رواية مذكرات حائر الفصل السابع عشر 17 بقلم هالة الشاعر
الحلقه السابعه عشر
"لا مكــــان للخوف "
دخل بهدوء فلم تشعر به خلفها كانت تلكم كيس الملاكمة بغل وغضب متقطع واحيانا اخري تركله بقدمها فيرتد عليها وكاد ان يسقطها , " دي ملاكمة جديدة ؟! " ، فزعت عندما راته وتركت كيس الملاكمة وذهبت الي جهاز المشي وبدأت بخطوات بطيئة , جلس علي العجلة الرياضية الي جوارها , وادار قدمه بمهارة وسرعة وهو يتكلم وكأنه لا يبذل أي مجهود يذكر .
" غريبة سارا الرقيقة بقت بتضرب كيس الملاكمة وماشية بالصاعق الكهربي " نظرت له بدهشة فنظر لها بحنق " ايه ؟ ناويه تغيري مجالك وتشتغلي بودي جارد " ازدردت لعابها كيف عرف بالذي تخفيه في حقيبتها , كانت حانقه من جميع الرجال وهو يعلم ذلك جيدا .
تركت جهازالمشي وهمت بالصعود الي شقتها " استني عندك " صاح بها , استغربت سارا كثيرا لما يعاملها هكذا التفتت له والدهشة علي وجهها " عاوزة توصلي ل ايه باللي بتعملية دة ؟ " ارتبكت " مش فاهمه قصد حضرتك " , ترك الدراجة بسرعه ووقف امامها وسد عليها الطريق وزمجر بها كالنمر الغاضب وقال من بين أسنانه " لا فاهمه كويس بس مش متخيله اني ابقي عارف مش اكتر " ردت بعصبيه " انت بتتكلم عن ايه ؟ " امسك معصمها بقوة كاد ان يسحقه " انتي عارفه كويس " وعلت نبره صوته " بطلي بقي الضعف اللي فيكي ده والاستسلام ومتعمليش حاجه غصب عنك , هتفضلي طول عمرك سلبيه وحياتك هتروح منك عشان دفنه راسك في الارض زي النعام " , حاولت سحب يدها منه ولكنها لم تستطع من تكون هي امامه , انها كالحمل امام الاسد , قالت من بين دموعها " ازاي تمسك ايدي كده ؟! سبني " شدد قبضته اكثر واكثر واقترب منها حتي شعرت بأنفاسه تلفح وجهها " مش هتقدري تهربي مني يا سارا انا عارف كل حاجه وعارف انك مرعوبة ومش عاوزة تخطي خطوة واحد بره البيت دة ومطمنه عشان احنا فيه " وضحك بسخريه ،
" مشوفتيش وشك لما احمد قالك تعالي نسافر كام يوم واتحججتي انك تعبانة ومش قادرة , ودلوقتي جايه تتعلمي الضرب وعاوزة تقومي بالدورين مش هتقدري ومش هتعرفي " صرخت بي صرخة كالأطفال , صرخة لها بحه غريبة شطرت قلبي الي نصفين " امال اعمل ايه ؟ " ونزلت دموعها بغزاره وسحبت يدها بالقوة فتركتها وهمت بالخروج ولكني حينها استنتجت شيء واحد ولمت نفسي كثيرا علي ما فعلته بها .
انها لا تملك أي حل اخر هكذا صور لها عقلها البسيط انها سوف تتمكن من حمايه نفسها وحمايه احمد من أي خطر , سد الطريق عليها بسرعة قبل ان تخرج " استني يا سارا من فضلك انا لسه مخلصتش كلامي " , كانت تبكي بشده " معدش في بنا كلام خلاص يا ابيه " اردت بشده الصراخ بها وان اخبرها بأن تكف عن مناداتي بهذا الاسم السخيف ولكني تمالكت نفسي في اخر لحظه .
" اهدي يا سارا , انا اسف معلش سامحيني , انا مش عارف عملت كده ازاي " , كان حنق سارا فوق كل الحدود " كل شويا واحد يصرخ فيا وبعدين يقولي معلش يا سارا انا اسف " , وجلست الي خشبه حمام السباحة الموجود بالقاعة واخذت تبكي بشدة وهي تخفي وجهها , ترك بينهم مسافة وركع علي ساق واحدة امامها كي لا تخشاه " ارجوكي يا سارا كفايه عايط انا مش قادر استحمل عيطك دة " " انا مش عاوزة أي حاجه من دي , معتش قادرة خلاص " " انا عارف والله ان الحمل عليكي تقيل اوي واكبر منك ومع ذلك انتي صابره ومستحمله , وانا كنت جاي هنا عشان اكلمك في كده بس معرفتش اعبر عن كلامي صح واعصابي فلتت مني " .
