رواية حصنك الغائب الفصل التاسع عشر 19 بقلم دفنا عمر
رواية حصنك الغائب
بقلم دفنا عمر
الفصل التاسع عشر!
----------------
+
_إيه تفاصيل الحادث اللي تعرفها؟
حاول ظافر استجلاب كل ما حدث يوم التقاها وأنقذها هو وعامر، فقال: أنا معرفش حصل إيه قبل ما المح العربية، لولا الحيلة الذكية اللي استخدمتها يمكن محدش كان قدر يلاقيها ويساعدها..!
+
الطبيب باهتمام: حيلة إيه، احكيلي لأن مهم اعرف بالظبط اتعرضت لأيه وقتها..!
+
شرد ظافر ولسانه يقص ما حدث وكأنه يتخيل من جديد يدها الدامية وهي تستغيث من كشاف السيارة حتى أنه شعر بنفس التوتر ودون أن يدري كان وجهه يتلون بانفعالات تشى بالكثير مما تبقى داخله من أثر لهذا اليوم..!
+
أثنى الطبيب بإعجاب على حيلتها وهو يقول: بنت في منتهى الذكاء والقوة.. اتصرفت بشكل غير متوقع في موقف صعب زي ده.. وواصل: ها وبعدين حصل إيه بعد ما انقذتها؟
3
_ طبعا مقدرتش اطارد الحيوانات الثلاثة اللي خطفوها.. كان كل همي ننقذ حياتها من نزيف جروحها وكدماتها الفظيعة لدرجة معرفتش شكلها كان مختفي.. كل اللي ميزته فيها شعرها الأسود الطويل.. ثم بدا أنه تذكر شيء فقال: ازاي شعرها بقى مقصوص كده؟
أجابه الطبيب: بلقيس هي اللي قصت شعرها يا سيد ظافر.. حملت جمالها سبب اللي حصل معاها..!
+
صمت متفهمًا هذا العرض والنتاح الطبيعي لما عانته الفتاة، فواصل الطبيب: وبعد المشفى حصل أيه، ماحاولتش تعرف مين أهلها أو اي بيانات عنها..؟
+
_ الحقيقة حصل يومها ظرف طاريء خلاني امشي فورًا..بس رجعت بعدها اسأل عنها.. مقدرتش اوصل ليها لأني معرفش اسمها.. لكن… .!
بدا عليه الأسف وهو يتذكر قول فتاة الأستقبال: البنت اللي هناك قالتلي ان في اكتر من بنت وصلو بنفس حالة بلقيس.. وكلهم كانوا حالات اغتصاب! كان نفسي اساعدها قبل ما يطولوها الخنازير..!
+
تسائل الطبيب وحدقتاه ترصد تعبيرات ظافر بتمعن: صعب بنت تعدي من 3 شباب سليمة وهي لوحدها صح؟
+
أومأ برأسه منتكسة وملامحه عابسة فغمغم الطبيب: ولو قولتلك إن بلقيس قدرت تعدي منهم سليمة من غير ما حد فيهم ينتهكها وانها بنت زي ماهي؟
+
رفع عيناه المتسعة بذهول غير مصدق نجاتها وقال بتهدج وانفعال واضح: يعني بلقيس لسه بنت؟؟؟!!
+
أومأ الطبيب ببساطة مستطردًا: أيوة.. مش بقولك بنت في منتهي الذكاء والقوة!
+
لبث ظافر مآخوذًا بتلك المفاجأة.. وفرحة غير مفهومة أصابته لنجاتها.. أي فتاة تلك التي تقاوم كل هذا وتحافظ على عفتها بأخر الأمر.. ربما لم يقابل او يسمع عن نموذج يماثلها.. يراها فريدة شكلًا وموضوعًا..ويستحق من تنتمي إليه تلك الفتاة أن يشعر بالفخر والعزة!
+
ذهب أثر انبهاره وتسائل بجدية:
+
_طيب ممكن حضرتك تفسرلي إيه معنى الصدف الغريبة اللي جمعتنا دي؟ لحد دلوقت مش مستوعب اني انقذ بنت وبعد فترة اروح بلدي زيارة اقابلها..واما أرجع لمكان إقامتي وشغلي هي نفسها تيجي وتشوفني وتتعرف عليا..!..أنا لو حد حكالي هكدبه وهحس كلامه مش منطقي! "
+
بدت ملامح الطبيب هادئة وهو يرتخي أكثر فوق مقعده، ثم هَمَ باستعرض تفسيره بسلالسة علمية :
+
_ أنا هشرحلك سبب الصدف دي يا سيد ظافر.. في حاجة اسمها قانون الجذب الفكري ده قانون أو نظرية قديمة قدم الحضارة نفسها، لدرجة إن القدماء المصريين كانوا بيأمنوا بيها وبيستخدموها في حياتهم..! ودي بتوضح ببساطة إن قوة التفكير بتأثر على أحاسيس وسلوك الفرد وبتوصله لنتايج معينة من كتر تركيزه على أفكار ما هو مؤمن بيها .. وگ مثال على مدى تأثير الأفكار سواء بالسلب أو الإيجاب، مش أحيانا تتوقع ان في حاجة وحشة هتحصلك وبتحصل فعلا مثل ما توقعت؟ أو انك نفسك تشوف فلان فتقابله صدفة في طريقك.. أو تتمنى تسمع صوت حد جه في بالك فتلاقي تليفونك بيرن وبيكلمك من نفسه؟ السبب إنك سخرت كل أفكارك للاتجاه ده وبرمجت عقلك الباطن على الأمر ده.. وهنا العقل بينفذ إرادة صاحبه وبيجذبلك كل الأفكار والأسباب اللي تصب في اتجاه فكرتك!
+
وغير كل ده في شق إيماني في عقيدتنا گ مسلمين وده أقوى دليل لعقولنا وبيعزز نظرية الجذب الفكري بشكل أكثر إقناعًا.. " حسن الظن بالله" في الحديث القُدُسي: «إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي؛ فليظن بي ما يشاء»،
+
يعني لو أمنت من جواك بشيء مع يقينك في الله.. بإرادته هيحصل! إلا اذا كان الشيء مش في صالحك وده علمه عند ربنا طبعا ..ده اللي عملته بلقيس طول الوقت إنها تفكر فيك وتستدعيك بعقلها كل لحظة حتي وهي نايمة مؤكد كنت في أحلامها.. كانت منتظراك وحاسة بوجودك..يعني أنت هيرو بالنسبالها.. كفاية تشوفك عشان تتولد جواها طاقة غير محدودة انها تقاوم أي قيود مكبلة روحها.. وده يفسر استجابتها أول ما شافتك.. أو نقول أول ما سمعت صوتك لأنها ماتعرفش شكلك.. همسها ليك وهي بتتحامى فيك.. استيعابها لمكانك وزيارتك لوحدها من غير ماتخاف.. كل ده مش تطور هين في حالتها.. وانت كمان كنت بتفكر فيها وتستدعيها من غير ما تحس..كأن أفكارها القوية اتواصلت مع عقلك عشان كده كنت بتحلم بيها.. مش ده اللي انت قولته؟ إنك حلمت بيها بتستغيث بيك وبتناديك؟
+
شعر ظافر ببعص التشوش وفرك حبينه وهو يجيب:
فعلا ده حصل معايا، حلمت بيها كتير بدون ملامح..!
