اخر الروايات

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة علي

رواية نشوة العشق اللاذع الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة علي 



انتهت الخطبة ...

+


غادر الجميع ...

+


فرغ المكان حولها ...

+


صعد كلا من سكان القصر الى جناحه وبقيت هي وحدها ...

+


استغلت غياب الجميع بعد هذا اليوم المرهق وقررت أن تبقى قليلا في الخارج ...

+


في الحديقة الخلفية للقصر وتحديدا في تلك الغرفة الزجاجية الملحقة بها هناك حيث تقدمت الى الداخل بفستانها تتأمل المكان الدافئ بتصميمه الأنيق ...

+


جلست على أول كرسي وجدته أمامها تحملق بالفراغ أمامها بشرود ...

+


لا تنكر إنها قضت وقتا ممتعا ...

+


كانت الحفلة جميلة وكل شيء بدا مثاليا وهي انشغلت مع سولاف ابنة عمتها التي وجدتها لطيفة للغاية ومحبوبة وكذلك مع هالة وفيصل الذي أصر أن يرقص معها ...

+


تجاهلت عمها وكأنه غير موجود وفعلت نفس الشيء مع راغب ومهند ...

+


والآن بعدما انتهت الحفلة وعاد كل شيء الى نصابه ، ماذا ستفعل ..؟!

+


عليها أن تجد حلا ..

+


عمها يرفض مغادرتها القصر ...

+


بينما تريد هي العودة الى أمريكا ..

+


الدراسة هناك ستبدأ قريبا ...

+


وهي لا تملك أحدا تلجأ إليه .. 

+


لمن ستلجأ ..؟!

+


أخيها في السجن ...

+


وريم هي من أتت بها الى هنا ...

+


هي من منحت عمها الفرصة ليتحكم بها ..

+


وهاهي الآن حبيسة جدران قصره ...

+


تنهدت بسأم والعجز يكبلها ...

+


نهضت من مكانها وغادرت الغرفة حيث الحديقة ...

+


تسير فيها بشرود وعقلها يفكر مرارا ...

+


تريد حلا سريعا ...

+


لقد سئمت من هذا الوضع ...

+


سارت بقدميها نحو الأرجوحة الموضوعة في أحد جوانب المكان ...

+


تأملتها لوهلة قبل أن تتجه بعينيها نحو السور الذي يحاوط القصر ...

+


كان متوسط الإرتفاع ...!

+


هل يمكنها الهروب ..؟!

+


سخرت من أفكارها التي بدت حمقاء ...

+


ليت الأمر بهذه البساطة ..!

+


اتجهت ببصرها نحو الأرجوحة مجددا ...

+


والأشجار خلفها ...

+


لمعت عيناها بتفكير ..

+


ماذا لو تسلقت الشجرة ...؟!

+


وقفزت منها على السور ومنه الى الخارج ...؟!

+


لمَ لا تجرب ..؟!

+


مالذي ستخسره ...؟!

+



          

                
بدت الفكرة مسلية وتحمل إثارة أعجبتها ...

+


ما هي إلا لحظات واتخذت قرارها ...

+


خلعت حذائها ورمته فوق الأرضية بإهمال ثم سارت بقدميها الحافيتين نحو الشجرة ...

+


تشجعت وقررت أن تتسلق الشجرة وتسلقتها بالفعل حتى باتت على مسافة قريبة من السور الذي يقع خلفها ...

+


بدا الأمر جنونيا لكنها فعلتها ...

+


فعلتها وقفزت من فوق الشجرة نحو السور ...!

+


تأملت الشارع خارجا فشعرت بخوف لا إرادي يحتلها ....

+


حاولت أن تدور بجسدها لتقفز الى الجانب الآخر وتصبح خارج أسوار القصر لكنها تراجعت لوهلة وهي تفكر في المكان الذي ستذهب اليه ...

+


خوفها يتضاعف وبينما هي تحسم أمرها وتتخذ القرار كان صوته يصدح بصدمة ألجمته كليا وهو يراها بهذه الوضعية :-

+


" جيلان .. ماذا تفعلين ..؟!"

+


شهقت بفزع والتفتت دون تفكير الى الخلف لتجده أمامه عندما كادت أن تسقط لكنها تمسكت بالسور ليصيح هو بخوف :-

+


" انتبهي ..."

+


التقطت أنفاسها بصعوبة بعدما شعرت بقلبها يتوقف من شدة الخوف عندما نطقت بغضب مكتوم :-

+


" ماذا تفعل هنا ..؟! هل تراقبني ...؟!"

+


تجاهل حديثها وهو يتقدم نحوها حتى وقف قبالها يسألها بغضب :-

+


" انا من يجب أن يسأل لا أنت .. مالذي تفعلينه .. ؟! أنتِ جننتِ حتما ..."

+


" ليس من شأنك ..؟!"

+


قالتها وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها بينما تجلس بجسدها فوق السور وقدميها تتدليان أسفله ..

+


" انزلي يا جيلان وتوقفي عن هذه الحماقات ..."

+


قالها بصوت حازم لتهتف برفض :-

+


" لن أفعل ..."

+


أخذ نفسا عميقا وهو يحاول السيطرة على أعصابه قبل أن يقول بتروي :-

+


" إنزلي يا جيلان بدلا من افتعال فضيحة كلانا في غنى عنها ..."

+


رفعت حاجبها تسأله :-

+


" هل تهددني ...؟!"

+


صاح من بين أسنانه :-

+


" انزلي حالا ..."

+


ثم أخذ نفسا عميقا قبل أن يقول بصبر :-

+


" سأعد من واحد للعشرة وإذا لم تنزلي..."

+


قاطعته بتحدي :-

+


" ماذا ستفعل حينها ...؟!"

+


تأملها بنظرات غامضة لوهلة قبل أن يقول :-

+


" سأجرك من فوق السور بنفسي وأحملك على ظهري كالمرة السابقة ... مثل الخروف ..."

+


اشتعلت عيناها بغضب بينما هتف هو بنظرات جامدة متحدية :-

+



        

          

                
" واحد .. اثنان ...."

+


وقبل أن ينطق رقم خمسة وجدها تستند على السور بكفيها ثم تقف بقدميها فوقه ...

+


تأملها وهي تقف على السور بطولها الكامل ليبتلع ريقه متسائلا :-

+


" ماذا ستفعلين ...؟!"

+


تخصرت وهي تجيب ببساطة :-

+


" سأنزل .... "

+


" هاتي يدك ..."

