رواية اسرار الحب الفصل الثامن عشر 18 بقلم اميرة السمدوني
حاولت تسنيم التبرير بشفتين مرتعشتين وزيزي تلكزها للهروب وهما تصرخان سويا فى ذعر فى محاولات مستميتة للفرار لكن ببلاوى لف الحزام الجلدى على كفيه الخشنين بقسوة مصوبا إياه ناحية جسديهما بشكل عشوائى ،بينما زيزي تتمايل بعودها وتقفز لتفادى الضربات الموجعةوالتى كان لزيزي نصيب منها على ظهرها ورسغيها ،كما طالت تسنيم فى مؤخرتها ،فصاحت بوجع :_
_ أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأييييي ، ألهوووووووووووووووووووووووووووووووى
إتجهت زيزي بشجاعة لم تعرف كيف أتت بها لتغرس أنيابها فى يد ببلاوى الممسك بصديقتها ،حتى تأوه بإنفعال ،فتركته تسنيم لتواصل ركضها وزيزي هى الأخرى لكنه مد قدمه للأمام ليعثر زيزي المتوترة ذات الجسد المتصبب بالعرق حتى أمسك بياقة قميصها بعنف وهو يكز على أسنانه ،ولا زالت ساعة أسنانها بيده ،أما تسنيم خطت للخارج بنفس منهج وغير منتظم حتى لاحظت إن رفيقاتها لا تتبعها فعادت لإنقاذها ، وهى تقترب من ببلاوى بإرتياب وخوف كبير قائلة بصوت متقطع:_
_ ب ب بص أنا حق حقولك كل حا حاجة بس أوعدنى حتسيبنا .
أتسعت عينى زيزي وهى تلطم على وجهها بإضطراب :_
_ الله يحرقشششك يا تشنيم ،أنا قولت البت دى تتربط بشلاشل محدش صدقششنى
وضعت تسنيم يديها على خصرها وهى تزفر بحنق وغضب:_
_ تصدقى بالله ما حد غلطان غيرى انى وافقت أجى معاكى المهمة بتاعتكم دى وانا أصلا تعبانة .
ردت زيزي بتهكم مشحون باللوم :_
_ تعبششانة أيه ،أنتى عملتى أيه أصلا يششششتحق المجهود ،ثم واصلت بإنفعال أكبر أنتوا شششيبتوا لى الكبيرة ربنا ياخدكم
كان ببلاوى يتنقل بنظراته بينهما فى إندهاش ، قطعته تسنيم بتلقائيتها وهى تهتف بحدة :_
_ والله انا ال غلطانة إنى وافقت أمسك الهرويين ال وسخ ايدى ده وقعدت اوطى وانا بطنى واجعانى
كزت زيزي بغيظ على شفتيها وهى تبتر كلمات تسنيم الطائشة:_
_ اخرشششى البيت ده طاششهر ،مخدرات أيه الله يحرقششك
سأل ببلاوى بإستجاواب:_
_ فين المخدرات دى بقى يا حلوة..؟
ردت تسنيم بمساومة :_
_ أقولك بس أوعدنى حتسيبنا..؟
قاطعتهم زيزي بنبرة فتيات الليل التى أعتاد لسانها عليها وهى تصيح:_
_ متسمعلهاش دى لشه خارجة من الشرايا الصفششراء أه والنعشمة
أضاف ببلاوى بجدية :_
_ شوفى أنا راجل هلاس وفيا العبر كلها،بس الحاجة الوحيدة ال بحترمها الصراحة
أستفسرت تسنيم بقلق:_
_ يعنى حتسيبنا..؟
رد ببلاوى:_
_ اه طبعا
أجابت تسنيم وهى تشير لمكانهم:_
_ المخدرات فى الأدراج ال تحت فى الدولاب فى الرف التاـــ
علقت زيزي بإندفاع ممزوج بحنق من تسنيم:_
_ متسمعلهاش دي مهبوشششة ، الله يخربيتشششك يا تسششنيم
ذهب ببلاوى حيث الأدراج وهو ممسكا بياقة كل منهما فى كبشته متسائلا :_
_ أمال أيه ده ...؟
زيزي بتلعثم :_
_ ده ده دقيق .
رفع ببلاوى حاجبيه بإستنكار :_
_ دقيق صح .
