اخر الروايات

رواية جارية في ثياب ملكية الفصل الثامن عشر 18 بقلم نرمين نحمد الله

رواية جارية في ثياب ملكية الفصل الثامن عشر 18 بقلم نرمين نحمد الله


                                    


*********

الفصل الثامن عشر:


+



جلس بدر علي كرسيه يراقب غروب الشمس في شرود...

هذا أول مرور للشهر الفضيل عليه دون سمية...

ابتسم في حنين وهو يتذكر طقوسها الخاصة في هذا الشهر من كل عام...

كيف كانت تنتظر الأذان بصبر...

ثم تلتقط حبة تمر تشقها نصفين لتضع شقاً في فمها وشقاً في فمه...

ثم تدعو دعاء الإفطار المعروف...

لتقول له بعدها بحبها الصادق:

_ربما عجزت عن مكافأتك عما فعلته لأجلي...لكنني أدعو الله أن يجزيك هو من فضله عني خيراً...


+



دمعت عيناه وهو يأخذ نفساً عميقاً...

ليتمتم بعدها :

_رحمك الله يا سمية...لا أظن العمر كله يكفيني حزناً عليك...


+



انطلق صوت الأذان بعدها...

فدعا الله لها بكل ما أوتي به قلبه من صدق...

ثم نظر نحو المنزل الكبير في تردد...


+



آسيا!!

لا يريد أن يذهب...

لا يريد أن يراها...

أما يكفيه أنه أول "رمضان"يمر عليه دون سمية...

فيجد أخري مكانها علي المائدة أيضاً؟؟؟!!!!!


+



زفر في حنق وهو يشعر بالاختناق...

لكنه استغفر الله سراً...

ثم بقي مكانه وقد قرر أن يكتفي بشربة ماء...

ويؤخر ذهابه للمنزل لعلهم يفطرون  دونه!!!!


+



وبعدها بما يقارب نصف الساعة...

دخل المنزل الكبير ليفاجأ بعمه يجلس وحده مع ياسين الصغير علي المائدة...

اندفع نحوه الصغير ليقول بلهفة:

_لماذا تأخرت يا أبي؟! نحن ننتظرك.


+



ربت جسار علي رأسه ثم التفت لعمه الذي رمقه بنظرة عاتبة...

تجاهلها مضطراً ليجلس مكانه علي المائدة...

ثم غافلته عيناه لتتجها رغماً عنه لطبق التمر...

الذي لن يجد من يشق له منه تمرة بعد اليوم!!!


+



ظل علي شروده حتي انتبه لصوت عمه يسأله بلوم:

_ألا تفتقد أحداً علي المائدة؟!


+



أشاح بوجهه في ضيق...

فيما هتف الصغير بحزن:

_آسيا لم تشاركنا الطعام.


+



عقد حاجبيه بضيق ثم التفت نحو عمه ليسأله بدهشة:

_ألم تتناول إفطارها بعد؟! لقد ظننت أنكم ....


+



قاطعه عمه ليقول بنفس اللهجة اللائمة:

_آسيا رفضت مشاركتنا الطعام في رمضان...قالت أن هذا سيؤذيك خاصة أنه أول "رمضان"يمر علينا بعد رحيل سمية.


+



ازداد انعقاد حاجبيه وهو يشعر نحوها بمزيج من الامتنان والذنب...

وبرغم ضيقه من قرارها هذا لأنه سيزيد من إحساسها بالنبذ...

لكنه حمد لها هذا التفكير...

بعدما سمعه بأذنيه عن حبها -الوليد -له....

لا يريدها أن تفرط في أحلامها بالنسبة لهذا الزواج...

تصرفها هذا يعني أنها تدرك قيمة سمية لديه....

كما تدرك مكانها هي عنده علي أي حال!!


+



قطع العم كساب تفكيره وهو يقول له بحزن:

_أنا قلق علي هذه الفتاة يا جسار...حالها يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.


+



نظر إليه جسار وهو لا يجد ما يقوله...

عمه علي حق...

آسيا تزداد شحوباً وذبولاً كل يوم عن سابقه...

لكنه لا يريد أن يمنحها ما يعلقها به أكثر...

لهذا زفر بضيق وهو عاجز عن الرد...

فوقف عمه ليقول بحزم:

_سأذهب إليها أنا وأشاركها الإفطار في غرفتها.


+





                

هنا لم يجد جسار بداً من أن يقف بدوره ليقول مضطراً:

_ابق أنت يا عمي...سأذهب إليها أنا وآتي بها لتفطر معنا.


+



قالها وابتعد عنهم ليتوجه نحو غرفة ياسين الصغير حيث تقيم هي بطبيعة الحال...

كان الباب موارباً فنظر من خلاله ليجدها جالسة علي الأرض....

تفترش سجادة الصلاة ترفع يديها بالدعاء...

أرهف سمعه عندما وجدها ترفع يديها للسماء لتقول بحزن مزق قلبه:

_اللهم إني أدعوك أن تقبض روحي إليك...لم أعد أريد البقاء في هذه الحياة...فاجعل الموت لي راحة...


+



انقبض قلبه بشدة وهو يسمعها تدعو علي نفسها بالموت هكذا بكل هذا الصدق والإصرار...

ألم يكتفِ هذا البيت بالموت بعد؟!!!


+



اقترب منها ببطء وهي غافلة عنه تردد دعاءها بإلحاح ...

فهتف بغضب:

_آسيا!


+



انتفضت بعنف وعادت بظهرها لتستند بكفيها علي الأرض...

وهي ترمقه بنظرات مذعورة لما رأت الغضب في عينيه...

ظل ينظر إليها للحظات تجمد فيها الدم في عروقها وهي تري اشتعال عينيه....

قبل أن يغمضهما للحظات يستوعب فيها مشاعره المتناقضة...

ثم عاد يفتحهما وقد لانت نظراته نوعاً...

ليمد لها كفه كي تنهض ...


+



نظرت لكفه الممدود بتردد...

وصدرها يعلو ويهبط ليفضح خوفها الظاهر...

فمنحها نظرة مطمئنة وهو يشير لها برأسه...

ازدردت ريقها ببطء...

ثم مدت كفها لتتشبث بكفه...


+



رفعها ممسكاً بكفها لتقف قبالته...

فأطرقت برأسها وهي تشعر بالاضطراب...

ليقول هو بعتاب :

_ألا تعلمين أنه لا يجوز أن يدعو المرء علي نفسه بالموت؟!


+



ظلت علي إطراقها وهي لا تجد ما تقوله...

عندما سمعته يقول بقلق:

_كفك بارد كالثلج...ألم تتناولي شيئاً من الطعام إلي الآن.


+



لم تستطع رفع عينيها إليه...

وهي تشعر بضعف غريب...

لا تدري لماذا شعرت أن دعاءها قد استجيب...

وأن روحها الآن تغادر جسدها ببطء...!!!!


+



جذبها من كفها وهو يعود بها لمائدة الطعام...

ثم قال لها بلهجة آمرة:

_اجلسي وتناولي طعامك.

وقفت مكانها مترددة...

وهي تنظر للعم كساب برجاء...

وكأنها تطلب منه أن يجعلها تعود لغرفتها...

هي لا تريد أن تأكل معهم...

لا تريد أن تزيد من حنقه عليها عندما يراها مكان سمية الغالية...