+


قالها وهو يتقدم نحوها قلقا من أفعالها المجنونة عندما وجدها تنحني قليلا وتمد يدها تضعها في يده وقبل أن يساعدها بالنزول كانت تلقي بجسدها عليه ليسقط هو على الأرض وتسقط هي فوقه بشكل جعله يصرخ ألما ...

+


***

+


" آه ...."

+


صاح بها متوجعا بينما يشعر بجسدها الخفيف فوق جسده ليهتف من بين أسنانه متجاهلا ألمه في تلك اللحظة :-

+


" هل يمكن أن تنهضي من فوقي ... ؟! جسدي يؤلمني ولا ينقصه وجودك فوقه ..."

+


رفعت وجهها تتطلع الى ملامح وجهه المتألمة لتستند بكفيها على الأرض جانبها محاولة النهوض حتى نهضت أخيرا رغم الألم الذي شعرت به وجعلها تتأوه بخفوت ...

+


وقفت وهي تضع كفها فوق ظهرها تسأله :-

+


" هل أنت بخير ..؟!"

+


هتف لاويا ثغره بتهكم :-

+


" بخير جدا ... بعد سقوطك عليّ ..."

+


ثم حاول النهوض متجاهلا ألم ظهره عندما نظرت له بشفقة صادقة وهي تخبره :-

+


" هل أنادي أحدهم ..."

+


قاطعها من بين أسنانه :-

+


" فقط اصمتي وسأكون بخير ..."

+


" الخطأ مني لإنني أشفقت عليك وأردت مساعدتك .."

+


تحامل على جسده ونهض أخيرا ليقول ساخرا :-

+


" تساعديني بعدما كدتِ تتسببين بكسر ظهري ... يا لك من إنسانة رحيمة ...!!"

+


همست بألم هي الأخرى :-

+


" وأنا أيضا ظهري يؤلمني ..."

+


تجاهلها وهو يسير أمامها بينما هتف قبل ابتعاده :-

+


" تستحقين ... ليته إنكسر ... على الأقل كنت سترقدين في فراشك لأسابيع ..."

+


تطلعت اليه بنظرات حاقدة عندما وجدت يجلس على الأرجوحة بتعب واضح ...

+


وقفت تنظر له بوجوم ورغما عنها شعرت بتأنيب ضمير فهي سقطت بثقل جسدها عليه وبالتأكيد هذا آلمه كثيرا ...

+


أخذ نفسا عميقا ثم نظر نحوها ليجدها تطالعه بنظرات غريبة قبل أن تسير نحوه بتمهل بينما ما زالت تسند ظهرها بكفها ....

+


وقفت قباله وهمست بصوت متردد :-

+


" أنا آسفة ..."

+


تأملها بتجهم ليشعر بصدق إعتذارها ..!

+



        
          

                
تنهد بصوت مسموع ثم قال بهدوء :-

+


" حسنا ، اعتذارك مقبول ..."

+


اتجهت جانبه وجلست جواره على الأرجوحة ...

+


رمقته بنظرات عابرة قبل أن ترفع عينيها نحو السماء المعتمة تتأملها بصمت وشرود ...

+


مال ببصره نحوها يتأمل هدوء ملامحها وهي تناظر السماء بعينيها ليرفع بصره هو الآخر نحو السماء يتأمل تلك النجوم التي تضيء ظلامها الدامس والقمر الذي كان بدرا اليوم ...

+


سمعها تهمس بصوت خافت :-

+


" السماء جميلة اليوم ... "

+


مط شفتيه مرددا :-

+


" نفسها كل يوم ..."

+


منحته نظرة عابرة ساخرة قبل أن تعاود النظر إليها مجددا عندما همست بعدها :-

+


" أرواح الموتى هناك ، أليس كذلك ..؟!"

+


تجهمت ملامحه كليا مندهشا من سؤاله عندما نطق بتردد :-

+


" ما هذا السؤال ..؟!"

+


التفتت نحوه تهمس بصعوبة :-

+


" هكذا قال بابا لي ... ماما في السماء ... روحها هناك .. هي تراني ... طوال الوقت ..."

+


ارتجفت شفتيها بينما تضيف بنفس الخفوت المثقل بوجع لم ينتهِ رغم مرور سنوات :-

+


" منذ أن أخبرني بذلك وبقيت كل يوم أنظر الى السماء .. أتحدث معها دون توقف ... وفي كل مرة كنت أنتظرها أن تجيب ... "

+


لمعت الدموع في مقلتيها وهي تضيف بحشرجة تمكنت من صوتها :-

+


" لكنها لم تفعل ... بقيت هكذا طويلا حتى يأست ... "

+


همست بصعوبة بينما يطالعها هو بألم استوطن روحه :-

+


" بعدها أصبحت أتمنى أن تزورني في أحلامي ... لكنها لم تفعل .. حتى في أحلامي لم تزرني ..."

+


مسحت عينيها بأطراف أناملها تمنع عبراتها من الهطول عندما استدارت نحوه فرأت الشفقة والحزن في عينيه لتهمس بصلابة تمكنت منها في لحظة :-

+


" لا داعي لنظرتك هذه ... كان هذا من زمن .. وانتهى ..."

+


تنهد مرغما قبل أن يشيح ببصره بعيدا عائدا بنظره نحو السماء يتأملها بصمت وعقله يتسائل عن كم المعاناة التي عاشتها تلك الفتاة ..

+


ولوهلة سخر من نفسه وهو يتذكر ما فعله بنفسه مسبقا ..

+


تمرده على عائلته وأفعاله المشينة بسبب قصة حب فاشلة ...!

+


فتاة أحبها ولم ينلها بسبب رفض عائلته فتحول الى شخص آخر يسعى للانتقام منهم ولكنه لم يكن ينتقم سوى من نفسه في الحقيقة ..

+


الآن بعد كل هذه السنوات أدرك خطأه ومثلما أدركه أدرك مدى سخافته وقتها ووضاعته خاصة والآن يقارن ما عاشته تلك الصغيرة القابعة جواره بسنوات عمرها الثمانية عشر ...!