ثم استطرد: طب انا مطلوب مني إيه بالظبط يا دكتور
الطبيب: مطلوب تخرجها من حالة الصمت والعزلة اللي اتحصنت بيهم وتنهي زهدها في الدنيا.. بشاعة تجربتها دمرتها رخليتها تعاني من تأنيب ضمير لأنها خدعت أهلها وراحت مكان ما بدون علمهم.. وأكيد في خبايا محدش عارفها.. حاجة جواها أنكسرت لأسباب مجهولة.. وده بردو هيكون دورك تعرفه منها.. راحت ازاي مكان الحادث مين استدرجها وقابلت مين إيه التفاصيل اللي حصلت.. التلاتة اللي ماتوا هما اللي خطفوها ولا في حد تاني متورط؟ عشان علاجها يكمل وتنتهي كل رواسب الخوف والعزلة جواها.. فهمتني ياسيد ظافر؟
+
لم يجيبه وبدا غارق بشروده، فأعاد الطبيب قوله:
_ معايا ياسيد ظافر؟
+
أومأ وهو يجيب: أيوة معاك بس كنت بفتكر كل اللي حصل من وقت ما قابلته.. ومستغرب حكمة ربنا إنه حطني في طريقها.. وأكيد يا دكتور لو أنا ممكن ابقى سبب في شفائها مش هتردد لحظة اني اساعدها.. حضرتك بس وضحلي بالظبط اتعامل معاها ازاي وانا هنفذ كل تعليماتك بالحرف!
+
عدل الطبيب نظارته وغمغم برضا:
تمام.. هعرفك تعمل إيه، وكده فاضل إني اتكلم مع سيد عاصم عشان بعض الأمور اللي لازم يستوعبها خصوصا وجودك الحتمي حوالين بلقيس الفترة الجاية!
_______________________
+
سائرًا بين شجيرات حديقته دافسًا كفيه في جيبه بشيء من الملل، وبعض الأرق أصاب مضجعه، وصلت قدماه لموضع شجرة ضخمة، فوجد زمزم جالسة تطالع هاتفها بتأثر وسيل من الدموع يزحف فوق بشرتها، فهدر بفزع:
+
_ زمزم؟؟؟ حصل إيه وبتعيطي ليه؟
+
فور انتباهها لوجود عابد، أبعدت هاتفها وتمتمت بتماسك قدر استطاعاها دون النظر إليه: مافيش حاجة.!
+
_ مافيش ازاي، ودموعك دي إيه..؟
+
هتفت بعصبية طفيفة: بقولك مافيش ياعابد!
+
واصل بإصرار: زمزم! من فضلك عرفيني مالك!
صمتت هنيهة ثم قالت: شوفت أخبار ضايقتني بس شوية!
+
فتصاعدت وتيرة قلقه عليها : أيه هي الأخبار دي!
+
لوحت له بهاتفها واستعرضت أمامه ما كانت تشاهده وتسبب في كآبتها، فكسى الغضب وجهه واظلمت عيناه وشعر انه لا يجد كلام يعبر به، فهتفت:
+
_ شوفت بيحصل أيه في مسلمي الإيغور؟! والمسلمات بالذات؟ المتحدثين اللي نجوا من هناك بيحكوا حاجات فظيعة يا عابد.. فين مسلمين العالم؟ قولي ليه بقينا أمة ضعيفة كده، ليه اعتدنا نسمع الفواجع حوالينا كأنه خبر عادي.. محدش بيتحرك.. خنوع مخزي ساكن نفوس الحكام والشعوب إلا من رحم ربي! فين الضمير العربي؟!
1
_ نايم!
+
جاء رده متقتضبًا محملًا بسخرية. مريرة مستأنفًا:
+
أو بالأحرى مبقاش في ضمير أصلًا يا زمزم..
احنا في زمن بيتحكم فيه قانون القوة والسلطة والمصالح فقط.. العدل والإنصاف مش مُدرج في قاموس الحكام!
+
_ والشعوب؟!
+
تسائلت بخفوت، فأجاب:
+
الشعوب راكدة في كهوف الخوف منتظرين شرارة انتفاضة تشعل فتيل بسالتهم وتعيد عزتهم من تاني!
+
_ ولحد إمتى هيفضلوا محبوسين في كهوفهم؟! الظلم استفحل ومبقاش له حدود ولا ملة.. انا بقيت اخاف ادور على أخبار العالم من كتر الكوارث اللي بتتجدد كل يوم.. لأ، كل ساعة!
+
غضب دفين تدفق لعروقه وهو يجيبها: أكيد في يوم كل ده هيتغير والحقوق هترجع!
_ مين هيرجعها؟!
+
لم يكن تساؤل بقدر ما كان سخرية لاذعة ندت من شفتيها مقترنة بمرارة خفية لعهد صار حكامه يلفحون بأسواطهم أجساد الجميع بلا استثناء..ولا عاصم من جبروتهم إلا الله.. هو وحده كفيل بيهم!
+
أما هو فأمعن بحدقتيه يتأمل وجهها الذي أدارته لزاويةٍ ما بملامح ناقمة على أوضاع البلاد..متأثرًا بهذا الجانب الجديد الذي اكتشفه بشخصيها واهتمامها الجلي بقضايا الآمة بوعيٍ أدهشه.. فعادتًا من مثلها لا يفقه تلك الأمور خاصتًا المرفهين ميسورين الحال.. شعور ما بالفخرًا والإعجاب تسرب لدواخله تجاهها..!
+
_ تعرفي اني اتقبض عليا مرة في وسط مظاهرة؟
+
استحوذت جملته على انتباهها كاملًا وهي تستدير له بعين تلمع فضولًا متسائلة: أنت بتمشى في مظاهرات يا عابد؟
أقر ببساطة: أيوة طبعا، أي مظاهرة كانت بتطلع من جامعة المنصورة كنت بطلعها، ومرة منهم اتمسكت وفضلت يوم كامل، ولولا عمي عاصم الله أعلم كنت هخرج ازاي..لما واحد من اصحابي بلغه، قدر بعلاقاته يخرجني قبل مايلبسوني قضية من قضايا التفصيل اياها.. يزيد وجوري وبابا وماما مايعرفوش لحد دلوقت السر ده..وتابع بتهكم: طنطك كريمة لو كانت عرفت كانت بقيت مناحة!
+
انبهار لم تسطع كبته وهي تتمتم: يعني انت بجد متفاعل ومتأثر كده باللي بيحصل؟! بصراحة يعني انا افتكرت إنك مش مهتم و…………
+
ترددت بالمواصلة، فأكمل: إيه يابنت عمي مستهونة بعابد ولا إيه؟ مايغركيش هزاري دايما.. في أمور صعب نتجاهلها وياريت اقدر اساعد فيها.. بس للأسف الوضع محتاج تكاتف واصطفاف، لكن تحرك فردي وعشوائي نتيجته الوحيدة هي الهلاك!
+
_ بس على الأقل نشارك في رفع صوتنا بين الجموع، أنا ناوية لو طلع مظاهرة هنا مثلا هشارك و… .
+
_ إياكي!
+
قالها حازمة..قاطعة.. وعيناه تكتسي بصرامة، فتتمتمت: أنت اللي بتقولها بعد تجربتك..؟!
+
_ اسمعي يا زمزم..انا لولا علاقات عمي كان زماني منفي في زنزانة زي غيري ومحدش يعرف طريقي، مش من الشجاعة ترمي نفسك وسط نار هتحرقك وتحرق غيرك معاكي.. لسه الأجواء مش مؤهلة لكده.. لازم. نعترف بسطوة اللي ماسكين زمام الأمور دلوقت.. طبعا ده مش هيدوم، لكن لحد ده نكون مستعدين گ شعوب للمجابهة ماينفعش نتصرفش برعونة ونرمي نفسنا في التهلكة..!
صمتت بشرود عابس، فتسائل ليصرف نظرها عن هذا الحوار المرهق : فين صاحبي الصغير؟
+
مالت شفتيها بابتسامة حانية لذكر طفلها:
عيط كتير أوي معرفش مزاجه كان ماله الليلة، وهو اللي خلاني صاحية لدلوقت، بس أول ما بابا أخده في حضنه نام ..!
