اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثالث والعشرين 23 بقلم سارة علي 


                                    

الفصل الثالث والعشرون



+



"نعم يا راجي ... أريد طفلا منك .. هذه ستكون أمنيتي الأخيرة ... أمنيتي التي سأسعى بكل قوة لتحقيقها وسأنجح لإن عشقي لك يستحق أن يكتمل بطفل يجمع بيننا إلى الأبد ..."


+



صدمته بحديثها كانت صريحة ...


+



صدمة فشل أن يخفيها عنها ...


+



لم يتوقع هذا منها أو بالأحرى لم يكن هذا ما يريده ويخطط له ...


+



كان يسعى لشيء مختلف تماما ...


+



يريدها تحيا لوقت أطول معه وجانبه ..


+



يريدها أن تشفى بأي وسيلة كانت ...


+



منذ أن علم بمرضها وهو لم يتوقف عن البحث خلف علاجها ولم يفقد الأمل للحظة واحدة ...


+



هو الطبيب العاقل الواقعي دائما تجاهل واقعية حالتها الصحية وما تخبره به التقارير والفحوصات وتشبث بأمل واهي مقررا أن يتمسك بها بكل قوة ممكنة حتى يصبح حقيقة ساطعة ...


+



وبينما كان هو يسعى لتمهيد رغبته لها باللجوء إلى العلاج الذي ربما يحمل نتائج إيجابية لها كانت هي تسعى لشيء مختلف لم يخطر على باله فجل ما كان يشغله ويبحث خلفه هو علاجها ...!


+



" أتفهم دهشتك بما قلته ..."


+



نطقتها بهدوء ليقاطعها بثبات :-


+



" نعم ، أنا مصدوم جدا ربما لإن لم يكن هذا ما أسعى إليه ..."


+



إبتسمت تهتف بذات الهدوء :-


+



" ما تسعى إليه لن يحدث يا راجي وأنت تعلم ..."


+



تنهد بصمت بينما تسترسل هي بينما تحتفظ بذات الإبتسامة :-


+



" أعلم إنك كنت تخطط طوال الفترة السابقة لإقناعي باللجوء إلى العلاج ولكنك لن تستطيع ذلك لإنني أتخذت قراري بالفعل ... أريد أن أموت بسلام ... "


+



مسح على وجهه بكفيه وشعور العجز يتمكن منه مجددا ...


+



إنها المرة الأولى التي يتعرض بها لشعور كهذا حيث يقف عاجزا غير قادرا على قول شيء وذلك الإصرار في عينيها يكتفه بقوة ...


+



 تأملته بشفقة كبيرة وداخلها كانت تتمنى لو لا تفعل به ذلك لكن جميع الطرق مسدودة وهي كانت ولا زالت إمرأة واقعية بقدر يجعلها تدرك ما ينتظرها وتستعد له بثبات مثلما تسعى بكل قوة ممكنة للتشبث بأحلامها  مهما كانت بعيدة وحلمها الأول تحقق وهاهي تحياه بذات السعادة التي توقعتها بل ربما أكثر وتتمة هذا الحلم  يكمن في طفل سيكتمل بقدومه كل شيء حلمت به وحينها سترحل وهي في قمة رضاها ..


+




                      


                

قبضت على كفه تخبره بحرص :-


+



" لنعد إلى الفندق ونكمل حديثنا هناك ..."


+



اوىأ برأسه صامتا قبلما يخبرها بجدية :-


+



" أكملي عشائك أولا ..."


+



إبتسمت له ببساطة ثم تحركت عائدة إلى مكانها قباله فبدئا يتناولان الطعام ...


+



هي تتناول طعامها بشهية مفتوحة وهو يمثل ذلك بينما عيناه لا تفارقان ملامح وجهها الحبيبة وعقله لا يتقبل فكرة رحيلها عنه بعد شهور ربما ...!


+



مضى الوقت سريعا بين ترقبها وضياعه ...!


+



ضياع لا يشبهه ولا يليق برجل إعتاد أن يتعامل مع كل شيء بحكمة وهدوء ولكن أمام مرضها وحياتها التي باتت على محك إلى جانب عشقه لها تحول لرجل ضائع على وشك أن ينهزم لأول مرة في حياته ...


+



عادا إلى الفندق حيث أخذت هي حماما طويلا بينما بقي هو يفكر في حديثها فيرفضه مجددا ويصر على رغبته في علاجها أكثر ...


+



هي لا تفهم صعوبة رحيلها عنه ...


+



لا تستوعب إنه سيضيع دونها ...


+



في المرة الأولى لم ينهر ويفقد ثباته بعد رحيلها عنه لإن الوضع برمته كان مختلفا أما اليوم بعدما ذاق حلاوة قربها وتعلق بوجودها في حياته سيكون رحيلها قاسيا بشكل ربما لن يتحمله ...


+



راقبها وهي تغادر دورة المياه حيث ترتدي قميص نوم قصير بالكاد يغطي منتصف فخذيها ذو حمالات رفيعة  وفتحة صدر واسعة ...


+



خصلاتها السوداء المموجة كانت مبللة وقد تركتها حرة خلف ظهرها بينما أخذت مكانها جانبه ...


+



دون مقدمات عانقت كفه بكفها ثم أخبرته بجدية :-


+



" إسمعني يا راجي ... أنت لم تتوقع ما قلته ... حديثي كان مفاجئا وأنا أتفهم ذلك ولكنها أمنيتي الأخيرة ... أنا أريد طفلا منك يا راجي وسأفعل المستحيل لأحصل عليه مهما كلفني ذلك .."


+



تأمل إصرارها الذي يشع من عينيها بصمت لحظي قبلما يهتف بهدوء جاد :- 


+



" حتى لو قلت إنني لا أقبل ..."


+



تجمعت الدموع في عينيها سريعا ما إن صرح برفضه ليسارع بجذبها نحو صدره يخبرها برجاء :-


+



" إسمعيني أولا ... من فضلك ..."


+



إبتعدت من بين أحضانه تخبره بعدما أخذت نفسا عميقا :-


+



" أسمعك يا راجي ..."


+



" لقد تحدثت مع طبيب مشهور في لندن ... ستبدئين علاجك معه ... سنفعل المستحيل كي تشفي يا نغم .. "


+




        


          


                

تنهد يضيف برجاء :-


+



" فقط ساعديني وتمسكي بهذه المحاولة عسى ولعل تنجح ... أرجوك ...!"


+



إنتفضت تهتف ودموعها شقت طريقها فوق وجنتيها :-


+



" أخبرتك إنني لا أريد ... لماذا لا تفهم عليّ ...؟!"


+



نهض من مكانه بدوره يخبرها بينما يحاوط جسدها بذراعيه :-


+



" حبيبتي إفهميني ... أنا أسعى بكل الطرق الممكنة لنبقى سويا ... أنا لا أريد أن نفترق مجددا .. ليس بعدما تجاوزنا كل الحواجز التي حرمتنا من بعضنا لسنوات .."


+



" إنه قدرنا يا راجي .."


+



قالتها بجدية ثم أضاف بنبرة متحشرجة :-


+



" قدرنا الذي فرقنا لأول مرة بسبب ظروف خارجة عن إرادتنا ثم عاد وجمع بيننا رغم كل الصعوبات .... "


+



" لمَ لا نحاول ...؟! "


+



سألها بملامح مترجية لتتحرر من ذراعيه اللتين تحاوطانها فتقابله في وقفته ثم تمسح دموعها بأناملها سريعا قبلما تحادثه :-


+



" لنفترض إنني فعلت ما تريده وجربت العلاج .. هل تعتقد إنه سينجح حقا ..؟! ولنفترض إنه نجح ... مالذي سيحدث ...؟! سيطيل عمري قليلا ... يمنحني بضعة سنوات أخرى سأقضيها في عذاب المرض وعلاجه المؤلم ...."


+



أضافت ودموعها عادت تتساقط بغزارة :-


+



" وبالطبع العلاج سيجعلني أخسر فرصتي في الإنجاب وربما لن أحمل بعدها مهما حدث ... "


+



أخذت نفسا عميقا ثم قالت بإصرار :-


+



" أنت كنت تعلم قراري منذ البداية يا راجي ... لا يمكنك أن تنكر ذلك .."


+



" قرارك خاطئ يا نغم ... لا يوجد شيء مستحيل ... نتوكل على الله وهو بإذنه تعالى سيشفيكِ ..."


+



" ونعم بالله ..."


+



تمتمت بها بخفوت ثم أضافت بجدية :-


+



" لا أنكر إنه لا يوجد شيء مستحيل بوجود الله سبحانه وتعالى لكنني لست مستعدة لما تطلبه مني ولا أريده ..."


+



تقدمت نحوه وحاوطت وجهه بكفيها تخبره بصدق :-


+



" أنا إكتفيت بما نلته .. سعيدة بما عشته معك وراضية لما آلت إليه حياتي .. صدقني يا راجي ... أنا راضية بموتي مهما كان قريبا وأنت يحب أن تساندني في قراري لإنه ما أريده حقا ... "


+



قبض على كفيها يخفضهما للأسفل بينما يخبرها بصوت مبحوح :-


+



" وماذا عني ...؟! ماذا لو علمتِ إنني لم أكتفِ بعد ..؟! كيف تطلبين مني مساندتك فيما سيحرمني منك يا نغم ..؟!"


2




        

          


                

همست تسأل  بيأس :-


+



"وهل ستتحمل عذابي ومرارة ما أحياه لو وافقتك ولجأت للعلاج ..؟!"


+



أكملت وعيناها تذرفان دموع القهر :-


+



" لا طاقة لي بذلك يا راجي .. أبدا ... "


+



إسترسلت بصعوبة :-


+



" العلاج ليس مضمون ... وأنا لست مستعدة للمجازفة ... لست مستعدة للمحاربة ... قل عني ضعيفة ... قل عني جبانة ... قل عني ما تريد ... "


+



أخذت نفسا عميقا ثم قالت بخفوت :-


+



" لطالما كنت أكثر من يفهمني .. نغم التي تعرفها لن تتحمل تبعات العلاج وآثاره المؤلمة عليها ... نغم التي تعرفها تريد الموت بسلام محتفظة بصورتها الأخيرة اللامعة في عيون جميع من حولها فيبقوا يتذكرونها كما هي بكل جمالها وحيويتها وبهائها  ..."


+



أنهت حديثها وغرقت في موجة بكاء صامتة مزقت قلبه ورغما عنه تفهم موقفها وإن كان داخله لا يرضيه ...


+



اتجه نحوها وجلس جانبها ثم جذبها نحوه لتبكي فوق صدره بنشيج خافت ...


+



" حسنا إهدئي يا نغم .."


+



تمتم بها برجاء وهو يحرك أنامله بحنو فوق ظهرها ليضيف وأنامله تتخلل خصلات شعرها هذه المرة :-


+



" توقفي عن البكاء .. "


+



حاوط وجهها الباكي بين كفيه يهمس بصدق :-


+



" إنه شهر عسلنا يا نغم ... ليس جميلا أن ينتهي بالبكاء .."


+



تنهد ثم منحها إبتسامة صادقة :-


+



" عاهدت نفسي منذ اللحظة التي تزوجتكِ بها ألا تذرفي دمعة واحدة طالما أنتِ معي .."


+



" سامحني يا راجي .."


+



قالتها بتوسل بائس وهي تضيف بوجع بعدما إبتعدت قليلا عنه :-


+



" سامحني لإنني كنت أنانية في عشقك .. لكنني عشقتك ... "


+



أضافت بصوت باكي :-


+



" والله عشقتك بكل كياني فكنت ترياقي الذي لا حياة لي بدونه ..."


+



جذبها نحو صدره مجددا يعتصرها داخل أحضانه بينما العبرات ملأت عينيه فأخذ نفسا عميقا كي يسيطر على عبراته ثم قال :-


+



" وأنا أعشقك يا نغم ... أعشقك بحق ..."


+



أبعد وجهها قليلا ليمسح عبراتها بأطراف أنامله ثم يخبرها بحب خالص :-


+




        

          


                

" سأفعل ما تريدينه يا نغم ... سأقدم لك السعادة التي تستحقينها أيا كانت نتائجها ..."


+



تنهد مجددا متجاهلا الغصة التي تمكنت منه بينما يسترسل بجدية :-


+



" فقط عديني أن تراجعي قرارك هذا مجددا ولكن بكل الأحوال أنا معك حبيبتي ..."


+



عادت تتمسك بأحضانه ودموعها ما زالت تتساقط بغزارة ورغم ذلك تشكلت إبتسامة فوق ثغرها وهي ترى مدى حبه لها وحرصه على سعادتها وراحتها حتى لو على حساب نفسه ...


+



وكان هذا جل ما أرادته في حياتها وتمنته لأعوام ...!


+



**


+



في المشفى ..


+



تجلس بجانب ولدها تتأمله بعينين تذرفان العبرات بينما يجاهد هو لتهدئتها رغم آلمه الجسدي الشديد فآثار الإعتداء الذي ناله ما زالت في ذروتها ..


+



" ماما من فضلك توقفي ..."


+



" لا أستطيع ..."


+



تمتمت بها بصوت مبحوح باكي ودموعها ما زالت تشق طريقها فوق وجنتيها ..


+



لم تكن زمرد الهاشمي امرأة تلجأ إلى البكاء والعويل مهما بلغت صعوبة الظرف الذي تحياه ...


+



لا يتذكر أثير إنه رآها تبكي إلا في مرات لا تتجاوز عدد أصابع الكف وإحدى تلك المرات كانت يوم وفاة جده والثانية يوم وفاة جدته ومرات أخرى نادرة ...


+



وهاهي اليوم تبكي بإنهيار يؤلم قلبه بشدة فرغم كل شيء تبقى والدته هي حبيبته التي لا يتحمل حزنها أبدا ولا يرتضي وجعها مهما حدث ..


+



همس بصوت خافت مبحوح :-


+



" لا تبكي ... بكاؤك يتعبني أكثر ..."


+



سارعت تسحب منديلا من حقيبتها الصغيرة تجفف به عبراتها بينما تهتف بلهفة :-


+



" حسنا حبيبي سأتوقف .. إعذرني يا روحي .. ما زلت لا أصدق ما تعرضت له ..."


+



عادت الدموع تملأ حدقتيها وهي تضيف :-


+



" كدت أموت يا أثير ... والله ما كنت سأحيا بعدك ... الحمد لله الذي عافاك ... الحمد لله ..."


+



تقدمت سولاف وعانقتها من الخلف ثم قالت بعدما طبعت قبلة فوق وجنتها :-


+



" بالله عليكِ يكفي .. هاهو بخير والحمد لله ..."


+



أضافت تتأمل وجه شقيقها الشاحب بشدة :-


+



" كلها أيام قليلة وسيغادر المشفى بإذن الله ..."


+




        

          


                

إبتسم أثير بصمت ثم قال بتروي :-


+



" يجب أن ترتاحي يا ماما ... وأنت كذلك يا سولاف ..."


+



" لن أتحرك خطوة واحدة من هنا إلا وأنت معي ..."


+



قالتها زمرد بإصرار ليغمض أثير عينيه بقلة حيلة بينما تهتف سولاف برجاء :-


+



" أنت تتعبينه بهذه الطريقة يا ماما ..."


+



" أنا ...؟!!"


+



قالتها زمرد مستنكرة لتهمس سولاف بجوار أذنها :-


+



" هو سيقلق عليكِ كثيرا خاصة والإرهاق يظهر بوضوح عليك ..."


+



تجاهلتها زمرد بعدم إهتمام وهي تعاود الإبتسام بضعف لولدها عندما طل راغب بجوار والدته وزوجته حيث الأخيرة لم يسبق لها زيارته الفترة السابقة ولم تأتِ حتى لمواساة زمرد بسبب الجفاء الصريح بينهما ..!


+



كانت همسة لا تحب زمرد لعدة أسباب متعلقة بالماضي وبالكاد تجاملها عندما تأتي لزيارتهم ومن حسن حظها إن راغب لم يكن يضغط عليها أو يجبرها على غير ذلك ..


+



سارت همسة خلف زوجها بينما تقدمتهما زهرة وهي تميل نحو أثير تتحمد له سلامته قبلما يأتي دور راغب الذي وقف بجانب زوجته قباله يخبره مبتسما بود :-


+



" الحمد لله على سلامتك .."


+



ثم مازحه بخفة ولم يغب عنه تعب ملامحه فبدا مختلفا قليلا عن الشاب القوي الذي عرفه بكل قوته و  عنفوانه  :-


+



"  أخفتنا عليك يا ولد ..." 


+



ابتسم أثير مرددا بخفة :-


+



" الحمد لله أصبحت أفضل بكثير ..."


+



تمتمت همسة بنبرتها الرقيقة المعتادة :-


+



" الحمد لله على سلامتك ..."


+



رد أثير عليها بنبرة ودودة ورغما عنه تذكر شقيقتها فتأرجحت مشاعره بين الغضب والضيق وجزء داخله كان يؤنبه فتلك التي  تقف أمامه لا تدري ما فعله بشقيقتها الوحيدة مثلما لا يدرك راغب ما يحدث خلف ظهره ...


+



داخله يعلم إنه لو عرف لربما قتله فمكانة هالة لديه خاصة جدا وهو لن يغفر له ما إقترفه في حقها في الآونة الأخيرة وإن كانت تستحق ....!


+



عاد يتأمل راغب الذي يتحدث مع والدته بينما زوجته جلست بجانب حماتها تتبادل الأحاديث مع سولاف ليعاود تأملها مجددا ولأول مرة يدقق في تفاصيلها فلم يغب عنه بعض  التشابه في الملامح الذي يجمع بينها وبين شقيقتها فكلتيهما تميزتا ببشرة ثلجية وجمال واضح  مع إختلاف لون العينين والشعر وطبيعة الملامح ...


+




        

          


                

فهمسة ذات ملامح رقيقة ناعمة ونظرات هادئة سمحة عكس حبيبته بملامحها الحادة وعينيها الشرستين واللتين تشعان قوة وغرور ...


+



لم يغب عنه الإختلاف في شخصيتهما كذلك فالكبرى هادئة خجولة قليلا ولطيفة جدا عكس الصغرى التي لم تكن يوما لطيفة على الإطلاق وتمتلك شخصية قوية حادة وثقة مطلقة في نفسها ويظهر ذلك بوضوح في تصرفاتها ونظراتها و نبرة صوتها وطريقة جلوسها حتى ...


+



كانتا مختلفتين بشكل كبير عن بعضهما ولم يكن يعلم إنه رغم الإختلاف الظاهري لكنهما تتشابهان في الكثير من الصفات التي لا يدركها إلا من يعاشرهما سويا ...


+



تجاهل أفكاره تلك وعاد يتحدث هذه المرة مع راغب بينما جلست زمرد مع زوجة خاله وهمسة ...


+



حوالي ثلث ساعة وغادروا بعدما تحمدوا له سلامته مجددا ليبدأ بعدها الزوار في التفاود حتى أتى كلا من فيصل وتوليب معا ليمازحه الأول :-


+



" هيا يا باشا .. متى ستغادر المشفى ...؟! لم نعتد أن نراك هكذا ..."


+



ابتسم أثير وأخذ يناوشه في مزاحه هو الآخر رغم إرهاقه بينما إنفردت زمرد بتوليب تسألها عن خطيبها قبلما تخبرها ببرود :-


+



"تطلقي يا توليب ... إهربي من هذه الزيجة بسرعة  قبلما تتورطين معه أكثر ..."


+



هتفت توليب بنبرة مدهوشة :- 


+



" مالذي تقولينه يا عمتي ..؟! لا أصدق إنك من تقولين هذا ..!! كنت سعيدة للغاية بهذه الزيجة وشجعتي بابا وماما عليها بشدة ولم تتوقفِ عن مدح ميزات الزواج من إياس إبن عائلة الصواف ذات المكانة الرفيعة ..."


+



" ذلك كان مسبقا ... قبلما يحدث ما حدث ويتورط إياس بهذا الحادث الذي نجهل مصيره بعد  ... ماذا تنتظرين ..؟! هل ستبقين على ذمته حتى يدخل السجن رسميا ..؟!"


+



" عمتي من فضلك ...!!"


+



قالتها بوجوم لتهدر :-


+



" تعقلي يا فتاة ... الشاب بات غير مضمونا  ...ولا أحد يدرك مصيره ... ناهيك عما سيؤدي إليه هذا الحادث فيما بعد  وكيف سيؤثر على مستقبله المهني وكذلك السياسي ... ربما سيكون هذا الحادث سببا لوقوعه خاصة إن منافسيه سيستغلون الحادث جيدا ... إتركيه منذ الآن أفضل لك وإختاري شابا بلا مشاكل ولا يرتكب أخطاء قد تدمر مستقبله ... "


+



تنهدت توليب بضجر خفي من حديث عمتها الذي لم تستغربه ففي النهاية هذه زمرد الهاشمي ورغم حبها الشديد لعمتها إلا إنها لم تتفق يوما مع طريقة تفكيرها ونظرتها الفوقية الدائمة ..


+



 تبادلت النظرات مع سولاف التي رفعت لها حاجبها بتحذير تخبرها بصمت ألا تتأثر لتبتسم توليب لها بشكل خاطف فالصغيرة لا تعرفها جيدا فهي آخر من يتأثر بكلام من حوله ويتخذ قراراته بناء على ذلك ...


+




        

          


                

" في الحقيقة عمتي موضوع إياس تم حله على خير ونحن الآن نستعد لتحديد موعد الزفاف ..."


+



وقبلما تتحدث زمرد كانت طبيبة شابة تدلف إلى المكان ملقية التحية بهدوء قبلما تتجه نحو أثير كي تباشر بفحصه بينما تأملتها كلا من توليب وسولاف بإهتمام وعين الأنثى لديهما أُعجبت بتلك الهالة الجذابة التي تحيط بالطبيبة الحسناء ذات الملامح الجادة بينما كانت عينا فيصل تتفحصانها من رأسها حتى أخمص قدميها بدءا من خصلات شعرها المصففة بعناية وملامح وجهها ذات الجمال الخاص ثم ملابسها الأنيقة جدا وكعب حذائها العالي ...


+



غرق في تأملها وتلك الطبيبة بجمالها وجاذبيتها أعجبته كالعادة فسارع يعدل من هندامه بينما الأخيرة منهمكة في فحص المريض لتنتبه توليب إليه فتكتم ضحكتها وهي تراه يسألها بإهتمام جاد عن حال المريض بينما تجيبه الأخيرة بعناية غير منتبهة لنظراته بل ما زالت توجه إنتباهها الكامل لأثير وهي تجيب على حديثه قبلما تتحرك بعدها مغادرة الغرفة دون أن ترفع عينيها في وجهه ولو للحظة واحدة فتجهمت ملامح فيصل بضيق فهو إعتاد أن يكون محط أنظار أي فتاة يمر في طريقها فينتبه إلى شقيقته التي تشاكسه بإبتسامتها  لتشتعل عيناه بتحذير جعلها ترفع كفها بعلامة الإستسلام قبلما تتجه نحو عمتها تقبلها من وجنتيها ثم تودع أثير ويفعل فيصل المثل ليتحرك كلاهما و معهما سولاف التي ما مازحت توليب :-


+



" إياك أن تهتمي بكلام ماما ... هي لا يعجبها العجب ..."