+



        
          

                
زفر أنفاسه بتمهل قبل أن ينظر نحوها ليتفاجئ بها تتأمله بعينيها فطالعها بتساؤل ليجدها تهتف بهدوء :-

+


" أنا أريد المغادرة يا مهند .. لا أريد البقاء هنا ... "

+


أضافت وهي تتحرك بعينيها في أرجاء المكان :-

+


" أنا أكره هذا المكان ... مثلما أكره الفيلا التي عشت بها مع والدي لسنوات ... كلا المكانين يحملان ذكريات سيئة بل بشعة لي .. أريد مغادرة القصر بل البلاد بأكملها ... "

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت بصدق :-

+


" لا يمكنني تحمل بقائي هنا مع كم الذكريات المؤلمة التي تحاوطني ... افهمني انت على الأقل ..."

+


صمت لوهلة بينما تأملته هي بأمل أن يفهم عليها ويستوعب ما تعايشه عندما قال أخيرا بجدية :-

+


" سأساعدك يا جيلان ..."

+


أشرقت ملامحها بأمل ليضيف بتروي :-

+


" ولكن اصبري قليلا ... الأمر ليس بهذه السهولة ..."

+


سألته بلهفة :-

+


" ستساعدني حقا ...؟! أنت لا تكذب علي .."

+


" والله سأفعل ... "

+


قالها بصدق لمسته هي فهزت رأسها وهي تهمس :-

+


" حسنا يا مهند ... سأنتظر .. لا بأس في الصبر قليلا أيضا ..."

+


تأملها بعينيه ومجددا عاد يفكر في حديث والده وقراره الذي لا يعرف كيف يخبرها به ...

+


قرار سيقلب كل شيء وربما يعود بها الى نقطة الصفر ..!

+


***
تتحرك داخل جناحها بملامح غاضبة ناقمة على كل شيء ...

+


لم تستطع تقبل ما رأته ...

+


هما بالتأكيد يمثلان لا غير ..

+


يدعيان إنهما بخير أمامها ...

+


اتجهت نحو النافذة تفتحها كي تتنفس القليل من الهواء ...

+


ماذا عليها أن تفعل ..؟!

+


هل ستتنازل ..؟!

+


هل ستتراجع عن مخططها ..؟!

+


كلا ، أبدا لن تفعل ...

+


يسرا الحداد لا تتراجع ولا تتنازل أبدا عما تريده ...

+


يكفي ما حدث قبل أعوام عندما تركها وسارع يخطب الأخرى متحججا بخلاف بسيط ...

+


خلاف حدث بسببها هي واتخذه هو حجة لينهي خطبته بها ...

+


عادت بذاكرتها الى الخلف ...

+


الى سنوات بعيدة عندما كانت خطيبته ...

+


استمرت خطبتهما لعدة شهور وكل شيء كان يسير بشكل جيد ...

+


لم تلحظ اهتمامه بالأخرى أو ربما هو من نجح في عدم لفت انتباهها ...

+


لم تكن تهتم بها من الأساس ...

+



        
          

                
لم تتوقع في أسوأ كوابيسها أن ينظر راغب لهمسة ويفكر بها مجرد التفكير حتى ...

+


كانت علاقتهما تسير على نفس الوتيرة...

+


كلا منشغل في اعماله ويلتقيان بشكل مستمر يتبادلان الأحاديث ويغدق هو عليها بالهدايا وكذلك هي ...!

+


علاقة عادية خالية من المشاعر لكنها كانت ناجحة بكل المقاييس ...

+


على الأقل بالنسبة لها ...

+


ولكن الشيء الوحيد الذي كان يعكر مزاجها بعض من أفراد عائلته ...

+


كانت تشعر برفض البعض لها ...

+


مهند وتصرفاته المزعجة وسخريته الباردة منها ...

+


الوحيدة التي كانت تتعامل معها بمودة صادقة هي عمتها زهرة ...

+


وراجي كان كما هو دائما هادئا محترما ولكنه حذرا للغاية بالكاد يتبادل التحية وبضع كلمات معها ...

+


ولكن جميعهم ليس مهمين بالنسبة لها بقدر عابد الهاشمي الذي رغم قبوله الظاهري لها شعرت بعدم سعادته بهذه الزيجة ...

+


لم تفهم وقتها لماذا ...

+


ورغم إنه كان يعاملها برقي واحترام كعادتها إلا إنه لم يمنحها المحبة والود التي كان يغدق بها على همسة وهالة بينما من المفترض إنها كنته المستقبلية أي ستصبح فردا أساسيا من العائلة ورغم ذلك كانت معاملته لها في حدود معينة ...
حدود أرادت أن تمحيها لإن عابد يهمها وعلاقتها به يجب أن تكون جيدة ...
جيدة جدا ... 
كان متحفظا للغاية معها وكان هذا يزعجها جدا ... 

+


كانت تريد أن تكسبه بصفها ...

+


تحتاج لذلك بشدة ...

+


مرت الشهور بشكل اعتيادي ...

+


ولكن ما حدث في احدى الزيارات خرب كل شيء ...

+


كانت دعوة معتادة من عمتها لقضاء يوم العطلة معها ...

+


جلست في الحديقة معه ومعهما والديه بينما راجي يدرس في جناحه والصغار يلعبان كرة القدم وهمسة منعزلة تقرأ أحد الكتب كعادتها ...

+


يومها نهضت مع راغب يسيران في الحديقة الواسعة ويتحدثان قليلا حتى فوجئت بكرة القدم تضرب رأسها ...

+


صاحت بفزع عندما أراد راغب أن يطمئن عليها ...

+


غضبت بشدة خاصة عندما أخذ كلا من فيصل وتوليب وهالة يضحكون بطفولية على مظهرها بينما مهند وقف يتأملها بإبتسامة باردة ..

+


لم تتحمل الموقف المحرج لها خاصة مع ضحكات هؤلاء الفتية لتحمل الكرة وتتجه سريعا وهي تصرخ بصوت عالي :-

+


" من ضربها ...؟؟"

+


أشار فيصل وهو يحاول كتم ضحكاته نحو شقيقه ليهتف راغب وهو يتبعها :-

+


" لماذا فعلت هذا يا مهند ..؟!"

+


هتف مهند وهو يهز كتفيه ببساطة :-

+



        
          

                
" حدث بالخطأ ..."

+


نهضت زهرة لترى ما يحدث يتبعها عابد وكذلك همسة التي انتبهت لما يحدث عندما صاحت يسرا وقد فاض الكيل بها من هذا الأحمق وتصرفاته المستفزة :-

+


" بل حدث لإنك غبي وأحمق ..."

+


صاح مهند رافضا ما تقوله بشدة :-

+


" أنا لا أسمح لك أن تتحدثي هكذا معي ..."