+
_ بكرة عامله مفاجأة هتبسطه أوي لأن أكيد صاحبي الصغير زهقان!
هتفت بفضول: هدية إيه؟
_ لا دي حاجة بيني وبينه بس!
منحته ابتسامة مع تمتمة شكر : شكرًا يا عابد على اهتمامك اللي بتقدمه لمهند، هو كمان بقى متعلق بيك جدا.. البيه كل شوية. يقول " آبد.. آبد" وبابا وماما ومحمود يضحكوا..!
_ أنا كمان بحبه أوي ومش عارف لما تتنقله لفيلتكم هتحمل البيت ازاي من غيره!
_ يا ابني ده أحنا في نفس الشارع.. أي وقت هتقدر تشوفه!
+
_ اتعودت على وجودكم!
+
قالها بنبرة دافئة، فغمغمت بمشاعر لا تشبه مشاعره:
احنا كمان حبينا اللمة اللي بتجمعنا..ضحكنا وسهرنا وحكاوينا.. كلها حاجات كنا مفتقدينها في غربتنا..!
+
ثم جاء صوتها بعيدًا گ عمق ذكرياتها التي استجلبتها:
+
ياما حلمت أنا وزياد بتجمعات زي دي وسط أهالينا.. والخروجات والسهرات اللي هنقضيها سوا..حاجات كتير اتمنينا نحققها بس ربنا ما كتبش له العمر أكتر من كده!
+
وواصلت وكأنه تحدث ذاتها:
يارب يكون مسامحني على أخر جملة قولتهاله!
+
وجد سحابة عبرات تغتال مقلتيها، فانتشلها من حالتها سريعًا:نسيتي مهند؟ هدية ربنا ورحمته بيكي؟ وبعدين جملتك. كانت عفوية بنية مختلفة.. واللي حصله كان قدر ونصيب مكتوب له.. حتى لو زياد كان في بيته على سريره.. برود كان هيموت.. دي كانت ساعته، ماينفعش تلومي نفسك ابدًا..!
+
هزة رأس طفيفة. ندت منها بصمت. فقال:
ولو اني كنت ناوي محدش يشوف المفاجأة اللي عاملها لمهند، بس انتي امه بردو تعالي ياستي اوريهالك"
+
قصد صرف ذهنها عن ذكريات أوجعتها، وسحبها لأجواء مغايرة وأكثر بهجة.. فتبعته حتى وصلا لبقعة منزوية من الحديقة، لتفاجأت بهديته التي تجسدت فأرجوحة تتوسط شجرتين كبيرتين، متدلية من بينهما بخيوط منسوجة، يتخللها غطاء ووسادة صغيرة، وفروع أضواء تعتليها بشكلٍ مبهر مع إضاءتها الملونة.. وعلى الجانب طاولة خشبية بسيطة تحوي بعض الألعاب وصحون منحوت عليها شخصيات كرتونية جذابة لتحفز الصغير على تناول طعامه!
+
شهقت من انبهارها وهي تقول: مش ممكن جمالها ده.. بجد تحفة يا عابد تجنن، ثم تناست حالتها السابقة وهي ترجوه بلمحة طفولة أسعدته: هو انا ممكن أجربها ولا ماتتحملنيش؟
+
_ متخافيش.. عملتها متينة عشانكم انتم الأتنين..!
+
حادثها بنبرة حنان لم تنتبه إليها وهي تعتلي الأرجوحة بحماس: الله😍 دي هتبقي مكاني المفضل انا وهوندا.. مش هياكل أو يلعب غير هنا..!
فالتقط كورة صغيرة بجوارها وقال : ونسيتي تدريبات الكورة اللي هعلمهاله.. ضحكت برقة: ده انت ناوي تطلعه لاعيب بجد بقي!
_ طبعا.. زي ما عمي عاصم علمني، أنا هعلمه!
+
ثم جلس جوار الأرجوحة فوق الحشائش أرضًا متسائلا: إيه الحاجات اللي واخدها مهند من زياد؟
انتقلت لتجلس بمحاذاته وبينهما مسافة:
+
_ أول مابيصحى الصبح لازم ياكل حاجة مسكرة..بيحب يشرب ميه كتير.. بينام بنفس وضعية زياد الله يرحمه..واخد نفس نظرة عيونه.. لدرجة ساعات بحس ان زياد هو اللي معايا..!
_ وانتي؟! أخد منك إيه؟
+
أجابت: أول حاجة عنيد أوي، وبيخاف من الضلمة ، لازم ينام النور والع.. واخد نفس لون شعري وبشرتي.. بيتحسس من الأكلات البحرية زيي، ولسه كل يوم بيظهر عليه شيء جديد!
7
داعب عيناها النعاس فتثائبت وهي تحجب فمها بكفها: أنا هستأذنك بقى عشان انام،تصبح على خير ياعابد..!
+
رد تحيتها بإيماءة وراقبها وهي تغادر ولا يعرف كيف يبدد ذاك الشعور الخفي بالضيق داخله بعد سماعه حديثها عن زوجها، هل يحق له أن… يغار؟! معقول أن تصيبه غيرة من ذكرى راحل؟؟ مشاعره تجرفه لمنحنى يخاف تبعاته، يجوز أنه يتوهم ما بداخله.. وهو فقط التعود ما أورثه هذا الدفء تجاهها ليس أكثر؟ زفر وضجيج أفكاره بها لا تهدأ.. ربما أفضل ما يفعله الآن.. هو النوم.!
________________
+
تزاحمت المشاعر داخله بعد كل ما علمه عنها، ما بين مسؤلية تجاهها وشفقة وحزن لما لاقته بمفردها وتعاطف معها.. لكن كل هذا لا يساوي شعور أخر تملكه ناحيتها.. فخر وإعجاب شديد بقوة تلك التي تبدو ضعيفة.. لكنها عكس ذلك.. فتاة تغلبت على كل من كبلوها وحاولوا أغتيال كل مافيها.. مازال يذكر أثر مخالبها على وجوههم المرعوبة حينذاك.. لم ينالوها.. هذا ما علمه من طبيبها ليتفاقم إعجابه بها أضعاف..تنهد ودعى ربه أن يكون سببا لشفاءها عن قريب.. بصر ساعة يده ليدرك الوقت.. ربما تأتي بأي لحظة.. هو ينتطرها گ الأمس لتتناول وجبة غدائها.. لكن تلك المرة سيجعلها تختار ما تريد.. سيسمع همسها الذي حيره.. لن. يتركها لصمتها بعد الآن.. إن كان قدره أن يمنحها القوة.. فلن يدخر شيء من قوته لتنتصب على قدميها وتواجهه عالمها من جديد!
+
حاد بصره لزاوية دخول الرواد، فوجدها أتية.. فترجل إليها حتى صار قريب، وحياها بهدوء فأجابته بإيماءة.. وأجلسها في زاوية هادئة گ المعتاد وقال:
تحبي تتغدي إيه أنهاردة؟ أنا عرفت إنك مابتحبيش اللحوم.. ثم وضع أمامها قائمة الطعام: يلا أختاري حاجة من هنا..!
لبثت تطالعه دون محاولة اختيار، فمارس قوة تأثيره التي أدركها وسيستغلها لصالحها فقط: على فكرة أنا كمان هتغدى معاكي بس بشرط.. تختاري دلوقت وجبتك اللي بتجبيها .. بلاش تهزي راسك وبس.. لو ماسمعتش صوتك خلاص همشي اشوف شغلي وخليكي لوحدك!
