رواية عذرا لكبريائي الفصل السابع عشر 17 بقلم أنستازيا
17. شـــوق وكبرياء !
تقدمت نحو الدرجات الثلاثة للمنزل ورفعت يدي لأطرق جرس المنزل بطريقة متواصلة وكذلك الباب مصدرة صوتا مستفزاً ، لحظات حتى سمعت صوت سام الذي يصرخ بغضب : من يطرق الباب بهذه الطريقة !
29
عندما سمعت نبرته الغاضبة تماديت أكثر في الطرق ليصبح صوته أقرب وهو يهدد : سأوسعك ضرباً أياً تكن يا من تطرق الباب بهذه الطريقة ..
+
فُتح الباب مستندا عليه وهو مستعد للشجار ولكنني سرعان ما صرخت بوجهه لأفزعه فاتسعت عيناه : شارلوت !
4
دفعته ودخلت اجر الحقيبة وتركتها عند المدخل أنظر للمنزل مبتسمة ..
39
إنني أقف في منتصف الردهة التي يوجد أمامها مباشرة الدرج الخشبي المؤدي إلى غرفنا ، وعلى يساره غرفة الجلوس ويليها المطبخ ، أما على اليمين فهي غرفة جلوس أخرى ولكن مفتوحة وذات أرائك موضوعة بشكل دائري ينتصفها طاولة وأمامها التلفاز الكبير الذي من الواضح ان سام قد تركه مفتوحا وهو يضع زر الإيقاف المؤقت لإحدى الألعاب ..
7
نظرت لسام وفي يده ذراع التحكم للعبة وتساءلت بحيرة : لماذا تأخرت إن كنت تلعب هنا !!
+
أجابني باستغراب : ذهبت إلى غرفتي قليلا ، هذا ليس موضوعنا ! ما الذي أتى بكِ فجأة ؟ لماذا لم تخبريني قبل مجيئك ؟ ماذا عن زوجك ؟ هل حدث شيء ما ؟
36
_ أسألك سؤالا واحدا وتجيبني بكم من الأسئلة دفعة واحدة !
+
أضفت وانا اتجه للأريكة : وما الذي سيحدث مثلاً ! إنني هنا لأنني اشتقت للعودة للمنزل ما الخطأ في هذا !
12
_ هاه ؟!
+
أغلق الباب وتقدم ولكنه تعثر بالحقيبة دون أن ينتبه ففقد توازنه وسقط لأنفجر ضاحكة مشيرة إليه بالسخرية : أحمق ..
120
وقف متأوها : اللعنة على حقيبتك !
1
ثم ركلها فامتعضت معترضة : لا تفعل هذا مجدداً !
2
تجاهلني وقفز على الأريكة ذاتها وظل يحدق إلي بعينيه الداكنتين حتى زفرت بملل وقلت ببطء : ما هذه النظرات الآن ! هل حقا لا أستطيع العودة إلى المنزل ! هل هذا ممنوع ؟
+
_ لا أدري ! ليس ممنوعا ولكن أنفي لا يخطئ .. يوجد رائحة غريبة !
48
_ لا يوجد أي رائحة عدى جوربك يا سام .. أردت العودة صدقني !
231
_ وكم يوم ستمكثين هنا حتى تعودين ؟
+
_ يومان على الأغلب ..
112
قلتها لأصمته مؤقتاً واتحاشى أسئلته فنفي برأسه : هذه الحقيبة لا تحوي ملابساً ليومان ، ثم أنتِ لست بحاجة لتجلبيها فخزانتك في الأعلى تكاد تنفجر ، أنتِ تكذبين !
22
_ يا الهي يا سام أنت مزعج جداً ، توقف عن المبالغة في التفكير والتحليل أنت ترهق عقلك دون جدوى !
20
ثم انتزعت جهاز التحكم باللعبة من يده وتظاهرت بالحماس : اريد ان العب قليلاً ..
+
لم أكد ألغي وضع الإيقاف المؤقت والعب لثوان حتى عاود ينتزعه مني وقال بهدوء : ما الذي حدث ؟
17
علمت ان سؤاله بتلك الطريقة يخبرني بطريقة مباشرة بانه لا داعِ للكذب أو التظاهر أمامه .. سام ليس غبيا ليفوته محاولتي الظهور كفتاة عادت بشوق للمنزل وتشعر بالحماس لذلك .. لا يمكنني خداعه أعلم هذا جيداً ولكن لا طاقة لدي تسمح لي بإخباره بما حدث أو حتى التلميح للأمر ..
13
زميت شفتاي أنظر للشاشة لمهية ثم قلت بهدوء : حدث شيء ما بالفعل ولكنني لا أريد التحدث عنه الآن ..
+
شعرت به غارقا في حيرته وبالفعل بادر بالسؤال هامساً : لا تريدين التحدث ؟ ومتى ستفعلين ! حسنا لا بأس لن أجبرك كما تعلمين ولكنني سأكون منصتا ما أن ترغبي في إخباري بما يحدث .. لذا لستِ مرغمة على إختلاق الأعذار أو الكذب ..
55
_ لن أفعل ..
2
ابتسمتُ له مطمئنة فأومأ برأسه يزين ثغره بابتسامة سرعان ما تلاشت وحل مكانها فم ينطق بأسوأ الشتائم عندما عاودت أنتزع الجهاز من يده بقوة بل وأنني بدأت باللعب لأخسر وأجعل جهوده في اللعبة تضيع هباءً مما أغضبه أكثر !
72
بعدها اتجه للمطبخ ليحضر له بعض التسالي والتي لم تكن سوى علبة بسكويت من القمح بالإضافة إلى كوب من العصير ولم يكلف نفسه عناء إحضار شيء لي ، عاد ليجلس بجانبي بينما كنت لا أزال ألعب وأرفض التخلي عن الجهاز حتى تساءلتُ وعيناي تركزان على الشاشة بإندماج : ما الذي فعلته بشأن المعرض ؟
6
أجاب متناولا البسكويت ورافعا كلتا قدميه على الطاولة : الأمور على ما يرام ، إنها مستقرة .. أنظري إلى اليسار سيوجه لك ضربة بالقناص أيتها الغبية ! ها أنتِ ذا تخسرين النقاط .. يوجد جندي من فريق الخصم قد تسلل ! سأقتلك لو خسرتِ ..
110
_ أصمت واتركني ، أنا أحاول التركيز .. سحقا لقد سبقته بالضربة كيف له ان .. آه هذا يستفزني كثيراً !
+
قلتها بغضب لأتبع جملتي بصرخة غاضبة كانت أقل ما اعبر به عن غيضي الشديد بعد أن كدتُ أبلغ مرحلة أبعد في اللعبة !
5
حينها تعالى رنين جرس المنزل فتفاجأت به ينتزع الجهاز من يدي بخفة ويقول بتسلط : افتحي الباب بينما يساعدك اخاك الأكبر على تخطي هذه المرحلة ..
70
اقتربت محاولة أخذ الجهاز معترضة : لم أطلب مساعدتك !
+
ولكنني عجزت أمام قوة إمساكه وتشبث يداه بالجهاز وكأنه ممسك بحبل نجاة وسط أمواج بحر متلاحقة ! وقفت بعد ان اخذت من العلبة التي أحضرها قطعة لأكلها واتجهت فوراً للباب ..
9
عندما فتحته أتى الصوت ذو البحة المميزة متململاً والذي كان صاحبه ينظر للجهة الأخرى متمتماً : أطفال الحي لن يكفوا عن إفساد عشب ذلك الرجل المسكين .. سام اذهب وأخفهم بتصرفاتك الهوجاء لعلهم يحتمون خلف أسوار منازلهم رافضين الخروج ..
176
عندما لم يجد رداً متوقعا مثل كلمة بذيئة أو رد ساخر كما اعتاد من فم سام نظر للأمام بحيرة وحينها اتسعت مقلتيه ولمعتا ببريق أزرق غير مصدق واستقام في وقفته فوراً بعد ان كان يستند بكتفه على طرف المدخل وهمس : شـارلوت !
68
بصراحة لم أكن أريد مقابلة أي شخص لا سيما وأنني لا أزال تحت تأثير صدمة أفعال كريس ولا زال الجرح في قلبي جديدا لم يلتئم بعد ومزاجي لن يحتمل محاولتي للمجاملة ، ولكنني في الواقع تناسيت الأمر ما أن تبسم بسرور واضح ليقول بحماس : متى عدتِ !
40
بادلته الإبتسامة بصدق وأنا أتراجع خطوات للخلف مشيرة له بأن يدخل وأنا أجيب : قبل لحظات فقط .. تفضل .
+
دخل دون تردد وعيناه لم تبتعدا عني وانا أغلق الباب ولا أزال أبتسم له بهدوء ، ليقف ممرراً إحدى يديه على شعره الأشقر بحركة توتر واضحة قائلا : مرحباً بعودتك ! هل تكبدت عناء المواصلات ؟ كان يمكنني جلبك من هناك لو طلبتِ ذلك !
293
_ لا .. لم أتكبد عناء شيء يا جوردن ..
73
أضفت مشيرة إلى سام الذي يلعب : ولكنني منزعجة لضيافة أخي السيئة ، أنظر إليه !
+
ضحك بخفوت : لستِ ضيفة هنا يا شارلوت ..
5
ثم ساد صمت بيننا للحظات وهو ينظر إلي وكأنه يقوم بحياكة سؤال ما في رأسه ، بينما في الوقت آنه رجوت ألا يسألني عن أي شيء متعلق بالمدينة الأخرى لأنه لو كان بيدي لبنيت بيننا وبينها أسواراً متينة وحصن ضخم تعجز القوات العسكرية عن إختراقه ..
50
ولكنه حطم ما رجوته وهو يطرح سؤاله بنبرة استفسار واستغراب واضعا يده اليسرى في جيبه : هل أنتِ في فترة إجازة من العمل ؟!
21
بصراحة لم أعلم بما ينبغي لي قوله ردا على سؤاله لا سيما وأنني لا أريد الكذب عليه ، فلقد مللت من خوض المسرحية الهزلية التي كان بطلها المغوار كريس وضيفة شرفها حمقاء وقعت في حبه وغادرت للتو فقط ململمة بقايا الخيبة وتمنع نفسها من الإنفجار باكية حتى هذه اللحظة ..
52
اجتاحني السرور عندما قاطع سام صمتي هذا وهو ينظر نحونا : جوردن !
2
التفت كلانا نحوه واسرعت استغل الفرصة لأهرب من سؤاله راكضة نحو الأريكة لأنتزع من سام الجهاز وهامسة بصوت لا يسمعه سواه : لقد أنقذتني .. لا أريد الكذب وإختلاق الأعذار مع جوردن ..
22
لم يبدي ردة فعل على ملامحه حتى لا يكون الأمر واضحا لجوردن وإنما قال بإنزعاج ظاهري : كيف تجرؤين !! لقد تعبت في جمع هذه النقاط ..
69
ثم التفت للخلف وقال مشيراً بيده متسائلا : ما الذي تفعله في منزلنا يا صديقي الكريه .؟!
