اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثاني والعشرين 22 بقلم سارة علي 


                                    

منذ أن خلدا إلى النوم سويا وهي لم تتوقف عن بكائها الصامت لحظة واحدة ...


+



تدّعي النوم جواره بينما عينيها تذرفان العبرات الصامتة ..


+



كانت المرة الأولى التي ترى بها شقيقتها على هذا النحو ...


+



لم تكن حزينة فقط ..


+



كانت منكسرة والإنكسار يظهر في عينيها ونبرة صوتها الواهنة ...


+



شقيقتها التي إعتادت أن تكون في كامل عنفوانها وصلابتها وتوهجها بدت أخرى فاقدة لكل شيء مما سبق ...


+



أخرى تدعي الثبات بينما كل شيء بها محطم تماما ...!


+



أخذت تمسح عبراتها بأطراف أناملها تحرص ألا يرتفع صوت آنينها ويوقظه من نومه ولم تكن تعلم إنه لم ينم لحظة واحدة حتى فهو شعر ببكائها الخافت بالفعل  ولم يستطع النوم حينها ...


+



شهقت بصوت مكتوم عندما شعرت بذراعيه تلتفان حول جسدها قبلما يدير وجهها نحوه ..


+



يجذبها فوق صدره وهو يهمس لها بجدية :-


+



" إبكي يا همسة ولا تجبري نفسك على إخفاء بكائك عني ..."


+



شهقت باكية بعنف فوق صدره بينما هو تركها تفرغ حزنها وآلمها وتحرر عبراتها علَّ ذلك يخفف قليلا من وطأة حزنها ولو قليلا حتى ..


+



تجاهل دهشته بخضوعها لحزنها وإظهاره أمامه وهي التي تعمدت ألا تظهر حزنها أو ضعفها طوال سنوات زواجهما السابقة ...


+



ما زال يتذكر إنها كانت تتعمد ألا تفشي عن وجعها أو حزنها في بعض الأحيان من أي موقف أو حدث كان بل تتعمد أن تخفيه من خلال قناع الجمود الذي ترتديه أمامه على الدوام  ...


+



حتى في ذكرى وفاة والديها كانت تخفي عنه وجعها وعبراتها فتتعمد ألا تظهر أمامه آيا من مشاعرها في هذه الذكرى الآليمة بل الأكثر آلما بالنسبة لها ...!


+



كانت تتعمد أن تخضع لعبراتها وتسمح لها بالإنهمار عندما يكون هو غير متواجدا  ولولا تواجده بالصدفة في إحدى المرات و رؤيته لها وهي تبكي في جناحهما بصمت في اليوم التالي لذكرى رحيل والدها لما أدرك ما تفعله وكيف تتعمد إخفاء حتى حزنها عنه ..!


+



لكن الآن هي إستسلمت له وبكت فوق صدره دون حرج أو حواجز نجحت هي في خلقها بينهما طوال سنوات زيجتهما بل سعت لبقائها بينهما إلى الأبد ...!


+



تنهد بصمت قبلما يحاوطها بذراعيه مجددا يضمها نحو صدره أكثر بينما أنامله تتحرك بين خصلات شعرها الملساء ببطء حاني ...


+





                

مر وقت لا بأس به حتى بدأت تتململ في وضعيتها قبلما ترفع وجهها من فوق صدرها فتلتقي عينيها الحمراوين بشدة بعينيه اللتين تتأملانها بنظرة لم ترها منه مسبقا ...


+



نظرة تشكل مزيجا من دفء وحنو وقلق ممزوج بلهفة لم تعتقد أن يمتلكها هذا الرجل يوما ...!


+



حاوط وجهها بكفيه يهمس لها بتساؤل هادئ :-


+



" هل تشعرين بأنك أفضل الآن ..؟!"


+



ثم مد أنامله يزيح العبرات الملتصقة برموشها بنعومة لا تشبهه والحرص يظهر بوضوح عليه ...


+



دون سابق تفكير مدت كفها تلمس وجهه ليتوقف عما يفعله وهو يستغرب تصرفه قبلما يتجمد مكانه للحظة عندما وجدها تنحني قرب وجهه أكثر تطبع قبلة بطيئة فوق وجنته تتبعها بأخرى فوق فكه ...


+



إبتلع ريقه بصعوبة وملمس شفتيها الدافئتين زلزل كيانه تماما ...!


+



إبتعدت قليلا عن وجهه تتأمل دهشة ملامحه لوهلة قبلما تتجاهل دهشته تلك وهي تهمس له بشوق ورغبة غير مفهومة في قربه ووصاله تمكنت منها في تلك اللحظة :-


+



" إشتقت إليك ..."


+



وتلك الكلمة باتت تمثل شفرة خاصة بينهما بل تعبير يخصها وحدها تمرر من خلاله رسالة صريحة برغبتها به ...


+



دون أن ينتظر كلمة أخرى مال يلتقط شفتيها بقبلة هادئة ناعمة لا تشبه تلك الرغبة التي ثارت داخله إتجاهها ...


+



هو يرغب بها دائما وبكل الأوقات ..


+



يرغب بها في كل حال وزمان ...


+



يرغب بها ولا يرغب بإمرأة سواها ...


+



يرغب بها بكل الأشكال المختلفة ..


+



يرغب بها كزوجة وحبيبة وعشيقة ونصف ثاني لا يكتمل سوى معها ...


+



يرغب بها بجنون حتى وقتما كانت لا تريده فكيف يكون الحال عندما ترغبه بدورها بل والأدهى أن تصرح برغبتها تلك أمامه وتطالب بوصاله برغبة  وشوق ظهرا صريحين  في عينيها ...!


+



تجاوبت معه سريعا والشغف تمكن من كليهما لتجد نفسها بين ذراعيه تبادله شغفه بشوق جارف وكأنهما لم يقضيان الفترة السابقة سويا طوال الوقت يعوضان بها ما فاتهما ...


+



شعرت به يخلع ملابسها عنها تدريجيا فأغمضت عينيها وهي تطلق تنهيدة بطيئة قبلما تعاود التجاوب مع شفتيه متجاهلة أمر الحبة التي تذكرتها في خضم إنجرافها خلف مشاعرها معه لتقرر ألا تتناولها هذه المرة وربما لن تتناولها مجددا فيما بعد ..


+




        


          


                

***


+



أخفت وجهها داخل أحضانه بخجل تملك منها ككل مرة تستسلم بها لفوضى مشاعرها التي تجعلها تنجرف معه بشكل غير مسبوق ثم تستوعب ما بدر منها حالما ينتهي كل شيء فتخجل بشدة وتتمنى لو تختفي من أمامه بأي طريقة كانت والغريب إنها في ذات الوقت تلجأ له مجددا  تختفي بخجلها المفرط بين ذراعيه فبات هو الملجأ الذي تهرب إليه من كل شيء حتى منه ...!


+



سمعت صوته يتسائل بمكر وأنامله تتحرك فوق ذراعها ببطأ :-


+



" هل تخجلين مجددا ..؟! ألم تعتادي على وضعنا الجديد  بعد ..؟!" 


+



همهمت وهي ما زالت تخفي وجهها داخل أحضانه :-


+



" كلا ، لم أعتد بعد ..."


+



ضحك مرددا بعدم تصديق :-


+



" من يصدق إننا زوجين منذ عشرة أعوام ....؟!" 


+



أخبرته وهي تبتعد بوجهها قليلا عن صدره :-


+



" لكنني لا أشعر بذلك حقا ..."


+



سألها بخبث :-


+



" بمَ تشعرين إذا ..؟!"


+



إحتقنت ملامحها بقوة بينما خرج صوتها مبحوحا :-


+



" أشعر إنني ما زلت عروس جديدة ..."


+



إبتسم بصمت قبلما يجذبها مجددا نحو صدره ثم يتنهد بصوت مسموع ويقول :-


+



" وأنت كذلك بالفعل ..؟!"


+



قبض على ذقنها يرفع وجهها نحوه فتأملته بنظرات لامعة ليضيف مشاكسا :-


+



" وأنا كذلك .. ما زلت عريسا جديدا ..."


+



ابتسمت بخجل قبلما تعاود دفن وجهها داخل صدره فيتنهد بصمت هذه المرة قبلما يخبرها بجدية :-


+



" لا أريدك أن تقلقي على هالة أو تخافي بشأنها .. هالة قوية وستتخطى هذه الأزمة ونحن سنكون خلفها دائما ..."


+



ثواني وجذبت الغطاء تلف به جسدها بحرص قبلما تجلس جانبه مستندة على السرير بظهرها تخبره بجدية :-


+



" لم أرتح لهذه الزيجة منذ بدايتها يا راغب ..."


+



إعتدل بدوره في جلسته يتمتم بجدية :-


+



" هي كانت تحبه وتريده .. كان هذا واضحا ..."


+



اومأت برأسها تؤكد حديثه :-


+



" أعلم ، وواقعيا الولد لا يعيبه شيء ولم نسمع عنه شيئا سيئا أو حتى مقلقا .. "


+




        

          


                

تنهدت تضيف بآسف :-


+



" هو أيضا مسكين ... "


+



إلتزم الصمت ولم يعلق على حديثها عندما أخبرته بتوجس :-


+



" أخشى عليها من هذا الثبات الذي تلتزم به أمام الجميع ... "


+



حاوطها كتفيها بذراعيه يخبرها بثقة :-


+



" لا تخشي شيئا .. هالة قوية وستتخطى هذه الأزمة بخير .. هي فقط تحتاج أن نقف جانبها وندعمها كما أخبرتك قبل قليل دون أن نجعلها تشعر بقلقنا هذا أو محاولاتنا فهالة حساسة للغاية وتكره الشعور بالضعف أو الهزيمة  أمام أحدهم ..."


+



" أعلم ..."


+



أخبرته بخفوت قبلما تضيف وهي تهم بالنهوض :-


+



" سآخذ حماما قبل الخلود للنوم ..."


+



هز رأسه متفهما بينما تحركت وهي تلف الغطاء حول جسدها ليسارع بدوره ويرتدي بنطاله قبلما يبحث عن سيجارة يدخنها له ...!


+



***


+



بعد مدة من الزمن ..


+



غادر الحمام وهو يجفف خصلات شعره بالمنشفة قبل أن يأخذ مكانه جوارها لتخبره :-


+



" الشمس ستشرق بعد قليل وأنت لم تخلد للنوم بعد ... كيف ستذهب إلى العمل وأنت لم تنم جيدا ...؟!"


+



" هذا الاهتمام المبالغ فيه بات يقلقني ..."


+



قالها ممازحا لتتجهم ملامحها عندما جلس جوارها يقرص وجنتها مرددا بمزاح لا يشبهه :-


+



" أمزح معكِ ..."


+



رمقته بنظراتها وهي تسأل بإهتمام :-


+



" تاريخ اليوم ... هل تتذكره ..؟!"


+



عقد حاجبيه بتفكير قبلما يسأل :-


+



" ماذا حدث اليوم ...؟! ليس يوم زفافنا بالطبع ولا يوم عقد قراننا ..."


+



" نعم ليس كذلك ولكنه تاريخ مهم في علاقتنا سويا ..."


+



قالتها ثم تعمدت أن تعتدل في جلستها وتقابله في جلسته ليسأل بإهتمام :-


+



" يوم خطبتنا ..؟!"


+



" تقريبا ..."


+



قالتها بعدم رضا سيطر على ملامحها ليهتف مدهوشا :-


+



" كيف يعني تقريبا ..؟!"


+



أخبرته ببرود :-


+




        

          


                

" في مثل هذا اليوم خطبتني يا راغب ... "


+



" نعم تذكرت .."


+



قالها مبتسما بتصنع لتخبره بحاجب مرفوع :-


+



" كلا أنت لم تتذكر بعد ..."


+



تنهد يخبرها بصدق :-


+



" ربما لا أتذكر هذا التاريخ ولكنني أتذكر تاريخ حفل خطبتنا وعقد قراننا ويوم زفافنا ..."


+



إبتسمت برضا :-


+



" حسنا ، طالما تتذكر البقية سأغفر لك هذا ..."


+



ضحك بعدم تصديق لتسأل بجدية :-


+



" ما بالك تضحك بهذه الطريقة ...؟!"


+



" أشعر بالإستغراب قليلا ..."


+



قالها بصدق لتسأل بجدية :-


+



" لماذا ..؟! مالذي يثير إستغرابك ..؟؟"


+



أخبرها بجدية :-


+



" أنتِ ... كل يوم أكتشف بك شيئا جديدا يفاجئني ..."


+



" وهل يعجبك ما تكتشفه ..؟!"


+



سألته بفضول ليجذبها نحوه يحتضنها بين ذراعيه وهو يجيب بنبرة آجشة :-


+



" يعجبني وكثيرا أيضا .."


+



أغمضت عينيها تستسلم لقربه وداخلها باتت تدرك جيدا إنها رغم كل شيء تنتمي لهذا الرجل الذي يمثل مع أولادها عالمها بأكمله مثلما باتت تدرك إن لا أحد لها في هذه الدنيا سواه ..


+



راغب هو كل ما لديها ...


+



هي جل ما تملكه في حياتها ...


+



هو الشخص الوحيد الذي تستطيع أن تحيا في كنفه دون خوف من مجهول والشخص الوحيد الذي تمنحه ثقتها دون شروط ..


+



راغب مصدر آمانها الوحيد ونقطة ثباتها  ومتمم عالمها وهذا بات واضحا أمامها ..


+



تلك الحقيقة سطعت أمام عينيها بوضوح دون أدنى مجال للشك ...


+



***

في صباح اليوم التالي ...


+



تقدمت إلى داخل المكتب بعدما سمح لها بالدخول ليبتسم لها بترحيب صادق حالما وجدها تطل عليه ...


+



تقدمت نحوه تعانقه دون مقدمات ليحاوطها بذراعيه وهو يتمتم بصدق :-


+



" إفتقدتك حقا طوال الفترة السابقة يا هالة ..."


+



إبتعدت عنه تهمس بصعوبة :-


+



" وها قد عدت من جديد ... "


+




        

          


                

ربت فوق وجنتها يخبرها بصدق :-


+



" أنرتِ المكان بقدومك مجددا يا حبيبتي ..."


+



منحته نظرة ممتنة ثم قالت :-


+



" أتيت للتحدث معك .."


+



" أسمعك .. "


+



قالها بجدية وهو يشير لها كي تجلس على الكرسي للمجاور للطاولة بينما جلس هو على الكرسي المقابل لها لتخبره بتردد :-


+



" بشأن إجرائات الطلاق ... تواصلت مع المحامي قبل قليل وأخبرته بقراري النهائي والذي يخص تنازلي عن كافة حقوقي ..."


+



" جيد .. لا مشكلة لدي في ذلك ... وأنت بكل الأحوال لست بحاجة لأي أموال منه .. لديك ما يكفيكِ وأكثر ..."


+



اومأت برأسها تخبره :-


+



" معك حق ..."


+



أضافت بتروي :-


+



" أريد أن أنتهي من هذا الأمر سريعا ..."


+



" هكذا أفضل ..."


+



قالها وهو يسترخي في جلسته ثم يضيف :-


+



" كي تنشغلي بنفسك بعدها وتخططي لمستقبلك وخاصة دراستك ..."


+



" هذا ما أفكر به ..."


+



قالتها بخفوت ليطالعها بإهتمام عندما أضافت بتردد :-


+



" سأسافر ... "


+



" تسافرين ..؟!!"


+



هتف بها متعجبا لتومأ برأسها وهي تضيف بهدوء:-


+



" سأقدم على الدراسات العليا في الخارج ... "


+



تأملها بصمت لتهمس بحذر :-


+



" لماذا تنظر إلي هكذا ..؟!"


+



هتف بصدق :-


+



" لإنني لم أتوقع هذا منك ..."


+



" مالذي تقصده ..؟!"


+



سألته بتيه ليوضح مقصده :-


+



" لم أتوقع منك الهرب يا هالة ... "


+



نطقت كاذبة :-


+



" قراري ليس هروبا ولكن ..."


+



قاطعها بثبات :-


+



" بل هو هروب ... لم يمر يوم على معرفتنا بطلاقك لتقرري الآن السفر ... ما معنى هذا ..؟! "


+



مسحت على وجهها بكفيها ثم همست بصعوبة :-


+



" أحتاج أن أنفرد بنفسي قليلا يا راغب ..."


+




        

          


                

تنهد راغب بصمت وعيناه تتأملان تفاصيلها التي تغيرت كليا ...


+



ذلك الثبات الواهي الذي تتمسك به أمامه هو والبقية ورغم ذلك لم تنجح في إخفاء ضعفها ويأسها وإنطفائها والأسوأ هزيمة روحها ...!


+



" هالة ..."


+



إنتبهت إليه ليسأل مجددا بتحذير :-


+



" هل فعل شيئا لك ...؟! هل هناك ما تخفينه عني ..؟!"


+



أجفلت لا إراديا فتغضن جبينه بإدراك لوجود حدث جلل تخفيه عنهم عندما إنتفضت من مكانها تهتف بتعب :-


+



" أرجوك يا راغب .. لا تضغط علي أكثر ..."


+



" لا أريد فعل ذلك حقا ... ولكنني قلق بشأنك ..."


+



قالها بصدق قبلما يقف قبالها يضيف :-


+



" سأتركك على راحتك .. تأخذين وقتك كافيا لتجاوز ما حدث ومقابل ذلك سأطلب منك أن تؤجلي  فكرة السفر حاليا ريثما يستقر الوضع وتتجاوزين قليلا مما حدث ..."


+



هزت رأسها مرغمة فلا طاقة لديها أن تدخل في جدال سيرهق روحها أكثر ناهيك عن رغبتها بالفرار من أمامه سريعا قبل أن تجد نفسها عرضة للمزيد من الأسئلة والشكوك ...


+



كادت أن تتحرك مغادرة عندما وجدت فيصل يندفع إلى الداخل يهتف بملامح تحمل قلقا مريبا :-


+



" حدث شيء ما .."


+



طالعه راغب بحذر فأضاف وهو ينقل نظراته المتوترة بينهما :-


+



" مجموعة من المجرمين تعرضوا لأثير في كراج عمارته و ..."


+



توقف وهو يلتقط الصدمة التي إحتلت ملامح هالة بينما هدر راغب بعصبية :-


+



" أكمل .. ماذا حدث ...؟!"


+



" ضربوه بالسكين عدة مرات في جسده ..."


+



سارعت تقبض على الطاولة جانبها وملامحها شحبت تماما وصورة شخص واحد تتجسد أمام عينيها مسؤول عن ذلك ...


+



تماسكت بصعوبة بينما يسأل راغب بأنفاس متلاحقة :-


+



" هل ما زال حيا ..؟!"


+



أخبره فيصل بحزن شع من عينيه :-


+



" نعم ولكن وضعه صعب قليلا ..."


+



أضاف بضيق :-


+



" عمتي لم تعرف بما أصابه بعد ... "


+



" اللعنة ..."


+



هتف بها راغب بعصبية وهو يضيف بوجل :-


+




        

          


                

" من فعل هذا ..؟! من يجرؤ على فعل هذا ..؟!"