عصفت عيناها بحزن وهو يلوح لها بغيابه عن جلستها، فواصل تحفيزه لها وهو يهمس بصوت ذات نبرة مؤثرة:
+
إنتي تقدري تتكلمي وترجعي لطبيعتك يا بلقيس.. إنتي أقوى بنت شوفتها في حياتي وخسارة تحرمي اللي بيحبوكي من صوتك! ..إنتي أقوي من ما بتظني بكتير.. أكسري عزلتك واخرجي للنور تاني.. ماتداريش جوة عتمة انتي اللي فرضاها على نفسك..الحياة جميلة ولازم تعيشيها زي ما تستحقي..وجمالك مش ذنب عشان تكفري عنه وتقتليه وتضيعيه.. بالعكس جمالك منحة من ربنا محتاج تصونيها صح وتشكريه عليها..!
+
كلماته التحفيزية التي أختتمها بابتسامته انتقلت إليها گ تعويذة سحرية تأججت بصوته الذي تألفه منذ زمن ..شيء داخلها يتحرك.. يتفاعل..مشاعرها الجامدة تتمرد على رُقادها .. كأنه بتلك الكلمات أمددها بقوة خارقة تشبه شعاع نور شديد السطوع نفذ لعقلها وروحها معًا..!
+
وگ رد فعل جديد غير مسبوق بحالتها.. أمسكت القائمة وراحت تطوف بها.. ثم همست بعدها بلفحة شرود وكأنها تحاكي ذاتها: أنا وبابا بنحب الأكلة دي!
لم يصدق أنها ستنصاع له هكذا، فطالع قائمتها ووجدها أختارت مكرونة بالوايت صوص والمشروم!
+
فأراد تحفزيها أكثر على الحديث فتسائل: ووالدتك بتحب إيه؟ ظلت صامته بطيات شرودها، فألح عليها: بلقيس.. مامتك بتحب إيه جاوبيني؟
+
غمغمت بعد برهة بنفس نبرتها العميقة الشاردة: البانية.. كانت تصمم اكل معاها وتزعل لما اخبيها تحت طبقي.. ولما تكتشف تزعقلي وتقولي اني طفلة!
ثم سقطت دموعها بغتة وهي تكمل همسها: ماما مش بتحب حد يكدب عليها..بس انا كدبت!
+
شعر أنه يجب أن يوقف سيل ذكراياتها الحزينة الآن.. فربما تتفاقم مشاعرها وتصل لذروة أحداث ستؤذيها إن تذكرتها بتوقيت خاطيء.. هكذا أخبره الطبيب..التدرج مطلوب، ويكفي أنها تحدثت بهذا القدر.. فسارع بقوله ليشتتها:
+
_إيه رأيك نعمل لعبة سوا؟!
+
استطاع استقطاب اهتمامها ثانيًا فواصل:
+
أنا مش بحب المكرونة بالوايت صوص ابدا.. بحب وصفات الدجاج وابتكرت فيها وصفات لاقت إعجاب كتير.. تيجي نعكس انهاردة.. أنا هاكل اللي بتحبيه.. وانتي تاكلي اللي انا بفضله؟ بس لازم كل واحد يقول رأيه بعدها بصراحة..موافقة؟
أومأت له صامته ، فقال بتحذير مازح: أحنا هنرحع تاني نهز دماغنا ونسكت؟.. مش قلنا تتكلمي..؟!
فعادت تهمس: موافقة!
+
رغمًا عنه شرد بصوتها وابتسامتها الهادئة وتجاوبها الذي أسعده لدرجة غير عادية.. كم هي قوية وجميلة گ ظاهرها.. تلك الفتاة تخفي الكثير من الأسرار.. وسيكون مستمتع باكتشاف جميعها ويدعوا الله أن يوفقه للقادم معها..!
……………………… .
+
راح يشرح لها أطباقه بحماسة قائلا:
اختارتلك حاجة بحبها جدا.. كوردن بلو دجاج بالخضار مع سمبوسة بطاطس حارة وصوص الزبادي.. جدتي دايما كانت تقولي اللي عايز شكل طبقه يكون بيضحك.. يضيفله خضار..!
+
ابتسمت وقد راقها مظهر الطعام، وبالفعل يحرض الجائع على تناوله وتجربة مذاقه.. أما هو فعاد يستعرض لها ما انتقاه على ذوقها هي: أما أنا بقى فهاكل مكرونة الوايت صوص اللي مش بحبها بس متحمس اجرب معاكي..!
+
شرع كلًا منهما بالتهام وجبته، ودون أن تلاحظ راح يراقب استمتاعها الواضح بما انتقاه وهي تتناول الدجاج الذي قسمه لها بنفسه لشرائح، متذوقة إياه بغير نفور.. ثم شرد بقضمها واحدة من السمبوسة وصوت الكرمشة بين شفتيها الوردية التي راح يتأملها لتثير داخله مشاعر رجولية جعلته يسعل فجأة وكأنه يطرد أفكاره الغريبة عنه ثم تجرع مقدار من الماء ليُخمد هذا الفوران داخله ويعود لرشده مرة أخرى.. ولم يدري أنه مسد جبينه وخفض بصره وهو يهمس باستغفارًا يعيد سلامه ويهديء ضميره داعيًا أن تنتهي تلك المهمة معها على خير..!
+
_ ظافر..!
+
تصلبت يده فوق جبينه فور سماع همسها باسمه و حدجها بذهول وهي لأول مرة تلفظ أسمه بهمس رقيق مهلك لرجلٍ مثله..! ثم قرأ بعيناها قلق واضح وتساؤل وهي توزع نظراتها بينه وبين الطعام!
+
يبدو أنها فسرت توتره حين سعل ومسد جبينه متوقفا عن ما يفعل انه نفر من مذاق الطعام..! كم أنتِ بريئة يا فتاة.. الأمر أخطر بكثير مما طننتي..شهيتي اللعينة تحركت لمذاق أخر غير طعامك..وهذا غير جيد وغير لائق ولا يصح!
1
حمحم ليزيل أثر كل أفكاره الغريبة وقال: مافيش حاجة أنا تمام والأكل كويس وهكمل..!
+
اكتفت برده وعادت تلوك الطعام برقة وصوت قضم سمبوستها الحارة عاد يثيره.. فقرر التركيز بأي صوت حوله وتجنبها تماما.. لن يرفع عيناه عن طبقه.. حتى لو أضطر لإحصاء كم واحدة من المشروم الذي لا يحبه مختلطة بالمكرونة الغارقة في كريمتها البيضاء وكأنها تتحداه أن يلتهمها.. تُرى! هل يكون شابًا فظًا لو أخبرها حين تحين لحظة المصارحة أن الطعام لم. يطيب له؟.. هو يكره المشروم والصوص الأبيض!
+
وجدها تقف عن الطعام وهي تنظر له مبتسمة!
فتسائل: شبعتي؟ أومأت بإجاب فقال:
_ بألف هنا.. قوليلي بقى عجبك اختياري؟
هزت رأسها، فابتسم بسعادة: طب الحمد لله إنك اكتشفتي مذاق جديد!
ثم قال بمزاح: أنا طول الوقت بدرب نفسى على الكدب.. بس بصراحة أنا مش حبيت المكرونة وبكره المشروم.. ومن الأخر كده أنا لسه جعان يا أستاذة وبصراحة لو ما سمحتيش أخد أخر سمبوساية في طبقك هيكون ذنبي في رقبتك!
+
اتسعت عيناه وانفرج فمه ببلاهة وهو يراها تطلق ضحكة رقيقة واضحة بعد ما تفوه به.. ماذا يحدث! هل تنوي تلك الفتاة بضحكتها المهلكة گ صوتها أن تورثه الجنون وتتعافى هي؟
هذا ليس عدلًا..!
…………………
+
بينما هو مآخوذًا بضحكتها.. كانت دًرة تبكي وهي تطالعها جوار عاصم من خلال بث مباشر.. لم تصدق ان صغيرتها تضحك.. وقبلها أكلت الكثير من وجبتها بشهية واضحة غابت عنها كثيرا!