ردت زيزي وهى تبتلع ريقها:_
_ أه انت مش شايف هو أبيض إزاى ولا أيه ؟؟
جرها من فروة رأسها بقسوة وهو يعلق :_
_ طيب تعالى عشان نشوف الموضوع ده
صاحت زيزي بهلع وخوف كبير :_
_ ليشششه شايفششنى ششمكة يا لهوتششششششششششششششششششششىىىىىىىىىىىىىىى
دفع إياد بشكل مفاجأ باب الغرفة بقدمه بخفة وأصابعه تحاصر الزيناد متلفتا حوله ليجد ببلاوى ممسكا بكيس الهرويين فى إحكام،وقد أفرغ القليل منه على المنضدة ذات الأرجل القصيرة وهو يرغم زيزي المقيدة بالأحبال على إستنشاقه وهى تصرخ بهستيريا وتنتفض وتسنيم هى الأخرى تستعين بأحبالها الصوتية للنحيب والبكاء،أفلت ببلاوى أنامله فى صدمة حين رأى إياد وهو يحاول تذكر أين رأه من قبل..؟،بينما أومأ إياد لظباطه بالإنتشار فى أرجاء المنزل وتفتيشه ،ودنا بزيه الرسمى من ببلاوى وهو يثبت دوائر الحديد بين كفيه فى إنتصار ،يحرر بعض ظباطه زيزي وتسنيم من وثاقهما ،فقال إياد بجدية لإثبات الحالة أمام زملائه :_
_ الهرويين ده يتحرس يا ابنى .
خطت رانيا صوب تسنيم المتشنجة فى حالة من الشحتفة والدموع تملأ عيونها وهى تهدهدها فى هلع على هيئتها :_
_ انتى كويسة ...؟،ثم نظرت بإحتقار لببلاوى مضيفة:_
_ عملك حاجة الحيوان ده ...؟
علقت زيزي وهى تبسط يديها وتقبضهما لتفك تنميلهما أثر الاحبال وهى تصيح بإنفعال :_
_ محدش متخلف ولا حيوان غير الهانم دى .
عقدت رانيا ما بين حاجبيها بإستغراب للهجة زيزي ولكلماتها القاسية مستفهمة:_
_ فى أيه يا زيزي ....!!!!
كمشت زيزي وجهها بسأم وهى تحرك كفها صوب تسنيم بعصبية:_
_ الهانم ال انتى بعتهالى تساعدنى ،قرت بكل حاجة وودتنا فى ستين داهية،لولاش إن إياد دخل كان زمانى فى مصحة لعلاج الإدمان
نزعتها رانيا من بين أحضانها وهى تطالعها بعتاب ،فبررت تسنيم من بين عبراتها الساخنة :_
_ أنتى السبب
أثارت كلمات تسنيم النمر القابع بزيزي لتحملها لحماقاتها منذ لحظات ومع ذلك تلقى بلوم غبائها على رفيقتها ،فأنهالت زيزي بالضرب المبرح الهستيري على رفيقتها وقد فقدت سيطرتها على نفسها بشكل كلى ، فسحبت تسنيم من شعرها تجر بها البلاط المتسخ ،ورانيا تحاول تهدئتهم بينما إياد سبقهم إلى البوكس،هرع طارق بفزع على صراخ تسنيم الحاد وصوتها المجلجل للعمارة ،فجذبها خلفه ليحميها وهو يعنف زيزي بصرامة:_
_ مفيش حد مالى عينك ولا أيه...؟
لكمت زيزي طارق فى صدره بعنف وهى تخفض رأسها للمرور من أسفل رشغيه المعلقين على الحائط،تختبأ خلفهم تسنيم بأسنان مصتكة ورانيا تحاول تهدئتها:_
_ هأوو ويوم ما يملى عينى حد حتبقوا أنتوا يا شوية العرر
قالت رانيا بلهجة لائمة وهى تسير بصديقتها إلى الخلف :_
_ عيب كده يا زيزي تعالى معايا دلوقتى وأهدى
أضاف طارق فى تذمر وقد أحس بالإهانة :_
_ عرر ..؟، ما بلاش انتى يا بتاعة ببلاوى وحقطشعك .
