرة :-
+
" نحن ماذا ..؟! نحن لا شيء ... نحن لا شيء يا صلاح ..."
+
" حتى لو ... لا تتخذي قرارا مهما كهذا وأنتِ بهذه الحالة ..."
+
" هذا ليس من شأنك ..."
+
صرخت به ليصرخ بدوره :-
+
" بلى من شأني ... أنتِ زوجتي أنا وقرار طلاقك بيدي ..."
+
طالعته بعينين مصدومتين غير مصدقة إن من يتفوه بهذا الكلام صلاح نفسه ليهتف مضيفا مبررا :-
+
" إهدئي أولا يا نانسي فأنتِ لا تعين ما تفعلينه ولا ما تطلبينه ..."
+
" أنت تعلم جيدا إن قرار طلاقي منك كان قائما .. سبق وأخبرتك بذلك عند عودتك من الخارج ..."
+
قالتها بجدية وهي تجاهد للسيطرة على إنفعالها الذي لو أطلقت له العنان لفتك به لا محالة ليهتف بتردد :-
+
" أعلم ولكن الفترة السابقة ظننت ... ظننت أن ..."
+
قاطعته بتهكم :-
+
" ظننت ماذا يا صلاح ...؟! هل ظننت إنني تراجعت عن قراري ..؟!"
+
أومأ برأسه لتسأل بذات النبرة المستهزئة :-
+
" ولمَ سأفعل ذلك إن شاءالله ...؟! لمَ مثلا سأتراجع عن قراري بالإنفصال عنك ..؟! "
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت بعقلانية :-
+
" هذا القرار أفضل لكلينا خاصة لك فأنت ستتحرر بشكل رسمي من قيد زواجنا بل حتى قيد مسؤولية طفلينا وأنا أعدك بأنني لن أطالبك بأي شيء يخصهما ..."
+
طالعها بحيرة وإرتباك لتنهي حديثها بمنطقية :-
+
" طلقني وعد لحياتك السابقة حرا طليقا لا شيء يقيدك ولا تقلق بشأن والدتك فأنا سأشرح لها كل شيء وأخبرها أنني من أجبرتك على الطلاق و ..."
+
توقفت وهي تطالعه وقد بدا متوترا بشكل غير مفهوم عندما سمعته يهتف أخيرا :-
+
" ولكنني لا أشعر بأنني أريد ترككم .. أقصد ترك الطفلين ..."
+
" ماذا يعني هذا ..؟!"
+
عادت تصيح بعصبية ليخبرها بحذر :-
+
" إهدئي أولا ..."
+
أكمل بهدوء :-
+
" أنا بالفعل بدأت أعتاد عليهما وأحب وجودي معهما ... "
+
سألت بنبرة منزعجة :-
+
" مالذي تهذي به يا صلاح ..؟!"
+
تمتم بصدق :-
+
" أنا لا أهذي أبدا ... أنا أبحث عن فرصة ... فرصة للقرب منهما ومنكِ ..."
+
" هل تعتقد إنني سأمنحك تلك الفرصة حقا ..؟! بعد كل ما حدث بيننا ..؟! أم إنك نسيت ما حدث منذ معرفتك بحملي حتى هذه اللحظة..؟!"
+
أضافت بقسوة متعمدة :-
+
" مالذي تغير الآن ...؟! هل تحركت مشاعر الأبوة لديك أخيرا ...؟! هل أصبحت تمتلك مشاعر إنسانية أخيرا ...؟! أم إنها مجرد فورة مشاعر ستنتهي بعد فترة وتعود لسابق عهدك كما إعتدت أن تفعل ..."
+
كانت قاسية معه على غير عادتها لكنه يستحق وهي لم تكن نادمة على قسوتها هذه أبدا ...
+
" لن ألومك على حديثك ..."
+
قالها بخفوت لتصيح بحدة :-
+
" لا يمكنك لومي أساسا .."
+
هتف معترضا على قرارها مجددا :-
+
" لكنني أستطيع رفض الطلاق ..."
+
" يا إلهي ..."
+
هتفت بها بضجر وقلة حيلة قبلما تسأل بنفاذ صبر :-
+
" أنت يا هذا .. مالذي تريده مني بالضبط ..؟! سأصاب بالجلطة بسببك ..."
+
" أريد أن نبقى سويا حتى لو لفترة ... أريد أن نحاول العيش سويا والإعتياد على نمط حياة جديد لأجل الطفلين إن لم يكن لأجلنا نحن ..."
+
قالها موضحا حقيقة ما يريده ويتمناه لتخبره بصدق :-
+
" صدقني لو كان لدي أملا بسيطا فيك لكنت فعلتها دون تردد ..."
+
" صدقيني أنت إذا بأنني أحاول تغيير نفسي .. "
+
قالها برجاء لتسأله بما يسبب إستغرابها :-
+
" لماذا تريد هذا يا صلاح ..؟! ما السبب ..؟! لمَ فجأة أصبحت تريد حياة مختلفة مستقرة مع طفليك اللذين بالكاد تعرفت عليهما من فترة قصيرة ..؟!"
+
تنهد ثم قال :-
+
" لأنه خلال هذه الفترة القصيرة تعلق قلبي بهما وربما هذا ما كنت خائفا منه ..."
+
" خائفا منه ..؟!"
+
تسائلت بتعجب ليومأ برأسه موضحا :-
+
" منذ ولادتهما تعمدت الهرب .. تعمدت ألا أراهما ولا أسأل عنهما لأنني داخلي أدرك جيدا بأنني سأتعلق بهما رغما عني وهذا يجعلني غير قادر على البعد عنهما بعدها ... أدركت إنني سوف أصبح مقيدا بهما رغما عني ولكن عندما أجبرتني الظروف على العودة حدث ما توقعته وتعلقت بهما و ..."
+
توقف لوهلة ثم أخذ نفسا عميقا قبلما يفضي ما يحمله داخله :-
+
" أنا لست شيطانا يا نانسي ... لست شريرا .. أنا فقط كان لدي نمط حياة مليء بالمتعة ... كنت أعيش حياتي بالطول والعرض دون أن أفكر في الغد وما يليه .. لم أكن أعترف بخطأ ذلك .. كنت أرى إنه يحق لي العيش كما أريد وبالشكل الذي يرضيني ويناسبني .. لكن الآن هناك أشياء كثيرة تغيرت ... يكفيني أن أخبرك بأنني أدركت مدى خطأ نمط حياتي السابق ... "
+
لم تعرف ماذا تقول ...
+
وجدت نفسها عاجزة عن قول أي شيء ..
+
تتمنى داخلها لو كان صادقا في حديثه ، ولكن حتى لو كان صادقا فهل سيستمر في قناعته تلك والأهم ألن يحن لماضيه ويعود إليه مجددا ...؟!
+
هي الآن تشعر بالحيرة أكثر من أي وقت مضى ...
+
تخشى أن تمنحه فرصة فيخذلها وهذا وارد جدا وتخشى أن ترفض منحه فرصة فتندم لأنها أبعدت طفليها عن والدهما وبين هذا وذاك بقيت هي معلقة ضائعة غير قادرة على إتخاذ قرار حاسم في حياتها كعادتها منذ سنوات ...
+
**
+
في المشفى ..
+
يقف مستندا بظهره على الحائط خلفه بملامح يسيطر عليها الجمود كعادته ينتظر سماع أي خبر جديد يخص صديقه الذي تعرض لحادث سيارة تسبب بإصابة بالغة الخطورة له ...!
+
جواره تجلس زوجته التي عادت معه إلى البلاد لتكون بجانب زوجها ...
+
كانت رانيا تحاول التماسك قدر المستطاع بينما داخلها ينهار كليا ..
+
لم تستوعب بعد ما حدث وكيف تعرض لهذا الحادث المؤلم ..
+
عندما وصل إليها الخبر إنهارت كليا في البداية ثم سرعان ما لملمت شتات نفسها وقررت التماسك والسفر سريعا إليه ضاربة بكل شيء عرض الحائط لتسارع وتتصل بصديقه الذي أخبرها بدوره إنه سيسافر إليه لتطلب منه أن يحجز لها تذكرة معه ...
+
وصلا سويا إلى المشفى فوجدا عائلته مجتمعة وجميعهم في حالة إنهيار بسبب وضعه الصحي الحرج بينما اضطرت هي لإرتداء قناع التماسك أمامهم والحفاظ على ثباتها بينما تخبرهم عن هويتها التي صدمتهم كليا ولولا وضع ولدهم الصعب لكانوا إفتعلوا مشكلة كبيرة معها ...
+
وجدت والدته تجاورها بملامحها الباكية وقد توقفت قليلا عن البكاء لتسأل بصوتها المتحشرج :-
+
" منذ متى وأنتِ زوجته ...؟!"
+
إلتفتت رانيا إليها مجيبة بخفوت :-
+
" منذ أكثر من أربعة أعوام ..."
+
" هل لديك طفل منه ..؟!"
+
أجفلها السؤال لتجيب سريعا :-
+
" كلا ، لا يوجد ..."
+
ظهر الآسف على ملامح الأم التي تمنت لو هناك طفل من صلب ولدها الذي حياته باتت على المحك ...
+
فهمت رانيا ما تفكر به لتقبض على كفها تخبرها بإبتسامة شاحبة :-
+
" سيعيش ... بإذن الله سيعيش ..."
+
" يارب ..."
+
تمتمت بها والدته بنبرة مترجية بينما الآخر يتابع ما يحدث بذات الجمود ورغما عنه تذكر تلك التي رآها أمامه وكيف هربت منه لترتسم إبتسامة ساخرة على ثغره مفكرا إنها ما زالت كما هي حيث سرعان ما تحولت لفأرة مذعورة حالما رأته ...
+
لم ينسَ كيف إستنجدت بصديقتها بتلك الطريقة المثيرة للشفقة ...
+
تلك الحمقاء باتت لا تهمه أبدا ، هي فقط تثير إستهزاءه ونفوره بشخصيّتها الغبية الخانعة ...
+
أفاق من شروده على صوت الطبيب الذي يطلب منهم أن يغادروا فلا داعي لوجودهم لترفض والدته الذهاب بشدة قبلما تقنعها رانيا بضرورة ذهابها حيث ستبقى هي معه وكذلك شقيقه الذي أصر على بقائه معها جوار شقيقه رافضا تركه ليرحل البقية وكذلك نضال الذي عاد إلى منزله ليستقبله والده متأسفا على ما أصاب صديقه الذي يعرفه بشكل سطحي حيث إلتقى به مرات قليلة ...
+
صعد بعدها إلى غرفته مقررا الخلود بضعة ساعات للنوم لكن إتصال صادم أتاه يحمل خبرا جعله يشعر بألم الفقدان مجددا بعد سنوات إعتاد فيها ألا يشعر بشيء فصديقه المقرب غادر الحياة ...!
+
**
+
دلفت إلى غرفتها وهي تنادي بعلو صوتها :-
+
" أفنان إستيقظي ..."
+
صوتها الحاد أجفل الأخيرة التي إنتفضت تهتف بفزع :-
+
" ماما ... ماذا حدث ...؟! متى وصلت...؟!"
+
قاطعتها شهيرة وهي تجذب كفها تتأمل الفراغ الذي يحاوط بنصرها الأيمن لتهدر بها :-
+
" فسختي خطبتك إذا دون إسئذان مني..!!"
+
سحبت أفنان يدها سريعا من قبضتها ثم همست بخفوت وأناملها تلمس مكان الخاتم بشرود:-
+
" سأشرح لك ... كان لابد أن أتصرف هكذا ..."
+
" إشرحي .. أسمعك ... "
+
قالتها والدتها بنبرة صارمة أخافتها لكنها جاهدت وهي تتحدث بهدوء قدر المستطاع :-
+
" لا يحبني ... يحب أخرى ... لديه حبيبة غيري و.."
+
توقفت وهي ترى والدتها تضحك لوهلة قبلما تختفي ضحكتها سريعا ويكسو الغضب وجهها بينما تهدر بها بعصبية :-
+
" هذا السبب الذي تركته لأجله ..؟!"
