اخر الروايات

رواية خيوط القدر الفصل الخامس عشر 15 بقلم سارة المصري

رواية خيوط القدر الفصل الخامس عشر 15 بقلم سارة المصري


الفصل الخامس عشر (برضه هنط فى الاحداث فى اول جزء وهنرجع تانى فلاش باك )
انهمكت فى متابعة بعض الامور العالقة فى دراستها على حاسوبها الالى فى غرفتها بالمشفى العسكرى حين دق الباب بطرقات تحفظها جيدا ، لم تكن مميزة ولكن كانت تعرفها حين يزداد نبضات قلبها بشكل لاتعرفه مع سماع صوتها ، تنفست بعمق وهو تزيح خصله من شعرها الذهبى الى خلف أذنها وتقول بصوت هادىء ” اتفضل ”
دخل ادهم بابتسامته الحزينة التى اصبحت تميز اطلالته فبادلته ابتسامته وهى تنهض وتشير له بالدخول قائلة ” اتفضل يا ادهم ”
اقترب وهو ينظر الى حاسوبها قائلا ” هعطلك عن حاجة ”
اغلقت سلمى الحاسوب بسرعة وهى تقول ” لا ابدا ..انا اصلا كنت براجع شوية حاجات بس خلاص خلصت ..قولى انت اخبارك ايه دلوقتى ؟؟“
فرك عينيه بسبابته وابهامه وقال فى الم ” تعبان اوى يا سلمى وملقتش حد اتكلم معاه غيرك ”
تمنت لو احتضنت كفه بين يديها وهونت عليه ولكنها تعرف تحفظه الشديد فقامت من على رأس مكتبها وجلست فى مواجهته وقالت ” انا سامعاك يا ادهم ..اتكلم ”
رفع وجهه الى عينيها الزرقاء الصافية التى ذكرته بعينى ندى ودقق النظر فيهما للحظات قبل ان يخفض رأسه حين شعر بتوترها وخجلها قائلا ” مش قادر اصدق لحد دلوقتى انها ماتت يا سلمى ...ليه كلهم شايفنى مجنون ؟؟؟...ليه كله استسلم لحقيقة انا مش قادر استوعبها ..كل جزء من كيانى رافضها ...كل دقة من قلبى بتقولى انها لسة موجودة فى مكان انا معرفوش ..ممكن فعلا ندى تكون ماتت وانا اللى رافض الحقيقة؟؟ ..انا تعبان وانا مش مصدق ولو صدقت هتعب اكتر ..مش عارف اعمل ايه ”
لمعت عينا سلمى لالمه هذا وقالت وهى تنحنى فى اتجاهه ” مش قادرة اقولك كدب احساسك ...لكن لو فعلا ندى عايشة هيا فين بقالها اكتر من سنة ..لو موجودة ليه مترجعش ”
نهض وقال فى مرارة ” وده اللى هيجننى ...ليه بتعمل فيا كدة ؟؟؟....ليه مش عاوزة ترجعلى ”
سالت دمعة سلمى على وجنتها دون ارادة منها وقالت بصوت مختنق وهى تتذكر تلك الاحداث التى كانت هى جزء منها قائلة ” اللى حصل مكنش شوية ..ندى اتعذبت كتير ” وواضافت بصوت خفيض وكان الكلمة خرجت من قلبها الى لسانها مباشرة دون اى مراجعة ” وانا كمان ”
استدار لها ادهم وراى دموعها فتنهد قائلا فى وجع ” انا آسف يا سلمى ...آسف على الوجع اللى اتسببتلك فيه من غير ما اقصد ...انتى بالذات عمرى ما قصدت انى اوجعها ابدا ..انا ظلمتها وظلمتك ..” نظرت الى عينيه العطوفتين وتسائلت هل لازال هناك امل ؟؟، ام انه سيظل سرابا لايروى ظمأها ابدا ، لقد أعطتها ندى نفسها الامل ذات يوم واعطاه هو لها دون ان يشعر وعاد ليسحبه من جديد ولكن هذه المرة تختلف ، ترى هل ..؟؟
