اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة علي 



                                    
الفصل الثالث عشر 

+


تسائلت يوما عن الحب ...

+


ما هو الحب ...

+


ولم أجد جوابا وافيا ...

+


هل الحب حقيقة أم وهم تشبثنا به للتخلص من رتابة الحياة المملة ..؟!

+


وإن كان الحب حقيقة ، فهل يكون نعمة أم نقمة في حياة من زارهم طيفه ..؟!

+


كم تسبب الحب بالأذى للكثير ..؟!

+


كم تحطمت قلوب بسببه ..؟!

+


كم تدمرت أحلام في وجوده ..؟!

+


كم شخص عاش تعيسا طوال حياته بسبب الحب ..؟!

+


وكم شخص بقي يدفع ثمن سقوطه في إثم الهوى طوال عمره  ..؟!

+


كم شخص بقي يتجرع مرارة العشق المؤلم وخيباته ...؟!

+


كم شخص خذله العشق ..؟!

+


كم شخص منحه العشق صفعة حولته لشخص آخر لم يعرف بوجوده من قبل ..؟!

+


العشق خبيث ...

+


فهو إن لم يمنحك السعادة سيخطف الحياة منك لا محالة ...

+


وإن كان العشق ظاهريا شعور جميل فواقعيا يحمل في باطنه الكثير ...

+


يخبئ لك الكثير مما لن  تستوعبه ...

+


قد يمنحك سعادة مؤقتة ...

+


سعادة تجعلك تشعر وكأنك لمست النجوم بيديك وطفت بين الكواكب التسعة وغرقت في وهج الشمس دون أن تحترق ..

+


سعادة مختلفة .. غريبة ... مجنونة ...

+


سعادة ما إن تنتهي يحل محلها الدمار ...

+


الضياع ...

+


السقوط ...

+


الهزيمة ...

+


وأقسى شيء في العشق هزيمته لك ..!!

+


وبعد كل هذا يبقى هناك سؤال مهم ، سؤال لا يمكن أن نعتمد له جوابا ثابتا ...

+


هل العشق هو من تسبب بكل هذا الألم والضياع لنا ..؟!

+


هل العشق لم يكن أهلا لنا أم نحن من لم نكون أهلا له ..؟!

+


هل الخطأ منا أم من العشق نفسه ...؟!

+


هل لا يليق العشق بنا أم العشق نفسه من يختار الشخص الذي يليق به ...؟!

+


تساؤلات لا تنتهي ...

+


هل كان الخطأ من العشق الذي ظللنا بأوهام لا وجود لها أم الخطأ منا لإننا سمحنا لأنفسنا في السقوط بذلك الوهم والإنجراف خلفه ..؟!

+


أم الخطأ يكمن في إختيارنا لأشخاص لا يناسبهم العشق ولا يليق بهم ..؟!

+


ولكن منذ متى والعاشق يمكنه الإختيار...؟!

+


كيف يمكنه التحكم في قلبه وتوجيهه حيثما يريد ..

+


حيث الشخص الصح ...!

+



ليت العشق كان بيدنا ...

+


ليتنا من نختار هوية الشخص الذي يشاركنا هذا العشق ...

+


ليت الأمر لم يكون بيد قلوبنا ...

+


حينها كل شيء كان سيكون أفضل ...

+


أفضل بكثير ...!!












+


أمام مرآتها كانت أروى تضع اللمسات الأخيرة على زينة وجهها ...

+


اليوم ستخرج مع نضال في موعد عشاء الأول لهما بعد خطبتهما ...

+


وكالعادة هي تتجهز بآلية لهذا الموعد بلا روح ولا رغبة حقيقية في الذهاب معه ..!

+


داخلها فارغ خالي من الحياة ...

+


الفراغ يحتلها ... فراغ مدجج بخوف مجهول ..

+


خوف لا تفهمه ... لا تدرك سببه لكنه يكبل روحها بقوة .. يخنقها ..!

+


أخذت نفسا عميقا مقررة تجاهل ذلك الشعور الذي يسيطر عليها منذ أن وضع نضال خاتمه في بنصرها ...

+


شعور مريب يؤثر بها ولكنها تتعمد تجاهله وتجاهل تأثيره ...!

+


أخذت نفسا عميقا مرة أخرى وهي تتأمل وجهها بالمرآة ناحية أفكارها تلك جانبا ...

+


تصفيفة شعرها الكلاسيكية والأنيقة في ذات الوقت وقد إختارت أن ترفع خصلات شعرها السوداء بتسريحة بسيطة للغاية جمعت بها خصلاتها الطويلة وزينتها بدبوس ذهبي أنيق ...

+


زينة وجهها نفسها كالعادة حيث بودرة الوجه الخفيفة للغاية وكحل عينيها الأسود وحمرة شفاهها بلونها البني الفاتح ...

+


لم تكن تحب وضع مساحيق التجميل بكثرة وفي الواقع هي حتى لا تجيد وضعها جيدا لذا تكتفي بهذا القدر الضئيل والذي يتماشى معها ومع ما تحبذه...

+


ارتدت فستانا بلون بني غامق وتصميم كلاسيكي بسيط كعادتها حيث يتميز بطرازه التقليدي والأنيق في ذات الوقت ..

+


فستان طويل يتخطى ركبتيها وينتهي قبل كاحليها بقليل مع أكمام طويلة تغطي ذراعيها وساعديها بالكامل ...

+


ومعه ارتدت حذاء من نفس اللون البني ولكن بدرجة أفتح ذو كعب متوسط الطول فهي لا تحتاج إلى ارتداء الأحذية ذات الكعب الطويل للغاية بسبب طولها الذي يبلغ حوالي مئة وسبعون سنتيمترا ...!

+


حملت عطرها المفضل برائحته الهادئة وأخذت ترش منه بحرص فوق جسدها وعقلها يغيب مجددا في هذا اللقاء وما سيحدث به ...

+


نظرت إلى الساعة لتجد إنه ما زال هناك حوالي نصف ساعة على موعد وصوله ...

+


زفرت أنفاسها بصمت ثم نهضت من مكانها متجهة إلى سريرها لتجلس فوقه وتسحب هاتفها من فوق الطاولة المجاورة للسرير تتصفح حسابها على الفيسبوك عندما وقعت عيناها على صورة لكل من نغم وراجي نشرتها شقيقة نغم الصغرى وقد أشارت لكليهما في الصورة ...

+



        

          

                
تأملت إبتسامة نغم السعيدة وضحكتها التي تملأ وجهها وهي تقف بجانب راجي الذي يبتسم للكاميرا بسعادة ظهرت بوضوح في عينيه ...

+


كانا يمثلان ثنائيا مثاليا في كل شيء ...

+


يكفي إن الحب يجمع بينهما ويشع من كليهما ..!

+


ظهرت الصورة الأخرى والتي كان كلاهما ينظر إلى الآخر فيها يتبادلان الإبتسامات العاشقة بينما الصورة الثالثة والأخيرة ظهرت فيها نغم وهي تنظر نحو راجي الذي يبتسم للكاميرا برزانته المعتادة بينما نظرات نغم موجهة نحوه بعشق خالص يتوهج من عينيها وضحكتها ...

+


كانت فاتنة ... مثيرة .. حسناء بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وقد بدا اللون الأحمر عليها مهلكا لأي رجل سيراها وهي ترتديه أما راجي فكان كما هو .. وسيما .. جذابا ... وأنيقا..

+


ابتسمت بخفوت وهي تتمنى السعادة لهما ...

+


نغم تستحق هذه السعادة..

+


تستحق أن تحيا مع الرجل الذي أحبته لسنوات ولم تتوقف عن حبه رغم كل الظروف ...

+


تشكلت غصة في حلقها وهي تتذكر عشقها الخاسر لشريف ...

+


شريف الذي لم ينتبه لها يوما حتى ..!

+


ورغم كل شيء هي تدرك جيدا إن قرارها كان في محله ...

+


قرارها في الإبتعاد عنه تماما كان أفضل قرار اتخذته طوال حياتها ...

+


شريف لم ولن يراها وهي كانت تذبل جانبه دون أن يدرك ..

+


أحيانا تلومه لوهلة ثم تتراجع عن ذلك وتقوم بلوم نفسها بقسوة تستحقها ...

+


هي من فعلت بنفسها هذا ...

+


هي من سمحت لنفسها بالإنجراف خلف مشاعر لا أساس لها وعاشت في أوهام كانت تدرك جيدا إستحالة حدوثها ...

+


ومجددا تعترف بينها وبين نفسها إن شريف لم يكن لها يوما حتى وإن شعر بها في وقت ما وحتى لو حاول أن يكون معها ما كانت هذه العلاقة ستنجح فهي باتت تعرف نفسها جيدا ..

+


رغم كل شيء هي تعلم إنها أبدا لم تكن ستتخطى مشاعره السابقة نحو غالية ...

+


حبه الحقيقي لها ورغبته في الزواج منها في وقت ما..

+


ما كانت لتتجاوز حقيقة إنه فكر بغالية وليس بها ..

+


إنه قرر أن يتزوج من غالية وليس منها رغم إنها تكبر غالية سنا وأقرب له بكل شيء ولكنه فضلها عليها ...

+


بل لم ينتبه إليها حتى في حضرة وجودها ...

+


وهي تدرك جيدا إنها لم تكن لتتجاوز هذا أبدا حتى وإن أرادها فيما بعد ...

+


ستبقى تلك الحقيقة المرة حاجزا بينهما ...

+


فهي بشخصيتها المضطربة وثقتها بنفسها المعطوبة تماما ما كانت لتتجاوز ذلك وكان سيظل اختياره لغالية أولا وليس لها هاجسا يلاحقها طوال الأمد لذا الانسحاب كان الحل الأفضل ..

+



        
          

                
كان قرارا صحيحا ...

+


ولكن ماذا عن قرار خطبتها بنضال ..؟!

+


هل كان قرارا صحيحا ..؟!

+


هل نضال هو الشخص المناسب لها ..؟؟

+


هي لا تعرفه حتى الآن ..!!

+


هي وافقت عليه بناء على ما تعرفه عنه من معلومات يعرفها الجميع ..

+


وجدته عريس مناسب بمواصفات ممتازة ...

+


لم يكن هناك مجال لرفضه خاصة وهي تدرك صعوبة تعرفها على شخص ما في أحد الأيام ...

+


تنهدت بعجز قبل أن تبتسم بتهكم ومرارة مفكرة إن الوقت تأخر كثيرا على سؤال كهذا فهي باتت خطيبته بالفعل وخاتمه الذي يزين بنصرها أكبر دليل على هذا ..!

+


***

+


في أحد المطاعم الشهيرة ...

+


أخذ النادل يدون طلباتهما قبل أن يتسائل إذا ما يريدان شيئا آخرا ثم انسحب بعدها من المكان لينفرد نضال بها يتأملها بإهتمام قبل أن يهمس برضا تام بسبب لباسها المحتشم ومظهرها الكلاسيكي المعتاد والأنيق في ذات الوقت :-

+


" تبدين جميلة ...!"

+


تنحنحت بخجل وتوتر طغى عليها وزاده رضا بينما همست هي بصوت خرج مبحوحا :-

+


" شكرا ..."

+


وفي ثواني مد كفه يقبض على كفها فانتفضت بهلع عفوي تمكن منها للحظات قبل أن تسيطر على ذلك الشعور وتصطنع الهدوء فإبتسم بمكر خفي وهو يتسائل :-

+


" هل هناك مشكلة ...؟!"

+


أجابت بصوت متحشرج :-

+


" أبدا ..."

+


وفي الحقيقة هي كانت تكذب ...

+


فهي متوترة للغاية .. خجولة جدا وخائفة جدا جدا ...

+


 الخوف مجددا دون سبب وجيه ...

+


في النهاية هو خطيبها ولا مشكلة في كونه يمسك يدها ... 

+


رباه لماذا يحدث هذا معها ..؟!

+


لماذا تشعر بالرفض يحتل كيانها بسبب قربه ..؟!

+


لماذا تشعر برغبة شديدة في دفع كفه بعيدا عن يدها بل الأسوأ إنها تشعر برغبة دفينة في مغادرة المكان فورا ..؟!

+


الرغبة في الهرب منه ومن كل شيء ...

+


سحبت كفها من أسفل كفه بحذر واتجهت بها نحو الكأس الموضوع أمامها لتصب القليل من المياه لها وتصبها في الكأس ثم تحمل الكأس وترتشف القليل من المياه بتوتر لم يخفَ عنه رغم محاولاتها عدم إظهار ذلك التوتر والإضطراب أمامه ...!

+


أخذ بدوره يتأملها بغموض مهيب وعقله رغما عنه يركز في تفاصيلها مجددا ...

+


ليست تفاصيل تتعلق بملامحها ومظهرها الخارجي وإنما كان يركز هذه المرة على تصرفاتها وتوترها المبالغ به ...

+



        
          

                
إرتباكها الغير مفهوم ...

+


نفورها من لمسته ...!

+


نعم لقد شعر بنفورها ... رفضها للمسة يده ...

+


ليس من الممكن أن يخطأ بشعوره هذا ...

+


هو ذكي بما فيه الكفاية ليدرك ذلك ...

+


نبيه للغاية كي ينتبه لكل تفصيلة مهما كانت بسيطة ولكل حدث مهما بدا غير مهما او عابرا ...!

+


هناك شيء خطأ فيها ...

+


شيء سيحرص أن يعلم عنه ..

+


سيبحث خلفه ...

+


الشكوك بدأت تساوره حولها ...

+


خجلها المبالغ فيه ..

+


توترها الزائد عن حده ...

+


إرتباكها المريب ...

+


هناك شيء ما يكمن خلفها ...

+


شيء أكبر من خجل عذراء تخطو خطواتها الأولى في علاقة حقيقية يكللها الزواج مستقبلا ..

+


تجاهل أفكاره وهو يتسائل بجدية :-

+


" كيف كان عملك اليوم ..؟!"

+


ردت ببساطة :-

+


" جيد .. "

+


" عملكِ مرهق للغاية ..."

+


قالها بهدوء لتؤيده :-

+


" نعم ولكنه ممتع ..."

+


" تبدين شغوفة بعملك ... كثيرا ..."

+


قالها بتأني لتبتسم بخفوت وهي تخبره بصدق :-

+


" كثيرا ، عملي هو كل حياتي ... أحبه كثيرا ... رغم صعوبته ..."

+


هتف بتأني مقصود :-

+


" سيزداد الأمور صعوبة بعد الزواج ... سيكون عليك تحمل مسؤولية مضاعفة ... لن يكون العمل مسؤوليتك الوحيدة ..."

+


هتفت بعدما ابتلعت ريقها :-

+


" صحيح  ..."

+


أضاف وهو يراقب شحوب ملامحها :-

+


" وماذا عن دراستك ...؟! متى ستنتهي سنوات دراسة التخصص ...؟!"

+


" ما زال هناك عامين على الأقل حتى أنهي دراستي وأنال شهادة الإختصاص  ..."

+


" لماذا إخترت دراسة الجراحة ...؟! يعني هناك تخصصات أفضل ومناسبة لك .. الجراحة تخصص صعب ومعقد ويتطلب تواجد دائم منك في المشفى بل قضاء الليالي هناك ... سيكون من الصعب التوفيق بين عملك ومسؤوليتك كزوجة وأم مستقبلا ..."

+


زوجة وأم ...

+


بدت كلمتان ثقيلتان للغاية ولكنهما مستا شيئا ما داخلها ..

+


في النهاية هي مثلها مثل أي أنثى تحلم بأطفال تكون هي أمهم ... 

+


رغبة الأمومة كبيرة للغاية داخلها وربما هذا ما جعلها توافق على هذه الزيجة بعد تفكير قصير فهي لم تعد صغيرة ...

+



        
          

                
هي تجاوزت عامها الحادي والثلاثين منذ عدة أشهر وقريبا ستصبح في الثانية والثلاثين ...

+


متى ستتزوج ثم تحمل وتحصل على أطفال ..؟!

+


العمر يجري بها وإذا بقيت مكانها ستجري السنوات بها وتصل إلى عمر تعجز فيه عن الزواج وإنجاب الأطفال ...

+


هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها ...

+


نطقت أخيرا متجاهلة تشوش أفكارها بسبب حديثه :-

+


" سأحاول أن أفعل ... سأوفق بين عملي ومسؤوليتي كأم مستقبلا باذن الله ..."

+


" تبقى مسؤوليتك كزوجة وأم أهم بكثير ... هي الأساس ... حتى لو اضطررت لترك العمل أو تقليل ساعات عملك وقتها ..."

+


قالها بثبات وإقرار أدهشها لوهلة لتهمس بعد ثواني بإستسلام :-

+


" معك حق ... "

+


ابتسم مجددا برضا مفكرا إن هذه الاستسلام السريع يعجبه ...

+


يخبره إنها ستكون طوع يديه يشكلها كيفما يشاء ...

+


هذا ما يريده بل ما يحتاجه من المرأة التي ستدخل حياته وتشاركه فيها  ..!

+


تقدم النادل يحمل الطعام ليضعه فوق الطاولة ثم ينصرف بعدما سألهما مجددا إذا ما كانا يحتاجان شيئا آخرا ...

+


بدأ كلاهما يتناول طعامه بصمت وكلا شارد في أفكاره التي تخصه ..

+


أروى تفكر مجددا في صحة هذا الإرتباط ...

+


وهو يخبر نفسه مجددا إنه أجاد الإختيار ..

+


بعد قليل أرادت أروى أن تفتح مجالا للحديث بينهما عندما قررت أن تسأله عن والدته وهي تتذكر ملامحها يوم الخطبة وعدم الرضا الواضح عليها :-

+


" هل عادت والدتك إلى كندا ...؟!" 

+


تصلبت ملامحه وآخر ما كان ينتظره ذكر والدته في هذه الجلسة لكنه أجاب بإقتضاب :-

+


" كلا ..."

+


سألته بحذر :-

+


" هل ستبقى هنا طويلا ...؟! "

+


رد بوجوم سيطر على ملامحه :-

+


" لا أعلم ..."

+


ثم أضاف بنبرة حازمة :-

+


" لا أحب التحدث عن والدتي كثيرا .... من الأفضل أن تختاري موضوعا آخرا للحديث ..."

+


أرادت أن تفهم ما يحدث وكيف يتحدث عن والدته بهذا الشكل لكنها لم تجرؤ على التساؤل فهمست بخضوع :-

+


" حسنا .... كما تريد ..."

+


ابتسم بإقتضاب قبل أن تجده يمد كفه قابضا على كفها مرددا بهدوء :-

+


" لا تنزعجي مني ولكنني لا أحب تعكير مزاجي بحديث لا أهمية له ...."

+


لم تستطع منع نفسها من الرد :-

+



        
          

                
" لكنها والدتك .. نحن لا نتحدث عن شخص غريب ..."

+


قاطعها بتجهم وقد حرر كفها من قبضته وعاد إلى الخلف بحركة غاضبة :-

+


" لماذا لا تفهمين ..؟؟ لا أريد التحدث عنها.... على الأقل الآن ..."

+


طالعته بدهشة وحيرة والتساؤلات تشع من عينيها ليزفر أنفاسه بضيق ثم يهمس من بين أسنانه :-

+


" حسنا ، أنا ووالدتي بيننا العديد من الخلافات ... منذ سنوات .... وأنا لا أحب التطرق إلى هذا الأمر إطلاقا ... "

+


هزت رأسها بتفهم ولم يكن ما قاله غريبا وقد تذكرت إنه في زيارته الأولى مع عائلته إلى منزلها لخطبتها لم يجلب والدته معه بل جلب زوجة والده ...!

+


عادت تتأمله بحيرة لا تخلو من التحفظ وعقلها يخبرها إن هذا الرجل يحمل الكثير في جبعته ويخفي الكثير ...

+


وفي خضم أفكارها صدح تساؤلا مفاجئا :-

+


" هل كان هناك شخص ما في حياتك قبلي يا أروى ..؟!"

+


ألقى سؤاله في وجهها وكان حريصا أن يتابع ردة فعلها بتركيز شديد ...

+


الإضطراب والتوتر اللذان ظهرا على ملامحها بوضوح ...

+


التردد الذي لاح في نظراتها وطغى على نبرتها وهي تجيب بسرعة :-

+


" كلا ..."

+


سيطر على إنفعالاته بمهارة وهو يلوي ثغره متسائلا بنبرة بدت عادية إنما تحمل في طياتها الكثير :-

+


" حقا ..؟!"

+


إبتلعت ريقها وهي تومأ برأسها بسرعة وتكرر قوله :-

+


" حقا ..."

+


ثم سارعت تتناول طعامها هربا من نظراته التي تحاصرها دون فكاك وفي عينيه إشتعلت نظرة مخيفة بوعيد مهلك لو كان ما يفكر به صحيحا ...!

+


***

+


دلف أثير إلى القصر تتبعه والدته التي تنادي عليه بعصبية جعلته يلتفت لها مرددا بغضب مكتوم :-

+


" ماذا تريدين ..؟!"

+


تابع دخول والده مع سولاف بينما نطقت والدته من بين أسنانها :-

+


" أريد أن أفهم مالذي يحدث .. أنت مختفي طوال اليومين السابقين ... لا تجيب على اتصالاتي ... تتجاهلنا جميعا ثم تظهر اليوم فجأة في خطبة راجي بلا مبالاة ... أين كنت طوال اليومين السابقين ..؟!"

+


هتف حاتم محاولا تهدئتها بينما سولاف تتابع الموقف وملامح شقيقها الجامدة بقلق :-

+


" اهدئي يا زمرد ... ربما كان يريد الإنفراد بنفسه قليلا ..."

+


" كان عليه أن يخبرنا على الأقل ..."

+


قالتها بعصبية ما زالت تتملك منها وشعور خبيث يخبرها إن هناك آمرا جليا حدث مع ولدها جعله يبتعد عنهم الأيام السابقة بل يتجاهلهم طوال حفل الليلة ...

+



        
          

                
سمعته يهتف أخيرا ببرود :-

+


" ما الغريب في الأمر ..؟! إنها ليست المرة الأولى التي أبتعد فيها عن القصر ... "

+


هتف والده محاولا احتواء الموقف كعادته :-

+


" ولكن كان عليك أن تخبرنا يا أثير ... لولا تواصلي مع حارس العمارة الذي أخبرني إنك تبيت في شقتك ما كنا لنعلم أين إختفيت ..."

+


" ها أنت قلتها .. كنت في شقتي .. الشقة التي تعرفون مكانها جيدا ... "

+


أضاف وعيناه تتجهان نحو والدته بنظرات محملة بالغضب والوعيد :-

+


" ولا أعتقد إنه من مصلحتك معرفة سبب غيابي اليومين السابقين عن القصر وتجاهلي مكالماتك ..."

+


اضطربت ملامحها بوضوح بينما تسائل والده بإهتمام وقد أدرك وجود خطب ما :-

+


" ماذا هناك يا أثير ...؟! هل حدثت مشكلة مع والدتك ..؟!"

+


قالت زمرد بسرعة وهي تجاهد لإخفاء توترها :-

+


" دعك منه الآن ... على ما يبدو إنه غضب مني بسبب خوفي وقلقي عليه ... ألا تعرفه يا حاتم ..؟! ينزعج من ذلك ..."

+


" أنت تعرفين إن الأمر ليس كذلك ..."

+


قالها بجدية وملامح وجهه بل نبرة صوته أيضا توحي برغبته في كشف كل شيء الليلة ليسمع والده يصيح بنفاذ صبر :-

+


" ليخبرني أحدكما عما يحدث هنا ..!"