+



تحركت هالة سريعا مغادرة المكان دون أن تنتظر سماع المزيد وخفقات قلبها بلغت أوجها لتقف لوهلة خارج المكتب تضع كف يدها فوق موضع قلبها الهادر بعنف ومشاعر الخوف بل الرعب تملكت منها ...


+



بينما سمعت فيصل يتحدث في الداخل :-


+



" ربما لدى عمي حاتم عداوة مع أحدهم  ..."


+



هدر راغب بضيق :-


+



" لا أعلم يا فيصل ... هل ذهب والدي إلى المشفى ..؟!"


+



أخبره فيصل بجدية :-


+



" بابا غادر قبل قليل إلى المشفى .. أردت الذهاب معه لكنه طلب مني الذهاب مع ماما إلى عمتي زمرد لأخبرها هي وسولاف بما حدث ... يجب أن نمهد لها الخبر تدريجيا ..."


+



أكمل بحزن :-


+



" ستنهار حتما عندما تعلم بما أصابه وكذلك سولاف فأنت تعلم مدى تعلق كلتيهما به ... "


+



هتف راغب بصوت متحشرج :-


+



" سينهض منها سالما بإذن الله ... أثير قوي وسيتجاوز هذه الحادثة ..."


+



قال فيصل وهو يستمع إلى نداء والدته :-


+



" يجب أن أذهب .. لا تنسى أن تخبر مهند بما حدث ... وكذلك تولاي ..."


+



ثم تحرك مغادرا المكان سريعا يتبعه راغب الذي توجه أولا نحو جناحه ليخبر همسة بما حدث ويسألها إذا ما ستذهب معه إلى المشفى أم تبقى مع الأولاد وتذهب هناك في وقت آخر ...


+



***



+



إندفعت إلى داخل جناحهما لتجد توليب هناك تتسائل بقلق :-


+



" أين كنت يا هالة ..؟! أتيت لأطمئن ..."


+



قطعت كلامها وهي تنتبه لشحوب ملامحها بصورة واضحة بينما هتفت الأخيرة بنبرة أقرب للإنهيار :-


+



" أنا تعبت ... تعبت حقا يا تولاي ..."


+



ثم سارعت ترمي بجسدها فوق السرير وتنهار باكية بنحيب جعل توليب تطالعها بأسى للحظات قبلما تتقدم نحوها وتجلس جوارها تربت فوق ظهرها بحنو بالغ ..


+



" إهدئي يا هالة ..."


+



همست بها توليب ثم جذبتها تعانقها بحمية لتتمسك هالة بأحضانها ونحيبها يزداد بشكل يؤلم القلب ...


+



أغمضت توليب عينيها تكتم عبراتها بصعوبة ...


+



لم يسبق أن رأت هالة بهذه الحالة المؤلمة للغاية ..


+




        

          


                

هالة لم تكن من النوع الذي يبكي إلا نادرا ...


+



لطالما كانت صلبة وقوية بشكل يجعل إنهيارها شبه مستحيل والآن هي منهارة بشكل لم تره عليها مسبقا ...


+



" كل شيء سيكون بخير ... صدقيني .. "


+



قالتها محاولة مواساتها عندما إبتعدت هالة عنها تهمس بنبرة مرتجفة :-


+



" كل شيء يتجه نحو الأسوأ وأنا لا أعرف ماذا أفعل .."


+



أضافت بدموع حارقة :-


+



" كرم من فعل هذا ... كرم من قتله وأنا السبب كالعادة ..."


+



" عمن تتحدثين ..؟!"


+



سألت توليب بعدم إستيعاب لتجيب هالة التي لم تستوعب بعد عدم معرفتها بالحادث الذي أصاب إبن عمتها :-


+



" أثير ... كرم أرسل له رجال يضربونه بالسكين .."


+



" ماذا ..؟!!"


+



صاحت بها توليب بفزع قبلما تسأل بنبرة مرتعبة :-


+



" كيف حاله ..؟! هو بخير ... أليس كذلك ..؟!"


+



سارعت هالة تمسح عبراتها وهي تخبرها بصوت مبحوح :-


+



" لا أعلم ... راغب سيذهب إليه الآن ..."


+



" سأتصل بماما ..."


+



ثم تحركت تخرج هاتفها تتصل سريعا بوالدتها التي أخبرتها بما تعرفه من والدها عن حالته ..


+



عادت إلى هالة التي وجدتها تجلس فوق السرير برأس منخفض وتحاوط جسدها بذراعيها تبكي دون توقف ...


+



سارعت تجلس جانبها تخبرها بخفوت :-


+



" في العناية المشددة ... وضعه لا زال حرجا لكنه سيتحسن بإذن الله ..." 


+



رفعت هالة وجهها فظهرت عينيها الدامعتين وهي تهمس بصعوبة :-


+



" أنا السبب ..."


+



" مالذي تقولينه ..؟!"


+



هتفت بها توليب بضيق لتضيف هالة بوجع :-


+



" نعم أنا السبب ... أنا سبب كل شيء ... في البداية كرم والآن أثير ..."


+



أضافت والهلع يظهر في عينيها :-


+



" ماذا لو مات ..؟! ماذا سيحدث حينها ..؟! كيف سأغفر لنفسي هذا...؟! بل كيف سأحيا وأنا أحمل ذنبه معي ...؟! "


+



هاتفت توليب بسرعة تحاول تهدئتها :-


+



" اهدئي يا هالة ..."


+




        

          


                

قبضت هالة على كفها تتسائل بخوف صادق :-


+



" ماذا سأفعل يا توليب ..؟! ألا يكفي ذنب كرم الذي سيبقى يلاحقني طوال عمري ..؟! هل سأحمل ذنبا جديدا ..؟! "


+



" أنت لست مسؤولة عما أصاب كرم ..."


+



قالتها توليب بجدية وهي تحاول التخفيف عنها لتنتفض هالة من مكانها وهي تصيح :-


+



" بل أنا السبب ... بسببي شُلَت يده واليوم أثير يرقد في المشفى بسببي وربما سيموت بسببي ..."


+



" لا تقولي هذا .. سينجو سالما بإذن الله ..."


+



قالتها توليب وهي تضيف بتردد :-


+



" وليس من الضروري أن يكون كرم وراء الحادث ..."


+



" بلى هو ..."


+



" لمَ أنت متأكدة إلى هذا الحد ..؟!"


+



" لإنه حاول فعلها مسبقا ..!"


+



قالتها هالة ودموعها عادت تشق طريقها فوق وجنتيها قبلما تنهار باكية وهي تردد بيأس :-


+



" إلى متى سأبقى أدفع ثمن خطأ إرتكبته دون تفكير ...؟! أنا لن أغفر لنفسي ما حدث ... أبدا ..! "


+



***

غادر مهند الحمام وهو يجفف خصلات شعره التي إستطالت قليلا الفترة السابقة بالمنشفة عندما وجدها مستيقظة تطالعه بجبين متغضن ...


+



" صباح الخير ..."


+



قالها وهو يرمي المنشفة بإهمال ويتقدم جالسا جانبها يتسائل بحرص :-


+



" هل أنت بخير ..؟! هل هناك ما يؤلمك ..؟!"


+



هزت رأسها نفيا وهي تجيب بصوت خرج مبحوحا قليلا :-


+



" كلا ، أنا بخير ..."


+



" إذا ما بالك تجلسين هكذا وكأن هناك شيء مهم يشغل بالك ويعكر صفوك ..؟!"


+



همست جيلان بخفوت :-


+



" أنا بخير ... فقط كنت أفكر فيما سيحدث بعد الآن ..."



+



" مالذي سيحدث مثلا ..؟!"


+



قالها متعجبا وهو يضيف :-


+



" كل شيء سيكون أفضل ... إطمئني ..."


+



طالعته بتردد شع من عينيها قبلما تهمس بخفوت :-


+



" بعدما حدث أنت أصبحت مجبرا على البقاء معي ..."


+



" من قال هذا ..؟!"


+




        

          


                

قالها مدعيا الدهشة لتهمس بنفس الخفوت :-


+



" أعلم هذا يا مهند ..."


+



" إسمعيني يا جيلان ..."


+



قالها بجدية لترمقه بإهتمام فيضيف بهدوء :-


+



" أعتقد إنك عاشرتني بما يكفي لتدركي إنني لست ذلك الرجل الذي ينساق وراء أحدهم أو يتم إجباره على ما لا يريد ..."


+



" لكنك ربما ستجبر نفسك على البقاء معي ... خوفا عليّ و ..."


+



قاطعها بسرعة :-


+



" لا تفكري بهذه الطريقة يا جيلان ..."


+



أضاف وهو يقبض على كفها بعفوية :-


+



" حتى لو فعلت هذا لأجلك ... حتى لو تنازلت قليلا وأجبرت نفسي قليلا على بعض الأمور لأجلك فما المشكلة في ذلك ..؟! ألستِ إبنة عمي وواجب عليّ أن أقف جانبك وأساعدك حتى تستعيدي إتزانك وتعيشي حياتك بالشكل الصحيح ..."


+



اتجهت ببصرها نحو كفه الذي يقبض على كفها فشعرت بشيء مبهم يغزوها قبلما تعاود النظر إليه فترمش بعينيها وهي تهمس بتردد :-


+



" نعم أنا إبنة عمك و ..."


+



إبتلعت بقية كلماتها داخل حلقها ليهتف بجدية :-


+



" لماذا توقفت ...؟!"


+



إبتسمت بصعوبة تهمس :-


+



" أنا فقط أريدك أن تعلم إنك لست مجبرا على بقائك معي بعد الآن ... أنا فهمت الدرس جيدا ولا تخشى بشأني .. سأتجاوز ما حدث تدريجيا ... "


+



" هل تحاولين التخلص مني يا جيلان ...؟! قوليها ولا تخجلي ..."


+



قالها بتروي لتهتف سريعا بفزع :-


+



" بالطبع لا ..."


+



أضافت بعفوية واللهفة تشع من عينيها ونبرة صوتها :-


+



" العكس تماما فأنا أريدك معي ..."


+



رفع حاجبه بدهشة لحظية لتعض شفتيها بخجل وهي تستوعب ما أقدمت عليه ليبتسم مرغما وهو يرى إحمرار وجنتيها التدريجي فيتنهد بصمت ثم يقول :-


+



" سأحجز في أقرب طائرة عائدة إلى أمريكا ... لا يجب أن تتأخري أكثر عن جامعتك ..."


+



هزت رأسها بتفهم ثم قالت بتردد :-


+



" هناك شيء ما أريد فعله قبل سفرنا ..."


+



" شيء ماذا ..؟!"


+



سألها بإهتمام لتهمس بتردد :-


+




        

          


                

" أريد رؤية عمار ..."


+



تجهمت ملامحه وهو يسأل بضيق خفي :-


+



" هل هذا ضروري ...؟! ألا يمكنك تأجيلها فيما بعد ..؟!"


+



" كلا ، لا أريد تأجيل رؤيته أكثر ..."


+



أضافت بتساؤل حذر :-


+



" هل أزعجك طلبي ..؟!"


+



تنهد مرغما وقال :-


+



" لا أحبذ رؤيتك له .."


+



سألته بدهشة :-


+



" لماذا ...؟!"


+



لاحظت التردد الذي طغا على ملامحه لتنظر نحو كفه بتردد قبلما تمد أناملها وتلمسه بحذر وهي تخبره برقة :-


+



" لماذا يا مهند ..؟! أريد معرفة سبب عدم رغبتك برؤيتي لعمار .."


+



" أخشى عليك منه .."


+



قالها بصدق وهو يضيف بكره خفي :-


+



" لا أثق بنتيجة هذه الزيارة عليكِ أبدا يا جيلان ..."


+



خفق قلبها لا إراديا عندما سمعت ما قاله وصدقه بخوفه عليها لتهمس بصوت آجش :-


+



" لا تقلق يا مهند .. عمار لا يمكن أن يؤذيني .."


+



أضافت بتوتر خفي بعدما بللت شفتيها بلسانها :-


+



" أنا أحتاج لهذه المقابلة يا مهند .. أحتاجها كثيرا ..."


+



" حسنا يا جيلان .. سأدبر لك هذه المقابلة في أسرع وقت ..."


+



ابتسمت مرددة بإمتنان :-


+



" شكرا .. "


+



هتف بحذر :-


+



" في الواقع هناك شيء هام نحتاج أن نتفق عليه كذلك ..."


+



عقدت حاجبيها تسأل بحيرة :-


+



" شيء ماذا ..؟!"


+



" علاجك ..."


+



" أي علاج ..؟! أنا بخير ..."


+



قالتها بعدم فهم ليبتسم بتوتر:-


+



" علاجك النفسي يا جيلان ..."


+



إختلجت ملامحها بمشاعر مختلطة ليسارع يخبرها بحكمة :-


+



" العلاج النفسي ضروري يا جيلان لتستعيدي إتزانك وسلامك النفسي .."


+



راقب ملامحها الصامتة المبهمة بقلق من ردة فعلها عندما وجدها تتنهد بصوت مسموع قبلما تهمس بتردد :-


+




        

          


                

" أعلم إنني أحتاج أن أخضع لعلاج نفسي و ..."


+



توقفت تراقب ملامحه التي تطالعها بإهتمام وداخلها باتت تعلم إنه يرجوها من أعماق قلبه ألا ترفض لتبتسم بنعومة :-


+



" حسنا موافقة ..."


+



ابتسم براحة سرعان ما تبخرت وهو يستمع لنداء شقيقه الأكبر عليه والذي أخبره بما جرى لإبن عمته وصديق عمره فجر اليوم ليسارع في الذهاب إليه بقلب مرتعب ..!


+



***



+



أمام غرفة العناية المشددة التي يوجد بها شقيقها وقفت سولاف و دموعها تبلل وجهها خلفها تجلس والدتها بملامح واهنة وآثار عبراتها ما زالت تظهر على وجهها بوضوح ..


+



لم تتحرك كلتاهما من أمام غرفة العناية منذ صباح البارحة ...


+



رفضتا بقوة أن تستريحا بغرفة مجاورة حتى ...


+



إنهارت زمرد في البداية حتى أغمي عليها ليتم إسعافها سريعا قبلما تستعيد وعيها وتصر على العودة إلى ولدها رافضة أن تتحرك من مكانها ولو للحظة واحدة يرافقها زوجها الذي يحرص أن يحاوطها بإهتمامه بين الحين والآخر رغم إنهاكه الواضح وخوفه على وحيده الذي أخبره الطبيب بكونه لن يتجاوز مرحلة الخطر قبل مرور ثمانية وأربعين  ساعة على وجوده هنا ...


+



أصر عابد بدوره على البقاء بجانب شقيقته فلم يغادر حتى منتصف الليل بعد إصرار زهرة التي بقيت بجانب زمرد ومعها مهند الذي رفض بدوره العودة حتى يطمئن على صديق عمره ...


+



بقي عادل كذلك معهم طوال الليل ولم يتحرك خطوة واحدة خارج المكان محافظا على ثباته قدر المستطاع رغم رعبه من الداخل على صديقه لكنه كعادته يحاول أن يلتزم بالهدوء ويخفف عن البقية ...


+



تنهد عادل بصمت ولم يغب عنه تخبط مهند فجاوره يهمس له :-


+



" سينجو سالما ... "


+



" يارب ..."


+



قالها مهند وهو يرفع بصره نحو الأعلى يتضرع إلى الله أن ينجيه ...


+



تأمل بعدها سولاف ليخبر عادل بآسف :-


+



" لم تتوقف عن البكاء لحظة واحدة ..."


+



طالعها عادل بشفقة قبلما يهتف بجدية :-


+



" سأجلب القهوة والطعام لنا ... "


+



ثم تحرك دون أن يضيف حرفا آخر متجاهلا آلم قلبه محاولا طمأنة نفسه بنجاته سالما من هذه الحادثة ...


+



حوالي دقيقتين وتقدم فيصل نحوهم بجانب توليب التي ركضت نحو عمتها تطمئن عليها بينما أخذ فيصل يسأل مهند عن حاله وإذا ما حدث تحسن في وضعه قبلما يتجه نحو عمته يحاول التخفيف عنها قدر المستطاع ثم ينتبه لسولاف التي بقيت في نفس مكانها منذ البارحة ليتجه نحوها وهو يخبرها بجدية :-


+




        

          


                

" إرتاحي قليلا يا سولاف ... ستنهارين إذا بقيت هكذا ..."


+



إلتفتت سولاف نحوه تهمس بوجهها الباكي :-


+



" لا أستطيع .. لن أرتاح ولن يهدأ بالي حتى أطمئن عليه ..."


+



تأملت والدها الذي عاد يجلس بجانب والدتها يواسيها بتماسك يحمل خلفه ضعفا وإنهيارا تشعر هي به وحدها لتجده ينهض مجددا وهو يجري إتصالاً مع أحدهم فخمنت إنها خادمة جدتها فريدة فوالدها حرص ألا تعلم جدتها بالخبر ومن حسن حظهم إنها بقيت في مزرعتها ولم تعد معهم إلى القصر يومها  فهي لن تتحمل وقع الخبر عليها ...


+



" عمي حاتم يتماسك بصعوبة ..."


+



قالها فيصل بخفوت لتومأ برأسها وهي تخبره بآلم :-


+



" ما يحدث ليس سهلا على الإطلاق ... أبدا يا فيصل ..."


+



ثم تحركت نحوه ما إن أنهى مكالمته ليبتسم لها بهوان فتسارع وتعانقه بدعم يحتاجه كليهما تتمسك به بحب صادق وهي تخبره بثقة لا تعرف متى سيطرت عليها :-


+



" سيصبح بخير .. ستمر الساعات القادمة بسلام ويستقر وضعه بإذن الله ..."


+



" بإذن الله ..."


+



غمغم بها والدها قبلما يربت على وجنتيها بحنو فتبتسم له بعينين باكيتين ثم تتحرك نحو والدتها التي تجلس بجانب زوجة خالها بالكاد تتجاوب مع حديثها لتجلس جانبها وتندس بين ذراعيها دون أن تنبس بكلمة واحدة فتحاوطها زمرد بذراعيها ودموعها شقت طريقها فوق وجنتيها مجددا ...


+



عاد عادل وهو يحمل صينية موضوع عليها عدد من أقداح القهوة البلاستيكية ...


+



أشار لفيصل الذي حمل القهوة لزوج عمته بينما منح هو مهند قهوة وكذلك توليب وزهرة قبلما يشير لزمرد :-


+



" تناولي القهوة يا خالتي .. "


+



أضاف مشيرا إلى فيصل :-


+



" إذهب وهات شيئا من الكافيتريا  يتناولونه فأنا لم أستطع سوى حمل القهوة وهم لم يتناولوا شيئا منذ صباح البارحة ..."


+



" معك حق .."


+



قالها فيصل وهو يتحرك سريعا بينما هتفت زمرد برفض :-


+



" أشكرك حبيبي لكنني لا أستطيع تناول أي شيء ..."


+



" يجب أن ترتشفي ولو القليل منها يا عمتي ..."


+



قالتها توليب برقة لتجذب سولاف القدح من عادل وتخبرها بجدية :-


+



" تناولي القليل منها فأنت تحتاجين لذلك كما يجب أن تتناولي من الطعام الذي سيأتي به فيصل كي تسيطري على إتزانك ولا تفقدي وعيك مجددا ..."


