اخر الروايات

رواية جمر الجليد الجزء الثاني الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شروق مصطفي

رواية جمر الجليد الجزء الثاني الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم شروق مصطفي


بعدما انتهت من تبديل ثيابها، وقفت تتأمله بشفقة على نومه بهذه الطريقة، لكن سرعان ما ارتسمت ابتسامة على شفتيها عندما تمتم مازحًا: "الأرض مفيدة جدًا...
"ضحكت بخفوت، ثم استسلمت للنوم.

صباحًا... تقلّبت مي في الفراش بكسل، محاولة التمسك بلحظات النوم الأخيرة، لكن أنفاسه الدافئة وقبلاته التي غمرت وجهها أيقظتها ببطء. شهقت من قربه المفاجئ، وتمتمت بصوت متهدج ما زال يحمل آثار النوم:

— هاه... معتز؟ صحيت أمتى؟

ارتسمت على شفتيه ابتسامة ماكرة، واقترب أكثر وهو يهمس بنبرة مليئة بالمشاكسة...
بقلم شروق مصطفى وانصهر الجليد
—تأملها معتز بابتسامة ماكرة، ثم قال وهو يقترب منها بخفة:

— بقالي ساعة بحاول أصحيكي، عملت كل حاجة يا كسولة!.

فتحت مي عينيها بارتباك، وضمت نفسها بيديها وكأنها تحتمي من نظرته:

— عملت! عملت إيه؟ ها؟!

غمز لها بمكر، واقترب أكثر وهو يهمس:

— "ما تخافيش، لسه هعمل... بس كنت بصفّي حساب الدبابيس، مش بحب أسيب حساب قديم مفتوح!
نظرت إليه مستنكرة وقالت:

— كده تغفلني يعني؟!

ضحك بخفة وهو يرد بسخرية مرحة:
— "مفيش أحلى من تغفيل كده على سهوة!

كررت مي كلماته بنبرة متشككة، محاولة استيعاب ما يقصده:

— على سهوة؟! طيب، سيبني بقى أنام، عيني لسه فيها نوم.

استدارت محاولة الانسحاب مجددًا تحت الغطاء، لكن صوته جاء متصنعًا الاستياء:

— أقول لها نخلص حساباتنا القديمة، تقول لي عيني فيها نوم! ده كلام برضو؟!

لم تعره اهتمامًا، فقط أغلقت عينيها مجددًا مستسلمة للنعاس. تأملها معتز للحظة، ثم ابتسم بمكر وهمس بصوت منخفض، وكأنه يحيك خطة جديدة...

— يبقى إنتي اللي بتحبي على السهوة ... أول بنت هنجيبها هنسميها سهوى!

وفي غفلة منها، حملها فجأة بين ذراعيه، فشهقت ممسكة بعنقه وهي تصيح:

— إيه ده؟! انت مجنون! نزلني!

ضحك معتز هاتفًا بحماس:
— مفيش رجوع ولا استسلام! قد أزفت ساعة الصفر، وحان وقت العمل!

قهقهت مي من طريقته الدرامية وقالت:
— إنت مجنون بجد! إيه الكلام اللي بتقوله ده؟!
دلف بها إلى الحمام وهو يقول:
— يلا، اغسلي وشك عشان تفوقي، وبعدين نتوضا

شعرت بالحرج فدفعته قليلًا وهي تقول بخفوت:
— حاضر... بس اخرج الأول
رفع حاجبيه مازحًا:
— عيوني

بعد قليل، خرجا وأديا ركعتين معًا، ثم دعا معتز دعاءً بداية حياتهما، قبل أن يذهبا إلى عالمهما الخاص، حيث أصبحت زوجته قولًا وفعلًا...


في هدوء الليل الدافئ، كانت سيلا تدلف إلى المنزل ممسكة بذراع عاصم، تتباطأ قليلًا وكأنها تستمد منه الأمان، بينما كان هو يحتضن يدها الأخرى بحنان، وكأنهما امتداد واحد لا ينفصل.

همست بابتسامة دافئة:
"كان يومًا جميلًا أوي، ربنا يسعدهم يا رب."

