رواية نشوة العشق اللاذع الفصل التاسع عشر 19 بقلم سارة علي
توقف عن الكتمان ..!
+
حرر مشاعرك ، مخاوفك وأفكارك ...
+
أفصح عن أسوأ هواجسك التي تؤرقك دون توقف ...
+
لا تتردد في شرح دواخلك ..
+
لا تتكبر عن ذلك ...
+
الكتمان قاتل ...
+
يبدأ بسيطا ثم يتعاظم تدريجيا حتى يستفحل باطن روحك وكل جزء منها فيقتلها تدريجيا دون رحمة ...
+
الكتمان خبيث حيث يتسلل ببطأ ثم يميتك تدريجيا حيث مع كل شعور تكتمه وكل ألم تخفيه يموت جزءا داخلك دون أن تعي حتى تستيقظ يوما لتتفاجئ بنفسك عاجز عن كل شيء حتى عن الحياة ...!
+
دون لحظة تفكير واحدة جذبها من خصلات شعرها بعنف وسحبها خلفه مغادرا بها المكان متجاهلا محاولات البعض لإيقافه وتدخل أصدقائها الذين كانوا معها ...
+
كان ثائرا بشكل مرعب جعل كل من يراه يتفاداه بخوف بديهي وهو يرى غضبه بل إنفعاله المخيف لأي شخص كان ...
+
ألقاها بعنف في المقعد الخلفي للسيارة وأغلق الباب قبل أن يتجه للأمام حيث مقعد السائق فيركب سيارته ويتحرك بها بسرعة عالية بينما انكمشت هي في الخلف بخوف لا إرادي وعيناها مثبتتان إلى الأمام حيث مرآة السيارة الأمامية عندما التقت عيناه المشتعلتان تماما بعينيها اللتين حملتا رهبة صريحة تزايدت ما إن التقت بعينيه اللتين حملتا لها توعدا صريحا ضاعف من خوفها ورفع نبضات قلبها المضطربة بهلع أكثر ولأول مرة في حياتها تندم على ما تصرفته ...!
+
لا يعرف كيف سيطر على أعصابه ووصل إلى مكان إقامتهما دون أن يصدم أحدهم بالخطأ من فرط غضبه ...
+
أوقف السيارة في كراج المبنى الذي يقطنان به وسارع يغادر سيارته متجها نحوها جاذبا إياها من شعرها عندما صرخت لأول مرة برفض وهي تحاول الدفاع عن نفسها ليشدد من قبضة يده على خصلات شعرها وهو يهدر بها بصرامة ضاعفت من خوفها :-
+
" إخرسي ، لا أريد سماع صوت أنفاسك حتى ..."
+
ثم انحدر بكفه يقبض على ذراعها ويسحبها معه إلى داخل العمارة ومنه إلى شقتهما بينما استسلمت هي له بخضوع يشابه خضوعها قبل عامين ...
+
ذلك الخضوع الذي كرهته وجاهدت لتقتله وتخلق ما يناقضه كليا بديلا عنه وهاهي عند أول إختبار حقيقي عادت لنفس الخضوع والإستسلام وكأن شيئا لم يكن ...!
+
***
+
دفعها إلى داخل الشقة بعنف جعلها تسقط أرضا بينما أغلق هو باب الشقة بقوة ثم استدار نحوها بملامح تكاد تنفجر من شدة الغضب ...
+
رفعت وجهها نحوه بنظرة متوحشة عادت تحتل عينيها ...
+
نظرة حملت مزيجا من مشاعر البغض والتحدي والتمرد الذي غاب عنها في الدقائق السابقة ثم عاد مجددا ...!
+
طل عليها من الأعلى بنظراته الغاضبة المتوعدة وأنفاسه متسارعة بشدة :-
+
" هل إرتحت الآن ...؟! هل تشعرين بالإنتصار بعدما نجحت بإستفزازي ...؟! "
+
رسمت بسمة باردة على شفتيها وهي تهمس بإنتعاش متجاهلة خوفها الداخلي من ردة فعله القادمة :-
+
" كثيرا ..."
+
انحنى نحوها قابضا على خصلات شعرها بقوة جعلتها تصرخ آلما ...
+
رفعها عاليا فسارعت تضربه بكلتي يديها تحاول دفعه بعيدا عنها ...
+
كانت تقاومه بشراسة وهي تزمجر برفض عندما دفعها نحو الكنبة خلفها ...
+
ثواني وانتفضت بهلع عندما وجدته يخلع حزامه ..
+
ارتجف جسدها عندما وجدته يرفعه عاليا نحوها لتنطلق صرخة جزعة منها في نفس اللحظة التي ضرب بها حزامه سطح الكنبة جانبها ...
+
كانت تحاوط جسدها بذراعيها بينما تستوعب إن الضربة لم تكن من نصيبها ...
+
رفعت وجهها بحذر نحوها لترى نظراته على حالها تراقبها بغضب مشتعل عندما نطق من بين أسنانه :-
+
" لماذا تتصرفين على هذا النحو طالما إنك تخافين بهذا الشكل ...؟! "
+
عاد يضرب سطح الكنبة مجددا بينما يصيح بإنفعال :-
+
" لماذا تستفزيني بهذا الشكل ...؟! تذهبين إلى الملهى الليلي وتراقصين ذلك الشاب بطريقة مثيرة للإشمئزاز مثل العاهرات ...!"
+
عاد يضرب نفس المكان بإنفعال مخيف وهو يسترسل بأنفاس هادرة :-
+
" تتلاعبين بشرفي أيتها الحقيرة ... تعبثين بالشرف يا متخلفة ... يا ساقطة ..."
+
ارتجف جسدها كليا من كلماته المهينة بينما سقطت كلماته تلك في منتصف قلبها ...
+
رمى الحزام جانبا واندفع نحوها يقبض على ذراعيها بكفيه يصرخ بها بينما يهزها بعنف :-
+
" يمكنني قتلك حالا ولن يحاسبني أحد على ذلك ...هل تعلمين هذا ..؟!"
+
أخذ يهزها بعنف وهو يصرخ بينما دموعها شقت طريقها فوق وجنتيها لا إراديا :-
+
" هل أقتلك ..؟! هل سيلومني أحدهم حينها عندما يعلم بما كنت تفعلينه ..؟! "
+
شقت صرختها المكان وهي تدفعه بعيدا بقوة واهية :-
+
" اقتلني ... ماذا تنتظر ...؟! أساسا الموت رحمة لي ..."
+
ابتعد عنها بأنفاس لاهثة بينما عبراتها تنهمر فوق وجهها بغزارة ...
+
أخذ نفسا عميقا عدة مرات بينما أنامله تضغط فوق خصلات شعره بعنف ...
+
غضبه ما زال يجثم فوق صدره دون رحمة ...
+
غضبه ما زال كما هو لا يخف ...
+
كلما يتذكر منظرها وهي تتراقص بتلك الحميمية مع ذلك الشاب اشتعل غضبه أكثر وود لو يخنقها حتى تنقطع أنفاسها بين يديه ...
+
صاحت بصوت باكي :-
+
" ماذا تنتظر لتقتلني ...؟! هيا إفعلها ... انتقم لنفسك وشرفك المهدور على يدي ..."
+
كلماتها الأخيرة جعلته يندفع نحوها قابضا على رقبتها بكفيه يضغط عليها بقسوة بينما يهدر بها :-
+
" إخرسي ... لا أريد سماع صوتك النجس ..."
+
تجاهلت شعور الإختناق الذي بدأ يراودها وحاجتها الشديدة للهواء بينما تنظر له بعينين ثابتتين متحديتين ....
+
تتحداه أن يفعلها ويقتلها ...!
+
ابتعد عنها بعد ثواني تاركا إياها تلتقط أنفاسها بصعوبة عندما نطق وعيناه تتجهان نحوها :-
+
" الموت رحمة لك .... هذا صحيح ..."
+
تابعته وهي تأخذ نفسا عميقا عندما مال نحوها يهمس بأنفاس حارة :-
+
" تريدين العهر ..، فليكن بين أحضاني ..."
+
تشنجت ملامحها برفض لما يطوف بذهنه بينما جذب هو خصلة من شعرها يلفها حول إصبعه ببطأ ولسانه يردد :-
+
" أنا أجيد التعامل مع العاهرات ... لا تقلقي من هذه الناحية .. سأرضي رغباتك وأشبع شهوتك وأروض جموحك ... "
+
أنامله إمتدت نحو رقبتها تلمسها بطريقة ناعمة وعيناه تشتعلان بهما الرغبة المدججة بالغضب :-
+
" سأمنحك متعة لا مثيل لها ... ستكتفين بي ... بل ستعجزين عن مجاراتي في نهاية المطاف ..."
+
غمز لها يضيف ببرود ساخر :-
+
" فكما أخبرتك منذ لحظات أنا أجيد التعامل مع أمثالك ممن يبحثن عن العهر ...!"
+
نظراته الماجنة الصريحة جعلتها تنتفض لا إراديا مرددة برفض :-
+
" أنت جننت على ما يبدو ..."
+
همت بالتحرك عندما وقف في وجهها يحاصرها بجسده هامسا بخفة :-
+
" لماذا ...؟! ألا تبحثين عن المتعة ...؟! ألا تريدين المجون ..؟! ها أنا أمامك ... أنا أولى من غيرك بذلك ... وكما أخبرتك .. لا تقلقي .. سأرضيك يا جيلان ... سوف تستمتعين ... كثيرا بل أكثر مما تظنين ..."
+
دفعته برفض :-
+
" أنت مجنون ..."
+
ضحك بقوة قبل أن يقول :-
+
" نعم أنا كذلك ..."
+
ابتلع ضحكته في نفس اللحظة وهو يضيف بنظرات متقدة :-
+
" والآن بدأ وقت الجنون و المجون ... وقت المتعة ..."
+
طالعته باضطراب عندما دفعها فوق الكنبة ثم في لمح البصر كان يعتليها ...
+
صرخت برفض بينما يده شقت قماش فستانها قبل أن يرميه جانبا ويعري جسدها أمامه ثم يتبعه بخلع قميصه سريعا و يديه ما زالتا تقبضان على جسدها بقسوة بينما تقاومه هو بشراسة ...
+
كان الجنون يتلبس كليهما ...
+
جنونه يتحكم به يقوده نحو انتهاك تستحقه ...
+
انتهاك كلما أراد التراجع عنه تذكر منظرها ذاك فضاعف من قسوته وغضبه ...
+
جنون شديد وهي تقاومه بقوة لم تكن تعلم إنها تمتلكها وهي تدرك جيدا إن إنتهاكها هذه المرة يعني نهايتها ...!
+
***
+
كل شيء كان سينتهي بلحظة ...
+
كان سيقضي عليها وعلى نفسه لا محالة ....
+
كان سوف ينتهكها مرة أخرى ...
+
بل كان سيقتلها حقا هذه المرة ...
+
لا يعرف كيف استطاع أن يبتعد عنها قبل أن يتمم فعلته ...
+
كيف استجاب لصرختها الأخيرة وهي تتوسله ببكاء مؤلم :-
+
" لا تفعلها ... أرجوك ... سأقتل نفسي حينها ..."
+
صوتها الباكي وهي تتحدث بنبرة تحمل الكثير من الضعف والرجاء والألم جعله يستيقظ من فورة جنونه التي كادت أن تطيح بها دون رحمة ...
+
انتفض من فوقها مبتعدا عنها متحركا في أرجاء المكان بخطوات تائهة بينما انكمشت هي تحتضن جسدها الشبه العاري والذي لا يستره سوى ملابسها الداخلية ...
+
كان جسدها يرتجف ودموعها تتساقط وصوت نحيبها الخافت يتسلل على مسامعه بينما أخذ هو يتحرك بضياع كأسد جريح يريد تفريغ غضبه الذي لم ينته بعد بأي شيء كان ...
+
اندفع يضرب الطاولة التي تتوسط المكان بقدمه قبل أن يحطم ما يراه أمامه ...
+
كانت تتابعه بعينيها الباكيتين وصوت نحيبها يرتفع تدريجيا وجسدها يرتجف بقوة أكبر كلما حطم شيئا وأطلق صراخا كالزئير ..!
+
في النهاية أخذ يضرب الحائط بقبضته بينما صراخه يتصاعد مع كل ضربة وهلعها وصوت نحيبها يتصاعدان بدورهما ....
+
استدار بظهره مستندا نحو الحائط بإنهاك والدماء تنزف من أصابعه ....
+
صوت أنفاسه اللاهثة يتزايد لا ينقص يوازي صوت نشيجها المتقطع ...
+
لا يعرف كم مر من الوقت عندما اتجه ببصره نحوها يتأملها بهذه الحالة دون أن يشعر بأي شفقة نحوها ...
+
بعدما حدث أدرك إنه عاجز عن مساعدتها ...
+
لا يهتم إذا ما كان الخلل فيه أم فيها ....
+
ولا يريد أن يفكر حتى في ذلك ...
+
سينهي كل شيء ... هكذا أفضل لكليهما ....
+
اعتدل في جلسته مرددا بصوت محتقن بغضب ما زال عاجزا عن لجمه بشكل كامل :-
+
" إذهبي إلى غرفتك حالا ... لا أريد رؤية وجهك حتى نغادر البلاد ..."
+
طالعته بعدم استيعاب ليضيف بإقرار :-
+
" نعم سنغادر البلاد هنا ونعود من حيث أتينا ... سأطلقك مباشرة بعد زفاف راجي فأنا لا يمكنني الإستمرار في هذه الزيجة اللعينة بعد الآن ..."
+
اتجه بعدها نحوها لتنكمش بسرعة بينما مال هو يلتقط قميصه ويرتديه قبل أن يجذب فستانها الممزق ويرميه عليها مرددا بخشونة :-
+
" ماذا تنتظرين ..؟!"
+
قفزت من فوق الكنبة راكضة بهلع نحو غرفتها بينما يتابعها هو بعينيه بوجوم وقراره الذي إتخذه كان قرارا نهائيا فهو اكتفى منها ومن أفعالها ...!
+
***
+
تقدم قليلا نحوها قبل أن يهبط أرضا يسحب الشريط ثم يعتدل في وقفته وهو يناظرها بصمت مهيب ....
+
لم تنتظر أن يتحدث حيث سارعت تختطف الشريط منه وهي تهمس بتردد :-
+
" كنت سأخبرك ..."
+
تسائل بهدوء مريب :-
+
" متى ...؟!"
+
" راغب أنا ..."
+
أوقفها بإشارة منه ثم قال بجمود :-
+
" مجددا ... نفس التصرفات من جديد ..."
+
رمشت بعينيها بتوتر بينما أكمل بنفس النبرة :-
+
" تخفين عني مجددا ... تكذبين مجددا ... "
+
" لا أكذب .."
+
صاح يقاطعها :-
+
" بلى تكذبين ..."
+
انتفض جسدها بينما أكمل بصوت أقل علوا لكنه يحتفظ بنفس النبرة الحازمة :-
+
" عندما تقولين إنك كنت تنوين إخباري فهذا كذب .. لو لم يسقط منك الشريط بالصدفة أمامي ما كنت لأعرف أبدا وما كنتِ لتخبريني إطلاقا ..."
+
قالت بسرعة تبرر :-
+
" راغب أنا لم أقصد .. أنا فقط لا أريد الحمل مجددا ولم يمر على ولادة ..."
+
قاطعها بصرامة :-
+
" مشكلتي ليست هنا .. مشكلتي الكذب أو بالأحرى الكتمان والتعامل معي كشخص لا دور له بقراراتك التي تخص زواجنا ..."
+
همست بصعوبة :-
+
" لم يكن هذا قصدي .."
+
" هل تنكرين إنك إعتدت ذلك ...؟! "
+
ناظرته بعينين تائهتين بينما يضيف هو بإصرار:-
+
" هل تنكرين إنك طوال السنوات السابقة تتعمدين إقصائي من حياتك وأمورك الشخصية بل حتى الأمور المشتركة بيننا ... ؟! تقررين وتنفذين دون علمي ... "
+
همت بالرد ليوقفها بنفس الحزم :-
+
" لم أنته بعد ..."
+
أكمل بثبات :-
+
" ليكن بعلمك لا مشكلة لدي بعدم رغبتك بالحمل مجددا ... على العكس تماما ... أنا نفسي لا أريدك أن تحملي حاليا على الأقل ..."
+
راقب تجهم ملامحها فأكمل بجدية :-
+
" لإن إبراهيم ما زال صغيرا للغاية إضافة إلى كونك تبذلين مجهودا كبيرا مع أولادنا الثلاثة وأنا لا أريدك أن تتعبي وتجهدي نفسك أكثر ... "
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" لكنني لم أخبرك بذلك لإنني أدرك جيدا إنك حينها سوف تسيئين فهمي أو بشكل أدق ستتعمدين أن تسيئي فهمي وتقنعين نفسك إنني لا رغبة لدي بالإنجاب منك ولا أريد المزيد من الأطفال منك وربما ستذهبين في خيالك بعيدا أكثر فتخبرين نفسك إن رفضي لوجود طفل جديد يربط بيننا بسبب رغبتي بالزواج من غيرك ...."
+
تابع شحوب ملامحها فتسائل بقوة :-
+
" هل أنا مخطئ ..؟! هل تنكرين ذلك ...؟! هل تنكرين إنني لو طلبت منك عدم الحمل حاليا ستفسرين ذلك بشكل خاطئ ..؟!"
+
همست بخفوت :-
+
" لماذا أنت غاضب الآن طالما هذه رغبتك ..؟؟"
+
صاح مجددا :-
+
" لإنك أخفيت عني ذلك .. لإنك لم تتصرفي مثل أي زوجة وتخبريني بوضوح إنك تتناولين هذه الحبوب ... لإنك تخفيها عني وتتناوليها سرا بدلا من أن تتناوليها أمامي بشكل طبيعي كأي زوجين طبيعيين يتشاركان حياتهما سويا ..."
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال بيأس :-
+
" لإنك في الوقت الذي تتحدثين فيه عن رغبتك بل محاولاتك الجادة لنحيا بشكل طبيعي تخفين عني شيء بسيط كهذا ... بدلا من أن تخبريني بذلك كأمر طبيعي ..."
+
صاحت بتعب :-
+
" خشيت أن ترفض ... أو تغضب ..."
+
سأل بغضب :-
+
" متى طلبتي مني شيئا وغضبت أو حتى رفضت ...؟! تحدثي هيا ..."
+
أغمضت عينيها بيأس بينما هدر هو بعنف :-
+
" مرة واحدة كوني صريحة مع نفسك ... مرة واحدة اعترفي لنفسك حتى بذلك .... "
+
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
+
" لم أجبرك يوما على شيء لا تطيقينه يا همسة ... لم أفعل يوما ولن أفعل وأنت أكثر من يعلم هذا ..."
+
نطقت بصعوبة :-
+
" لم أقصد ذلك والله ... أنا فقط كما أخبرتك .. لم أعتد ذلك بعد ... ما زلت أتردد في الكثير من الأشياء لإنني لا أضمن ردة فعلك عندها ..."
+
" كنت سأتفهم ذلك لو سبق وفعلتها وتعاملت معك بطريقة سيئة لكنك لم تفعليها يوما .. لم يحدث أن طلبت مني شيئا ورفضته ولم يحدث أن حاولت فرض قراري عليك بشيء لا تطيقينه ..."
+
" بلى فعلت ..."
+
خرجت منها سريعة قبل أن تهمس بخفوت :-
+
" لم تسمعني بعد الزواج ... لم تحاول استيعاب ما أردته و ..."
+
هتف بعدم استيعاب :-
+
" ومالذي أردته ان شاءالله ...؟! أنت كنت تلتزمين الصمت إزاء كل شيء ..."
+
أكمل ببرود :-
+
" وإذا كنت تتحدثين عن علاقتنا الزوجية فأنا صبرت عليك طويلا وقتها وعندما نلتك كان بإرادتك ... لم أغتصبك وقتها ..."
+
شهقت برفض بينما أكمل هو بصلابة :-
+
" أنت ترين إنني تعجلت لكن في الواقع لو كنت انتظرتك لكنا نعيش سويا كالأخوة حتى يومنا هذا ..."
+
أضاف بوجوم :-
+
" لم أكن أعلم إنك نادمة إلى هذه الدرجة على زيجتنا ... "
+
همت بقول شيء ما ليضيف بجمود لا يعكس آلمه الداخلي :-
+
" من الواضح إنك لم تتجاوزي ما حدث بعد وما زلت عاجزة عن تقبل زواجنا ..."
+
تابعته بعجز بينما يضيف بصلابة :-
+
" لكن هذا بأكمله سينتهي الآن وفي هذه اللحظة ..."
+
إسترسل بنفس الثبات :-
+
" بعد الآن لن أجبرك على شيء ... سأمنحك ما تريدينه ... حريتك ...
+
طالما إنكِ مجبرة على بقائكِ معك ، يمكنك الرحيل ... سأطلقكِ حالا ..."
+
توقفت لوهلة تحاول التقاط انفاسها بينما تراقب جمود ملامحه التام ...
+
رمشت بعينيها بارتباك تملك منها ..
+
ارتباك سرعان ما نحته جانبا وهي تهمس بثبات تحتاجه الآن وحالا أكثر من أي وقت مضى :-
+
" كنت ..."
+
راقبت تجهم ملامحه وهي تضيف بهدوء :-
+
" أما الآن فأنا معك بكامل إرادتي .. ولست مجبرة على ذلك ..."
+
أخذت نفسا عميقا قبل أن تنهي حديثها بحسم :-
+
" ولا أريد الإنفصال عنك .. أبدا يا راغب .."
