اخر الروايات

رواية خيوط القدر الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة المصري

رواية خيوط القدر الفصل الثالث عشر 13 بقلم سارة المصري


الفصل الثالث عشر
الصدمات تتوالى ، ولكن كيف ؟؟، هل كانت ساذجة وتم خداعها بهذه الطريقة ،الى هذا الحد كانت لاترى ولا تسمع ولا تميز ،انتبهت على صوت مرام وهى تقول ” انتو تعرفو بعض ولا ايه ” ، نظر احمد وندى الى مرام وحاولت ندى استجماع حروفها قائلة ” اعتقد ان الباشمهندس كان معيد عندنا فى الكلية ...بس اللى اعرفه ان اسمه كان احمد مش سليم ”
ابتسمت مرام وهى تتأبط ذراعه ” دى بقا ليها حكاية ظريفة ..لما احمد كان بيشتغل مع بابا كان فيه تلات مهندسين اسمهم احمد فسألته عن اسم عيلته فقالى انه اسمه احمد سليم وانا بعشق اسم سليم بصراحة وما صدقت بقيت بقوله سليم ونسيت أحمد دى خالص ..رغم انه كان بيتضايق بس خلاص خد عليها ”
كادت ندى ان تفقد وعيها فامسكت رأسها وهى تتمايل اقتربت مرام منها وهى تقول فى اشفاق ” من الصبح وانا حاساكى تعبانة ..ندى انتى كويسة ؟؟“ ، تماسكت ندى من جديد وحملت حقيبتها وهى تقول ” اه انا عازة اروح فعلا مش قادرة ”
نظرت مرام الى سليم قائلة ” يبقى انا وسليم نوصلك مش هتقدرى تروحى كدة ” ..ادينى دقيقة اطلع اغير هدومى ”
حاولت ندى ان تنهيها عن ذلك ولكنها اصرت ، تابعها احمد وهى تصعد السلم حتى اختفت واقترب من ندى التى تستند على كرسى قريب وتشيح بنظرها عنه واقترب قائلا ” ندى ارجوكى اسمعينى ..انتى فاهمة غلط ”
ضغطت ندى على شفتيها وقالت دون ان تنظر اليه ” انت حقارتك عدت كل الحدود ...تيجى تقولى ان ادهم صاحبك وتطلع متجوز لا وكمان مراتك تطلع صاحبتى ..الست اللى ائتمنتنى على اسرارها ودخلتنى بيتها ..شدتنى معاك لحقارتك ..انت ايه يا اخى انت ايه ...فى ايه عندك تقوله ومقوولتوش ”
قال فى رجاء وهو ينظر حوله ” ندى خلينا نتكلم بعيد عن هنا ”
ابتسمت فى سخرية وقالت ” مستمتع بدور الخيانة للدرجادى ...ولا فاكرنى ايه بالظبط ...مش عاوزة اشوفك ولا المحك قدامى تانى ...“ تمسكت بما تبقى منها وحملت حقيبتها وهمت بالانصراف فناداها احمد ” مش هتستنى مرام توصلك ..شكلك تعبانة ”
ردت دون ان تلتفت اليه ” مش هقدر اواجهها بعد النهاردة انا هخرج من حياتها نهائى ..اه لما تبقى تنزل ابقا اتصرف انت وقولها اى حجة من حججك ..طبعا انت كداب محترف ومحدش هيقدر يكشفك ”
خرجت ندى من المنزل وهى تبتسم فى سخرية على حالها ، صدمة جديدة ، لم تستفق بعد من الاولى فلم تؤلمها الثانية بالقدر المطلوب ، هى اذن من كانت تقلق احلام مرام ، هى اذن من قلبت حياتها الى جحيم ، هى اذن من لعبت دور العشيقة الخائنة دون ان تشعر ، أعطاها احمد هذا الدور بجدارة لتحتقر نفسها اكثر واكثر ، ارتمت فى اول سيارة اجرة قابلتها وجدت مرام تتصل بها فاهملت مكالماتها ، فلن تستطع ان تواجهها بعد اليوم بل قامت بحظر رقمها ، كيف لها ان تواجهها وقد كانت سبب شقائها والمها ، تشعر بالحقارة وتنفر حتى من نفسها اكثر مما تنفر منه ، وبقدر ما تمنت ادهم الى جوارها فى هذه اللحظة بقدر ما قررت الابتعاد عنه ،بكل مافيها هى لا تستحقه ابدا ،لا تستحق ادهم الالفى .