+


" ماذا حدث يا أولاد ....؟!"

+


قالتها زهرة وهي تتقدم نحوهم يتبعها عابد عندما صاح مهند بغضب:-

+


" ابنة شقيقك تنعتني بالأحمق الغبي ..."

+


احتقنت ملامح راغب بينما هتفت توليب بهدوء :-

+


" مهند لم يقصد ... سدد الكرة بشكل خاطئ وأصابت رأسها ..."

+


وهنا لم يتحمل فيصل الموقف فعاد يضحك وهو يتذكر منظرها ليشاركه كلا من توليب وهالة الضحكات مما أجج غضبها أكثر فصاحت بعصبية غير مبالية بوجود عابد وزهرة بل وراغب أيضا :-

+


" اخرسوا ... ما قلة التربية هذه ..؟!"

+


توقف الجميع في نفس اللحظة بينما هتف عابد بصوته الحازم :-

+


" انتبهي على ما يخرج من فمك يا يسرا .. ولا تنسي إنهم مجرد صغار ..."

+


هتفت يسرا وهي تنظر نحو عابد بتحفز :-

+


" ليسوا صغارا الى هذا الحد .. هم يتعمدون اهانتي ..."

+


اعترض مهند :-

+


" ولمَ سنفعل ذلك ...؟! نحن كنا نلعب ولم ننتبه لك أساسا ...."

+


" أنت بالذات إخرس ... عديم التربية ..."

+


شهقت زهرة بعدم تصديق بينما جذبها راغب من ذراعها يهمس بحزم :-

+


" هل سمعتِ ما تقولينه ...؟! كيف تتحدثين بهذه الطريقة ..؟؟"

+


نظرت لها زهرة بلوم بينما هتف عابد بملامح مكفهرة :-

+


" لن أرد عليك بوجود خطيبك ... سأترك الرد له وأنا واثق إنه سيجيد التصرف ..."

+


ثم أشار الى الأولاد :-

+


" وأنتم هيا .. ليصعد كلا منكم الى جناحه .."

+


" ولكننا نريد اللعب ..."

+


قالتها توليب باحباط ليهتف عابد بحزم :-

+


" اصعدوا جميعا .. هيا .."

+


تحركت توليب بعدما منحت يسرا نظرة كارهة خرجت بشكل عفوي تتبعها هالة التي نظرت نحوها بحقد دفين وأخيرا فيصل الذي صاح معترضا :-

+


" هذا حرام .. ظلم ..."

+


ثم نظر الى راغب هاتفا :-

+


" لا تجلبها مرة أخرى ... دائما ما تفتعل المشاكل وتنتقد تصرفاتنا باستمرار .. نحن لا نريدها ولا نحبها ..."

+



        
          

                
ثم تحرك مندفعا عندما قال مهند بجدية متجاهلا غضبه الشديد من تصرفات تلك الحمقاء ولكنه بنظرة واحدة نحو راغب عرف إنه لن يمرر تصرفها هذا بسهولة لذا قرر أن يترك التصرف له كوالده تماما :-

+


" أنا حقا لم أقصد ما حدث يا بابا ... كنا نلعب وهي كانت تسير مع راغب في محيطنا .. الكره ضربتها بالخطأ وهذا أمر وارد ..."

+


ثم نظر الى همسة قائلا عن قصد:-

+


" لقد حدث ذلك مسبقا مع همسة ولم تقل شيئا وأصبحت تجلس في مكان بعيد عنا كي لا تضربها الكرة بالخطأ ... اما فيصل وتولاي وهالة فضحكوا بسبب الموقف وهذا أمر طبيعي ..."

+


أكمل وهو يلوي ثغره بأسف مصطنع :-

+


" كان موقفا عاديا وغير مقصودا لكن من الواضح إن يسرا لا تتقبل أبسط المواقف ...عن إذنكم ..."

+


تحرك بعدها وهو يكتم ابتسامته التي ظهرت ما إن أولاهم ظهره تتبعه همسة التي شعرت بالشفقة عليه بعدما ظنته محرجا كونه سبب المشكلة ..

+


اما عابد فنظر الى يسرا وقال بحزم :-

+


" اسمعيني يا يسرا ... أنت أتيت الى هنا عدة مرات منذ خطبتك براغب .. رأيتِ كيف نحيا وطبيعة حياتنا ... لم يغب عني عدم تقبلك لعدة أمور .. الأولاد ومشاغباتهم والأحاديث والضحكات المستمرة .. نحن عائلة كبيرة ونحب أن نحيا بهذه الطريقة دون تعقيدات مبالغ بها .. إذا كان هذا لا يناسبك ولا يشبه طبيعة حياتك فهذه مشكلتك وليس مشكلتنا أنا حتى حديثك عن قلة التربية فلن أرد عليه بل سأترك راغب يرد عليه كونه يمس والديه ... ولتعلمي يا يسرا إن أصول التربية تقتضي بعدم رفع صوتك أمام من يكبرونك سنا بل هم في عمر والديك ..."

+


أشار لزوجته بعدها لتتبعه بصمت عندما التفت راغب نحو لتهمس بصعوبة :-

+


" راغب أنا ..."

+


" اخرسي ..."

+


هدر لها بحزم وهو يضيف :

+


" كيف جرؤت ..؟! من هم قليلين التربية ..؟! تحدثي هيا ..."

+


" ألم تر ما فعله شقيقك ..؟!"

+


هتفت بها معترضة ليقاطعها بحزم :-

+


" كنت سأتصرف معه وأحاسبه ولكن بعدما فعلته فلا يوجد سواك يستحق المحاسبة ..."

+


" ماذا تعني ...؟!"

+


سألته بتوجس ليهتف بتجهم :-

+


" تغاضيت عن عدة أمور .. أخبرتك إن عائلتي خط أحمر مرارا وأنت لم تفهمي .. من الواضح إنك لن تستطيعي التعايش معهم .."

+


قاطعته بوجوم :

+


" أخبرتك أن نسكن بمفردنا في قصر خاص بنا ..."

+


قال بجمود :-

+


" وأخبرتك إن هذا مستحيل ... وأنت وافقت في النهاية أن تعيشي معنا ولكن بكل أسف أنت لا تصلحي ذلك .. منذ خطوبتنا وتفتعلين مواقف محرجة لي أمام عائلتي ... وصلت بك الوقاحة أن تنتعتي أشقائي بقليلين التربية وهذا غير مقبول أبدا..."