+




        

          


                

" لا أستطيع حقا يا سولاف ..."


+



قالتها زمرد بتعب لتهتف سولاف بجدية وإصرار :-


+



 " من فضلك يا ماما .. ستفقدين وعيك مجددا بهذه الطريقة ... لا تعاندي أرجوك وتناولي القهوة ... أرجوك ..."


+



تناولت منها زمرد القهوة بإستسلام بينما أتى فيصل يحمل معه بعض السندويشات الباردة والبسكويت لترغم سولاف والدتها على تناول القليل ويمنح فيصل الطعام كذلك لوالدته وزوج عمته ومهند وكذلك عادل الذي رفض الطعام مكتفيا بتناول قهوته ...


+



تنهدت سولاف بقليل من الراحة وهي ترى والدتها تتناول القليل من البسكويت مع زوجة خالها لتنهض من مكانها وتتجه مجددا نحو غرفة العناية تنظر إلى شقيقها الماكث داخلا بوجع فينتبه إليها عادل الذي أخذ علبة من البسكويت وعلبة عصير وتوجه نحوها يخبرها بجدية :-


+



" وأنت أيضا تناولي الطعام ..."


+



إستدارت نحوه تهمس بآسف :-


+



" لا أستطيع حقا يا عادل ..."


+



تمتم بوجوم :-


+



" هل تنصحين والدتك وتنسين نفسك ..؟!"


+



أضاف بهدوء :-


+



" أنت بدورك ستفقدين وعيك إذا ما لم تتناولِ شيئا ..."


+



أضاف وهو ينظر من خلف الزجاج نحو صديقه :-


+



" وحينها سيستيقظ أثير ولا يراكي أمامه ..."


+



همست تتسائل بصوت متوسل :-


+



" سيستيقظ ، أليس كذلك يا عادل ..؟!"


+



" نعم يا سولاف .. سيحدث ذلك .. إطمئني ..."


+



إبتسمت له بآمل عاد يسيطر عليها عندما مد كفه التي تحمل البسكويت نحوها فتناولته منه وكذلك تناولت العصير واتجهت نحو الكرسي الجانبي تتناولهما رغم عدم شهيتها للطعام لكنها تخبر نفسها إن أثير سوف يستيقظ قريبا ويجب أن يراها أمامه وفي حال جيد ...!


+



***



+



مساءا ....


+



جلست سولاف بجانب والدتها بملامح مرهقة بشدة ...


+



لحظات ومالت برأسها فوق كتف والدتها مغمضة عينيها بإستسلام تمكن منها لتشعر بذراع والدتها تحاوطها وتعدل من وضعية جلوسها حيث جذبتها فوق صدرها بوضعية مريحة أكثر محاوطة جسدها بذراعها بينما أخذت تربت بكفها الآخر فوق ظهرها رغم تعبها ووجعها الشديد هي الأخرى ...


+




        

          


                

غادر الأغلب حيث أصرت زمرد على مغادرة زهرة مع شقيقها عابد الذي قضي اليوم كاملا معهم وكذلك طلبت من مهند الرحيل خاصة إن جيلان بالتأكيد تحتاج وجوده فتحرك عند منتصف الليل مرغما ومعه عادل وكلاهما يؤكد لهم عودته إليهم  في الصباح الباكر ...


+



كذلك سولاف أجبرت والدها على العودة ليرتاح قليلا ورغم رفضه الشديد في البداية لكنه إضطر أن يستجيب لها بعدما أجبرهما بدوره على الجلوس في غرفة حجزها مسبقا  بدلا من بقاءهما هنا أمام غرفة العناية فإستجابت كلتاهما لطلبه وها هما تجلسان في الغرفة بينما يجلس فيصل في الممر المقابل لغرفة العناية ويأتي بين الحين والآخر ليطمئن عليهما ويسألهما إذا ما تحتاجان  شيئا وقد أصر على بقاءه معهما رافضا محاولات عادل ومهند للبقاء بدلا عنه ...!


+



تنهدت زمرد وهي تخبر ابنتها :-


+



" لماذا لا تنامين قليلا ...؟! السرير موجود ...٠


+



تمتمت سولاف بجدية :-


+



" نامي أنت أولا ..."


+



" لا أستطيع النوم ..."


+



قالتها زمرد بخفوت لتهمس سولاف بصعوبة :-


+



" وأنا كذلك ..."


+



أطلقت زمرد تنهيدة متعبة قبلما تشرد في أفكارها لتبتعد سولاف قليلا من بين أحضانها تسألها بحذر :-


+



" فيم شردت ..؟!"


+



أجابتها بخفوت :-


+



" باليوم الذي علمت به إنني أحمل شقيقك ..."


+



" أستطيع تخمين مدى سعادتك وقتها ..."


+



قالتها سولاف بإبتسامة خافتة لتهمس زمرد وذكرى ذلك اليوم حاضرة في ذهنها كأنها البارحة :-


+



" لم أفرح طوال حياتي كما فرحت بالمرتين اللتين علمت بهما بحملي لكما أنت وشقيقك ... "


+



أضاف بإبتسامة حانية :-


+



" في الحقيقة فرحت كثيرا كذلك عندما تزوجت والدك ... يومها ظننت إنني حصلت على جل ما أريد ..."


+



تجمعت العبرات داخل عينيها وهي تضيف :-


+



" حتى أدركت بمشاكلي الصحية والتي تمنع حملي بطفل يتمم سعادتي مع حاتم ..."


+



أخذت نفسا عميقا وهي تجاهد لتكبت عبراتها :-


+



" عشرة أعوام كدت أن أموت من القهر فيهم حتى حدث ما تمنيت وحملت بشقيقك ... لا يمكنك تصور فرحتي حينها ... "


+




        

          


                

مسحت دمعة خائنة تسللت من عينها وهي تضيف بصوت مبحوح :-


+



" بقيت تسعة أشهر متسطحة على الفراش أرفض أن أتحرك خطوة واحدة وعندما ولدته سالما كنت أرفض أن أبتعد بعيني عنه ولو ثانية ... "


+



تابعتها سولاف بوجع خفي بينما تضيف بصوت مبحوح :-


+



" كنت أخفيه عن الجميع خوفا عليه .. كنت مهووسة به بشكل مرضي يا سولاف وما ضاعف من هوسي هو عدم حملي بعدها ..  "


+



تساقطت عبراتها وهي تضيف :-


+



" ظننت إنني بحملي أخيرا إنتهت جميع مشاكلي وسأنجب المزيد من الأطفال وأكون أسرة كبيرة كما تمنيت ولكنني فوجئت بعدم حملي مجددا رغم محاولتي لذلك بعد مرور أشهر قليلة على ولادتي وإستمرت المحاولات لعشرة أعوام أخرى ..."


+



تنهدت تضيف بصعوبة :-


+



" عشرة أعوام حتى حملت بك رغم إنني يأست من حدوث ذلك حينها فأنتِ تعلمين إنني أنجبتك بعدما تجاوزت الأربعين من عمري ... قبلها كنت يأست تماما وبدأت أجبر نفسي على تقبل إنني لن أحصل على طفل آخر غيره ..."


+



إبتسمت بحنين :-


+



" لكن حدثت معجزة وحملت بك بعد عشرة أعوام أخرى... يومها شعرت بنفس السعادة التي شعرت بها عندما علمت بحملي الأول وتصرفت بنفس الطريقة فلم أتحرك خطوة واحدة من مكاني ... "


+



صمتت لوهلة ثم قالت وهي تربت على خصلاتها بحنو :-


+



" ودعوت ربي ليلا ونهارا أن أحصل على فتاة .. كنت أريد فتاة بشدة يا سولاف ..."


+



تنهدت وهي تهمس :-


+



" وحدث ما أردت وأنجبتك وإكتملت عائلتنا بوجودك ومنذ ذلك اليوم وأنا أخشى عليكما بشكل يرهقني للغاية كما يرهقكما ... "


+



إسترسلت بآسف :-


+



" أعلم إن تصرفاتي مستفزة لكما ودائما ما تتضايقان من تصرفاتي معكما ولكنني أحبكما بشدة .. أحبكما بشكل مبالغ فيه ربما وأريدكما أن تكونا الأفضل في كل شيء وتتفوقان على الجميع دون إستثناء ...."


+



تأملتها سولاف بصمت بينما قبضت زمرد على كفها تخبرها بصدق :-


+



" رغم كل شيء ورغم تصرفاتي المزعجة لكما وطريقة تفكيري التي لا تعجبكما لكن تذكرا جيدا إنني لم أحب أحدا كما أحببتكما ... حتى حاتم رغم عشقي الجارف له لكنه يأتي بالمرتبة الثانية بعدكما .. أنا أحبكما أكثر من أي شيء .. أكثر من والدكما ومن نفسي حتى ..."


+



أدمعت عينا سولاف متأثرة بحديثها لتخبرها بصوت مبحوح :-


+



" أنا أحبك كثيرا يا ماما ..."


+




        

          


                

ثم سارعت ترمي بجسدها بين ذراعيها وهي تضيف بصدق :-


+



" أنا وأثير نحبك كثيرا حتى لو كنا نغصب وننزعج من حديثك وتصرفاتك ... نحبك أكثر مما تتصورين ..."


+



***



+



مر يوم آخر بين قلق وخوف وتوتر وترقب ريثما إستيقظ أثير أخيرا ووضعه إستقر بشكل أثلج قلوب الجميع ثم تم نقله إلى غرفة عادية مع تحذير بصعوبة إصابته والتي تستوجب رعاية شديدة لأيام متتالية مثلما يُمنع خلالها تواجد البعض حوّله فالزيارات مسموحة له لكن لعدد محدود ومدة قصيرة للغاية بينما لا يبقى معه داخل الغرفة سوى شخص واحد فقط يرافقه في المبيت ...!


+



هتف حاتم منزعجا :-


+



" الخبر إنتشر بالصحافة كما توقعت ..."


+



قالت زمرد بوجوم :-


+



" لينتشر .. ليحدث ما يحدث ... المهم أن ولدي نجا من هذا الحادث ..."


+



أضافت بجدية :-


+



" يجب أن نعلم هوية الشخص الذي تسبب بهذا الحادث .. ربما شخص من أعدائك يا حاتم ..."


+



أضافت بتعب :-


+



" لن يهدأ بالي حتى يتم القبض على المتسبب وحبسه ... "


+



مسح حاتم على وجهه مرددا بإرهاق :-


+



" أسعى خلف ذلك الأمر ورجالي بدئوا يبحثون ... اليومين السابقين لم أهتم بشيء سوى سلامته والآن يجب أن أعرف وبأسرع وقت من تسبب بهذا الحادث ... "


+



تنهدت بصمت بينما في الداخل كان يزوره كلا من عادل ومهند حيث قدما لرؤيته بعد إفاقته ومعهم سولاف التي لم تترك شقيقها للحظة واحدة منذ إفاقته ...


+



أخذا يسألانه عن حاله بينما بالكاد هو يتجاوب معهما بسبب آلم جسده وضعفه الواضح ...


+



لم يشأ كلاهما أن يطولان في زيارتهما فهو مرهقا بشدة ناهيك عن منع الطبيب للزيارات الطويلة ...


+



نهض كلاهما مقرران المغادرة عندما دلف حاتم إلى الداخل يخبره بهدوء :-


+



" الشرطة أتت والمحقق يريد التحدث معك ... "


+



أضاف بحذر :-


+



" هل وضعك يسمح لك بالتحدث معه أم نؤجل الحديث لوقت آخر ...؟!"


+



" لا مشكلة لدي .."


+



قالها أثير بأنفاس متعبة ليهز حاتم رأسه بتفهم تراقبه سولاف بشفقة فهو يتعمد ألا يظهر آلمه وتعبه أمام أي أحد ...


+




        

          


                

مال عادل نحوه يسأل بحذر :-


+



" هل تعلم من وراء الحادث ..؟!"


+



تمتم أثير بصوت خافت :-


+



" يمكنني التخمين لكنني يجب أن أتأكد أولا ..."


+



طالعه عادل بريبة قبلما يعتدل في وقفته ويقابل مهند الذي منحه نظرة متسائلة فيهمس له عادل بدوره :-


+



" سأخبرك خارجا ..."


+



ثم انتبه لسولاف التي كانت تتابعهما بحرص فصدح صوتها :-


+



" مالذي ستخبره عنه في الخارج يا عادل ..؟! هل تعلم من تسبب بهذا الحادث ...؟!"


+



هتف مهند مدهوشا :-


+



" هل تتنصتين علينا ..؟!"


+



تجهمت ملامحها بينما هتف أثير بنبرة جادة :-


+



" توقفي يا سولاف ..."


+



قالت سريعا :-


+



" يجب أن تخبر الضابط عمن تسبب بهذا الحادث ..."


+



" لكنه ليس متأكدا بعد ..."


+



قالها عادل بجدية لتهتف ببديهية :-


+



" الشرطة ستتأكد بنفسها ..."


+



هم عادل بالرد إلا إن دخول حاتم مع الشرطي جعله يتحرك مع مهند مغادرين المكان تتبعهما سولاف بينما هتف حاتم مشيرا لولده :-


+



" سيادة الرائد سيف نعمان ... "


+



ألقى سيف التحية عليه وهو يبتسم له برسمية قبلما  يأخذ مكانه على الكرسي جانبه ويبدأ بطرح الأسئلة عليه مراعيا وضعه الصحي قدر المستطاع ...!


+



***

غادر سيف الغرفة مع حاتم لتسارع زمرد وتتقدم نحوه تتبعها سولاف ...


+



أشار سيف لزوجها :-


+



" سنبحث جيدا عمن تسبب بهذه الحادثة يا سيادة الوزير ...؟!"


+



سألت سولاف بحذر :-


+



" أليس هناك شكوك حول أحدهم ...؟!"


+



هتف سيف بجدية :-


+



" في الحقيقة هو لا شكوك لديه حول أحدهم إطلاقا لذا سوف نستمر نحن في البحث ..."


+



أضاف بجدية :-


+



" من فعل ذلك عصابة محترفة ... لذا يجب أن نبحث جيدا فالوضع يبدو خطيرا يا سياد الوزير وهناك من يترصد لولدك وربما لك أيضا ..."


+




        

          


                

أضاف بحرص :-


+



" يجب وضع حراسة مضاعفة على غرفته وكذلك عليك وعلى بقية أفراد العائلة ريثما يتم القبض على المسؤول عما حدث ..."


+



" بإذن الله سيحدث ..."


+



قالها حاتم  بجدية ليتحرك سيف مغادرا مع بقية أفراد الشرطة تتبعه زمرد بعينيها قبلما تعود وتنظر إلى زوجها تسأله بجدية :-


+



" هل هناك شيء لا نعرفه يا حاتم ..؟!"


+



" كلا يا زمرد ... أثير قال إنه لا يمتلك أعداء ولا يشك بأي شخص ..."


+



وجمت ملامح سولاف بينما والدها يضيف :-


+



" بكل الأحوال لن أعتمد على الشرطة فرجالي تحركوا بالفعل بحثا عمن تسبب بهذا كما تعلمين ..."


+



" يجب أن يجدوه سريعا يا حاتم ..."


+



قالتها بضيق وهي تضيف بإصرار :-


+



" وينال عقابه الذي يضمن عدم تجرئه على الإقتراب من ولدي مطلقا حتى لو كان الثمن حياته ..."


+



" إهدئي يا زمرد ..."


+



قالها بجدية لتهتف بملامح محتقنة :-


+



" كيف سأهدأ وأنا كنت على وشك خسارة ولدي بسبب شخص لعين ... ؟!"


+



" من يجرؤ على شيء كهذا ...؟! أثير لا عداوات لديه ولا أنت كذلك يا بابا ..."


+



قالتها سولاف بجدية ليهتف حاتم بدوره :-


+



" ما تقولينه صحيح .. أنا علاقاتي جيدة مع الجميع ولا عداوات لدي وحتى الانتخابات ما زال مبكرا عليها وأثير بدوره لا يمتلك عداوات وحتى عمله معظمه خارج البلاد ..."


+



قالت زمرد بقلق :-


+



" ربما أحدا من منافسينك في السوق ..."


+



" لا أعلم يا زمرد ولكن ما أعلمه إنني لا أمتلك عداوة مع أي شخص ... هذا ما أعرفه حاليا ورغم ذلك أنا أبحث خلف الجميع ..."


+



" ربما أثير لديه عداوة مع أحدهم ..."


+



قالتها سولاف بجدية لتسأل زمرد :-


+



" لماذا تقولين هذا ..؟! هل تعلمين شيء ..؟!"


+



أجابت سولاف سريعا :-


+



" الشيء الوحيد الذي أعلمه إن أثير يخفي شيئا ما وأنا لم أكن لأخبركم بهذا سوى بسبب خوفي عليه ورغبتي بمعرفة الشخص الذي تسبب بهذا له ومحاسبته ولكن شقيقي يتصرف بطريقة خاطئة وعلى ما يبدو ينوي أن يأخذ ثأره بنفسه غير آبها بخطورة ما ينتظره ..."


+




        

          


                

ظهر الهلع في عيني زمرد وهي تهتف بزوجها :-


+



" تصرف يا حاتم ... دعه يخبركم بالمسؤول عن هذا .. أرجوك ... "


+



" سأتحدث معه بعدما يستقر وضعه قليلا ... هو متعب للغاية الآن ولا أريد أن أضغط عليه ..."


+



" يا إلهي ... لماذا يتصرف بهذه الطريقة ..؟! لماذا يرعبنا عليه بهذا الشكل ..؟!"


+



راقبتهما سولاف بضيق قبلما تخبرهما :-


+



" أنا سأتصل بالسائق ليأتي ويأخذني إلى القصر حتى أرتاح قليلا هناك ..."


+



ودون أن تنتظر ردا سارعت تبتعد عنهما تجري إتصالا بأحدهم والذي لم يكن السائق بل كان عادل الذي باتت متأكدة من كونه يعلم بمن تسبب بهذا الحادث اللعين وهي بدورها لن تتركه حتى يخبرها بكل شيء ...


+



***



+



كان صلاح يجلس على الكنبة المقابلة لها بإسترخاء يتابعها بينما الممرضة تغير ضماد رأسها بحذر للمرة الأخيرة قبل مغادرتها معه حيث الفيلا ....


+



شكرتها ماذي بإبتسامة هادئة قبلما تخبرهما الطبيبة أن ينتظرا الطبيب كي يأذن لهما بالمغادرة بعدما يتأكد من سلامتها و عدم حاجتها لبقائها في المشفى ..


+



تابعها صلاح حتى غادرت الغرفة لينهض من مكانه متجها نحوها يخبرها مرغما :-


+



" ستعودين معي إلى الفيلا .."


+



هزت ماذي رأسها بصمت لتتجهم ملامحه بعدها عندما وجد براء يدلف إلى الداخل بعدما طرق على الباب وسمحت له ماذي بالدخول ...


+



" صباح الخير ..."


+



ثم تقدم نحوها وهو يحمل باقة ورد  يقدمها لها لتشكره ماذي برقة :-


+



" صباح النور .. أشكرك حقا .. لم يكن هناك داعي أن تتعب نفسك وتأتي إلى هنا بشكل يومي ..."


