اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل العشرين 20 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل العشرين 20 بقلم سارة علي 




بعد كل علاقة فاشلة نخسر جزءا من أرواحنا ...

+


نختبأ بعيدا عن الجميع حاملين آلامنا وحسراتنا معنا ...

+


نتجاهل حزننا أو نتعامل معه لا فرق فالنتيجة واحدة ، هناك شيء ما مات داخلنا .. شيء لن يعود كما كان حتى وإن عدنا نحن إلى الحياة مجددا ونجحنا أن ننهض بأنفسنا من جديد ...

+


شيء قد ننجح في بناء ما يملأ فراغه يوما وقد نتركه خاويا بلا حياة ...!






















+


الشيطان هنا ... لا مفر منه .. لا نجاة ...

+


الشيطان تحرر مجددا بعدما كان مقيدا لأعوام ...!

+


الشيطان بات حرا الآن فمرحبا بالجحيم ...!






+


منذ طفولته كان مختلفا ...

+


لم يكن طفلا عاديا ....

+


كان مختلفا في كل شيء ...

+


يتفوق على أقرانه بكل شيء دون أدنى مجهود منه ..

+


ذكائه الحاد الذي وصل حد النبوغة لا خلاف عليه ...

+


ذكاء كان محط أنظار جميع مدرسينه على مدار الأعوام .. 

+


ذكاء يؤهله ليغدو عالما في المستقبل كما أدلى جميع من أشرف عليه وأدرك قدراته الذهنية العالية جدا والتي تميزه عن بقية أقرانه ...

+


وإلى جانب الذكاء كان هناك شيئا آخرا ينافسه بل ويتفوق عليه ...

+


كان هنا شيطانه الكامن الداخله والذي يوازي ذكاءه المفرط بشره ونقمته ...

+


شيطان بقي محبوسا داخله لسنوات حتى تحرر لأول مرة وكان من نصيب أنثى منحته الكتير ...

+


أنثى عشقته بكل الطرق الممكنة ...

+


عشقت حتى قسوته فباتت متيمة بكل ما فيه ولم تكن تعلم إنها بما تفعله تؤدي بنفسها إلى التهلكة ...

+


وكان هلاكها الأكبر في كونها تسللت إليه دون أن تدرك وسكنت قلبه ..

+


عشقها الشيطان ونالت هي أسوأ نتائج هذا العشق ...

+


دلف إلى داخل ذلك المنزل المعزول وهو يحملها بين ذراعيه ...

+


سار بخطواته الواثقة نحو سرير يحتل غرفة واسعة بنوافذ كبيرة مطلة على أراضي صحراوية خالية من موارد الحياة ...

+


وضعها على السرير ثم طل بقامته عليها يتأملها وهي نائمة بسلام لا تعي شيئا مما حولها ...

+



           

                
ملامحها بدت أرق وهي نائمة وفستانها المحتشم يخفي جسدها الرشيق بحرص ...

+


مال قليلا ويده تمتد نحو شعرها ليفك خصلاته ببطأ فتتحرر خصلاته السوداء الفاحمة محاوطة وجهها ...

+


إرتسمت إبتسامة شيطانيّة فوق شفتيه وأنامله تمتد متحسسة وجنتها مرورا بشفتيها ثم ذقنها قبل أن تمتد نحو عنقها أسفل قماش الفستان الذي يغطي بداية عنقها ...

+


اعتدل في وقفته مجددا وعيناه ما زالتا مسلطتان عليها ...

+


لم تعجبه يوما ... 

+


لم يستسغ أي شيء فيها ..

+


هي فقط كانت مناسبة لتكون زوجته ...

+


كانت أنثى تناسب متطلباته ...

+


أنثى طوع أمره يشكلها كيفما يريد ويحركها بالإتجاه الذي يرغبه ...

+


لم يكن يبحث عن أنثى تنال إعجابه ولم يكن يريد أنثى تليق به وبشخصيّته القوية ومكانته المرموقة ..

+


كان يريد مواصفات معينة وجدها فيها ..

+


الضعف ...

+


الخضوع ...

+


الإستسلام ....

+


وغيرها من صفات بدت وكأنها تواجدت جميعها بها لتكون هي الأنثى التي بحث عنها وأرادها لتكون زوجته المستقبلية وأم أولاده ليدرك فيما بعد إنه لم يكن سوى محاولة لتخطي عشق آخر من طرف واحد ...

+


اتخذته بديلا لآخر ...

+


إستغلته لتتجاوز رجلا آخر لم يبادلها مشاعرها ...

+


لم تكن تعلم إنها تلاعبت بأكثر شيء يمقته...

+


لم تكن تعلم إنها لمست أكثر نقطة حساسة لديه ...

+


لم تكن تعلم إنها بكل غباء ممكن حررت شيطانه الذي سجنه داخله لأعوام ليتحرر مجددا على يدها ولأجلها هي ...!

+


تحرك مبتعدا عنها يتجه نحو النافذة واقفا جوارها شاردا بعيدا حيث الماضي الذي لا يمكنه أن يهرب منه ولا يريد أن يهرب ...

+


فتح النافذة قليلا يتنفس نسمات الهواء الباردة في هذا الوقت من المساء ...

+


يحب الظلام بل ينتمي إليه ....

+


يرى في الظلام حقيقته ويواجه أسوأ شياطينه دون تردد ...

+


هو رجل الغموض ... رجل الظلام .. حيث كل شيء يخصه متشح بالسواد ..

+


وهي كانت أنثى الحياة ... أنثى النقاء ...

+



        

          

                
حيث كل شيء حوّلها براق ويلمع بألوان مشرقة ...

+


ربما هذا ما جذبه إليها منذ البداية ...

+


إختلافها بل تلك الطاقة المنبعثة منها ...

+


كانت أنثى حيثما تتحرك تبث الفرح والحياة حولها  ....

+


لفتت إنتباهه دون أن تدرك ...

+


هي التي غرقت في عشقه من النظرة الأولى وجاهدت كي تخفي عشقها داخلها لكنها لم تكن تعلم إنها تتعامل مع ثعلب ماكر يدرك كل شيء من نظرة واحدة فقط ...

+


أدرك عشقها وتجاهله متعمدا وتجاهل معه إنجذابه لها ...

+


أخفى ذلك داخله لشهور بينما هي تعمل معه في شركته ...

+


خلال تلك الشهور كانت تتسلل داخله تدريجيا وتستحوذ على مشاعره بعفوية دون إدراك منها ...

+


إستولت على محبة الجميع وباتت صديقة الكل ...

+


يتذكرها وهي تتحرك هنا وهناك توزع إبتسامتها للجميع وتغدق عليهم بلطفها الزائد ...

+


حاول كثيرا تجاهل ما يشعر به إتجاهها فهو ليس الرجل الذي يسلم مشاعره لإمرأة ...

+


ألا يكفي ما فعلته والدته به ...؟!

+


ألا يكفي ما أصابه بسببها ...؟!

+


ألا يكفي طفولته التي ضاعت بسبب كذبها وخداعها وتمثيلها ...؟!

+


لم يكن واعيا بما يكفي عندما انفصلت عن والده ...

+


وعندما بدأ يكبر ملأت رأسه بالكثير ...

+


أخبرته عن ظلم والده الذي اتهمها بالخيانة وطلقها بسبب ذلك بل سعى ليأخذه منها لكنها حاربت لأجله ..

+


سممت أفكاره فبات يكره والده وزاد كرهه له عندما أخذه والده عنده بعد زواجه متحججا إنه يحميه من سموم والدته ...

+


والدته التي كان يراها امرأة مظلومة طلقها زوجها بسبب شكوك لا وجود لها ليكتشف بعد سنوات الحقيقة المرة ...

+


والدته التي سعت لتدمير صورة والده أمامه لم تكن سوى امرأة قاسية و جاحدة ...

+


امرأة أنانية لا تفكر سوى بنفسها وتسعى لأن يخضع الجميع لها بكل جبروت ...

+


والأسوأ إنها كانت خائنة ووالده لم يظلمها ...

+


إنتصار العمري التي عشقت رجلا متزوجا وفشلت في الزواج منه بسبب رفض أهلها القاطع وعندما فقدت الأمل وافقت على أشرف مختار الرجل المناسب من وجهة نظر عائلتها والذي تزوجها دون أن يدرك أي شيء عن مشاعرها السابقة ...!

+



        
          

                
تورط بها ... كانت هذه الحقيقة ...

+


إنتصار كان امرأة لا يمكن معاشرتها وهذا ما أدركه بنفسه عندما نضج في العمر وعاش معها ...

+


عاشرها أشرف لسبعة أعوام ذاق فيها المر والويل وصمت لأجله هو حيث كانت تهدده به ...

+


هددته مرارا أن تأخذه منه ولا تعيده إليه متسلحة بسلطة والدها رجل الدولة ذو المنصب المرموق ....

+


صبر وتحمل الكثير منها بإسلوبها الجاف وأخلاقها الكريهة ...

+


قاطعت الجميع حتى عائلته ورفضت وجود والدته معهم ...

+


تحمل والده الكثير مما يعلمه هو ومما لا يعلمه فقط لأجله حتى كشف سرها الأعظم ..

+


كشف علاقتها السابق بذلك الرجل الذي عادت تقابله من جديد وعند هذه النقطة طلقها دون تردد ورفض محاولات والدها الذي تودد إليه في بداية الأمر كي يحل الأمر ويعيد إبنته لعصمته وعندما رأى إصرار والده على عدم عودته إليها ورفضه القاطع لتلك العودة حاربه من خلاله بل حاربه في عمله وتسبب له بخسائر مادية كثيرة ...

+


أخذوه منه وعاش مع عائلة والدته حيث تولت جدته تربيته بينما والدته لم تكن موجودة إلا ظاهريا ...

+


وبعد سنوات قليلة مات جده وتزوجت والدته من الرجل الذي أحبته أخيرا وحينها أخذه والده منه ليجده نافرا منه ومن وجوده عنده وهو الذي صدق أحاديث والدته الكاذبة عندما أخبرته عن مدى الظلم الذي تعرضت له وإتهامها بالخيانة التي لا ذنب لها بها بل إتهمت جدته و عائلة عمه بإنهم ساهموا بتدمير زيجتها وحتى زواجها مجددا بررته بفرصة لرد إعتبارها أمام والده الذي طعنها في شرفها ...

+


عام كامل قضاه مع والده متباعدا يرفضه ويرفض زوجته الجديدة كليا رغم معاملتها السمحة معه ...

+


عام وتطلقت والدته بعدما سأمت العيش مع ذلك الرجل كما عللت أمامه وأمام عائلتها بينما في الحقيقة هو من سأم منها وطلقها مما ضاعف من حقدها فعادت تطالب به ليخذل والده بدوره وهو يقرر الذهاب معها ...

+


وهكذا مرت الأيام وهو مخدوع بوالدته التي بدأت تتودد إليه وتعامله بدلال لا مثيل له ولكن في ذات الوقت كانت تتحكم في حياته وتصرفاته والأسوأ كانت تتحكم في طبيعة علاقته مع والده ...

+


سيرته لسنوات كما تريد دون أن يدرك خاصة وهي التي كانت تغدق عليه بأموال طائلة تسعى من خلالها أن تكسبه في صفها أكثر ...

+


ورغم ذلك لم تكف والدته عن إفتعال المشاكل مع والده كل يوم لسبب مختلف حتى أنهى دراسته الثانوية وقرر السفر خارجا طالبا منها أن تذهب معه ووافقت هي ليتفاجئ بعد فترة بقرارها بالزواج للمرة الثالثة ...

+



        
          

                
زواجها الذي بدأ يكشف الكثير له مما كان يجهله حتى بدأ يبحث خلفها ليدرك الكثير مما صدمه وعندما صارحها رأى وجهها الحقيقي الذي تعمدت أن تخفيه عنه لسنوات حيث ظهرت قسوتها وجبروتها وجحودها لتقاطعه لعامين تاركة إياه لوحده معتمدا لنفسه غير قادرا على مطالبة والده بأموال يساعد بها نفسه بعدما كان شبه مقاطعا له رافضا إياه ...

+


والده الذي كان يتصل به بين الحين والآخر فلم يتخلَ عن جموده معه حتى بعدما أدرك الحقيقة بينما تطلقت والدته مجددا وعادت تتودد إليه وتذرف الدموع أمامه وتتوسله أن يعود ليعيش معها في الفيلا الفخمة التي اشترتها منذ قدومها ...

+


رفض في البداية لكنه تراجع مقررا إستغلالها بثرائها الفاحش وسارت الأيام بينهما بشكل جاف للغاية من ناحيته بينما تصطنع هي المودة أمامه لأيام قبل أن تظهر وجهها الحقيقي لأيام أخرى ...

+


بسببها كره النساء بل كره العالم بأكمله فتحول إلى رجل قاسي بلا رحمة أو ضمير ..

+


رجل لا يفكر بشيء سوى عمله الذي تطور به بشكل مخيف مستغلا نبوغه الحاد محققا إنجازات لا تناسب سنوات عمره العشرينية ...

+


بقيت حياته تسير على نفس الوتيرة حتى ظهرت هي ومعه تشتت عالمه كليا ...


+


***

+


تحرك من مكانه متجها إليه يطل عليها من جديد يتأمل ملامحها الساكنة وهي غارقة في نومها فترتسم أمامه ملامح أخرى ببشرة حنطية ناعمة كبشرة الأطفال وعينين بنيتين صافيتين تلمعان بعفوية صادقة لطالما نجحت في تبديد حدة روحه مع خصلات ناعمة ذات لون بني لامع وغمازتين شهيتين تحتلان وجنتيها عندما تبتسم بتلك الطريقة التي تخطف الأنظار بشكل قادر أن يجعله يدفع عمره كاملا ليرى تلك الإبتسامة مجددا ولو لمرة واحدة في حياته ...

+


أغمض عينيه بيأس من مشاعره التي ارتبطت بأخرى رحلت وتركت خلفها حطام رجل يرفض أن يلملم أشلاء قلبه المحطم ...

+


أنثى برحيلها أشعلت روح شيطانه أكثر فتحول إلى وحش مفترس لا يرحم أحدا من شره ...!

+


" رويدا .."

+


همس حروف إسمها بصعوبة بينما تجسدت هي أمامه ...

+


تقف قباله على الجانب الآخر من السرير تبتسم له بعينيها اللتين تلمعان كعادتها ...

+


تشير لها بكفيها أن يأتي إليها ...

+


تراهن على عشقه لها والذي لم يعترف به يوما بل تعمد أن يخفيه حتى عن نفسه ويقسو عليها أكثر حتى ماتت فنطقه لأول مرة مصارحا نفسه به عند وفاتها ...

+



        
          

                
تشير له بعينيها وإبتسامتها العفوية تخبره أن يأتي إليها بينما تحتد هو ملامحه قبلما تنحدر عينيه نحو تلك الممددة فوق السرير بلا حول ولا قوة ...

+


يرى عينيها تنخفضان نحوها تتأملها قليلا قبل أن ترفعهما نحوه مجددا فتظهر بهما نظرة متعاطفة مع تلك النائمة بلا وعي تليها نظرة مختلفة ...

+


نظرة تطلب منه ألا يفعلها ... ألا يدمر فتاة لا ذنب لها بتعقيدات ماضيه اللعين ...

+


تتوسلته بنظراتها وهي تحرك رأسها بعلامة النفي تخبره مجددا ألا يفعلها بينما يعتصر هو قبضته بقسوة وعياه تتحركان بينها وبين الأخرى ....

+


يكره سيطرتها عليه ...

+


يكره ضعفه أمام عشقها ...

+


يكرهها ويكره عشقه لها ...

+


إحتدت ملامح وجهه أكثر والغضب سطع من عينيه بينما هدر بصوت حاد :-

+


" إذهبي ... إذهبي يا رويدا ...."

+


أخذ نفسا عميقا عدة مرات وصورتها تختفي من أمامه تدريجيا قبلما أن يمسح على وجهه بكفه وأنفاسه تحتد أكثر ..

+


عاد ينظر إليها وغضبه منها يشتعل زيادة عن السابق ...

+


بسببها عاد ماضيه يتجسد أمامه ...

+


بسببها عاد وحش الماضي يفترسه ...

+


بسببها كاد أن يخضع مجددا لكنه أقسم داخله إنه لم ولن يخضع يوما لأي مشاعر كانت ...

+


هو أبعد ما يكون عن تلك المشاعر الإنسانية ...

+


هو رجل مصنوع من القسوة ....

+


رجل لا يعجبه سوى طعم المرارة بينما لا يستسيغ حلاوة أي شيء ...

+


رجل يتغذى على أوجاع من حوله وآذيتهم ...

+


هو الشيطان ...

+


الشيطان بنفسه ...

+


وعند تلك النقطة مال نحوها وأنامله تمتد نحو فستانها وتحديدا اتجاه سحاب الفستان ليفتحه ببطأ ثم يزيل ذلك الفستان عنها ويرميه جانبا فيظهر جسدها الشبه العاري والذي لا يستره سوى ملابسها الداخلية أمامه فتلمع عينيه بنظرة شيطانية مرعبة قبلما يجلس جانبها بتصميم عازم على تدميرها كما دمر الكثير قبلها مما لا يستحقون الدمار بينما هي على الأقل تستحق هذا الدمار والخسارة الأبدية ...

+


***

+


" حان وقت المواجهة يا باشا ..."


+



        
          

                
تجمدت ملامح أثير وعيناه تتابعان السكين الحادة التي أخرجها كرم من جيب بنطاله ...

+


ثواني قليلة واسترخت ملامحه بينما ظهرت التسلية في عينيه وهو يردد بخفة :-

+


" هل جننت ..؟!"

+


تقدم كرم نحوه هاتفا بينما يده ممسكة بالسكين :-

+


" بيننا ثأر علينا إنهاؤه ..."

+


وضع أثير كفيه داخل جيبي بنطاله متعمدا أن يسترخي في وقفته أكثر مرددا بلا مبالاة :-

+


" أي ثأر يا هذا ...؟! "

+


احتدت ملامح كرم أكثر بينما يجابه ملامح أثير اللا مبالية بل تظهر نظرات عينيه إستهانة صريحة به فيشتعل غضبه أكثر وهو يهدر من بين أسنانه :-

+


" لا تدعي عدم الفهم يا ..."

+


قاطعه أثير وهو يقبض على معصم يده الذي تقبض على تلك السكينة يخبره بسخرية خافتة :-

+


" غادر من هنا سريعا يا كرم ... لا تفتعل فضيحة أنت في غنى عنها ..."

+


ضحك كرم مرددا بمرارة خفية :-

+


" تخشى على الهانم خاصتك من الفضيحة ..."

+


" كانت خاصتي ...."

+


قالها أثير بثبات قبلما يضيف بجمود :-

+


" لكنها لم تعد كذلك ...."

+


اتجهت أنظار كرم إلى الخلف ليهتف بخفة :-

+


" ها قد أتت الهانم خاصتك وإكتملت الجمعة ..."

+


تقدمت هالة بخطوات راكضة نحوهما غير مستوعبة ما يحدث فهي سارعت للخروج إلى الكراج بعدما أتتها رسالة من كرم تطلب منها ذلك ...

+


" ماذا يحدث هنا ..؟!"

+


هتفت بها هالة وهي تقف لا إراديا بينهما ليهتف أثير ببرود بعدما حرر معصم كرم متعمدا  :-

+


" زوجك مصاب بالجنون على ما يبدو .. أتى إلى هنا حاملا معه سكينا يهددني من خلاله ..."

+


كلامه وبروده أجج غضب كرم فسارع يرفع سكينه هاما أن يضربه بها قبلما يقبض أثير على معصمه مجددا موقفا يده في المنتصف متجاهلا صرخة هالة الفزعة ...

+


نطق أثير ببرود ويده تعتصر معصمه بقسوة بينما نظرات كرم تشتعل بلهيب مخيف :-

+


" لن أحاسبك على طيشك فأنا أتفهم حالتك وما تمر به ..."

+


صاحت هالة بنبرة مرتجفة :-

+



        
          

                
" دعنا نذهب يا كرم ... من فضلك .."

+


جذب كرم يده بقسوة من قبضة أثير بينما يصيح بهما :-

+


" تخافان من الفضيحة ، تريدان ذهابي خوفا من إنكشاف أمركما ... "

+


" أنا لا أخاف من شيء ..."

+


قالها أثير ببرود مضيفا :-

+


" يمكنك أن تدلف إلى القاعة وتخبر الجميع بما تشاء ..."

+


أكمل بخفة :-

+


" لكن عليك أن تفهم إنك حينها ستهين نفسك قبل أي أحد ...."

+


أضاف وعيناه تتجهان نحو هالة بملامحها المتشنجة خوفا وآلما :-

+


" مالذي ستخبرهم به ...؟! هل يعجبك أن تحيا دور الزوج المخدوع أمامهم ..؟! ستهين نفسك حينها ...."

+


" يكفي ...!"

+


صاح به كرم وهو يندفع نحوه هاما بالإنقضاض عليه بعدما أفلت تلك السكينة أرضا ليسارع أثير ويصده بسرعة يلفه الى الخلف مقيدا جسده بإحدى ذراعيه ومحيطا رقبته بالذراع الأخرى...

+


" من تظن نفسك لتقف في وجهي ... ؟! من أنت يا هذا ..."

+


" أثير إتركه ..."

+


صاحت به هالة بتوسل ليصرخ أثير بها :-

+


" إنظري إلى ما يفعله زوجك الأحمق يا هانم ... يهدد ويتوعد ... "

+


ثم سارع يدفع كرم بقوة بينما يتحدث بعينين متقدتين بهيمنة مهيبة :-

+


" لإنه لا يدرك مع من يتعامل ... "

+


اتجه نحو يحدثها هازئا :-

+


" كان عليك أن تخبريه بذلك ... تجعليه يفهم نتيجة العداء معي ... دعيه يفهم ويستوعب ما هو مقبل عليه قبل أن يأتي كالأحمق لينتقم مني ...."

+


" تتسلح بسلطتك أليس كذلك ...؟! تعتقد إنك تستطيع التحكم بحال الجميع ...؟! تستغل منصب والدك بأكثر الطرق دناءة ..."