+



        
          

                
أخذ نفسا عميقا ثم ختم حديثه بقرار كان يجب أن يتخذه منذ أول خلاف نشأ بينهما :-

+


" لا أريد إتمام هذه الزيجة ..."

+


ثم خلع خاتمه ووضعه في كفها وهو يضيف :-

+


 " أنا لا أناسبك وأنت كذلك لا تناسبيني ... أتمنى لك الموفقية مع من يناسبك ويشبهك ويوفر لك ما تتمنينه ..."


+


أظلمت عينيها بقوة وهي تتذكر ما تلا ذلك ..

+


تدخل عمتها الذي لم يجدي نفعا ...

+


محاولاتها لاصلاح الأمر وكذلك محاولات والديها لكنه كان مصرا على قراره ..

+


فسخ الخطبة وألقى يمين الطلاق عليها ومنحها مؤخر صداقها كاملا وانتهى كل شيء ...

+


لم تنسَ كل هذا مثلما لم تنسَ إنه خطب همسة بعدها بأشهر قليلة وسارع يتزوجها ...

+


وقتها فهمت ما كان يدور خلفها ...

+


خاصة عندما رأته يوم الزفاف وتحدثت معه ورأت في عينيه ما صفعها بقوة...

+


رأت عشقه الواضح لها ..

+


العشق الذي لم تلمح ولو جزء صغير منه ناحيتها ...

+


ما زال جرحه غائرا في روحها ولن ترتاح حتى تداويه ولا أحد سيداويه غيره هو ...

+


راغب الهاشمي .. من تسبب بهذا الجرح ومن سوف يداويه ...!

1


***
ركن فادي سيارته في كراج الفيلا ...

+


تأملته غالية بصمت عندما فتح بابه وغادر السيارة تتبعه هي بإحباط ...

+


ما زال الوضع بينهما سيئا منذ ذلك اليوم الذي غادرت به السجن بعد لقائها بعمار ...

+


يومها عادت بمشاعر مشحونة لا نهاية لها ...

+


وجدته ينتظرها وعلى ما يبدو كان قلقا للغاية بشأنها بعدما رفضت أن يصاحبها هناك وينتظرها حتى تنتهي الزيارة ...

+


استقبلها بإهتمام صادق قابلته بجمود تمكن منها ...

+


مشاعرها كلها كانت جامدة في تلك اللحظة وحديث عمار يرن في أذنيها دون توقف ....

+


بالكاد أخبرته إنها بخير ثم أرادت النوم ولجأت له ...

+


لم تكن من عادتها مسبقا أن تهرب من خلال النوم لكن على ما يبدو كل شيء فيها يتغير بل هي نفسها تتغير ...

+


استيقظت من نومها فوجدته قد غادر وشعرت بالارتياح ...

+


يومها قررت أن تزور والديها ....

+


كان قرارا لحظيا لكنها شعرت بالحاجة لذلك ...

+


ارتدت ملابسها سريعا وذهبت هناك متجاهلة غروب الشمس في ذلك الوقت ...

+


وصلت الى المقابر وكان الظلام قد حل بالفعل ...

+


وقفت أمام قبر والدها أولا تتأمله بعجز ...

+



        
          

                
مشاعر متضاربة داخلها ..

+


مسبقا كانت تأتي لزيارته باستمرار ...

+


تحمل الورود معها وتقرأ القرآن له ...

+


تقضي وقتا لا بأس به معه ...

+


تجلس جانب قبره وبيدها المصحف تقرآ له ...!

+


وبعد وفاة والدتها لم تستطع المجيء...

+


لم تستطع التواجد هنا فضميرها كان يؤنبها كثيرا ...

+


لم تستطع أن تواجه قبر والدتها وبالتالي امتنعت عن القدوم الى المقبرة ...

+


لكن اليوم أتت ...

+


متجاهلة كافة مشاعرها السابقة ...

+


وهاهي تقف أمام والدها ...

+


بطل الحكاية الأولى ...

+


وجانبه قبر معشوقته ... 

+


 ديانا ...

+


وعلى مسافة متوسطة قبر والدتها ...!

+


التوى فمها بإبتسامة ساخرة وعقلها يتسائل ...

+


كيف يشعر هو الآن ...؟!

+


هل يشعر بالراحة لإن محبوبته باتت جانبه ...؟!

+


اتجهت ببصرها ناحية قبر ديانا ...

+


الضحية الوحيدة في هذه الحكايا ...!

1


نعم ديانا كانت الضحية ...

+


هي وحدها ولا أحد سواها ....

+


فوالدها يستحق ما ناله نتيجة ضعفه ووالدتها تستحق ما نالته نتيجة كبريائها المعدوم ....

+


أغمضت عينيها بقوة والماضي يظهر أمامها متسلسلا ...

+


في طفولتها لم تكن تعلم أي شيء ...

+


كانت مدللة والدها ...

+


كانت ترى علاقة والديها عادية ...

+


ليس هناك حب جارف ولكنها لم ترَ أي موقف يدل على خصام او نفور ....

+


كل شيء كان هادئا ...

+


علاقة من الخارج يسودها الاحترام والتفاهم ...

+


لا تعرف إذا ما كانت هي الغبية التي لم تلحظ الواقع أم هما من كانا ممثلين بارعين استطاعا أن يخفيا الواقع المرير ...

+


كبرت وما سمعته عن والدة عمار إنها كانت الزوجة الأولى لوالدها والتي انفصل عنها بسبب خلافات عديدة راجعة للفرق الاجتماعي بينهما ....

+


نشأ عمار معهم لكنه واقعيا كان غريبا عنهم ...

+


متباعدا الى درجة كبيرة ...

+


وهي كانت تحاول التقرب منه ....

+


كانت مصرة على حقيقة كونه أخيها ...

+


كانت تخبر الجميع إن لديها أخين ...

+


عمار ونديم ...

+


كانت تتعمد أن تجذبه إليها ...

+



        
          

                
تتعمد أن تعرفه لصديقاتها ...

+


كانت تتوسل أخوته ....

+


كانت تجاهد لتقارب بينه وبينها هي وشقيقها ...

+


وحدها من كانت تفعل ذلك ...

+


حتى نديم لم يفعل ...

+


ربما لإن عمار كان يعبر عن كرهه ورفضه له بوضوح بينما كان يتعامل معها ببرود فقط لا غير ...

+


دون كره صريح او نفور واضح ...