...................................................................................................................
دلفت ياسمين الى غرفة الاستقبال لتجد عمر وسمية يتمازحان وصوت ضحكاتهما تتعالى ، كانت تعلم كما يعلم الجميع باخلاق سمية المتدنية ، الجو كان هادئا وعمر لاحظ ان ياسمين تضايقت من مزاحه مع سمية فتمادى اكثر واكثر ليهمس فى أذنها ، فلم تستطع ياسمين التحمل فطرقت على المكتب فى عصبية قائلة ” دكتور عمر فى حالة فى العناية محتاجاك تبص عليها ” ، خرجت ياسمين وسبقته بخطوات ثم توقفت تنتظره وقد جاء يضع يده فى جيب معطفه ويصفر فى برود ، نظر اليها وهى تقف هكذا ثم تخطاها ، نادته فى عصبية ” استنى هنا رايح فين ”
أشار باصبعه الى الاعلى قائلا ” هشوف الحالة اللى فى العناية فوق يلا بينا ”
عقدت ياسمين ذراعيها فى غضب على صدرها وهى تقول ” مفيش زفت مفيش نيلة ”
تغلب عمر على ابتسامته بالكاد حتى لاتخرج وبغضب مصطنع قال ” زفت ونيلة ...اومال خرجتينى من جوة ليه ”
ابتسمت فى سخرية مشوبة بدهشة وهى تقول ” للدرجادى القعدة جوة كانت عاجباك ”
هز عمر راسه وهو يقول ” انا مش فاهم انتى عايزة ايه دلوقتى ..وخرجتينى من جوة ليه ؟؟“
زمرت شفتيها ، غريزتها الانثوية هى من كانت تحركها فى هذا الوقت ، لم يسبق لها ان جربت هذا الشعور من قبل ، ربما حتى لا تعرف له اسما ، ولذا لم يكن لديها اى خبرة فى السيطرة على غيرتها الواضحة جليا امام عمر والذى كان يستمتع بها ، قالت فى غضب ” على فكرة دى مستشفى ..مش مكان للهزار والمياصة والمرقعة اللى انا شوفتها جوة دى ”
ابتسم عمر ليغيظها قائلا ” والله سمية دى دمها زى العسل ..مهو مش معقول الواحد وهوا معندوش شغل هيقعد يكلم نفسه ..وبعدين مش فاهم انتى زعلانة ليه ..شغل مفيش وقاعدين فاضيين هننتخرس يعنى ...وبعدين سمية ليل نهار بتهزر مع كل الدكاترة عمرى ماشوفنك اتضايقتى ” وكانه يحثها على الاعتراف وكانه يحرك مشاعرها فهى مجرد طفلة تتعلم الحب معه ، وحين سألت نفسها هذا السؤال لم تجد بداخلها اجابة الا انها أخذت تنظر الى اليمين واليسار وازردرت ريقها قائلة ” كنت فاكراك غيرهم ..لكن الظاهر ان كلكو نفس الصنف ..تموتو فى المياعة والمرقعة ”
ضحك عمر بشدة وانحنى ليواجهها فجاة وهو يقول ” انتى بتغيرى ولا ايه ؟؟“
احمر وجه ياسمين بشدة حتى شعرت وكأن وجهها سيحترق من حرارته وقالت بين انقاسها اللاهثة ” اغير ..ومن مين ان شاء الله ..من دى ؟؟“
تراجع عمر قائلا ” مش بتغيرى من حد ” وأضاف وهو يغمز يعينه ” انتى بتغيرى على حد ” ، واعطاها ظهره ليعود الى غرفة الاستقبال والتفت لها من جديد قائلا ”اه على فكرة انا كنت قولتلك انك لما تتعصبى بتبقى احلى وانتى غيرانة بقا بتبقى احلى واحلى ”
اهتزت ياسمين من الغضب وهى تقول ” انت ..انت ” ، وقبل ان تكمل رفع عمر كفه قائلا ” عارف عارف ..قليل الادب ووقح ومستفز ..فيه حاجة تانية حابة تضيفيها ” وابتسم لها من جديد وعاد الى مكانه ويقينه كل يوم يزداد انها تحمل فى قلبها مثل مايحمل وانها تعافر وتقاوم وتكابر ولكن حصونها بدات تنهار واحدا تلو الاخر ، وحصن الخوف هو اقوى هذه الحصون ، هو الذى يدفعها دوما للفرار من مشاعرها تجاهه ، وهو يريد ان يعطيها الامان الذى افتقدته ، يريد ان يشاركها كل شىء ، يريدها ان تستسلم لحبه بداخلها وتعطيه مجرد فرصة للاقتراب من عالمها التى حرمت على اى بشر الاقتراب منه .