+



قال براء بصدق :-


+



" هذا واجبي يا هانم ..."


+



إبتسمت ماذي بصمت بينما هتف صلاح بسماجة:-


+



" هذه ستكون أخر زيارة لك بإذن الله ... "


+



" عفوا ..."


+



تمام بها براء بعدم فهم لترمقه ماذي بنظرات مدهوشة بينما يخبره صلاح ببساطة :-


+



" سنغادر المشفى بعد قليل .."


+



" نعم علمت ..."


+



قالها براء بجدية قبلما يلتفت مجددا نحوها يخبرها :-


+



" شقيقتي أتت معي لتراكي وتطمئن عليك ... "


+




        

          


                

أضاف يتسائل :-


+



" هل يمكنها الدخول ..؟!"


+



" بالطبع ..."


+



قالتها سريعا بينما صلاح يطالعه بقرف فهو يكره هذا الشاب البارد دون سبب محدد .


+



تحرك براء مغادرا الغرفة متجها نحو يسرا التي همست بوجوم :-


+



" هل يمكنني الدخول الآن ..؟!"


+



قال براء معتذرا :-


+



" أعتذر يا يسرا ولكن كان يجب أن أستئذنها قبلما تدخلين إليها .."


+



هتفت بضيق :-


+



" فهمت يا براء ولكن على الأقل يجب أن تستئذنها فورا لا أن تتركني هنا أنتظر جنابك حتى تسمح لي بالدخول .."


+



" ما بالك يا يسرا .. ؟! تذكري إنك من أصريت على القدوم ..."


+



قالها بجدية لتومأ برأسها تؤكد ما قاله :-


+



" بالطبع سآتي معك .. أنت شقيقي ويجب أن أقف معك ... ألا يكفي إنك أخفيت عنا ما حدث ولولا معرفتي بالصدفة البحتة ما كنا سندرك أي شيء ..."


+



" لا أريد أن أتسبب بالقلق لكم يا يسرا ..."


+



هتفت يسرا بجدية وهي تقبض على كفه :-


+



" نحن عائلتك يا حبيبي .. من الطبيعي أن تقلق عليك والأهم أن نقف جانبك وندعمك عندما تحتاجنا .. ليس من المعقول أن نتركك وقت مشاكلك يا براء ..."


+



ابتسم مرغما فهذه هي شقيقته رغم كل عجرفتها وغرورها إلا إنها تمتلك حمية شديدة إتجاهه ومحبة صادقة له ولوالديه ...


+



تحركت معه إلى الداخل وهي ترسم إبتسامة جادة فوق ثغرها ليتأملها صلاح مبهورا بتلك الفاتنة التي دلفت إلى غرفتهما بجوار ذلك السمج فيعرفها على ماذي بينما فرغ فاه صلاح وهو يستمع لنبرة صوتها المبحوحة بجاذبية لا تقل عن جاذبيتها المهلكة ..


+



إبتسم بجدية وهو يرد تحيتها متجاهلا أفكاره تلك بينما أشارت يسرا لماذي :-


+



" الحمد لله على سلامتك ... كنا قلقين عليك بشدة ..."


+



شكرتها ماذي وعيناها تتأملان هذه الحسناء بإنبهار لا يقتصر على جمالها فقط بل على ملابسها الأنيقة وأكسسواراتها المميزة ولم يغب عنها تلك الساعة الثمينة التي ترتديها والأقراط الماسية الرائعة في أذنها والتي تشي بمدى ثرائها الفاحش ...


+



إطمئنت يسرا عليها وتبادلت القليل من الأحاديث ثم أخبرتها بجدية :-


+



" بالمناسبة أنا أشكرك كثيرا لإنك تنازلت عن الدعوة ضد براء ..."


+




        

          


                

قالت ماذي بصدق :-


+



" الخطأ كان مني أساسا ..."


+



" حتى لو ... كان بإمكانك أن تستغلي ما حدث لصالحك ولكنك تصرفت بنبل كثير للإعجاب  ... "


+



تنهدت ثم أضافت :-


+



" بما إنك ستخرجين اليوم فأود رؤيتك مجددا للإطمئنان عليك بالطبع وأيضا هناك ما نتحدث عنه ..."


+



" بالطبع ..."


+



قالتها ماذي بسعادة عندما نهضت يسرا لتودعها بينما فُتح الباب ودلف شريف إلى الداخل وهو يردد :-


+



" مساء الخير ..."


+



ثم توقف وهو يرى براء ويسرا لتقول ماذي بترحيب حار :-


+



" أهلا دكتور شريف ... تفضل ..."


+



" أتيت لأطمئن عليك كي نسمح لك بالمغادرة ..." 


+



قالها شريف وهو يسير نحوها فيقف قبال كلا من براء ويسرا التي ردت تحيته عليهما بعدم إهتمام بينما شرد شريف لوهلة فيها وملامحها بدت ليست غريبة بالنسبة له لكنه لا يتذكر أين رآها مسبقا ...


+



ودعتها يسرا وتحركت تسبق شقيقها الذي هتف بجدية :-


+



" مجددا أشكرك يا ماذي على ما فعلته وتنازلك عن تلك الدعوة ..."


+



و قف صلاح يتابع ما يحدث بملامح واجمة بشدة ..


+



لم ينجح بالتخلص منها كما تمنى ...!


+



والأسوأ رؤيته لهذا الشاب السمج والذي تبين إنه من تسبّب بهذا الحادث ...


+



يمقت هذا الشاب كثيرا وإن كانت مشاعره تلك ستتبدل لو نجح ذلك الحادث في تخليصه منها ...!


+



" أعتذر كثيرا عما حدث ..."


+



قالها براء بهدوء لتبتسم ماذي بلطف جعل صلاح يرفع حاجبه بدهشة متسائلا عن هوية تلك الفتاة القابعة فوق سرير المشفى وما ضاعف من دهشته نبرة ماذي السمحة وهي تخبر براء :-


+



" لا داعي حقا للإعتذار .. أنا بخير الحمد لله ..."


+



طالعها صلاح ببلاهة وبات يشك حقا بأن تلك الإصابة ضربت جزءا من خلايا مخها أو ربما قام الأطباء بتبديل دماغها بآخر بعدما رأوا مدى الأفكار الشيطانية الفاسدة التي تستفحل خلاياها الدماغية حالما فتحوا جمجمة رأسها  فقرروا أن ينقذوه بل ينقذوا البشرية من شرها ...


+



غادر براء الغرفة متجها نحو شقيقته يسألها بجدية :-


+



" ماذا تريدين منها ..؟! لماذا تريدين رؤيتها مجددا ..؟!" 


+




        

          


                

أجابته ببساطة :-


+



" سأقدم لها هدية ثمينة بدافع الشكر والعرفان بعدما تنازلت عن إقامة دعوة ضدك ...."


+



" وأنا يجب أن أمنحها هدية مناسبة كذلك ..."


+



قالها بجدية لتومأ برأسها وهي تخبره :-


+



" سيكون أفضل ..."


+



ثم تحركت قبله يتبعها هو بشرود مفكرا في الهدية المناسبة التي يأخذها إلى الفتاة أما شريف ففحص رأسها للمرة الأخيرة متأكدا من سلامتها ثم أخبرها بقدرتها على مغادرة المشفى وتحرك بعدها تاركا صلاح معها والذي جلس مجددا جانبا يهتف مقلدا نبرتها :-


+



" لا داعي حقا للإعتذار .. أنا بخير الحمد لله ..."



+



رفعت حاجبها تسأل ببرود :-


+



" ما هذا إن شاءلله ..؟!"


+



هتف بخفة :-


+



" منبهر .. منبهر برقتك ونعومتك ... أخبريني ما غايتك من هذه التمثيلية يا ماذي ...؟!"


+



" من قال إنني أمثل ..؟!"


+



سألته بنبرة مستهجنة ليهتف ضاحكا :-


+



" لإن هذه الطريقة المسالمة في التعامل لا تشبهك يا ماذي ولا تليق بك أبدا ..."


+



" من يجرب خطر الموت لا بد أن يتغير يا صلاح ..."


+



أضافت بسخرية باردة :-


+



" عقبالك إن شاءالله حيث تجرب ذلك الشعور عسى ولعل يمنحك القليل من الإحساس الذي تفتقده تماما ..."


+



" إنظروا من يتحدث عن الإحساس .."


+



قالها بتهكم لتخبره بضيق :-


+



" متى سنغادر ..؟! لا ينقصني سماع المزيد من حماقاتك ...!"


+



***


+



دلفت ماذي إلى الفيلا وهي تستند على صلاح الذي أخبرها بسماجة :-


+



" إبتعدي عني .. لا أريد أن تراكي نانسي وأنتِ تستندين عليّ بهذه الطريقة الحميمية ..."


+



" إطمئن عزيزي صلاح فنانسي لو رأتني بين ذراعيك لن تهتم ولن تتأثر لإنها من الواضح إنها لا تعتبرك رجلها وربما لا تعتبرك رجلا من الأساس ..."


+



" لولا تلك الإصابة التي في رأسك لتصرفت معك بالشكل الذي تستحقينه ..."


+



قالها بأنفاس غاضبة قبلما يجذبها بعنف ويتحرك بها إلى الطابق العلوي بمساعدة الخادمة التي أتت سريعا حالما نادى عليها ..


+




        

          


                

إعتنت بها الخادمة جيدا  وسارعت تعد الطعام لها بينما أخبرته ماذي بجدية قبل رحيله :-


+



" أريد الطلاق .."


+



قال ببرود :-


+



" لا أموال لدي يا ماذي ..."


+



تنهدت ثم قالت :-


+



" لا أريد أي أموال منك ..."


+



" عفوا .. هل أصابني الطرش أم إنك بالفعل قلتي لا تريدين آية أموال مني ..؟!"


+



" كلا لم تصب بالطرش ... أنا لا أريد آية أموال منك ..."


+



أضافت بصوت مرهق :-


+



" فقط يطيب جرحي بشكل تام وسأبحث عن شقة مناسبة لأستقرّ فيها وأعدك إنك لن تراني مجددا بعدها يا صلاح ... "


+



" هذه أكبر أمنياتي حقا يا ماذي ...."


+



قالها بفرحة عارمة قبل أن يقفز متحركا خارج الغرفة بحماس تتابعه هي بعينين ساخرتين  ...


+



هبط إلى الطابق السفلي متجها إلى صالة الجلوس بعدما سمع صوت شقيقه هناك ليصيح بإندفاع وحماقة :-


+



" بارك لي يا شريف ... ماذي ستنفصل دون أن تأخذ آية أموال ..  يبدو إنها ستمنحني ذلك الفيديو دون مقابل ..."


+



توقف متجمدا مكانه وهو يرى نانسي تقف بجانب شريف تتأمله بعينيه حادتين قبلما تهمس بتساؤل :-


+



" ما هذا الفيديو الذي تتحدث عنه يا صلاح ...؟! هل كانت ماذي تبتزك بفيديو مصور لك ...؟!"


+



طالعه شريف بعتاب وداخله يلعن غباء شقيقه وحماقته بينما قال صلاح بصوت متلعثم :-


+



" نانسي أنا .. "


+



اتجهت بخطواتها نحوه بملامح مندفعة ليهتف بتوتر :-


+



" دعيني أخبرك ..."


+



وقبلما يكمل حديثه كانت يدها تسقط فوق وجنته بصفعة قوية جعلته يطالعها بعينين متسعتين غير مصدقا إنها صفعته بكل جرأة وثبات أمام شقيقه الكبير  ...!





+



***

في المشفى ..


+



يجلس فادي بجانب شقيقته التي تتحدث مع خالتهما تطمأنها على والدتها التي غادرت غرفة العناية المشددة أخيرا بعد أيام قضتها فيها نتيجة تعرضها لأزمة قلبية حادة ...


+



إنتبه لشقيقه الذي كان يتقدم نحوهما قبلما يسأل بإهتمام :-


+



" كيف حالها الآن ..؟!"


+




        

          


                

أجاب فادي بجدية :-


+



" أفضل بكثير ... "


+



أضاف وهو يشير نحو الغرفة الخاصة التي إنتقلت إليها :-


+



" لكن ستبقى هنا لبضعة أيام أخرى حتى تستقر حالتها بشكل نهائي .. "


+



رن هاتفه فسارع يخرجه من جيبه ليجد إسم زوجته يضيء الشاشة فينهض مبتعدا عنهما بينما تلاحقه نظرات شقيقه الحانقة قبلما يلاحظ نظرات شقيقته فيسألها بخفة :-


+



" ما بالك تنظرين إلي ..؟!"


+



أجابت لوجين بوجوم :-


+



" أنتظر ما ستقدم عليه بعدما إستقرت حالة ماما ..."


+



تجاهلها كليا متجها إلى داخل الغرفة يطمئن على والدته التي كانت تنام بعمق ...


+



خرج مجددا ليجده أنهى مكالمته ويقف بجانب شقيقته يتحدث معها بخفوت بينما الأخيرة تنصت له ...


+



" هل إنتهيت من مكالمتك ..؟!"


+



سأله بنبرة ذات مغزى جعله يطالعه ببرود :-


+



" عفوا ... ما شأنك يا فراس ...؟!"


+



دون مقدمات وجده يهتف ببرود :-


+



" متى ستطلقها ..؟!"


+



إحتدت ملامح فادي وهو يهدر بها :-


+



" ماذا تقول أنت ..؟! هل فقدت عقلك ...؟!"


+



إلتوى ثغر فراس وهو يردد ببرود :-


+



" أقول المنطق .. ماذا تنتظر أكثر ..؟! هل تنتظر أن تموت والدتك بحق هذه المرة ..؟!"


+



صاحت لوجين بحنق :-


+



" توقف يا فراس ..."


+



" بل توقفي أنت ... والدتك كانت ستموت بسببك يا باشا .. بسبب وجعها من تصرفاتك .."


+



" أنت جننت حتما ..."


+



قالها فادي وهو يضيف بنبرة محذرة :-


+



" لا يحق لك للتدخل في خصوصياتي يا فراس ..."


+



أضاف بجدية:-


+



" ومن قال إنني السبب في وعكتها الصحية ..؟! أنا لم أتخلَ عنها يا بك بل لم أتوقف عن زيارتها لحظة واحدة ..."


+



" وهي لم تتقبل زيجتك ولم تتقبل إنك فضلت تلك الهانم عليها ..."


+



قالها فراس بحدة شديدة ليندفع فادي يقبض على ياقة قميصه يصيح بعصبية :-


+




        

          


                

" إلزم حدودك يا فراس ولا تجلب سيرتها على لسانك ..."


+



إندفعت لوجين وهي تحاول إبعاد فادي عنه تصيح برجاء :-


+



" إتركه يا فادي ... إتركه أرجوك ... نحن في مشفى ..."


+



إبتعد فادي عنه مرغما متذكرا حقيقة وجودهما في مشفى لا يجوز بها هذه التصرفات بينما هدرت لوجين بشقيقها :-


+



" وأنت توقف .. يكفي يا فراس ... إذا كان هناك من تسبب بمرض والدتي فهو أنت بالطبع ..."


+



" ماذا تقولين أنت ..؟! هل جننت ...؟!"


+



صاح بها بعصبية لتهمس بحدة خافتة :- 


+



" لم أجن ... وأنت تعرف جيدا صحة كلامي فأنت منذ زواج فادي لم تتوقف عن صب جم غضبك فوق رأسها وتسعى دائما لتذكيرها بما فعله فادي بل وتحشو رأسها بكلام مسموم يضاعف من حقدها عليه ..."


+



" إخرسي ..."


+



قالها وهو يقبض على ذراعها بقسوة ليندفع فادي يبعدها عن قبضته وهو يصرخ به بتحذير :-


+



" إياك  يا فراس ... لن أسمح لك بالتعامل هكذا مع لوجين ..."


+



صاحت لوجين :-


+



" أنا أقول الحقيقة ... أنت من تسببت بمرض والدتي بسبب ضغطك المتواصل عليها ..."


+



أكملت مضيفة :-


+



" لن أصمت بعد الآن فما تفعله يؤذي والدتي ..."


+



" حسنا يا لوجين .. إهدئي الآن ..."


+



قالها فادي  وهو يحاوطها بين ذراعيه بحنو بينما يرمق شقيقه بنظرات محذرة لتتمسك لوجين بأحضانه وهي تنظر نحو الآخر بنظرات حادة كارهة قابلها هو بنظرات متوعدة قبلما يندفع مغادرا المكان لتشير لشقيقها بجدية :-


+



" كن حذرا منه يا فادي .. فراس لن يرتاح حتى يؤذيك ويدمر حياتك كما إنه يسعى بكل الطرق لينتقم منك ..."


+



" لماذا تقولين هذا ..؟! هل هناك ما لا أعرفه ..؟!"


+



سألها بحذر لتهمس مرغمة :-


+



" نعم ، هو كان يضغط على ماما بمختلف  الوسائل منذ زيجتك ... وصل به  الآمر أن يطلب منها حرمانك من ميراثك .."


+



تنهد فادي بصوت مسموع وإرهاق قبلما يطمأنها :-


+



" لا تقلقي يا لوجين .. أنا أجيد التصرف معه .."


+



ثم عاد يجذبها نحو صدره شاردا في شقيقه وما يفعله ..!


+



***



+




        

          


                

دلفت غالية إلى غرفتها بملامح مرهقة حيث قضت أغلب اليوم في عملها ...


+



تأملت زوجها الذي ينام بعمق في سريرهما لتبتسم بهدوء قبلما تغلق الباب خلفها وتسارع  بسحب ملابس منزلية لها ...


+



خلعت ملابسها بعدها ووضعتها جانبا ثم تحركت إلى الحمام بملابسها الداخلية حيث أخذت حماما دافئا تزيل من خلاله إرهاقها بسبب العمل الذي بات يستهلك طاقتها بأكملها ...


+



غادرت الحمام بعدها وهي ترتدي روب الإستحمام وتلف شعرها بالمنشفة حيث جففت شعرها وسرحته بعناية ثم إرتدت ملابسها المكونة من بنطال جينز فوقه تيشرت أحمر بحمالات رفيعة ...


+



رفعت شعرها عالية ووضعت عطرها المميز برائحته القوية ثم ألقت نظرة أخيرة على زوجها المستغرق في نومه تطالعه بشفقه فالفترة السابقة كان يقضي طوال اليوم في المشفى بجانب والدته ولم يهدأ باله حتى إستقر وضعها أخيرا ...


+



غادرت غرفتها متجهة إلى الطابق السفلي حيث طلبت من الخادمة أن تعد لها عشاءا خفيفا مكونا من سلطتها المفضلة وعصير بارد منعش قبلما تتجه إلى صالة الجلوس تتصل بشقيقها تطمئن عليه بينما يسألها الأخير عن حال زوجها ووضع والدته ...


+



بقيت تتحدث مع شقيقها قليلا ثم أنهت المكالمة لتجد جنى تهبط درجات السلم لتبتسم وهي تتقدم نحوها تسألها :-


+



" متى عدت من عملك ..؟!"


+



إبتسمت غالية بدورها وهي تجيب :-


+



" قبل قليل ... "


+



جلست جنى قبالها تسألها :-


+



" كيف حال والدة فادي ...؟!" 