نظرت له من بين دموعها " اعمل ايه يا ابيه ؟ " كان صوتها يتوسل له , يا الهي لو تعلم ما الذي تفعله بي وسوس له شيطانه " اعترف لها بكل حاجه وقلها انك بتحبها وخودها من هنا وامشي انت الوحيد اللي هيسعدها " نهر نفسه وشيطانة ثم نظر ورسم بسمه علي ثغرة " متعمليش أي حاجه " قالت بدهشه " ازاي ؟! " " من هنا ورايح انتي مش لوحدك انا هبقي في ضهرك في كل خطوة تمشيها مش هسيبك ثانيه والحمل اللي عليكي ده انا اللي هشيلة " , بكت اكثر وهي تهز راسها غير مصدقه " ازاي مش ممكن ! " " لا ممكن احمد عنده وساوس اننا هنسيبه ونتخلي عنه بعد ما نتجوز عشان كده مرعوب وعاوز يحملك كل حاجه , بس من هنا ورايح انتي هتسمعي الكلام وانا هنفذ مش انتي اتفقنا " .
" وذنب حضرتك ايه ! " " مفيش أي ذنب ولا حاجه انا كده كده كنت بعمل ده ل احمد وعاوز اعمله طول عمري لآخر نفس فيا بس هو اللي خايف وانا مش عاوز اضغط عليه " , وابتسمت لها برقه كي تطمئن " انا امانك يا سارا وفي ضهرك ومن هنا ورايح مفيش سفر شرم , انا اعد راشق هنا ليكو " بكت بشدة ولكن هذه المرة من الفرحة " انا مش مصدقة حضرتك , مفيش اخ بيحب اخوة كده ابدا , ربنا يخليكو لبعض " .
ابتسم لسذاجتها هذه ونظر الي نفسه وهو راكع علي قدم واحده امامها ثم قال بمرح " بالمناسبة دي احب اقدم لك حاجه " واخرج علبه صغيرة حمراء من جيبه , وضعت سارا يدها علي فمها بطريقه درامية " حضرتك فجئتني يا ابيه عاوزة فرصه افكر " وضحك الاثنان معا , ثم قالت وهي تمسح دموعها " مش متخيله حضرتك في الوضع ده ابدا " قال لنفسه " ليه ما انا عاملها قدامك اهه بس انتي اللي مش حاسه " .
فتح العلبة وظهر ما بداخلها " هي السلسلة دي بتجري وراك " وعقدت ذراعيها " شكلها مش عاوزاني يا ابيه , لقيتها ازاي ؟ " " كانت في ايد المجرم بس كانت اتقطعت فخدتها عشان اصلحها ونسيتها في جيبي " " انا بجد مش عارفه اقول ايه حضرتك بتفكر في كل حاجه " " خوديها " ثم اردف بتردد " لو مش عاوزة تلبسيها براحتك " , اخذت السلسال وفتحت القفل وقالت بمرح " انا عارفه اني خلفت وعدي قبل كده , بس انا مستعدة احلف لك اني مش هقلعها تاني " وارتدتها " لا يا ستي انا مصدقك , ها هتعشيني ايه انهاردة " " اممم ما تيجي نطلب بيتزا , اصلي مش قادرة بصراحة وليك عليا بكرة اعملك صنيه مكرونة باشاميل " " اممم ماشي يا اوزعه وانا كمان اللي عازمك " وخرج الاثنين بعد ان هدأت واصبحت افضل حالا وابتسم هو لنفسه في سخريه " اخرتها كده مكرونة بشاميل بقيت زي , زي هشام حلال المشاكل ماشي يا سارا " .
وفي عبد الرحمن في كل كلمة قالها لسارا وبالفعل كان عون لها في كل شيء حتي في اتفه الاشياء .
" راحه فين ؟ " كانت سارا خارجه لجلب اغراض المنزل وقابلها عبد الرحمن علي السلم , لا مها " مش انا قولتلك هبقي في ضهرك " " لا بس مش للدرجة دي انا كده هتعبك معايا اوي " " ملكيش دعوة انتي لحظه هغير هدومي " " طيب وانا هقول ل احمد بقي بما ان حضرتك جاي " وعادت سعيدة الي شقتها .