+
_ مش مصدقة ان بنتنا بترجع تاني ياعاصم.. شايف بلقيس بتضحك ازاي؟ وشايف ازاي أكلت بشهية.. بنتي بترجع للحياة.. امتى تيجي واحضنها بقى.. أكيد هتكلمنا زي ما اتكلمت مع ظافر صح؟ صح ياعاصم؟..عاصم؟!
+
كانت دُرة تتحدث وهو على وجهه عبوس غريب، كان بداخله شعور قاتل بالغيرة وتساؤلات كثيرة.. لما تستجيب بلقيس لظافر وليس هو؟ لولا أن الطبيب أكد على ضرورة تقابلهما لسرعة تعافيها، ما وافق على هذا الهراء.. لكن ليطمئن قلبه وتهدأ غيرته.. استعان بذاك المتخصص ليراقبهما ويجعله متصلا بما يحدث بمساعدة التكنولوجيا التي منحته فرصة رؤيتهما الآن هو وزوجته التي عادت تتسائل:
+
_ مالك ياعاصم؟ أنت مش فرحان بالتقدم اللي وصل له حالة بلقيس؟!
ظفر بضيق وتمتم بعصبية غير مبررة لها: أكيد فرحان مش محتاحة سؤال يعني.. بس مش فرحان ابدا اني قاعد دلوقت وسايب بنتي بتتغدى مع واحد غريب عنها وانا وانتي قاعدين نتفرج عليهم..!
+
لبثت بضع لحظات تحاول استيعاب أسبابه، ثم انفجرت ضاحكة هي الأخرى، فهدر بحنق: قولت نكتة لسعادتك؟!
+
قالت من وسط ضحكاتها: أنت بتغير من ظافر يا عاصم!
+
هدر بغضب بدا لها طفولي ومضحك: أيوة بغير.. من حقي اكون انا الراجل الوحيد على الأرض اللي أأثر في بنتي مش واحد غريب عنها.. ليه ماتتكلمش وتضحك معايا انا؟!
+
هدأت وتيرة ضحكها، ثم اعتدلت وهمست وهي تملس على وجنته لحنان: حبيبي مين قال إنك مش بتأثر فيها وبتحبك؟! بس بلقيس مريضة ياعاصم.. والدكتور فهمنا حالتها وازاي متصورة ظافر وشايفاه منقذها وأمانها.. خلاص هانت أديك شوفت استجابتها المذهلة.. ثم تنهدت وعادت تنظر لشاشة الهاتف: من قد إيه مستنين يرجع وشها يضحك وتهزر وتشاكسنا زي ما كانت بتعمل.. ثم همست ببعض الشجن: كنت خايفة أموت قبل ما……… ..
+
ضمها إليه وعنفها رغم ضمته الحانية: أخرسي يا دُرة.. وإلا مش هتكلم معاكي تاني.. هلاقيها منك ولا من الهانم بنتك اللي بقها ما ضحكش إلا مع الأستاذ..!
+
عادت تضحك على كتفه، فأطاع ابتسامة تسللت لشفتيه وذقنه مستندة على رأسها..وغمغم لذاته: الحمد لله إنها بترجع تاني..!
___________________________
+
حان لحظة عودتها وتوصيلها لمسكنها، فترجل معها گ الأمس وكانت أكثر راحة وأقل توتر وسط الاحتكاك بين العابرين حولها بالطريق..ربما لأنه قريبًا منها..لبث يستثمر تلك الدقائق ببثها طاقة إجابية بكلماته التي يدرك سلطتها عليها.. وهذا ما يرتكز عليه لمساعدتها، سيظل يستغل ذاك التأثير لصالحها فقط!
+
لتتعافى تلك القارورة ويلتئم كسرها بجبر خالقها!
_________________________
+
جوري: خلاص وافقتي نقضي شهرين الصيف في القاهرة مع يزيد وياسين؟
عطر: هشوف ماما الأول.. أصلها مش عايزاني ابعد عنها ابدا.. معرفش مالها.. وقالبة عليا من وقت ما رفضت مصطفي اللي اتقدملي!
_ لا سيبي خالتو عليا.. أنا هعملها أراجوز لحد ماتوافق.. وبعدين انتي مش هتلعبي هناك بالعكس هتدربي مع يزيد وانا ممكن اعك معاهم شوية في الشغل، بس انا واضحة، هدفي الأساسي اتفسح مش اشتغل
+
تمتمت بجدية: بصراحة يا جوري، أنا مترددة.. منا ممكن اتدرب هنا في أي مكتب أو شركة!
_ لأ طبعا.. عندنا شركتنا اللي انتي واخوكي مساهمين فيها.. يعني مالك ياعبيطة.. وبعدين بذمتك.. مش وحشك اخوكي زي ما وحشني يزيد..فرصة نقضي وقت ممتع معاهم وانتي رايحة سنة رابعة هندسة يعني هانت وهتشتغلي هناك اصلا!
+
عطر بشرود طفيف: خايفة اكون هناك!
+
رمقتها جوري بنظرة ثاقبة وهتفت بجدية يشوبها الغموض: وتخافي ليه؟ بالعكس لازم تجربي تاخدي مكانك وتثبتي نفسك وتعلني عنها بالشكل الصحيح.. خلي اللي يشوفك يشوف عطر الجديدة القوية اللي كلها مميزات.. افرضي وجودك وامحي صورة الطفلة في عيونهم..وارسمي نضوجك اللي هيجبر اللي يشوفك انه يقدرك صح گ أنثى!
+
عطر وعلى وجهها كل معالم البلاهة:
أيه الكلام الكبير اللي قولتيه دلوقت ده؟ إنتي جوري الهبلة بنت خالتي؟
+
وضعت جوري ذراعها حول كتفي عطر وهتفت بامتعاض: للأسف انتوا مستهونين بيا أوي وبذكائي! وبشكل مضحك فردت ذراعيها تبتهل لله:
يارب.. مش طالبة منك غير عريس عريض المنكبين يقع في غرامي.. وترزق حبة ذكاء لاتنين هموت مشلولة من غباءهم .. ياترزقهم بالذكاء ويفهموا.. ياترزقني بالغباء واللامبالاة!
+
صفعة ماء باردة صدمت وجه جوري وهي تدعوا.. فانتفض مغلقة عيناها بفزع مغمغمة: هو انا كنت بدعي بنزول المطر ولا إيه
+
ثم فتحت عيناها لتجد عطر تطالعها بعدوانية ممسكة بكوب زجاجي يسقط من طرفه قطرات ماء، فهتفت الأولى: هو انتي اللي حدفتيني بالمية يا قردة طب والله لاوريكي
+
عطر: أيوة عشان تفوقي وتقصري لسانك يا أوزعة لأنك………… .
+
بترت جملتها شاهقة من لطمة ماء بوجهها من الأولى التي أخذت ثأرها بنفس اللحظة.. ووقفا متقابلين كلا منهما تنظر للأخرى بعدوانية والقطرات تتساقط من وجهيهما معا..!
+
_ يابنات تعالوا ساعدوني في……… ..
+
قطعت فدوة جملتها مذبهلة لمرآهما وقالت وهي ترفع نظرها للسماء بريبة: هي الدنيا مطرت أمتى؟؟؟؟
______________
+
باليوم التالي!
يزيد: هتروح تجيب البنات إمتي؟
_ شوية ونازل.. بس اعمل حسابك الزئردة اختك والقردة أختي هيعوزوا برنامج ترفيهي وإلا مش هنسلم من صداعهم!
+
ضحك يزيد: ياسيدي واحنا تحت أمرهم.. هنشغلهم معانا هنا كام ساعة.. وبعدها نخرج كلنا ونفصل من جو الشغل!