193
سمعت خطوات جوردن تقترب حتى أتبع صوت خطواته نبرته الساخرة : اشتقت إليك فأتيت لأطمئن عليك .. هل تمازحني أم ماذا أيها اللعين ! لقد اتفقنا على الذهاب سوياً الساعة الواحدة مساءاً ولكنك تأخرت وأتيت لألقي عليك نظرة لعلك اقترفت حماقة ذهبت حياتك ضريبة لها ..
37
أضاف يجلس على الأريكة المجاورة لي بشيء من حماسه السابق : انسى الأمر ولنؤجله .
10
ثم تركز إهتمامه علي فتظاهرت بالإندماج باللعب ليقول متجاهلا سام : شارلوت هل كل شيء يسير على ما يرام ؟ لقد أغلقت الهاتف فجأة بالأمس وقلقت حينها ، أرسلت إليك بعض الرسائل ولكنك لم تجيبي !
3
ابتسمت نافية وعيناي لا تزالان تحدقان إلى الشاشة مجيبة : لقد انشغلت قليلاً بأمر مهم ..
+
ثم سبقته في تغيير دفة الحديث : كيف حال السيد أورتن ؟ هل هو بخير ؟
+
_ إنه بخير .. بالمناسبة ما هو إنطباعك عن العمل في المشفـ...
16
قاطع سؤاله المهتم صوت همهمة أطلقها سام ممتعضاً ، والذي لم يكن مرحبا به ليتدخل في نظر جوردن الذي استرقت له نظرة لأجده قد نظر نحو أخي بملل مقلبا عينه ، حتى تحدث سام أخيراً : لنعد بالزمن قبل خمسون ثانية من الآن .. ما الذي قلته بشأن تأجيل الخروج اليوم بحق الإله ! لماذا تتخذ القرار وحدك ؟ امنحني دقيقتان فقط وسأكون جاهزاً ..
213
نفي جوردن بيده وهو يهز رأسه رافضا : انسى الأمر لقد تأخرت عن الوقت المحدد ..
+
وقف سام لا مبالياً وهو يقف بتسلط : كفاك سخفاً وتوقف عن كونك منظما إلى هذه الدرجة نحن لسنا في قاعة دراسية !
3
اقتضب جوردن بشدة : ليس وكأنك كنت ملتزماً في جامعتك قبل أن تتخرج وكأنك شخص نجى من الموت ..
2
عندما وقف سام ليجادله أدركت بأنه سيصعد للأعلى ليغير ملابسه ، ولأنني لا طاقة لي بالفعل للإنفراد مع جوردن وحدنا مجيبة على أسئلته التي أعلم بأنها نابعة من صدق إهتمامه قررت أن أسبق سام وأنا أقول متظاهرة بالتعب محركة رأسي وممرة يدي على عنقي : جوردن ، سام .. أعتقد بأنني سأصعد إلى غرفتي لأرتاح قليلا ..
6
عندما لمعت عينا جوردن بخيبة واضحة استرسلت دون شعور تأثرا بنظراته : ربما سأزورك في المنزل لاحقا يا جوردن ولأطمئن على السيد أورتن كذلك فأنا لم أره منذ مدة ، لذا اعذرني لقد كان الطريق متعبا بعض الشيء ..
81
بدى من الواضح أنه يخفي خيبته ورفضه وهو يبتسم ساندا مرفقه للأمام في جلسة انحناء بسيطة : لا بأس ، بلا شك أنتِ بحاجة للإسترخاء .. زيارتك لنا ستسر أبي كثيراً ..
15
أومأتُ بلطف وتحركت لأصعد بعد ان سحبت حقيبتي وأنا أشعر بأن ترحيبي به كان ثقيلاً جداً وجافا بعض الشيء عن كل مرة ! لا بد وأنه لاحظ هذا وهو يكبت انزعاجه في نفسه مجاملاً لي .. لم أكن أنوي مضايقته ولكن لا حيلة لي فأنا حقاً متعبة جداً مما حدث ..
10
تهاوى على مسامعي صوت سام الذي قال لجوردن بلا اكتراث : لن أتأخر سأغير ملابسي بسرعة ، بالمناسبة يوجد علبة بسكويت وكأس عصير قد انهيتُ نصفه ، يمكنك تسلية نفسك بهما ريثما أنتهي ..
163
سمعت جوردن يقول بإزدراء : نتن ووقح للأبد ..
46
ضحك سام ممازحا : تعلم بأنني أمضيت الأيام السابقة وحدي والمنزل فارغا من كل الأطعمة وأي شكل من أشكال الحياة ، لذا تقبََل هذه الضيافة المتواضعة ..
33
بات الصوت أضعف وأخف تدريجيا وانا اصعد ولكن لم تفتني السخرية التي أطلقها جوردن بصوت عال مغتاض : وكيف كنت تتناول طعامك يا تُرى ؟ تقتات من أخشاب المنزل وحشائش الحي ؟ أوه كيف نسيت ؟ لقد كنت في منزلنا على مدار اثنا عشر ساعة كل يوم لتتناول الغداء والعشاء ..
146
عندما أصدر صوتاً متأوها في نهاية حديثه أدركت أن سام باغته بهجومه بضربة مفاجئة ..
27
ابتسمتُ لإزعاجهما ووقفت أخيراً أنظر لنهاية الدرج التي لم تكن سوى ممر يحوي في جانبه الأيمن غرفتان وفي الأيسر كذلك غرفتان ، فعلى اليمين غرفتي أنا ووالداي بينما على اليسار إيثان وسام .. وبالطبع كانت الغرفة الأكبر من نصيبي أنا الفتاة الوحيدة في هذا المنزل ، بينما الأصغر وبدون تفكير لسام ..
567
اتجهت يمينا لغرفتي التي كان على بابها الأبيض المزركش نقوش زهرية ممزوجة بطلاء أسود رفيع تاركا زينة لزركشة زخارف ورود صغيرة قمتُ بتصميمها وتطبيقها وحدي عندما كنت لا أزال في السابعة عشر من عمري ، رفعت بصري إلى اللوحة المعلقة على الباب والتي كانت مجزئة ، الأولى كُتب عليها " يرجى الإستئذان " أما الموجودة اسفلها والمعلقة بها من الطرفين كُتب عليها " اطرق الباب يا سام " ..
236
خصصت اسمه على اللوحة لأنه الوحيد الذي لا يدرك أداب الحياة عامة والإستئذان خاصة ، فإيثان معتاد على الإستئذان قبل دخوله مع ان سلوكه لا يخلو من قوة فتحه للباب لدرجة أنه في أكثر من مرة تسبب في إفزاعي وكاد يصيبني بسكتة قلبية ولكنه يظل أفضل من سام الذي لم يتعلم في حياته ان يطرق باباً ويستخدم أسلوب المداهمة ..
111
أما والداي فالأمر معهما مختلف تماماً .. فأمي تطرق على الباب بقوة ولكنها تفتح الباب بهدوء تام ، وبالنسبة لأبي فهو لا يكلف نفسه عناء دخول غرفتي لأنه لا يكف عن مناداتي لأذهب إليه بنفسي حتى لو كان هو من يريد مني شيئاً ..
215
ضحكت بشرود للأحاسيس الدافئة التي اجتاحتني لمجرد التفكير بهم ..
+
فتحت باب غرفتي أجر حقيبتي ..
+
أضأت الإنارة التي عرضت لي المكان الذي اشتقت لإحتوائه لي ويدرك بلا شك كم أنا متلهفة لأخطو في ميدانه وعلى كل بقعة فيه مجدداً !
10
اتجهت فورا للنافذة لأفتحها وأزيح الستار الأبيض عنها لأسمح لأشعة الشمس بأن تتفضل للغرفة التي استقبلتها بصدر رحب لتخبرها أنها اشتاقت كذلك لخيوطها الرفيعة التي كنت أعشق تسللها لغرفتي في فترة ما قبل المساء فقط.
12
نظرت من حولي للمكان أتأكد من عدم عبث سام فيه أو التسبب في أي فوضى .. ولكن كل شيء بخير على ما يبدو ..
10
غرفتي بسيطة ولكنها المكان المحظور بالنسبة لي ، فأنا أكره العبث بحاجياتي الخاصة التي أدرك فورا ما ان يلمسها شخص متسلل تاركا فيها بصمته ..
39
تركت الحقيبة وانا اوجه نظري لسريري الذي كان في زاوية الغرفة في يسارها والذي كان فوقه الغطاء الرمادي الداكن الممزوج باللون الأبيض والزهري مشكلا تناغم ألوان جميل ، وفوقه الكثير من الوسائد بأشكال مختلفة ، وكذلك في منتصفه طاولة خشبية مخصصة للحاسوب المحمول الذي كان فوقها مغلقاً وبجانبه مذكرة ملاحظات كنت قد وضعتها بنفسي ..
19
بجانب السرير يوجد المنضدة وإلى جوارها طاولة للدراسة تعتليها الكتب والدفاتر وعدة للكتابة وكذلك مصباح الإنارة الخافتة .
+
جلست على طرف السرير وقد استقرت قدماي على سجادة دائرية كبيرة انتصفت الغرفة ذات وبر أبيض بارز ، ثم نظرت لخزانة ملابسي في نهاية الغرفة مقررة ان أستحم وأغير ملابسي لأريح أعصابي .. ولكنني لم أفعلها مباشرة وإنما فتحت الحاسوب المحمول لأجلس عليه ، كنت قد خططت لأقضي بضعة دقائق ولكن طال الأمر وأمضيت عليه ساعات بدلا من الدقائق التي كنت واثقة بأنها لن تتجاوز العشرون !
125
بعد مرور ساعتين تقريبا أو أكثر لم أنتبه فيها للوقت استسلمت وأغلقت الحاسوب ، وبعدها أدركت أن الأصوات بالأسفل قد اختفت مما يعني أنهما غادراً مسبقاً .. ولهذا أمضيت وقتي في مشاهدة التلفاز وعندما حل المساء أسرعت للإستحمام بماء قد سبق وان حرصت على أن يكون ساخناً ، وعندما خرجت من الحمام قمت بلف المنشفة حول جسدي وأخرى على شعري المبتل وتحركت نحو ملابسي التي جهزتها على السرير ..
39
أغلقت النافذة عندما شعرت ببرودة أطرافي التي إزرقت وكذلك الستائر التي لم يعد لها وظيفة بعد ان رحل قرص الشمس سامحا للبساط الأسود بالتربع على السماء ، ولكن القشعريرة بسبب برودة الجو في الخارج لازالت تسري في جسدي فأسرعت أرتدي ملابسي لأدفِئ نفسي ..
48
كنت جالسة على السرير أجفف شعري وألقي نظرة على الرسائل في هاتفي ..
+
وبعد أن أجبت على بعضها خرجت بنية رؤية بعض المرفقات من الصور والمقاطع في قائمة المستندات وغيرها وحينها تحركت أناملي عن الحركة تماما بل وابتعدت عن شاشة الهاتف وكأنها تعتذر لي لكونها قد أظهرت لي آخر ما أريد رؤيته ..
4
إنها الصورة التي التقطها له وهو نائم عندما رغبت في الأخذ بحقي منه عن طريق الرسم على وجهه وهو مستلقيا كالجثة دون حركة ..
19
لم ترتسم على شفاهي ابتسامة وما شابه لتذكر هذا وإنما وجدت نفسي أهمس بشرود : أيها الحقير .. كيف تظهر وجهك أمامي ببساطة بعد ما فعلته !