+
تأملها بصمت فرأى الثبات يكسو ملامحها ...
+
بدت واثقة مما تقوله .. لا تدعي ما تقوله بل تعنيه بحق ....
+
تسائل بهدوء :-
+
" لماذا ..؟! مالذي تغير ..؟!"
+
أجابت بصدق :-
+
" الكثير ... أنا نفسي تغيرت أو على الأقل بدأت أتغير ..."
+
تقدمت نحوه وهمست بينما أناملها تلمس جانب وجهه برقة :-
+
" في الآونة الأخيرة أدركت الكثير من الأشياء التي غابت عني مسبقا ... "
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت بتروي :-
+
" لكن إذا كنت لا ترغب بالبقاء معي وكنت تريد الانفصال ..."
+
قبض على كفها يهبط به للأسفل يخبرها بجدية :-
+
" أعتقد إنني كنت واضحا معك منذ البداية ... لا أريد الإنفصال ولم أرده يوما ..."
+
همست بتردد :-
+
" حقا يا راغب ...؟! ألم تفكر يوما بذلك ...؟! وهل من الممكن أن تفكر به مستقبلا ..؟!"
+
بدت مرتبكة وخائفة بينما هو لا يفهم سبب ذلك ...
+
جذبها من كفّها متقدما بها نحو السرير يجلسها عليه ثم يجاورها في جلستها ..
+
احتضن كفيها الاثنين بكفه يخبرها بصدق ونبرة مهادنة :-
+
" اسمعيني يا همسة ... أنا لو كنت أريد تركك كنت فعلتها منذ سنوات عندما كنا نعيش أسوأ مراحل زواجنا ..."
+
تنهد مكملا :-
+
" أنا لم أفكر يوما بتركك ولن أفكر مستقبلا .. ثقي بهذا .... "
+
أضاف وعيناه تتأملان الحذر في نظراتها :-
+
" لا أفهم من أين أتتك تلك الأفكار ... لا أعتقد إنني أوحيت لك يوما دون قصد برغبتي في تركك ... "
+
تنهدت تخبره بتردد :-
+
" وأنا أيضا لم أكن أفكر بذلك مسبقا ولم أكن أعتقد إنني سأخشى فكرة تركك لي هكذا ..."
+
تسائل بإهتمام :-
+
" ومالذي تغير ...؟!"
+
أخبرته بهدوء :-
+
" عودة يسرا جعلني أفكر بطريقة مختلفة ... كذلك جعلني أرى الأمور بنظرة مختلفة وجعلني أكتشف الكثير من الأشياء والتي كنت غافلة عنها .... "
+
هتف ساخرا :-
+
" علينا أن نشكو يسرا إذا ..."
+
قالت بنعومة :-
+
" بصراحة عودتها كانت مفيدة لي ... درت عليّ بالكثير مما هو مفيد ...."
+
تنهد مرددا :-
+
" الحمد لله ..."
+
ابتسمت بتردد وهناك تساؤل ظهر في عينيها ...
+
تساؤل لم يغب عنه وهو الذي نطق بهدوء :-
+
" قولي ما تريدين يا همسة ..."
+
تنحنت بتردد فقبض على كفها مجددا يخبرها بدعم :-
+
" لا تترددي في قول أي شيء يخطر على بالك ..."
+
غمغمت بخفوت :-
+
" لدي سؤال يؤرقني منذ فترة طويلة .. "
+
عقد حاجبيه يتسائل بإهتمام :-
+
" سؤال ماذا ...؟!"
+
توترت وهي تسأل بصوت مبحوح :-
+
" هل أعجبك كإمرأة ...؟!"
+
تأملها لوهلة غير مستوعبا ما تقوله قبل أن يضحك بقوة ...
+
عبست ملامحها وهي تتأمل ضحكاته المنطلقة بينما توقف هو يهمس بخفة :-
+
" لا أصدق ما أسمعه ..."
+
تسائلت بحنق :-
+
" ما المضحك في ذلك ...؟!"
+
هتف بصدق :-
+
" هل يعقل أن تسأل زوجة زوجها عن ذلك ..؟!"
+
أضاف وكفه يلمس شعرها :-
+
" لماذا تزوجتك يا همسة ..؟! بالتأكيد لإنك تعجبيني وكثيرا أيضا ... لا يوجد رجل يتزوج من امرأة لا تعجبه على الأقل ..."
+
سألته بفضول ولهفة خفية :-
+
" ومالذي يعجبك بي ...؟!"
+
ابتسم وهو يجيب بصدق :-
+
" كل شيء... يعجبني بك كل شيء ...."
+
همست برجاء :-
+
" وما هو أكثر شيء يعجبك بي ..؟!"
+
تنهد مجيبا :-
+
" ربما عيناك ... شعرك الطويل الناعم ... بشرتك البيضاء الناعمة ... ملامحك الرقيقة ... "
+
توقف لوهلة يتأمل عيناها اللتان تبرقان بفرحة عفوية ليضيف بصدق :-
+
" كل شيء فيك يعجبني يا همسة ... كوني واثقة من ذلك ..."
+
ودون مقدمات عانقته ...
+
عانقته بفرحة ...
+
بدت كطفلة صغيرة ...
+
ابتسم وهو يحاوطها بذراعيه وبما تفعله جعلته يدرك الكثير من التفاصيل المهمة التي كانت غائبة عنه ...
+
تفاصيل سيعمل عليها ليقتل تلك الهواجس داخلها ...
+
هتف بعدها بجدية وهو يبعدها عنه :-
+
" جهزي نفسك .. سنخرج سويا ..."
+
تسائلت بإهتمام :-
+
" أين ستخرج ...؟! وهل سيذهب الأولاد معنا ..؟!"
+
ابتسم مرددا :-
+
" كلا ، سنخرج لوحدنا ... سنقضي يوما لطيفا سويا .."
+
عقدت حاجبها تتسائل بإهتمام :-
+
" والعمل ..؟!"
+
أخبرها ببساطة :-
+
" اليوم إجازة ..."
+
همست بدهشة :-
+
" لن تذهب إلى العمل اليوم ...."
+
أومأ برأسه وهو يخبرها :-
+
" نعم يا همسة ...اليوم لنا أنا وأنت ... وبالنسبة للعمل سأتحدث مع السكرتيرة لترتب بعض الأمور ... فقط انهضي وجهزي نفسك ..."
2
" حالا ..."
+
قالتها وهي تنتفض من مكانها بحماس يتابعها هو بعينين عاشقتين وعقله يهديه مجددا لما يسعدها ويمنحها الكثير مما تفتقده ...
+
***
+
تأملت هاتفها الصامت بشرود ...
+
لم يتصل بها كما توقعت ...
+
ماذا كانت تنتظر ومالذي تتوقعه منه ..؟!
+
تنهدت بسأم وهي تتذكر زيارة والدته خصيصا لها ...
+
حديثها معها ومحاولاتها الصادقة لحل نزاعها مع ولدها الذي يتجاهلها بطريقة غير مقبولة ...
+
مالذي يعتقده هذا المغرور ..؟! هل ينتظر إتصالها هي ..؟!
+
هي ستفعل ذلك بالطبع .. ستتصل به ولكن ليس لشيء سوى بإخباره عن تتمة هذا الإنفصال ...
+
إذا كان ينتظر منها شيئا مختلفا فسيكون أكبر أحمق بحق ...
+
عادت بذاكرتها إلى حديث والدته ...
+
والدته الرقيقة اللطيفة التي لا تشبهه سوى بالملامح بينما لم يأخذ شيئا من لطفها وحنوها ...
+
تذكرت ما قالته لها عنه وعن طباعه ...
+
يومها استمعت لها بإهتمام بينما تخبرها هي :-
+
" إياس صعب يا توليب ... أعلم ذلك ... أنا لا أعلم سبب الإنفصال الحقيقي ولكنني على ثقة بإن السبب منه وليس منك ..."
+
هتفت توليب بصدق :-
+
" أياً كان السبب ... نحن انفصلنا ... وسأخبر عائلتي رسميا بذلك بعد زفاف شقيقي .."
+
قالت ألفت بتروي :-
+
" هل ستنفصلان بهذه السهولة ...؟! "
+
هتفت توليب بجدية :-
+
" ماذا أفعل إذا يا هانم ... إياس لم يترك لي حلا سوى الإنفصال ... "
+
أضافت بهدوء :-
+
" أنا آسفة لقول ذلك ولكن إياس بشخصيته الحالية وتصرفاته وإسلوبه بالتعامل لن تتحمله أي واحدة إلا إذا كان لديها غرض ما من هذه الزيجة ..."
+
" أو كانت تحبه ..."
+
قالتها ألفت بهدوء لتهتف توليب بجدية :-
+
" الحب لا يكفي لذلك .... "
+
تنهدت ألفت ثم قالت :-
+
" اسمعيني يا توليب ... لا أحد يعرف إياس بقدري .. أنت محقة فيما تقولينه ... محقة في حديثك عن طباعه وإسلوبه ... ولكن صدقيني إياس ليس بهذا السوء الذي ترينه ...."
+
إسترسلت بأسف :-
+
" إياس لم يكن كذلك ولكن وفاة والده في عمر مبكر وزواجي من عمه غيره كثيرا ... تحول لشخص آخر مع مرور الزمن ... حتى اليوم أنا عاجزة عن إستعادة ولدي الذي فقدته منذ سنوات ... "
+
" هل أثرت به وفاة والده إلى هذا الحد ...؟! "
+
تسائلت توليب بخفوت لتجيب ألفت بإبتسامة حزينة :-
+
" أكثر مما تتصورين ... كان إياس مقربا لوالده بدرجة كبيرة ... كان والده يحبه كثيرا ويدللله كثيرا ..رحيل والده وما تبعه من مشاكل دمرته كليا ... جعلت منه إنسانا مختلفا ... إنسان بارد ومغرور يتعمد أن يحيا دون عاطفة ... حياته بأكملها عبارة عن دراسة وعمل وتفوق في المجال الدراسي والمهني ... بات هدفه الوحيد هو أن يكون الأول في كل شيء ... أن يكون الأفضل والأهم ... نسي كل شيء عدا ذلك ... "
+
فوجئت بها توليب تقبض على كفها وهي تضيف بإبتسامة خافتة :-
+
" ولكن منذ دخولك حياته وهناك شيء ما تغير ... شيء ربما لم يلحظه إياس نفسه لكنني لاحظته .. أدركته دون يعي ذلك ... "
+
تسائلت توليب بصوت مبحوح :-
+
" شيءٍ ماذا ..؟!"
+
أخبرتها ألفت :-
+
" إياس رغم جموده الدائم وتعامله مع كل شيء بمنطق العقل لا العاطفة كان ينجذب لك .... هناك عاطفة مبهمة داخله تحركت نحوك ... أنا أدرك ذلك ... تأكدت من ذلك عندما رأيته في أول ليلة بعد انفصالكما ..."
+
تابعتها توليب بإهتمام بينما ألفت تضيف:-
+
" يومها عاد متأخرا ... كان يتعمد أن يبدو طبيعيا ولكنني شعرت بوجود خطب ما ... عيناه كانتا مختلفتان ... منطفئتان .... "
+
تنهدت تضيف :-
+
" بدا إياس بعدما دخلت حياته وكأن الحياة إنبثقت داخله من جديد ... أنت بدخولك حياته أحييت شيئا مات بداخله منذ أعوام وعندما تركته تأكدت من ذلك وأنا أرى إنطفاء روحه مجددا ..."
+
" برأيي أنت تبالغين يا هانم ..."
+
قالتها توليب بجدية لتبتسم ألفت وهي تخبرها :-
+
" ربما ... وربما لا أبالغ ..."
+
أكملت بتروي :-
+
" فقط أتمنى أن تفكري جيدا بحديثي وألا تستعجلي في قرارك يا عزيزتي ... "
+
" لا تقلقي ... لست من النوع الذي يتعجل في قراراته أبدا ..."
+
ربتت ألفت فوق كفيها وهي تبتسم لها بمحبة صادقة ...
+
أفاقت توليب من شرودها على صوت رنين هاتفها ..
+
إندفعت تحمله بلهفة لتجد صديقتها قد أرسلت لها مجموعة من الصور التقطتها لها البارحة أثناء خروجهما سويا ...
+
ابتسمت وهي تتأمل الصور قبل أن تنتقي اثنين منهما نالتا إعجابها كثيرا وتشاركهما على حسابها في مواقع التواصل الاجتماعي ....
+
تنهدت بصمت بعدها ثم نهضت من مكانها تتجه نحو الحمام مقررة أن تبدأ يومها بشكل مختلف حيث ستخرج مع صديقاتها لتناول الفطور سويا قبل الذهاب إلى النادي لقضاء بقية اليوم هناك ...
+
***
+
أمام باب شقتها وقف لثواني قبل أن يضغط على جرس الباب ....
+
دقيقتان وكانت تفتح الباب لتحتل الدهشة ملامح وجهها وهي تراه أمامها واقفا ينظر لها بإبتسامة متسلية ...
+
" إياس ..."
+
تمتمت بها بعدم استيعاب عندما تقدم إلى الداخل مغلقا الباب خلفه يحاوطها بين ذراعيه هامسا لها بخفوت وأنفاسه الحارة تضرب صفحة وجهها :-
+
" كيف حالك يا مروة ..؟!"
+
تسائلت بينما تخفي شوقها الذي نبض من عينيها بسبب قربه هذا :-
+
" لماذا أتيت يا إياس ...؟!"
+
ابتسم بخفة :-
+
" اشتقت لك ..."
+
أكمل بمكر مدركا مدى شوقها له :-
+
" ألم تشتاقي إلي ...؟!"
+
تجاهلت سؤاله وهي تدفعه بعيدا مرددة بسخط :-
+
" ماذا تفعل هنا ..؟! لماذا لا تذهب إلى خطيبتك ابنة الباشوات ....؟!"
+
تحرك إلى الداخل يخلع سترته عنه ويرميها فوق الكنبة بإهمال مرددا :-
+
" لم يعد هناك خطيبة ... "
+
برقت عيناها بإهتمام :-
+
" كيف يعني ...؟! "
+
جلس فوق الكنبة يردد ببرود :-
+
" فسخت الخطبة ..."
+
تسائلت بوجوم :-
+
" أنت تمزح معي ، أليس كذلك ...؟!"
+
هتف بملامح حازمة :-
+
" منذ متى وأنا أمزح معك يا مروة ...؟!"
+
لمعت عيناها بفرحة أنعشته وإن جاهدت لتخفيها هي بينما تتقدم نحوه تجلس قربه وهي تسأل بفضول :-
+
" ولم فسخت الخطبة ...؟! مالذي حدث ...؟! كنت سعيدا بها .."
+
رد بعدم اهتمام :-
+
" لا تناسبني ..."
+
رفعت حاجبها تردد بإستخفاف :-
+
" ومتى اكتشفت هذا ...؟!"
+
" ما مشكلتك يا مروة ...؟! لم كل هذا الاهتمام ..؟! ما يهمك إنني فسخت الخطبة وغير ذلك ليس من شأنك ولا يخصك بكل الأحوال .."
+
مطت شفتيها تردد :-
+
" ربما تتراجع عن قرارك وتعود إليها .."
+
تجهمت ملامحه وهو يردد بعدم رضا :-
+
" دعك من هذا الآن ..."
+
قاطعته وهي تنهض من مكانها تقابله في وقفتها بينما تعقد ذراعيها أمام صدرها بتحدي :-
+
" كلا يا إياس ... لست غبية لأصدقك مجددا .. دون التأكيد من صدق حديثك ونواياك معي على الأقل ..."
+
تمتم ببرود :-
+
" لست وحدك من تحتاجين لذلك ... أنا أيضا أحتاج أن أتأكد مما تفعلينه وما تنوين عليه ..."
+
نهض من مكانه مرددا وهو يقابلها :-
+
" بيننا حساب طويل يا مروة ... يجب أن ننهيه ..."
+
هتفت ببرود :-
+
" لا تنتظر مني تبريرا أو إعتذارا على ما أقدمت عليه مع رأفت ..."
+
" لا أنتظر تبريرا ... الغيرة مبرر كافي ..."
+
قاطعته بعصبية :-
+
" ماذا كنت تنتظر مني وأنت تتركني وتتزوج بأخرى ...؟! بالتأكيد لم أكن سأبقى مكاني دون أن أفعل شيئا يثأر لي ولكرامتي ...."
+
اندفع يهدر بها :-
+
" ألم تجدي سوى رأفت عدوي اللدود لذلك ...؟!"
+
هتفت مدافعة عن نفسها :-
+
" هو من جاء إلي وبادر بذلك ... علم بعلاقتنا بالصدفة وقرر أن يتحد معي ضدك ..."
+
" وأنتِ بكل حماقة صدقته وصدقتي إنه يمكنك الإنتقام مني والإطاحة بي ...؟!!"
+
قالها بتهكم بارد لتهمس بصوت مبحوح :-
+
" لم يكن أمامي حل آخر ... كنت أريد الإنتقام لنفسي بأي وسيلة كانت ..."
+
تابعت جمود ملامحه بصمت قبل أن يبتسم ببرود بينما كفه تمتد نحو خصلات شعرها فيتخلل خصلاتها بأنامله وهو يخبرها :-
+
" لا بأس ... سأسامحك هذه المرة ... "
+
مال نحوها يضيف ببطأ :-
+
" لإنك غالية علي ... غالية كثيرا يا مروة ...."
+
تمتمت بعتاب :-
+
" لو كنت غالية عليك ما كنت لتفعل بي ذلك يا إياس ..."
+
تنهد مرددا بسأم :-
+
" أخبرتك إنه انتهى يا مروة ..."
+
" لن أصدق هكذا بسهولة ..."
+
قالتها بثبات ليرفع حاجبه متسائلا :-
+
" وكيف ستصدقين ان شاءالله ...؟!"
+
توقفت لوهلة قبل أن تهمس بجدية :-
+
" عندما تتزوجني ... حتى لو سرا .... لن أقبل بأقل من ذلك ... "
+
تأملت تجهم ملامحه بينما شرد هو مفكرا قليلا قبل أن يحسم أمره وهو يخبرها :-
+
" موافق ..."
+
" حقا ..؟!"
+
قالتها بعدم تصديق ليومأ برأسه وهو يخبرها :-
+
" حقا يا مروة ...."
+
سألته بلهفة :-
+
" متى ...؟! "
+
ابتسم ببساطة :-
+
" الآن إذا أردت ...."
+
إبتلعت شكوكها داخلها وهي تخبره بفرحة :-
+
" حقا يا إياس ...؟! "
+
جذبها نحوه يخبرها بإبتسامة :-
+
" حقا يا عيون إياس ... أنا لن أجد من تحبني مثلك يا مروة ... أنت تحبيني بحق وتريدين سعادتي وراحتي دائما ...."
+
" هذا صحيح .. أنا أحبك ... أحبك لدرجة إنني فكرت أن أقتلك ثم أقتل نفسي إذا ما أتممت زواجك بها ...."
+
تأمل الحقد الذي نبض بعينيها وهي تضيف :-
+
" وكنت سأقتلها هي أيضا ..."
+
" مجنونة ..."
+
قالها بخفة وهو يعبث بخصلات شعرها لتعانقه وهي تخبره :-
+
" أحبك كثيرا يا إياس ..."
+
ربت على ظهرها بصمت عندما إبتعدت عنه بعدها تسأله بحماس :-
+
" متى سنتزوج ....؟!"
+
" أخبرتك الآن ... حالا ...."
+
نظرت له بعدم تصديق عندما وجدته يبتعد عنها مجريا اتصالات ...
+
تابعته بصمت وعقلها لا يصدق ما يحدث ...
+
كيف إنقلب كل شيء بين ليلة وضحاها ...
+
أنهى اتصاله وتقدم نحوها يخبرها بينما يغمز لها :-
+
" الشيخ في طريقه إلى هنا ومعه إثنين من الشهود ... "
+
قالت بفرحة غير مصدقة :-
+
" لا أصدق ... سنتزوج حقا يا إياس ..."
+
" عندما يأتي الشيخ وترينه بنفسك وهو يعقد قراننا ستصدقين ذلك ...."
+
قالت بسرعة وهي تتحرك إلى الداخل :-
+
" سأرتدي فستانا ملائما بسرعة ..."
+
تابعها بعينيه قبل أن يتجه نحو الكنبة جالسا فوقها قبل أن يفتح هاتفه ويقلب فيه لتظهر صورتها أمامه التي شاركتها صباح اليوم ...
+
تأملها وهي تبتسم بسعادة للكاميرا بينما عينيها تلمعان بقوة وغمازتيها تظهران بوضوح ...
+
بدت سعيدة ولا مبالية بأي شيء ...
+
نظر إلى الصورة الأخرى والتي تجمعها بصديقتها التي تحتضنها بسعادة ...
+
أرفقت مع الصورة عبارة مختصرة :-
+
" نزهة رائعة مع صديقتي الجميلة ...."
+
تجهمت ملامحه كليا مفكرا إنها لا تبالي بما حدث بل تحيا حياتها وكأن شيئا لم يكن ...
+
أغلق هاتفه ورماه جانبا بعنف وذلك للغضب الذي اشتعل داخله بسبب رؤيته لها بتلك الراحة والسعادة التي تنبض منها يزعجه ...
+
لم يهتم بما يراه ...؟! لتفعل ما تريد ... ستندم في النهاية ... هو يثق بذلك ...
+
مر الوقت بعدها سريعا حيث تقدمت مروة نحوه بفستان أنيق للغاية يظهر تفاصيل جسدها الأنثوية الجذابة مع زينة وجهها التي وضعتها بعناية كعادتها فأظهرت جمالها الرائع بوضوح ...