+



هتفت غالية بجدية :-


+



" أصبحت أفضل اليوم ..."


+



أضافت بتعجب :-


+



" لمَ لم  تسألي فادي عن وضعها ..؟! أم إنك لم ترينه عندما عاد ..؟!"


+



" في الحقيقة رأيته لكنه كان يبدو متعبا ولم أرغب بإزعاجه ..."


+



هتفت بها جنى بإرتباك خفي لتطالعها غالية بعدم رضا مرددة :-


+



" لماذا تتعمدين التباعد عنه يا جنى ..؟!"


+



تمتمت جنى سريعا :-


+



" أنا لا أفعل .. هو من يتباعد ..."


+



" بالطبع لا ..."


+



قالتها غالية سريعا فهتفت جنى عن قصد :-


+




        

          


                

" ها أنا وأنت أصبحنا صديقتين سريعا ..وهذا يعني إن الخلل ليس بي إطلاقا ..."


+



" أنتِ لم تحاولي التقرب منه والتعرف عليه ..."


+



قالتها غالية بهدوء لتهتف جنى بجدية :-


+



" ولمَ لا يفعل هو ...؟!"


+



قالت غالية بتعقل :-


+



" هو الكبير يا جنى ومن الطبيعي أن تسعي أنتِ لقربه ... "


+



تنهدت مضيفة :-


+



" فادي أخ رائع ستخسرين كثيرا إن لم تكسبي قربه .."


+



أضافت تسأل بحذر :-


+



" أم إنك لا تريدين أن يحدث تقارب بينكما من الأساس ...؟!"


+



" ليس كذلك ولكن ..."


+



توقفت جنى لوهلة ثم قالت بحذر :-


+



" لا أعتقد إننا سنتفق سويا ..."


+



" على العكس تماما .. فادي لطيف و ..."


+



توقفت غالية وهي تتأمل ضحكات جنى المكتومة لترفع حاجبها متسائلة ببرود :-


+



" ما هذا الآن ..؟!"


+



إرتفعت ضحكات جنى عاليا قبلما تتوقف وهي تهتف بها :-


+



" حرام عليكِ يا غالية.. هل يوجد ضابط لطيف بالله عليك .."


+



" أنت سخيفة حقا يا فتاة ..."


+



قالتها غالية وهي تنهض من مكانها مضيفة :-


+



" سأرى إذا ما كانت السلطة جاهزة ..."


+



ثم اتجهت نحو المطبخ تتبعها ضحكات جنى المرحة ...!


+



***

دلفت ليلى إلى القصر يتبعها كنان الذي أخبرها بجدية :-


+



" سأجري بضعة إتصالات تخص العمل ثم أتبعك إلى الأعلى ..."


+



هزت رأسها بتفهم ثم صعدت إلى الطابق العلوي حيث جناحها لتخلع ملابسها وتتحرك إتجاه دورة المياه تأخذ حماما تحتاجه بعد يوم مرهق حيث أقامت والدة زوجها دعوة بمناسبة حملها للعائلة أجمع  وحرصت أن تدعو عائلتها كذلك ليشاركونهم فرحتهم بقدوم حفيدهم الأول ...


+



تحركت تغادر الحمام وهي تلف منشفة عريضة فوق جسدها عندما وجدته يجلس فوق السرير بصدر عاري مكتفيا ببنطاله ينظر في هاتفه بتركيز لتتجهم ملامحها وهي تسير نحوه ثم تجلس قباله وتسحب الهاتف من كفه فينظر لها مدهوشا ...


+




        

          


                

هزت كتفيها وهي تضع الهاتف جانبا تخبره  :-


+



" إترك الهاتف يا كنان ... أم ستقضي الليل بأكمله تعبث في هاتفك ...؟!" 


+



إبتسم وهو يميل نحوها يقبض على خصرها مرددا بمكر :-


+



" كلا بالطبع .. سأقضي الليل بشكل مختلف شديد الروعة .."


+



ثم سارع يلتقط شفتيها بقبلة تجاوبت معها سريعا قبلما تخبره بعد لحظات من بين أنفاسها المتلاحقة :-


+



" أنا حامل يا كنان ..."


+



رد ببساطة :-


+



" سأكون حريصا عليك .. إطمئني ..."


+



ثم غمز لها وهو يعاود تقبيلها قبلما يحاوطها بذراعيه بينما إستسلمت هي لعناقه بشغف مماثل ...!


+



لا تعرف كم من الوقت حتى إبتعد عنها أخيرا لتبتسم برضا تحصل عليه كلما إقترب منها بتلك الطريقة التي ترضي أنوثتها فهو رائع معها وشغوف بشكل لا يرضي جسدها فقط بل مشاعرها وروحها وقلبها الذي بات يحب قربه بل ويرغبه بجنون ...


+



نهضت بعد فترة وهي تجذب الغطاء نحوها تخبره :-


+



" أنا جائعة يا كنان ..."


+



إعتدل في جلسته بدوره يسأل :-


+



" ماذا تحبين أن تتناولي ...؟!"


+



فكرت لوهلة قبلما تلمع عينيها وهي تجيب :-


+



" أريد البيتزا ... أشتهيها كثيرا ..." 


+



إرتدى بنطاله سريعا ثم قال :-


+



" سأطلبها حالا ..."


+



" حسنا .. وأنا سأرتدي ملابسي وأتبعك  إلى الأسفل  ..."


+



" كلا لا تتعبي نفسك ... ستأكلينها هنا ..."


+



" لكنني أريد الخروج إلى الحديقة .."


+



" حسنا إذا ... "


+



قالها مستسلما لتسارع بدورها وتجذب فستانا بسيطا ترتديه بينما تحدث هو مع أحد المطاعم الشهيرة المتخصصة بصنع البيتزا ليسألها بعد لحظات عن النكهة التي تفضلها ثم يطلبها من المطعم ...


+



**


+



إبتسم كنان وهو يتأملها حيث تتناول البيتزا بشهية مفتوحة دون أن تتخلى عن طريقتها الأنيقة في تناولها حيث تقضم كعادتها لقيمات صغيرة وتتناولها ببطأ وكعادتها لم تقترب من المشروب الغازي الذي لا يفهم حتى الآن كيف لا تحبه ...!


+




        

          


                

جذبت منديلا تمسح به فمها ثم قالت :-


+



" شبعت .. "


+



أضافت مبتسمة له :-


+



" إنها رائعة .. شكرا لك ..."


+



قال بجدية :-


+



" لم تتناولِ ربعها حتى .."


+



" شبعت حقا يا كنان ..."


+



" يجب أن تهتمي بتغذيتك أكثر يا ليلى ..."


+



" والله أفعل ..."


+



أضافت وهي تتأمل علبة البيتزا الأخرى :-


+



" لماذا طلبت علبتين وأنت لا تنوي تناول الطعام ...؟! "


+



أضافت ضاحكة بعدم تصديق :-


+



" لا إصدق إنك كنت تعتقد إنني سأتناول إثنين بيتزا كاملة بحجم كبير ..."


+



حك ذقنه وهو يردد :-


+



" قلت واحدة لكِ وأخرى للصغير ..."


+



ابتسمت برقة ثم نهضت من مكانها وجلست جانبه تخبره بمرح :-


+



" والدتك فرحة بشكل كبير لدرجة إنها تعاملني بلطف مدهش ..."


+



ابتسم يخبرها بصدق :-


+



" لإنها كانت تنتظر هذا الخبر وتتمناه طويلا ... منذ سنوات طويلة ..."


+



" هي كذلك مصرة إنني سأنجب صبيا ..."


+



قالتها بخفة وهي تضيف :-


+



" ستحزن كثيرا لو لم يتحقق مرادها وأتت فتاة ..."


+



مد كفه يلمس بطنها وهو يخبرها بجدية :-


+



" لا داعي أن تحزن لإننا سننجب بعدها صبيا ان شاءالله ..."


+



" وماذا لو كانت ذريتي كلها فتيات ..؟!"


+



سألته بترقب يحمل قلقا خفيا ليبتسم مرددا بجدية :-


+



" تقصدين ذريتنا يا ليلى لإن عملية الإنجاب مشتركة بيننا حسب ما أذكر والأهم إن نوعية الجنين هي مسؤولية الرجل لا المرأة ..."


+



هزت رأسها بصمت قبلما تخبره بحنو :-


+



" بيني وبينك أنا أريدها فتاة يا كنان .. أحب الفتيات كثيرا ودائما ما كنت أرجو أن تكون أولى أطفالي فتاة ..."


+



" هذا سيجعلني أغيّر رأيي كذلك وأرجو أن تكون فتاة ..."


+



قالها وهو يعبث بخصلات شعرها لتهمس بجدية :-


+




        

          


                

" بكل الأحوال ما يهم هو وصوله سالما ... والباقي غير مهم .. سواء فتاة أو صبي ... كله رائع ونعمة سأحمد الله عليها كثيرا ..."


+



" ونعم بالله ..."


+



قالتا وهو يجذبها نحو صدره فتستسلم لدفء أحضانه لوهلة قبلما تتذكر حديث عن والدته عن الصبي الذي سيحمل إسم جده فتبتعد عنه مجددا وهي تردد :-


+



" صحيح ، هل سمعت حديث والدتك ..؟! إختارت إسم الصبي منذ الآن ..؟!"


+



 سأل بخبث :-


+



" وهل يزعجك هذا ...؟!" 


+



نهضت من مكانها تهتف بجدية لا تخلو من الحمق :-


+



" بالطبع يزعجني ... إنه طفلي ... وأنا تحديدا  من يحق لها تحديد ما يخصه ... " 


+



أكملت سريعا :-



+



" أنا من ستحمل به لتسعة شهور وأنا من ستنجبه وأنا من ستتعب في تربيته و تسهر عليه ليال طويلة ..."


+



أضافت وهي ترفع إصبعها بتحذير فبدت ملامحها لذيذة للغاية :-


+



" وأنا من ستسميه ..."


+



قاطعها بخفة :-


+



" لكنني أسميته بالفعل ..." 


+



تسائلت بدهشة :-


+



" كيف يعني أسميته ..؟!"


+



أخبرها بنفس البساطة:-


+



" إخترت إسمه سواء كان صبيا أو حتى فتاة ..."


+



رددت بعدم تصديق :-


+



" هكذا ببساطة ... وماذا إخترت ...؟!"


+



أضافت بتردد :-


+



" هل ستمنحه إسم والدك كما تريد والدتك ...؟!"


+



كتم ضحكته بصعوبة وهو يخبرها :-


+



" نعم ، أولادي سيحملون أسماء  أبي وأمي ... الصبي سأسميه كمال ... والفتاة ستكون شريفة .."


+



صاحت بعدم تصديق :-


+



" ستسمي طفلتي شريفة ..حقا يا كنان ..؟!"


+



أكملت برجاء :-


+



" أنت تعلم إنني أحب عمي كمال  كثيرا وبدأت أحب والدتك بالفعل لكنها أسماء قديمة لا ذنب لأطفالي أن يتم تسميتهم بها ..."


+



ضحك بعدم تصديق قبلما يخبرها :-


+



" حسنا كنت أمزح .."


+




        

          


                

تجهمت ملامحها بينما غمز لها مشاكسا :-


+



" لكنني إخترت الأسماء بالفعل ..."


+



" كنان ...!"


+



صاحت بها معترضة ليجذبها نحوه مجددا يخبرها بينما يحاوطها بذراعيه :-


+



" إخترت أسماء مميزة ... تليق بهم و ..."


+



توقف قليلا يتنفس عطرها الناعم بشغف قبلما يضيف :-


+



" مشتقة من إسمك ..."


+



" كيف ..؟!"


+



سألته بدهشة فأخبرها :-


+



" الفتاة سنسميها ليلة أو ليال ... سأترك الخيار بينهما لك ..."


+



طالعته بعدم تصديق قبلما تخبره بصدق :-


+



" لم يخطر على بالي يوما  أن أمنح أطفالي أسماء مشتقة من إسمي ..."


+



" لكنه خطر على بالي .."


+



قالها مبتسما بهدوء لتلمع عينيها بقوة وهي تخبره بمشاعر صادقة :- 


+



" أنت أفضل شيء حدث لي طوال حياتي يا كنان ... "


+



ثم مالت تطبع قبلة بطيئة دافئة فوق وجنته قبلما تبتعد قليلا عنه تسأله بوجه متورد :-


+



" وماذا عن الصبي ..؟! ماذا سوف تسميه ..؟!"


+



أخبرها على الفور :-


+



" ليل ..."


+



" ليل ..."


+



رددته بدهشة لحظية بينما يؤكد هو ما قاله :-


+



" نعم ليل .. ليل كنان نعمان ... إسم فخم وراقي ويليق بوريثي الذي ننتظره جميعا ..."


+



أدمعت عيناها وهي تتطلع إليه ثم همست بصوت مبحوح :-


+



" أنت رائع يا كنان وإسم ليل مميز للغاية ويليق بولدنا ..."


+



لمس رموشها بأطراف أنامله وهو يسأل :-


+



" لمَ الدموع الآن ...؟!"


+



" لإنني مجددا أدرك كم إنني محظوظة ليرزقني الله برجل رائع مثلك ..."


+



" ماذا أقول أنا عن حظي بك إذا ..؟!"


+



قالها مشاكسا لتهمس بخفوت صادق :-


+



" هل تعلم إنني أتعلق بك بشكل يقلقني كثيرا ..؟!"


+



" ولمَ يقلقك ...؟!"


+



سألها مبتسما بدهشة لتخبره بصدق :-


+




        

          


                

" لإنني تدريجيا أجد نفسي مرتبطة بك ومكتفية بك عن الجميع وهذا بقدر ما يسعدني بقدر ما يخيفني ..."


+



" أخبرتك مسبقا ألا تخشي شيئا طالما أنا معك ..."


+



قالها وهو يقبض على كفها يرفعه نحو فمه ويقبله ببطأ لتبتسم له بصمت قبلما تعاود وتندس بجسدها داخل أحضانه ...


+



**

في كندا ..


+



يجلس نضال أمام صديقه يتحدث بشأن العمل وبجانبه تجلس رانيا التي تشاركهما الحديث ...


+



بقوا حوالي ساعتين لينتهي الاجتماع قرب المساء حيث نهضت رانيا تستأذن منهما لأجل المغادرة بينما بقي كلا من نضال وسيمور حيث دعاه الأخير لتناول الطعام في أحد المطاعم الشهيرة ليقبل نضال دعوته فيذهبان إلى مطعم قريب من الشركة ويتناولان الطعام هناك ثم يتجهان بعدها إلى أحد البارات الليلية حيث يتناولان المشروب ويستمتعان قليلا ...


+



جلسا على إحدى الطاولات يتناولان المشروب بينما نظرات الفتيات هناك تلاحقهما فكلاهما شديدي الوسامة بشكل ملفت للبصر ...


+



أشار سيمور إليه لينظر إلى أحدى الفتيات التي تبتسم لهما بطريقة ماجنة فيشيح نضال وجهه بعيدا بينما يرمقه سيمور بمشاغبة مرددا :-


+



" ما رأيك ...؟!"


+



" ما  رأيك أنت ...؟! إذهب إليها طالما تعجبك ..."


+



قالها نضال بسخرية ليهتف سيمور بمكر :-


+



" أنت أولى مني لأنك عازب ..."


+



" وماذا عنك ..؟! لم أكن أعلم إنك لست عازبا .."


+



قالها نضال ببرود ليهتف سيمور بدوره :-


+



" هناك امرأة في حياتي .."


+



" حقا ...؟!"


+



قالها نضال بإهتمام وهو يضيف :-


+



" هل علاقتك بها جدية ...؟!"


+



إرتشف القليل من مشروبه ثم أجاب مراوغا :-


+



" ربما ..."


+



هز نضال رأسه متفهما عدم رغبته بالخوض في هذا الأمر ...


+



أخذ بدوره يرتشف ما تبقى من  مشروبه دفعة واحدة  قبلما ينهض من مكانه ليسأله سيمور :-


+



" إلى أين ..؟!"


+



" إلى الشقة ..."


+



قالها ببرود وهو يغادر البار متجها إلى شقته هناك حيث إختلى بنفسه في غرفة الملاكمة خاصته ليبقى هناك لأكثر من ساعتين ثم يغادر بأنفاس لاهثة وملامح محمرة بشدة ...


+




        

          


                

وقف بعدها أسفل دوش المياه الباردة يستقبل برودتها بجمود معتاد ...


+



لا تؤثر برودة تلك المياه التي مهما كانت شديدة يبقى جليد روحه أشد منها ...


+



غادر الحمام متجها إلى غرفته ليرتدي بنطاله ثم يتحرك بجذعه العاري نحو سريره يسحب علبة سجائره ثم يدخن سيجارة بشراهة معتادة ...


+



نهض من مكانه يغادر غرفته حاملا سيجارته معه عندما توقف أمام غرفة مقابلة فتحركت مشاعره رغما عنه ...


+



قادته مشاعره التي لا تتحكم به إلا عندما يتعلق الأمر بها ...


+



فتح الباب ودلف إلى الداخل يتأمل الغرفة التي ما زالت كما هي وكأن صاحبتها لم تغادرها ..


+



اتجه نحو السرير يتأمل الفستان المرمي بعشوائية فوقه والحذاء المرمي بنفس الإهمال على الأرضية جانبه ...


+



وعلى طاولة الزينة قارورة عطرها مفتوحا كما تركتها ...


+



لم يقترب من أي شيء تركته خلفها بل كان حريصا أن يترك كل شيء مكانه فتبقى ذكراها حية في المكان ...


+



جلس على السرير جوار فستانها الذي يعرفه جيدا ...


+



ذلك الفستان الرقيق الذي كانت ترتديه له خصيصا فهو يليق بها للغاية ...


+



فستان زهري بسيط به بعض النقوش اللطيفة ... 


+



يراها وهي ترتديه له وشعرها القصير يلتف حول وجهها بنعومة تروقه كثيرا ...


+



يراها تبتسم له فتظهر غمازاتها الجذابتين وتضيء  عينيها بقوة ...


+



تنهد بوجع خفي سرعان ما أزاحه جانبا وهو ينهض من فوق السرير متوجها نحو الشرفة اللي ما زالت كما هي مفتوحة منذ رحيلها وفوق تلك الطاولة الصغيرة موجود كوبها الأثير وعلبة البسكويت المفضل لها ...


+



وقف مستندا على سور الشرفة يتنفس الهواء بعمق فهنا رائحة حبيبته منتشرة في كل مكان قبلما يميل ببصره نحو الأسفل فيختلج قلبه بين ضلوعه وهو يراها ممددة فوق الأرضية والدماء تحيطها من جميع الجوانب ...!


+



**


+



دلف سيمور إلى الشقة ليجد رانيا تجلس أمام التلفاز تتابع أحد الأفلام و صحن من الفشار فوق حضنها ...


+



إبتسم وهو يتقدم نحوها ثم يرمي بجسده جانبها ...


+



طبع قبلة سريعة فوق وجنتها لتهتف بتذمر :-


+



" أكره رائحة الشراب يا سيمور.."