+


قالها كرم بغضب وهو يضيف ساخرا :-

+


" ما رأيك أن تنادي حرس والدك ليأتوا ويأخذوا حقك مني ...؟! "

+


هتف أثير ضاحكا :-

+


" هل تظن إنني بحاجة لهم حقا لأنال حقي منك ...؟!"

+


ظهرت السخرية صريحة بعيني كرم رغم قتامتهما ليضيف أثير بحدة :-

+


" يمكنني أن أخذ حقي بنفسي ..."

+



        
          

                
هم بالإندفاع نحوه ليجد هالة تقف في وجهه تصرخ بحمية :-

+


" يكفي ، لن أسمح لك بإيذاءه ... أبدا يا أثير ..."

+


كلماتها تلك جعلت غضب كرم يتفاقم فسارع يدفعها من أمام أثير بكل قوته لتسقط أرضا بينما يصيح :-

+


" لست ضعيفا لتدافعي عني ..."

+


طالعته هالة بعدم تصديق لما فعله وكيف دفعها بتلك الطريقة المهينة فتشكلت

+


 الدموع داخل عينيها بينما رأت أثير يناظرها بنظرات تحمل سخرية صريحة وربما شماتة ...

+


" واجهني رجل لرجل ..."

+


قالها كرم وهو يقف في وجهه فيخبره أثير بجلادة :-

+


" لا مانع لدي ... لكنك لو كنت تعرفني جيدا لما تحديتني ... لا يغرك الظاهر يا كرم ... لا يغرك مظهري المنمق وأصلي الرفيع .. يمكنني التخلي عن مظهري المنمق والانسلاخ من جلدي الارستقراطي وحينها سترى شخصا آخر يتصرف كأولاد الشوارع ولن أتردد لحظة واحدة في منحك ما تستحقه من شتائم 

+


وضرب حتى الموت ..."

+


قبض على كتفيه بكفيه يضغط عليهما بقوة هاتفا ببطأ متعمد :-

+


" لكن مراعاة لوضعك الصحي سأتركك ترحل متجاهلا تصرفك الأحمق الذي أقدمت عليه ومراعاة كذلك لنفسيتك المضطربة ..."

+


شحبت ملامح كرم بعجز بينما يسمعه يضيف :-

+


" كلانا يعلم إن معركتك هذه المرة تحديدا ستكون خاسرة فأنت غير قادر على مواجهتي ولا مواجهتي من هو أضعف مني بآلاف المرات ..."

+


تساقطت دموع هالة لا إراديا مدركة إن أثير أجاد الطعنة بقوة هذه المرة ...

+


التفت أثير نحوها يتأملها بملامح غامضة قبلما يخبرها بعجرفة :-

+


" خذي زوجك وغادري من هنا منعا للفضائح ..."

+


ثم عاد بعينيه نحو كرم مرددا ببرود :-

+


" لا تلمني على ما يحدث بينك وبينها ... إختياراتك الخاطئة ليست ذنبي يا كرم وليست مشكلتي إن كنت معميا لسنوات عن الكثير ..."

+


تحرك بعدها مغادرا المكان تاركا هالة مكانها تتابعه والحقد يتضاعف داخلها نحوه قبلما تعاود النظر لكرم بوجهه الشاحب كالأموات فتشعر بالحسرة على حالها لأول مرة وهي التي وقعت بين إثنين يتفننان في كسرها والسعي لتدميرها ملقيين كافة الذنوب فوق كاهلها هي لوحدها ...

+


***

+


صرخت توليب بينما تقف في وجه إياس :-

+



        
          

                
" ماذا تفعل يا إياس ...؟! ما هذا الجنون ...؟!"

+


نهض رأفت سريعا يمسح أنفه الذي تدفقت الدماء منه بسبب لكمة ابن عمه يخبرها ببرود :-

+


" هكذا هو إياس يتصرف بلا وعي أغلب الأحيان ..."

+


اندفع إياس قابضا على ياقة قميصه يهدر به بغضب مندفع جعل توليب تنكمش للحظة بخوف بديهي :-

+


" سأقتلك يا هذا ... سأقتلك حالا وأدفنك هنا ..."

+


لحظات وتحركت توليب نحو إياس تقبض على ذراعه ترجوه أن يحرر رأفت من قبضته بينما يبتسم رأفت ببرود له :-

+


" اتركه يا إياس ... ما تفعله سيتسبب بفضيحة في المكان ..."

+


تقدم شابين من العاملين في الفندق راكضين نحويهما كي يستطيعان الفكاك بينهما بينما توليب تجاهد كي تجذب إياس بعيدا عنه عندما نجح الشابين في إبعاد رأفت من قبضة إياس الذي صرخ به بتوعد :-

+


" حسابنا لم ينته يا كلب ... سأريك نتيجة أن تلمس إمرأتي يا عديم الشرف ..."

+


هتف رأفت بإبتسامة مستخفة :-

+


" أحترق شوقا لذلك ..."

+


هم بالتقدم نحوه لتوقفه توليب بسرعة قابضة على ذراعه ترجوه :-

+


" توقف أرجوك ..."

+


تابع إياس إبن عمه وهو يغادر بأنفاس متصاعدة قبلما يستدير نحوها صارخا بها :-

+


" كيف تسمحين له أن يلمسك بهذه الطريقة بل كيف تمنحينه المجال ليقف متحدثا معك ... ؟! "

+


ترقرقت الدموع في عينيها رغما عنها بسبب صياحه عليها بتلك الطريقة أمام بعض العاملين ...

+


جاهدت لتحافظ على ثباتها متجاهلة تلك العبرات وهي تخبره بحزم :-

+


" إخفض صوتك ..."

+


" لن أخفضه ..."

+


صاح بها قبلما تتجه كفه نحو ذراعها تقبض عليها مضيفا بنفس الغضب :-

+


" مالذي تفعلينه بالضبط ...؟! تتحدثين معه وتضحكين له وماذا بعد ..."

+


" أنت جننت حتما ... "

+


قالتها وهي تسحب ذراعها من قبضته بقوة مضيفة بأنفاس متلاحقة :-

+


" لا تنسى أين نحن الآن ..."

+


اندفعت سريعا متجهة نحو دورة المياه حيث إختلت بنفسها هناك ...

+


أخذت نفسا عميقا عدة مرات تجاهد كي لا تنهمر دموعها فوق وجنتيها فتتدمر زينة وجهها وربما يشعر البعض بما يحدث ....

+



        
          

                
فتحت صنبور المياه تغسل كفيها بينما تتأمل عينيها المحتقنين بحمار شديد فتزفر أنفاسها بيأس وهي تسحب منديلا تجفف به كفيها قبلما تتحرك خارج دورة المياه لتجده في وجهها ينتظر خروجها على ما يبدو لتحتد ملامحها وهي تهم بالمغادرة متجاهلة وجودها عندما قبض على ذراعها يجذبها إلى الجانب بركن خفي قليلا خالي من أي أحد ...

+


صاحت برفض :-

+


" مالذي تفعله يا إياس ...؟! هل جننت ..؟!"

+


" بل مالذي تفعلينه أنت يا هانم ...؟!"

+


قالها إياس بعينين حادتين وهو يضيف :-

+


" ماذا كنت تتوقعين مني بعدما رأيتك ...؟! كان يلمسك ..."

+


" ليس ذنبي ..."

+


صاحت معترضة وهي تضيف :-

+


" كنت سأدفعه سريعا ... علام تحاسبني بالضبط ...؟!"

+


صاح بنفس الإنفعال :-

+


" أخبرتك ألا تتعاملي معه .. حذرتك منه ... أخبرتك إنه عدوّي ..."

+


صرخت بدورها ودموعها تساقطت رغما عنها :-

+


" ما شأني أنا بهذا ...؟! إنه إبن عمك وأتى ليقول شيئا لي .. ماذا كنت سأفعل ...؟! هل أتجاهله ...؟!"

+


" نعم تتجاهليه ..."

+


قالها بصوت محتد لتهتف بدورها بإنفعال :-

+


" ما شأني أنا بما يحدث بينكما وما أدراني به وبما ينتويه ...؟! يكفي حقا يا إياس ... أنا تعبت ... تعبت من هذا الوضع ..."

+


أضاف بنبرة يائسة :-

+


" أنا حتى لا أفهم أي شيء مما يحدث حولي .. لا أفهم عليك ولا على عائلتك ... طلقني ... دعنا ننتهي من هذه الزيجة التي كانت خطئا منذ البداية ..."

+


" لن أطلق ..."

+


قالها بثبات لتتسع عينيها بعدم استيعاب فيومأ برأسه مضيفا بإقرار :-

+


" لن أطلق يا توليب ... هذه الزيجة ستتم ... انتهى ..."

+


هتف بعدم تصديق :-

+


" لماذا ..؟! وبأي حق تقرر هذا لوحدك ...؟! هل تعتقد إن كل شيء يسير كما تريد ...؟!"

+


قبض على ذراعها مائلا نحوها بوجهه يخبرها بأنفاس مشتعلة :-

+


" قدرنا أن نكون سويا يا توليب ... قدرنا الذي لا فرار منه ..."

+


حاولت دفعه لوهلة عندما ضربتها أنفاسه المحتدة وهو يضيف بصلابة :-

+


" سنصل إلى حل وسط ... لا بد أن نصل إلى نقطة إتفاق تجمع بيننا ..."

+



        
          

                
أكمل وشفتاه تتقدمان نحو شفتيها أكثر :-

+


" لن أتخلى عنك يا توليب ... لن أتركك بعدما وجدتك ..."

+


مس شفتيها بشفتيه مرددا بأنفاس حارة :-

+


" أبدا ... أبدا يا توليب ..."

+


أغمضت عينيها لوهلة تخضع لسحر أنفاسه وكلماته التي تدغدغ مشاعرها لكنها سرعان ما إستيقظت ودفعته بعيدا تخبره بتحدي :-

+


" لا يسير كل شيء كما تريد يا إياس .. القرار بيدي في كل الأحوال ..."

+


أضافت بنظرات ثابتة :-

+


" وما رأيته حتى الآن منك لا يشجع على خطوة كهذه إطلاقا ..."

+


همت بالتحرك ليحاصرها بجسده مرددا :-

+


" توقفي عن دلالك ..."

+


 " أنا لا أتدلل ولست من هذا النوع أساسا ..."

+


قالتها بذقن مرفوع وهي تضيف :-

+


" والآن دعني أذهب .. إنه زفافي شقيقي ولا يصح أن أبقى طوال هذه المدة خارج القاعة ..."

+


" توليب ..."

+


قالها بينما يضيف بجدية :-

+


" أنا جاد في حديثي ... لا طلاق ... "

+


أخبرته بصلابة :-

+


" سنتحدث فيما بعد يا إياس ..."

+


" لحظة ..."

+


توقفت بنفاذ صبر عندما فوجئت به يقبض على خصرها بكفيه بينما شفتاه تفترسان شفتيها بقبلة تجاوبت معها رغما عنها قبلما تدفعه بعد لحظات متملصة منه عندما إبتعد بشفتيه عن شفتيها قليلا يهمس لها بنبرة مشحونة :-

+


" إشتقت لكِ يا وردتي الجميلة ..."

+


احتقنت وجنتيها تماما بينما تتحرك سريعا يتبعها هو ليجدا فيصل في وجههما بينما يدلفان القاعة يخبرها بضيق :-

+


" كنت أبحث عنك ..."

+


" ماذا حدث ..؟!"

+


سألته بقلق بينما إياس يقف خلفها متعجبا مما يحدث ليهتف فيصل بوجوم :-

+


" نغم فقدت وعيها فجأة ..."

+


صرخت توليب :-

+


" ماذا تقول ..؟! لماذا وكيف حالها الآن ..؟!"

+


قال بجدية :-

+


" هي مع راجي في غرفة جانبية تستريح قليلا ... يبدو إنها تعرضت للإجهاد الفترة السابقة ..."

+



        
          

                
عقد حاجبيه متسائلا بينما يتفحص عينيها المحمرتين :-

+


" هل كنت تبكين ..؟!"

+


تابعت توليب أنظاره التي توجهت نحو إياس بحدة لتقول بسرعة :-

+


" كلا ، لم أكن أبكي بالطبع ..."

+


أضافت وهي تقبض على كفه :-

+


" خذني إلى نغم ...."

+


قال بسرعة :-

+


" اذهبي أنتِ إليها ..."

+


أشار لها نحو اتجاه الغرفة ورقمها بينما عاد نحو إياس ليتقدم خطوتين نحوه يخبره بملامح تحمل صرامة لم يره إياس عليها من قبل :-

+


" توليب شقيقتنا الوحيدة .. الصغيرة ... المدللة .. "

+


أضاف يهمس بصلابة :-

+


" دائما تذكر إن خلف توليب أربعة رجال لا يترددون لحظة في تدمير من يمسها بسوء أو يفكر حتى بذلك ..."

+


" ما مناسبة هذا الكلام ..؟!"

+


سأله إياس بخفة ليرتب فيصل على كتفه مرددا بسخرية :-

+


" ملاحظة صغيرة عليك أن تنتبه لها إذا كنت لم تفعل من قبل ..."

+


تحرك بعدها مغادرا يتابعه إياس بملامح واجمة فحتى أصغر أشقاؤها والذي بدا مرحا عكس البقية يحمل جانبا حادا قويا كبقية أشقاؤه ...!

+


***


+


جلس راجي بجانب نغم الممددة على السرير تخبره برجاء :-

+


" أنا بخير يا راجي ... حقا بخير ..."

+


أضافت وهي تقبض على كفه ترجوه :-

+


" دعنا نعود إلى قاعة الحفل ..."

+


" الحفل قارب على الإنتهاء أساسا ..."

+


قالها بينما يضيف وهو يربت على كفها :-

+


" كما إنني أريد الإنفراد بك ... ألا يكفي إنني لم أرك سوى قليلا طوال الأسبوع السابق ...؟

+


ابتسمت برقة وهي تخبره مستلمة :-

+


" حسنا ... "

+


تقدمت توليب إلى الداخل بعدما طرقت الباب وسمحا لها بالدخول متسائلة بقلق :-

+


" هل نغم بخير ..؟!"

+


ابتسمت نغم مجيبة بينما تعتدل في جلستها :-

+



        
          

                
" أنا بخير حبيبتي .. لا تقلقي ..."

+


ابتسمت توليب وهي تقبض على كفها تخبرها :-

+


" بسبب إجهاد الفترة السابقة ..."

+


اومأت نغم برأسها مخفية توترها بينما قالت زهرة التي تقدمت إلى الداخل بجانب همسة وخلفها والدة نغم :-

+


" ربما بسبب الحسد ... ألا ترين جمالها ماشاءالله عليها ...؟! الجميع يتحدث عنها وعن جمالها .... "

+


أضافت وهي تجلس بجانبها على السرير بعدما فسح راجي المجال لها لتتقدم :-

+


" حبيبتي حماك اللهِ وحفظك من عيون الحساد ... "

+


قالت والدتها التي جاورتها من الجهة الثانية:-

+


" بقيت أقرأ المعوذات طوال الحفل ... خفت عليها كثيرا من عيون الجميع ..."

+


قالت زهرة تؤديها :-

+


" وأنا كذلك ... حماها الله وحفظها ..."

+


ترقرقت عيني نغم بالعبرات وهي ترى ما يحدث حولها وما تسببت به للجميع من قلق ...

+


شعر راجي بذلك فقال سريعا محاولا احتواء الموقف :-

+


" ما رأيكم أن تعودون إلى القاعة أفضل وتطمئنوا الجميع ...؟! "

+


أيدته همسة بدورها :-

+


" راجي معه حق .. كما إن نغم بخير الحمد لله وراجي جانبها ... نتركهما سويا يستعدان لرحلتهما ويستريحان قليلا قبلها بينما ننهي نحن الحفل .."

+


ناظرها راجي بإمتنان وقد قالت دون أن تدرك ما يريده بينما نهضت زهرة من مكانها تهتف بجدية :-

+


" معك حق يا همسة ..."

+


تقدمت همسة نحوها تعانقها وهي تخبرها :-

+


" مبارك لك الزيجة مجددا ... "

+


عانقتها زهرة بدورها :-

+


" حبيبتي ... لو تعلمين مدى سعادتي بإنضمامك لعائلتنا ... "

+


ابتسمت لها نغم بعينين دامعتين وحنان هذه المرأة المتدفق منها ورقيها جعلها تحبها بشدة رغم لقائهما لمرات قليلة منذ خطبتها من راجي ...

+


دلف عابد بعدها يطمئن عليها للمرة الأخيرة خلفه أولاده الثلاثة وجيلان التي وقفت جانبا تتابع ما يحدث ثم أتت زمرد مع سولاف حيث إطمئن عليها الجميع وباركوا لها ولراجي زيجتهما للمرة الأخيرة ...

+



        
          

                
تقدم عابد أولا لتحاول نغم النهوض لكنه أوقفها وهو يميل عليها مقبلا جبينها مباركا لها :-

+


 " بارك الله لكما هذه الزيجة ووفقكما و رزقكما بالذرية الصالحة ..."

+


شكرته  نغم ثم جاء دور راغب الذي بارك لها بدوره وخلفه مهند الذي رأته يبتسم لأول مرة منذ معرفتها به تتبعه جيلان ثم زمرد والبقية ...

+


تأملت نغم تلك العائلة بما يحملونه من لطف ومودة بحسرة تشكلت داخلها وتمنت لو إنها كانت تنتمي لهم منذ البداية ولو بإستطاعتها أن تبقى معهم إلى الأبد ...

+


غادر الجميع بعدها وبقي والديها اللذين ودعانها بحرص ليغلق راجي الباب ويتقدم نحوه جالسا عندها فتسارع وتضم نفسها بين ذراعيه فيشدد هو من عناقها يخبرها بصدق :-

+


" أحبك ... أحبك كثيرا يا نغم ..."

+


رفعت عينيها الدامعتين نحوه تخبره :-

+


" وأنا لم أحب أحدا سواك ..."

+


ابتعدت قليلا عنه تخبره بصدق :-

+


" أشكرك على هذه السعادة التي عشتها بسببك ..."

+


جذب كفها يقبله قبلما يخبرها :-

+


" بل أنا من يشكرك يا نغم .. بعودتك إلى حياتي أنعشت قلبي الذي بقي باردا دونك  لسنوات فاقدا للمشاعر الرائعة التي أحياها معك ..."

+


عاد يعانقها بحب متنهدا براحة تملكت منه لوهلة وشعوره بها بين ذراعيها كان أجمل ما يكون ...

+


*****

+


اندفع كرم إلى داخل الشقة تتبعه هالة التي همت أن تصيح به لتتفاجئ بهايدي أمامها تتقدم نحو شقيقها تتسائل بقلق :-

+


" تأخرت كثيرا ... قلقت عليك ..."

+


احتدت عينا هالة التي رمت حقيبتها جانبا واندفعت تصيح بها :-

+


" أنت هنا إذا ... وبالطبع أنت سبب ما حدث الليلة ..."

+


اتجه كرم يجلس على الكنبة بوجوم بينما عقدت هايدي ساعديها أمام صدرها :-

+


" ومالذي حدث إن شاءالله ...؟! بالتأكيد مصيبة جديدة بسببك أنت و ذلك الوغد ..."

+


صرخت هالة وقد فقدت صبرها تماما :-

+


" يكفي .. يكفي حقا .. لقد سئمت منك ... لا يمكنني تحملك بعد الآن ..."

+


تقدمت نحوها تصرخ بها :-

+


"غادري حالا ... لا أريد رؤية وجهك هذا مجددا ...اخرجي من حياتي ..."

+



        
          

                
" إنها شقة شقيقي يا هانم ... هل نسيت ذلك ..؟!"

+


اتجهت هالة ببصرها نحو كرم الصامت لتعود ببصرها نحوها تخبرها :-

+


" سأغادر شقته حالا فأنا لا يمكنني تحمل المزيد ..."

+


همت بالتحرك لكنها توقفت تقابلها بينما هايدي تنظر إليها بإستخفاف فتخبرها هالة بصلابة :-

+


" ليكن بعلمك ... أنت من تسببت بكل هذا الخراب ..."

+


" ها قد بدأنا الآن .. الهانم تلقي ذنوبها علي ..."

+


قالتها هايدي ساخرة لتصيح هالة :-

+


" بل أنت صاحبة الذنب الأكبر .. وأنت من تسبب بالأذى الأكبر لشقيقك .. وما زلت تتسببين بالأذى له ولا ترغبين بالتوقف عن ذلك فقط كي ترضي غرورك ...."

+


اشتعلت عينا هالة وهي تضيف بحقد :-

+


" فقط كي تنتقمي لنفسك وكرامتك المهدورة على يد إبن الهاشمي الذي تلاعب بك ... "

+


شهقت هالة بينما حطت كف هايدي فوق وجنتها لتشتعل عيناها تماما بينما تصيح هايدي بها :-

+


" إخرسي أيتها الحقيرة ..."

+


كان كرم يتابع ما يحدث بنظرات واجمة عندما صاحت هالة :-

+


" الحقيرة هي أنت ..."

+


أضافت وهي ترسم على شفتيها إبتسامة مستفزة :-

+


" تؤلمك الحقيقة .. حقيقة إنه كان يتلاعب بك ... لأجلي ... لأجلي أنا يا حلوة .. "

+


تقدمت خطوتين نحوها تهتف بنظرات قوية حادة :-

+


" لا تتقبلين حقيقة إنه لم يكن يراكِ من الأساس رغم كل محاولاتك لذلك بينما كان يجري خلفي طوال الوقت ... حقدك عليَ يعميك عن أي شيء آخر حتى عن شقيقك  ... كل ما يهمك هو أن تنتقمي مني وتتسببين بالأذى لي كي تنتقمين لنفسك وكرامتك حتى لو كان ذلك لا يؤذيني لوحدي بل يؤذي شقيقك أيضا ..."

+


انتفض كرم صارخا :-

+


" يكفي ... من تظنين نفسك لتتحدثي معها هكذا ...؟!"

+


" كلا لا يكفي ..."

+


صاحت بها هالة وقد فقدت أعصابها بينما تماسكت هايدي وهي تخبره :-

+


" دعها تخرج ما تحمله في جبعتها من سواد وحقد دفين ..."

+


" سأفعل ... سأقول كل ما لدي ...."