+
عانقته بحب وبادلها هو عناقها متجاهلا أفكاره حول الأخرى قدر المستطاع ...
+
أتى الشيخ بعدها بقليل ومعه اثنين من الشهود ليتم عقد قرانه عليها أخيرا ....
+
نالت ما أرادته وباتت زوجته رسميا ....
+
السعادة كانت تنبض من كل جزء فيها حيث سارعت تعانقه ما إن غادر الشيخ مع الشاهدين ثم تقبله شغف ...
+
بادلها قبلتها بذهن شارد وعقله يغيب مع الأخرى رغما عنه ....
+
غضب من نفسه ومن أفكاره التي تدور حولها وبكل قوة ممكنة قرر أن يقتل أفكاره تلك ويندمج مع مروة التي تفعل كل شيء لترضيه وتجعله سعيدا ...
+
***
+
تقدمت نحوه وهي ترسم إبتسامة هادئة على ثغرها تأملها للحظة قبل أن يعاود التقليب في هاتفه بتجاهل تام ...
+
جلست جانبه تهمس بإسمه :-
+
" كرم ..."
+
" ماذا هناك ..؟!"
+
تمتم بها دون أن يرفع عينيه من فوق شاشة الهاتف عندما هتفت بحذر :-
+
" هل سنغادر غدا إلى شقتنا ...؟!"
+
رفع وجهه نحوها يسأل ببرود :-
+
" نعم ، هل لديك مانع ...؟!"
+
قالت بسرعة :-
+
" إطلاقا ..."
+
أضافت بتروي :-
+
" أساسا أنا سعيدة لإننا سننتقل إلى هناك ... "
+
" ستتخلصين من إزعاج والدتي وشقيقتي أخيرا ..."
+
قالها بتهكم لتهتف بسرعة :-
+
" والدتك لا تزعجني ..."
+
تمتم بخفة :-
+
" لكن هايدي تزعجك ..."
+
تنهدت بخفوت :-
+
" لا بأس ... أتفهم ذلك ..."
+
هتف بنبرة حادة وهو يلتفت كاملا نحوها :-
+
" يجب أن تفعلي ... هايدي مجروحة ... بسببك أنت وذلك الحقير ..."
+
تنهدت وهي تردد :-
+
" من فضلك يا كرم ... لا تفعل ذلك ... "
+
صاح بنبرة عنيفة :-
+
" مالذي لا أفعله ...؟! أليست هذه الحقيقة ...؟!"
+
" كلا ليست هي الحقيقة ...."
+
قالتها بإندفاع وهي تضيف :-
+
" الحقيقة إن علاقتي بأثير انتهت منذ أعوام ... وأنت كنت تعلم بتلك العلاقة و ...."
+
قاطعها :-
+
" لماذا ذهبت إليه إذا في شركته قبل سفره ...؟! "
+
تابع توتر ملامحه بنظرات ساخرة وهو يضيف بتهكم :-
+
" ذهبت إليه وعانقتيه ..."
+
" لم أفعل ..."
+
قالتها وهي تنتفض من مكانها مضيفة :-
+
" ذهبت لتوديعه ... فقط ... لم أعانقه أبدا ... "
+
اندفع يهدر بها :-
+
" كاذبة ...."
+
أضاف وهو يواجهها :-
+
" تكذبين مجددا ..."
+
هتفت بثبات :-
+
" أنا لا أكذب يا كرم ... أثير انتهى من حياتي ... قطعت علاقتي به منذ سنوات ... أنا من قطعت تلك العلاقة ..."
+
صرخ بغضب :-
+
" لكنك ذهبتي إليه ... رأيتك بعيني وأنت تودعينه ... رأيت كم كنت حزينة وقتها ..."
+
بهتت ملامحها وهي تسأل :-
+
" كيف يعني رأيت ..؟!"
+
اندفع يبوح لها :-
+
" رأيتك في مقطع الفيديو ... "
+
أكمل متعمدا :-
+
" الفيديو الذي أرسله حبيب قلبك لي ...."
+
اتسعت عيناها تردد :-
+
" أثير أرسل لك فيديو وأنا أودعه ..."
+
هتف بإستخفاف :-
+
" كنتما سويا ... في كراج الشركة ... رأيت كل شيء ..."
+
" لا يمكن ... لا يمكن ..."
+
تمتمت بها بعدم تصديق ليهتف ببرود :-
+
" مالذي لا يمكن ..؟! أن يفعل أثير ذلك ... ما الغريب في ذلك ...؟! ألم يستغل شقيقتي لاجل الوصول إليك ...؟! فعل نفس الشيء ... أرسل لي الفيديو كي أراك معاه ... كان ينتظر مني أن أتركك لينالك هو ..."
+
اندفعت تصرخ به :-
+
" وماذا فعلت أنت ...؟! صدقت أكاذيبه ... عاقبتني على ذنب لم أقترفه .... "
+
" بل كان ذنبك ...."
+
هدر بها بثبات وهو يضيف :-
+
" ذنبك الذي دفعت ثمنه أنا .... "
+
قالت بملامح تعيسة :-
+
" ذهبت إليه لتوديعه ... لإنني أذيته دون قصد ... "
+
نطق بغل :-
+
" كاذبة .. الأمر لم يكن كذلك ...."
+
" لماذا لا تصدقني ...؟!"
+
ضحك مرغما قبل أن يقول :-
+
" أصدقك مجددا ... أنا لا يمكنني تصديقك مجددا يا هالة .. صدقتك مرة واحدة والنتيجة كانت خسارة يدي ... ماذا سيحدث إذا صدقتك مجددا ... "
+
تساقطت دموعها بآلم بينما اتجه هو يفتح الباب بعدما سمع صوت طرقات عليها ...
+
وجد الخادمة تخبره :-
+
" عمك أكرم بك وولده نضال بك في الأسفل ..."
+
أومأ برأسه بصمت قبل أن يتجه مجددا إلى الداخل ملقيا نظرة عليها وهي تجلس مخفضة رأسها نحو الأسفل تبكي بصمت ليتحرك مغادرا المكان متوجها الى الخارج بينما انتفضت هي من مكانها بعصبية ما إن سمعت صوت إغلاق الباب وداخلها غضب دفين عندما صاحت وهي تلقي عطرا يخصها فوق الأرض :-
+
" اللعنة عليك يا أثير ... دمرت حياتي ... حطمت كل شيء ... اللعنة عليك ...."
+
***
+
في صالة الضيوف ...
+
كان كرم يجلس قبال عمه وولده الذي يجاوره يتبادل الأحاديث معهما بإقتضاب ....
+
جانبه تجلس والدته تشاركهما الحديث ...
+
تقدمت الخادمة تحمل القهوة لهم ...
+
تتبعها هايدي التي جلست جانب والدها فتلاقت عيناها بعيني نضال لوهلة ليشيح الآخر بصره بعيدا عنها وهو يحمل فنجان قهوته يرتشف منه القليل ...
+
حمحمت هايدي قبل أن تنطق :-
+
" عمي ..."
+
انتبه لها العم عندما تبادلت النظرات مع والدتها لتومأ الأخيرة لها بدعم فقالت بهدوء :-
+
" أعتذر عما بدر مني ذلك اليوم في المشفى ... تصرفت بطريقة غير لائقة ولكنني كنت مضغوطة للغاية ..."
+
وجمت ملامح نضال تماما بينما ابتسم أكرم بسماحة وهو يردد :-
+
" لا بأس يا هايدي ... أنا أتفهم ردة فعلك ... أتفهم خوفك وقتها ... الإنسان عندما يخاف يظهر ردود أفعال مختلفة وأنت تعبرين عن خوفك بالغضب..."
+
ابتسمت بخفوت بينما كان نضال يراقب ما يحدث بعدم رضا فلو كان مكان والده لعاقبها بإحدى طرقه المميزة والتي تستحقها ...
+
اتجه بعدها بأنظاره نحو ابن عمه الذي كان في عالم آخر رغم وجوده معهما في نفس المكان ...
+
لم يغب عنه ذلك التحول المذهل الذي طرأ عليه ...
+
بدا شخصا آخرا مختلفا عن كرم السابق ...
+
الفترة السابقة كانت كفيلة بتغييره كليا ...
+
على ما يبدو إن كرم ابن عمه مات في تلك الحادثة وكرم الجالس أمامه هو آخر جديد يختلف جذريا عن كرم السابق ....
+
لم يغب عنه تبدل ملامحه التي باتت حادة قاسية بشكل مهيب ...
+
ذلك الظلام الذي يكسو نظراته التي تعكس جزءا لا بأس به من ظلام الروحه السرمدي ...
+
ذلك الظلام يعرفه جيدا ...
+
لقد عاشه مسبقا ...
+
لوهلة شعر وكأنه يرى نفسه قبل أعوام بنفس الظلام والقسوة التي تشع من كل إنش فيه ...
+
ابتسم بسخرية فعلى ما يبدو إن إبن عمه الصغير والذي كان لطيفا ودودا يسير على نفس خطاه ....
+
هو الآن يعايش ما يعايشه وظلام روحه تمكن منه كما حدث معه والقادم مجهول تماما ...'
+
ورغم ذلك عليه أن يعترف إن نسخة كرم الجديدة تعجبه وتروقه كثيرا حتى إنه يشعر بإن علاقته السطحية ستتوطد تدريجيا معه فهذا الماثل أمامه يصلح ليكون ابن عمه بحق ....!
+
***
+
بعدما غادرا عمه وولده اتجه كعادته على الفور إلى غرفته ...
+
هم بفتح الباب عندما سمع صوتها وهي تتحدث مع إحداهن ليعرف من خلال الحديث إنها إبنة خالتها توليب ...
+
وقف يسترق السمع إلى حديثها معها حتى وجدها تخبرها بأسف :-
+
" لا أستطيع القدوم إلى القصر هذه الفترة ... "
+
أضافت مبررة :-
+
" أعلم إنني لم أقم بزيارتكم منذ خروجي من المشفى ولكن ..."
+
وقبل أن تنهي حديثها وجدته يندفع إلى الداخل يهدر بها متسائلا :-
+
" أين ذهبت قبل يومين إذا يا هانم ....؟!"
+
سارعت تخبر توليب وهي تتدارك الموقف الذي وضعت فيه :-
+
" سأتحدث معك فيما بعد ..."
+
ثم أغلقت الهاتف دون أن تنتظر جوابها ليهدر مجددا :-
+
" تحدثي .. أين ذهبت وقتها ..؟! ألم تقولي إنك ذهبت إلى القصر لزيارة خالتك المريضة ...؟!"
+
" اهدأ يا كرم .. اهدأ أولا وسأخبرك ..."
+
انتفض يصيح بها :-
+
" ستكذبين مجددا ... هل ذهبت إليه ...؟! تحدثي ..."
+
هزت رأسها بعدم تصديق قبل أن تقول :-
+
" مالذي تقوله أنت ..؟! لمن ذهبت ...؟! أنت جننت ..."
+
اندفع يقبض على ذراعها يصيح بها :-
+
" لماذا كذبت إذا ...؟! أين ذهبت وقتها ...؟! تحدثي ..."
+
صاحت بيأس منه ومن أفكارها حولها :-
+
" ذهبت إلى مركز العلاج النفسي ... لأجلك ..."
+
***
+
تابعت جمود ملامحه بقلق ....
+
لحظات وهتف بصوت بارد :-
+
" لماذا ...؟! لماذا تذهبين إلى هناك ...؟!"
+
تمتمت مبررة :-
+
" لأتحدث مع إحدى الأخصائيات هناك بسبب حالتك النفسية التي تتدهور مع مرور الوقت ..."
+
" بأي حق تفعلين ذلك دون إذن مني ...؟!"
+
قالها بأنفاس محتدة لتهتف بسرعة :-
+
" ماذا أفعل ...؟! عجزت عن إيجاد الطريقة المناسبة للتعامل معك .. قلت ربما يساعدني أحدهم ... ربما أنا لا أجيد التعامل معك بالطريقة الصحيحة ..."
+
هدر بغضب :-
+
" هل أنا مجنون ...؟!"
+
قالت بسرعة وهي تتقدم نحوه تحاول معانقته :-
+
" كلا حبيبتي .. أنت لست مجنون ولكن ..."
+
قبض على معصمها يصيح بها :-
+
" كيف تفعلين ذلك ..؟! من تظنين نفسك ...؟! بأي حق تلجئين لشخص تحدثينه عني بل وتطلبين منه مساعدتك في كيفية التعامل معي ...؟! "
+
أضاف وهو يعتصر معصمها بقوة جعلتها تتألم :-
+
" تريني مجنونا إذا ... مجنونا ومعاقا ... ماذا تريدين أكثر كي ترحلي ...؟!"
+
همست برجاء باكي :-
+
" كرم أنت تؤلمني ...."
+
دفعها إلى الخلف لتسقط أرضا عندما صاح بها :-
+
" ماذا تريدين بالضبط ...؟! هل سترتاحين عندما أعنفك ...؟! إلى أي مرحلة تريدين أن تصلي بي ...؟!"
+
نهضت بسرعة من مكانها تهتف بسرعة :-
+
" أنا أريد مساعدتك ... والله لا أريد سوى ذلك ..."
+
" أنت بالذات لا يمكنك مساعدتي ..."
+
قالها بنبرة مشحونة وهو يضيف بقسوة :-
+
"أنت حتى عندما تحاولين مساعدتي تؤذيني بدلا من ذلك ... "
+
همست بصعوبة :-
+
" مالذي تقوله أنت ...؟!"
+
قال بثبات متجاهلا عبرات عينيها :-
+
" أقول الحقيقة ..."
+
سألته بملامح شاحبة :-
+
" آية حقيقة ..."
+
قال بملامح ناقمة :-
+
" حقيقي إنه لم يأتني منك سوى الألم والدمار .. أنت لعنة دخلت حياتي ... دمرت كل شيء بوجودك في حياتي ..."
+
" يكفي ..."
+
صاحت بها بأنفاس متلاحقة ودموعها شقت طريقها فوق وجنتيها ...
+
" أنا حتى هذه اللحظة أقنع نفسي إنك ستعود كما كنت سابقا ... أتفهم آلمك وغضبك .. أستوعب مقدار معاناتك ...أبرر الكثير وأتجاهل الكثير وأغفر الكثير لك .. الكثير يا كرم ..."
+
خرجت جملتها الأخيرة مشحونة بضغوطات الفترة السابقة ..
+
محملة بوجع يرهق روحها وينهك قلبها ...
+
" ولكن إلى متى ... ؟! أخبرني أنت .. كم سأتحمل بعد ... ؟!"
+
تسأله بيأس يتسرب من حروفها رغما عنها بينما هو ملتزما بصمته المعتاد وجموده الذي بات يلازمه أغلب الوقت ..
+
تهمس بضياع حقيقي :-
+
" أنا أتماسك بكل قوتي وأجاهد كي أصبر وأتحمل لكنني أخشى أن يحدث غير ذلك ... أخشى أن ينفذ صبري يا كرم .. أخشى أن أصل إلى نقطة فاصلة تجعلني أهجرك وهذا ما لا أريده ..."
+
هي لا تريد هجرانه ...
+
ليس لأجلها فقط بل لأجله ..
+
لا تريد تركه ..
+
هو وحيد .. ضائع .. مشتت ...
+
" لا أريد أن أتركك ... لا أستطيع ..."
+
خرجت منها ضعيفة بائسة ومهزومة ..
+
" حتى لو قلت لكِ إتركيني .. غادري بلا رجعة ..."
+
خرج صوته باردا فاقدا للحياة ككل شيء فيه بينما يضيف بثبات وهو يعني كل حرف يخرج منه :-
+
" غادري يا هالة ... غادري دون رجعة .."
+
صاحت باكية بيأس وإنهاك :-
+
" لا أستطيع ... لا أستطيع أن أفعل ..."
+
" لماذا ...؟! بسبب ضميرك الذي يؤنبك ويحتم عليك البقاء جانبي كتعويض بسيط عما أصابني بسببك ....؟!"
+
قالها بسخرية مريرة وهو يضيف ببرود :-
+
" لا داعي لذلك ... ها أنا أقولها بنفسي ... وجودك من عدمه لا يغير شيء ... غادري يا هالة فما تفعلينه يمكن لأي شخص غيرك أن يفعله ... هناك الكثير من الممرضات والخادمات حولنا ممن يستعدن للقيام بما تفعلينه لي ...."
+
بهتت ملامحها وهي تردد بعدم استيعاب :-
+
" ماذا تقول أنت ...؟! هل هذا ما يعنيه وجودي لك ..؟!"
+
قال بقسوة لا تعرف متى بات يمتلكها :-
+
" أقول الحقيقة ... وجودك هنا بدافع خدمتي ليس إلا .. وها أنا أعفيك عن ذلك وأطلب منك المغادرة ... لن أضيع بدونك ... سأجلب من يؤدي هذه الوظيفة بدلا عنك ... "
1
يتبع
+
اعذروني على قصر الفصل لكن صارلي فترة مرهقة جدا جدا غير مشاكل كثيرة صارت معايا ...
باذن الله تكملة الفصل خلال يومين او ثلاثة بالكثير والتكملة طويلة جدا لانوا تقريبا اغلب احداث الفصل صارت بالجزء الثاني ♥️♥️♥️
قراءة ممتعة ♥️
+
رنين هاتفه جعله يبتعد عنها سريعا لتزفر أنفاسها بضيق بينما اندفع هو يسحب هاتفه متوقعا أن تكون مكالمة تخص العمل الذي لا يتأخر عن أي شخص يخصه ولو للحظات ...
+
علت الدهشة ملامحه وهو يرى إسمها يضيء الشاشة ...
+
لاحت منه إلتفاتة نحو مروة التي تقف خلفه تتابعه بعينين حانقتين فتجاهلها وهو يجيب على الأخرى وداخله أمنية خبيثة بأن يكون إتصالها محاولة لتصحيح ما بينهما وعودة المياه إلى مجاريها ...
+
" مرحبا ..."
+
كان صوتها عاديا للغاية لا يحمل أي نبرة مختلفة عن المعتاد ليحمحم قائلا :-
+
" أهلا ..."
+
تجاهلت توليب نبرته الباردة المتعمدة وجوابه المقتضب لتخبره بهدوء :-
+
" يجب أن أراك ... بيننا حديث لم ينته بعد ..."
+
انتبه إلى مروة التي عقدت ساعديها أمام صدرها تتابعه بحنق واضح ليهتف بجدية :-
+
" متى نلتقي ...؟!"
+
سألت بدورها :-
+
" متى ستكون متفرغا ...؟! "
+
أجابها بحيادية :-
+
" الآن أنا متفرغ بالفعل ..."
+
" جيد ... سنلتقي في أحد المقاهي ... "
+
ثم استرسلت تخبره بموقع المقهى الذي ستنتظره به ....
+
أنهى المكالمة ليصدح صوت مروة منزعجا بوضوح :-
+
" هل ستذهب الآن ...؟!"
+
جذب سترته يرتديها وهو يخبرها ببرود :-
+
" يجب أن أذهب ..."
+
وقبل أن تتفوه بأي كلمة أخرى أخبرها بحزم :-
+
" سأتصل بك لاحقا ... بيننا حديث لم ينته بعد ..."
+
ثم تحرك مغادرا المكان وعيناها تتبعانه بغضب مكتوم ...!
+
***
+
على مسافة من طاولتها وقف يتأملها بتروي ...
+
نظراته تحتلها بينما تجلس هي على طاولة مربعة مجاورة لنافذة تطل على حدائق خارجية أنيقة وتدخل من خلالها أشعة الشمس التي تنعكس على ملامحها الرقيقة فتمنحها إشراقة جذابة بينما هي شاردة في جلستها تتأمل خارج النافذة غافلة تماما عن وصوله ووقوفه على مقربة منها يتأملها بتمعن ...
+
بدت كعادتها ناعمة وأنيقة بملابس تميل إلى البساطة كعادتها رغم رقيها ...
+
فستان قصير قليلا ينتهي قرب ركبتيها بحمالات رفيعة تظهر كتفيها الهشين و ذراعيها النحيلين بشكل لم يعجبه ....
+
شعرها كالعادة تركته على طبيعته منسدلا بخصلاته المموجة على جانبي وجهها الذي كان خاليا من زينة الوجه حيث تكتفي بوضع كحل غامق قليلا لعينيها وملمع شفاه زهري اللون يتلائم مع بشرتها السمراء الجذابة ...
+
كانت أنثى بسيطة للغاية وبساطتها أجمل ما فيها ...
+
تجاهل أفكاره تلك مغتاضا مما يفعله كونه يتأملها بتلك الطريقة حيث تقدم نحوها بملامح حرص أن تكون باردة لا مبالية ...
+
جذب كرسيا له يجلس عليه قبالها عندما قالت هي بهدوء :-
+
" أتيت بسرعة ..."
+
هتف بجدية :-
+
" كنت قريبا من هنا ...."
+
تمتمت بخفوت :-
+
" جيد ...."
+
وجدته يتأملها بصمت ...
+
أربكها تأمله فأشارت إلى النادل الذي تقدم نحوهما لتخبره بإبتسامتها اللطيفة المعتادة :-
+
" عصير فراولة من فضلك ..."
+
اتجه النادل ببصره نحو إياس الذي أخبره بإقتضاب :-
+
" قهوة معتدلة الحلاوة ..."
+
تحرك النادل بعدها تاركا إياهما لوحدهما عندما قررت هي بدأ الحديث :-
+
" كان يجب أن نتحدث مجددا بشأن إنفصالنا ...."