حنقه هذا لا يجلب لها سوي المزيد من قسوته عليها...

وهي اكتفت من كل هذا العذاب!!!!


+



لكن العم كساب خذلها عندما وقف بنفسه ليجذب لها كرسياً ...

ثم أجلسها بحزم وهو يقول :

_تناولي إفطارك لقد تأخر الوقت.


+



أمسكت ملعقتها بأنامل مرتجفة...

لا تدري ضعفاً أم خجلاً...

ثم عادت بها الذكري لتجمع عائلتها الكبيرة في أيام رمضان...

دمعت عيناها وهي تتذكر مزاح جوري وساري علي الإفطار...

ونكات حذيفة الساخرة التي كانت تلهب الأجواء بالضحك...

وعمار الذي طالما اشتهر بنهمه للطعام رغم جسده الرياضي وكيف كانت معاناته في الصوم...

ونظرات ياسين الحانية وهو يأمرها بأن تتناول طعامها كله حتي لا يصيبها الدوار كالعادة...

وحتي تعليقات العمة راجية المنتقدة لها علي الدوام....


+




        


          


                

تذكرت دعاء جدها الذي كان الجميع يؤمّن عليه...

قبل أن يبدأوا جميعاً بالإفطار...

والحلوي المميزة التي كانت تعدها لها فريدة بيديها...


+



وعند ذكري فريدة الغالية...

لم تستطع منع دموعها فشعرت بغصة في حلقها...

وهي تتمني لو تعود لغرفتها -الآمنة -الآن لتبقي وحدها....

شعر بها العم كساب الذي كان يراقب انفعالاتها بحنان أبوي ليقول برفق:

_هوني عليك يا ابنتي...ستمر الأمور بسلام.


+



عندها نظر جسار إليها...

ليلمح دموعها علي وجنتيها...

وارتجافة أناملها الشديدة...

لم يعد ضعفها يثير ضيقه...

بقدر ما يثير رغبته في احتواء حزنها هذا...

لكنه لا يعرف كيف يفعل هذا دون أن يزيد تعلقها به...

ولو أنصف لقال أنه يخشي تعلقه هو بها أكثر!!!


+



تنهد في حرارة ثم مد كفه ليقبض علي كفها البارد لعله يهدئ ارتجافته...

ثم قال لها برفق:

_كلي الآن ولا تفكري في شئ.


+



نظرت إليه بمزيج من الضعف والرجاء فمنحها نظرة مطمئنة ...

ثم ملأ لها طبقاً كبيراً بالطعام وضعه أمامها...

ليقول بحزم:

_لا أريد أن تبقي منه شيئاً.

==========================================================================

خفق قلبه بعنف عندما تفقد غرفة ياسين الصغير التي تقيم فيها معه كعادته كل ليلة...

لكنه لم يجدها...

اندفع خارجاً من المنزل الكبير يبحث عنها حتي اصطدمت عيناه بمنظرها الغريب...

كانت جالسة أمام اسطبل الخيل شبه مستلقية علي مقعدها...

رأسها يستند علي ظهر المقعد وذراعاها متدليان علي مسنديه في استسلام...!


+



ظنها نائمة للوهلة الأولي...

لكنه اقترب منها ببطء ليجد عينيها شاخصتين للسماء في شرود...


+



وضع كفه علي كتفها فانتفضت بذعر...

لكنه عاد يربت علي كتفها بحنان قائلاً:

_لا تخافي يا آسيا...إنه أنا.


+



أغمضت عينيها في ألم لم يخفَ عليه...

فسحب كرسياً ليجلس جوارها سائلاً إياها:

_لماذا تجلسين وحدك هنا؟!


+



ظلت مغمضة عينيها في سكون...

دون أن ترد...

فأمسك كفها يضغطه برفق وهو يقول بقلق:

_آسيا...تكلمي...ماذا بكِ؟!


+



لم ترد عليه للحظات....

وكأنها لم تسمعه....

ثم فتحت عينيها ببطء لتهمس بشرود:

_اليوم انتبهت أنني أشبه الخيل كثيراً...فيما عدا شيئاً واحداً...


+



ابتسم ابتسامة جانبية وهو يقول بحنان:

_أنت فعلاً تشبهين الخيل...جميلة ...متفردة ...وتعشق الانطلاق...


+



لم يبدُ عليها التأثر بمديحه ...

عندما عادت تهمس في شرود:

_لكنني لست قوية مثلها...ما أشبهني الآن بحصان مريض ينتظر رصاصة الرحمة.!!!


+



عقد حاجبيه بشدة وهو يسمعها تتحدث بكل هذا القدر من اليأس والقنوط...

هو يعرف أن وضعها صعب...

ويقدر كل هذا الألم الذي تفيض به روحها...

لكنه لم يتصورها هشة إلي هذا الحد!!!


+




        

          


                

ضغط كفها بين أنامله وهو يغتصب ابتسامة ليهمس برفق حنون:

_ألم نتفق أنني سأروض ضعفك هذا...سأكون معك حتي تنطلقين كفرس قوية جامحة لا تقف أمامها حواجز ولا قيود...هذا وعدي لكِ أيتها "الكريستالة."


+



التفتت إليه من شرودها عندما سمعته يناديها بلقب فريدة المميز...

فريدة كانت تلقبها بالكريستالة...لأنها كانت تراها هشة قابلة للكسر بسهولة...

لكنه هو...


+



أكمل لها فكرتها عندما همس بثقة:

_سأقولها لكِ ثانية...أنتِ كالكريستالة في قيمتها...وليس في هشاشتها...لا تصدقي يوماً سوي هذا.


+



عادت تغمض عينيها وهي تشعر بوهن عجيب....

وكأن روحها تغادرها ببطء...

لكنها راضية بهذا الاستسلام اليائس...

لعله يخفف من حدة نهايتها المتوقعة!!!


+



ما الذي تنتظره في أيامها القادمة...؟؟!!!!

لقد أضاع ماضيها حاضرها وغدها...

ولم يبق لها سوي انتظار النهاية!!!


+



تأمل ملامحها المستكينة بقلق بالغ...

كفها بارد كالثلج تحت أنامله...

وشفتاها شاحبتان علي غير طبيعتهما المتألقة...

وجهها كله صورة من ألم...وعذاب!!!

تنهد في حرارة...

ثم قام واقفاً ليجذبها من كفها...

فوقفت بصعوبة...

تأمل ملامحها المرهقة بإشفاق...ثم همس بحنان يمتزج بقوته:

_لا تحملي هماً يا آسيا...لن يمسكِ سوء ما دمتِ معي...


+



هزت رأسها وهي تهمس بألم دون أن تنظر إليه:

_لست خائفة علي نفسي....أنا أخاف عليك وعلي ياسين الصغير...وعلي عائلتي كلها....لو عادت نار العداوة تتأجج بين العائلتين...فلن ترحم أحداً...

ثم سالت دموعها علي وجنتيها لتهمس بندم:

_ليتني رضيت بقدري...بدلاً من أكون لعنة علي رؤوس الجميع.


+



رفع رأسه للسماء بعجز...

يود لو يضمها لصدره يحتوي كل هذا الحزن والألم في روحها الكسيرة...

لكنه لا يستطيع...

كم من الحواجز تقف بينهما...

كم من العقبات!!!!


+



لكنه ربت علي كتفها برفق...