زيزي بسخط :_
_ أه يا ابن الجزمة يا تربية الحو**
تقدمت تسنيم وهى تقاطعها بأعتراض:_
_ مسمحلكيش تشتميه ، ولمى نفسك
كزت زيزي على أسنانها مردفة :_
_ أنتى تخرسي خالص يا أوس البلاوى كلها أنتى والباندا البارد ال معاكى
لاحظ إياد تأخرهم فصعد للأعلى وسط المشاجرات وهو يقول بجدية ولوم :_
_ يا جماعة مش كده انتوا كبار مينفعش كده
هتفت تسنيم مدافعة عن نفسها:_
_ ده بدل ما تشكريني أنى رجعت لك بدل ما كنت أسيبك ليه زى الكلبة
أنزلتها زيزي أرضا ،لتفترش تسنيم الأرض وزيزي تصيح بجنون:_
_الظاهر انك مش حتسكتى الليلة غير لما تاخدى العلقة التمام
لم يستطع أحد تهدئة الأوضاع ،فرمق إياد ضباطه بإحباط قبل أن يقول فى حسم وهو يتأبط ذراع رانيا :_
_ هاتوهم وحصلونى
________________________________________________________________________________________
فى منزل حسام السنهورى
كانت الأجواء هادئة ورمانسية للغاية ،فقد أطفأت جميع أنوار المنزل للحصول على الراحة النفسية وكذلك لمشاهدة كرتون رابنزبول المدهش للتخفيف عن هبة وعنه هو الأخر من مشاغل الحياة وضغوط الدراسة،أسند حسام ظهره إلى مسند مرتبط بمقدمة سريره وهبة إلى جواره يأكلان سويا من التسالى من الفول السودانى والفشار واللب وغيرها ،وهما ينظران لشاشة العرض بشغف وطفولية أراد حسام تعويض زوجته عنها ، حتى أتى فاصل إعلانى ،فقال حسام وهو يمد يديه فى وعاء الفشار الواسع الشهى :_
_ تعرفى إنك فيكى شبه من رابنزبول..؟
تسائلت هبة بعبائتها المنزلية وهى تأزز اللب :_
_ إزاى يعنى..؟
رد حسام بغموض :_
_ يعنى إنطوائية وغامضة ودايما حابسة نفسك جوه دايرة معينة
علقت هبة وهى تتقدم بظهرها للأمام بيأس :_
_ مش يمكن لأن العالم بره قاسي جدا ،والناس حقودة وأنانية وشريرة ولما بيلاقوا أصغر شعاع من الشمس بيلمع لازم يتطفى(جملة شهيرة بالكرتون المشهور)
رمقها حسام بود ونشوة قبل أن يعقب بحكمة :_
_ العالم من غير إختلاط وصداقات وعلاقات وصدمات ميبقاش عالم يبقى ظلام بيبلع أى حاجة حلوة
مطت هبة شفتيها بحزن متذكرة والدها وطفولتها التعيسة:_
_ أهى الصدمات دى هى ال بتخلينا طول الوقت مش حاسين بالأمان تجاه حد ودايما معالمنا تائهة،ثم واصلت بنبرة صوت واهنة يشوبها الإنكسار لأنك مبتبقاش متوقع أن أقرب الناس ليك ممكن يأذوك .
ضيق حسام عينيه فى مكر وقد فهم ما تفكر به فقال :_
_ مممم ،بس رابنزبول رغم أن الساحرة ال ربتها فهمتها انها والدتها وانقبلت عليها بعدين وكانت عاوزة تقص شعرها ال بيلمع ،إلا أن ربنا عوضها بيوجين .