+


" اهدأ يا بابي ..."

+


قالتها سولاف وهي تقبض على ذراعه برجاء بينما كرر حاتم سؤاله :-

+


" تحدث يا أثير ... مالذي يحدث ..؟! تحدث يا بني ..."

+


" سأتحدث ...."

+


قالها بإصرار قبل أن يهتف بصوت قوي :-

+


" أساسا يجب أن أفعل ... يجب أن أواجه كليكما .. أم كنتما تعتقدان إن الأمر سيبقى سرا تحتفظان به بينكما  طوال العمر ..."

+


خرجت جملته الأخيرة هازئة تحمل في طياتها قهرا مضنيا عندما تسائل والده بحيرة :-

+


" ماذا يحدث ..؟! تحدث حالا ..."

+


وجد والدته تقبض على ذراع والده وهي تخبره بتعب أدرك إنه مصطنع كعادتها في محاولة إنهاء الموقف :-

+


" أشعر بالدوار يا حاتم ..."

+


تقدم نحوها هاتفا من بين أسنانه :-

+


" لن تهربي من المواجهة ...."

+


صاح والده وقد نفذ صبره بينما أخذت سولاف تتابع الموقف بقلق وأسى :-

+


" ليخربني أحدكما عما تتحدثان ...؟! مالذي تخفيانه عني ...؟؟"

+


أخذ أثير نفسا عميقا ثم اتجه بأنظاره نحو والدته التي رمقته بنظرات متوسلة تجاهلها وهو يهمس بصوته الجامد :-

+



        
          

                
" هل تشعرين بالراحة الآن ...؟! هل أنت سعيدة ..؟! هل إرتحت بعدما فعلته ...؟! "

+


ثم التفت نحو والده يشبه بإتهام :-

+


" وأنت .. هل إرتحت بدورك ... ؟! هل تشعر بالرضا على ما إقترفتماه بحقي ...؟!"

+


" أنا لا أفهم عما تتحدث ..."

+


قالها حاتم بغضب ونفاذ صبر ليصيح أثير بدوره :-

+


" أتحدث عن هالة ... هالة التي أحببتها يوما وخسرتها بسببكما ... بسبب غروركما وتسلطكما وجحودكما ..."

+


أضاف وهو يتجه بأنظاره المشتعلة نحو والدته التي سيطر البؤس عليها :-

+


" هالة التي لم تتردد زمرد هانم لحظة واحدة في إهانتها والتقليل منها وطردها من حياتي متجاهلة حقيقة إنني كنت أحبها وإنني عانيت لسنوات بسبب فراقنا ..."

+


إختنقت نبرته لوهلة وهو يسألها :-

+


" كيف كنت تشعرين وأنتِ تعلمين مقدار حبي لها ..؟! كيف استطعت فعل ذلك بي ..؟! كيف حرمتني من الفتاة التي أحبها ...؟! "

+


أضاف بهمس متحشرج مليء بالقهر والعتاب :-

+


" كيف هنت عليك ..؟! كيف ..!"

+


" مالذي تقوله أنت ..؟! ما هذا الكلام ..؟!"

+


صاح به حاتم بعدم استيعاب ليلتفت أثير نحوه يهتف ضاحكا بمرارة :-

+


" لماذا أنت مندهش ..؟! ألم تكن شريكها في كل هذا ..؟؟"

+


" انتبه على حديثك يا ولد .. أنا لا أفهم مالذي تتحدث عنه .. مالذي كان بينك وبين هالة ..؟! وما علاقة والدتك بهذا ..؟!"

+


عاد بأنظاره المصدومة نحو والدته عندما سألها بعدم استيعاب :-

+


" ألم يكن يعرف حقا ...؟! لماذا قلتي لهالة غير ذلك إذا ..؟! لماذا أخبرتها إن والدي لا يريدها ...؟!"

+


نظر له حاتم بصدمة لوهلة قبل أن يلتفت نحو زوجته يسألها بعدم تصديق :-

+


" مالذي يتحدث عنه ولدك يا زمرد ..؟! من أين أتى بهذا الكلام ...؟! تحدثي ..."

+


صاح أثير بدوره بها :-

+


" تحدثي يا هانم .. أخبريه عما فعلته ... أخبريه عن حبنا أنا وهالة ... حبنا الذي تدمر بسببك ... بسبب غرورك وجبروتك الذي رفضها وألقى هذا الرفض في وجهها بكل قسوة وتجبر ..."

+


إلتفت نحو والده يضيف ملقيا الحقيقة كلها في وجهه :-

+


" أنا وهالة كنا نحب بعضنا ... كنت أنوي الزواج منها أيضا .. زمرد هانم علمت بالأمر وسارعت تنهي هذه العلاقة لإنها ترى إن هالة ليست مناسبة لي ... ليست العروس التي تليق بولدها ... وليتها تصرف بنزاهة وأخبرتني عن رفضها بوضوح ... والدتي العزيزة خططت لكل شيء سرا دون علمي .. أخبرت هالة برفضها لهذه الزيجة بل ورفضك أنت شخصيا ... "

+



        
          

                
طالع صدمة ملامح والده بضحكة ساخرة وهو يضيف :-

+


" نعم ، تحدثت نيابة عن ... قالت كلام عن لسانك وأنت لا علم لك بكل هذا ... أهانت الفتاة ... قللت من شأنها وشأن والدها وفي النهاية طلبت منها بوضوح أن تبتعد عني وهالة بدورها وافقت وتركتني ... سنوات وأنا أعاني مرارة خسارتها ... سنوات وأنا أتجرع ذلك الألم سرا .. سنوات وأنا أبحث عن سبب منطقي يجعلها تتركني بعد هذا الكم من العشق الذي حملته لها لأكتشف في النهاية إن سبب هذا الألم الذي حييت به لسنوات هي والدتي ... والدتي من طعنت قلبي ودمرت حبي وجعلتني أحيا هذا الوجع لأعوام ..."

+


" لا يعقل ..."

+


قالها حاتم وهو يتجه بأنظاره نحو زوجته بينما يضيف بغضب تمكن منه :-

+


" هل حقا فعلت كل هذا يا زمرد ..؟! هل فعلتِ هذا بولدنا ...؟! "

+


نطقت أخيرًا بصلابة مصطنعة :-

+


" نعم فعلت ..."

+


ثم اتجهت ببصرها نحو أثير تخبره بثبات :

+


"فعلت هذا لأجلك .. لأجل مصلحتك ..."

+


صاح أثير بصوت جهوري :-

+


" توقفي عن هذا ... أنت دمرتني .. لماذا لا تفهمين ..."

+


هتفت بعناد وتشبث :-

+


" بل أنت الذي لا تفهم .. أنا أنقذتك من تلك الفتاة ومن زيجة كنت ستندم عليها طوال عمرك ..."

+


" لا أصدق ... لا أصدق إنك ما زلت تصرين على ذلك ..."

+


قالها بعدم تصديق لما يسمعه لتخبره بقوة :-

+


" بلى صدق .. أنا أم .. وأنت ولدي ... ولدي الوحيد الذي سأفعل كل شيء لحمايته ... ولدي الوحيد الذي أريد له الأفضل ..."

+


" على حساب سعادتي ..."

+


نطق بعدها مصدوما مما تقوله بينما يضيف بخيبة ومرارة :-

+


" على حساب راحتي ... على حساب رغباتي ... "

+


" أنت لا تدرك أين تكمن راحتك وسعادتك ..."

+


قالها بحزم ليجذبها حاتم من ذراعها يديرها نحوه هاتفا بقسوة :-

+


" لم أتصور أن تفعلي شيئا كهذا .. لم أتصور يوما أن يصل غرورك وتسلطك إلى هذا الحد ... كيف تفعلين شيئا كهذا ..؟! إنه ولدك ... ولدك يا هذه ..."

+


" أنت أيضا ستقف ضدي ... حتى أنت يا حاتم ..!! بدلا من أن تفهمني ... بل أنت أكثر شخص يجب أن يفهمني ... "

+


قالتها بدهشة ليهدر بها :-

+


" ألم تستوعبِ بعد ما فعلته ... ؟! كيف تسمحين لنفسك بفعل هذا ...؟! تخططين لكل هذا .. والأسوء أن تجعليني طرفا في مخططاتك دون علمي ... "

+


" كان يجب أن أفعل أي شيء لإبعاد تلك الفتاة عنه .."

+


قالتها بإصرار ليصيح أثير :-

+



        
          

                
" لماذا ترفضينها ....؟! لماذا تكرهينها إلى هذا الحد ..؟!"

+


أجابت بجمود :-

+


" أنا لا أكرهها .. هي أقل حتى من أن أكرهها .. أنا فقط لا أريدها ... لا أريدها لك ... "

+


 ضحك أثير لوهلة قبل أن يهتف بصوت جامد :-

+


" ماذا تعتقدين نفسك فاعلة ..؟! هل تعتقدين حقا إنه  يمكنك التحكم بي ..؟! تسييري كما تريدين ..؟! عليك أن تعلمي إنك مخطئة يا هانم ..."

+


أكمل وعيناه تتوعدان بالكثير :-

+


" وليكن بعلمك .. لن أمرر ما حدث بسهولة ... قسما بالله سآخذ حقي منك كاملا ... وهالة التي ترفضينها بإستماتة سأتزوجها قريبا وأعيش معها هنا كي أجعلها أمامك و في وجهك طوال الوقت .. "

+


أخذ نفسا طويلا ثم هتف بقوة مرعبة طلت من عينيه :-

+


" أنتِ من فجرتِ هذا البركان الخامد داخلي وأنت أول من سيطيح به هذا البركان ...."

+


ثم تحرك مندفعا خارج المكان بينما أخذت زمرد تصيح عليه بتوسل وبكاء عندما وجدت زوجها يقبض على ذراعها هادرا بها :-

+


" ماذا أفعل بك ..؟! أخبريني ..."

+


" هذا ليس وقت العتاب يا حاتم ... إلحق بولدك .. لا تجعله يتصرف بشكل سنندم عليه جميعا ..."

+


" هل تخافين عليه حقا ..؟!"

+


سألها بتهكم لتهتف بيأس :-

+


" إنه ولدي ... ماذا تقول أنت ..؟!"

+


هتف بملامح نافرة :-

+


" ولدك الذي دمرته بيدك ... وأنت أول من سيحصد نتاج دماره ..."

+


أغمض عينيه لوهلة ثم فتحها وهو يهمس بصوت ظهر فيه التعب بوضوح :-

+


" تحملتك لسنوات ... تغاضيت عن الكثير من أخطائك وتصرفاتك المرفوضة ... فقط لإنني أحبك ... قلت ستتغير .. تكبر وتتغير .. لكنكِ لا تفعلين .. كنت مخطئا يا زمرد .. "

+


" ماذا تقول يا حاتم ..؟؟"

+


همست بها بصوت متحشرج ليهتف بمرارة :-

+


" إلا أولادي يا زمرد .. مهما بلغت محبتي لك سيبقى أولادي في المرتبة الأولى .. ما رأيت أثير عليه قبل قليل أخبرني بمقدار الجرم الذي أرتكبته أنتِ في حقه ... بسببك ولدي كان وما زال يتألم ... بسببك أنت يا هانم .. أسفي عليك وعليّ أنا أيضا .. فأنا من عاملتك بطريقة خاطئة ومنحتك كل شيء دون أن أدرك ما أفعله وما أنتِ عليه ..."

+


" حاتم .. دعنا نتفاهم ..."

+


قالتها برجاء ليشيح بوجهه هاتفا بصرامة :-

+


" لا أريد رؤية وجهك بعد الآن ... سأقضي ليلتي في جناح الضيوف .. وسأحاول بقدر استطاعتي إصلاح ما دمرته يا زمرد ... سأفعل كل شيء لإرضاء ولدي ..."

+


أنهى حديثه وتحرك مغادرا المكان تاركا زمرد تتابعه بعينين ملأتهما العبرات قبل أن تتجه بأنظارها نحو سولاف التي وجدتها تنظر لها بخيبة قبل أن تتحرك تتبع والدها بصمت ...

+



        
          

                
***

+


كان راغب يجلس في شرفة الجناح شاردا تماما  عندما وجد همسة تتقدم نحوه وهي تبتسم له بصفاء مرددة :-

+


" الأولاد ناموا أخيرا .."

+


ثم أخذت مكانها قباله تخبره :-

+


" اليوم كان مجهدا ..."

+


" معك حق ..."

+


قالها بخفوت لتضيف بصدق :-

+


" ولكنني سعيدة لأجل راجي ..."

+


لم يعلق حيث اكتفى ببسمة بسيطة وهو يومأ برأسه عندما وجدها تراقبه بإهتمام جلي قبل أن تفاجئه قائلة :-

+


" لماذا لا أشعر إنك سعيد بهذه الزيجة ..؟!"

+


" لمَ تقولين هذا ..؟! بالطبع سعيد ... لأجل راجي ..."

+


خرجت  الكلمة الأخيرة بنبرة مشحونة فهو رغم كل شيء قلق بشأن شقيقه الذي دخل في متاهة لا يعلم كيف سيخرج منها مثلما لا يعلم سبب دخوله في متاهة كهذه ..

+


هل الحب هو من دفعه لذلك أم ضميره وإنسانيته التي أجبرته أن يقف بجوار نغم ويساندها في شدتها ..؟!

+


في كلتي الحالتين سيخسر راجي ...

+


في كلتي الحالتين سيتألم ويعاني مرارة الفقدان ...

+


تجاهل أفكاره وهو يستمع لصوتها الذي خرج هادئا كهدوء روحها الغريب هذه الفترة :-

+


" لا أشعر بذلك ... أشعر إنك تصطنع السعادة فقط ليس إلا ولا أعلم حقا لماذا .. جميعنا كنا نريد زواج راجي واستقراره ... لذا أنا مستغربة من ذلك ..."

+


" أنتِ تتوهمين ... "

+


قالها بجدية وهو يضيف بسخرية مقصودة :-

+


" مالذي يجعلك تشعرين هكذا لا أعلم ...؟! أنا نفسي ... هل بدر مني تصرفا جعلك تشعرين بعدم سعادتي ..؟!"

+


عادت تتأمله مجددا بطريقة أثارت تجهمه عندما نطقت بتروي :-

+


" في يوم كهذا .. يوم خطبة شقيقك ... راجي الذي لا يكون شقيقك فقط بل صديقك الأقرب لقلبك .. لم أرَ سعادة حقيقية في عينيك ولا حتى تصرفاتك .. حتى إنك تبدو مهموما ... وكأن هناك شيء ما يشغل بالك .."

+


نعم هو بالفعل كذلك ..

+


هو قلق لأجل شقيقه والأسوء إنه لا يستطيع البوح بقلقه هذا حتى لراجي نفسه ...

+


لن يشتت كيانه بأفكاره ومخاوفه ...

+


هتف راسما إبتسامة باردة على فمه :-

+


" توقفي بالله عليك... لا يوجد شيء كهذا ..."

+


" ربما لديك مشاكل في العمل ..."

+


قالتها وهي تهز كتفيها ببساطة ليهتف ببرود مقصود :-

+


" منذ متى وأنت تهتمين بضيقي أو حزني ...؟! منذ متى وأنت تلاحظين ذلك من الأساس ..؟!"

+



        
          

                
أجابت بنفس البرود :-

+


" دائما ما كنت ألاحظ ذلك .. كنت أشعر بك وأنت حزين ... وأنت غاضب .. وأنت مجهد ... ونفس الشيء عندما يحدث العكس .. عندما تكون سعيدا ... عندما تكون راضيا .. عندما تحقق انتصارا ما ... عندما تحقق إنجازا مهما في عملك فيظهر فخرك و إنتشائك بنفسك ونجاحك بوضوح ... "

+


هتف بتهكم متعمد محاولا تغيير الموضوع :-

+


" يبدو إنك تصرين على مفاجئتي بإستمرار ..."

+


تنهدت بصوت مسموع ثم قالت :-

+


" أعلم إن ما يحدث غريب .. إنك ما زلت غير مستوعبا هذه التغييرات التي طرأت علي فجأة ...."

+


أضافت وهي تبتسم بخفوت :-

+


" حتى أنا لا أستوعبها في بعض الأحيان .. لكن هذا ليس مهما ... ما يهم حقا هو إنني أدركت جيدا ما أريده بعد الآن ..."

+


تأملها بغموض ...

+


غموض امتد لثواني عندما تسائل بهدوء :-

+


" ومالذي تريده بعد الآن ..؟!"

+


ابتسمت بنفس الهدوء وهي تجيب :-

+


" أريد أن أحيا بسعادة ... معك أنت والأولاد ...."

+


تأملت الجمود الذي كسا ملامحه والشك الذي لاح في نظراته عندما نهضت بسرعة من مكانها وجلست جواره تقبض على كفه بتردد وهي تخبره بينما تتجه ببصرها نحو كفيهما المتعانقين :-

+


" أنت منحتني فرصة أخيرة وهذا يكفيني حاليا ... سأستغل هذه الفرصة كما يجب ... سأفعل يا راغب ... لأجل الأولاد .. لأجلك ولأجلي أنا أيضا .." 

+


رفعت بصرها نحوه لتلتقي عيناه بعينيها الصافيتين تماما في تلك اللحظة ...

+


عيناها اللتان تناظرانه بهدوء وسلام غريب منحهما لمعة بريئة و شفافة ...

+


في عينيه رأت الكثير من التردد ... الشك ... الإضطراب ....

+


رأت مشاعرا متضاربة تموج في عينيه ...

+


وجدته يربت بكفه الآخر فوق كفها المضموم بكفه وهو يمنحها إبتسامة لم تصل إلى عينيه بينما يخبرها بجدية :-

+


"أتمنى أن يكون كل شيء أفضل بعد الآن ..."

+


" ان شاءالله ..."

+


قالتها وهي تبتسم بإتساع قبل أن تسأله وكفها ما زال يقبض على كفه :-

+


" ألن تذهب للنوم ..؟!"

+


تنهد مجيبا وهو يهم بالنهوض من مكانه :-

+


" بلى ، سأنهض ..."

+


هتفت وهي تنهض بدورها :-

+


" هيا بنا ..."

+


ثم توجها إلى السرير عندما أخذ كلا منهما موقعه في مكانه ليسمعها تهتف بعدما أطفأ النور في الجناح تاركا ضوءا خفيفا يطل عليهما كون همسة تخاف من الظلام الدامس ...

+



        
          

                
سمعها تخبره وعلى ما يبدو تحاول أن تفتح حديثا معه كعادتها في الآونة الأخيرة :-

+


" نغم كانت جميلة للغاية ... "

+


أضافت وهي تستدير بوجهها نحوه :-

+


" كما إنها كانت سعيدة جدا ... هل حقا كانا يعرفان بعضهما من أيام الجامعة ..؟!"

+


أومأ برأسه وهو يجيب وقد استدار بوجهه نحوها :-

+


" نعم ، كانا مرتبطان لكن لم يحدث نصيب وقتها للأسف ..."

+


" ما هذا الحب ...؟! سنوات كاملة مرت وبقيا يحبان بعضيهما ... "

+


قالتها بإبتسامة صادقة وهي تضيف بحالمية تمكنت منها :-

+


" من الجيد إن الحب إنتصر في النهاية ..."

+


لم يعلق على حديثها بل يقي يتأملها بتمعن لاحظته أخيرا فسألته بإرتباك لا ارادي :-

+


"" لماذا تنظر إلي هكذا ...؟!"

+


أجاب بصراحة :-

+


" أحب تأملك عندما تكونين هكذا ...!"

+


" كيف هكذا ..؟!"

+


سألته باهتمام ليجيب بصدق :-

+


" عندما تكونين هادئة ... صافية ... منشرحة و روحك يملأها السلام والسكون ... "

+


أضاف وعيناه تتحركان فوق ملامح وجهها :-

+


" عيناك تكونان صافيتان بلمعة صادقة ... ملامحك تشع بالهدوء والانشراح ... حتى نبرة صوتك دافئة كالدفء الذي يحتل روحك في هذه اللحظة ..."

+


تنهد منهيا حديثه :-

+


" تكونين همسة القديمة التي عرفتها لسنوات ... همسة سابقا بكل سلامها ولطافتها ورقتها ..."

+


دون وعي تراكمت العبرات في عينيها ولاحظ هو ذلك ليتسائل بقلق :-

+


" ماذا حدث ..؟! هل تبكين ..؟!"

+


سارعت تمسح عبرات عينيها بأطراف أناملها بسرعة عندما وجدت كفه تقبض على أناملها بينما يتسائل وقد سمحت لنفسها بإطلاق العنان لدموعها :-

+


" لماذا تبكين يا همسة ..؟! هل أزعجك كلامي إلى هذا الحد ..؟!"

+


هزت رأسها نفيا بسرعة قبل أن تهمس بصوت مبحوح :-

+


" لم يزعجني ... "

+


" إذا ...؟!"

+


سألها مجددا لتهمس بنبرة خافتة :-

+


" أنت تحدثت عن الشيء الذي أفتقده منذ سنوات ولا أعرف كيف أستعيده .. عن نفسي القديمة ... نفسي التي تاهت كليا بمرور السنوات  .. أنا أعرف إنني تغيرت بل تحولت إلى شخص آخر لا يشبه همسة القديمة بأي شيء ... "

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" هل تعلم ما هو الأسوأ من ذلك ...؟! "

+


نظر لها باهتمام لتجيب والدموع عادت تشق طريقها فوق وجنتيها :-

+


"الأسوأ إنني لم أحاول مجرد محاولة أن أبحث عن نفسي الهاربة وأستعيدها ..."

+



        
          

                
هتف بجدية :-

+


" أنا السبب ... أليس كذلك ..؟!"

+


هزت رأسها نفيا وهي تجيبه بسرعة :-

+


" كلا يا راغب ... أنت لست السبب أو على الأقل لست السبب الوحيد ... أنا أتحمل الجزء الأكبر من هذا ... توقف عن لوم نفسك كما توقفت أنا عن ذلك ..."

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" أنا من هربت من مشاكلي وإضطراباتي لسنوات ... إخترت الإنعزال في قوقعة جليدية بعيدا عن الواقع قدر المستطاع ... "

+


ارتجفت شفتيها وهي تخبره بتردد :-

+


" كم أخشى أن يكون الآوان قد فات ولا فرصة لدي لإصلاح ما أفسدته الأيام ...؟!"

+


تنهد ثم هتف بصدق :-

+


"'لم يفت الآوان بعد يا همسة ...."

+


" هل أخبرك سرا ...؟!"

+


خرج التساؤل خافتا مترددا ليهتف بجدية :-

+


" بالطبع ..."

+


نطقت بتردد وخجل بديهي:-

+


" رغم كل شيء حدث بيننا طوال السنوات السابقة ... رغم كل الخلافات والنزاعات ... هناك شيء واحد فقط لم يتغير من ناحيتي إتجاهك..."

+


" ما هو ..،؟!"

+


سألها بترقب لتبتسم وهي تخبره بوجنتين متوردتين :-

+


"شعور إن هناك دائما شخص ما جانبي ... يقف خلفي ... شخص أدرك جيدا إنه قادر على حمايتي من أي شيء ومساعدتي في أي شيء ... لذا مهما حدث معي ومهما شعرت بالخطر او الخوف لأي سبب كان سرعان ما  يزول هذا الشعور بكامله ما إن أتذكر إنك هنا .. موجود في حياتي ... جانبي ومعي دائما ..."