+



ضحك بمرح وهو يجذب القليل من الفشار يتناوله سريعا ثم يسألها بإهتمام :-


+




        

          


                

" ما إسم الفيلم ..؟!"


+



أخبرته إسم الفيلم ثم سألت وهي تعاود النظر أمامها :-


+



" أين قضيت بقية اليوم ..؟!"


+



أجاب ببساطة :-


+



" مع نضال .."


+



تجهمت ملامحها لا إراديا فسأل بخفة :-


+



" لمَ الضيق ..؟!"


+



أجابت ببرود :-


+



" لإنه كريه ولا أعلم كيف تطيقه ..."


+



" إنه صديقي منذ أعوام وليس سيئا إلى هذا الحد ..."


+



هزت رأسها بعدم إكتراث عندما رن هاتفه فوجدته يتنهد بملل وهو يردد :-


+



" إنها الهانم الكبيرة ..."


+



عبست ملامحها بينما يجيب هو والدته بقليل من الإقتضاب ثم يودعها ويعود بتركيزه نحوها فتسأله بملل :-


+



" ماذا كانت تريد ..؟!"


+



" تقنعني بأمر العودة إلى البلاد كالعادة ..."


+



" ألا تفكر بالعودة أبدا يا سيمور...؟!" 


+



" هل تريدين مني العودة إلى هناك وتركك ..؟!"


+



قالها مشاكسا لتعتدل في جلستها تقابله وهي تخبره :-


+



" أنت لست مجبر على البقاء هنا لأجلي ..."


+



أضافت بجدية :-


+



" وحتى عقد الزواج الذي بيننا لا يجبرك على ذلك .. أعتقد إننا سبق وإتفقنا على ذلك ..."


+



" نعم نحن إتفقنا على ذلك وأنا بالفعل لا أفكر بالعودة حاليا على الأقل ..."


+



أضاف وهو يعبث بخصلاتها البنية الطويلة :-


+



" كما إنني سعيد معك يا رانيا ..."


+



أضاف بحذر :-


+



" ويمكنني أن أعلن زواجي منك أمام العائلة إذا أردت ..."


+



قاطعته سريعا :-


+



" ولكنك تعلم إنني لا أريد ..."


+



" أعلم وأتعجب حقيقة ..."


+



" لمَ التعجب ..؟! أنا ببساطة لست بقادرة على تحمل رفض عائلتك والدخول في مشاكل أنا في غنى عنها لذا ليبقى زواجنا سريا يا سيمور طالما هذا يريحني وفي المقابل يوفر على كلينا المشاكل ..."


+




        

          


                

" كما تريدين يا رانيا ..."


+



قالها بجدية وهو يضيف بخفة :-


+



" دائما ما تعجبني عقليتك في التعامل مع الأمور ..."


+



تمتمت بشجن خفي :


+



" هذا نتاج التجارب والخبرات يا عزيزي ..."


+



ثم شردت رغما عنها في ماضي تمقته بشدة ...ماضي تتمنى لو تلغيه من حياتها لكنها لا تستطيع فهو يلاحقها مهما هربت منه ..


+



**

فتحت عينيها بصعوبة ...


+



لا رغبة لديها بالنهوض بل لا رغبة لديها بأي شيء مهما كان ...


+



داخلها تشعر بفراغ غير مفهوم يبتلع بقايا روحها ويلقيها بعيدا دون رجعة ...


+



أغمضت عينيها تعتصرهما بقوة تكبت عبرات لم تتوقف عن الإنهمار طوال الأيام السابقة لكن يكفي إلى هنا فهي قد تعبت من البكاء وملت بشدة ...


+



إعتدلت في جلستها فوقعت عيناها على إنعكاس صورتها في المرآة ...


+



شعرت بقشعريرة غير مفهومة تحتل جسدها عندما نهضت دون تفكير وسارعت تزحف تلك المرآة بعيدا عن موقعها قبال السرير ...


+



توقفت بملامحها الباهتة وخصلات شعرها المشعثة قليلا تلتقط أنفاسها بصعوبة عندما طلت شقيقتها من الخارج لتهمس معتذرة سريعا :-


+



" ظننت نائمة ..."


+



تمتمت بخفوت :-


+



" إستيقظت ..."


+



تقدمت نحوها بتردد لتقف قبالها وتسألها بحذر :-


+



" كيف تشعرين اليوم ...؟! هل أصبحت أفضل ..؟!"


+



تجهمت ملامح أروى وهي تجيب بإقتضاب :-


+



" ليس مهما ..."


+



" كيف يعني ..؟!"


+



هتفت بها نرمين حائرة قبلما تقبض على كفها تهمس لها بدعم صادق :-


+



" أنا بجانبك يا أروى ... أعلم صعوبة ما مررت به و ..."


+



شهقت بدهشة عندما جذبت أروى كفها بعنف قبلما تهتف بملامح إحتدت بشكل مريب :-


+



" من فضلك يا نرمين ... لا رغبة لدي بسماع أي حديث الآن ..."


+



طالعتها نرمين بتوجس ثم همست بآسف :-


+



" أنا آسفة يا أروى ..."


+



قاطعتها أروى مجددا :-


+




        

          


                

" أحتاج أن آخذ حماما طويلا ... يمكنك المغادرة ..."


+



ثم تحركت متجهة نحو الخزانة تسحب ملابسها بينما تتابعها نرمين بقلق شديد ...


+



غادرت نرمين غرفتها سريعا متجهة إلى شقيقها الذي وجدته في غرفة والدتها يقيس ضغطها ...


+



سارت نحوهما بملامح شجنة لتسألها رحاب بقلق :-


+



" هل ذهبت عند شقيقتك ...؟!! هل ما زالت نائمة ...؟!"


+



تمتمت نرمين بخفوت مضطرب :-


+



" كلا ، إستيقظت ..."


+



ثم تبادلت النظرات مع شقيقها الذي إبتسم عن قصد وهو يخبر والدته :-


+



" ضغطك ممتاز يا ماما .. إلتزمي بأدويتك ونمط الغذاء المحدد لك كي تحافظي عليه ..."


+



قالت رحاب ببؤس وهي تقبض على كفه :-


+



"شقيقتك يا نادر .. تدمرت وخسرت كل شيء ... كيف ستتجاوز ما حدث يا نادر ..؟!"


+



ربت على كفها يخبرها بجدية :-


+



" لا تقلقي على أروى ... نحن جانبها وسندعمها حتى تتخطى ما عايشته ..."


+



" لن تتخطاه مهما حدث ..."


+



قالتها رحاب وعبراتها تشق طريقها فوق وجنتيها مضيفة بيأس :-


+



" كل شيء إنتهى ...كل شيء ..."


+



تنهد نادر وهو يرغم نفسه ألا يظهر ضيقه من حديث والدته ...


+



نهض من مكانه وهو يخبرها :-


+



" سأذهب وأطمئن عليها ..."


+



تبعته شقيقته التي أخبرته حالما غادرا الغرفة :-


+



" هي تستحم الآن ..."


+



أضافت بحذر :-


+



" بها شيء غريب يا نادر ... أنا خائفة عليها ..."


+



تنهد نادر مرددا :-


+



" أي ردة فعل منها ستكون منطقية وطبيعية للغاية ... ستأخذ وقتا طويلا حتى تستوعب ما تعرضت له ..."


+



أضاف وهو يتأمل ملامح شقيقته الحزينة ليخبرها بجدية :-


+



" لنتناول فطورنا في الأسفل ثم أصعد مجددا لأطمئن عليها ..."


+



هبطا بعدها سويا إلى الطابق السفلي ليتناول نادر فطوره سريعا تشاركه نرمين مرغمة رغم آلمها على شقيقتها وخوفها الشديد عليها ...


+




        

          


                

تجمد نادر مكانه لوهلة وهو يراها تهبط درجات السلم بملابس سوداء تماما وملامح جامدة كليا لا تحمل أي مشاعر واضحة ...


+



" أروى ..."


+



وقفت على مسافة منه محافظة على جمود  ملامحها ليسألها بحذر :-


+



" أين تذهبين في هذا الوقت المبكر من الصباح ...؟!"


+



" إلى عملي ..."


+



أجابت بإقتضاب ليخبرها بتروي :-


+



" أخذت لك إجازة لمدة إسبوعين ..."


+



قاطعته بوجوم :-


+



" سأقطعها وأعود إلى عملي ..."


+



همت بالتحرك ليقف في وجهها مجددا فتتأفف بصمت بينما يسأل هو بحذر :-


+



" هل أنت بخير يا أروى ..؟! أليس من الأفضل أن تبقي هنا اليوم أيضا فأنت تحتاجين إلى .."


+



قاطعته بنبرة مرتفعة قليلا :-


+



" أنا بخير ..."


+



أضافت وهي تلتقط أنفاسها التي تصاعدت بقوة :-


+



" دعني أذهب إلى عملي ولا تعطلني أكثر ..."


+



تابعها وهي تغادر المكان بملامح عابسة قبلما يصيح بشقيقته التي كانت تتابع ما يحدث  يطلب منها أن تجلب مفاتيح سيارته من الأعلى...


+



غادر بعدها سريعا يتبعها بسيارته حتى إطمئن وهو يراها تدخل إلى المشفى بينما إتجهت هي نحو غرفتها بخطوات باردة وملامح قاتمة تماما ...


+



كانت تتلقى التحيات من الممرضات وبعض زملائها الذين يرحبون بها بمودة دائمة فتتجاهل تحياتهم محتفظة بجمود وجهها المريب ...


+



فتحت الباب وإندفعت إلى غرفتها تغلق الباب خلفها بعنف ثم تخلع سترتها السوداء كبقية ملابسها وتجذب ردائها الطبي ترتديه وتباشر عملها لتقضي اليوم بأكمله تعمل دون هوادة حتى أتى الليل فوجدت شقيقها يتصل بها للمرة التي لا تعلم عددها ..


+



رفضت إتصاله قبلما تقرر إرسال رسالة له كي تتخلص من إلحاحه الزائد حيث كتبت له بإختصار :-


+



" لدي مناوبة الليلة ..."


+



إتجهت بعدها نحو مكتبها تجلس عليه بملامح واجمة ...


+



دقائق ووجدت إحدى الطبيبات الشابات تقتحم المكتب وهي تهتف بترحيب :-


+



" أهلا دكتور أروى .. سعدت كثيرا بعودتك سريعا إلى العمل ..."


+



أضافت تسأل بعفوية :-


+



" هل شُفيتِ بسرعة ولهذا قطعت إجازتك ...؟!"


+



إنتفضت أروى من مكانها تهدر بغضب :-


+



" ما شأنك ..؟!"


+



بهتت ملامح الفتاة غير مستوعبة هذا الرد منها لتضيف أروى بعصبية قاتمة :-


+



" ليس من شأنك ..."


+



أضافت بحدة مقصودة :-


+



" والآن إذهبي إلى عملك ولا تزعجيني أكثر ..."


+



تساقطت دموع الفتاة سريعا قبل أن تفر هاربة من أمامها بينما عادت أروى تجلس مكانها بملامح كساها الجمود من جديد ...





+



يتبع 


+



تبقى ثلاثة مشاهد مكملة للفصل راح تنزل بعد الغد بإذن الله وهي لبقية الأبطال الذين لم يظهروا بالفصل وهم إياس وتوليب وراجي ونغم وكرم ♥️


+



قراءة ممتعة وأتمنى معرفة آرائكم بالفصل ♥️


+




   

                                    

يقف في منتصف شرفة جناحه شاردا تماما غارقا في أفكاره التي تتمحور حوّلها على غير العادة ...


+



منذ إعترافه لنفسه بحقيقة شعوره نحوها وهو يتجاهل ذلك الإعتراف قدر المستطاع مستغلا المصيبة التي وقع بها والتي كانت ستطيح به وتنهي مستقبله لا محالة ...


+



لم يشعر يوما براحة نفسية كالتي شعر بها بعدما علم بإفاقة الطفل وتحسن حالته الصحية ..


+



فرحته وقتها لا مثيل لها ...


+



بدا وكأنه سجين تحرر من حبسه أخيرا ...


+



شعر بالحرية مجددا ...


+



عاد يتنفس براحة لأول مرة ...


+



ليلتها عاد عالمه يلمع مجددا ..


+



أما هي فكانت لها الحصة الأكبر من كل شيء ..


+



بوجودها كل شيء يختلف ..


+



وحدها من كانت تجيد تهدئته ووحدها من تمنحه صبرا كان يحتاجه بشدة ...


+



قربها لوحده كان يخفف عنه رعبه وتوتره ...


+



هي وحدها من تجيد منح الأمل له ...


+



وحدها من تجيد إحتواء مخاوفه ...


+



وبقدر ما يسعده هذا الشعور بقدر ما يزعجه والأسوأ إنه يخيفه ...


+



الآن هو متخبط بين رغبته بقربها وخوفه من ذلك القرب وما سيليه ...


+



يخشى مشاعره نحوها وهو الذي لم يعتد أن يخشى شيئا من قبل ...


+



يخشى أن يضعف بسبب مشاعره ...


+



يخشى أن يستسلم ..


+



والأدهى يخشى أن يتم خذلانه ...!


+



ذلك الحب الأعمى لو تمكن منه لخسر الكثير ...


+



خسر كيانه الذي بناه أعوام ... 


+



خسر عالمه الذي عمّره بحرص ...


+



والأسوأ إنه خسر ثبات روحه وقوته وصلابته التي إكتسبها وكان حريصا أن يضاعفها دائما فيصل إلى ما وصل إليه حاليا ...


+



تنهد بتعب وهو يتحرك مجددا نحو الداخل بعدما وضع كأس مشروبه الكحولي فوق الطاولة بإهمال ...


+



سحب هاتفه ثم ألقى بجسده فوق السرير ليفتحه فيجري إتصالا مع والد الطفل يستأذنه كي يزوره ويطمئن على الطفل وصحته ...


+



أنهى مكالمته ثم شرد مجددا بأفكاره والتي بات ضروريا أن يحسم أمره بشأنها ...


+




          


                

فهو وبكل أسف تائه حائر بين رغبته في وصالها ورغبة أخرى مناقضة تطلب منه أن يهرب منها ومن هذا الإرتباط الذي ربما يكتب نهايته ...


+



لم يكن يعلم إن النهاية واردة في كافة الأحوال وقد تكون قاسية على كليهما وتشكل خسارة فادحة لكليهما وليس له وحده فالعشق المتبادل خسارته مدمرة للطرفين مثلما إنتصاره مثمر لكليهما ...!


+



سقطت عيناه فوق الحلقة الفضية يتأملها بحيرة وعقله يخبره أن ينهي هذه المهزلة ويلقي عليها يمين الطلاق وينتهي منها فوجودها سيضره بينما قلبه رغما عنه يرفض ذلك ويتمسك بها وبقربها الذي أعجبه ..


+



بتردد سحب الحلقة من بنصره ليحملها بإصبعيه يتأملها بضيق فشل أن يسيطر عليه بينما التساؤلات تمكنت منه ..


+



يرى نفسه كوالده ضعيفا خاضعا أمام سطوة الحب ...


+



يعلم إنها تحبه عكس والدته التي لم تحب والده لكن هذا ليس بكافي ..؟!


+



هل حبها وحده يكفي ..؟! بالطبع لا ...


+



هي ليست سهلة ...


+



هي لا تلائم ما يريده ..


+



لا تشبه المرأة التي بحث عنها ...


+



هي ليست تلك المرأة التي سيشكلها كما يريد ...


+



المرأة التي ستطيعه وتخضع له ولمتطلباته ..


+



المرأة التي لن تطالبه بشيء ولن تحاسبه على شيء ...


+



المرأة التي ستكون واجهة ملائمة وأم مثالية تنجب له العديد من الأبناء الذكور الذين يرثون إسمه وأملاكه ولا بأس في أن تنجب له فتيات تحلو الحياة بهم ..


+



المرأة التي ستسعى دائما لترضيه وتسعده ...


+



هي ليست كذلك ولا يعتقد إنها ستكون مثلما لا يعتقد إن الحب سيجعلها هكذا ..


+



تحرك يغادر جناحه متجها إلى موعده ...


+



قابل والدته في طريقه والتي أقبلت عليه مبتسمة بفرحة ما زالت تسيطر عليها منذ نجاة الصغير ...


+



عانقته بعفوية غير آبهة بجموده معها قبلما تسأل بحرص :-


+



" أين تغادر منذ الصباح الباكر في يوم العطلة ..؟!"


+



أجابها ببرود :-


+



" سأذهب لرؤية الصغير ..."


+



قالت بسرعة :-


+



" سآتي معك ..."


+



" لكن ..."


+




        


          


                

أوقفته بحزم :-


+



" دقيقة وسأعود ... لا تتحرك بدوني ..."


+



تأفف بضجر وهو يراقبها تركض سريعا نحو الطابق العلوي قبلما تهبط بعد أقل من دقيقتين وهي تحمل حقيبتها الأنيقة ...


+



" هيا بنا ..."


+



قالتها بإصرار وهي تسير أمامه فيتبعها هو مرغما عندما جلست جانبه تخبره بجدية :-


+



" من الأفضل ألا تقود أنت السيارة يا إياس ... سأختار سائق موثوق به و ..."


+



قاطعها بوجوم :-


+



" أحبذ قيادة السيارة بنفسي ..."


+



" هذا أكثر أمانا بالنسبة لك ..."


+



قالتها بتروي وهي تضيف :-


+



" أنا حتى أريدك ألا تتحرك دون حراسة ..."


+



" سأفعل عندما أصبح مسؤولا في الدولة بإذن الله أما الآن فلا داعي لكل هذا ..."


+



" تهمني سلامتك يا بني ..."


+



إبتسم بتهكم آلمها لتخبره بصدق :- 


+



" رغم كل شيء أعلم إنك تصدقني في هذا على الأقل ..."


+



" كثيرا ..."


+



قالها بإستخفاف لتتجاهله بغضب مكتوم مقررة ألا تسمح له بتعكير سعادتها به و بنجاته من تلك المصيبة اللي كانت ستدمر حياته ..


+



وصلا إلى المشفى واتجها حيث الغرفة التي يقيم بها الصغير ...


+



هناك وجداه بحال أفضل حيث كان يتناول طعامه بشهية مفتوحة ورغم ذلك نغزه قلبه بشدة وهو يرى تلك الضمادات فوق وجهه وجبيرة قدمه ...


+



إبتسم بدفء لا يشبهه وهو يميل نحو الصغيرة يربت فوق شعره بحذر :-


+



" الحمد لله على سلامتك يا أحمد ..."


+



إبتسم الصغير ببراءة غير مدركا هوية الشخص الماثل أمامه ليضيف إياس وهو يشير إلى عدة هدايا موضوعة على الطاولة إشتراها له قبل يومين :-


+



" أتمنى أن تعجبك هذه الألعاب ... "


+



صدح صوت والدته وهي تخبر الصغير بنبرتها الرقيقة المعتادة :-


+



" الحمد لله على سلامتك يا صغيري .. قلقنا كثيرا بشأنك ..."


+



إتجهت أنظار الصغير نحو والديه ليعرفه والده مرددا :-


+



" إنه السيد إياس ووالدته ..."