إبتسمت هبة قبل أن تسأل فى خبث :_
_ تقصد أنك يوجينى...؟
وجه بصره صوبها وهو يقبض على كفيها الباردين :_
_ شايفة أيه ..؟
تنحنحت وهى تهم بالنهوض :_
_ أحم حقوم أصحى ماما تصلى القيام
أبقاها بقبضة يديه السمراء القاسية وهو يقربها إليه بحنان ، تقترب أنفاسهم فيه بقوة ،حتى أردفت فى إستفسار لذيذ وهى تنظر فى عمق عينيه بحب:
_ بتعمل أيه يا مجنون ..؟
ضمها إليه بحنان وهو يسحب الغطاء فوقهما قائلا بنشوة وإثارة:_
_ حوريكى أنوار السماء يا رابونزبليتي
فى مبنى القناة الفضائية:_
غدت الأمور سيئة للغاية فتسنيم لم تعد الأسكريبت الخاص بها(موضوع حلقتها) ،يجيش قلبها بمشاعر متناقضة واجمة لما حدث مع زيزي مساء الأمس لكنها فى ذات الوقت تتذكر توبيخاتها وتهكمها فزفرت تسنيم وهى تنظم بعض الأوراق الهامة ،جاذبة لإحدى الجرائد المستلقية على سطح مكتبها لتبحث عن أى موضوع إجتماعى لتلقيه فى أستديو التصوير ،أخذت تهز قدميها بتوتر لتأخيرها وفريق الإعداد والإضاءة يستعدون بينما تعالى هاتفها بالرنين ،جائها صوت رانيا المعاتبة لها على ما حدث بالأمس محاولة الإصلاح بين رفيقاتها بلين:_
قالت تسنيم بإعتراض وهى تزيح الملف جانبا :_
_ وهى متكلمنيش ليه تتأسف..؟
تنهدت رانيا مبررة :_
_ عشان أنتى ال غلطانة يا تسنيم
دقت تسنيم بالقلم الجاف على السطح الزجاجى للمكتب قبل أن تهتف :_
_ تانى حتقولى لى غلطانة،ثم زفرت بقوة قبل أن تضيف يا رانيا أنتوا دايما تتريقوا على وعملني الفاكهة بتاعة القعدة لحد ما أفقدتونى ثقتى بنفسي حتى الزفت الأسكريبت بتاع الحلقة ال كمان ساعة دى مش عارفة أكتبه ...!!
صححت رانيا مفهوم صديقتها قائلة :_
_ يا تسنيم أحنا لما بننقد حاجة فيكى فعشان احنا صحاب بجد ،ولو واحدة شافت عيب فى التانية تعدله مش تتغاضى عنه ونصقف لك ونقولك برافو....!!!
صمت لثوان وقد أحست بأن رنوشة على حق ،فقالت بإستسلام لتوبيخها :_
_ معاكى حق .
ندت من رانيا ضحكة قصيرة وهى تتذكر لقب زيزي:_
_ خلاص تعتذرى انتى والباندا هههههه على ال عملتوه
نفخت تسنيم بعصبية :_
_ انتى كمان حتقولى باندا أأووف
رانيا:_
_ أيه يا توتى بتقفشى على أقل حاجة ليه....؟
أعتذرت تسنيم بخجل لفرط مزاجيتها :_
_ معلش يا رنوش أعصابى تعبانة شوية ،حقفل عشان طارق جاي عليا أهو
أوقفتها رانيا قائلة بسرعة:_
_ أستنى أستنى بصى عندى حل هو ده الوحيد ال ممكن يخلى زيزي تسامحك على عملتك ههههه
تسنيم:_
_ قولى
رانيا بمرح :_
_ يوسف الصياد خلى طارق يكلمه ويقوله أنكم عاوزين تعملوا معاه لقاء بس فى المكتبة ال زوزة بتروحها .
إستفسرت تسنيم وهى تضع رأسها بين يديها :_
_ تمام وبعدين...؟
واصلت رانيا بحماس لفكرتها :_
_ وأنا حقنع زيزي إنها تروح .
تسنيم بخوف :_
_ أفرضى رفضت...!!
