رواية مذكرات حائر الفصل السادس عشر 16 بقلم هالة الشاعر
حلقه السادسه عشر
" بقلبي شــــــــيطان "
دخل عبد الرحمن غرفته وخلع ملابسه بعصبيه , واخذ منشفه ثم توجه نحو الحمام وقف لساعه تقريبا اسفل الماء البارد فهو لا يريد ان يري دموعه , ولكن عينه المحمرة ونحيبه افسدا تلك الفرصة .
رفع راسه الي الأعلى وجعل الماء ينزل مباشرة علي وجهه , منذ اليوم لم يعد هناك تراجع , لا امل في أي شيء لقد اصبحت رسميا وبكل معني للكلمة زوجته , ومن حقهم الطبيعي ان يغلق عليهم باب واحد , وهو يعلم ذلك ويعيه جيدا , ولكن ما الذي يمكن ان يفعله بالنار التي تأكل في صدره وتنهش في رجولته لا يستطيع فعل أي شيء .
" انها بين ذراعيه الأن بينما كان من المفروض ان تكون لك , انت من تخاذل عنها حتي بعدما عرفت كل شيء مرت به , تركتها وانت تعلم جيدا انها لن تكون سعيدة معه " , صاح عبد الرحمن بشدة والغضب يأكل منه وهو يضرب الحائط بقبضته ويسدد له عده لكمات " اسكت بقي اسكت " كان يتحدث الي الصوت الذي يدور بشدة في خلده والعذاب الذي يلاقيه من كلامه .
لملم نفسه وغسل وجهه من المياه الباردة المنسابة عليه واغلق الصنبور واخذ نفس عميق جمع فيه كل اشلاء نفسه وقلبه وتجمدت عيناه كالحجر , انه اقوي من هذا الذي يوسوس له بأذنه طوال الوقت , سوف ينساها الي الابد ولن تكون بحياته مرة اخري ..... .
_ استيقظت سارا تتمطي ببطيء لتجد احمد يجلس الي جوارها " يااه اخيرا صحيتي "
ابتسمت كثيرا لرؤيته سعيد بها وينتظر استيقاظها , " صباح الخير " رد بصوت رصين " صباح القمر , يا لا بقي عشان ناكل " " حاضر لحظه واحده واحضر الفطار " " تحضري ايه بس انا محضر ومجهز كل حاجه " وجدت سارا الي جوارها صنيه بها فطور وعصير وورده حمراء غايه في الروعة " الله ورد كمان " قالت سارا غير مصدقه , ضمها اليه وقبل وجنتها وقال بحب " وحشتيني " قالت بمرح " وانا نايمه جنبك! " " بردو وحشتيني " واعطها قبله مرح علي طرف انفها , سالته بدلال وهي تعبث بوجنته " طب والعمل " , ابتسم لها بمكر " نفطر بس الاول وانا هحل المشكلة دي " ..... .
الساعة الواحدة ظهرا كان احمد وسارا يجلسون علي اريكه بغرفه النوم واحمد مستمتع بوجود سارا في احضانه , كانوا يتحدثون عن الفرح وسارا تخبره بانها اعجبت بالرقصة كثيرا وهو ايضا " كان نفسي اشوفك اوي بالفستان " قبلته علي وجنته " محمد صورني ميت صوره وان شاء الله هتشوفهم وبعدين الفستان عندي اول ما تقوم بالسلامة هلبسه ونعمل فرح من اول وجديد " ابتسم احمد لها رغما عنه انه ليس اكيد من انه سوف يري مرة اخري ولكن هذا ليس وقته انه فرح لأنها تتحدث من جديد ولا يريد ان يحزنها بأي شيء .
فزعت سارا وشهقت شهقة عالية عندما سمعت الطرق المزعج وضرب جرس الباب الهستيري التواصل , " يا خبر في ايه يا احمد ؟ اكيد في حاجه حصلت "
" اهدي بس انا عارف مين اللي بيعمل كده " ذهبت سارا وراء احمد وهي خائفة ونزلوا الي الاسفل صاح احمد من وراء الباب " اتلـــــــم منك ليه " " احنا عاوزين نبارك بس " صاح حسام , " ايه يا عريس عاوزين نبارك ليكو افتح بقي " استني يا احمد هغير وافتح لهم" " تفتحي لمين ! انتي علي نياتك اوي دول لو دخلوا مش طالعين تاني " ثم صاح بهم " غور ياض منك ليه من هنا " صاح محمد بلوم " الحق عليا عاوز اطمن عليك عاوزين نعرف ايه الاخبار ؟ ! ! " سمعوا قهقه حسام بالخارج , ثم صوت السيدة نور يصيح بشيء ما وكل من حسام ومحمد يقول بآسي " حاضر يا ماما " .