+
ابتسم بسخرية باردة مرددا :-
+
" على ما يبدو إنك مستعجلة للغاية بشأن إتمام هذا الإنفصال ...!!"
+
تمتمت بهدوء :-
+
" ماذا سأنتظر ...؟! "
+
أضافت بجدية :-
+
" هذا الحل الأفضل لكلينا فأنت متمسك بأرائك وقراراتك بشكل متعنت لا يناسبني ..."
+
ضحك بخفة ثم سأل ببرود :-
+
" هل أخبرت عائلتك إذا ...؟!"
+
أجابت بجدية :-
+
" هذا ما إتصلت بك لأجله ... لم أخبر بابا وأشقائي بعد ... سأنتظر حتى يتم زفاف راجي ثم أخبرهم بعدها فأنا لا أريد تعكير فرحتهم براجي حاليا ...."
+
استرخى في جلسته يسأل مجددا :-
+
" وما المطلوب مني في هذه الحالة ...؟!"
+
تجاهلت طريقته الباردة المستفزة وهي تخبره :-
+
" لا شيء سوى ألا نعلن إنفصالنا حتى أتحدث أنا مع والدي أولا بعد زفاف راجي ..."
+
أضافت بسرعة :-
+
" وأنت حتى ذلك الوقت ليس مطلوب منك أي شيء ...حتى حفل الزفاف لست مضطرا لحضوره ..."
+
" وكيف ستبررين غيابي عن حفل الزفاف ..؟!"
+
سألها رافعا حاجبه ببرود عندما أجابت بجدية :-
+
" سأخبرهم إنك مسافر في رحلة عمل وربما سأمهد لهم الخبر بوجود خلاف بيننا ... حتى أمر الخاتم تصرفت به ... أخبرتهم إن هناك ماسة سقطت منه وهو بحاجة إلى التعديل ..."
+
هتف غير مصدقا :-
+
" رتبتي كل شيء كما ينبغي وأنا غير مطلوب مني سوى التنفيذ ..."
+
قالت بثبات مقصود :-
+
" نعم ، طالما أنا من إتخذ قرار الإنفصال فأنا من أتحمل مسؤولية قراري وما يتعلق به ..."
+
" تخبريني بأدب أن أخرس وأنفذ ما تطلبينه دون نقاش ..."
+
قالها بعينين متقدتين لتهتف ببرود :-
+
" أنا لم أقصد ذلك ولست مسؤولة عن إعتقادك به ..."
+
مال نحوها يهمس بضراوة :-
+
" هل تعتقدين إن الإنفصال كان سيتم دون موافقتي ...؟! لو لم أكن أريد الإنفصال بدوري ما كنت لأسمح لك به ..."
+
هتفت بنبرة قوية تحمل حدة خفيفة :-
+
" أنت لا يمكنك إجباري على ما لا أريده يا إياس لذا لا داعي لهذا الحديث ... كنت أسعى للإنفصال بشكل حضاري ولكن ..."
+
ظهرت الخيبة على ملامحها وهي تهمس بأسف :-
+
" ولكنك مجددا تتصرف بنفس الطريقة الغير مقبولة ... مجددا تثبت لي صحة قراري ..."
+
فشل في السيطرة على عصبيته هذه المرة وهو يهدر بعصبية :-
+
" مالذي تقصدينه ..؟! كوني صريحة مع نفسك على الأقل ... أنا كنت واضحا منذ البداية أما أنت ..."
+
أخذ نفس عميقا ثم قال :-
+
" تتخذين قرارا ثم تتراجعين عنه فجأة والمطلوب مني أن أقبل بذلك ..."
+
" هل هذا فقط ما تراه أنت ...؟!"
+
سألته بوجوم ليهتف بثبات :-
+
" كل شيء كان واضحا منذ البداية ... اتفقنا على موعد الزواج منذ أول يوم ... فجأة أردت تأجيل الزفاف والمطلوب مني أن أقبل وأنتظر حتى تتكرمين حضرتك وتختارين الموعد الذي يناسبك ..."
+
تأملت النادل الذي يتقدم نحويهما بوجوم ...
+
وضع طلب كلا منهما لتشكره بإبتسامة مصطنعة سرعان ما إختفت عندما غادرهما لتهتف بصوت خفيض لكنه قوي :-
+
" إنظر إلى نفسك وكيف تتحدث معي وحينها ستفهم سبب قراري .... "
+
قال ببرود :-
+
" كيف تتوقعين مني أن أتحدث معك بعدما تفعلينه ...؟!"
+
قالت بثبات على موقفها :-
+
" جميع ما أفعله رد فعل طبيعي على تصرفاتك ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
+
" في البداية وافقت أن يكون الزفاف بعد ثلاثة أشهر لإن كل شيء كان يسير بشكل طبيعي ولكن مع مرور الوقت بدأت تظهر عدة أمور جعلتني أتوخى حذرا منك ..."
+
تجاهلت تجهم ملامحه وهي تسترسل :-
+
" طريقتك في الحديث وتبادل الحوار ... تعاملك معي بطريقة غير لطيفة أبدا ... غضبك الغير مبرر وسياسة الأمر الواقع التي تعمدت أن تتبعها معي ... ماذا كنت تنتظر مني ..؟! أنت من تسببت بقراري هذا ... أنت من جعلتني أتوخى حذري منك يا إياس بسبب إسلوبك وطريقتك في التعامل ... "
+
تراجعت في جلستها تسترخي قليلا وهي تخبره بصلابة :-
+
" ليست مشكلتي إن كنت تعتقد إنني شخص يمكن تسييره كما تريد ... لا أعتقد إنني تصرفت بطريقة تدل على خضوعي لك مستقبلا .. أنا لا أخضع يا إياس ... ولست أنا من تسير خلفك كالعمياء وتقول لكل شيء تردده سمعا وطاعة ... "
+
كلماتها كانت تؤجج غضبه ...
+
تهاجم غروره مجددا بل تقتص منه ....
+
لم يعرف كيف يجيب عليها ...
+
لم يجد جوابا نافعا ويبدو إنها شعرت بذلك فرسمت إبتسامة باردة فوق شفتيها وهي تخبره بجدية :-
+
" راجع نفسك يا إياس ربما تدرك حينها أخطائك التي تصر أن تتعامى عنها ...."
+
انتفض من مكانه يهدر من بين أسنانه :-
+
" أشكرك على نصيحتك يا توليب هانم ... لكن يؤسفني أن أخبرك إنني لا أوافقك في حديثك هذا والأهم إنني متأكد من كوني لست مخطئا بأي شيء معك وما تقولينه مجرد هراء لا أساس له ..."
+
هزت كتفيها تخبره ببرود متعمد :-
+
" كما تريد يا إياس .. أنت حر ..."
+
اندفع مغادرا المكان بملامح مشتعلة تتابعه هي بعينيها اللتين كساهما الحزن مجددا فهي مهما تظاهرت بالثبات أمامها ما زال داخلها حزين غاضب منه ومن غباؤه وإصراره على التمسك بوجهة نظره الخاطئة ...
+
تمنت لو يراجع عن نفسه لكن آمالها غادرت دون رجعة فما رأته الآن يؤكد إنه لا ينوي التراجع والإعتراف بأخطائه وهي بدورها لن تتراجع عن قرارها مهما حدث ...!
+
***
+
وقف ينتظرها قرب سيارته بينما ما زالت هي تتجهز لأجل نزهتهما ...!
+
دقائق أخرى ووجدها تطل عليه بإبتسامتها الرقيقة المعتادة ولم يغب عنه ذلك الإختلاف الذي طرأ عليها حيث بدت وكأن الحياة تشع منها والحماس ظاهر في مقلتيها ...
+
وقفت قباله تسأله بإهتمام :-
+
" هل تأخرت ..؟!"
+
أجاب دون تفكير :-
+
" إطلاقا ...."
+
أضاف وعيناه تتأملان ملامحها الناعمة عن قصد :-
+
" تبدين رائعة ..."
+
أكمل منحدرا بنظراته نحو فستانها اللطيف بلونه الزهري :-
+
"وفستانك رائع أيضا ..."
+
توردت وجنتيها وهي تهمس :-
+
" شكرا ..."
+
لوهلة أراد أن يضحك ...
+
من يصدق إن زوجته منذ عشرة أعوام تتورد خجلا بسبب إطراءه على شكلها وملابسها ...
+
تنهد وهو يسأل بجدية :-
+
" جاهزة للمغادرة ...؟!"
+
اومأت برأسها قبل أن تسأل بفضول :-
+
" سنذهب دون سائق ....؟!"
+
أومأ برأسه وهو يخبرها :-
+
" أعلم إنك تفضلين ذلك ..."
+
هزت رأسها مؤكدة ما قاله وهي تبتسم بنعومة قبل أن يتجه فاتحا باب سيارته لها لتركب السيارة فيغلق هو الباب ثم يتجه للجانب الآخر متخذا مكانه في مقعد السائق ...
+
سألته بتردد :-
+
" أين سنذهب ..؟!"
+
هتف بجدية :-
+
" مبدئيا سنذهب ونتناول الغداء في مكان سيعجبك كثيرا ثم بعدها سنذهب حيث تحبين ..."
+
ابتسمت بخفة بينما شغل هو سيارته وسألها :-
+
" ماذا تحبين أن تسمعي ...؟!"
+
ابتسمت تخبره برقة :-
+
" أنت لا تحب الأغاني عامة ..."
+
تسائل باستغراب :-
+
" من قال ذلك ..؟!"
+
همست بتردد :-
+
" لم أرك يوما تستمع إلى الموسيقى ..."
+
قال بجدية :-
+
" لست من هواة الموسيقى لكنني لا أنزعج منها في ذات الوقت ..."
+
أكمل بإهتمام :-
+
" أعلم إنك تحبين الموسيقى والأغاني عموما لذا إختاري ما تريدين سماعه ..."
+
أخرجت هاتفها تبحث فيه عن قائمة الأغاني التي تخزنها لتمده له فيربط هو الهاتف في المكان المخصص له ثم يشغل الموسيقى بعدها فيصدح صوت مطربتها المفضلة منذ المراهقة ...
+
قاد سيارته متجها بها إلى المطعم بينما كلمات الأغنية تنساب في السيارة فيعقد حاجبيه وهو يستمع إلى كلماتها التي تتحدث عن معاناة المرأة مع حبيبها أو ربما زوجها ...
+
انتهت الأغنية الأولى فأتت الثانية والتي لم تختلف في موضوعها عن الأولى ليتسائل بتجهم :-
+
" هل جميع الأغاني هكذا تتحدث عن الألم والعذاب والخيانة ..؟!"
+
كحت بخفة قبل أن تخبره :-
+
" كلا بالطبع ... هناك أغاني مختلفة ... أنا فقط أخزن جميع الأغاني بإختلاف أنواعها ..."
+
ثم سارعت تسحب الهاتف وهي تتمتم :-
+
" سأغير الأغنية ..."
+
بسرعة ودون تفكير شغلت أغنية أخرى جعلته يستدير نحوها متمتما برضا ومكر خفي :-
+
" هذه رائعة ... حافظي على هذا النمط طالما نحن سويا ..."
+
بينما احمرت هي تماما لدرجة شعرت إنها ستذوب من شدة الإحراج والخجل بينما كلمات الأغنية عاطفية بشكل مثير ومحرج ...
+
"عايشه حالة حب معاك واخداني
+
وصعب انها تتكرر تاني
+
وبعيشها لو انت بعيد او قدامي
+
واخيرا الايام رضيو عليا
+
اخيرا جه يا حبيبي يوم ليا
+
ارتاح من قسوة ايامي
+
سيبني اسرح فيك شويه .. وانسي ايام ضاعو مني
+
نفسي عمري يعدي بيا وانت بعينيك دول حاضني "
+
بعد قليل استدارت نحوه تتأمل إندماجه مع الأغنية التي على ما يبدو أعجبته ليتضاعف خجلها عندما إستدار فجأة ليجدها في تلك الوضعية تتأمله بإهتمام ليبتسم بخفوت وهو يسأل بتلاعب :-
+
" هذه المطربة ... نفسها صاحبة الأغنية التي إخترتها لنرقص عليها يومها في حفل زفافنا ..."
+
هتفت بدهشة :-
+
" ما زلت تتذكر الأغنية ..."
+
" وهل ينسى المرء شيئا كهذا ...؟!"
+
سأل بجدية قبل أن يضيف بينما عيناه تتحركان بينها وبين الطريق أمامه بحرص :-
+
" هناك أشياء لا يمكن نسيانها لإنها لا تعاش سوى مرة واحدة في العمر ... أشياء لا تتكرر .. "
+
" معك حق ..."
+
تمتمت بها بخفوت وكلماته مجددا تترك آثرا مختلفا على مشاعرها الفتية ...
+
وصلا بعدها إلى المطعم لتجده إختار مطعما مفتوحا بحدائق واسعة رائعة التصميم على غير العادة فهو يفضل المطاعم المغلقة تماما ...
+
هبطا من السيارة بعدما صفها في كراج المكان لتجده يقبض على كفها وهو يتحرك بها إلى الداخل فتبتسم عفويا وشعور السعادة تمكن منها ...
+
اتخذت مكانها على الطاولة وجلس هو قبالها لتتأمل المكان بإعجاب صادق والطبيعة الخلابة تحيطها من كل جانب ...
+
أفاقت من تأملها على سؤالها :-
+
" أعجبك المكان ، أليس كذلك ...؟!"
+
ابتسمت تخبره بصدق :-
+
" إنه رائع..."
+
تنهد برضا بينما تقدم النادل بعد قليل ليضع المياه الباردة أمام كلا منهما يتبعه آخر يسألهما عن طلبهما ..
+
بقيا لوحدهما بعدها لتبتسم له برقة وهي تخبره :-
+
" المكان حقا جميل للغاية ..."
+
تنهد قائلا :-
+
" حاولت أن أختار شيئا يروقك ...."
+
ابتسمت تخبره بعفوية :-
+
" نعم أنا أحب هكذا أماكن مفتوحة عكس تلك المطاعم المغلقة التي تفضلها أنت .. أماكن باردة لا روح فيها ... "
+
ضحك بخفة ثم قال :-
+
" أعلم ذلك جيدا ..."
+
همست بخفوت :-
+
" نحن نختلف كثيرا عن بعضنا ..."
+
تشنجت ملامحه بينما تتسائل هي بحيرة صادقة :-
+
" لا أعلم إذا ما كان هذا جيدا أم لا ..."
+
تسائل بجدية :-
+
" يزعجك هذا الإختلاف ، أليس كذلك ...؟!"
+
حركت أطراف أصابعها حول الكأس الزجاجي المملوء بالمياه بصمت ليضيف بإصرار :-
+
" تحدثي يا همسة ... أريد سماعك .. سماع رغباتك وأمنياتك ... أريد معرفة أكثر ما يزعجك في علاقتنا ..."
+
رفعت عينيها المترددتين نحوه فيضيف بتروي :-
+
" ربما إذا تحدثتي وبحتي بما يجول داخلك سنصل إلى حل يريح كلينا ...."
+
نطقت بتردد :-
+
" سيكون صعبا ... "
+
تنهدت ثم قالت :-
+
" أنت لن تفهمني ..."
+
قال بجدية :-
+
" أنت لم تجربي بعد ... لا يمكنك الحكم علي ..."
+
طالعته بصمت ...
+
لا تعرف كيف تخبره بما تخفيه داخلها لأعوام ..؟!
+
كيف تبوح بمكنونات روحها وهي التي إعتادت الكتمان منذ طفولتها ...؟!
+
هي من إعتادت أن تخفي مشاعرها ومتطلباتها وأمنياتها بعيدا عن الجميع حتى أقرب الناس لها ...
+
كيف تخبره إنها لا تحب حياتهما حاليا ..؟!
+
كيف تشرح له إنها تبحث عن حياة مختلفة عن حياتهما الحالية ..؟!
+
حياة بسيطة هادئة خالية من كل هذه التعقيدات التي تعيشها ...
+
منزل صغير ودافئ وحياة بسيطة مع زوج عادي تماما ...
+
مائدة صغيرة يجتمع عليها كليهما مع أطفالهم فيتقاسمون الطعام الذي طبخته بنفسها ويتشاركون الأحاديث العامة والضحكات الصاخبة ...
+
والأهم كيف ستخبره عما تريد من عشق جارف يجمع بينهما وزوج يحبها بجنون ويتعامل معها بعاطفة خالصة لا يشوبها شيء ...
+
زوج يشبه أبطال الروايات بعشقه وجنونه وعاطفيته ...
+
تنهدت متجاهلة أفكارها التي تؤلمها فهي لن تعيشها مهما حدث لتخبره برجاء خالص :-
+
" دعنا نستمتع اليوم ... نستمتع فقط ولا نفكر بشيء آخر ..."
+
" حسنا ... كما تريدين .."
+
قالها مستسلما بينما أتى النادل يحمل الحساء الساخن لكليهما ليقضيا وقتا لا بأس به في المطعم يتبادلون الأحاديث ويتناولون طعامهما ..
+
***
+
تحركا بعدها مغادرين المطعم ...
+
أخذ كلا منهما مكانه في السيارة عندما سألها بجدية :-
+
" أين سنذهب الآن ..؟!"
+
نظرت له بتفكير امتد للحظات قبل أن تخبره بتردد :-
+
" إلى السينما ...؟!!"
+
" السينما ...؟!"
+
تمتم بها مدهوشا لتومأ برأسها وهي تبتسم بصمت ...
+
تنهد مرغما ثم قال متذكرا قراره بالذهاب إلى المكان الذي تختاره هي :-
+
" حسنا .. إلى السينما ..."
+
مدت كفها تلمس كفه الموضوع فوق مقود السيارة ثم همست له :-
+
" أنت بالطبع لا تحب الذهاب إلى هناك ولكن أريد تجربة الدخول إلى السينما سويا ومشاهدة فيلم معا ..."
+
ابتسم مرغما على حديثها الصريح وهاهي دون أن تدرك تفصح عن شيء ما أرادته يوما ...
+
جذب كفها من فوق كفه يطبع عليه قبلة دافئة وهو يخبرها :-
+
" سمعا وطاعة يا هانم ..."
+
ضحكت بخجل بينما أدار هو مقود سيارته منطلقا بهما إلى أقرب سينما ...!
+
***
+
عادا مساءا إلى المنزل لتندفع بلهفة متجهة نحو أولادها بعدما ألقت تحية سريعة على خالتها التي كانت تجلس لوحدها في صالة الجلوس ...
+
لم يغب عن خالتها تلك الحيوية التي بدت عليها همسة على غير عادتها بينما تقدم راغب منها مبتسما لها مقبلا كفها وهو يخبرها :-
+
" كيف حالك حبيبتي ..؟!"
+
ربتت زهرة على كفه بينما جاورها هو في جلستها لتجيب :-
+
" بخير عزيزي ..."
+
سأل بجدية ولم يغب عنه تبدل مزاجها الأيام السابقة :-
+
" أخبريني مالذي يحزنك ... تحاولين إخفاء ذلك لكنك تفشلين ... "
+
قاطعته بسرعة :-
+
" لست حزينة أبدا ... أنت تتوهم ..."
+
أضافت بسرعة حريصة ألا تكشف حزنها على صغيرتها التي فسخت خطبتها فلا أحد يعلم سواها حتى الآن بذلك :-
+
" أنا فقط مرهقة قليلا هذه الأيام ..."
+
" غريب ... كنت الأكثر حماسا لزفاف راجي ..."
+
قالت بإبتسامة صادقة :-
+
" وما زلت كذلك ..."
+
أكملت بعدها :-
+
" دعك مني الآن ... لنتحدث قليلا عنك ..."
+
عقد حاجبيه مرددا بدهشة :-
+
" عني أنا ..؟!"
+
قالت بجدية :-
+
" لم أرَ همسة سعيدة ومنطلقة إلى هذه الدرجة من قبل ..."
+
أضافت بحرص :-
+
" اعتني بهمسة يا راغب .. همسة رقيقة وعاطفية للغاية ... حتى اليوم لم أتدخل بينكما ولكن ..."
+
أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-
+
" لم يغب عني أبدا تدهور علاقتكما ..."
+
هم بنفي ما تقوله فأوقفته سريعا وهي تضيف :-
+
" أتفهم خصوصيتكما وأحترمها كثيرا ولكن ... "
+
توقفت لوهلة ثم قالت :-
+
" خذها نصيحة مني ... همسة بسيطة للغاية ... لا تريد شيئا سوى عاطفتك ... إغمرها بحبك وحينها ستحيا بسعادة وأنت بدورك ستنال من تلك السعادة أيضا ... "
+
أضافت بجدية :-
+
" ولا بأس في أن تعتني بها وتحرص على إسعادها بمختلف الطرق ... صدقني يا راغب ... همسة إنسانة بسيطة للغاية تستطيع أن تكسبها بسهولة فقط إمنحها حبك ورعايتك وكن واضحا معها في مشاعرك ولا تبخل عليها أبدا في إظهار عواطفك وحميتك وخوفك عليها ... لا تنسى إنها عاشت يتيمة مفتقدة والديها منذ الطفولة ... إنها حساسة جدا ولكن لا يوجد أطيب ولا أرق ولا أبسط منها ..."
+
ابتسم بجدية وهو يخبرها :-
+
" اطمئني ... همسة تحديدا لا توصيني عليها ..."
+
قالت بإدراك :-
+
" أعلم مقدار حبك لها وحرصك عليها ولكن هذا لا يكفي أن يجعلني مطمئنة .."