+


***

+


كلماتها تلك منحته شعورا لم يختبره من قبل ...

+


كلمات بسيطة خرجت منها بعفوية صادقة ضربت قلبه بسهم بعثر نبضاته ....

+


لم تكن تدرك مقدار تأثير حديثها هذا الذي يبدو بسيطا للغاية لكن وقعه عليه كان أعظم مما تتصور وأعمق مما تتخيل ...

+


حديث مس روحه بل قلب كيانه كاملا وحقيقة إنه يمثل الحصن الآمن لها منحه شعورا مختلطا بين السعادة واللهفة والتمني ...!

+


تأمل وجهها الذي توسد صدره بعدما أنهت حديثها حيث مالت بوجهها فوق صدره وأغمضت عينيها مستسلمة لسلطان النوم غير واعية لما فعلته به بعد كلماتها تلك ...

+


وفي تلك اللحظة شعر إنها عادت تلك الطفلة الصغيرة التي نشأت معه تحت جنح والديه ..

+


طفلة أقسم أن يحميها من كل شيء حتى من نفسه ..!

+


وهاهي السنوات تمر والطفلة كبرت وباتت امرأة ..

+


إمرأته هو .. هو ولا أحد سواه ..

+


إمرأته رغما عنها وعن الجميع ...

+


همسة تنتمي له مثلما ينتمي هو لها ...

+



        
          

                
خلقا لبعضيهما ...

+


هو لا يمكنه أن يكون لإمرأة سواها وهي لا يمكنها أن تصبح يوما لغيره ...

+


وجودهما سويا مع بعضيهما حقيقة ثابتة ككل الحقائق الكونية ...

+


كطلوع الشمس صباحا وغروبها مساءا ...

+


كبرودة الجو شتائا ودفئه صيفا ...

+


همسة هي الحقيقة التي لا تقبل شكا ...

+


همسة هي العشق الغير قابل للإنتهاء بل لا يستطيع أن يتناقص حتى ...!

+


أغمض عينيه بإستسلام هو الآخر وعقله شرد رغما عنه في الماضي وقد أعادت خطبة راجي ذكريات ماضية لها عندما خطبها وكيف حدثت الخطبة بسرعة ...

+


 قبل عدة أعوام ...

+


كانت زهرة تتحدث مع زوجها بعفوية مطلقة وهي تخبره عن ذلك الشاب الذي تقدم لخطبة همسة بعدما رآها في الحفل الذي ذهبت هي إليه مع همسة وهناك إلتقت بأحدى صديقات شقيقتها زينة القدامى وجلسا على طاولة واحدة وكان معها عائلتها وقد نالت همسة إعجاب الشاب بجمالها الناعم ورقتها لتتفاجئ بوالدته تتحدث معها بعد أيام قليلة وهي تخبرها عن رغبة ولدها في خطبة همسة وعن مدى سعادتها كون إبنة صديقتها الراحلة ستكون من نصيب ولدها ...

+


رغم دهشة زهرة في البداية إلا إنها تعاملت مع الأمر كما يجب وهي تخبرها إنها ستتحدث مع عابد والذي يعتبر المسؤول عن همسة ثم تجس نبض الفتاة أيضا فهي ما زالت صغيرة ومن غير المعقول أن تتزوج قبل إكمال دراستها الجامعية على الأقل ..

+


أخبرت زهرة زوجها بهذا والذي تغضن جبينه لوهلة ليقول :-

+


" حسنا ، برأيي إنه ما زال مبكرا على الزواج ... لتنهي دراستها الجامعية على الأقل .."

+


" وأنا فكرت هكذا أيضا ... ولكن هل تعني أن أرفض دون إخبارها ..؟!"

+


سألته بحيرة ليهتف بجدية :-

+


" كلا ، يجب أن يكون لديها علم .. من أبسط حقوقها معرفتها برغبة الشاب في التقدم لخطبتها ..."

+


تنهدت زهرة ثم قالت :-

+


" سأخبرها ولكنني سأنصحها بألا تستعجل في إتخاذ قرارها والأهم أن تنتظر إنهاء دراستها قبل التفكير في الزواج ... نعم الشاب ممتاز وأنا أعرف عائلته جيدا وأحب والدته للغاية ولكننا لسنا مجبرين أن نزوج الفتاة وهي ما زالت في سنتها الجامعية الثانية ..."

+


أيدها عابد:-

+


" معك حق ولا تنسي إن همسة نفسها ما زالت صغيرة على إتخاذ قرار حكيم وتحديد رغبتها الحقيقية في القبول من عدمه ..."

+


ابتسمت بهدوء قبل أن تخبره وهي تنهض من مكانها :-

+


" سأتحدث معها ..."

+


ثم تحركت مغادرة الجناح متجهة إلى جناح همسة عندما وجدتها تجلس على سريرها تحتضن كتابا وتقرأه بتركيز تام حتى شعرت بوجود خالتها فرفعت وجهها بسرعة بينما قالت زهرة مبتسمة :-

+



        
          

                
" طرقت على الباب أكثر من مرة دون الحصول على إجابة ..."

+


هتفت همسة بسرعة معتذرة :-

+


" لم أنتبه .. آسفة .. يبدو إن الكتاب سيطر على تركيزي كليا ..."

+


ثم تحركت قليلا تفسح المجال لخالتها التي جاورتها في جلستها على السرير وهي تبتسم بحنو :-

+


" لا عليك ..."

+


أضافت متسائلة وهي تتأمل الكتاب باهتمام :-

+


" هل هي رواية جديدة ..؟!"

+


هزت همسة رأسها نفيا وهي تجيبها :-

+


" بل كتاب نثر .. "

+


" سأقرئه بعدما تنهيه فأنا أثق بذوقك في إختيار الكتب ..."

+


ابتسمت همسة وهي تخبرها بحماس :-

+


" سيعجبك كثيرا ..."

+


تنهدت زهرة ثم قالت :-

+


" هناك شيء ما يجب أن تعلمينه ..."

+


سألت همسة باهتمام :-

+


" شيءٍ ماذا...؟!"

+


أخبرتها زهرة :-

+


" هناك شاب تقدم لخطبتك ..."

+


توترت ملامح همسة بخجل تلقائي قبل أن تغمغم بإرتباك:-

+


" ماذا ..؟! شاب خطبني ..."

+


" نعم يا عزيزتي ... أنت كبرت وأصبحت شابة جميلة تجذب عيون الشباب وتنال أعجابهم بل ورغبتهم في الاقتران بها ..."

+


قالتها زهرة بإبتسامة صادقة ثم أضافت بجدية :-

+


" الشاب جيد للغاية ولكنني لا أفضّل زواجك حاليا .. أنت ما زلتِ صغيرة ولم تنهِ دراستك بعد .. "

+


تنهدت ثم أضاف بنفس الجدية :-

+


" بالطبع هذا رأيي أنا ولكن في النهاية رأيك هو ما يهم .. "

+


" ولكن رأيك مهم بالنسبة لي ..."

+


قالتها همسة وهي تعتدل في جلستها وتقابل خالتها لتبتسم زهرة وهي تتمتم :-

+


" إذا كان عليّ فرأيي معروف ، لا أفضل زواج الفتاة بل حتى إرتباطها قبل أن تنهي دراستها على الأقل ... ولكن كما أخبرتك إذا كنت تريدين غير ذلك فالقرار لكِ في النهاية ... "

+


ثم أضافت تخبرها عن هوية الشاب والذي تذكرته همسة بالفعل وحدثتها عنه وعن المعلومات التي تخصه حتى أنهت حديثها قائلة :-

+


" أنا أخبرتك بما أعرفه وأنت خذي وقتك في التفكير وكما أخبرتك عزيزتي القرار لك في النهاية ..."

+


صمتت همسة لوهلة وهي تتذكر الشاب الأنيق الودود في حديثه وتسائلت عن قرارها ليأتيها الجواب واضحا لا يقبل شك ..

+


هي لا تريد الزواج حاليا فهي فعليا لم تضع في بالها الزواج في هذا التوقيت بل إنها منشغلة تماما في دراستها وفكرة الإرتباط نفسها كانت بعيدة عنها تماما حتى عندما حاول أحد زملائها التقرب منها وإعترف لها بوجود مشاعر داخله نحوها رفضت دون تفكير وهي تعتذر منه وتخبره بوضوح عن عدم رغبتها في الدخول  في علاقة من أي نوع ..

+



        
          

                
لذا فإن أمر الإرتباط بعيد عنها تماما ... 

+


ولا تظن إنها ستفكر فيه فعليا قبل تخرجها والأهم إنها لا تنتظر ارتباطا بهذه الطريقة التقليدية البحتة ..

+


هي تنتظر أن ترتبط بشاب ما بعد قصة حب جارفة تجمعهما ..

+


شاب تختاره بقلبها ...

+


شاب ينجح في اختطاف قلبها بل اختطافها كليا ...

+


هتفت أخيرا بحسم لا يقبل نقاش :-

+


" أنا لا أفكر بالزواج حاليا يا خالتي ... إعتذري من والدته وأخبريها عن قراري ..."

+


***

+


كان راغب يجلس مع ولده في المكتب يراجعان بعض الأعمال سويا عندما دلفت زهرة إلى الداخل بعدما طرقت على الباب لتمنح ولدها إبتسامة رحبة وهي تهتف :-

+


" متى عدت يا عزيزي ..؟!"

+


أجابها مبتسما بهدوء :-

+


" قبل قليل..."

+


هتفت بنبرة معاتبة :-

+


" لماذا لا ترتاح قليلا ..؟! ليس من المعقول أن تعمل هنا أيضا ... !"

+


هتف راغب بجدية :-

+


" هذه الفترة فقط لدينا ضغوطات كثيرة في العمل لذا كان من الضروري أن أتحدث مع أبي بشأن التطورات الآخيرة ..."

+


" لا تقلقي عليه زهرة .. هو ولدي أيضا ويهمني آمره مثلك تماما ..."

+


قالها عابد بجدية بينما أخذت زهرة مكانها على الكرسي الجانبي للمكتب فباتت تقابل ولدها الذي منحته نظرة جادة وهي تخبره :-

+


" أنت أصبحت لا تفعل شيئا سوى العمل يا راغب .. نعم أنت منذ البداية تعشق عملك وحريص عليه ولكن الفترة الآخيرة بات العمل يحتل يومك كاملا .."

+


تنهد بصمت مفكرا إنه بات يتعمد إغراق نفسه في عمله وعدم التواجد معهم إلا نادرا بسبب همسة التي يحرص قدر المستطاع على عدم رؤيتها إلا للضرورة القصوى ...

+


هو يحاول أن يحافظ على مسافة بينهما خاصة بعد حديث راجي الأخير والذي نبهه إلى ضرورة التوقف عن التعامل معها بتلك الطريقة الباردة والتي تجعلها تهابه لذا فضل أن يبتعد عنها تماما حتى يحين الوقت المناسب ويخطبها وحينها ستكون له ويستطيع أن يحرر جميع ما يحمله داخله نحوها ...

+


أفاق من أفكاره على صوت والدته وهي تشير لزوجها :-

+


" تحدثت مع همسة وكما توقعت ..."

+


قاطعها راغب بتجهم :-

+


" عم تحدثتِ معها ..."

+


أجابت زهرة بهدوء :-

+


" موضوع يخصها يا راغب ..."

+


هتف عابد بهدوء ولم يغب عنه نظرة والده الغير راضية لحديث والدته :-

+



        
          

                
" أخبريه يا زهرة .. ما المشكلة في ذلك ..؟! راغب بمثابة أخيها الأكبر ..."

+


نطق عبارته الأخيرة وتابع ملامح ولده التي إنتهجت الرفض والضيق فابتسم داخله مدركا لصدق حدسه المسبق بوجود مشاعر من ولده اتجاه همسة ...

+


" هناك شاب تقدم لخطبتها ..."

+


هتفت بها زهرة ببساطة دون أن تدرك إنها أشعلت النيران في قلب ولدها الذي هدر منفعلا :-

+


" ما هذا الكلام ..؟! من ذلك الشاب ..؟! وأين رآها ...؟!"

+


طالعته زهرة بدهشة من ردة فعله الغريبة بينما هتف عابد مبتسما بتروي :-

+


" اهدأ يا راغب .. الشاب رآها في احدى الحفلات التي صاحبت فيها همسة والدتك وأعجب بها وسرعان ما اتصلت والدته تخطبها ..."

+


وقبل أن يتحدث راغب سبقه يسأل زوجته :-

+


" وماذا كان جواب همسة ..؟!"

+


أجابت زهرة وهي تراقب ولدها بحذر :-

+


" رفضت ..."

+


حينها لم يغب على كليهما الراحة التي كست ملامحه قبل أن ينهض معتذرا مغادرا المكان لتتجه زهرة ببصرها نحو زوجها تسأله بوجوم :-

+


" ماذا يحدث يا عابد ..؟! هل ما فهمته صحيح ..؟!"

+


ابتسم عابد مرددا بهدوء :-

+


" على ما يبدو إنه كذلك ..."

+


"منذ متى ..؟!"

+


سألته بعدم استيعاب ليجيب مبتسما :-

+


" ربما منذ أعوام ولم ننتبه .."

+


ثم تنهد مضيفا :-

+


" كنت أشعر بذلك منذ مدة لكنني لم أشأ التحدث خاصة إنني لم أكن واثقا ..."

+


توقف لوهلة يتابع الضيق الذي كسا ملامح زوجته فسألها بجدية :-

+


" ماذا هناك يا زهرة ...؟!"

+


أجابت بضيق :-

+


" لمَ الآن يا عابد .. ؟! كانت أمامه منذ أعوام .. "

+


أضافت بقلق :-

+


" لماذا لم يخطبها منذ البداية ..؟! أو بالأحرى لماذا خطب يسرا إذا كان لديه مشاعر نحوها ..؟!"

+


تنهد عابد ثم قال بعقلانية :-

+


" إنه النصيب يا زهرة ..."

+


" ولكن هذا سيلغي أي أمل بحدوث صلح بيننا وبينهم .. هل يمكنك توقع ردة فعلهم إذا خطب راغب همسة بعدما فسخ خطبته من يسرا ..؟!"

+


" وما العمل برأيك ..؟! راغب سيخطبها بكل الأحوال والقرار سيكون بيد همسة .. وإذا وافقت همسة فلا يمكن لأي أحد أن يرفض هذه الزيجة ..."

+


" أنت موافق إذا ..."

+


قالتها بوجوم ليهتف بصدق :-

+


" إذا كلاهما وافق فأنا موافق وسأكون سعيد أيضا .. في النهاية سعادة ولدي فوق كل شيء وقبل أي شيء يا زهرة ..."

+



        
          

                
***

+


في صباح اليوم التالي  اقتحم راغب مكتب ولده في الشركة  مرددا بعد تفكير طويل استغرق منه الليل بأكمله  :-

+


" نحن يجب أن نتحدث ..."

+


أشار عابد إلى الكرسي المجاور لمكتبه مرددا :-

+


" إجلس ..."

+


اتخذ راغب مكانه على الكرسي وبادر قائلا :-

+


" أريد خطبة همسة ..."

+


ابتسم عابد مرددا بهدوء :-

+


" جيد .. "

+


أضاف وهو يسترخي في جلسته :-

+


" هل متأكد من قرارك هذه المرة ...؟! لا أريد أن يحدث ..."

+


قاطعه بجدية :-

+


" لن يحدث كما المرة السابقة أبدا ... أنا متأكد من قراري ... متأكد للغاية ... "

+


هتف عابد بعد تفكير امتد لثواني :-

+


" وماذا عنها ...؟! هل متأكد من موافقتها ..؟!"

+


أجاب راغب :-

+


" كلا ،وهذا ما يشغل بالي ..."

+


زفر أنفاسه ثم أضاف :-

+


" من جهة أريد خطبتها في أقرب وقت ومن جهة أخرى أخشى ألا توافق ... "

+


توقف لوهلة ثم قال بجدية :-

+


" ولا أدري كيف يمكنني جس نبضها لأعرف إمكانية قبولها من عدمه ...!"

+


" ربما لإنك لم تفكر بهذا من قبل ..."

+


قالها عابد بحكمة وهو يضيف :-

+


" لا يمكنك أن تعرض الزواج عليها دون مقدمات يا راغب ... "

+


أضاف بهدوء :-

+


" هذا لا يعني إنها سترفض .. بل ربما تقبل لكن بعدم اقتناع تام .. "

+


تجهم وجه راغب بينما أكمل عابد بجدية :-

+


" همسة بحكم إقامتها لدينا ستخجل من رفضك وربما توافق مضطرة لأجلنا وهذا ما لا أريده إطلاقا للفتاة ..."

+


قال راغب بسرعة :-

+


" ولا أنا أريده يا أبي ... آخر ما أريده أن تتزوج بي مرغمة فقط لإنني إبن خالتها التي توليت رعايتها هي وزوجها منذ الطفولة بعد فقدانها والديها ..."

+


" لذا قرار عرض الزواج مباشرة قرارا خاطئا ..."

+


قالها عابد بجدية وهو يضيف بتروي :-

+


" أنا ألاحظ إسلوبك الجاف معها .. خشونتك المزعجة ... هذا خطأ ... أنا بالطبع لا أطلب منك أن تتودد إليها بالمعنى المتعارف عليه وتشغلها بك وهذه التصرفات المراهقة المرفوضة ولكن ما المشكلة إذا جربت أن تقترب منها .. تتعرف عليها عن قرب وتعرفها عليك ... "

+


أضاف بجدية :-

+


" يمكنني أن أجعلك تعرض الزواج عليها حالا وغالبا هي ستوافق ولكن هذا لن يكون صحيحا ..."

+



        
          

                
" كيف يمكنني فعل ذلك يا أبي دون إطار شرعي يجمعنا ..؟!"

+


قالها راغب بضيق ليهتف عابد بدهشة :-

+


" ما بالك يا ولد ..؟! هل أطلب منك أن تعترف بحبك لها وتواعدها سرا ...؟! يا بني افهم ... حاول أن تقترب منها .. أن تتشارك الاحاديث معها .. أن تشاركها إهتماماتها ... تعامل معها كما تتعامل مع شقيقتها مثلا .. وتدريجيا سيحدث تقارب بينكما وانجذاب من ناحيتها وأنت بنباهتك ستشعر بذلك وحينها تخطبها رسميا ... لا أعتقد إن أمر هكذا سيصعب عليك ..."

+


تأمل راغب والده بصمت امتد للحظات قبل أن يهمس بخفوت مقتنعا بحديث ولده :-

+


" معك حق ..."

+


وداخله قرر أن يفعل ما قاله والده ويحاول التقرب منها قدر المستطاع فلا حل آخر أمامه ... هو يريدها وسيفعل المستحيل كي تكون من نصيبه ...

+


***


+


في إيطاليا ...

+


منذ وصولهما إلى روما وهي تحيا بسعادة تشبه الحلم مع كنان الذي كان حريصا على إسعادها وتدليلها طوال الوقت ..

+


كل شيء في الرحلة كان مثاليا ...

+


رحلة من الأحلام ...

+


هذا الوصف المناسب لشهر عسلهما الذي بدأ منذ أيام معدودة وسيستمر لمدة شهر كامل يطوفان خلاله أشهر بلدان أوروبا الساحرة ...

+


استيقظت ليلى صباح اليوم بشكل مبكر قليلا ورغم عدم نومها سوى لسويعات قليلة إلا إنها كانت في قمة نشاطها ...

+


هي حتى باتت لا ترغب باللجوء إلى النوم وكأنها ترفض أن تضيع ساعات قليلة دون نشاط معين  والاستمتاع  ...!

+


اتجهت نحو كنان الذي ما زال نائما بعد ليلة ساحرة بثها فيها شوقه وغرامه كالمعتاد ...!

+


جلست جانبه على السرير تتأمله وهو ينام بسلام ونصفه العلوي عاري ..

+


توردت وجنتاها وهي تتذكر ليلة البارحة والتي لا تختلف عن الليالي التي سبقتها ..

+


كان شغوفا للغاية ...

+


متلهفا ...

+


عاشقا ...

+


مأخوذا بها وبسحرها الطاغي كما يخبرها ...

+


هي تختبر أشياء جديدة تماما معه ...

+


تدخل عالما جديدا بين ذراعيه ...

+


تغرق معه في دوامة عشقه ولهفته المجنونة ..

+


تغرق بكامل إرادتها فهي تدرك إنه يستحق ...

+


باتت تثق به ...

+


بقوة مشاعره التي لا تحتاج إلى دليل لتدرك كم هو متيما بها ...

+


مثلما باتت تعرف إنه رجل لا يجيد التمثيل ...

+


ولا يميل إلى المراوغة ...

+



        
          

                
رجل واضح ...

+


صريح ...

+


لا يدعي ما ليس فيه ...

+


لا يميل إلى تزويق نفسه ...

+


صريح بما يكفي ليعترف بعيوبه مثلما يدرك ميزاته وهي بدورها لم تعد تحتاج إلى رجل مثالي خالي من العيوب ...

+


المثالية كذبة لا وجود لها ...

+


هي تحتاج إلى رجل صادق ... صريح ...

+


رجل يمنحها بقدر ما يأخذ ....

+


رجل لا يمنحها وعودا كاذبة لا أساس لها بل يكفيها أن يخبرها بما لديه حتى لو كان قليلا ...

+


ابتسمت وهي تحرك أناملها على لحيته المشذبة تتأمل ملامحه الجذابة وحدتها التي خفت عند نومه ...

+


شعرت به يتململ في نومه فتذكرت إنه أخبرها مسبقا إن نومه خفيف للغاية ويستيقظ عند حدوث أبسط حركة في المكان أو عند صدوح أي صوت مهما كان خافتا ...

+


ابتسمت وهي تتعمد إيقاظه ...

+


وأخيرا فتح عينيه لتلتقي بعينيها اللامعتين بصفاء يأسره ...

+


ابتسم بتروي قبل أن يهمس لها :-

+


" ما زال الوقت مبكرا يا ليلى ..."

+


هزت كتفيها وهي تخبره ببساطة :-

+


" أنا إستيقظت منذ قليل ومللت لوحدي ...."

+


ضحك بخفة وهو يعتدل في جلسته فتخبره وهي تبتسم بدورها :-

+


" أين سنذهب اليوم ..؟!"

+


أجاب مبتسما :-

+


" لدي برنامج رائع اليوم أيضا ... سيعجبك للغاية ..."

+


" جيد ، ماذا تنتظر ...؟! إنهض هيا وخذ حمامك ثم ارتدي ملابسك لنهبط ونتناول فطورنا ثم نغادر ..."

+


كانت تثرثر سريعا غير واعية لنظراته التي تتابعه بتركيز حيث جمالها المشرق كعادتها مع قميص نومها الأسود والذي بدا مهلكا عليها ليلة البارحة وبالكاد قاوم نفسه كي يحافظ عليه بينما يخلعه من عليها مفكرا إنه من الظلم أن يتمزق ذلك القميص بكل ما يضفيه على جسدها من جمال وجاذبية مبهرة ...

+


" ليلى ..."

+


قالها يوقفها عن حديثها وهو يبتسم لها ببطأ لتنهض من مكانها وهي تهتف بسرعة :-

+


" هيا يا كنان ... سنتأخر ..."

+


لحظات ووجدته يقبض على رسغها ويجذبها نحو أحضانه لتشهق بصوت مكتوم بينما عيناها تتسعان فيغرق مجددا بذلك العسل الرائق في عينيها ...