دفنت سارا راسها بصدر احمد من الخجل , ربت علي شعرها وهو يضحك " معلش هما بيحبوا يهذروا معايا بس هذارهم حلوف شوياا " .
في الساعة الرابع ارتدت سارا ملابس أنيقة وخرجت للشرفة وهي تشعر بفرح الي درجه انها من الممكن ان تطير من سعادتها .
خرجت وهي تنظر للسماء بحب شديد والبسمة تملئ وجهها " يا عروسه , يا عروسه " , انتفضت سارا وهي تنظر للأسفل لم تكن تعلم بأن العائلة كلها تتناول الغداء بالخارج .
ابتسمت بخجل لهم ولوحت للسيدة نور التي قالت لها بحب " ازيك يا سارا الف مبروك يا حببتي " , كانت سارا خجله للغاية رددت عليها بخفوت هي والسيد شهاب , سال حسام " امال احمد فين ؟ " نظرت الي الداخل انه لم يخرج بعد من الحمام ولم ترد اخبارهم بذلك " زمانو جاي الوقتي " , همس محمد لحسام " بس اما يطلع وربنا لوريه " , كان عبد الرحمن وجهه جامد كالصخر ولم ينظر الي سارا حتي فهو عزم النية علي ذلك .
" ما تيجو يا سارا تتغدوا معانا يا حببتي " سالت السيدة نور " حاضر هسال احمد واقول لحضرتك " " تساليني علي ايه ؟ " نظرت السيدة نور لابنها بلهفه شديدة وهي تراه مشرق هكذا وسعيد ارادت ضمه الي صدرها والفرح به .
ضم سارا بذراعيه من الخلف وقال لها بغضب " انتي استأذنتي قبل ما تطلعي البلكونة " عضت سارا شفتيها وقالت بخفوت " لا " " انتي متعاقبة يا هانم " رفعت سارا راسها له وهي غير مصدقه , ثم ازاح الغضب وقال لها برقه " هسمحك لو بوستيني هنا " واشار بأصبعه علي خده .
ضحكت سارا لأنه يمزح معها ووقفت علي رؤوس اصابعها وقبلته وامسكت بذراعيه التي تلفها من الخلف , " هيا عريس ايه الاخبار ؟ " " حسابي معاك بعدين عشان اللي عملته في سارا امبارح , فضلت اهدي فيها ساعه بسببك يا حيوان " ضحك حسام ومحمد وضرب كل منهم كفه بالآخر " ايوة هنتحجج بقي من اولها " .
تذكرت سارا ما فعله " والله حرام عليك يا محمد اللي عملته فيا امبارح ده والله لردهالك " " متشغليش بالك يا حببتي انا هوريه بس بعد شهر العسل " وقبل راسها واخذت سارا تنظر له بحب ونسيت ان كل من بالأسفل ينظر لهم , ازاح محمد الطبق من امامه بذراعه واطرق براسه علي الطاولة بشده وهو يتأوه وقال بلهجه معذبه " خلي عندك دم يا احمد وخد مراتك وخوش جوا وراعي ان احنا سناجل يا اخي " , صاح احمد بمكر " مضايق " " اه وربنا دا انا والع " " احسن خليك لما تشيط عندك وريحتك تطلع " , لم يستطع حسام الذي كان يشرب الماء ان يمسحك نفسه اكثر عن الضحك فنفخ الماء بوجه عبد الرحمن الجالس الي جواره وهو يضحك .
هاج عبد الرحمن من تلك الحركة , هكذا ظن الجميع لكن الحقيقة انه كان يستشيط غضبا من الحوار الدائر بين اخوته ولم يعجبه أي من تكهناتهم هذه .