وهو يقترب منها أكثر ليرفع وجهها إليه هامساً أمام عينيها بصدق:

_امرأة دخلت حياتي لتساعد زوجتي في مرضها...وتتولي أمر ابني وكأنه ابنها...امرأة تعطي قبل أن تفكر في أن تأخذ...امرأة لا تحمل هم نفسها بقدر ما تحمل همّ غيرها...امرأة كهذه ليست لعنة...بل نعمة يتوجب عليّ أن أشكر الله عليها في كل وقت...


+



نظرت إليه مصدومة...

وكأنها لم تتوقع أن تكون هذه صورتها في عينه...

هل يراها جسار هكذا؟!!!!!


+



مسح دموعها بأنامله...

فزادت ارتعاشة جسدها....

مما زاد قلقه عليها وهو يشعر أن شيئاً ما ليس علي ما يرام!!!

لكنه ابتسم لها بحنان وهو يهمس:

_الآن تعود الصغيرة لفراشها لتنام قليلاً قبل موعد السحور...


+



أومأت برأسها ثم خفضته خجلاً...

عندما سار معها يلفهما الصمت ...

حتي وصلا لغرفة الصغير ....

فتح لها باب الغرفة برفق ثم همس بحزم:

_نامي جيداً ولا تشغلي رأسكِ بالتفكير...


+




        

          


                

كان انهيارها الآن قد بلغ مبلغه...

وهي تشعر أنها ستسقط في أي لحظة...

لهذا أسندت رأسها علي الحائط جوار الغرفة وهي تهمس في وهن:

_سأطلب منك شيئاً...


+



نظر إليها بقلق وهو يشعر أنها متعَبة حقاً...

فهمس بتوتر:

_ماذا بكِ يا آسيا؟! هل تشعرين بتعب ما؟!


+



هزت رأسها نفياً كاذبة لتهمس بصعوبة:

_إذا لقيتَ أمي فاطلب منها أن تسامحني...


+



اقترب منها أكثر وقد ازداد توتراً من عبارتها...

فهمس بضيق:

_لا تزيدي قلقي عليكِ يا آسيا...لماذا تقولين هذا الآن؟ !


+



ابتسمت بصعوبة وهي بالكاد تتحامل علي نفسها لتقف...

ثم همست برجاء:

_فقط عدني...أرجوك.


+



أمسك مرفقها ليسندها حتي أوصلها لسريرها الذي استلقت عليه في إعياء...

فدثرها بغطائها...

ثم ربت علي وجنتها برفق هامساً بقلق:

_استريحي الآن...لو بقيتِ متعبة هكذا حتي وقت السحور...فلن تصومي غدا.


+



أمسكت كفه وهي تشعر بجفنيها يتثاقلان...

ثم همست برجاء:

_أمي!


+



ربت علي كفها الممسك بكفه وهو يشعر بانقباض صدره...

ثم همس ليسترضيها:

_أعدك أنني سأوصل لها رسالتك لو قابلتها يوماً.


+



هنا أغمضت هي عينيها في استسلام...

ظل واقفاً يراقبها بقلق وهو يلاحظ خلودها للنوم بهذه السرعة...

انتقل بصره بينها وبين ياسين الصغير بحنان...

ثم غادر الغرفة بخطوات متثاقلة...


+



ظل ساهراً في غرفته بعدها لأكثر من ساعتين وقد جافاه النوم...

قلقه لأجلها يعتصر قلبه...

ودعاؤها علي نفسها بالموت أمامه يقبض روحه...!!!


+



آسيا تحتاج لمزيد من الثقة والأمان...

تحتاج لتغيير كل هذا الجو المشحون بالخوف والتوتر...

لابد أن يهتم بها أكثر...

لكن كيف يفعل دون أن تسئ فهمه...؟!!!

ودون أن تغرس قدماه أكثر في بحر رمالها المتحركة التي تجذبه يوماً بعد يوم....؟؟!!!


+



كانت هذه أفكاره العاصفة...

عندما سمع طرقات عنيفة علي باب غرفته...

فانقبض قلبه أكثر وهو ينتفض من مكانه ليقوم ويفتح الباب...

طالعه وجه ياسين الصغير مصفراً وجسده يرتجف بخوف...

وما إن رآه حتي تشبث بساقه...

 ثم هتف بذعر طفولي:

_آسيا يا أبي!  


1



==================================

كان قاسم النجدي راقداً علي فراشه في منزل العائلة الكبير بعد عودته من المشفي ...

لكنه كان عازفاً عن الكلام مع الجميع...

لقد أرجأ الحديث عن أي شئ حتي يعود حمزة...!!!


+



لأول مرة في حياته يشعر أنه عاجز هكذا...

قاسم النجدي الذي كانت -ولازالت-تهتز لكلمته القلوب قبل الأجساد...

يقف الآن حائراً لا يدري أين كان خطؤه بالضبط!!!!


+



هل أخطأ عندما أراد تأمين حياة حفيداته بتزويجهن من أبناء عمومتهن حتي يبقين تحت رعايته ببيته؟!!!

يشهد الله أنه لم يفعل هذا سوي لأجل الحفاظ عليهن في هذا الزمن !!!


+




        

          


                

لقد تقبل مرض جويرية بصبر...

لكنه عاقب عمار علي فعلته...

مع أنه يشعر أن في الأمر سراً ما....

فعمار لن يفعل هذا بفتاة يعشقها منذ صغره دون سبب...!!!!!


+



ووافق علي اختيار ساري لحذيفة ...

رغم أنه لا يثق كثيراً فيه مع سيرته السيئة في كل مكان...

لكنه احترم رغبتها وتمني لو استطاعت تغييره....!!!!


+



لكن ...آسيا!!!!!


+



تسارعت أنفاسه اللاهثة عندما عادت الأفكار تلح علي رأسه....

ما فعلته هذه الفتاة سيظل عاراً علي العائلة للأبد!!!!


+



لكن السؤال كيف وصلت لجسار القاصم....؟؟!!!!

أم أنه هو من وصل إليها...!!!!

وما الذي فعله بها...؟؟!!!

ولماذا تكتم علي هذا الأمر حتي الآن...؟؟!!!!

فيم يفكر...وماذا يدبر؟!!!!


+



عاد يسند رأسه لظهر سريره وهو يشعر فجأة بأنه حقاً قد هرِم !!!

وبأن الوهن قد بلغ منه مبلغه...

يا ويله من نفسه لو أضاع أمانات أولاده...

يا ويله!!!!


+



قطعت أفكاره عندما سمع صوت جرس الباب...

لا يدري لماذا دق قلبه بقوة وكأنه استشعر هوية الطارق...

لهذا لم يتعجب عندما وصله صوت فريدة من الخارج تهتف بلهفة:

_حمزة...حمداً لله علي سلامتك!


+



==================================================================

أنهت فريدة صلاتها ثم افترشت الأرض ترفع يديها بالدعاء كعادتها....

ثم تنهدت في حرارة وهي تضع كفها علي صدرها لعلها تهدئ خفقات قلبها الهادرة....

منذ علمت عن أمر آسيا وهي تشعر بالترقب...

لكنها -للعجب-ليست خائفة...

قلبها العامر بإيمانه والذي أنبأها بأن ابنتها لم تمت وأنها لازالت علي قيد الحياة لازال يبعث إليها بإشارات خفية أن تطمئن...