+



أضاف كاذبا :-


+




        

          


                

" السيد إياس هو من نقلك إلى المشفى يا أحمد وكان قلقا بشأنك للغاية ..."


+



طالعه إياس بإمتنان قبلما يتابع التحدث مع الصغير الذي تفاعل معه ببراءة عفوية بينما أخذت والدته تتحدث مع والدة الطفل ..


+



بقيا حوالي ربع ساعة قبلما يتحركا مقررين المغادرة عندما إنفرد إياس بوالد الطفل بعدما طلب الأخير منك ذلك ليجده يخبره :-


+



" سيد إياس رغم كل شيء أشكرك على ضميرك الحي الذي جعلك تحرص على إنقاذ حياة ولدي بكل الطرق الممكنة بل حتى لم تقم بأي تصرف من خلال إستغلال نفوذك .. يعني شخص غيرك ربما كان سيسعى بكل بساطة ليكتم أفواهنا مستغلا نفوذه الواسع ..."


+



" صدقني أنا لم يكن يهمني سوى نجاته ليس خوفا من السجن وإنما خوف على حياته التي لم أكن سأغفر لنفسي أبدا لو خسرها بسببي ..."


+



أضاف بجدية :-


+



" أما جميع ما قمت به فهو لا يأتي شيئا أمام ما تسببت به من أذى للصغير حتى لو كان دون قصد مني ..." 


+



" أعلم إن الحادث لم يكن خطأك وحدك بل كان خطأ زوجتي التي لم تنتبه له وهو يركض بعيدا عنها ..."


+



" هذا لا ينفي إنني أخطأت وبشدة ..."


+



قالها إياس بصدق ليهتف الرجل بهدوء :-


+



" أنا تنازلت عن الدعوة يا بك ..."


+



" حقا ..؟!"


+



قالها إياس بدهشة ليضيف الرجل بجدية :-


+



" طالما إبني بخير فلا يهمني شيء آخر ... لن أكذب عليك فلو خسرت ولدي أو تسبب الحادث بأي ضرر دائم له لا سامح الله كنت سأسجنك حتى لو كلفني ذلك حياتي ولن أهتم بنفوذك ولا سلطتك إن حاولت إستخدامها ولا حتى إغرائاتك المادية ولكن طالما إبني بخير فلا أريد شيئا غير ذلك ... "


+



سأله إياس بحذر :-


+



" هل هناك من تحدث معك وهددك أو حاول أن يعرض عليك أي أموال في سبيل التنازل ...؟!"


+



" كلا ، لماذا تسأل ..؟! هل أخبرك أحدهم بذلك ..؟!"


+



هز إياس رأسه نفيا وقال :-


+



" كلا ، فقط أردت الإطمئنان ..."


+



قال الرجل :-


+



" لم يحدث شيء من هذا القبيل .. كما إن الحرس الذين أتيت بهم لم يسمحوا لأي شخص من غير معارفنا بالدخول إلينا ..."


+



" أعتذر حقا عن هذا ولكنني كنت مجبرا لذلك لأجل سلامة ولدك ..."


+



قالها إياس بجدية ليبتسم الرجل بسماحة :-


+




        

          


                

" لا عليك ... "


+



هتف إياس متسائلا :-


+



" متى سيخرج أحمد بإذن الله ..؟!"


+



" ليس قبل عشرة أيام .. هذا ما قاله الطبيب ..."


+



" هكذا أفضل ... ليتعافى تماما قبل خروجه ..."


+



هز الرجل رأسه متفهما بينما ودعه إياس وهو يتحرك مع والدته ليجري إتصالاً مع أحد رجاله الذي أخبره عن المعلومات الكاملة التي تخص عائلة الطفل فتبين إنهم عائلة ذات حالة متوسطة ماديا ورغم ذلك فإن الأب لا يعمل بشهادته كمهندس حيث لم يجد عملا بشهادته ليعمل في مكتب صيرفة صباحا وسائق أجرة مساءا بينما الزوجة تعمل موظفة في أحد البنوك ..


+



يسكنان في شقة متواضعة في أحد الأحياء المتوسطة مع ولدهما الذي سينهي عامه السادس قريبا ...


+



أخبره إياس بجدية :-


+



" جهز له وظيفة لائقة في فرع شركتنا الأصلي بشهادته الجامعية  كما تحدث مع مدير البنك الذي تعمل به زوجته ليقوم بترقيتها في أقرب فرصة ..."


+



أضاف بجدية :-


+



" كما أريدك أن تنشأ حسابا بإسم الولد حيث سأضع به مبلغا يكفيه ليحصل على تعليم ممتاز  في أفضل المدارس والجامعات مستقبلا  ..."


+



أنهى حديثه مع الرجل ليجد والدته تتأمل بشرود باسم ليتسائل بتجهم :-


+



" لماذا تتأمليني بهذه الطريقة ..؟!"


+



" فخورة بك ..."


+



قالتها بصدق وهي تضيف :-


+



" لو تدرك كم إنك تشبه والدك في هذه اللحظة تحديدا ..."


+



" أدرك ذلك جيدا فلا تقلقي ..."


+



تنهدت مرددة ببؤس :-


+



" لم أكن أريد قول ذلك ولكن ..."


+



إستدارت تنظر نحوه مجددا وهي تضيف بخفوت :-


+



" ما زال قلبي يؤلمني لخسارته ..."


+



" لا داعي أن نتطرق لمواضيع ستزعج كلينا ..."


+



تنهدت بأسى وداخلها تتمنى لو تبوح بالمزيد لكنها لا تستطيع ...


+



رنين هاتفه أيقظها من أفكاره لتجده يجيب بجدية :-


+



" أهلا توليب ..."


+



أضاف بحذر :-


+



" حسنا .. سأعيد والدتي إلى القصر ثم ألتقيكِ هناك ..."


+




        

          


                

أنهى المكالمة بعدها لتسأله ألفت بتردد :-


+



" ماذا ستفعل مع توليب يا إياس ...؟!"


+



لم يجبها فأضافت :-


+



" لا تنفصل عنها يا إياس ... إياك أن تفعل ذلك ... إن خسرتها ستندم كثيرا ..."


+



تنهدت تضيف بنعومة :-


+



" توليب رائعة وأنت ستحيا سعيدا معها ..."


+



" هي رائعة بالفعل ..."


+



قالها بوضوح قبلما يضيف :-


+



" وربما لهذا يجب أن أنفصل عنها ..."


+



" مالذي تقوله ..؟!"


+



هتفت بها والدته مندهشة ليخبرها بضيق خفي :-


+



" أنا لا أناسبها وهي كذلك لا تناسبني ..."


+



"حقا ...؟!"


+



قالتها ببرود ساخر قبلما تضيف عن قصد :-


+



" أنت حر ولكن لا تنسى إن فتاة مثلها ستجد غيرك بسهولة .."


+



لم يغب عنها توتر نظراته فأكملت عن قصد :-


+



" هل ستتحمل ذلك حينها ..؟! هل ستتحمل أن تراها مع رجل غيرك ..؟! رجل تتزوج منه وتنجب له أطفالا .. ؟!  رجل كان من المفترض أن تكون أنت مكانه ...؟!"


+



شدد من قبضته على مقود السيارة بأنفاس متصاعدة و حديثها هذا كان بمثابة صفعة أنبأته لشيء تناساه ...


+



هي ورجل آخر ...


+



هي زوجة آخر وأم أطفاله ...


+



هل سيتقبل ذلك ..؟!


+



غضبه تضاعف وصورة إبن عمه تبزغ أمامه من العدم لتشتعل عيناه بإنفعال مكتوم سيطر عليه بإعجوبة حتى أوصلها إلى القصر ثم أنطلق بعدها متجها إليها ..!


+



**


+



دلف إلى داخل المطعم ليتوقف لوهلة وهو يتأملها مليا بشوق تملك منه حيث لم يرها طوال اليومين السابقين بسبب إنشغالها مع عائلتها نتيجة ما تعرض له إبن عمتها من حادث كاد أن ينهي بحياته ...


+



تجلس على الطاولة ترتشف عصيرها المفضل بهيئة لطيفة كعادتها حيث ترتدي فستانا بنفسجيا ذو أكمام قصيرة ينتهي قرب قدميها بفتحة عنقة منخفضة قليلا بينما ترتدي قلادة مكونة من ثلاثة زناجيل فضية دائرية عريضة مطعمة بفصوص ذهبية رقيقة ...


+



شعرها مرفوع بتسريحة بسيطة أنيقة وإبتسامة سمحة منحتها للنادل الذي أتى يسألها عن شيء ما ألهبت مشاعره بغيرة حارقة لم يتوقعها مسبقا ..


+




        

          


                

تقدم نحوها بملامح متغضنة لتلتقي عيناها بعينيه فتبتسم بهدوء ليبادلها إبتسامتها مرغما ...


+



جلس قبالها مشيرا إلى النادل طالبا منه أن يجلب له القهوة قبلما يوليها إنتباهه لتخبره بصدق :-


+



" لم أرغب بإزعاجك في يوم عطلتك ..."


+



قاطعها بجدية :-


+



" يمكنك أن تزعجيني متى ما أردت ..."


+



تنهد يضيف :-


+



" عليّ أن أشكرك كثيرا يا توليب .. ما فعلتهِ معي في الفترة السابقة لا يمكنني إيفاؤه حقه مهما حاولت ..."


+



توترت ملامحها ولاحظ هو ذلك فسأل بحذر :-


+



" من الواضح إنك تريدين قول شيء ما ... أسمعك .."


+



أزاحت توترها جانبا قبلما تسأل بنبرة حيادية :-


+



" في البداية أخبرني ... مالذي سيحدث بشأن قضيتك بعدما تحسن حال الصغير ..؟!"


+



إنفرجت ملامحه تماما  وهو يجيب :-


+



" لا تصدقين ما حدث ... لقد تنازل والده عن الدعوى ..." 


+



هتفت بفرحة صادقة :-


+



"حقا يا إياس ... مبارك لك ..."


+



" أشكرك ..."


+



توقف عن إكمال حديثه والنادل يتقدم بالقهوة له ليرتشف القليل منها بعدما غادر ثم يضيف :-


+



" كانت فترة صعبة ولكن إنتهت على خير ..."


+



" الحمد لله ..."


+



تمتمت بها بخفوت وهي تضيف :-


+



" أعتقد آن الآوان لنتحدث بشأننا .. أليس كذلك ..؟!"


+



عاد نزاع روحه يبزغ إلى النوع مجددا بينما تسترسل هي مرغمة :-


+



" كنا إتفقنا على الإنفصال و ..."


+



توقفت وهي تلاحظ تجهم ملامحه ليهمس رغما عنه :-


+



" نعم ولكنني تراجعت على ما أذكر ..."


+



" أنت لا يمكنك أن تجبرني على ذلك ..."


+



قالتها بجدية ليهتف بخفوت صادق :-


+



" يومها ربما كنت سأحاول إرغامك ولكن الآن لن أفعل ..."


+



سألته بدهشة :-


+



" لماذا ..؟! مالذي تغير فجأة ..؟!"


+



أجاب ببساطة :-


+




        

          


                

" لإنني مسبقا كنت أفكر بنفسي ومصلحتي ولكنني اليوم أريد مصلحتك ..."


+



" لا أفهم ..."


+



تمتمت بها بدهشة قبلما تضيف متجاهلة وجع قلبها :-


+



" أنا حقا لا أفهم وجل ما أريده أن نستقر على قرار يناسب كلينا ..."


+



" لن تفهمي أبدا ..."


+



قالها بخفة لتغضب مرددة :-


+



" لماذا ..؟! هل أنا غبية ..؟!"


+



ضحك مرغما قبلما يقول بإبتسامة شاردة :-


+



" بل أنتِ ذكية للغاية  ... أذكى مما توقعت بكثير ... " 


+



أضاف وهو يراقبها مبتسما :-


+



" أنت تقولين أن نستقر على قرار مناسب ولم تتحدثِ عن الإنفصال حصرا ..."


+



إسترسل وهو يميل نحوها :-


+



" مع إنك سبق وقلتي إن الإنفصال بات ضروريا لإننا لا نشبه بعضنا أبدا ..."


+



عادت ملامحها تتوتر لتشيح بوجهها بعيدا تنظر إلى الخارج وتقول بصدق :-


+



" ما حدث في الأيام السابقة جعلني أدرك عدة أمور كانت غائبة عني ..."


+



" أمور مثل ماذا ..؟!"


+



سألها بإهتمام لتعاود النظر نحوه مجيبة :-


+



" رأيت لك جانبا مختلفا تماما .. جانبا لم أتوقع رؤيته منك ..."


+



أكملت ويدها تعبث بأطراف الشرشف الموضوع فوق الطاولة :-


+



" رأيتك وأنت متلهف على الصغير بل لا يهمك شيئا سوى نجاته .. حتى لم تهتم بوضعك وما ستؤول إليه محاكمتك لو أصر الرجل على الدعوى بل جل ما فكرت به هو نجاة الطفل سليما ....  "


+



تنهدت تنهي حديثها بحسم :-


+



" أنت رغم غرورك وتسلطك وعجرفتك تمتلك ضميرا حيا وإحساس عميق بمصاب من  حولك وهذا شيء عظيم في زماننا الحالي ..."


+



حديثها وتره أكثر وعبث بمشاعره مضاعفا من حيرته ليضحك بخفة متعمدة متجاهلا إضطراب روحه :-


+



" غروري وتسلطي وعجرفتي .. هل ترييني سيء إلى هذا الحد ..؟!"


+



أخبرته دون تزويق :-


+



" نعم أنت مغرور بشكل مستفز .."


+



أضافت معتذرة :-


+




        

          


                

" لا تتضايق مني ولكن هذه الحقيقة .."


+



أكملت بخفوت :-


+



" ولكنك لست سيئا بكافة الأحوال ..."


+



" هذا كله بسبب صحوة ضميري لأجل طفل كدت أتسبب بموته ... ألا تشعرين إنك تبالغين قليلا فما فعلته طبيعيا ولا يدل على شيء جيد إلى هذا الحد كما ترين ...؟!"


+



قالها بسخرية تعمدها لتتجهم ملامحها وهي تسأل بحنق :-


+



" أنت ترى هذا ..."


+



" نعم ..."


+



قالها ببرود لتهتف بثبات :-


+



" معك حق .. وهو كذلك بالفعل ..."


+



ثم نهضت من مكانها تضيف بإنفعال سريع :-


+



" لذا لنتمم إنفصالنا .. تحدث مع والدي بعد الآن ..."


+



ثم تحركت بخطوات سريعة تغادر المكان لينهض هو الآخر من مكانه لاعنا نفسه وما تفوه به بحماقة لا تشبهه ...


+



تبعها وداخله يدرك إنه أراد إستفزازها وربما إبعادها عن طريقه ...


+



أخذ ينادي عليها وهو يلحق بها حيث كراج السيارات ليجذبها من ساعدها فتهدر به :-


+



" لا تلمسني يا إياس ..."


+



هتف مرغما :-


+



" إهدئي يا توليب ...."


+



" أعتقد إننا إتفقنا على كل شيء .. سأخبر بابا بقراري وهو سيتواصل معك أو تتواصل معه أنت ... ليس هناك فرق بكل الأحوال ..."


+



" أنا آسف يا توليب ..."


+



قالها بلهفة لتضحك بسخرية ثم تهدر :-


+



" لماذا تعتذر ..؟! أنت لم تسيء لي بل أسأت لنفسك ..."


+



" توليب أنا متعب والضغوطات تحيط بي من كل الجوانب .."


+



أضاف بتردد :-


+



" إنها المرة الأولى التي أحيا بها شعورا كهذا ... "


+



" عم تتحدث ..؟!"


+



سألته بحيرة ليخبرها :-


+



" هل تصدقين لو أخبرتكِ إنكِ سبب أغلب الضغوطات التي أعيشها خلال الأيام السابقة بل منذ إطمئناني على حالة الصغير وأصبحتِ تحتلين أفكاري كلها ...؟!"


+



" أنا ..."


+



قالتها مستنكرة ليومأ برأسه فتسأله بتحفز :-


+




        

          


                

" لماذا ..؟! ماذا فعلت ..؟!"


+



أخبرها بتعب :-


+



" فعلت الكثير دون قصد ... "


+



" لماذا أشعر إنك تتحدث عن شيء خطير يا إياس ..؟!"


+



ضحك مرغما قبلما يقول :-


+



" في الحقيقة وجودك هو من بات خطيرا عليّ ...."


+



برمت شفتيها تخبره :-


+



" ستتخلص مني قريبا ..."


+



" ليتني أستطيع فعل ذلك حقا ..."


+



" عفوا ..."


+



ضحك مرغما قبلما يهمس بيأس :-


+



" لكن قلبي الأحمق يرفض ذلك بشدة ويصارع عقلي الذي بات يرفض وجودك كذلك بشدة ..."


+



تجاهلت نبضة قلبها التي زاغت رغما عنها بسبب جملته الأولى مزيحة التساؤل الذي صدح بشأنها جانبا لتهتف بصلابة :-


+



" وأنا سأنتشلك من هذا الصراع يا إياس ... طلقني من فضلك .. "


+



طالعها بصمت مريب قبلما تمتد أنامله نحو وجهها فتلمس وجنتها بنعومة ثم تنحدر نحو ذقنها تقبض عليه ..


+



غرق في تأمل ملامحها التي لا يعرف متى أحبها بل بات يتوق لرؤيتها والتمتع بحسنها ولطفها وبرائتها ...


+



تنهد بحرارة وهو يتذكر حديث والدته وفكرة إرتباطها بآخر عادت تحرق روحه دون رحمة ...


+



" يبدو إنني مضطر أن أنصر قلبي على عقلي لأول مرة في حياتي بسببك أنتِ ..."


+



" إياس ..!"


+



صاحت بها بحدة خافتة وهي تضيف بنبرة متعبة :-


+



" أنا لا أفهم عليك حقا ..."


+



أضافت ويدها تلمس ذراعه بعفوية :-


+



" لا أفهم مالذي يحدث معك ولا أفهم ما تريده وما تنتظره مني .. لا أفهم حقا سبب هذا الكم من التعقيدات التي تحيا بها بل تحاوطك من جميع الجوانب ..."


+



أنهت حديثها :-


+



" وعلى ما يبدو إنك بدورك لا تفهم نفسك لذا أتمنى أن تراجع نفسك وتقرر ما تريده ..."


+



تحركت بعدها تغادر المكان تاركة إياه يتابعا بعينيها شاردا بها فكانت رفيقة أفكاره ليومين متتاليين لم ينم بها سوى سويعات قليلة بل حتى لم يستطع أن ينجر أعماله المنتظرة ...


+



عقله لا يتوقف عن التفكير بها وقلبه يؤكد له طوال الوقت إنه مغرم بها ...


+



هو الذي عاش حياته كلها بقلب جامد لتأتي هي وتذيب جليد قلبه وروحه وتحيي روحه وتبث بها شعورا لم يعتقد إنه سيعيشه يوما ولم يرغب بذلك...


+




        

          


                

كان يعتقد إن كل شيء سيسير بالشكل الذي يريده وإنه المتحكم الوحيد في خيوط اللعبة حتى دخل قلبه في المعادلة وتعلق بها دون إدراك منه  فتغير كل شيء و بات مأسورا رغما عنه بها وبحبها الذي تمكن منه ...