148
في لحظة غضب حقيقة رغبت في الضغط على خيار الحذف لأتخلص من الصورة ولكنني توقفت فوراً عندما شعرت بصعوبة في إبصارها !!
4
أدركت أن السبب يعود إلى شلال دموع قد خذلتني وخرجت من وكرها رغماً عنها مفجرة كل ما هو أمامها من عوائق ..
240
انهارت على وجنتاي بغزارة وعيناي لا تزالان تنظران إلى وجهه النائم ..
10
وحينها بكيت ..
17
نعم .. بكيت أخيراً ولم أندم وإنما سمحت لصمت الغرفة وجدرانها بالتخفيف عني قليلا وأنا أبكي بحسرة مكبوتة ولكنني ودون أن أدرك بات الصمت مصحوبا بصوت شهقاتي المستاءة ..
132
أي حب هذا بحق الإله الذي يكسرني ويجبرني على البكاء هكذا ؟!
24
أي مشاعر هذه التي استولت على جوارحي تماما وعكرت مزاجي بشكل كلي بل وقلبت حالي ..!
4
اليس من العدل ان اتجاهله بعد ما فعله ؟ لماذا هذا الظلم إذاً ! ..
+
أفيقي يا أنا .. أفيقي أيتها الغبية ، أنتِ لا تعنين لكريس شيئاً ! ذلك الوغد تركك ترحلين بل وطلب ذلك بنفسه .. ثمَ أليس هذا ما أردته منذ البداية ؟ ألم تتمني الرحيل من جحيمه ؟! فما الذي تفعلينه الآن ببكاؤكِ لأجله ؟
97
حينها همستُ بضعف : كنت ولآخر لحظة آمل أن يوقفني .. ولكنه خذل أخر آمالي ..
60
أدرك جيداً بأنني عاهدت نفسي على نسيانه ولكن اتضح أنني أخلفت بهذا الوعد بل ولم تصدق نفسي رؤية صورة له لتنفجر مثيرة الشفقة لكل الجمادات المحيطة بها ..
+
في النهاية تراجعت عن رغبتي في حذف هذه الصورة وأوهمت نفسي أنني ربما سأحتاجها بطريقة أو بأخرى قريباً ..
44
أغلقت شاشة الهاتف ووقفت لأذهب وأنظر إلى نفسي بالمرآة مجففة شعري بالمجفف ولكن المضحك أنني لازلت أبكي كطفلة حمقاء قد تورد أنفها وأطراف عينيها ..
36
اللعنة عليك يا كريس .. لو كان باستطاعتي للعنتك بالفعل وحولت أيامك إلى جحيم تتعفن فيه لتلفاظ آخر أنفاسك نادماً متحسراً ..
34
زفرت متمنية أن أعود بالزمن للوراء .. ليس لشهر أو إثنان ولا حتى لسنة بل أكثر ..
+
لأعود في تلك الأوقات التي كان البعض يعرض علي المواعدة ولكنني كنت أرفض بحجج وتسويغات لا نهاية لها .
+
ولكن .. عندما أفكر بالأمر بشكل أكثر دقة فأنا لست تلك الفتاة المحظوظة التي لا يتوقف جرس منزلها عن الرنين جالبا خلفه شاب يطلب مواعدتي ..
16
وإنما حظي عاثر سيء ، ففي مرات معدودة كنتُ قد قبلتُ المواعدة بالفعل ولكن أؤلئك الشبان يبتعدون ويختفون تدريجيا واحدا تلو الآخر مما جعلني أيقن بأنه لا حظ يبتسم لي ..
534
بل وأنني قبل أربعة سنوات ظننت لفترة طويلة أن الموقف الذي حدث لي في ذلك الحفل الذي ضمَ الكثير من اصدقائي سيغير مجرى حياتي متأثرة ببضعة روايات عاطفية وحلقات من مسلسلات شاهدتها متأثرة وأنا أستلقي أسفل غطاء سريري .
62
كريس الحثالة الذي ينظر إلي باستصغار وقال ذات مرة بأنه أول من قبلني يجهل بأنه لم يكن أول من يسرق قبلتي الأولى .. إنه يحتقرني إلى هذه الدرجة ..
83
حينها ارتخت ملامحي الغاضبة وانا اعود بذاكرتي لذلك الحفل الذي كنت متعبة فيه بسبب عادتي في عدم القدرة على إحتمال الأجواء الصاخبة ، لم يكن حفلا صاخبا جدا في الحقيقة ولكنه كان مكتظاً .. ولم يكن حفلاً رخيصا في مجرياته وإنما راقياً في منزل كبير في غرب هذه المدينة يبعد من هنا أكثر من نصف ساعة تقريباً .
+
بل وأنني في ذلك اليوم ارتديت أجمل ما لدي وتأنقت بعد ان شجعت نفسي على أنني سأصنع اللقاء الذي سيغير وجهة نظري وأقول حينها بأن الحظ بات يشفق علي أخيراً ..
6
عندما انتابني الصداع في منتصف الحفل انسحبت معتذرة نحو شرفة المنزل الكبيرة والتي كانت مطلة على ارتفاع الهضبة الي يقع فوقها المنزل ، وظننت بأنني بذلك سأحصل على الراحة النفسية وارحم عقلي قليلاً ولكن لم يكن هذا ما حدث ..
+
فلقد اتضح ان الصداع تطور إلى شعور بالإغماء سبقه رؤيتي لكيان يدخل الشرفة التي أقف فيها وحدي تحت ظلمة السماء التي تأنقت بالسواد الحالك المرصع بالنجوم والتي افترشت السماء موطنا لها متوزعة فيه لتنتهز الفرصة وتتنافس كلُ منها بمدى قدرتها على إضفاء لمسة لامعة بنورها الأبيض المتوهج .
23
ولكن تلك الإغماء تركت لي حدثا لا زلت أجهل حقيقته من عدمها ، فأنا لا أدري حقا إن كان ما حدث وهم صنعه رأسي الصغير آنذاك أو حلم يقظة مررت به وصدقته !
7
ففي لحظة كدت أفقد توازني تمسكت بسياج الشرفة لأسمع وقع خطوات خلفي وعندما استدرت اعتذرت عيناي بعدم قدرتها على توفير الصورة الكاملة الواضحة فرأيت ذلك الكيان يقترب مني وبدون سابق إنذار أو كلمة ولو بحرفان حتى ، ليحيط وجهي بكفين دافئتين ويطبق بشفتيه على شفتاي للحظات لا أدري كم دامت لأنني بعدها وجدت نفسي على سريري في المنزل وفوق رأسي والداي وسام وإيثان ..
460
حتى لو كان ما حدث حُلماً فسيظل حلما دافئاً ، ولو كان حقيقة فأنا على أهبة للإستعداد لظهور هذا الكيان في حياتي مجدداً لعله يقتلعني من حفرة وقعت فيها كان من حفرها ذلك الأناني الكريه ..
379
أطلقت صرخة ذعر عندما فُتح الباب فجأة لينتزعني من بحر أفكاري ولأنني تقريبا اعتدت على هذا صرخت بقوة : سام !
7
تلى صرختي رمية قوية لعلبة مغلفة بالقماش والصوف قد رفعتها والقيتها نحوه بغيض فضحك وهو يتفاداها ودخل متسائلا من بين ضحكاته : لما كل هذا الفزع !
1
_ ما المكتوب على باب غرفتي ؟
+
تظاهر بالتفكير ممررا يده في شعره الأسود : يُسمح للأمير النبيل بالدخول في أي وقت .
248
_ هذا الأمير سيُقتل على يداي لو واصل افعاله الوقحة !
3
ثم استدرت مجددا لأسرح شعري وأجففه فتقدم تاركا الباب مفتوحا وقال بهدوء على عكس نبرته المازحة قبل قليل : هل كنتِ تبكين ؟
55
أطلقت زفرة ضيق كفيلة بإجابته فما كان منه سوى ان يضع كلتا يديه بجانبه على السرير مخفضا رأسه لهنينة قبل أن يقول بكلمات بطيئة : تأجيل البوح بما تمرين به فكرة سيئة .. قد تنفجرين في وقت خاطئ تماما تندمين عليه .. وحينها كل ما سترددينه هو " ليتني " .
11
أكملت تسريح شعري وأنا أنظر إليه بعين لم تستطع اخفاء استيائها من خلال المرآة أمامي متمتمة بصوت هادئ : سام .. اكتشفت أنني حمقاء ..
4
_ ما الجديد ؟
370
_ أنا جادة .. اكتشفت أنني حمقاء إلى أقصى درجة قد تتخيلها !
2
ثم تركت المجفف وتركت شعري لأقف مستندة على طرف الطاولة وأنظر إليه بإحباط : أكره الإعتراف بهذا ولكنني كذبت عليك في المرة السابقة ..
+
ارتفع حاجبيه بإستغراب : بشأن ماذا ؟
+
أطبقت فمي لثوان مترددة كثيرا متسائلة ما إن كان علي تفجير الكلمات الآن أو تأجيلها ، ولكن شيء في داخلي كان يرجوني لأخرج ولو جزءاً مما أكبته في نفسي التي تضايقت من زحام المشاعر السلبية ..
+
لذا كان القرار الذي اتخذته هو الإعتراف لسام بكل شيء ..
6
نعم .. كل شيء وبالحرف الواحد لأسرد له كل ما حدث وكأنه عرض لفيلم بكل تفاصيله ..
82
تلى هذا السرد الطويل جملتي الأخيرة وانا أجلس على كرسي الطاولة مطأطأة الرأس : ولهذا كذبت عليك خشية أن تغضب حينها ، كنت أشعر بالفضول لإكتشاف المزيد من نواياه ولكن انتهى الأمر بي كما ترى واقعة في حب هذا الشرير البليد ..
18
لا أدري كم مر من الوقت وأنا انظر للأرض بيأس وأدركت بعدها مستوعبة ان سام لم يعلق بشيء حتى الآن فرفعت رأسي أنظر إليه لأجده يعقد حاجبيه بهدوء وشرود وهو يميل بشفته دلالة عدم الرضى عما سمعه وعندما شعر بي أنظر إليه رفع عيناه الداكنتان وهمس : ماضيه متعلق بوالدينا وإيثان إذاً ، لا عجب أنني شعرت بأن منزله مألوف جداً ..
36
أومأت مؤيدة فأضاف مفكراً : لنترك الغضب لوقت لاحقا فهذه ليست ردة الفعل الأنسب مع أنني مستنكر جداً لما قمتِ به يا شارلوت ، إلا أنني أشعر بالفضول في هذه اللحظة لحقده الغريب تجاه أمي وأبي .. حُلَ الإبهام والغموض الذي كنتِ تشعرين به حول مقته لإيثان ولكنكِ قلت أيضا بأنه بدى لا يزال يكرهه وكأن ما اكتشفه لم يغير في قرارة نفسه أي شيء أو يحرك شعور الندم بداخله ..
28
_ تماماً ..
+
_ هذا يعني أن كرهه لإيثان ليس مسألة متعلقة بما حدث قبل سنوات في الشركة .. يمكنني أن أرى من حديثك كم هو شخص صعب المراس ومتقلب بالفعل يسيطر عليه عناده ..