+
" ألا ترينه سببا كافيا ..؟! أقول لك إنه يحب أخرى ..."
+
" لا يهم ..."
+
قالتها والدتها وهي تضيف ببساطة صدمتها :-
+
" ليحب عشرة غيرك ... المهم إنك ستكونين زوجته أمام الجميع وأم أولاده ..."
+
نهضت من مكانها تهتف بإنفعال وهي تشير لنفسها :-
+
" وأنا ...؟! ومشاعري ...؟! "
+
نهضت شهيرة من مكانها تقف قبالها تخبرها بنزق :-
+
" لا تماطلين كثيرا ... هذا الشاب لا يعوض ... ستعضين أصابعك ندما إذا أضعته من يدك ..."
+
أضافت وهي تنقر بسبابتها على جانب رأسها :-
+
" شغلي مخك الثخين وإستوعبي أي حماقة ترتكبين ..."
+
هتفت أفنان بتردد :-
+
" هذا الحديث لم يعد مناسبا ... لقد خلعت خاتمه وإنتهت الخطبة ..."
+
صرخت متألمة بسبب قبضة والدتها القاسية على ذراعها بينما والدتها تهدر بنبرة حادة :-
+
" ستعتذرين منه ... وترتدين خاتمك مجددا ... هل فهمت ...؟!"
+
" ماما أرجوك ..."
+
همست بها متوسلة لتصرخ بها والدتها :-
+
" إخرسي ... كيف تجرؤين على ذلك ...؟! ألم ترِ ما فعلته كي تتم هذه الخطبة ..؟!"
+
طالعتها أفنان بقهر عندما أكملت وهي تقبض على وجنتيها بقوة موجعة :-
+
" هل كنت تحلمين برجل مثله في حياتك ...؟! هل كنت ستجدين رجلا بنصف مميزاته يرضى بك ..؟!"
+
تساقطت دموعها بغزارة وهي تهمس بصعوبة :-
+
" يحب أخرى ..."
+
" فليكن ، هذا ليس من شأنك ..."
+
دفعتها بعيدا عنها بقوة لتسقط فوق السرير بضعف بينما تأمرها والدتها بجحود :-
+
" ستذهبين إليه وتعتذرين منه .. سوف تتوسلينه كي يسامحك ... إذا لزم الأمر ستركعين على ركبتيك أمامه فقط كي يعود إليكِ ... هل فهمتِ يا أفنان ...؟!"
+
لم تجد جوابا سوى عبراتها لتصرخ بها وهي تشدد من قبضتها متجاهلة صرختها المتألمة :-
+
" هل فهمتِ أيتها الغبية ..؟!"
+
" فهمت ..."
+
خرجت منها متعسرة لتحررها والدتها أخيرا وهي تخبرها بثبات ونبرة محذرة :-
+
" ستنهين هذه المشكلة الليلة ... اتصلي به وقومي بدعوته على العشاء ... خاتمك سيعود مكانه الليلة ... "
+
إندفعت بعدها تغادر المكان تاركة إياها تبكي بصوت مكتوم وعبرات حارة أغرقت وجنتيها ...
+
**
+
بالكاد تماسكت وسارعت تنفذ ما قالته والدتها بعدما جففت عبراتها وإستعادت جزءا من سيطرتها على نفسها التي إنهارت بشدة بسبب تصرفات والدتها المؤذية ...
+
رنت عليه لتجده يجيبها بعد لحظات فهمست إسمه بصوت متحشرج وعبرات عادت تملأ عينيها بينما تخبره معتذره :-
+
" أنا آسفة ... تصرفت بإندفاع... ما كان علي أن أخلع الخاتم بهذه البساطة... سامحني ... "
+
" غريب .. مالذي تغير فجأة ...؟! البارحة كنت منفعلة بشكل لا يصدق ..."
+
سأل أثير بشك لتهمس بتردد :-
+
" هل تأتي اليوم على العشاء .... ؟! ماما تريد ذلك ... تتناول العشاء معنا ثم نتحدث بعدها .. أرجوك لا ترفض .."
+
تنهد مرغما وهو يقول :-
+
" حسنا يا أفنان ... سآتي .."
+
شكرته ثم ودعته مغلقة الهاتف متجهة خارج غرفتها حيث والدتها التي تتناول قهوتها في الشرفة لترفع حاجبها متسائلة بعدما تقدمت أفنان نحوها :-
+
" ماذا فعلتِ يا وحيدتي ...؟!"
+
ردت بوجوم :-
+
" سيأتي على العشاء ..."
+
نهضت شهيرة من مكانها تخبرها :-
+
" تعالي لأريك الفستان الذي سترتديه ..."
+
تبعتها بطاعة فوجدتها إختارت لها فستانا أنيقا للغاية من أحد أشهر الماركات ...
+
تأملت الفستان بشرود بينما والدتها تخبرها :-
+
" سأطلب من خبيرة التجميل أن تأتي مبكرا .. أريده أن يراكِ كما لم يفعل من قبل ..."
+
أضافت تسألها بإهتمام :-
+
" بالمناسبة ، هل تعرفين من هي حبيبته ..؟!"
+
أومأت برأسها لتسأل مجددا :-
+
" من تكون ..؟!"
+
" إنها قريبة أبناء خاله ... "
+
" هل هي جميلة ..؟!"
+
" نعم ، جميلة ..."
+
" ليس مهما .. الجمال وحده لا يكفي .."
+
قالتها وهي تضيف بينما تقبض على ذقنها :-
+
" وأنت أيضا جميلة ..."
+
أكملت وهي تضغط على ذقنها :-
+
" فقط تحتاجين أن تكونين ذكية وتنتهزين الفرص التي تأتيكي ..."
+
هزت أفنان رأسها دون تعقيب قبلما تفعل ما طلبته والدتها حيث بدأت تستعد لدعوة الليلة رغم تعجبها من قبول أثير هذه الدعوة بسهولة ...!
+
**
+
جاء المساء وأتى هو في موعده المحدد ..
+
إستقبلته شهيرة ترحب به بحرارة وهي بخجل وإرتباك كعادتها ...
+
أصرت والدتها أن يتناولوا الطعام أولاً قبل أي شيء ...
+
تناولوا ثلاثتهم الطعام حيث والدها كان ما زال مسافر خارج البلاد ....
+
إنتقلوا بعدها إلى غرفة المضيف وهناك فتحت شهيرة الموضوع مرددة :-
+
" أنا عتبي عليك يا أثير .."
+
" عليَّ أنا ..؟!"
+
تمتم بها مدهوشا لتومأ برأسها وهي تخبره :-
+
" يعني أفنان خلعت الخاتم بإندفاع طفولي بسبب غيرتها عليك ... كيف تتركها تفعل ما تشاء ولا تحاول إيقافها ..؟!"
+
قال أثير بجدية :-
+
" هي لم تترك لي مجالا ..."
+
قاطعته سريعا :-
+
" هل حاولت التواصل معها فيما بعد..؟!"
+
" كلا ..."
+
رد بها أثير وهو يضيف بصوت قاطع :-
+
" كيف سأتصل بها وهي خلعت خاتمي دون وجود سبب حقيقي يستحق ذلك ...؟!"
+
" معرفتي بحبك لأخرى لا تراه سببا ..."
+
توقفت وهي تلاحظ نظرة والدتها الحادة نحوها ليقول أثير بذات الجدية :-
+
" تلك التي تتحدثين عنها علاقتي بها كانت قبل أعوام وإنتهت ... لمَ تتحدثين عن الماضي لا أفهم ...؟! لا يجمعني بها شيء حالا .."
+
" هذا رائع ..."
+
صدح صوت شهيرة وهي تضيف :-
+
" وأنا والله قلت هذا ولكن لا بأس ... أفنان أخطأت .. هي ما زالت صغيرة وأنت أول رجل في حياتها لذا لا تجيد التصرف بنباهة مطلوبة ..."
+
أضافت وهي تشير لأبنتها :-
+
" على العموم هي ستعتذر منك و ..."
+
حاول أثير إيقافها :-
+
" ولكن يا هانم ..."
+
لكنها أوقفته بسرعة :-
+
" من فضلك يا أثير لا تفعل .. هذه المشكلة يجب أن تنتهي تماما ... ما زلتم في بداية الطريق ولا يجب أن تسمحوا لأي شيء كان أن يدمر علاقتكما ..."
+
ثم أشارت لأفنان بحزم :-
+
" إنهضي وإعتذري ..."
+
طالعها أثير بغموض بينما نهضت أفنان وتقدمت نحوه حيث وقفت أمامه تهمس مرغمة :-
+
" أنا آسفة و .."
+
" حسنا يكفي ..."
+
قالها بوجوم لتسأل أفنان بحذر :-
+
" هل سامحتني ..؟!"
+
أومأ برأسه دون رد بينما أفكاره تتلاطم داخل عقله عندما فوجئ بشهيرة تخرج علبة تحتوي خاتما ماسيا وهي تخبره :-
1
" هذا خاتم جديد بدل القديم الذي بات مشؤوما ... هيّا ألبسها إياه ..."
+
طالعها أثير غير مصدقا قبلما يبتلع شعوره هذا مقررا عدم إحراجها فجذب الخاتم ووضعه في بنصرها لتنطلق صيحة شهيرة المبتهجة وهي تبارك لهما بينما شرد هو في أفكاره وشكوكه بوجود أمر ما باتت حقيقة وليست مجرد شكوك ...
+
**
+
فتحت توليب عينيها في الصباح الباكر بحماس كعادتها منذ وصولهما إلى وجهتهما التي يقضيان بها شهر عسلهما ...
+
تأملت زوجها الذي ما زال غرقا بنومه لتتذكر ليلة البارحة والتي تشابه الليالي السابقة منذ زفافهما والمليئة بالشغف وجنون الحب لتتورد وجنتاها بخجل سرعان ما طردته وهي تمد أناملها تلمس بها شعره بخفة بينما تحاول إيقاظه :-
+
" إياس ... إستيقظ ... هيّا ... "
+
همهم بكلمات غير مفهومة دون أن يستيقظ لتبرم شفتيها بضيق وهي تغمغم :-
+
" سأتركك وأخرج لوحدي وأنت لتبقى نائما ..."
+
همت بالنهوض لتشهق وهي تراه ينتفض جاذبا إياها نحوه لتضربه فوق صدره بعتاب لأنه أفزعها ...
+
إبتسم بمكر وهو يردد :-
+
" صباح العسل ..."
+
ثم مال يلتقط شفتيها بقبلة تجاوبت معها بخجل بديهي قبلما تسترخي بين ذراعيه فتحاوط رقبته بكفيها بينما يده تتحسس جسدها برغبة شغوفة قبلما يأخذها معه في موجة عشق جارفة تستسلم لها كعادتها حيث يمارس هو فنون عشقه ورغبته على جسدها الذي يخضع له كليا ...
+
بعدما إنتهت موجة العشق المعتادة بينهما وجدته يجلب الفطور لهما في السرير ...
+
إعتدلت في جلستها وهي تلف الغطاء جيدا فوق جسدها العاري لتتمتم بحماس :-
+
" أنا جائعة للغاية ..."
+
ثم تبدأ بتناول الطعام بشهية مفتوحة أما هو فبقي يتابعها مبتسما على عفويتها الدائمة وإبتعادها عن التكلف ...
+
هي دائما ما تتصرف بعفوية وإنطلاق وهذا ما يشده إليها أكثر ...
+
سألته بإهتمام :-
+
" ألن تتناول فطورك ..؟!"
+
" سأفعل ..."
+
تمتم بها وهو يجذب عصيره يرتشف منه القليل ثم يسحب قطعة من الخبز المحمص ويدهنه بالمربى فيقضم منها لقمة قبلما يميل بها نحو فمها لتبتسم وهي تقضم منها بدورها ...
+
تناولت فطورهما سويا ثم نهضت هي لتأخذ حماما منعشا ...
+
بدئا بعدها بالإستعداد للمغادرة حيث لديهما جدول مزدحم اليوم ككل الأيام الماضية التي يقضيان أغلبها خارجا بالتنزه ...