+



ابتسمت توليب تخبرها :-


+



" صدقيني لست من النوع الذي يهتم بكلام أي شخص يا سولاف ..."


+



ضربت سولاف كفها بكف توليب وهي تخبرها بمرح :-


+



" أحسنت يا فتاة ... هذه تولاي التي أعرفها ..."


+



أكملت بصوت خافت:-


+



" وماما تحديدا لا يؤخذ على كلامها لإن نظرتها للأمور واحدة ومقياسها واحدا .."


+



ابتسم فيصل يخبرها بخفة :-


+



" لماذا أشعر بأن لا أحد سيجلط عمتي يوما ما غيرك يا سوفي ...؟!" 


+



عبست ملامح سولاف تهدر به :-


+



" توقف عن هذا الدلع الغبي يا فيصل ..."


+



هتف فيصل مشاكسا:-


+



" ماذا أناديك إذا ..؟! فوفا أو سلوفة ..."


+



عقدت سولاف ساعديها أمام صدرها تخبره ببرود :-


+



" نادني كما تحب يا فيصو ..."


+




        

          


                

" ماذا ..؟!"


+



صاح بها رافضا لهذا الدلع بينما قبضت توليب على ذراعه تعاتبه :-


+



" توقف عن مزاحك يا فيصل ..."


+



شمخت سولاف بذقنها بينما همس هو  لنفسه :-


+



" لا بأس... إنها تصغرك بتسعة أعوام ... لا تنسى ذلك ..."


+



ثم منحها إبتسامة باردة صفراء بينما ودعتها توليب لتتابعهما سولاف بعينيها حتى غادرا لتضحك بمرح قبلما تجد كلا من مهند وعادل حيث يأتيان سويا كعادتهما يتقدمان نحوها فعبست ملامحها رغما عنها عندما تذكرت رفض عادل لطلبها في أن تقابله ...


+



إشتعلت عيناها بلهيب حاد وعيناها تلتقيان بعيني عادل الذي إبتسم بتروي ولم يغب عنه ما يراه وعلى ما يبدو إن الصغيرة  لم تغفر له رفضه لطلبها بعد لكنه كان لابد أن يفعل هذا كي يتخلص من أسئلتها التي ستحرجه وهو لا يريد أن يفشي أي سر يخص صديقه كما إعتاد   ...


+



" كيف حالك ..؟!"


+



تمتم مهند بها لتجيبه وهي ترمق عادل بنظرات حادة مقصودة :-


+



" بخير يا مهند ..."


+



هز عادل رأسه بتحية وإبتسامته الهادئة ما زالت فوق ثغره قبلما يتقدم بجانب مهند إلى الداخل لتهتف سولاف من بين أسنانها :-


+



" بارد يا عادل ... ومزعج ... "


+



وقبلما تدلف إلى الداخل فوجئت بالجدة فريدة تسير نحوها مستندة على خادمتها لتركض سولاف نحوها سريعا وهي تسأل بقلق :-


+



" مالذي أتى بك يا جدتي ..؟!"


+



صاحت الجدة بنزق :-


+



"ألا تريدين مجيئي يا إبنة زمرد ...؟! هل كنتما ستخفيان عني الأمر للأبد ..؟!"


+



ثم إندفعت إلى الداخل وهي تهدر:-


+



" لأطمئن على حفيدي أولا وحسابكم جميعكم عسير بعدها وأولكم ولدي المبجل ...!"


+



**


+



تأففت زمرد بحنق بينما تستمع لوصلة التأنيب والعتاب الحادة من حماتها والتي كالعادة صبت جم غضبها فوق رأسها لتهتف زمرد أخيرا بحنق :-


+



" أليس من الأفضل أن تعاتبي ولدك يا حماتي ..؟!"


+



هدرت فريدة بحزم :-


+



" لا تجادلي يا هذه ... أنت رأس البلاء وتتحدثين .. كنت تتعمدين إخفاء الأمر عني .."


+



أضافت بحسرة :-


+



" أما ولدي فهو مسكين .. الله يعلم كيف كان حاله وما يعيشه والخطر يحاوط إبنه ..."


+




        

          


                

أضافت بعصبية :-


+



" بالكاد كان يتماسك لأجل ولده المصاب فلا وقت لديه ليتحدث معي .." 


+



" هو يعاني وأنا كنت ألعب التنس ...؟!!!"


+



إنطلقت ضحكات سولاف عالية بينما تبادل كلا من عادل ومهند النظرات بينهما وكلاهما يجاهد ليكتم ضحكاته أما أثير فتنهد بضجر مما يحدث حوّله لتهدر فريدة بحفيدتها :-


+



" توقفي عن الضحك يا إبنة أمك .."


+



وضعت سولاف سريعا كفها فوق فمها تكتم ضحكتها لتضيف فريدة بدموع ملأت عينيها :-


+



" حتى أنتِ يا سولاف ... أخفيت عني الأمر مثل والدتك .. كذبت علي ..."


+



سارعت سولاف تتقدم نحوها تحاوطها بذراعيها وهي تهمس برجاء :-


+



" لا تحزني يا جدتي ... والله خفت عليك ..."


+



أكملت بخفوت  :-


+



"أنا أساسا أردت إخبارك لكن بابا وماما هدداني ومنعاني قسرا ألا أخبرك بما حدث ..."


+



لوت شفتيها تضيف ببؤس خادع :-


+



" ولكنهما فعلا هذا لأجلك ... خشيا عليكِ من وقع الصدمة .."


+



أخبرتها فريدة وهي تلوي فمها :-


+



" والدتك يا عزيزي تتمنى لو كنت تعرضت لنوبة قلبية أودت بحياتي بسبب وقع الصدمة ولكنه والدك حبيبي يخشى علي ..."


+



ابتسمت سولاف بصمت بينما عادت فريدة تثرثر مع أثير وهي تسأله بين كل دقيقة والثانية إذا ما كان يشعر بأي آلم أو يعاني من أي شيء كان بينما يطمأنها أثير في كل مرة ويؤكد لها إنه بخير ...


+



غادر بعدها كلا من مهند وعادل بينما أصرت فريدة على البقاء معهم حتى أتى حاتم والذي دلف إليهم بملامح شديدة الوجوم ...


+



سارع يتجه نحو والدته يقبل كفها ورأسها بإحترام خالص كعادته ووقف صامتا واجما أمام وصلة تأنيبها ليأتي دور زمرد التي هتفت بضيق :-


+



" أين كنت يا حاتم طوال اليوم ..؟!"


+



رد بنبرة مقتضبة :-


+



" كنت في عملي يا زمرد .."


+



" ألا يمكنك أن تترك عملك قليلا لأجل ولدك ..؟!"


+



صاح حاتم بصوت مرتفع قليلا :-


+



" مالذي سأتركه ...؟! الوزارة أم الشركة ...؟!"


+



هتفت فريدة بحدة :-


+



" ما شأنك به ...؟! إنه رجل لديه مسؤوليات عديدة لا يستطيع تركها ...."


+




        

          


                

لم يغب عن أثير ضيق والده المريب بينما هتفت زمرد ببرود :-


+



" لا يوجد شيء أهم من ولده .. فلتحترق الشركات و لتحترق الوزارة بأكملها .. ما يهم ولدي ..."


+



قاطعها حاتم يهدر بحدة :-


+



" يكفي يا زمرد ..."


+



نبرته تلك كانت مختلفة عن المعتاد لكنها تعرفها جيدا بل تحفظها عن ظهر القلب وهذه النبرة تحديدا تمثل لها جرس الإنذار الذي يجعلها تتراجع عن كل شيء وتكتفي بالصمت والخضوع ...


+



بينما تلاقت نظراته بنظرات ولده المترقبة ليرى في عيني والده غضب ممزوج بوعيد فوالده عرف اليوم هوية الشخص المتسبب بما حدث بل عرف الكثير كذلك ...


+



والده الذي لن يتهاون بكل ما جرى في الآونة الماضية ..


+



والده الذي قرر أن ينهي هذه المهزلة بنفسه هذه المرة فهذه الحكاية يجب أن تنهي بشكل مرضي لأطرافها الثلاث وليس ولده فقط ...


+



ولده الذي تجبر فبات ظالما في حق آخرين ...


+



ولده الذي سيتعلم منذ الآن فصاعدا أن يخضع لقراراته وسلطته فإن كان هو فاقدا لضميره وجبروته وقسوته تمكنا منه فما زال هو يمتلك ضميرا حيا لن يرتاح حتى يعالج ما حدث قدر المستطاع ...


+



**


+



انتشر الخبر كالنار في الهشيم ...


+



إبن أحد الوزراء وأهم رجال الأعمال في البلاد يتعرض لهجوم ضاري كاد أن ينهي حياته على يد أحد الشبان الذي إعترف بنفسه عن جريمته التي ما زالت أسبابها مجهولة ...


+



ألقت الجريدة بعنف بينما أخذت تتحرك داخل جناحها بملامح ثائرة ...


+



تتسائل عن هوية ذلك الشاب وداخلها تدرك إنه هو ولكن لماذا إعترف وماذا سيعني ذلك ...؟!


+



جلست فوق سريرها مجددا تجاهد لتكتم عبراتها والخوف ينهش روحها بلا رحمة ...


+



هل سينكشف ماضيها ...؟!


+



هل سيعلم الجميع بما يحمله الماضي ..؟!


+



كيف ستتصرف حينها ...؟!


+



كيف ستبرر ...؟! وهل يوجد مبرر من الأساس ...؟!


+



شعرت بأنفاسها تختنق بشدة داخل صدرها وفكرة أن يعلم الجميع بالماضي ترعبها ...


+



مالذي سيحدث حينها ..؟!


+



كيف ستنظر في وجوههم ...؟!


+




        

          


                

وراغب ..؟! ماذا عن راغب ..؟!


+



ملأت العبرات عينيها وفكرة أن تخسره ترعبها ...


+



شقيقتها الأخرى ربما ستنال نصيبها من هذا ...


+



لعنته في سرها .. 


+



لعنت أثير لمرات ثم أخذت تلعن كرم ثم هايدي وأخيرا بقيت تلعن نفسها دون توقف ...


+



إنتفضت برعب على صوت رنين هاتفها ...


+



أجابت على الرقم الغريب بملامح متوترة ليأتيها صوت هايدي السام تصرخ بأعلى صوتها حتى شعرت بطبلة أذنها على وشك أن تتمزق :-


+



" هل رأيت ما حدث ...؟! شقيقي سيسجن بسببك ...؟! بالتأكيد قرأت الخبر ..."


+



تساقطت دموع هالة بغزارة والرعب عاد يملأ قلبها دون رحمة ...


+



شعرت بقلبها سيتوقف من الفزع بينما هايدي تهدد كعادتها :-


+



" تصرفي يا هالة ... دعي ذلك الحقير ينقذه ... هل فهمت ..؟!"


+



سقط الهاتف من يدها وسقطت هي جانبه تبكي بنحيب مؤلم ...


+



ما تعايشه الآن لا يُحتمل ..


+



لم تعش خوفا وآلما كالذي تعايشه حاليا ...


+



مالذي فعلته لتحيا كل هذا ..؟!


+



ربما أذنبت لكن دون قصد ...


+



ربما أخطأت عندما إرتبطت بأثير سرا لكنها تعلقت به وأحبته رغما عنها ...


+



قلبها الفتي وقع في غرامه ...


+



أحبته بصدق وكانت تحلم بحياة مثالية معه ...


+



حياة خططت لها بحماس وفرحة سرعان ما هدمتها والدته فوق رأسها بعدما قهرت روحها وكسرت كبريائها وهشمت كرامتها فبسببها شعرت لأول مرارة اليتم وتمنت لو لم تحيا دون والديها وهي التي إعتادت أن تكون شامخة قوية لا ُتخذل ولا ُتهان لتأتي زمرد الهاشمي وتهينها بكل جبروت وتستحقرها بأسوأ طريقة ...


+



ذبحت كرامتها وجعلها تشعر بالحسرة على حالها لأول مرة في حياتها ...!


+



يومها إختارت الفراق دون رجعة ...


+



فراق نالت هي نصيبها من مرارته ...


+



حتى أتى كرم ودخل حياتها وأدخل معه البهجة ...


+



كان صديقا رائعا وتعلقت بوجوده في حياته ثم تدخلت المشاعر بعدها وليت هذا لم يحدث فعلى الأقل ما كانت ستخسره وكان سيبقى صديقها الودود المقرب ...!


+




        

          


                

كرم الذي دمرته رغما عنها وهي التي لم تكن تريد سوى حمايته فهي أكثر من تعلم عن بطش الآخر وجبروته وما يمكنه أن يفعل ...


+



إنتحبت بوجع وتمنت لو تحدث معجزة وتنتهي حياتها في هذه اللحظة ...


+



ربما حينها سيرتاح كليهما ...


+



ربما هي لعنة وجودها مضر لهما ..


+



لا تعرف كم بقيت على هذا الوقت قبلما تنتفض من مكانها متجهة لدورة المياه حيث غسلت وجهها بالمياه الباردة بعنف قبلما تجففه بخشونة ثم تتحرك وتغير بيجامتها بأول ملابس وجدتها أمامها ... 


+



غادرت القصر وهدفها شركة العائلة ..


+



ستخبر راغب بكل شيء ...


+



ستصارحه بما حدث في الماضي وكذلك الحاضر ...


+



لن تخضع لتهديدات هايدي مجددا ولن تبقى تعاني ويلات ماضي تخشى أن يظهر للعلن ...


+



ستكشف كل شيء بنفسها وستتحمل ما سينتج بعدها مهما كلفها ذلك ...


+



إندفعت إلى داخل مقر الشركة و إتجهت نحو المصعد عندما صدح صوت رنين هاتفها بينما تقف هي أمامه تنتظر هبوطه لتتأفف بغضب ثم تخرجه لتجد رقما غريبا يتصل بها ...


+



" أووف يا هايدي ..."


+



أرادت أن ترفضه لكنها تراجعت مقررة أن تجيبها وتخبرها بوضوح إنها ستخبر الجميع بكل شيء فلا داعي لمزيد من التهديدات لكنها فوجئت بصوت رجولي رخيم يخبرها بهدوء :-


+



" مرحبا يا هالة ... معك حاتم الهاشمي ... هل يمكننا أن نلتقي ...؟!"





+



**


+



إنتهت ماذي من إعداد حقائبها ثم تحركت تغادر غرفتها متجهة إلى حيث غرفة من تكون زوجة زوجها ...


+



زوجها الذي ستغادر حياته بعد قليل ..


+



زوج بالإسم فقط ..


+



زوج لم تعترف به يوما ولكن داخلها كان هناك جزء ممتن له فهو قدم لها معروفا دون أن يرغب ولكنه سيظل سببا في تحررها من قيد شقيقتها ...!


+



طرقت ماذي باب غرفتها بحذر عندما طلت نانسي بعد لحظات بملابس نومها لتتجهم ملامحها وهي تسأل بضيق صريح :-


+



" ماذا تريدين ...؟! "


+



أجابت ماذي بإبتسامة باردة :-


+



" إمنحيني دقيقتين فقط لا غير لنتحدث ..."


+



تنهدت نانسي بسأم ثم فسحت المجال لها لتدخل ...


+




        

          


                

أغلقت الباب وتبعتها لتتأملها ماذي بإهتمام بقميص نومها الرقيق من الستان الوردي والذي يظهر نحافة جسدها الواضحة ...


+



خصلاتها الشقراء المنسدلة على جانبي وجهها بجانب عينيها الخضراوين الجذابين وملامحها الرقيقة ففكرت إن صلاح غبي ليضيع تلك الشقراء الجميلة من يديه لتقول ببديهية :-


+



" أنت جميلة وصلاح أحمق بالتأكيد لإنه تركك وسافر مسبقا ..."


+



عقدت نانسي ساعديها أمام صدرها وهتفت بضجر :-


+



" ماذا تريدين ..؟! تحدثي بسرعة ..."


+



" حسنا إهدئي قليلا .."


+



قالتها ماذي مبتسمة ثم أضافت بخفة :-


+



" لا تتعاملي معي وكأنني ضرتك بالفعل .. أنت تدركين سبب زواجي من صلاح و ..."


+



قاطعتها نانسي ببرود :-


+



" أنا لا أعتبرك ضرتي بالفعل  يا ماذي لإنني لا أعتبر صلاح زوجي أساسا .."


+



ضحكت ماذي بمرح ثم قالت :-


+



" شئت أم أبيت سيبقى زوجك الذي أنجبتي منه بدل الطفل إثنين ..."


+



 " بالمناسبة أنا أعلم سبب زواجكما الحقيقي يا ماذي ..."


+



قالتها نانسي ببرود لترفع ماذي حاجبها تتسائل بخفة :-


+



" حقا ...؟!"


+



هزت نانسي رأسها بتأكيد لتخبرها ماذي بلا مبالاة :- 


+



" جيد ... لا أعتقد إن معرفتك بهذا يشكل صدمة لكِ ففي النهاية زوجك زير نساء و ..."


+



" لا أهتم .. بكل الأحوال لا أهتم صدقيني ..."


+



قالتها نانسي بثبات قبلما تضيف بتهكم بارد :-


+



" ولكن ما يثير دهشتي حقا هو ثباتك أمامي رغم معرفتي بما حدث بينكما و إستمرارك في الحديث دون أذنى ذرة خجل .."


+



" خجل ... لا أعرف عن تلك الكلمة سوى كيفية كتابتها وقولها ..."


+



ثم أطلقت ضحكة عالية جعلت نانسي تطالعها بقرف تجاهلته ماذي وهي تضيف بعدما توقفت عن الضحك :-


+



" على العموم أنا أتيت لأقدم لك نصيحة بسيطة من فتاة خبرة في أمور الرجال ..."


+



طالعتها نانسي بعدم إستيعاب لتضيف ماذي :-


+



" زوجك هذا تستطيعين أن تجعلينه كالخاتم في إصبعك  إذا ما تعاملت معه بالشكل الذي يناسبه ..."


+




        

          


                

" عفوا ...؟!!"


+



قالتها نانسي بعدم إستيعاب لتجد ماذي تتقدم نحوها ثم تقول بعدما باتت قبالها مباشرة :-


+



" من الواضح إنك لا تريدين الطلاق لأجل طفليك وأنا أدعمك في قرارك فلا ذنب للطفلين كي يعيشان بتشتت لا يناسب عمرهما الصغير ..."


+



أضافت متجاهلة الحنق الذي ملأ ملامح نانسي :- 


+



" صلاح رجل لطيف رغم كل عيوبه الظاهريّة ... ربما سيتعبك قليلا بسبب قلة مسؤوليته ولكنك تستطيعين تعديله قليلا مثلما تستطيعين التحكم به بسهولة ..."


+



نقرت جانب رأسها بأصابعها :-


+



" فقط إستخدمي ذكائك ومكرك جيدا ..."


+



ثم هبطت بأناملها تنقر فوق الفراغ فوق ثدييها :-


+



" وبالطبع جسدك وجمالك الخلاب فصلاح متعته تكمن في ذلك ..."


+



" ماذا تقولين أنت ..؟!"


+



صاحت بها نانسي وهي تدفع أناملها بعيد عنها لتخبرها ماذي بجدية :-


+



" أقول لمصلحتك ...جسدك سلاحك أمام رجل مثله .. فقط إرضيه في العلاقة الحميمية وسيخر واقعا على ركبتيه أمامك لا يريد سوى رضاكي فصلاح يقدس هذا الأمر وذلك يعني كلما متعته أكثر كلما سيطرتي عليه أكثر ..."


+



" إخرجي من هنا .."


+



صاحت بها بصوت جهوري لتضحك ماذي بخفة ثم تخبرها قبلما تغادر :-


+



" صدقيني أقول هذا لأجلك ... كي تكسبيه في صفك ... في النهاية هو والد طفليك ولا ننكر إنه رجل لطيف وووسيم ..."


+



غمزت لها بعينها قبل خروجها لتهمس نانسي بملامح مكفهرة :-


+



" سافلة ومقرفة ... "


+



أما في الخارج فغادرت ماذي المكان وهي تضحك وتحدث نفسها قائلة :-


+



" حمقاء ... لو كانت تفهم قليلا لجعلته كالخاتم في إصبعها ..."


+



ثم إتجهت بعدها إلى الطابق السفلي ومنه إلى الحديقة الخارجية حيث كان يتناول شريف فطوره هناك كعادته في هذا الوقت المبكر من الصباح ...


+



" صباح الخير .."


+



قالتها بنبرة ناعمة ليرفع شريف وجهه من فوق جهازه اللوحي فيهتف بهدوء :-


+



" صباح النور ..."


+



" هل أجلس ..؟!"


+



سألته وهي تبتسم بوداعه ليخبرها :-


+



" بالطبع تفضلي ..."


+




        

          


                

جلست قباله ثم  منحته إبتسامة رائقة لم يفهم مغزاها لكنه حافظ على هدوء ملامحه عندما أضافت بنبرة خاصة :-


+



" أتيت لأشكرك على ما فعلته لي منذ ذلك الحادث ...."


+



أضافت بنبرة رقيقة :-


+



" كما أشكرك على الشقة التي وفرتها لي وإصرارك على دفع مؤخر صداقي رغم إنني كنت أنوي التنازل عنه ..."


+



" هذا حقك .. لا شأن لي فيما كان يدور بينك وبين صلاح ..."


+



أضاف بجدية :-


+



" كما يمكنكِ أن تمكثي في تلك الشقة الوقت الذي تريدينه ..."


+



حمحمت قائلة :-


+



" لن أبقى طويلا .. فترة قصيرة وسأغادر ..."


+



أكملت بجدية :-


+



" وجدت عملا وسأحصل منه على أموال جيدة .. فقط ليستقر وضعي المادي قليلا ثم أسارع حينها وأبحث عن شقة مناسبة ..."


+



" بالتوفيق لك .. "


+



قالها بصوته الرخيم وهو يضيف بملامح تحمل حزما :-


+



" وأتمنى ألا تتقاطع طرقك مع صلاح مجددا ولا معنا .. يعني نحن عائلة كما ترين لدينا أصول وقواعد ولا نحب أن نوضع في مواقف كهذه مجددا ..."


+



" أعدك إنكِ لن تراني مجددا دكتور شريف ..."


+



قالتها بهدوء ليتنهد شريف براحة سرعان ما تبخرت عندما وجدها تنحني قليلا إتجاهه تضيف بصوت مبحوح :- 


+



" مع إنني أريد ذلك بشدة ..."


+



عقد حاجبيه بوجوم بينما أكملت وهي تخفض عينيها بنظرات مغوية :-


+



" فأنت رجل رائع وأي فتاة تتمنى لو تتعرف عليك وتنال فرصتها في القرب منك ..."


+



كح بخفة ثم قال بحدة خافتة :-


+



" آنسة ماذي ..."


+



نهضت من مكانها وقالت بإبتسامة عذبة :-


+



" إعذرني على صراحتي ولكنك رجل رائع ووسيم ومختلف ولو إلتقيتك في ظروف مختلفة لما تركتك تفلت من يدي بسهولة ..."