+


مرت السنوات وكانت الطعنة الأولى عندما أدركت نصف الحقيقة ...

+


وكيف إن والدتها كانت سبب خراب زواج والدها من ديانا بمساعدة جدتها ...

+


يومها لم تستطع أن تمنع نفسها من الشعور بالنفور اتجاه والدتها ...

+


نفور اتجاه امرأة ساهمت بتدمير حياة عائلة كاملة وقصة حب جميلة ...

+


نفور قررت أن تتجاهله فقط لإنها والدتها ....

+


ضغطت على نفسها وأكملت طريقها فمهما حدث تبقى هي والدتها رغم كل شيء ...

+


ولكن الآن وبعدما أضحت الحقيقة كاملة أمامها تغير كل شيء ...

+


عندما علمت بما تسببت به والدتها لديانا تدمرت كليا ...

+


لم تتخيل أن تحمل والدتها كل هذا الكم من السوء وربما لولا وفاتها لبقيت ناقمة عليها ...

+


والآن أتت صدمتها في والدها لتنهي آخر خيط كان تتمسك به لتحافظ على ثباتها ...

+


وهاهي الآن تقف أمام قبر والديها بمشاعر جامدة ...

+


تنظر الى قبر والدها الذي بكت عنده لسنوات عجزت فيها عن تخطي رحيله تتطلع له بقسوة شديدة ...

+


تلومه على ضعفه ..

+


تلومه على ما تسبب به من خراب لكلا من عمار ونديم وحتى هي ...

+


تلومه على موت ديانا التي ذنبها الوحيد إنها أحبت رجلا ضعيفا مثله ...

+


أما قبر والدتها والذي تراه للمرة الأولى فاكتفت بنظرة سريعة نحوه ...

+


لم تستطع أن تواجها....

+


بل لا تريد النظر نحو قبرها حتى ..

+


والدتها مجرمة ...

+


هذه حقيقة لا جدال فيها ....!

1


بعد وفاة والدتها تلاطمت مشاعرها بين الحزن على فقدانها وتأنيب الضمير الذي عاشته كونها آذتها في حديثهما الأخير وربما تسببت بما أصابها وأدى الى موتها وبين غضبها منها ومما تسببت به لديانا وما نتج عنه من دمار لم يصب ديانا وحدها بل أصاب عمار نفسه ....

+


عام كامل طمرت فيه مشاعرها وتجاهلتها والتزمت الصمت وشغلت نفسها مع شقيقها وفادي والبقية حتى أتت تلك الرسائل لتعيد كل شيء الى نصابه ...

+



        
          

                
تلك الرسالة التي فتحت جميع الجروح التي اكتفت بتغطيتها مؤقتا دون مداواتها ...

+


الآن بات كل شيء واضحا ..

+


وهي باتت تعرف جيدا شعورها ...

+


أخذت نفسا عميقا وهذه المرة وقف أمام قبر ديانا ....

+


تأملته بصمت عندما نطقت أخيرا بهدوء :-

+


" يقول عمار إنني أشبهه ويقول والدي إنني أشبهك ..."

+


ارتسمت ابتسامة مريرة على شفتيها وهي تهمس بصعوبة :-

+


" هل يعُقل إنني أشبهك بالفعل ...؟! أشبهك في قصتك ...؟!!"

+


طلت الحيرة من عينيها وهي تضيف وكأنها تحادث شخصا حيا أمامها لا قبرا :-

+


" أنتِ تزوجت حسين الخولي رغم رفض والدته وأنا تزوجت فادي رغم رفض والدته ..."

1


تنهدت ثم أضافت :-

+


" قصتنا متشابهة يا ديانا ولكن ..."

+


تمكنت رجفة منها وهي تهمس بحشرجة :-

+


" هل مصيرنا يتشابه ...؟! "

+


مالت نحو القبر تضيف بحسرة :-

+


" هل مصيرنا أنا وفادي سيكون مثل مصيركما ...؟! أم إننا سننجح في تخطي كل هذا ...؟!"

+


عادت تنتصب في قامتها تخبرها :-

+


" اليوم رأيت عمار .. تحدثت معه ... غضبت منه .. كرهته ولكن ..."

+


أخفضت نبرة صوتها لا اراديا وهي تضيف :-

+


" رغم كل شيء كان معه حق فيما قاله ... "

+


نسمات هواء خافتة ضربت وجهها عندما أضافت بمشاعر صادقة :-

+


" ليتكِ كنت حية ... كان سيتغير الكثير ... أنا ناقمة على عمار ولكنني مشفقة عليه في ذات الوقت ... أنا أفهم ما يعيشه ... حاولت مرارا أن أخبره بذلك .. أن أشعره بمحبتي واهتمامي لكنه رفض ... رفضني كما رفض الجميع وأنا ..."

+


توقفت لوهلة ثم أخذت نفسا عميقا قبل أن تضيف بصوت يائس :-

+


" وأنا عجزت عن تخطي الحاجز الذي وضعه بيننا والآن نلت نصيبي من كراهيته ..."

+


أضافت بمرارة تمكنت منها :-

+


" لا يمكنني لومه مثلما لا يمكنني تجاهل ما فعله بي .. عمار نجح في تحطيمي ... كسر كبريائي ... ولكن هل تعلمين ...؟؟"

+


ابتسمت بألم وهي تضيف :

+


" انا لست حزينة بسبب تلك الرسالة فقط وما علمته ... أنا حزينة أيضا لإنني تأكدت من كرهه لي ... وحزينة أكثر لإنني كرهته بدوري بينما كنت أجاهد لسنوات كي لا أفعل ..."

+


أخذت نفسا عميقا طويلا ثم قالت أخيرا :-

+


" سامحيني يا ديانا ... سامحيني لإنني  فشلت مع عمار وسامحيني إذا ما كنت تسببت بتحطيم قلبك يوم ولادتي ... ربما أنت خسرت حياتك لكنكِ ربحت كبريائك وكرامتك والأهم إنك حصلت على محبة واحترام وتقدير الجميع ... "

+



        
          

                
ابتسمت بمرارة وهي تختم حديثها :-

+


" ارقدي بسلام تستحقينه ... "

+


ثم قرأت سورة الفاتحة لها قبل أن تلقي نظرة أخيرة على قبري والديها فتبتسم بوجع وهي تتحرك مغادرة المكان عائدة الى الفيلا عندما وجدت فادي هناك ينتظرها بقلق شديد ويسألها بغضب :-

+


" أين كنتِ يا غالية ..؟!"