+
_ أعتقد أن السبب الحقيقي كان في فعلة إيثان ، أخبرتك للتو بأنه تعرض للخيانة ووثق به .. دعك من هذا يا سام وأخبرني ما الذي تتذكره عن زيارتنا لمنزلهم !
+
رفع رأسه للسقف وقد أعادها للخلف قليلا واسند مرفقيه على السرير بدلا من كفيه وظل يقول محاولا التذكر : لا أدري لماذا كنا هناك ، كما أن ذاكرتي لن تسعفني فلقد كنتُ صغيرا حينها .. كل ما أذكره هو أنني وإيثان قضينا ليلة في اللعب مع ذلك الفتى الصغير الذي اتضح أنه على الأغلب زوجك .
92
تمنيت لو اعقب كلمته الأخيرة بـ " السابق" لأن قولها بتلك الطريقة جعل شعورا غريبا وأملا كاذبا أزعجني يسيطر علي ويخرجني مؤقتا من هالة الحديث الجادة ..
31
ولكنني أرغمت نفسي على تجاهل الأمر وأنا أحرك قدماي لأدير الكرسي ( الدائري ) متمتمة : لا يمكنني المخاطرة وسؤال أمي وأبي ، لا يجب أن يعلما شيئاً بخصوص هذا الموضوع كله يا سام .
1
_ ليس وكأنني سأخبرهما ولكن تذكري أنه لا يشترط بالكذب أن يكون ملفوظاً فقط ..
+
عقدت حاجباي باستغراب فوضَح مقصده بجدية : صمتك شكل آخر من أشكال الكذب ، وأنتِ لا تريدين خداعهما بالتأكيد ..
5
أخذت شهيقا عميقا محملا بالهواء و زفرته بقوة لأهز رأسي موافقة على ما يقوله : معك حق ولكنني لن أخبرهما مباشرة .. أريد التريث قليلاً فقط ..
+
بعدها صمت كلانا لمهية حتى اعتدل ليستلقي على بطنه متسائلا بحيرة : لماذا وقعتِ في حبه بالرغم من كل ما فعله وما قاله عن عائلتنا ؟!
133
_ كنتُ سأكون ممتنة لو أخبرتني أنتَ بالسبب .. لا جواب لدي ..
+
أردفت متذكرة أمرا لم أذكره بتفاصيل سردي للأحداث له : بالمناسبة يا سام لدي ما أسألك عنه !
+
_ ماذا .. أعلم بان ثرثرتك لن تنتهي ..
10
أنا لم أذكر له بعض التفاصيل التي فضلت الإحتفاظ بها ولا سيما ما حدث في الأمس عندما عاد ذلك الأناني للمنزل ثملاً ..
17
_ أردتُ أن أسألك عن اللحظات التي يكون الشخص فيها فاقدا لوعيه ومغيبا عن العالم بشكل جزئي ، أقصد .. ما رأيك أنتَ بما قد يتفوه به شخص ثمل ؟ الا ترى بأنه لن يتفوه سوى بكلمات فارغة لا معنى لها ؟ ألن تكون مجرد حروف مبعثرة بلا معنى ؟
14
عقد حاجبيه : حقاً ؟
85
_ أ .. أنا من أسألك هنا !!
+
_ لا أدري ولكن .. لماذا قد يكون كلاماً فارغاً ! في تلك اللحظات لن يستطيع الشخص مقاومة رغباته أو حقيقة ما يكبته في ذاته ! بل أنه سيكون وقتها أصدق من كونه واعياً ومدركا لمحيطه ، أظن بأن ما سيتحدث به لن يكون عبثاً ..
372
أضاف وهو يتقلب على ظهره مفسدا ترتيب سريري : مثل لحظات الجدال تماماً ، كما تعلمين ففي المشاجرات يفصح الطرفين دون قصد عن مشاعرهما الحقيقية متناسيان ضرورة المجاملات .. في النهاية إنها فلسفتي الخاصة ولا أعلم إن كان المغيب عن الوعي سيتفوه بالحقيقة أو بهراء لا معنى له .
28
لماذا يبدو كلامه منطقيا جداً ؟
49
ولكن .. حتى لو كان منطقيا وحتى لو كان الشخص الثمل بالفعل لا يكذب أو يتظاهر فلكل قاعدة شواذ ولا سيما وان هذا الشخص هو كريس ..
24
لن يتفوه بأمور كتلك لي أبداً ، هذه القاعدة لا تنطبق عليه هو ..
23
هذا ما صدقته في قرارة نفسي بل وأيقنت به لأتنهد : لقد تحدثنا كثيراً .. لا تنسي بأنك وعدتني بالإحتفاظ بالأمر سراً عن الجميع ..
+
أومأ رافعا يده مشيرا بلا مبالاة وتثاءب : إنني أفكر بذلك البغيض إيثان الذي أخفى ما حدث معه عنا وكأن شيئاً لم يكن ..
7
_ لا بد وأنه فعل هذا لكي لا نقلق بشأنه .. ولا تنسي أيضا بأنه كان يعمل مع السيد ماكس ويعرف أنه على علاقة ما بوالداي وظل قلقا من كريس طوال الوقت .. أتعتقد بأنه لم يرد لوالداي أن يعلما بأنه على علاقة بوالد كريس ؟
+
_ لا مجال للشك ..
+
_ هذا يعني بأن ثلاثتنا نتشارك حقيقة أن كريس يمقت عائلتنا لسبب ما وعلينا الإحتفاظ بالأمر سراً مؤقتاً .
+
_ دعكِ من كل هذا .. يوجد نقطة أهم غفلتُ هنا ! ما الذي تنوين بفعله بشأنك زواجك منه !
3
_ أ .. !
691
هذا الحرف الوحيد الذي استطاع الهروب من فمي الذي ألجمه سؤاله المفاجئ ذاك !
+
طرفت بعيني ببطء اكرر سؤاله في رأسي مرارا وتكراراً وظل يدور وكأنه ضمن دوامة شرسة ..
2
لا زلت زوجته !! ما الذي سيحدث بعد هذا ! ســ .. سننفصل بالطبع ولكن كيف ؟ ومتى وأين !
+
ما الذي سيحدث لهذا الزواج بحق الإله ؟!
48
هل سيأتي بنفسه مثلا لنوقع رسميا على ورقة الإنفصال ؟ أو انه لن يتنازل وسيكتفي بإرسال ورقة الإنفصال لأوقعها بنفسي ! بل وربما يتمادى ويطلب مني الذهاب بكلتا قدماي وجهدي لأوقع على الورقة ثم انْقَلِعُ مجددا من أمامه لأختفي ، هذا لو كان سيقرر التواجد حتى ..
81
ولكن كل هذه التساؤلات لم تحصل على جواب وظلت مبهمة وتركتني معلقة ..
+
معلقة لأسبوعان كاملان ..
304
نعم ، مرَ أسبوعان منذ تلك الليلة ، أسبوعان أمضيتهما مع سام في الخروج والتنزه وكم بالغت حينها في حماسي وانفعالي وضحكاتي حتى أنه استنكر الأمر كثير ولا بد وأنه أدرك أنها مجرد ضحكات تهرب من حقيقة أن هذه الأيام قد مرت دون أن يتنازل كريس كما رسمت في أحلامي ورأيته فيها يطلب مني العودة مجدداً لأتظاهر حينها بالشموخ والكبرياء وأجيبه بالرفض ليحاول مرة أخرى .. ولكن كل هذه مجرد أوهام .. أوهام وتصورات مثيرة للشفقة بل وأنها ستكون مضحكة لو عُرضت على أحدهم !
194
كنت أبالغ وأزيف ضحكاتي التي تجاوزت المئة مرة في اليوم الواحد ! مخفية خلفها خيبة شديدة قطعت أوصالي بكل شراسة وبكل ما تعنيه الكلمة من معنى .. بل وأنني كنت أكثر من تناول الطعام بشراهة ظننا مني بانه سيسمح لي بتفريغ طاقتي وغضبي ولكن كل ما حدث أنني في إحدى المرات تجاوزت الحدود حتى تقيأتُ كل ما تناولته وأخذني سام للمشفى ..
154
أسبوعان ليست بفترة قليلة ! أدركت حينها أن كريس بالفعل لم يكن ينظر إلي ، ولا أعني له شيء ، ولست سوى مجرد فتاة حاول الإستفادة منها وقد فشل والقى بها بعيدا متجاهلا أنها قد دخلت يوما إلى منزله ..
184
ورفضي لهذه الفكرة جعلني في آخر ثلاثة أيام أضرب عن الطعام ، ليس قصدا مني ولم أتعمد ولكن الشهية كانت معدومة تماما ولم أستطع إرغام نفسي ، شحب وجهي كثيراً واختفت الضحكات المبالغ بها وحل مكانها العبوس الدائم حتى سام فشل في محاولة إقناعي بالخروج الذي كان أولى خططي للهروب في الأيام الأولى ..
30
وها أنا ذا استلقي على سريري على جانبي الأيمن وعيناي شاردتان في المجهول ..
+
اشتقت لضحكات جيمي ، ولشعور الراحة الذي انتابني مع السيدة أولين ، وكذلك حوارات كلوديا وزوجها جوش .. ومرح ستيف الذي اختفى فجأة وبات يعاملني بجفاء لا مبرر واضح له ..
203
لا بد وأن السيد ماكس قد خرج من المشفى .. يا تُرى هل هو بخير ؟ هل صحته في تحسن ؟ أليس غاضبا مني بعدما بحت بما ائتمنني عليه ؟ الأهم من هذا ألم تتوطد علاقته قليلا مع كريس ؟
29
ماذا عن عمل كريس ؟ هل حقق مزيدا من الإنجاز متجاهلا حديث المنافقين من حوله ؟
8
ربما تعدلت الأوضاع بالفعل مع الجميع ، اتضح أنني لم أكن سوى طيف خاطف مر على منزلهم واختفى دون عودة بعد القاء تعويذة تطهير ..
25
أنا لا شيء بالنسبة للشاب الذي احبه .. لا شيء ..
385
لماذا لم تتوقف مشاعري وتستوعب انه لا يوجد جدوى منها طوال هاذان الأسبوعان البطيئان ؟ عليها ان تغادر لم يعد لها مكاناً .
16
ولكننها تتربع على قلبي مستلقية بلا كرامة غير مكترثة بما أعانيه وحدي ..
19
سالت دمعة ساخنة على وجنتي وأحرقتني قبل ان تسقط على الوسادة واحدة تلو الأخرى ..
2
حتى عندما فُتح الباب ليدخل سام بخطى واسعة لم أعره أدنى إهتماما وإنما كنت كالتمثال الأثري الذي مر عليه الدهر ولم يتزعز من مكانه قيد أنملة ..
16
حتى عندما صرخ بحزم واقفا أمامي مباشرة : ألا تعتقدين بأن هذا كافٍ جداً ؟!
82
ولكن كلماته وقعت علي كصوت غير واضح وبعيد أسمعه من أسفل ماء أغرق به ، لم يبدو واضحا جدا بالنسبة لي ولكنه أكمل بصوت أجش : أنظري إلى نفسك .. !! هل أنتِ حقاً شارلوت ؟! لماذا تفعلين كل هذا بنفسك ؟ لأجل شخص اقتحم حياتك وخرج منها ببرود وتركك بلا اكتراث ! هل نسيانه صعب إلى هذه الدرجة ؟!