+


" كنان .."

+


قالتها بدلال وهي تضيف بشكل آثار جنونه :-

+


" سنتأخر ..."

+


مال بوجهه نحوها يهمس بأنفاس حارة :-

+


" بعد كنان هذه لا تنتظري مني مغادرة الجناح قبل ثلاث ساعات على الأقل ..."

+



        
          

                
" توقف عن وقاحتك ..."

+


قالتها وهي تضربه على صدره بينما الخجل يغزو ملامحها ليهتف بصوت مبحوح :-

+


" عندما تتوقفين أنت عما تفعلينه سأفعل ..."

+


" ومالذي أفعله ..؟!"

+


سألته ببراءة ليسير بنظراته على ملامح وجهها نزولا نحو جسدها فيهمس من بين أنفاسه :-

+


" تثيرين جنوني بهذا الجمال .. بدلالك العفوي ... بنظراتك البريئة .. وجاذبيتك الخطيرة ..."

+


وقبل أن تتفوه بحرف واحد كان يلتقط شفتيها بقبلة شغوفة محملة بعواطف مشحونة ..

+


قبلة تجاوبت معها دون تفكير وغرقت معه مجددا في لهفة عاطفته التي لا حدود لها ...

+


***

+


غادرا الفندق أخيرا بحماس يسيطر عليها لترى تلك المفاجئة التي أعدها لها ...

+


أخذت تتأمل شوارع روما الساحرة بحماس قبل أن تستدير نحوه تخبره :-

+


" أنا أصبحت أعشق البلاد هنا ... أعتقد إنني سأحرص على زيارتها كل عام ..."

+


" سيكون من الجيد أن ترافقيني في زيارتي الدائمة هنا .. أنت تعلمين إن أحد أضخم فروع الشركة يقع هنا ..لذا أنا في سفر دائم الى روما ..."

+


هتفت بتحذير :-

+


" أنت لا تنوي المرور على فرع الشركة الآن في شهر عسلنا ..؟!"

+


ابتسم مرددا بخفة :-

+


" تمزحين بالطبع .. هل أنا أحمق لأضيع وقتا من شهر عسلنا في العمل ...؟!"

+


أضاف وكفه يمتد نحو كفها يقبض عليه ويرفعه نحو فمه يقبله ببطأ :-

+


" هذا الشهر بأكمله لنا .. أنا وأنتِ ولا أحد غيرنا .. "

+


أكمل وهو يميل نحوها بينما ما زال يحتفظ بكفها داخل كفه :-

+


" هذا الشهر أنا ملكك يا ليلى سليمان ... كلي لك ... "

+


تحركت بعيناها على ملامح وجهه تتأمله بإبتسامة دافئة قبل أن تهمس بصدق :-

+


" وأنا كلي لك يا كنان ..."

+


عاد يقبل كفها مجددا ثم يهمس بخفة :-

+


" أعلم ذلك ..."

+


" مغرور ..."

+


قالتها وهي تشيح بوجهها ضاحكة ليهتف مبتسما :-

+


" من الطبع أن أصاب بالغرور بعد زواجي منك ..."

+


ضحكت مرغمة قبل أن تستدير نحوه متسائلة بحاجب مرفوع :-

+


" على أساس إنك لم تكن مغرورا قبلي ..؟!"

+


هتف ببساطة :-

+


" كنت مغرورا قليلا ..."

+


" بل كثيرا ..."

+


قالتها بتحدي ليرفع حاجبه بدوره متسائلا :-

+


" ألا يعجبك ذلك ..؟!"

+



        
          

                
ابتسمت ببطأ قبل أن تميل بوجهها فوق كتفه وهي تخبره بصدق:-

+


" يعجبني كثيرا ..."

+


ابتسم براحة بينما عاد يركز على الطريق متجها إلى وجهتهما التي ستعجبها كثيرا ...

+


***

+


هبطت ليلى من السيارة بعدما فتح كنان الباب لها لتتأمل القارب الفخم على الساحل بإعجاب شديد عندما شعرت بكنان يحاوطها من الخلف متسائلا :-

+


" هل أعجبك ...؟!"

+


أجابت بصدق :-

+


" إنه رائع ..."

+


ابتسم يخبرها :-

+


" سيعجبك أكثر عندما ترينه من الداخل ..."

+


ثم تحرك يقبض على يدها وهو يخبرها :-

+


" هيا إلى الداخل ..."

+


تحركت معه وصعدت إلى القارب لتراه عن قرب وقد بدا أكثر فخامة من الداخل ...

+


ضخم للغاية مكون من طابقين به أكثر من غرفة نوم وغرفة للجلوس ومطبخ وجميع ما يحتاجانه ...

+


ابتسم وهو يخبرها بينما تقف هي في منتصف غرفة الجلوس تتأمل المكان بإعجاب حقيقي :-

+


" سنبقى الليلة هنا ..."

+


التفتت نحوه تهتف بإبتسامة متحمسة :-

+


" أنت تمزح ..."

+


قال وهو يتقدم نحوها ويعانقها بين ذراعيه :-

+


" إطلاقاً .. سنقضي الليلة هنا ..."

+


ثم مال نحوها بعينين متقدتين :-

+


" لوحدنا ... أنا وأنتِ والبحر ولا شيء غيرنا ..."

+


" أنت مخطئ ..."

+


قالتها وهي تتحرك بأناملها فوق ياقة قميصه تخبره بمشاغبة :-

+


" هناك السماء والقمر والنجوم ... "

+


أضافت وعيناها تتحركان في المكان مجددا :-

+


" ستكون تجربة جديدة ومختلفة أن أقضي ليلة كاملة على قارب في عرض البحر ..."

+


" سوف نستمتع كثيرا ..."

+


قالها وهو يغمز لها لتهتف بصدق :-

+


" لا شك لدي في ذلك ..."

+


أضافت تتسائل بتذكر :-

+


" لكنني لم أجلب ملابسا لي ..."

+


هتف بسرعة :-

+


" هل يفوتني شيء كذلك .. ملابسك جاهزة في الخزانة ..."

+


نظرت له بدهشة سرعان ما وضعتها جانبا وهي تتحرك نحو غرفة النوم وتفتح الخزانة لتتجمد مكانها مما تراه ...

+


كانت الخزانة لا تحوي سوى ثلاث قمصان نوم شبه عارية مع ثلاثة أثواب سباحة أحدهما باللون الأسود والآخر باللون الأحمر والأخير بلون البحر الأزرق ...

+



        
          

                
شعرت به خلفها يسألها بمكر :-

+


" أي ثوب سباحة تفضلين إرتدائه ... ؟! الأسود سيكون خلابا عليك ..."

+


التفتت نحوه تهتف بعدم تصديق :-

+


" أين الملابس يا كنان ..؟!"

+


أجاب ببراءة :-

+


" هاهي أمامك يا ليلى ..."

+


عادت تنظر إلى الخزانة ثم تنظر إليه مجددا وهي تخبره :-

+


" ما قمصان النوم هذه ..؟!"

+


رفع حاجبه متسائلا :-

+


" ما بها ..؟! ألم تعجبك ..؟!"

+


احتقن وجهها تماما بينما تهمس بصعوبة :-

+


" إنها فاضحة يا كنان ... "

+


هتف ضاحكا بخفة :-

+


" وهذا هو المطلوب يا عزيزتي ..."

+


 رمقته بنظرات حانقة ليبتسم بهدوء وهو يحتضنها بين ذراعيه مرددا :-

+


" هيا يا ليلى .. إختاري أحد أثواب السباحة وإرتديه بينما أتحرك أنا في القارب ... "

+


نظرت له بتردد ليميل مقبلا وجهها بينما يهمس لها :-

+


" سأنتظرك خارجا ... خذي وقتك ..."

+


ثم تحرك متجها خارج المكان قبل أن يستدير نحوها مبتسما لها بمكر لمع في عينيه فبادلته إبتسامته بأخرى متوترة وتردد واضح في عينيها من الإقدام على ذلك ...

+


***

+


 بعد حوالي ربع ساعة ...

+


وقفت ليلى أمام المرآة تتأمل فتنتها المهلكة برضا ناحية خجلها جانبا وهي تتحرك بذقن مرفوع إلى الخارج ...!

+


تحركت متجهة نحو كنان الذي يقف على حافة القارب يتأمل البحر بشرود بعدما تحرك في القارب واستقر به في منتصف البحر ...

+


التفت نحوها على الفور حالما شعر بخطواتها  ليتجمد في مكانه لوهلة وهو يراها تسير اتجاهه بهذه الطلة المثيرة والمرهقة لأعصابه ...

+


أنثى متكاملة لا خطأ فيها ...

+


أنثى تضج بالجمال والجاذبية والأنوثة ...

+


قدها الرشيق بدا مهلكا بثوب السباحة الذي يغطي القليل منه والمكون من قطعتين باللون الأسود الذي يليق بها بشكل يثير رغبته وجنونه ...

+


شعرها الأشقر المرفوع بشكل كعكة بسيطة  وملامح وجهها المشعة كشمس مشرقة لا نهاية لضيائها رغم خلوها من زينة الوجه تماما ...

+


توقفت مكانها بخجل لا إرادي بعدما رأت نظراته التي تحاوطها برغبة وعشق خالصين ...!

+


ابتسم بتروي وهو يتقدم نحوها بينما بقيت هي مكانها بوجه محتقن ..!

+


وصل أخيرا إليها فوجدها تبلل شفتيها بلسانها بتوتر ملحوظ ليميل نحوها هامسا :-

+


" لم الخجل ...؟! لم أرَ شيئا كان خفيا عني ..."

+



        
          

                
احتقنت ملامحها بخجل هذه المرة فسارعت تضربه فوق صدره بقبضة يدها فيجيبها نحوه يعانقها وهو يضحك بمرح ..

+


استجابت هي لعناقه وغرقت في دفء أحضانه عندما وجدته يطبع قبلة دافئة فوق شعرها ثم يهمس لها بصدق :-

+


" لو تعلمين مقدار سعادتي معك يا ليلى ..."

+


رفعت وجهها نحوه تسأله بملامح متوردة :-

+


" أنت سعيد حقا ..؟!"

+


" أكثر مما تتصورين .."

+


قالها وهو يطبع قبلة أخرى فوق جبينها فتهمس بدورها وكفها تستريح فوق صدره بينما عيناها تحاصران عينيه :-

+


" وأنا سعيدة ..."

+


" حقا ..؟!"

+


سألها بلهفة لتومأ برأسها وهي تبتسم بخجل وفي خضم ثواني وجدته يحملها بين ذراعيه متجها بها نحو البحر يسألها وهو يميل بوجهه نحوها :-

+


" ما رأيك أن نسبح قليلا ...؟! "

+


همست مبتسمة :-

+


" أحب ذلك كثيرا ..."

+


أوقفها على حافة القارب ثم وقف جانبها لتهتف بجدية :-

+


" اقفز انت أولا ..."

+


" هل تخشين القفز ..؟!"

+


سألها باهتمام لتهتف بجدية :-

+


" فقط اقفز أولا كي تستقبلني ..."

+


فعل ما أرادت وقفز في البحر أولا قبل أن يفتح ذراعيه لها طالبا منها القفز ...

+


هبطت بجسدها على حافة القارب قبل أن تنزل بحذر إلى المياه عندما استقبلها هو بين ذراعيه بحمية وقد شعر بخوفها البديهي بينما همست هي تطمأنه :-

+


" أنا أخاف في البداية فقط ريثما أعتماد على وجودي داخل المياه ..."

+


" لا تقلقي .. أنا معك .."

+


قالها وهو ما زال يحاوطها بحرص لتبتسم وهي تخبره بخفوت :-

+


" أنا لا أقلق ولا أخشى من أي شيء طالما أنت جانبي ..."

+


وتلك الكلمات رغم بساطتها وخروجها بعفوية آسرته كليا في قيد عشقها الذي لا يبحث عن نجاة منه .. !

+


***

+


في صباح اليوم التالي ...

+


تحرك راجي مغادرا جناحه هابطا درجات السلم ليجد راغب في وجهه مغادرا جناحه فيبتسم مرددا بهدوء :-

+


" صباح الخير ..."

+


هتف راغب بنفس الابتسامة :-

+


" صباح النور أيها العريس ..."

+


ثم تقدم نحوه هاتفا بجدية :-

+


" تبدو مرتاحا اليوم ..."

+


قال راجي بصدق :-

+


" ليس كثيرا ولكن ..."

+


أخذ نفسا عميقا ثم قال :-

+


" أحاول أن أكون إيجابيا بخصوص نغم ووضعها الصحي ...."

+



        
          

                
تنهد راغب ثم سأل بإهتمام :-

+


" هل هناك أمل يا راجي ..؟!"

+


تغضن جبين راجي وهو يجيب بهدوء :-

+


" لن أفقد الأمل حتى آخر لحظة يا راغب ... سأفعل المستحيل كي تشفى من مرضها .. كي تعيش ... كي تحيا سنوات طويلة ... "

+


ابتسم راغب هاتفا بصدق :-

+


." وأنا أتمنى ذلك صدقني ...."

+


تنهد راجي وهو يبتسم بامتنان :-

+


" شكرا لك يا راغب ... تحملت ثقل هذا الأمر معي ..."

+


ربت راغب على كتفه يخبره بحرص :-

+


" أنت لست شقيقي فقط ... أنت شقيقي وصديقي وأقرب الأشخاص لي ... صدقني يا راجي أنا أريد حقا سعادتك ... "

+


تنهد ثم أضاف :-

+


" لا أخفيك إنني لم أكن راضيا عن تلك الخطوة خاصة وأنت غير واثق من مشاعرك ...ولكنني في النهاية تفهمتك وتعاطفت معها وأتمنى حقا أن تشفى وتكملان حياتكما سويا في سعادة وهناء ..."

+


هتف راجي بجدية :-

+


" هل تعلم ..؟! حتى البارحة كنت أتسائل إذا كان ما أفعله صحيحا أو مجازفة ستجني على كلينا ولكنني بعدما شعرته البارحة تأكدت إن ما فعلته هو الصحيح بل لا صحيح سواه ..."

+


" ومالذي شعرت به البارحة يا راجي ..؟!"

+


سأله راغب بإهتمام ليبتسم راجي بخفوت قبل أن يجيب :-

+


" عندما رأيت تلك السعادة في عينيها شعرت إنني ملكت الدنيا بما فيها ... لم أتوقع أن تمنحني سعادة نغم شعورا كهذا لكنني شعرت بكم من الراحة والسعادة لا يمكنك تخيله يا راغب وكأن سعادتها إنتقلت إلي ..."

+


صمت لوهلة متذكرا مشاعره ليلة البارحة ...

+


لم يكن مرتاحا فقط بل كان سعيدا وقد نسي بالفعل مرضا وسبب خطبته لها ...

+


وكأنه عاد إلى الماضي حيث خطب أخيرا الفتاة التي أحبها في بداية شبابه ...

+


أول من تحرك قلبه لها وما زالت الوحيدة التي نجحت في تحريك قلبه نحوها ...

+


هو عرف الحب معها ...

+


عرفه من خلالها ...

+


والبارحة كان سعيدا لإنها باتت معه ... وله ..

+


وجد شقيقه يربت على كتفه مجددا وهو يخبره بتمني :-

+


" أتمنى لك السعادة حقا يا راجي ..."

+


شكره راجي ثم تحرك بعدها مغادرا القصر متجها إلى المشفى ...

+


ما إن وطأت قدميه المشفى حتى تحرك بلهفة متجها نحو مكان عملها وتحديدا غرفتها ليجدها لم تصل بعد ...

+


أخرج هاتفه محاولا الإتصال بها ليتجمد مكانه  بعدما وجده مغلقا ...

+


الرعب تمكن منه ...

+



        
          

                
رعب شديد سيطر عليه والأفكار الخبيثة تمكنت منه ...

+


هل حدث لها مكروه ..؟!

+


هل تعرضت لوعكة صحية ...؟!

+


أفكار كثيرة جميعها مخيفة بل مرعبة ..

+


وصلت نبضات قلبه أوجها عندما حسم أمره وقرر التحرك متجها إلى منزلها وقد لعن نفسه لإنه لا يمتلك رقم أياً من أفراد عائلتها وقبل أن يغادر غرفتها وجدها تدلف إلى الداخل ليشعر بنبضات قلبه تتوقف لوهلة ثم تنبض مجددا وكأن الحياة عادت لقلبه مجددا برؤيتها ..

+


دون وعي منه تحرك نحوها يهدر من بين أسنانه :

+


" أين كنت يا نغم ...؟!"

+


أجابت ببساطة :-

+


" تأخرت في نومي قليلا ..."

+


ثم تسائلت وهي تتأمل ملامحه الشاحبة :-

+


" هل أنت بخير ...؟!"

+


" أنا من أريد أن يسأل ... هل أنت بخير ..؟!"

+


كان يتحدث بأنفاس لاهثة لتبتسم بهدوء وهي تخبره :-

+


" أنا بخير تماما ..."

+


تمتم متنهدا :-

+


" الحمد لله .."

+


ثم سارع يحاوط وجهها بكفيه يهمس لها بنبرة مؤنبة :-

+


" لا تغلقي هاتفك مجددا ..."

+


هتفت بسرعة وهي تفتح حقيبتها وتخرج هاتفها منها :-

+


" لقد انتهى شحنه ونسيت أن أشحنه قبل مغادرته ..."

+


ثم تحركت سريعا تتجه لوضعه على الشاحن بينما يتابعها هو بملامح بدأت الحياة تعود لها تدريجيا بعدما إطمأن عليها ...

+


التفتت بعدها نحوه بوجه مبتسم متجاهلة شعورها الداخلي وضميرها الذي يؤنبها مجددا وهي ترى خوفه ولهفته الشديدة عليها ..

+


تحركت اتجاهه تحاوط وجهه بين كفيها وهي تهمس بصوت مبحوح :-

+


" أنا حقا بخير ... لا تقلق ..."

+


قبل كفها المحيط بوجنتيه ببطأ قبل أن يهتف مبتسما :-

+


" تعالي معي .. يجب أن يعلم الجميع بشأن خطبتنا ..."

+


تحركت معه مبتسمة بفرحة عندما قام راجي بإبلاغ زملائهم في المشفى بخطبتها ليبدأ الجميع بالمباركة بينما وقف كلاهما يتقبل التهاني حتى أتى مؤيد الطبيب الذي أخبره بحقيقة مرضها يبارك له أولا فيتقبل راجي تهانيه قبل أن يأتي دور نغم التي رأت في عينيه نظرة لوم لم تخطئها فرسمت على وجهها إبتسامة هادئة متجاهلة توترها من وجوده ونظراته ..

+


***

+


اندفعت نغم إلى غرفة مؤيد بعد مرور القليل من الوقت وهي تهتف بجدية :-

+


" عليك أن تسمعني يا مؤيد ..."

+


نهض مؤيد من مكانه مرددا :-

+


" ماذا سأسمع يا نغم ..؟!"

+



        
          

                
أضاف يتسائل :-

+


" لدي سؤال واحد فقط ..  هل بات لديه علم بإنك تدركين معرفته بمرضك بل تدركين مرضك هذا منذ مدة طويلة  أم ما زلت تدعين الجهل أمامه ..؟! "

+


" سأخبره في أقرب فرصة ..."

+


قالتها بتوتر ليهدر بعدم تصديق :-

+


" لماذا يا نغم ...؟! لماذا تفعلين به هذا ...؟! لماذا تعمدت أن تخبريه بشأن مرضك ...؟! ولماذا ما زلت تصرين على ادعاء الجهل رغم إن كلينا يعرف بمرضك منذ شهور ..؟!"

+


هتفت والدموع ملأت مقلتيها :-

+


" لإنني أحبه .. ولم يكن أمامي أي طريقة أخرى سوى هذه ..."

+


" تستغلين مرضك ... وتستغلينه هو أيضا ..."

+


قالها بعدم تصديق لتهمس بتعب :-

+


" أنا أحبه ...."

+


" هذه أنانية يا نغم ... أنانية منك أن تستغلينه بهذه الطريقة .. "

+


سارعت تمسح عبراتها بأناملها وهي تخبره بصلابة خادعة :-

+


" أنت تتحدث هكذا لإنك لم تجرب هذا الشعور من قبل .. لإنك لم تحب مسبقا ..."

+


" إذا كان الحب يجعلنا نفعل هذا فلا أريد تجربته ..."

+


منحته نظرات معاتبة ليهتف بجدية :-

+


" صارحيه يا نغم بالحقيقة .. هو لا يستحق خداعك له بهذه الطريقة ..."

+


أغمضت عينيها بألم قبل أن تندفع متحركة خارج مكتبه متجهة إلى مكتبها عندما وجدته يقف يتحدث مع سيدة كبيرة في السن باهتمام وإبتسامة لطيفة ترتسم على محياه قبل أن ينحني بجذعه الطويل نحو الطفل الصغير الذي يجاور السيدة فيلمس شعره بحنو وهو يمنحه إبتسامة لطيفة ويتحدث معه بمراعاة لطالما تحلى بها ...

+


سقطت دمعة من عينها وشقت طريقها فوق وجنتها بينما شعور التأنيب يخنق روحها بقوة ...

+


***

+


فتحت هالة عينيها على صوت رنين هاتفها فسارعت تعتدل في جلستها وهي تحمل هاتفها من فوق الخزانة جانبها لتجد رقما مجهولا يتصل بها ..

+


تغضن جبينها بحيرة وهي تجيب على الإتصال ليأتيها صوت المرأة الحاد على الطرف الآخر تهدر بها :-

+


" فعلت ما تريدينه وأخبرته بكل شيء ... إرتحت أخيرا ..."

+


انتفضت هالة من فوق سريرها تهتف ببرود :-

+


" ماذا كنت تعتقدين ...؟! هل سأبقى أحمل هذا السر لوحدي وأدفع ثمنه لوحدي ...؟! كان يجب أن يعرف وهو من أجبرني على ذلك ..."

+


" حقيرة ..."

+


قاطعتها هالة بحزم :-

+


" لا أسمح لك أن تتجاوزي حدودك معي أبدا..."

+


" بسببك خسرت ابني ..."

+


نطقتها زمرد بحقد دفين لتهمس هالة ببرود :-

+



        
          

                
" بل بسبب أفعالك يا هانم .. بسبب قبحك وغرورك وصلافتك ... أنتِ خسرتي ابنك نتيجة ما فعلته .. أنت تجنين حصاد أفعالك يا هانم .. حاسبي نفسك بدلا من محاسبتي ..."

+


" جيد .. أريدك أن تحتفظي بلسانك الطويل هذا أمام خالتك وزوجه ..."

+


قالتها زمرد بتحدي لتصيح هالة بعصبية تمكنت منها :-

+


"جربي فقط أن تخبري أيا منهما بما يحدث وحينها سأفعل ما كنت تخشينه لأعوام ...."

+


" تهدديني يا إبنة الشامي ..."

+


قالتها زمرد بصوت جامد صلب لتهدر هالة ببرود مقصود :-

+


" أنت من بدأتِ يا زمرد هانم .. لا تنتظري مني ردة فعل أقل هدوءا أبدا ... مجددا سأقولها .. ابتعدي عني .. أنا لست هينة ... على العكس تماما ... ليس من مصلحتك أن تحاولي إيذائي لإن نتائج ذلك ستكون أسوأ مما تتوقعين ..."