+
قضيا بضعة ساعات يتنزهان بها قبلما يتجهان إلى أحد المطاعم الشهيرة لتناول طعام الغداء ...
+
جلسا يتناولان الطعام ويتبادلان الأحاديث العامة قبلما تخبره كعادتها :-
+
" لنلتقط صورة لنا هنا ..."
+
أوما برأسه بينما جذبت هي هاتفها تلتقط صورة لهما وكلاهما يبتسم ...
+
أخبرته بعدما تأكدت من حفظ الصورة في هاتفها :-
+
" أحب توثيق اللحظات الجميلة في صور تبقى ذكرى لنا ..."
+
" هل تعلمين إنني لم ألتقط طوال حياتي الصور إلا نادرا وللضرورة ..؟!"
+
طالعته بدهشة :-
+
" حقا ..؟! لماذا ..؟!"
+
إبتسم ببساطة :-
+
" ربما لأنني لا أمتلك لحظات سعيدة أصورها ..."
+
مدت كفّها تحتضن كفه تخبره بثقة :-
+
" من الآن فصاعدا سأكون حريصة أن تكون لحظاتك معي مليئة بالسعادة والذكريات الرائعة ..."
+
جذب كفّها يقبله ويخبرها بصدق :-
+
" يكفي أن تكوني معي ... هذا وحده كفيلا بإسعادي .."
+
إبتسمت بفرحة وكلماته تسعدها بشدة لتخبره بعدها :-
+
" ما رأيك أن نتحدث قليلا عنك ...؟!"
+
" مالذي تريدين التحدث عنه ...؟!"
+
سألها بإهتمام لتخبره بجدية :-
+
" أريد التعرف على زوجي أكثر ..."
+
أكملت بتفكير :-
+
" لنتحدث عن فترة دراستك الجامعية ... أنت درست تخصصين .. كيف كانت تلك الفكرة ..؟!"
+
سألته ثم أضافت بغمزة شقية :-
+
" أخبرني عن مغامراتك العاطفية وقتها .."
+
ضحك بخفة ثم قال :-
+
" هل ستصدقيني لو أخبرتك بأنه لم يكن لدي مغامرات عاطفية وقتها ..؟!"
+
تمتمت بعدم إقتناع :-
+
" سأحاول أن أفعل ..."
+
قال بصدق :-
+
" كنت مشغولا ما بين دراستي والعمل وأسعى لأنهي دراستي في أقل عدد سنوات ممكن ..."
+
هزت رأسها بتفهم وهي تخبره :-
+
" طموحاتك كانت تشغلك إذا ..."
+
" نعم ، تشغلني كثيرا وما زالت تفعل ..."
+
قالها بجدية لتبتسم بهدوء وهي تخبره :-
+
" وهل حققت جزءا من طموحاتك أم ..."
+
عارضها مرددا :-
+
" لم أحقق سوى جزء ضئيل ..."
+
تنهد يبوح لها :-
+
" طموحاتي كثيرة وكبيرة تبلغ عنان السماء بكثرتها ... "
+
" هذا شيء جميل لكن المبالغة قد تضرك أحيانا ..."
+
قال وهو يقبض على كفّها يخبرها :-
+
" أنتِ فقط كوني جانبي وسأنال جميع ما أتمناه .."
+
" أنا سأكون دائما جانبك يا إياس ...."
+
قالتها بصدق قبلما تربت بكفها الأخرى فوق كفّه التي تضم يدها ليهتف مبتسما بمكر :-
+
" لنحقق أحد طموحاتي إذا ..."
+
عقدت حاجبيها تتسائل بإهتمام :-
+
" وما هو طموحك هذا ..؟!"
+
ابتسم بخبث :-
+
" ننجب وريثا يحمل إسمي من بعدي ويرث ما أملك ..."
+
" هل تفكر في الأطفال بهذه السرعة ..؟!"
+
سألته غير مصدقة ليخبرها بجدية :-
+
" أنا أفكر بهم منذ خطبتنا ..."
+
أكمل بنبرة جادة :-
+
" أنا أريد الكثير من الصبيان ..."
+
" الصبيان ...؟!!! "
+
تمتمت بها قبلما تضحك بعدم تصديق ثم تضيف :-
+
" وماذا عن الفتيات ..؟! ألا تريد الفتيات إذا ..؟!"
+
" أريد الإثنين لكن لهفتي لوريث ذكر أكثر بصراحة..."
+
قالها بنبرة صريحة لتنزعج ملامحها :-
+
" أنت عنصري يا إياس..."
+
" إطلاقا .. أنا فقط واقعي وصريح..."
+
أكمل بإقتناع :-
+
" أنا أحتاج لأبناء ذكور يحملون إسمي ويشتد بهم أزري... أنت تعلمين إنني قضيت عمري كاملا وحيدا... والآن أتى الوقت الذي أحصل به على أولاد يعوضون سنواتي السابقة التي قضيتها وحيدا دون عون أو سند..."
+
رق قلبها لحديثه لتخبره بنعومة :-
+
" سيكون لدينا عائلة جميلة وصبيان يكونون عونا وسندا لك وفتيات جميلات تحلو الحياة بهن..."
+
إبتسم بتروي قبلما يخبرها بعد لحظات وصوت الأغاني الإيقاعيّة يصدح في المكان بينما نهض بعض الأزواج يرقصون :-
+
" هل ترقصين...؟! "
+
" نعم ، بالطبع أرقص..."
+
تمتمت بها بحماس لينهض من مكانه ويجذبها من كفّها يراقصها على صوت الموسيقى العالية فتتحرك بحماس وتدور بين ذراعيه عدة مرات قبلما تحاوط رقبته بكفيها فيجذبها نحوه أكثر لاصقا جسدها بجسده يراقصها بذات الحماس وجمالها بينما ترقص بإنطلاق سلبه لبه....
+
**
+
عادا مساءا إلى الفندق بعد يوم طويل ومرهق ...
+
إتجه هو إلى دورة المياه ليستحم بينما إتصلت هي بوالدتها تطمئن عليها ثم هاتفت هالة تتحدث معها ...
+
أنهت مكالمتها وأخذت تلتقط بعض الصور لها بينما خرج هو من دورة المياه ليتوقف يطالعها وهي تلتقط الصور لنفسها كعادتها ...
+
عقد ساعديه أمام صدره ووقف على مسافة منها يتأملها وهي تلتقط تلك الصور بلقطات عفوية مختلفة ...
+
إبتسم لا إراديا وهو يراها تمط شفتيها بحركة طفولية ليتقدم بخفة ويباغتها فجأة محاوطا إياها بذراعيه طابعا قبلته فوق وجنتها فتنهره بعتاب بعدما إبتلعت صدمتها مما فعله :-
+
" أفزعتني يا إياس ..."
+
" ألن تتوقفي عن إلتقاط الصور ..؟!"
+
" هل هناك مشكلة ...؟!"
+
أدارها نحوه يخبرها بجبين متغضن :-
+
" نعم هناك ..."
+
وقبلما تتحدث باغتها قائلا :-
+
" أليس من الواجب أن تتفرغي لي كليا في شهر عسلنا ...؟! "
+
أضاف وهو يقرص مقدمة أنفها بحركة سريعة :-
+
" لا أريد أن يشغلك عني أي شيء مهما كان ..."
+
سارعت تحاوط رقبته بكفيها تخبره بصدق ولمعة عينيها تدفعه للغرق فيها دون نجاة :-
+
" لا يوجد شيء في هذا الكون يمكنه أن يشغلني عنك ..."
+
ودون مقدمات كان يلتقط شفتيها يقبلها بشغف وجنون بادلته إياها لأول مرة دون خجل أو تردد ...
+
تجاوبها معه بتلك الطريقة جعله ينالها بشكل مختلف مليء بالرغبة المجنونة والعشق الجارف ....
+
كان مختلفا هذه المرة ...
+
جريئا بشكل مبالغ فيه قليلا ...
+
إمتلكها أكثر من مرة بذات القوة والشغف وهي كانت تغرق معه في موجة شغفه بلا حول أو قوة حتى تمكن التعب منها لدرجة إنها غفت بعد لحظات من إنتهاء إحدى لحظات وصالهما المميزه ...
+
إبتسم وهو يراها تستوطن صدره غافية فوقه بسلام بعدما أرهقها وصاله المتكرر ...
+
تنهد وهذا الشعور المميز معها والذي لم يشعر به من قبل أبدا فهي وحدها من تنجح في تأجيج رغباته التي يفشل في ترويضها معها فينالها بكل جنون لا يشبهه أبدا ...
+
معها يغرق بكامل إرادته وتجتاحه مشاعر قوية وعنيفة تجعل وصالها يمنحه شعورا لا مثيل له يثق جيدا إنه لم يكن ليشعره مع أي واحدة غيرها فهي وحدها من تمنحه كل هذه المشاعر المختلطة لأنها فريدة في كل شيء مميزة عن أي أنثى سواها ..
+
هي فقط وحدها من جمعت بين العشق والرغبة الدفينة التي لا نهاية لها ..
+
**
+
بعد مرور ثلاثة أسابيع
+
فتحت رانيا عينيها بصعوبة على صوت المنبه لتعتدل في جلستها بملامحها المنهكة نتيجة لبكائها الطويل ليلة البارحة ...
+
مرت ثلاثة أسابيع على رحيله وعقلها يرفض إستيعاب ذلك وقلبها يتألم بقوة ...
+
كيف خسرته بهذه السهولة ...؟!
+
خسرته كالبقية وكأنه مكتوب عليها أن تخسر جميع أحبائها فالكل يرحل عنها دون رجعة ...
+
ملأت العبرات عينيها مجددا لتجاهد مع نفسها كي لا تبكي وهي تنفض الغطاء عنها وتنهض من مكانها مقررة بداية يوم جديد ستتخذ به عدة قرارات مهمة أهمها موضوع إستقرارها هنا وهذا ما لم تستسيغه بعد ..!
+
إتجهت إلى دورة المياه لتتوقف تتأمل ملامح وجهها في المرآة لتجدها فقدت نضارتها تماما لتتنهد بصعوبة قبلما تبدأ روتينها اليومي المعتاد للعناية بالبشرة ....
+
كل شيء يجب أن يعود لنصابه ...
+
سيمور رحل ولن يعود وهذا أمر واقع عليها أن تتقبله مثلما تقبلت رحيل غيره ..!
+
هذا واقع الحياة المرير وخاصة حياتها التي كانت ولا زالت تتسم بالفقدان ...!
+
غادرت دورة المياه بعدها وأخذت تبحث عن فستان مناسب ذو لون غامق لترتديه ...
+
ما إن إرتدت الفستان حتى سمعت صوت رنين جرس الباب فتحركت تفتحها لتتفاجئ بنضال أمامها ...
+
فسحت له المجال ليدخل بعدما تبادلا التحية ليشير إليها قائلا بإقتضاب :-
+
" يجب أن نتحدث .."
+
هزت رأسها بتفهم ثم سألته إذا ما يريد تناول شيء ما ليرفض قبلما يطلب منها الجلوس قباله ...
+
وجدته يخبرها بنبرة جادة :-
+
" هناك شيء مهم يجب أن تعلمينه ... لقد تحدث معي المحامي بشأن وصية سيمور .."
+
سألت بقلق :-
+
" هل هناك مشكلة تخصني ..؟! أنا لا تهمني الوصية ولا الأملاك ..."
+
قاطعها بجدية :-
+
" سيمور ترك لكِ نصف تركته مناصفة مع بقية العائلة ..."
+
إتسعت عيناها بصدمة فأكمل :-
+
" والأهم إنه قام بتسجيل ذلك رسميا أي إنه سجّل نصف أسهم الشركة ونصف بقية ما يملكه رسميا بإسمك ..."
+
" لا أصدق ... لمَ فعل ذلك ..؟!"
+
قالتها بعدم تصديق ليسأل بحاجب مرفوع ونبرة تحمل تهكما خفيا :-
+
" ألا تعلمين حقا ...؟!"