وعندما لاحظ احمد كثرة خروج عبد الرحمن معهم الي المركز التجاري " غريبه يعني يا عبد الرحمن بقيت بتيجي معانا كل اسبوع " فرك راس اخية بمرح " اصل المول دة فيه شوية حتت جامدة , " بقي كده من امتي يعني ؟ ده انا عمري ما شوفتك بتبوص علي واحده " , زم شفتيه بسخرية من نفسه " يالا بقي بيني اتهبلت علي كبر " " طب لو الحتت جامده اوي احجز لي واحدة علي ما اعمل العملية " , نظر لأخيه بسرعة " لو سارا هنا مكنتش قدرت تتكلم " " سارا دي علي نيتها يا بني , بس بس يا عٌبد دة انت خام اوي " لم يعجبه كلام اخيه هذا ابدا ولكنه صمت , ودخلوا بعدها محل للملابس الرجالية .
خرجت سارا وانتظرت تتفرج علي الوجهات بغير هدي ثم سمعت صوت يهتف باسمها ولم تستطع تصديق نفسها عندما التفتت ورات صاحب الصوت " هشام ! " امسك بيد فتاه وعبر لها الممر ليحييها " سارا ازيك عامله ايه ؟ " " الحمد لله والله حمد الله علي السلامة " , في تلك اللحظة خرج احمد وعبد الرحمن من المحل هتفت سارا بسذاجة " احمد تعالي " واحتضنت ذراعه " احمد جوزي " كانت تعرف هشام عليه " عاوزة اعرفك علي هشام " ثم بترت الكلام في فمها ما الذي يمكن ان تقوله صديق زوجها السابق ! " امم معرفه من ايام الامارات " , مد احمد يده " اهلا وسهلا " عرفه عبد الرحمن ومد يده ليسلم عليه بامتنان لأنه ساند سارا كثيرا " نورت مصر يا استاذ هشام " " نور حضرتك " " بش مهندس عبد الرحمن اخو احمد " " اعرفك بقي يا ستي علي خطبتي " مدت سارا يدها لتسلم عليها وكذلك فعلت الأخرى وهي خجله , ثم غمز الي سارا " مي" شهقت سارا بفرحه وقبلت الفتاة واحتضنتها " الف مبروك " اندهشت مي كثيرا ," انا عارفه كل حاجه وعارفه انو مجنون مي " , خجلت مي كثيرا ونظرت الي الاسفل نظر لها هشام بحب واضح ثم نظر الي سارا " انتي لسه مبيتبقش في بوقك فوله ! " , امسكت سارا بيد احمد وقالت بغبطة " الحمد لله ربنا جمعكوا علي خير " رفعت مي راسها فجاه وسالت " انتي سارا بتاعه المكرونة ؟ " ضحك هشام بشدة , " يوووة انت لسه همك علي بطنك , خطيبك مدمن مكرونه وكان بيتذلل لمراتات حامد وعصام عشان يعملوها ومكنش حد بيعبروا غيري " " لا ماخلاااص بقي انا راجع بعد شهر ومي معايا ومقاطيع الشلة هما اللي هيتزللوا ليها عشان تعملهم مكرونه ومحشي " , نظرت مي الي الارض وهي سعيدة وخجله . تذكرت سارا هذا الشعور عندما كانت مع احمد في اول ارتباطها , لم تكن لتصدق ان بعد ما قاسته سوف تعامل مثل الاميرات , ودعوا بعضهم وفي الليل سال احمد سارا بهدوء وحذر " سارا مين هشام دة ؟ " " انا اسفة انا عارفه ان الموضوع حساس بس انا فرحت لما شوفته عشان هو وقف معايا كتير في بلد مكنش ليا حد فيها ابدا , اممم هو كان صاحب طليقي ويا ما ساعدني حتي وقف في تعبي اكتر من علي نفسه بس ابتزازي مووت " , تحرك من جلسته " ازاي يعني ؟ " " مش بيعمل حاجه إلا وقصدها صنيه مكرونه , وعارف خطيبته دي " وحكت قصتها ل احمد " اهاا " , " عارف يا احمد وهي وقفه معاه فكرتني بنفسي معاك مكنتش مصدقه نفسي ان في حد ممكن يحبني تاني بعد الذل اللي شوفته " , ضمها احمد اليه وقبل راسها " انتي احلي حاجه عندي يا سارا وطالما هو وقف معاكي زي ما حكيتي ليا , خلاص هشيله من البلاك لست " قبلته في وجنته " ربنا يخليك ليا يا حبيبي " ... .