+



إحتقنت ملامحه بغضب مكتوم بينما أنهت هي حديثها :- 


+



" سعدت بمعرفتك دكتور شريف ..."


+



غادرت بعدها تاركة إياه واجما بشدة غير مصدقا جرئتها وإنعدام حيائها ليهمس بين وبينه نفسه :-


+




        

          


                

" ما هذا الفتاة التي لا تمتلك من الحياء ذرة واحدة ... ؟! لعنة الله عليك يا صلاح ... من أين تقع على هذه الأشكال لا أعلم ..؟!"


+



وفي النهاية كان دور صلاح الذي وجدها تتقدم نحوه فجأة تعانقه ليدفعها بعيدا مرددا بضيق :-


+



" ماذا تفعلين يا هذه ..؟!"


+



ضحكت بخفة ثم لامست وجنته بإصبعها وهي تخبره :-


+



" هانت عليك الأيام الغوالي يا صلاح ..."


+



دفعها مرددا بضيق :-


+



" تلك الأيام لا أريد تذكرها أبدا ... بسببك كرهتها بل كرهت جنس حواء بأكمله ..."


+



" لا يمكنني تصديق الأخيرة أبدا .."


+



هتفت بها ضاحكة ثم قالت:-


+



" ألن ترمي عليّ يمين الطلاق ...؟!" " اللعنة كنت نسيت ..."


+



قالها ثم أضاف سريعا :-


+



" أنت طالق طالق طالق طالق طال..."


+



أوقفته ضاحكة :-


+



" ثلاثة فقط يا صلاح ..."


+



" أعلم ولكن أردت التأكيد فربما لم تنتبهِ إلى إحداهن ..."


+



ضحكت بمرح :-


+



" سأشتاق لك يا صلوحة .."


+



" أنا العكس تماما ..."


+



قالها بملل لتخبره بجدية :-


+



" بكل الأحوال سأشكرك على ما قدمته لي من معروف ..."


+



" لا أريد الشكر يا ماذي .. أزيدك أن تغادري حياتي دون رجعة ..."


+



أضاف بجدية :-


+



" ورقة طلاقك مع شيك بمبلغ مؤخر الصداق سيصلانك مع المحامي وبعدها لن يجمع بيننا أي شيء أما تلك الشقة فأمرها سيكون بينك وبين شريف ..."


+



" أعلم ..."


+



تمتمت بها بجدية ثم مدت كفّها تخبره مبتسمة بمكر :-


+



" يجب أن أودعك الآن ... مع السلامة يا عزيزي ..."


+



مد كفه مرغما رادا تحيتها من بين أسنانه :-


+



" مع ألف سلامة يا ماذي ..."


+



ثم أضاف بعدما راقب رحيلها :-


+



" ذهاب بلا عودة بإذن الله ..."


+



أما هي فغادرت الفيلا بعدها حيث أخذها سائق العائلة إلى الشقة التي ستبقى بها الفترة القادمة ...


+




        

          


                

إبتسمت برضا وهي تتأمل العمارة الأنيقة التي توجد بها شقتها ووعدت نفسها إنها في غضون أشهر ستجلس في أخرى أفضل منها بكثير ...


+



صعدت إلى شقتها وساعدها الحارس في صعود حقائبها ..


+



أخذت تدور بعدها في الشقة والتي كانت صغيرة للغاية مكونة فقط من صالة جلوس واسعة قليلا ومطبخ ملحق بها مع غرفة نوم واحدة وحمام منفصل ورغم ذلك فكانت الشقة شديدة الفخامة في ديكورها وأثاثها ...


+



جلست فوق الكنبة وهي تخبر نفسها بحماس :-


+



" هذه البداية فقط يا ماذي .. القادم أجمل ... "


+



ثم سحبت هاتفها تتأمل رسالته بإبتسامة رحبة قبلما تتصل به فيأتيها صوته الهادئ مرحبا ...


+



" صباح الخير براء بك ... آسفة لإنني لم أنتبه على إتصالك مساء البارحة ..."


+



إسترسلت تتبادل معه الحديث حيث سألها بجدية :-


+



" هل يمكنني رؤيتك يا هانم ..." 


+



" نعم بالطبع .. "


+



ثم أضافت :-


+



" سأنتظرك في شقتي ... "


+



" شقتك ..؟!"


+



قالها بدهشة لتخبره مبررة :-


+



" لقد تركت الفيلا التي كنت أقطن بها .. سأرسل لك عنوان الشقة :."


+



قاطعها بحذر :-


+



" ولكن ألا توجد لديك مشكلة في زيارتي   لك في شقتكِ التي تقطنين بها وحدك ...؟!" 


+



همت بقول لا بردة فعل عفوية لكنها سرعان ما تراجعت وهي تتمتم :-


+



" يا إلهي كيف نسيت .. حسنا أين تريد أن نلتقي ...؟!" 


+



حينها أخبرها بعنوان أحد المطاعم الراقية وإتفقا أن يلتقيان به ...


+



تجهزت بعناية فائقة لهذا اللقاء فحرصت أن تظهر بكامل أناقتها ...


+



كانت تحتاج للعناية بنفسها بشدة فمنذ أيام طويلة  وهي طريحة الفراش أغلب الوقت ولم يسمح لها مرضها بأن تعتني بجمالها و إطلالتها كعادتها ...


+



إختارت فستانا من الستان الأخضر يلتصق بجسدها الرشيق كجلد ثاني ذو حمالات رفيعة بفصوص فضية لامعة ...


+



إرتدت عقدا ماسيا أنيقا كان هدية من أحد عشاقها القدامى ...


+



إختارت أن تترك شعرها غجريا يحاوط وجهها الذي زينته بحرفية حيث رسمت عينيها بالكحل الأسود وظللت رموشها بالماسكارا الثقيلة بشكل أبرز جمال عينيها الزرقاوين الناعستين ...


+




        

          


                

إختارت حمرة شفاه ذات لون أحمر صاخب منحها طلة أنثوية كارثية مع حذائها بذات اللون الدموي ...


+



رشت الكثير من عطرها المثير فوق جسدها قبلما تلقي على نفسها نظرة في المرآة تتبعها بقبلة طائرة في الهواء لنفسها ثم تسحب حقيبتها وتغادر بخطوات رشيقة خارج الشقة ومنه حيث المطعم الذي ستقابله فيه ...



+



هناك وجدته في إنتظارها فتقدمت نحوه بإبتسامة واثقة لينهض من مكانه يستقبلها ....


+



إبتسم بترحيب هادئ وهو يرد تحيتها ملتقطا كفها الممدود داخل كفه ...


+



جلست بعدها قباله ولم يغب عنها عدم إنبهاره بجمالها الذي فتن نظرات البعض ممن سقطت عينيهم عليها فتمكن منها الضيق والإحباط  ...!


+



تأملته بإهتمام ..


+



شاب وسيم إلى حد ، ذو ملامح تحمل جاذبية خاصة مع لون عينيه الخضراوين المميزين وشعره البني الفاتح ولحيته الخفيفة  ...


+



إبتسم بتروي فمنحته  تلك الإبتسامة ملامحه لطفا وجاذبية مضاعفة ...


+



بدا شابا لطيفا ومحترما جدا ...


+



نوع من الشباب الذين لم تعرفهم طوال حياتها ...!


+



بدأ هو الحديث قائلا بنبرة هادئة رزينة :-


+



" أتمنى أن تكوني بأفضل حال وتعافيت من آثار الحادث بشكل تام ..."


+



" أنا حقا بخير .. أشكرك ..."


+



همست بها بصوت مبحوح بينما تقدم النادل ليسألها عما تريد تناوله فرفضت أن تطلب طعاما وإكتفت بطلب مشروب لكنه رفض بشدة وأصر أن تتناول شيئا لتخبره حينها بنعومة :-


+



" يمكنك أن تطلب لي طبقا على ذوقك ..."


+



حينها طلب لها نفس طبقه والذي كان عبارة عن قطع من الدجاج المتبلة بصلصة لذيذة ومحشية بالمكسرات بينما تغطيها الجبنة الذائبة ...


+



كان طبقا شهيا فأخبرته بعدما تناولت لقمة صغيرة منه :-


+



" إنه لذيذ للغاية ..."


+



إبتسم يخبرها بينما يتناول طعامه بدوره :-


+



" إنه طبقي المفضل .. لا أتناول غيره في المطاعم  إلا نادرا ..."


+



إبتسمت بصمت قبلما تسقط عيناها على تلك الساعة فوق معصم يده  التي تصل قيمتها إلى ملايين ...!


+



أفاقت من أفكارها على سؤاله :-


+



" هل إنتقلت نهائيا من منزلك السابق ..؟!"


+




        

          


                

جذبت عصيرها ترتشف منه قليلا وداخلها كان تود لو تطلب النبيذ لكنها لم تستطع بالطبع فهو طلب عصيرا باردا وهي بدورها خجلت أن تطلب نبيذا أو مشروبا كحوليا ..!


+



أجابته بخفوت :-


+



" نعم ، أساسا إقامتي هناك كانت لفترة محددة ..."


+



" ماذي هانم .. في الحقيقة تنازلك عن أقامة دعوى ضدي بل  و رفضك مطالبتي بتعويض قبال ذلك جعلني ممتنا لك كثيرا ولا أعرف كيف أوفيكِ حقك ...."


+



هتفت سريعا بنبرة رقيقة :-


+



" لا تفعل ذلك يا براء بك من فضلك ... الحادث لم يكن ذنبك أساسا ..."


+



هتف بجدية :-


+



" حتى لو ، النتيجة واحدة ... أنا من صدمتك ..."


+



تنهد يضيف بجدية :-


+



" في الحقيقة فكرت كثيرا في الطريقة التي أرد من خلالها هذا الجميل ..."


+



توقف للحظة يسحب علبة زرقاء مستطيلة من جيبه ثم يقدمها لها وهو يخبرها بإبتسامة أظهرت وسامته الهادئة :-


+



" أتمنى أن تعجبك ...."


+



سحبت العلبة وفتحتها ليظهر داخلها سوارا ماسيا رائع التصميم جعل عيناها تلمعان بإعجاب شديد ...


+



" ذوقك رائع ..."


+



تمتمت بها بصدق ليبتسم بتروي قبلما تختفي إبتسامته وهو يجدها تدفع العلبة ببطأ نحوه وهي تخبره بنبرة خافتة :-


+



" لكنني لم أتنازل عن حقي في سبيل الحصول على مقابل ..."


+



ظهر الحزن في عينيها وهي تضيف :-


+



" تنازلت عن ذلك لإنك بالفعل لم تكن مخطئا وليس للحصول على مقابل يا بك فأنا لست المرأة التي تقبل بتعويضات مادية وما شابه ذلك ..."


+



خرجت جملتها الأخيرة حادة ليهتف سريعا معتذرا :-


+



" أعتذر حقا ... أنا لم أفكر بهذه الطريقة ولكن ..."


+



حمحمت تهتف بخجل طفيف :-


+



" أعتذر على حدتي معك قليلا ولكنني حزنت جدا ... "


+



أضافت وهي تصطنع إبتسامة هادئة :-


+



" يكفيني دعوتك لي في هذا المطعم الجميل ..."


+



إبتسم ثم قال بجدية :-


+



" إذا لنكمل تناول طعامنا ..."


+




        

          


                

بادلته إبتسامته وهي تتناول الطعام مجددا قبلما تسأل بهدوء :-


+



" بالمناسبة ، أنا لم أتعرف عليك جيدا بعد ... يعني لا أعرف سوى إسمك و .."


+



قاطعها يخبرها برحابة :-


+



" دعينا نتعرف إذا ... أنا براء الحداد .. أعمل في شركتي الخاصة في مجال السياحة .."


+



لمعت عيناها بشكل خاطف قبلما تهمس بخفوت :-


+



" لكنك تبدو صغيرا قليلا على إدارة شركة ..."


+



" لست صغيرا للغاية ... قاربت على إنهاء عامي الثلاثين .."


+



أضاف وهو ما زال محتفظا بذات الإبتسامة الهادئة :-


+



" كما إن والدي ساعدني في تأسيس الشركة ..."


+



" جميل ..."


+



قالتها بإبتسامة خافتة قبلما تسأل بإهتمام :-


+



" والدك رجل أعمال كذلك ..؟!"


+



أومأ برأسه مجيبا :-


+



" نعم لكنه يعمل في مجال مختلف .."


+



"  إذا لم أكن مخطئة فشقيقتك الأخرى تبدو سيدة أعمال .." 


+



قالتها ببسمة مهتمة ليجيب بحيادية :-


+



" نعم ولكن في مجال ثالث مختلف ..."


+



ضحك بخفة ثم أضاف :-


+



" مجال التجميل ..."


+



" رائع ، إنه مجالي المفضل .."


+



هتفت بها مبتسمة قبلما تضيف بتساؤل :


+



" هل يمكنني إستشارتها في أمر خاص بالعمل ..؟!"


+



أجاب سريعا :-


+



" بالطبع ..."


+



أخبرته بحذر :-


+



" قبل الحادث إتفقت مع مالكة أحد مراكز التجميل الشهيرة على أن أكون وجه إعلامي لماركة مستحضرات تجميل تخصها وأنا بصراحة وافقت دون أن أبحث خلفها و ..."


+



هتف غير مصدقا :-


+



" كيف توافقين قبلما تتأكدي من مصداقيتها وكذلك تسألي عنها وعن سمعة منتجاتها ...؟!" 


+



 " معك حق لكنني كنت مضطرة ..."


+



همست بها بعينين منخفضتين ونبرة بائسة ليسأل بإهتمام :-


+




        

          


                

" هل كنت تحتاجين إلى عمل مستعجل ..؟!"


+



رفعت عينيها نحوه ليجدها ممتلئين بالعبرات فيسارع ويسحب محرمة ورقية يمدها إليها وهو يخبرها بآسف :-


+



" أعتذر حقا .. لم أقصد إحزانك ..."


+



مسحت عينيها بحرص قبلما تهمس بصوت مختنق :-


+



" على العكس ... أنت معك حق ..."


+



أضافت بخفوت :-


+



 " كنت بحاجة إلى عمل سريع بعدما قررت الإنفصال عن زوجي .. كان لا بد أن أجد عملا سريعا كي أستطيع تدبر مصاريفي ... "


+



أخذت نفسا عميقا ثم قالت بصعوبة :-


+



" أنا وحيدة في هذه البلاد ولم يكن لدي أحد غير زوجي ولكن للأسف زواجنا إنتهى وقررت مغادرة حياته ولولا ذلك الحادث كنا تطلقنا منذ أيام ... "


+



تنهدت تضيف :-


+



" وها نحن تطلقنا اليوم وأنا إنتقلت لشقة منحها لي شقيق زوجي كي أستقر فيها ريثما أتدبر أمري لذا عندما وجدت تلك المرأة تعرض عليّ العمل وقتها مقابل مبلغ مادي جيد وافقت دون تردد ..."


+



شعر بالشفقة لأجلها ليقول بعد لحظات :-


+



" إنظري إلي .. أنا سأساعدك ..."


+



إحتدت ملامحها وهي تخبره :-


+



" أخبرتك إنني لا أقبل التعويض يا بك ..."


+



" ليس تعويضا ..."


+



طالعته بإهتمام فأكمل بجدية :-


+



" سأجد لكِ عملا ... عمل محترم براتب جيد .. ما رأيك ...؟!"


+



صمتت لوهلة مدعية التفكير في عرضه قبلما تخبره بتردد :-


+



" لكنني لا أريد إحراجك ..."


+



" أي إحراج بالله عليك .. أنا لدي شركتي وأحتاج إلى موظفين بالفعل وأنت من الواضح إنك مجتهدة وتسعين للحصول على عمل تؤمنين من خلاله مستقبلك وأنا أحب مساعدة الأشخاص الذي يريدون الإعتماد على أنفسهم وتحقيق ذاتهم ..."


+



إبتسمت بقوة وملامحه وهو يتحدث بشفافية وإبتسامة صادقة آثرت بها فأخبرته سريعا :-


+



" طالما الأمر هكذا فأنا موافقة ..."


+



ثم رفعت كأس عصيرها وهي تخبره بمرح :-


+



" لنرفع كؤوسنا نخب وظيفتي الجديدة في شركتك ..."



+



**


+




        

          


                

على طاولة العشاء جلست نانسي في مكانها على الطرف الأيسر لحماتها التي تترأس المائدة كالعادة وعلى جانبها يجلس شريف الذي كان لديه إجازة اليوم من عمله ....


+



إبتسمت نانسي وهي تتحدث مع حماتها قبلما تخبر شريف بخفة :-


+



" أصبحنا لا نراك إلا نادرا يا شريف ..."


+



تنهد يخبرها بجدية :-


+



" العمليات لا تنتهي يا نانسي ..."


+



" كان الله في عونك ..."


+



أضافت مبتسمة :-


+



" مهنة الطب صعبة للغاية لكنها تبقى مهنة سامية تستحق الفخر ..."


+



أيدتها نجاة :-


+



" وبها أجر كبير للغاية ... كما إنه لا يوجد أعظم من أن تنقذ حياة شخص بمهارتك وعلمك بعد فضل الله سبحانه وتعالى ..."


+



مال شريف نحوها يقبل كفها بوقار بينما تأملتهما نانسي بإبتسامة حانية وداخلها تمنت لو تحظى يوما ما بذات العلاقة مع طفلها الشقي ...!


+



سرعان ما إختفت إبتسامتها وهي ترى زوجها يتقدم إلى الداخل بملامح مرحة وشعور الراحة بخروج تلك الفتاة من حياته يظهر عليه بوضوح ..


+



تجهمت ملامحها عندما وجدته يجلس جوارها وهو يهتف بسخرية :-


+



" ماذا يحدث هنا ..؟! أراك تقبل يد والدتك يا شقيقي الكبير ... ألم تكتفِ بدعواتها لك ومديحها لك وشكرانها  بعد ...؟!"


+



" وهل دعاء الأم وشكرانها يمكن الإكتفاء منه يا شقيقي الصغير ..؟!"


+



قالها شريف بخفة قبلما يضيف :-


+



" عقبالك أنت عندما ينصلح حالك وتأخذ نصيبك من دعواتها ..."


+



" ومن قال إنني لا أدعو له ...؟!"


+



نطقتها نجاة بجدية ليطالعها صلاح بلهفة سرعان ما تبخرت عندما أضافت ببرود :-


+



" أدعي له بالهداية صباحا ومساءا ..."


+



ضحك شريف مرغما بينما قال صلاح بإقتضاب :-


+



" أشكرك يا ماما .. عسى الله أن يستجيب دعواتك بأقرب وقت ..."


+



هتف شريف محاولا تغيير الموضوع :-


+



" هل ناما الصغيرين يا نانسي ...؟!"


+



أخبرته نانسي مبتسمة :-


+



" كلا ، إنهما في غرفتهما مع المربية ..."


+



" لأراهما إذا فأنا إفتقدتهما كثيرا الفترة السابقة ..."


+




        

          


                

قالها وهو يهم بالنهوض لتهتف نجاة بسرعة :-


+



" لا تذهب أنت .. ستأتي نانسي بهما بعد العشاء ليبقيا قليلا معنا قبل موعد نومهما..."


+



" المربية ستجلبهما بعد قليل فهما يفتقدانك كثيرا كذلك..."


+



هتفت بها نانسي بإبتسامة ودودة بينما إلتزم صلاح الصمت بملامح واجمة حتى إنتهى العشاء وإنتقلوا جميعا إلى صالة الجلوس لتتقدم نانسي بعدها وهي تحمل الصغيرة بين يديها والتي ألقت بنفسها سريعا بين أحضان عمها فتلقاها الأخير بفرحة غامرة :-


+



" حبيبة عمها..."


+



" شيف..."


+



نطقتها كاميليا ضاحكة بينما حمل شريف كريم من مربيته ليضع كلا من منهما فوق فخذيه وأخذ يلاعبهما والصغيرين في قمة سعادتهما...


+



إزداد تجهم ملامح صلاح والذي شعر بالضيق بسبب لا يفهمه وتضاعف ضيقه وهو يلاحظ إبتسامة نانسي الفرحة وهي تراقب طفليها معه ..


+



هتفت نانسي بمرح متجاهلة وجوده قدر المستطاع :-


+



" بما إنك متواجد معنا لأول مرة منذ أيام  طويلة فأنا سأعد لك شرابك المفضل يا شريف ... "


+



هتف ممتنا :-


+



" سأكون ممتنا لك حقا ..."


+



أضاف بسرعة :-


+



"نصف ملعقة سكر كالعادة ..." 


+



" أعلم يا دكتور ... ذاكرتي قوية ...."


+



قالتها بمرح بينما سألت حماتها عما تريد تناوله ثم إستدارت مجددا نحو شريف تخبره بجدية :-


+



" إنزلهما أرضا فأنت أيضا متعب يا شريف بسبب ضغط العمل ..."


+



" دعيهما يا نانسي .. وجودهما يخفف عني ضغط العمل أساسا ..."


+



أضاف وهو يقبل كليهما بشغف :-


+



" حبيبا قلبي ..."


+



" عقبال ما أرى أولادك يارب ..."


+



قالتها نجاة بتمني ليتنهد شريف مرددا :-


+



" ألم تملِ بعد يا ماما ...؟!"


+



قالت نانسي سريعا :-


+



" خالتي معها حق .. يجب أن تتزوج يا شريف .. "


+



أضافت بمرح عفوي :-


+



" أنت خسارة فادحة  للنساء حولنا إذا لم تتزوج ..."


+



تسائل ضاحكا :-


+




        

          


                

" هل لديك عروس يا نانسي ...؟!"


+



هتفت بسرعة :-


+



" أنت فقط قل أريد وسنبحث لك أنا وخالتي ونجلب لك أفضل عروس في هذا العالم ..."


+



كان صلاح يتابع ما يحدث بملامح شديدة الإحتقان وداخله على وشك أن ينفجر من شدة الغضب بسبب ما حدث والذي كان معتادا بينهم  فهذا الجو الأسري المرح دائم بينهم منذ دخول نانسي مع الطفلين حياة أسرته ...


+



تحركت نانسي بعدها لتعد المشروبات لهم بينما حدثت نجاة ولدها الأصغر ولم يغب عنها نظراته المحتقنة :-


+



" ماذا تنوي بشأن القادم بعدما تخلصت من تلك الفتاة يا صلاح ..؟!"


+



" ماذا سأفعل يا ماما ...؟! "


+



أضاف متنهدا براحة :-


+



" تخلصت منها أخيرا الحمد لله ..."


+



" ألا تنوي أن تتعقل قليلا يا ولد ...؟!"


+



هتفت بها نجاة ببرود ليسأل مستنكرا :-


+



" وهل أنا مجنون يا ماما ...؟!" 


+



" ليتك كنت كذلك يا قلب ماما ... على الأقل ليس على المجنون حرج ..."


+



" ماما ..."


+



قالها متذمرا لتهدر به :-


+



" إصمت يا ولد .. إسمعني جيدا لقد صبرت كثيرا ... تلك الفتاة وولت دون رجعة والآن ستتعلم أن تكون رجلا يا صلاح ..."