+
سألت بريبة :-
+
" ماذا تقصد...؟!!"
+
أخبرها بصراحة :-
+
" ألم تكونِ تعرفي حقا بهذا ...؟! "
+
" إطلاقا ..."
+
قالتها على الفور وهي تضيف بتحذير :-
+
" وإياكِ أن تتهمني بأشياء كهذه ... سيمور لم يكن رجلا غبيا كي ينساق خلفي وأنا لست تلك المرأة الطامعة في أمواله ..."
+
" على العموم مبرراتك هذه لا داعي أن تقال أمامي بل ستحتاجين قولها أمام عائلته وخاصة شقيقه الذي لن يتقبل ذلك ... يستحيل أن يقبل سنان بأن تشاركينهم بكل شيء يملكه شقيقه وبالنصف أيضا ..."
+
تنهدت بتعب مفكرة إنها ليست بحمل لدخول مشاكل جديدة لكنها بالطبع لن تتنازل عن حقها ففي النهاية سيمور كتب لها هذه الأملاك من تلقاء نفسه وهي ليست غبية لتتنازل عما يخصها ...
+
طالعت نضال تتسائل داخل نفسها عن سبب مجيئه لها ...
+
بالتأكيد لم يأتِ فقط ليخبرها بشيء كانت ستعلمه من المحامي نفسه ...
+
ما سبّب مجيئه المفاجئ ...؟! هل يريد إيصال رسالة ما ...؟!
+
" عفوا ولكن مالذي أتيت لأجله ..؟! بالتأكيد لم تأتِ لتخبرني بهذا فقط .. لا بد أن يكون هناك شيء آخر تريد قوله ..."
+
كانت كعادتها صريحة لا تتردد في قول ما تفكر به ...
+
" نعم هذا صحيح ..."
+
قالها نضال بجدية ثم أضاف :-
+
" أتيت لأخبرك بأن سنان لن يتركك وشأنك .. سيشن حربا ضدك كي ينتزع أملاك شقيقه الراحل إذا لزم الأمر ..."
+
طالعته بتفكير للحظات قبلما تسأل :-
+
" وأنت ما دورك بهذا ...؟! هل أرسلك لي لتهددني أو كي تجد حلا لهذا الأمر معي أو ماذا ..؟!"
+
إبتسم بسخرية أزعجتها قبلما يقول ما فاجئها :-
+
" بل أتيت لأخبرك إنني سأكون معك ... سأقف جانبك وأدعمك في حربك هذه ..."
+
طالعته بعدم تصديق :-
+
" أنت تتحدث بصدق أم تسخر مني ...؟!"
+
" عليك أن تعلمي إنني لا أحب المزاح يا رانيا ولا أسخر في مواقف مهمة كهذه ..."
+
" لماذا إذا ستفعل هذا ..؟!"
+
سألته بعدم تصديق ليجيب ببساطة :-
+
" لأنني أريد تنفيذ رغبة صديقي الراحل وحماية المرأة التي كانت زوجته وكانت تهمه كثيرا .. تهمه أكثر من أي أحد .. في النهاية هذا كان قرار سيمور ولا يحق لأي شخص محاولة منع تنفيذ قراره بعد رحيله ..."
+
ترقرقت الدموع في عينيها لا إراديا ليتنهد نضال بصمت عندما وجدها تتمتم بصوت متحشرج :-
+
" لا أعرف ماذا أقول ولكن عليك أن تعلم بأنني حقا لم يكن لدي علم بما فعله ... أبدا ..."
+
" هذا لا يهمني يا رانيا ... "
+
قالها بنبرة مقتضبة وهو يضيف :-
+
" معرفتك من عدمها لا تهمني ... في النهاية سيمور كان رجلا ذكيا واعيا يعرف ما يفعله جيدا لذا واجب علينا جميعا أن نتقبل قراره أيا كان ..."
+
نهض من مكانه منهيا حديثه :-
+
" متى ما توصل معك سنان أخبريني ولا تقلقي بشأنه أبدا فأنا أعرفه جيدا وأعرف كيفية التصرف معه ..."
+
غادر بعدها تاركا إياها تتابعه بدهشة ما زالت تتملك منها فآخر ما توقعته أن يقف نضال في صفها ...
+
ربما أسائت الظن به فهو رغم كل شيء يمتلك ضميرا حيا ...
+
هذا ما فكرت به للحظة قبلما تتجه بتفكيرها نحو سيمور وما فعله وكيف سجّل نصف أملاكه بإسمها فتمكن القلق منها رغما عنها فما ينتظرها لن يكون سهلا على الإطلاق ...
+
**
+
أجفل مستيقظا على صوتها في دورة المياه وهي تتقيأ بشدة وصوت نشيجها الباكي يرتفع رغما عنها ...
+
إنتفض من فوق سريره بسرعة راكضا إليها مقتحما المكان وهو يردد بلهفة :-
+
" نغم ، ماذا يحدث ...؟!"
+
وجدها بوجه باكي وملامح شاحبة تضع كفّها فوق مكان معدتها وتلتقط أنفاسها بصعوبة ...
+
إنحنى صوبها يسأل وكفيه يحاوطان وجهها :-
+
" أنا بخير ... فقط معدتي تؤلمني و ..."
+
لم تستطع إكمال جملتها حيث نهضت بسرعة تفرغ ما في جوفها ليحاوطها سريعا من الخلف وكفه تسير فوق ظهرها بتأني بينما يهمس لها :-
+
" لا بأس ... إنها أعراض طبيعية ... لا تخافي ... أنا معك ..."
+
إستندت عليه لا إراديا ورأسها مال فوق كتفه ليحملها بين ذراعيه على الفور ويتجه بها خارجا ليضعها فوق السرير فيسمعها تهمس له بصعوبة :-
+
" لا تتركني .. إبقى جانبي وعانقني .."
+
سرعان ما جاورها يحاوط جسدها من الخلف بجسده فتشعر بالسكون يخيم على روحها لتغيب بعد لحظات في النوم بينما شرد هو فيها وفي وضعها الذي يزداد سوءا مع مرور الأيام والأعراض التي تزداد شدة ...!
+
شعر بها تتحرك بين ذراعيه حيث إنقلبت بجسدها إلى الجانب الآخر ليعدل من وضعيتها وهو باقيا محاوطا لها بحرص متأملا ملامح وجهها التي فقدت حيويتها وبدأت أعراض المرض تظهر عليها بوضوح ..
+
تنهد بألم وأغمض عينيه هو الآخر محاولا النوم لكنه لم يستطع أن يغفو ولو قليلا ليبقى مستيقظا حتى الصباح عندما نهض مغيرا ملابسه بسرعة ليجدها تستيقظ من نومها هي الأخرى فيتقدم نحوها ويخبرها بسرعة :-
+
" لماذا إستيقظتِ ..؟! كنت سأذهب إلى المشفى لإنهاء بعض الأمور الطارئة وأعود سريعا ..."
+
" لا تقلق يا راجي ... أصبحت أفضل الآن ..."
+
قالتها وهي تعتدل في جلستها ليهتف بجدية :-
+
" لا أريدك أن تتحركي من مكانك يا نغم ... "
+
سألته بضيق خفي :-
+
" كيف يعني ..؟! والعمل ..؟!"
+
" هذا ما كنت سأذهب لأجله أساسا ..."
+
طالعته بوجوم ليسترسل :-
+
" من الآن وحتى ولادتك لن تعملي أبدا ..."
+
" لكن .."
+
أوقفها سريعا :-
+
" إسمعي كلامي ... أفعل هذا لأجلك أولا ولأجل الحفاظ على سلامة طفلنا ثانيا .."
+
عند هذه النقطة شعرت بأن معه كل الحق فهي الأخرى لا تريد خسارة الحمل خاصة وهي تدرك إن هذه فرصتها الأولى والأخيرة للحصول على طفل ...!
+
" معك حق ..."
+
تنهدت مستسلمة وهي تضيف بأسى :-
+
" سأضطر لذلك حتى لو سأبقى لوحدي معظم اليوم ..."
+
" ومن قال إنك ستبقين لوحدك ...؟!"
+
" ألن تذهب إلى العمل مثلا ..؟!"
+
ابتسم يخبرها :-
+
" وهذا السبب الثاني الذي سأذهب إلى المشفى لأجله ..."
+
طالعته بإهتمام ليخبرها :-
+
" سأحاول أن أنهي أعمالي خلال إسبوع إلى إسبوعين بالكثير ثم أخذ إجازة طويلة بعدها وأبقى معك ...."
+
"حقا يا راجي ..؟!"
+
سألته ليومأ برأسه فتخبره بصوت مختنق :-
+
" هذا رائع ... على الأقل سأشبع منك قبل رحيلي ..."
+
تجمدت ملامحه كليا ما إن سمع حديثها ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يهمس معاتبا :-
+
" ما هذا الكلام يا نغم ..؟!"
+
تجاهلت عبرات عينيها وهي تخبره بعدما حاوطت وجهه بكفيها :-
+
" أريدك أن تكون مستعدا لذلك وتتقبله .. أنت تعرف بأنني سأرحل قريبا فالحمل سيضعف مناعتي وصحتي ستتراجع بشكل أكبر ..."
+
قاطعها وهو ينهض من فوق السرير مقابلا لها :-
+
" هذا ما قلته من البداية أساسا وأنت لم تهتمِ .."
+
أخبرته بجدية :-
+
" هذا كان قراري يا راجي وأنا مسؤولة عنه ..."
+
أكملت بثبات :-
+
" وأنا لست نادمة عليه ولا حتى حزينة بسببه ... أنا فضلت الحمل والإنجاب على العلاج ... إخترت الحمل والموت مبكرا ... إخترت أمومتي وحلمي الذي تقت إليه بكل حياتي ..."
+
أضافت بذات الجدية :-
+
" جميعنا سنموت ... لا فرق بين موت قريب أو بعيد ... أنا راضية بنهايتي ... يكفيني إنني نلت قربك بل وسأكون أما لطفل منك ... لماذا لا تفهم عليّ ..؟؟"
+
" مالذي تريدين مني فهمه بالضبط ...؟! هل تعتقدين إن رحيلك سيكون سهلا عليّ ...؟!"
+
سألها بصوت متحشرج لتخبره بنبرة حانية :-
+
" لن يكون سهلا بالطبع ... لا يوجد شيء سهل أساسا ولكنك ستعتاد ... ستنسى مع مرور الوقت وسيكون هناك طفلنا الذي سيبقى شاهدا على حبي لك ... هذا قدري يا راجي وأنا راضية به وعليك أنت بدورك أن ترضى به كي ترتاح ..."
+
نهضت من مكانها وقابلته تخبره بعدما أمسكت كلتي يديه بيديها :-
+
" على الأقل لن أتعذب قبل موتي ... أتفهم رغبتك الشديدة بلجوئي للعلاج لكنك كلما تذكرت ذلك تذكر في نفس الوقت إنك منحتني ما هو أثمن من علاج كان سيعذبني كثيرا .. منحتني حلم الأمومة الذي تمنيته ... منحتني حلم وصالك ... منحتني الكثير ... تذكر دائما إنني مت وأنا سعيدة لأنني زوجتك وأم ولدك ..."
+
طالعها بعينين متأملتين لثواني قبلما يجذبها نحوه فتتمسك به بينما يغمض هو عينيه مانعا عبراته من الظهور يشدد من عناقها مقبلا شعرها بين الحين والآخر وداخله يحترق من شدة الخوف والوجع ...
+
**
+
بعد حوالي ساعتين كانت تجلس مع أروى بعدما أصرت عليها بالحضور لمنزلها مستغلة غياب راجي حتى المساء ...
+
كانت تحاول أن تتحدث معها بشأن ما حدث معها لكنها تتردد في كل مرة فهي تخشى عليها بشدة خاصة وهي باتت تدرك مدى حساسية هذا الموضوع بالنسبة لها وكيف يؤثر عليها بشكل سيء للغاية...
+
" إذا عدت إلى المشفى مجددا ...؟!"