_ بعد مرور حوالي اسبوع علي هذا اليوم كانت العائلة مجتمعه علي العشاء بالخارج زفر احمد زفرة معذبة " والله انا زهقت الجو هنا يخنق , انا مخرجتش من زمان اوي " فك احمد زر قميص بذلته الاول واخذ يزفر بشدة , " بابا ممكن اخد اجازة كام يوم " " وماله يا حبيبي مفيش مشكلة " " عاوز تروح فين يا احمد ؟ " سالته والدته بينما غاصت سار بكرسيها وتركت طعامها وبدي انها انزعجت من شيء , لاحظ عبد الرحمن ذلك .
" بفكر اروح شقتنا اللي في اسكندرية , قدام البحر وهريح اعصابي شويا " , حك ذقنه ثم قال " خلاص يا سارا جهزي الشنط " , قالت سارا كمن وجد فكرة لامعه " ما تيجي يا طنط معانا " نظرت الوالدة نحو شهاب " ايه رأيك يا شهاب " " صعب الوقتي بس ممكن نحصلكو الاسبوع الجاي " نظرت لأحمد " خلاص نستني يا احمد الاسبوع الجاي ماشي " زم شفتيه , " انا مخنوق وعاوز امشي الوقتي واشمعني غيرتي رأيك ووفقتي تسافري عشان هيجوا معانا مش كده ؟ " سألها بحدة شديدة .
" طب وفيها ايه كده احسن صدقني " , امسك معصمها بغضب بالغ وصاح بها " انتي مش هتبطلي بقي الجبن اللي فيكي دة , انتي متجوزة راجل ولا كيس جوافة ! " " في ايه يا احمد ؟ براحه يا بني مش كدة هي عملت ايه يعني ! " سال السيد شهاب " الهانم بتخاف تروح معايا في حته لوحدنا فاكراني مش هعرف احميها " هكذا يظن احمد بسارا ولاكن سارا كانت تخشي عليه هو , " من شهر العسل وانا عارف وكل ما اقول لها نروح في حته ترفض وادتها اكثر من فرصة مفيش فايدة فيها لما انتي حاسة اني مش هعرف احميكي , اتجوزتيني ليه ؟! " , اخذت سارا تبكي بشدة وهي مطرقة الراس وهو يوبخها امام الجميع بهذا الشكل المهين , هزها من ذراعها بعنف " انطقي مبترديش عليا ليه ؟ اتكلمي يا سارا " كان يصيح بها بشدة , انتزعت نفسها من بكاؤها " والله انا بخاف عليك بس " " انا مش عيل صغير " صاح بها اكثر من الاول , " فاهمه ولا لاء انا مش عيل صغير , بيتعلم المشي وهتمشي وراه و خايفة يوقع , انا راجل فاهمه يعني ايه راجل ولا لاء " واخذ يهزها بعنف من ذراعها , صاح به كل من حسام وعبد الرحمن كي يتركها وشأنها فهاج احمد كالثور يصرخ ويكسر " محدش يدخل خااالص " ولوح بذراعه ليزيح أي شيء امامه علي الطاولة وكسر كل ما وجدة بطريقة انتفض الجميع وذهبوا بعيدا عن الطاولة .