****************************************************
رن جرس هاتف ندى وهى على وشك مغادرة عملها الى فيلا احمد ، فتحت المكالمة بابتسامة وهو تقول ” ادهم ازيك ؟؟“
ـ ازيك يا ندى ؟؟..اخبار اليوم ايه معاكى
ـ ماشى الحال ..هوا انت سايق ؟؟“
ـ امم بقولك ايه عاوز اشوفك ضرورى النهاردة
قالت فى سعادة ” اكيد ..عندى شغل هخلصه بعد ساعتين بالكتير اوك ”
ـ كويس اوى هكون وصلت ريهام
توقفت ندى عن السير فجأة وقالت” ريهام مين ؟؟؟..وهتوصلها فين ؟؟؟“
رد فى سلاسة ” ريهام بنت خالتى ..هبقا احكيلك بعدين ...ها تحبى نتقابل فين ”
ابتلعت ندى غيظها وقالت ” فى نفس المكان بتاع المرة اللى فاتت الى انت بتحبه ”
ـ تمام ..اشوفك بعد ساعتين هناك
اغلقت ندى المكالمة وهى تدق بالهاتف على كفها للحظات فى غضب ، فتحت الكاميرا الامامية فى تلقائية لتطمئن على هندامها ولاحظت ملامحها الغاضبة فى دهشة ، وتساءلت لما تشعر بالغضب من وجود ريهام الى جواره ، ربما لانها تعلم بحبها له ، ماهذه الحرارة العجيبة التى تسرى فى اوصالها تكاد تحرقها ؟؟، مهلا هلى تغار عليه ؟؟.
**********************************************************
وصلت ندى فى الموعد المحدد الى فيلا احمد ، ابتسم حين رآها وتلاشت ابتسامته من جديد حين وجد رضا مساعدها خلفها ، ندى كانت على استعداد تام لاى مواجهة ، لم تشعر باى ضعف او اهتزاز هذه المرة ، شعرت بقدميها ثابتتين فى الارض ورفعت رأسها وعينيها اليه بكل ثقة وكبرياء وتساءلت للمرة الاولى ، مالذى احبته فى هذا الانسان ، حقا كانت ساذجة ، قالت لتقطع الصمت ” مساء الخير يا فندم احنا جينا على حسب المعاد عشان نسلم الفيلا ..ياريت حضرتك تقولنا لو فيه اى ملحوظة ”
أمسك برباط عنقه وهو يقطب حاجبيه فى غضب بالغ ، نظرت اليه فى سخرية ، هو يريد فرصة للتحدث اليها ، يظن بامكانه ان يؤثر فيها كالسابق ، ، حسنا ستثبت له ولنفسها انه لاشىء بالنسبة اليها ، قالت وهى تعطى الكاميرا الى رضا ” معلش هنستاذن حضرتك رضا يصور المكان ..على ما تدينى ملحوظاتك ” هز رأسه بالموافقة ، فقالت ندى لرضا ” يلا يارضا ابدا بالدور اللى فوق ” ، اخذ رضا الكاميرا وتتبعه احمد بعينه حتى اختفى فى الاعلى ثم اقترب خطوتين من ندى وقبل ان ينطق عقدت هى ساعديها على صدرها قائلة ” اتفضل قول اللى عندك انا اهو قدامك ”
ظل على صمته فواصلت ندى بلبتسامة ساخرة ” اوعى تكون فاكر ان اللعبة السخيفة بتاعة عاوزها هيا اللى تسلمنى وعندى ملحوظات على الشغل دخلت عليا ..انا اهو قدامك قول اللى كل نفسك فيه ..عشان مش هتشوف وشى تانى ”
نظر احمد للاعلى للحظات وقال ” ندى انت مش فاهمة الامور ماشية ازاى ؟؟؟“
ضحكت ندى وقالت ” لا والله ..انت متجوز واللى متجوزها دى تطلع صاحبتى وطول الفترة اللى فاتت دى مخبى ..ايه اللى عاوزنى افهمه بقا ”