+
تمتمت بها نغم وهي ترتشف عصيرها لتومأ أروى برأسها وهي تخبرها :-
+
" نعم ، تحدثنا أنا ودكتور عمر وحللنا المشكلة ..."
+
أضافت بوجوم :-
+
" لكنني أخشى أن أندم على عودتي فدكتور عمر يبدو مزعجا للغاية وحاد الطباع..."
+
طالعتها نغم بتردد قبلما تحسم أمرها وتخبرها عن معرفتها به :-
+
" بالمناسبة عمر يكون طليقي .."
+
كادت أروى أن تبصق العصير لولا إنها تماسكت في اللحظة الأخيرة :-
+
" كان طليقك ..."
+
هزت نغم رأسها وهي تبتسم لتتنهد أروى قائلة :-
+
" إنه عصبي للغاية ..."
+
" نعم هو كذلك لكنه إنسان شهم ومحترم للغاية ..."
+
تمتمت بها نغم وهي تضيف متسائلة :-
+
" دعك من عمر الآن وحدثيني عنك ... كيف تسير أمورك ..؟!"
+
وضعت أروى كأسها على الطاولة ثم هزت كتفيها مرددة :-
+
" لا جديد ... من المشفى إلى المنزل والعكس صحيح ...."
+
" لكنني أشعر إنك أصبحت أكثر هدوءا هذه الفترة ..."
+
قالتها نغم بجدية لتهتف أروى :-
+
" أحاول ذلك ... إستمعت لنصائحك فلا ذنب لمن حولي ليتحملوا غضبي وعصبيتي المفرطة بسبب شيء لا دخل لهم فيه ..."
+
" وأنت كذلك لا دخل لك فيه ..."
+
قالتها نغم بجدية لتخبرها أروى ساخرة :-
+
" بلى ، كان لي دخل ... بشكل ما أنا أيضا مسؤولة عما حدث لي ..."
+
" وماذا ستفعلين الآن ...؟! ما جديدك ...؟! هل ستبقين هكذا ...؟! هل ستبقين تلومين نفسك ولا تفكري بمستقبلك ..؟!"
+
" مستقبلي ...؟! هل تعنين ما تقولينه يا نغم ..؟! أي مستقبل ..؟! مستقبلي تدمر .. لا مستقبل لي ... "
+
قالتها بنبرة متصاعدة وهي تضيف بعبرات صامتة :-
+
" لا يوجد مستقبل لأفكر به من الأساس ..."
+
" ما تقولينه غير صحيح ..."
+
تمتمت بها نغم بعناد وهي تضيف :-
+
" أنت عليكِ أن تنهضي بنفسك وتجدي حلا لمشاكلك ... أما ما حدث معك بسبب ذلك الحقير فهو ليس ذنبك ... أنت لم تخطئِ ... عندما تستوعبين هذا سترتاحين ..."
+
هتفت أروى بنبرة يائسة :-
+
" وكيف سأحل مشاكلي ...؟! كيف سأستعيد ما خسرته يا نغم ...؟! أنا حياتي توقفت عند هذا الحد .. لم يتبقَ لي شيء سوى عملي ودراستي ... لا أمل في حياة زوجية ولا أطفال ولا أي شيء آخر ..."
+
تساقطت عبراتها رغما عنها وهي تهمس :-
+
" أخبريني ما هي الحلول التي تتحدثين عنها ..؟!"
+
تنهدت نغم ثم قالت :-
+
" لا أحد يعلم ما يحمله المستقبل لك ... ربما يكون نصيبك مع رجل متفهم و ..."
+
ضحكت أروى بمرارة وهي تخبرها :-
+
" أي رجل سيتفهم وضعي بالله عليك ..؟!"
+
" ماذا أقول إذا ..؟! ألا يكفي إنك تنازلت عن حقك في عقاب ذلك الوغد ..؟!"
+
هتفت بها نغم بإنزعاج لتخبرها أروى بخفوت :-
+
" ذلك الوغد مجرم لا أضمن ما سيفعله بي وبعائلتي لو حاولت الإنتقام منه .. يكفي ما خسرته .. لست مستعدة لخسارة جديدة والأهم لست مستعدة للتسبب بالأذى لعائلتي ...."
+
طالعتها نغم بصمت وداخلها رفض شديد لهذا الإستسلام ...
+
ترددت في قول شيء ما يلح عليها منذ فترة لكنها حسمت أمرها وهي تخبرها :-
+
" ألا تفكرين في الذهاب لطبيب نفسي يا أروى ..؟!"
+
كلماتها أجفلت أروى في البداية لكنها حاولت التماسك لتسارع نغم وتقبض على كفّها تخبرها بحرص :-
+
" لقد مررتِ بتجربة سيئة آثرت عليك كثيرا ... لماذا لا تذهبين لطبيب نفسي وتتحدثين إليه ...؟! صدقيني سيساعدك ذلك كثيرا ... "
+
طالعتها أروى بصمت لتسأل نغم بقلق :-
+
" أنت لم تنزعجِِ مني أليس كذلك ..؟!"
+
حركت أروى رأسها نفيا وشردت رغما عنها في حديث نغم التي نادتها بعد لحظات لتطالعها بتساؤل فأخبرها :-
+
" أحتاج مساعدتك في شيء ما ..."
+
" شيء ماذا ..؟!"
+
سألت أروى بإستغراب لتبتسم نغم وهي تردد :-
+
" شيء يخص طفلتي القادمة بإذن الله ولا أريد أن أطلب المساعدة من سواك ..."
+
" سأساعدك بالطبع ..."
+
قالتها أروى على الفور لتنهض نغم من مكانها تخبرها بحماس دب فيها :-
+
" تعالي معي إذا لأخبرك فيمَ أحتاجك ..."
+
تحركت أروى معها لتشرح نغم ما تريده منها فتساعدها الأخيرة فيما أردته ثم غادرت بعدها على وعد باللقاء مجددا في أقرب وقت ...
+
وصلت إلى منزلها ليجذب إنتباهه صوت والدتها وهي تتحدث مع إحداهن تخبرها بنفاد صبر :-
+
" صدقيني لا تريد ... أروى ترفض التطرق لهذا الموضوع حتى ... هي تضع جل تركيزها في عملها ودراستها ..."
+
إسترسلت والدتها :-
+
" نعم لا تفكر بالزواج ... أبدا ..."
+
اندفعت إلى الداخل لتطالعها والدتها بصدمة قبلما تقول لقريبتها على الهاتف :-
+
" يجب أن أغلق الهاتف الآن ... "
+
ثم ودعتها بسرعة وأغلقت الهاتف لتنهض من مكانها وتهم بالتقدم نحوها فتوقفها أروى وهي ترفع كفّها أمامها تهدر بعصبية :-
+
" جيد ما فعلته ... لا أريد التطرق لهذا الموضوع مجددا ... من الآن فصاعدا لن أقبل بسماع أي شيء يخص هذا الأمر ..."
+
" حسنا .."
+
قالتها والدتها بإستسلام فتضيف أروى :-
+
" لا زواج بعد الآن ... وأنت تدركين السبب ... لذا لا أريد جلب هذه السيرة أمامي مجددا ..."
+
أضافت بنبرة مريرة :-
+
" لديك نرمين .. فكري بها هي ... أما أنا فأرجوكم دعوني وشأني ..."
+
ثم إندفعت تصعد درجات السلم متجهة إلى غرفتها وعبراتها تتساقط فوق وجنتها بحرارة ...
+
**
+
تسير هالة بجانب شقيقتها في أحد المولات الشهيرة حيث تشتري الأخيرة بعض الأغراض لصغارها الثلاث قبلما تلتقط عينيها فستانا لطفلة صغيرا في عامها الأولى خطف قلبها فأصرت على شراؤه لطفلتها القادمة رغم عدم معرفتهم بعد إذا ما كان جنينها صبيا أم فتاة وهاهي تلتقط بضعة أشياء أخرى للصغيرة زينة كما تقول ...
+
إبتسمت هالة لا إراديا وهي تتأمل الفستان الزهري لتهمس عن قصد لشقيقتها التي تشتري أغراضا لصغيريها بحماس :-
+
" ماذا لو أتيت بصبي مجددا ...؟!"
+
تجهمت ملامح شقيقتها على الفور لتنظر نحوها بضيق وهي تقول :-
+
" لماذا تقولين هذا ..؟! ستكون فتاة بإذن الله ..."
+
" بإذن الله حبيبتي ..."
+
قالتها بتمني وهي تضيف بتعقل :-
+
" ولكن هذا الإحتمال وارد جدا ..."
+
أضافت بعدها وهي تسحب قميصا أزرقا يناسب طفل في العامين من عمره :-
+
" هذا القميص يليق بإبراهيم كثيرا ..."
+
إبتسمت همسة وهي تتأمل القميص لتقرر أخذه قبلما تتجه هالة لقسم الألعاب فتأخذ ما لذ وطاب لأجل الصغير حين أنبتها همسة :-
+
" ما كل هذه الألعاب ...؟!"
+
أخبرتها هالة :-
+
" لأجل بيبو حبيب خالته ..."
+
" جميعكم تفسدون هذا الصبي دلالا ..."
+
قالتها همسة متذمرة لتهتف هالة بمزاح :-
+
" دعيه يشبع من الدلال قبل أن تأتي الصغيرة وتأخذ مكانه ... "
+
غادرتا بعدها المول لتقرر همسة التوجه إلى راغب مقررة زيارته لأول مرة في عمله بينما فضّلت هالة العودة إلى القصر ..
+
في طريقها إلى هناك عادت بذكريتها لسنوات مضت .. لأكثر من عشرة أعوام عندما خطبها ووافقت ..
+
قبل أعوام ...
+
تمت إقامة حفل ضخم بمناسبة خطبة راغب الهاشمي على إبنة خالته همسة الشامي ..
+
كانت الخطبة حدثا ضخما يليق بالوريث الأكبر لعائلة الهاشمي وفي نفس الوقت كان حفلا مثيرا لجميع من حولهم والذين صدمهم هذا الخبر مثلما صدمهم خبر إنفصاله عن إبنة خاله يسرا الحداد ...
+
لم يغب عن الجميع الفرق الشاسع بين الفتاتين فالإختلاف بينهما واضح كإختلاف الليل والنهار ...
+
هذه الخطبة التي سببت خلافا بين زهرة وشقيقها تحول إلى مقاطعة رسمية من قبل الشقيق الذي غضب بشدة من قرار ابن شقيقه الذي لم يكتفِ بترك إبنته بل إرتبط بإبنة عمتها التي تقل عنها بكل شيء ...
+
هذا ما قاله بالحرف الواحد مما جعل زهرة التي كانت تحاول تهدئته وتبرير الموقف له تهب به غاضبة بدورها فهي لا تتحمل كلمة واحدة بحق إبنتي شقيقتها لذا لم تصمت على قوله بل غضبت منه بشدة و أنبته كثيرا لينتهي الجدال بينهما بخصام أقلق الفتاة الصغيرة والتي حاولت خالتها تهدئتها قدر المستطاع وهي تشعر بالشفقة عليها لأنها دخلت في معركة لا ذنب لها فيها ولا تناسبها فالجميع يتحدث عنها وعن كيفية إغوائها لإبن خالتها وإيقاعه في حبها بينما هي وحدها من تعلم إنها بلا حول ولا قوة ...
+
لم تتركها خالتها للحظة بل حرصت أن تشاركها في كل خطوة وعندما أرادت خطبة عائلية رفضت بسبب حساسية الوضع مما سيجلب الكلام ويعتقد الناس أشياء لا وجود لها فقررت إقامة حفلا ضخما لا يقل فخامة عن حفل خطبته السابق وصممت لها فستانا من قبل أحد أشهر المصممين في العالم وحرصت على أن تظهر كأميرة متوجة فهي ستكون زوجة كبير العائلة وكنتهم البكرية ...!
+
حرصت زهرة في ذات الوقت أن تسألها عن رأيها وتتأكد عن قبولها لها وإنها تريده زوجا لها كما يريدها هو فهي خشيت أن تكون الفتاة خجلة من الرفض أو مترددة قليلا لكنها أكدت لها قبولها لتضمها حينها بسعادة وهي تخبرها عن مدى فرحتها لأنها ستصبح زوجة إبنها بل وتبقى جانبها دائما ...