+



تنهد بتعب وهو يمسح وجهه وكلما يسأل نفسه عن قراره يجد إن الفراق لن يكون في صالحه بينما القرب يرهبه ... 


+



يخشى من مشاعره نحوها والتي ستتحكم به وربما تجعله يضعف ويخضع ويخسر الكثير ...


+



الحب بالنسبة له ضعف يتحكم به ويرمي به إلى التهلكة ...


+



يخشى مصيرا يشبه مصير والده الذي تعلق قلبه بوالدته وأحبها بجنون فخسر كل شيء وأولها حياته ...


+



والده الذي أحب والدته بشدة فتزوجته الأخيرة مجبرة ليعيش سنواته معها متألما بسبب عشقها لأقرب الناس إليه ... شقيقه الوحيد ...


+



والده الحنون المراعي والذي كان الأقرب لروحه وقلبه غادره وهو ما زال طفلا ليترك ندبة عميقة في روحه ليست بسبب رحيله عنه فقط بل لسبب رحيله كذلك فهو وإن تجاوز خسارته لن يستطيع أن يتجاوز حقيقة موته مقتولا ..!


+



نهض من مكانه يتحرك بعصبية في أنحاء المكان وهو يدرك إن عليه إتخاذ قرار حاسم سريعا ...


+



إندفع نحو هاتفه يسحبه ويفتح صورة لهما من حفل خطبتهما يتأملها وهي تبتسم له بنعومة بينما تظهر سعادته جلية في عينيه ...


+



سعادة لم يفطن لسببها يوما لكن الآن بات يدرك ذلك جيدا فهو كان سعيدا بها ومال قلبه إليها من وقتها ربما ..


+



أغمض عينيه بتعب وكلمات والدته تتردد في أذنه مجددا :-



+



" هل ستتحمل ذلك حينها ..؟! هل ستتحمل أن تراها مع رجل غيرك ..؟! رجل تتزوج منه وتنجب له أطفالا .. ؟!  رجل كان من المفترض أن تكون أنت مكانه ...؟!"



+



وعند هذه النقطة حسم أمره ... هو لن يتركها ..


+



لن يبتعد عنها مهما حدث ..


+



غادر الشركة متجاهلا إجتماعا مهما ...


+



هاتفها لتخبره إنها في محل الورد خاصتها ..


+



وجدها هناك تتوسط مجموعة من الورود الزكيّة التي تشبهها بشدة ..


+



سار نحوها بخطوات بطيئة لتشعر بوجوده فترفع وجهها نحوه بنظرات ناعمة أججت شوقه لها ودون مقدمات جذبها نحوه لتشهق بصدمة بينما يكتم هو شهقتها بقبلة عميقة شغوفة تجاوبت بها تاركة دفة مشاعرها تقودها هي الأخرى ...


+




        

          


                

كانت مشاعرهما هي من تتحكم بهما في هذه اللحظة وتقودهما حيث جنون العشق والشغف ...


+



إبتعد عنها قليلا هامسا أمام شفتيها المرتجفتين بإنفعال مشحون :-


+



" أحبك ...."


+



كان صادقا بها مثلما كان يعلم آثر مفعولها السحري عليها فبعد الآن كل شيء بات واضحا ...


+



طريقهما سيكون سويا ....


+



هما سيكونان سويا ولا شيء سيغير هذا أبدا ..


+



**


+



في وجهتهما الأخيرة والتي كانت جزر المالديف كما رغبت هي فتحت عينيها بفرحة جلية باتت رفيقتها طوال الأيام السابقة ...


+



فرحة غمرت روحها وقلبها اللذين كانا ولا زالا متيمين به ...


+



أحيانا تتسائل عن سبب هذا العشق الذي حملته له ...


+



عشق لم يتركها ولو لحظة واحدة ...


+



عشق كان رفيقها لأعوام طويلة وما زال وسيبقى إلى الأبد ...


+



إبتسمت وهي تتأمله بشغف وداخلها توكّد إنها لا تستكثر هذا العشق عليه بل هو وحده من يستحق هذا العشق ولا آخر سواه ..


+



" راجي ..."


+



تمتمت بها بنعومة ليفتح عينيه بعد لحظات فيلتقي بعينيها البراقتين وإبتسامتها الخلابة ..


+



إعتدل في جلسته وهو يجذبها نحو صدره يخبرها بصدق :-


+



" ماذا فعلت في دنياي ليرزقني الله بهذا الوجه المليح الرائع كي أبدأ يومي به ...؟!" 


+



وبكل شغف ممكن جذبها نحوه بقبل متفرقة فتغرق هي معه في موجة عشقه التي تجرفها إليه بقوة بينما يهمس فوق شفتيها بأنفاس متلاحقة :-


+



" أحبك ..."


+



فتهديه جسدها وروحها وقلبها وشغفها وكل ما تملكه دون تردد تطير معه في عالم عشق لا آخر له ....


+



لا تعرف كم مر من الوقت وهما سويا ...


+



قضيا أغلب اليوم في السرير حتى قررت مغادرة المكان والذهاب إلى أحد المطاعم لتناول العشاء ... 


+



إرتدت فستانا فضيا إنسدل بجاذبية خاصة على جسدها الرشيق وتركت خصلات شعرها الأسود المموجة مسترسلة بحرية على جانب وجهها ....


+



شعرت به يطوقها من الخلف وشفتاه تقبلان وجنتها لتهمس بحرارة :-


+



" أنا أعيش أروع أيام حياتي ..."


+




        

          


                

ثم إستدارت نحوه تتأمل حلته الرمادية الأنيقة فتهمس بصدق  :-


+



" تبدو وسيما للغاية ..."


+



" ألستُ دائما كذلك ..؟!"


+



ضحكت برقة :-


+



" أنت دائما ما كنت وسيما ... بل الأوسم في نظري ..."


+



ثم رفعت جسدها قليلا نحوه تقبله بشغف تجاوب معه قبلما يهمس لها بحرارة :-


+



" لا تفعلي ... يجب أن نغادر الآن ..."


+



أضاف وهو يقبض على كفها يسحبها جانبه :-


+



" هيا بنا .."


+



وكما توقعت وجدته أعد لها مفاجأة بمناسبة عيدميلادها السابع والثلاثين ...


+



أطفأت شموع الكعكة بسعادة بعدما تمنت أمنية خاصة جدا لن تخطر على باله ..


+



راقصها بعدها أسفل ضوء القمر في جو رومانسي دافئ على أنغام الموسيقى التي تفضلها ...


+



كان قد حجز لهما المكان بكامله وإهتم بأدق التفاصيل ...


+



كان يريد إسعادها بكل الطرق وقد نجح في ذلك ...


+



كان حريصا على سعادتها التي تعني سعادته هو كذلك ...


+



جلسا يتناولان الطعام قبلما يقرران إلتقاط مجموعة من الصور التي ستبقى ذكرى لهما أو بصدق أكبر ستبقى ذكرى له هو ...


+



في النهاية إلتقط لها مجموعة من الصور ورغما عنه تذكر في تلك اللحظة التي كانت تبتسم فيها للكاميرا بسعادة جلية  حقيقة إن رحيلها عنه شبه محتوم فآلمه قلبه بشدة ...


+



تجاهل تلك الغصة التي تحكمت به وعاد يتناول الطعام مدعيا الإنهماك ...


+



لم يكن يعلم إنها شعرت به وبتلك الغصة التي تمكنت منه وهو يصورها ...


+



لم يكن من عادته أن يفقد سيطرته على نفسه وثباته الإنفعالي في أعتى الظروف ولكن رغما عنه حدث ذلك ولأول مرة يشعر بدموع حارقة تملأ عينيه وفكرة رحيلها عنه تمنحه شعورا قاسيا لم يجرّبه مسبقا ...


+



لحظات ووجدها تنهض من مكانها تتقدم نحوه فنظر لها ليجدها تحاوط رقبته بذراعيها تخبره بصدق ولمعة عينيه تشي بتلك العبرات التي يجاهد للسيطرة عليها :-


+



" حتى لو رحلت .. سأبقى حولك وستبقى ذكرياتنا شاهدة على حبنا الذي نجحنا أن نحياه في نهاية المطاف ..."


+



مالت نحوه تضيف وكفها تلمس قلبه فينبض بقوة :-


+



" كلما آلمك قلبك تذكر سعادتي في هذه اللحظة ... صدقني يا راجي أنا لم أرغب بشيء سوى أن أحيا يوم واحد كهذه الأيام التي نعيشها سويا .. يوم واحد كان سيكفيني ... "


+




        

          


                

نهض من مكانه يجذبها نحوه صدره معانقا إياها لتغمض هي عينيها مستسلمة لدفء أحضانه ..


+



" آه يا نغم ..."


+



خرجت منه آهة مكتومة ليبعدها قليلا من بين أحضانه يسألها بحرص :-


+



" طالما تحبينني لهذه الدرجة فلماذا لا تحاولين أن تبقي معي لوقت أطول ..؟!"


+



" أنا سأبقى معك بكل الأحوال ..."


+



قالتها وهي تعاود لمس قلبه بينما تضيف بعينين تنبضان بعشق دفين :-


+



" وسأترك لك ذكرى مني تحيا جانبك إلى الأبد ..."


+



طالعها بعدم إدراك لتضيف وهي تربت فوق قلبه ببطأ :-


+



" سأترك لك ثمرة عشقنا يا راجي ... "


+



" أنت ..."


+



أوقفته تضيف بحسم :-


+



" نعم يا راجي ... أريد طفلا منك .. هذه ستكون أمنيتي الأخيرة ... أمنيتي التي سأسعى بكل قوة لتحقيقها وسأنجح لإن عشقي لك يستحق أن يكتمل بطفل يجمع بيننا إلى الأبد ..."



+



***


+



فتح باب شقته ليجد شقيقته قباله تهتف بملامح مترددة:-


+



" كرم أنا أحتاجك ..."


+



هدر بغضب :-


+



" ماذا تريدين يا هايدي ...؟!"


+



" أنا في مصيبة ..."


+



قالتها هي وتغلق الباب خلفها ثم تتقدم إلى الداخل قبلما ترمي حقيبتها جانبها وتناظره بتوتر ليتسائل بسخرية :-


+



" ماذا فعلت مجددا ..؟! والأهم لمَ تعتقدين إنني سأساعدك ...؟!"


+



" لإنني شقيقتك ..."


+



قالتها بإندفاع ليصيح بعصبية :- 


+



" توقفي عن قول هذا .. أنتِ ماذا تريدين مني بالضبط ..؟! ألا يكفيكِ ما حدث لي بسببك حتى الآن ..؟!"


+



هدرت برفض لهذه التهمة :-


+



" أصبحت أنا المذنبة الآن .." 


+



صاح بقوة :-


+



" نعم أنت ..."


+



اتسعت عيناها بعدم تصديق بينما أضاف بعينين متقدتين غضبا :-


+



" لا تعتقدي إنني غبيا ولم أدرك سبب تصرفاتك طوال الفترة السابقة ..."


+



رفع إصبعه في وجهها يضيف بملامح مشتعلة :-


+




        

          


                

" أنا كنت أفهم ما يدور داخلك وما تسعين إليه ... علمت بما تريدينه منذ البداية ... لا تصدقي إنك خدعتني بمحاولاتك الخبيثة للتفريق بيني وبين هالة .. صحيح أنا تركتها لكن لم يكن هذا لأجل سواد عينيك ولا لأجل قدرتك على تحريكي حيث تريدين ... تركتها لأنني لم أعد أريدها مثلما لم أعد أريدك بكل أنانيتك وحقدك وكرهك ..."


+



" أنانيتي وحقدي ..."


+



" نعم حقدك عليها لإن الباشا فضلها عليك وأحبّها ولم يحبكِ أنت ..."


+



صاحت وهي تكتم عبراتها بصعوبة :-


+



" إنتبه على حديثك معي ولا تنسى إنتي شقيقتك الكبرى يا كرم ..."


+



" ولماذا لم تنتبهِ أنتِ على تصرفاتك السابقة ..؟!"


+



صرخت بجزع :-


+



" طالما تحبها لهذه الدرجة عد إليها بدلا من إلقاء لوم فراقكما فوق رأسي ..."


+



" لن أعود ..."


+



أضاف بحسرة لمعت في عينيه :-


+



" أنا وهالة إنتهينا .. والفضل يعود لك ولذلك الحقير ... ولها هي كذلك ..."


+



" هل تحبها لهذه الدرجة ..؟!"


+



سألت بعدم إستيعاب ليتجه نحو الكنبة جالسا فوقها بتعب مجيبا بصعوبة :-


+



" أحبها بشكل لن تفهميه فأنتِ لا يمكنك أن تفهمي مشاعرا كالتي عشتها معها .... "


+



" لا تستحقك ..."


+



قالتها ببرود ليرفع عينيه نحوها يهمس بسخرية لاذعة :-


+



" ولا أنا أستحقها ...لقد خسرتها ... إنتهى ..." 


+



إندفعت نحوه تهبط بجسدها على الأرضية أمام قدميه تخبره بثبات :-


+



" يمكنني أن أعيدها إليك ... أقسم لك إنني سأفعل ذلك ويكفيني ألا أرى تلك الحسرة في عينيك ...سأجبرها بأي طريقة كانت ..." 


+



أضاف بصوت متحشرج :-


+



" صدقني أنا أحبك يا كرم وكنت أريد راحتك .. صحيح حقدي إتجاهها كان يتحكم بي ولكن في ذات الوقت هي لم تكن تناسبك ..."


+



قاطعها رافضا التطرق لهذا الموضوع الذي قرر أن يضعه جانبا بعد الآن :-


+



" هذا الكلام لم يعد مهما .. نحن إنتهينا .. كما إنني تركتها لإنني لم أستطع تقبلها بعد كل ما حدث لي بسبب كذبتها مثلما أدرك جيدا إن هالة التي عرفتها لم تكن لتتجاوز ما عاشته بسببي بعد الحادث فهي كانت تتحمل فقط بسبب ظرفي ولكنها كانت ستستيقظ عاجلا أم آجلا من غفوتها وتستوعب حينها مدى الشرخ الذي حدث بيننا نتيجة إهانتي المستمرة بل وإنتهاكي لها ولكرامتها وحينها إما كانت ستتركني أو تبقى معي مرغمة وفي كلتي الحالتين كنا سنحيا في عذاب أبدي ..."


+




        

          


                

" كرم أنا ..."


+



أوقفها بجدية وهو ينهض من مكانه :-


+



" هذا الموضوع إنتهى وأنا أساسا سأسافر غدا ..."


+



" ماذا ..؟! أين ستسافر ..؟!"


+



سألت مصدومة ليخبرها بجدية :-


+



" سأغادر إلى أمريكا .. سأجري العملية هناك ... أتمنى أن تنجح ... كما إنني سأبقى هناك لفترة غير معلومة ..."


+



" لا يمكن ..."


+



همست بها بدموع قبلما تضيف :-


+



" لا يمكن أن تتركنا مجددا ..."


+



أضافت بعصبية :-


+



"نحن نحتاجك يا كرم ... ماما تحتاجك ..."


+



" كنت أنوي السفر خارجا بكل الأحوال بعد الزفاف ..."


+



قالها بجدية لتهمس بضيق :-


+



" أنت تهرب منهما أليس كذلك ...؟!"


+



" الأمر يتعلق بي أنا وليس بغيري ..."


+



" عامة إطمئن ... ذلك الحقير نال جزاؤه الذي يستحقه ..."


+



تمتمت بها بحقد ليتسائل بعدم إستيعاب :-


+



" مالذي تقولينه ..؟!"


+



أجابت مرغمة :-


+



" لقنته درسا لن ينساه ..."


+



إتسعت عيناه بصدمة ليتقدم نحوها قابضا على ذراعها صارخا بها :-


+



" ماذا فعلت ..؟!"


+



أجابت بنبرة متوترة :-


+



" أرسلت له رجالا يضربونه ولكن ..."


+



" لكن ماذا ..؟!"


+



صاح بها بإنفعال مخيف لتضيف بدموع حارقة :-


+



" الأغبياء لم يلتزموا بكلامي ... أخبرتهم أن يضربوه حتى ينهار جسده بالكامل وأن يضربونه ضربات خفيفة بالسكين وفي مناطق غير حيوية ولكن أحدهم طعنة بالخطأ في منتصف بطنه ولا أعلم كيف حاله الآن و ..."


+



صرخ بعدم تصديق :-


+



" أنت ماذا ..؟! مجرمة ...؟! كيف تفعلين هذا ..؟! أنا لا أصدق ما أسمعه ... كيف وصل بك الأمر إلى هنا ...؟!" 


+



" كرم إسمعني .. أنا كنت غاضبة بشدة وأردت تلقينه درسا ... لم أكن أريده أن يخسر حياته ... أردت فقط أن يتحطم كبريائه ويخسر كرامته وهو يتعرض للضرب المبرح بينما هو مكتوف الأيدي عاجزا عن الدفاع عن نفسه  بلا حول ولا قوة ..."


+



" هذا جنون .. أنت مريضة ..."


+



تساقطت دموعها بغزارة لتقول بصعوبة :-


+



" يكفي من فضلك .. أساسا أنا تورطت بسبب ذلك وربما سأتعرض للحبس ..."


+



" ماذا ..؟!"


+



هتف بها بصدمة لتهمس ودموعها تغرق وجهها :-


+



" نجحت الشرطة أن تمسك أحدهم  ... هكذا أخبرني كبيرهم وهو يهددني طالبا مني الذهاب بنفسي والإعتراف بما فعلت و تبرئة رجله بأي طريقة كانت  وإلا  سيتصرف ويدمرني فهو لم يكن يعلم مكانة أثير ووالده لإنني تعمدت عدم إخباره بأن والده وزير ..."


+



" أنتِ جننتِ ... أقسم بذلك ..."


+



صاح بعنف وهو يتحرك في المكان بعدم تصديق بينما تضيف هي باكية :-


+



" ماذا أفعل يا كرم ...؟! يجب أن أنفذ حديث الرجل وأحمل التهمة عنه وعن البقية وإلا سيقتلوني وربما يقتلونكم كذلك ..."


+



" أنت دمرتنا جميعا وفضحتنا .."


+



قالها بتعب فتنهار باكية فوق الكنبة بينما يتأملها هو بوعيد قبلما يحسم أمره ويخبرها :-


+



" سأتصرف أنا ... أنتِ فقط لا تفعلي أي شيء ولا تقومي بأي تصرف دون علمي ..."


+



ثم غادر بها تاركا إياها منهارة بألم على تهورها وغبائها الذي سيدمرهم جميعا ...



+



***


+



في مركز الشرطة ...


+



بملامح جامدة تماما وثبات مثير لدهشة من حوّله هتف كرم بجدية :-


+



" أتيت للإعتراف بجريمتي في حق أثير حاتم الهاشمي ... أنا من تسببت بذلك الحادث الذي تعرض له على يدي أنا وشخص آخر ...أنا المسؤول عما حدث وأتيت لأقول هذا وأنا مستعد لأي حكم كان ..."



+



انتهى الفصل


+



الثالث والعشرين من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close