قالت رانيا بسخرية :_
_ ما تبطلى تشاؤم يا بنتى ،ليه مصممة تكونى أيقونة النكد فى الشلة هههههه ،وبعدين دى مجرد ما حتسمع أسم يوسف مش بعيد تنزل بالبيجامة انتى عارفة زيزي
إبتسمت تسنيم :_
_ حتقوليلى ،خلاص حقول لطارق يلا سلام بقى
فى المكتبة العامة :_
القراء ملتفون حول طاولات خشبية ذات لون بنى لامع ،يطالعون بعض الروايات العالمية أو الكتب الأكاديمية ،مشرفة المكتبة تلقى بتنبيهاتها بين فينة وأخرى قائلة" الصوت من فضلكم،والتلفونات على وضع الصامت" ،إنها إحدى المكتبات التاريخية المرتبطة بالقاهرة وعبقها ،تجمع الكتب على مختلف أنواعها فمهما كان ما تبحث عنه لا بد وأن تجده فى ذلك المكان ،تمتد الحوائط الخشبية العازلة على طول الحجرة الكبيرة ،تستقر الكتب بين أرففها القديمة ،كانت زيزي عاشقة لذلك المكان لما له من قدسية فى قلبها،ولعشقها لعالم الأدب ودهاليزه المبهرة ،جلست فى ركن هادىء وبعيد وقد أتفقت مع أمينة المكتبة على كل شيء،ما أن وصل يوسف حتى رفعت لها أصبعها لتتقدم ،فهمت زيزي إلى ناحيته وهى تتصنع الشرود ،لم يلمح يوسف تسنيم فى قاعة الإطلاع فقرر قضاء وقت الإنتظار مع كتاب ثقافى لقتل الوقت ،وقفت زيزي على الناحية الأخرى للحائط الخشبى تنظر من بين ثغرات الكتب ليد يوسف حتى كبشت نفس الكتاب الممسك به قائلة بإستهبال:_
_ يوسف الصياد مش معقوووووووووووووول ،ده أيه الصدف الجامدة دى
رد يوسف الترحيب :_
_ اهلا يا أنسة زيزي ، ثم أضاف بإستغراب:_
_ بس هى مش صدفة غريبة شوية نتقابل فى نفس المكتبة وكمان نفس الكتاب
علقت زيزي بصوت خفيض وبنظراتها الهائمة وهى تطالع أناقته فى حالة من التوهان:_
_ أحم قولت أجرب تحويجة الروايات يمكن تنفع
أفاقها منها صوت يوسف الجاد:_
_ أفندم...؟
تنحنحت زيزي قبل أن تشير له للجلوس على الطاولة المعدة لهما فى أقصى شمال حجرة الإطلاع :_
_ تسنيم بتعتذر لظرف طارىء، وأنا جيت بدالها عشان أعمل معاك حوار لجريدة الحقيقة
سحب يوسف الكرسى المدور قبل أن يقول بذوق :_
_ اتفضلى
حاولت زيزي كسب بعض الوقت إلى جواره والإستمتاع بكل ثانية تجمعها به فتلك الثوان هى الأكثر بهجة فى حياتها كلها:_
_ فى شوية أسئلة بس حابة أعرفها على المستوى الشخصى وبعدين نبدأ الشغل ممكن بقى تقولى كيف بدأ الخلق...؟ ،لماذا جئنا إلى هذا العالم ..؟
عقب يوسف بسخط كبير خاصة لعدم إعتذار تسنيم منه هاتفيا وتقليلها من قامته ففتح فمه ليقول بإستهجان:_
_ وحضرتك بقى مسيبانى ال ورايا وال قدامى عشان تسألينى عن نشأة العالم ..؟
ردت زيزي بهدوء :_
_ فيها أيه يعنى ما أحنا بندردش خلاص بلاش السؤال ده طالما مزعلك ، وأخذت تفكر فى فتح موضوع معه حتى سقطت عينيها على ذراعها الممتلىء بالكدمات فأردفت وهى تضم شفتيها متصنعة الألم:_
أومأ يوسف بالإيجاب ،فهمست زيزي بنظرات شاردة فى جماله :_
_ وجعانى أوى .
يوسف بفظاظة :_
_ مش فاهم أعملك أيه يعنى...؟
صاحت زيزي بصدمة :_
_ أيه ده أنت مش حتبوس أيدي زى جاسر...؟،متخافش أنا مش مقشفة زى تهانى فى العشق الأسود حتى بص كده داهنة كريم إنما أوز اللوز.
لاحظت صمته المفاجأ وإتساع عينيه ، فحسست على ذراعها قبل أن تقول بإغراء ممزوج بالمزاح حتلاقى ملمس حريرى ناعم وعيونى بص عيونى كالليل المظلم ولو عاوزاها كالبحر الهادىء أنا ممكن أجيب لينسز وشعرى كستنائى بس مجهد شوية وثغرى وردى إزاى ،يعنى انثى الكمال
عقب يوسف بسخافة:_
_ أنتى هبلة يا بنتى ولا شكلك كده....؟
هتفت زيزي بحماس :_
_ أيه ده وكمان مميزة الله .....؟
زفر يوسف:_
_ عن إذنك مش فاضى للجنان ده عندى مواعيد مهمة
صححت زيزي من لهجتها:_
_ خلاص أخر سؤال والله بجد وحنبدأ الشغل .