***************************************************
الايام تمر وكلما حاولت ندى التحدث الى ادهم لتنهى ماقررته يحدث شيئا يمنعها ، كلما نظرت الى عينيه ورأت فهما حبه الصادق وحنانه عجزت عن جرحه بل احيانا تعجز عن التخلى عن كل هذا الحب ، وفى يوم استجمعت شجاعتها وقررت انهاء كل شىء ، خطرت على بالها خاطرة مجنونة ، وهى الذهاب اليه فى قسم الشرطة ورؤيته وهو يتعامل مع الناس ، كانت تقرأ وتسمع عن معاملة ضباط الشرطة للمواطنين فى الاقسام ، ربما رؤيته كوحش تؤثر عليها وتقسى قلبها عليه فتسهل مهمتها ، وبالفعل ذهبت الى هناك
شعرت بالخوف لمجرد دخولها المكان فلم يسبق لها ان دخلت مكان كهذا ، نظرت الى امناء الشرطة وهو يقتادون اناسا يبدو انهم من مسجلى الخطر ، عثرت على مكتبه واختبئت فى الزحام حتى لايراها ، كان يجلس على مكتبه فى هيبة تأخذ العين والقلب ، ابتسمت دون ان تشعر وهى تلحظ وسامته وجاذبيته الشديدة لاول مرة وتعجبت كيف لم تلحظ هذا من قبل ، انتبهت للحوار الدائر فى المكان ، كان ادهم يتحدث الى رجل كبير وهو يقول ” يا حاج ...انا عارف كويس اوى انه غلطان وحرامى ويستاهل اللى يجراله بس ده عيل مكملش عشرين سنة وامه لوشوفتها هتصعب عليك ملهاش غيره ”
رد الرجل باقتضاب ” عيل ما اترباش بعد ما اويته وشغلته يسرقنى ”
تنهد ادهم قائلا ” معاك حق ..هوا عيل غبى ..بس دى اول مرة يعملها ..شوية عيال ولاد حرام لعبو فى دماغه واهو اتربى واترمى فى الحجز كام يوم وعرف ان الله حق ..نعمله قضية بقا ونضيع مستقبله ونخلى امه تموت بحسرتها ..انت عارف ملهاش حد يعيلها غيره ”
تنهد الرجل دون ان يرد فواصل ادهم ” الواد يا حاج وعرف غلطه ..وانت نفسك بتقول انك مشغله من خمس سنين وعمره ما مد ايده ..وفلوسك وهترجعلك كاملة مش ناقصة ولا مليم ..يبقا لزمته ايه ده كله ”
قال الرجل فى رضا ” خلاص يا باشا اللى تشوفه ”
ابتسم له ادهم قائلا ” خلاص بكرة ان شاء الله تجيلى نقفل المحضر ده ..وربنا يجعله فى ميزان حسناتك ان شاء الله ”
نهض الرجل وبعد ان خرج استدعى ادهم الشاب السارق وبمجرد ان قدم اليه تغيرت لهجته الى صرامة غريبة ونظر اليه قائلا ” انت عارف يا متخلف انت هتاخد كام سنة فى اللى انت عملته ده ”
سالت دموع على وجه الشاب فواصل ادهم فى غضب ” بتعيط دلوقتى ؟؟...مفكرتش فى امك ..بلاش مفكرتش فى نفسك ...مفكرتش فى اخواتك الصغيرين اللى هتوصمهم بعملتك السودا ....مفكرتش فى ابوك اللى هتلطخ اسمه بعد مامات وسيرته زى الفل ”
انتحب الشاب وقال فى ندم ” الله يخليك يا باشا كفاية ..ربنا عالم انى عمرى ما مديت ايدى وهيا كانت ساعة شيطان ولولا الحوجة مكنتش مديت ايدى ابدا ”
قال ادهم فى صرامة قاسية ” صرفت كام من الفلوس اللى سرقتها ؟؟“
رد الشاب وهو يخفض رأسه خجلا ” كانو خمستاشر الف صرفت عشرة باقى خمسة يا باشا ”
تراجع ادهم فى مقعده قائلا ” هات الفلوس اللى معاك عشان هنسلم للراجل فلوسه كاملة بكرة ”
ـ ازاى يا باشا كاملة ده انام...“