+


أنهت حديثها وأغلقت الهاتف في وجهها وهي تجاهد للسيطرة على غضبها بينما أخذت زمرد تنظر إلى هاتفها بعدم تصديق وهي تهدر بجنون :-

+


" الحقيرة .. تهددني وتغلق الهاتف في وجهي ..."

+


ثم أخذت تتحرك بعصبية في المكان عندما وجدت سولاف تتقدم إلى الداخل وهي ترمقها بنظرات واجمة قبل أن تخبرها ببرود :-

+


" هل أنت سعيدة الآن ..؟! هل تشعرين بالراحة ..؟!"

+


" لا تبدئي أنت أيضا ..."

+


قالتها زمرد بحنق لتبتسم سولاف ببرود وهي تخبرها :-

+


" لن أفعل ... يكفيكِ ما سمعته من أثير وبابا حتى الآن ..."

+


" أنت مثلهما .. لن تفهميني مثلهما ..."

+


هتفت سولاف بإنفعال :-

+


" مالذي سأفهمه ..؟! مالذي تنتظرينه مني ..؟! هل تنتظرين مني تأييدا لما فعلته ...؟! اعترفي يا ماما حتى لو بينك وبين نفسك إنك أخطأت وإن خطأك هذا تسبب بأزمة لأثير .. إعترفي بذنبك في حقه وحق الفتاة التي أحبها ... "

+


قاطعتها زمرد بثبات :-

+


" أنا لم أخطئ ... "

+


" لا فائدة ..."

+


قالتها سولاف بخيبة وهي تضيف بآسف :-

+


" ستبقين مصرة على موقفك ولن ترتاحي حتى تخسري جميع من حولك دون رجعة ..."

+


أنهت كلامها وتحركت خارج المكان تاركة والدتها تتابعها بملامح شديدة الغضب والوعيد ...!

+


***

+


تقدم صلاح إلى صالة الجلوس ليتجمد لوهلة وهو يرى ماذي تجلس على المائدة تتناول فطورها بشهية مفتوحة واسترخاء جعله يتقدم نحوها مندفعا هادرا بغيظ :-

+


" ماذا تفعلين هنا ...؟!"

+


التفتت نحوه تتأمله ببرود قبل أن ترفع كأس العصير نحو شفتيها ترتشف منه القليل ثم تعيده مكانه فوق الطاولة وهي تخبره ببساطة مثيرة للاستفزاز :-

+



        
          

                
" أتناول الفطور ..."

+


" ألم أطلب منكِ عدم مغادرة الغرفة ...؟!"

+


هتف بها بغضب لتجيبه بنفس البرود :-

+


" وأنا أخبرتك مسبقا إنني لا أسمع كلام أحد ولا يمكن لأي شخص مهما كان أن يتحكم بي وبتصرفاتي .. كيف نسيت بهذه السرعة ..؟!"

+


سحب الكرسي وجلس جانبها يهدر من بين أسنانه :-

+


" انهضي فورا وعودي إلى غرفتك .. لا تتسببي لي بمشاكل أنا في غنى عنها ..."

+


" لماذا لا تفهم ..؟! لن أنهض ..."

+


قالتها بتحدي وهي تضيف بتساؤل خبيث :-

+


" صحيح ، ماذا قررت ..؟!"

+


" بشأن ماذا ..؟!"

+


سألها بنفاذ صبر لتجيبه بإبتسامة متلاعبة :-

+


" بشأن حديثنا و موافقتي على مغادرة حياتك بشرط أن تمنحني المبلغ الذي أردته ..."

+


هتف بضيق :-

+


" سأتحدث مع شريف ... ربما يساعدني .. لكنني سأنتظره أن يهدأ قليلا ..."

+


رمقته ماذي بنظرات مستخفة تجاهلها وهو ينهض من مكانه مرددا :-

+


" سأذهب لأطمئن على والدتي .. إنهي فطورك بسرعة وعودي إلى غرفتك ..."

+


تابعته وهو يغادر المكان بعصبية لتضحك باستمتاع قبل أن تسحب هاتفها وتفتحه ثم تلتقط صورة أمامية لها تعمدت أن تظهر فيها مائدة الفطور الشهية قبل أن ترسل الصورة إلى رقم شقيقتها ستيلا ...

+


عادت تتناول فطورها باستمتاع عندما وجدت شريف يتقدم إلى الداخل وهو يتأملها برفض صريح قبل أن يأخذ مكانه في مقدمة الطاولة وهو يهتف بسخرية باردة :-

+


" اعتدت على المكان بسرعة ..."

+


هتفت وهي تبتسم ببساطة :-

+


" أنا إنسانة بسيطة للغاية... أتأقلم بسرعة مع أي مكان وأي شخص ..."

+


" واضح .. واضح ..."

+


قالها بتهكم ليجدها تستند على ذقنها تتأمله بتمعن أربكه لوهلة لكنه أخفى ذلك بمهارة وهو يدعي الإنشغال بتناول طعامه عندما سمعها تتسائل بتردد مصطنع :-

+


" هل يمكنني قول شيء ما ...؟!"

+


لم يجبها بل استمر في تناول طعامه ليجدها تضيف بوداعة :-

+


" أنا لست كما تظن ... أنا حقا كنت مجبرة على هذه الزيجة ..."

+


وضع كأسه جانبا واستدار نحوها يهتف بتروي :-

+


" إلى متى ستبقين تتحدثين بنفس الطريقة ..؟! انظري الي .. لست أنا الشخص الذي يمكنك خداعه .. ولا التلاعب به .. أفيقي يا هانم .. وليكن بعلمك .. صلاح هذا لا يساوي شيئا بدوني أنا ووالدتي ... لذا لا تنتظري منه شيئا ... نصيحتي لك أن تدبري أمرك سريعا لإن وجودك هنا لن يستمر طويلا ..."

+



        
          

                
نهض من مكانه بعدها واتجه خارجا تتابعه هي بنظرات باردة تحمل إعجابا خفيا قبل أن تهمس مع نفسها :-

+


" ما كل هذه الرجولة والوسامة ...؟! ما كل هذه الثقة والرزانة ..؟! "

+


أضافت وهي تلمس طرف كأسها بمكر :-

+


" شريف الخولي ... شخص مختلف كليا .. مثير للإعجاب .. كم سيكون ممتعا التلاعب معه ثم الإيقاع به ..."

1


أنهت حديثها وهي تحمل كأسها مجددا ترتشف العصير ببرود ونظرات تجميع بين الحماس والوعيد ...!

+


***

+


أمام والدته وقف صلاح مخفضا رأسه عاجزا عن الحديث ....

+


تناظره والدته بنظرات صارمة قوية تخفي خلفها ألما شديدا بسبب حال ولدها وما وصل إليه ...

+


نطق أخيرا بصوت خرج مضطرب :-

+


" ماما أنا حقا آسف ..."

+


همست بصوت منخفض حاد قليلا :-

+


" لم يعد الآسف يجدي نفعا يا صلاح ..."

+


أكملت ببؤس تمكن منها :-

+


" تأخرت كثيرا يا صلاح ..."

+


سارع يتقدم منها هاتفا برجاء :-

+


" أعدك إنني سأصلح كل شيء .. فقط لا تغضبي مني ..."

+


" وكيف ستفعل ذلك إن شاءالله ..؟!"

+


سألته بسخرية وهي تضيف :-

+


" هل ستتوقف عن استهتارك ...؟! هل ستصلح من نفسك ..؟؟ هل ستراعي زوجتك وطفليك ...؟! طفلاك اللذان لم ترهما منذ أكثر من عام ... "

+


أضافت تلومه وتحاول أن تحيي مشاعره وضميره :-

+


"ألا تشعر بتأنيب الضمير يا صلاح وأنت تاركا طفليك هكذا ولا تعلم عنهما شيئا ...؟! ألا تشعر بالحنين لهما ...؟!"

+


أخفض رأسه بصمت لتتنهد ثم تهتف بقسوة تمكنت منها :-

+


" اخرج من هنا يا صلاح .. غادر غرفتي حالا ..."

+


" ماما ..."

+


قالها برجاء وتوسل تجاهلته وهي تشيح بوجهها بعيدا تهدر بقوة :-

+


" غادر فورا .. لا أريد رؤيتك الآن ... لا أطيق رؤيتك ..."

+


ملأت الدموع مقلتيه وهو يرى رفض والدته بل نفورها الصريح منه لينهض من جانبها سريعا مغادرا غرفتها فتتحرك هي ببصرها تتابع آثره لتطلق تنهيدة عميقة وداخلها قررت أن تخطو الخطوة الأولى في مشوارها القادم مع ولدها الصغير المستهتر ..

+


***

+


تحرك صلاح صاعدا إلى الطابق العلوي مقررا التوجه إلى غرفته ليتوقف مكانه وهو يرى نانسي تغادر غرفتها ...

+


رمقته بنظرات جمدت كليا لوهلة قبل أن تهم بالتحرك مغادرة المكان عندما وقف في وجهها يهتف برجاء :-

+


" يجب أن نتحدث يا نانسي ..."

+


" لا يوجد ما نتحدث به يا صلاح ..."

+


قالتها وهي تهم بالمغادرة ليهتف بعناد :-

+


" بل هناك الكثير مما يجب أن نتحدث عنه .."

+


أضاف وهو يرمقها بنظرات بائسة :-

+


" ماما  غاضبة مني للغاية حتى إنها طردتني من غرفتها ..."

+


عقدت ذراعيها أمام صدرها تهتف ببرود :-

+


" قليل ما فعلته .. ولماذا تخبرني بهذا ان شاءالله ...؟! هل تريد مني أن أتحدث معها وأحاول التخفيف من غضبها عليك .. ستكون أكبر أحمق إن فكرت إنني سأفعل شيئا كهذا .."

+


" لا تقلقي ... أعلم إنه من المستحيل أن تفعلي شيئا كهذا ... فأنا أعلم كم إنك تكرهيني ..."

+


" من الجيد إنك تعلم ذلك .."

+


قالتها ببرود وهي تضيف بضيق :-

+


" أنا لا أكرهك فقط .. أنا ألعنك صباح كل يوم ومساءه ... "

+


تنهد بإحباط قبل أن تتجمد أنظاره وهو يرى طفلته الصغيرة تمد رأسها بتردد من خلف باب الغرفة ترمقه بنظراتها بحذر ...

+


خفق قلبه بعنف وهو يتطلع إلى نظراتها البريئة وعيناها الزرقاوان اللتان تطالعانه بحيرة وتردد عندما اندفع شقيقها راكضا نحو والدته وهو يصيح :-

+


" مامي .. مامي ... " 

+


سارعت نانسي تحمل الطفل بين ذراعيها ليتأمله صلاح بشوق تمكن منه وهو يلاحظ ولده الذي يحمل الكثير من ملامحه ...

+


احتضنت نانسي الطفل بحماية وهي تستدير بدورها نحو صغيرتها التي تقدمت نحوها بخطوات حذرة وأخذت مكانها جانبها ...

+


صاحت نانسي سريعا باسم المربية التي خرجت من الغرفة راكضة لتخبرها بسرعة :-

+


" خذيهما إلى الداخل ..."

+


ثم سارعت تعطي الصغير للمربية التي قبضت على يد الصغيرة بدورها وتحركت بهما إلى الداخل لتستدير نانسي نحو صلاح عاقدة ذراعيها أمام صدرها فتسمعه يهتف بوجوم :-

+


" أنت تبعدينهما عني يا نانسي ... "

+


" نعم .. أبعدهما عنك يا صلاح .. ولن أسمح لك برؤيتهما ..."

+


أضافت بثبات وقد حسمت قرارها منذ البارحة :-

+


" كما إنني سأتطلق منك .. قريبا ...."


+


يتبع بالجزء الثاني من الفصل

+



                                    
الفصل الثالث عشر 

+


" الجزء الثاني " 


+


فتح أثير عينيه على صوت رنين جرس الباب ...

+


اعتدل في جلسته سريعا وهو يفرك عينيه بتعب ...

+


لم ينم حتى طلوع الفجر ...

+


لم يستطع النوم ...

+


عقله لم يتوقف عن التفكير ...

+


عن اللوم ...

+


المواجهة كانت قاسية جدا عليه ..

+


والدته التي لم تهتز ولو للحظة ...

+


لم تشعر ولو بندم طفيف ..

+


والدته التي كان يقدسها ...

+


كان يراها فوق الجميع ...

+


هي أمه ...

+


حبيبته الأولى ...

+


المرأة التي كان يفتخر بها لسنوات ...

+


يراها ملكته المتوجة ولا يتواني عن إخبارها بذلك ...

+


استغلت حبه وتقديره الشديد لها ...

+


لم يشفع له أي شيء وهي تحطم قلبه متحججة بحجج سخيفة تبرر بها فعلتها ...

+


حتى آخر لحظة كان يتمنى لو تخبره بشيء ما يجهله ..

+


يتمنى لو كان جزءا ما من حديث هالة كذبا ...

+


وحتى وقت المواجهة وبعدما أدرك صدق حديث هالة ، تمنى لو يشعر بندمها ...

+


تمنى لو يرى آسفها على ما ارتكبته بحقه ...

+


لكنه لم يرَ سوى قوة وجبروت ولا مبالاة ظهرت بكل وضوح وهي تجابهه وتخبره بكل بساطة إنها فعلت ذلك لأجله ...

+


ألم ترَ العذاب الذي يعيشه بسببها ..؟!

+


ألم تشعر بعذابه المسبق وقت الفراق ..؟!

+


هل تغافلت عن كل هذا ..؟!

+


هل تجاهلت آلم روحه وعذابها ..؟!

+


لماذا ..؟!

+


هو لا يستحق منها هذا ...

+


لا يستحق منها أن تفعل به ذلك ...

+


اعتصر قبضته بقوة وقلبه يخبره إن طعنة والدته أسوء من طعنة هالة نفسها ...

+


إنها والدته ...

+


والدته التي حطمته ..!

+




                
نهض بتثاقل من فوق الكنبة التي قضى ليلته عليها وهو يسمع صوت رنين جرس الباب مجددا ...

+


اتجه نحو الباب وفتحها ليجد والده أمامه ...

+


تأمل أثير والده الذي يقف قباله بهندامه الأنيق وملامحه الهادئة الوسيمة والتي تشبه ملامحه لحد ما ..

+


كان والده يتأمله بهدوء لا يخلو من الاهتمام وهو يتحرك إلى الداخل ...

+


أغلق أثير الباب خلفه وتقدم يتبعه عندما تأمل والده المكان المبعثر بوجوم وهو يأخذ مكانه على الكرسي ثم يعاود تأمل ملامح ولده المنهكة بعدم رضا ...

+


" اجلس يا أثير ..."

+


قالها والده بصوت هادئ يحمل نبرة آمرة في طياته ليلقي أثير بجسده فوق الكرسي المقابل له وملامحه ما زالت على حالها ..

+


جامدة تحمل عتمة سيطرت عليها وتعاسة فشل في إخفاؤها ...

+


" هل تنوي البقاء هنا بعد الآن ..؟!"

+


خرج سؤال والده بعد لحظات جعلته ينظر إليه بتهكم بارد وهو يجيب :-

+


" لا أعلم .. ولكن هل هناك مشكلة في ذلك ...؟! " 

+


هز والده رأسه نفيا وهو يخبره بجدية :-

+


" إطلاقا ... أنت حر .. يحق لك أن تغادر المنزل .. ويحق لك أن تغضب من والدتك كما تريد ..."

+


ابتسم ساخرا وهو يخبره :-

+


" غريب .. في العادة كنت تغضب إذا ما أحزنت ماما يوما دون قصد ... وتسارع لتأنيبي .. بل وتجبرني على الإعتذار في الكثير من الأوقات ..."

+


" أنت تلومني على ما فعلته والدتك يا أثير.. أليس كذلك ..؟!"

+


تسائل والده بتروي ليجيب أثير بصوت مبحوح :-

+


" كلا ، ألوم نفسي قبل أي أحد.."

+


" لا تفعل ذلك ..."

+


قالها والده بصوت قاطع وهو يضيف :-

+


" أنت لم يكن لديك علم بأي شيء .."

+


هتف أثير بصوت بارد :-

+


" زمرد هانم تلاعبت بي ... لا أعلم حتى هذه اللحظة علام راهنت وهي تفعل بي ذلك لكن بكل الأحوال رهانها خاسر ..."

+


" اسمعني يا أثير ..."

+


قالها والده وهو يتأمله بهدوء مضيفا :-

+


" والدتك تستحق عقابا على فعلتها .. ليس منك فقط .. بل مني أنا .. يكفي إنها تحدثت بإسمي وقالت كلام على لساني لا علم لدي به والأهم إنها تحدثت بطريقة ما كنت لأرتضيها أبدا ..."

+



        

          

                
سأله أثير بصوت محتقن :-

+


" لو كنت مكانها ، هل كنت ستتصرف بنفس الطريقة ..؟! هل كنت سترفض علاقتي بهالة ..؟! وهل كنت ستسعى لإنهاؤها .؟!"

+


تنهد حاتم ثم أجاب بصدق :-

+


" حسنا لا أعلم إذا ما كنت سأكون راضيا عن هذه العلاقة أم لا .. أنا لا أعرف الفتاة جيدا .. لا أعرفها بما يكفي لأحكم عليها .. ولكن ما أعرفه إنني لم أكن لأقف في وجهك أبدا... على الأقل كنت سأحترم مشاعرك وأتقبل هذا الإرتباط لأجل ذلك ..."

+


تنهد حاتم مضيفا :-

+


" أنا لست راضي عن تصرف والدتك ... أبدا يا أثير .."

+


إسترسل بأسف :-

+


" والدتك تصرفت بطريقة غير مقبولة .. رغم إنني ما زلت لا أعرف التفاصيل كاملة لكنني ما سمعته البارحة يكفيني لأدرك كيف تصرفت زمرد ..."

+


أنهى حديثه بحسم :-

+


" ولن أمرر لها هذا التصرف بسهولة ... زمرد تحتاج إلى تأديب ... وأنا تهاونت معها كثيرا .. وعلى ما يبدو إنها استغلت ذلك جيدا .. "

+


ابتسم أثير مرددا باستخفاف غير مقصود :-

+


" لا تستعجل يا بابا .. سرعان ما سيلين قلبك عليها حالما ترى دموعها ..."

+


احتدت ملامح حاتم وهو يهدر به :-

+


" ماذا تعني ..؟! هل تراني ضعيفا أمامها يا بك ..؟!"

+


نطق أثير بسرعة معتذرا :-

+


" لا أقصد ذلك ولكن .."

+


قاطعه والده بحدة :-

+


" لا أنكر إنني كنت أفوت لها الكثير و لا أنكر إنني كنت أسامحها على الكثير من الأخطاء ..."

+


تنهد بصوت مسموع ثم أضاف :-

+


" هذه المرة الوضع مختلف ... الخطأ مختلف .. وتصرفي سيختلف .. ربما أنا تهاونت معها كثيرا بل أنا بالفعل تهاونت معها كثيرا وهي بدلا من أن تقدر هذا بدأت تستغل ذلك .. تستغل حبي ورعايتي لها ... والدتك تمادت كثيرا يا أثير ويجب أن أضع حدا لها ..."

+


"لم أتوقع يوما أن أسمع كلاما كهذا منك ..."

+


قالها أثير بصدق ليبتسم والده بهدوء قائلا :-

+


" ولا أنا توقعت ذلك .. ولم أتوقع يوما أن تفعل والدتك شيئا كهذا ... يبدو إنها لم تراهن على حبك لها لوحدك بل على حبي الشديد لها .. "

+



        
          

                
هتف أثير بتردد :-

+


"لطالما كانت تفعل هذا يا بابا .. تتباهى بحبك الشديد لها والذي يجعلها لا تبالي بأي شيء بل تتصرف كما يحلو لها وهي تثق بعشقك الذي لن يجعلك تغضب منها سوى لمدة قصيرة ثم سرعان ما تغفر لها أفعالها حالما تتودد إليك وتتساقط دموعها أمامك ..."

+


تجهمت ملامح حاتم وهو يهمس :-

+


" كنت مخطئا في تصرفي ... كنت حريص على رعايتها وتدليلها ظنا مني إنني أحسن التصرف .. لكن والدتك لم تتغير .. مرت السنوات وبقيت كما هي بكل غرورها وعنجهيتها وصلافتها ويبدو إن تساهلي معها جعلها تتجبر أكثر وتعتقد إنها تستطيع التحكم بنا جميعا..."

+


تنهد منهيا حديثه :-

+


" لكن لا بأس .. ما فشلت به لسنوات سأنجح به هذه المرة ..."

+


نظر إلى ولده مضيفا بحذر :-

+


" وأنت تجاوز ما حدث ... ركز في عملك ..."

+


أضاف بجدية :-

+


" هل ستسافر قريبا ..؟!"

+


" محاولاتك للتخلص مني لن تنجح يا بابا .. لا تحاول ..."

+


قالها أثير بتجهم ليهتف حاتم بضيق :-

+


" ماذا تقول أنت ..؟!"

+


أجاب أثير ببساطة :-

+


" أقول ما سيحدث .. أنت ستسعى لإبعادي عن هنا في أقرب وقت .. "

+


" هذا أفضل للجميع ..."

+


قالها حاتم بجدية ليقاطعه أثير بسرعة وعصبية :-

+


" لكنه ليس الأفضل لي .. وصدقني مهما حاولت لن أقتنع .. أنا باقي هنا ..."

+


" لماذا ..؟! مالذي تنتظره ..؟! إلام تخطط ..؟!"

+


سأله حاتم بوجوم وهو يضيف بإنفعال مكتوم :-

+


" تعقل يا أثير .. هذا الأمر انتهى .. تخطى الماضي و إبدأ من جديد ..."

+


همس أثير بصوت متهكم لا يخلو من الوجع :-

+


" بهذه البساطة ...؟! "

+


هتف والده بصرامة :-

+


" لا حل آخر أمامك ... "

+


تنهد مضيفا بعقلانية :-

+


" الفتاة ستتزوج قريبا .. مالذي تنتظره منها ..؟!"

+


أجاب أثير بملامح باتت معتمة تماما :-

+



        
          

                
" لن أيأس طالما هالة ما زالت حرة ولم تصبح زوجته بعد ..."

+


انتفض حاتم من مكانه يصيح بحدة تمكنت منه :-

+


" توقف عن هذا الهراء ... عد إلى وعيك .. "

+


ابتسم أثير بيأس وهو يغمغم :-

+


" لن تفهمني مهما حدث ... كالجميع ..."

+


أخذ حاتم نفسا عميقا ثم قال محاولا أن يهادنه :-

+


" بني .. أنا أقول هذا لأجلك .. لأجل مصلحتك ..."

+


انتفض أثير يصيح بغضب ورفض :-

+


" توقف عن قول هذا .. بل توقفوا جميعا عن هذا .. لقد مللت حقا .. مللت من نفس الكلام .. حقا مللت ..."

+


" اخفض صوتك ... "

+


هدر بها والده بحزم ليهتف أثير بثبات والإصرار لمع في عينيه :-

+


" لا تحاول معي عبثا ... أنا لن أفعل سوى ما يناسبني ويرضيني ... لن أتنازل عن حقي .. مهما حدث ..."

+


***

+


بعد مغادرة والده وهو في أشد غضبه منه ومن حديثه نهض بلا مبالاة مقررا أن يأخذ حماما باردا عله يساعده في التخفيف من نيران غضبه ...

+


غادر الحمام وهو يجفف شعره بالمنشفة قبل أن يرتدي ملابسه المكونة من بنطال أسود فوقه قميص رمادي اللون ...