+
تابعت بينما وجمت ملامحه بسبب قولها هذا :-
+
" الحب وحدة لا يكفي ... هناك أشياء أخرى يجب أن تتوفر بينكما كي ينجح هذا الحب وتزدهر حياتكما به .. وأهم خطوة هي الوضوح وعدم إخفاء المشاعر بتعمد لأجل كبرياء لعين لن تنل بسببه فيما بعد سوى الندم والحسرة ..أنا قلت ما لدي وثقتي بك كبيرة يا راغب ..."
+
ربتت على كتفه ببطأ ثم نهضت من مكانها مغادرة صالة الجلوس تاركة إياها شاردا في كلماتها ولأول مرة يعترف بصحتها ...
+
***
+
صعد إلى جناحه ليجدها هناك تجلس أمام المرآة بملامح شاردة ...
+
" همسة ..."
+
نطق بها لتستيقظ من شرودها فتبتسم لا إراديا وهي تنهض من مكانها بينما يتقدم نحوها يسألها بإهتمام :-
+
" هل إطمئنيت على الأولاد ...؟!"
+
اومأت برأسها قبل أن تفاجئه وهي ترفع وجهها قليلا طالعة قبلة دافئة فوق وجنتيه ثم تعانقه بعدها وهي تهمس له بصدق :-
+
" شكرا ... كان يوما رائعا ..."
+
شدد من عناقها وهو يبتسم بدوره متذكرا كلمات والدته لا إراديا عنها ...
+
أبعدها عنه قليلا يهمس لها :-
+
" سنكرر هذا اليوم دائما بعد الآن ...."
+
هتفت بحماس :-
+
" رائع ، ولنأخذ الأولاد معنا فهم أيضا بحاجة إلى الترفيه ..."
+
" الأولاد لهم يوم وأنت لكِ يوم ...."
+
ضحكت مرددة :-
+
" غير معقول ..."
+
" سترين بنفسك ..."
+
قالها بخفة وهو يبدأ بفك أزرار قميصه ليتفاجئ بها تقترب منه وتجذب كفه مرددة بصوت متحشرج :-
+
" سأساعدك أنا ..."
+
ثم بدأت تفك أزرار قميصه بعينين منخفضتين وملامح إحمرت تدريجيا بينما يتابعها هو بحرص .
+
ما إن إنتهت من فك آخر زر حتى وجدته يرفع وجهها نحوها متأملا وجنتيها المشتعلتين بشغف سرعان ما ترجمه بقبلة فوق شفتيها تجاوبا معها بلهفة معتادة باتت رفيقتها كلما اقترب منها ...
+
لا تعلم كم مر من الوقت وهما سويا يتشاركان اللحظات الحميمية بشغف نابع من كليهما ....
+
كان لا يريد الإبتعاد عنها وهي بدورها تعلقت به بشكل لم يتوقعها كليهما ...
+
كل يوم يمر عليهما سويا تكتشف شيئا جديدا عنها وتتفاجئ بالكثير مما يخصها ...
+
لو أخبرها أحدهم ذات يوم إنها ستتفاعل مع زوجها بهذه الطريقة وتتجاوب معه هكذا لما صدقت أبدا ...!
+
تنهدت بإرهاق بينما تضع رأسها فوق صدره بينما يده تسير فوق ظهرها العاري بحرص ....
+
نادى عليها فهمهمت دون جواب ليخبرها :-
+
" أين تريدين السفر ...؟!"
+
رفعت عينيها بسرعة نحوه تسأله باستغراب :-
+
" هل سنسافر ...؟!"
+
ابتسم يخبرها :-
+
" بعد إنتهاء حفل زفاف راجي مباشرة ..."
+
تمتمت بحماس :-
+
" حقا يا راغب ...؟!"
+
أومأ برأسه مؤكدا :-
+
" نعم ، سنبقى لإسبوع وربما أكثر ..."
+
قالت بسعادة :-
+
" رائع ..."
+
أكملت :-
+
" إختر أنت المكان الذي نذهب إليه فأنا لا فرق لدي ... "
+
طالعها للحظة قبل أن يهتف بحسم :-
+
" إتركي هذا الأمر علي وأنا أعدك برحلة رائعة ..."
+
ابتسمت بعينين لامعتين بينما انحنى هو بشفتيه صوب شفتيها يلتقطهما بقبلة تجاوبت معها على الفور ...!
3
***
في أحد القصور الفخمة التي تقع في منطقة زراعية تبعد عن العاصمة مسافة كبيرة خرجت سولاف راكضة تستقبل شقيقها الذي عاد سريعا كما أخبرها لتعانقه وهي تردد :-
+
" اشتقت لك كثيرا ..."
+
أبعدها عنه بعدما بادلها عناقها يتسائل بقلق :-
+
" كيف حال جدتي ..؟!"
+
تمتمت بخفوت وإرتباك ظهر بوضوح على محياها :-
+
" بخير ..."
+
لم ينتبه على توترها بينما يتجه سريعا إلى الداخل ومنه إلى غرفة جدته ليندفع إلى الداخل سريعا نحوها بينما كانت جدته تتناول دوائها من خادمتها ...!
+
" أثير حبيبي ..."
+
قالتها فريدة جدته وهي تضمه نحوها بشوق مضيفة :-
+
" إشتقت لك كثيرا ... كيف تسافر هكذا دون توديعي ..؟!"
+
ابتعد عنها قليلا يجذب كفها يقبله بإحترام بينما يخبرها بصدق :-
+
" آسف حقا يا جدتي ... كان لدي عملا مستعجلا ..."
+
تمتمت فريدة بوجوم :-
+
" عمل مستعجل أم بسبب والدتك لا رضي الله عنها ..."
+
وجمت ملامح أثير وبدأ يدرك تدريجيا ما يحدث عندما طلت والدته من خلفه تهتف بتجهم :-
+
" سامحك الله يا عمتي ..."
+
هتفت فريدة بسرعة معترضة :-
+
" لست عمتك ... ناديني حماتي ..."
+
تجاهل أثير ما يحدث من نقاش حاد معتاد بين جدته ووالدته فجدته تكره والدته ولا تتردد في التصريح عن ذلك ووالدته تبادلها نفس المشاعر ...
+
أشرقت ملامح زمرد بسرعة وهي تتقدم نحوه تعانقه بشوق :-
+
" حبيبي ، لو تعلم مقدار شوقي لك ..."
+
لم يغب عنها جموده وهو بين ذراعيها قبل أن يبعدها برفق ثم يعاود الجلوس بجانب جدته يسألها بجدية :-
+
" ألم تكوني مريضة ...؟!"
+
قالت فريدة بسرعة :-
+
" كلا لست مريضة ... إضطررت لمشاركة والدتك في كذبتها بعدما أشفقت عليها وأنا أراها منهارة لهذه الدرجة ترجوني وأنفاسها تكاد تنقطع من شدة بكائها ...."
+
التفت نحو والدته يرمقها بنظرات مشتعلة لتقول الأخيرة بنعومة :-
+
" ها قد سمعت بنفسك .. تخيل أي مرحلة وصلت إليها من الإنهيار بحيث جدتك بنفسها أشفقت علي وتعاطفت معي وهي التي لا تتمنى لي الخير أبدا وتسعى دائما لتخريب حياتي وتدمير سعادتي ..."
+
كلماتها الأخيرة كانت مقصودة بشكل واضح مما جعل الجدة تلوي فمها وهي تخبرها :-
+
" ليته نفع معك ... سأموت قبل أن أرى أنفك الشامخ هذا محطم يا زوجة ولدي وحيدي ..."
+
نهض أثير من مكانه مرددا بملل :-
+
" أنا لست فاضيا لهذا الحوار المكرر ...."
+
سارعت فريدة تجذبه من كفه وهي تخبره :-
+
" دعك منها ... "
+
ثم أشارت نحو زمرد بنبرة حادة :-
+
" اتركيني مع حفيدي قليلا ... ألا يمكنني الإنفراد به ولو لدقائق ....؟!"
+
" هيا يا ماما .. دعينا نغادر ونتركهما لوحدهما قليلا ..."
+
قالتها سولاف التي كانت تتابع الحديث الدائر بينهما بضحكات مكتومة وهي تجذب والدتها من كفها خارجة بها من جناح جدتها بينما جذبت فريدة كف أثير تخبره بضيق :-
+
" لا سامح الله والدتك .. لم يسلم أحد من شرها حتى أنت ..."
+
أضافت بجدية :-
+
" لكن هل تعلم ...؟! لم أرَ زمرد منهارة إلى هذا الحد طوال حياتي ...؟! "
+
زفر أثير أنفاسه بضيق بينما أكملت هي بجدية :-
+
" الآن تأكدت إنك نقطة ضعف والدتك يا أثير ..."
+
تنهدت تضيف :-
+
" أنت تعرف إنني لا أطيق والدتك ..."
+
هتف مرغما :-
+
" أعلم يا جدتي ..."
+
ابتسمت تخبره :-
+
" ولكن كلمة الحق تقال ... والدتك حزينة كثيرا و نادمة على ما فعلته ..."
+
كاد أثير أن يضحك بسخرية على حديث جدته فهو رغم كل شيء يدرك إن والدته ليست نادمة على فعلتها ...
+
نعم هي حزينة وكثيرا أيضا لكن الندم أبعد ما يكون عنها ...
+
تجاهل أفكاره تلك فهو ليس بمزاج يسمح له بتبادل المزيد من الأحاديث مع جدته لذا قال وهو ينهض من مكانه :-
+
" سأراها ثم أعود إليك ..."
+
ثم تحرك مغادرا الجناح ليجد والدته تقف على مسافة بعيدة قليلا بملامح متحفزة وجانبها سولاف ..
+
أشار لشقيقته :-
+
" كيف تكذبين علي وتخدعيني بهذا الشكل يا سولاف ..؟!"
+
قالت سولاف بسرعة :-
+
" أنا آسفة ولكن ..."
+
قاطعتها زمرد :-
+
" أنا من طلبت منها ذلك ... لم يكن أمامي حل آخر لإرجاعك غير هذا ..."
+
" وهل تعتقدين إن رجوعي إلى البلاد سيغير شيئا ..؟!"
+
قالها متهكما لتهتف بثبات :-
+
" نحن يجب أن نتحدث ... أنا والدتك ... لا يحق لك مقاطعتي مهما فعلت ..."
+
زفر أنفاسه بغضب بينما سارعت هي تمسك ذراعه تخبره ودموعها شقت طريقها فوق وجنتيها :-
+
" هل هانت عليك والدتك بهذه السهولة ...؟! كيف طاوعك قلبك أن تقاطعني طوال هذه المدة ...؟!"
+
هتف بجدية وغضب مكتوم :-
+
" توقفي يا ماما .. أنا أكثر من يعرفك ويحفظ طرقك المعتادة لكسب التعاطف ... طريقتك هذه لن تجدي نفعا معي ..."
+
احتدت ملامحها وهي تهدر وقد توقفت دموعها عن التساقط فجأة :-
+
" جيد إذا ... لأتبع طريقة مختلفة ... لن تغادر البلاد قبل أن ننهي الخلاف الذي بيننا يا أثير ..."
+
" رائع ، هذه زمرد هانم التي أعرفها ..."
+
قالها بسخرية قبل أن يندفع معاودا الدخول إلى جناح جدته تتبعه زمرد وهي تصيح إسمه معترضة على ذهابه وخلفها سولاف..
+
توقفت زمرد في منتصف الجناح بأنفاس مكتومة جانبها سولاف بينما أخذ أثير مكانه جانب جدته يخبرها :-
+
" حبيبتي الغالية ... لدي طلب صغير منك وأتمنى ألا ترفضيه ..."
+
قالت فريدة بسرعة :-
+
" طلباتك أوامرك يا حبيب جدتك ..."
+
اتجه أثير ببصره نحو والدته التي تتابع ما يحدث بترقب ليبتسم ببرود ومكر يسطع من عينيه بينما يخبرها :-
+
" أريدك أن تقيمي في قصرنا الفترة القادمة فأنا إشتقت لوجودك بيننا كثيرا ..."
+
اشتعلت عينا زمرد وكادت أن تضرب الأرض بقدميها بغضب بينما غمزت سولاف لشقيقها بشقاوة والجميع يعرف إن وجود فريدة هانم في قصر ولدها مع زوجته يعني حدوث بركان مهيء للإنفجار في أي لحظة ناهيك عن تقييد زمرد الصريح والتي ستخضع لمراقبة دائمة من حماتها وستكون عرضة لتعليقاتها المزدرئة طوال الوقت ..!
+
***
+
أمام النافذة التي تطل على حديقة خارجة مساحتها كبيرة مليئة بالأشجار والأزهار المختلفة يقف بملامح معتمة واضعا كفيه داخل جيبي بنطاله منتظرا قدوم والدته ...
+
صوت خطواتها صدح في المكان وهي تتقدم اتجاهه ليلتف إليها فتبتسم له مرددة :-
+
" أهلا حبيبي ..."
+
ثم شبت قليلا تطبع قبلة فوق وجنته مضيفة :-
+
" اشتقت لك كثيرا ... "
+
تمتم نضال ببرود :-
+
" ما هو الأمر العاجل الذي أردتني لأجله ...؟!"
+
" تعال إجلس أولا ..."
+
قالتها وهي تجلس على أحد الكراسي واضعة قدما فوق الأخرى لتتجهم ملامحه كليا وهو يجلس أمامها متأملا فستانها القصير عاري الأكتاف بشكل لا يليق بسنها بعدم رضا ...
+
قالت إنتصار وهي ما زالت محافظة على إبتسامتها :-
+
" سأسافر غدا يا نضال ..."
+
" حسنا ...!"
+
تجاهلت بروده معها ونبرته الجافة وهي تضيف :-
+
" سأنفصل عن زوجي رسميا ..."
+
لم يبدِ أي ردة فعل بل بقي محافظا على جموده وهو يسأل :-
+
" ما المطلوب مني ...؟!"
+
قالت بجدية :-
+
" لا شيء.. فقط أردت توديعك ..."
+
نهض سريعا قائلا :-
+
" جيد ... لأغادر إذا ..."
+
وقفت بسرعة تهدر بثبات :
+
" توقف يا نضال ..."
+
أضافت وهي تتقدم نحوه بنبرة لائمة :-
+
" إلى متى ستبقى تعاقبني على هذه الزيجة ...؟! أنا لا أفهم سبب غضبك من شيء كهذا ... إنها حياتي ..."
+
" نعم إنها كذلك ..."
+
قالها ببرود وهو يضيف :-
+
" وأنا لا يحق لي التدخل بها ..."
+
هتفت بشموخ :-
+
" جيد إنك تدرك هذا ..."
+
أضافت بجدية :-
+
" أنت مجبر أن تحترمني وتحترم قراري أيا كان ..."
+
" تركتك تفعلين ما تريدين ولم أتدخل في حياتك نهائيا ... ما المطلوب مني بعد ..؟!"
+
سألها بنبرة جادة لتقول بدورها :-
+
" لكنك في المقابل بعيد عني تماما ... لا تراني ولا حتى تسأل عني ..."
+
" لإنني لا أريد ذلك ..."
+
صاحت بعدم تصديق :-
+
" أنا والدتك ..."
+
" أعلم ..."
+
قالها بخفة وهو يضيف :-
+
" أنت أمي التي لا أريدها في حياتي ... أعتقد إنني هذه المرة صريحا معك بما يكفي لتدركي موقفي منك وتحترميه ..."
+
اتسعت عيناها بغضب حاد وهي تصيح :-
+
" مالذي فعله والدك مجددا ..؟! كيف غيرك لهذه الدرجة ..؟! أي سموم حقيرة لوث بها عقلك ...؟!"
+
ضحك غير مصدقا :-
+
" أتمنى أن يكون كلامك هذا مزاح لا أكثر ... والدي آخر من يفعل ذلك ... لا تبليه بما كنت تفعلينه معه ..."
+
" منذ مجيئك إلى هنا قبل عامين وأنت تغيرت وإبتعدت عني تماما ..."
+
هتف بثبات :-
+
" والدي لا شأن له بكل هذا ... هو أساسا ليس فارغا ليفعل شيء كهذا ... على العكس تماما ... هو يرفض تصرفي هذا ..."
+
هتفت بسخرية قاتمة :-
+
" رائع ... لقد نجح بعد كل هذه السنوات في تطويعك لصالحه ... وأنت سمحت له بذلك بسهولة ..."
+
" ليست مشكلتي إن كنت تصرين على ذلك ..."
+
قالها بجدية وهو يضيف :-
+
" ولكن أنت تدركين جيدا إن هذه التصرفات ليست من شيم والدي ... والدي الذي تحمل الكثير منك لسنوات وصبر عليك وعلى أفعالك المرفوضة .... "
+
" الآن بات والدك هو الأب الرائع المثالي وأنا شريرة الحكاية ..."
+
قالت بنبرة مشحونة ليهتف بجدية :-
+
" أليست هذه الحقيقة ...؟! "
+
أضاف وهو يراقب تشنج ملامحها الذي ينذر بنوبة غضب قادمة مخيفة :-
+
" الحقيقة التي أدركتها متأخرا بعدما حييت لسنوات مخدوعا بك ... "
+
قبض على ذراعها مضيفا بأنفاس محتدة وعيناه تلمعان بحقد مخيف :-
+
" مخدوعا بوالدتي التي قاطعت الجميع وحاربتهم لأجلها لأكتشف إنها مجرد شيطان وضيع يتخذ من الزيف والخداع وسيلة للتكتم على حقيقته ... أنا الذي صدقتك فهجرت والدي ورفضته مرارا بكل تجبر واتخذت صفك ضده دائما لأكتشف بعد كل هذه السنوات إن والدي كان ضحيتك ... ضحية جبروتك و تسلطك و كرهك الأعمى ..."
+
ضحك مضيفا بسخرية :-
+
" وأنا بدوري كنت كذلك ... كنت ضحية كذبك وخداعك ..."
+
أخذت تهز رأسها نفيا وهي تتمتم :-
+
" لا أصدق إنك ولدي ... أنت لست ولدي الذي أعرفه ... أنت لست نضال ..."
+
" بلى أنا هو .. أنا نضال ولدك ... صنيعة يدك ... هنيئا لك يا إنتصار هانم ... جربي قليلا مرارة ما صنعته يداك وما إقترفته من ذنوب بحق من حولك ..."
+
دفعها بعدها متحركا خارج المكان لتندفع راكضة خلفه قابضة على ذراعه ترجوه :-
+
" نضال اسمعني ... أعطني فرصة لأشرح لك ... والدك يخدعك ..."
+
هدر بغضب :-
+
" والدي لا شأن له بكل هذا ... لماذا لا تفهمين ...؟!"
+
" هو من يشحنك ضدي ..."
+
قالتها بعصبية لاهثة ليهتف بصوت غاضب :-
+
" ألن تتوقفي عن إتهامه بأشياء لا علم له عنها أساسا ..؟! ألن تتوقفي عن محاولاتك الدائمة لتشويهه أمامي ...؟!"
+
" إنظر إلى نفسك كيف تدافع عنه ..."
+
قال من بين أسنانه :-
+
" أنا لا أدافع عنه .. أنا فقط أقول الحقيقة ..."
+
أضاف بجمود عاد يغلف ملامحه :-
+
" لكن حقدك عليه ما زال يعميك عن الحقائق ... حقدك الذي لن ينتهي أبدا ... "
+
نطقت غير مصدقة :-
+
" الآن أصبحت تلومني وأنت تدرك ما عشته ..."
+
صرخ رافضا :-
+
" مالذي عشته إن شاء الله ...؟! أفيقي يا هانم ... كل شيء بات واضحا أمامي ... أنا أصبحت أعرف جيدا أي امرأة بشعة أنت وكم عانى والدي معك وبسببك لأعوام ...."
+
أضاف هامسا بنبرة كالفحيح :-
+
" والدي الذي خسر كثيرا بسببك ... خسر كثيرا بسبب إرتباطه بإمرأة مثلك ... دفع ثمن هذا الإرتباط الخاطئ لسنوات طويلة وما زال يدفع ..."
+
منحها نظرة أخيرة مليئة بالنفور قبل أن يتحرك مغادرا المكان متجها حيث سيارته التي صفها أمام الفيلا الواسعة التي تقطن بها والدته منذ عودتها من الخارج ...
+
شغل السيارة وهم بتحريك المقود عندما صدح رنين هاتفه فرفعه ليجد أروى تتصل به فإشتلعت عيناه بحقد لا ينضب بينما يهمس بوعيد متأملا حروف إسمها التي تسطع فوق شاشة الهاتف :-
+
" وأنتِ حان دورك ... سأنتهي منك قريبا ... "
+
***
+
رمت هاتفها بعصبية فوق سريرها ...
+
رفض مكالماتها كلها ...
+
مالذي يريده منها ...؟!
+
تأففت بأسى وهي تلوم نفسها مجددا ...
+
ما كان عليها أن تستعجل وتوافق عليه ...
+
إنه رجل مخيف ...
+
داخلها يخشاه بقوة ...
+
تخشى مما يحمله لها ...
+
هي تورطت معه ...
+
أخذت نفسا عميقا عدة مرات وهي تحاول إقناع نفسها إن ما تفكر به مجرد أوهام لا أساس لها ...
+
مخاوف غير حقيقية ...!
+
زفرت أنفاسها بتعب ممزوج باليأس عندما سمعت صوت طرقات على باب غرفتها ...
+
عبست ملامحها وهي تتمتم بضيق خفي :-
+
" تفضل ..."
+
دلفت والدتها وهي تحمل مجموعة من الأكياس التي تخص أحد أشهر دور الأزياء في البلاد ...
+
ازداد عبوس ملامحها بينما والدتها تتقدم نحوها مرددة بحماس :-
+
" لقد إشتريت لك العديد من الفساتين الرائعة .."