يوسف:_
_ أتفضلى
تابعت زيزي بإعجاب وإنبهار :_
_أنا عجبتني أوى روايتك الأخيرة ،تقريبا كده أكتر رواية عجبتنى فى رواياتك
تسائل يوسف بفضول:_
_ أشمعنى...؟
أجابت زيزي بإرتياح تجس من خلفه النبض لشيء تفكر به منذ زمن:_
_ يعنى حاسة إن فيها نوع من الجرأة أن البطلة تعترف للبطل بحبها
لو ده حصل على أرض الواقع مثلا مثلا مع شاب رد فعله أيه.؟
فهم يوسف ما ترمى إليه ،فأقترب منها ليقول :_
_ بصى يا أنسة زيزي ،الحب حاجة جميلة جدا
زيزي:_
_ تمام
واصل يوسف بجدية أكبر :_
_ بس لو متبادلة يعنى ممكن الشاب ده يصدمها برد فعل مش متوقع يطلع بيحب أو متعقد أو مش فى دماغه الجواز ،وإعترافها ليه مش حيخليه يتراجع عن قراره كل ال حيحصل أنها حتنزل من نظر نفسها .
أحست زيزي: بالإحباط لكنها أصرت على السؤال وطرح كل ما فى ذهنها عليه :_
_ طيب وليه الشاب ميديش مساحة للطرف التانى مش يمكن يحبها..؟
رد يوسف بشفقة :_
_ ولو محبهاش..!،يبقى كسرها وعقدها..؟
لوت زيزي شفتيها بيأس:_
_ مش عارفة بس شايفة إن أحيانا بنظلم نفسنا بالقرارت المسبقة ،بيقرر من قبل ما يدخل فى العلاقة أصلا أنه مش حيحبها .
قال يوسف وهو يحتضن فنجان الشاي الساخن بين يديه بلهجة مريرة :_
_ مش مسبقة ولا حاجة بالعكس دى بتبقى تجارب واقعية مر بيها،ومش عاوز حد تانى ينذل بيها زى ما حصله .
رفضت زيزي نظريته معللة :_
_ بس الحب مش ذل ،ومش معنى إننا مرينا بتجربة صعبة يبقى كل الناس وحشيين..؟
إبتسم يوسف لسذاجتها ولأحلامها الوردية التى يخطها للمراهقين من أمقالها فى عالم الروايات الحالم المنتهى بسعادة وبنين ورفاق فقال :_
_ حقولك حاجة أو حدوتة صغيرة ،مرة كان فى نجار قال لابنه يجيب شاكوش ويدق المسامير فى الباب وبعدين يخلعهم.
هزت رأسها فى إهتمام ليستكمل قائلا:_
_ بعد ما خلعهم لقى الباب مشوه متحطم ومهما عمل مش حيرجع زى الاول تانى،ال عاوز أقولهولك إننا بنمر فى أى علاقة بحاجات صعبة كتير كل حاجة بتشيل جزء من روحنا وبتخلينا بعد كده غير صالحيين للأستخدام الأدامى ولا حتى قادرين نصدق أى أمال
زيزي برفض شديد:_
_ يعنى الشاب ده حيعيش مترهبن..؟
قال يوسف بتردد:_
_ مش بالظبط الفكرة كلها فى الحب الأول وبيت الشعر وما الحب إلا للحبيب الاول،مهما عمل بنفضل من وقت للتانى بنحن له .
زيزي بإندهاش من نظريته رغم كم الروايات الرومانسية الهائل التى لا تصدر إلا عن توم كروز وفلانتينو :_
_ بس الحب المفروض يكون للحبيب الأوفى والأصلح مش لحاجة عدت وماتت خلاص
يوسف بإقناع :_
_ معاكى ده المفروض والقلب والمشاعر عموما متعرفش لغة المفروض واللازم والمنطق ،متعرفش غير الحب وبس ،والحب الأول أول لمسة أول ضحكة أو مشاعر كتير جدا حلوة بنعيشها فطبيعى بنفتقدها ولو جربناها تانى مبتبقاش بنفس أول مرة مش نفس حماس ولا نفس الاندفاع.
ستله هاتفه بالرنين حتى غادر المكتبة على عجلة محددا لقاء أخر بينهما،لذهابه لندوة هامة مقامة تحت إشراف وزارة الثقافة