اما سارا فرجعت في كرسيها الي الوراء وهو يصيح بها واغمضت عيناها بشدة وضمت قبضتيها وهي خائفة ومرتعبة , سمع شهقاتها المتتالية , فصاح اكثر من الاول " مش عاوز اسمع صوتك , متعيطيش فاهمه ! متعيطيش " انسلت من الكرسي وذهبت بعيدا نحو العمارة , اطاح احمد بذراعه الأخرى ما تبقي علي الطاولة ونهض وامسك بالكرسي الذي كان يجلس عليه واخذ يضرب الارض به الي ان تهشم الكرسي , كم يلعن عجزة كم يكره هذا الظلام الذي يحيط به من كل مكان , اخذ يدور حول نفسه في غضب بالغ وهو يصيح ويصرخ وقفت سارا تشاهده والآسي يملئ قلبها , بعد ان دار حول نفسه هكذا , كان قد فقد اتجاهه اخذ يمد بذراعيه وكأنه يدفع شيء ما ويفتح ويغلق قبضه يده , كان يطبق عليه بشدة إن الصندوق يضيق به حتي انه لم يعد يستطيع التنفس شق قميص بذلته واخذ يحاول التنفس وهو يطيح بقدمه في كل مكان يركل بقايا الكرسي لم يجرأ احد علي القرب منه كي لا يزيد هياجه اكثر وبكت السيدة نور لحال ابنها بهستيرية , ظل هكذا لمدة ولم يعرف الي اين يذهب ان الصندوق يضيق به كثيرا انه يضغط عليه من كل مكان ارتمي علي الارض يستند اليها بكلتا كفيه وهو يشهق بشدة لدرجه ان رزاز لعابه كان يتناثر من فمه واجهش بالبكاء , ركضت سارا نحوه وتفاجأ الجميع لقد ظنوا انها صعدت الي الأعلى , لم يجرأ احد علي القرب منه اما هي فأمسكت براسه وهي تبكي بشدة لحاله بعد ان جلست علي ركبتيها امامه .
امسك بيدها من علي وجهه وهو يبكي بشدة يريد الخروج من ذلك الصندوق اللعين الذي يريد الفتك به وكأن شيء ما يقبض روحه من صدرة , ثم سقط في حجرها وهو يبكي اخذت تضم فيه بشدة الي صدرها وتربت علي راسه لم يكن احد يتكلم , فقط تبكي وتضمه لها بشدة , بدأ يهدأ وصمت عن البكاء ثم صمت مره واحده , خرجت من شجونها واخذت تهزه بشدة " احمد , احمد " لقد اغشي عليه , اخذت سارا تصرخ فيه بهستيرية فهو لم يغشي عليه مرة من قبل ركض عبد الرحمن نحوه هو وحسام وحملوه معا الي الأعلى ومددوه علي اريكة بشقه والدتهم , كانت سارا تبكي بشدة وتتمتم " انا السبب " .
بعد رش المياه علي وجهه والكثير من التربيت علي وجنتاه قام احمد واعتدل في جلسته ووضع راسه بين كفيه وظل صامتا , لم يكن هناك كلمه واحدة تقال فقط صمت مطبق من العائلة كلها , عدا بكاء سارا والسيدة نور , ذهبت سارا الي شقتها وعادت بعد لحظات ومعها صندوق , اخرجت ضماده ومطهر وملاقط وجلست علي ركبتيها امام احمد الجالس علي الاريكة. اخذت احدي كفيه بهدوء وبدأت بنزع الشظايا بالملاقط , وتطهير الجروح وتضميدها استكان احمد كثيرا لها وهي تفعل ذلك بهدوء شديد وسحبت كفه الأخرى وطهرتها , كان احمد هدأ حينها وعندما انتهت وضبطت العلبة وجلست الي جواره وحسته برقه شديدة كي يسير معها وبالفعل وقف معها وذهبا في صمت مطبق ودخل شقته معها وسط نظرات الجميع , وما ان اغلقت باب شقتها الذي يواجه شقه السيدة نور حتي تهاوت والدته الي اقرب كرسي وهي تبكي بحرقه علي والدها .
_ ادخلته الي الحمام وساعدته علي خلع ملابسه واشعلت الماء الساخن وبعد انتهاءه جففته واجلسته بهدوء شديد في السرير وجففت راسه جيدا واعطته كوب حليب دافئ شربه علي مضض من اجلها فقط , نامت الي جواره وهي تضمه الي صدرها واخذت تتمتم له بما تحفظه من القران الكريم ودموعها تنزل في صمت الي ان ذهب في النوم .
نام وهو يفكر لما حدث معه ما حدث ولما اطبق الصندوق عليه هكذا ولما نهرها وصاح بها وقال لها انه ليس بطفل صغير , اوليس هذا هو حاله الان امامها..... .
قامت سارا بهدوء كي تبدل ملابسها عندما سمعت صوت الهاتف يعلن عن رسالة " انا مش قولتلك انا في ضهرك مروحتيش ليه يا سارا ؟ " اغمضت عيناها فهي لم تظن انه سوف يهتم بهم الي هذا الحد ابدا ," مش معقول حضرتك حياتك هتمشي علي مزاجنا , وبعدين انا حتي معرفش الطريق , مش عارفه اسافر ازاي ؟ " رد فورا برساله اخري " جهزي الشنط انا لما قولت انا في ضهرك كان قصدي كل كلمه قولتها وانا مبرجعش في كلمه ابدا " .