93
لا زال صوت سام يبدو بعيداً وضعيفا بالنسبة لأذناي اللتان لا تريدان سماع أي شيء ..
1
ولكنني أعلم جيداً بأنه يستهين بالوضع الذي أمر فيه .. ليس وكأنه من السهل نسيان شخص ما ..
139
لو كان سهلاً لما غرقت في هذه المعاناة ..
3
توقف عن كلماته الغاضبة وهو يزفر بغيض شديد وجلس على طرف السرير أمامي لينظر إلى الأمام ..
1
واجهت ظهره ودموعي لا تزال تنساب بغزارة ..
1
ليحني جسده للأمام قليلا وظل ينظر للفراغ قائلاً بهدوء : لقد عهدتك فتاة ذات كبرياء شامخ منذ صغرك ، بل أنه أكثر ما يميزك عن الجميع .. كنتِ ترفضين إظهار ضعفك لنفسك قبل الآخرين ، ولذلك لا أريد تقبل ما أراه الآن .. إذا كنتِ تحبينه إلى هذه الدرجة فهناك دائما حل لكل مشكلة ، وإذا كنتِ تعتقدين بأنه المستحيل العودة إليه فما تفعلينه الآن لن يمنحك أي فائدة على الإطلاق ..
80
خرج صوتي المبحوح بصعوبة : يؤلمني كثيراً أنه لم يظهر نفسه طوال هذه الفترة .. وما يؤلمني أكثر هو عدم قدرتي على تجاهله أو إخراجه من عقلي .. سام هل سيستمر الوضع طويلاً ؟
30
التفت نحوي بوجه محبط ليتمتم ممازحا : سيستمر لو بقيت على وضعكِ هذا ! ولذلك عليك النهوض قليلا والوقوف على قدميك .. لو أردتِ مني الذهاب إليه لأوسعه ضرباً فسأفعل !
152
_ أخشى أنكَ من سيعود برضوض وكسور تملؤ وجهك ..
238
_ ماذا ! هل هو قوي إلى هذه الدرجة ؟
44
_ بل يرفض أن يتعرض لأي إهانة كانت .. سيتحول فوراً إلى وحش وينقض عليك بلا شك ولكنني لا أرفض اقتراح إوساعه ضربا لو كان هذا سيشفي غلي ..
1
_ شارلوت .. لازلتِ في الحادية والعشرون فقط ، لا زال أمامك طريق طويل جداً ! وكريس ربما مجرد تجربة لتتعلمي منها وحسب !
31
_ يوجد تجارب نخوضها ولا نخرج منها .. كريس إحداها ..
77
أطلق تنهيدة عميقة وعاود ينظر للأمام قائلاً بنفاذ صبر : هل أنتِ راضية بحالتك هذه ؟ أخبريني إذاً ما الذي تخططين لفعله الآن وقد علمتِ بأنك لا تعنين له أي شيء ؟
18
أحرقتني وحطمتني جملته الأخيرة كثيراً ! أدرك الواقع ولكن لم يكن عليه قول هذا مباشرة لي !
4
وجدت نفسي اهمس بتعب وشحوب مغمضة عيناي : أخرج من الغرفة يا سام .. اتركني وحدي رجاءً .
+
ولكنه وقف محركا يديه دلالة الغضب وهو يقول بصوت حاد : أفيقي !! أنتِ تجُرين نفسك إلى الهاوية ، هل يعجبك مظهركِ وشحوبك هذا كما لو كنتِ جثة عادت للحياة ! لقد اتصل أبي وأمي ، قالا بأنهما قد يعودان خلال يومان ولو أظهرت نفسكِ بهيئتك المريبة هذه فسيقلقا كثيرا وستكونين من كشف سرك بنفسك ولن أرغب في سماع كلمة لوم أو بكاؤك وإعتراضك ..
96
عضيت على شفتي أقمع غضبي جاهدة ولكنه تفجر بقوة عندما اعتدلت لأجلس على السرير صائحة بسخط من بين دموعي : لماذا علي أن أذرف الدموع على ذلك الحثالة بينما لا يكترث بي ، لماذا وقعت في حبه مقابل مقته لي ؟ وإن كان يكرهني فلماذا لا زلت حمقاء لأفكر به طوال الوقت ؟! هل تعتقد بأنني لم أحاول ؟ لقد كتمت مشاعري وخيبتي ولكنني لم أعد أحتمل أكثر ! إن كان هذا هو ما يعنيه الوقوع في الحب فلا أريده ولن أتمناه مرة أخرى طالما حييت ! فقط ليخرج من رأسي ويريحني قبل أن أفقد عقلي ! بل كلما حاولت نسيان إسمه أجد عقبة أمامي ! هل تعلم كم مرة سمعتُ فيها اسمه لأشخاص مختلفين على التلفاز بحق الإله ؟ المطرب كريس باولو ، المجرم الهارب كريس جيفري واللعين الطاهي كريس ماثيو وحتى الطفل الموهوب كريس ديفيد ! اللعنة عليهم جميعهم !، ما الذي يحدث بحق الإله هل يتعمد إظهار نفسه أمامي في كل مكان أم ماذا !
421
صرخت بجملتي الأخيرة بانفعال وبكاء أقوى فاقترب بحركة سريعة غاضبة وهو يمسك بذراعي بحزم : ولأنه يكرهك فهو مستعد ليسرف ما لديه من مال ويقدم كل ما يملكه من ثروة ليرى منظرك الضعيف هذا ولن يمانع بِدء سبق صحفي ليفتخر ، بل سيكون سعيداً عندما يجدك محطمة متلهفة له أيتها الغبية ! أين كبرياؤك يا فتاة ! أين ذهب ذلك الشموخ الذي عُرفت به ؟ عودي إلى رشدك أنتِ لست بهذا الضعف .. أنتِ أقوى بكثير من اختباؤك في المنزل وانتحابك على ذلك الثري الماكر .. لو كنتِ شارلوت حقاً فستبتسمين وترفعين رأسكِ قائلة ببحتك المغرورة " فليذهب إلى الجحيم هو لا يستحقني " ..
292
اتسعت عيناي الدامعتان وارتجفت شفتاي إثر قوله ! شيء غريب في داخلي يصرخ ويقول لي انصتِ إلى سام بكل جوارحك وتخلصي من السواد المحيط بك !
65
ترك ذراعي ورفع سبابته أمام وجهي بهدوء وتحذير يجوبه رجاء : أنصتِ واعقلي .. قد تقعين في الخيبة بسبب شخص لأنكِ أملٌ لشخص آخر ، هل تفهمين ؟ .. القدر موهوب في حملنا من موقع لآخر فإياك وتعليق هذه الحياة بأكملها على كريس لو كنتِ تأملين أن تخرجي من هذا البؤس .. وإن كان إخراجه من عقلك وانتزاع كل ما يتعلق به من ذاكرتك شاقاً فاتركي الأمور كما هي للوقت ولكن توقفي عن هذا الإنتحار الغبي ولا تهدري قيمة حياتك ..
88
تقوست شفتاي للأسفل بحزن وعقدت حاجباي بلا حيلة ولكنني أومأت له برأسي إيجاباً ليردف : دعي الوقت يحكم يا شارلوت إن كان قدرك مع كريس أو أنه أراد أن يجعلك تخوضين هذه التجربة معه لتتعلمي منها شيئاً وتخرجي منها بفائدة ..
19
كنت أهز رأسي موافقة مرارا وتكرارا محاولة التوقف عن ذرف الدموع التي بدت وكأنها تستغل هذه الفرصة التي انتظرتها منذ وقت طويل ..
4
تنهَد بعمق وابتسم دونما تعليق ، إنه محق .. ربما سأترك الأمر للوقت لعله يكون الأكثر حكمة في صنع مسار الأحداث ..
+
سأحاول ..
3
لأجلي قبل كل شيء .. فأنا لا أستحق كل هذا التعذيب النفسي البطيء .. ولأنجح في هذا علي أن أتخذ الخطوة فوراً عوضا عن تأجيله أو التحدث بلا تطبيق ..
+
ولهذا رسمت على ثغري ابتسامة مصحوبة بارتجاف شفتي دلالة على محاولتي الجاهدة في التوقف عن البكاء ..
23
بعد ساعتين أو أكثر كنتُ قد هدأت بالفعل وجلست في غرفة الجلوس أشاهد التلفاز وفي الوقت آنه أنظر لهاتفي بينما سام المنهمك والذي كان يجلس على الأرضية واضعا أمامه الحاسوب المحمول الموصول بآلة التصوير ، وبجانبه عشرات الصور التي التقطها وكذلك طبق وُضع فيه الفُشار وكوب عصير البرتقال وعيناه لا ترى سوى شاشة حاسوبه بإندماج وتركيز مسببا فوضى لأرضية غرفة الجلوس .
+
كانت عيناي معلقتان على شاشة الهاتف وانا اتساءل بملل : يوجد الكثير من الأغراض التي تنقص المطبخ لماذا لم تشتريها مسبقاً ! ؟
+
أجابني وهو يعقد جاجبيه عاكفاً بالنظر للصور : كنت أتناول الطعام في منزل جوردن حتى لا أكلف نفسي عناء شراء شيء أو الطهي وإهدار الوقت .. من الجيد أنكِ ذكرتِ هذا لماذا لا تذهبي لشراء ما يلزم ؟
84
_ سأفعل هذا بالطبع فلا يوجد ما أُعِد به العشاء ، كما أن أمي ستغضب لو رأت المطبخ فارغاً ..
10
ثم نظرت لساعة الهاتف لأجدها تشير للحادية عشر ، وبذلك غيرت ملابسي وارتديت ما يدفئني لألف الوشاح حول عنقي واخذ حقيبتي وأخرج بعد ان سمعت جملة سام : ربما سأخرج خلال لحظات هذا يعتمد على انتظاري لردٍ من شخص ما ..
452
ها أنا ذا اتسوق دافعة العربة التي أضع فيها المشتريات اللازمة والناقصة ، وبينما أنا كذلك كنت أفكر فيما لم أقم بشراؤه وانا أنظر للعربة مقيمة الوضع ..
+
حتى أدركت ما أحتاجه وغيرت وجهتي للقسم الآخر ، بحثت عما أريده وعندما التقطته عيناي تحركت نحوه ورفعت جسدي محاولة الوصول إليه ولكن الأمر كان صعبا نظرا لوجوده في رف عالي ..
140
نظرت من حولي لعلي أجد أحد الموظفين العاملين هنا ولكنني لم أجد ، وهذا ما دفعني لمحاولة رفع جسدي مرارا وتكرارا لأحضر العلبة ، ولكنني فشلت في الحصول عليها !
+
وعندما كدتُ أستسلم لمحت يدا تمتد امامي لتحضر العلبة فقلت مبتسمة فوراً : شكرا جـزيـلاً ..
2
تناولت العلبة منه ونظرت إلى من قدم يد العون بإمتنان ، ولكنني تسمرت للحظة في مكاني بدهشة وقد شعرت أن الزمن قد توقف لأقل من مهية قبل أن أهمس بعدم تصديق : م .. ما الذي تفعله هنا !!
182
حدق إلي بصمت ثم نظر للعربة وعاود يرمقني وهو يطرف بعينه بسرعة فتداركت الأمر قائلة بسعادة ودون شعور : لم أتوقع رؤيتك هنا ! ما الذي تفعله في هذه المدينة ؟!!