تمشت ندى فى المكان وهى تقول ” انا كان لازم افهم من ساعة ما مشيت وسبتنى ان انت مش بيفرق معاك غير نفسك وبس ..ادتنى ضهرك من غير ما تفكر حتى تسألنى وروحت اتجوزت وعشت حياتك وراجع تكدب من تانى وتحسسنى انك عشت مترهبن عشان خاطرى ”
نظر الى يمينه ويساره وقال ” ندى افهمينى ..جوازى من مرام كان ليه ظروف خاصة مكنش ينفع اسيبها لوحدها بعد ابومها ما مات ”
اشارت ندى بذراعيها الى المكان وقالت ” اه دلوقتى بقا عرفت سر الثروة دى كلها منين ...ماهى مرام كانت بنت رجل اعمال كبير ومكنش عنده غيرها ”
جلس احمد على كرسى قريب وقال ” انا ممكن اكون غلطت وكدبت بس الحاجة اللى عمرى ماكدبت فيها هيا حبى لكى يا ندى ”
انحنت ندى قليلا اليه وقالت ” حقيقى ...اثبت بقا لو تقدر ”
قال احمد فى تاهب ” شاورى على اى حاجة وانا اعملهالك ”
تنفست ندى فى عمق وهى تفرك كفيها قائلة ” لو فعلا بتحبنى ..طلق مرام وسيب فلوسها واتجوزنى ”
أغمض احمد عينيه والقى برأسه الى ظهر الكرسى وهو يقول ” مقدرش ..للاسف مقدرش ..مقدرش اتخلى عنها ”
هزت ندى كتفيها وقالت بابتسامة ” ما انا عارفة انك متقدرش ..انت عاوز تاخد كل حاجة ..عاوز تاخد مرام وحبها وفلوسها ..وانا كمان فوق البيعة ” واضافت فى غضب وهى تعقد حاجبيها ” ايه كنت متخيل انى رخيصة للدرجادى ..هقبل بعلاقة معاك فى السر ..جيت بمنتهى البجاحة تطلب منى انى اسيب ادهم عشان نواياك المقرفة دى ”
نهض وقال بلهجة دفاعية ” انا عمرى ماقصدت ده ابدا
هتفت فى استنكار ” ملهاش معنى تانى غير ده ”
دققت النظر فى عينيه كانها ترى ضعفه للمرة الاولى ، ترى خسته ، ترى كذبه وحقارته وقالت فى قوة ” انا اصلا عمرى ما هتجوزك حتى لو طلقت مرام ..اللى اصلا خسارة فيك واحدة زيها ...عارف الفرق بينك وبين ادهم ايه ..انو مكتفى بيا عن اى حاجة لو خيروه بينى وبين الدنيا كلها مش هيختار غيرى ، حبه ليا بيخلينى امشى وسط الناس راسى مرفوعة انه واحد زيه بيحبنى ..وانا معاه عمرى ما بحس انى خايفة من حد ولا حاجة ..من الاخر ادهم انسان نادر الوجود ..مفيش حد فى الدنيا زيه وانا كنت هضيعه بسبب غبائى وسذاجتى ”
تراجعت خطوتين وهى تقول بازدراء ” انصحك ترجع لمرام وتحاول تعوضها معتقدش انك ممكن تلاقى حد يحبك زيها او ان فيه حد هيحبك اصلا ..وياريت متحاولش تقابلنى تانى ...كل اللى انت عايز تقوله قولته ولو باقى حاجة قولها عشان مش هتلاقينى تانى ”
فى تلك اللحظة كان رضا يهبط السلم قائلا ” خلاص يا باشمهندسة ..صورت الدور الى فوق كله ”
اشارت ندى بابهامها قائلة ” هايل ..يلا نخلص الدور ده كمان عشان نمشى ” ونظرت الى احمد قائلة ” خلاص انا والاستاذ سمعنا بعض وخلصنا كل حاجة ” ، واصلت ندى عملها مع رضا وكان احمد ليس موجود ، كانت تشعر بسعادة بالغة فقد اجتازت اختبارها بنجاح ساحق ، لم يعد بداخلها تجاهه سوى شعور بالاشمئزاز والاحتقار ، فهل انتهى وحده ام ان آخر ازاحه او انه من البداية لم يكن سوى وهم وجاءت الحقيقة بكل قوتها لتفرض وجودها وتنسفه نسفا .