+


قالتها هالة بينما تصيح هذه المرة به :-

+


" أنت إبقى هكذا ... دافع عن شقيقتك التي لا تكف عن تدميرك بأنانيتها وحقدها الغير مبرر ..."

+



        
          

                
أضافت ضاحكة بتهكم :-

+


" بينما أنا كالحمقاء أحاول مساعدتك وأسايرك متفهمة حجم معاناتك ترفضني 

+


وتقسو عليّ بينما تتحول كالفأر أمامها تستمع لما تقوله وتنفذه دون تفكير حتى ..."

+


تشكلت الدموع داخل عينيها رغما عنها مضيفة بينما عيناه تشتعلان بغضب متقد :-

+


" كنت تقول إنك عاجز ... نعم أنت عاجز ...."

+


اتجهت بعينيها نحو هايدي تصيح والدموع تشق طريقها فوق وجنتيها  :-

+


" أنت عاجز أمام سموم شقيقتك ... عاجز أن تتحرر من سيطرتها ..."

+


استرسلت تجهر بخيبتها :-

+


" أنا التي أحببتك وتحملت الكثير منك ... تركت من كان يحبني بصدق وبقيت معك بدافع الحب أولا ولكن أنت لم تكن تستحق ذلك .. لم تستحق حبي .. لم تستحق تضحيتي لأجلك ولا حتى تستحق ما تحملته طوال الفترة السابقة لأجل ارضائك ومساعدتك .. أنت .. "

+


تشكلت غصة مريرة داخل حلقها بينما خرج صوتها الأخير مبحوحا باكيا مثل بكاء روحها في هذه اللحظة :-

+


" أنت لا شيء.. لا شيء .. "

+


اندفع يقبض على ذراعها بينما هايدي تتابع ما يحدث بإستمتاع :-

+


" ماذا تنتظرين ... ؟! إذهبي له ..."

+


" لن أذهب لأحد ..."

+


صرخت بها وهي تضيف بسخرية مريرة :-

+


" ولن أبقى هنا ... سأتركك يا كرم ... سأتركك دون رجعة .. أنا لن أبقى مع رجل مثلك ... لست الرجل الذي يمكنني البقاء معه .. لن أخدع نفسي أكثر .. على ما يبدو إن هذه حقيقتك التي أخفيتها عني لسنوات وظهرت الآن بوضوح ...."

+


تحركت متجهة نحو غرفتها لتتوقف على صوت هايدي :-

+


" إلى أين ...؟!"

+


التفتت هالة نحوها تخبرها بثبات :-

+


" سأجمع أغراضي وأغادر ..."

+


" تغادرين هكذا ... بفستانك هذا ... "

+


قالتها هايدي بتحدي عندما اتجهت هالة ببصرها نحو كرم لتجد وجهه جامدا تماما وعلى ما يبدو إنه ما زال متأثرا بكلماتها ...

+


ارتسمت ابتسامة باردة فوق شفتيها بينما تعاود النظر نحو هايدي تخبرها ببرود :-

+


" سأذهب ... أساسا حتى أغراضي لا أريدها .. لا أريد أي شيء يذكرني بهذه الفترة الحقيرة ..."

+


اتجهت هايدي نحوها تدفعها وهي تردد :-

+


" هيا إذا ...إذهبي ... ماذا تنتظرين .. مع السلامة .. ذهاب بلا عودة ان شاءالله ..."

1


ثم دفعتها إلى الخارج مغلقة الباب خلفها بعنف لتتوقف هالة مكانها لثواني تحاول أن تستوعب ما حدث قبل قليل وكأنها كانت في ماراثون خرجت منه مدمرة تماما ...

+


اتجهت تجر أذيال خيبتها معها حيث جلست في سيارتها بصمت وهي لا تعرف إلى أين تذهب ...

+


هل تذهب إلى قصر العائلة وتخرب فرحتهم بزواج راجي وتتسبب بإلغاء سفرة شقيقتها وراغب ...؟!

+


كلا لن تفعل ذلك ...

+


هم لا يستحقون أن تسرق فرحتهم سريعا ...

+


لكن إلى أين تذهب ...؟!

+


لا مكان لديها ...

+


ترقرقت الدموع داخل عينيها مجددا ولأول مرة منذ زمن تتذوق هذا الشعور من جديد ..

1


شعور اليتم الذي ظنت إنه غادرها ...

+


الآن فقط أدركت معنى أن تكون يتيمة بلا أبوين ...

+


***


+


فتحت عينيها بصعوبة ....

+


لم تستوعب في بادئ الأمر ما يحدث وأين هي ...

+


تشعر بجسدها يؤلمها دون إدراك لما حدث ....

+


بقيت على هذه الحال لفترة تحاول أن تستعيد كامل وعيها وإتزانها ....

+


استعادت وعيها تدريجيا بينما تجاهد للاعتدال في جلستها عندما تجمدت لوهلة وهي تستوعب عريها تماما فلا يسترها أي شيء ...

+


صرخت بفزع وهي تستوعب حالتها قبلما تجذب الغطاء المرمي جانبا تستر به جسدها ...

+


بدأت ذاكرتها تسترجع تدريجيا ما حدث ...

+


اتسعت عيناها بجزع قبلما تنتفض من فوق  السرير المبعثر فتسقط عينيها على بقعة حمراء صغيرة جعلت الدموع تتراكم داخل عينيها ...

+


أخذت تهز رأسها نفيا وهي تتحرك إلى الخلف بينما دموعها تتساقط فوق وجنتيها حتى إصطدم ظهرها أخيرا في الحائط خلفها لتسقط بجسدها على الأرض وتطلق صرخة جهورية محملة بالوجع والضياع بينما في ذات الوقت كان هو يستمع  لذلك النداء الذي يخبره بموعد إقلاع طائرته بعد دقائق لينهض من مكانه مرتديا نظارته الشمسية متجها إلى المكان المنشود حيث سيطير إلى كندا بعد دقائق قليلة ....

4


يتبع

+




                                    
تجلس أمام جهاز الحاسوب منذ حوالي أربعة ساعات حيث تعمل عليه دون توقف ...

+


منذ قرارها بالبدء رسميا بتحضير شركتها الخاصة في مجال الألكترونيات وهي تعمل على قدم وساق ...

+


كان قرارها مجنونا في نظر الكثير فهي باعت حصتها في شركة والدها لعمار تاركة تلك الشركة التي تحمل إسم والدها والتي إنتمت لها لسنوات وعملت فيها بمثابرة وباتت ركن أساسي بها ...

+


تركت كل شيء في قرار نهائي لا رجعة فيه متجاهلة محاولات بعض المدراء بإثنائها عن ذلك القرار بينما كانوا ينتظرون توليها الإدارة بعد سجن أخيها الذي سيستمر لأعوام ...

+


لم تعد تريد أي شيء يربطها بالماضي وبما يخص والديها ...

+


تريد التحرر من ذلك بشدة ...

+


تشعر إن ذلك سيخفف عنها ذنوب كثيرة رغم إن معظمها لم يكن لها دخل فيها ...

+


بين شعور الذنب والخذلان من أقرب الناس إليها تشتتت هي كليا ناهيك عن خوفها من لعنة أفعال والدتها التي ربما ستصيبها هي يوما ما ...!

+


مشاعر كثيرة تختلج داخلها تحاول في الفترة الأخيرة أن تسيطر عليها ...

+


تتجاهلها في أوقات كثيرة بينما تتمكن منها تلك المشاعر وتهزمها في أوقات أخرى ...

+


علاقتها مع زوجها تسير بين شد وجذب ..

+


تلك العلاقة التي لن تصل إلى طريق السلام حتى تكسب رضا والدته عليها ..

+


نعم بات هذا الأمر يشكل لها هاجسا حقيقيا ...

+


رفض والدته يذكرها برفض جدتها لديانا ...

+


ربما لعنة ديانا ستكون من نصيبها هي ...

+


في النهاية والدتها من دمرت تلك المرأة وحطمتها وظلمتها بأقسى الطرق ...!

+


تنهدت بتعب وهي تغلق حاسوبها وتضعه جانبا مفكرة إن قرارها بإنشاء شركة صغيرة مبدئية تعود من خلالها إلى ميدان العمل ساعدها كثيرا حيث شغلها عن تلك الأفكار بينما تتعمد هي أن تستغل معظم وقتها في العمل الذي تتخذه فرصة للهروب من أفكارها ...

+


سحبت هاتفها تنظر إلى الساعة لتجد إن وقت عودة زوجها بات قريبا ...

+


نهضت من مكانها واتجهت نحو خزانة ملابسها تسحب لها فستانا أنيقا وضعته فوق سريرها بحرص قبل أن تتحرك مغادرة غرفتها متجهة إلى الطابق السفلي حيث إتجهت إلى الطباخة تخبرها عن ضرورة الإنتهاء من تجهيز العشاء سريعا كي يصبح جاهزا حالما يصل زوجها ...

+



                
من حسن حظها إن زوجها بدوره غارقا في أعماله الكثيرة هذه الفترة مما جعلهما لا يلتقيان إلا وقت النوم في أغلب الأحيان ...

+


عادت تصعد إلى غرفتها في الطابق العلوي تجهز الحمام لها بالشكل الذي تحبه قبلما تجلس بجسدها العاري وسط المياه الدافئة في بانيو الإستحمام تتنعم بذلك الهدوء الذي تحصل عليه وسط فقاعات الصابون ذات الرائحة المميزة مع إضاءة خافتة وورود جذاب منتشرة في المكان وصوت موسيقى هادئة يصدح في المكان ... 

+


كانت مسترخية تماما مغمضة عينيها تتنعم بلحظة صفاء نجح الجو الذي أعدته في منحه إياها ...

+


بقيت لمدة لا بأس بها قبل أن تتنهد مدركة إن عليها النهوض ...

+


تلاعبت بالفقاعات قليلا قبلما تشرد في أفكارها لوهلة متذكرة لقائها البارحة مع زوجة شقيقها وقضائها اليوم برفقتها في ظل غياب شقيقها الذي ينغمس بدوره في عمله فتتذكر حديثها عن تعب الحمل الذي يتزايد مع إقتراب موعد ولادتها لتتذكر بدورها إن عدة أشهر مرت على زواجها دون حدوث حمل ...

+


في البداية لم تفكر قليلا ولكنها في الفترة الأخيرة بدأ القلق يساورها رغما عنها ...

+


تفكر في الذهاب إلى طبيبة نسائية لكنها تتراجع وهي تخبر نفسها إن تأخر الحمل أمر طبيعي فلم يمر على زواجهما سوى بضعة أشهر ...

+


نهضت من مكانها وسارعت تجذب منشفتها تلفها حول جسدها قبلما تتحرك مغادرة المكان لتجد فادي ينتظرها جالسا فوق سريره بملامح مرهقة راميا حذاءه جانبا وأزرار قميصه العلويه مفتوحة ...

+


تأملها بتمعن لوهلة وجسدها البض بلون وردي جذاب مع خصلات شعرها المبللة وملامح وجهها التي تحمل فتنة طبيعية لا خلاف عليها جعلته يبتسم بتكاسل وهو يتمتم :-

+


" جلسة استرخاء كالعادة ..."

+


ابتسمت تخبره بهدوء :-

+


" نعم ، عدت مبكرا قليلا فأنا ضبطت المنبه قبل وقت عودتك بقليل ..."

+


نهض من مكانه يتقدم نحوها يخبرها بخفة :-

+


" انتهى عملي مبكرا اليوم ..."

+


أضاف وهو يصل إليها بينما عيناه تتأملانها بتوق :-

+


" محظوظ ، أليس كذلك ...؟!"

+


فطنت لمغزاه فسارعت تحاوط رقبته بكفيها تخبره بغرور مفتعل :-

+


" زواجك مني يكفي ليدرك الجميع إنك الرجل الأكثر حظا في هذا العالم ..."

+


مال نحوها قليلا بوجهه يخبرها مشاغبا :-

+



        

          

                
" مغرورة ... "

+


أضاف وفمه يميل نحو فمها :-

+


" ويليق بك الغرور كثيرا ...."

+


ذابت بين ذراعيه وهي تبادله قبلته بتوق معتاد بينهما ...

+


رغم كل شيء يجري حولهما ورغم صراعاتها الداخلية و ربما صراعاته هو أيضا يبقى العشق بينهما  حقيقة ثابتة لا شك فيها ...

+


تململت بين ذراعيه بعد مدة قصيرة تخبره وهي تعتدل في جلستها بعدما لفت الغطاء حول جسدها :-

+


" تأخر موعد العشاء ..."

+


" دعيني أنام ... "

+


قالها وقد تمكن النعاس منه لتنظر نحوه بشفقة قبلما تمد أناملها تلمس خصلاتها السوداء الكثيفة وهي تتسائل :-

+


" كيف والدتك ..؟!"

+


كانت تعلم عن زياراته الإسبوعية لوالدته فهو بقي حريصا على وصالها حتى لو قابلته بجفائها المعتاد ...

+


كم تحب ما يفعله ...

+


لا يعلم كم كبر بعينيها وهو يفعل ذلك ...

+


يتجاهل جفاء والدته بل رفضها لوجوده متمسكا بواجبه إتجاهها ...!

+


تحبه ... تحبه بحق وممتنة لإن نصيبها كان معه ...

+


نادت عليه مجددا فتمتم بنبرة تدل على بداية غفوته :-

+


" نعم ..."

+


مالت اتجاهه قليلا تتأمل ملامحه التي باتت تراها الأوسم في العالم أجمعه :-

+


" أريد طفلا منك ... صبيا يشبهك ... يشبهك في كل شيء ..."

+


ثواني وفتح عينيه ببطأ قبلما ترتسم إبتسامة هادئة فوق ثغره ...

+


جذبها نحوه لتنام بين ذراعيه يخبرها بصدق :-

+


" وأنا أريد ذلك أكثر منك ..."

+


ابتسمت تخبره بينما أناملها تتحرك فوق صدره العاري :-

+


" أفكر أن أذهب إلى طبيبة نسائية ..."

+


عقد حاجبيه وقد بدأ يستعيد القليل من يقظته  :-

+


" لماذا ...؟!"

+


هزت كتفيها تجيب ببساطة :-

+


" مجرد إجراء روتيني للتأكد من عدم وجود أي مشاكل لدي ..."

+


قال بجدية مدركا مخاوفها دون أن تنطقها :-

+


" حملك لم يتأخر للدرجة التي تجعلك تذهبين بها إلى الطبيبة ..."

+



        
          

                
" أعلم ..."

+


قالتها بهدوء قبلما تضيف بإستسلام فحديثه منطقي وما تخشى منه ليس منطقيا حتى الآن :-

+


" معك حق ..."

+


" والآن دعيني أنام ..."

+


قالها وهو يجذبها نحو صدره مجددا لتخبره وهي تبتعد عنه :-

+


" والعشاء .. طلبت من الخادمة تجهيزه و ..."

+


قاطعها وهو يجذبها مجددا يخبرها بينما سلطان النوم يتمكن منه سريعا :-

+


" نامي اليوم بين ذراعي ... لن تموتي إذا لم تتناولي عشائك ...!"

+


ابتسمت مرغمة وهي تستسلم لأحضانه برحابة فتغمض عينيها مستمعة بهذا السلام الذي يحاوطهما متجاهلة مخاوفها التي باتت تلاحقها أغلب الوقت ...

+


لا تعرف كم مر من الوقت حتى إستيقظت بفزع على صوته وهو يتحدث مع أحدهم بنبرة تجمع بين العصبية والقلق ...

+


سارعت تنهض من مكانها تجذب روبا ترتديه فوق جسدها ثم تتجه نحوه بخطوات متعثرة تسأله وهو الذي أنهى اتصاله وظهر الخوف صريحا على ملامحه :-

+


" ماذا حدث يا فادي ...؟!"

+


نظر لها بملامح لم ترها عليه مسبقا بينما يخبرها بصوت خافت :-

+


" أمي يا غالية ..."


+


******


+


بعد منتصف الليل ..

+


الفجر يقترب وهي لم تعد إلى منزلها ...

+


عقلها لا يستوعب ما عايشته بعد ...

+


طوال سنوات عمرها كان الخوف جزءا لا يتجزأ من مشاعرها ...

+


ذلك الخوف الذي وقف حاجزا بينها وبين الكثير من الأشياء ...

+


خوف مدجج بشخصية هشة حساسة للغاية ساهمت الأيام والمواقف في تعزيز هشاشتها وضعفها حتى باتت تفتقد الكثير وما تملكه لا يساوي  شيء ...

+


اليوم وفي هذه اللحظة تحديدا تشعر بوجع لم تعش مثله طوال سنواتها السابقة ...

+


وجع مدجج بخوف بل رعب وصدمة مازالت تحتلها ...

+


صوت رنين هاتفها جعلها تستيقظ من جمودها المؤلم ...

+


بالكاد إستطاعت الوقوف وهي تجر قدميها بصعوبة بينما اللحاف يغطي عري جسدها ...

+


توقفت في منتصف المكان تنظر لإنعكاس صورتها في مرآة طويلة ظهرت هي كاملة لتتحرك عيناها برهبة فوق جسدها الذي يستره لحاف ثخين ...

+



        
          

                
هل سترها بالفعل ..؟!

+


كلا بالطبع ...

+


لم يعد هناك ما يسترها ...

+


جسدها منتهك ...

+


جسدها إمتلكه رجل ممارسا رجولته عليها ...

+


رجل نال عذريتها و حرمة جسدها بكل تجبر ممكن ...

+


تساقطت دموعها وعقلها يصور لها مشهدا له وهو ينتهكها بتلك الطريقة البشعة ...

+


تهز رأسها رفضا لتلك الصور التي تمر أمام عينيها ترفض أن تصدق ذلك ولكن عري جسدها يثبت لها ذلك بقوة ...

+


عاد رنين هاتفها يرتفع بينما كل شيء بها منهار تماما ...

+


تحركت بخطوات متعثرة ودموعها تتساقط فوق وجنتيها بغزارة وما إن سحبت الهاتف ورأت إسم والدتها يرن فوق شاشته حتى علا صوت بكائها تدريجيا وتحول إلى نحيب حاد ...

+


سقطت بجانب السرير وبكت  حتى شعرت بأنفاسها تختنق داخل صدرها بينما تفقد سيطرتها على جسدها وإنفعالاتها تماما ...

+


عاد الهاتف يرن وهذه المرن تبع رنينه رسالة مضمونها :-

+


" أين أنتِ يا أروى ...؟! قلقنا عليك كثيرا ... أجيبينا يا إبنتي ... جميعنا نحاول الوصول إليك دون فائدة ...."

+


شهقت باكية مجددا وكلمات والدتها تضاعف من ألمها وضياعها ...

+


سقط الهاتف من يدها ونحيبها يخفت وأنفاسها تضيق تدريجيا ...

+


بدأت الرؤية تتشوش أمامها بينما تفقد سيطرتها على جسدها تدريجيا في نفس الوقت حتى إستسلمت لتلك الدوامة الضبابية التي جرفتها  وسقطت فاقدة للوعي ...


+


***

+


كان يتحرك بعصبية ينتظر إتصال صديقه الذي كان يبحث عن موقع وجودها من خلال رقم هاتفها والذي من حسن حظهم إنه بات مفتوحا ...

+


نحيب والدته وشقيقته ضاعف من قلقه وتوتره فأخبرهم وهو يهم بالمغادرة :-

+


" سأغادر وأبحث عنها مجددا ..."

+


قالت رحاب من بين بكائها :-

+


" أبلغ الشرطة يا نادر ..."

+


هتفت نرمين باكية :-

+


" لن يبحثوا عنها قبل أربعة وعشرين ساعة ..."

+


" كان يجب أن تخبروني بغيابها منذ أن تأخرت بالعودة ..."

+


تمتمت نرمين مبررة بينما والدتها تبكي دون توقف :-

+



        
          

                
" كانت في زفاف صديقتها .. والزفاف ينتهي متأخرا و .."

+


توقفت لوهلة تحاول السيطرة على شهقاتها الباكية قبلما تضيف :-

+


" كنا نائمتين و ..."

+


قاطعها سريعا وهو يستمع لرنين هاتفه  :-

+


" يجب أن أذهب الآن ..." 

+


ثم تحرك مغادرا المكان تتبعه صيحات والدته وهي ترجوه :-

+


" أخبرنا حالما تجدها أو تعرف شيئا عنها ..."

+


أما في الخارج أخبره صديقه بموقعها لتتسع عيناه بعدم تصديق قبلما يؤكد له الأخير إنه أرسل له الموقع على الهاتف ...

+


أنهى إتصاله سريعا مع صديقه الذي عرض عليه أن يرافقه لكنه رفض سريعا  ...!

+


قاد سيارته بسرعة بالغة وعقله يصور له أسوأ السيناريوهات وأبشعها ...!

+


لا يعرف أي شيء ولم يكن يعرف بشأن هذا الزفاف اللعين فهو كان في مناوبة منذ ثلاثة أيام متواصلة حتى فوجئ بشقيقته تتصل به بعد منتصف الليل تخبره عن غياب شقيقتها منذ ساعات ...

+


جن جنونه وسارع يبحث عنها بينما هاتفها كان مغلقا في البداية ...

+


اتجه إلى الشرطة التي أخبرته إنهم سيبدئون بالبحث عنها حالما تمر أربعة وعشرين ساعة على إختفائها ...

+


كاد أن يجن جنونه وهو يحاول الوصول إليها بينما يكرر إتصاله دائما على أمل أن يجد هاتفها مفتوحا وقد حدث وفوجئ بهاتفها يُفتح بعد منتصف الليل قرابة الفجر ليسارع ويحاول الإتصال دون إجابة وكذلك والدته ليحسم أمره ويستعين بصديقه الذي إستطاع أن يجد له موقعها ...

+


وصل إليها بعد حوالي ساعة كاد أن يجن فيها ويفقد سيطرته على قيادته أكثر من مرة ...

+


إندفع يهبط من سيارته متوجها نحو ذلك المنزل المهجور في عرض الصحراء ...

+


توقف لوهلة وأنفاسه تحتدم داخل صدره برهبة ...

+


كلما تقدم أكثر كلما بات متأكدا أكثر مما سيراه ...

+


عقله يصور له أبشع ما يمكن ..