+


أجابته ببساطة وهي تخلع سترتها :-

+


" كنت في المقابر ...."

+


تطلع لها بدهشة لتضيف بهدوء :-

+


" كنت أحتاج أن أذهب الى هناك ... "

+


سألها بتروي :-

+


" ألن تخبريني عما يحدث ... أعتقد إنني أحتاج على الأقل لتفسير واضح ..."

+


نظرت له بصمت امتد لثواني قبل أن تجيب :-

+


" أعدك إنني سأفعل قريبا ...."

+


ثم اتجهت بعدها نحو الحمام تأخذ حماما دافئا طويلا ...

+


قضيت وقتا طويلا حيث تجلس في البانيو والمياه الدافئة بفقاعات الصابون تحيطها بينما عقلها شارد مجددا في الماضي الذي لم تتوقف عن مقارنته بوضعها الحالي ...

+


كم يبدو الماضي شبيها باليوم ...

+


وكم تشبه هي ديانا ..

+


ولكن هل يشبه فادي والدها ...؟!

+


شعرت بالخوف وأخذ السيناريو السابق يرتسم أمامها بوضوح ...

+


كل شيء حاليا يشبه الماضي ...

+


كل شيء يثير خوفها وحيرتها ...

+


نهضت من مكانها بعدها وجذبت المنشقة تجفف جسدها ثم ارتدت روب الاستحمام وخرجت لتجده ينتظرها بوجه واجم ...

+


اتجهت نحو طاولة الزينة وفكت شعرها ...

+


جففته ثم سرحته ورفعته عاليا قبل أن تغير ملابسها ثم تتجه إليه تجاوره وتقبض على كفه تخبره بتردد :-

+


" لا تغضب مني .. انا مرهقة جدا ...ومتوترة كثيرا ..."

+


هتف وهو يستدير نحوها :-

+


" أردت زيارة أخيك وفعلت لك ما تريدين حتى بعدما رفضتِ أن تمنحيني تفسيرا لرغبتك او سببا منطقيا والآن  تتصرفين بغرابة ... بل منذ عودتنا من شهر العسل وأنت أصبحت غريبة ... على الأقل لأفهم ما يدور في ذهنك ..."

+


" أنت لا ذنب لك .. المشكلة عندي ..."

+


قالتها بصدق ليسأل بجدية :-

+


" وماهي تلك المشكلة ..؟؟ دعيني أعرف على الأقل ..."

+


نظرت له بصمت امتد للحظات قبل أن تهمس بما كان يجيش به صدرها :-

+


" أنا أحتاج الى الإنفراد بنفسي قليلا ... أحتاج الى القليل من الوقت مع نفسي ..."

+


" تريدين الابتعاد عني ..."

+



        
          

                
هتف بها بجبين متغضن لتهمس بصدق :-

+


" عن الجميع ..."

+


تأملها بوجوم امتد لثواني قبل أن يهتف ببرود :-

+


" كما تريدين .."

+


ومنذ ذلك اليوم وهما متباعدان ...

+


بالكاد يتبادلان الأحاديث برسمية ...

+


هي تنفرد أغلب اليوم في غرفتها وهو منغمس في عمله لا يعود حتى آخر النهار..

+


حتى أخبرته البارحة بأمر زفاف ليلى ابنة خالتها وضرورة ذهابهما سويا ....

+


كانت تعلم إنه لن يرفض فهو يجب أن يذهب بدوره بسبب علاقته الوطيدة مع سيف شقيق كنان ...

+


ذهبا وحاولا أن يظهران بصورة طبيعية أمام الجميع ..

+


وما إن غادرا الحفل حتى عاد كلا منهما الى صمته وتباعده ...

+


تبعته الى داخل الفيلا عندما فتحت الخادمة لهما الباب تستقبلهما ...

+


هتفت غالية منادية عليه وهي تتبعه ليلتفت نحوها يهتف باقتضاب :-

+


" نعم ..."

+


تنهدت بصمت ثم قالت :-

+


" جنى ستأتي بعد يومين وتستقر هنا ... "

+


" أعلم ..."

+


قالها بنفس البرود لتهتف بتردد :-

+


" أليس من المفترض أن تأتي لترى الغرفة التي أعددتها لها... ؟! ربما لن تعجبها ..."

+


" هي ليست مهتمة بهذا .. والغرفة ستعجبها بالتأكيد ..."

+


أنهى كلماته وتحرك بعدها مغادرا تاركا إياها تتابعه بألم تمكن منها وعبرات تشكلت في مقلتيها بسرعة ..

+


**
هي عذراء ..

+


عروسه عذراء ...

+


عذراء خجول كان هو الأول في حياتها ...

+


أول من نالها رغم زواجها مسبقا من رجل آخر لخمسة أعوام ...!!

+


لوهلة تجمد ...

+


لم يستوعب المفاجئة ...

+


بينما شعر بها تغمض عينيها وتهمس بتعب مال منها :-

+


" أريد النوم ... نتحدث غدا ...."

+


وغفت بعدها فوق صدره باستسلام تام ...

+


تأملها بإبتسامة هادئة وقد تجاوز مرحلة الصدمة ...

+


ورغم المفاجئة لكنه سعيد ...

+


حتى لو لم يكن يهتم بحقيقة زواجها قبله ...

+


لكنه في النهاية رجل يسعده أن يكون الأول في حياة زوجته ...

+


وليلى ليست أي زوجة ..

+


ليلى زوجة العمر وحبيبة الروح ....

+


مال بوجهه يتأمل وجهها الذي توسد صدره ...

+



        
          

                
استلمت للنوم على الفور ...

+


ملامحها مليئة بالهدوء والسلام ...

+


وجميلة بل ملهمة ....

+


أغمض عيناه وهو يحاوطها بذراعيه بحب وشغف وتملك وكافة المسميات  التي لا حصر لها ...

+


أغمض عينيه مقررا أن ينام هو الآخر مستمتعا بدفئ اللحظة ..!

+


صباحا ...

+


فتحت ليلى عينيها ببطأ عندما تملكتها الدهشة لوهلة وهي ترى نفسها نائمة داخل أحضانه تتوسد صدره العاري قبل أن تستوعب ما حدث فتتورد وجنتيها بسرعة بينما سحبت هي جسدها من بين ذراعيه تغطيه باللحاف الأبيض ....

1


كان نائما بعمق فبقيت تتأمله لوهلة وتتذكر تفاصيل ليلة البارحة فيزداد خجلها ...