رغم ما يعلمونه جميعاً عن كارثة الثأر مع جسار القاصم...

لكنها تشعر أن في الأمر سراً...

لماذا اختفي جسار هذا مع عمه طيلة هذه السنوات...؟!!!

قصة إغوائه لآسيا كما يزعمون لا تقنعها!!!


1



تنهدت في حرارة عندما ورد كساب علي ذهنها...

كساب القاصم ...!!!

حكايتها القديمة التي ظنت أن الزمن قد واراها التراب...

تعود الآن لتنتعش بتملك بين ضلوعها....

حكاية بدأت وردية معطرة بأحلام الحب العذراء...

وانتهت سوداء ملطخة بحمرة الدم !!!!

وليس أي دم...

إنه دم سعد النجدي !!!

زوجها ووالد بناتها!!!!


+



وليت الأمر يقتصر الآن علي جسار وكساب فحسب...

بل علي النجدي الكبير وأحفاده الذين تعلم جيداً ما سيدور بذهنهم...

آسيا الآن كما يراها الجميع عارٌ علي العائلة...

عارٌ لا يمحوه إلا الدم!!!

ورغم أن هذا الهاجس يذبح روحها ببطء...

لكن عودة حمزة تبعث قليلاً علي الاطمئنان...

حمزة -كما تعرفه-هادئ الطباع شديد التعقل...

كما أنه هو الوحيد القادر علي تغيير كلمة  قاسم النجدي لو أراد...

نعم...حمزة النجدي هو نقطة ضعف جده الذي يشعر نحوه بالذنب منذ سافر وحده طيلة هذه السنوات بعيداً عن حضن العائلة!!!

ولعلّ عودته الآن تقلب كل الموازين...

أو بالأصح ...تضبطها!!!


+




        

          


                

هزت رأسها ودموعها تسيل علي وجنتيها من جديد...

ثم رفعت بصرها للسماء بدعائها الخاشع كعادتها:

_الصبر يارب!!!

===================================================================


+



جلس حمزة علي الأريكة في شقة جده ينظر للسقف في شرود...

لا يصدق أنه وصل مصر بهذه السرعة....

فبمجرد ما هاتفه ياسين وأخبره بأن جده مريض ويأمره بالعودة...

وقد سارت معه الأحداث بسرعة غريبة....!!!!


+



لقد ساعده دكتور آدم في الحصول علي تذكرة سفر بسرعة قياسية....

بعدما أخبره حمزة بمرض جده واضطراره للنزول....

ثم طلب منه بشئ من التردد عنوان عم مارية حتي يمكنه أن يطمئنه عليها....!!!!!


+



ابتسم في حنين وهو يذكر تلك البريئة الطفولية التي افتقدها بكل جوارحه...

عروس لندن الساحرة...

التي منحته قلبها لكنه خذلها!!

والتي تعانده وتأبي الرد علي رسائله علي بريدها الاليكتروني..

رغم أنه موقن من أنها تتلقاها...!!!

اتسعت ابتسامته وهو يستعيد ذكرياته القصيرة معها...

من كان يتصور أن القدر سيكتب لهما اللقاء أخيراً....

هنا في مصر!!!!


+



قطعت أفكاره عندما دخل عليه ياسين ليسأله بقلق:

_ماذا قال لك جدي؟!


+



تنهد حمزة بحرارة وهو يعود لهذه المشكلة التي تنتظره...

والتي لا يبالغ لو قال أنها مأساة...!!!!

وربما نتجت عنها حرب صغيرة بين عائلتين من أكبر عائلات الصعيد...

لو لم تتدارك الأمور بحكمة....!!!


+



عاد ياسين يسأله بتوتر:

_حمزة...لا تُخفِ عني شيئاً....ماذا قال لك جدي؟!


+



تفرس حمزة في ملامحه قليلاً....

ثم سأله ببطء:

_لا تُخفِ أنت عني شيئاً وأخبرني....لماذا هربت آسيا من البيت من الأساس؟!


+



أطرق ياسين برأسه وهويفكر....

هذا ما كان يخشاه منذ عودة حمزة....

آسيا -كما يعرف الجميع_كانت ستكون عروس حمزة المنتظرة....

لولا كل هذه التشابكات....

وحمزة قد لا يسامحه لو علم بما كان بينهما من حب قديم...

والذي دفع آسيا للهرب يأساً عندما تزوج من رقية الهاشمي...

لكنه لن يكذبه...

سيخبره الحقيقة علي أي حال....!!!!


+



لهذا اندفع ياسين يروي له تفاصيل الأمر باقتضاب...

اتسعت عينا حمزة وهو،يقول بدهشة:

_اذن آسيا هربت لأنها لا تريد الزواج مني؟!


+



أطرق ياسين برأسه....

عندما أردف حمزة بضيق:

_ولماذا لم تخبرني بهذا؟! كنت سأجد طريقة لإقناع جدي بعدم إتمام هذا الزواج!


+



رفع ياسين رأسه ليقول له بحزن:

_يبدو أن ابتعادك عن هنا طيلة هذه السنوات أنساك من يكون قاسم النجدي ....كلنا نتعامل مع كلمة جدي علي أنها أمر واجب النفاذ....وآسيا كانت تعتبر زواجها منك من المسلمات...


+



تفرس حمزة في ملامحه وهو يقول بحذر:

_ويبدو أن زواجك زاد من يأسها ورغبتها في ترك هذا الجحيم كله.


+



هز ياسين رأسه وهو،يقول له بما يشبه الاعتذار:

_لم يكن بيدي ولا بيدها...لقد نشأنا علي هذه المشاعر بيننا وكبرنا بها...حتي تملكت منا...وأنت لم تكن موجوداً بيننا....كنت...


+




        

          


                

قاطعه حمزة ليقول بتفهم:

_كنت في حكم الميت.


+



انتقل ياسين ليجلس جواره مربتاً علي ركبته ليقول بحنان:

_أنت احتملت الكثير يا حمزة...وحرمت من عائلتك ووطنك...

ابتسم له حمزة وهو يضمه إليه بحنان أخوي ليقول:

_وها قد عدت إليكم ...ولن يفرقنا شئ بعد الآن.


+



ابتسم له ياسين بمودة حقيقية للحظات...

لكن القلق عاد يكسو وجهه وهو يقول:

_لكن...ماذا سنفعل بشأن آسيا؟!


+



تنهد حمزة قائلاً:

_جدي منحني تفويضاً شاملاً بالتصرف في الأمر،كما أشاء...آسيا كانت في حكم خطيبتي...ولو ثبت أن جسار القصام قد أساء لها...فهو تعدٍ علي عرضي أنا....وأنا الذي سيقرر ماذا سيحدث.


+



ثم اقترب منه ليقول بحزم حنون:

_اصدقني القول يا ياسين...لو أعدتُ آسيا إلي هنا -وسأفعل إن شاء الله- فهل لا تزال ترغب بها زوجة لك؟!


+



كاد ياسين يرد عليه عندما اندفع عمار الذي سمع عبارته مصادفة ليهتف بسخط:

_من هذه التي ستعود إلي هنا؟! أنا سأقتلها بيدي مع ذاك ال (......)بمجرد أن أراها.


+



زفر ياسين بقوة...