+


سيجدها مقتولة ....

+


هناك من خطفها وقتلها ...

+


عند هذه النقطة اقتحم المكان يبحث بعينيه عنها عندما تصنم وجهه وهو يراها مغمى عليها فوق أرضية المكان بجانب السرير العريض ...

+



        
          

                
جسدها ملفوف بلحاف لم ينجح في إخفاء قدميها العاريتين و كتفيها وبداية نحرها ...

+


هاله ما يراه لوهلة قبلما يركض نحوها منحنيا بجسده قربها محاولا إيقاظها ..

+


" أروى ..."

+


قالها بجزع وهو يجاورها جاذبا رأسها فوق فخذيه يضرب بكفه فوق وجنتها بخفة ..

+


بدأت ترمش بعينيها فعاد يكرر ندائه لاهثا :-

+


" إستيقظي يا أروى ... "

+


عقله ما زال عاجزا عن تصديق ما يراه رغم إن كل شيء بات واضحا ...

+


" إستيقظي أرجوكِ .."

+


قالها وهو يجاهد ليقاوم عبرات ملأت عينيه عندما فتحت عينيها أخيرا بصعوبة لتراه فوقها يتأملها بخوف فتهمس بصعوبة :-

+


" نادر .. أنت هنا ..."

+


" نعم ، أنا هنا يا حبيبتي ..."

+


قالها وهو يربت على وجنتها مجددا فتغمض عينيها مرة أخرى وتهمس بصوت ضعيف :-

+


" إنتهيت يا نادر ... إنتهى كل شيء ..."

+


أبعد رأسها من فوق فخذيه ونهض سريعا يبحث عن شيء يساعده في إعادة وعيها قبلما تتوقف عيناه فوق ذلك السرير الضخم فتلتقط سريعا تلك البقعة الحمراء التي تتوسط السرير ...

+


شحبت ملامحه كليا ومخاوفه باتت حقيقة ...

+


بقي متصلبا في وقفته للحظات وكفيه مضموتين بقوة شاهدا على إنتهاك شقيقته ... شرفه وعرضه ...

+


تقدم نحو الفراش وعيناه لا تتحركان بعيدا عن تلك البقعة ونار مستعرة تملأ صدره وتحرق روحه دون رحمة ..

+


لحظات واستند بكفه على السرير محاولا التماسك بعدما كاد يسقط بجسده من هول الصدمة ...

+


بقي ضاغطا فوق السرير بكفيه يتجاهل رغبة جسده بالإنهيار وعيناه ما زالتا مثبتتان فوق تلك البقعة ...

+


وبعد لحظات أخرى إنفجرت الدموع من عينيه ليسقط بعدها باكيا بعنف قبال دليل عذريتها الشاهد على إنتهاك حرمة جسدها ....

+


***

+


بعد دقائق قليلة نهض بتماسك وهو  يكفكف دموعه قبلما يتجه نحوها وهي التي كانت تهمهم بكلمات غير مفهومة ....

+


إتجه نحوها وإنحنى قرب جسدها لتفتح عينيها مجددا فتلتقي بعينيه الحمراوين بينما يخبرها هو بصوت مبحوح :-

+



        
          

                
" يجب أن نذهب ..."

+


ثم قبض على كفها يضغط عليه بدعم كان هو يحتاجه بقدرها :-

+


" هيا يجب أن تنهضي و ..."

+


لم يستطع التفوه بالباقي بينما همست هي بصوت منهك :-

+


" لا أستطيع ..."

+


شدد من قبضته على كفها بينما أغمضت هي عينيها بوهن :-

+


" أرجوكِ تماسكِ .. يجب أن نغادر بسرعة ..."

+


ثم نهض من مكانه يركض خارج المكان متجها نحو سيارته يأخذ منها قنينة مياه دائما ما يضعها هناك قبلما يعود ليجدها تتحامل على نفسها وهي تعتدل في جلستها وتمسك أطراف اللحاف بحرص ...

+


توقف قبالها لترفع عينيها نحوه فيرتعش جسده لتلك النظرة التي رآها في عينيها ...

+


نظرة إنكسار ممزوجة بضياع وضعف صريح جعله يشعر لأول مرة في حياته بالعجز القاهر ...

+


إنها شقيقته ... قطعة من روحه ...

+


كيف سيتحمل القادم ..؟!

+


كيف سينسى ما رآها عليه والأهم كيف سيتخطى تلك النظرة التي طلت من عينيها ..؟!

+


ما هي إلا ثواني وأخفضت عينيها هربا من عينيه ...

+


لا تعتقد إنها ستجرؤ على النظر إتجاهه مجددا بل لن تستطيع النظر إتجاه أي شخص كان ...

+


سار نحوها بصعوبة ومد كفه بقنينة المياه يخبرها بقهر مكتوم :-

+


" إشربي الماء ..."

+


همست بصوت خافت :-

+


" لا أريد ..."

+


ثم شدت اللحاف فوق جسدها أكثر وهي تهمس بصوت خافت مكسور وعينيها ما زالتا منخفضتين أرضا :-

+


" غادر الآن .. سأتبعك بعد قليل ..."

+


كتمت عبراتها بصعوبة بينما تنهد هو بألم وتحرك مغادرا المكان عندما نهضت  بصعوبة وهي تخبر نفسها أن تتماسك إذا لم يكن لأجلها فليكن لأجل شقيقها ولأجل والدتها المريضة التي لن تتحمل ما حدث ....!

+


تحركت بخطوات بطيئة وفي كل لحظة تتماسك كي لا تسقط أرضا ...

+


تشعر وكأن جسدها لا يعينها على الوقوف .. تشعر بجسدها هش لدرجة سيتحطم إلى عدة قطع في أي لحظة كما تحطمت روحها ...

+


توقفت قرب الفستان الملقى على الأرض وهي تستند على الحائط جانبها تنظر نحوه بملامح كارهة و تتمنى لو تمزقه كله بل تحرقه  ...

+



        
          

                
إنحنت بجسدها مرغمة وهي تجذبه لتظهر بقية ملابسها الداخلية فتفقد ثباتها مجددا وهي تنهار بقوة أكبر تبكي بقهر وعجز ...!

+


صوت نحيبها وصل إليه وهو الذي يقف خلف الباب ينتظر أن تنتهي من ارتداء ملابسها ...

+


اندفع دون تفكير نحوها ليجدها تستند بظهرها على الحائط خلفها وقد رفعت ساقيها نحو صدرها تحاوطهما بذراعيها وهي تبكي بإنهيار مؤلم ...

+


ركض نحوها وإنحنى جانبها يتسائل بينما يدير وجهها المرتعش خوفا أمام ذلك السرير الذي شهد إغتيال روحها :-

+


" مالذي حدث مجددا ..؟! اهدئي أرجوك ..."

+


" أموت .. أريد أن أموت ..." 

+


نطقتها بنفس الإنهيارقبلما تضرب بكفيها فوق فخذيها وهي تصرخ بلا وعي :-

+


" أريد أن أموت ..  أموت .. أموت ...."

+


لوهلة وقف عاجزا أمام ما تفعله بينما أخذت هي تضرب هذه المرة وجهها بكفيها وقد فقدت عقلها تماما ...

+


" أفيقي يا أروى .. "

+


قالها وهو يقبض على كتفيها يحاول تهدئتها وكفه ترفع اللحاف فوق جسدها قبلما ينزلق من عليه ...

+


إستمرت على حالتها تلك حتى إضطر أن يصفعها على وجهها بقوة وهو يصيح بأنفاس محتدة ألما :-

+


" أفيقي أرجوكِ ... يجب أن نغادر من هنا ..."

+


تطلعت له بملامح مشدوهة عندما هتف بصوت مترجي وهو يحاوط وجهها الذابل تماما بكفيه :-

+


" سأحل كل شيء ... أعدك بذلك ... لا تخشي شيئا بوجودي ... أنا شقيقك وسأكون جانبك فقط أعينني الآن ... أتوسل إليك ..."

+


إنهارت فوق صدره باكية بخفوت لتتساقط دموعه بدوره وهو يحاوطها بذراعيه ...

+


بعدما حدث لم ينهر عالمها وحده بل عالمه أيضا ...

+


ما تعرضت له طعن رجولته وشرفه بل وقلبه أيضا ...

+


هو لا يتحمل أن يمس الأذى أيا من شقيقتيه وخاصة أروى التي لطالما كان شعوره اتجاهها مختلفا لأسباب عدة ...

+


" أنا جانبك ..معك .."

+


قالها متوقفا عن البكاء وهو يضيف بثبات مصطنع :-

+


" أعدك إنني سأحل كل شيء ... وعد مني يا أروى ...."

+


لم يتطرق لتوعده لمن فعل هذا بالإنتقام والدمار ...

+



        
          

                
لن يلقي على مسامعه ما قد يتسبب بإنهيارها مجددا ....

+


أما هي فبدأت تسيطر على إنهيارها قليلا وكلمات شقيقها تجبرها على ذلك ...

+


عليها أن تعينه وهي التي لا تستطيع أن تعين نفسها ولو قليلا ...

+


ابتعدت من بين أحضانه وهو ترفع اللحاف بحرص تنظر إلى الفستان بملامح خائفة نافرة عاجزة أن ترتديه ...

+


لا تستطيع أن تضعه فوق جسدها مجددا ...

+


" لا يمكنني إرتداءه ..."

+


قالتها وهي تهز رأسها نفيا وفكرة أن تضعه فوق جسدها جعل جسدها يقشعر نفورا وإشمئزازا ...

+


أخذ نفسا عميقا وهو ينهض من مكانه مرددا يعجز :-

+


" يا إلهي .. ماذا أفعل ..."

+


دارت عيناه في المكان حوله يبحث عن أي حل قبلما يتجه نحو الخزانة يبحث فيها عن شيء مناسب  فيجدها فارغة ...

+


" أروى ، حاولي لأجلي .."

+


قالها وهو ينحني قبالها يرجوها أن ترتديه لتصرخ به :-

+


" لا أستطيع ... خلعه عني .. إغتصبني ..."

+


صاح وهو يكمم فمها غير قادرا على سماع المزيد :-

+


" هش ، توقفي ... بالله عليك توقفي..."

+


تساقطت دموعها مجددا عندما نهض هو من مكانه يتحرك بعشوائية يفكر في حل قبلما يحسم أمره وهو يخبرها :-

+


" انتظري لحظة ...."

+


غادر راكضا نحو سيارته يجذب رداءه الطبي الذي يرتديه وقت العمل وقد نسي  أمره ...

+


عاد به وهو يخبرها :-

+


" ارتديه .. بسرعة ...."

+


جذبته بلهفة بينما تحرك هو يغادر المنزل مجددا لتزيل اللحاف عنها بأنامل مرتجفة ثم تلبس الرداء سريعا حيث البنطال أولا ثم التيشرت ...

+


توجهت بعدها بقدمين حافيتين إلى الخارج لترفع وجهها المدمر بسبب البكاء نحوه فيهتف بتروي :-

+


" إذهبي إلى السيارة وسألحق بك بعد ثواني ..."

+


لم تسأله عن السبب حيث تحركت بآلية ونفذت ما يريد بينما سارع هو يجري اتصالا بنرمين يخبرها بقدومها معه ويمنحها مضطرا كذبة بكونها تعرضت للخطف من إحدى العصابات عن طريق الخطأ قبلما يسرقوا أغراضها الشخصية ويرمونها على قارعة الطريق فاقدة للوعي ...

+



        
          

                
كذبة ربما لن تنطلي عليهم لكن لا حل آخر أمامه ثم أنهى حديثه وهو يخبرها ألا يسألوها عن أي شيء لإنها منهارة كليا بعدما تعرضت له ...!

+


سارع بعدها يلملم ملابسها في كيس  ثم أخذ يدور بعينيه في المكان لتلتمع عينيه بوعيد آتِ لا محالة لذلك الحقير الذي إنتهك شرف شقيقته ...

+


تحرك سريعا متجها نحو السيارة ليجد شقيقته جالسة في الخلف تستند برأسها على النافذة جانبها ودموعها تتساقط دون توقف ...

+


قاد سيارته سريعا كي يصل بها إلى المنزل...

+


أوقف سيارته في الكراج ليجد والدته وشقيقته تقبلان عليه عندما سارع يفتح الباب لأروى وهو يمد كفه طالبا منها النزول ...

+


استندت على كفه وهي تنزل عندما جذبتها والدتها بلهفة :-

+


" أروى ، ماذا حدث يا حبيبتي ..؟! إرتعبت خوفا عليكِ..."

+


" ماما .."

+


قالتها بصوت خافت قبلما يرتخي جسدها بين أحضان والدتها فتسقط نحو الأرض فيسارع شقيقها يلتقطه بين ذراعيه ويسارع ويضمها لصدره وهو يتجه بها إلى الداخل وسط صراخ والدته وبكاء شقيقته وهما تتبعانه ...!

+


***
في قصر حاتم الهاشمي ...

+


يقف أمام المرآة يغلق أزرار سترته بينما تقف هي خلفه تحاوط خصرها بكفيها وهي تتمتم بغضب مكتوم :-

+


" والدتك بدأت تتحكم في أمور القصر يا حاتم وكأنها صاحبته ..."

+


" هي صاحبته بالفعل ..."

+


قالها وهو يلتفت نحوها ثم يضيف متجاهلا   إحتداد ملامحها :-

+


" إنه قصر ولدها يعني قصرها ولها فيه أكثر من الجميع ... أكثر مني حتى ..."

+


عقدت ساعديها أمام صدرها :-

+


" مالذي تريده بالضبط يا حاتم ...؟! ألا يكفي محاربتك لي طوال الفترة الماضية ..؟!"

+


" أنا لا أحاربك ..."

+


قالها بجدية وهو يضيف ببساطة :-

+


" أنا أتجاهلك ... "

+


ظهر الألم على ملامحها وهي تتمتم :-

+


" وتقولها ببساطة ..."

+


هتف بصلابة :-

+


" هذا نتاج أفعالك يا هانم ..."

+


هم بالمغادرة ليجدها تقف في وجهه فيهتف بملل و ضيق :-

+



        
          

                
" إبتعدي من أمامي يا زمرد ..."

+


هتفت بنبرة رقيقة للغاية تجيدها في مواقف كهذه :-

+


" كيف هنت عليك طوال الفترة السابقة ...؟! كيف تستطيع أن تتجاهلني بهذه الطريقة ..؟! كيف لم تشتق إلي ..؟!" 

+


" زمرد .."

+


هدر بها بجمود قبلما يخبرها بجدية :-

+


" لدي عمل كثير اليوم .. بالكاد سأتناول فطوري سريعا وأغادر إلى عملي ..."

+


همست بنعومة :-

+


" حسنا حبيبي ... إذهب وتناول فطورك فأنا لا يهون عليّ أن تغادر إلى عملك دون أن تتناول فطورك أولا ..."

+


هز رأسه بيأس منها ومن تصرفاتها التي بات يحفظها عن ظهر قلب ...

+


يفهمها جيدا ويدرك ألاعيبها ومكرها الأنثوي الذي تستخدمه بقوة ودهاء ضده ...

+


بقي يسايرها لسنوات متغاضيا عن الكثير فقط لإنه يحبها ولإنه يدرك جيدا كم تحبه وتحب أولادهما وإن بالغت في تصرفاتها كثيرا بل أكثر من اللازم ولكن ما فعلته وتسببت به من ألم لولده بل وتجرؤها على أن تنسب كلاما إليه لم يصدر منه جعله يتخذ موقفا حاسما هذه المرة وقد أدرك إن زرجته تتمادى أكثر مع مرور الوقت وعليه تحجيم ذلك بسرعة ...

+


إتجه إلى الطابق السفلي ومنه نحو طاولة الطعام ليجد والدته هناك تجلس على الطاولة وقبالها كلا من أثير وسولاف ..

+


سارع يقبل يدها بإحترام قبلما يخبرها معاتبا :-

+


" كم مرة سأطلب منك أن تجلسي على مقدمة الطاولة فهذا مكانك ..؟!"

+


" بل مكانك أنت يا حبيبي ..."

+


ابتسم بحنو وهو يتجه نحو مقعده مترأسا الطاولة ثم يلقي التحية على ولديه عندما طلت زمرد لتتجهم ملامحها سريعا وهي ترى حماتها قد أخذت مكانها كالعادة بجانب زوجها ...

+


جلست على مضض بجانبها وهي تلقي التحية بإقتضاب قبلما تنادي بعصبية خفيفة :-

+


" أين مشروبي الصحابي يا كارول ...؟!"

+


تمتمت فريدة بعدما إرتشفت القليل من الشاي :-

+


" لا أفهم إصرارك على الخادمات الأجنبيات بينما هناك الكثير من الفتيات المناسبات للخدمة في البلاد ... "

+


قالت زمرد بإقتضاب :-

+


"  أنا أنتقي خادماتي بعناية يا عمتي ..."

+



        
          

                
ضحكت فريدة مرددة بإستخفاف :-

+


" بالطبع بالطبع ... أنت تنتقين كل شيء بعناية وأنا أكثر من يدرك ذلك ..."

+


" عفوا ، ماذا تقصدين ..؟!"

+


تسائلت زمرد بضيق لتتمتم فريدة بلا مبالاة :-

+


" لا شيء  يا كنتي ... ولا تناديني عمتي مجددا فأنا لست عمتك .. يمكنك مناداتي زوجة عمي كما كنت تفعلين قبلما تسرقين ولدي الوحيد وتتزوجينه وسيكون أفضل إن ناديتني بحماتي ..."

+


اتجهت زمرد بعينيها المحتدتين نحو زوجها الذي إستمر يتناول طعامه بلا مبالاة بينما يكتم كلا من أثير وسولاف ضحكاتهما بصعوبة  عندما أتت الخادمة تحمل كأس العصير لزمرد لتتسائل فريدة بفضول :-

+


" ما هذا المشروب الغريب الذي تشربينه ..؟!"

+


ارتشفت زمرد القليل منه قبلما تخبرها ببرود :-

+


" إنه مشروب تعده كارول خصيصا لي .. مزيج من الليمون والخيار والبقدونس وغير ذلك .. صحي للغاية ويحافظ على البشرة وصحة الجسم عموما ..."

+


وجمت ملامح فريدة وهي تتمتم :-

+


" ليمون وخيار وبقدونس ... سامحك الله على هذا الذوق الرديء ..."

+


تجاهلتها زمرد هذه المرة بينما أنهى حاتم فطوره سريعا ثم تحرك مغادرا بعدها لتتبعه سولاف وهي تخبرهم :-

+


" وأنا لدي ثلاث محاضرات اليوم ..يجب أن أستعد بسرعة ..."

+


ثم اتجهت تقبل جدتها التي تمتمت :-

+


" وفقك الله وحفظك يا حبيبة جدتك .. سأنتظرك مساءا لنجلس سويا ..."

+


ثم سألت أثير بعدما غادرت شقيقته :-

+


" وأنت ؟! ستبقى معي طالما اليوم عطلة ..."

+


هتف مبتسما :-

+


" سألتقي بصديقي في النادي ولكن أعدك أن أعود سريعا بعدها ..."

+


أخبرته بنبرة آمرة :-

+


" ولكن نتناول القهوة سويا أولا ثم تذهب إلى صديقك ..."

+


أضافت وهي ترمق زمرد بطرف عينيها :-

+


" لدينا حديث مهم ... سنتحدث قبل ذهابك وعلى إنفراد ..."

+


تمتم مستسلما :-

+


" أمرا وطاعة يا فريدة يا هانم ..."

+


بينما ارتشفت زمرد ما تبقى من شرابها قبلما تنهض بملامح توشك على الإنفجار مغادرة المكان تماما والغيظ يأكلها ...

+



        
          

                
***

+


وضع فنجانه بعدما ارتشف منه القليل بينما ترتشف هي قهوتها بتلذذ حتى قالت :-

+


" ألا تنوي مصالحة والدتك يا أثير ..؟!"

+


وجمت ملامحه وهو يجيب ببرود :-

+


" أنا لا أخاصمها ..."

+


أخبرته بجدية :-

+


" لكنك تتعامل معها برسمية مبالغ فيها ..."

+


هتف بجدية :-

+


" زمرد هانم أرتبكت في حقي خطئا جسيما ..."

+


قاطعته بسرعة :-

+


" أعلم ، وبكل الأحوال كان خطئا وإنتهى ... لنفكر بالقادم ..."

+


راقبت عدم رضا ملامحه فأضافت بتمهل :

+


" متى ستتزوج ..؟!"

+


ظهرت الدهشة على ملامحه وهو يردد :-

+


" هل طلبت أن نتحدث سويا لأجل هذا الموضوع ..؟!"

+


ضحكت قائلة :-

+


" وما الغريب في ذلك ..؟! أنت في الثامنة والعشرين من عمرك ويجب أن تتزوج ..."

+


قاطعا مبتسما بخفة :-

+


" ما زلت في السابعة والعشرين ..."

+


" عدة أشهر لا تعتبر فرقا وليس هذا موضوعنا أساسا ..."

+


قالتها بنبرة جادة ليهتف بدوره بنفس الجدية :-

+


" من فضلك يا جدتي .. أنا لا أفكر في الزواج حاليا ..."

+


" إنظر إلي جيدا ... "

+


تطلع لها بهدوء لتضيف بحزم :-

+


" توقف عن حماقات الشباب وإنظر إلى مستقبلك ... خطوة الزواج مهمة لكل شاب وأنت لست شابا عاديا .. خطواتك في مجال عملك تتقدم بسرعة ملحوظة ومستقبل لامع ينتظرك بشهادة الجميع .. شئت أم أبيت فأنت تحتاج لإمرأة لائقة ترافقك في هذا الطريق وتساندك كي تصل إلى أعلى مكانة فيه .. الزواج ممن تليق بك وبمكانتك سيضيف لك الكثير ليس على المستوى الشخصي فقط بل المهني أيضا ..."

+


ابتسم مرغما وهو يقول :-

+


" تتحولين إلى شخصية مهيبة عندما يكون الموضوع جدي للغاية ...."

+


هتفت بثبات :-

+


" من الجيد إنك تدرك إن موضوعنا جدي للغاية ..."

+



        
          

                
هم بقول شيء ما فأوقفته :-

+


" متى عيد ميلادك الثامن والعشرين ..؟!"