+
ثم بدأت تخرج فستانا تلو الآخرى تعرضه أمامها بينما هي تتابع ما يحدث بعينين غائمتين وأنفاس متلاحقة ...
+
هذا كثير عليها للغاية ...
+
والدتها تضغط عليها كثيرا بما تفعله دون أن تدرك ذلك وكأنها ينقصها هذا ...!
+
نهضت من مكانها تخبرها وهي تسحب الفستان من يدها :-
+
" ماما توقفي ..."
+
قالت رحاب بسرعة :-
+
" ماذا حدث ..؟! لا تخبريني إن الفساتين لا تعجبك ... "
+
أضافت تسترسل غير منتبهة لوجوم ملامح ابنتها الذي يزداد تدريجيا :-
+
" ستسمعين كلامي وتأخذين ما أختاره .. أنت عروس ويجب أن ترتدي كل ما هو جديد وجميل ... توقفي عن إرتداء الألوان الغامقة بعد الزواج .. إرتدي هذه الألوان المفرحة... "
+
صاحت أروى فجأة بينما عبراتها تساقطت فوق وجنتيها فهذه كثير عليها :-
+
" لا يوجد زواج ..."
+
التفتت رحاب نحوها بملامح سيطر عليها الذهول للحظات قبل أن تهمس بنبرة متذبذبة :-
+
" ماذا تقولين أنت ...؟! ماذا تعنين ..؟! كيف لا يوجد زواج ..؟!"
+
أجابت أروى ودموعها تتساقط فوق وجنتيها بغزارة :-
+
" كما سمعت .. فسخت الخطبة ..."
+
" لماذا ..؟!"
+
هتفت بها رحاب مدهوشة بينما جلست أروى فوق سريرها بضعف لتضيف رحاب بتساؤل عصبي :-
+
" ماذا حدث لتفسخي خطبة ...؟! كيف أساسا تأخذين قرارا كهذا دون علمنا ...؟! من حقنا أن نفهم على الأقل ..."
+
انتفضت أروى تصيح بعصبية تمكنت منها :-
+
" هذا ما حدث .. فسخت الخطبة لإنني لا أريده ... هل أنا مجبرة على الزواج منه ...؟! ومالذي يجبرني على ذلك ...؟! أخبريني هيا ..."
+
بهتت ملامح والدتها بينما تضيف بنبرة منهارة :-
+
" أنا حرة ماما .. لست مجبرة على الزواج من شخص لا أريده فقط كي أتزوج ... فقط كي أنال لقب متزوجة ... فقط كي أؤسّس عائلة وأنجب أطفالا ... كي أسعد قلبك وأجعلك تطمئنين علي ... كي أتخلص من تساؤلات الجميع عن عدم زواجي بعد بل وأتخلص من محاولاتك أنت وغيرك لتزويجي من الشخص المناسب ... لست مجبرة يا ماما وأنت يجب أن تفهمي هذا وتتقبليه ..."
+
سقطت بعدها فوق سريرها باكية لتهتف رحاب سريعا وهي تجلس جانبها :-
+
" حسنا اهدئي ... اهدئي حبيبتي ..."
+
إنهارت أروى بين أحضانها باكية بإنهيار لم ترها والدتها عليه طوال سنوات عمرها السابقة ...
+
أخذت تربت فوق ظهرها مرددة بحنو :-
+
" اهدئي حبيبتي ... لا تفعلي بنفسك هذا ... لا شيء يستحق دموعك .. لا شيء يستحق أن تحزني لأجله ..."
+
بقيت على هذه الحال لعدة دقائق قبل أن تبتعد عنها وهي تمسح وجهها بأطراف أناملها بينما تهمس بصوت متحشرج :-
+
" أنا آسفة ... إنفعلت قليلا ..."
+
قالت رحاب بسرعة وهي تربت على ظهرها مجددا :-
+
" ليس مهما حبيبتي ..."
+
قبضت أروى على كف والدتها تخبرها برجاء :-
+
" فقط لا تضغطي علي ... من فضلك ..."
+
" لن أفعل ..."
+
قالتها رحاب بجدية ثم أضافت بقلق :-
+
" ولكن أنا قلقة عليك ... مالذي يحدث معك يا أروى ...؟!"
+
قالت أروى بسرعة :-
+
" أنا بخير ... مرهقة نفسيا ولكنني سأكون بخير .. فقط لا تضغطي علي ..."
+
أضافت بصوت باكي متوسل :-
+
" أرجوكم لا تضغطوا علي ..."
+
هزت والدتها رأسها بتفهم قبل أن تجذبها نحو صدرها تعانقها بخوف وحرص فإستجابت أروى لعناقها مغمضة عينيها مستسلمة لدفء أحضان والدتها وداخلها تمنت لولا تغادر أحضان والدتها مهما حدث ..
+
***
+
كانت تجلس أمام مرآتها تسرح خصلاتها الشقراء بعناية ...
+
انتهت من تسريح شعرها وتركته منسدلا فوق كتفيها بنعومة لتجذب أحمر شفاه ذو لون بني ناعم وتضعه فوق شفتيها مكتفية به دون أن تضع أي زينة أخرى على وجهها محتفظة بملامحها على طبيعتها كما يفضل هو ....
+
حملت عطرها المفضل ترش منه فوق جسدها قبل أن تنهض من مكانها تتأمل قميص نومها الرقيق بلونه الذهبي كما يفضله زوجها بإهتمام قبل أن تلتقط الروب ترتديه وتغلقه حول جسدها ثم تتحرك مغادرة جناحها متجهة إلى حيث يجلس زوجها يوميا بعدما يتناولان وجبة العشاء سويا حيث غرفة مكتبه يراجع أعماله سريعا قبل أن ينضم إليها في جناحهما أو تنتظره هي في صالة الجلوس حيث يرتشفان مشروبا دافئا سويا ويتشاركان الأحاديث لوقت لا بأس وأحيانا يفعلان نشاطا مختلفا كمتابعة التلفاز أو سماع الموسيقى وأحيانا يلعبان الشطرنج سويا ...
+
حياتها معه أقرب المثالية فكل شيء يدور حولها رائعا وهو يتفنن في إسعادها بكل الطرق ...
+
كنان رجل يجيد التعامل مع إمرأته وتدليلها وهي باتت تحب دلاله وتتوق إليه وكأنه كلما زاد من إهتمامه بها ودلاله لها كلما باتت تريد المزيد فلا تمل بل تتلهف له ولما يفعله ...
+
ولكن في الآونة الأخيرة بات مشغولا بعمله لفترات طويلة ...
+
تقدمت نحو غرفة مكتبه لتجده كالعادة منشغل في عمله لدرجة لا يشعر بوجودها في الكثير من الأحيان ...
+
انتهى الشغف ...!
+
هكذا فكرت وهي تتأمله بينما يعمل على حاسوبه بتركيز شديد ...
+
منذ عودتهما من شهر العسل وهو منهمك في عمله ...
+
يقضي النهار في الشركة ثم يعود حاملا معه ملفاته ...
+
بينما تشعر هي بالغرابة والضيق ...
+
فهي اعتادت أن يهتم بها طوال الوقت ..
+
لا يكف عن تدليلها ...
+
يغرقها في أشواقه التي لا تنتهي...
+
لا يتركها لوحدها أبدا ...
+
ماذا حدث ..؟!
+
نهرت نفسها بسرعة ...
+
شعرت بتفكيرها الصبياني ...!
+
تفكير لا يليق بإمرأة ناضجة مثلها ...
+
أحكمت إغلاق روبها وهي تسير نحوه حيث يجلس فوق مكتبه يعمل بتركيز شديد بينما رائحة الدخان التي تنبعث من سيجارته التي لا تعرف كم رقمها تسيطر على المكان ..
+
هو مدخن شره والغريب إنها تقبلت ذلك...
+
كانت تعتقد إن رائحة الدخان ستزعجها لكنها لم تتأثر بها ...
+
رفع بصره نحوها ما إن شعر بوجودها ..
+
ابتسم بتلقائية بينما تتقدم هي نحوه ليجذبها نحوه فتستقر فوق قدميه بينما يهمس هو بخفوت :-
+
" أهلا بالأميرة ..."
+
أخبرته بدلال مقصود :-
+
" وجدتك تأخرت في القدوم فقررت أن آتي إليك بنفسي .."
+
أكملت بتبرم :-
+
"على ما يبدو إن العمل سيأخذك مني .."
+
هتف وهو ما زال محتفظا بابتسامته :-
+
" لا شيء يمكنه أن يأخذني منك يا ليلى .."
+
ثم توقف وهو يستمع لصوت رنين هاتفه ...
+
سألته باهتمام بينما يجذب هو الهاتف من فوق مكتبه :-
+
" من يتصل بهذا الوقت .."
+
أجابها ببساطة :-
+
" سكرتيرتي من فرع الشركة في إيطاليا ... هناك مشكلة .."
+
قاطعته بوجوم :-
+
" كارلا ..!"
+
بينما هتف هو بسلاسة قبلما يفتح الخط ويتحدث مع الأخرى :-
+
" صوفيا .."
+
أنهى مكالمته سريعا وهو يلاحظ تذمر ملامحها وإن سارعت تخفي ذلك بعد لحظات ...
+
ابتسم وهو يضع هاتفه جانبه متسائلا بمشاغبة :-
+
" ماذا يحدث ...؟!"
+
عقدت حاجبيها تسأل بدورها :-
+
" ماذا هناك ...؟!"
+
مد أنامله يلمس وجنتها برقة وهو يخبرها :-
+
" عبست قليلا ..."
+
أضاف متسائلا بمكر :-
+
" هل تغارين ...؟!"
+
تمتمت من بين أسنانها :-
+
" بالطبع لا ... لم سأفعل .. ؟! مرة كارلا ومرة صوفيا وغيرهن ..."
+
نهضت من مكانها تتحرك بعيدا عنه قليلا ثم تقف قبالها تسأله بحنق لذيذ :-
+
" كم سكرتيرة لديك يا كنان ...؟!"
+
" كثير ... "
+
قالها بملامح مشاكسة لتزم شفتيها ثم تسأل بجدية تحمل غضبا خفيا :-
+
" ولماذا جميعهن حسناوات لهذه الدرجة ...؟! هل تختارهن لأجل كفائتهن المهنية أم على حسب مستوى جمالهن ..؟!"
+
ابتسم بخفة قائلا :-
+
" السكرتيرة تمثل واجهة الشركة ولابد أن تكون حسنة المظهر ..."
+
رفعت وجهها تردد بملامح باردة :-
+
" هكذا إذا .."
+
نهض من مكانه متقدما نحوها وعلى شفتيه إبتسامة كسولة ليقبض على خصرها بكفيه يجذبها نحوه هامسا لها بنبرة متلاعبة :-
+
" تغارين يا ليلى ..."
+
وضعت كفيها فوق صدره تخبره ببرود :-
+
" نعم أغار ... هل لديك مشكلة ...؟!"
+
ابتسم بخفة :-
+
" حمقاء ... كيف لأميرة مثلك أن تغار...؟! ألا تدركين إن عيناي لا ترى غيرك ...؟!"
+
ابتسمت تخبره :-
+
" عزيزي كنان أنا لا ينطلي علي كلامك هذا ... "
+
هتف مصطنعا العبوس :-
+
" ألا تصدقيني ...؟!"
+
قالت بدلال وهي تعقد ذراعيها حول رقبته :-
+
" سأصدقك عندما تستبدل سكرتيرتك كارلا بأخرى غيرها وهي يمكنك أن تمنحها أي وظيفة أخرى ..."
+
ضحك بقوة لتعبس ملامحها مجددا فيتوقف عن ضحكاته وهو يهمس بخفوت :-
+
" يا لك من غيورة ..."
+
نهرته بدلال :-
+
" كنان ..."
+
ابتسم يخبرها :-
+
" إطمئني يا زوجتي الغيورة فأنا أنهيت عملها في شركتنا قبل عودتنا من شهر العسل أساسا ..."
+
ضحكت بعدم تصديق :-
+
" حقا ...؟!"
+
رفع حاجبه مرددا :-
+
" هل لديك شك في ذلك ...؟!"
+
عانقته على الفور مرددة بعفوية :-
+
" حبيبي ..."
+
ابتسم لا إراديا على لفظها بينما تجمدت هي كليا وتستوعب ما تلفظت به ...
+
خفق قلبها بقوة وشعرت بخوف غريب ينساب داخلها ... خوف تعمدت أن تنحيه جانبه بينما تسمعه يهمس لها :-
+
" ما رأيك أن نذهب إلى جناحنا ...؟!"
+
ابتعدت قليلا من بين أحضانه ورفعت عينيها نحوه تهمس بخجل :-
+
" حسنا لنذهب ..."
+
ثواني ووجدته يرفعها بين ذراعيه فشهقت بدهشة سرعان ما تحولت إلى خجل وهو يتحرك بها نحو السلم فتهمس له معاتبة :-
+
" الخدم يا كنان ..."
+
قال بجدية :-
+
" لا يوجد أحد منهم هنا ..."
+
ثم ارتقى درجات السلم متجها بها حيث جناحهما ...
+
***
بعد مرور يومين
+
دلفت إلى جناحهما المشترك في القصر يتبعها هو حيث أغلق الباب مرددا بجمود :-
+
" سنضطر أن نبقى سويا في نفس الجناح حتى يأتي الوقت المناسب وأبلغهم بقرار طلاقنا ..."
+
التفتت نحوه تتأمله بجمود لحظي قبل أن تهز رأسها وتتجه نحو الكنبة تجلس عليها بسكون بينما سارع هو يتجه نحو الخزانة يخرج له ملابسا بقيت هنا في خزانته قبيل سفره ثم يتجه إلى الحمام ليستحم قبل الخلود للنوم ...
+
بالكاد تماسكت أمام إستقبال العائلة الحافل ...
+
حاولت أن تخفي حزنها وتعاستها قليلا وتشك إنها نجحت في ذلك ...
+
سيعتقدون كالعادة إنها غاضبة من وجودها بينهم ولا تريد قربهم ولكن الحقيقة إن حزنها هذه المرة لسبب مختلف تماما ...
+
منذ تلك الليلة وقراره بالطلاق وهي تعتزل العالم كليا وهو بدوره لم يهتم بها إطلاقا بل تعمد أن يتجاهلها كشيء لا وجود له مكتفيا ببعض الكلمات المقتضبة عندما يتطلب الأمر إخبارها بشيء معين ...
+
طوال الأيام السابقة لم يتحدث معها سوى مرات لا يتجاوز عددها أصابع اليد ...
+
مرة وهو يخبرها بقرار العودة ومرة وهو يخبرها بتاريخ العودة ومرة ثالثة يسألها إذا ما كانت جاهزة للمغادرة وبقية الوقت يتجاهلها تماما بينما هي تحترق كليا غير راغبة بالعودة إلى تلك البلاد مجددا ولأول مرة تشعر بفداحة خطئها وتلوم نفسها فربما لو سايرته لحافظت على بقائها بعيدا عن كل هذه الفوضى ...
+
أغمضت عينيها بإرهاق مستندة قليلا على ظهر الكنبة بنعاس تمكن منها تدريجيا ...
+
دقائق وإنتفضت من غفوتها السريعة على صوته وهو يعبث بأغراضه لتنهض من مكانها بسرعة وتتجه إلى داخل الحمام حيث غسلت وجهها بالمياه الباردة عدة مرات ثم تحركت مغادرة الحمام تجذب حقيبتها وتخرج منها بيجامة مريحة ترتديها ...
+
سارعت تدلف إلى الحمام مجددا ترتدي بيجامتها ثم تخرج لتجده يلقي نفسه فوق السرير فتتقدم نحوه تسأله بوجوم :-
+
" أين سأنام أنا ...؟!"
+
أجابها بلا مبالاة بينما يعبث بهاتفه :-
+
" الكنبة كبيرة وتسعك ..."
+
عقدت ساعديها أمام صدرها تهتف بأنفاس محتدة :-
+
" ما تفعله معي ليس رجولة إطلاقا ..."
+
اعتدل في جلسته يهدر بها :-
+
" إلزمي حدودك يا جيلان ... ألم تتعظي مما حدث بعد ...؟!"
+
اندفعت تصيح بغضب :-
+
" كلا لم أفعل وليكن بعلمك لا أنت ولا غيرك يمكنه أن يتحكم به ويعاملني بهذه الطريقة المهينة ..."
+
هتف وهو ينتفض من مكانه بعصبية :-
+
" أنا أهينك بمعاملتي هذه إذا ... وما كنت تفعلينه من تصرفات مشينة ألا تعتبريها إهانة لك أيضا ...؟!"
+
تشنجت ملامحها كليا بينما ضحك هو مرددا بخفة :-
+
" لا جواب لديك لإنك تعرفين صحة كلامي ورغم ذلك تتصرفين بشكل أهوج دون تفكير ودون إعتبار لأي شيء حتى مكانتك وكرامتك ..."
+
" مكانتي ..!!"
+
رددتها ضاحكة وهي تضيف بنفس الضحكة الساخرة :-
+
" وكرامتي أيضا ... كرامتي اللتي دعستم عليها جميعا واحدا تلو الآخر ..."
+
نطق من بين أسنانه :-
+
" نحن لسنا من فعلنا ذلك ... إفهمي هذا ..."
+
صاحت معترضة وملامحها تحتد أكثر :-
+
" بل فعلتم ... وأنت تدرك ذلك والدليل إنك تنازلت عن حريتك وإقامتك هنا وسط عائلتك وسافرت معي فقط كي تكفر عن ذنبك في حقي ..."
+
" وفشلت ..."
+
قالها ببرود وهو يضيف بثبات :-
+
" وفشلت معك يا جيلان ... ماذا أفعل لك بعد ..؟!"
+
صاحت فجأة ودموعها إنتفضت فوق وجنتيها في ذات الوقت :-
+
" لا تطلقني ... "
+
سيطر الذهول على ملامحه لوهلة بينما استرسلت هي باكية :-
+
" لا تعدني إليهم .. لا تتركني لهم فريسة مجددا ... "
+
" لا أصدق ما أسمعه ..."
+
قالها بعدم إستيعاب عندما تقدمت نحوه تهتف :-
+
" بلى صدق ... أنا لا أتحمل العودة هنا مجددا ... لن أتحمل ذلك أبدا ..."
+
قال بتجهم :-
+
" هذا ما سيحدث للأسف ..."
+
قبضت على ذراعه تخبره برجاء :-
+
" أرجوك يا مهند ... لا تطلقني ... "
+
أضافت بتوسل :-
+
" ها أنا أرجوك يا مهند .. تراجع عن قرارك ... "
+
" لا يمكن ... أنت لا يمكن الوثوق بك وأنا لا أستطيع المجازفة معك مجددا ..."
+
قالها بجدية لتقول بلهفة :-
+
" ولكن هذه المرة أنا أطلب منك ذلك .. صدقني سأتغير .. لن أزعجك فيما بعد .. فقط لا تتركني هنا مجددا ..."
+
سحب ذراعه من كفّها التي تتمسك بها بقوة مرددا بأسف :-
+
" آسف جيلان .. بعدما فعلته آخر مرة لا أستطيع تصديقك والمجازفة مرة أخرى ..."
+
تمكن اليأس منها بينما سحب هو هاتفه من فوق السرير قائلا :-
+
" يمكنك النوم هنا ..."
+
تحرك مقررا مغادرة الجناح عندما صدح صوتها مناديا بإسمه ليلتف نحوها بتجهم فهتفت بينما تمسح عبراتها سريعا :-
+
" لدي طلب آخير منك إذا ..."
+
طالعها بتساؤل لتتنهد بصمت ثم تخبره بثبات :-
+
" أريد مقابلة أخي ... عمار ... أريد رؤيته ..."
+
***
+
غادرت غرفتها مسرعة كي تلحق بموعد عملها عندما وجدته في وجهها مغادرا غرفته هو الآخر لسوء حظها ...
+
" زوجتي الجميلة ..."
+
تمتم بها صلاح وهو يغمز لها بمكر لتهتف بملل :-
+
" أهلا صلاح ...."
+
تسائل بخفة :-
+
" إلى أين تذهبين في الصباح الباكر ...؟!"
+
أجابت بملل :-
+
" إلى عملي ..."
+
رفع حاجبه مرددا بسخرية :-
+
" أي عمل هذا الذي تغيبين عنه لأيام طويلة ثم تعودين إليه ولا يحاسبك أحد ...؟!"
+
" ما شأنك أنت ..؟!"
+
هتفت حانقة ليهتف بخفة :-
+
" من الواضح إن مديرك ذاك لطيف جدا ..."
+
تمتمت بعبوس :-
+
" ماذا تريد يا صلاح ...؟! سأتأخر عن عملي ..."
+
قال بمشاغبة :-
+
" أريد الإطمئنان عليك يا زوجتي الجميلة ..."
+
عقدت ساعديها أمام صدرها تهتف عن قصد :-
+
" لمَ لا تهتم بزوجتك الأخرى ...؟!"
+
غمز مشاكسا :-
+
" هل تغارين يا حلوتي ...؟!"
+
نطقت بملامح ناقمة :-
+
" علام أغار بالله عليك ...؟ أنا لا أعتبرك زوجي أساسا ..."
+
" ماذا تعتبريني إذا ..؟! شقيقك ان شاءالله ..."
+
قالها متهكما لتهتف ببرود :-
+
" أنت فقط أب أولادي وهذا من سوء حظهم وحظي أنا كذلك ..."
+
بهتت ملامحه لوهلة بينما تحركت هي مستغلة ذلك ليتفاجئ بماذي تقف أمامه هاتفة بمرح :-
+
" صباح الخير يا زوجي العزيز ..."