+



" مالذي تريدينني أن أفعله ...؟!"


+



سألها ضائقا لتخبره ببرود :-


+



" تعمل ..!"


+



" أعمل ..!!"


+



صرخ بها غير مصدقا وكأنها طلبت منه أن يرتكب جريمة لتنتفض حينها نجاة مستندة على عكازها تصيح بطريقة لا تشبهها فهي رغم قوتها  وجديتها وصرامتها كانت دائما ما تتحدث بهدوء ووقار حتى في أعتى الظروف وأسوأ الضغوطات ولكن صلاح نجح في إخراجها عن طورها :-


+



" نعم تعمل .. أليس هذا ما يجب أن يحدث ..؟! كم من العمر ستبقى هكذا بلا عمل ولا أي نفع كان ..؟!"


+



أضافت بينما وجهه إمتعق بشدة :-


+



" إنظر لمن حوّلك ... الجميع يكد ويعمل ويبني مستقبله بنفسه وأنت وحدك من تعتمد على أموال أبيك ..."


+



" إنها تكفيني ..."


+



" أنت مجنون .. أحمق .. كيف ستكون رجلا وأنت تجلس في المنزل بلا عمل ..؟! النساء أنفسهن يعملن ويرفضن ما تقوله أنت ..."


+




        

          


                

كان شريف يتابع ما يحدث بصمت متعمد ليسأل صلاح بضيق :- 


+



" وماذا سأعمل إن شاءالله ...؟!" 


+



" يمكنك أن تعمل ما تريد ... لتعمل بشهادتك الجامعية أو في أي مجال آخر ... أنت فقط قل سأعمل وأنا سأفتح لك المشروع الذي تريده ..."


+



أضافت بحكمة :-


+



" إنظر حولك يا صلاح ... الجميع يعمل ويبني مستقبله ... إنظر لشقيقك وأبناء عمومك ... ألم يرثوا أموالا كثيرا تكفيهم ليعيشوا هم وأولادهم حياة مرهفة ..؟! هل تركوا العمل وأخذوا يصرفون الأموال ..؟! هاهو شقيقك يكد ويعمل وبات لديه نصف أسهم المشفى التي يعمل بها ... هاهو نديم إبن عمك رغم ما جرى له وسجنه ظلما لأعوام قرر أن يبدأ من جديد وفتح شركة أدوية يسعى لتطويرها والجميع يتوقع له نجاحا مبهرا في هذا المجال .. نادر الذي يصغرك بأعوام يعمل كطبيب وسينجح بإذن الله ..  حتى نساء العائلة فغالية أنشأت شركتها الخاصة وأروى طبيبة ناجحة ستصبح أخصائية قريبا ..."


+



أنهت حديثها بصرخة بائسة :-


+



" وأنت تجلس أمامي سعيد بوضعك هذا أيها الأحمق ..."


+



جلست بتعب في مكانها مجددا بينما صلاح ملامحه يملؤها الضجر ..


+



 هتفت نجاة بصوت ظهرت عليه آثار التعب :-


+



" ستميتني قهرا يا صلاح .. موتي سيكون على يديك ..."


+



نهض شريف سريعا متقدما نحوها يتسائل بقلق :-


+



" هل أنت بخير يا أمي ..؟!"


+



إنتفض صلاح من مكانه يتقدم نحوها بدوره  متسائلا هلع :-


+



" ماذا حدث يا ماما ...؟! "


+



دفعت كفه بعيدا :-


+



" لا تقترب مني .. لا أريد سماع صوتك ..."


+



ثم رفعت إصبعها في وجهه تهدر به :-


+



" إسمعني يا ولد ... إن كنت تعتقد بذهاب تلك الفتاة سأمنحك الأموال مجددا فأنت مخطئ ... لا أموال بعد الإن يا صلاح ... ولن تحصل على دينار واحد مني ما لم تنصلح وتعود إلى صوابك  ..."


+



" إنها أموالي .. ميراثي من والدي ..."


+



رمقه شريف بنظرات محذرة لتهتف نجاة ساخرة :-


+



" واقعيا كذلك لكن قانونيا لا أم نسيت إن جميع أملاك والدك وأمواله مسجلة بإسمي ..."


+



أضافت بقوة :-


+



" هذه الأموال لن تطول منها دينارا واحدا طالما ستبقى بهذا الإهمال ... فأنا لن أسمح لك بتضييعها لأجل نزواتك الحقيرة ..."


+




        

          


                

أضافت بإقرار :-


+



" هذه الأموال حق ولديك الذين لا ذنب لهما في إهمالك ..."


+



" ماذا تقصدين ..؟!"


+



سألها بقلة حيلة لتخبره ببرود :-


+



" يعني إن لم ينصلح حالك فسوف أقسم ميراث والدك  وميراثي أيضا بالطبع بالتساوي بين شريف وولديك ... نصف ما أملكه لشقيقك والنصف الأخر سأسجله باسم كريم وكاميليا ووالدتهما ستكون الوصية على أملاكهما وأموالهما حتى يكبران فأنا مجبرة على ذلك للحفاظ على حقهما بدلا من أن يضيع على يديك ..."


+



إحتقنت ملامح صلاح بقوة فتحرك مندفعا مغادرا المكان بينما تطلعت هي إلى شريف تخبره بثبات :-


+



" لا تمنحه دينارا واحدا يا شريف ... إياك أن تفعلها .. يجب أن يستوعب إنه بات بلا أموال وبالكاد يتناول لقمته في هذا المنزل ..."


+



أومأ شريف برأسه رغم قلقه من ردة فعل شقيقه الغير متوقعة ...


+



**


+



دلف صلاح إلى المطبخ بملامح مكفهرة ليشير لنانسي التي كانت منشغلة في إعداد المشروبات :-


+



" بما إنك متواجد معنا لأول مرة منذ أيام  طويلة فأنا سأعد لك شرابك المفضل يا شريف ... "


+



طالعته بدهشة فأضاف مستمرا في تقليد نبرتها مكررا حديثها لشقيقه :-


+



" أنت خسارة فادحة  للنساء حولنا إذا لم تتزوج ..."


+



هدرت بحنق مما يفعله :-


+



" ماذا تقول أنت ..؟!"


+



صاح بحدة خافتة :-


+



" ما كل هذا الدلع السخيف ...؟!"


+



" ماذا ..؟!"


+



صرخت به غير مصدقة ما يتفوه به من جنون ليهدر بحنق :-


+



" ماذا ..؟! أخبريني مالذي يحدث ...؟!"


+



" عم تتحدث أيها المجنون ..؟!"


+



صاحت بغضب ليهتف بعصبية مشوبة بالغيرة الخفية :-


+



" ألا ترين إن علاقتك القوية بشريف مثيرة للتساؤلات والدهشة يا نانسي ...؟! ألا تشعرين بذلك حقا ...؟! "


+



إتسعت عيناها بعدم تصديق ..


+



لا تصدق ما تسمعه ..


+



لا تصدق ما يفكر به عقله الأحمق ..


+



" أنت واعي لما تقوله يا صلاح .. أليس كذلك ...؟!" 


+




        

          


                

هتف بملامح واجم :-


+



" نعم يا نانسي .. ما حدث قبل قليل لا يعجبني ..."


+



" هل صدقت إنك زوجي حقا ..؟!"


+



سألته بإستخفاف ليهدر بقوة :-


+



" نعم أنت كذلك ..."


+



أضاف ببرود :-


+



" أنتِ زوجتي يا هذه ... تحملين إسمي ...عليك إحترامي يا نانسي في وجودي وغيابي أيضا ..."


+



" لا أنت جننت ...."


+



صاحت به ليصيح بدوره :-


+



" جننت لإنني أرفض هذا التقارب والمزاح بين زوجتي وشقيقي .. زوجتي التي تعاملني بأسوأ طريقة بل وتتجاهل وجودي متناسية إنني زوجها وعليها أن تحترمني وتعاملني بشكل أفضل ..."


+



إنشحنت ملامحها بغضب مرعب نتيجة لما يقوله من حديث أجج غضبها ونقمتها عليه ...


+



وفي لمح البصر كان تلقي المياه فوق وجهه لينتفض بفزع غير مستوعبا لما حدث ..


+



لحظات وصاح بعدما إستوعب ما فعل :-


+



" مالذي فعلته يا مجنونة ..؟!"


+



ثواني وشهق بعدم تصديق عندما وجدها تنقض عليه قابضة على عنقه بعنف غير مفهوم بينما تهدر به بتوعد :-


+



" سأقتلك ... "


+



" نانسي ، اهدئي .. لا تجني ..."


+



قالها برجاء وصوت متقطع بينما يضيف بتوسل :-


+



" ماذا سوف تستفيدين من قتلي ..؟! حرام أن تفعلي ذلك ... من أنا لتقتليني وتدخلي السجن بسببي ..؟! "


+



" أنا من تتحدث معها بهذه الطريقة ... يا غبي ... هل تظنني مثل العاهرات اللواتي تعرفهن يا قذر ...؟!"


+



" اهدئي يا مجنونة ..."


+



قالها وهو يحاول تفاديها بينما أخذت تضربه بكل ما يأتي أمامها :-


+



" شريف أخي الأكبر أيها الوسخ لكنك بالطبع لن تفهم هذا لإن دماغك القذرة لا تفكر سوى بنوع واحد من العلاقات القذرة يا قذر ..."


+



" يكفي يا نانسي ..."


+



قالها قبلما يتوقف بعينين هلعتين وهو يراها ترفع السكين في وجهه ليبتلع ريقه مرددا :-


+



" نانسي .. لا تجني ..."


+



صاحت من بين أسنانها :- 


+




        

          


                

" إذهب بسرعة قبلما أرتكب جريمة بك أدخل بسببها السجن المؤبد ..."


+



إنطلق راكضا مغادرا المكان بسرعة تاركا إياها تطالعه بعينين مشتعلتين وأنفاس هادرة ...!


+



**


+



على طاولة الزينة كانت همسة تجلس أمام المرآة وهي تمشط خصلات شعرها الملساء بينما عيناها تراقبانه وهو الذي يجلس فوق السرير ويجلس في حضنه ولدهما الأصغر يلعب في جهازه اللوحي ويتحدث مع والده عن تلك اللعبة الشهيرة التي يفضلها بينما  راغب يتجاوب معه رغم عدم فهمه لمعظم ما يقوله ...


+



إبتسمت لا إراديا وهي ترى إبراهيم يخبر والده عن شيء ما على الشاشة بكلمات غير مفهومة عندما جذبه راغب نحوه يقبله من وجنتيه بحب خالص ثم يعبث بخصلاته الكثيفة ...


+



حملت عطرها المفضل برائحته الهادئة ترش منه فوق جسدها قبلما تسحب قلم الكحلة خاصتها فتحدد عينيها به ليظهر خضارهما النقي الجذاب ..


+



ظللت رموشها بعناية ثم إكتفت بعدها بطلاء شفاها بلونها الوردي الفاتح المفضل ...


+



سقطت عيناها فوق خاتم خطبتها متذكرة إن تاريخ حفل خطبتهما بعد أيام معدودة لتعود بذاكرتها إلى الخلف حيث ما حدث قبل ذلك التاريخ والذي رغم كل شيءٍ ما زال مطبوعا بذاكرتها ..



+



( قبل أعوام ... 


+



كانت تقف بجانب خالتها تستمع إليها بحماس بينما الأخيرة تعلمها طريقة إعداد كعكة الشوكولاتة التي تفضلها هي وكانت خالتها تحرص أن تعدها بنفسها بين الحين والآخر فبالرغم من وجود العديد من الخدم في القصر إلا إن خالتها كانت تفضل بين فترة وأخرى أن تعد الطعام بنفسها للعائلة كعادة تخصها تبث من خلالها حبها لعائلتها وهذا الشيء كان يروق همسة كثيرا ويضاعف من  إعجابها بخالتها التي كانت زوجة رائعة وأم مثالية تمنت أن تكون مثلها يوما ...


+



تحركت همسة بحماس تخرج ألواح الشوكولاتة ثم إتجهت بها نحو جهاز الميكرويف كي تسخنها داخلها فتذوب الشوكولاتة لتجهز بعدها صوص الكعكة ...


+



وقفت أمام الميكرويف تنتظر إنتهاء المدة التي حددتها عندما صدح صوته وهو يدلف إلى الداخل مناديا على الخادمة :-


+



" أعدي لي قهوة بسرعة يا فردوس ..."


+



هتفت والدته وهي تخبره :-


+



" الخدم اليوم في إجازة .."


+



أضافت بإهتمام بينما إنتبه هو لوجود الأخرى والتي تقف قبال الجهاز الكهربائي تتابعه بتركيز شديد وكأنه سيهرب منها :-


+




        

          


                

" تناول فطورك أولا قبل القهوة .."


+



" رأسي يؤلمني ولا أستطيع تناول شيئا ..."


+



إنتبهت همسة له فحمحمت بخفوت :-


+



" صباح الخير ..."


+



تمتم مبتسما بهدوء :-


+



" صباح النور ..."


+



إستغربت همسة إبتسامته فهو لا يبتسم إلا نادرا في المواقف التي تستدعي ذلك بينما قالت زهرة عن قصد :-


+



" حبيبتي هل تعدين القهوة لراغب فأنا مشغولة كما ترين ..؟!"


+



" بالطبع خالتي ..."


+



قالتها همسة وهي تضع إناء الشكولاتة الذائبة فوق الطاولة ليسأل راغب متعمدا :-


+



" وهل تجيد همسة إعداد القهوة يا أمي ..؟!"


+



إحتقنت ملامحها وهي تهمس ببرود :-


+



" أجيدها بالطبع ..."


+



قالت زهرة معاتبة له بعينيها  :-


+



" همسة تعد أفضل فنجان قهوة في العالم ..."


+



تمتم بملامح مشاكسة :- 


+



" سأحكم الآن بنفسي ..."


+



شمخت همسة برأسها وهي تخبره بثقة :-


+



" الجميع يعجبه قهوتي وستعجبك أنت كذلك .."


+



ابتسم مرددا بمكر :-


+



" غريب أن يتذوق الجميع قهوتك عداي ..."


+



تمتمت بهدوء :-


+



" لإنك لا تتوفر عادة مثل البقية ..."


+



أضافت وهي تجذب دلة القهوة :-


+



" هل تفضلها سادة أم ..."


+



قاطعها بنبرة خاصة :-


+



" حلوة ..."


+



رددت بدهشة بينما تملأ الدلة بالمياه :-


+



" حلوة ..."


+



" نعم ، أنا أفضلها هكذا .. هل هناك مانع ..؟!"


+



هزت كتفيها مجيبة بينما ما زالت توليه ظهرها منشغلة بإعداد القهوة :-


+



" كلا .."


+



طالعته زهرة بدهشة فهو يفضل القهوة السادة عادة ليهتف مشاكسا :-


+



" قهوة حلوة مثل صاحبتها ..."


+




        

          


                

إبتسمت زهرة لا إرادياً وهذا التغيير الذي يظهر عليه والخاص بهمسة يفرحها بشدة فقررت أن تنحي قلقها مما سيحدث مستقبلا خاصة بعدما العلاقة مع عائلة شقيقها باتت شبه مدمرة مقررة أن تسعد بذلك العشق الذي تراه في تصرفات ولدها والذي بدا مرتاحا واضحا أكثر بعدما حرر مشاعره من قيدها الذي بناه بنفسه حوّلها ..


+



تنهدت مفكرة إن سعادتها لا تخص إبنها وحدها بل تخص إبنة شقيقتها الرقيقة والتي تعتبرها إبنتها كذلك فهي تستحق أن تنال عشق كهذا وتمنت داخلها لو توافق همسة  على راغب فهذا يعني بقائها جانبها وهذا سيجعلها تفرح كثيرا وتطمئن بشأنها خاصة وهي تدرك أخلاق ولدها فبالرغم من شخصيته الصارمة إلا إنه رجل بحق تثق به وبحسن رعايته لها خاصة وهي تخشى دائما على تلك الرقيقة الناعمة بهشاشتها التي تجعلها تخاف عليها من كل شيء وتخشى على مشاعرها الرقيقة للغاية أن تتحطم على يد رجل لا يراعيها ...!


+



تقدمت همسة وهي تحمل فنجاة القهوة إتجاهه بينما لم يبعد هو عينيه عنها للحظة طوال الدقائق الفائتة لتضع فنجان القهوة أمامه فيسبحه ويرتشف منه القليل بينما تراقبه هي بقلب مضطرب تخشى ألا يعجبه فهي تعرف إنه صعب للغاية ولا يعجبه أي شيء ...


+



إنشرحت ملامحها بينما وجدته يبتسم مرددا بتلذذ :-


+



" رائعة ... إنها أفضل قهوة تذوقتها في حياتي ..."


+



هتفت بفرحة :-


+



" حقا ..؟!"


+



" أنت تعرفين إنني لا أجامل ..."


+



" نعم أنت كذلك ..."


+



تمتمت بها بذات الإبتسامة ثم أضافت مشيرة لخالتها :-


+



" سأكمل إعداد الصوص ..."


+



" حسنا حبيبتي ..."


+



قالتها خالتها مبتسمة قبلما تعاود النظر لولدها الذي كان يتذوق أروع قهوة في حياته ...


+



سألته والدته بمكر بعدما إنتهى من تناول الفنجان :-


+



" هل تريد تناول حبة الدواء ..؟!"


+



نهض من مكانه يخبرها بخفة :-


+



" الصداع ذهب تماما بسبب هذا الفنجان الرائع ..."


+



توردت ملامح همسة لا إراديا بينما كانت تخلط القشطة مع الشوكولاتة الذائبة بينما تحرك بعدها مغادرا المكان حيث إتجه إلى أحد المحال التجارية مقررا أن يبدأ خطوته الأولى للتقرب منها من خلال هدية سيهديها حالما يظهر قبولها في الجامعة  خلال هذين اليومين ...


+




        

          


                

**


+



مساءا ...


+



" يقولون إن قبولات الجامعات ستصدر خلال الساعات القادمة ..."


+



قالها مهند بحماس لتشحب ملامح همسة لا إراديا فسارعت هالة تقبض على كفها وهي تخبرها بمؤازرة :-


+



" لماذا قلقتِ .. ؟! سيكون قبولك جيدا بإذن الله .."


+



هتف مهند ببساطة :-


+



" حتى لو لم يكن كذلك .. يمكنها أن تدرس في جامعة خاصة أو حتى خارج البلاد ..."


+



" لا أريد الدراسة خارج البلاد يا مهند ..."


+



قالتها همسة بجدية ليهتف فيصل بمزاح :-


+



" لماذا ...؟! هل يرفض أحدهم أن يسافر إلى الخارج ويحيا بحرية ..؟!"


+



نهضت توليب من مكانها وتقدمت نحوها تحاوطها من كتفيها بينما تخبر ثلاثتهم بهدوء :-


+



" ما بالكم جميعا ..؟! لا تقلقوا الفتاة ... الأمر لا يحتاج لكل هذا التوتر .. حبيبتي لا تقلقي حسنا ..."


+



اومأت برأسها وهي تمنحها إبتسامة شاحبة عندما دلف راغب إلى المكان بعد حوالي ساعة  ليتعجب من جلوس والدته معهم بملامح مترقبة فسأل بحيرة :-


+



" هل هناك شيء ما ..؟!"


+



همست توليب له بخفوت :-


+



" نتائج القبول المركزي ستظهر خلال الساعات القادمة ..."


+



إتجه ببصره نحو تلك القابعة فوق الكنبة بجوار شقيقتها بملامح قلقة ليتنهد مرددا :-


+



" النتيجة ستكون جيدة ..."


+



أضاف موجها حديثه نحوها :-


+



" كما إن هناك جامعات خاصة ودراسات مسائية .. لن تكون هذه نهاية العالم .."


+



" وهناك جامعات خارج البلاد ..."


+



هتف بها فيصل بحماس ليتفاجئ براغب يمنحه نظرات مشتعلة بينما صدح صوت مهند مرددا بضجر :- 


+



" النتائج تأجلت إلى مساء الغد ..."


+



" هل سأنتظر حتى مساء الغد ..؟!"


+



هتفت بها بإحباط تمكن منها ليتحرك راغب مغادرا المكان مقررا التحدث مع أحد معارفه في وزارة التعليم يسأله عن نتيجة القبول ليخبره الأخير أن ينتظر قليلا ثم يعود إليه بالنتيجة ...


+



**


+



عاد راغب إليهم ليجلس قبال همسة يسألها مبتسما بهدوء :-


+




        

          


                

" أخبريني يا همسة ... ما الجامعة التي تخططين لدخولها ..؟!"


+



حمحمت بإرتباك :-


+



" لا أعلم .. لا يوجد تخصص معين في بالي .. أتمنى فقط أن يتم قبولي في قسم جيد ...المعدلات هذه السنة كانت مرتفعة و ..."


+



" الهندسة مثلا ..."


+



طالعته بإرتباك قبلما تهمس بإحباط :-


+



" لا أعتقد ذلك .. هناك الكثير من المعدلات المرتفعة ولا أعتقد إنه سيتم قبولي في كلية الهندسة ..."


+



" لكنه تم قبولك بالفعل ..."


+



إنتفضت من مكانها تصرخ بعدم تصديق :-


+



" ماذا ..؟!"


+



قال مهند بفرحة :-


+



" حقا يا راغب...؟!"


+



بينما إنهالت الأسئلة عليه عندما سألت بدورها بلهفة :-


+



" حقا يا راغب ..؟؟ هل تم قبولي في كلية الهندسة ..؟!"


+



مد هاتفه لها لتسحبه وتطالع بلهفة فتصرخ بسعادة :-


+



" إنه إسمي .. تم قبولي في كلية الهندسة ... "


+



سارعت زهرة تضمها بفرحة غامرة نحوها يتبعها البقية حتى أتى دوره آخرهم ليبارك لها مبتسما بصفاء :-


+



" مبارك يا همسة .. ستكونين أفضل  مهندسة في البلاد ..."


+



قالت بسرعة :-


+



" أشكرك ... "


+



قالت هالة بسرعة وحماس :-


+



" يجب أن نحتفل ..."


+



نطق راغب سريعا :-


+



" إنهضوا وغيروا ملابسكم فالإحتفال سيكون عليّ الليلة ..."


+



طالعته زهرة بفرحة لهذا الاهتمام الواضح بينما قالت هالة بجدية :-


+



" لكننا سنتأخر قليلا في تحضير أنفسنا ..."


+



" الآن الساعة السابعة والنصف .. في تمام الساعة التاسعة سنغادر القصر ..."


+



تحركت الفتيات بسرعة بينما نهضت زهرة تهتف بحماس :-


+



" سأخبر عابد بما حدث وأطلب منه العودة سريعا من زيارة صديقه كي يشاركنا الإحتفال ..."


+



بينما سحب راغب هاتفه يتصل براجي الذي أراد أن يعتذر بسبب عمله لكن راغب حذره وهو يخبره بصرامة إنه من غير المسموح له بالتخلف عن هذا الإحتفال العائلي الخاص جدا ...