+
مر حفل الخطبة بشكل أكثر من رائع وحاولت همسة مواكبة أحداث الحفل الضخم رغم إن تلك الأجواء لا تناسبها أبدا ولا تحبها إطلاقا ..
+
مرت الأيام بعدها هادئة حيث سافر راغب مضطرا في اليوم التالي لحل مشكلة حدثت في موقع شركتهم خارج البلاد ليعود بعد خمسة أيام فيراها لأول مرة بعد خطبتهما ...
+
وقتها إبتسم بهدوء لترتبك هي كليا عندما همس وهو يقبض على كفّها :-
+
" كيف حالك ..؟!"
+
ردت بصوت خافت بالكاد سمعه :-
+
" بخير ، الحمد لله على سلامتك ...."
+
تنهد ثم قال بخفوت مقصود :-
+
" إشتقت لك ..."
+
توردت وجنتاها بحرج بينما أكمل بجدية :-
+
" جلبت لك بعض الهدايا ... ستجدينها في جناحك ..."
+
" شكرا ..."
+
تمتمت بها بذات الإرتباك قبلما تندفع راكضة إلى جناحها يتابعها هو بعينين عاشقتين ...
+
أما هي فوجدت حقيبة ضخمة تنتظرها هناك فتحتها بفضول لتجد العديد من الملابس والأحذية والحقائب بل والعطور والإكسسوارات ولكن ما جذب إنتباهها هو ذوقه في إختياره لتلك القطع حيث إختار الفستانين بشكل يلائم ذوقها المعتاد في الفساتين التي ترتديها ...
+
حتى العطور إختار ذات الرائحة الهادئة الرقيقة التي تفضلها وكأنه يعلم ما تفضله في كل شيء ...
+
تأملت الفساتين وبقية الأغراض بسعادة قبلما تجده يرسل لها رسالة على هاتفها يخبرها بضرورة ذهابهما الليلة لحفل زفاف أحد معارفه ...
+
سارعت تبحث عن شيء مناسب ترتديه لتقرر أن ترتدي أحد الفساتين التي أتى بها فإختارت واحدا بلونها المفضل ثم بدأت تتحضر لتكون جاهزة في الموعد المحدد كما يفضل هو ..
+
وبالفعل خرجت إليه في الوقت المتفق عليه ليبتسم وهو يتأملها ترتدي ذلك الفستان الزهري الأنيق الذي تذكرها حالما رآه في رحلة تسوقه ليشتريه لها وهو يتخيله عليها وقد كان الواقع أجمل من تخيلاته بمراحل ...
+
كان الفستان أنيقا محتشما من الشيفون الزهري يظهر رشاقة جسدها وهشاشة كتفيها ...
+
شعرها الطويل صففته بشكل خصلات مموجة أنيقة ووضعت القليل من زينة الوجه التي منحتها جمالا آخاذا ...
+
" تبدين جميلة للغاية ..."
+
تمتم بها وهو يتأملها بعينين شغوفتين لتهمس بعدما أخفضت عينيها أرضا :-
+
" شكرا ..."
+
إبتسم مجددا على خجلها ليقبض على كفّها وهو يهتف :-
+
" هيّا بنا ..."
+
غادرا بعدها سويا متجهين إلى الزفاف الفخم ...
+
بقيا هناك لأكثر من ساعة بعدما رحب الجميع بهما بحرارة فمكانة خطيبها مميزة لدى الجميع وحضوره مهم للغاية ...
+
كان يتأملها بين الحين والآخر وقلبه يتضخم كلما تأملها حيث يتدفق العشق داخله بقوة ...!
+
هي تجذبه نحوها دون مجهود ...
+
تجذبه كما لم تفعل أنثى قبلها ...
+
تحرك داخله مشاعر بدائية وحمية شديدة ...
+
تمنحه أحاسيسا مختلفة جميعها لذيذة وممتعة ....
+
تأمل خجلها البديهي باستمتاع بات رفيقه الدائم عندما يكون معها .. جانبها ... يتذوق حقيقة قربها الذي لم يفكر به مسبقا ..
+
عيناها تتحركان بعشوائية كطفلة بريئة ولجت عالمه هو ولو تعلم إن دخولها عالم رجل مثله ليس هينا وإن إختياره لها هي دونا عن الجميع لتشاركه هذا العالم ميزة لا يمكن أن يمنحها لأي واحدة كانت ...
+
وهاهو يمنحها كل شيء برضا تام وسعادة غير مفهومة ...!
+
مال نحوها يهمس لها وهو يتابع بأنظاره العروسين اللذين يرقصان باندماج :-
+
" زفافنا سيكون أضخم بكثير ... سيكون زفاف العام ....زفاف فخم لا مثيل له ..."
+
نظرت له تخبره بتردد :-
+
" لا أحب الفخامة المبالغ فيها ... أفضل زفافا بسيطا بوجود المقربين و ..."
+
قاطعها بجدية :-
+
" تعرفين إن هذا مستحيل .... زفافي لا يمكن أن يكون بسيطا يا همسة .... تدركين وضعي جيدا ومكانتي ..."
+
تمتمت وهي تهز رأسها باذعان :-
+
" أدرك ... بالطبع أدرك ..."
+
ابتسم برزانة قبل أن يميل ببصره اتجاه عنقها المرمري الطويل والذي يحيطه ذلك العقد الرقيق الذي ألبسها إياه يوم خطبتهما لينحدر ببصره نحو فستانها الزهري الرقيق فيخبرها :-
+
" الفستان لاق بك كثيرا ..."
+
أضاف وعيناه تتوهجان برغبة لم تنتبه اليها :-
+
" تبدين فاتنة بشكل مهلك ..."
+
توردت وجنتيها وهي تخبره بينما تحرك خصلة من شعرها الناعم خلف أذنها :-
+
" شكرا ، إنه ذوقك ..."
+
ابتسم مرددا :-
+
" الأمر لا يتعلق بذوقي بقدر ما يتعلق بجمالك الذي يمنح الفستان هذه الهيئة شديدة الجاذبية ...."
+
تنحنحت بحرج ليضيف متسائلا :-
+
" هل تريدين المغادرة ....؟!"
+
سألت بسرعة :-
+
" هل يمكن ذلك ...؟!"
+
هتف مجيبا :-
+
" نعم ، دعينا تنهض ونهنئ العروسين بما ان رقصتهما انتهت ثم نغادر بعدها ...."
+
هزت رأسها موافقة وهي تنهض من مكانها جواره تسير اتجاه العروسين محاولة قدر المستطاع تجاهل النظرات الموجهة نحويهما ...
+
نظرات مختلفة لكنها غير مريحة بالنسبة لها بل الجو العام بأكمله لم يكن مريحا ...
+
هنأت العروسين جانبه ثم غادرت معه خارج الفندق الفخم ليتحركان عائدين الى القصر ...
+
أخذت تتأمل الشوارع الخارجية بإنارتها الخفيفة بشرود تام وعقلها يسألها مجددا :-
+
هل هي سعيدة ..؟!
+
هل تشعر بالراحة ..؟!
+
وكالعادة ، لا يوجد جواب محدد ....
+
استدارت نحوه تنظر اليه مفكره إنها لم تتخيل ولو للحظة أن يجمع بينها وبين راغب ابن خالتها مشروع ارتباط ...
+
لم تنظر يوما له بهذه الطريقة فهو لم يكن سوى ابن خالتها الاكبر سنا من الجميع صاحب الشخصية القيادية التي لا تخلو من التسلط ...
+
تنهدت بصمت وهي تتأمل الشوارع من جديد حتى وصلا الى القصر ليركن راغب سيارته في كراج القصر قبل أن يلتفت نحوها ويسألها بعدما أطفأ محرك السيارة :-
+
" هل أعجبك الحفل ...؟!"
+
أجابت بخفوت :-
+
" كان حفلا جميلا ...."
+
هتف بجدية :-
+
" إنها المرة الأولى التي نخرج بها سويا منذ خطبتنا ..."
+
أومأت برأسها قائلة :-
+
" صحيح ..."
+
قال بجدية :-
+
" غدا سنخرج ..."
+
تطلعت نحوه بتساؤل ليضيف :-
+
" سنتناول العشاء في أحد المطاعم ... هل لديك مانع ...؟!"
+
أجابت بخفوت :-
+
" كلا ، لا يوجد ..."
+
ابتسم مجددا وعيناه تتأملان جمالها الناعم الرقيق باعجاب ورغبة حقيقية باتت رفيقته في وجودها ...
+
" همسة ..."
+
قالها بصوته الرخيم لتنظر نحوه مجددا مرددة :-
+
" نعم يا راغب ..."
+
مال نحوها بينما عيناه لا تتحركان بعيدا عن مرمى شفتيها ...
+
وفي لمح البصر كان يقبلها ...
+
يمنحها قبلتها الأولى ...
+
يختطفها في ثورة رغبته الحارة بها ....
+
وهي تستسلم لها ...
+
بلا حول ولا قوة ..
+
تكتشف عالما جديدا تماما عليها ...
+
تجرب قبلتها الأولى معه ..
+
هو رجلها الأول ...
+
هو الرجل الذي اقتحم حياتها البسيطة بين ليلة وضحاها مقررا أن يفرض سطوته على كل تفاصيل حياتها دون استثناء واضعا بصمته في كل جزء منها ...
+
أفاقت من شرودها على صوت السائق وهو يخبرها بوصوله إلى المكان المطلوب ...
+
هبطت من السيارة وتوجهت إلى مقر الشركة ..
+
كانت المرة الأولى التي تزور بها شركة العائلة منذ أعوام ...
+
دلفت إلى الداخل وشعور التوتر تمكن منها لتتجه نحو موظفة الإستعلامات تسألها عن الطابق الذي يوجد به مكتب زوجها وداخلها سخرت من نفسها لأنها لا تعرف مكان مكتب زوجها أساسا ...
+
إتجهت حيث أرشدتها الموظفة لتذهب إليه فتجد سكرتيرته المدعوة لمى في وجهها والتي نهضت بسرعة ترحب بها :-
+
" همسة هانم ... أهلا بك ..."
+
" راغب بك موجود ، أليس كذلك ..؟!"
+
سألتها همسة بإقتضاب لتومأ لمى وهي تجيب :-
+
" نعم ، تفضلي ..."
+
دلفت همسة إلى الداخل لينتفض راغب من مكانه غير مصدقا رؤيتها :-
+
" همسة ..."
+
أضاف وهو يتجه نحوها بينما أغلقت هي الباب :-
+
" هل أنت بخير ..؟! هل الأولاد بخير ...؟!"
+
" نحن جميعا بخير .. ما بالك قلقت من قدومي ..؟!"
+
سألته مبتسمة بهدوء ليهتف براحة :-
+
" لأنك لم تفعليها طوال زواجنا ... إنها المرة الأولى التي تأتين بها إلى الشركة ..."
+
" أردت مفاجئتك ..."
+
قالتها بنعومة ليبتسم متنهدا :-
+
" هذه أفضل مفاجئة..."
+
أشار لها لتتقدمه فسارت نحو المكتب الفخم تتأمله بإهتمام وفضول ...
+
سألها وهو يقف خلفها :-
+
" ما رأيك بالمكتب والشركة عموما ...؟!"
+
إلتفتت نحوه تخبره بصدق :-
+
" رائعة بالطبع والمكتب فخم جدا ..."
+
ثم تأملت كرسيه وهي تقول مشاكسة :-
+
" هذا مكتب المدير العام إذا ..."
+
" نعم هو ..."
+
سألته وهي ترفع حاجبها:-
+
" هل يمكنني الجلوس عليه ..؟!"
+
رد على الفور :-
+
" أنتِ بالذات يحق لك أن تفعلي ما تريدين دوما عن الجميع ..."