98
بلل شفتيه بحركة سريعة ثم تمتم على مضض وكأنه ينتزع الحروف انتزاعاً : مجرد زيارة ..
50
أضاف : كيف حالك ؟
+
_ أ .. أنا بخير ! ماذا عنك ؟
+
قطب جبينه وظهر الإعتراض الشديد على وجهه وكأنني قلت أمراً لم يعجبه !
1
ثم أجاب متهكماً : وكيف ستظنينني يا شارلوت ؟
15
رفعت حاجباي بعدم فهم ولا أزال مبتسمة وعندما لم يقل شيء وضعت العلبة في سلة المشتريات بحيرة من أمري حتى سأل باستنكار : ألن تسأليني عن أي شيء ؟ ستفضلين الصمت ؟!
+
نظرت له بجدية ثم أجبته بهدوء تام : لقد حذرتني من التدخل في أمورك ، ألا تذكر؟
45
أكملت وأنا أدفع العربة بهدوء : وأنا عند وعدي يا ستيف .. لن أتخطى الحدود التي رسمتها بنفسك ..
254
امتعض وجهه ووضع يديه في جيبه ليقول بصوت خافت وهو يمشي بجانبي : هلا تحدثنا قليلا ؟
6
_ لا بأس ! هل تفضل أن أدعوك إلى منزلي ؟
+
_ لا مانع لدي ..
102
عندما خرجنا من المتجر كان يحمل بعض الأكياس عني ، ونمشي بصمت دون أن نقول شيء ! ولأن مركز التسوق قريب من منزلي ففضلتُ أن نكمل طريقنا سيرا على الأقدام فالأغراض التي قمت بشرائها كذلك ليست ثقيلة .. بل أنني لا أدري إن كانت ثقيلة أو لا فلقد كنت أسيرة أفكاري وحيرتي تجاه وجود ستيف هنا !! لماذا أتى يا ترى ؟ وهل هو وحده هنا ؟ وكيف علِم بمكاني ؟ ربما سأل السيد مايكل عن العنوان ..
16
عندما وصلت للمنزل أشرت برأسي نحو المكان : لقد وصلنا ..
+
تبعني بصمت وصعدنا الدرجات الصغيرة لأفتح الباب مبتسمة بهدوء : تفضل ..
+
دخل ينظر للمكان بعين هادئة فأشرت له أن يجلس في غرفة الجلوس ريثما أذهب للمطبخ لأضع المشتريات البسيطة على طاولة التحضير وأسرعت أحضر كوب بغية سكب العصير لستيف ولكن عندما اتجهت نحو الثلاجة رأيت ورقة معلقة وكُتب عليها ( لن أتأخر ، ساعة على الأكثر ) ..
51
عدت لغرفة المعيشة ممسكة بالعصير ووضعته أمامه على الطاولة ، كان يجلس يسند مرفقيه للأمام وينحني محدقا إلى الفراغ بشرود فلم ينتبه لي ، ولكنني تنحنحت مصدرة صوت لأضع بصمة تواجدي فانتبه وقال باستغراب : يبدو المنزل خاليا !
+
_ والداي في نزهة لا أدري متى ستنتهي ، وأخي خرج للتو فقط ، والآخر يعمل في مدينة بعيدة ..
+
أومأ برأسه بفهم ، فجلست بجانبه متسائلة بلهفة : كيف حال جيمي ؟ هل هو بخير ؟!
1
نظر إلي بنظرات غريبة وظهر في ملامحه المعنى الحقيقي للعتاب واللوم !! ثم عاود ينظر للأمام وقد زفر زفرة عميقة متهكمة : وتسألين سؤالاً كهذا ؟! وكيف سيكون برأيك ؟ إنه لا يكف عن البكاء ، يستمر في ترديد " أريد أمي " في كل وقت ، يبدو حزينا جداً لتركك له ..
335
_ أوه ! يا الهي ..
24
همست بذلك بإستياء مطأطأة الرأس وانا اتخيل كيف يبدو جيمي متحابقا علي وغضباناً .. ليس في يدي حيلة فأنا أيضا مشتاقة إليه جداً ..
10
عقد حاجبيه واعتدل في جلسته متسائلاً بإنزعاج وهو ينفي برأسه بعدم رضى : لماذا فعلتِ هذا ؟ لماذا رحلت بهذه الطريقة ؟! كيف آلت الأمور إلى هذا المنحنى بينك وبين كريس !
10
تنهدت وانا اتكتف بشيء من اللامبالاة المزيفة وقلت : ستيف ، انتهى كل شيء ، كما سمعتَ بنفسك هذا الزواج لم يكن جدياً منذ البداية وكان سينتهي عاجلا أم آجلا ولا داعي لـ..
+
_انتهى ؟
+
أردف بنفاذ صبر : ما هذا الهراء الذي أسمعه ؟
+
_ هـ .. هراء !!
+
_ لم أقطع كل هذه المسافة لأسمع كلام فارغ ، لقد رحلت دون قول شيء وتجاهلتِ الجميع ، هل هذه مزحة أم ماذا ؟! وتقولين الآن بأن الزواج قد انتهى ، أيُ لعبة سخيفة هذه !
48
_ عليك ان تفهم ! مكاني ليس معكم هناك ، كل شيء منذ البداية كان تهوراً مني ومن قرارات كريس ولكننا الآن نحل المشكلة بالإنفصال الذي كان ضروري ، الأمر واضح جدا كما ترى ولا داعي للتعقيد ..
+
_ بل مبهم إلى حد كبير ، لا تتفوهي بأمور كهذه !
11
_ أي أمور تحديدا ؟!
+
_ بأنه لا يوجد لكِ مكان بيننا ! لا تختلقي الأعذار لقد تركتنا يا شارلوت ! لماذا هربتِ ؟
27
_ الا تفرق بين الهروب والعودة ؟
7
_ لا يهم ! لا أرى سوى أنك هربتِ متجاهلة الجميع وتاركة كل شيء خلفك ، ولا سيما مئات علامات الاستفهام والتعجب فوق رؤوسنا ، بماذا تبررين رحيلك ؟ بأن زواجك من كريس كان عبثاً وانه طلبكِ للزواج لأجل مصلحة منفعة بينكما ؟ أنا لا أنكر بأنني شعرت منذ البداية باستنكار وعدم اقتناع بهذا الزواج ولكنني أرفض تماما ما يحدث الآن ولا أريد سماع هذا التبرير الغير منطقي !
+
_ لست مجبرة على تبرير ما حدث ، لما لا يخبرك إبن خالك بنفسه ؟ أوليس الرأس المدبر لكل شيء ؟ ربما لديه أسلوب أفضل في توضيح ما حدث ..
15
_ أنا أوجه السؤال ذاته لكما لعلني أجد الإجابة !
1
_ وما الفرق إذاَ !
+
امتعض وجهه كثيرا وزاد غضبه محركا يده في الهواء بنفاذ صبر : ليكن في علمكِ أننا لم نرى كريس منذ مغادرتك ، مرَ هاذان الأسبوعان وهو ينفرد بنفسه في منزله ، يذهب للعمل ويقابل أبي هناك فقط وقد حاول مرارا وتكرارا إقناعه بالعودة ولكنه يتهرب من أسئلته بل ويجيب بكل برود بأن مكانه في منزله على الشاطئ ، هل تعلمين بأنكما سببتما زوبعة صامتة في المنزل !! الجميع في حيرة وتشتت ! حتى جيمي مستاء كثيرا وهو يجد نفسه ضحية لأحمقان مثلكما ! ما ذنب المسكين في هذه المسرحية المبتذلة التي تؤديانها !
311
رددت بعدم استيعاب : لم تراه لأسبوعان ! هل تقول بأنه ترك جيمي طوال هذه الفترة ؟ أخبرني بأنك تمزح !!
5
_ هل تعتقدين بأنني في مزاج يسمح لي بإلقاء الطُرف بحق الإله يا شارلوت !!
8
ثم اخذ شهيقا عميقا وجذب إحدى وسادات الأريكة الصغيرة ليضعها في حجره وقال بصوت جمع بين الحدة والإحباط : لماذا فعلتما هذا ! ألم يعلم كلاكما بأن جيمي بحاجة إلى أم و سيتعلق بكِ ؟ ألم تعلمي بأن أمي سترهق نفسها بالتفكير طوال الوقت بالعرض الرائع والدرامي اللذي قدمتماه ! لطالما تساءلتُ عن سبب زواج كريس المفاجئ ورأيته اعتداءً على قيم العائلة في المشورة والمناقشة ولكنني تجاوزت الأمر كثيرا عندما رأيتُ شخصيتك وطباعك وقلت في نفسي لعله السبب في ان يقوم ابن خالي في اختيارها ولكنك شتتني كثيراً الآن !! كيف سولت لكما نفسكما بفعل هذا بنا ؟!
35
صمت لهنينة قبل أن يكمل مشيحا بوجهه بحنق وهو يبتسم بسخرية : أكره الإعتراف بهذا ولكن بسبب فعلتكما فكرت قليلاً بأنكِ لم تحبي جيمي منذ البداية .. ولكنني تراجعت فوراً عن هذه الأفكار التي قلت لعلني أفتري عليكِ ظلما فيها وأنا أتذكر الأوقات التي أمضيتها معه وبدوت سعيدة فيها ، بل وكنتِ مهتمة به وبدوت كأم حقيقية بالنسبة له .. أريحيني إذاً وأخرجيني من دوامة الأفكار السوداء !
5
هزت كلماته شيء في داخلي كان قد نام بعمق اليوم بعد ما قاله سام وبعد ما أشعله من تحفيز لأغلق باب الشوق والألم في قلبي .. ولكن ستيف يفسد كل شيء بما يقوله الآن .. إنه يهدم ما نجحت في تحقيقه قبل ساعات فقط ! لقد صبرت أسبوعان واحتملت ما أكبته في نفسي لأصل إلى نتيجة انتزاعي مما كدتُ أغرق فيه من بؤس وليس ليأتي ستيف بكل بساطة الآن ويأتي ليرفع الردم الذي أخفيت تحته جروحي ورغباتي !
54
علي أن أهرب من هذا الجدال فأنا أدرى إلى أي نتيجة قد يؤدي .. إنني الآن أحارب نفسي قبل أن أحارب المحيط الخارجي ، ولأنجح في هذه الحرب علي أن أسيطر على ما يكمن بداخلي من ضعف ثم أكون جاهزة لأي دخيل في محيطي الذي ينبغي أن يعود إلى ما كان عليه .. قبل أن ألتقي بذلك الوغد كريس ..
4
ولهذا ضممتُ كفاي إلى بعضهما وبدوت جادة وأنا أتملص من الموضوع : غريبٌ أمرك ، أنت تلومني وتوجه الأسئلة نحوي ملتوياً حول كل كلمة أتفوه بها ، الست منزعج من تدخلي في كل شيء كما قلت ؟ هاه ؟ لقد رحلت وها أنا بعيدة عن الجميع فلتنعم بحياة هادئة يا ستيف !