+




        

          


                

أنهى حديثه ثم صاح بشقيقيه اللذين كانا يهمان بالمغادرة  :-


+



" إلى أين ...؟!" 


+



سأل فيصل مندهشا :-


+



" ألن نجهز أنفسنا نحن كذلك ...؟!" 


+



" خمس دقائق تغيران بها ملابسكما ثم تأتيان إلي ..."


+



" خمس دقائق فقط ...لا يكفي بالطبع . 


+



قالها فيصل مستنكرا ليهتف راغب ساخرا :-


+



" نعم فزينة وجهك ستتطلب وقتا أكبر ..."


+



سأل مهند :-


+



" ماذ هناك يا راغب ..؟! ألم تقل إننا سنغادر في الساعة التاسعة ...؟!" 


+



توسطهما راغب يحاوط كلا منهما بذراعيه فإرتبك كلاهما عندما هتف بهما بغلظة :-


+



" هذا للبقية أما أنتما فلديكما مهمة يجب أن تجهزاها بخصوص حجز المطعم وغيره كي نصل ونجد كل شيء منظم بأفضل وجه ..."


+



تلاقت عيناي مهند وفيصل برفض لحظي قبلما يرفع مهند كفه مرددا بإستسلام :-


+



" أوامر شقيقك الكبير سيف فوق رقبتنا ..."


+



" أحسنت يا ولد ..."


+



قالها راغب وهو يربت فوق ظهره قبلما يخبرهما عما هو مطلوب منهما ...


+



**


+



هبط راغب درجات السلم ليجد والده قباله والذي مازحه وهو يربت فوق كتفه :-


+



" مبارك لك قبول همسة يا راغب ..."


+



إبتسم راغب بخفة وهو يردد :-


+



" المباركة الحقيقية ستكون قريبا ..."


+



هتف عابد بصدق :- 


+



" إختيارك موفق هذه المرة وأنا سعيد للغاية ومتفائل بهذه الزيجة ..."


+



أضاف بمدح :-


+



" همسة فتاة رائعة .. يكفي إنها تربت بيننا و على يد والدتك ... "


+



اوما راغب برأسه بينما أضاف عابد بجدية :-


+



" والأهم إنها إختيار القلب لا العقل فقط .."


+



إبتسم راغب بهدوء دون تعقيب ليضيف والده بحماس :-


+



" تعجل في زواجكما فأنا أريد رؤية أحفادي منك قريبا ..."


+



قال راغب مبتسما على سعادة والده :-


+




        

          


                

" ما زال الوقت مبكرا .. الفتاة ما زالت صغيرة يا بابا .. لم تدخل الجامعة بعد ..."


+



هز عابد رأسه متفهما عندما تقدمت زهرة نحوهما تسأل بتذمر :-


+



" ألم ينتهين بعد ..؟!"


+



أخبرها بجدية :-


+



" غادرا أنتما وأنا سآتي بهم ..."


+



" حسنا حبيبي .. هل سيأتي راجي أيضا ..؟!"


+



" ستجدينه قبلك في المطعم .." 


+



تحركا يغادران المكان بينما وقف ينتظر هبوط الفتيات اللواتي هبطن أخيرا ليتأملها بحرص مبهورا بها كعادته كلما يراها رغم إطلالتها البسيطة كالعادة ...


+



كانت ترتدي فستانا بلون زهري لامع قصير قليلا ينتهي قبل ركبتيها بقليل ذو حمالات رفيعة ..


+



جزءه العلوي يلتصق بجسدها النحيل بينما يتسع قليلا أسفل خصرها حتى نهايته ..


+



ترتدي في عنقها قلادة ذهبية رقيقة وقد رفعت شعرها من الجانبين وجمعت بضع خصلاته   بينما تركت  البقية منسدلة خلف ظهرها ...


+



إرتدت في قدميها حذاء مسطح ذو لون كريمي ...


+



كانت بسيطة للغاية وناعمة كعادتها ورغم ذلك كانت تسحره بكل ما فيها ...


+



تلك النعومة الخاصة بها ورقة ملامحها تسحره بل تجعله مولعا بها وبكل ما تحمله ...


+



إبتلع ريقها وود لو يأخذها ويهرب بها بعيدا يخبرها عن عشقه الجارف بل يشرحه لها بالفعل ...!


+



إبتسم بحذر وهو يخبرها بهمس لم يسمعه سواها :-


+



" تبدين رائعة يا همس ..."


+



إحتقنت ملامحها بخجل شديد وتوترت كليا بينما شد هو قامته يسأل الفتاتين اللتين كانتا تتبادلان المزاح :-


+



" هل نتحرك ...؟!"


+



هزتا رأسيهما موافقتين ليشير راغب لهمسة أن تتقدمه فتحركت أمامه مطرقة برأسها إلى الأسفل يتبعها هو عندما فوجئت به يفتح لها الباب لتجلس في الكرسي المجاور لكرسيه لتتطلع له برهبة لحظية فيبتسم لها بتروي ..


+



بادلته إبتسامته بأخرى مرتبكة قبلما تأخذ مكانها بينما كانت كلا من هالة وتوليب تتطلعان إليهما بتركيز شديد قبلما تتبادلان النظرات والإبتسامات الماكرة ليحمحم راغب طالبا منهما الصعود ...


+



أخذ هو مكانه في مقعد السائق ثم شغل سيارته ...


+



شغل جهاز الموسيقى ليصدح صوت مغنيتها المفضلة فتتطلع له بدهشة عفوية ليبتسم بصمت عندما صدح صوت هالة تعترض على الأغنية :-


+




        

          


                

" شغل لنا أغنية حماسية يا راغب ..."


+



ليهتف راغب ببرود :-


+



" اليوم لهمسة وهذه مغنيتها المفضلة ..."


+



تشنجت ملامح همسة بقوة وكادت أن تبكي من فرط الخجل والإحراج لتهمس هالة مشاكسة :- 


+



" هكذا إذا ..."


+



بينما جذبتها توليب من ذراعها تهمس لها بجانب أذنها :-


+



" يبدو إننا سنحتفل قريبا بحفل زفاف عائلي جدا .."


+



"أتمنى ذلك ..."


+



قالتها هالة بتنهيدة وهي تتطلع لهما وهما بجانب بعضيهما وفي عقلها باتت تتصورهما زوجين حقيقيين وكم أسعدها هذا التصور ...!


+



**


+



كان الإحتفال رائعا رغم بساطته ...


+



إجتمعت العائلة على طاولة حجزت لهما في أحد أشهر المطاعم في البلاد ..


+



حجز كلا من مهند وفيصل ركنا منعزلا مفتوحا يطل على مياه البحر وتم تزيين الطاولة بحرص كما تم وضع كعكة ضخمة تتوسط الطاولة تم تزيينها بالشكل الذي تفضله هي مع كتابة عبارة :-


+



" To our future engineer


+



كما تم إستقبالها بباقة ورد ضخمة منحها لها النادل حالما دخلت إلى المكان .: 


+



كل شيء كان بتوصية من راغب الذي حرص على إدخال السعادة إلى قلبها وقد حدث ما كان وكانت في أوج سعادتها تلك الليلة ...


+



إمتدت السهرة لعدة ساعات حتى غادروا المطعم في حوالي الساعة الثالثة فجرا ...


+



ركبن الفتيات كالعادة معه بينما عاد كلا من فيصل ومهند مع والديهما وراجي في سيارته الخاصة ...


+



ما إن وصلوا إلى القصر حتى سارعتا هالة وتوليب تغادران السيارة عن قصد  بينما قبض راغب على كف همسة يخبرها بهدوء :-


+



" إنتظري لحظة ..."


+



طالعته بتردد لتجده يتحرك لوهلة مغادرا السيارة متجها إلى الصندوق الخلفي ثم يعود بعدها حاملا بيده علبة مربعة كبيرة قليلا ...


+



منحها لها وهو يخبرها بهدوء :-


+



" هذه هدية بسيطة لك ..."


+



" ما المناسبة ..؟!"


+



سألته بتردد ليجيبها بذات الهدوء :-


+



" بمناسبة قبولك في كلية الهندسة ..."


+



تمتمت بخفوت وخجل :-


+




        

          


                

" أشكرك .."


+



ثم هبطت من السيارة سريعا يتابعها هو بعينيه حتى إختفت من أمام ناظريه ليتنهد بحرارة وداخله يتسائل عن الوقت الذي ستصبح فيه له وملكه كي يتنعم بقربها الذي يتوقه أكثر من أي شيء ..


+



أما هي فدلفت إلى جناحها بأنفاس متلاحقه والعلبة محمولة بين ذراعيها ..


+



اتجهت بها نحو السرير ثم جلست فوقه وسارعت تفتح العلبة لتشهق بعدم تصديق وهي تتطلع إلى ما يوجد داخلها ...


+



كانت العلبة تحوي على مجموعة كاملة تحوي نسخ منقحة حديثا لمجموعة من أفلام الممثلة الأجنبية الشهيرة أودري هيبورن والتي تكون ممثلتها المفضلة منذ أعوام ...


+



لم تكن تعلم إنه يدرك عن عشقها لتلك الممثلة ورغبتها في الحصول على نسخ لأفلامها كي تتابعها متى ما أرادت وبصورة حديثة واضحة ...


+



وجدت مع مجموعة الأفلام جهاز حاسوب بأحدث إصدار جعلها تبتسم بفرحة خفية لا تخلو من رهبة مبهمة ...


+



تحركت دون تفكير وغادرت جناحها متجهة إلى جناحه تطرق على بابه فتجده يفتح الباب لها بملامح مندهشة  سرعان ما تحولت إلى أخرى رائقة تحمل إبتسامة خافتة ليجدها تطالعه بنظرات خجول مترددة قبلما تهمس بصوت خافت مبحوح :-


+



" شكرا .. الهدية رائعة ... "


+



" أسعدني إنها أعجبتكِ .."


+



" أعجبتني كثيرا ..."


+



قالتها بعفوية صادقة ليبتسم بهدوء فتضيف بذات الخجل :-


+



" أنا أحب هذه الممثلة كثيرا ..."


+



" أعلم ..."


+



قالها دون مواربة لتكح بحرج ثم تقول :-


+



" حسنا ، تصبح على خير ..."


+



تحركت لوهلة ثم توقفت عندما سمعته ينادي بإسمها فعادت تنظر له بإرتباك لتجده يخبرها مبتسما :-


+



" غدا سأنتظر قهوتي منكِ قبل مغادرتي إلى الشركة ..."


+



هزت رأسها دون رد بتوتر أكبر ثم تحركت بخطوات راكضة عائدة إلى جناحها وقلبها يخفق بقوة ...)



+



عودة إلى الوقت الحاضر ....


+



نهضت من مكانها وتقدمت نحوه ليرفع عينيها نحوه فترى الإعجاب شديد واضحا في عينيه ...


+



إعجاب مدموج بشيء ما خشيت أن تصدقه ...


+



تخشى أن يكون من وحي خيالها ... 


+




        

          


                

إبتسمت وهي تجلس قبالهما تلمس  شعرات الصغير بحنو وهي تخبره :-


+



" يجب أن تنام يا إبراهيم ..."


+



" لا ..."


+



قالها الصغير معترضا لتخبره بهدوء :-


+



" حان موعد نومك يا صغيري ..."


+



أشار لها راغب :-


+



" سأنيمه أنا وأعود إليكِ ..."


+



ثم حمله وتحرك به متجها إلى الجناح تتابعه هي بعينيها بمشاعر مختلطة طغت عليها السعادة رغم كل شيء ...


+



دلف إلى جناح أولاده ليجد سيف يذاكر دروسه بتركيز بينما نزار ممددا بفوضوية على الأريكة يعبث بجهازه اللوحي ...


+



" ماذا تفعل يا نزار ...؟!"


+



إنتفض نزار من مكانه يردد سريعا :-


+



" ألعب قليلا بعدما إنتهيت من مراجعة دروسي ..."


+



تسائل بوجوم :-


+



" أليس من المفترض أن تراجع دروسك بعدما إنتهيت من مذاكراتها مع والدتك كما يفعل شقيقك ..؟!"


+



" لا أحتاج أن أراجعها يا بابا ..."


+



قالها نزار بضيق ليشير له راغب بحزم :-


+



" هات جهازك هيا ..."


+



تأفف نزار بصمت وهو يمنحه الجهاز بينما نهض سيف من مكانه يخبر والده بجدية :-


+



" يمكنك أن تذهب يا بابا .. نحن سنتولى أمر إبراهيم ..."


+



إبتسم راغب وهو يربت على شعره بحنو يخبره بجدية :-


+



" لا داعي لذلك يا حبيبي .. إذهبا للنوم وأنا سأتولى أمر شقيقكما ..."


+



قال سيف بهدوء :-


+



" تصبح على خير إذا ..."


+



رد راغب تحيته وهو يربت على كتفه ليتحرك سيف ويسرع بلملمة كتبه بينما هتف نزار بإحباط :-


+



" تصبح على خير يا بابي ..."


+



ربت راغب فوق شعره وهو يبتسم لها :-


+



" وأنت بخير يا حبيبي ..."


+



تحرك بعدها بالصغير يضعه فوق سريره بجانب لعبته ثم يبقى جانبه حتى ينام ليعود بعدها إلى جناحه فيجدها تجلس فوق السرير تقرأ إحدى رواياتها التي إشترتها حديثا ...


+




        

          


                

جلس جانبها يسألها :-


+



" تقرئين رواية كالعادة ..؟!"


+



أغلقت الرواية ووضعتها جانبا ثم أخبرته بتروي :-


+



" نعم .. كالعادة ..."


+



أغمض عينيه وهو يستند على السرير بتعب ليسمعها تخبره فجأة :-


+



" أنا توقفت عن تناول حبوب منع الحمل ..."


+



فتح عيناه على الفور يطالعها بعدم تصديق قبلما يسألها :-


+



" هل أنتِ حامل ..؟!"


+



هزت رأسها نفيا ثم أخبرته بخجل :-


+



" لكنني أريد ..."


+



" كرريها ..."


+



قالها وهو يقبض على ذراعها بملامح متحمسة لتهمس بصوت متحشرج :-


+



" أريد يا راغب .. أريد فتاة ..."


+



" وأنا كذلك أريدها فتاة هذه المرة تشبهك في كل شيء وتحمل لون عينيك .."


+



ضحكت بنعومة ثم ذابت بين ذراعيه اللتين تحاوطانها بحرص وقبلاته الشغوفة أطاحت بكل خلية فيها ...


+



سرعان ما خلع ملابسها عنها تدريجيا وساعدته هي بذلك بينما تتجاوب معه بلهفة مجنونة ... 


+



كانا في أوج جنونها وشغفهما ونشوة العشق تتمكن منهما ...


+



وقبلما يصلان إلى ذروة اللحظة دفعته فجأة وهي تصرخ بإدراك :-


+



" إبتعد يا راغب .. ليس الآن ..."


+



إرتفع من فوقها لاهثا ورغبته في آوجها ليهمس بأنفاس متصاعدة :-


+



" ماذا تقولين أنت ..؟!"


+



همست من بين أنفاسها تقاوم رغبتها فيه هي الأخرى :-


+



" ليس اليوم ..."


+



طالعها بعدم إستيعاب فسارعت تضع كفها فوق صدره تخبره بجدية :-


+



" الجدول يا راغب ..."


+



كز فوق أسنانه يتسائل بنفاذ صبر :-


+



" أي جدول ...؟!"


+



أخبرته سريعا :-


+



" الجدول يقول إن اليوم سيكون صبي لكن غدا فتاة ..."


+



ثم همت بالنهوض وهي تضيف :-


+



" لا يجب أن تلمسني سوى في الأيام التي يمكننا أن نحصل بها على فتاة ..."


+



" ما هذا الجنون ..؟!"


+



صاح بها غير مصدقا لتهمس بسرعة :- 


+



" هذا ليس جنون .. لقد رتبت كل شيء وسجلت الأيام المناسبة ..."


+



ثم أضافت برجاء :-


+



" ألا تريد أن تحصل على فتاة ..؟!"


+



عاد يدفعها فوق السرير ويهبط بجسدها فوقه يخبرها بنفاد صبر :-


+



" لا أريد الآن شيئا سواك ...!!"


+



قبلها بعنف قبلما يهمس أمام شفتيها :-


+



" اللعنة على هذا الجدول الأحمق الذي فصلني عنكِ في قمة شوفي ونشوتي ..."


+



ثم عاد يقبلها بجنون لتتجاوب هي معه على الفور متناسية أمر الجدول عندما همس لها أخيرا قبلما يصل إلى ذروة وصالها :-


+



" لن تنامي لحظة واحدة .. سنبقى هكذا حتى الصباح عقابا على حماقتك ..."


2



ضحكت بمرح قبلما تجذبه إليها بشغف ساحر وحواسها بأكملها باتت ملك يديه ...



+



***


+



يتبع في الجزء الثاني من الفصل 


+




       

                                    

الفصل الثالث والعشرون


+



( الجزء الثاني ) 



+



تجلس قباله تتأمله وهو يقرأ الملف بجبين متغضن وتركيز شديد ...


+



هتفت يسرا بجدية :-


+



" أعتقد إن كل شيء يسير بشكل رائع كما ترى يا راغب ..."


+



تمتم راغب بعملية وهو ما زال يقلب في الملف ويقرأ محتواه بتركيز :-


+



" نعم ، إنه كذلك ..."


+



أغلق الملف وهم بجذب الآخر عندما صدح صوتها تسأله  بهدوء :-


+



" هل حقا هالة تطلقت يا راغب ...؟!"


+



وجمت ملامحه وهو يجيب :-


+



" نعم ..."


+



" آسفة لذلك حقا ..."


+



تمتمت بها بآسف وهي تضيف بشفقة كاذبة  :-


+



" الفتاة لم تفرح بزيجتها كما ينبغي ..."


+



" للآسف .. ولكن لا بأس .. المهم إنها بخير ..."


+



اومأت برأسها قبلما تسأل بإهتمام :- 


+



" وماذا عن همسة ...؟! بالتأكيد حزينة لما أصاب شقيقتها ...؟!"


+



" بالطبع ستحزن ولكن كما قلت ما يهم سلامتها ..."


+



قالها بهدوء وسحب الملف الثاني يقرأ ما فيه لتضيف عن قصد :-



+



" كيف تسير العلاقة بينكما ...؟!"


+



سألته يسرا مدعية الاهتمام ليرفع وجهه من فوق الملف يتطلع اليها بصمت امتد لثواني قبل أن يجيب ببرود :-


1



" ما شأنك ...؟!"


+



وجمت ملامحها وهمت بقول :-


+



" أنا فقط أريد ..."


+



أوقفها بحزم :-


+



" أقرب الناس إليّ لا يحق لهم أن يتسائلون عن شيء كهذا فمن تكونين أنتِ لتسأليني عن  علاقتي بزوجتي ...؟! "


+



هتفت بثبات جاهدت لتحافظ عليه :-


+



" أنا آسفة ... ربما ليس من حقي ولكن ..."


+



أوقفها بحزم :-


+



" لا من حقك ولا من حق غيرك ... لا تتجاوزي حدودك يا يسرا .... حافظي على المسافة الموجودة بيننا أفضل  لك ..."


+



هتفت بصوت متحشرج :-


+



" انا سألت لأنني سمعت إن هناك توتر بينكما ..."


+




                

" توتر ...؟؟!!"


+



قالها بدهشة مقصودة وهو يضيف ساخرا :-


+



" من أخبرك بهذا ...؟!"


+



قالت بسرعة :-


+



" ليس مهما من أخبرني ..."


+



قاطعها بحزم :-


+



" بلى مهم .. يجب أن أعلم من يدعي  ما ليس موجود بيننا ، إذا كان هناك من يفعل ذلك أساسا ..."


+



سألته بتجهم :-


+



 " ماذا تقصد ...؟! هل تقصد إنني أكذب ..؟؟"


+



" ربما ، ليس غريبا عليكِ أن تكذبي وتدعي أشياء لا وجود لها ..."


+



قالها ببرود لتهتف من بين أسنانها :-


+



" من فضلك يا راغب ... أنا لا أسمح لك أن تتجاوز حدودك معي ..."


+



قال بحزم :-


+



" عندما تحترمين أنتِ هذه الحدود يا يسرا سوف أحترمها بدوري ولن أتجاوزها ..."


+



" الحق عليّ لإنني خفت أن أتسبب  بمشكلة بينك وبين زوجتك بسبب عملنا سويا ..."


+



قالتها بضيق ليرفع حاجبه وهو يقول :-


+



" غريب أمرك ... ألم تكونِ موجودة عندما أخبرتِ همسة بهذا العمل بل وأخذتِ الإذن منها ...؟؟" 


+



قالت مبررة :-


+



" قلت ربما شعرت بالاحراج ... "


+



قاطعها :-


+



" كلا اطمئني ، لو كانت ترفض ذلك لأخبرتني بيني وبينها على الأقل ..."


+



سألته متعمدة :-


+



" وهل كنت سترفض مشروعا مهما كهذا لإنها لا تريد عملنا سويا ...؟!"


+



" ماذا تعتقدين أنت ...؟!"


+



سألها ببرود لتهتف بثقة :-


+



" لا أعتقد إنك ستفعل ... أنت رجل عملي وتدرك قيمة العمل جيدا والأهم إنك لست من يسير وراء رغبات من حوله ... أنت لا تهتم بقبول أو رفض من حولك طالما أنت مقتنع بما تفعله ..."


+



" معك حق ... انا لا أهتم بآراء من حولي بل لا أطلبها من الأساس ..."


+



إتسعت ابتسامتها بثقة لتجده يضيف بهدوء صارم :-


+



" ولكن همسة ليست أحد .. همسة زوجتي .. شريكة حياتي ... نصفي الثاني .. وأم أولادي .... لذا فهي استثناء عن البقية ... ورضاها من عدمه يهمني للغاية طالما إن ذلك يصب في مصلحة زواجنا وأطفالنا بالطبع ..."


3




        


          


                

بهتت ملامحها وهي ترى الجدية واضحة على عينيه لتطالعه غير مصدقة فيضيف بإبتسامة ساخرة :-


+



"ماذا كنت تعتقدين  ..؟! هل تعتقدين إنني سأحزن زوجتي وأزعجها في سبيل الحصول على مشروع ناجح ..؟! همسة تهمني أكثر من أي مشروع كان وأكثر من أي أحد ..."


+



أضاف عن قصد :-


+



" يكفي إلى هنا يا يسرا ... لقد تجاوزتُ الماضي وما حدث فيه بإرادتي  .. نحن أبناء اليوم كما يقولون .. لذا دعينا من الماضي ولنهتم بشؤونا وأعمالنا أفضل .." 


+



" أنا لم أكن أقصد شيئا يا راغب ..."


+



قالتها وهي تجاهد لإخفاء إضطرابها فهتف ببرود :-


+



" حتى لو كنت تقصدين ... لن تستطيعين فعل أي شيء .. محاولاتك حتما ستفشل يا يسرا ... لذا أريحي نفسك ..."


+



انتفضت من مكانها تهدر بصرامة :-


+



" صدقني لا أهتم لا بك ولا بها ... أنا هنا لأجل العمل فقط لا غير .."