بينما وقف حمزة ليقول له بضيق:

_اهدأ يا عمار ....الأمور لا تحل هكذا.


+



هتف عمار بغضب:

_يبدو أن معيشتك في بلاد الأجانب قد أثرت علي دمائك الصعيدية....هذه الفاجرة تستحق القتل...بل الحرق حية...لقد أضاعت شرف العائلة كلها وأنا لن أتردد لحظة في زهق روحها بيدي جزاء لها علي فعلتها!!!


2



_عمار!!!

هتفت بها جويرية بجزع وهي تخرج من إحدي الغرف بعدما استمعت لعبارته...

فالتفت نحوها ليقول بغلظة:

_ما الذي أتي بكِ إلي هنا؟! عودي لشقتك.


+



هتفت بحدة:

_لا...لن أعود...ولن أسمح لك بالتحدث عن شقيقتي هكذا...

اقترب منها ليهتف بحدة:

_تدافعين عن تلك الفاسقة!!


+



اشتعلت عيناها بالغضب لتهتف بتحدٍ:

_نعم...أدافع عنها لأنني يوماً ما كنت....


+



وضع كفه علي شفتيها ليمنعها من إتمام عبارتها التي قرأها في عينيها قبل أن تتفوه بها.....

ثم كز علي أسنانه هامساً بنظراته المخيفة:

_اخرسي!


+



تبادل ياسين وحمزة نظرات الدهشة والتساؤل...

لكنه لم يلتفت إليهما ...

بل سحبها من ذراعها وصعد بها إلي شقتهما...

ثم أغلق الباب خلفه ليلتفت نحوها قائلاً بغضب هادر:

_هل جُننتِ؟! ما الذي كنتِ علي وشك البوح به؟!!!

هتفت بحدة:

_الحقيقة! لماذا تعاقب آسيا بذنب سامحتني أنت عليه؟!!!


+



أمسك كتفيها يهزها بعنف وهو يهتف:

_اخفضي صوتك...أولاً أنتِ لستِ مثلها...أنا أنقذت الوضع في اللحظة الأخيرة...

فتحت فمها لترد عليه ...

لكنه قاطعها هاتفاً بحدة:

_وثانياً...من أخبركِ أنني سامحتك.؟!!..أنا لم ولن أسامحك علي فعلتك هذه طوال عمري...


+



دمعت عيناها وهي تقول بقهر:

_أنت كاذب...أنت سامحتني...أنت تحبني وستبقي كذلك.

دفعها بقوة ثم استدار ليعطيها ظهره قائلاً بخشونة:

_عمار الخشن الغليظ لا يعرف الحب...ألم يكن هذا كلامك؟!

سارت لتقف قبالته هامسة بين دموعها:

_كنت أظن ذلك...قبل أن أسمع مناجاتك لي كل ليلة...لأدرك أي قلب كبير تمتلكه.


+




        

          


                

عقد حاجبيه بشدة وهو يهتف بحنق:

_كنتِ تخدعينني وتتظاهرين بالنوم حتي تستدرجينني؟!!!


+



أغمضت عينيها بألم وهي تهمس :

_كانت هي الطريقة الوحيدة لأعرف ما بداخل قلبك....أنت لم تدع لي طريقة أخري!

ضم قبضته بغضب وهو يشيح بوجهه هاتفاً:

_كل يوم أكتشف كم كنت مخدوعاً في براءتك!


+



اقتربت منه أكثر...

لتهمس بخفوت:

_لكنني أنا كل يوم أكتشف كم كنت محظوظة بك!


+



بذل مجهوداً خرافياً ليتحاشي النظر لعينيها في هذه اللحظة...

لا يريد أن يضعف أمامها أكثر...

هو يعرف جيداً مدي سلطانها عليه...

نظرة واحدة قد تعيده لسجن عشقها الذي يود التحرر منه...

لأنه نقطة ضعفه الوحيدة!!!!


+



وكأنها شعرت بما يفكر فيه...

فاقتربت منه أكثر لتضع كفها علي صدره هامسة برجاء:

_عمار!


+



لم يستطع منع عينيه الآن من احتضان عينيها...

ليقرأ فيهما مشاعر لا يريد تصديقها...

لن يستطيع الثقة بها ...

هو سيبتعد علي كل حال...

لقد طلقها وانتهي أمرهما....

ووجوده هنا الآن ليس له سبب سوي مرض جده وعودة حمزة ...

وتلك الظروف العصيبة التي تمر بها العائلة...


+



لكنه ينتوي الرحيل من هنا للأبد عندما ينتهي كل هذا...

سيعيش في شقة منفصلة كان قد اشتراها منذ زمن...

بعيداً عن هذا الحب الذي دمره تدميراً!!!


+



بينما ظلت هي تنظر لعينيه في رجاء...

وكأنما تتمني أن يفهمها دون أن تتكلم....

لن تستطيع التصريح بمشاعرها نحوه...

لن تستطيع!!!


+



ضغطت علي شفتيها ولازالت تضع كفها علي صدره لتهمس أمام عينيه:

_عمار...تكلم أرجوك...قل أنك لن تتركني... أنا جوري حبيبتك التي أقسمت بمن رزقك حبها أنك لن تنساها أبداً...هل نسيت؟!


+



خفق قلبه بقوة تحت كفها الذي ضغط علي صدره برفق...

فأغمض عينيه كي يهرب من عينيها اللتين كانتا تطوقانه ...

لكن همسها وصل لأذنيه حاراً ليزيد غرقه في بحر عشقها الهائج:

_عمار...أنا أحتاجك...لا تتركني.


+



قالتها وهي تكاد تبكي من فرط تأثرها ببروده هذا الذي لم تعتده منذ فترة طويلة...

أين عمار الذي كان يذيبها في بحور عاطفته...

أين حنانه وتفهمه ورقته...

أين حبه؟!!!!


+



ظل علي وقفته الجامدة التي يداري بها بركان مشاعره....

فأمسكت بذراعيه تهزه وهي تبكي هاتفة بعجز:

_لم تعد تحبني يا عمار؟! كل مشاعرك التي أغرقتني بها بعد زواجنا كانت مجرد شفقة وإحساس بالذنب؟!


+



فتح عينيه أخيراً وقد صدمه ما قالته ....

فهتف بحنق:

_ماذا قلتِ؟! شفقة وذنب؟!!!!! شفقة وذنب يا جوري؟!!!!


+



ازداد نحيبها وهي ترمقه بنظرات لائمة....

فسحبها ليضمها لصدره بقوة حتي خشي أن يكسر عظامها...

عن أي شفقة وإحساس بالذنب تتحدث هذه الحمقاء؟!!!!!

ألم تعرف -بعد-كم أعشقها؟!!!!!!


+




        

          


                

أجهشت بالبكاء وهي تدفن وجهها في صدره للحظات طويلة...

ثم رفعت وجهها إليه لتهمس :

_أنا وقفت أمام قاسم النجدي مرة لأطلب منه ألا أتزوجك...ومستعدة أن أقف في وجهه من جديد لكي أعود إليك...


+



هز رأسه بعجز...

هو لن يتركها بسبب كلمة قاسم النجدي فقط...

ليت الأمر اقتصر علي هذا...

لكن الحب الذي يحمله نحوها قد تعكر...

لم يعد صافياً كما كان...

رواسب كثيرة من فعلتها الشائنة التي أنقذها منها...