2
نظر إلي وكأنه على استعداد للرد فظهر السخط على وجهه ورمقته بإنفعال حاولت إخماده : لقد بنيت حواجزاً بيننا ولن أتسلقها أو ألقي نظرة على ما تخفيه خلفها ولكن لا تضعني في الموقع الذي يحلو لك كما لو كنت قطعة على لوح شطرنج تحركها كيفما تشاء ! ألا تدري كم كنتُ أفكر وألوم نفسي متسائلة إن فعلت لك أمرا قد ازعجك ! وها أنا ذا احتمل تقلباتك التي تبدو مثل كريس تماماً !
19
_ على رسلك لا داعي لكل هذا الغضب !
50
قالها مهدئا باستغراب وظهر التوجس على ملامحه قليلاً ، انتبهت لنبرتي الغاضبة واسرعت ابعد وجهي وامرر يدي في شعري ثم اعيد الخصلات المتمردة خلف اذني هامسة بإنزعاج : لم أقصد التحدث بهذه الطريقة ..
4
أردفتُ بإعتراض : ستيف أنت شخص جيد ، مرح ولطيف وهذا ما جعلني أتعلق بك انت ايضا في حين كنتُ أحتضر مللاً وكللاً ، ولكنك انقلبت فجأة إلى شخص آخر ! وكأن الأرض انشقت بيننا مسببة شرخاً عميقاً ليبقي مسافة كبيرة بيننا دون سابق إنذار ! ما الذي أخطأتُ به وما الذي أزعجك إلى هذه الدرجة ! لماذا لا تخبرني وتـــ..
+
_ انت لم تخطئي في شيء ! ولم تتدخلي في أمر ما ، الأمر فقط بانني ارتكبت حماقة ولن أغفر لنفسي و ..
216
صمت بعد ان تلعثم وفجر تلك الكلمات بإنزعاج فنظرت له بعدم فهم : عن أي حماقة تتحدث ؟
+
_ انسي الأمر ..
+
_ قله فقط ! سأسمعك ..
+
_ لم يعد مهما ..
+
_ ما الأمر يا ستيف ؟
+
_ لا شيء !
+
_ توقف عن هذا ، ما الذي أردت قوله ؟ سأصغي إليك يمكنك قول ما تريد ! ..
44
_ قلت لك إنسي الأمر وحسب !
+
قالها بنفاذ صبر يجوبه حزم ، لماذا تراجع عما كان سيقوله ! ما الذي كان على لسانه ؟
+
لقد بدأت أشك كثيراً ! هل هناك ما يخفيه ستيف مثلاً ؟ أو ربما بالفعل اتركبتُ أنا أمرا لا تدركه ذاكرتي ولا يفقهه عقلي ! لقد بدأت أقلق وأوجس في نفسي خيفة !
+
وهذا ما أعطي لي دفعة قوية لأقول بعناد محدقة إليه بتركيز : هل أنت خائف ؟
+
_ أخاف من ماذا تحديدا ؟
+
_ من ردة فعلي مثلا !
+
_ كفاك سخفا يا شارلوت ، أنا لا أمانع في قول أي شيء وليس هناك ما يجعلني أتردد ..
+
_ ما المشكلة إذا ! ما الذي يمنعك ؟!
+
_ أخبرتك للتو لم يعد مهما ، إنسيه وحسب لماذا أنتِ عنيدة هكذا ! ..
+
_ أنت بالفعل خائف ! لا أحد هنا سينصت إليك سواي لذا لا داع لكل هذا الحذر وتحدث بثقة!
17
قلتها محاولة استفزازه واشعال شرارة أحرق فيها أعصابه ، فقال وقد بدأ يثور بالفعل : لست كذلك !
2
_ اعترف فقط ! يمكنني مساعدتك لو كان هناك ما تخشاه ! ولكن لا داع للإختباء خلف قناع القوة الغريب هذا ، واضح بأنك تحاول الـ..
6
_ اللعنة ! قلت لك لست كذلك ، ومما سأخاف بحق الجحيم وما المشكلة أصلاً عندما أقول بأنني أحببت زوجة إبن خالي و ..
1.4K
بعد جملته هذا لم يحدث سوى أمر واحد ..
+
تبادل النظرات المندهشة مقابل النادمة التي يرمقني فيها بل ويلومني لإرغامي على سحب الكلمات منه !
4
هل قال .. أحببت زوجة إبن .. خالي ؟
102
شعرت للحظة بأن دهشتي ستتسبب في خروج عيناي من مكانهما ! بل وأني شعرت بحرقة فيهما فأدركت بأن الذهول كان سببا في منع جفناي من أخذ قسطا للراحة لتتعرض عيناي للهواء بقسوة ، فأغمضتها مؤقتا وبعدها شعرت بأنني لا أرغب في ففتحهما مجدداً !
1
قال ذلك بالفعل !!
+
أ .. أنا عاجزة عن التفكير ، جف حلقي وشُل عقلي تماماً ! الن يقول بأنها مزحة ؟ اعتدت منه المرح والسخرية فلماذا لم يقل حتى الآن بأنه يكذب ؟! حتى لو كان محقاً .. فمتى حدث هذا !!
41
في النهاية سيطرت على نفسي وفتحت عيناي أنظر إليه فوجدته مشيحا لوجهه في الجهة الأخرى ويسند رأسه بين كفيه .. حتى سمعته يهمس بأسى : الفضل لكِ .. ها قد أجبرتني على ارتكاب أكبر خطأ ممكن .. لماذا ارغمتني على التفوه بهذه الحماقة .. هل أنتِ راضية الآن ! هل انتصرتِ في حرب الكلمات ؟
49
_ ستيف ..
1
همست بإسمه ولم أستطع منع نفسي من الشعور بالضيق والإنزعاج لأجله !! صوته قد تخلله الكثير من المرارة والأسف .. ليتني لم أعلم بأمر كهذا !!
55
حينها افترش الصمت بساطه ليأخذ وضعية الإستقرار في المكان ، ولا أدري حقاً كم مر من الوقت وكلانا يلتزم الهدوء أو ينتظر الآخر ليتحدث ..
+
شعرت بالهواء في المكان قد بات ثقيلا ، والوقت بطيء ، والدماء تندفع إلى وجهي رغما عني كلما فكرت بكلماته وشعرت بالإحراج ..
6
أنا لست أبالغ ، إنه الإعتراف الأول الذي أسمعه طوال حياتي ! نعم .. طوال هذه الإحدى وعشرون سنة لم أسمع كلمة كهذه من شخص ما سوى عائلتي .. وهذا ما جعلني أشعر بالتوتر قليلاً حتى انتفضت عندما أتى صوته هادئاً : لا بد وأنكِ تتساءلين في نفسك ، متى حدث هذا بل وكيف .. أنا أيضا لا أدري! بل وأنني تمنيت الموت عندما أدركت حقيقة مشاعري .. أدركتها وتفهمتها عندما نفسي تنفر من حقيقة كونك أنتِ وكريس زوجان ! تفاجأت مما أفكر به وتجاهلت الأمر جاهداً .. ولكنني كنت أنجذب إليك في كل مرة حتى ضقت ذرعا من نفسي وتقبلت الواقع بعد أن كنت انكره .. ظننت في البداية بأنه مجرد شعور إعجاب وسيزول مع الوقت ولكن الأمر قد تطور عندما ظل قلبي يخفق كلما رأيتك تبتسمين أو حتى تعبسين ، وجدت نفسي مرغما على قبول الواقع الذي ينص على أنني وبحقارتي هذه قد اعجبت بزوجة كريس ! ، كان الأمر صعبا في كل مرة أتذكر فيها بأنك له ، بأنك زوجته ، بأنك زوجة إبن خالي الوحيد ! وحينها أدركت بأنه لا فائدة من شعوري نحوك ، فلجأت لتجاهلك ومعاملتك بتلك الطريقة المستفزة السيئة ، حاولت أن أخدع نفسي قائلا بأنني بهذه الطريقة سأكرهك ولكن اتضح بأنني كنت أحاول إقناع نفسي فقط .. لم أكن أعلم أن الكذب على نفسي سيظهرني بصورة الأحمق طوال الوقت !
331
أضاف : ذلك اليوم عندما أتيتي إلي متسائلة عن سبب انزعاجي وانتِ تلحين ، وعدتني بعدم التدخل وبدوتِ متضايقة بالرغم من أنك ابتسمت لي ، كرهت نفسي كثيرا ذلك الوقت وشعرت بأنني الأسوأ ! لقد حملتك ذنب لم ترتكبيه و .. يالهي .. يا لي من أحمق !
49
كنت مازلت أردد كلماته في عقلي بدهشة ..
+
وامسكت بالوسادة بقوة متحاشية النظر إليه !
+
غير معقول !!
+
أريد أن أكذب أذناي ولكن !
+
تقوست شفتاي رغما عني بإستياء ، وأدركت أنني في هذه اللحظة لم أشعر بالإندهاش بقدر شعوري بالضيق والإحباط !!
+
فحالة ستيف حقاً صعبة ! لا بد وأن ما يمر فيه قاسي .. أن يفكر بي بتلك الطريقة وأنا أكون زوجة كريس الذي يعتبره أخاه الأكبر وابن خاله الوحيد .. أعلم بأن الأمر صعب !!
55
ولكنني لن أنكر بأن كلماته قد أسعدتني وقد شعرت للمرة الأولى في حياتي بأن شخص ما قد نظر إلي بهذا المنظور الخاص وحدثني به بشكل مباشر ..
307
عملت جاهدة لأخفف من إرتباكي ونظرت نحوه بتردد : ستيف ! أنا .. حسنا الأمر بأنك .. ربما !
+
تلعثمت كثيرا محاولة انتقاء كلمات مناسبة مواسية ولكنه فاجأني بضحكه فجأه ليقول من بين ضحكاته بسخرية : ما خطبك أيتها الحمقاء ؟
24
أضاف وقد عاد للضحك بخفوت : هل تحاولين مواساتي ! لست بحاجة لأمر كهذا .. فالواقِع يقول بأنك من تحتاج إلى المواساة وليس أنا .. أنظري إليك ! هل أنتِ حقا شارلوت !!
54
أضاف بعدم تصديق وكأنه تحول لشخص آخر : ليتك ترين وجهك الشاحب والهالات السوداء حول عيناك ! بل والهالة الغريبة التي تحيط بك !
9
_ ستيف !
1
قلتها بحيرة ولا أزال في وضع الإستياء لأجله ، فزفر : شارلوت المسألة بسيطة جدا ولا تحتاج لتعقيد ، كل ما في الأمر بأنني سأتناسى الوضع تماما خلال أيام .. سهل جدا !
128
لو كان سهلا لنسيت انا كريس ! لو كان سهلاً كما يقول لما سهرت الأيام الماضية أعاني من أحلام اليقظة الغبية الحالمة و لما تعذبت هكذا ! ولهذا أفهم ما يمر به ستيف وإن حاول إخفاءه ، و لا أعلم لماذا أشعر بالذنب تجاهه !..
9
إنه يتظاهر بأنه لم يعد يهتم وأعرف شعوره هذا جيدا لأنني أتقمصه جيدا بشأن كريس !