******************************************************
انتظرت ندى لما يقرب من نصف الساعة فى المكان المكان المفضل لادهم على النيل ، غازل الهواء شعرها فى نعومة وهى تتأمل هذا المكان من جديد ، تتامل هدوءه وبساطته تماما كهدوء وبساطة ادهم ، شعرت براحة جعلتها تستنشق الهواء النقى وتملأ به صدرها ، ابتسمت وهى تشعر برائحة عطره التى اعلنت عن وصوله ، جلس الى جوارها وحياها بابتسامته الجذابة ، نظرت الى ملابسه الانيقة التى تظهر بنيان جسده المفتول فى اعجاب وقالت لتحاول ان تخفى نظراتها له ” كنت فين يا ادهم باشا وسايبنى مستنياك من الصبح ”
نظر ادهم الى ساعته قائلا ” انتى قولتى هتيجى بعد ساعتين فات منهم بس ساعة وربع ..يعنى انا جاى بدرى تقريبا نص ساعة ”
رفعت ندى حاجبها وقالت ” وكنت فين بقا ؟؟“
صرف ادهم نظره عنها الى النيل بعد ان شعر بانه يفترسها بنظراته اشتياقا وحبا وقال ” كنت مع ريهام ”
قالها ببساطة اغاظت ندى كثيرا وقالت ” افندم كنت مع ريهام ؟؟“
هز كتفيه وقال فى سلاسة ” اه ..كان عندها مشكله ...واحتاجتنى اروح معاها فروحت ”
نهضت ندى لتقف امامه وقالت فى تذمر ” يا سلام ده على اساس انها معندهاش ابوها ولا اخوها يعملولها اللى هيا عايزاه ”
استمتع ادهم بنظرة الغيرة التى تطل من عينيها للمرة الاولى فقال وهو يتابع تغيرات وجهها ” لا عندها بس بتثق فيا اكتر ..احنا متربيين مع بعض وبعتبرها اختى ”
زفرت ندى فى غضب وقالت ” انت بتعتبرها اختك ..بس هيا لا ..انت عارف مشاعرها ناحيتك عاملة ازاى ومامتك الله يرحمها كانت عاوزة تخطبهالك ”
نظر ادهم الى يمينه ويساره ليتغلب على ابتسامته وقال فى هدوء ” وانا عمرى ما اتاخر على حد محتاج منى مساعدة ما بالك ببنت خالتى ..ثانيا ها عمرها ما صرحت بحاجة من الللى انت بتتكلمى عنها دى ”
ضغطت ندى باسنانها وضربت على الارض بحذائها وهى تقول ” ادهم ما تجننيش ..عاوز تفهمنى ان نظراتها واهتمامها مبيووصلكش اى حاجة ..ده البلد كلها عارفه انها بتحبك ”
استد ادهم بيده الى المقعد ليواجهها قائلا ” انا ليا نفسى مبحكمش ابدا باللى الناس بتشوفه ..وبعدين انتى ايه اللى مضايقك مش فاهم ”
تراجعت ندى واحمر وجهها بشدة وقالت فى ارتباك ” ا..اا..عشان اتاخرت عليا ولطعتنى ”
رفع ادهم حاجبيه وخفضهما قائلا ” برضه اتاخرت عليكى ؟؟“
تسارعت انفاس ندى وجلست الى جواره وهى تضع يدها على خدها كطفلة معاقبة ، وقف ادهم امامها قائلا ” انتى زعلانة ليه دلوقتى ”
رفعت رأسها وقالت فى حدة ” مين قالك ان انا زعلانة ”
ضحك ادهم قائلا ” هو انتى لما بتزعلى بتعملى اكتر من كدة ” لم ترد وظلت على وضعها ، فعاد ليجلس الى جوارها قائلا ” طيب ممكن تبصيلى عشان عندى كلام مهم ”
لم تطعه ندى فقال ادهم ” ندى !!!“
تنهدت وهى تنظر اليه فى تذمر ” نعم ”