_ طب اضحك واسمع بقى على نوادر خالتك وتوصياتها وقلد صوتها ( خد بالك من اختك بلاش هزارك الغبي يا ياسين وماتخنقهاش.. واوعي تسيبها لوحدها.. جبلها الفول السوداني اللي بتحبه.. وبطل تقولها ياقردة احسن انزل ابهدلك.. فسحها في كل حتة ماتنشغلش عنها) واختتم حديثه المازح: ودي كانت وصايا خالتك يا سي يزيد.. محسساني انها نازلة تبع شركة سياحة.. ده انا هشغلها هنا زي ال
يزيد بتحذير: تشغل مين؟ شغل نفسك الأول ومالكش دعوة بشغل عطر.. شغلها هيبقى معايا انا..!
+
_ أيوة ياسيدي مهندسين زي بعض بقى.. خلاص يبقي انا كمان هعمل مدير على أختك وأخد تاري منها.. فاكر النملة الحامل اللي اخوك حكم عليا اجيبهاله.. أنا هطلعه عليها!
اقترب يزيد وهو يحوطه بنظرة غامضة، فتوجس ياسين محذرا وهو يبتعد للوراء يضم فتحة قميصه: بقولك ايه احنا في شركة محترمة وأنا راس مالي سمعتي!
+
واصل يزيد تقدمه ثم أرخى ذراعه على كتف ياسين بود أقلق الأخير: أخويا عابد ده طيب.. عارف لو أنا مكانه كنت حكمت عليك بأيه؟ تسائل ياسين، فأجابه الأول: كنت خليتك تخدم على رواد النادي اليوم كله وتغير البامبرز بتاع مهند بدال زمزم!..
+
ياسين بعد أن نفض ذراع يزيد متوجها للمغادرة:
صدقني ..في يوم. من الأيام. هقطع علاقتي بيك انت واخوك!
__________________________
+
بدأت تمتثل للشفاء إذًا..!
يبدو أنها للمرة الثانية تخطيء بتقيم قوة تلك المغرورة! ترى ما هو مدى قوتها الآن؟ هل تذكرتها و تعافت لدرجة الدفاع عن نفسها ثانيًا بنفس الشراسة والبأس؟ أم ستحدث لها انتكاسة تعيدها لنقطة الصفر مرة أخرى؟
+
التوى ثغر تيماء بابتسامة شيطانية بعد أن قررت أن تختبر مدى شراسة قطتها الساذجة " بلقيس" ..! التقطت هاتفها وما أن جاء صوت محدثها حتى أمرته:
3
_ عايزاك تعمل اللي هقوله بالظبط بدون أي غلط واياك الراجل بتاعك أمره ينكشف.. مش هرحمكم وانت عارف اقدر اعمل إيه!
+
_ متخافيش يا تيماء هانم.. هعمل اللي هتطلبيه بالحرف!
2
سردت عليه أوامرها..ثم أغلقت الهاتف بعدها وعيناها تقتام بحقد لا يبرح دواخلها تجاه بلقيس.. هل بعد مكيدتها ستتعافى وتحاول النيل منها وتهديد سلامتها؟ لا.. لن يحدث.. ستظل تحت عيناها وإن قررت العبث معها.. ستتلقى ضربتها القاضية.. والقاتلة!
__________________
+
ياسين: ازيك ياعمو أدهم عامل إيه؟
+
_ الحمد لله يا حبيبي.. انا اهو جبتلك البنات استلم انت بقى عشان يدوب اعدي على عمك عاصم اطمن عليه هو وبنته ومراته!
ياسين: تعبناك ياعمي.. (ثم نظر للفتاتين وقال)
_ حمد لله على السلامة يابنات.. نورتم القاهرة الساهرة على رأي القدير على الحجار..!
+
عطر: بنورك يا سينو.. عامل إيه وحشتني!
جوري: وحشك إمتى ده لسه كان معانا في المنصورة طابق على نفسنا..!
+
ياسين: اسكتي يا زئردة انتي.. كفاية عليا أخواتك!
ويلا أنزلوا خليني اوصلك لبيت عمتو انتي وجوري! وبالليل اما نخلص شغل هعدي انا ويزيد ناخدكم نعشيكم بره.. يلا انشالة ماحد حوش..!
+
جوري: لأ أنا هاجي معاك عند يزيد.. وهفضل معاه لحد ماتخلصوا شغل.. وحشني ومش هصبر..
+
أدهم: طب خلاص يا ياسين خد انت جوري، وانا هوصل عطر لبيت لجدها وبعدها اروح لعاصم..!
+
نظر لشقيقته فوجدها توميء برأسها ك موافقة... فأزعن للأمر وأخذ جوري معه.. اما هي فأرادت ان تشحن روحها بدفء الجد والجدة والعمة ايضا.. ثم تقابله كما يجب أن تكون!
________________________
في مكتب يزيد!
+
" وحشتني وحشتني وحشتني"
+
كاد أن يفقد توازنه وجوري تندفع إليه وتعانقه بشيء من الدلال العفوي.. فربت على ظهرها ببعض الإحراج لوجود أحمد.. فالحمقاء شقيقته لم تنتبه لوجوده بعد! وغمغم: وانتي اكتر ياحبيبتي..!
+
تنحنح أحمد بحرج:
_ طب استأذن انا يا يزيد وهنكمل مناقشة بعدين!
+
هنا فقط ادركت حماقتها.. هناك غريب يشاركهم الغرفة ويشهد على رعونتها الطفوليه الآن..وكم هو موقف مخجل!
غادر أحمد، بينما طالعت يزيد بخجل: أسفة يا آبيه.. ما أخدتش بالي ان في حد معاك!
نكز جانب رأسها بخفة:ماهو ماتبقيش جوري المجنونة إذا ما عملتيش كده..عارف انك ماشوفتيش حد.. بس لازم تاخدي بالك بعد كده.. أنا ممكن يكون معايا أي عميل أو مهندس ماينفعش تدخلي بدون استأذان .. اتأكدي الأول ان مافيش حد معايا.. واتعاملي براحتك بعدها..!
+
نكست رأسها بنفس الخجل: حاضر..!
ضحك لمظهرها ثم تلقفها بين ذراعيه: طب تعالي ارحب بيكي بقى زي الناس.. وحشتيني يا زئردة!
+
عادت لطبيعتها المرحة وهتفت: حبيب الزئردة انت.. لعلمك انت بس اللي مسموح تقولهالي.. بس ياسين وعابد بتنرفز منهم..المهم اعمل حسابك هتفسحني انا وعطر ومش هنسيبكم لحظة! فاهم يا آبيه
+
تسائل على ذكرها: طب هي فين.. ليه ماجتش معاكي؟
_ قالت هتسلم على جدها وجدتها وطنط.. وياسين قال إن بالليل هنعدي عليها وهتعشونا بره صح؟
+
_ طبعا لازم نرحب بالأميرتين اللي نورا القاهرة.. تعالي بقي ناخد لفة في الشركة عشان تشوفيها..!
جوري: ماشي
__________________
+
استقبال حافل تلقته عطر من الجد والجدة والعمة "سحر" وأبناء عمتها الذين بادلوها عناقات دافئة وثرثرة بأحاديث كثيرة.. وما أن حل المساء حتى بدأت استعدادها لمجيء شقيقها وجوري ويزيد لتبدأ سهرتهم!
…………
+
( أفرضي وجودك وامحي صورة الطفلة في عيونهم)
+
تذكرت جملة جوري! وهي التي ظنت أنها نجحت بخداعها ولم تكشف ما بداخلها…لكنها أخطأت.. جوري تشعر بها، لذا تسدي لها نصائح مبطنة بإظهار أنوثتها..وهذا ما ستفعله..اختارت رداء ربما هو الأنسب، وتتمنى أن يلتفت لها كما يجب اليوم!