+


تحرك مغادرا الغرفة بكامل هندامه وأناقته المعتادة متجها إلى الشركة هناك حيث انغمس في عمله بتعمد فبقي يعمل حتى نهاية النهار ولم يسلم سكرتيرته والموظفين من نوبات غضبه التي باتت رفيقته في الآونة الأخيرة ...

+


جلس مسترخيا أمام مكتبه وهو يتأمل هاتفه بشرود ...

+


وأخيرا حسم آمره واتصل بها ...

+


تغضن جبينه وهو يستمع إلى رنين الهاتف بينما هي لم تجب بعد ...!

+


رفضت اتصاله ...

+


شيء متوقع ...

+


زفر أنفاسه بضيق ..

+


لم يكن عليه فعل هذا ..

+


من جهة هي لا تستحق أن يفرغ غضبه بها ...

+


لا تستحق أن يهينها بهذا الشكل ..

+


ومن جهة أخرى لم يكن هذا ما يخطط له ...!

+


ليس هذا ما يريده منها ...!

+


تراجع بجسده إلى الخلف وهو مستمر في لوم نفسه ...

+



        
          

                
تنهد في نهاية الأمر بصمت قبل أن ينهض من مكانه مغادرا الشركة بكاملها وعقله يفكر في الطريقة التي سيتحدث بها مع هايدي ويصلح ما أفسده معها ...

+


***
كان راغب على وشك أن يغادر مكتبه عندما وجد سكرتيرته تدلف إلى الداخل وهي تخبره عن قدوم يسرا الحداد ورغبتها في رؤيته ...

+


وجمت ملامحه كليا وهو يهتف مجبرا :-

+


" دعيها تدخل ..."

+


ثواني و وجدها تدلف إلى الداخل وإبتسامة رسمية تعلو ثغرها ...

+


متأنقة بشدة كعادتها ... 

+


ترتدي بذلة رسمية ذات لون رمادي مكونة من بنطال من القماش فوقه سترة من نفس اللون أسفلها قميص من الستان الأسود ...!

+


البذلة تحدد تفاصيل جسدها الأنثوي بوضوح مع طولها الفارع الجذاب والذي ساهم كعب حذائها المرتفع مضاعفة جاذبية طولها ...!

+


زينة وجهها الموضوعة فوق ملامحها بإحتراف ورائحة عطرها القوية التي سيطرت على المكان كله ما إن وطأت بقدميها أرض المكتب ...

+


قابلها بملامح هادئة لا تعكس ضيقه الكامن داخله وهو يستقبل تحيتها بنفس الهدوء ..

+


أخذت مكانها على الكرسي جانب المكتب بينما ترأس هو مكتبه لتجلس بترفع كعادتها واضعة قدما فوق الأخرى قائلة بنبرتها المبحوحة المعتادة :-

+


" أتيت للتحدث بشأن العمل ..."

+


توقفت لوهلة قبل أن تضيف بدبلوماسية لطالما تحلت بها :-

+


" أعلم إن قدومي بعد ما حدث مفاجئا لك لكنك تعرفني جيدا .. لا أخلط بين العمل والعلاقات الشخصية والمشاكل التي تحدث خارج حدود العمل .."

+


هتف بإقتضاب :-

+


" أعلم .."

+


وفي الحقيقة هي لم تكن تكذب ..

+


فهي معروفة بذلك منذ بدايتها في مجال العمل ...

+


يسرا الحداد امرأة ذكية للغاية وسيدة أعمال يحتذى بها ...

+


استطاعت رغم صغر سنها أن تثبت نفسها في مجال الأعمال ...

+


هي لديها من الذكاء والحنكة ما يكفي لتنافس أقوى رجال الأعمال وأهمهم ويساعدها في ذلك صلابة روحها وقوة شخصيتها ...

+


ابتسمت بنفس الدبلوماسية وهي تضيف :-

+


" أتيت للتحدث بشأن المشروع ... إنه مشروع مهم للغاية وأحتاج إلى شريك مناسب ولم أجد أفضل من مجموعة الهاشمي لتشاركني هذا المشروع الضخم ..."

+



        
          

                
أومأ برأسه وهو يرد بجدية :-

+


" حسنا .. أخبريني بشكل مبدئي عن المشروع واتركي لي الملفات الكافية حتى يتنسى لي قرائتها جيدا ومناقشتها مع بقية المجموعة لنرى إذا ما كان المشروع مناسبا لنا في الوقت الحالي أم لا .."

+


هتفت بجدية وثقة :-

+


" سيكون مناسبا يا راغب .. أثق بذلك ..."

+


ثم ابتسمت بهدوء وهي تبدأ بالحديث بشكل عام عن المشروع الذي تخطط له منذ فترة والذي كان من المفترض أن يشاركها زوجها السابق به لكن انفصالهما حال دون  ذلك ..

+


مر الوقت سريعا وانتهت يسرا مما تريد قوله قبل أن تنهض من مكانها وهي تخبره بجدية :-

+


" سأنتظر جوابا سريعا منك ..."

+


أضافت وهي تبتسم بهدوء :-

+


" مع إنني خمنت جوابك مبدئيا ..."

+


تقدم نحوها لتمد يدها بتحية فالتقطها وهو يبتسم برسمية مقصودة :-

+


" سيصلك جوابي في أسرع وقت ..."

+


" أنا متحمسة كثيرا لتوقيع هذه الصفقة معك يا راغب ... "

+


قالتها بملامح جادة ثم أضافت بإبتسامة مدروسة :-

+


" العمل معك مثمر لي ... وممتع كذلك .."

+


هز رأسه بتحية سريعة لتتحرك أمامه وهي تودعه يتبعها هو حتى غادرت المكتب فيتوقف مكانه لوهلة بملامح واجمة مفكرا في خطتها الجديدة وهو يجزم إن المشروع مجرد حجة للتقرب منه وإن كان مشروعا جيدا ومهما ..!
***
دلف راغب إلى جناحه ليجده خاليا ...
تقدم إلى الداخل مغلقا الباب خلفه قبل أن يخلع سترته ويلقيها على السرير بإهمال ...
أخرج ملابسا مريحة له ثم اتجه إلى الحمام ليأخذ حماما سريعا يزيل من خلاله إرهاق يومه ...!
غادر حمامه وهو يجفف شعره بالمنشفة قبل أن يسرحه سريعا ثم يضع عطره المفضل ويعدل هندامه ...
اتجه خارج الجناح متجها إلى جناح أولاده ليجدها هناك كما توقع تفترش أرضية المكان وولديه سيف ونزار يجاورانها من الجانبين بينما إبراهيم ممدد فوق الأرضية أمامهم يلعب بمجموعة من ألعابه ..!
ابتسم لا إراديا وهو يتأملهم بتلك الجلسة الحميمية بينما زوجته منكبة على مجموعة من الأوراق تكتب عليها شيئا ما ..!
ارتكز بجسده على الحائط جانبه يتأملهم بإبتسامة هادئة وهو يعقد ذراعيه  أمام صدره ....
مشهد بسيط مليء بالدفئ الذي أسره كليا ...
صدح صوت إبراهيم يصيح مهلهلا بقدومه ليتحرك اتجاهه متجاهلا الدهشة التي علت ملامحها لوهلة ..
حمل الصغير وهو يقبله بحب شديد قبل أن ينهض ولديه ويسارعان التقدم نحوه فينحني نحويهما يحتضنهما بحنو ...
اتجهت أنظاره نحوها ليجدها ساكنة مكانها تتأملهم بإبتسامة هادئة تعتلي شفتيها ...
" ماذا تفعلون ...؟!"
سأل بإهتمام وهو يعتدل في وقفته مجددا لتجيبه بينما نزار سارع يأخذ مكانه جوارها مجددا :-
" ننهي حل بعض الواجبات ...!"
أومأ برأسه متفهما عندما أخذ إبراهيم يصيح مشيرا نحو الألعاب ليهمس مبتسما :-
" تريد العودة إلى اللعب إذا ..."
ثم انحنى يضعه فوق الأرضية قبل أن يجد سيف يتقدم نحوه وهو يحمل ورقة مكتوب عليها عدة مسائل رياضية نجح في حلها :-
" لقد حللت هذه المسائل كلها لوحدي ..."
أخذ راغب يقرأ الورقة بإهتمام قبل أن يربت على شعره مرددا بزهو :-
" أحسنت يا سيف ... أنت رائع ..."
ابتسم سيف باعتزاز بينما شردت همسة لا إراديًا فيهما وتحديدا في ولدها البكري الذي يزداد شبها بوالده كلما كبر سنا ...
انتبه راغب لشرودها فنادى عليها مستفسرا :-
" فيمَ شردت ...؟!"
أجابت بصدق :-
" فيكما .. تشبهان بعضكما كثيرا ... كثيرا يا راغب ..."
سأل مراوغا وهو يحيط كتفي ولده بذراعه :-
" وهل هذا شيء جيد أم سيء ..؟!"
تنهدت بصمت ثم أجابت بهدوء :-
" جيد عموما ..."
رفع حاجبه مرددا بتلكأ :-
" عموما ..."
أشاحت بصرها بعيدا بتعمد ليصدح صوت سيف وهو يردد بتباهي :-
" أساسا أفضل شيء حدث لي إنني أشبهك ..."
أخذ راغب يعبث بشعره مبتسما بينما هتف نزار مرددا بإحباط :-
" أنا لا أشبهك ..."
قالت همسة بسرعة وهي تجذبه نحو أحضانها :-
" أنت تشبهني ... ألا يعجبك هذا يا نزار بك ..؟!"
هتف نزار مبتسما بخفوت :-
" يعجبني ولكن ..."
هز كتفيه وهو يضيف ببساطة :-
" أنا صبي ويجب أن أشبه والدي ... لا أشبهك أنت ..."
" هكذا إذا ..."
قالتها وهي ترفع حاجبيها ليتقدم راغب نحو نزار ويجذبه نحوه قائلا وقد أحاطه هو الآخر بذراعه الأخرى :-
" أنت رائع كما أنت .. ثانيا ، من قال إنك لا تشبهني ..؟! الشبه ليس من الضروري أن يكون بالشكل فقط ... "
أضاف وهو يتجه ببصره نحو همسة :-
" كما إنك محظوظ كونك ورثت ملامح والدتك .. ستغدو غدا شابا وسيما تتهافت الفتيات حولك خاصة بسبب عينيك الخضراوين الجذابين ...!"
توردت وجنتاها تماما عندما وجد نزار يجذبه من كفه وهو يخبره :-
" تعال اجلس معنا ..."
صدح صوت زوجته وهي تهتف بإبتسامة باردة :-
" لا تفعل يا نزار .. بابا لا يمكنه الجلوس معنا ..."
" عفوا .."
سألها رافعا حاجبه بترفع لتضيف بمكر :-
" يعني راغب الهاشمي لا يمكن أن يتنازل ويجلس على الأرضية هكذا مثلنا ..."
ابتسم بهدوء قبل أن تجده ينحني بجسده وهو يردد ببرود مقصود :-
" لا بأس يا عزيزتي .. سيتنازل راغب الهاشمي اليوم لأجل أولاده ويهبط من مملكته العظمى ويجاوركم في جلستكم هنا ..."
ضحكت بشكل عفوية جعله يتأملها بعينين مشتعلتين عشقا وشغفا بينما اندمجت هي مع الأولاد واندمج هو بدوره معهم ...
***
في اليوم التالي ..
كانت أروى تجلس  أمام مكتبها ترتشف قهوتها بصمت عندما سمعت صوت طرقات على سطح الباب يدفعها دخول نغم بإبتسامة هادئة بدت مختلفة عن إبتسامتها المرحة المشعة المعتادة ...
لم تكن إبتسامتها فقط هي المختلفة وإنما كل شيء بها بدأ مختلفا ...
ملامحها بدت باهتة ومرهقة على غير عادتها ...
لمعة عينيها المعتادة لم تعد موجودة ...
بدت وكأنها تصطنع الفرحة ...
تجاهلت أفكارها وهي تستقبلها بإبتسامة ودودة مرحبة بها ...
تقدمت نغم تحتضنها وتقبلها من وجنتيها بينما هتفت أروى تبارك لها :-
" مبارك خطبتك ... رأيت صور الخطبة .. كنتِ رائعة .."
" شكرا حبيبتي ..."
قالتها نغم بإبتسامة هادئة قبل أن تهتف وهي تجذبها من كفها :-
" تعالي معي .. لا أريد تناول الفطور لوحدي ...."
" لست جائعة ...."
قالتها بإعتذار ليظهر الإحباط بوضوح على وجه نغم ...
إحباط جعلها تتراجع في نفس اللحظة وهي تقول :-
" لكن لا بأس أن أتناول الشاي معك ..."
" هيا إذا ..."
قالتها وهي تجذبها من ذراعها لتتجه كلاهما إلى كافيتريا المشفى حيث هناك جلست كلتاهما على إحدى الطاولات ...
أخذت نغم تتناول الطعام بينما اكتفت أروى بشرب الشاي ...
هتفت نغم بعد لحظات :-
" أخبريني .. كيف تسير فترة الخطبة ..؟! "
توترت ملامح أروى للحظة عندما همست بخفوت :-
" عادية ..."
هتفت نغم بدهشة :-
" هكذا فقط ..."
قالت أروى مبررة :-
" يعني ما زلنا في البداية ... كما تعرفين إن خطبتنا تقليدية ..."
هتفت نغم بجدية :-
" حتى لو ..."
توقفت لوهلة وهي تلاحظ تغضن جبينها بوضوح لتضيف بتردد :-
" لا أقصد إزعاجك ولكن ..."
صمتت قليلا عندما همست أروى بخفوت:-
" ولكن ماذا ..؟!"
تنهدت نغم ثم قالت :-
" لا تبدين مثل أي عروس سعيدة بخطبتها ...!"
إرتسمت إبتسامة بائسة فوق شفتي أروى وهي تجيب لأول مرة بصدق خالي من التزويق الذي تتعمده أمام عائلتها:-
" أنا بالفعل لست كذلك ..."
سألتها نغم مدهوشة :-
" لماذا ...؟! "
هزت أروى كتفيها مرددة بيأس :-
" هكذا .. دون سبب محدد .."
تنهدت نغم ثم قالت بجدية :-
" حاولي أن تمنحي نفسك فرصة معه يا أروى .. لا تحكمي على علاقتكما منذ البداية ولكن ..."
توقفت قليلا لتنظر لها أروى بتساؤل فتضيف بهدوء :-
" لا تجبرني نفسك على ما لا تستطيعين تحمله ...."
أضافت بحكمة :-
" خذي فرصتك معه ولكن لا يمكن أن تستمري في خطبتك بل وتتزوجيه إذا ما فشلت في تقبله وتقبل علاقتكما ... إياك أن تفعلي هذا بنفسك يا أروى ..."
صمتت لوهلة قبل أن تهمس بصوت متحشرج :-
" أتحدث عن تجربة .. فأنا يوما ما مررت بموقف مشابه .. تزوجت من رجل لا أحبه .. حاولت أن أفعل .. لكنني فشلت .. وفي النهاية جنيت على نفسي وعليه أيضا ..."
ارتجف جسد أروى تماما وهي تقارن تجربة نغم بتجربتها فتمكن الخوف منها كليا ...
هل ستعاني مثل نغم ..؟!
هل ستعيش ما عايشته ..؟!
شعرت نغم بتخبطها فمدت كفها نحو كفها تقبض عليه وهي تخبرها بدعم :-
" إسمعيني يا أروى .. لا أريد إحباطك .. أنت تتذكرين إنني أكثر من شجعك على الدخول في علاقة جديدة وألا تبكي على أطلال الماضي خاصة إن مشاعرك كانت من طرفك فقط ولكن هذا لا يعني أن تجبري نفسك على الإستمرار في علاقة لا تشعرين بأي سعادة فيها .. لا شيء في هذا العالم يستحق أن تفعلي بنفسك هذا ..."
تحشرجت نبرتها وهي تضيف :-
" لا شيء يستحق أن تضيعي سنوات من عمرك مع شخص لا تشعرين نحوه بشيء ... ولا شيء يستحق أبدا أن تضغطي على نفسك وتجبريها على ما لا ترغبينه .. "
أنهت حديثها بإبتسامة داعمة قابلتها أروى بأخرى باهتة بينما بقيت كلمات نغم تتردد في ذهنها ...
عادت إلى منزلها وكلمات نغم ترافقها وحيرتها تتضاعف ..
هي لا تشعر بأي نوع من السعادة منذ خطبتها ...
لا تشعر بالراحة حتى ..
بل العكس تماما ، هي منذ خطبتها وتحيا في تعاسة غير مفهومة ...
تعاسة سببها مجهول ...
ولكنها على كل حال تعيسة ...
تعيسة جدا..
وخائفة ..
بل مذعورة مما هو قادم وقلبها يخبرها بأن القادم لا يبشر بالخير أبدا...
أغمضت عينيها بإستسلام وغرفت في نومها لتستيقظ قرب المساء والأفكار التي غفت عليها ما زالت تحتل عقلها ..
نهضت من مكانها تتأمل هاتفها لتجده يتصل بها فجأة ...
شعرت بالرهبة لوهلة قبل أن يتمكن التردد منها ...
هل تجيبه ..؟!
لكنها لا ترغب بمحادثته حاليا خاصة مع تشوش عقلها تماما ...
تذكرت كلمات نغم وهي تخبرها ألا تجبر نفسها على ما لا تريده وهي حاليا لا تريد التحدث معه ..
حاليا على الأقل ..
حسمت أمرها في النهاية وضغطت على زر الرفض قبل أن تضع هاتفها جانبا وتندس أسفل فراشها مجددا والأفكار تحاوطها من كل صوب بينما على الجانب الآخر إشتعلت عيناه بغضب تمكن منه وهو لا يصدق ما فعلته .. 
رفضت اتصاله ...
تجرأت ورفضت مكالمته .. 
كيف تفعل شيء كهذا ..؟!
تضاعف غضبه والوعيد داخله لها ...
سيحاسبها ...
سيجعلها تفهم مدى خطأها بهذا التصرف ...
سيتصرف معها بالشكل الذي تستحقه كي لا تفعلها مجددا وترفض مكالمته أو حتى تتجاهلها ...
***
في النادي ...
تقدم أثير إلى أحد المطاعم الشهيرة التي ترتادها هايدي في العادة ..
بحث بعينيه عنها ليجدها هناك كما توقع تجلس مع صديقة لها تتبادل الأحاديث معها ...
تقدم إلى الداخل بينما شعرت هي بوجوده ...
ابتسم بهدوء وهو يهتف بينما يقف قبالها :-
" مساء الخير ..."
" مساء النور ..."
صدح بها صوت صديقتها التي تأملته بإعجاب تجاهله وهو يخبر هايدي الواجمة :-
" هل نتحدث لوحدنا قليلا ... ؟!"
لم تجبه بل بقيت محافظة على وجوم ملامحها ليضيف وهو يشير إلى تلك الفتاة التي تتابع ما يحدث بإهتمام :-
" هل تتركيني معها قليلا ...؟!"
نهضت الفتاة تسحب حقيبتها وهي تخبره بتجهم :-
" سأغادر أساسا ..."
ثم ودعت هايدي :-
" باي عزيزتي ..."
جلس أثير مكان الفتاة قبالها لتهتف هايدي بصوت خافت لكنه حاد :-
" ماذا تريد ...؟؟ "
هتف بجدية :-
" أتيت للتحدث معك .. والإعتذار ..."
" إعتذار ..."
هتفت بها بتهكم ليومأ برأسه وهو يهتف بصدق :-
" نعم ، أعتذر عما فعلته ذلك اليوم ... أخطأت بحقك وأنت لا ذنب لك بكل ما حدث ..."
" أنت أهنتني ..."
قالتها من بين أسنانها ليهتف بهدوء :-
" أقسم لك إنني لم أقصد ذلك .. كنت غاضبا بشدة .. تشاجرت مع عائلتي .. حدث شجار كبير جعلني لا أرى أمامي .. حتى السكرتيرة والموظفين لم يسلموا مني ..."
" أنت لا يمكنك أن تضعني معهم في كفة واحدة ... أنا لست مثل أي أحد ..."
قالتها بصوت صارم وهي تضيف بقوة :-
" لا يحق لك أن تهينني أبدا مهما حدث .. أيا كان ما حدث معك وقتها ... لا يحق لك ذلك أبدا ..."
" أعلم ..."
قالها بجدية وهو يضيف :-
" وأنا أعتذر منك يا هايدي ..."
" حسنا ..."
قالتها بإقتضاب ليهتف بها :-
" عليك أن تعلمي إنني لا أعتذر بالعادة من أي أحد ..."
أخذ نفسا عميقا ثم قال :-
" لكنكِ مختلفة ... غالية عليّ ... أحزنني كثيرا ما حدث .. آخر شيء أرغبه هو أن أتسبب في إغضابك ..."
تأملته بوجوم ليهتف وكفه تمدد نحو كفها تقبض عليها بحركة مقصودة :-
" إعذريني يا هايدي .. أنا آسف مجددا ..."
تطلعت إلى كفه بتردد قبل أن تطلق تنهيدة وهي تهتف :-
" حسنا يا أثير .. لا بأس .. سامحتك ..."
" رائع ..."
قالها بسعادة مفتعلة وهو يضيف :-
" بهذه المناسبة سأدعوك لتناول الطعام معي ..."
هتفت معتذرة :-
" لا يمكنني للأسف ..."
" هل ما زلت غاضبة مني ..؟!"
سألها باهتمام لتهتف بسرعة :-
" كلا ، لكن الليلة ستأتي خطيبة كرم لتتناول العشاء معنا .... إنها المرة الأولى التي تزورنا فيها في المنزل ... من غير اللائق ألا أكون متواجدة في إستقبالها ..."
لم تنتبه للجمود الذي كسا ملامحه لوهلة ...
جمود سرعان ما أخفاه بمهارة وهو يهتف مبتسما يتصنع :-
" لا بأس .. سأدعوك غدا .. واليوم سأضطر أن أتناول عشائي لوحدي ..."
نظرت له بتردد قبل أن تهمس بعد لحظات :-
" ما رأيك أن تأتي وتتناول العشاء عندما ...؟! سأعرفك على والدتي وشقيقي .. كما إنك تعرف هالة جيدا ..."
التمعت عيناه بقوة وهو يستمع لعرضها الذي أتى في وقته فهتف بتردد مصطنع :-
" كيف أذهب بدون دعوة ...؟! سيكون محرجا ..."
" إطلاقا ..."
قالتها بسرعة وهي تضيف بحماس :-
" والدتي ستفرح بقدومك كثيرا ... لا تفكر هكذا أبدا..."
ابتسم بتروي وهو يدعي التفكير بينما هي تحاول إقناعه حتى وافق في النهاية ورافقها إلى منزلها هناك حيث سيلتقي بهالة وخطيبها ...!
***
يقف مهند مستندا على سيارته بملل ينتظر خروج جيلان التي ترجته كي تخرج معه وتستمع قليلا بدلا من بقائها محبوسة بين جدران القصر كما قالت ...
استطاع أن يقنع والده بآخذها إلى أحد المطاعم كي تتسلى قليلا بينما وجد والده في ذلك فرصة ليختبره إذا ما كان قادرا على التعامل معها أم لا ...
كان مهند يعلم إن والده لن يتركهما هكذا فخلفها سيكون هناك حرس يتبعانهما تحسبا لأي تصرف مجنون قد يصدر منها ولكنه داخله بدا الأمر له أشبه بتحدي خاصة بعدما وعد والده  بإنه سيجيد التعامل معها هذه المرة ولن يسمح لها بفعل أي تصرف خاطئ ...!
زفر أنفاسه بملل وهو ينظر إلى ساعته مجددا ..
مرت حوالي ساعة كاملة منذ أن أخبرها بموافقته على خروجها معه بينما سارعت هي تركض بحماس نحو جناحها لتتجهز سريعا كما قالت ...
بعد لحظات وجدها تطل أخيرا ليتنهد مرددا بوجوم :-
" ها قد ظهرت البرنسيسة أخيرا ..."
ثم سرعان ما اتسعت عيناه بعدم استيعاب وهو يراها تتقدم نحوه بتلك الطلة الكارثية ...
فاتنة ..
جريئة ...
لامعة ...
ومبهرة ..
بكل آسف هي مبهرة ...
ورغم إن ملابسها كانت أكثر تحفظا واحتشاما من السابق إلا إنها بدت أكثر فتنة ..
مجددا تأملها من رأسها حتى أخمص قدميها مبهورا وهي تتقدم نحوه بخطوات واثقة ...
ابتلع ريقه وهو يهمس لنفسه :-
" تعقل يا مهند .. هذه جيلان .. لا تنسى ذلك .."
وقفت أمامه تهتف بإبتسامة باردة :-
" أعتذر لإنني تأخرت عليك قليلا ..."
" قليلا .. بل كثيرا يا هانم .."
قالها بتجهم ما إن تذكر حقيقة إنتظاره لها لحوالي ساعة ليجدها تهز كتفيها وهي تهتف ببساطة بينما تتجه نحو الباب وتفتحها :-
" بسيطة ..."
ثم أخذت موقعها في الكرسي جانبه ليتنهد بضيق قبل أن يأخذ مكانه في الجانب الآخر جوارها ...
شغل مقود سيارته متجاهلا رائحة عطرها القوية المغرية قبل  أن يدير المقود متحركا بسيارته حيث المكان المنشود..
طوال الطريق التزم هو الصمت بينما تأففت هي بملل قبل أن تتجه بيدها نحو مشغل الموسيقى وتهم بفتحه لكنه سبقها وهو يبعد يدها مرددا بتحذير :-
" يدك ...!"
وجمت ملامحها وهي تخبره :-
" أريد سماع الأغاني ..."
" أنا لا أحب سماع الأغاني في السيارة ..."
قالها ببرود لتصيح برفض :-
" ولكنني أحب ذلك كثيرا ..."
هتف ببرود :-
" إنها سيارتي ..."
مدت يدها مجددا بعناد ليسارع بدوره ويبعدها سريعا فتنظر له بعينين مشتعلتين جعلته يهمس  :-
" توقفي عن هذه التصرفات الطفولية يا جيلان ..."
" أوووف ..."
قالتها بصوت مرتفع تجاهله وهو يركز على قيادة
 سيارته لتعقد ذراعيها أمام صدرها وهي تشيح بوجهها ناظرة خارج النافذة بشفتين مزمومتين بينما لا تتوقف عن التأفف بين الحين والآخر وهو يتجاهل تأففها بل غضبها منه ببرود جعلها  تود قتله لترتسم في النهاية إبتسامة خفيفة على شفتيه مما يحدث بينهما ...!
***
على احدى الطاولات المطلة على البحر جلس كلاهما بينما دون النادل طلباتهما وتحرك بعدها ليجدها تهتف بوجوم :-
" لم أتوقع أن تأتي بي إلى مكان كهذا ..."
استرخى في جلسته وهو يتسائل :-
" ما به المكان ..؟! إنه من أرقى وأشهر المطاعم في البلاد ..."
" وماذا سنفعل هنا مثلا ..؟!"
قالتها بوجوم وهي تضيف :-
" لا شيء سوى تناول الطعام ... ما الممتع في قدومنا إلى مكان كهذا ..؟!"
" لا تقولي هذا .."
قالها بخفة لتهتف بإمتعاض :-
" أخبرتك إنني ضجرة .. أريد قضاء القليل من الوقت الممتع .. "
أكملت بحسرة :-
" وفي النهاية أتيت بي إلى هنا .. ما الجميل في مكان كهذا لا أفهم ..؟!"
" أنا محبطة للغاية ..."
قالها بسخرية وهو يضيف :-
" انظري حولك .. هناك بحر ... "
أضاف بتهكم :-
" وهناك ناس حوّلنا .. وسماء .. والسماء بها قمر ونجوم ... "
" أنت تسخر مني .."
هتفت بها معترضة ليهتف بلا مبالاة :-
" فسريها كما تشائين ..."
انتفضت من مكانها تهدر بغضب :-
" أنا سأغادر حالا ... "
قال ببساطة :-
" على راحتك ..."
جحظت عيناها بعدم تصديق بينما أضاف هو باستفزاز :-
" هل أطلب لك سيارة أجرة ..؟!."
صاحت بعناد :-
" شكرا .. لست صغيرة ... أستطيع فعل ذلك لوحدي .."
" أووه  رائع ... تقدم ملحوظ ..."
قالها بسخرية مبطنة لتحتد ملامحها بينما هتف هو بمكر :-
" لماذا ما زلت واقفة ..؟! ألن تغادري المكان ..؟!"
سألته بحاجب مرفوع :-
" ما شأنك ...؟!"
أجاب ببساطة مستفزة :-
" أسأل فقط لألغي طلبك ... لمَ سأدفع مالا في طعام لن يتناوله أحد ...؟!"
اتسعت عيناها بذهول بينما كان يجاهد لكتم ضحكته عندما هتفت وهي تقبض على كفها بقوة :-
" أنت مستفز .."
ثم هتفت بعناد طفولي :-
" سأجلس وأتناول الطعام نكاية بك ..."
ضحك مستمتعا قبل أن يهتف وهو يتأمل الضيق الذي يكسو ملامحها :-
" طفلة .. والله طفلة ..."
ثم توقف عن ضحكاته متنهدا قبل أن يضيف :-
" لكنني لن أنكر إنك طفلة ممتعة ..."
***
من الوقت بعدها بهدوء مريب ...
تناولا الطعام وغادرا المطعم عائدين إلى المنزل بينما هي ملتزمة الصمت ..
شعر إنها تجهز لمصيبة ما ...
هذا الصمت غير مريح على الإطلاق ..
بات يعرف ذلك ...
وجدها تهبط من سيارته وتتجه راكضة نحو القصر يتبعها هو بتكاسل ...
دلف إلى جناحه أخيرا وقبل أن يهم بخلع قميصه وجدها تندفع إلى داخل الجناح ليستدير نحوها بنظرات حادة :-
" كيف تدخلين دون إستئذان .."
سألته متجاهلة ما قاله :-
" هل ما زلت تفكر جديا أن تتزوجني ..؟!"
بهتت ملامحه لوهلة دون أن يجد جوابا لتهدر بعنف :-
" لماذا لا تجيب ..؟!"
أجاب بجدية :-
" نعم ، أفكر بجدية في ذلك ..."
" خذ هذه إذا ..."
قالتها وهي تتجه نحوه ثم تفتح جهاز لوحيا أمامه ...
" ما هذه الآن ..؟!"
سألها متأملا الجهاز اللوحي الذي وضعته أمامه تحتله صورة لها بملابس غير محتشمة على الإطلاق جانبها يقف مجموعة من الشباب والفتيات ...
" هنا ستجد عدة صور ومقاطع فيديو ... تفاصيل تخص الأشهر القليلة التي قضيتها في الخارج ..."
رفع عينيه ينظر لها بوجوم لتضيف بتحدي لمع في مقلتيها :-
" بما إنك تفكر جديا بالزواج مني فعليك أن تنظر إلى تلك الصور ومقاطع الفيديو أيضا كي تكون على دراية تامة بكل ما يخصني قبل أن تمتحني إسمك وتجعلني زوجتك ..!"
تركته بعدها بينما جلس هو مباشرة على سريره يقلب في الصور والفيديوهات ...
بعد مرور أقل من خمس دقائق تدفقت النيران في عروقه ...
غضب جامح تمكن منه ..
لا يصدق ما يراه ...
أفعال مخزية ...
ملابس فاضحة ...
متى فعلت كل هذا ..؟!
وكيف تجرأت ...؟!
لوهلة شعر إنه سينفجر من شدة الغضب بل ربما سيصاب بنوبة قلبية من شدة الإنفعال ...
انتفض من مكانه راميا بجهازه اللوحي أرضا بعنف ...
مرت فترة طويلة لم يمر بها بنوبة غضب كهذه ...
نوبة غضب شديدة ومخيفة ...
جيلان رغم كل شيء تنتمي له ..
هي ابنة عمه ..
تحمل دماؤه ...
والأسوء إنها كانت زوجته يوما ..
وأم طفلته ..،
عند هذه النقطة انتفض صارخا بإسمه بأعلى صوته بينما بدا كالأسد الهائج والذي سينقض عليها مفترسا إياها لا محالة ...
يتبع ..