تاملها للحظات وصرف نظره عنها قائلا ” انتى عارفة ان حاليا اشتغلت فى ادارة مكافحة المخدرات ” هزت راسها بالايجاب فواصل ادهم ” المفروض عندى تدريب لمدة شهر وخلاله مش هنقدر لا نتقابل ولا حتى نتكلم فى التليفون ” تعلقت ندى بعينيه للحظات كانه تحاول استيعاب ماقاله ونطقت ” شهر ..مش هشوفك شهر ”
ابتسم لرؤية نظرة الحزن هذه فى عينيها وقال مشاكسا ” هترتاحى من رخامتى ”
وكزته برقة فى صدره قائلة ” انت فعلا رخم .“
ضحك ادهم ” مش انتى اللى قولتى ”
شعرت ندى بندم لان كلمة كهذه صدرت منها ، وبانها فى يوم ما تضايقت من وجوده والان هى تتمنى ان يملىء حياتها ولحظاتها كلها فقالت ” ادهم اليوم مبيبقاش يوم غير لو كلمتك او شوفتك ..بحس انه ناقصه حاجة ..لا ناقصه كل حاجة ”
ابتسم ادهم وشعر بالدنيا تتراقص من حوله وقبل ان يحاول البحث عن كلمات سمع صوت بائع الايس كريم على عربته فالتفت له وهو يحدث ندى ” شوفتى ..حظك .تاكلى ايس كريم هنا ”
نهض واحضر كوبين والغريب ان ندى شعرت انه اجمل ايس كريم تناولته فى حياتها ، ربما لم يكن مذاقه ، بل كان مذاق الحب والسعادة التى تحطهما ، نظر ادهم الى ندى بعد ان انتهت وقال ” يلا اروحك ”
لم تنهض ندى واخذت بيده ليجلس من جديد قائلة ” خلينا هنا كمان شوية ”
ظلا يتبادلان الحديث طويلا واكتشفت ندى فى ادهم الكثير والكثير ، وعرفت انها وحدها من كانت ساذجة وان رنا وريهام وغيرهن لهن كل الحق فى حبه ، فهى الان قد وقعت فى حبه بكل سهولة ، لم يعد هناك اى داع للانكار ، راقبت الشمس وهى تغرب وتصافح مياه النيل الزرقاء معلنه نهاية اليوم ، لم تشعر بنفسها وهى تضع رأسها على كتفه فى اريحييه تامة وكانها تلقى بكل متاعبها واوجاعها جانبا ، شعر بها ادهم فتنفس فى عمق وكانه يستنشق عبقها وعبيرها ليحتفظ به فى صدره طيله غيابه عنها ، لم يشا ان يطل هذا الوضع اكثر فهو رغم تحفظه ورغم الحدود الذى يضعها دائما لنفسه ورغم انه لم يكن من الرجال الذى تحركه اى امرأة مهما بلغت جمالها ، الا ان حبيبته دائما ما كانت تتحدى قواعده وهو يخشى عليها حتى من نفسه ، يريد ان يحافظ عليها حتى يكون جديرا بها للابد فقال بصوت حنون ” ندى !!“ ردت دون ان ترفع رأسها وكانها تعيش فى حلم ” اممم ” ، ابتسم قائلا ” يلا عشان اروحك ”
رفعت رأسها من على كتفه قائلة ” خلينا كمان شوية ”
اخذ بيدها لتنهض معه قائلا ” يلا ياندى الوقت هيتاخر ..والمكان ده باليل ببقى مش حلو ابدا ”
تاملته للحظات وهى لا تعرف كيف سيمر عليها شهر باكمله دون ان تراه فقالت فى حزن ” هتسافر امتى ؟؟“
رد فى حزن مماثل ” بكرة ” وسار خطوتين ليسبقها الى السيارة وهو يظنها تتبعه ، ظلت تراقبه حتى وصل اليها وهى تشعر باشتياق جارف اليه مع كل حطوة يخطوها وفى لحظة تحكم قلبها فى كل شىء فنادته فى حب ” ادهم ”
التفت اليها فقالت ” مش عاوز تعرف نتيجة تحديك ايه ؟؟“