………… ..
+
شهقة. إعجاب ندت من جوري بعد أن رأت عطر:
يخربيتك..إيه الحلاوة دي يا قردة، جبتي الفستان ده إمتى من ورايا انطقي؟
+
عطر: قردة في عينك.. مايغركيش لبسي انا ممكن أظبطك ثم انقلب وجهها لتوتر مضحك: ولعلمك انا مكسوفة أول مرة البس فستان بناتي.. أنا بحب الجينز والكوتش اريح كتير من الكعب العالي اللي هيتعب رجلي بصي انا هغيره والبس طقم تاني!
+
جوري وهي تمسك تلابيبها بشر: يمين بالله لو غيرتيه لاعورك.. أنا مصدقت تلبسي زي البنات يا هبلة.. مش كله جينزات وكوتشات بحسها رجالي أساسا.. في حاجات فيها أنوثة اكتر.. وواصلت: بس ناقص رتوش ميك آب بسيطة وتسرقي عقل اللي هيشوفك.
+
_ هو كحل ومسكرة وروج خفيف ماتحلميش بأكتر من كده.
_ ماشي أي حاجة يا طوبة انتي.. بس اخلصي يزيد وسينو برة
+
عطر بعد أن شملت هيئة جوري بنظرة فاحصة: وانتي كمان لبسك رقيق وحلو عليكي يامضروبة
+
_ يابنتي أنا جرة عسل بتنقط كده.. لو هلبس خيش هيليق عليا.. القالب غالب ياقلبي
_ ياشيخة روحي امال لو كنتي طويلة شوية يا أوزعة
+
_ الله يسامحك ويلا بقي عشان نخرج انا جوعت
……………………… ..
+
زفر يزيد بضجر: بيعملوا أيه كل ده انا مش عارف يا أخي. عايزين نسهرهم شوية ونرجع عايز انام انا
+
ياسين: ما انت عارف البنات يومهم بسنة ويجيبوا شلل
+
لم تمضى لحظات إلا وهلت جوري تتبعها عطر بطلتها الجديدة على يزيد الذي نظر لها مآخوذًا رغمًا عنه..لا يصدق انها عطر التي يراها دائما طفلة.. لكنها الآن بطلة مغايرة كليًا لما عهده بها..متى أصبحت تضخ أنوثة هكذا؟؟؟
+
صفير مازح صدح من ياسين وهو يداعب الفتاتين:
سيدي يا سيدي على الجمال.. والله طلعتوا بنات وانا اللي كنت فاكركم رجالة متنكرين ومش هنعرف نجوزكم
+
جوري: رجالة ليه إن شاء الله أنا وبنت خالتي قمرات طول عمرنا.. بس في ناس عندها عمى ومش بتشوف
+
ثم نظرت ليزيد ولاحظت انبهاره بعطر، فقالت: إيه رأيك يا آبيه. بذمتك مش أنا وعطر قمرات والعرسان هيتلموا علينا زي النمل وبالذات عطر اللي كانت هتغير فستانها وبتقول وحش! طب انت رأيك في عطر يا آبيه..؟ مش تجنن.؟!
+
رمقتها عطر بحنق ووجهها يضخ حمرة من الخجل، فأسرعت جوري تقول: قصدي فستانها يعني
+
حمحم يزيد نافضًا تأثيرها العابر وقال بخشونة:
طب يلا كفاية رغي يا جوري خلينا نلحق نسهر شوية لأني تعبان ومحتاج انام!
+
اطاعته جوري وحاولت أن تصعد بالخلف لتقحم عطر جوار أخيها الذي تولى القيادة، لكن الأخيرة استقلت سريعا جوار ياسين بالخلف خجلا من يزيد الذي لم يرحب بها إلى الآن، لكنه قطع عليها أفكارها وهو يتمتم ببعض الحرج: معلش ياعطر.. الهبلة جوري من رغيها نستني ارحب بيكي.. نورتي القاهرة يا…… .
+
قاطعته عطر: أوعى تقول قردة
+
ضحك وقال: لا والله ظلمتيني.. كنت هقولك يا قمر..!
+
رفعت عطر حاجبيها متسائلة هل يرها هكذا حقًا ام هي مجاملة؟ لمحت الأعجاب بعيناه لكنها تخاف التصديق!
+
فاستأنف يزيد بمرح: شكلنا هنبطل قردة دي.. بس ده مؤقتًا لأنه هيفضل لقبك المفضل عندي
+
حدجته بغيظ وصمتت.. وتبادل هو وجوري وياسين المزاح، أما هي فظلت تتابع الطريق وخيالها معلق بنظرته الأولى لطلتها.. ربما ستصاحب نظرته أحلامها الليلة.. هي غنيمتها منه.. يزيد رمقها بإعجاب..الأمر يستحق فرحة واحتفال لقلبها الصغير!
_____________________
+
في أحدى المولات بالقطامية!
+
ياسين: إيه رأيكم في المكان ده يابنات؟ انا اللي اختارته.. المول ده مش بس تسوق، ده في مطاعم وكافيهات روعة.. شايفين المنظر الفظيع؟
+
جوري بانبهار: ده يهبل يا سينو ويجنن.. بس التسوق ده يوم لوحده يا اساتذة احنا مش هنتكروت.. الليلة هنتعشى ونسهر وبعد كده انا وعطر نيجي نبضع من هنا شوية حاجات!
+
يزيد: براحتكم ياستي وانا معاكي الوقت مش هيكفي تسوق.. يلا بقى شوفو هتختاروا إيه!
+
وأثناء أنتظار الوجبات، صدح صوت أنثوي بغتة:
+
_يزيد ابو المجد! مش ممكن..!
+
التفت لذاك الصوت المعهود لأذنيه.. ثم رفع حاجبيه بدهشة : أمونة؟؟؟
+
_ أيوة يابشمهندس أمونة بشحمها ولحمها..عاش من شافك انت في القاهرة من امتى؟
+
يزيد: بقالي فترة، عامل شركة والحمد لله الدنيا ماشي.. إنما انتي بقي أيه جابك من المنصورة ..مش قولتي يابنتي اتخطبتي لابن عمك وهتتجوزوا هناك. بعد التخرج؟!
+
أمونة: خطوبتي بح يا من زمان.. ابن عمي طلع خنيقة شوية وانا عندي مرارة واحدة.. ثم قيمته بنظرة لا تخلو من اعجاب: بس إيه يابشمهندس النيو لوك الجامد أخر حاجة ده .. بقيت حاجة تاني والصرف باين ونمسك الخشب
+
جوري هامسة لعطر: ألحقي البت المهندسة هتشقط أخويا منك..!
+
عطر بغيظ وهي تقضم أظافرها: ما اخوكي ظريف اهو وبيعرف يكلم بنات.. امال كان عاملي شهيد الغرام ليه؟
+
_ اخويا بيعرف يعمل كل حاجة بس انتي اللي هبلة!
+
حدجتها عطر بحنق: احترمي نفسك!
+
_ هحترم نفسي واتفرج على الفيلم اللي بيتصور قصادنا ده وانتي خليكي قاعدة مفروسة كده وبروطة
+
أمونة وهي تنظر للفتاتين: مش تعرفنا يا يزيد!؟
+
ياسين متدخلًا بود زائد: أنا ياسين تجارة المنصورة وأعزب ولا أعول وقلبي فاضي.
+
نكزه يزيد: اتلم يا ياسين.. ثم نظر لرفيقته: ده ياستي ياسين ابن خالتي.. ظريف زي ما انتي شايفة كده
+
امونة: لا بالعكس دمه خفيف خالص.. أهلا بيك يا استاذ ياسين اتشرفت بيك جدا..!