وخوفه من أن يكون قلبها معلقاً بغيره...

لكن رجولته تمنعه من سؤالها عن تفاصيل الأمر...

ستذبحه حقاً لو نطقتها...

لو أخبرته أن قلب جوريته دق لسواه!!!


+



كما أنه لم يعد يثق في قدرته علي إسعادها...

وذكري ليلة زفافهما الكارثية تؤرقه...

لقد ذبحها ...

وذبحته...

وما من حب يصمد في وجه ظروف كهذه!!!!

أساءت فهم صمته فهمست بخوف:

_أنت ستستمع لكلمته هذه المرة أيضاً...؟؟!!!! أنت ستتركني؟!


+



رفع رأسه لأعلي وكأنه يهرب منها ليهمس بألم:

_اسكتي يا جوري...اسكتي.


+



حررت نفسها من بين ذراعيه...

ثم مسحت دموعها بكفيها لتهمس بثبات مصطنع:

_حسناً يا عمار...سأسكت...لقد فهمت رسالتك...وآسفة علي إزعاجك.


+



قالتها وهي تتوجه نحو باب الشقة...

تتابعها نظراته الممتلئة بحسرته...

حتي فتحته ثم التفتت إليه لتهمس دون أن تنظر إليه:

_إذا كنت تخليتَ عني...فهل ستتخلي عن طفلنا أيضاً؟!


+



اتسعت عيناه في صدمة...

ثم قطع المسافة بينهما بخطوة واحدة وهو يهتف بذهول:

_طفلنا؟!!!


+



ازدردت ريقها ببطء...

ثم أطرقت برأسها لتهمس بحزن:

_لو كنت لا تريده فأنا يمكنني...

قاطعها وهو يغلق الباب بعنف ليلصق ظهرها به وهو يمطر وجهها بقبلاته الحارة...

طوقها بذراعيه وهو يعيدها لوطنها الأصلي علي صدره...

ثم نظر لعينيها أخيراً ليهمس بصوت متقطع وكأنه لا يصدق:

_ستكونين أم طفلي...كما حلمت ....طوال عمري.؟؟؟!!!!!!


+



أغمضت عينيها لتسيل دموعها علي خديها فقبل عينيها هامساً بحنان غريب علي طبعه الخشن:

_لقد رددتك يا جوري...لن أتركك أبداً.


+



فتحت عينيها لتهمس بعتاب:

_رددتني لأجل الطفل فقط يا عمار؟!!! جوري لم تعد لديك سوي أم طفلك فحسب؟!!!!


+



عاد يضمها إليه بعنف وهو يتأوه بقوة ثم همس في أذنها:

_جوري تعرف جيداً قيمتها عندي....


+



مرغت وجهها في صدره وهي تكاد ترجوه أن يقول أكثر....

أن يداعب أذنيها بهمسه العاشق الذي اشتاقته...

وهو موقن من انها تسمعه هذه المرة...

وليس وهو يظنها نائمة كالسابق...


+



لكنها تعرف أن عمار لن يبوح بها بسهولة...

طبعه الخشن سيغلبه ككل مرة...

لهذا كانت صدمتها بالغة عندما أردف بصوت متهدج:

_جوري تعرف أنها دنياي كلها!!


+



ابتسمت ابتسامة شاحبة...

فرفع وجهها إليه وهو يهمس:

_أنا لم أرد زوجتي لعصمتي ...أنا رددت روحي لجسدي!


3




        

          


                

خفق قلبها بقوة لعبارته التي تعلم جيداً أنه يقصدها بكل حروفها....

فاتسعت ابتسامتها وهي تتطاول علي أطراف أصابعها لتقبل وجنته هامسة:

_ورددت لي روحي أنا أيضاً...سامحني يا عمار.


+



ربت علي رأسها برفق...

فسألته بقلق:

_ماذا سنفعل مع جدي؟!


+



تنهد قائلاً:

_يبدو أنني سأضطر للوقوف في وجه قاسم النجدي ...سأسترد زوجتي رغماً عن أي أحد...


+



رغم سعادتها بما قاله لكنها همست برجاء:

_جدي مريض...وصدمة آسيا كانت شديدة جداً عليه...دعنا نؤجل الحديث في هذا الأمر لفترة...لو علم جدي عن حملي فلن يمانع في عودتي إليك...لكن ليس الآن...لن نخبر أحداً عن حملي هذا...سيكون سرنا حتي تهدأ الأمور...


+



أومأ برأسه موافقاً ثم ضم رأسها لصدره هامساً بحنان:

_لكنك زوجتي أمام الله...لن أفرط بعد فيكِ يا جوريتي.


+



رفعت رأسها إليه لتهمس بتردد:

_وآسيا يا عمار؟!


+



قست ملامح وجهه الذي أشاح به بعيداً...

فأعادته مقابلاً لعينيها وهي تهمس برجاء:

_أرجوك يا عمار...لن أستطيع العيش معك لو صار دم آسيا بيننا!!


+



زفر بسخط وقد عادت إليه طبيعته النارية ليهتف بانفعال:

_ماذا تريدينني أن أفعل بهذه ال...؟!!!!


+



قطع عبارته عندما لمح النظرة اللائمة في عينيها...

فتنهد بحرارة...

عندما ربتت علي صدره لتهمس بتوسل:

_إنها آسيا يا عمار....اسمع منها أولاً واعرف ماذا حدث...أنا أثق أن آسيا ليست كما تقولون....لن تخطئ هذا الخطأ أبداً.


+



صمت للحظات يفكر...

ثم أومأ برأسه إيجاباً فضمته إليها بكل قوتها وهي تهمس بامتنان:

_كنت واثقة أن قلب عمار الطيب لن يخذلني أبداً!!!!


+



هز رأسه وهو يلوح بسبابته هامساً بخشونة:

_سأسمع منها...لكن لو ثبت لي أنها فرطت في شرفها وشرف العائلة فأنتِ تعلمين أنه لا تهاون في هذا الأمر.


+



ازدردت ريقها ببطء....

وقد عاد إليها خوفها...

تري ما الذي دفعكِ للبقاء مع ذاك الرجل يا آسيا....؟!!!!

كيف وقعتِ في طريقه؟!!!

تري ماذا حدث لك ؟!!!!

بل الأهم....

ماذا سيحدث؟!!!!!!

=====================================================================


+



وقف يراقبها وهي تسقي الزهور في حديقة منزل والدها...

ابتسم في حنان وهو يفكر...

كم تبدو متألقة نضرة كتلك الزهور التي ترويها ...

بل إنه لا يبالغ لو قال أنها بعينيه أعذب وأحلي!!!


+



اقترب منها بخفة ثم رفعها من ظهرها بأحد ذراعيه ليلتقط رشاش الماء بذراعه الآخر هامساً بحنان لا يخلو من مرح:

_ألا تسقين قلبي قبل زهورك يا غاليتي؟!


+



شهقت للمفاجأة ثم ضحكت وهي تلتفت إليه لتهمس بخجل:

_أنزلني يا ياسين قد يرانا أحد!


+



قبل وجنتها ثم أنزلها برفق وهو يلقي رشاش الماء بعيداً...

ليطوقها بذراعيه هامساً  بعاطفته التي تحررت الآن من كل قيودها:

_افتقدتك يا غاليتي..