+


عبس متعجبا ثم أجاب :-

+


" بعد خمسة أشهر تقريبا ..."

+


ثم تذكر رغما عنه تاريخ ميلادها السادس والعشرين والذي سيصادف بعد شهر وعشرين يوما  ...

+


نفض تلك الفكرة من عقله وهو يسأل بإهتمام :-

+


" لماذا تسألين عن تاريخ ميلادي ...؟!"

+


أجابت بإقرار :-

+


" لإنك ستعدني حالا إنك ستحتفل بميلادك القادم وخاتم الخطبة يزين بنصرك ..."

+


ضحك مرغما :-

+


" ما هذا الكلام يا فريدة هانم ...؟!"

+


قالت بجدية :-

+


" أريد أن أفرح بك ثم بعدها بشقيقتك ... أنتما أهم ما لدي ... "

+


تنهدت تضيف :-

+


" أنا كبرت للغاية يا أثير ... لم يتبقَ لي سوى القليل .. أريد أن أفرح بكما قبل رحيلي .. أمنيتي أن أراك عريسا ثم أبا وأحمل حفيدي منك ..."

+


مال نحوها يربت على كفها يخبرها برجاء :-

+


" لا تتحدثي بهذه الطريقة ... من فضلك ..."

+


" هذا الواقع يا بني ..."

+


قالتها بنبرة جادة وهي تضيف :-

+


" لدي بدل العروس عشرة ..."

+


قال بسرعة :-

+


" صدقيني هذا ليس الوقت المناسب ..."

+


" لا تتعجل في جوابك ..."

+


قالتها بسرعة وهي تضيف :-

+


" دعك من والدتك ... أنتَ أَصغِ إلي ... سأجلب لك عروس رائعة لا مثيل لها ... عروس تليق بك يا حبيبي .. والدتك هذه لا يأتي منها خير ... الخير كله لدي ..."

+


تنهد مرددا :-

+


" الأمر ليس كذلك يا جدتي ..."

+


قالت بحماس :-

+


" لدي عروس لا مثيل لها ... لن تجد مثلها في البلاد كلها ..."

+


أضافت وهي تقبض على كفه تعدد ميزاتها :-

+


" والدها سفير سابق ووالدتها من أصول ملكية أما جدها لوالدها فكان وزيرا وجدتها الراحلة ..."

+



        
          

                
أوقفها سريعا :-

+


" هذا كله ليس مهما .. أنا لا أفكر في ذلك حاليا ..."

+


تنهدت ثم قالت :-

+


" أنت حر ولكن تلك الفتاة فرصة ستندم على إضاعتها ..."

+


أضافت بعدها عن قصد :-

+


" وليكن بعلمك ما تفعله خطأ كبير .... لا يمكن أن تحيا راهبا في محراب العشق ..."

+


تجهمت ملامحه بينما أضافت بحكمة :-

+


" العشق المؤذي يجب التخلص منه لا التشبث فيه وما تفعله أنت من رفضك لمحاولات التعرف على فتاة جديدة ربما تنال إعجابك يعني إنك تصر على التشبث بذلك العشق الخاطئ ... أنت لا تمنح نفسك فرصة لتجاوز مشاعرك السابقة ... لا تحاول أن تمنح نفسك الفرصة لتحيا مشاعرا جديدة مع فتاة جديدة ... "

+


" ما تقولينه ليس صحيحا ...."

+


قالها بعنف لترفع حاجبها متسائلة :-

+


" أيهما ليس صحيحا ..؟! كونك تعاني من تبعات عشق مؤذي ...؟! أم كونك ما زلت تتتشبث به وهذا ما يدفعك لرفض أي محاولة للدخول في علاقة جديدة ...؟!"

+


تمتم بثبات :-

+


" كلاهما ..."

+


قالت بتحدي :-

+


" لماذا ترفض إذا ما أقوله ...؟! "

+


قال بثبات :-

+


" ربما لإنني لا أريد الزواج بهذه الطريقة ... ربما لأنني أريد الزواج ممن أحبها ويتعلق قلبي بها .."

+


" حقك ولا يمكنني قول شيء في هذا ولكن ..."

+


توقفت لوهلة ثم قالت بنظرة ذات مغزى :-

+


" أنت لن تخسر شيئا إذا جربت أن تتعرف على تلك الفتاة ..؟! في النهاية أنا لا أقول إنني سأخطبها لك ... أنا فقط سأجمع بينكما بالصدفة وأنت تتعرف عليها وحينها إما ستنجذب إليها وتسعى للقائها مجددا أو يحدث العكس ..."

+


راقبت تشتت ملامحه فداخله شعورين متناقضين أحدهما يريد أن يوافقها كي يثبت لها ولنفسه قبلها إنه تجاوز هالة أو على الأقل يسعى للتجاوز وآخر يخبره ألا يفعل ذلك وأن يداوي جرحه أولا قبلما يد خل في علاقة جديدة ...

+


قالت الجدة منهية حديثها :-

+


" سأنتظر جوابا سريعا منك وأنا أثق بحكمتك ..."

+


نهضت من مكانها وهمت بالسير عندما وجدته ينادي عليها فنظرت له بتساؤل ليسأل بهدوء :-

+



        
          

                
" من تلك الفتاة التي كنت تتحدثين عنها ..؟!"

+


إبتسمت بإنتصار قبلما تجيب :-

+


" فتاة تشبه البدر في تمامه ... كما أخبرتك لو بحثت في البلاد كلها لن تجد من مثلها في جمالها وثقافتها وقوة شخصيتها وذكائها وأصولها العريقة ..."

+


قاطعها بضجر :-

+


" من هي يا جدتي ..؟!"

+


هتفت بثبات :-

+


" ستتعرف عليها حالما تأتي إلى دعوة العشاء التي سأعدها لعائلتها ..."

+


ثم تحركت برأس شامخ يتبعها هو بنظراته قبلما يتنهد بصمت وهو يخبر نفسه إنها مجرد محاولة ليس إلا ...

+


محاولة لا يطمح من خلالها لشيء معين ...

+


محاولة قد تفشل أو تنجح وفي كلتي الحالتين هو لن يخسر شيئا ...

2


***
غادرت غرفتها وهي تحمل طفلها معها تتبعها المربية التي كانت تحمل كاميليا ...

+


ابتسمت وهي تقبل نحو حماتها مرددة :-

+


" صباح الخير ..."

+


" صباح الخير حبيبتي ..."

+


قالتها نجاة بمودتها المعتادة وهي تستقبل كريم بفرحة تغمره بين أحضانها ثم كاميليا التي تعلقت بها بسعادة ...

+


تأملت نانسي الصغيرين بين أحضان جدتهما براحة فهذا الكم من الحب الذي يتلقاه كلا من طفليها يمنحها شعورا بالراحة والأمان ...

+


سألتها نجاة بإهتمام :-

+


"هل ستقضين اليوم مع حياة ..؟!"

+


اومأت برأسها وهي تخبرها :-

+


" نعم ، سأذهب إليها لنقضي اليوم سويا .. كريم وكاميليا يستمتعان مع شمس ..."

+


اومأت برأسها وهي تخبرها :-

+


" خذيهما وإذهبي يا عزيزتي ... اليوم إجازة ويجب أن تستمتعون جميعا ..."

+


ابتسمت نانسي بحب لتلك المرأة التي عوّضتها بإهتمامها ورعايتها عن الكثير عندما صدح صوته المرح في أرجاء المكان :-

+


" صباح الخير على الحلوين ..."

+


تجهمت ملامحها كليا بينما تمتمت والدته بلا مبالاة متعمدة وهي تلاعب الصغيرين :-

+


" صباح الخير ..."

+


جلس بإسترخاء بجانب والدته قبل أن تتعلق عيناه بها فيتأمل ملامحها الواجمة بسبب

+



        
          

                
ظهوره ..

+


شعرها الأشقر المسترسل بخصلات مموجة مع مكياج نهاري خفيف يظهر نعومة ملامحها وجاذبيتها ...

+


شفاه مطلية بلون كرزي جذاب جعل الرغبة تتأجج فيه رغما عنه ..

+


إنها زوجته منذ أكثر من عامين ولم يتذوق وصالها بعد وكم هذا عيب في حقه ..؟!

+


إنحدر بنظراته إلى عنقها الطويل ثم فستانها البسيط والأنيق بقماشه الحريري ذو اللون الأزرق والذي ينتهي قبل ركبتيها بقليل فتظهر ساقيها الأبيضين الرفيعين الجذابين واللتين ترتدي فيه آخرهما حيث قدميها  حذاء ذو لون وردي غامق بكعب رفيع مرتفع قليلا ...

+


كانت أنيقة وجميلة بشكل جعله يلعق شفتيه برغبة دفينة ...

+


رغبة لم تتمكن منه سابقا ربما لإنه كان غاضبا منها لا يفكر سوى في كيفية خروجها من حياته لكن الآن بات ينتبه لتفاصيلها التي يريد نيلها بكامل وعيه هذه المرة والتمتع بها جيدا خاصة وهو الذي لم يقترب من أي  امرأة منذ مدة طويلة ...!

+


تسائل بينما يشاهدها تحمل كريم من والدته وتودعها :-

+


" إلى أين ستذهبين ...؟!"

+


ردت بجفاء :-

+


" عند حياة .. "

+


" زوجة نديم ..؟!!"

+


قالها متعجبا لتخبره والدته عن قصد :-

+


" نانسي وحياة صديقتان مقربتان للغاية ودائما ما يلتقيان والأولاد معهما حيث كريم وكاميليا يلعبان مع شمس ... هذه أمور لا تدركها أنت كونك غائب عنا منذ زمن ..."

+


عبست ملامحه قبلما تتعلق عيناه بطفله الذي يعبث بقماش الفستان عند منطقة الثد ثم ينام برأسه فوقها ليزداد عبوس ملامحه وهو يردد بينه وبين نفسه :-

+


" محظوظ يا كريم ... أنت في المكان الصحيح الذي يتوق والدك ليتذوقه  بينما تسترخي أنت فوقه بكل حظ ممكن ..."

+


أفاق من شروده على صوتها وهي تودع والدته مجددا ثم تتحرك مغادرة المكان تتبعها المربية التي تحمل كاميليا معها لتلتقي عيناه بعيني والدته التي أشاحت وجهها بعيدا عنه برفض صريح له بعدما فعله ...!

+


***

+


تأملت نانسي طفليها اللذين يلعبان مع شمس فوق أرضية الحديقة ومجموعة من الألعاب معهم عندما سألت حياة بإهتمام :-

+


" كيف يسير عملك ..؟!"

+


التفتت نانسي نحوها تخبرها بجدية :-

+



        
          

                
" بخير ..."

+


ثم سكنت بملامح أنبأت الأخيرة بوجود خطب ما لتسألها مجددا :-

+


" ماذا هناك يا نانسي ..؟! ملامحك لا تبشر بالخير ..."

+


تنهدت نانسي ثم قالت بحسم :-

+


" أريد الطلاق من صلاح ... "

+


طالعتها حياة بهدوء بينما تضيف الأخيرة بصراحة :-

+


" إنتظرت طويلا ولكن بلا فائدة ... بقائي على ذمته حتى الآن يسبب إحراجا لي ..."

+


أكملت بعدها :-

+


" أخبرته بذلك وكنت سأرفع دعوى بالفعل ولكن حادث كرم وما تلاه جعلني أنسى كل شيء ..."

+


" حسنا ولكن من حديثك هذا يبدو إنك بقدر ما تريدين الطلاق بقدر ما تخشين منه أو لنقل بشكل أدق بقدر ما تخشين من تبعاته ..."

+


قالت بصدق :-

+


" نعم يا حياة ... أنا أخشى من تنفيذ قراري .. ليس لشيء سوى لأطفالي ... طلاقي يعني مغادرتي فيلا العائلة وهذا ربما يبعدهم تدريجيا عن جدتهما وعمهما اللذين يحبانهما كثيرا ... لن أسامح نفسي أبدا إذا ما تسببت بحرمانهما من هذه الحياة الجميلة المليئة بالدفء والرعاية ولكن في نفس الوقت وجودي مع صلاح المهمل الرافض لمسؤوليتهما يجلب لي الكثير من التساؤلات والتكهنات ناهيك عما سيحدث عندما يكبر الطفلين ويسألاني عن سبب عدم وجود دور لوالدهما في حياتهما وعن سبب بقائي معه وأنا لا يجمعني أي شيء به ..."

+


أنهت حديثها بتعب :-

+


" أنا حائرة بين رغبتي في إبقائهما مع عائلة والدهما الرائعة وعدم حرمانها من هذا الجو العائلي الجميل من جهة وبين رغبتي في إبعادهما عن والدهما بكل ما يفعله من تجاهله لهما وإهماله ولا مبالاته  ...."

+


طالعتها حياة بشفقة ثم قالت :-

+


" قرار صعب للغاية ..."

+


" كثيرا ..."

+


قالها بتعب قبلما تضيف :-

+


" هايدي تضغط علي كي أتطلق منه وماما  تستهجن بقائي معه رغم هجرانه لي ..."

+


تنهدت مضيفة بملامح محتقنة :-

+


" وحتى الأقارب والمعارف بالتأكيد يفكرون بنفس الطريقة ومنهم من يشفق عليّ لإنني الزوجة المسكينة التي هرب زوجها منها ومنهم من يشمت بي ..."

+


نهضت حياة من مكانها وجلست جانبها تخبرها بمؤازرة :-

+


" لا تفكري بهذه الطريقة ولا تهتمي لما يفكر به الآخرين بل فكري بنفسك وأطفالك فقط ..."

+



        
          

                
قابلتها نانسي في جلستها تخبرها بتردد :-

+


" بيني وبينك ، أنا نفسي لا أرغب بترك عائلة صلاح ... لا أريد مغادرتهم والعودة إلى عائلتي ..."

+


لم تستغرب حياة ما قالته فإبتسمت بلطف مرددة :-

+


" أنت تحبينهم ..."

+


" كثيرا ..."

+


قالتها نانسي بصدق وهي تضيف :-

+


" معهما عشت ما إفتقدته لسنوات ... تحديدا منذ وفاة والدي ..."

+


صمتت لوهلة ثم قالت بعينين دامعتين :-

+


" هل تعلمين أكثر ما يحزنني أن يعيشا طفليّ نفس مصيري حيث يكبران دون والدهما مع الفارق الشاسع بين والدي رحمه الله وصلاح بالطبع ..."

+


هتفت حياة وهي تربت على كفها :-

+


" ربما صلاح يتغير ..."

+


منحتها نانسي نظرة فهمتها حياة فقالت بجدية :-

+


" وحتى لو لم يفعل .. يكفي وجودك أنت .. أنت أم رائعة ومثالية لن تجعليهما يشعران بعدم وجود أب مسؤول عنهما ..."

+


" هل تعتقدين ذلك حقا يا حياة ..؟!"

+


سألتها نانسي بنبرة مترددة لتقول حياة بثقة :-

+


" بالطبع يا نانسي .. أنا لا أجاملك أبدا ... أنتِ أم مثالية بحق .. تسعين لفعل أي شيء لصالحهما ومستعدة أن تتنازلي عن الكثير بل عن كل شيء لأجلهما ... ربما كريم وكاميليا ليسا محظوظين مع والدهما لكنهما محظوظين للغاية كون لديها أم رائعة مثلك ..."

+


" شكرا يا حياة ..."

+


قالتها نانسي وهي تعانقها لتربت حياة على ظهرها بدعم قبلما تبتعد نانسي عنها بعد لحظات وهي تخبرها :-

+


" أنت الوحيدة التي أستطيع التحدث معها دون خوف أو تردد .. رغم إن هايدي شقيقتي الوحيدة إلا إنها لم تتفهمني يوما ..."

+


إبتسمت بسخرية مريرة :-

+


" ووالدتي لم تفهمني أبدا مهما حاولت ..."

+


مسحت عينيها بأطراف أناملها بينما تخبرها بتردد :-

+


" أتمنى أن أستطيع فهم أولادي مستقبلا وأجيد خلق علاقة جميلة معهما ..."

+


" بالطبع ستفعلين .."

+


قالتها حياة مبتسمة وهي تضيف :-

+



        
          

                
" سيكونان صديقين لك وليس فقط ولدك وابنتك ..."

+


" كما كنت مع والدي ..."

+


قالتها نانسي بحنين ظهر بوضوح عليها لتهتف حياة بجدية :-

+


" كنت تحبين والدك لدرجة كبيرة جدا بل أكثر من الجميع ، أليس كذلك ..؟!"

+


أومأت برأسها تخبرها :-

+


" كان أهم شخص في حياتي ... والدي وصديقي ... يحبني ويدللني ويراعيني ... "

+


أضافت تسترسل :-

+


" كنت الأقرب إليه بينما هايدي كانت الأقرب لوالدتي كونها تشبهها في الطباع كثيرا .. مع مرور الوقت أصبحنا مقسومين أنا ووالدي وعلاقة خاصة مختلفة تجمع بيننا وهايدي مع والدتي ورغم إن والدتي لم تكن حنونة مع هايدي مثل والدي معي ولم تدللها كما فعل والدي معي ولكن كانت بينهما علاقة تناغمية بشكل غير مفهوم ... "

+


ابتسمت بحنين :-

+


" أنا مختلفة عنهما كليا لذا لم أستطيع التفاهم معهما والإندماج مهما حاولت ... كنت أشبه بابا في كل شيء .. هو كان مثلي ... وأغدق عليّ بكل شيء أحتاجه .. كرم كان يشبهنا كذلك ... "

+


أضافت بجدية :-

+


" عندما توفي والدي وأنا في المرحلة الثانوية أصبحت وحيدة تماما وفهمت حينها إنني خسرت الشخص الوحيد الذي يحبني بشكل لا مثيل له للأبد .. ورغم إن كرم كان مقربا لي للغاية حيث كنا صديقين إلا إنه سافر إلى الخارج مضطرا بسبب إصرار والدتي وحينها ازددت تعاسة أكثر ..."

+


تطلعت بعدها بنظرات مترددة تسأل :-

+


" هل أخبرك شيئا ولن تنزعجي ..؟!"

+


ابتسمت حياة :-

+


" بالطبع ..."

+


تنهدت نانسي ثم قالت :-

+


" نديم ، لم أحبه كما كنت أعتقد ... في الواقع نديم كان يشبه والدي ... كثيرا .. وجدت به والدي الذي إفتقدته قبل أعوام قليلة ... فأصبحت ألاحقه بهوس غير مفهوم ..."

+


تراكمت الدموع في عينيها وهي تخبرها :-

+


" وعندما دخل السجن تناسيته تدريجيا لأجد نفسي أتعلق بعدها بأستاذي الجامعي والذي يكبرني بعشرين عاما ..."

+


ضحكت بسخرية :-

+


" وعندما فشلت في محاولاتي معه ثم خرج نديم من السجن قلت لا بأس لأحاول معه مجددا .. لم أكن أفهم نفسي وما أفعله من تخبط وجنون ..حتى إنني أكاد أجزم إنه لولا زواجي وإنجابي كريم وكاميليا كنت ما زلت أبحث عن رجل يشبه والدي أملأ من خلاله الفراغ الذي تركه والدي في حياتي وأعوض حرماني منه ..."

+



        
          

                
أنهت حديثها وهي تقول ضاحكة ببؤس :-

+


" بالطبع تقولين إنني مجنونة صحيح .."

+


هزت حياة رأسها نفيا وهي تقول :-

+


" بالعكس .. لست مجنونة أبدا بل عاطفية للغاية ... "

+


أضافت وهي تنظر نحو الصغار :-

+


" ألم أقل لكِ إنهما محظوظين للغاية ..؟! لديهما أم بعاطفة قوية لا مثيل لها ..."

+


ابتسمت نانسي دون رد قبلما تقول حياة بعدها :-

+


" ما رأيك أن نتناول كيك الشوكلاتة الذي أعددته بنفسي ..؟!"

+


ابتسمت نانسي وهي تخبرها بينما تنظر لبروز بطنها بحنو  :-

+


" الصغير يجعلك تجوعين كثيرا ..."

+


ارمأت حياة برأسها وهي تمد كفّها نحو بطنها الباردة تخبرها ببؤس :-

+


" ويتعبني كثيرا ..."

+


" ليأتي سالما بإذن الله ويقر أعينكما أنت ووالده برؤيته ..."

+


" آمين حبيبتي ..."

+


قالتها حياة قبلما تنهض مع نانسي متجهتين إلى المطبخ حيث طلبت من الخادمة أن تأخذ الكيك والعصير للأطفال بينما جلست هي مع نانسي تتناولان الكيك في الداخل ..

+


***

+


بعد حوالي ساعتين ...

+


ابتسم نديم وهو يتقدم إلى الداخل مرحبا بنانسي التي ردت تحيته على إستحياء ما زال يتمكن منها اتجاهه عندما وجدته ينادي :-

+


" تعال يا صلاح .. إدخل يا بني .. أنت لست غريبا ..."

+


تقدم صلاح إلى الداخل بينما احتدت ملامح نانسي التي نظرت لحياة فهزت الأخيرة كتفيها بعدم معرفة ..

+


" مرحبا ..."

+


قالها صلاح بهدوء عندما هتف نديم ضاحكا :-

+


" هل أنت غريب عنا ..؟! أنت من العائلة يا ولد ... ولا يوجد أحد غريب .. يوجد زوجتك وطفليك ..." 

+


ابتسم صلاح وهو يحيي حياة التي نهضت من مكانها ترد تحيته بينما طلب منه نديم أن يجلس ليتقدم بحذر ويجلس على الكرسي المجاور للكنبة التي تجلس عليها زوجته وقد جلس نديم وحياة على الكنبة المقابلة لهما ...

+


" كيف حالك ..؟!"

+


قالها صلاح بخفوت لنانسي التي غامت ملامحها بضيق لتهمس مرغمة :-

+



        
          

                
" بخير ..."

+


كتم نديم إبتسامته مرغما وهو يلاحظ حديث صلاح الهامس مع زوجته وكأنه غريب عنها يلتقيها لأول مرة ...