3
ابتسمت بلطف واخفيت استيائي وقلت : وأنا أيضا أحبك يا ستيف ، فأنت صديق وأخ متهور ومرح ودائما ما يضيف الأجواء السعيدة من حوله ! أحب مرحك وابتسامتك حقا ، أنت شخص رائع وطيب .. و .. أنتَ محق فيما يتعلق بأمر هذه المشاعر .. عليك أن تنسى الأمر وتتجاهله .. لن أتفاخر وأقول بأنه سيكون صعبا ولكنني لن أتظاهر بأن الأمر سهل .. أنا .. آسفة لا أعلم ما علي قوله في لحظات كهذه !
146
لوى شفته ساخرا وابتسم ابتسامة مضمرة هادئة ، ثم سرعان ما قال بجدية : هيا يا شارلوت ..
3
_ إلى أين ؟
2
_ لنعد للمنزل !
324
اتسعت عيناي لتغييره الموضوع بهذه السرعة الخارقة ولكنني جاريت سرعته هذه وقلت : انسى الأمر .
4
_ لماذا ! ما الذي لا يمكن حله ؟
+
راوغته بسؤال آخر وقد راودني ذلك السؤال بصدق لأستفسر بإهتمام : هل خرج السيد ماكس من المشفى ؟ هل هو بخير ؟ كيف هي صحته !
3
بدى من الواضح انزعاجه لتغييري مجرى الحديث ولكنه أجاب على مضض : نعم ، منذ يومان ..
1
ارتفع حاجباي وقد غمرتني السعادة !
+
خرج من المشفى أخيراً !! لا بد وأنه مسرور بالعودة إلى المنزل ليحظى أخيراً بالدفء بين الجميع بدلا من استلقائه وحيداً على الفراش في المشفى ..
7
ولكن سعادتي هذه سرعان ما تبددت لأهمس باستيعاب : انتظر ! هل قلت منذ يومان فقط ؟ ألا يعني هذا بأنه لم يرى كريس الذي خرج منذ أسبوعان إلى منزله !!
+
قلَب عينيه دلالة رغبته في الحفاظ على صبره ورباطة جأشه وقال : هل استوعب عقلك الصغير الآن فقط ! ولماذا برأيك أطلب منك العودة ؟ لم يرى كريس خالي ماكس حتى الآن منذ خروجه من المشفى ، بل أن الجميع كاد ان يرجوه مقبلا قدميه ليقابل والده فقط ويدخل البهجة إلى قلبه .. فكرت حقاً في تسليم كريس إلى إحدى المختبرات لإجراء بحوثات على سلامة عقله وقلبه ! لا يعقل أن يكون هناك من يتفادى لقاء والده بعد خروجه من المشفى بل ويعلم بأنه أتى للمنزل بلهفة وسعادة ! هل أقتل ابن خالي أم ماذا !
230
أخفضت عيناي بضيق شديد هامسة : غير معقول !! لقد كان السيد ماكس مشتاقاً إليه كثيراً .. يا الهي !
+
_ بل وأنني توسلت إليه ليتصل به بدلا من لقائه فأغلق الهاتف في وجهي وظل يتجاهل اتصالاتي ، وعندما زرته في المنزل أغلق الباب ولم يتركني أدخل ، وعندما حاولت الدخول من النافذة وجدتها مغلقة ، أنا يائس وليس في يدي حيلة ..
238
زميت شفتاي أنظر إليه بحيرة وقلق : وماذا عن السيد ماكس ؟ هل قال شيئا ؟
+
_ إنه الأكثر مهارة في إخفاء تضايقه واستيائه ولا سيما إن كان الأمر متعلقا بكريس ، إن صحته تتحسن وهذا هو المهم ، يوجد ممرضة ترافقه في المنزل وتعاينه مرتين في اليوم ولكنه لا يريد منها الإستمرار في البقاء معه وربما سترحل اليوم أو غداً ..
94
ثم أراح ظهره واعاد رأسه للوراء يحدق إلى السقف بشرود إلى أن تحدث بذهن هائم : خالي ماكس أحد اكثر الأشخاص اللذين تعلقت فيهم .. حاولت مرارا وتكرارا ان يكون لي دور في بناء علاقة جيدة بينه وبين كريس ولكنني فشلت بل وزدت الأوضاع سوءاً .. لا أدري هل سيستمر الوضع هكذا حقاً ؟ أخبريني يا شارلوت ..
20
طرفت بعيني باستفسار : أخبرك بماذا ؟
+
_ أعلم بأن زواجكما كان حماقة ولكن .. ألا تحبينه ؟ ما هي طبيعة المشاعر التي تجمعكما ! هل كان ما نراه من تصرفات عشاق أمامنا في البداية مجرد أداء مزيف ؟
30
ظل يرخي رأسه للوراء ولكن ينظر إلي بطرف عيني ، وجدت نفسي أريح ظهري أنا أيضا وارخي رأسي أنظر للسقف هامسة : لم يعد هذا مهماً بعد الآن .. لأنني سأكمل حياتي دون حاجة للقائه مجدداً ..
19
_ هذا يعني أنكِ واقعة في حبه .. أتعلمين .. يوجد الكثير من النساء والفتيات اللواتي وقعن في حب كريس لمجرد مظهره أو اسم عائلته فقط .. ولكن اتفقن جميعهن على أن شخصيته ليست سوى سببا في نفورهن دون الحصول على فرصة التقرب إليه .. لديه نظرة ثاقبة غريبة يوجهها نحو الناس من حوله ، لو كنتُ شخصا غريبا عنه أجزم على أنني سأقاضيه على النظرات التي يرمقني فيها مطالباً إياه بالعدول عنها .. عجباً ! ، لماذا نحن أفراد عائلته نحبه بالرغم من هذا ؟ اليس الأمر غريباً .. ! أيكون قد القى بتعويذة علينا ! نحن تحت لعنة ما !
109
_ لقد قلتها بنفسك .. أنتم عائلته ومن الطبيعي ان لا تبصر أعينكم ما يبصره الناس ..
1
_ ما الذي جذبك إليه إذاً .. ؟
+
_ هل ستصدقني لو قلت لا شيء !
17
_ ولما لا أصدقك ! لا يجب أن يكون للحب أسباباً ! إنه ما يُحفر في ألواح القدر أيتها الحمقاء ! أنظري إلي وإلى حالي التعيس ، وقعت في حب ساذجة تكبرني عاماً .. من الجيد أن لا أحد اكتشف الأمر وإلا صرت محلاً للسخرية ..
377
ارغمتني كلماته على الضحك وانا امد يدي لأضرب كتفه بقوة ..
+
_ اللعنة هذا مؤلم ..! هل سأحصل على إجابة مختلفة الآن لو طلبت منك العودة للمنزل ؟
+
_ الإجابة ذاتها .. آسفة ..
30
زفر بلا حيلة واعتدل وهو يمطط جسده بكسل فاعتدلت أنا أيضاً ، وقف واضعا يديه في جيب معطفه فتساءلت باستغراب : هل سترحل ؟
+
_ لا يوجد ما أفعله .. لقد استنزفت كل قواي وأنا أحاول انتزاع الأسباب الحقيقية منكِ لرفض العودة فلا تعتقدي بأنني ذلك الغبي الذي سيصدق بضع كلمات تراوغينني فيها..
1
ابتسمت له ولم أجد ما أعلق به على ما قاله بفطتنه فتحرك متجها للباب ، تبعته بصمت وقد فتح الباب ليقول : حسنا المحاولة الأخيرة .. هل سأحصل على نتيجة الآن ؟
3
_ لا يا ستيف .. ليس الآن ولا لاحقاً .. لن أعود أبداً إلى مكان لا أنتمي إليه ..
55
لم تعجبه جملتي الأخيرة وهذا ما كان واضحا عندما ظهرت تقطيبة بين حاجبيه ولكنها اختفت بسرعة عندما استدار ليرفع يده : إلى اللقاء ..
+
وقفت عند الباب مودعة : كن حذراً .. إلى اللقاء ..
+
تابعته بعيناي وهو يبتعد حتى انعطف لليمين في اللحظة نفسها التي أتى فيها سام من الجهة اليسرى وهو ينظر لستيف بحيرة !!
107
انتبه لوجودي أمام الباب فعاود يلقي نظرة سريعة على ستيف الذي يبتعد حتى تقدم نحوي وعلى ثغره ابتسامة ساخرة وعندما وصل إلي قال : هل تستغلين غيابي في إحضار الضيوف ! من يكون ؟!
50
دخلتُ لأسبقه مجيبة : إنه ابن عمته ، التقيته في المتجر ..
+
ارتفع حاجبيه باستغراب شديد ثم دخل مغلقا الباب خلفه ليتساءل : لن يكون اللقاء صدفة ! انهم يعيشون في المدينة المجاورة !
+
_ لا لم يكن كذلك .. لقد كان يحاول اقناعي بالعودة ..
+
_ وبماذا أجبته ؟
+
كنا قد وصلنا إلى المطبخ لأبدأ بترتيب المشتريات فاستند على الطاولة التحضيرية بينما أجبته وانا اضع الأغراض في الخزانة : بالطبع رفضت .. لن أعود أبداً طالما أنفي يشم الهواء ، ليس بعد ما حدث .
29
_ أحسنتِ .. هذه هي شارلوت ، ابقي قوية ولا تستلمي لعواطفك .. أعتقد بأنك بحاجة لإعمال عقلك أكثر هذه الأيام ..
94
لم أعلق فأضاف مغيرا الموضوع : لقد حصلت على دعوة لحفلة صغيرة وتساءلت إن أردتِ مرافقتي !
213
نظرت إليه باستنكار وفي يدي العلبة : ظننتك تكره الحفلات !
+
_ هذا صحيح ، لا أطيقها بالفعل ولكنني مجبر ، لا بأس إن كنت لا تريدين ذلك !
2
_ من يقيمها ؟
8
_ أتذكرين أمر المعرض الجديد في المدينة المجاورة ؟ قال بأنه سيعد حفلة تعارف مهمة لكل المشتركين ولابد من تواجدي ..
80
تنهدت بملل نافية برأسي وأنا اضع العلبة في الأعلى وأكمل الترتيب : لا داعي لتواجدي ، إنها حفلة خاصة تقريبا ..
+
_ سيفوتك طعام لذيذ !
134
استرسل باستيعاب وهو يقترب باحثا في الأكياس : هل أحضرتِ لي شيئاً مسلياً ؟
+
أملت برأسي : بعض الوجبات الخفيفة ..
+
_ جيد .. أخت لطيفة ..
82
ثم بحث في الأكياس عما يريده وعندما جمع الأغراض احتضنها بين ذراعيه ليجمعها قائلا بحب : أوه أعزائي الصغار ! لم أكلكم منذ زمن ..
216
ابتسمت بهدوء ثم اشرت إليه : ساعدني لأنتهي من ترتيب الأغراض وكن ذو فائدة ..
+
_ لن أفعل ! إنها مهنة الفتيات ..
610
قالها مبتعدا وهو يأخذ أغراضه فامتعضت بشدة وقبل أن يصل إلى الأريكة في غرفة الجلوس تعالى رنين جرس المنزل فأسرع يضع الأشياء على الطاولة ويتجه إلى الباب ليفتحه .. رأيته يفتحه قليلا وسرعان ما فتحه على مصراعيه ضاحكا بخفوت : ها قد عاد العاشقان !
301
نهـــاية البارت ..
4
حسنا لم يظهر بطلنا في هذا البارت لا بد وأن البعض قد ارتحن نفسياً هههههه
356