قاطعه ادهم فى حزم ” انت تعمل اللى بقولك عليه وانت ساكت ..هات اللى باقى معاك وخلاص عشان بعد كدة نعمل محضر صلح ”
تهللت اسارير الشاب فواصل ادهم وهو يتفحصه ” انت معاك شهادات ايه ”
ازدرد الشاب ريقه قائلا ” دبلوم صناعة يا باشا ”
هز ادهم راسه قائلا ” كويس انا هلاقيلك شغلانة كويسة بمرتب حلو وهتابعك واعرف ..وقسما عظما لو جالى اى شكوى منك او كررت اللى انت هببته ده تانى ما هرحمك سامعنى ؟؟“
لم يصدق الشاب نفسه واندفع الى ادهم يكاد يقبل يده فسحبها بسرعة قائلا ” روح يلا دلوقتى عشان ترجع الحجز وبكرة ان شاء الله هتخرج ”
وبعد ان خرج كان هناك زميلا لادهم يتابع الموقف فقال فى مزاح ”مش هتبطل بقا يا بنى عمايلك دى ... ظابط انت ولا مصلح اجتماعى ..هتحط عشرالاف جنيه من جيبك عشان الواد ميتحبسش ..كان من بقية اهلك هوا عشان تدفعله اكتر من مرتبك ” ثم دق على رأسه وهو يقول ” اه صحيح نسيت انت ادهم الالفى يعنى الفلوس دى بالنسبالك فكة ”
ابتسم ادهم قائلا ” هو انت كل مرة لازم تعمل الحوارده وكل مرة لازم اقعد افهمك ..فيه ناس ظروفها بتحكم عليها ولو ظروفهم اتعدلت مش هيغضبو ربنا ابدا الواد ده مثلا كان محتاج الفلوس عشان عملية امه وكانه...“
قاطعه زميله وهو يضيق عينيه قائلا ” مش امه دى اللى انت روحت امبارح دخلتها المستشفى ودفعتلها فلوس العملية ولا دى حد تانى ولا ايه ..ما انا من كترهم بقيت بنسى ”
تمعن ادهم فى وجه زميله قائلا ” مادام قادر تساعد غيرك ليه تتاخر ..الرسول عليه الصلاة والسلام قال ” من فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ” ..وبعدين واد زى اللى شوفته ده غلبان وعلى قد حاله ولولا ظروفه مكانش بقا كدة ..ندخله الحجز للمجرمين جوة يعلموه ويخلوه يبقا واحد منهم ولانساعده يكون بنى ادم ”
ومال الى الامام مضيفا ” وبعدين انت كظابط المفروض يكون ليك نظرة فى الناس ..فيه ناس كتير اوى بتستحق فرصة تانية ”
ابتسم زميله وهو يهز رأسه قائلا ” بتتكلم ببساطة يا ادهم كانك مبتعملش حاجة خارجة عن الطبيعة”
تراجع ادهم قائلا ” خارجه عن الطبيعة ؟؟؟.....هو ايه اللى انا بعمله اصلا ..اى انسان طبيعى عنده مقدرة انه يساعد حد هيساعد ..الفلوس زى ما قلت انت بالنسبالى مش مشكلة ..يعنى انا مش بقطع من قوت يومى زى ناس كتير عشان تساعد غيرها ..“، تابعت ندى الحوار من البداية وهى فى حالة انبهار تام بادهم وبشخصيته التى تتعرف عليها للمرة الاولى ، كرم اخلاقه حزمه شدته ولينه ، هل هذا الرجل يحبها حقا ؟؟، انتفضت فجأة حين شعرت بمن يقف خلفها وهو يقول فى غلظة ” انت مين وواقفة كدة ليه ”
استدارت ندى لهذا الصوت الذى ايقظها من حلمها الجميل وردت بصوت مرتعد ” انا ..انا ...عاوزة ادهم ”
نظرت ندى حولها فوجدت ان الزحام قد بدا ينفض فسمعت صوته يقول ” ادهم باشا انتى ..“ وقبل ان يكمل جملته قالت ندى فى زهو ” انا خطبيبته ”