غضب عبد الرحمن ونهض فجأة وهو يصيح بكل من حسام ومحمد " ما تحترم نفسك بقي انت وهو أي حاجه بقيتوا تتكلموا فيها كده عادي! " ورمي بفوطه الطعام وغادر السفرة نحو الكراج , سأله احمد " تعالي يا عبد الرحمن اعد معانا شويا " , لم ينظر نحوهم " معلش يا احمد مرة تانيه " وذهب بعيدا .
نظرت الام شزرا نحوهم " عجبكوا كده " .
مرت ثلاثة اشهر علي زواج سارا من احمد الذي ظل ملازم المنزل لثلاثة اسابيع ولكن سارا الحت عليه بأن يذهب للعمل .
كان دائما وابدا يجلسها الي جواره ونادرا ما كانت ذراعه تفارق خصرها كان يحدثها بود وحب , اما هي لم تكن تصدق ان احمد يحبها هكذا , حسنا هي لم تصدق بأن تلك الامور موجوده اصلا بعد ما مرت بة .
رفضت سارا أي محاولات للسفر في شهر العسل وتعللت بانها سعيدة هنا ولا داعي للسفر .
_ كانت سارا تخرج اغراض المنزل من السيارة ويبدوا عليها الارهاق الشديد ومعها اكياس عده وعندما رفعت رأسها وجدت عبد الرحمن ينظر لها فشهقت رغم عنها " مش معقول حضرتك هنا ! " ابتسم لها " ازيك يا سارا " " الحمد لله كل الغيبة دي يا ابيه ؟ مفيش سفر شرم تاني " ابتسم عبد الرحمن " ليه بس كده " " والله البيت وحش من غيرك واحمد كان نفسه تيجي اوي 3 شهور وحضرتك مش هنا تقريبا من بعد الفرح , انا جيت طفشتك ولا ايه ؟ " وعقدت ذراعيها بمرح .
ازدرد لعابه وقال بوهن " لا ابدا انتي عارفه الشغل بقي " " ربنا يوفقك , احمد هيتبسط اوي لما يششوفك تعالي عشان تعملو مفاجأة " وهمت بحمل الاغراض ," لا لا سيبي من ايدك " " حضرتك تعبان من السفر وكمان الشنط دي " واشارات الي حقائبه " ولا يهمك هبقي اجبهم بعدين " " متشكره اوي يا ابيه " .
كان يبدو عليها الارهاق واضح ولكنه اشاح بنظرة بعيدا عنها لا شأن له بها , صعد معها ودخلوا المصعد " البيت هادي يعني " " حضرتك نسيت ولا ايه انهارده الخميس بنقضيه عند ماما بس انا مشيت بدري عشان الحق اجيب حاجه البيت عشان اخد بكره اجازة " ثم ضحكت له " كويس ان حضرتك جيت انهاردة عشان تسهر معانا " , خرجت وهو خلفها بالأغراض وفتحت باب شقتها وصاحت " احمد انا جيت " " طيب يا سارا انا نازل اهه " دخلت سارا واشارت لعبد الرحمن بالصمت واغلقت باب الشقة , نزل احمد علي السلم وفي منتصفه هتف " اوعي يا سارا يكون اللي في بالي " ضحكت سارا بسرعه " هو يا قرد " , نزل بسرعه وهرع نحوه عبد الرحمن كاد احمد ان يبكي وهو بحضن اخيه " كده يا عبد الرحمن كل الغيبة دي ؟ معتش بوحشك خلاص " . ...... .
بعد ان رحبت العائلة به والكثير من السلام والاشتياق , طرق كل من محمد وحسام باب عبد الرحمن الجالس الي سريرة " يالا يا عُبد تعالي معانا " " علي فين بهدوم البيت كده انت وهو ؟ " قال محمد " عند احمد " " بتعملوا ايه هناك ؟ " ضرب كل منهم كفه بالآخر " بنطلع عين سارا " , " لا روحوا انتو وبعدين عيب سيبه الراجل ومراته براحتهم " .
هز محمد براسه لحسام وهو يضحك " اخو ك ده علي نياته اوي انت حر " وذهبوا وتركوه .
" اروح هناك برجلي ! " حدث نفسه وبعد خمسه دقائق وجد الهاتف يعلن عن قدوم رساله " حضرتك كده قاصد انك متعدش معانا احنا زعلاناك في حاجه ؟ " , ليرتجف قلبه عندما قرأ الرسالة فهمس بوهن " سبيني في حالي ونبي يا سارا وخليني بعيد احسن للكل " , وبعد خمسه دقائق اخري رن الهاتف ليعلن عن رساله اخري كان يعلم انها منها , " طيب تعالي عشان نحي فريق بودي وصرصور ونواجه رخامه محمد وحسام احسن دول طلعوا عيني " .