1
ضحكت بمرح ثم جلست في مكانه ليتأملها سعيدا بتلك الشقاوة التي تنطلق منها على غير العادة لكنه بالفعل يشعر بها تتحرر من قيودها التي حاوطت بها نفسها لأعوام فيظهر شخصها الحقيقي والذي كان يتوق إليه بشدة ...
+
إبتسم وهو يقف قبالها يسألها بمكر :-
+
" يليق بك مكتب المدير ..."
+
" حقا ..؟!"
+
ضحكت وهي تضيف :-
+
" واقعيا لا يليق سوى بك ...."
+
" هكذا إذا ..."
+
أومأت برأسها تخبره بصدق :-
+
" أنت خُلِقت لتكون رئيسا يا راغب .. كنت ولا زلت قياديا بالفطرة ... "
+
مال نحوها يهمس بأنفاس حارة :-
+
" هذا الكلام يثير حماسي لأشياء مكانها ليس هنا ..."
+
ثم هم بتقبيلها لتدفعه بكفها فوق صدره مرددة بحذر :-
+
" نحن في مكتبك يا راغب ..."
+
إعتدل في وقفته بينما نهضت هي لتجد هاتف مكتبه يرن فيرد عليه ليأتيه صوت سكرتيرته تخبره عن رغبة شريكته بالتحدث معها ...
+
أخبرها عن ذلك بينما جلست هي على الكرسي المجاور للمكتب تتأمله وهو يتحدث مع تلك المدعوة سهر ورغم حديثه الرسمي للغاية معها إلا إن ملامحها إحتقنت كليا وسيطرت الغيرة عليها ..
+
أنهى المكالمة معها ليلاحظ الضيق مرسوم على ملامحه فسأل :-
+
" هل أنت بخير ...؟! لماذا تبدين متضايقة ..؟!"
+
" سهر هذه لا أحبها ..."
+
" لماذا ..؟! ماذا حدث كي لا تحبيها ..؟!"
+
سألها بخبث خفي لترد مراوغة :-
+
" هكذا ، لا أحبها دون سبب ..."
+
إبتسم وهو يتقدم نحوها لترتبك كليا ليجذبها من كفيها ويوقفها قباله مرددا :-
+
" تغارين عليّ إذا ..."
+
" نعم أغار وهذا شيء لا يقلل مني لأنك زوجي و ..."
+
أوقفها وهو يخبرها بجدية :-
+
" أبدا لا يقلل منك ..."
+
أضاف مبتسما :-
+
" لو تعلمين كم تسعدني غيرتك ..."
+
رمشت بعينيها بتوتر ليضيف وهو يحاوط خصرها بكفيه :-
+
" يحق لك أن تغاري عليّ لكن إياكِ أن تغاري من أي واحدة فأنا لا أرى في الكون سواك ..."
1
إبتسمت بحبور ليسارع ويقتنص شفتيها بقبلة طويلة تجاوبت معها بأريحية وكلاهما تناسا حقيقة إنهما يتبادلان القبلات في مكتبه ..
+
**
+
تجلس في غرفتها في المشفى تقرأ في إحدى المجلات الطبية عندما وجدته يطل عليها مبتسما بتروي ...
+
طالعته بحذر قبلما ترسم إبتسامة رسمية على ثغرها مرددة :-
+
" أهلا باسم ..."
+
" أتمنى ألا أكون أزعجتك بمجيئي .."
+
" بالطبع لا ..."
+
قالتها بحرج عندما جلس أمامها وهو يسألها عن أحوالها في العمل كعادته ..
+
تجاوبت معه قليلا قبلما يسألها بحذر :-
+
" هل ما زلت تشعرين بالإنزعاج مني بسبب ما قلته ذلك اليوم..؟!"
+
" كلا يا باسم ... أنت قلت ما لديك وأنا قلت ما لدي بدوري ..."
+
قالتها بهدوء ليهتف بجدية :-
+
" لكنك يجب أن تكوني واثقة من جدية مشاعري ..."
+
" مشاعرك ..."
+
رددتها بعدم إستيعاب ليخبرها بتروي :-
+
" قد يكون ما سأقوله غريبا لكنني لطالما كنت معجبا بك في فترة دراستنا سويا ... أردت مصارحتك بإعجابي ..."
+
أوقفته بحزم :-
+
" باسم من فضلك ..."
+
قال بهدوء :-
+
" لكنني كنت أدرك بوجود آخر في حياتك .."
+
وجمت ملامحها بشدة فقال معتذرا :-
+
" لم أرد إزعاجك بالتطرق للماضي ولكنني حقا جادا معك ..."
+
" وأنا جادة للغاية فيما قلته .. أنا لا أفكر بالإرتباط حاليا ..."
+
أضافت :-
+
" بل ربما لن أفكر به أبدا بعد الآن بعد التجربتين اللتي عشتها .. أحترم مشاعرك حقا ولكن .."
+
أكملت بشرود :-
+
" لقد جربت الحب مرتين والتجربتين كانتا أسوأ من بعضهما ... أنا إكتفيت من الحب وقصص العشق والهيام ... لم أعد أبحث عن العشق ... نضجت بما يكفي لأفهم إن العشق لعنة لن أنجو منها سالمة مجددا ..."
+
" لا تقولي هذا .. أنت فتاة جميلة للغاية ومميزة ولابد إنك ستلتقين بمن تجدين معه حبا سليما غير ضار ..."
+
أضاف مبتسما بتمني :-
+
" وأتمنى أن أكون حقا هذا الشخص ..."
+
رنين هاتفها أنقذها فأخبرته وهي ترفعه :-
+
" إنها شقيقتي ..."
+
تحدثت مع شقيقتها التي سألتها إذا ما ستأتي لتحضر دعوة الغداء لعائلة زمرد أم لا ...
+
تذكرت هالة لا إراديا حديث عابد معها والذي إستئذنها ليدعو شقيقته وعائلتها محاولا إصلاح الأمر بين العائلتين وقد أحرجها بمراعاته تلك بشدة لتخبره إنها لا تمانع بل وستحضر العزيمة بنفسها أيضا ...
+
لا تعرف كيف خرجت تلك الكلمات منها لكنها كانت تشعر بالحرج الكبير منه ومن إهتمامه بمشاعرها بعد كل ما فعلته وتسببت به ...
+
أتاها صوت شقيقتها تسأل بحذر :-
+
" هل ستتواجدين على الغداء ..."
+
" نعم ، سأفعل ..."
+
قالتها بهدوء لتخبرها همسة بحرص :-
+
" لست مضطرة لذلك ...."
+
" أعلم يا همسة ولكنني أخبرت عمي عابد إنني سأحضر ..."
+
منحت باسم إبتسامة سريعة لينهض من مكانه مستأذنا فتكمل هي حديثها :-
+
" لست مجبرة على الحضور ، إطمئني ..."
+
ودعتها شقيقتها بينما نهضت هي تلملم أغراضها لتتجه إلى القصر كي تجهز نفسها قبل وصولهم ...
+
**
+
تجاوره في سيارته حيث يذهبان سويا لدعوة خاله للعائلة على الغداء ...
+
تشعر بتوتر شديد خاصة بوجود حبيبته القديمة هناك والتي علمت عن طلاقها بعد مدة قصيرة تكاد لا تذكر من زواجها وهو الشيء الذي أعلمتها به والدتها وحذرتها من تلك الحرباء كما وصفتها فهي حسب وصفها باتت مطلقة ستسعى لإستعادة حبيبها السابق كي يعوضها عن فشل زواجها لذا شددت عليها أن تكون حذرة معها قوية أمامها وهو ما لن تستطيعه أبدا ...
+
طالعته بحذر لمدة طالت بشكل جعله يسأل :-
+
" هل هناك مشكلة ما ...؟!"
+
ترددت في القول لكنها سألت :-
+
" هل هالة ستكون موجودة..؟!"
+
رد بإقتضاب :-
+
" لا أعلم ..."
+
أضاف بحدة خافتة :-
+
" وأتمنى أن تبعدي هالة عن تفكيرك ... لا شأن لنا بها ..."
+
أومأت برأسها على مضض ثم عادت تشرد بحديث والدتها وأوامرها الصارمة حتى وصلا إلى القصر لتجد الجميع قي إستقبالهم ومن ضمنهم هالة والتي رغما عنها طالعتها بتفحص فوجدتها ترتدي فستانا أصفر اللون بسيط للغاية قصير قليلا ينتهي عند ركبتيها وذو حمالات عريضة وشعرها مسرح ومنسدل بخصلات سوداء ناعمة على جانبي وجهها ورغم ذلك كانت تبدو جميلة وخاصة عينيها اللتين رسمتهما بالكحل كعادتها فظهرتا بذات الجاذبية المعتادة ...
+
كانت عيناها أجمل ما فيها ... ساحرتين ...
+
هكذا فكرت وهي تجلس بجانب أثير بعدما تبادلوا التحية مع خاله وزوجته والبقية ...
+
كان السلام بين زهرة وزمرد رسميا للغاية ونفس الشيء مع راغب الأمر الذي أزعج زمرد لكنها تجاهلت ذلك بينما لم تستطع تجاهل وجود هالة في المكان بكل جرأة ...
+
إنتبهت لولدها الذي أخذ يتبادل أطراف الحديث مع فيصل وتكاد تقسم إنه يتعمد تحاشي النظر إلى هالة التي تتحدث مع شقيقتها بدورها ...
+
أما كنتها المصون فتجلس بجانب ولدها مخفضة وجهها نحو الأسفل تعبث بحقيبتها ، وجمت ملامحها مفكرة إنها لا تجيد الجلوس بشكل لائق ولا حتى الحديث بل باتت تشعر إنها لا تجيد أي شيء ...
+
تأففت منها وهي تعاود الاستماع لحديث شقيقها مع زوجها وكلاهما يبدو أكثر راحة بعدما نجحا في لم شمل العائلة ...
+
كان راغب يجلس بملامح جامدة جواره ولده الأكبر مترفعا عن الحديث مع البقية أما راجي فكان غائبا بسبب تعب زوجته الحامل ...
+
نهضوا بعدها متجهين إلى طاولة الطعام ليجلسوا جميعا يتناولون طعامهم ...
+
تبادلا راغب وأثير النظرات لا إراديا ليرى أثير القسوة تطل من عيني إبن خاله ليتنهد بصبر قبلما ينتبه بخطيبته التي بالكاد تأكل بضعة لقيمات لتهتف زهرة تشير نحوها :-
+
" أنتِ لا تتناولين الطعام عزيزتي ... لا تخجلي ... قريبا سنصبح عائلة واحدة ..."
+
طالعتها سولاف بشفقة فالفتاة بدت مرتبكة للغاية وخجولة لتهتف وهي تبتسم لها :-
+
" هي بالفعل باتت واحدة منا ..."
1
ثم بشكل لا إرادي إلتقت نظراتها بنظرات هالة لتمنحها نظرة مستخفة قابلتها هالة بأخرى باردة ...
+
إنتهى الجميع من تناول الغداء لينهضوا متجهين إلى صالة الضيوف مجددا حيث أتت الخادمة بالشاي لهما ثم الفواكه ...
+
كانت أفنان تجاوره ملتزمة بذات الصمت لتجد زمرد تجلس جانبها وتهمس لها بينما تصطنع الإبتسامة :-
+
" لماذا لا تتحدثين معنا ...؟! بالكاد تجيبين على أحاديثهم معك بكلمتين لا أكثر ... لا داعي لكل هذا الخجل ..."
+
تمتمت بتوتر :-
+
" أنا لم أقصد ..."
+
ثم إنتبهت لهالة التي نهضت تستأذن عابد للذهاب إلى جناحها فأضافت زمرد بحنق :-
+
" طالعيها كيف تجلس بثقة وتتحدث وتضحك بذات الثقة .. ما بالك أنت هكذا ..؟؟"
+
لم تستطع أفنان تحمل المزيد من الضغط فيكفي ضغوطات والدتها عليها طوال الفترة السابقة ...
+
أخذت تتلعثم في حديثها قبلما يبدأ جسدها بالإنكماش لتأتيها نوبة جعلتها تنكمش على نفسها وجسدها يهتز بقوة لينتفض أثير سريعا محاولا احتواء الموقف بينما تبتعد زمرد عنها بفزع لا إرادي ...