فى تلك اللحظة رفع ادهم عينه عن الورق ولمحها وهى تقف والامين خلفها فانتفض واقفا وهو يقول ” ندى !!!“ ، تعلقت عيناها به فى رجاء وهى تنظر الى امين الشرطة وهمست ” ادهم ” ، اتجه اليها فى لهفة قائلا ” ايه يا ندى اللى جابك هنا ..حصل حاجة ؟؟“ ، كانت ندى تنظر فى توتر الى الامين خلفها ، فصرفه ادهم بنظرة ، ادى له الامين التحية وهو يعتذر لندى ، قال ادهم فى قلق ” ندى طمنينى حصل ايه ؟؟“
ابتسمت ندى قائلة ” متخافش مفيش حاجة انا كنت جاية عشان ..“ وتاهت الكلمات من جديد وعقد لسانها هذه المرة ومنعها من البوح فأخذت تلهث فى توتر حتى سمعت ادهم يقول ” ندى انا سامعك ”
فواصلت بارتباك ” كنت مخنوقة وعايزة اخرج شوية قلت اعملك مفاجاة ..عندك مانع تخرج معايا ”
دقق ادهم النظر فيه للحظات وقال ” ندى فيه حاجة عايزة تقوليهالى ”
توترت اكثر من قدرته على قراءة مابداخها بسهولة فابتسمت قائلة ” حاجة ايه ..لا مفيش حاجة ”
دقق فيها اكثر قائلا ” بقالك فترة عايزة تقولى حاجة وبتغيرى رأيك على آخر ثانية ”
لوحت ندى بكفها قائلة ” لا لا لا مفيش حاجة ..انا فعلا عاوزة اخرج معاك ”
ابتسم وهو ينظرفى ساعته قائلا ” انا معايا ساعتين لسة على ما اخلص ..روحى انتى وانا هبقا اعدى عليكى ”
ابتسمت ندى فى خبث وقالت ” طيب ينفع افضل هنا الساعتين دول لحد ما تخلص شغلك وبعدين نخرج ”
لم يقتنع ادهم فى البداية ومع الحاحها تنهد قائلا ” خلاص خليكى بس تقعدى ساكتة من غير ولا كلمة ”
قالت ندى وهى تضع يدها على فمها ” ولا حرف حتى ”
ابتسم ادهم وعاد الى مكتبه وجلست هى تتابعه ، وكأنها تراه للمرة الاولى ، اعجبت بلباقته وقوة شخصيته ، كان ينظر اليها بين الحين والآخر ويبتسم لها فى حب ويعود الى عمله ، ظلت تراقب كل فعل وكل نفس وعلمت مالسر فى الاعجاب الذى تكنه العديدات له ، معهن كل الحق ولا يمكن لومهن أبدا ، ادهم هو فارس احلام اى فتاة دون شك .
مر الوقت وحين استقرت الى جواره فى السيارة ، رفعت رأسها تتأمل ملامحه عن قرب ، عينيه عسليتان وهو اكثر لون تعشقه ندى ، وشعره اسود كثيف ، لاحظت للمرة الاولى ما كانت دوما تنكره ، ادهم وسيم وجذاب للغاية بل انه يفوق وسامة نجوم السينما ، التقت لها فجأة قائلا ” مالك بتبصيلى كدة ليه ؟؟“
توترت ندى وانكمشت فى مقعدها فوجدت ادهم يقول ” انتى فيه حاجة عايزة تقوليها ”
تنحنحت ندى وقالت وهى تزيح خصلة من شعرها ” امم ..عايزة اكل جعانة ”
ضحك ادهم من تهربها وقال ” ماشى يا ندى ..تحبى تروحى فين ؟؟“
قالت وهى تغمض عينيها وتسترخى على المقعد ” انا عاوزة اروح مكان على ذوقك ..مش كل مرة انا اللى اختار ...لازم اخلى عندى دم شوية ”
ابدى ادهم حيرته من تغيرها المفاجىء ولكنه ادار سيارته، وشغل اغنية فرنسية لسيلين ديون وهى toi e moi، تعجبت ندى وقالت ” انت بتعرف فرنساوى ؟“
https://www.youtube.com/watch?v=L-3JLpLFuSs )الاغنية مترجمة )
ابتسم ادهم وقال فى بساطة ” اه طبعا ..انا بتكلم انجليزى وفرنساوى واسبانى كمان انتى ناسية انى تقريبا لفيت نص العالم مع بابا الله يرحمه زمان ”