عض شفتيه , لم يستطع يوما ان يرفض لها طلب ما , ارتدي سترة بيجامته الرياضية وذهب اليهم .
فتح حسام له الباب ورحب به وناداه احمد وهو فرح " تعالي يا عبد الرحمن اعد جنبي , سارا لسه قايله انك مستحيل هتسبني ومتجيش تعد معايا " نظر نحوها كانت واقفه في المطبخ مع محمد وبيدها سكين اشارات بها علي فمها وكأنها تقول له لا تخبره , ثم غمزت لي بمرح لتذيب قلبي الجامد , ثم التفتت الي محمد وقالت بغضب طفولي " قطع كويس يا ابو ذمه بلاستك " , نهض حسام ونظر نحو الفرن " خلاص كده يا سارا " القت نظرة " اه تمام جوانتي الفرن هناك حاسب علي ايدك " .
وبعد لحظات امتلأت الطاولة الصغيرة بمقبلات ومقرمشات وفشار وعصائر ومثلجات وضعها كل من محمد وحسام وسارا .
سال احمد " ها نشغل بقي يا سارا " " ايوة مدام ابيه جه خلاص بس انمي والله لو حطيتو رعب زي المرة اللي فاتت مش قاعده معاكو " زفر محمد بقوة " يوووه هنعيل بقي , يا بنتي انشفي شويا ميبقاش قلبك خفيف كده " , وضعت سارا الفيلم وقالت بتحدي " ماشي مشوفكش بتضحك نهائي يا استاذ محمد " وماهي الا لحظات حتي ضحك الجميع لقد كان فيلم كوميدي رائع للأطفال .
ظللت صامت الي جوار احمد الذي ضم سارا الي جواره من الناحية الأخرى وراقبتهم وهم يضحكون ويستمتعون معا بالطعام والفيلم , ندمت كثيرا لأنني لا استطيع ان اكون مثلهم حبي لها لم يجلب علي سوي الشقاء وتأنيب الضمير المستمر ومنعني من حقي الطبيعي من ان استمتع وسط عائلتي مثل اخوتي الان انهم يضحون ويمزحون معها وكأنها اخت لهم والجميع سعيد وانت وحدك يا عبد الرحمن الحزين دائما وابدا وكل ذلك بسبب الشيطان المزروع بداخل قبلك عليك نزعه بكل قوة , وان لم تستطع , اقتله ...... .
_اصبحت الرياضة جزأ لا يتجزأ من حياتي , خاصه العنيفة منها , وكلما انتهيت من العمل ولم اجد ما افعله التهي باللعب بالأسفل لساعات كي انفس عن غضبي , ووجدت نفسي كثيرا في الملاكمة .
كنت اشعر بتلذذ كبير وانا اسدد ضرباتي الي كيس الملاكمة مما ادي الي ظهور عضلاتي اكثر واكثر واصبح جسدي مصقول بها .
وفي يوم وجدت سارا تساعد احمد علي الدخول الي القاعة الرياضية الموجودة اسفل المنزل , " عبد الرحمن انت هنا " " تعالي يا احمد " لم التفت له بل ظللت اوجه ضرباتي للكيس , اقترب هو وسارا الي ان وصلا الي جواري " هو حضرتك داخل البطولة ؟ " ضحكت رغم عني لما هي ساذجة هكذا دائما .