اقتربت منه خطوتين وقالت بعد ان تنهدت ” انت كسبت التحدى يا ادهم ..انت غلبتنى وانا اهو برفع الراية البيضا قدامك وبفرح باول واحلى هزيمة فى حياتى ”
اتسعت عينا ادهم قائلا ” يعنى ايه ”
قالتها دون خجل تعلمت ان حبه هو الشىء الوحيد الذى يجب ان تفتخر وترفع رأسها وهى تنطق وتعترف بها ، قالتها وكأن حبه قد اذاب كل الفواصل والعوائق التقليدية ” يعنى ..بحبك يا ادهم ..يمكن من زمااان اوى ومكنتش حاسة وبعاند نفسى ..بس اللى متاكدة منه انى مش عايزة لحظة فى حياتى تعدى بعد كدة وانت مش موجود فيها ..معاك بحس بحاجات عمرى ما حستها مع حد ابدا ..بحس انك ابويا وضهرى وامانى اللى مببقاش خايفة ابدا طول ما هو موجود ..بحس معاك انى بتعلم الحب يكون ازاى ...انا ندمانة على كل لحظة عدت كنت بعاند فيها نفسى ومشاعرى ..انت اكتر من اى حاجة اتمنتها فى حياتى ..انا ممكن اكتفى بيك عن العالم بحاله ..انا بجبك يا ادهم ..لا انا عديت كل حاجة ومش قادرة اوصف مشاعرى ازاى ”
تسمر فى مكانه غير مصدق وقال ” انتى متاكدة ؟؟“
هزت رأسها فى سعادة وقالت ” اكتر ما انا متاكدة من وجودى نفسه ”
اغمض عينيه وهو يتنفس فى راحة قائلا ” اخيرا ”
اقتربت منه وقالت فى خبث ” وانت ؟؟“
قال فى شرود ” انا ؟؟“
ابتسمت وكأنها ترشوه بابتسامتها وقالت ” عمرك ما قولتها صريحة ”
ابتسم وهو يستند الى سيارته قائلا ” وانتى محسيتهاش مع كل نظرة وكلمة وفعل ونفس ”
عقدت ذراعيها قائلة ” ولو ..عاوزة اسمعها منك ”
امسك كتفيها قائلة ” بحبك يا ندى ...لا عمرى حبيت قبلك ولا هحب بعدك ..محبتش اصلا فى حياتى غيرك ”
شعرت بسعادة الدنيا كلها وارادت لو تعلقت فى رقبته ، وشعر هو بذلك وتمنى لو ضمها ولكنه تراجع ، اكتفى بضمها بدفىء عينيه وحنانهما ، اراد ان يحتفظ بكل شىء لوقته ، تحسس شيئا فى جيبه فاخرجه ، نظرت ندى الى العلبة وشهقت قائلة ” ايه ده ”
قربها من عينيها قائلا ” شايفاها ايه ..الدبل ”
وضعت ندى يدها على ثغرها قائلة ” جبتهم النهاردة بالذات ”
اخرج الدبلة من العلبة وقال ” قلبى كان حاسس ”
صمتت ندى للحظات وفالت ” يعنى انت مكنتش مع ريهام ..ولا كانت معاك وانت بتشتريهم ولا ايه ”
ابتسم قائلا ” ده حقيقى ”
صرخت ندى فى مزاح قائلة ” يا مفترى واخدها معاك تحرق قلبها ”
قال ادهم بسرعة ” قصدك افوقها ..عشان تشوف حياتها مع حد تانى يستاهلها ,,وعشان كل الدنيا تعرف ان مفيش حد فى حياتى غير واحدة وبس ”
نظرت ندى الى الدبل فى يده وشعرت حقا بالاشفاق عليها وقالت ” بس حرام عليك فعلا ..كسرت قلبها ”
امسك بكفها وهو يقول ” على فكرة انا مش صعب للدرجادى وريهام بعزها ز ى اختى ومكنتش حابب انها تفضل تهدر فى مشاعرها مع الشخص الغلط ..اتكلمنا بصراحة وهيا اللى طلبت منى تيجى معايا عشان نقدر نتعامل مع بعض بعد كدة بشكل عادى ونحط حد للموضوع السخيف ده ”