+


" لا تقلبي وجهك بهذه الطريقة ... سيفهمون إنك منزعجة من وجودي  ... "

+


قالها صلاح بنفس الهمس لتهمس له من بين أسنانها :-

+


" لماذا أتيت ..؟! أنا أهرب من وجودك معي في الفيلا لأجدك هنا ..."

+


قال بسرعة :-

+


" نديم إتصل بي ودعاني على الغداء ..."

+


همهمت بخفوت محتد :-

+


" كاذب ..."

+


" والله ، إسأليه حتى .."

+


رمقته بنظرات محتقنة لتنهض حياة بسرعة مرددة عن قصد :-

+


" سأطلب من الخادمة تجهيز المائدة ..."

+


وقفت نانسي سريعا وهي تقول :-

+


" سأساعدك أنا ..."

+


نهض نديم بدوره سريعا وهو يقول :-

+


" كلا يا نانسي ، إجلسي أنتِ ولا تتعبي نفسك .. الخادمة ستفعل كل شيء أساسا ... حياة فقط ستشرف على عملها ..."

+


أضاف وهو يجذب حياة من كفّها :-

+


" لأذهب أنا أيضا وأرتدي ملابسا مريحة قبل الغداء ..."

+


تابعتهما نانسي بعينيها حتى غادرا لتلتفت نحوه بملامح محتدة وعينين مشتعلتين فقال بمكر وهو يضع كفه فوق موضع قلبه :-

+


" لا تنظري إلي بهذه الطريقة كي لا أصاب بنوبة قلبية  بسبب  نظرات عينيك الحادة الرائعة والتي فتكت بقلبي ..."

+


" ان شاءالله يتوقف قلبك إلى الأبد كي أرتاح منك ..."

+


قالتها وهي تنهض من مكانها ليتسائل بسرعة وهو ينهض بدوره :-

+


" إلى أين ستذهبين ...؟!"

+


أخبرته ببرود :-

+


" سأطمئن على الأولاد ..."

+


"سآتي معك ..."

+


قالها مندفعا لتصيح بوجهه بحدة مهيبة لم يكن يعلم إنها تمتلكها :-

+


" إبقى مكانك ..."

+


أضافت بسخرية باردة :-

+


" أخشى عليهم أن يرتعبوا عندما يرونك ..."

+



        
          

                
" لماذا ..؟! هل سيرون عفريت ..؟! سيرون صلاح الوسيم معشوق الفتيات ..."

+


توقف عن بقية حديثه يطالعها وهي تتقدم نحوه بملاح جامدة جعلته يهاب منها ومما ستفعله ليجدها تميل بوجهها قرب أذنه تخبره بهمس :-

+


" تقصد العاهرات ... العاهرات فقط من يعشقن أمثالك يا صلاح ..."

+


ثم تحركت تغادر المكان ليشتعل غضبا بسبب كلماتها الحادة بينما لم تندم هي أبدا على حديثها فهو يستحق وطالما يصر على ملاحقتها فليتحمل منها الكثير ...

+


***

+


فتحت عينيها الزرقاوين وهي تتثائب بخفوت قبلما تلتفت إلى الجانب فتراه جانبها نائما بعمق لتبتسم على الفور بينما تستند على كفها تتأمله بعشق بالغ وقلبها يتضخم من فرط سعادتها بوجودهما سويا في غرفة واحدة وعلى سرير واحد ...
حلم تمنته لأعوام وسعت إليه بكل ما تملكه من مشاعر ونالته أخيرا ..
إبتسمت بهيام وهي تتأمله بتمعن تشبع عينيها من ملامح وجهه التي تعشقها بجنون بل تعشق كل شيء فيه بجنون ...
أغمضت عينيها وهي تتنهد براحة ممزوجة بسعادة قبلما تفتحها مجددا وهي تمد أناملها تلمس جانب وجهه برقة وإبتسامتها تتسع قبلما تبعد أناملها سريعا وهي تنهض من مكانها بحماس دب في أعماقها ...
اتجهت سريعا نحو حقيبتها تسحبها ببطأ كي لا توقظه قبلما تنتهي من تجهيز نفسها بشكل لائق ...
جلست بجانب الحقيبة تفتحها بهدوء قبلما تخرج قميص نوم إشترته خصيصا لهذا اليوم من أحد أشهر دور الأزياء في باريس حيث طلبته قبل أيام قليلة ودفعت ثمنا باهظا كي يصلها بوقت أسرع ...
حملت قميص النوم وتوجهت بخطوات بطيئة إلى دورة المياه تدعو داخلها ألا يستيقظ حتى تنتهي من كل شيء ...
***
إستيقظ من نومته التي إستمرت لساعات بعد رحلة طويلة للغاية إمتدت لساعات طويلة للغاية تجاوزت العشرين ساعة ...
وصلا مجهدين للغاية وخاصة هي التي كانت تقاوم نومها بأعجوبة لتسارع بالنوم حالما دخلت إلى الجناح الذي تم حجزه مسبقا لهما وفعل هو المثل كذلك ...
اعتدل في جلسته وهو يبحث بعينيه عنها ...
شعر بالقلق لوهلة عندما سارع ينهض من مكانه مناديا عليها ليأتيه صوتها سريعا :-
" دقائق وسأخرج ..."
تنهد براحة قبلما يتجه نحو السرير مجددا جالسا عليه ساحبا هاتفه يعبث فيه ..
بعد دقائق قليلة سمع صوت باب الحمام يُفتح عندما خرجت هي بخطواتها الهادئة وتوقفت قباله ..
رفع عينيه سريعا نحوها ليتجمد في مكانه لوهلة مبهورا بإطلالتها البهية  ..
كانت ترتدي قميص نوم من الستان الأبيض قصير بالكاد يصل إلى منتصف فخذيها بحمالات رفيعة وفتحة صدر واسعة فوقه روب شفاف طويل قليلا ينتهي أسفل ركبتيها بقليل ...
كان بتصميم ناعم جذاب وتطريز مميز يضاعف من جاذبية جسدها الرشيق ...! 
تأملها مأخوذا بجمالها المبهر كالعادة حيث شعرها الأسود الطويل الذي صففته بعناية فتساقط بخصلاته المموجة الكثيفة يحاوط وجهها البيضوي من الجانبين بمظهر خلاب آسر ...
عيناها الزرقاوان اللتان تلمعان بسعادة ضاعفت من جاذبيتهما وقد رسمتها بالكحل الأسود وظللت رموشها السوداء الكثيفة بالماسكارا السوداء ..
وجهها المليح مع حمرة شفتيها بلون أحمر طاغي جعل قلبه يخفق بقوة وهو يشعر إنه سيفقد تعقله الدائم أمام هذه اللوحة الفنية الرائعة ...
اتجه نحوها بخطوات هادئة بينما تبتسم هي بسعادة أكبر والإنبهار في عينيه يسعدها كثيرا بل يجعلها في أوج سعادتها ...
جذب كفها يرفعه نحو فمه يقبله ببطأ وهو يخبرها :-
" لا توجد كلمات تستطيع أن تفي ما أراه أمامي .... "
أضاف وهو ما زال ممسكا بكفها :-
" كيف يمكنكِ أن تحملي هذا الكم من الجمال ..؟!"
ضحكت بنعومة بينما إنحدرت عيناه نحو عنقها المرمري وبداية نحرها ليعاود النظر نحو عينيها فيرى اللهفة صريحة فيهما ...
لهفة جعلته يفقد ما تبقى من تعقله وهو يجذبها نحوه مقبلا شفتيها بشوق جارف ...
بادلته قبلته بتوق تمكن من كل خلاياها ...
إبتعدا عن بعضيهما بعد لحظات ليحاوط وجنتيها بكفيه يتأمل وجهها بحب طاغي ...
يغرق في تفاصيلها ...
هي الأنثى الوحيدة التي جذبت عيناه ...
الأنثى الوحيدة التي نجحت في تحريك رغبته نحوها ..
الأنثى الوحيدة التي تمناها يوما ...
أنثى غادرته لسنوات وعندما عادت أحييت مشاعره سريعا وبقوة أكبر عن السابق ...
إندفع يقبلها مجددا وقربها يفقده تعقله المعتاد ...
معها ينجرف لمنطقة لا تشبهه ...
معها يتحول كليا ...
معها هو عاشق والعاشق يغدق بكل ألوان الحب عليها ...
إبتعدت عنه هي هذه المرة تحاوط وجهه بكفيها تخبره بأنفاس حارة :-
" أحبك ... لم أحب أحدا بقدرك ... كنت ولا زلت أحبك وسأبقى كذلك حتى آخر أنفاسي ..."
حينها جذبها نحوه مجددا بقبلة جامحة قبلما يجذبها معه نحو السرير وقبلاته تنحدر نحو عنقها ونحرها ومختلف أنحاء جسدها ..
غرقت معه في مشاعره الجارفة تبادله شوقه بشوق مماثل ...
به ومعه فقط عرفت العشق ..
به ومعه فقط تحيا ..
هو الرجل الذي قادر أن يلون عالمها بمجرد إبتسامة بسيطة مهما كان مظلما ...
هو الرجل الذي أحبته حتى الموت وإختارته ليكون رفيقها في أيامها المتبقية ...
هو الشخص الذي لم تتمنَ شيئا يوما أكثر من الموت بين ذراعيه وغير ذلك لا تريد شيئا ولا تهتم بشيء ..!
كل شيء بينهما كان رائعا مليئا بالعشق والشغف ...
ما حدث بينهما كان أروع مما تخيلت في أجمل أحلامها ...
كل شيء كان مثاليا ...
كان راجي عاشقا ..
متيما ..
شغوفا ومفتونا بتفاصيلها كلها ...
سابقا كان يرضي قلبها بحبه والآن يرضي أنوثتها بشغفه ...
أنوثتها التي إختبرتها معه بشكل مختلف تماما وكأنه ليس الرجل الثاني في حياتها بل هو الأول في كل شيء ...
في القلب والروح ...
معه تأكدت إن كل شيء بوجود المشاعر يختلف حتى الحميمية ...!
تنهدت وقلبها يكاد ينفجر من فرط سعادتها بينما يحاوطها هو بين ذراعيه يهمس لها بصدق :-
" لن أنسى هذه الليلة طوال حياتي ..."
ابتسمت برضا هذه المرة قبلما تهمس بخفوت :-
" من الجيد إنني لم أهرب منك كما أردت ... ما عشته منذ الحفل وحتى هذه اللحظة وما سأعيشه معك يفوق أحلامي كلها ... لم أكن لأسامح نفسي لو أضعت هذه السعادة المفرطة من يدي ..."
هتف بجدية وهو يضغط على ذقنها لترفع وجهها نحوه :-
" ومن كان سيسمح لك بالهرب ...؟! ليكن بعلمك إنني كنت مستعد لتصرف كهذا ... بعدما سمعت حديثك مع مؤيد ورغم إنك لم تتطرقِ لموضوع الهرب إلا إنني شككت بحدوث ذلك فيما بعد وقررت أن أخذ إحتياطاتي كي لا أسمح لك بالهرب مهما حدث ..."
ابتسمت مرغمة تخبره :-
" كيف لم تجعلني أشعر بذلك ...؟!"
هتف بخفة :-
" تتحدثين وكأنكِ لا تعرفيني ..."
قالت بإبتسامة خافتة :-
" بلى أعرفك ... بل أنا أكثر من يعرفك ... أعرف مقدار نباهتك وذكائك وطريقتك الخفية بالتصرف ... أنت مختلف تماما يا راجي ... حتى قوتك الشديدة وذكائك الحاد تعرف جيدا كيف تخفيه بمهارة ولا تستخدمه إلا في الوقت المناسب ... تعرف متى تكون لينا لطيفا ومتى تتحول إلى شخص قوي وصارم ... أنا أكثر من يعرفك يا راجي ..."
طبع قبلة فوق جبينها عندما سألته بتردد :-
" هل ستندم يوما على ما حدث ...؟! "
عقد حاجبيه مرددا بسخرية  :-
" إذا كان هناك شيء سأندم عليه فهو تركي لك تغادرين حياتي مجددا والحمد لله إن ذلك لم يحدث ولم أكن لأسمح له بأن يحدث ..."
سألت مجددا بقلق :-
" هناك سؤال يؤرقني كثيرا .. أجبني عليه بصراحة كعادتك ... ألا تشعر ولو بالقليل من الغضب داخلك بسبب ما فعلته وخداعي لك في البداية ..؟! أنا أعلم إنك أخفيت ذلك مراعاة لوضعي ولكن هل تقنعني إنك غفرت لي هذا التصرف تماما ...؟!"
تنهد بصوت مسموع ثم قال :-
" أقسم لك بربي و بحياة والديّ وحياتك أنتِ وحياة كل من يخصني إنني غفرت لك ذلك منذ البداية حتى إنني بالكاد غضبت ليومين أو ثلاثة وكان غضبا خفيفا سرعان ما انتهى ... أقسم لك بذلك يا نغم وأنت تعلمين إنني لا أحلف كذبا .."
" أعلم ..."
تمتمت بها بإبتسامة حانية قبلما تعاود النوم فوق صدره لتشعر بأنامله تتحرك داخل خصلاتها قبلما يسأل :-
" هل ستنامين مجددا ..؟!"
رفعت وجهها نحوه تجيبه :-
" كلا ، هل تريد شيء ..؟!"
ابتسم بشغف يلمع في عينيه :-
" أريدك ..."
ضحكت برقة قبلما يجذبها نحوه في عناق حميمي جديد وداخلهما يتمنى  كلا منهما  ألا تنتهي هذه اللحظات أبدا ...
***
غادر دورة المياه ليجدها تتحدث مع أطفالها عبر الكاميرا تبتسم بفرحة لرؤيتهم ...
سار نحوها فصدح صوت نزار المتحمس كعادته :-
" بابا أتى ..."
حاوطها من الخلف وهو يبتسم لأولاده الثلاث عندما هتف سيف مرحبا به :-
" كيف حالك بابا ...؟!"
" بخير حبيبي ..."
قالها بنفس الإبتسامة بينما صدح صوت نزار يصيح مجددا :-
" اشتقنا إليك ..."
قال راغب بسرعة :-
" وأنا إشتقت إليكم أكثر يا أحبائي ..."
أضاف وهو يحدث الصغير :-
" إبراهيم حبيبي .. كيف حالك ..؟!"
أخذ الصغير يضرب على الشاشة بسعادة بينما سيف الذي يحتضنه يحاول إيقافه والصغير يصيح بفرحة :-
" بابي .. بابي ..."
ابتسم راغب بحنين لأطفاله بينما هتف نزار بارما شفتيه بضيق :-
" متى ستعودان ...؟!"
" نهاية الإسبوع بإذن الله ..."
قالتها همسة بلهفة وضميرها يؤنبها لتركهم لإسبوع كامل عندما قال سيف بسرعة :-
 " عودا متى ما أردتما ... نحن بخير .. جدتي زهرة معنا طوال الوقت وكذلك تولاي وحتى فيصل أخذنا البارحة مع تولاي لنتناول العشاء خارجا .. "
ابتسمت همسة على حديث ولدها الذي يتصرف ويتحدث بشكل أكبر من عمره بكثير بينما قال راغب :-
" جلبت لكم الكثير من الهدايا ..."
صفق نزار بحماس بينما هتف سيف مبتسما :-
" شكرا لكما ..."
أضاف بجدية :-
" سنغلق الآن وأنتما خذا راحتكما وإستمتعا جيدا برحلتكما ..."
قال نزار متذمرا :-
" إبقيا قليلا .."
ليقاطعه سيف بجدية :-
" إتركهما يذهبان يا نزار ... لست صغيرا لتتصرف هكذا .."
" حبيبي نزار لا تقلق .. سنعود نهاية الإسبوع كما أخبرتك ..."
قالتها همسة ليضيف راغب :-
" نعم لن نتأخر .. لا تقلقوا ..."
أضاف مشيرا لولده الأكبر :-
" إنتبه على شقيقيك يا سيف .."
ليومأ له سيف برأسه وهو يؤكد له إنه سيفعل ما يريده قبلما ينهيان المحادثة معهما لتهمس همسة بعينين دامعتين :-
" إشتقت لهم كثيرا ... ليتنا لم نتركهم ..."
جذبها نحو صدره يخبرها بحنو :-
" مجرد إسبوع واحد ... "
أكمل بجدية :-
" سوف نسافر معهم في العطلة الربيعية ..."
" حسنا ..."
قالتها بخفوت قبلما تخبره وهي تنهض من مكانها :-
" سأجهز نفسي سريعا كي نغادر ..."
أضافت بضيق وقلق :-
" صوت هالة لم يعجبني عندما تحدثت معها قبل  قليل ..."
هتف بوجوم :-
" أنوي التحدث معها حالما أعود ... أشعر بالقلق عليها ..."
أيدته همسة :-
" وأنا كذلك ..."
ظهر البؤس على ملامحها وهي تضيف :-
" أنا أتفهم حالة زوجها وأستوعب حزنها لأجله ولكن أشعر بوجود ثمة شيء آخر .. هناك شيء ما أكبر من مجرد حادث ... "
جلست فوق الكنبة مضيفة بقلق شديد :-
" قلقي يزداد كلما أتحدث معها .. هي تظن إنها تجيد التمثيل أمامي ... لا تعلم إنني أشعر بها وبما تخفيه رغم تعمدها إخفاء ذلك ..."
اتجه نحو يخبرها وهو يقبض على كفها بدعم :-
" لا تقلقي .. أنا أنوي منذ البداية التحدث معها حالما أعود ... لم أشأ التدخل الفترة السابقة إحتراما لخصوصيّتها مع زوجها .. ولكن الأيام تمر ووضعها بات يقلقني ..."
قالت همسة بجدية :-
" أردت الذهاب لكنني خجلت فزوجها ربما يكون في حالة لا تسمح له برؤية أحد .. بالكاد يتعافى من صدمته ..."
تنهد مرددا :-
" سأتدبر أمر هالة حالما أعود ... لا تقلقي ..."
إبتسمت تخبره بإمتنان :-
" أنا لا أقلق عليها طالما أنت موجود فأنا أكثر من يعلم مكانتها لديك ومدى غلاوتها عندك ..."
" هالة إبنتي يا همسة ... يشهد الله عليّ إنني أحبها كما أحب أولادي الثلاثة ..."
همهمت برقة :-
" أعلم .. "
ثم مالت نحو صدره تخبره بصدق مس قلبه :-
" حفظك الله لنا يا راغب ..."
ابتسم وهو يحاوطها بذراعه يخبرها :-
" سأعتاد على كلامك الحلو هذا يا همسة ... "
رفعت وجهها نحوه تخبره مبتسمة بنعومة :-
" لا بد أن تفعل ..."
رفع حاجبه متسائلا :-
" وماذا لو عدتِ إلى حالتك السابقة ...؟!"
تمتمت مستهجنة :-
" وما بها حالتي السابقة ..؟! "
" حقا تسألين ...؟!"
سألها بتهكم بارد لتنهض من مكانها واقفة أمامها تسأله وهي عاقدة ساعديها أمام صدرها :-
" من يتحدث عن الماضي الآن ..؟! ألم نتفق على تجاوز الماضي ..؟!"
تنهد يخبرها بجدية :-
" معك حق ولكن هناك شيء مهم .. قبل نسيان الماضي يجب أن نتعظ منه كي لا نكرر أخطاؤه رغما عنا ..."
أضاف وهو ينهض من مكانه يبتسم لها بجدية :-
" والآن غيري ملابسك لنغادر ... "
اومأت برأسها وهي تتحرك سريعا لتجهز نفسها أما هو  فتحرك نحو الشرفة يسحب سيجارة له يدخنها بينما تنتهي هي من إعداد نفسها ...
***
تحركا مغادرين الفندق سويا متجهين إلى أحد الأماكن السياحية الشهيرة في البلاد التي ذهبا إليها ...
مضيا وقتا ممتعا كان هو حريصا خلاله  أن يسعدها بكل الطرق وكلما رأى سعادتها جلية أمامه كلما شعر برضا أكبر ...
جلس بجانب بعضيهما فوق إحدى المصطبات المقابلة للبحر تتناول هي المثلجات ويجاورها هو يرتشف عصيرا باردا ...
همهمت تخبره بسعادة صادقة :-
" اليوم كان رائعا ..."
أكملت وهي تستدير بوجهها نحوه :-
" ماذا سنفعل بعد ..؟!"
أجابها يخبرها :-
" سنذهب إلى حديقة قريبة من هنا شهيرة للغاية ستعجبك ثم نتناول العشاء بعدها ونعود إلى الفندق ..."
إبتسمت وهي تعاود تناول المثلجات بشهية بينما تتمتم ونسمات الهواء الباردة تلفحها :-
" الجو رائع هنا ..."
أومأ برأسها يوافقها عندما شرد لوهلة يتأمل زوج وزوجته في السبعين من عمرهما يجلسان بجانب بعضيهما ممسكين بيدي بعضيهما  يتبادلان الإبتسامات والأحاديث فبدوا كمراهقين يجربان الحب لأول مرة ...
تخيل رغما عنه نفسه معها بعد ثلاثين عاما ..
هل سيكونان قد وصلا إلى هذه المرحلة من الهدوء والسلام ..؟!
هل سيتبادلان العشق يوما بهذه الدرجة الرائعة من الحميمية ...؟!
لم ينتبه إليها وهي التي إنتبهت بدورها لشروده فإتجهت ببصرها حيثما ينظر فتقع عيناها على شقراء فاتنة تتحدث مع صديقتها بحماس وتبتسم بسعادة لتعقد حاجبيها وهي تهمس بحدة خافتة :-
" علام تنظر يا راغب ..؟!"
أفاق من شروده مرددا :-
" عفوا ..."
رفعت حاجبها تخبره بغضب مكتوم :-
" تعجبك تلك الشقراء كثيرا ... 
أليس كذلك ..؟!"
" آية شقراء ..؟!"
تمتم بها مدهوشا فأشارت نحوها مجددا ليضحك مرغما فتحتد عينيها بنظرات نارية جعلتها يغرم بها تماما قبلما يرفع كفيه مرددا بصدق :-
" أقسم لك إنني لم أكن أنظر لها ..."
" علام كنت تنظر إذا ..؟!"
سألته بعصبية ليخبرها وهو يشير بكفه نحو الزوجين :-
" كنت أنظر لهذين الزوجين وعلاقتهما الجميلة رغم سنهما الكبير ..."
نظرت إليهما بدورها فشعرت بالحرج وهو يضيف :-
" لست وقحا يا همسة كي ألاحق إمرأة بنظراتي وزوجتي جانبي .."
التفتت نحوه تقضم شفتها ثم تسأله بهجوم :-
" وهل تفعلها وأنا لست معك ..؟!"
قبض على ذقتها يخبرها وهو ينظر إلى عينيها بثبات :-
" لم أفعلها أبدا حتى قبل زواجي منك ..."
أضاف بمكر :-
" لم أعرف إنك تغارين يا همسة ..." 
همهمت بوجوم :-
" أنا زوجتك ويحق لي أن أغار عليك ..."
" بالطبع ..."
قالها وهو يضحك بخفة بينما يضيف وهو يلاحظ إزدياد عبوس ملامحها بسبب ضحكته :-
" لكنك لم تفعليها أبدا من قبل ... لم أشعر ولو مرة إنك تغارين أو تهتمين حتى .."
أشاحت بوجهها بعيدا مفكرة إنها كانت تغضب من محاولات بعض النساء للتقرب منه لكنها لم تظهر ذلك بل كانت تمتلك قدرة عجيبة على إخفاء شعورها ذلك الذي كانت تفسره بكونه غضب طبيعي إتجاه إمرأة تحاول الإقتراب من زوجها حتى لو لم يكن زوجها يهتم أو يبالي بها ولكن منذ قدوم يسرا وباتت ترى مشاعرها بمنظور مختلف تماما ...
باتت تشعر إنها تغار وكثيرا أيضا ...
هل كانت تغار منذ البداية دون أن تدرك وقدوم يسرا كان الصفعة التي أيقظتها من غفوتها ...؟!
أفاقت من شرودها على صوته وهو يخبرها :- 
" حسنا لا تغضبي .."
" لست غاضبة ..."
قالتها بهدوء قبلما تتجه ببصرها نحو الزوجين فتردد :-
" علاقتهما رائعة وتجذب الإنتباه ..."
أضافت وهي تنظر نحوه مجددا :-
" والدتك ووالدك هكذا أيضا .. يحبان بعضهما وكأنهما متزوجين منذ أعوام قليلة ..."
إبتسم يخبرها :-
" نعم ، لطالما كانت علاقتها  مثالية بالنسبة إلي ..."
توقف لوهلة وهو يناظرها لتهمس بإندفاع :-
" هل سنكون هكذا عندما نكبر ..؟!"
ثم لعنت نفسها على إندفاعها ليسألها مراوغا :-
" هل تريدين أن نكون هكذا مستقبلا ..؟!"
أجابات ببديهية :-
" الجميع يتمنى أن يحيا في علاقة سامية كهذه .."
ابتسم مرددا :-
" بالطبع ..."
هتفت بجدية ثم قالت مغيرة الموضوع :-
" أنا جائعة ، هل تنهض لنتناول الطعام ...؟!"
نهض من مكانه يمد كفّها نحو لتقبض على كفه وتنهض بدورها فيسألها بإهتمام :-
" ماذا تحبين أن تتناولين ..؟!"
لمعت عيناها وهي تخبره :-
" أنت قلت إنك ستفعل كل ما أريده في هذه الرحلة .."
" وأنا ما زلت عند كلامي ..."
أخبرته بحماس :-
" سنتناول البرغر ... "
أضافت وهي تشير نحو عربة صغيرة يعمل عليها رجل يصنع شطائر البرغر الشهية :-
" ومن هذه العربة ..."
نظر إلى العربة مرددا بعدم رضا :-
" لا أثق بالباعة المتجولين ..."
نهرته بوجوم :-
" أنت وعدتني يا راغب ..."
ابتسم مرغما يخبرها مستسلما :-
" هيا بنا ..."
تعلقت بذراعه تتحرك جانبه بحماس متجهين نحو العربة ليتناولان البرجر الشهي ...
***
في أحد مراكز التجميل الشهيرة ...