التقط أنفاسه وخلع قفازي الملاكمة " من لبسكو كده شكلكوا جاين تتمرنوا " " كويس اننا لقينا حضرتك " وضربت احمد علي بطنه " الاستاذ ده مأنتخ بقاله كتير وشكله عاوز يعمل كرش وانا مش هسمح بكدة ابدا " قال احمد بحنق " خلاص بقي فضحتيني " " اسكت انت " وضربته مره اخري علي بطنه , " ها يا ابيه هياخد قد ايه منك " ضرب هو الاخر علي بطن اخيه " شهر كده وهتستلمي حاجه زي الفل ان شاء الله بس بطلوا أكل مكرونه شويا , امسكت ذراع احمد " طب لو عاوزة اعمله عضلات هنا هياخد قد ايه ؟ " " لااا بقي ده أنتي زودتيها علي الأخر " والتقطها بيده واخذ يدغدغ بطنها " اه, خلاص حرمت " وأخذوا يتضاحكون معا , زفر عبد الرحمن انتو جاين تلعبوا بقي مش تتمرنوا " " لالا خلاص يا أبيه " " اطلع يا احمد علي جهاز المشي " , صعد احمد بمساعده سارا واخذ يسير , استنكرت سارا " هو بيمشي براحه كده ليه ؟ " ازاد عبد الرحمن السرعة له واخذ يركض " ايوة كده اقطع نفسه عشان يخس " قالتها سارا بانتصار .
أعاد عبد الرحمن القفازات والحبال إلي مكانها " انا طالع عاوز حاجه يا احمد ؟ "
" إيه يا عبد الرحمن ما تخليك معانا يا أخي أحسن سارا هتفطسني لعب " " لا معلش لازم أخد دش , سلام " وذهب سريعا .
استغربت سارا كثيرا منه إنها تشعر بأنه يتجنبها بشكل غير طبيعي منذ عمليه احمد منذ ان أشاح بوجهه بعيدا عنها , لم يعاملها جيدا سوي عند مرضها وبعد الفرح اختفي وعندما عاد وكأنه لا يريد النظر حتي اليها هزت كتفيها ووضعت الموسيقي بآذانها , لن تجرأ علي إخبار احمد أي شيء ولكنها فقط تستغرب اكل هذا لأنها نكثت بالوعد , ام انه شيء أخر .... .
مرت شهور علي زواج سارا من احمد وبدات تعي المعني الحقيقي لكلمه والدها عندما سالها اول مرة " سارا دي مسؤلية كبيرة هتقدري تحمليها ؟ " , بدات تعي اخيرا معني هذه الكلمه فالمسؤلية وقتها كانت تعني لها انها سوف تهتم وترعي احمد وتاخذ بيده وتسانده في المشي , اما الان فهي تعي المعني الحقيقي لكلمة المسؤولية التي سالها والدها عنها اول مرة .
بدات تشعر بحمل كبير يضغط كاهليها ويرهق اعصابها , فهي تقوم بالدورين في حين انها ارادت ان تقوم بدورها هي لم تكن لتتذمر ولكن ......
حسنا انها تجد انها لامفارقه غريبه حقا فهي عندما كانت مع علي كل ما كانت تتحمل مسؤليته هو منزلها الصغير , وعلي كان يهتم بكل شيء اخر لم تكن تشعر بالرعب معه بالخارج , واذا حدث لها أي شيء كانت تعلم بانه قادر علي ان يحملها ويركض .
لا يمكنها هزم الوساوس بعقلها ومع الوضع الامني المضطرب بالبلد , جعل رعبها يزداد هي لا تريد ان تقود السيارة به , ماذا لو تعرض لها احد بالطريق ؟ كيف سيكون مصيرة حيناها , اجل انها قلقه من اجله هو لا من اجلها , ماذا لو ضربوة وتركوة ملقي علي الطريق كيف يتمكن حينها من العوده الي المنزل , انها تشعر برعب شديد عليه , كما ان نوبات غضبه بدات تزداد حده وشراسة .
وفي نفس الوقت كانت تعشق حنانه عليها عندما يكون هادئ , فبعد كل يوم شاق تمر به من عمل بالشركه والمنزل والعناية به , يقبلها بحب قبل ان تنام ويخبرها كم هو ممتن لوجودها بحياته وانها هي نور حياته فيذهب كل الالم وتختفي معظم الشكوك , لكن مع اشراق يوم جديد تعود الالام والشكوك مرة اخري .
عرض عليها اكثر من مرة السفر معه للسياحة ودائما ما كانت تتحجج بشيء ما , انها بالكاد تستطيع تدبير امرها معه وسط عائلته فهي تشعر بالامان معهم .
لكن بالخارج بمكان لا يوجد به سواها هو وهي لا , لا تريد ولكنها خائفة عليه هو لا هي ماذا لو جاءته نوبة غضب ولم تستطع ان تسيطر عليه , ماذا لو سقط كيف ستحمله ؟ كيف ستنقذه من سوف يكبله عند هياجه , من سوف يحكم قبضته عليه كي لا يؤذي نفسه او يتعرض لسوء ما .