+

                                    
اتسعت ابتسامتها بتلذذ وهي تسمع صوت صياحه ..
صياحه أشبه بزئير أسد بل وحش ثائر لن يهز شعرة واحدة منها ...
عادت تضع طلاء أظافرها بعناية قبل أن تضحك بخفة وهذه المرة تشعر بقربه من جناحها وصوته يعلو تدريجيا ..
تأملت أظافرها المطلية بذلك اللون الأحمر القاني بتدقيق قبل أن تبدأ بالنفخ ببطأ فوقهم بينما وجدته يندفع إلى داخل جناحها كما توقعت بعد لحظات ...!
بقيت على حالتها تنفخ فوق أظافرها بعدم اهتمام عندما تقدم هو اتجاهها بملامح متوحشة وسرعان ما قبض على كتفيها مديرا وجهها نحوه قبال وجهه لتحتد ملامحها كليا وهي تصيح :-
" ما هذا التخلف والهمجية ...؟!"
مال نحوها يهمس بوعيد يطل من عينيه ونبرته القاسية :-
" أنت لم ترِ التخلف والهمجية بعد يا هانم ...!!"
عيناها كانتا ثابتتان لم تهتزا ولو للحظة ...
ملامحها كانت بنفس الثبات بينما هي تنطق بهدوء يناقض نيرانه المشتعلة القادرة على ابتلاعها كليا :-
" إفعل ما تشاء ... لن يؤثر بي ... لن تخيفني ... ولا توقفني ... "
لم يستوعب ثباتها في تلك اللحظة ...
عيناها اللتان تناظرانه بتحدي أذهله تماما ...
من أين أتت بكل هذه القوة ..؟!
بل من أين باتت بكل هذا الجحود ..؟!
ابتسمت بتهكم صريح وهي تتابع ذهول ملامحه ...
همست وعيناها تلمعان بقوة لا يعرف متى باتت تمتلكها :-
" ماذا حدث ..؟! هل صدمتك ..؟! هل كنت تنتظر مني تصرفا مختلفا ...؟! مالذي كنت تنتظره ..؟!"
ضحكت بخفة وهي تضيف ببطأ :-
" أفق يا مهند .. أنا من وضعت تلك الصور أمامك ... دون أن أخشى من ردة فعلك عليها ..."
" كيف أصبحت هكذا ..؟! كيف تحولت لهذه الدرجة ..؟!"
نطق بها بعدم استيعاب وهو يضيف مصعوقا بتلك الحالة التي يراها عليها  :-
"كيف لأشهر قليلة أن تغيرك بهذه الطريقة ..؟! "
أخذت نفسا عميقا ثم نطقت ببرود وقتامة طلت من عينيها لا توازي القليل حتى من قتامة روحها التي فقدت الحياة منذ مدة :-
" لم يكن هناك حل آخر ... إما أن أكون هكذا أو سأبقى أحيا في دور الضحية بينما يتناوب الوحوش أمثالك على إفتراسي ... وأنا مللت دور الضحية ... فقررت أن أصبح الوحش هذه المرة ... "
" وهل نجحت ...؟!"
سألها بتهكم بارد لتنهض من فوق السرير وتتحرك قباله فتدور بفستانها الذي لم تخلعه بعد :-
" ماذا ترى أنت ..؟!"
ثم توقفت عن الدوران مضيفة بعدما أحاطت خصرها بذراعيها :-
" تغيير شامل .. أليس كذلك ..؟!"
وقف بدوره قبالها عاقدا ساعديه أمام صدره هاتفا ببرود :-
" الظاهر يقول هكذا .. أما الباطن ... الله اعلم ..."
تسلحت بشراسة ملامحها وهي تعقد ساعديها أمام صدرها مرددة بتحدي :-
" الباطن أسوء من الظاهر بكثير .. هل تريد إثبات ...؟!"
رفع حاجبه وعيناه تسيران فوق جسدها بتمهل مقصود قبل أن يضع كفيه في جيوب بنطاله وهو يتسائل بسخرية متعمدة :-
" وكيف سوف تثبتين لي ذلك ...؟! من خلال السرير ... ستمنحينني جسدك طواعية ... "
لم يغب عنه اهتزاز قزحيتيها للحظة عندما أضاف :-
" بطريقتك المعهودة والتي لا تمتلكين غيرها ...."
"" هل تراهن ..؟!"
سألته وهي تحافظ على تماسكها بثبات تحسد عليه عندما وجدته يهتف ببساطة وهو يتجه مجددا نحو السرير جالسا عليه :-
" لا داعي للمراهنة ... الأمر لا يحتاج إلى تفكير ... لا شيء لديك سوى ذلك ... "
أضاف وهو يسترخي في جلسته مكملا باستفزاز متعمد :-
" جيلان المسكينة ... تعتقد إن التعري والاستهتار ما سيجعلها قوية ... ما سيغنيها عن دور الضحية ... "
" توقف ..."
صرخت به بصوت جهوري وهي تضيف بينما تتقدم نحوه :-
" وأنت بدورك تعيش دور البطل المغوار الذي لا يشبهك ولا يناسبك ..."
مالت نحوه تضيف :-
" بينما أجزم إنك سرعان ما ستخضع لي وتنسى واجبك نحوي إذا ما مارست طريقتي المعهودة معك ..."
ضحكت لوهلة ثم أضافت ببرود :-
" على الأقل أنا لا أدعي ما ليس بي ..."
اشتعلت عيناه بنيران لاهبة فأضافت وهي تقترب منه أكثر :-
" هل أنا مخطئة ..؟! هل تقنعني إنك لن تضعف أمامي وإنني لن أنجح في إغوائك إذا أردت ...؟!"
دفعها إلى الخلف وهو ينهض من مكانه صائحا بها :-
" أنت مريضة .."
أضاف بتوعد :-
" وعلاجك سيكون عندي .."
" كلماتك هذه لن تؤثر بي ..."
هتفت بها ببرود ليتسائل ساخرا :-
" هل فقدت الإحساس أيضا ...؟!"
تجاهلت سؤاله وهي تتجه نحو المرآة تسحب مشطا تسرح به شعرها وهي تهمس بملل :-
" إذا انتهيت من حديثك فيمكنك المغادرة ..."
" سأغادر... سأخبر والدي إنني سأتزوجك ... وأنت موافقة ..."
التفتت نحوه تهتف بحاجب مرفوع :-
" عفوا ...؟!!!"
أضافت بتهكم ظهر على ملامحها :-
" وكيف ستجبرني على ذلك ان شاءالله ...؟!"
" لن أجبرك لإنه لا حل آخر أمامك .... "
قالها ببرود وهو يضيف :-
" إما الزواج مني أو ..."
التوى ثغره وهو يضيف بضحكة باردة :-
" البقاء هنا في سجن والدي إلى الأبد ..."
" أنت تهددني ..."
صاحت بها بعدم تصديق وهي تضيف بصوت جهوري :-
" لن أوافق ... لن أعود إلى سجنك مجددا ...."
" أنتِ حرة ولكن نصيحة فكري مجددا ... "
قالها بتحذير وهو يضيف :-
" هذه فرصتك الأخيرة ..."
ضحكت بخفة ثم قالت :-
" فرصتي الأخيرة إذا ... أخرج من سجن والدك وأدخل في سجنك أنت ..."
صاحت بعدها :-
" مالذي تريدونه مني بالضبط ...؟! لماذا لا تتركوني وشأني ..؟!"
" اهدئي يا جيلان ..."
قالها بتروي وهو يلاحظ الإنفعال الذي يتلبس روحها تدريجيا لتصرخ وهي تجذب قارورة عطرها وترميها أرضا :-
" لن أهدأ .. لن أسمح لكم بالتحكم بي مجددا ... "
" افهمي يا جيلان ... أنا أحاول مساعدتك 
...."
قالها وهو يهم بالتقدم لتصيح برفض :-
" لا أريد مساعدتك ..."
أكملت وهي تجذب قطعة من الزجاج المنكسر:-
" أنا سأعرف كيف أجبركم على تركي ..."
وفي لحظة تهور وضعت القطعة فوق رسغها وهمت بقطعها لينقض مهند عليها بسرعة البرق ساحبا تلك القطعة من يدها بينما انطلقت صرختها وهي التي جرحت معصمها قليلا ...
سقطت أرضا بفزع بينما صرخ هو بها :-
" أنتِ جننتِ تماما ... مالذي كنت ستفعلينه ..؟!"
ثم تقدم نحوها يتسائل بقلق بعدما لاحظ إصابة معصمها :-
" مالذي أصاب معصمك ..؟! هل الجرح عميق ...؟!"
صرخت به والدموع شقت طريقها فوق وجنتيها :-
" اتركني وشأني ... ما شأنك بي ..؟! ماذا أفعل كي أتخلص منكم ...؟! حتى الموت لا تسمحون لي به..."
ثم شهقت باكية ...
بكت بصوت مرتفع وشهقاتها تدمي القلب ...