1



" هذا رائع ..."


+



قالها وهو يبتسم بهدوء لتحمل حقيبتها وتخبره برسمية :-


+



" سنتحدث فيما بعد بما يخص بقية التفاصيل .."


+



ثم إندفعت تغادر المكان بخطوات عصبية عندما إتخذت مكانها في سيارتها فتنهدت بحنق ثم جذبت حقيبتها تسحب منها علبة سجائرها ..


+



 تناولت سيجارة أخذت  تدخنها بعنف وما رآته في الأعلى أجج غضبها ...


+



هذه المرة تحديدا كان غضبها مختلف وأعمق بمراحل من السابق فاليوم أدركت شيئا غاب عنها أو ربما تعمدت أن تتجاهل إحتمالية وجوده ...


+



رأت ما صفعها بقوة ...


+



رأت العشق صريحا في عينيه ...


+



عشق نالته تلك الحمقاء بدلا عنها ...


+



عشقا كانت وحدها من تستحقه ...


+



أطفأت سيجارتها بعنف و الغضب يتمكن منها ...


+



ما رآته الآن في عيني راغب سبق ورآته في عينيّ من كان زوجها ...


+



نفس العشق الذي توجه لغيرها ...


+



غيرها ممن كانتا أقل منها في كل شيء ....


+



لمَ لم يحبها راغب وأحب همسة رغم إنها أفضل منها بمراحل ..؟!


+



ولم حدث نفس الشيء مع جلال ...؟!


+




        

          


                

إشتعلت عينيها بجحيم وداخلها ترفض ما يحدث حولها ...


+



تكره ما تشعر به حاليا ...


+



هي ترفض الخسارة ...


+



تمقتها ...


+



لا تتقبلها ..


+



وهي خسرت مرتين ...


+



في المرة الأولى خسرت راغب الهاشمي ..


+



والمرة الثانية خسرت جلال الراشد ...


+



والقاسم المشترك بين كلتي الخسارتين كان كبريائها ...


+



كبريائها الذي يأبى أن يخرج خاسرا من علاقة سعت إليها ...


+



علاقة خالية من المشاعر ..


+



هي لم تحب راغب ...


+



ولم تحب جلال كذلك ...


+



هي أساسا لا تبحث عن الحب ...


+



الحب ليس من ضمن اهتمامتها ...


+



هي تبحث عن الكمال ...


+



وهي أنثى كاملة الأوصاف لا ينقصها سوى رجل يليق بها وطفل فشلت في الحصول عليه بعد عدة محاولات انتهت جميعها بالفشل  ...


+



ورغم كل هذا ترفض الخسارة ...


+



يسرا الحداد لن تتقبل خسارتها مرتين ...


+



يسرا الحداد لن ترتاح حتى تعوض هاتين الخسارتين بإنتصار  مناسب ...


+



لن يرضيها أقل من إنتصار يعادل الخسارتين والأفضل أن يعلو عليهما ..


+



وقبلها ستلقن كليهما درسا فهي لن ترتاح حتى تجعلهما يشعران  بنفس الشعور الذي سيطر عليها بسببهما ...


+



تحركت عائدة إلى المنزل حيث وجدت هناك شقيقها ...


+



ألقت التحية عليه قبلما يطلب منها التحدث قليلا ...


+



جلست قباله مجبرة وهي تصطنع الهدوء والثبات  كعادتها ..


+



لا تظهر ما تحمله خبايا روحها  ...


+



ترفض إظهار هوانها أمام أقرب الناس لقلبها ...


+



حدثها عن بعض أمور تخص العمل قبلما يأتي على سيرة ماذي التي قرر تعيينها عنده ...


+



هنا دق جرس الإنذار في رأسها لتهتف بتجهم :-


+



" لماذا ستوظفها عندك ..؟!"


+




        

          


                

أخبرها ببساطة :-


+



" الفتاة تطلقت منذ فترة وهي تعيش لوحدها وبحاجة إلى عمل ووجدت هذه فرصة مناسبة  لرد جميلها في حقي ..."


+



شردت يسرا في حديثها ليضيف هو :-


+



" خاصة إنها رفضت الهدية التي أحضرتها لها ..."


+



رفعت حاجبها تردد بسخرية خفية :-


+



" رفضتها إذا ..."


+



" نعم ، لم تقبل ..."


+



تمتم بها بجدية لتتطلع له بعينين هادئتين بينما ما يحدث لم يعجبها إطلاقا ...


+



ثواني وأخبرته بجدية :-


+



" برأيي من الأفضل أن تعمل لدي في شركتي ... ماذا ستعمل في مجال السياحة ..؟! العمل لدي يناسب فتاة جميلة مثلها أكثر ..."


+



هتف براء يؤيدها بدوره  :-


+



" فكرة رائعة ... سأخبرها بذلك ..."


+



أخبرته سريعا :-


+



" أرسل لها رقم هاتفي ودعها تتواصل معي كي أحدد لها موعدا قريبا ولا تقلق سأمنحها وظيفة رائعة وبراتب عالي ..."


+



" أنت رائعة ..."


+



قالها وهو يبتسم لها بصدق فبادلته تلك الإبتسامة  قبلما تنهض من مكانها متجهة إلى جناحها لتختفي إبتسامتها كليا وهي تخبر نفسها ببرود :-


+



" لنرى مالذي تنتويه تلك الماذي وأتمنى ألا يكون ظني بها صحيحا ...؟!"


+



**


+



تأملت جيلان وجوم ملامحه بحيرة ...


+



منذ الصباح وهو واجم بشدة بشكل جعلها تضيق ذرعا ...



+



تأملت جيلان وجوم ملامحه بحيرة ...


+



منذ الصباح وهو واجم بشدة بشكل جعلها تضيق ذرعا ...


+



كان وجوما يخفي خلفه قلقا شديدا ....


+



يخشى عليها بشدة من هذا اللقاء الذي سيجمعها بأخيها ...


+



أخيها الذي يكرهه بقوة فهو لم ينسَ بعد تهديداته مسبقا له بل وطريقته في التعامل معه وإلقاء الأوامر عليه بتعنت جعله يرغب في قتله لمرات عديدة  ...


+



أخيها الذي كان يدعي إنه يفعل هذا لأجلها بل ويهدده لأجلها بينما هو أول وأكثر من تسبب بما وصلت إليه من ضياع ...


+



شعر بكفها تقبض على كفه تسأله بحذر :-


+



" أنت بخير ..؟!"


+




        

          


                

تنهد يجيب مرغما :-


+



" بخير ..."


+



أضاف يتسائل بخفوت  :-


+



" هل نهبط من السيارة ...؟!"


+



هزت رأسها بصمت قبلما يهبط كليهما من السيارة ويتجهان إلى الداخل حيث ستقابل عمار أخيرا كما أرادت ...!


+



وقف قبالها يتأملها بحرص وحذر وشعور الخوف داخله عليها يسيطر عليه بقوة ...


+



لا يعرف متى بات يخاف عليها لهذه الدرجة ...؟!


+



يشعر وكأنها إبنته التي عليه حمايتها من كل شيء قد يؤذيها ...


+



ذلك الشعور تسلل داخله وأخذ يتعاظم تدريجيا حتى تمكن منه فبات يرى نفسه أبا لها يخشى عليها بشدة ....


+



ربما هو ذلك الرباط الذي تحدث عنه والده ...


+



هو بات مرتبطا بها بشكل خاص ...


+



يشعر بنفسه مسؤولا عنها ..


+



حميته إتجاهها مختلفة ...


+



يحاوطها بحرص ويتصرف معها كأب يراعي طفلته المدللة ويحنو عليها ...


+



عادت تمسك كفه ...


+



كعادتها هي من تبادر للمسه فتخبره بإبتسامة خافتة :-


+



" لا تقلق علي ..."


+



تعجب من معرفتها بسبب وجومه ...


+



كيف فهمت عليه ..؟!


+



كيف أدركت إنه قلق عليها ..؟!


+



إبتسم مجبرا وهو يخبرها عن قصد :-


+



" لست قلقا .. أنتِ قوية أساسا ولا خوف عليك ..."


+



" نعم أنا كذلك ..."


+



قالتها بإبتسامة صافية قبلما تدهشه وهي ترتفع بجسدها نحوه تطبع قبلة خاطفة فوق وجنته تجمد مكانه على أثرها فتقابله نظراتها التي تتأمله بشكل مختلف عن المعتاد ...


+



لمح في عينيها نظرة مختلفة جعلته يتوتر كليا ..


+



تلك النظرة ولدت حديثا  في عينيها ...


+



نظرة لا تقتصر على الآمان والإطمئنان ...


+



هناك شيء ما أبعد منهما ...


+



شيء يقلقه ويخشى أن يكون حقيقيا ...!


+



تجاهل أفكاره تلك وهو يربت فوق شعرها بحنو ويبتسم لها بهدوء لا يشبهه ...


+




        

          


                

تحركت بعدها بجانب الشرطي الذي أتى ليأخذها حيث ينتظرها أخيها  بينما بقي هو يشيعها بنظراته حتى إختفت من تحت أنظاره فتنهد بصعوبة ثم إتخذ كرسيا قباله مجلسا له ينتظرها حتى تنتهي تلك المقابلة على خير  ...!


+



**


+



تجلس مكانها بتوتر تمكن منها رغم محاولاتها الحثيثة لتجاهل أي قلق أو توتر سابق جراء هذه المقابلة ...


+



مقابلة سعت هي إليها بنفسها ...


+



مقابلة تحتاجها بشدة أكثر من أي وقت ...


+



خفق قلبها بعنف وهي ترى الباب تُفتح أمامها ثم يتقدم هو إلى الداخل فتنهض من مكانها لا إراديا ...


+



وقف قبالها جامدا مكانه للحظات ...


+



عيناه تقابلان عينيها بصمت وكلاهما يتأمل الآخر بتروي لا يخلو من الشوق ...


+



نظراتها كانت تحمل دهشة واضحة ..


+



ما زال كما هو ...


+



لم يتغير بل يبدو أفضل من السابق وكأن السجن لم يكسره أبدا ولم ينل منه ولو مقدارا ضئيلا ...


+



كان في أفضل حالاته ..


+



أما هو فلم يغب عنه ذلك التغيير الذي طرأ عليها ...


+



نضوج إكتسبته بوضوح فبدت أكبر سنا ..


+



منحها إبتسامة خفيفة وهو يسأل بهدوء :-


+



" كيف حالك يا جيلان ..؟!"


+



لوهلة شعرت بالحنين الشديد إليه ..


+



ودت لو تلقي نفسها داخل أحضانه تعانقه بمحبة لكنها تراجعت في اللحظة التي تليها وهي تتذكر ما عايشته بسببه ...


+



أخذت نفسا عميقا ثم أجابت بخفوت :-


+



" بخير ..."


+



أضافت تتسائل :-


+



" هل نجلس ..؟!"


+



هز رأسه بإحباط خفي وهو يتخذ مكانه قبالها عندما سألته :-


+



" كيف حالك أنت ..؟!"


+



أجابها ببساطة :-


+



" كما ترين .. بأفضل حال ..."


+



" كان عليّ أن أتوقع ذلك .."


+



قالتها بسخرية باردة عندما شعرت به يمسك كفها يخبرها بصدق :-


+



" إنتظرت زيارتك منذ أن أخبرتني ريم بعودتك إلى البلاد ..."


+



أرادت أن تفلت كفها من قبضة كفّه لكنها لم تفعل لتتجاهل ذلك وهي تسأل بذات السخرية :-


+




        

          


                

" ريم تخبرك بكل شيء يحدث حولك ..."


+



" ليست ريم وحدها ..."


+



قالها وهو يسترخي في جلسته مضيفا بخيلاء :-


+



" أنا أعلم جميع ما يدور في العالم حولي من خلال ريم وغيرها ... لا تقلقي بشأن ذلك ..."


+



" وهل تعلم إنني تزوجت ...؟!"


+



سيطرت الدهشة على ملامحه لتضيف ببرود :-


+



" هذا يعني إن جواسيسك في الخارج لا يعملون جيدا ..."


+



تجاهل حديثها اللاذع وهو يسأل بوجوم :-


+



" من تزوجت ..؟! وكيف تزوجت أساسا ..؟!"


+



" تزوجت مثل جميع البشر ..."


+



أضافت وهي تراقب حدة ملامحه :-


+



" تزوجت مهند مجددا ..."


+



ثواني وكان ينتفض من مكانه يصيح بعدم تصديق :-


+



" ماذا تقولين أنت ...؟! هل جننتِ ..؟! كيف تزوجته مجددا ..؟!"


+



أخبرته وهي تنهض تقابله في وقفته تتحداه بوضوح :-


+



" نعم تزوجته وسأبقى معه ... بإرادتي هذه المرة يا عمار ..."


+



" ما تقولينه جنون .. هل نسيت ما حدث لك بسببه ...؟!"


+



سألها بغضب حارق لتخبره بإبتسامة باردة :-


+



" لم أنسَ .. مثلما لم أنسَ ما أصابني بسببك يا عمار ..."


+



عيناها في تلك اللحظة حملت حقدا مخيفا جعل قلبه يهوي أسفل قدميه ...


+



لم يتخيل يوما ما أن تحمل جيلان تلك النظرات إتجاهه  ...


+



لم يتخيل ذلك في أبشع كوابيسه ...


+



" مالذي تقولينه أنت ..؟؟"


+



سألها بصوت متحشرج لتهتف بخفة :-


+



" ماذا قلت ..؟! لم أكذب .. إذا كان هناك من تسبب بآلمي وعذابي فستكون أنت أولهم وأكثرهم يا عمار ..."


+



إشتعلت عيناه وهو يهدر بنبرة مجنونة :-


+



" الآن أصبحت أنا سبب كل المصائب بينما مهند بك لم يفعل شيئا ..."


+



قاطعته بنبرة صارمة لا تليق بسنواتها أبدا لكن جيلان التي تقف أمامه الآن ليست جيلان الصغيرة ذات الثمانية عشر عاما بل هي أخرى صنعتها الأيام السوداء وأصقلتها المواقف الصعبة :-


+




        

          


                

" مهند آذاني لكن له مبرراته ... والأهم إنك لا يمكن أن تقارن أذى مهند بكم الأذى الذي سببته أنت لي يا عمار ..."


+



أخذت نفسا طويلا ثم قالت :-


+



" لا أنكر إن راغب ومهند أذوني بل وحتى عمي ولكن ..."


+



إبتسمت بمرارة وهي تسترسل :-


+



" جميعهم لم يؤذوني بقدرك والأهم إن جميعهم ليسوا أنت ..."


+



طالعها بإنفعال مكتوم فأضافت بذات المرارة :-


+



" أنت يا عمار .. أخي الوحيد ... الشخص الوحيد الذي أمّنته ماما عليّ بل حتى بابا منحك الوصاية عليّ كونك بالذات دونا عن الجميع لا يمكنك أن تؤذيني أما هم فلم يكونوا يعرفوني جيدا حتى ... لم أكن قريبة منهم بالشكل الذي يجعلني أتعشم بهم الخير لكنني عشمت نفسي بك ومدى سعادتي بوجودي جانبك ..."


+



ضحكت ببلاهة وهي تضيف :-


+



" إخترتك وفضلتك عليهم يا عمار ..."


+



تشكلت دموعها داخل مقلتيها وهي تهمس بآسف :-


+



" راغب الذي أخطأ عندما زوجني لمهند لم يكن يعلم بالتفاصيل كاملة ... أنا بالنسبة له كنت فتاة مستهترة أخطأت مع شاب والحل الوحيد هو زواجي لإستعادة شرفي المهدور على يديه ..."


+



إشتعلت عينيها بعدها ببريق ناري :-


+



" راغب لم يكن يعلم عما سبق ذلك ... عن معاملتك الحقيرة لي .. عن نبذك لي ... عن حبسك لي بين جدران الشقة رافضا حتى زيارتي لهم ... لم يكن يعلم إنك حالما نلت فرصة إدارة أملاكي رميتني في شقة معزولة ولم تكن تزرني إلا نادرا وبعدما أطلب منك ذلك لمرات عديدة ..."


+



مسحت دمعة سقطت من عينها وهي تخبره بحسرة :-


+



" هم آذوني لكن دون قصد وآذاهم ثلاثتهم لا يساوي شيء أمام آذاك أنت يا عمار ..."


+



صاح بعصبية :- 


+



" لقد غسلوا دماغك ... حقا غسلوه ..."


+



ضحكت غير مصدقة :-


+



" أنت تضحك على نفسك لإنك تعلم صدق حديثي ..."


+



" ماذا فعل آل هاشمي بك وكيف حرضوكِ عليّ يا جيلان ...؟!"


+



سأل بنبرة حادة لتشمخ برأسها وهي تخبره عن قصد :-


+



" آل هاشمي هم عائلتي يا عمار .. أم نسيت إنني جيلان الهاشمي .. أحمل إسمهم ودمائهم ..."


+



" أعلنتِ إنتمائك لهم كاملا إذا ..؟!"


+



سألها بسخرية باردة وداخله يشتعل نارا لإن جيلان باتت تنتمي قلبا وقالبا إليهم بعدما كان يعتقد إنه يمثل  عالمها بأكمله :-


+




        

          


                

" نعم فعلت ... "


+



أضافت بهدوء :-


+



" في الواقع أنا أنتمي لمهند ... مهند الذي سأتمسك به بشدة وأسعى لإنجاح علاقتي به ...."


+



" هل أحببته ..؟!"


+



سألها دون مواربة ليشاهد توتر ملامحها وإرتباك نظرات عينيها فيهمس برفض :-


+



" لا أصدق .. أحببت مهند يا جيلان  ..."


+



" لنفترض إنه أحببته .. ما مشكلتك في هذا يا عمار ...؟!"


+



سألته بسخرية ليهتف بآلم خفي :-


+



" إلا الحب يا جيلان .. سيؤذيك ويضعفك وربما يقتلك ..."


+



وهنا ظهرت صورة والدته أمام عينيه قبلما يسمعها تخبره بما صفعة بقوة :-


+



" كما حدث مع شيرين ..."


+



لم يغب عنها إرتباك ملامحه بل تقسم إنها رآت في عينيه مشاعرا متضاربة ...


+



سأل بخفوت :-


+



" هل هي بخير ...؟!"


+



" هل يهمك ذلك كثيرا ...؟!"


+



تأملها بملامح وجمت كليا وهو الذي لم يتوقف عن التفكير بها وبإبنه لحظة واحدة ...


+



طوال الفترة السابقة لم تغادر شيرين أفكاره أبدا وكذلك ولده وحيده الذي ينتظر بشوق رؤيته ...


+



تجاهل سؤالها وهو يخبرها ببرود مقصود :-


+



" لماذا أتيت يا جيلان ..؟! لتخبريني بهذا ..؟! لتعبري عن كرهك لي وتفشي عن مدى حقدك إتجاهي ...؟!"


+



أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-


+



" بل أتيت لإنني قررت أن أبدأ بداية جديدة تماما لذا كان لا بد من تحرير ما يدور داخلي إتجاهك ويحترق داخلي كالجمر ويحرقني معه ... كان لا بد أن أقول ما قلته كي أتحرر من قيد آلمك يا عمار ..."


+



حملت حقيبتها وأخبرته مقررة إنهاء هذه المقابلة التي أثقلت روحها :-


+



" يجب أن أذهب الآن ..."


+



سألها بتردد :-


+



" هل ستعودين إلى أمريكا أم ستكملين دراستك هنا ..؟!"


+



" سأعود ... هناك سيكون أفضل لي .." 


+



أخبرها بقنوط :-


+



" لا تنقطعي عن زيارة شيرين يا جيلان ..."


+



" لا يمكنني أن أفعل ..."


+




        

          


                

قالتها بهدوء قبلما تضيف ببسمة حانية:-


+



" إشتقت لجسور كثيرا و.. سأذهب إليه حالما أصل إلى هناك ...."


+



هز رأسه بصمت قبلما يهتف بصعوبة :-


+



" إعتني بنفسك يا جيلان ..."


+



منحته إبتسامة مرتبكة قبلما تتحرك لخطوتين ثم تعاود النظر له وتخبره بحذر :-


+



" أتمنى أن تتوقف عن كل شيء عدا التفكير بولدك وشيرين يا عمار ... هما عائلتك التي تستحق أن تتغير لأجلها ..."


2



ثم إندفعت بعدها بعينين تمكنت منهما العبرات لتجد مهند ينتظرها فتسارع وتلقي نفسها داخل أحضانه تبكي بنشيج خافت ...


+



حاوطها بذراعيه بحمية عندما رفعت وجهها الباكي نحوه تخبره بأسى :-


+



" عمار كما هو .. لم ولن يتغير يا  مهند ..."


+



جذبها داخل أحضانه مجددا يشدد من عناقه ...


+



كان يعلم إنها لا تبكي لأجلها هذه المرة بل تبكي على أخيها الذي رغم كل شيء ما زالت تتمنى أن ينصلح حاله ويتحرر من ظلماته ويعود كما كان ...


+



كانت جيلان رغم كل ما حدث تحب عمار بشدة وتريده بأفضل حال وحبسه وما وصل إليه كانا أحد أسباب تعاستها وهو يدرك ذلك مهما حاولت إخفاؤه بل وإنكاره أمام نفسها حتى ..


+



**


+



تجلس في جناحها شاردة فيما حدث بينهما في ذلك اليوم بعدما فاجئها بإعترافه بحبها ...


+



ذلك الإعتراف الذي تفاجئت به كليا فلم تتوقع أبدا أن يأتي بهذه السرعة ...!


+



" أحبك ..."


+



نطقها بنبرة مشحونة بعاطفة شديدة لم يتصور يوما أن يمتلك مثلها ...


+



عاطفة هي وحدها من نجحت في إحيائها داخله ...


+



عاطفة تخصها وحدها .. 


+



عاطفة كُتبت لها ..


+



عاطفة حررها رغما عنه فمشاعره نحوها طغت على كل شيء وعشقها كان من يحركه هذه المرة بينما ينساق هو خلفه بلا حول ولا قوة .. 


+



أغمضت عينيها بإنفعال صامت تتذوق شعور تلك الكلمة السحرية ...


+



قلبها يخفق بجنون ...


+



روحها تكاد تطير من الفرح ..


+



هي تحبه ...


+



تحبه رغم كل التعقيدات التي تحاوطه وتحاوطها معه ..


+



عاد يتذوق شفتيها بشغف متلذذا بهذا القرب المرهق لقلبه ...


+




        

          


                

يريد ماهو أكثر من هذا ...


+



يريدها بين ذراعيه ...


+



يتوق إليها ...


+



يتوق لروحه التي تتوهج كليا بوجودها جانبه ...


+



شعر بها تتملص من بين ذراعيه وكفها تدفع صدره برفق ...


+



بالكاد حرر شفتيها مستيقظا من سكرة قربها التي أطاحت بتعقله المعتاد ...


+



همست إسمه بصوت مرتجف وجسدها كان يرتجف بالكامل من رأسها حتى أخمص قدميها ..


+



قربه مهلك لها بقدر ما هو مهلك إليه ...


+



قربه يتمكن منها بل يأخذها لعالم سحري لم تطأه قدميها من قبل ...