+
" أعوذ بالله ..."
+
قالها بفزع قبل أن تتجهم ملامحه :-
+
" مالذي أتى بك الآن ...؟!"
+
تمتمت بخفة :-
+
" أنا موجودة دائما في كل مكان وزمان ..."
+
تحرك بعيدا بلا مبالاة لتتبعه بإصرار عندما توقف للحظة يتأمل نانسي وهي تودع طفليها تاركة إياهما مع جدتهما التي تجلس معهما في صالة الجلوس بوجود المربية ليتفاجئ بصوت ماذي يهمس له :-
+
"مالذي تنتظره ...؟!"
+
التفت نحوها بجبين متغضن لتضيف بجدية :-
+
" كم من الزمن ستنتظر قبل أن تمنحهما أبوتك بحق وتغدق عليهم بما يحتاجانه منك ..؟!"
+
اتجهت بعينيها نحويهما تضيف بخفة :-
+
" طفلان رائعان لا يستحقان أن تفعل بهما هكذا أبدا يا صلاح ..."
+
تسائل بضيق :-
+
" ماذا تريدين يا ماذي ...؟!"
+
قالت بجدية :-
+
" أريدك أن تستيقظ من غفوتك التي طالت كثيرا ... أريدك أن تلحق الزمان قبل أن يفوت آوان الندم والعودة ... طفلاك ما زالا صغيرين لا يدركان شيئا مما يدور حولهما لكن الأيام تجري بسرعة وهما سيكبران ويدركان كل شيء وحينها لن تستطيع إصلاح الشرخ الذي أحدثته بينكما مهما حاولت ..."
+
أضافت بصدق :-
+
" حاول يا صلاح ... تعال على نفسك قليلا ... تحمل قليلا بدلا من أن تجدهما يكرهانك طوال عمرهما ويصبان لعناتهما ودعائهما عليك طوال الوقت ... بدلا من أن تعايش حقدهما عليك ورغبتهما بالخلاص منك بأي شكل ..."
+
عقد حاجبيه متسائلا بجدية :-
+
" هل تتحدثين عن نفسك يا ماذي ..؟!"
+
أجابت ببساطة :-
+
" هذا ليس مهما .. المهم هو أن تراجع نفسك وتتذكر حديثي هذا دائما ..."
+
عاد بأنظاره نحو طفليه يشرد بهما قبلما يصدح صوتها بعد لحظات منادية عليه ليلتفت نحوها بتساؤل فتعقد ساعديها أمام صدرها تخبره :-
+
" أريد أموال ...!"
+
" دقيقتان فقط لا غير وعادت ماذي القديمة تسطع في الأفق ... على الأقل إمنحيني بضعة دقائق أخرى أتعاطف بها معك ..."
+
مدت كفها نحوه تخبره ببرود :-
+
" هات الأموال .. أنا زوجتك ولدي حقوق عليك ..."
+
أخرج بضعة رزم مالية من جيبه منحها له شريف بعدما توسله مرارا ليبدأ بعدها عندما سحبتها هي سريعا تخبره بمرح :-
+
" أشكرك كثيرا يا زوجي العزيز ..."
+
" حسبنا الله ونعم الوكيل ..."
+
قالها ببؤس وهو يضيف برجاء :-
+
" خذها عندك يا الله وأرح البشرية كلها منها ..."
+
***
يوم الزفاف
+
جمعت أغراضها التي تحتاجها لأجل حفل اليوم في حقيبة صغيرة قبل أن تحمل هاتفها تضعه في حقيبة يدها ...
+
جمعت شعرها عاليا على شكل ذيل حصان ثم تحركت وهي تحمل معها حقيبتها لتجده جالسا فوق الكنبة يتابع التلفاز بذهن شارد ...
+
لم يتغير شيء منذ إنتقالهما إلى شقتهما الجديدة ...
+
هو يتجاهلها وهي بدورها تفعل المثل فبعد حديثهما الأخير أدركت الحقيقة المرة وهي إنه تغير بالفعل ولن يعود كما كان مهما حاولت ...
+
عادت بذاكرتها إلى الخلف وصدمتها بحديثه الذي حطم روحها وبعثر كرامتها دون رحمة ..
+
" أقول الحقيقة ... وجودك هنا بدافع خدمتي ليس إلا .. وها أنا أعفيك عن ذلك وأطلب منك المغادرة ... لن أضيع بدونك ... سأجلب من يؤدي هذه الوظيفة بدلا عنك ... "
+
حينها لم تتحمل سماع المزيد ...
+
آخر ما تصورته أن يستهين بها وبما تقدمه له بدافع الحب والدعم بهذه الطريقة ...
+
هي التي تجاهد طوال الفترة السابقة لدعمه وتحمل نوبات غضبة وجنونه بصبر لا يشبهها ...
+
هي التي سعت بكل الطرق لمساعدته والتخفيف عنه وجاهدت كي تصلح عطب علاقتهما ...
+
لن تتحمل المزيد فقالت ودموعها ملأت عينيها رغما عنها :-
+
" جيد ... هات خادمة بسرعة إذا لإنني سأغادر حياتك قريبا ..."
+
" ولم لا تغادريها الآن ...؟!"
+
سأل ببرود لتبهت ملامحها تماما وعقلها لا يستوعب ما يقوله ..
+
ألهذه الدرجة بات لا يطيق وجودها ويرغب بالتخلص منها سريعا ...؟!
+
جاهدت كي تكتم عبراتها بينما تهمس بصوت متحشرج :-
+
" تحملني قليلا فقط ... لا يمكننا الإنفصال بهذه السرعة ..."
+
رأت السخرية صريحة في عينيه بينما يخبرها بإستخفاف :-
+
" تخشين أن يطردونك من قصر خالتك العتيد ..."
+
هتفت بعدم استيعاب :-
+
" ماذا تقول أنت ..؟!"
+
قال بلا مبالاة متجاهلا تأثير كلماته القاسية عليها :-
+
" يعني لن يكون سهلا أن تعودين مطلقة ليأوونك في قصرهم مجددا ... لا بأس يمكنك البقاء معي لأي مدة ترغبينها .. في النتيجة أنا لست وغدا لأطردك بهذه الطريقة وأنت لا تملكين مكانا تلجئين إليه في الوقت الحالي على الأقل ..."
+
كلماته كانت تجلد روحها دون رحمة ...
+
لم تستطع الرد ... لم تسعفها صدمتها لذلك ...
+
انزوت بعدها في حمامها تبكي بصمت قبل أن تتخذ قرارها ...
+
ستنهي هذه الزيجة في أقرب وقت ...
+
فقط لتنتظر قليلا حيث ترتب أمورها ثم تخبر عائلتها بهذا القرار ...
+
أما خلال هذه الفترة فستتجاهله تماما فهي إكتفت من إهاناته لها ...
+
أفاقت من أفكارها على صوته البارد وهو يتسائل بسخرية :-
+
" إلى حفل الزفاف ...؟!"
+
أجابت بإقتضاب :-
+
" نعم ، هل تريد شيء ...؟!"
+
" أبدا ..."
+
قالها بخفة بينما تقدمت الخادمة تضع الطعام أمامه ليخبرها عن قصد :-
+
" لا تقلقي .. هناك من يقوم بكل مهماتك بدلا عنك ..."
+
" لا يهمني ..."
+
خرجت منها حادة قبل أن تضيف ببرود :-
+
" أنا تنازلت عن مهامي هذه نهائيا ..."
+
ثم تحركت مندفعة تغادر المكان متجهة نحو سيارتها في كراج العمارة ...
+
***
+
في أحد أشهر الفنادق في البلاد بدأ الضيوف يتوافدون لحفل زفاف الإبن الثاني لآل هاشمي راجي الهاشمي و نغم عدنان ...!
+
دلفت هالة إلى داخل القاعة وقد تعمدت أن ترتدي فستانا إنتقته بعناية ذو لون كريمي رقيق وتصميم جذاب يظهر قدها النحيف ويبرز مفاتنها حيث ساقيها الرفيعين وكتفيها مع بداية نحرها لكن بشكل راقي بعيد عن الإبتذال ...
+
حرصت هالة أن تظهر بأفضل شكل فصففت شعرها الأسود بعناية وتركته منسدلا على جانبي وجهها بخصلات مموجة عريضة كما طلبت من خبيرة التجميل أن تعتني بزينة وجهها فوضعت لها المكياج بشكل إحترافي أبرز جمال عينيها الساحرتين وملامحها الأقرب للمثالية وقد إختارت أن تطلي شفتيها باللون الأحمر القاني المثير ..
+
أطلق فيصل صفيرا عاليا وهو يتقدم نحوها مرددا :-
+
" ما هذا الجمال يا هالة ..؟!"
+
ابتسمت وهي تعانقه بمحبة قبل أن تخبره :-
+
" وأنت وسيم للغاية ..."
+
هتف بخفة :-
+
" بالطبع وسيم ، ألست شقيق العريس ...؟!"
+
ضحكت برقة قبل أن تتقدم نحو الطاولة التي تجلس عليها شقيقتها مع زوجها حيث سارعت تحيي راغب الذي نهض يعانقها بينما يسألها :-
+
" كيف حالك يا هالة ..؟!"
+
ابتسمت تجيب بحشرجة :-
+
" بخير ..."
+
ربت على ظهرها بينما جاهدت هي كي تخفي حزنها أمامه عندما تقدمت ناحية شقيقتها حيتها قبل أن تجلس على الطاولة المجاورة لهما حيث يجلس الشباب الأصغر سنا وأتت توليب هي الأخرى تجلس جانبها تتبادل الأحاديث معها قبل أن يصل مهند إلى جانب جيلان التي تعمدت أن ترتدي فستان أحمر قصير قليلا محاولة منها لجذب انتباهه وربما إثارة غضبه لكنه تجاهلها كعادته في الفترة الأخيرة ...
+
ألقيت التحية بملامح واجمة لم تخفَ على الموجودين قبل أن تسأل هالة توليب :-
+
" لم تصل عائلة خطيبك بعد ، أليس كذلك ..؟!"
+
وجمت ملامح توليب وهي تجيب بإقتضاب :-
+
" كلا ..."
+
همت هالة بالسؤال عن سبب تغير ملامحها إلا إنها ملامحها تغيرت هي الأخرى عندما إلتقطت دخوله إلى الحفلة وجدته تتأبط ذراعه تتبعه والدته متأبطة ذراع زوجها برأس شامخ كعادتها ونظرات مترفعة دائمة لا تتخلى عنها مهما حدث وخلفها سولاف والتي سارعت تحيي خالتها بإبتسامة عفوية وحيوية كعادتها ...
+
لحظة واحدة تلاقت عيناهما بها فسارعت تشيح بوجهها بعيدا وداخلها حقد يتنامى دون رحمة بينما تجاهل هو بدوره وجودها فقد اتخذ قراره منذ مدة بإقصائها من حياته نهائيا ...
+
أخذ هو موقعة على طاولة الكبار حيث يجلس راغب بجانب زوجته وكذلك خاله وزوجته بينما يجلس الشباب من العائلة على الطاولة المجاورة ...
+
نهض مهند متقدما نحوه يتبادل التحية قبل أن يتجه نحو جدته يحييها فتبتسم له وهي تسأله :-
+
" أين زوجتك يا ولد ...؟! لم أرها مطلقا ..."
+
" هاهي زوجتي ..."
+
قالها وهو يشير إلى جيلان التي عبست ملامحها بتساؤل قبل أن تنهض من مكانها متقدمة نحويهما ليهمس لها مهند :-
+
" ألقي التحية على فريدة هانم بشكل جيد وملامح منفرجة أفضل لك .."
+
إصطنعت جيلان الإبتسامة بينما تحيي المرأة العجوز التي تمعنت النظر بها للحظات قبل أن تهتف برضا :-
+
" جميلة كوالدتك ...."
+
تمتمت جيلان مدهوشة :-
+
" هل تعرفين والدتي ..؟!"
+
ضحكت فريدة قائلة :-
+
" أنا أعرف الجميع دون استثناء ..."
+
ألقت جيلان بعدها التحية على عمتها التي رحبت بها ثم زوج عمتها الذي رد تحيتها بمودة رغم شبه عدم معرفتها به تبعتها بتحية سولاف التي عانقتها بمحبة وهي تسأل عن أحوالها بينما همست فريدة لزمرد التي تجلس جانبها :-
+
" لطيفة ابن شقيقك .."
+
قالت زمرد مبتسمة :-
+
" كثيرا .."
+
" من الجيد إنها لا تشبهك ..."
+
قالتها فريدة بخفة لتتجهم ملامح زمرد بينما على الجانب الآخر نهضت توليب من مكانها تخبر هالة :-
+
" سألقي التحية على الجدة فريدة ثم أعود ..."
+
هزت هالة رأسها بعدم إهتمام قبل أن تعاود النظر أمامها بملامح شاردة عندما شعرت بأحدهم يجلس جانبها فوجدتها شقيقتها تبتسم لها برقة قبل أن تسألها :-
+
" هل أنت بخير يا هالة ..؟!"
+
أجابت هالة سريعا :-
+
" نعم بخير ... "
+
طالعتها همسة بحرص ثم قالت :-
+
" نحتاج أن نتحدث سويا ...."
+
اصطنعت هالة الإبتسامة :-
+
" لم لا ..؟!"
+
هتفت همسة بجدية :-
+
" سأسافر مع راغب فجر اليوم .."
+
" حقا ..؟! إلى أين ..؟!"
+
أجابتها همسة بخفة :-
+
" لا أعلم ... مفاجئة ..."
+
" استمتعي إذا ..."
+
قالتها هالة وهي تربت على كفها لتسألها همسة بإهتمام :-
+
" كيف حال كرم ..؟!"
+
" بخير ..."
+
قالتها هالة بخفوت لتسألها همسة بتردد :-
+
" هل هناك مشاكل بينكما يا هالة ...؟!"
+
أجابت بسرعة تنفي سؤالها :-
+
" بالطبع لا ... نحن بخير ..."
+
لم تقتنع همسة بحديثها لكنها فضلت أن تؤجل التساؤلات لوقت آخر ..
+
نهضت همسة متجهة نحو زوجها تتعلق بذراعه بينما كان يتبادل الحديث مع قريب لهما فينظر نحوها بإهتمام ليجدها تنظر نحو يسرا التي دخلت إلى الحفل مع شقيقها ووالديها ليبتسم بخفة قبل أن يعاود الحديث مع قريبه ...
5
****
+
كان أثير يقف بجانب مهند يتبادلان الأحاديث عندما تقدم عادل نحويهما يهتف بمرح :-
+
" يا لها من جمعة رائعة نفتقدها منذ سنوات ..."
+
سارع يعانق مهند أولا وهو يخبره :-
+
" إشتقت لك أيها الوغد ..."
+
ثم عانق أثير وهو يتسائل :-
+
" عدت سريعا بعدك ..."
+
ابتسم أثير بخفة بينما أضاف عادل ساخرا :-
+
" أعادوك سريعا يا باشا ..."
+
" خدعوني يا دكتور .."
+
قالها أثير بوجوم لتتقدم سولاف نحوهم تتعلق بذراع شقيقها وهي تتمتم بمرح :-
+
" عاد بفضلي أنا ..."
+
" وأنتِ فخورة بذلك ..."
+
قالها أثير متجهما لترفع سولاف حاجبها مرددة :-
+
" وكثيرا أيضا ..."
+
ابتسمت بعدها وهي تتأمل عادل :-
+
" كيف حالك يا حضرة الطبيب ..؟!"
+
" بخير أيتها الآنسة الصغيرة .."
+
قالها وهو يقبض على كفها مبتسما قبل أن يهتف مشاكسا :-
+
" لو تعرفين مالذي فعلته به وأنت تتصلين باكية ترجيته أن يعود .. "
+
ابتسمت وهي تقول :-
+
" شقيقي حبيبي قلبه كبير ..."
+
حاوطها أثير بذراعيه يخبرها بتحذير :-
+
" لم أنل حقي منك بعد ..."
+
ابتسم عادل مرددا بتفكه :-
+
" لا تجازف معها يا أثير فالصغيرة ليست سهلة أبدا كما أرى ..."
+
ضحكت سولاف مرددة بشقاوة :-
+
" أنت لم ترَ شيئا بعد ..."
+
" هكذا إذا ..."
+
قالها بإبتسامة ماكرة لتغمز له بشقاوة فيرفع أثير حاجبه يتسائل بوجوم :-
+
" ماذا يحدث بالضبط ..؟!"
+
ضحكت سولاف قبل أن تشير بعينيها جانبا لينتبه أثير على وصول أفنان عمران مع عائلتها فتتجهم ملامحه تماما بينما سألت سولاف :-
+
" كيف يسير عملك إذا يا حضرة الطبيب ..؟!"
+
أجابها مبتسما :-
+
" رائع ..."
+
أكمل بإهتمام :-
+
" ودراستك أنت...؟!"
+
هزت كتفيها تجيب :-
+
" جيدة ... أنتظر إنهاء هذه المرحلة بفارغ الصبر... "
+
" لا تستعجلي ، ستكرهين المرحلة القادمة أكثر ..."
+
قالها مهند بتهكم لتهتف سولاف ببرود :-
+
"الجميع يقول إن الحياة الجامعية هي أجمل مرحلة في حياة الشخص عداك ..."
+
سأل مهند صديقه :-
+
" ما رأيك أنت يا عادل ..؟!"
+
تمتم عادل وهو يؤيد حديثه :-
+
" هذا صحيح .. ستة أعوام كدت أن أفقد بها عقلي ..."
+
مطت سولاف شفتيها :-
+
" هذا طبيعي فأنت تدرس الطب وهو يدرس الهندسة ..."
+
" وأنت ماذا ستدرسين ... ؟! فنون مسرحية ..."
+
قالها مهند بسخرية بينما ضحك عادل مرغما لتقلده سولاف :-
+
" فنون مسرحية .. هذا ليس مضحكا ..."
+
" والدتي تنادي عليك ..."
+
قالها أثير وهو يشير نحو والدته التي كانت تناديها لتتجهم ملامحها وهي تتمتم :-
+
" ها قد بدأنا ..."
+
ثم تقدمت نحوها على مضض لتطلب منها زمرد تحية مجموعة من أصدقائها من نخبة المجتمع
+
و كالعادة ارتدت سولاف قناعا باردا مجاملا يشبه الأشخاص الذين تحييهم فتبادلا معهم التحية قبل أن تفر هاربة بسرعة عندما وجدت ابن خالها الأصغر أمامها والذي طالعها بدهشة بفستانها القصير فيصفر عاليا وهم يهتف بمرح :-
+
" سولاف الصغيرة كبرت وباتت صاروخ ..."
+
ضحكت بإنطلاق وهي تخبره :-
+
" كيف حالك يا فيصل ..؟!"
+
أضافت بمكر محبب :-
+
" ماذا لو سمعتك عمتك وأنت تتحدث بهذه الطريقة ..؟!"
+
ابتسم بخفة مرددا وهو يقلد عمته :-
+
" ستقول ما هذه الطريقة السوقية الغير لائقة في الحديث يا فيصل ..؟!"
+
أضاف بجدية :-
+
" ولكنك تكبرين بسرعة وتزدادين جمالا يا حلوة ..."
+
ابتسمت بخفة ثم سألته وهي تحاول خصرها بكفيها :-
+
" هل أستطيع منافسة صديقاتك الفاتنات إذا ..؟!"
+
غمز لها مرددا :-
+
" وتتفوقين عليهن أيضا ..."
+
هتفت بمرح :-
+
" أووه ، إطراء لن أنساه طالما حييت فهو من دونجوان عصره وزمانه فيصل بك الهاشمي ..."
+
" تسخرين يا إبنة الوزير ..."
+
قالها مصطنعا الدهشة لتهتف ضاحكة :-
+
" بالطبع لا .. أنت بالفعل دونجوان يا فيصل ومحطم قلوب العذارى ..."
+
وضع يده فوق قلبه يقول بتنهيدة مصطنعة :-
+
"ولي الشرف بذلك ..."
+
ثم عبست ملامحه وهو يشاهد احتقان ملامح أثير فيهمس لها مصطنعا الخوف :-
+
" شقيقك ينوي قتلي غالبا ..."
+
ضحكت بصخب فيزداد تشنج ملامح أثير الذي كان يحاول إنهاء الحديث مع أحد معارفه سريعا فيخبرها بمرح :-
+
" يجب أن أهرب فشقيقك يده طويلة ومؤلمة ..."
+
ثم توجه ببصره نحو إحدى الشقراوات ليبتسم بتفكه وهو يتقدم نحوها قبل أن يسأل :-
+
" جيسيكا ..."
+
" عفوا ...؟!"
+
تمتمت بها الفتاة بإستغراب فقال بسرعة مصطنعا الأسف :-
+
" آسف حقا .. شبهتك بصديقتي الأنجليزية ... تشبهينها للغاية ..."
+
رفعت حاجبها تردد بدهشة :-
+
" صديقتك الإنجليزية ...؟!!"
+
قال شارحا :-
+
" نعم كانت صديقتي في الجامعة .. جميلة مثلك حتى إنها نالت لقب ملكة جمال جامعتنا على مدار أربعة سنوات ..."
+
هتفت الفتاة بسعادة وهي تحرك خصلاتها الشقراء بحرص :-
+
" حقا ..؟! من الواضح إنها فاتنة .. "
+
" مثلك .. نسخة طبق الأصل منك ..."
+
توردت وجنتيها بينما غمز هو لها متسائلا :-
+
" صحيح ما إسمك ..؟!"
+
لتخبره عن إسمها ثم يتبادلان الكلام تدريجيا ...