كل تلك التساؤلات تأكل بعقلها كلما عرض عليها السفر أو الخروج بمكان غريب , كان هناك من يراقب دون ان تعلم ويشعر بمعاناتها , ولكنه اقسم علي الا يتدخل شهور وهو يراها تزداد شحوب وتحمل المسؤوليات لكنه اقسم علي الا يتدخل الي ان آتت القشة التي قسمت ظهر البعير .... .
_ كانت سارا تشتري أغراض للمنزل وأراد احمد الذهاب معها في هذا اليوم , ذهب الاثنين معا ولكنها ركنت السيارة بمكان بعيد نسبيا عن المركز التجاري نظرا لعدم وجود مكان لركن السيارة وعندما عادت بالأغراض هي واحمد حسنا ,.....حصل ما كانت تخشي دائما ان يحدث هجم عليها ملثم ما ويبدوا انه انتبه إلي أن احمد لا يري , أشار بإصبعه نحو فمه " أي تصمت ولا تتحدث بشيء " وأشار لها بان تخلع حليها وتعطيه حقيبتها وهو مهدد إياها بسكين صغير , كادت سارا ان تموت من الرعب امتثلت إلي اوامره دون ان يصدر منها أي صوت كي لا يؤذي احمد بشيء وكان احمد ملتهى بفتح باب السيارة والدخول إليها ويظن ان سارا التفت لتضع الأغراض بصندوق السيارة , أعطته الحقيبة وخاتم الزواج وأسواره يدها ولم تنتبه الي سلسال عبد الرحمن , فظنت أنها أعطته كل شيء , اخذ الأغراض منها ثم نزع السلسال عن صدرها بوحشية ولما رآها مرتعبة وهي تنظر إلي احمد علم ما يدور بخلدها , فنزع الشال من علي فمه ولعق فمه بطريقة مقززة وامسكها من ذراعها والصقها بالجدار , أرادت ان تموت أرادت ان تصرخ ولكن الصوت لم يخرج من حنجرتها المر تعبة وهي تنظر نحو احمد بالسيارة بخوف شديد , اطل احمد برأسه من السيارة " يالا يا سارا كل ده ب تعملي ايه ؟ " , صاحت برعب " احمد اقفل باب العربية عليك بسرعة " كان هذا أفضل ما استطاعت فعله , لاحظت توتر المجرم الذي امسك بخناقها ومن ثم حدث ما لم تتوقعه " طراااخ " لقد ضربه عبد الرحمن في رأسه وانهال عليه بالضربات والركلات في نفس اللحظة التي خرج بها احمد من السيارة يصرخ بي " سارا, سارا , أنتي فين ؟ " ولم يستمع إلي تحذيري .
التفت الي عبد الرحمن " أنتي كويسه ؟ عملك حاجه سارا أتكلمي " لم استطع فعل شيء سوي التثبت بذراعه كي لا اسقط أرضا , أدخلني الي السيارة فارتميت علي الكرسي الخلفي كله ابكي بشدة من الرعب , لقد كدت ان انتهي منذ لحظات ولكن الله أرسله لي كي يحمني .
انهال عبد الرحمن مرة أخري علي المجرم وهو راكض علي الأرض ولملم أغراض سارا ونزع السلسال من قبضته وصاح ب احمد كي يصمت عن سؤال ما الذي يحدث .
أشهر عبد الرحمن مسدسه بوجه المجرم وأغلق السيارة علي أنا واحمد وأخذه الي امن "المول" وسلمه لهم ثم عاد سريعا لنا , اصطحبنا إلي المنزل وجعل احمد يصمت عن الصياح بي , وأنزلني برفق من السيارة نظرت له وعيناي ممتلئة بالدموع وبالامتنان أيضا , لما فعله من اجلي .