وبالفعل استيقظت سارا وحضرت حقيبة لكل منهما , وعندما استيقظ احمد كان خجل منها كثيرا , وضعت الفطور واكل كل من منهم دون كلمه " احمد ايه رأيك نسافر الوقتي انا حضرت الشنط " ترك الطعام " لا انا مش عاوز اروح في حته , سارا انا اسف عشان اللي عملته امبارح " نظرت الي الارض ولم تتكلم " سارا " لم ترد عليه , حاول الامساك بيدها ولكنها سحبتها من يده " ارجوكي يا سارا متسكوتيش كدة انا بتجنن لما مش بتردي عليا " " لو عاوزني اكلمك يبقي تقوم تلبس الوقتي وغير كده مش هسمحك ومش هكلمك تاني نهائي " " يعني انتي مش زعلانه ؟ " " لا زعلانه ومش هسمحك إلا في إسكندرية وده اخر كلام عندي " كانت تتكلم بغضب طفولي مما جعله يبتسم " خلاص زي ما تحبي " .
نزلت الي السيارة وودعوا العائلة وهي لا تعلم بعد كيف سوف تذهب وعندما دخلت الي سيارتها وجدت جهاز تحديد المواقع متوجه الي الإسكندرية وعليه ورقه صغيرة فتحتها " اتبعي التعليمات يا عبيطة التكنولوجيا " ابتسمت كثيرا واحتفظت بالورقة وانطلقت تتبع الإرشادات وبعد نصف ساعة اتصل عبد الرحمن ب احمد " ها يا عم احمد يا بختك والله الجو هنا نار " " طب ما تيجي يا عبد الرحمن " " اجي فين بقي يا عم مش عاوز اضيقك انت ومراتك " " اخص عليك هضايق في إيه بس ! " " طب اديني سارا اما اشوف انتو فين " اعطها احمد الهاتف " ايوة يا ابيه " " بوصي جنبك كدة " نظرت بحذر لتجده يلوح لها , طارت من الفرحة ولم تعلم ما الذي يمكن ان تقوله واخذت تنظر له " بوصي قدامك مش عاوزين حوادث " هزت براسها له " انا هفضل ماشي وراكي خلي بالك من الطريق سلام " , اعطت الهاتف الي احمد وهي سعيدة ومطمئنه وجلست في الكرسي بارتياح شديد ونظرت بسعادة نحو احمد ثم كشرت " احمد انت لسه مربطتش الحزام ! " " طيب طيب متجوز عسكري ! " " ها تحب تسمع حاجه " " اه مفيش مشكله " و أدارت الموسيقي وهي سعيدة .
وعندما وصلوا الي وجهتهم بعد وصف احمد لها , ولكنها في الحقيقة كانت تتبع وصف عبد الرحمن الذي نزل من السيارة واخذ يشير بدرامية مضحكه الي العمارة المقصودة , كادت هي ان تفشل كل شيء بسبب ضحكها .
دخلت الي الشاليه الذي يواجه البحر " الله يا احمد فعلا المنظر يجنن والجو حلو اوي والشاليه تحفه , بس دة نضيف انا قولت هيطلع عيني علي ما اوضبه ! " " تلاقي ماما كلمت البواب عشان يوضبه " , ابتسمت لنفسها فهي تعلم تمام العلم ان عبد الرحمن هو الذي اتصل بالبواب فهو لا يفوته شيء .
ارسل لها رسالة نصيه " انا رايح اجيب شويه حاجات للبيت , مش عاوزة حاجه معينه " " سلامتك يا ابيه " وبعد ساعتين كان امامهم " عُبد لحقت تيجي ! " " طبعا يا بني هو انت فاكرني زي السلحفة الي انت متجوزها " ونظر شزرا الي سارا التي كانت تقود ببطيء شديد , وضب معها الاغراض ولم ينسي شيء مهما كان صغير , كانت ترتب معه وهي تنظر له بامتنان واضح لكل ما يفعله لأجلها , اما هو فشعر بالراحة لأنها سعيدة .
وقضت سارا عطله رائعة برعاية عبد الرحمن وصحبه احمد وعادوا بعد اسبوع وهم افضل حالا