+



        
          

                
تجلس ماذي بينما العاملة تزين وجهها كما طلبت بعناية ...

+


لقد نجحت في أخذ أموال من صلاح قررت أن تستمتع بها قليلا ...

+


تحتاج أن تعدل مزاجها وهي التي ملت من وجودها في تلك الفيلا تعد الأيام كي تحصل من صلاح على المبلغ الذي تريده ثم تنفصل عنه وتبدأ حياتها الجديدة ...

+


ما زال غير قادرا على منحها ذلك المبلغ ..

+


الأحمق يعتقد إنها ستمل وتطلب الطلاق وتغادر حياته ولا يعلم إنها لن تحرره من قيدها حتى تنال المبلغ الذي تريده والذي ستؤمن من خلاله مستقبلها ...

+


صلاح ثري للغاية وهي تعلم ولكن من سوء حظها إن والدته جمدت حسابه المصرفي وحرمته من حصته الشهرية  من ثروة العائلة فبات يعيش بالقليل من المال الذي بالكاد يقضي حاجته ...

+


تنهدت بسأم بينما تنهي العاملة ما طلبته فتبتسم وهي تتأمل فتنتها المميزة وجمالها المغوي قبلما تجد سيدة أنيقة تتقدم نحوها تخبرها بعدما وقفت جانبها عاقدة ساعديها أمام صدرها :-

+


" يليق بك أن تكون وجه إعلاني لأشهر الماركات ..."

+


ابتسمت ماذي بثقة وهي تلتفت نحو السيدة الجميلة تخبرها :-

+


" أتتني عروض كهذه لكنني رفضت ..."

+


" لماذا ..؟! هل عائلتك ترفض ذلك ..؟!"

+


سألتها السيدة بإهتمام لتخبرها ماذي ببرود :-

+


" أنا من رفضت .. لم يكن لدي مزاج لذلك ..."

+


ابتسمت السيدة وهي تتأمل ملامح وجهها فتخبرها بصدق :-

+


" ملامحك تليق بالكاميرا كثيرا ... كما إن جسدك يصلح لعروض الأزياء ... تمتلكين وجه مميز يصلح للتمثيل كذلك .."

+


ضحكت ماذي تتسائل بخفة :-

+


" هل لديك عرض تمثيلي لدي ..؟!"

+


قالت  المرأة بجدية :-

+


" ليس تمثيل بالطبع فأنا لا أعمل بهذا المجال ولكنني أعمل في مجال التجميل  وأبحث منذ فترة عن وجه جديد مميز أتخذه واجهة لعرض منتجاتي الجديدة وفي الحقيقة جذبتني ملامح وجهك التي بدت لي جذابة للغاية فأنا لا أبحث عن ملامح جميلة فقط بل أبحث عن ملامح تليق بالكاميرا وتحمل جاذبية وأنت تمتلكين جاذبية خطيرة ..."

+


هتفت ماذي ببرود :-

+


" بالطبع أعلم .. الجميع كان يقول ذلك .. أخبرتك إنني حصلت على عدة عروض عندما كنت في كندا ..."

+



        
          

                
" إذا ما رأيك أن تعملين معي ..؟!"

+


قالتها السيدة بجدية وهي تضيف :-

+


" سيناسبك العمل معي كثيرا ..."

+


رفعت ماذي حاجبها تخبره بإبتسامة باردة :-

+


" أخبرتك منذ قليل إنني رفضت التعامل مع شركات أجنبية شهيرة فمالذي يدفعني للموافقة الآن ...؟!" 

+


توقفت لوهلة قبلما تضيف بمكر :-

+


" إلا إذا كان العرض مغريا فيجبرني على التراجع عن قراري والتفكير به بشكل جدي ..."

+


ابتسمت السيدة تخبرها :-

+


" ما رأيك أن تأتين إلى مكتبي لنتحدث ...؟!"

+


"لا مانع لدي ..."

+


قالتها ماذي بجدية قبلما تخبرها وهي تحرك خصلات شعرها :-

+


" دقائق وسأكون عندك ..."

+


" أنتظرك ..."

+


قالتها السيدة ثم تحركت متجهة نحو مكتبها بينما عادت ماذي تتأمل نفسها بالمرآة وهي تبتسم مشيرة لنفسها :-

+


" لو ناسبني هذا العرض سأقبل به وسأحصل على أموال طائلة بجانب ما ما سآخذه من صلاح .. يبدو إن الحظ سيبتسم لكِ أخيرا يا ماذي ..."

+


ثم نهضت من مكانها تسأل العاملة عن مكتب السيدة لتوجها العاملة إليه فتستقبلها تلك السيدة والتي تبين إن إسمها رزان مرحبة بها قبلما تأخذ ماذي موقعها أمامها فتسألها رزان بعدما طلبت القهوة لها والعصير لماذي :-

+


" لم تجرِ آية عمليات تجميل سابقة ، أليس كذلك ..؟!"

+


رفعت ماذي حاجبها تسأل ببرود :-

+


" ما رأيك أنت ..؟!"

+


ابتسمت رزان تتمتم :-

+


" أردت التأكيد فقط .."

+


قالت ماذي بجدية :-

+


" لم يمس وجهي مشرط التجميل إطلاقا بل لم أقم حتى بعمليات تجميل غير جراحية .. كلي طبيعي دون أية تعديلات أو حتى رتوش بسيطة ..."

+


" حسنا يا ماذي ... أنا أريدك كوجه إعلاني لمجموعة من مستحضرات التجميل .. "

+


" كم المبلغ ..؟!"

+


قالتها ماذي دون مقدمات لتبتسم رزان مرغمة فتضيف ماذي بجدية :-

+


" المال ثم المال ... إما مبلغ يرضيني أو لا إتفاق سيحدث بيننا ..."

+


هتفت رزان بجدية :-

+



        
          

                
" سنتفق لا تقلقي ..."

+


تقدمت إحدى العاملات تحمل القهوة والعصير قبلما تغادر فترتشف ماذي القليل من عصيرها عندما سألتها رزان بحذر :-

+


" لن تأتي بعد فترة وتخبريني بعدم مقدرتك على الإستمرار بسبب رفض عائلتك فالعقد بيننا ستكون مدته طويلة ..."

+


" لا عائلة لدي ..."

+


قالتها ببساطة وهي تضيف :-

+


" المهم المبلغ ... أخبريني عن المبلغ قبل التطرق لمواضيع لا فائدة منها ..."

+


تنهدت رزان قبلما تخبرها عن المبلغ فتسألها ماذي بإهتمام :-

+


" كم مدة العقد ..؟!"

+


" سنة ونصف مبدئيا..."

+


قالتها رزان بجدية فهتفت ماذي مرواغة :-

+


" زيادة عشرون بالمئة وأوافق ...!"

+


" كثير ..."

+


قالتها رزان بضجر خفي فهتفت ماذي :-

+


" حسنا سأتنازل عشرين بالمئة ولكن سأحصل على نسبة من الأرباح ..."

+


" أنت لست شريكتي يا آنسة ..."

+


قالتها رزان بتجهم لتخبرها ماذي بغرور :-

+


" لا أحد يعلم ربما سأجلب لك مبيعات مضاعفة وحينها أستحق جزءا منها ... وجهي سيكون معروض للجميع و أنا بدوري سأساعدك في الترويج للمنتج من خلال دائرة معارفي في الخارج ..."

+


وجمت ملامح رزان قبلما تهتف بعد تفكير :-

+


" سأمنحك عشرة بالمئة زيادة وليس عشرين .. ماذا قلت ..؟!"

+


" موافقة ..."

+


قالتها ماذي بإنتصار لتخبرها رزان بسرعة :-

+


" سأجلب العقود لنوقع عليها ..."

+


أوقفتها سريعا :-

+


" إنتظري ، لن أوقع على شيء قبلما أستشير أحد المحامين ..."

+


هتفت رزان ببرود :-

+


" لماذا ..؟! أنا سيدة أعمال محترمة وبالطبع لن أخدعك ..."

+


أخبرتها ماذي بنفس البرود :-

+


" هذا الكلام لا يجدي معي .. أنا لا أثق بوالدتي التي أنجبتني كي أثق بك ..."

+


نهضت من مكانها تخبرها :-

+


" خذي رقم هاتفي وأرسلي لي صورة من العقد ..."

+



        
          

                
سحبت رزان هاتفها تسجل رقمها قبلما تسألها مجددا :-

+


" أنت آنسة ، أليس كذلك ..؟!"

+


تمتمت ماذي :-

+


" نظريا متزوجة .. عمليا لا شيء ..."

+


" عفوا ..."

+


هتفت بها رزان مندهشة لتخبرها ماذي بضحكة خافتة :-

+


" وجود زوجي وعدمه واحد .. لا محل له من الإعراب ..."

+


" وماذا لو لم يكن هكذا وفوجئت بتصرف غير محسوب منه ...؟!"

+


" لا تقلقي يا مدام .. زوجي لا دخل له بي ولا يمكنه التدخل مطلقا ... إعتبريه غير موجود من الأساس كما إنني سأنفصل عنه قريبا ..."

+


تحركت بعدها مغادرة المكان تاركة رزان تتابعها بذهول بينما غادرت هي المركز بحماس فهاهي وبالصدفة البحتة خطت أولى خطواتها في حياتها الجديدة التي تسعى إليها منذ زمن ...

+


أخذها الحماس فتسوقت الكثير لتتحرك مغادرة المول وهي تحمل معها الكثير من الأكياس فتتأفف بسأم وهي تهم بعبور الشارع وهي التي ما زالت غير معتادة على الشوارع هنا ...

+


إنفلت أحد الأكياس منها بينما تعبر الشارع العام بسياراته التي تمر سريعة للغاية  لتنحني تجذبه غير واعية لتلك السيارة التي أتت مسرعة ...

+


صرخت برعب قبلما تصدمها السيارة لتسقط أرضا والدماء تنفجر من رأسها ...

+


إندفع السائق سريعا نحوها وتوقفت بضعة سيارات حولهما وتقدم البعض منها ...

+


سمع أصوات البعض يلومونها على عبورها شارع عام كهذا دون حذر بينما مال هو نحوها برعب يربت على وجهها فتفتح عينيها للحظات وهي تهمس بصوت خافت مترجي :-

+


" لا تتركني أموت ... أرجوك ..."

+


قبلما تفقد وعيها وآخر ما رآته عينيه الخضراوين اللتين تتطلعان نحوها بهلع ...

+


***

+


على إحدى الطاولات يجلس إياس منتظرا قدومها بملامح متحفزة وغضبه يتصاعد كلما يتذكر ما حدث يوم الحفل والأسوأ ما تلا ذلك وإمتناعها عن التواصل معه بل ومراسلته بشكل مقتضب تطلب منه أن يأتي لينهي خطبتهما ...

+


وبعد محاولات عديدة وافقت أن تقابله وهاهو ينتظرها بتحفز وهو يقسم لنفسه أن يحل كل الأمور بينهما فهو لن يطلقها مهما حدث ولن يمنح إنتصارا كهذا لإبن عمه مهما كلفه ذلك ..

+


وجدها تتقدم نحوه بملامح جامدة غير معتادة منها ..

+


بدت جادة تماما على عكس اللطف الذي كان يشع منها بإستمرار ..

+



        
          

                
مجددا يكتشف المزيد عنها ويدرك جوانبا جديدة تخصها ...

+


توليب لم تكن تلك الفتاة السهلة اللطيفة التي ظنها فهي بجانب لطفها لديها جانبا صارما ثابتا وقويا يظهر في الوقت المناسب ...

+


جلست قباله تتمتم بجمود مقصود :-

+


" مساء الخير ..."

+


" مساء النور ..."

+


قالها بهدوء وهو يضيف :-

+


" ماذا تشربين ..؟!"

+


" أتيت للتحدث يا إياس وليس لتناول شيء ..."

+


قالتها بجدية ليتنهد بضجر قبلما يشير إلى النادل يطلب لكليهما عصير الليمون ...

+


هتف بخفة :-

+


" طلبت الليمون لإن كلينا يحتاجه الآن ..."

+


" أنت فقط من تحتاجه .. فأنا هادئة تماما .."

+


قالتها بثبات ليبتسم بخفة مرددا :-

+


" سنرى ..."

+


نطقت بجدية :-

+


" قل ما لديك يا إياس .. أسمعك ..."

+


صمت لوهلة قبلما يخبرها بثبات :-

+


" لا أريد الإنفصال عنك ... أريدك يا توليب ..."

+


ثم سارع يمد كفه فوق كفها يضيف بنبرة شجنة مقصودة :-

+


" أنت الفتاة التي أريدها زوجة لي ولا أريد سواها .. لا تحرميني منك بسبب تصرفات سريعة غير محسوبة ..."

+


" مالذي تغير يا إياس ..؟! لمَ فجأة تراجعت عن آرائك التي كنت متمسكا بها بل وتحاول أن نعود لبعضنا بهذا الإصرار ..؟!"

+


تراجعت تسترخي في جلستها تضيف وهي تعقد ساعديها أمام صدرها تخبره :-

+


" أنا سأخبرك بما حدث .. بعدما فعله رأفت قررت ألا تمنحه الفرصة ليشمت بك وينتصر عليك لذا قررت أن تتنازل قليلا كي تعيدني إليك ... أليس كذلك ..؟!"

+


تجهمت ملامحه لتبتسم بثبات :-

+


" هل تنكر ذلك ..؟!" 

+


هتف بعصبية خفيفة :-

+


" وهل خطبتك أيضا لأجل رأفت ...؟!"

+


" هذا ما لا أفهمه حقا ... لماذا خطبتني ..؟! لإنني إبنة عابد الهاشمي ... لإنني سليلة تلك العائلة التي تليق بك وتدعمك في مسيرتك القادمة ..."

+



        
          

                
قال بغضب مكتوم :-

+


" لست بحاجة لمن يدعمني يا توليب فأنا إياس الصواف يا هانم ... والدي كان من أشهر رجال الأعمال والسياسيين في البلاد وكذلك جدي وأنا أسير على طريقهما كذلك ... "

+


أضاف بجدية تحمل حدة صريحة :-

+


" إنتبهي على كلامك يا توليب ..." 

+


قالت ببرود :-

+


" أنت نفسك قلت إنك وجدت بي الزوجة المناسبة التي تليق بك وتصلح لتكون أم أولادك .."

+


" وما الخطأ في ذلك ..؟!"

+


سألها ببساطة لتجيب بنفس البساطة :-

+


" لا يوجد خطأ .. لسنا أول من يتزوج بشكل تقليدي ولكن طالما إكتشفنا وجود خلل في علاقتنا وظهور إختلافات كثيرة بيننا فهذا يجعلنا غير مجبرين على الإستمرار في علاقة مليئة بالخلافات خاصة إن الحب ليس جزءا من هذه العلاقة فيجعلنا نتنازل قليلا لأجله وبدوره يساعد في تقوية إرتباطنا ..."

+


" هذه وجهة نظرك إذا .."

+


قالها ببرود لتومأ برأسها وهي تهتف :-

+


" نعم يا إياس ... وما يؤكد لي ذلك إنك لم تحاول التنازل إلا عندما حاول رأفت التحرش بي ..."

+


تشنجت ملامحه وهو يهدر بأعصاب متلاحقة :-

+


" لا تجلبي تلك السيرة مجددا ..."

+


قالت بثبات متجاهلة غضبه :-

+


" أنت تحاول العودة إليّ بسبب ذلك .. ربما لو كنت تحاول العودة إليّ لرغبتك بي كزوجة حتى لو دون وجود حب حقيقي بيننا لكن على الأقل ستكون تريد العودة لأجلي وليس لأجل إغاظة ابن عمك ..."

+


همت بالنهوض ليقبض على كفها يسألها بوجوم :-

+


" هذا قرارك الأخير ..؟!"

+


ظهر التوتر على ملامحها ليهمس بصوت مشحون بعواطف متناقضة :-

+


" أنا أريدك حقا يا توليب ... أريد لذاتك قبل أي سبّب آخر ..."

+


بدا صادقا بشكل مس قلبها الذي تعلق به رغما عنها ..

+


تماسكت ترتدي قناع الثبات والإصرار أمامه وهي تخبره :-

+


" هذا قراري النهائي .. تحدث مع والدي لإنهاء الأمر ..."

+


ثم تركته وغادرت بملامح خف جمودها تدريجيا حتى تشكلت العبرات في عينيها ...

+



        
          

                
أما هو فبقي مكانه بملامح جامدة كالحجر وشعور غريب ملأ صدره ...

+


شعور أشبه بجمرة حارقة تشتعل داخل صدره ...

+


نهض من مكانه بإنفعال مكتوم وهو يدفع الحساب ...

+


تحرك بعصبية نحو سيارته ويكاد لا يرى أمامه ...

+


كان يعتصر مقود السيارة بكل قوة ممكنة وداخله يحترق ...

+


لا يفهم سبب غضبه ولا يريد أن يفهم ...

+


يلعنها مرارا ويلعن نفسه لإنه إرتبط بها ..

+


يخبر نفسه أنه سيتزوج من هي أفضل منها ...

+


سيكسر شوكتها بأخرى أفضل منها بمراحل ...

+


يقنع نفسه بذلك ثم يعود ويشعر بروحه تشتعل أكثر وفكرة إنها لن تعود له تحرق قلبه ...

+


نعم قلبه يحترق دون سبب مفهوم ...

+


خسارتها تغضبه ...

+


لا يريد خسارتها ...

+


لا يريد أبدا ..

+


وعند هذه اللحظة شعر بالصدمة من وقع مشاعره وما وصلت أفكاره إليه قبلما يجد صبي صغير يندفع أمام سيارته فيسارع ليتلافاه قبلما يصدمه بسيارته لكن الآوان قد فات وإصطدمت سيارته بالطفل وطرحته أرضا ...!

+


***
كانت تقلب في هاتفها بملل ...

+


لم تغادر جناحها في الفندق مطلقا طوال اليومين السابقين ...!

+


إعتزلت العالم أجمعه ...

+


ما عاشته طوال الفترة السابقة كان أقسى مما تتصور ولا تعتقد إنها ستعيش أياما تحمل هذا الكم من القسوة مستقبلا ...

+


تسأل نفسها طوال اليومين السابقين إذا ما كانت تستحق هذا الكم من التعاسة ..؟!

+


هل تستحق أن تحيا ألما كهذا وتنصدم بالشخص الوحيد الذي وثقت به دون شروط ..؟!