+



كان ما زال يحاوطها بين ذراعيه ...


+



عيناه تموجان بعاطفة مهيبة بينما يهمس أمام شفتيها بحرارة :-


+



" لا يمكنني الإنتظار أكثر ..."


+



" إياس ..."


+



همستها برجاء والوهن تمكن منها ...


+



طبع قبلة خاطفة فوق شفتيها ثم همس سريعا :-


+



" لنتزوج يا توليب ... أنا أحتاجك حقا ... أحتاج لقربك .. أريدك جانبي في أقرب وقت ..."


+



تحركت بجسدها قليلا بعيدا عن ذراعيه ...


+



أخذت تعدل شعرها بتوتر بينما هو يطالعها بأنفاس متلاحقه وآثار قبلاته فوق شفتيها تثير جنونه ...


+



الأمر تخطى ما كان يريده بمراحل ...


+



مشاعره باتت تتحكم به بطريقة مرفوضة ...


+



مسح على وجهه بعنف مفكرا إن الأمر لا يقتصر على المشاعر فقط..


+



إنه شعور طبيعي من رجل يرغب إمرأته حلاله ويريد قرب وصالها بأقرب وقت ...


+



تلك الرغبة المجنونة ستهدأ بعد فترة حالما ينال وصالها الذي يشتهيه بجنون ...


+



وحينها سيعود كل شيء إلى نصابه و يستعيد سيطرته على ثباته فيجيد التحكم بنفسه بل وفي مشاعره نحوها ...


+



" لماذا لا تجيبين ..؟!"


+



سألها بتروي لتخبره بصدق :-


+



" لا أعلم .. أنا فقط ..."


+



توقفت لوهلة ثم أخذت نفسا عميقا وقالت :-  


+



" لا أصدق ما سمعته قبل قليل ..."


+



" ولا حتى أنا ..."


+




        

          


                

قالها بضحكة باهتة لتتمعن النظر إليه ..


+



تتسائل إذا ما كان يكذب ...


+



يخبرها كاذبا عن عشق لا وجود له فقط كي يجعلها تعدل عن قرارها بالإنفصال ...


+



ربما يدرك إن مشاعره نحوها ستجعلها تتراجع عن قرارها بل وتحارب كل شيء في سبيل نجاحهما سويا ...


+



هي إمرأة لا تهرب من الحب ...


+



إمرأة تؤمن بكون الحب قادر أن يغير كل شيء ويجعله أفضل ما يكون ...


+



هي عندما تحب تحارب في سبيل حبها هذا وتمنحه جل ما تملك ..


+



ما كان يوقفها عن هذا هو عدم حبه لها أو هذا ما كانت تعتقده ...


+



فإذا لم يكن يحبها فهذا يجعلها تنأى بنفسها عنه ولا تحارب في سبيل معركة خاسرة ...


+



لكن العشق المتبادل سيكون معركة تستحق أن تدخل لأجلها في حرب لتنتصر فيها ...


+



خاصة وهي تشعر بنفسها أهلا لدخول تلك الحرب ...


+



حرب مع رجل يكره الحب ويراه ضعفا ...


+



حرب مع رجل إختار أن يحيا بقلب جامد كان نصيبه أن يذوب على يديها ...


+



ما شعرت به قبل قليل لا يمكن أن يكون كذبا ...


+



عيناه ونبرة صوته بل حتى قبلاته كانت كلها تحمل عاطفة صادقة مررها له بعفوية مجنونة ولكن يبقى الشك دخيلا كريها على أفكارها ..


+



نطقت بهدوء يعاكس صورة مشاعرها التي ما زالت تتقلب على جمر بعدما نالت هذا الإعتراف المميز :-


+



" لماذا ..؟! لماذا تحبني ومالذي تغير فجأة لتدرك هذا أم كنت تدركه سابقا لكنك رفضت الإعتراف به ..؟!"


+



" لم أكن أدركه ..."


+



قالها بصدق وهو يضيف :-


+



" لم أكن أفهم مشاعري بشكلها الصحيح ..."


+



أضاف يتسائل بحيرة صادقة :-


+



" أو ربما كنت أفهمها لكنني تعمدت الهرب منها ...؟!" 


+



أخذ نفسا عميقا ثم قال بجدية :-


+



" أنا دائما كنت ذلك الرجل الذي لا يرفض الحب فقط وإنما يكرهه بشده ..."


+



أنصتت له بينما أضاف بتعب :-


+



" الحب له وجها واحدا بالنسبة لي ولا يوجد  آخر غيره .. العذاب والمشقة ... والأسوأ من ذلك إنه يجعلك ضعيفا خاضعا لا حول ولا قوة لك أمام سطوته ..."


+




        

          


                

" ما تتحدث عنه ليس حبا .. ليس حبا حقيقيا وإنما حب مريض مؤذي لا يستحق أن يحيا ..."


+



إبتسمت ببطأ وهي تضيف بنبرة هادئة لكن جادة :-


+



" الحب الحقيقي  هو ما يمنحك كل شيء جميل .. الحب يقويك ويجعلك صامدا في وجه أعتى الظروف .. الحب نجاة لا هلاك .. الحب فرح لا حزن .. الحب إنتصار لا هزيمة .. الحب هو فرصة للحياة بشكل سعيد آمن دون ضغائن أو قيود تكبل روحك وتأسرها قسرا .. هذا هو الحب الحقيقي والذي يستحق أن يحيا للأبد ...!"


+



تنهد تنهيدة طويلة تشي بما يعتمل داخله من ضياع ...


+



مال نحوها مجددا يتخلل خصلاتها الناعمة بأنامله وعيناه تغوصان في مقلتيها اللتين تناظرانه بقوة ممزوجة بدفء خاص بها وحده ...


+



كيف يمكن للقوة أن تجتمع مع الدفء الحاني في عينيها ..؟!


+



لكنها مختلفة ...


+



فريدة ...


+



أنثى تحمل كل شيء بتوازن مريح ...


+



قوية وبقدر قوتها تحمل دفئا وحنانا لا مثيل له ...


+



هادئة بثبات لا يزحزحه شيء ...


+



ذكية بنعومة تجذب أي شخص ..


+



رقيقة بحزم تجيد إستخدامه وقت الضرورة ..


+



هي أنثى تمثل حلما لكل رجل ...


+



وهو كان محظوظا بها ...


+



محظوظا للغاية ...


+



" لماذا لا تتحدث ...؟!"


+



سألته بهدوء بينما عيناه ما زالتا غارقتين في عينيها ليهمس بصدق :-


+



" لا أعرف ما يجب قوله في هذه اللحظة تحديدا .."


+



شعرت بتخبطه وصراعه الداخلي فجذبته من كفه وأجلسته على الكرسي وجلست قباله ...


+



سألته بهدوء :-


+



" هل تحبني حقا يا إياس أم إنك تحاول إيهامي بذلك كي تعيدني إليك ...؟!"


+



هتف بصدق :-


+



" لا أعتقد إنك الشخص الذي يمكن خداعه يا توليب بإعتراف كاذب ... أنت أذكى من ذلك ..."


+



أضاف بنفس الصدق :-


+



" ولست أنا ذلك الرجل الذي يتنازل ويعترف بشيء ليس موجودا داخله فقط لأجل أن يعيدك إليه ..."


+



تنفس بقوة ثم قال بوجوم :-


+



" أساسا لولا مشاعري التي أحملها نحوك ما كنتِ لتريني مجددا ... كنت سأنهي كل شيء ... "


+




        

          


                

مسح على وجهه بعنف ثم قال بإضطراب :-


+



" منذ أن دخلتِ حياتي وكل شيء بدأ يتغير .. مشاعري تشوشت تماما ... كان هناك شيء مبهم يدفعني للتمسك بكِ ... شيء تعمدت ألا أفتش خلفه ... كانت المرة الأولى التي أهرب بها من شيء .. هربت من حقيقة تحرك مشاعري نحوك وعندما أدركت ذلك كنت قد أحببتك بالفعل ... "


+



كان صريحا بشكل مختلف عن المعتاد ...


+



كان واضحا للغاية وحبه لها واضحا كشمس ساطعة لا مهرب منها ...


+



إبتسم بتهكم يخبرها :-


+



" لم أتصور يوما أن أتحدث بهذه الصراحة المطلقة مع أحدهم ..! أتحدث عن مشاعري .."


+



" يزعجك هذا ..."


+



" كثيرا .."


+



قالها بوجوم وهو يضيف :-


+



" لم أعتد على ذلك بل لا أتذكر متى آخر مرة تحدثت بها إلى شخص بهذه الطريقة الواضحة .. ربما لم أفعلها أبدا ..."


+



تأملته بشفقة رغما عنها فإبتسم يخبرها :-


+



" لم يكن يزعجني هذا أبدا .. إخترت عزلتي بإرادتي ... بنيت سورا حولي مشاعري بنفسي وكنت سعيدا بهذا ولكن .."


+



أضاف بصعوبة :-


+



" أنت تسللت داخلي دون إدراك مني وإخترقتي هذا السور ..."


+



همس ببسمة شاردة :-


+



" فعلتِ ما عجزت حتى والدتي عن فعله لسنوات طويلة ..."


+



" لا أريدك أن تكره هذا يا إياس ... لا أريدك أن تبغض مشاعرك نحوي ..."


+



" سأكون كاذبا إن قلت إنني لم أفعل ..."


+



قالها بصدق وهو يضيف :-


+



" هذا الحب يجعلني أشعر بأشياء لم أختبرها من قبل .. أشياء مزعجة كنت سعيدا دونها ..."


+



تجاهل نظرات عينيها الحزينة مضيفا بآسف :-


+



" الخوف والتشتت ... "


+



" لماذا أنت هنا إذا ..؟! لماذا لا تتركني وشأني طالما حبي يؤذيك لهذا الحد ..؟!"


+



سألته بأسى ليجيب بخفوت :-


+



" لأنني لا أستطيع إخراجك من حياتي ولا أستطيع تخيلك مع آخر غيري ..."


+



طالعته بوجوم فأكمل بشراسة سطعت من عينيه :-


+



" فكرة أن تكوني لرجل سواي جعلتني أعي ما سأعيشه لو تخليت عنكِ ... مهما كان ما سأعيشه بسبب حبي لكِ ومهما بلغ تخبطي بسبب ذلك الحب سيبقى هذا أفضل بكثير من وجودك مع رجل غيري ... لا يمكنني تحمل هذا يا توليب .. أبدا .. "


+




        

          


                

إختقنت نبرة صوته وهو يقول :-


+



" كما إنني أريدك جانبي .. أريدك كثيرا يا توليب ..."


+



إبتسمت بصمت دون تعقيب وداخلها كانت هناك رهبة خفية لما تسمعه ...


+



هو رجل مليء بالتعقيدات وهي أبسط من هذه التعقيدات بكثير ...


+



العقل يخبرها أن تهرب أما القلب فيجبرها أن تستجيب له فحبها يستحق فرصة وهو كذلك يستحق فرصة ...


+



نعم يستحق فهو ليس سيئا كما يبدو ...


+



على العكس تماما ...


+



هي تؤمن بأنه رجل يحمل داخله الجيد كالسيء وربما أكثر لكنه نفسه لا يدرك ذلك بعد ولا يستوعبه ...


+



مالت تقبض على كفه تبتسم له بذات الهدوء بينما داخلها قررت أن تخوض تلك الحرب مع مشاعره وتخبطاته وربما ظلامه ...


+



هي تستطيع ذلك ...


+



هي قوية بما يكفي لتفعل ذلك ....


+



هي من تدرك مدى قوتها التي ستجعلها قادرة أن تحرره من قيوده الآسرة وتنصر هذا الحب رغما عن كل شيء  ...


+



" إياس .... "


+



ناظرها بترقب وحرص لتضيف بهدوء :-


+



" لو رفضتك الآن ، هل ستحارب لأجلي كي أعود لك مجددا ..؟!"


+



تشوشت نظرته بوضوح والفكرة بدت مرفوضة له تماما ..


+



ترفضه ويعود إليها ...


+



ولكن ألم يعد بالفعل مسبقا ..؟!


+



رد بمراوغة :-


+



" رفضتِ زيجتنا مسبقا وها أنا أمامك ..."


+



كان يراوغ كعادته ...


+



فهو عاد نتيجة الحادث وتبعاته ...


+



" ستكون سياسي محنك يا إياس ..."


+



" هذا ما أسعى إليه ..."


+



قالها بجدية قبلما يقف مكانه ثم يوقفها بدوره يخبرها بصراحة مطلقة :-


+



" الشيء الوحيد الذي سأكون صادقا معك بخصوصه دون مراوغة هو حبي لك ... أنا أحبك ... رغم كل شيء أحبك .."


+



توقف لوهلة ثم قال :-


+



" سأنتظر جوابك بخصوص ما جئتك لأجله .. أريد إتمام الزواج يا توليب وأنتظر قرارك بخصوص هذا ..."


+




        

          


                

أفاقت من أفكارها على صوت طرقات على باب جناحها يتبعها دخول هالة التي لم يغب عنها ضياعها ...


+



تقدمت نحوها وجلست جانبها تسألها بإهتمام :-


+



" مالذي يحدث معك يا تولاي ..؟! ما سر هذا الشرود الدائم ...؟!"


+



تنهدت توليب ثم تمتمت بخفوت :-


+



" محتارة يا هالة .. لم أشعر بحيرة كهذه مسبقا ..."


+



" الأمر يتعلق بإياس ، أليس كذلك ..؟!"


+



سألت بتروي لتومأ برأسها وتجيب :-


+



" نعم ، يريد الزواج بأقرب وقت وأنا .."


+



توقفت لوهلة ثم قالت بخفوت :-


+



" لا أعلم ما أفعله ..."


+



تابعت ببطأ :-


+



" إياس صعب ... شخصيته معقدة ... "


+



إبتسمت تضيف بخفوت :-


+



" لكنه يحبني ... "


+



قبضت هالة على كفها تخبرها بإبتسامة هادئة :-


+



" وأنت تحبينه ..."


+



" كثيرا ..."


+



همست بها بتنهيدة حارة ثم إسترسلت :-


+



" لكنني أخشى أن يتحول هذا الحب إلى لعنة ..."


+



طالعتها هالة بصمت للحظات ثم تسأل :-


+



" هل سوف تستطيعين تجاوزه إذا ما إنفصلت عنه ..؟! هل ستتخطين مشاعرك نحوه وتكونين مع آخر أم ستبقين أسيرة تلك المشاعر خاصة إنك لم تمنحينها فرصتها لتحيا فتندمين ما تبقى من عمرك على ذلك ...؟!"


+



طالعتها توليب بشرود فأكملت هالة بحكمة :-


+



" يعني أن تهربي من الحب دون محاولة قد يكون تفكير عقلاني للبعض لكنه قد يحزنك مستقبلا إذا لم تتخطِ هذه المشاعر فتؤنبين نفسك لعدم محاولتك لإنجاح هذا الحب ... "


+



قبضت مجددا على كفيها تخبرها بجدية :-


+



" عليك أن تفكري بحديثي جيدا كي لا تندمي فيما بعد عن تخليكِ عنه ... "


+



أضافت بتردد :-


+



" صحيح إياس صعب ولكن كل رجل ولديه عيوب ..."


+



شردت في حالها فأكملت بمرارة خفية :-


+



" لا يوجد شخص مضمون في هذا العالم .. كرم الذي ظننته ألطف رجل ظهر له جانب مختلف لم أره عليه يوما فتحول لشخص آخر لا أعرفه ..."


+




        

          


                

شردت في الآخر رغما عنها :-


+



" وحتى أثير .. كان لديه عيوب كثيرة ... كنت حينها سأعاني معه بسبب عيوبه تلك وأنت تعلمين .. "


+



تنهدت تنهي حديثها بحكمة :-


+



" الجميع لديه عيوب ولديه جوانب سلبية ...أنت لن تحصلي على رجل مثالي مثلك يا تولاي ... ولكن يبقى الأهم هو مدى قدرتك على تقبل تلك العيوب والتعايش معها ..."


+



ختمت حديثها بجملة محبة صادقة :-


+



" أنت قوية جدا يا تولاي وتجيدين التعامل مع الجميع بشكل حكيم ... أنت تمتلكين ميزة لا يمتلكها أغلبنا .. تمتلكين قوة هادئة تجعلك قادرة على التعاطي مع مختلف المواقف  بشكل صحيح ومجابهة أقسى الظروف بقوة مميزة ... راجعي نفسك جيدا يا تولاي فأنت تمتلكين نظرة صائبة دائما إتجاه الأمور ..."


+



تركتها بعدها شاردة مجددا في حديثها مقررة أن تحسم قرارها هذه الليلة ...


+



**


+



فتحت مروة الباب لتجده أمامها فهتفت بسخرية وهي تعقد ساعديها أمام صدرها :-


+



" من الجيد إنك تذكرت طريق شقتي ..."


+



أشار لها لتدلف إلى الداخل وتحرك يتبعها بعدما ترك بابها مفتوحا قليلا بتعمد ...


+



إستدارت نحوه تسأله بحدة :-


+



" أريد أن أفهم مالذي يحدث يا باشا ...؟! تتجاهلني منذ خروجك من الحبس .. ترفض حتى إتصالاتي .. "


+



صاحت بعصبية :-


+



" هل نسيت إنني زوجتك ولدي حقوق عليك ...؟!"


+



ردد مدعيا الدهشة :-


+



" زوجتي ....؟!!!"


+



طالعته بعدم فهم فأضاف ضاحكا بخفة :-


+



" أنتِ لست زوجتي يا مروة ..."


+



هدرت بعصبية :-


+



" مالذي تقوله أنت ...؟! هل جننت ..؟!"


+



جلس على الكرسي قبالها واضعا قدما فوق الآخرى يخبرها ببرود :-


+



" إهدئي وإجلسي أولا ..."


+



" كلا لن أجلس ... ولن أهتم بما تقوله من سخافات ..."


+



صاح بها بغضب :-


+



" لا تتجاوزي حدودك يا مروة ..."


+



عاد يسترخي في جلسته وهو يخبرها ببرود مستفز :-


+




        

          


                

" وما قلته ليس سخافات .. أنت لست زوجتي ولن تكوني ..."


+



" هناك عقد زواج بيننا ..."


+



صاحت معترضة ليخبرها ببساطة :-


+



" هاتيه لأرى ..."


+



إندفعت بعصبية وعادت تحمل عقد الزواج ترفعه أمامه وهي تصيح :-


+



" هاهو ... إذا كنت فقدت الذاكرة فالعقد ما زال لدي ..."


+



" إقرئيه ..."


+



قالها بخفة لتصيح بنفاذ صبر :-


+



" مالذي تريده بالضبط ...؟!"


+



" إقرئي الإسم جيدا ..."


+



" إياس باسم الصواف ..."


+



" باسم ...!"


+



رددها ساخرا وهو يضيف :-


+



" والدي إسمه باسل يا مروة وليس باسم ..."


+



جحظت عيناها بعدم تصديق بينما أضاف بخفة :-


+



" إياس باسم بكر الصواف ... أعتقد إن بحثتي عنه ستجدين عنوان هذا الشخص المجهول  ..."


+



إندفعت تضربه بعنف وهي تصرخ وتسبه بأبشع الألفاظ عندما سمعت صوتا ينادي بإسمها لتتجمد مكانها بينما يخبرها هو بخبث :-


+



" إنتهت اللعبة يا مروة ... "


+



ثم نفضها عنه ونهض من مكانه يخبر الرجلين اللذين دلفا إلى الداخل بالفعل :-


+



" تفضلا يا باشوات .. هاهي إبنك عمكما ..."


+



إلتفتت مروة بأطراف مرتعشة نحوهما لتشهق بصوت مكتوم وهي ترى إبني عمها أمامها ...


+



أحدهما كان من هربت منه يوم زفافها عليه من قريتهما البعيدة لتقرر أن تبدأ حياة جديدة متحررة بعدما بقيت مقيدة بحياتها في تلك القرية تحت سيطرة والدها وأعمامها لأعوام ...


+



سمعته يهمس لها :-


+



" حذرتك مرارا ... حذرتك من العبث معي يا مروة ... الآن ستنالين نتائج العبث مع إياس الصواف ..."


+



تقدم الرجلين لينهي حديثه ساخرا بمكر :-


+



" مع السلامة يا حلوة .."


+



صرخت برفض بينما أبناء عمومها يجذبونها من ذراعيها ويخرجون بها من الشقة وكلاهما يتوعدان لها بالكثير بينما عاد هو يضطجع مكانه مبتسما بجبروت يليق به  قبلما يرن هاتفه بصوت يدل على وصول رسالة فيسحبه ليجدها هي تخبره برسالة قصيرة :-


+




        

          


                

" تحدث مع والدي لتحديد موعد زفافنا ..."


+



إبتسم بإنتصار وعلى ما يبدو إن الحظ عاد يرافقه مجددا ...


+



**


+



في كندا .... في كندا ....


+



يجلس فوق كرسي يتوسط الشرفة يتأمل بعينين شاردتين السماء المظلمة بإستثناء نجوم متناثرة في ستارها الرحب تمنحها ضوءا خافتا يبدد عتمتها الشائكة ...


+



يجلس فوق كرسي يتوسط الشرفة يتأمل بعينين شاردتين السماء المظلمة بإستثناء نجوم متناثرة في ستارها الرحب تمنحها ضوءا خافتا يبدد عتمتها الشائكة ...


+



في كندا ....


+



يجلس فوق كرسي يتوسط الشرفة المطلة على الخارج يتأمل بعينين شاردتين السماء المظلمة بإستثناء بعض  النجوم المتناثرة في ستارها الرحب تمنحها ضوءا خافتا يبدد عتمتها الشائكة ...





+



عتمة إحتلته منذ سنوات ولم يكن هناك ولو ضوء خافت يخفف من حدة تلك العتمة ...!


+



تنهد بصمت وهو يرفع كأس مشروبه الكحولي يرتشف منه مجددا ...


+



عيناه باردتان لا حياة فيهما ....


+



الحياة غادرته منذ سنوات وتحديدا في تاريخ هذا اليوم ..


+



اليوم الذي رحلت فيه هي دون رجعة ...


+



 عادت الذكريات تتدفق بقوة ...


+



كعادتها تبدأ من البداية حيث اللقاء الأول والإنجذاب إليها ...


+



إنجذب لها دون أن يدرك ومع مرور فترة على قدومها عنده وبداية عملها لديه باتت تثير إهتمامه بقوة جعلته يبحث خلفها ...


+



لم يكن ماضيها لطيفا على آية حال ...


+



كانت هاربة من والدتها بعدما أرادت تزويجها من رجل يكبرها بأعوام ثري للغاية أراد أن يستمتع بها وبشبابها ...


+



حينها هربت دون تردد من تسلط والدتها الذي لطالما آلمها ...


+



كانت وحيدة تماما ... ضعيفة ومقيدة بماضي يحمل الكثير ...


+



وجدها صيدا ثمينا سيناله بسهولة خاصة بعدما أدرك عشقها الخفي له ...


+



لم يتردد في إستغلال هذا العشق والإيقاع بها وكان له ما يريد ...