تاملت كلماته ورزانة طريقته وشعرت انها اكثر نساء هذه الدنيا حظا وندمت على كل لحظة لم تحظى فيها بقربه ، انه اكثر مما تتمناه ، انه ما تمنته فى كل شىء ، نظر لها فى هيام وقالت فى تلعثم ” بقولك ايه ...انا هاخدك واروحك حالا ..بدل ما افقد السيطرة على نفسى واخوكى ييجى يخلص علينا احنا الاتنين ”
ضحكت ندى وهى تفتح باب السيارة قائلة ” ده على اساس انك مش بتخاف عليا اكتر من عمر نفسه ”
نظر لها ادهم وقال وهو يدير مفتاح سيارته ” من جهة بخاف عليكى فانا معندييش حاجة اغلى منك اخاف عليها ..بس فى الاول والاخر انا بشر ..واللى قدامى دى حبيبتى اللى متمنتش فى الدنيا غيرها ..يعنى انا لو حجر هنطق ”
شعرت بالخجل من رقة كلماته فقال وهو يبدا القيادة ” يلا نروح احسن ..عشان عايز اعدى على اخوكى اسلم عليه قبل ما امشى ”
**********************************************
توقفت سيارة ادهم امام المستشفى التى يعمل بها عمر ، اخرج هاتفه يحدثه ليخرج له ، وبعد دقائق كان يفتح باب سيارته ليجلس الى جواره بوجهه العابس ، ضحك ادهم قائلا ” يا ساتر ايه الوش ده هيا اللى جوة دى عملت فيك ايه ” نظر له عمر فى حزم فتوقف ادهم عن مزاحه وقال ” مالك يا عمر ..انا بهزر على فكرة ”
هز عمر رأسه قائلا ” خلاص يا ادهم ”
عرف ادهم ان السبب فى هذه الحالة هى حبيبته فقال محاولا ان يهون عليه ” هيا برضه مش كدة ؟؟“ نظر عمر الى نافذه السيارة دون ان يرد فواصل ادهم ” هوا انا مش قولتلك تعمل ايه ..هوا ده الحل الوحيد يابنى عشان تعرف هيا عاملة كدة ليه ” وضع عمر جبينه بن سبابته وابهامه قائلا ” مقدرتش يا ادهم ..مقدرتش اعرف حاجة عنها من وراها ..انا عاوزها هيا اللى تحكيلى عنها كل حاجة وتثق فيا
لوى ادهم فمه فى سخرية قائلا ” امم ؟؟انت بقا من هواة النفس الطويل ..طب احب اقولك بقا ان الستات يوم ما يحبو يخبو فمن رابع المستحيلات انهم يتكلمو بسهولة ..خد منى يا بنى واعمل اللى بقولك عليه ولو مش قادر قولى وانا اقوم بالمهمة ”
هز عمر رأسه قائلا ” خلاص يا ادهم انسى الموضوع ده خالص ”
حاول ادهم ان يقتعه بوجهة نظره دون جدوى وبينما يتحدث اليه ، لاحظ عمر تعلق عينى ادهم تجاه الباب فاستدار فى تلقائية ليرى الى ما ينظر ، فسأله ادهم ” انت تعرف البنت اللى واقفة على الباب دى يا عمر ”
تعجب عمر من سؤاله وقال ” دى ياسمين اللى حكتلك عنها ” ، كانت ياسمين على وشك مغادرة المشفى لولا ان نادتها احدى الممرضات فعادت من جديد ، اخذ ادهم يدق على عجلة القيادة بيده وهو يتحاشى النظر الى وجه عمر المتمعن له ، لقد اصبحت لديه كل الاجابات التى يحتاجها عمر ولكنه يخشى عليه من الصدمة فما يعرفه كفيلا بأن يقلب كل الامور رأسا على عقب

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close