+
جوري بخفوت: يا ليلة بيضا، دي هتشقط اخوكي ياسين هو كمان!
+
يزيد مستأنفًا التعارف: ودي بقى جوري اختي الصغيرة!
+
_ ماشاء الله زي القمر.. اتشرفت بيكي يا جوري
+
وواصل يزيد: أما دي عطر بنت خالتي واخت ياسين!
+
امونة: يا أهلا بيكي. شكلك صغنن خالص!
+
عطر بابتسامة صفراء: ميرسي.. وابن خالتي نسي يقولك اني في تالتة هندسة وكمان سنتين هبقى زميلة ليكم.
+
أمونة: مش ممكن شكلك بيبي فيس خالص
+
جوري: ده الظاهر بس حضرتك ..انما الباطن شيء تاني خالص
+
حاولت أمونة الاستئذان وتركهم فدعاها يزيد بتصميم لمشاركتهم العشاء، فلم تمانع ، ولبثا يتحاوران إلى أن تسائل يزيد: اشتغلتي ولا لسه يا أمونة؟
قالت: كنت شغالة في المنصورة وسبتها.. حاليا قاعدة عند عمي فترة احتمال تطول شوية
+
_ طب ماتيجي تشتغلي معايا؟
_ معاك؟
_ ايوة.. الشركة محتاجة مهندسين .. حتى احمد بدر صاحبنا عارفاه؟ مشاركني وشغالين سوا..!
+
_ بتتكلم جد؟ أحمد بدر معاك؟ لا كده بصراحة عرضك مغري.. خلاص أوعدك هفكر..!
يزيد: مش مستاهلة تفكير.. انضمي لينا وبإذن الله هتندمجي في شركتنا..!
+
جوري وهي تميل ثانيا على عطر التي تكاد تفوح منها رائحة الشياط: أهي هتشتغل معاه كمان.. مش سعادتك لحد امبارح كنتي مترددة تشتغلي مع يزيد وعايزة ترجعي المنصورة بعد اسبوعين؟ اثبتي على قرارك بقى يا ناصحة!
+
عطر متجاهلة وسوسة جوري وهي تحدث أمونة: يعني البشمهندسة هتنضم لينا.. ممتاز
+
أمونة: ليكم؟ انتي مش قولتي انك لسه سنة تالتة هندسة ياعطر؟
تناول ياسين أطراف الحديث تلك المرة قائلا: ماهي هتدرب عشان مستقبلا هتكون معانا في الشركة..!
+
يزيد: وعلى فكرة عطر وياسين مساهمين في الشركة بنسبة 25 %
+
أمونة وهي توميء برأسها: هايل.. واضح انه مشروع عائلي!
+
جوري بتسرع: قولي انشالة
+
أمونة بود: تعرفي ياعطر بنت خالتي على أسمك.. وبدلعها دايما واقولها يا بيرفيوم! تزعلي لو دلعتك بيه بعيدًا عن الرسميات وكده؟
+
عطر بجمود: بصراحة أه.. هزعل يا كمونة.
+
سعل يزيد وجوري بينما كمم ياسين ضحكته بكفه..!
+
ثم هتفت جوري دون تفكير: بس هي ليها أسم تاني يزيد اخويا بيحب يقوله دايما.. اسمها قر…….. آآآآآآه
+
يزيد بفزع: إيه ياجوري مالك؟
+
جوري بألم: أصل كعب جزمة كلبة بلدي داس على صوابع رجلي دهسها يا آبيه.
+
عقد حاجبيه: كلبة إيه يابنتي أحنا في كافيه محترم ومافيش كلاب دخلت خالص
+
عطر بابتسامة صفراء: يمكن بيتهيئلها.. بقولك إيه يا سينو اطلبلي أيس كريم بعد العشا
+
أمونة وهي تهتف داخلها: بقى أنا كمونة يا بيرفيوم شكلهم بنات عقلهم ضارب وبيفكروني ببكيزة وزغلول!...بس شكلي هتسلي مع جوز المجانين دول .
________________
+
جاء اليوم الثالث لاستحقاق وجبتها الممنوحة من مطعم ظافر.. ستذهب إليه.. ما عاد يمنعها شيء.. اينما سيكون منقذها.. ستكون هي!
…………………..
رصدتها عين ظافر وهو يرى نظرتها المشتتة التي يدري سببها، انتشاء رجولي يسيطر عليه كلما لمس تعلقها به وعيناها تبحث عنه بين الوجوه..والأخطر ذاك الشعور الذي بدأ يغزوه وهو ينتظر قدومها.. هل يعقل أن يكون تعلق بها بشكلٍ ما، أم هو مجرد تعاطف؟ لا يفهم شيء، ولا يعرف ما تخبئه الأيام لكليهما..لكن ما هو أكيد منه أنه لن يترك تلك الشاردة إلا حين. تعود لدربها وتمارس حياتها من جديد بخطى واثقة قوية لا تهاب شيء أو أحد.. سيعلمها كيف تواجهه العالم مرة أخرى.. ولن يبخل في سبيل ذلك بأي جهد..!
+
تسائل عامر: انت ماتعرفش إيه سبب حالتها دي يا ظافر؟ انا محرج اسأل عاصم بيه بحسك اقرب منه.. وعندي فضول اعرف!
+
_ اتعرضت لحادث فقدت فيه شخص كانت متعلقة بيه..!
+
هكذا أجابه ظافر ليقطع أي طريق لفضوله وتقصيه عنها، فتمتم الأول بشفقة: مسكينة.. ربنا يشفيها..!
+
_ طب انا هروح اشوفها وانت بص على المطبخ، عايز شدة. منك لأنهم بيدلعوا شوية والأوردارات بتتأخر على الزباين!
+
_ ماشي وبعدها هروح مشوار ع السريع وارجع..!
_ تمام.. أنا موجود على كل حال!
………………………
+
اختلف لقائهم تلك المرة وكان هو المتحدث الأكثر ثرثرة وهو يحدثها عن بعض تجاربه وإحباطاته التي واجهها قبل أن يكتمل مشروعه ويظهر للنور.. ربما أراد منحها حافز جديد أن السقوط لا يعني النهاية.. فكلما تعثرنا بطرق الحياة وجب علينا المعافرة والوقوف على قدمينا مرة أخرى..أما هي كانت تتلقى كل كلماته بنهم وراحة شديدة.. سلام غريب يجتاحها ما أن تراه أو تسمع صوته.. أحيانًا تخاف أن يكون وجوده مجرد حلم ليس أكثر.. لكن همساته وضحكاته القصيرة الآن خير دليل لأن ما تحياه حقيقة وليس حُلمًا..!
…………………
انتهى لقائهما وحان وقت إيصالها إلى البيت، فترجل معها خارج المطعم بتلك الساحة الواسعة، ثم تذكر أنه لم يأخذ هاتفه، فقال:
_ استنيني هنا لحظة هجيب تليفوني واجي بسرعة!
+
أومأت له بهدوء ووقفت تنتظره متحاشية النظر للعابرين حولها.. تلتفت إلى حيث اختفى بين لحظة وأخرى.. وبدون أنذار وفي لمح البصر شق الأجواء ظهور دراجة سريعة " موتوسيكل" اخترقت محيط بلقيس لتبعثر سكينتها ما أن امتدت ذراع " مُعتليها" الملثم تتلمسها بانتهاك سريع دون أي لحظة وقوف مواصلًا انطلاقه الناري گ سهم يشق الهواء من سرعته.. فانطلقت صرختها بأسم ظافر الذي هرول فور استنجادها به وصوته يطلق حولها سياج أمانه مرة أخرى وهو يقول: حصل إيه.. طب اهدي يابلقيس متخافيش.. اطمني أنا جنبك اهو.. مفيش حاجة هتأذيكي وأنا موجود"..!
____________________
+