+




                
تأمل وجهها الغارق في دموعها بأسى ....
كان يرى فيها نفسه سابقا والأسوء إنه يرى بها ذنبه الأعظم وخطيئته التي لا غفران لها ...
هو من فعل بها هذا ...
هو من أوصلها الى هنا ..
مهما حاول الجميع إقناعه بغير ذلك ومهما حاولوا أن يبرروا ويدينوا آخرين معه بما حدث سيبقى هو صاحب النصيب الأكبر في عذابها ...
" جيلان ..."
همس بها بخفوت لا يخلو من الرجاء ...
يريدها أن تتخلص من أوجاع الماضي ...
أن تستعيد نفسها السابقة .. برائتها المفقودة ..
أن تتخلى عن قناع الكره والجموح الذي ترتديه طوال الوقت ...
أن تتوقف عن أفعالها الحمقاء والتي لا تؤذي سوى نفسها في النهاية ...!
" أفيقي يا جيلان ... أنت لا تؤذين سوى نفسك ... "
قالها بقوة وهو يقترب منها أكثر يمرر المزيد من كلماته على مسامعها :-
" ما تفعلينه جريمة في حق نفسك يا جيلان ..."
قبض على كتفيها يجبرها على النظر إليه ...
فغرقت للحظات في بحر عينيه الجارف ...
همس بصلابة يحتاجها معها حاليا أكثر من أي وقت :-
" يكفي الى هنا ... أنت لا تعين ما تفعلينه ... يجب أن تستيقظي من هذه الأوهام التي تعيشينها ... ما تفعلينه  لن يساعدك في شيء و لن يخفف من آلمك ... ممن تنتقمين بالضبط ...؟! أخبريني ... ممن تنتقمين بأفعالك هذه ...؟!"
صرخت بوجع :-
" أنتقم من نفسي ... "
أكملت بصوتها الباكي المرتفع :-
"أنتقم من نفسي يا مهند ... هل إرتحت ..؟!"
هز رأسه بنفي جاد وهو يخبرها :-
" كلا لم أرتح ... أنت لا يجب أن تفعلي هذا ... ماذا يعني تنتقمين من نفسك ..؟!"
همست بصعوبة :-
" لإنني أستحق هذا .. أنا من تسببت بنفسي بكل هذا ... أنا من أوصلت نفسي الى هنا .. "
قاطعها بحزم :-
" كلا لست أنت .."
همت أن تعارضه فسارع يوقفها مضيفا بجمود :-
" أنا من فعلت ... توقفي عن لوم نفسك ..."
أضاف بصدق شديد :-
" إذا كان هناك من يجب أن تنتقمي منه فسيكون أنا ..."
نظرت له بعدم استيعاب ليكمل بنفس الثبات :-
" ها أنا أمامك يا جيلان ... انتقمي لنفسك مني ... خذي حقك مني يا جيلان ...."
شهقت باكية مجددا بقلة حيلة بينما شدد هو من قبضته على كتفيها وهو يهتف بثبات :-
" ماذا تنتظرين ...؟! ها أنا أمامك ... "
استدارت تبتعد عنه بينما تجاهد لكتم دموعها وداخلها يرفض ما حدث بشدة ..
يرفض انهيارها أمامه بهذه الطريقة ...!
أخذت نفسا عميقا وهي تجاهد لإيقاف عبراتها بينما خرج صوتها مبحوحا :-
" غادر يا مهند .. اتركني من فضلك ..."
" سأتحدث مع أبي .. سأخبره إنني سأتزوج ..."
أكمل وهو يسير نحوها ببطأ :-
" اسمعيني أولا ... اسمعي ما أريد قوله ...."
ثم وقف خلفها مباشرة وأخذ نفسا طويلا قبل أن يضيف :-
" أنا حقا أريد مساعدتك .. والأهم إنني أريد إبعادك عن هنا .. لإنني أعلم مقدار رغبتك بالرحيل .."
تنهد بصوت مسموع ثم أضاف بصدق :-
" سنسافر سويا ... وأنت زوجتي ... لا حل آخر أمامنا .. صدقيني لو كان هناك حل غير الزواج لما ترددت باللجوء إليه ..."
مسحت دموعها بعنف ثم استدارت نحوه تهتف بثبات مزيف :-
" افعل ما تريد ... لا جديد أساسا ... بكل الأحوال سيبقى القرار بيدكم أنتم ..."
" لا تنظري إلى الأمر بهذه الطريقة .."
قالها بجدية لتعارضه ببرود :-
" لا يهم ، اذهب لوالدك وأخبره بقرارك وأنا كالعادة سأوافق مجبرة لا مخيرة ..."
" جيلان ..."
قالها بتعب لتهدر بقوة :-
" لنتزوج مجددا ... لكن عليك أن تعلم ما ينتظرك .. الزواج مني لن يكون سهلا على الإطلاق .. أبدا يا مهند ..."
مسح على وجهه بتعب وما حدث بينهما أرهقه بما يكفي ليقرر ختام هذا المشهد :-
" حسنا يا جيلان ... سأتحدث مع والدي صباح الغد .. تصبحين على خير ..."
ثم تحرك نحو الباب دون أن ينتظر جوابها عندما صدح صوتها مناديا باسمه ليستدير نحوهما بتساؤل عندما هتفت بجدية :-
" أمامك الليلة بطولها .. راجع نفسك ... لا تستعجل في قرارك لإنك لا تعرف ما ينتظرك معي ..."
ابتسم مرغما وقال مجددا :-
" تصبحين على خير يا جيلان ..."
" تصبح على جهنم يا مهند .."
قالتها ببرود ليضحك مرغما قبل أن يهز رأسه بقلة حيلة ثم يتحرك مغادرا جناحها تتابعه هي بعينيها مفكرة إن مهند رغم كل شيء يمتلك ضميرا ما زال حيا ...
ربما عليه أن تستغل ضميره الحي قبل أن يموت تماما وتستفيد من الحياة المنبثقة فيه على غير العادة ..!
***
كان راجي جالسا في منزل عائلة نغم ينتظر ظهورها ليأخذها ويذهبان يتناولان العشاء سويا ...
استقبلته احدى شقيقاتها بترحيب وكذلك والدتها التي أتت ورحبت به بينما استأذنت كي تخبر نغم بقدومه ...
والدها مسافرا في مؤتمر طبي كما يعلم وشقيقتها الأخرى غير موجودة او ربما تعمدت ألا تتواجد وقت حضوره فهو لم يغب عنه نظراتها اتجاهه والتي كانت مليئة بالضيق والرفض يوم الخطبة ...
ورغم عدم ادراكه بسبب ذلك إلا إنه لم يتطرق لهذا الموضوع فهو ليس متفرغ فعليا لشيء عدا مرض نغم والتفكير به والبحث عن أي آمل في العلاج ...
وهاهو أرسل فحوصاتها لأكثر من طبيب وجميعهم أكدوا نفس الكلام ...
وعلى ما يبدو إنه مجبر أن يتقبل حقيقة رحيلها في المستقبل القريب ...
تنهد بحسرة خفية لا يستطيع حتى الإفصاح عنها أمام أي أحد ..
هو حتى لا يستطيع أن يتشارك همومه مع أي شخص ولا يعبر عن مخاوفه لأي أحد ...
ابتسم بهدوء وهو يرى شقيقتها تتقدم أمام الخادمة التي انحنت تضع أمامه فنجان القهوة بينما جلست هي قباله تهتف مبتسمة :-
" نغم ستهبط بعد قليل ... هي فقط تأخرت في الاستيقاظ من النوم ..."
هتف بجدية :-
" لا مشكلة ..."
ابتسمت بصمت عندما حمل فنجان قهوته يرتشف منه ببطأ بينما صدح صوتها هاتفا بتردد :-
" أنا سعيدة بهذه الخطبة .."
نظر لها باهتمام فأضافت بصدق :-
" لم أرَ نغم سعيدة لهذه الدرجة منذ أعوام ..."
هتف مبتسما بنفس الصدق :-
" وأنا سعيد ... للغاية ..."
بقي يتبادل الأحاديث معها حتى هبطت نغم فنهضت شقيقتها تستأذن بينما تقدمت هي إلى الداخل بإبتسامة مرحبة لينهض من مكانه بشكل لا إرادي يتأمل جمالها المبهر بذلك الفستان الفضي اللامع الذي ترتديه ...
خصلاتها السوداء الكثيفة المصففة بعناية حوّل وجهها وزينة وجهها التي ضاعفت من جمالها أضعاف...
تقدمت نحوه وابتسامتها تتسع بينما تتأمل انبهاره الصريح بها فهمست وهي تقف قباله :-
" هل أبدو جميلة إلى هذا الحد ..؟!"
" أجمل ما رأت عيناي ..."
قالها وهو يتأمل وجهها الصبوح بمشاعر متفاقمة حتى استوعب ما يحدث فكح بخفة وهو يتمتم :-
" كنت ولا زلتِ أجمل ما رأت عيناي يا نغم .."
ابتسمت برقة بينما كفيها يستريحان فوق كتفيه عندما قالت بعينين لامعتين :-
" أحبك ..."
ابتسم بجاذبية وعيناه تنحدران نحو شفتيها الملهمتين له في تلك اللحظة ليهمس بصوت خرج مبحوحا :-
" ردي لا يناسب المكان هنا ..."
ضحكت برقة بينما أضاف مبتسما بتروي :-
" بل في الحقيقة ردي سيكون مناسبا فقط بعد الزواج ..."
احتقنت ملامحها تماما لتكح بدورها وهي تخبره :-
" دعنا نغادر ... هيا ..."
ثم قبضت على كفه تتحرك جانبه ليغادرها منزلها متجهين إلى احد المطاعم التي حجز راجي لهما به طاولة ..!
سحب راجي الكرسي لها لتجلس عليه بينما أخذ هو مكانه قبالها ...
أتى النادل ليأخذ طلباتهما فطلب كلا منها ما يفضله بينما تحرك النادل بعدما انتهى من تدوين طلباتهما ...!
أخذا يتبادلا الاحاديث حتى هتف راجي مقررا أن يفتح موضوع  رغبته بالزواج منها قريبا :-
" ما رأيك أن نحدد موعد زفافنا ... ؟!"
أضاف ويده تقبض على كفها :-
" لنتزوج بسرعة يا نغم .."
" نتزوج ..."
هتفت بها بدهشة عفوية ليبتسم مرددا ببساطة :-
" نعم ، نتزوج ..."
أضاف يتسائل بجدية :-
" هل لديك مشكلة ..؟!"
غامت عيناها بنظرة بعيدة وعقلها يتخبط من جديد بين عشقها وشوقها الجارف وبين ضميرها الذي بات يلح عليها كثيرا في الآونة الأخيرة ...
" فيمَ شردتِ يا نغم ..؟! "
تسائل بإهتمام وهو يضيف مبتسما :-
" نحن مخطوبان أساسا ... ولا أعتقد إننا بحاجة لإنتظار مدة معينة قبل الزواج .. نحن كبيران وناضجان بما يكفي لنتزوج خاصة وكلانا واثق من قراره ورغبته بالآخر ... لا أفهم ما سبب كل هذه الدهشة ..!!"
" راجي أنا .."
توقفت لوهلة تناظر عينيه الحائرتين بملامح باهتة حتى نطقت أخيرا بصوت متردد :-
" يجب أن أخبرك بشيء مهم للغاية ..!"
نظر لها بإهتمام مرددا :-
" قولي حبيبتي ..."
شعرت بالعجز مجددا ...
عليها أن تخبره ...
لا يجب أن تخدعه أكثر ...
هو لا يستحق خداعها ...
لا يستحق أن تفعل به هذا ...
عليه أن يعلم إنها كانت تعلم بحقيقة مرضها منذ مدة ...
منذ قدومها إلى البلاد ...
هي من تعمدت أن تخبره بمرضها عن طريق مؤيد بينما تعمدت ألا تظهر بالصورة ...
أرادت أن يعود إليها بأي طريقة كانت ولم تجد أمامها سوى هذه الطريقة فهي تدرك إنه لن يتركها في وضع كهذا ...
هل أخطأت ...؟!
هي كل ما أرادته أن تقضي أيامها المتبقية جواره ...
معه وجانبه ...
أفاقت من أفكارها على صوته وهو يهمس بقلق :-
" ماذا هناك يا نغم ..؟! هل ما ستقولينه صعب إلى هذه الدرجة ..؟!"
شعرت بالمرارة تملأ جوفها بينما عقلها يصور لها ردة فعله إذا ما علم الحقيقة ...
سيغضب وربما يتركها ...
هل ستتحمل تركه لها ...؟!
عند هذه النقطة رفضت تماما ما ستفعله ووجدت نفسها تنطق بينما ترسم إبتسامة باهتة على شفتيها :-
" معك حق يا راجي ... لنتزوج ... حدد الموعد الذي تريده ..."
ومجددا أم العشق تصرفت بأنانية لا تعلم إذا ما كانت مشروعة أم لا ..؟!
***
انتهت هالة من هندمة ملابسها وتسريحة شعرها عندما وجدت هاتفها يرن بإسم كرم ...
أجابت على الهاتف بسرعة :-
" سأهبط حالا ..."
ثم أغلقت الهاتف سريعا وتحركت تغادر جناحها عندما وجدت شقيقتها في وجهها ..
" هل ستغادرين الآن ...؟!"
سألتها همسة بإهتمام لتبتسم هالة مجيبة :-
" نعم ، كرم ينتظرني في الخارج ..."
تنهدت همسة ثم سألت :-
" هل أخبر والدته بقراركما ...؟! "
اومأت هالة برأسها ثم أجابت :-
" نعم ، أخبرها بإننا سنتزوج بداية الشهر المقبل ..."
" مع إنني لا أفهم سبب هذا الإستعجال ... ولكن أنت تدركين  الأفضل لك بالطبع ..." 
قالت هالة بسرعة :-
" هذا أفضل .. أنا أعرف كرم جيد .. لمَ الانتظار ...؟!"
أضافت بجدية :-
" حتى راغب لم يعارض قراري .. لو لم يكن يعرف كرم جيدا ما كان ليوافق ... "
انهت حديثها :-
" إذا كانت تولاي ستتزوج بعد شهرين فقط رغم إنها لا تعرف إياس مسبقا فماذا أنتظر أنا ..؟!"
ربتت همسة على وجنتها تخبرها :-
" حسنا ، المهم سعادتك ... "
احتضنتها هالة تخبرها بصدق :-
" أنا سأكون سعيدة مع كرم .. سعيدة كثيرا ..."
ودعتها هالة بعدها وتحركت مغادرة القصر متجهة إلى كرم الذي كان ينتظرها ..
***

+



        

          

                
جميلة وشهية ..
هكذا فكر وهو يراها تسير نحوه بتألق شديد كعادتها ..
تأمل ملامحها الجميلة وعينيها المشعتين وإبتسامتها الفاتنة ...
يعشقها وكم يحب عشقه لها ..!!
وقفت أمامه أخيرا وفستانها الأزرق القصير ينسدل فوق جسدها النحيل بنعومة وجاذبية تبرز أنوثتها الشديدة رغم نحافة جسدها ..
سألته وهي تبتسم بإنطلاق كعادتها :-
" كيف أبدو ..؟!"
رد وعيناه تلتهمان تفاصيلها كليا :-
" مذهلة ..."
كان صادقا في وصفه لها ..
هي دائما كانت مذهلة .. رائعة ومشرقة ....
كانت جميلة بحق ولكن لم يكن جمالها وحده من يميزها بل في الحقيقة كان شيئا آخرا ..
روحها المختلفة .. روحها تحمل جاذبية شديدة جعلته يسقط في غرامها .. 
هي مختلفة في كل شيء ..
ذكية ، قوية ومتجددة .. تنبض بالحياة ...!
منحته إبتسامة ناعمة وهي تغمغم :-
" شكرا .."
" هيا بنا .. ماما تنتظرنا .."
قالها بجدية وهو يقبض على كف يدها لتسير جانبه بسعادة عندما فتح لها باب سيارته فجلست مكانها ليتجه هو نحو الجانب الآخر ويجلس جانبها ...
تبادلا الإبتسامة عندما شغل إحدى الأغاني الأجنبية الشهيرة التي تحبها فصفقت بمرح وهي تتحرك بجسدها ترقص بحماس وسعادة ليدير هو مقود السيارة ثم ما لبث أن شاركها الرقص وصوت صفيره يعلو بين حين وآخر بينما صوت ضحكاتها الصاخبة يتردد بين الحين والآخر في المكان مع سرعة السيارة الشديدة والتي تجاوزت السرعة المسموح بها بكثير ..
كانت لحظات مميزة لطالما تشاركها مسبقا فكلاهما يحب الأجواء الصاخبة وكلاهما يمتلك تلك الروح المنطلقة ..
وصلا أخيرا وقد قطعا الطريق بسرعة عندما هبطت هالة من سيارتها تسير جانبه تتأبط ذراعه بإبتسامة واثقة ..
فتحت الخادمة لهما الباب ترحب بهما لتجيب هالة تحيتها بنبرة ودودة ثم تسير بجانب كرم حيث تنتظرهم عائلته في صالة الجلوس كما يفترض ..
دلفا الى هناك لتبتسم هالة وهي تهم بإلقاء التحية لكن إبتسامتها سرعان ما إنحسرت وهي تشاهده يجلس أمامها بثقته المعهودة وعنجهيته التي لا نهاية له ...
يجلس كملك متوج فوق عرش لا يسقط منه مهما حدث ...
يبتسم لها بطريقة بدت عادية تماما للجميع لكن ليس لها بينما يسير كرم نحوه مرحبا به بهدوء وفي تلك اللحظة شعرت بقلبها ينتفض بين أضلعها فكرم كان يرحب بحبيبها السابق دون أن يدري وحبيبها السابق يحاصرها بنظرات غامضة تماما بشكل جعلها عاجزة عن تحليل ما يخفيه خلف تلك النظرات الغير مريحة بالنسبة لها ..!!
هناك شيء ما يخطط له ..
لقد بدأت الحرب إذا ..!
أثير الهاشمي لن يتنازل حتى ينال ما فقده سابقا لكنه لا يعلم مع من يحارب هذه المرة فالخصم ليس ضعيفا بل هو قوي بما فيه الكفاية ليجابهه وينتصر عليه بسلاسة ..
كانت هي الخصم الذي سيهزم إسطورة هذا الرجل الماثل أمامها ويقطع جميع السبل المتاحة لإنتصاره ..!!
***
تقدمت نانسي نحو شريف الذي كان يجلس على مكتبه يعمل فوق حاسوبه ...
رفع وجهه ما إن شعر بوجودها فمنحته ابتسامة مترددة وهي تتسائل :-
" هل يمكننا الحديث ...؟!"
" بالطبع ..."
قالها سريعا وهو يغلق حاسوبه قبل أن يخلع نظارته الطبية بينما أخذت هي مكانها على الكرسي المقابل له وقالت :-
" لقد فكرت كثيرا قبل أن أتحدث معك ..."
تأمل شريف ترددها الواضح فهتف بهدوء :-
" قولي ما تريدينه يا نانسي ... كلي آذان صاغية لك ..."
ابتسمت بخجل قائلة :-
" أعلم يا شريف ..."
تنهدت ثم قالت بصدق :-
" يشهد الله علي إنك كنت وستظل في منزلة شقيقي الأكبر ... ما فعلته معي لا يقدر بثمن ..."
" لا تقولي هذا يا نانسي ... أنت تعلمين إنك أصبحت شقيقتي التي تهمني دائما ... "
أضاف مبتسما بتروي :-
" قولي ما لديك ولا تترددي أبدا .. واضح إنك اتخذت قرارا مهما بشأن وضعك الحالي مع صلاح ومترددة في قوله ..."
نظرت له بطرف عينيها ثم هزت رأسها بإيجاب قبل أن تهمس :-
" أريد الطلاق ..."
تنهد ثم قال بصدق :-
" يحق لك بالطبع ..."
" كنت أعلم إنك ستتفهم موقفي..."
هتف شريف بجدية :-
" بالطبع أتفهم ... وسأقف معك ... أساندك كما كنت دائما ..."
" حقا ...؟!"
سألته بلهفة ليهتف بسرعة :-
" بالطبع ... هل حقا تعتقدين غير ذلك ...؟!"
نطقت بخفوت :-
" لكنه يبقى شقيقك ..."
تنهد ثم قال :-
" وسيبقى كذلك .. وأنت ستبقين بمثابة شقيقتي وأم كريم وكاميليا ... أولاد شقيقي ... بل أولادي أنا أيضا .."
" أشكرك حقا يا شريف ..."
قالتها بنظرات ممتنة ليبتسم بهدوء قبل أن يهتف :-
" انظري يا نانسي ... أنا معك في قرار الطلاق ولكن .."
توقف قليلا ثم قال :-
" هل يمكنك الإنتظار قليلا .. ؟! يعني كي تتعافى والدتي من صدمتها بما فعله صلاح ... "
" بالطبع يا شريف ... أنا أساسا لم أكن لأترك الخالة نجاة هكذا دون مقدمات حتى ..."
توقفت عن حديثها وهي تسمع صوت طرقات على باب الغرفة يتبعها دخول صلاح لتنهض نانسي من مكانها بسرعة قائلة :-
" سأغادر الآن ..."
" انتظري يا نانسي ..."
نظرت له بتأهب فهتف بلطف :-
" من فضلك ..."
جلست مرغمة بينما أشار هو لشقيقه :-
" تعال يا صلاح ..."
تقدم صلاح إلى الداخل وهو يطالع نانسي بنظرات حذرة عندما أخذ مكانه على الكرسي المقابل لها ...
هتف شريف بجدية :-
" نانسي اتخذت قرارها يا صلاح ... هي تريد الطلاق ..."
هزت صلاح رأسه بصمت دون جواب ليضيف شريف :-
" لكن هذا لن يحدث حتى يستقر وضع والدتي ثم نخبرها بقرارها .. ماما متعلقة بالأولاد كثيرا وكذلك بنانسي ... "
" وما المطلوب مني ..؟!"
نظرت له نانسي بسخرية بينما هتف شريف بجدية :-
" تلك الفتاة .. إلى متى ستبقى على ذمتك ..؟!"
تنهد ثم أجاب :-
" بضعة أشهر .. ثم أطلقها ... بعدما تستقر هنا وأوفر لها ما يجعلها تحيا بشكل جيد على الأقل ..."
نقل شريف بصره بينه وبين نانسي قبل أن يسأله :-
" هل لديك نية في إبقائها على ذمتك ..؟!"
هتف صلاح بسرعة :-
" إطلاقا .. لماذا لا تصدقون إنني تزوجتها لغرض محدد وسأطلقها بعد فترة ..؟!"
" ضع نفسك مكاننا وستعلم لماذا لا نستطيع  تصديقك ...!!"
قالها شريف بضيق وهو يضيف :-
" بكل الأحوال لن يعلم أي شخص بزواجك منها ... "
" بالطبع ..."
قالها صلاح بسرعة ليضيف شريف :-
" إذا دعها تبقى هنا حتى شهرين أو ثلاثة بالكثير ثم تطلقها ... "
أكمل وهو ينظر نحو نانسي :-
" ونانسي متى ما أرادت الطلاق ستمنحه لها على الفور مع كافة حقوقها .."
" لا أريد آية حقوق .. فقط ليخرج من حياتي ويتركني أنا وأولادي بشأننا ..."
تجهمت ملامح صلاح مرددا :-
" هم أولادي أيضا ..."
" توقف عن قول ذلك لإنه لا يليق بك .."
قالها بتهكم بارد ليهتف شريف بجدية:-
" قبل أن تطالب بحقك كأب لهما جرّب أن تقترب منهما وتتعرف عليهما على الأقل .. "
أضاف بسخرية لاذعة :-
" لا تطالب بشيء لا تدرك قيمته حتى ..."
نهض صلاح من مكانه قائلا :-
" عن إذنكما ..."
ثم تحرك يغادر المكان عندما التفتت نانسي نحو شريف تتسائل بحيرة :-
" لماذا وافقت على بقاء تلك الفتاة هنا ..؟!"
ابتسم شريف مجيبا :-
" هكذا أفضل ... لا تقلقي ... أنا أعرف ما أفعله كما إن صلاح يجب أن يتحمل مسؤولية أفعاله وقراراته ... هو تزوج الفتاة وعليه تحمل وجودها بل متطلباتها أيضا .."
هزت نانسي رأسها بتفهم بينما تنهد شريف مفكرا إن شقيقه يحتاج لمن يؤدبه ويتمنى لو ينجح هذه المرة في ذلك ...!
***
كانت توليب تجلس بجانب إياس الذي يقود سيارته متجها إلى منزل عائلته حيث دعتها والدته على العشاء ...
شعرت به يستدير نحوها بينما يهتف  وهو ينظر إلى تلك العلبة المربعة الموضوعة فوق فخذيها :-
" جدي سيفرح كثيرا بقدومك ..."
التفتت نحوه تبتسم بهدوء قبل أن تهتف بصدق:-
" وأنا سعيدة جدا لرؤيته هو ووالدتك كذلك ..."
هز رأسه بصمت وعاد يركز على الطريق أمامه عندما تسائلت باهتمام :-
" هل ستعجبهما هديتي ...؟!" 
ابتسم مجيبا وهو يلتفت نحوها بنظرة سريعة قبل أن يعود ببصره نحو الطريق من جديد :-
" بالطبع ، هل لديك شك في ذلك ..؟!"
ابتسمت برقة قبل أن تقول بجدية :-
" كان علي أن أستشيرك قبل أن أختار نوع الهدية ... على الأقل كنت سأعلّم ما يفضلانه ..."
أضافت وهي تتأمل باقة الورد في الخلف :-
" أعددت هذه الباقة خصيصا لأجل والدتك ..."
هتف بجدية :-
" إنها رائعة .. ستعجبها وتفرح بها كثيرا فهي تحب الورد .. مثلك ..."
ابتسمت قائلة بعفوية :-
" والدتك إمرأة جميلة ... أحببتها كثيرا رغم إننا لم نلتقِ سوى ثلاث مرات حتى الآن ..."
أومأ برأسه دون رد بينما لم يغب عليها تغضن ملامحه للحظة فسألت باهتمام :-
" هل قلت شيئا خاطئا ...؟!"
أجاب دون أن ينظر نحوها :-
" أبدا ..."
هزت رأسها والتزمت الصمت بينما عقلها يفكر به وبتغيره الواضح ما إن تحدثت عن والدته فتمكنت منها التساؤلات بشأن والدته وطبيعة علاقته بها ...
***
فتح لها إياس السيارة لتهبط منها وهي تمنحه ابتسامة خجولة قبل أن تتأمل القصر الفخم والذي لا يقل عن قصر عائلتها فخامة لتقول بصدق :-
" القصر رائع حقا يا إياس ..."
شعرت به يلف ذراعيه حولها بينما يخبرها :-
" ستتعرفين اليوم على مكان إقامتك المستقبلي ... "
التفتت بوجهها نحو وجهه تخبره مبتسمة :-
" أعجبني كثيرا من الخارج ..."
" سيعجبك من الداخل أكثر ..."
قالها بجدية لتهز رأسها وهي ما زالت محتفظة بإبتسامتها ثم قالت :-
" لا تنسى الهدايا ..."
تحرك يفتح الباب الخلفي للسيارة لتتناول منه باقة الورد بينما يحمل هو الهدية التي أتت بها في زيارتها الأولى لعائلته ...
تقدما إلى الداخل لتفتح الخادمة لهما الباب مرحبة فيمنحها إياس الهدية بسرعة ثم يقبض على كف توليب ويتحرك بها نحو صالة الضيوف فسارت الآخيرة معه وهي تحمل باقة الورد الأنيقة معها ...
دلفا إلى صالة الجلوس ليجدا والدته وجده في استقبالهما خلفهما يقف عمه ...
ابتسمت توليب بخجل وهي تتلقى ترحيب الجد الحار قبل أن تحتضنها والدته مرحبة بها فتمنحها توليب باقة الورد التي أعجبت ألفت كثيرا فشكرتها عليها ..
حياها عارف بدوره بإبتسامة ودودة ولم يغب عنها عدم تبادل التحية بينه وبين إياس الذي تجاهله كليا ...
أخذت توليب مكانها بجانب إياس بينما جلست والدته بجانب زوجها قبالهما وعلى الجانب جلس جدهما الذي أخذ يتحدث معها بمودة شديدة وهو يخبرها مجددا عن مدى سعادته واعتزازه بإنتمائها لعائلتهم ... 
دقائق وسمع الجميع صوت رنين جرس الباب فقال الجد :-
" هذا رأفت ... "
تجهمت ملامح إياس كليا ووجود ابن عمه كان آخر ما يريده بينما نهضت ألفت تستقبل رأفت الذي لم يأتِ لوحده بل جلب معه فتاة جميلة للغاية تراها للمرة الأولى ...
نهض إياس من مكانه غير مصدقا لما يراه ...
كانت مروة أمامه بجانب إبن عمه الذي هتف بصوت متحمس :-
" مرحبا جميعا ..."
بينما التقت عينا مروة المتحديتين بعينيه وابتسامة واثقة مرتسمة فوق شفتيها ...
انتهى الفصل ..

+



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close