+


هل تستحق أن تخسر كل شيء في لحظة واحدة بعدما ظنت إنها إمتلكت كل شيء ولامست النجوم بيديها ..؟!

+


هل الخطأ كان منها ...؟!

+


هل فهمت الحياة بشكل خاطئ ..؟!

+


هل كان عليها أن تستعد مسبقا لمفاجئات صعبة كهذه ..؟!

+


كانت أنثى مشرقة مليئة بالحياة ...

+


رغم كل شيء ترى العالم بزاوية مختلفة ...

+


تقتنص الجانب اللطيف منه وتتجاهل الجانب المظلم ..

+



        
          

                
أنثى تريد أن تحيا ..

+


تريد السعادة ..

+


تريد الحب ...

+


تريد النجاح ...

+


لكن لا تأتي الحياة دائما كما نشتهي ولا كما نسعى ...

+


هي أرادت السعادة وسعت إليها ...

+


أرادت جانب الحياة المشرق وسعت لتحياه بكل الطرق متناسية حقيقة إن القدر عندما يتدخل ربما ينزع كل شيء ...

+


يهدم كل الأمال والآحلام ...

+


وهذا ما حدث ...

+


هي هالة التي ظنت إنها صنعت قدرها بنفسها ليأتي قدرها الحقيقي ويصفعها فتستيقظ على حقيقة العالم المظلم الذي تحيا به ...

+


يقولون في كل حكاية هناك من يدفع الثمن غاليا ..  مضاعفا ...

+


ويبدو إن هذا الدور من نصيبها هي ..

+


لا بأس ...

+


ربما عليها أن تدفع ثمن أفعالها أضعاف ما يمثله ...

+


في النهاية هي لم تكن يوما بريئة ...

+


في النهاية هي تستحق هذا الألم ...

+


في النهاية هي أخطأت حتى ولو دون قصد ...

+


ما عاشته خلال هذه التجربة لن تنساه طالما حييت ...

+


مثلما لن تتجاوز صدمتها بكرم ...

+


كرم صديقها المحب اللطيف الداعم قبل أن يكون حبيبها وزوجها ...

+


كرم الذي وعدها بحياة مثالية مشرقة تلامس بها النجوم لتجده يتحول لشخص آخر ملقيا بها في باطن الأرض المعتمة تاركا إياها وحدها تتخبط في ظلماتها دون نجاة ...!

+


أغمضت عينيها تكبت دمعة حارقة كادت تفلت منهما ...

+


لن تبكي مجددا ...

+


لن تخضع لعبراتها مجددا ...

+


أفاقت من شرودها على صوت طرقات على باب الجناح ...

+


توجست ملامحها تتعجب من القادم وهي التي لم تخبر أحدا بمكانها ...

+


اتجهت تفتح الباب لتتسع عيناها وهي تراه أمامها واقفا بشموخ مهيب وملامح معتمة كليا ..

+


ملامح تحولت بشكل جذري تماما فباتت ترهبها رغما عنها بعدما كانت تمنحها الدفء والسلام ....

+



        
          

                
تقدم إلى الداخل دون مقدمات بينما أغلقت هي الباب وتقدمت خلفه تسأله بوجوم :-

+


" ماذا تفعل هنا ..؟! وكيف عرفت مكاني ...؟!"

+


إستدار نحوها بنفس الملامح الجامدة ...

+


كانت ملامح وجهه ثابتة كالصخر لا روح فيها ...

+


قال بنفس الجمود الذي ظهر في نبرة صوته :-

+


" هذا ليس مهما ... أتيت لننهي كل شيء ..."

+


توترت ملامحها قبلما تسأل بثبات مصطنع :-

+


" كيف يعني ..؟! هل ستطلقني ..؟!"

+


" ألم تطلبي ذلك ..؟!" 

+


سألها بسخرية باردة لتخبره بإصرار :-

+


" نعم طلبته لإننا إنتهينا ... "

+


أضافت بضعف لحظي :-

+


" إنتهينا بسببك ..."

+


ضحك بإستخفاف متعمد ثم قال :-

+


" نعم بسببي ... فأنا من كذبت وخدعت وتلاعبت ..."

+


قاطعته تصيح بتعب :-

+


" يكفي ، لقد مللت من تكرار نفس الحديث ..."

+


صاح بدوره :-

+


 " وأنا مللت منك .. "

+


طالعته بعدم إستيعاب ليضيف بعيون مشتعلة :-

+


" قبلما تطلبي الطلاق وتغادر شقتي قلتي ما لديكِ والآن إسمحي لي أن أقول بدوري ما لدي قبلما أحررك من هذه الزيجة اللعينة .."

+


" أسمعك ..."

+


قالتها بتحدي وهي تعقد ساعديها أمام صدرها لينطق بنبرة مشحونة وملامح كارهة و عينين تشتعلان بالحقد :-

+


" أنا أيضا لم أعدك أريد بل لم أعد أطيق وجودك حولي .. كرهتك ... كرهتك وكرهت نفسي لإنني أحببتك يوما بل وتزوجت منك ... "

+


تمكنت العبرات منها فملأت عينيها بينما يضيف هو بقسوة ولا مبالاة :-

+


" أنا اليوم أصبحت أشمئز من نفسي كونني أحببتك يوما .. أحببت واحدة مثلك أنانية وحقيرة ... لا تصلح للحب ... لا تستحق الحب ... ولا حتى الإحترام ... أنت لا تستحقين أي شيء يا هالة ... " 

1


" اُخرج من هنا ...."

+


صرخت به بإنفعال ودموعها تتساقط فوق وجنتيها بغزارة عندما نطق ببرود :-

+



        
          

                
" سأخرج بالفعل ..."

+


" ماذا تنتظر ..؟! اُخرج هيا ..."

+


قالتها وهي تندفع نحو الباب تفتحها ثم تشير نحوه ليغادر ليخبرها ببرود :-

+


" قبل خروجي سأقول شيئا أخيرا ..."

+


تابعته بعينين مشتعلتين وعبراتها تحرقهما بقوة عندما قال بجدية :-

+


" أنت طالق ..  طالق .. طالق ... طالق بالثلاثة ..."

+


ثم تحرك بثبات يغادر الجناح لتسقط هي بعد لحظات أرضا بملامح باهتة تماما قبلما تصرخ بإنفعال شديد يتبعه بكاء حاد ...


+


ليست جميع قصص الحب نهايتها وردية ...

+


بعض القصص تنتهي بشكل قاسي تاركة خلفها جرحا عميقا في الروح قبل القلب ...

+


وأسوأ تلك النهايات عندما تأتي على حين غرة بشكل صادم لقصة كانت بدايتها وردية تماما وكل شيء بها يدل على مستقبل زاهر مليء بالفرح ...

1


***





+


أمام حاسوبه الشخصي كان يعمل بتركيز عندما وجدها تتقدم نحوه بملامح متجهة فتجاهل وجودها لتجلس قباله عاقدة ساعديها أمام صدرها وهي تهز قدميها بعصبية خفية ...

+


رفع بصره لوهلة نحوها فيرى ملامحها المشتعلة بغضب دفين ...

+


تجاهلها وهو يعاود النظر مجددا نحو الحاسوب عندما تقدم فيصل بصخبه المعتاد ملقيا التحية تتبعه توليب تحمل إبراهيم الصغير بين ذراعيها وجانبها شقيقيه الكبيرين ...

+


جلست توليب جانبها بعدما ألقت التحية عليها ثم وضعت الصغير أرضا الذي أخذ فيصل يلاعبه بمرح بينما هتف مهند بسخرية مقصودة :-

+


" لم أكن أعلم إنك تحب الأطفال ..."

+


تمتم فيصل بوجوم :-

+


" يفتقد والديه يا مهند .. "

+


" حنين كثيرا يا حبيب مهند ..."

+


قالها مهند بنفس السخرية لتتجهم ملامح فيصل فيرمقه مهند بمكر وهو يهمس له :-

+


" لم تجد وجها جديدا بعد ، أليس كذلك ..؟!"

+


تجاهله فيصل وهو يجذب نزار نحوه يشاغبه بينما ضحك مهند وهو يهز رأسه بيأس من شقيقه دونجوان العائلة كما إعتاد الجميع أن يلقبه قبلما تلتقي عيناه مجددا بعيني جيلان فيتجاهلها بنفس الطريقة المستفزة ...

+


أخذ إبراهيم يتحرك ضاحكا بخطواته عندما سقط أرضا لينتفض الجميع نحوه حتى مهند ترك حاسوبه راكضا نحوه يطمئن عليه بينما بقيت هي ثابتة تماما تتابع ما يحدث بملامح جمدت كليا ...

+



        
          

                
تابعت توليب وهي تطمئن على الصغير ثم فيصل الذي حمله يشاكسه ويمسح دموعه قبلما يجذبه مهند يحمله بين ذراعيه يبتسم له بلطف لا يشبهه لتطالعه بدهشة ممزوجة بحسرة خفية ...

+


تلاقت عيناه بعينيها مجددا ليرى نظرة مختلفة يراها لأول مرة في عينيها منذ زمن ...

+


نظرة مزيجا من الألم والضياع ...

+


وهناك حسرة خفية لم يستوعبها ...

+


نظرة مست قلبه قبلما يستوعب سببها عندما وضع الصغير أرضا وعيناه ما زالتا متحدتين بعينيها ...


+


أشاحت بعينيها بعيدا عن عينيه ...

+


تشكلت غصة مريرة في حلقها ما إن تطلعت الى الصغير ابراهيم وهو يخطو خطواته مجددا  ويضحك بسعادة ....

+


تذكرت ابنتها التي فقدتها دون أن تراها حتى ....

+


امتلئت عيناها بالعبرات رغما عنها ...

+


كانت ستكون مثله ... تخطو خطواتها الأولى ... 

+


كانت ستعلب وتضحك كثيرا ..

+


لكنها رحلت ... رحلت وهي ما زالت في أحشائها قبل أن ترى النور ....

+


لم تكن تعلم إنه يراقبها ...

+


لاحظ عبراتها وفهم مغزى نظراتها ونال نصيبه من الألم نفسه ...

+


عاد يجلس مكانه بملامح سيطر الشجن عليها بينما سارعت هي تنهض من مكانها مغادرة صالة الجلوس يتابعها هو بعينيه فيتنهد بيأس ثم يغلق حاسوبه وينهض مغادرا بدوره إلى جناحه ...

+


مرت حوالي ساعة قبلما يحسم أمره ويذهب إليها ...

+


فتحت باب جناحها له بعينين منتفختين ووجنتين مشتعلتين إحمرارا ...

+


تنهد بصمت ثم قال متجاهلا ما يراه :-

+


" هل تذهبين معي إلى النادي ..؟!"

+


تسائلت بعينين مدهوشتين :-

+


" هل تريد ذلك حقا ...؟!"

+


تسائل وهو يحك ذقنه بأطراف أنامله :-

+


" ألا تريدين الذهاب ..؟!"

+


" سأذهب معك ..."

+


قالتها بحماس دب في أعماقها فورا ليبتسم مرغما قائلا :-

+


" سأنتظرك في سيارتي ..."

+


ثم تحرك مغادرا بينما ركضت هي بحماس تبحث عن ملابس مناسبة لها ...

+



        
          

                
***

+


دلفت إلى النادي تسير جانبه خلفهما فيصل الذي ذهب يلقي التحية على بعض معارفه قبلما يتجه ويجلس على طاولتهما وهو يشير الى النادل ليطلب كلا منهم عصير بارد ....

+


أخذ فيصل يمازح جيلان التي بدأت تتجاوب معه رغما عنها بينما مهند يتابعهما بصمت غافلا عن تلك العينين اللتين رأته وهو يدلف إلى النادي فبقيت تراقبه وهو يجلس مع شاب وسيم و فتاة صغيرة ...

+


تقدمت نحوه بجرأتها المعتادة وهي تهتف بإبتسامة متسعة :-

+


" مهند ..! كيف حالك ..؟!"

+


اتسعت عينا مهند بدهشة لوهلة عندما سحبت جنى الكرسي وجلست جانبه تهتف بمرح :- 

+


" مرحبا ..."

+


تأملها فيصل منبهرا بخصلاتها النارية قبلما يغمغم بمكر :-

+


" أهلا وسهلا ..."

+


ثم أشار لشقيقه :-

+


" ألن تعرفنا يا مهند ...؟!"

+


كانت جيلان تتابع ما يحدث بملامح محتقنة تماما بينما قالت جنى تعرف عن نفسها :-

+


" أنا جنى .. صديقة مهند ..."

+


ثم أضافت بدلال متعمد وهي تنظر نحو مهند :- 

+


" مهند الذي إختفى من الوسط فجأة ..."

+


" كان مسافرا ..."

+


قالها فيصل نيابة عنه لتلتفت جنى نحوه بتساؤل فيهتف فيصل مبتسما بخفة :-

+


" بالمناسبة أنا فيصل الهاشمي .. شقيقه ..."

+


مدت جنى كفّها نحوه تحييه قبلما تنظر نحو جيلان تهتف بإبتسامة رحبة :-

+


" وهذه شقيقتكما الصغيرة بالطبع ..؟!"

+


هتفت جيلان بنبرة حادة جذبت إنتباه كلا من مهند وفيصل :-

+


" أنا زوجة صديقك مهند بك ..."

+


بهتت ملامح جنى وهي تهمس بعدم استيعاب :-

+


" زوجته ... أنت زوجته ..." 

+


وقفت جيلان أمامها تحاوط خصرها بذراعيها تسألها بإنفعال حاد :-

+


" ألا أعجب حضرتك يا هانم ..؟! "

+


" المهم أن تعجبينه هو ..."

+


قالتها جنى ببرود ساخر بعدما استوعبت صدمتها لترفع جيلان حاجبها مرددة بملامح محتدة تماما :-

+



        
          

                
" أعجبه وكثيرا أيضا ...ولولا ذلك ما كان ليتزوجني ..."

+


كان مهند يطالعها بعدم إستيعاب لما تفعله ..

+


 أضافت جيلان بغضب وإندفاع بينما فيصل يكتم ضحكاته بصعوبة :-

+


" يكفي إنه ترك أمثالك من الفتيات الحمقاوات اللواتي يلتصقن به طوال الوقت ويرمين أنفسهن عليه بكل فجور ووقاحة وإختارني أنا ..."

+


إنتفض مهند من مكانه يقبض على كفها يهدر بها من بين أسنانه :-

+


" ماذا تفعلين أنت ..؟!"

+


" أنت مجنونة ومريضة ..."

+


قالتها جنى وهي تنتفض من مكانها تقابلها بغضب وتحدي لتشتعل عينا جيلان وهي تردد :-

+


" نعم أنا مجنونة وسأثبت لك جنوني الآن ..."

+


ثم سارعت تجرها من شعرها بينما جنى تصرخ وهي تحاول التحرر من قبضتها ...

+


سارع مهند يقبض عليها يرفعها بقوة بينما ترفس هي قدميها برفض وسط نظرات الجميع ...

+


جذب فيصل جنى من كفّها يخبرها وهو يسحبها :-

+


" غادري قبلما تفترسك ..."

+


بينما بقي مهند يحمل جيلان محاوط خصرها بذراعيه بينما هي تقاومه وتحاول التملص منه وهي تصيح به :-

+


" إتركني عليها .. سأقتلها ... تلك الحقيرة ..."

+


***

+


إندفعت إلى داخل القصر يتبعها هو بغضب شديد ...

+


صعدت إلى الطابق العلوي ومنه إلى جناحها يتبعها هو يصيح بها وهو يدخل إلى جناحها بدوره :-

+


" ما هذا الذي فعلته ..؟! كيف تفعلين شيء كهذا ..؟! فضحتنا أمام الجميع .. أصبحنا حديث النادي بسببك أيتها الحمقاء ..."

+


تجاهلت ما يقوله وتأنيبه لها وكل ما كانت تفكر به تلك الحمراء شبيهة الطماطم ...


+


" من تلك الفتاة ..؟! هي من ستتركني لأجلها ...؟!"

+


إندفعت تصيح بنبرة أقرب للإنهيار :-

+


" أيها الوغد اللعين .. الآن فهمت كل شيء ..."

+


تماسك بآخر قطرات صبره وهو يسأل :-

+


" ومالذي فهمتهِ إن شاءالله يا نابغة زمانك ..؟!"

+


تمتمت ببؤس تخفيه أسفل رداء الحدة الذي تحاوط به ملامحها ونبرة صوتها :-

+



        
          

                
" إنك تتحجج بما فعلته لتتخلص مني ثم ترتبط بتلك الحمراء شبيهة الطماطم ..."

+


" والله ..."

+


قالها ساخرا وهو يضيف :-

+


" إذا كانت هي تشبه الطماطم فماذا تشبهين أنتِ ...؟!"

+


قفزت نحوه تخربش وجهه وتضربه فوق صدره ليقبض على معصميها بقوة صائحا :-

+


" توقفي أيتها الحمقاء ..."

+


ابتعدت عنه تلهث بقوة وإنفعال بينما أخذ هو يهندم ملابسه مرددا بسخط :-

+


" يا إلهي ... أنت شرسة للغاية وعنيفة ... كأنني متزوج من قردة ..."

+


سارعت تسحب مزهرية تقذفها في وجهه ليتفاداها بسرعة بينما قفزت نحوه مجددا تضربه بكل ما تملك من قوة وشراسة ..

+


بالكاد سيطر عليها مقيدا جسدها بذراعيه بينما تنتفض هي بشراسة محاولة التحرر عندما هدر بحزم :-

+


" اهدئي بالله عليك ... ما تقولينه لا أساس له ... أقسم لك إنني لا أتذكر إسمها حتى ..." 

+


" إبتعد ..."

+


صاحت بها برفض وهي تتحرر من قيده ثم تضيف بقهر خفي :-

+


" سأخبر عمي بأمر إنفصالنا ..."

+


" بل أنا سأفعل ..."

+


قالها متمسكا بقراره وهو يضيف بثبات :-

+


" أما عن هذه الحماقات التي تفوهتِ بها فهي لا أساس لها من الصحة ... تلك الفتاة لا أعرفها ولا تهمني إطلاقا ..."

+


ناظرته بتهكم ليضيف بصدق :-

+


" إطمئني يا جيلان ... من يعاشر واحدة مثلك لن يفكر أن يرتبط بغيرها مجددا فأنت تجعلين المرء يتوب عن النساء بل ربما عن البشر جميعا ...!"

+


" إذهب وأخبره .. أساسا أنا لا أريد خائن مثلك ..."

+


صاحت بها بكره ليهتف ببرود :-

+


" وهذا ما سأفعله .. سأذهب حالا ... "

+


" هل تهددني ..؟!  إذهب هيا .. أنا لا يمكن تهديدي ..."

+


قالتها وهي تكتم العبرات التي ملأت عينيها بصعوبة ليضرب كفا بكف وهو يخبرها يائسا من حالتها وتصرفاتها :-

+


" وهذا ما سيحدث ... والدي حاليا في مكتبه .. سأخبره بأمر الإنفصال ..."

+


" وأنا سأخبرهم إنك تخونني وتريد الإنفصال عني للزواج من فتاة الطماطم تلك .."

+


قالتها بتحدي لتتجهم ملامحه وهو يردد بعدم تصديق :-

+


" أنت جننت تماما ..."

+


تساقطت عبراتها وهي تهدده علنا :-

+


 " سأفعلها يا مهند .. سأخبرهم عما حدث من عراك في النادي بعدما أخبرتني تلك الحمقاء إنك ستتزوجها بعدما تنفصل عني وبالطبع لن يصدق أي أحد حديث فيصل لإنه شقيقك الذي سيقف في صفك بكل الأحوال ..."

+


" لا أصدق إنك رتبتِ كل شيء بهذه السرعة ..."

+


تمتم بها ضاحكا بتهكم لتمسح عبراتها وهي تخبره بعدما شمخت برأسها :-

+


" ماذا كنت تعتقد ..؟! سأخضع لك بسهولة أم سأتركك تتخلص مني بسهولة ...؟!"

+


" أخبريهم يا جيلان ولكن هناك شيء مهم نسيته .."

+


ناظرته بتحدي ليخبرها ببرود :-

+


" الجميع يعلم إنك مريضة لا تعين ما تقولينه وتفعلينه مثلما يعلم الجميع إنني تزوجتك بكامل إرادتي كي أعالجك نفسيا .. تركت بلادي كلها وتخليت عن عالمي هنا لأجلك من ذاتي دون أن يطلب مني أحد ذلك لذا لا تتوقعي منهم أن يصدقون ما تتفوهين به من هراء أبدا ..."

+


أنهى حديثه وغادر المكان بعصبية شديدة عندما اتجهت هي نحو طاولة الزينة ترمي ما فوقها قبلما تجذب إحدى زجاجات العطر وترميها على المرآة لتتحطم كلها ...

+


سقطت أرضا ترمي الأغراض حولها بغضب مخيف قبلما تلمع عينيها وهي تنحدر نحو الزجاج المحطم فترفع إحدى الزجاجات وتحسم أمرها مكررة ما فعلته مسبقا ولكن محاولتها فشلت وقتها ..

+


بكل جلادة ممكنة قطعت معصم يدها قبلما تصرخ بألم ودموعها تتساقط دون توقف ...

+


أخذت الدماء تنفجر من معصمها توازيها عبراتها ...

+


لوهلة قررت أن تنتظر الموت كي ترتاح من هذا العالم الذي لا تستطيع أن تحيا به بعد كل ما حدث ...

+


شعرت بجسدها يرتجف وخوف مجهول يملأ صدرها ....

+


خوفها يتزايد ونبضات قلبها ترتفع وأطراف جسدها باتت ساخنة ...

+


هل تريد الموت حقا ..؟!

+


تسائلت للحظة ودموعها لا تتوقف عن الهطول عندما زحفت بصعوبة حتى استندت على السرير ناهضة بجسدها ببطأ قبلما تتحرك خارج الجناح وهي تمسك بيدها المقطوعة وصوتها يصرخ عاليا :-

1


" أين أنتم ... ؟! أنقذوني .. أنا أموت ...!"

+


إنتهى الفصل العشرون







+


قراءة ممتعة ...

+


أتمنى أن ينال الفصل إعجابكم ...

+
+



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close