فتحت ندى ثغرها فى اعجاب وشعرت انها تعيد اكتشاف ادهم من جديد وتتعرف على شخص غير الذى كانت تتخيله ، شخص تشعر تجاهه بشعور يختلف عن ذى قبل .، كان يظنها لاتعرف الفرنسية فانسجم مع كلمات الاغنية وكان ينظر اليها مع كلماتها ونغمات الجيتار الهادىء
مثل الحياة والعالم
مثل الليل والنهار
مثل الضحك والبكاء
مثل الكراهية والحب
مثل الغنى والفقير
كما فى الماضى والحاضر
ونظر اليها موجها كلمته بالفرنسية مع الاغنية سأكون دائما هنا ..ساكون هنا بجانبك ”
وبذلت ندى جهدا خرافيا لتستطيع اخفاء معرفتها بالكلمات ومجهودا اكبر لتخفى سعادتها ودهشتها
أما دهشتها فلم تنتهى بعد فحين ذهبت الى المكان الذى اختاره ادهم وقفت للحظات دون ان تتحرك وقالت فى دهشة وهى تتأمله ” ادهم ..ايه ده ..هوا ده اكتر مكان بتحبه ”
ابتسم ادهم وهو يأخذ يدها لتجلس الى جواره على مقعد خشبى بسيط قائلا ” وهوا فيه احلى من كدة ..النيل قدامك والسما فوقك ..وهوا نضيف ولا فيه دوشة ولا قلبة دماغ ولا ناس غاوية منظرة ”
تأملت ندى النيل للحظات وقالت ” انا مقولتش حاجة ...المكان تحفة ..بس معقول ادهم الالفى ..لما يحب يقضى وقت يقضيه هنا ...يبقا عندكو اكبر سلسلة فنادق وقرى سياحية فى مصر وطيارة خاصة تروح بيها لاى حتة فى اى وقت وتيجى المكان البسيط ده ”
أخذ ادهم نفسا طويلا ملأ به صدره وقال ” انا باجى هنا اهرب من كل حاجة وببص للنيل ده وارمى فيه كل همومى ..بهرب حتى من ادهم الالفى نفسه ..هنا محدش يعرفنى ..الناس كلها بسيطة وبعيدة عن الزيف والكدب ..الناس لما يبتسمولك هنا بيبقا من قلبهم ..لكن فى مكان تانى من اللى بتقولى عليهم بتبقى ابتسامة متذوقة مليانة خوف او نفاق ..اوقات كتير باجى هنا وانسى انى ظابط او انى سليل عيلة الالفى ”
هزت ندى كتفيها وقالت ” وليه عاوز تنسى انك سليل عيلة الالفى ”
عقد ادهم ساعديه وهو يسترخى على المقعد قائلا ” من وانا طفل وانا بحس ان دايما دى الحاجة الوحيدة اللى كانو بيميزونى بيها ..المدرسين حتى فى المدرسة كانو دايما بيقربومنى عشان ليهم مصلحة مع بابا الله يرحمه ..ولما كبرت كل اصحابى اللى حواليا بقربو منى لنفس السببب، عارفة احساسك لما تبقى عارفةان كل اللى حواليكى دول هيتخلو عنك مع اول ازمة ”
ابتسمت فى الم وقالت ” اكتر واحدة عارفة ..تقريبا محدش كان معانا فى ازمتنا غيرك ”
واصل ادهم حديثه وهو يتامل النيل قائلا ” اخترت انى ادخل شرطة ..كان نفسى يكون ليا حاجة افتخر انى انا اللى عملتها ..مش بس كل اللى يميزنى انى ورثت مليارات من عيلتى ”
ضحكت ندى وقالت وهى تبسط كفيها ” لن اعيش فى جلباب ابى من جديد ”
ابتسم ادهم بدوره قائلا ” مش بالظبط ...يعنى اقولهالك ازاى ؟؟..انا هفضل طول عمرى افتخر ان ابن عبدالرحمن الالفى وسليل عيلة الالفى اللى كان ليها دور فى بنا اقتصاد البلد دى ..بس انا كمان عاوز يكون فى جزء خاص بيا ..عاوز عيلة الالفى هيا اللى تتشرف بيا زى ما انا ما بتشرف بيها ..وبما انى مش بحب البيزنس كان لازم يكون ليا مجالى اللى احقق فيه اسمى ..بعيد عن مساعدة من اى حد من عيلتى ”