التفت عاصم إليها، يتأمل وجهها المضيء تحت الأضواء الخافتة، ثم شد على يديها قليلًا وهمس بصوت دافئ:
"وإنتِ كنتِ زي القمر النهارده."

شعرت سيلا بحرارة نظراته تخترقها، فحاولت الهروب بعينيها بعيدًا عنه، وهمست بتلعثم:
"أحم... وانت كمان على فكرة."

ضحك عاصم هامسًا: "أنا إيه؟ ها؟"

قبل أن يتمادى في استجوابها، شعرت فجأة بشيء غريب يمزق أسفل معدتها، وكأنها تحاول التخلص من إحساسها المفاجئ، فتملصت من يده بخفة، متظاهرة بالمرح، وابتعدت للخلف بينما ابتسامة ماكرة تشق ثغرها:
وأنت كمان... البدلة كانت تجنن عليك طبعًا!"

ثم تركته وركضت للأعلى، تلعب بحاجبيها وتخرج لسانها له بمرح، قبل أن تتبعها ضحكتها العفوية.

وقف عاصم في مكانه يراقبها بنظرة غامضة، ثم هز رأسه هامسًا بتوعد:
"ماشي يا سولي... هتروحي مني فين؟"

صعد خلفها، وحين وصل إلى غرفتهما، وجد الباب موصدًا، فطرق عليه قائلًا:
"قفلاه ليه يا سيلا؟ افتحي..."

من الداخل، جاءه صوتها المتوتر بينما تبحث عن شيء ما:
"حاضر... حاضر... ثواني بس."

رفع حاجبه بشك، ثم تمتم:
فينا من كدة ؟افتحي، والله يا سيلا لو مفتحتيش أنا...
لم يكمل جملته حتى فتحت الباب، لتطل عليه بوجه مرتبك وابتسامة متوترة. دخل إلى الغرفة، جال بعينيه في أرجائها، ثم عاد بنظره إليها بنظرة ماكرة:
قفلتي الباب ليه؟

ردت بتوتر، متلعثمة:
أ أ... نسيته.

ضاق عينيه بشك، ثم اقترب قليلًا:
لا والله؟

شعرت بوضعها المحرج، ولم تجد أمامها مهربًا سوى إنهاء الموضوع، فقالت بسرعة:
"إيه يا عاصم؟ هو تحقيق ولا إيه؟ أنا تعبانة وعاوزة أنام."

ثم التقطت ثيابها ودلفت إلى الحمام مسرعة، تاركة إياه يبتسم بعدما فهم ما بها دون أن تنطق بكلمة.

ظل يدندن ببعض الأغاني بينما غادر متجهًا إلى المطبخ، حيث طلب من الست فاطمة إعداد مشروب ساخن، ثم أخذه بنفسه وصعد مجددًا إلى الغرفة، ليضعه على المنضدة بجانب الفراش في انتظارها.

بعد قليل، خرجت سيلا مرتدية منامة شتوية، وملامح وجهها تحمل بعض الإرهاق، لكنها ابتسمت له نصف ابتسامة حين رأته.

اقترب منها، ضمها بحنان، وهمس في أذنها وهو يشير إلى المشروب بجانبها:
"اشربي ده... وما تناميش لحد ما أخرج."

تركها مذهولة، ودلف إلى المرحاض، بينما هي تجلس على الفراش تنظر إلى المشروب أمامها، تشعر بالدهشة من قدرته على فهم حالتها دون أن تخبره. احمرت وجنتاها خجلًا رغم برودة الجو، ثم التقطت الكوب وبدأت في احتسائه، تبتسم بخجل بين كل رشفة وأخرى.

أنهت مشروبها، وحين خرج عاصم من المرحاض، جذبت الغطاء سريعًا واصطنعت النوم، معطية ظهرها له.

ضحك على طفولتها، ثم اقترب منها، جذب الغطاء بعيدًا، ليصبح ظهرها ملاصقًا لصدره، واحتضنها من الخلف، واضعًا إحدى يديه تحت رأسها، والأخرى حول خصرها، ثم قربها أكثر إليه، يمسّد براحته على معدتها بلطف.

شعرت بخجل قاتل تحت لمساته، لكنه همس لها بصوت دافئ:
"إنتِ روحي... وبحس بكل حاجة تخصك، من نظرة عنيكي حسيت إنك تعبتي فجأة، وقفل الباب وتوترك بعدها أكدلي ده. مش عاوزك تتكسفي مني تاني، فاهمة؟ انتي حبيبتي... وبنتي."