+



وقتها كان شابا يافعا عاشر من النساء ما لا يتذكر عددهن ...


+



كان قويا شرسا ومرعبا للكثير ورغم هذا أحبته بحماقة فتاة بريئة رأت به حلما صعب المنال ليستغل عشقها كعادته في إستغلال كل شيء  ...


+




        

          


                

شرد في ذكريات ماضي يخصهما سويا ...


+



عاد إلى الخلف وأولى مواجهة جمعت بينهما ..



+



كانت كعادتها تؤدي عملها بنشاط وإبتسامة لا تغادر محياها ...


+



تتحرك كالفراشة بين الموظفين حيث نالت محبة الجميع وإستحسانهم وهذا ما جعله يعينها سكرتيرة شخصية له متعمدا ذلك كي يضاعف من تعلقها به ...


+



يومها أراد أن يضغط عليها ويزيح الستار عن مشاعرها التي تتعمد إخفائها عنه وعن الجميع ...


+



أرسلها لأداء مهمة وأتى هو بإحدى صديقاته ...


+



مارس الحب معها في مكتبه منتظرا مجيئها في الوقت المناسب في مساء هذا اليوم بعدما أجبرها على أن تنهي تلك المهمة وتعود بنتائجها ليلا فلم ينتظر حتى اليوم التالي ...


+



يومها إندفعت بحماقة بينما ما زال هو يغلق أزرار قميصه والأخرى تهندم ملابسها ...


+



سقطت الأوراق من يديها قبلما تركض مندفعة خارج المكان ومنه إلى دورة المياه ...


+



إبتسم هو بإنتصار وتبعها حيث دورة المياه ينتظر خروجها وما إن خرجت هي منها حتى شعرت بيد قوية تقبض على ذراعها لتشهق برعب قبلما تلتقي عيناها الباكيتين بعينيه المظلمين بنظرة هلامية مهيبة ...


+



إنتفضت بهلع قبلما تنصدم به وهو يندفع بشفتيه  نحو شفتيها يقبلها بشراسة ..


+



إستسلمت له بخضوع مزري بينما دموعها كانت تتساقط فوق وجنتيها بغزارة ....


+



إبتعد عنها بعد لحظات مرت كالدهر عليها ليلوي ثغره بتهكم وهو يرى وجهها الباكي ...


+



هو رجل بارد ... ماكر ولعين ...


+



هو كذلك ويعترف ...


+



وهي جميلة ... جذابة ومختلفة ..


+



مليئة بالحياة ...


+



طاقة متجددة دائما وأبدا ...


+



فتاة تتقد بالحيوية والجمال ...


+



تشع طاقة من الفرح في كل مكان تدخله ....


+



هي لا تشبهه ولا تناسبه لكنه يريدها ...


+



يريدها برغبة مختلفة ...


+



ليست رغبة غريزية بحتة بقدر ما هي رغبة للغرق فيها ..


+



والإرتواء من بحر بهجتها الدائمة حتى ينفذ على يديه  ...


+



هو قرر وسينفذ وهاهو يخبرها بكل برود ولا مبالاة وكأنه لا يقدم لها عرضا مبتذلا :-


+




        

          


                

" نتزوج ... "


+



ضغط على فمها بقوة وهو يضيف بتبجج :-


+



" عرفيا ...."


+



شهقت بجزع وبدت عاجزة عن قول شيء ...


+



لم يسمح لها بقول شيء حيث قبض على ساعدها يخبرها بنبرة آمرة وأنفاسه تلفح جانب وجهها بقوة :-


+



" أنا أفضل من ذلك العجوز الذي كنت ستتزوجينه وأنت تدركين هذا جيدا ..."


+



هزت رأسها نفيا بعنف ليضاعف من قسوته :-


+



" أنت تعشقيني يا رويدا ... لذا وافقي ... "


+



سار بأنامله فوق شفتيها يضيف برغبة مدججة بالظلام :-


+



" سأمنحك الكثير .. ستحصدين الكثير من هذه الزيجة ...."


+



حررها بعدها لتندفع هاربة منه بقلب ينتفض رعبا ...


+



حاصرها بعدها وتلاعب بها بطريقته المعهودة مقررا إستغلال مشاعرها الصادقة نحوه ..


+



كان رجلا يجيد التلاعب وتوجيه الأمور لصالحه ...


+



كان يريدها بشراسة جديدة عليه ...


+



وكعادته نجح في نيلها وباتت زوجته بعقد زواج عرفي ...


+



يومها أخذها بعنف غير مسبوق ...


+



نالها بشراسة لعدة مرات في ذات الليلة غير آبها بضعفها ولا عذريتها التي هُدرت على يديه ....


+



بدا وكأنه في حرب وكان هو بالفعل كذلك ...


+



كان في حرب مع نفسه ..


+



حرب مع ما يشعره إتجاهها ..


+



راهن نفسه على مشاعره بكونها رغبة وقتية في قرب أنثى مختلفة عنه في كل شيء ...


+



أنثى تمثل نقيضه ...


+



فهو الظلام وهي النور ...


+



هو الكره وهي الحب ...


+



هو الحزن وهي الفرح ...


+



هو اليأس وهي الأمل ...


+



هو الموت وهي الحياة ...


+



وعكس ما توقع رغبته تأججت نحوها مع تكرارا وصالها ...


+



في بداية الأمر حاولت أن تقترب منه ...


+



تحاملت على ذاتها وتجاهلت إسلوبه القاسي معها ...


+



كانت تبحث عن أي فرصة لتخفف من قسوة ما تعيشه معه ...


+




        

          


                

أرادت ثقبا ضئيلا تخترق من خلاله ظلامه السرمدي ....


+



لكنها كانت تفشل في كل مرة ...


+



تفشل في أن تحرك جزءا ضئيلا من مشاعره ...


+



تفشل في أن تخترق ظلامه ..


+



تفشل في أن تذيب جليد روحه ...


+



نال الوهن منها حتى تحولت إلى أنثى أخرى لا يعرفها ...


+



غادرتها الحياة فباتت مجرد جسد بلا روح ...


+



تتعامل بآلية معه ...


+



لم يعجبه هذا وإن نال ما أراده وقتل روحها وأطفأ وهج الحياة داخلها ...


+



كان في صراع بين رغبته في إستعادة تلك الفتاة المليئة بالحياة والفرح كما عرفها وبين حقيقة كونه حقق ما أراده وإقتص منها ربيع عمرها ...


+



كان في صراع بين مشاعر تحركت نحوها ترغب حبها وأخرى تكرهها وتنقم عليها لإنها حركت شيئا ما داخله ظن إنه مات بلا رجعة ...


+



كانت صراعاته بلغت ذروتها عندما تدخلت والدته مقررة إنهاء هذه العلاقة التي رفضتها بشدة وكأنها شعرت بأن تلك العلاقة ستتطور يوما لما هو أكثر من زواج عرفي ينتهي حالما تتمزق تلك الورقة ..!


+



تدخلت كعادتها وقررت أن تتخلص من الفتاة بجبروت يليق بها ...


+



إختارت أسهل طريق للتخلص منها عن طريق والدتها التي وجدتها رويدا في وجهها تصفعها على وجهها بعنف وتضربها بوحشية ...


+



لا يدرك تفاصيل الحادثة وقتها فهو لم يكن موجودا فقد وصل متأخرا ليجد جثتها مرمية أسفل الشرفة حيث رمت بجسدها من فوق شرفتها بعدما يأست من حياتها وما عاشته في العام ونصف اللذين قضتهما معه ....


+



كان يعلم إن قدوم والدتها لم يكن السبب الوحيد فيما فعلته ولا حتى محاربة والدته وتجريحها الدائم ..


+



كان هو المسؤول الأول فهو لم يغب عنه تدهور حالتها النفسية وإنغلاقها على نفسها بشكل مؤلم لأشهر طويلة قبل إنتحارها ...


+



في النهاية رويدا إختارت أن تنهي حياتها وتغادر هذه الدنيا التي لم تحمل لها يوما سوى البؤس والوجع ...


+



رحلت رويدا وتركت خلفها حطام رجل تضاعف ظلامه بعد رحيلها وإزدادت كراهيته لجميع من حوله و وكذلك نفسه التي يكرهها بجنون ...


+



إنتفض من مكانه على صوت سقوط الكأس الذي تهشم كليا ليبتسم بسخرية قبلما يجذب قطعة زجاج يعتصرها داخل كفه فيتأمل الدماء التي بدأت تتسرب من جرحه بجحود ولا مبالاة ليعتصر الزجاجة بقوة أكبر والدماء تتدفق بدورها أكثر  ... 


+




        

          


                

**


+



في غرفتها في المشفى تجلس  بملامح قاتمة تقرأ مجموعة من الملفات التي تخص حالات بعض المرضى المسؤولة عنهم ....


+



دلفت إحدى الطبيبات الشابات والتي كانت حديثة التخرج تعمل تحت إشرافها بحذر فهي باتت تتوخى حذرا من طبيبتها التي إنقلب حالها فجاة فباتت ترهبها بشدة حتى إنها تخشى سؤالها عن أي شيء كان ...


+



تخشى أن تخضع لتعنيفها أو تصب جم غضبها عليها كما فعلت مع غيرها ...


+



فجأة تحولت أروى إلى إنسانة أخرى وكأنها قنبلة موقوتة تنتظر الشخص المناسب لتنفجر في وجهه ..


+



هذا الشيء جعل أغلب الموجودين يتجنب التعامل معها إلا للضرورة القصوى وهي كانت منهم ومن سوء حظها إنها تعمل تحت إشرافها بعدما كانت سعيدة بذلك فأروى الخولي طبيبة ذكية للغاية لديها معلومات ثرية كما إنها متعاونة مع الجميع مما جعلها ترتاح لعملها معها وتحت إشرافها بينما اليوم تلعن حظها ألف مرة على هذا ..


+



حمحمت بصوتها لترفع أروى عينيها الباردتين نحوها ووجوم وجهها باقي على حاله :-


+



" ماذا هناك يا دكتورة ...؟!"


+



تمتمت بتردد :-


+



" هناك مشكلة في الطابق الثالث .."


+



تنفست بعمق ثم قالت :-


+



" المريضة التي أجريت لها عملية البارحة تعاني من  آلم شديد  كما إنها تقيأت عدة مرات وعائلتها قلبت الطابق رأسا على عقبا و ..."


+



نهضت أروى من مكانها تصيح بحدة :-


+



" وما المشكلة في ذلك ...؟! لماذا لا تمنحونها أدوية تخفف عنها تلك الأعراض ..."


+



" دكتورة نحن أعطيناها ..."


+



لم تستطع تكملة حديثها بينما إندفعت أروى بإنفعال نحو الطابق العلوي لتجد والد الفتاة يصيح بغضب في وجه طبيب شاب يتهمه بالإهمال وإنه سيقلب الدنيا فوق رؤوسهم جميعا لو أصاب إبنته مكروه ...


+



إندفعت تهدر بالرجل :-


+



" لماذا تصرخ هكذا ..؟!"


+



صاح الرجل بعصبية :-


+



" وأخيرا أتيت يا حضرة الطبيبة ... أليس من المفترض أن تتابعي حالة مريضتك ..؟!"


+



هدرت بتحذير :-


+



" لا ترفع صوتك في وجهي أولا كما إن إبنتك تتعرض للمتابعة من قبل أطباء كفوئين ..."


+




        

          


                

" إبنتي ليست بخير .."


+



صاح بغضب مضيفا :-


+



" تعاني من آلم شديد  وتقيأت عدة مرات ..."


+



" وهل هذا يمنحك الحق لتصرخ بهذه الطريقة ...؟!" 


+



صاحت بدورها ليصرخ بعنفوان :-


+



" نعم سأفعل .. عندما أطلب منذ الصباح قدومك كونك طبيبتها التي أجريت العملية لها   بدلا من شاب مبتدئ ليعاين الحالة بينما لا يتم تنفيذ طلبي..."


+



واجهته أروى ببرود بعدما عقدت ساعديها أمام صدرها بينما إجتمع البعض من العاملين والأطباء وكذلك أهالي المرضى يتابعون النقاش الحاد :-


+



" أنا من أمرت بذلك .. أتممت العملية ونجحت والحمد لله ... بعدها تتم متابعتها على يد أطبائنا الشباب وعندما يحدث شيء سيء لا سامح الله سنتدخل وقتها ..."


+



" وكيف علمتِ بأن تلك الأعراض لن تتطور وتؤدي إلى شيء سيء ... ؟! أم إنك تتلاعبين بحياة إبنتي ...؟!"


+



كان يتحدث بعصبية وداخله يتمنى لو يخنقها بين يديه بينما كانت هي الأخرى في قمة غضبها فصاحت به :-


+



" والله لن تعلمني أنت كيف أتصرف مع مرضاي ..."


+



" بلى سأعلمك ..."


+



قالها بعصبية حادة لتصيح بدورها بصوت جهوري :-


+



" إخرس ولا ترفع صوتك في وجهي ولا تتحدث معي بهذه الطريقة ... من تظن نفسك ..؟! من تقف أمامك هي طبيبة ..."


+



قاطعها يصيح بدوره :-


+



" ومن يقف أمامك هو لواء في الداخلية يا حضرة الطبيبة والآن أريد مدير المشفى ليتصرف مع هذه الطبيبة التي لا تحترم كبيرا ولا صغيرا بل وتهمل مرضاها ..."


+



وقبلما يكمل حديثه صدح صوت هادئ لكنه حازم :-


+



" أنا أحد المدراء في المشفى ... اهدأ أولا يا بك وكل شيء سيتم حله ..."


+



وقبلما يتحدث الرجل كان يأمر أحد الأطباء المختصين القدامى :-


+



" دكتور معتز يمكنك أن تباشر حالة المريضة بنفسك ولا تتركها حتى تستقر حالتها الصحية تماما وتغادر المشفى بكامل صحتها ...."


+



إشتعلت عينا أروى غير مصدقة مقدار الإهانة التي تعرضت لها حيث تم  إستبدالها  بسهولة بآخر غيرها بينما لم يكن ذلك الطبيب ينظر لها بعد حيث منح كامل إنتباهه للرجل وهو يخبره بهدوء :-


+



" نحن نعتذر عن أي خطأ غير مقصود بدر منا ... إبنتك ستكون بخير والآن باشر دكتور معتز أحد أشهر أعمدتنا الأساسيين في مجال الطب في متابعة حالتها .. إطمئن يا بك ... "


+




        

          


                

شكره الرجل بإبتسامة مقتضبة بينما نظر هو لها من فوق كتفه يأمرها بنبرة صارمة :-


+



" إتبعيني لنتحدث في مكتبي ..."


+



تحركت خلفه بخطوات عصبية وداخلها يتسائل عن هوية هذا الشخص الذي تراه لأول مرة لتجد مؤيد في وجهها يخبرها بتروي :-


+



" إنه دكتور عمر الهادي .. أحد المستثمرين الجدد في المشفى ... حاولي أن تتعاملي معه بحذر فهو عصبي وصارم للغاية ..."


+



منحته نظرة مستخفة جعلته يتراجع إلى الخلف بدهشة لا إرادية بينما إندفعت هي إلى الداخل لتجد الآخر جالسا على مكتبه يتأملها بعينين باردتين قبلما يخبرها ببرود :-


+



" نحن في مشفى يا دكتورة .. مشفى خاص يتم فيه رعاية المرضى وتوفير كافة الرعاية والعناية المطلوبة  وسبل الراحة لهم فهم كما تعلمين يا دكتورة يدفعون مبالغ طائلة مقابل علاجهم هنا وبالتالي يجب أن ينالو مقابل مناسب لما يدفعونه ..."


+



" ما الداعي لهذه المحاضرة الطويلة  يا دكتور...؟!"


+



طالعها بعدم إستيعاب مستغربا من برودها وجوابها المستفز ...


+



" هذه المحاضرة مفادها إن عليك الإعتذار من الرجل الذي تجاوزت عليه ورفعت صوتك في وجهه غير مراعية لفرق السن بينكما حتى ..."


+



" لم أخطأ في حقه كي أعتذر ..."


+



نطقتها بحدة ليهدر بها :-


+



" بل أخطأتِ يا دكتورة ... أخطأتِ عندما تجاهلت طلبه في وجودك لمتابعة حالة إبنته ... أنت من قمت بعمليتها وأنت المسؤولة عن متابعة حالتها ..."


+



" العملية كانت بسيطة وأنا كنت سأراها مساء اليوم كي أتأكد من سلامتها وأوقع على ورقة خروجها ..."


+



" ولماذا لم تتعبي نفسك قليلا وتذهبين لرؤيتها وطمأنة والدها عليها ..؟!"


+



سألها بتهكم حاد قبلما يضيف بحزم :-


+



" أنت أخطأتِ يا دكتورة وعليكِ الإعتذار ..."


+



" هذه وجهة نظرك أنت لكنني لم أخطأ لذا من فضلك لا تتدخل في هذا الأمر فأنا لن أعتذر ولا شأن لي بما تريده ..."


+



" دكتورة أروى .."


+



نبرته الحازمة منحتها رهبة جاهدت كي لا تظهر في عينيها ...


+



" إلزمي حدودك فمن تتحدثين معه ليس مجرد زميل لك وإنما شريك في هذا المشفى التي تعملين بها ..."


+



صرامته لم تخف ولو للحظة بينما يضيف بذات الحزم :-


+



" ناهيك عن كونني أفوقك سنا ومكانة  ..."


+




        

          


                

إستنكرت ما قاله على الفور :-


+



" مكانة ...؟!!! "


+



تجاهل حديثها وهو يضيف بحسم :-


+



" ستعتذرين من الرجل ..."


+



سألته بتحدي جديد عليها :-


+



" وإذا لم أفعل ...."


+



وبنظرة باردة أخبرها بثبات :-


+



" ستغادرين مشفانا فهذا الإسلوب لا يروقني ولا أقبله في مشفاي ...!!"


+



طالعته بنظرات حادة لوهلة قبلما تهتف بنبرة متحدية :-


+



" فلتذهب أنت ومشفاك إلى الجحيم ..."


+



ثم غادرت المكان دون أن تنتظر ردا ليضرب كفا بكف وهو يردد :-


+



" هذه مجنونة .. لا يمكن أن تكون غير ذلك ..أي أحمق وظفها في مشفانا ...؟!" 


+



أما هي فغادرت المشفى سريعا عائدة إلى منزلها ...


+



تجاهلت والدتها التي إستقبلتها تسأل عن أحوالها ...


+



إندفعت إلى غرفتها لتسارع وتأخذ حماما باردا تخفف من خلاله غضبها قبلما تخلد إلى النوم مباشرة لتستيقظ بعد سويعات قليلة على كابوس جعلها تستيقظ فزعة بأنفاس متلاحقة ...


+



نهضت من فوق سريرها متحركة نحو الحمام عندما شعرت بدوار خفيف غادرها بعد لحظات ...


+



تحركت بجسد مرهق إلى الحمام حيث غسلت وجهها بالمياه الباردة  قبلما تشعر بغثيان مفاجئ يسيطر عليها ...


+



أخذت تغسل يدها بالصابون والماء البارد قبلما تشحب ملامحها فجأة بعدما إنتبهت إن شعور الغثيان هذا يلازمها منذ يومين ...


+



وضعت كفها فوق صدرها تحاول تهدئة أنفاسها المتلاحقة قبلما تطالع صورتها مجددا في المرآة فترى الذعر صريحا في عينيها لتهز رأسها بعنف ترفض أن تفكر بما إتجهت أفكارها إليه فهذا لن يحدث .. 


+



يستحيل أن يحدث ...!


+



**


+



يجلس في زاوية مظلمة قليلا بملامح شاردة تماما ينتظر مصيره بعدما إعترف على نفسه بجريمة لم يرتكبها قط لكنه مجبر على فعل ذاك لأجل شقيقته التي رغم كل ما فعلته به تبقى شقيقته ويبقى هو مسؤولا عنها وما كان يسمح لنفسه أن يتركها تعاقب على هذه الجريمة بينما يقف هو مكتوف الأيدي يراها وهي تحبس وتخسر كل شيء ، تتدمر سمعتها والأسوأ سمعة العائلة بأكملها ...


+



شرد مجددا في الأخرى يتسائل إذا ما صدقت إنه الجاني والأسوأ أن تعتقد إنه تعمد فعل هذا ليفضحها أمام الجميع ...


+



هل ستفهم إنه كان مرغما ولا حل آخر أمامه سوى إنقاذ شقيقته ...


+



هل سوف تستوعب ذلك ..؟!


+



تنهد بصعوبة ثم أخبر نفسه بسخرية مريرة إن هالة بعد كل ما فعله بها ستصدق أي شيء عنه لا محالة ...


+



وجد أحد المساجين يتقدم منه بمنحه سيجارة وهو يخبره :-


+



" لا تبتئس إلى هذا الحد .. ربما تحدث معجزة وتغادر السجن ..."


+



تمتم كرم :-


+



" لا أدخن ..."


+



" جربها .. ستريحك قليلا ..."


+



رفض كرم مجددا ليجاوره الرجل ويسأله بإهتمام :-


+



" مالذي يجعل شاب مثلك في ريعان شبابه ومن عائلة محترمة يقدم على شيء كهذا ..؟!"


+



أجابة بضيق متخذا نفس السبب الذي ذكره أمام الضابط حجة لما فعله :-


+



" ذلك الشاب تعرض لي وأهانني مستغلا نفوذ والده فقررت تأديبه بهذه الطريقة ..."


+



كانت كذبة حمقاء لن تنطلي على أي أحد لكنه لم يجد مبررا غير ذلك ...


+



دخن الرجل سيجارته وهو يخبره :-


+



" كان عليك أن تفكر عدة مرات قبلما تقدم على تصرف أحمق كهذا ..."


+



تجاهله كرم وعاد يشرد في أفكاره مجددا يتسائل عما سيحدث وما سيؤول إليه مصيره غير مدركا إن شقيقته قررت أن تلعب بآخر ورقة موجودة بين يديها فتضع هالة وعائلتها على المحك من خلال إرسال ذلك الفيديو إلى إبن خالتها وزوج شقيقتها كبير العائلة ليتصرف بنفسه وينقذ سمعتها قبلما ينتشر الفيديو على الملأ ...


+



نفذت ما أرادت ووصل الفيديو إلى هاتف راغب الذي فوجئ برسالة مرفقة معه :-


+



" كرم هو من طعن أثير بعدما علم بما يجمع بينه وبين إبنة خالتك منذ أعوام طويلة حيث كليهما كانا يستغفلانه مثلما كانا يستغفلانكم جميعا .. تصرف ودع كرم يغادر السجن خلال يومين لا أكثر وإلا سينتشر هذا الفيديو على الملأ وتصبح حينها سيرة فتاتكم الصغيرة علكة تلوكها أفواه الجميع ..."


+



إنتفض من مكانه ومقطع الفيديو يظهر ما بقي مخفيا لأعوام ...


+



وبنبرة كالجحيم صاح بغضب مهيب :-


+



" هالة ... أثير ....!"


+



ثم إندفع راكضا بجنون ...



+



انتهى الفصل


+




  الرابع والعشرين من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close