وبنظرة كلها اعجاب لم تحاول ان تخفيها قالت ” وكأنى بعرفك لاول مرة يا ادهم ”
قالتها بهمس وخرجت من قلبها مباشرة وتفاجأت به يلتفت لها قائلا ” هو انتى عمرك اديتى لنفسك فرصة قبل كدة انك تعرفينى ؟؟“
عقدت ندى ذراعيها فى خجل وقالت بمزاح ” قصدك انت اللى كنت مدينى فرصة عشان اعرف حتى اتلم على نفسى ...صبح ليل ضهر ..مش عارفة لما انت عندك شغل كدة بتجيب الوقت منين ؟ ”
كان ادهم يضحك على طريقتها الطفولية فى الحديث وقال ” كنت عاوز اجيب اخرك ”
قالت ندى فى دهشة ” اخرى ازاى يعنى ؟؟“
شبك أصابعه قائلا ” كنت قاصد اكون حواليكى طول الوقت ..فى كل لحظة فى كل دقيقة ..كنت عايزة اعرف وجودى فى حياتك هيضاقك ولا لا ..فزودتها شوية ”
قالت ندى فى احتجاج ” طب افرض كنت اتضايقت وزهقت فعلا ومشييت من حياتك خالص ..كدة تبقا بعدتنى مش قربتنى ”
قال فى هدوء ” وده محصلش ”
قطبت ندى حاجبيها واقتربت منه قائة ” يعنى عايز تفهمنى ان كل اللى كنت بتعمله ده كان مجرد رخامة مش اهتمام ”
مد يده وتمنى لو لمس وجهها القريب منه ولكنه تراجع وقال ” انتى مجنونة ولا ايه ..مفيش مرة كلمتك فيها مكنتيش وحشانى فعلا ..مفيش كلمة قولتها مكنتش اقصدها ..كل الحكاية انى زودتها شوية ”
نظرت الى اليمين واليسار قائللة ” وموضوع اتحداكى والجو ده ”
تراجع عنها قائلا ” دى كانت اخر محاولة فعلا هعملها ..ندى انا لما سألتك وقولتى مفيش حد فى حياتك حسيت انى انا اولى بمشاعرك دى ..مفيش راجل فى الدنيا دى هيقدر يحبك ويخاف عليكى ويحكميكى زييى ...بس فى نفس الوقت لو انتى مش متقبلانى او مش قادرة تحبينى عمرى ما هفرض نفسى عليكى ”
ونهض قائلا وهو يقف امامها ” ودلوقتى بقا عاوز اعرف مين فينا كسب التحدى ”
أخفضت ندى عينيها فى خجل فلم تستطع ان تواجه عينيه وقالت ” دلوقتى بقا انا عاوزة اروح ”
امسك ادهم بيدها لتقف امامه وقال ” بتمدى المهلة اكتر ..تمام انا موافق وهستنى قرارك ..مش هزعل ابدا لو قلتى لا ..بس اوعى تقولى اه وانتى مش حساها مليون فى المية ..يلا عشان اروحك ”
سعادة غامرة مسحت كل الحزن الذى كان يعكر ايامها فيما مضى ، وانساها فى لحظة كل الصدمات التى مرت بها ، انساها عذابات الضمير ، بل انساها العالم بأسره ، لقد كانت تتعرف على ادهم آخر غير الذى لم تعطى لنفسها فرصة فى التعرف عليه ، شخص تتمنى ان تبقى الى جواره ، لم تهتم بتفسير ما يدور بداخلها ، سعادتها طغت على اى تساؤل يدور فى اعماقهاا ، كانت الى جواره فى السيارة تنظر له بين الحين والاخر تريد ان تملأعينها من ملامحه الجذابه ، وشعرت بانها تريد ان تلقى رأسها على كتفه وتغمض عينيها وتنسى كل ما مرت به قبل هذا اليوم ، لم يعد ادهم منذ هذه اللحظة مجرد الرجل الذى يحميها طيلة الوقت ويشعرها بالامان ، لقد أصبح شيئا آخر ، وهى تعاند نفسها كالعادة ولا تريد الاعتراف بسهولة 


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close