+
***
في غرفة مخصصة لها في الفندق جلست نغم بفستانها الأبيض الملكي تجاورها والدتها التي تبتسم لها بسعادة وحنو بينما خبيرة التجميل تضع لها اللمسات الأخيرة من زينة وجهها ...!
+
سمعت والدتها طرقات على باب غرفتها فنهضت سريعا تفتح الباب لتجد توليب في وجهها فابتسمت وهي تفسح الباب لها بينما تقدمت توليب إلى الداخل تتطلع إلى نغم بإنبهار ظهر في عينيها لتهمس بفرحة غامرة :-
+
" ماشاءالله .. تبدين رائعة .."
+
" حبيبتي ... شكرا ..."
+
قالتها نغم بسعادة بينما سألت توليب بحرص :-
+
" راجي ينتظر في الخارج ... "
+
ابتسمت نغم بحماس بينما تهتف خبيرة التجميل بعدما انتهت منها :-
+
" وأنا أنهيت عملي ...."
+
" سأخبره أن يدخل ..."
+
قالتها توليب بحماس ، هتفت والدة نغم بدورها :-
+
" لنخرج نحن أيضا ..."
+
تحركن ثلاثتهن يغادرن الغرفة تاركين إياها لوحدها تنتظر دخوله ليدلف بعد لحظات قصيرة فتنهض من مكانها سريعا فترى الإنبهار صريحا في عينيه ....
+
اتسعت ابتسامته تدريجيا وعيناه تتأملانها بجمالها الآخاذ ...
+
فستانها الأبيض الذي إبتاعه لها خصيصا من أحد أشهر دور الأزياء في باريس ...
+
تسريحة شعرها الأنيقة ومكياجها الناعم ...
+
عيناها الزرقاوان اللتان تلمعان بشكل آسر وحمرة شفتيها الملفتة ...
+
تقدم نحوها بخطوات هادئة حتى وقف أمامها ...
+
سألت بتوتر تمكن منها رغما عنها :-
+
" كيف أبدو ..؟!"
+
نظراته لوحدها أوضحت جوابه قبل أن ينطق به ...
+
عيناه اللتان باتتا مقيدتين بجمالها الخلاب بينما يخبرها بصدق :-
+
" ساحرة ... تخطفين القلب والروح ..."
+
ضحكت بفرحة بينما قبض هو على كفها يقبله برفق قبل أن يميل نحو جبينها يطبع قبلة طويلة فوقه يتبعها بتنهيدة طويلة لترفع هي عينيها نحوه تهمس بنظرات عاشقة :-
+
" أحبك ..."
+
ابتسم بجاذبية ويده تقبض على كفها يسألها :-
+
" هل جاهزة للخروج ..؟!"
+
اومأت برأسها وهي تتحرك جانبه مغادرين الغرفة متجهين إلى القاعة الكبيرة حيث الجميع هناك في انتظارهما ...
+
***
+
بعدما دخلا إلى القاعة وسط إستقبال الضيوف لهم بتصفيق حار بدأت رقصتهما الأولى حيث حاوطت هي عنقه بذراعيها بينما قبض هو على خصرها يراقصها على أنغام الموسيقى الكلاسيكية الهادئة تحت إضاءة المكان الخافتة ...
+
" اليوم تحققت جميع أحلامي ..."
+
قالتها بسعادة سطعت من عينيها ليهمس بصدق :-
+
" وأنا نلت أجمل حلم في حياتي .. أنتِ ..."
+
" أحبك .."
+
همست بها بعاطفة شديدة شعت من عينيها عندما همس هو بدوره بإبتسامة رائقة :-
+
" وأنا سأخبرك كم وكيف أحبك بعد نهاية الحفل ..؟!"
+
رفعت حاجبها تهمس مشاغبة :-
+
" أين ذهب راجي المحترم ...؟!"
+
غرق في عينيها اللتين تلمعان بشقاوة لثواني قبل أن يخبرها بمكر :-
+
" حينها سيكون معك راجي العاشق ... العاشق فقط لا غير ..."
+
تنهدت بحالمية بينما استمرت رقصتهما لدقائق أخرى تبعتها إنطلاق الأغاني الصاخبة المعتادة في حفلات الزفاف حيث راقصها راجي قليلا وشاركهما بعض الموجودين من العائلة والأقارب والأصدقاء الرقص قبل أن يتجه بها إلى المكان المخصص لهما وتفهمت هي رغبته فهو لا يميل إلى الرقص والبهرجة ...
+
ابتسمت وهي ترى سعادة عائلته بزواجه ...
+
الجميع كان فرحا بشكل ملحوظ ولوهلة شعرت بنفس الغصة فهم لا يدركون مصير زيجته منها ...
+
شعرت بكفه تضغط على كفها ليرى تغير ملامحها فيهمس لها بتساؤل :-
+
" ماذا هناك ...؟!"
+
" لا شيء ..."
+
قالتها وهي ترسم إبتسامة فوق شفتيها ليشدد من قبضته على كفها بدعم ...!
+
***
+
جذبت توليب هالة من كفّها كي تشاركها الرقص لتضطر هالة الى ذلك رغم عدم رغبتها في التحرك من مكانها بل واقعيا هي ترغب بمغادرة الحفل سريعا فوجودها هنا يخنقها أكثر خاصة وهي مضطرة لإخفاء حزنها عن الجميع والتفاعل مع فرحتهم كما هو مطلوب منها ...
+
أخذت توليب تراقصها بسعادة محاولة هي الأخرى تناسي ما ينتظرها فيما بعد وخطبتها التي ستنتهي رسميا ...!
+
نهضت سولاف تطلب من جيلان الرقص فأرادت الأخيرة الرفض لكنها تراجعت مفكرة إن في ذلك فرصة لإغاظة مهند ...
+
شاركتها جيلان الرقص بينما اتجهت عينا مهند الذي كان يتحدث مع عادل نحوها فإحتقنت ملامحه كليا وسطع الغضب من عينيه ليسأله عادل بإهتمام :-
+
" ماذا هناك ...؟!"
+
تمتم مهند من بين أسنانه :-
+
" الهانم ترقص في منتصف القاعة أمام الجميع ..."
+
" الجميع يرقص ..."
+
قالها عادل بجدية ليهتف مهند بحنق :-
+
" فستانها قصير و ..."
+
توقف لوهلة وهو يلاحظ عينا عادل اللتان تتابعانه بحرص فسأل بحدة :-
+
" ماذا هناك ...؟!"
+
" هل تغار عليها ..؟!"
+
نطقها عادل دون تردد ليهتف مهند سريعا معترضا على ما قاله :-
+
" بالطبع لا ... "
+
أضاف مبررا :-
+
"وحتى لو غرت ، إنها زوجتي ..."
+
" ولكنك ستطلقها ..."
+
قالها عادل بتروي لينهض مهند من مكانه مرددا بعصبية :-
+
" سأجلب شيئا أشربه ..."
+
***
+
ظهرت الدهشة على ملامح توليب وهي تراه يتقدم إلى داخل الحفل خلف والدته التي أتت مع زوجها يتبعه ابن عمه ...
+
سألت هالة بإهتمام وهي تلتفت ناظرة ورائها :-
+
" ماذا هناك ...؟!"
+
قالت توليب بجدية :-
+
" إياس وعائلته وصلوا .. سأذهب لإستقبالهم ..."
+
تنهدت هالة براحة وهي تتجه بدورها نحو الطاولة بينما كان إياس يبحث بعينيه عنها لتتجهم ملامحه تماما وهو يراها تتقدم نحوهم بتلك الطلة الكارثية ...
+
فستان بلون يميل إلى الزهري يحتضن جسدها ملتصقا به كجلد ثاني مبرزا جاذبية قدها الرشيق ذو حمالات رفيعة بينما شعرها الطويل مسترسل إلى الخلف بخصلاته الناعمة الملساء ...
+
زينة وجهها مع حمرة شفتيها ذات اللون النبيذي الآخاذ جعلتها فاتنة بشكل يصعب تحمله ..
+
توحشت ملامحه برفض لطلتها التي تخطف العين والأنفاس بينما سبقتها والدتها تقبل عليهم تستقبلهم بترحيب فإضطر أن يرسم إبتسامة مجاملة على وجهه وهو يرد تحيتها لتصل هي إليهم وتحييهم بدورها قبل أن تتجه بهم نحو طاولتهم ...
+
سارت أمامهم بينما والدته تسير معها بعدما عانقتها بمحبة لتغلي الدماء في عروقه وهو يلاحظ فتحة ظهر الفستان الواسعة ...
+
اللعينة كيف ترتدي فستانا كهذا ...؟!
+
أنظاره تعلقت بها بينما يأخذ مكانه على الطاولة عندما همست والدته له :-
+
" ألن تبارك لعابد بك ..؟!"
+
قال بجدية :-
+
" سأفعل ..."
+
ثم أشار لها لتنهض بدورها فتتفاجئ به يقبض على كفها بقسوة آلمتها متحركا بها نحو والدها ليحييه ويبارك له زواج ابنه بينما عينان ابن عمه تتابعه بغيرة تمكنت منه وداخله عازم أن ينهي هذه العلاقة بأسرع وقت ...!
+
***
+
الحياة مجرد لحظات تمر بحلوها ومرها ...
+
لحظات عابرة تمر مرور الكرام وأخرى ترتبط ذكراها بالروح الى الأبد ...
+
لحظات ينتفض بها القلب فرحا وأخرى تنطفئ بها الروح قهرا ...
+
لحظات تقتل شيئا ما داخلنا وأخرى تحيينا من جديد ...
+
لحظات ترهبنا حد الجزع وأخرى تمنحها طمأنينة إفتقدناها لأعوام ...
+
وتبقى الحياة مجرد لحظات تمر مع مرور سنوات عمرنا والمحظوظ هو من ينال حلوها أكثر من مرها ...
+
لحظة ميلاد ...
+
ابتسمت وهي تجاوره في المقعد الخلفي لسيارتهما بينما ينطلق السائق متوجها بهما إلى قصرهما ...
+
مالت ليلى فوق كتفه ليسألها كنان بقلق :-
+
" ما زلت تشعرين بالدوار ..."
+
" كلا ، أصبحت بخير ..."
+
قالتها بخفوت وهي تضيف :-
+
" الزفاف كان رائعا ..."
+
ابتسم يخبرها :-
+
" زفافنا أجمل ..."
+
رفعت عينيها نحوه تبتسم برقة وهي تتمتم :-
+
" صحيح ... زفافنا كان رائعا ..."
+
عادت تميل برأسها فوق كتفه مغمضة عينيها حتى وصلا إلى القصر لتغادر السيارة معه بينما يحاوطها بحرص ...
+
هتفت تخبره مبتسمة :-
+
" أنا بخير يا كنان ... مجرد إرهاق عادي ..."
+
" الأفضل أن نطلب الطبيب ..."
+
قالها بجدية لتهمس معترضة :-
+
" لا داعي حقا لذلك ..."
+
أضافت وهي تواجهه في وقفتها :-
+
" سأرتاح قليلا وأصبح أفضل ..."
+
" حسنا .. كما تريدين ..."
+
قالها مستسلما ليتحركا متجهين إلى جناحهما في الطابق العلوي ...
+
انفردت هي بنفسها سريعا في الحمام تحمل معها جهاز إختبار الحمل المنزلي التي إشترته صباحا لكنها ترددت في تجربته رغم شكوكها ...!
+
حسمت أمرها وقررت أن تفعل ذلك وترى ما ينتظرها بعدما تغير ملابسها سريعا ...
+
بعد حوالي عشر دقائق احتضنت الجهاز بأصابع مرتعشة ودموعها ملأت مقلتيها ....
+
هي حامل ... لقد تحقق حلم آخر من أحلامها ..
+
بالكاد سيطرت على شهقاتها ...
+
فتحت صنبور المياه تجذب منها القليل ترطب به رقبتها ووجنتيها ...
+
أخذت نفسا عميقا قبل أن تبتسم لنفسها في المرآة بسعادة ...
+
تحركت مغادرة الحمام تتوجه نحوه لتجده يجري اتصالا مع أحد موظفيه ...
+
وقفت قربه تتأمله بصمت وعقلها يخبرها أن تعد مفاجئة قبلما تخبره بحملها بينما قلبها يطلب منها إخباره بهذا النبأ السعيد سريعا ليشاركها فرحتها ...
+
تقدم نحوها بعدما أنهى اتصاله يحتضنها من خصرها بينما يسألها بإهتمام :-
+
" هل أصبحت أفضل الآن ..؟!"
+
ودون مقدمات همست بينما ترفع الجهاز في وجهه :-
+
" أنا حامل ..."
+
" حامل ..."
+
تمتم بها بفرحة غير مصدقا ما يسمعه بينما رمت هي نفسها بين أحضانها سامحة لعبراتها بالتساقط وهي تشعر بقلبها يكاد ينفجر من شدة السعادة ...
+
كانت المرة الأولى التي تجرب بها دموع الفرح منذ سنوات ....
+
***
+
لحظة ضياع
+
التفت نضال نحوها يتأملها بملامح غامضة بينما هي تجلس جانبه بجمود كعادتها لا تظهر أي إنفعال ...
+
ما زال يتذكر صدمتها عندما وجدته أمام بابهم ينتظرها مرتديا حلته الأنيقة يخبرها بنبرة آمرة :-
+
" سنذهب سويا إلى حفل زفاف حبيبك ..."
+
رفضت في البداية وهمت بالعودة لكنه سارع يقبض على ذراعها يخبرها بنبرة حادة ونظرات مهددة :-
+
" دعي الليلة تمر على خير بدلا من حدوث فضائح أنت في غنى عنها ..."
+
وكما توقع أطاعت أوامره وأتت معه إلى الحفل ...
+
وهاهي منذ وصولهما وهي تلتزم الجلوس على الطاولة جانبه بصمت دون أن تنبس بحرف واحد ...
+
يكاد يشعر بمدى التوتر والرهبة التي تمكنت منها ...
+
مد كفه يقبض على كفها فإنتفضت بفزع ليخبرها بنبرة حازمة :-
+
" لنغادر ..."
+
اومأت برأسها سريعا وسارعت تسحب حقيبتها ثم نهضت لتجده يقف قبالها يخبرها بمكر :-
+
" ألن تباركي لصديقتك وحبيب قلبك قبل المغادرة ... ؟!"
+
أرادت أن ترفض فهي لا تريد شيئا سوى المغادرة بسرعة لكنه جذبها من كفّها متقدما بها نحويهما ...
+
لترحب بها نغم وتعانقها بمحبة بينما بالكاد رسمت أروى إبتسامة شاحبة على شفتيها ...
+
حيا نضال العريس بملامح باردة ثم بارك للعروس التي تأملته مجددا بحذر بينما باركت أروى لراجي بشكل سريع ...
+
تحركت جانبه بعدها وهو يقبض على كفها يهمس لها بأنفاس مشتعلة :-
+
" خففي من بؤس ملامحك قليلا ... لا داعي لأن يعلم الجميع بمدى تعاستك هذه الليلة ..."
+
" أنت لا تعلم شيئا .."
+
قالتها بثبات واهي ليدفعها أمامه وهو يتمتم :-
+
" بل أعلم كل شيء .."
+
جاورته في سيارته ليتحرك بها عندما قالت هي بتعب ونفاذ صبر :-
+
" أنا لا أحب دكتور راجي .. هو ليس الرجل الذي حدثتك عنه ..."
+
تجاهل ما يسمعه مستمرا في قيادة سيارته عندما صاحت رافضة صمته :-
+
" لماذا لا تتحدث ..؟!"
+
" هل تخشين عليه مني ..؟!"
+
سألها لاويا فمه بإبتسامة خبيثة عندما همست بصوت مرتجف :-
+
" الرجل لا علاقة له بأي شيء ... أنا بالكاد تعرفت عليه منذ فترة قصيرة .. نحن حتى بالكاد نتبادل التحية بشكل عابر ..."
+
" لماذا تخبريني بهذا ..؟!"
+
قالها وهو ما زال مركزا ببصره على الطريق أمامه لتهتف بشجاعة تملكت منها :-
+
" لأضع حدا لهذه المهزلة يا نضال ... طال الأمر كثيرا .. لننهي هذه الخطبة بسرعة ..."
+
قال بصوت بارد :-
+
" معك حق ... الأمر طال كثيرا ... لكنه سينتهي اليوم ..."
+
التفتت نحوه تسأل بحذر :-
+
" ماذا تقصد ...؟!"
+
أوقف سيارته جانبا على الرصيف ثم التفت نحوها يبتسم لها بثبات فتهمس بصوت مضطرب :-
+
" علام تنوي يا نضال ...؟!"
+
" لا تقلقي .. لن أؤذيه يا أروى ..."
+
طالعته بملامح شملها الرعب تدريجيا لتشعر خلال لحظات قصيرة بسائل مجهول يتدفق في عروقها ليكون آخر ما رأته عينيه وهي تلمع ببريق شيطاني مرعب قبلما تفقد وعيها ..
+
***
+
لحظة غضب ..
+
يتابعها وهي تتحرك كالفراشة بين الحضور بينما عيناه تطيران خلفها بلهفة ...
+
لا يعلم كيف ومتى تسللت إليه ...؟!
+
كيف سحرت قلبه وعقله في آن واحد ...؟!
+
منذ وصوله إلى الحفل وهو لا ينفك أن يلاحقها بعينيه ...
+
في البداية كان الأمر مجرد تحدي سيغلب به إبن عمه لا محالة واليوم أدرك إن الأمر ليس بمجرد تحدي ...
+
هناك شيء ما مبهم جعله يتعلق بها ...
+
جمالها الناعم وعذوبتها التي لا مثيل لها ...
+
لطفها الزائد وحيوتها وروحها المشعة والتي تمنح من حولها مزيجا رائقا من الفرح والسلام ...
+
نهض من مكانه مستغلا مغادرتها قاعة الحفل لغرض ما مقررا إقتناص لحظة مسروقة معها ...
+
وجدها تتحدث مع منظمة الحفل تخبرها بشيء ما قبلما تلتفت اتجاهه لتتفاجئ به أمامها فتبتسم بعفوية :-
+
" أهلا رأفت بك .. تفضل ..."
+
تقدم نحوها يخبرها بنبرة مرنة :-
+
" لماذا تصرين على وضع الألقاب بيننا ...؟! نحن أقارب الآن .. أليس كذلك ..."
+
هتفت مبتسمة بحرج :-
+
" نعم ، ولكنني لم أعتد بعد ..."
+
ابتسم وكفه تلمس ذراعها بشكل جعلها تتجمد لوهلة بينما نبرته الناعمة تخبرها :-
+
" إعتادي على ذلك يا توليب فالقادم ..."
+
وقبل أن يكمل جملته كان إياس يندفع نحوه يلكمه بعنف صارخا بغضب :-
+
" أيها الحقير عديم الشرف ..."
+
بينما صاحت توليب بخوف وصدمة مما يحدث أمامها ...!
+
***
+
لحظة خوف ...
+
في نفس التوقيت كانت نغم تتأبط ذراع راجي بسعادة بينما تتلقى التهاني من الموجودين ...
+
ابتسمت وهي ترى مؤيد يتقدم نحويهما محييا راجي أولا ثم يحييها بإبتسامة صادقة تحمل عشقا خفيا لم تلحظه بعد ...
+
" أتمنى لكما السعادة الأبدية ..."
+
قالها بصدق وداخله يتمنى أن تحدث معجزة وتستمر قصة الحب هذه فكلاهما يستحق ذلك ...
+
هم بالإنسحاب عندما وجدها تخبره :-
+
" لنأخذ صورة أولا ..."
+
" لا بأس ..."
+
قالها وهو يتحرك واقفا جانب راجي بينما نغم تهتف بمرح :-
+
" صورة مع صديق الأزمات والأوقات الصعبة ..."
+
" يا لها من مهمة شاقة خاصة مع صديقة عنيدة مثلك .."
+
قالها مؤيد ممازحا بينما يبتسم راجي مرددا بنبرة ذات مغزى :-
+
" هي عنيدة ... لن أنكر ذلك ...ولكن أنا عنيد كذلك ..."
+
تقدم المصور يلتقط الصورة لهم ليبتسم الثلاثة بسعادة ...
+
تحرك مؤيد من جانبه يبارك لهما مجددا عندما قبضت نغم على ذراع راجي تتمسك بها فإلتفت نحوها يهمس إسمها بقلق بينما قبضت يدها الأخرى على كف مؤيد الواقف قبالها يتبادل النظرات القلقة مع راجي ..
+
لحظات قصيرة وسقطت فاقدة للوعي بين ذراعي زوجها التي تحتضنها وكف مؤيد الممسك بكفها بقوة ...
+
***
+
لحظة إندفاع فارقة
+
على مسافة قريبة من بوابة الفندق يجلس بجانب سائق التكسي يتطلع إلى ساعته بين الحين والآخر ليقرر الهبوط من السيارة متوجها إلى الداخل ...
+
تقدم بجانب أحد حراس كراج الفندق يهمس له ببضعة كلمات بعدما منحه مبلغا ماليا ...
+
بقي ينتظر لدقائق قبلما يتقدم أثير إلى الكراج يبحث عن سيارته عندما تجهمت ملامحه كليا وهو يراه أمامه واقفا بملامح متحفزة ليهمس بوجوم :-
+
" هذا أنت .."
+
ابتسم كرم بسخرية باردة مرددا بثبات :-
+
" حان وقت المواجهة يا باشا ..."
+
تجمدت ملامح أثير وعيناه تتابعان السكين الحادة التي أخرجها كرم من جيب بنطاله ...
+
انتهى الفصل
+