+




        

          


                

اتسعت ابتسامتها الخجلي وهي تهمس:

_وأنا أكثر.


+



ثم جذبته من كفه وهي تسير بسرعة لتقول بمرح:

_تعال سأريك شيئاً جميلاً.


+



توقف وأوقفها معه ليقول بحنان:

_كل جميلٍ يُظلَم جواركِ يا رقية...فالعين التي تراكِ لن تتسع لغيرك.


+



دق قلبها لعبارته فتنهدت في هيام وهي ترمقه بنظرات عاشقة....

ثم ابتسمت بعد لحظات وهي تهمس:

_سأريك شيئاً يخصك...بل يخصنا معاً.


+



عاد يسير جوارها حتي وصلا لحوض زهور مميزة لم يرَ يوماً مثلها....

فسألها باهتمام:

_ما هذه الزهور الغريبة؟! لم أرَ مثلها من قبل.


+



أمسكت كفه وهي تنظر لعينيه هامسة:

_اسمها "قلب ياسين".


+



ارتفع حاجباه بدهشة وهو يقول:

هل هناك زهور بهذا الاسم؟!

ابتسمت وهي تقول بشرود:

_أبي أحضر لي بذورها خصيصاً عندما عاد من أحد أسفاره من إحدي البلاد الأجنبية...أخبرني يومها أنها زهور مميزة ولا يوجد مثلها هنا في مصر...لكنه أراني صورتها وهي متفتحة علي هاتفه ...شعرت أنها تشبه شكل " القلب"...فاقترح أبي أن نسميها "قلب رقية"!!


+



ثم التفتت إليه من شرودها لتهمس بحب:

_لكن ذلك اليوم -بالمصادفة-كان نفس اليوم الذي رأيتك فيه لأول مرة...لهذا وجدت نفسي يومها...وبعد أن رأيتك ذاك اليوم....أعود هنا لهذا المكان وأنا أفكر أنني سأغير اسمها لتكون "قلب ياسين"!


+



اقترب منها أكثر ليحتضن وجهها بكفيه هامساً:

_هذا يعني أنك أحببتني منذ أول لقاء لنا؟!!


+



دمعت عيناها وهي تهمس أمام عينيه بصدق مس قلبه:

_قلب رقية الهاشمي لم يكن ليخطئ التعرف علي مالكه الأبدي من أول لحظة!!!


+



أغمض عينيه في تأثر ثم ضمها إليه بقوة وهو يهمس بحب:

_ماذا أفعل فيكِ؟!!! وأنتِ بكل هذه الروعة!!!!


+



رفعت رأسها إليه لتهمس:

_عدني أن تحبني للأبد...

قبل جبينها هامساً:

_لم يعد للقلب حياة دونك يا غاليتي.


+



ابتسمت في سعادة ...

ثم تذكرت شيئاً ما فسألته بقلق:

_ماذا قرر جدك بخصوص آسيا؟! ماذا ستفعلون معها؟!

تنهد قائلاً:

_جدي فوض حمزة في التصرف في الأمر كاملاً...أعتقد أن حمزة يتسم بالحكمة وهذا أفضل لحل الأمر دون تهور قد يؤدي لبحور من الدم....لكن عمار وحذيفة يميلان للعنف...ولا أدري كيف سينتهي بنا الأمر...


+



غمغمت رقية في إشفاق:

_والعمة فريدة؟! كيف هي ردة فعلها علي كل هذا؟!!!


+



هز ياسين رأسه قائلاً:

_حالها محير جداً...هي صامتة دوماً ولا تتحدث عن الأمر...وكلما فاتحها أحد في الموضوع تقول بثقة "ابنتي ستعود"!!!


+



همست رقية بإعجاب:

_يعجبني صبر هذه المرأة.

ابتسم ياسين وهو يقبل وجنتها هامساً:

_ألم أقل لكِ أنها تذكرني بكِ؟!


+




        

          


                

ابتسمت وهي تحيطه بنظراتها العاشقة...

فانحني ليقطف لها زهرة من الزهور المميزة...

فرد كفها ليضع فيه زهرته ثم أطبقه عليها ليقترب بوجهه من وجهها هامساً:

_هكذا يكون دوماً "قلب ياسين"بيد رقية!

===================================================================

وقفت علي باب غرفته مترددة...

ثم طرقتها حتي سمعت إذنه بالدخول...

فتحت الباب لتدخل فظهرت المفاجأة علي وجهه للحظة...

قبل أن يتجه نحوها ليضمها بلهفة هامساً:

_حبيبتي!


+



استسلمت للأمان الذي يدعوها بين ذراعيه ...

لعله يخفف من قلقها وتوترها...

لكنه شعر بتشنج جسدها فربت علي رأسها وهو يتنهد هامساً:

_اهدئي يا حبيبتي!


+



رفعت رأسها إليه وهي تهمس بتردد:

_هل ستفعلونها حقاً يا حذيفة؟!

مط شفتيه في استياء وهو يشيح بوجهه....

فأردفت بذعر :

_هل ستقتلونها؟!


+



زفر بقوة وهو يبتعد عنها ليقول بضيق:

_ماذا تنتظرين منا أن نفعل بها؟!!!لقد مرغت شرفنا في الوحل!


+



هتفت بقوة:

_هل عرفت ماذا حدث لتحكم عليها بهذا الحكم القاسي؟!!! هل تأكدت أنها فرطت حقاً في شرفها؟!!!

التفت نحوها ليهتف بانفعال:

_ما الذي كانت تفعله وحدها في بيت هذا الرجل طيلة هذه الشهور؟!!!!لا تثيري جنوني يا ساري...أنا أكاد أحترق وأنا أتصور أن ذلك الوغد قد صبر طوال هذا الوقت ليحقق انتقامه بهذه الخسة والدناءة.


+



هزت رأسها في عدم تصديق وهي تهمس :

_إنها آسيا يا حذيفة....آسيا التي تربت معك منذ صغرها...كيف تصدق فيها هذا؟!!!


+



أشاح بوجهه وهو يقول بضيق:

_عندما يغلق باب واحد علي رجل وامرأة فلا صوت يعلو فوق رغبة الجسد.


+



اتسعت عيناها في ارتياع وهي تسمعه يتحدث عن شقيقتها بهذه الطريقة...

فهتفت بحدة وهي تلوح بسبابتها في وجهه:

_أنت تقول هذا لأنك تظن الناس كلها مثلك...أنا أعرف شقيقتي وأثق أنها لن تسمح للخطيئة بتلويثها....


+



كز علي أسنانه وهو يقول بغضب مكتوم:

_هل ستعودين لهذا الحديث ثانية؟!!


+



أعماها غضبها وحميتها علي شقيقتها فعادت تهتف بصوت أكثر حدة:

_من أنت لتحاسبها علي أفعالها؟!!! وهل حاسبك أحد علي أفعالك؟!!! ألم تفكر أنه حتي لو كان هذا الرجل أغواها...فإنه ذنبك الذي رُد إليك في أهل بيتك؟!!!


+



ضم قبضته بقوة وهو يشعر بغضب حارق....

لكنها لم تكن أقل منه غضباً وهي تردف بنفس الحدة:

_ذق عذاب الاعتداء علي الشرف....هذه بضاعتك رُدّت إليك!


+



كانت عيناه في هذه اللحظة كجمرتين مشتعلتين ....