تأملت كلماته بصمت، بينما كان دفء يده على معدتها يخفف بعض التقلصات التي كانت تعاني منها. غلبها النعاس، فتمتمت بخفوت:
وأنت حبيبي... وروحي... و...

انتظر أن تكمل، لكنه وجدها قد غفت بين كلماته.

قهقه بخفوت، وهمس مبتسمًا:
آه ياني... نامت برده، هادمة اللحظات! طيب مش هحضنك تاني، البنت دي هتجنني.

لكن رغم تهديده، لم يستطع مقاومة قربها، فضمها أكثر، استنشق رائحتها، ثم تمتم بحب:
برده بحبك... وبعشقك.

طبع قبلة دافئة على جبينها، ثم سرح قليلاً حتى غفا بعدها.

صباحًا استيقظت سيلا أولًا، فوجدته ما زال نائمًا، اقتربت منه تتأمله بحب، تمرر أناملها على وجنته هامسة بابتسامة:
إنت إزاي كده فاهمني بالشكل ده؟ ربنا بجد بيحبني عشان عوضني بيك.

لم تستطع مقاومة رغبتها في التعبير عن حبها، فانحنت وطبعَت قبلة خفيفة بجانب شفتيه.

لكنها لم تتوقع أن تجد نفسها فجأة مقلوبة على الفراش، وهو فوقها، يحدّق بها بمكر، ويمسح بأصابعه على موضع قبلتها وهو يسأل ببطء:
إيه اللي عملتيه ده؟

احمر وجهها بالكامل، وبدأت تدفعه بيديها على صدره بتوتر:
أ أ... انت صاحي؟ طيب قوم بقى!

ابتسم عاصم بتسلية، وقال بخبث:
لا... لسه نايم.

ثم أكمل وهو يتظاهر بالتفكير:
"لا، احنا كلام بليل مخلصش لسه، ونمتي مني. ودلوقتي أنتي صحيتيني... بس نشنتي غلط، فبقول تعيدي تاني صح المرة دي

رفع حاجبه وأشار إلى شفتيه بحركة أصابعه:
"إنتِ عارفه المفروض تعوضيها إزاي، صح؟"

سيلا بتململ، وهي تدفعه بخجل:
يا عاصم، اعقل... عيب كده!

ضحك عاصم، مرددًا بمكر:
"أعقل من كده إيه؟ مش إنتِ اللي بتصبحي عليَّ بعلمك الصباح الصح؟ خلاص، يا ستي، هرد أنا الصباح بمعرفتي."

ثم اقترب أكثر، وقبّلها من شفتيها بنهم، فعضت على شفتها السفلى بخجل، لكنه غمز لها وهو يهمس:
شوفتي؟ تنشين! عارفة لو عملتي الحركة دي تاني... لولا إجازتك، مكنتش سيبتك.

نهض يدندن ودلف إلى المرحاض، بينما بقيت هي في الفراش، تنظر في أثره، ثم همست بحنق خجول:
آه يا سافل!

في مساء هادئ، اجتمع عاصم وسيلا على طاولة العشاء في منزلهما. كان الجو دافئًا، لكن نظرات عاصم حملت شيئًا مختلفًا هذه المرة. حاول أن يمهد لها الحديث بحذر، حتى لا يفاجئها الخبر دفعة واحدة.

نظر إليها بابتسامة خفيفة، ثم قال بصوت هادئ:
"حبيبتي، عاوز أقولك حاجة كده..."

رفعت عينيها إليه بابتسامة دافئة، وردّت برقة:
"قول يا حبيبي."

تنهد عاصم قليلًا، ثم تطلع إليها بجدية وقال مباشرة:
"عندي سفر بكرة ضروري... وهغيب أسبوع كده، مش أكتر بإذن الله."

توقفت يد سيلا للحظة، ثم سقطت الملعقة من يدها على الطاولة، وحدّقت فيه بصدمتها الصامتة قبل أن تهمس بارتباك:
"إيه؟! مسافر؟! لوحدك؟ وأنا؟!"



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close