+
حاول أثير تهدئتها بينما بدأت تشعر بالإختناق فتحاول إلتقاط أنفاسها دون فائدة ...
+
نهض الجميع من أماكنهم يطالعونها بقلق بينما سارع فيصل ينادي على هالة التي أتت راكضة لتشير لهم أن يبتعدوا عنها ثم حاولت السيطرة عليها عندما وجدتها تفقد وعيها بالفعل لتشير لأثير الذي يحاوطها بحرص :-
+
" خذها إلى جناح الضيوف ..."
+
سارع يحملها ويتجه بها إلى هناك تتبعه هي والتي ركضت نحو جناحها تجلب ما عندها من مستلزمات طبية تحتاجها في الفحص ...
+
دلفت إليها وطلبت من الجميع الخروج لتطالعها زمرد بحنق قبلما تخرج بذقن مرفوع بينما بدأت تفحصها وتحاول إيقاظها ...
+
فتحت أفنان عينيها بعد لحظات لتتنهد براحة فتلاقى عينيها بعيني هالة التي سرعان ما إبتسمت لها لتسأل أفنان بصوت مرهق :-
+
" ماذا حدث ..؟!"
+
" لم يحدث شيء ... فقط أغمي عليك ... يبدو إنك مرهقة ولم تتحملِ الأجواء ..."
+
طالعتها أفنان بعدم إستيعاب بينما هالة تتأملها بقلق فالنوبة التي أتتها غريبة وتثير الشكوك إتجاه أكثر من مرض ..
+
" أريد حقيبتي بسرعة ..."
+
همست بها أفنان بضعف لتهز هالة رأسها بتفهم ثم تخرج وتطمأنهم إنها إستيقظت قبلما تطلب حقيبتها لتجلبها سولاف بسرعة ...
+
عادت إليها بعدما طلبت منهم أن يتركون وضعها يستقر قبل الدخول إليها لتعتدل أفنان في جلستها سريعا وتجذب حقيبتها مخرجة منها دواء سارعت تشربه لتطالعها هالة بقلق قبلما تجدها تتبع هذا الدواء بآخر لتنظر إلى الدوائين بعدم تصديق فهذه الأدوية خاصة بأحد الأمراض العصبية النفسية الخطيرة بينما همست أفنان بعدما لاحظت نظراتها :-
+
" أرجوك لا تخبري أحدا وخاصة أثير ... هو لا يعلم بمرضي ... أرجوك ... "
2
**
+
دلفت يسرا إلى مقر الجمعية بجانب صديقتها غادة ليرحب بها الكثير من الموجودين قبلما تأخذ مكانها في المقدمة تتابع البرنامج التنظيمي التي أعدته تلك الجمعية المختصة بالأعمال الخيرية ...!
+
كانت صديقتها تجاورها وتتبادل الأحاديث معها قبلما تنتبه كلتاهما لحديث رئيسة الجمعية ...!
+
مر الوقت سريعا ونهضتا كلتاهما من مكانها تتبادلان الأحاديث مع بعض الموجودين قبلما تقع عينيها عليه لتندهش من وجوده فتنتبه غادة عليها لتسأل بإهتمام :-
+
" هل تعرفين دكتور شريف الخولي ..؟!"
+
إلتفتت يسرا نحوها تسأل :-
+
" هل تعرفينه أنت ..؟!"
+
" بالطبع أعرفه ، إنه زميل مهنة .."
+
أضافت تسأل بخبث وهي تتأبط ذراعها :-
+
" أخبريني من أين تعرفينه ...تحدثي هيّا .."
+
قالت يسرا سريعا :-
+
" لا تفهمي الأمر بشكل خاطئ .. إنه الطبيب المسؤول عن حالة والدي ..."
+
" حقا ...؟!"
+
تمتمت بها غادة قبلما تنتبه لشريف فتهز رأسها بتحية ثم تخبرها :-
+
" تعالي لنلقي التحية عليه ..."
+
" ماذا تفعلين يا غادة ..؟!"
+
نهرتها يسرا بضيق عندما وجدته هو يتقدم نحوهما يحيي غادة التي رحبت به بشدة قبلما تشير ليسرا :-
+
" يسرا الحداد .. سيدة أعمال وصديقتي ..."
+
ثم أشارت لشريف مدعية عدم معرفتها بلقائهما مسبقا :-
+
" دكتور شريف الخولي .. من أشهر الجراحين في البلاد ..."
+
" سبق وتعرفنا ..."
+
قالها شريف برسمية وهو يتبادل التحية معها لترد عليه بإقتضاب قبلما تسأله غادة :-
+
" ما أخبار المشفى الخيري يا دكتور شريف ...؟! كما تعلم أريد المساهمة ..."
+
ثم أشارت شارحة ليسرا :-
+
" دكتور شريف يسعى لبناء مشفى كامل متخصص بعلاج الأمراض السرطانية وسيسعى ليقدم المشفى العلاج المجاني للفقراء من المرضى ... "
+
" فكرة رائعة لكنها تحتاج لميزانية كبيرة ...."
+
تمتمت بها يسرا وهي تطالعه ليخبرها بجدية :-
+
" الميزانية ستكون مفتوحة ..."
+
" هل هناك شريك معك ...؟!"
+
سألته بإهتمام ليخبرها :-
+
" حتى الآن لا ... لكن سيساهم بعض الزملاء في دعم العلاج المجاني الذي ستقدمه المشفى لفئة المرضى الذين لا يستطيعون دفع مصاريف علاجهم ..."
+
هتفت غادة تخبرها :-
+
" دكتور شريف مهتم كثيرا بالأعمال الخيرية ويسعى لإستغلال علمه في مساعدة المرضى ..."
+
" هذا واضح ..."
+
قالتها يسرا بهدوء عندما إستأذنت غادة بسبب رنين هاتفها بينما طالعته يسرا مرددة :-
+
" أحببت فكرة المشروع وأريد المساهمة فأنا بدوري أحب الأعمال الخيرية كثيرا ..."
+
" أي شخص يستطيع المشاركة في فعل الخير بالطبع ..."
+
قالها بهدوء لتفتح حقيبتها وتخرج بطاقة تحمل إسمها ورقم هاتفها فتخبره :-
+
" خذ بطاقتي ويمكنك التواصل معي ..."
+
تناول البطاقة منها يطالعها بلا مبالاة متعمدة قبلما يضعها في جيبه لتخبره بإبتسامة باردة :-
+
" سأنتظر إتصالك ..."
+
" يمكنك معرفة أخبار المشروع من صديقتك ... سأتواصل معها بكل الأحوال ..."
+
ثم تحرك دون أن يضيف كلمة أخرى لتطالعه بحنق بسبب تصرفه الغير مقبول بالنسبة لها عندما وجدت غادة تعود إليها فنهرتها بقوة على تركها لوحدها معه قبلما تغادر المكان بعصبية غير آبهة بصديقتها التي تحاول إيقافها وتصرف ذلك الطبيب معها جعلها في قمة غضبها وإنفعالها ...
+
**
+
في المشفى ...
+
يجلس وحيدا في الغرفة التي أُعدت لإقامته في المشفى ينتظر موعد بدء عمليته عندما وجد شقيقته تدلف إلى الداخل ليطالعها بملامح معتمة بينما وقفت هي قباله تطالعه بآلم خفي تسعى للتماسك قدر المستطاع أمامه ...
+
أخبرته وهي تتقدم حاملة الهاتف معها :-
+
" ماما تريد التحدث معك قبل العملية ..."
+
طالعها كرم بوجوم قبلما يتناول الهاتف ويتحدث مع والدته الباكية مرغما. ...
+
حاول تهدئتها وطمأنتها ليعيد بعدها الهاتف إليها ويخبرها ببرود :-
+
" يمكنك الذهاب طالما أتممتِ مهمتك ...
+
قالت بذات البرود :-
+
" للأسف مهمتي تشمل أيضا إنتظارك حتى تخرج من العملية وإفاقتك ..."
+
" غادري يا نانسي ..."
+
تمتم بها بوجوم لتخبره بعناد :-
+
" لن أذهب ..."
+
هم بالإعتراض لتصيح بحدة :-
+
" لن أذهب يا كرم مهما حاولت .. "
+
توقفت عن الحديث وهي تستمع لصوت طرقات على الباب يتبعها دخول الممرضة التي تخبره إنه عليه تغيير ملابسه إستعدادا للعملية ...
+
إستئذنت نانسي تخرج من الغرفة ثم بقيت تنتظره حتى يستعد لدخول العملية عندما دخلت بعدها تلقي نظرة أخيرة عليه تخبره بصوت مبحوح :-
+
" ستخرج سالما بإذن الله ..."
+
لم تظهر أي ردة فعل على وجهه عندما تم نقله إلى غرفة العمليات بينما بقيت هي مكانها يجاورها صلاح الذي أتى إليها بعدما ترك طفليه مع إبنة عمها حنين التي علمت بموعد العملية فزارتها وإقترحت عليها أن تترك الصغيرين معها كي يكون صلاح جانبها ...!
+
مر الوقت بطيئا وهي تكاد تنهار من القلق ووالدتها لم تتوقف عن الإتصال حتى خرج سالما لتنهار باكية أمام صلاح الذي سارع يجذبها نحو صدره محاولا تهدئتها ..
+
مر الوقت بسرعة وتم نقله لغرفة أخرى حيث بقيت هي جانبه حتى صباح اليوم التالي ...
+
كان يستيقظ قليلا ثم يعاود النوم ...
+
بقيت هي معه وكذلك صلاح وكانت تتصل بحنين بين الحين والآخر لتأتي الأخيرة صباحا ومعها الطفلين اللذين لم يتوقفا عن البكاء لحظة واحدة ...
+
عانقتهما نانسي سريعا تحاول تهدئة عبراتها حيث كليهما يريدانها لتعتذر حنين لأنها لم تستطع إسكاتهما فتشكرها نانسي قبلما تقف حائرة لا تعرف ماذا تفعل بشأن الطفلين بينما سألتها حنين بتردد إذا ما كانت تستطيع الدخول لرؤية كرم لتبتسم نانسي لها وهي تخبرها إنها تستطيع الدخول ورؤيته لدقائق ...
+
**
+
دلفت حنين إليه لتتجمع العبرات في عينيها حالما رأته ممددا غائبا عن الوعي ..
+
تقدمت نحوه ثم جلست على الكرسي المجاور له تتأمله بعشق موجع ...
+
تتأمل ملامحه المرهقة بشدة ...
+
مدت يدها تلمس يده بتردد لتهمس بخفوت :-
+
" لم تكن تستحق هذا أبدا يا كرم ..."
+
سقطت دمعة منها سارعت تمسحها وهي تضيف بيقين :-
+
" لكنك ستتخطى كل هذا وتصبح بخير .. أنت قوي وسوف تجتاز هذا ويدك ستعود سليمة كذلك وأنت ستعود لسابق عهدك... أثق بذلك ..."
+
لم تنتبه لحركة رموش عينيه والتي تدل على بداية يقظته لتجد نفسها تضيف بهمس خافت متردد :-
+
" كانت لدي أمنية بقولها ولو لمرة واحدة أمامك لكنني لن أستطيع فعلها وأنت في وعيك .. كرم أنا ..."
+
توقفت لوهلة عاجزة عن قولها قبلما تهمس والعبرات تساقطت فوق وجنتيها :-
+
" أحبك ..، أحبك كثيرا يا كرم ..."
+
ثواني وفوجئت به يفتح عينيه اللتين تلاقتا بعينيها لتنتفض من مكانها بفزع ولا تعرف ماذا تفعل ..
+
لقد سمعها وعلم بمشاعرها نحوه بل سمع إعترافها بحبه جيدا ...
+
دون تردد هربت بسرعة من أمامه مغادرة المكان بينما تنهد هو بصعوبة وكلمة أحبك بصوتها الرقيق تتردد داخل رأسه مرارا ليعاود إغماض عينيه مجددا ...
+
انتهى الفصل
+