_ أردت ان أضمها إلي صدري وان أطمئنها وأهدئها واخبرها بأنني لن اتركها أبدا , التقطها احمد بيده " مقولتيش ليه يا سارا , مصرختيش ليه ؟ " كان احمد يهزها ويصيح بها , لم استطع تمالك نفسي أكثر من هذا صحت به بشدة وغضب " يا أخي مش شايف حالتها خدها في حضنك و طمنها مش وقته الكلام دة " , ضمها وهو مكره بعد صراخي به وأخذت هي تبكي بشده وتتمسك به , شعر بالذنب لصراخه فيها فهي حقا مرتعبة واحكم قبضته عليها إلي أن هدأت وصعدوا جميعا وضع لها أغراضها عدي السلسال وتساءلت الأم عما حدث واخبرها احمد واسفت كثيرا علي حال سارا , بعدها سالت عبد الرحمن بحدة " من امتي وانت معاك مسدس " رد باقتضاب " من سنتين " وتركهم وذهب وهو حانق من هذا الحظ التعس الذي يوجد لديه , كلما حاول نسيانها يحدث لها شيء ما يستدر عاطفته ويشعل النار واللوعة بقلبه من جديد ما هذا الحظ ؟!! .
سالت السيدة نور احمد " وايه اللي جاب عبد الرحمن في الوقت ده ؟ " " انا كلمته قولت له تعالي نتغدي سوا بس هو قال ان وراه شغل ومعرفش انو جاي , اكيد غير رايه " , دعت سارا الله في سرها تشكره علي مجيء عبد الرحمن فلولاه الله وحده اعلم ما الذي كان سوف يحدث لها .
_ بعدها بعدة ايام استدعها احمد وهو مبتسم " تعالي يا سارا " دلفت وكان هو جالس مع عبد الرحمن والسيد فتحي محامي الشركة , جلست سارا ونظرت الي احمد المبتسم كان يود قول شيء ما ومن وجهه يبدوا إنها مفاجأة من اجلها .
امسك بيدها ثم قال " الاستاذ فتحي جاب الورق اللازم عشان عبد الرحمن هينقل الوكالة باسمك من هنا ورايح انتي اللي مسئولة عن كل حاجه " , امتقع وجهها وسحبت يدها من يده واستأذنت السيد فتحي بوهن " ممكن حضرتك تسبنا شويا يا استاذ فتحي " " اه طبعا مفيش مشكلة " وحالما اغلق الباب " في ايه ؟ " " في اني مش هعمل كده " " يعني ايه مش هتعملي كده ! " نظرت لأحمد بحنق ثم نظرت لي , " ليه يا سارا ؟ " سالتها ببروده وانا اوجه نظري عليها " انا مش عاوزة كده يا ابيه " ابتسم بوهن فقد تحققت كل شكوكه بخصوص اخيه الذي حرص بل واصر علي ان تتعلم سارا كل شيء وها هو يريد ان يلقي بالحمل عليها , لهذا السبب اراد ان يتزوجها لأول مرة احنق بداخلي علي احمد انها يستغلها .
" لو قلقانه اني ممكن اضايق يا سارا تبقي غلطانه , انا و انتي واحد المهم راحه احمد " " انا مش عاوزة المسؤولية دي " وخرجت وهي غاضبه من المكتب حانقه منه كل الحنق , ان الحمل الذي يضعه علي كاهلها يزيد علي المدي ولا ينقص انه يريدها ان تتعلم كل شيء ويختبرها طوال الوقت وهي لا تريد أي من هذا , تريد ان تجلس بالمنزل وان تنجب , انها مشتاقه لأن تكون ام ولكنها رضيت بشرطه المجحف بعدم الانجاب إلا بعد ان يجري هو العملية .
دخلت الي الحمام واخذت تبكي وبعد فتره غسلت وجهها وعادت لتمارس عملها وتجنبت النظر الي عبد الرحمن , ومن الجيد انها فعلت ذلك لأنه كان يشعر بحنق شديد منها لأنه يعلم بقراره نفسه بضعفها وان احمد سوف يؤثر عليها ويجعلها ترضخ لمخططه وبذلك يكون امن مستقبله كما يجب , علي حساب تلك المسكينة التي تصرخ عيناها بانها تكره كل هذا , ولكن لا احد يريد ان يسمع .
ارتسمت حده ما علي وجهها اصبحت لا تفارقها إلا نادرا , لقد فرض عليها الزمن ان تكون قويه وهي لن تستسلم ولن تصبح ضعيفة لا وقت للضعف منذ الان ,
ولكنها للأسف كانت تفتعل ذلك فبداخلها لازالت ذلك الكائن الوردي الهش الذي يحتاج الي من يضمه ..