لكنه اقترب منها وهو يمسك ساعديها بقوة حتي تأوهت ...ثم قال ببرود يخفي براكين صدره:

_لن أسمح لكِ بالتحدث معي بهذا الأسلوب ثانية....هذا هو تحذيري الثاني والأخير!


+



شعرت بقشعريرة في جسدها ...

وهي تشعر بأن غضبه تجاوز الحد هذه المرة...

جسده كله يرتج انفعالاً وكأنه يبذل مجهوداً خارقاً للسيطرة علي انفعاله...

وعيناه عادتا لقسوتهما القديمة...

وكأنهما ما امتلأتا بحبها يوماً!!!


+




        

          


                

أغمضت عينيها في ألم...

ثم حررت ساعديها من ذراعيه...

 لتغادر غرفته بخطوات منهزمة...


+



تابع انصرافها بوجه بارد يكتم غضباً يعصف بكيانه كله...

ساري لن تتغير...

ستبقي دوماً تذكره بتاريخه الأسود وذنوبه التي يشهد الله أنه يجاهد نفسه للتوبة عنها....

سيبقي بعينيها آثماً مخطئاً يستحق العقاب!!!


+



توجه نحو شرفة غرفته....

لعل الهواء البارد يخفف عنه بعضاً من لهيب صدره...

لكنه لمحها تخرج مندفعة من باب المنزل وهي تمسح دموعها المنهمرة كالسيل!!!


+



نظر لساعته بحنق...

أين ستذهب هذه الحمقاء في هذه الساعة من الليل؟!!!

تناول هاتفه وميدالية مفاتيحه ليغادر المنزل لاحقاً بها...

لكنها كانت قد انطلقت بسيارتها...

ركب سيارته بسرعة وانطلق خلفها...


+



كانت تنطلق بسرعة رهيبة وكأنها تهرب...

بل إنها فعلاً كانت كذلك...

كل هذه الأحداث كانت تضغط علي أعصابها...

لا تريد أن تصدق أن حذيفة قد يقتل آسيا...

كيف يمكنها أن تبقي في حياته لو فعلها؟!!!


+



لكن من سيسمح لها بالاعتراض؟!!!

حتي لو دهست قلبها تحت قدميها وتجاهلت حبه...

سيدفعون بها إليه في النهاية...

فهي ليست في عرفهم سوي جارية...

لا تملك حق تحديد المصير!!!


+



قطعت أفكارها عندما وجدته يقطع الطريق عليها بسيارته...

فتوقفت مرغمة وهي تنتبه فجأة للطريق المقفر الذي  تسير فيه...


+



زفرت بقوة وهي تسند رأسها علي مقود السيارة ...

وكأنها تستجمع قوتها أمامه للحظات...

عندما شعرت به يفتح الباب جوارها ....

ثم جذبها من ذراعها بقوة وهو يهتف:

_انزلي!


+



ترجلت من السيارة فسحبها من ذراعها خلفه حتي فتح باب سيارته ليدفعها بداخلها...

ثم دار ليجلس مكانه وهو يصفق الباب بعنف هاتفاً بجنون:

_ألن تكفي عن أفعالك الطائشة هذه؟!!!! كيف تخرجين وحدك في هذه الساعة من الليل؟!! 


+



ارتعش جسدها بقوة ...

لا تدري برداً أم انفعالاً....

أغمضت عينيها وهي تشعر بطنين في أذنها....

لا تريد أن تسمعه ولا أن تراه...!!!!

رغم أن كل جوارحها تحتاج إليه الآن...!!!!!

ولولا كبرياؤها...لطلبت منه أن يضمها بقوة ...

حضنه الآن وحده هو ما تحتاجه...

وما تخشاه!!!!

لا فائدة!!!

حذيفة سيبقي وجع قلبها الأزلي...

ولعنة روحها العالقة في مشاعرها المتناقضة معه!!!


+



بينما كان هو يراقبها بغضب يمتزج بالقلق...

ارتعاشة جسدها والألم الواضح علي ملامحها...

مع هذا الصمت الذي لا يقلقه مثله...

فهو يعرف أن صمتها في هذه الحالة أقوي كثيراً من الصراخ!!!


+



خبط بقبضته علي مقود السيارة وهو يشعر بالعجز....

ثم ظل يخبط بها عدة مرات لعله يفرغ شحنة غضبه....

لكنها كانت غائبة عنه في عذابها -اللا منقطع- به....


+



التفت نحوها أخيراً ليجد نفسه دون وعي يجذبها لصدره...

ضمها بقوة وكأنه يحاول تخليص رأسها من كل هذه الهواجس التي تملؤها نحوه...

وكأنه يخبرها دون كلمات أنهما صارا كياناً واحداً...

ثم شدد بقوة من ضمته العنيفة قاصداً حتي تأوهت بضعف فهمس في أذنها بعتاب:

_هذا لتعلمي أن الحضن وطن...لكنه قد يؤلم لو ضغط علينا أكثر!!


+



رفعت عينيها إليه وهي تفهم مغزي عبارته لتهمس بألم:

_كلما ظننت أن الحواجز بيننا قد زالت...يرتفع بيننا واحد جديد!!


+



ألصق جبينه بجبينها وهو يهمس :

_لا تعنيني كل هذه الحواجز فأنا قادر عليها جميعاً...لكن تبقين أنتِ أكبر الحواجز التي لن أقوي علي تخطيها...لن أستطيع تحمل لومك وإهاناتك في كل مرة نختلف فيها...

ثم ابتعد برأسه ليهمس بعينين مشتعلتين:

_حذيفة النجدي لن يقبل أن تعامله امرأته بهذه الطريقة.


+



أغمضت عينيها للحظة...

ثم عادت تفتحهما وهي تهمس بين دموعها:

_أنا آسفة.


+



اختفي الغضب من عينيه فجأة ...

وكأنها أطفأت ببرد كلمتها نيران غضبه بلحظة...!!!!

لتفيض عيناه حناناً وهو يمسح دموعها بشفتيه....

ثم أعاد رأسها لصدره وهو يضمها لكن برفق هذه المرة...!!


+



عندما سمعا صوتاً خارج السيارة يهتف بسخرية:

_يا له من عرض مثير!!

انتفضت ساري بعنف وهي تنظر للرجل الغريب الذي كان واقفاً خارج السيارة....

ومعه رجلان آخران يمسكان هراوات ثقيلة....

شهقت بخوف وهي تشعر بالذعر!!!!


+



فيما كان حذيفة يكز علي أسنانه وهو يتعرف علي هوية الرجل...

إنه الرجل الذي تشاجر معه من قبل ...

لأن حذيفة كان علي علاقة بشقيقته...

وتطور الشجار بينهما حتي ضربه الرجل بزجاجة مكسورة علي وجهه...


+



هتف حذيفة بحدة:

_ماذا تريد؟!


+



ابتسم الرجل ابتسامة صفراء وهو يقول بلهجة مقيتة:

_أريد رد معروفك يا "شهريار العصر".....لقد كنت أراقبك حتي تسنح لي الفرصة بالانتقام.

ثم فتح باب السيارة المجاور لساري وسحبها من ذراعها لينزلها قسراً من السيارة هاتفاً:

_المرأة بالمرأة....والبادي أظلم!

===================================

انتهى الفصل


+




        

التاسع عشر من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close