+


ورغم خجلها الشديد إلا إنها لن تنسى تلك اللحظات الرائعة التي عاشتها معه ...

+


لن تنسى الكلمات التي ألقاها على مسامعها فسلب قلبها بها ولن تنسى معاملته الرائعة وكيف كان رقيقا مراعيا لها رغم كونه لا يعلم إنها ما زالت عذراء وإنها مرتها الأولى ...

+


تذكرت ما حدث بعدها وكيف تمكن النوم منها فهي كانت مرهقة بحق ...

+


كيف تفهم رغبتها بالنوم ولم يطالبها بتفسير لما حدث والأهم من كل هذا كيف غفت هي بين ذراعيه بكل سلام وطمأنينة وكأنها معتادة على ذلك ...

+


تأملت ملامحه بتروي ...

+


كان غارقا في نومه وبدت ملامحه أقل حدة من المعتاد ...

+


كل يوم يمر عليهما سويا تراه أجمل في عينها وتنجذب له أكثر ...

+


هو رجل أجاد غزو مشاعرها وروحها وتملكها كليا ...

+


رجل يمنحها الأمان في وجوده ...

+


الأمان الذي افتقدته لأعوام ...!

+


قررت أن تنهض وتأخذ حماما سريعا وترتدي فستانا ملائم قبلما يستيقظ ...

+


تركته نائما بينما تحركت هي بخفة متجهة الى داخل الحمام حيث أخذت حماما دافئا ثم غادرت بعدها بروب الاستحمام ...

+


حاولت ألا تصدر أي صوت ....

+


لا تريد منه الاستيقاظ قبل أن تكون جاهزة ...

+


تحركت بخفة مجددا نحو الحمام وسارعت ترتدي فستانا رقيقا بلون كريمي جذاب يلائم بشرتها شديدة البياض .. 

+


أخذت بعدها تجفف شعرها قبل أن تتحرك الى الخارج بعدما انتهت من تجفيفه ...

+


جلست أمام طاولة الزينة وسرحت شعرها وتركته حرا يلامس كتفيها قبلما تبدأ بوضع الزينة الخفيفة على وجهها ...

+


 رأته من خلال المرآة وهو يتقلب بجسده قبل أن ينهض من نومته فتتقابل عيناه بعينيها اللتين تطالعانه من المرآة ليمنحها إبتسامة عاشقة جعلتها تبتسم رغم خجلها اللحظي ...

+



        
          

                
عادت تنشغل بوضع الزينة بينما نهض هو من مكانه يرتدي بنطاله ثم يتقدم نحوها فتوترت كليا لكنها ادعت عكس ذلك وهي تسحب أحمر الشفاه وتبدأ بوضعه فوق شفتيها عندما احتضنها من الخلف طابعا قبلة ناعمة فوق عنقها أربكتها رغما عنها بينما يهمس لها بصوت رجولي مبحوح :-

+


" صباح الخير يا زوجتي الجميلة ..."

+


" صباح النور ..."

+


قالتها بصوت خافت خجول وهي تعيد أحمر الشفاه الى مكانه عندما هتف وهو يتأمل وجهها الجميل في المرآة :-

+


" لو تعلمين كم إنك جميلة بل ساحرة ...."

+


أدار وجهها نحوه يتأمل ملامحها التي تكاد تقتله بجمالها الذي لا يشوبه شائبة ...

+


بشرتها البيضاء الناعمة ...

+


شعرها الأشقر المموج ..

+


عيناها العسليتان برموشها الفاتحة الطويلة ...

+


أنفها الدقيق وفمها الممتلئ بشكل متوسط ...

+


كل شيء بها مثاليا.. جذاب .. جميل وساحر ...

+


مال يطبع قبلة خفيفة فوق ثغرها قبل أن يهمس لها :-

+


" سآخذ حماما سريعا ثم نخرج سويا لنتناول الفطور ..."

+


هزت رأسها بملامح وجهها التي احمرت كليا ليقرصها بخفة من أنفها ثم يتحرك تتبعه هي بعينيها وداخلها مشاعر مختلطة بين السعادة والترقب واللهفة والراحة ...

+


أخذت نفسا عميقا وكل ما أرادته في تلك اللحظة أن تنعم بهذه السعادة والراحة الى الأبد ...

+


***

+


تحركت ليلى مغادرة جناحها متجهة الى الطابق السفلي لتجد مدبرة المنزل ترحب بها ..

+


سبق وتعرفت عليها ووجدتها امرأة ودودة وجميلة في منتصف الخمسينات من عمرها ...

+


تولت وظيفتها كمدبرة منزل منذ أعوام مع زوجها الذي يشاركها عملها حيث مسؤول عن كل شيء يخص الفيلا من متابعة الحراس وجلب الأغراض وغيرها من مهام ...

+


كانت السيدة هناء وزوجها السيد حميد يحبان كنان كثيرا وهو كذلك وقد علمت إن هناء كانت مربيته في الطفولة وكان زوجها يعمل في قصر عائلته قبل أن يأخذهما معه الى قصره الشخصي ...

+


وقد جهز لهما منزلا صغيرا أنيقا خلف الفيلا يسكنان به حيث يعيشان خصوصيتهما كما ينبغي ...

+


ابتسمت ليلى بمودة للسيدة التي باركت لها فردت مباركتها بخجل قبل أن تخبرها هناء إن الفطور جاهز وسألتها إذا ما كانت تحب أن تتناوله في غرفة الطعام أم الحديقة ففضلت ليلى تناول الفطور في الحديقة قبل أن تصعد الى جناحها مجددا لتجد كنان واقفا أمام المرآة يمشط شعره وقد ارتدى ملابسا بسيطة مكونة من بنطال جينز أزرق وتيشرت قطني أسود اللون ...

+



        
          

                
استدار نحوها ما إن وجدها تدلف الى الداخل ليتأملها مبتسما وهو يسألها :-

+


" أين ذهبت ...؟!"

+


أجابته وهي تتقدم نحوه :-

+


" تحدثت مع السيدة هناء .. باركت لي وأخبرتني إن الفطور جاهز وأخبرتها إننا سنتناوله في الحديقة ..."

+


جذبها من خصرها نحوه هامسا أمام شفتيها :-

+


" جيد .. الجو جميل اليوم ..."

+


ابتسمت وهي تومأ برأسها عندما التقط شفتيها بقبلة ناعمة بطيئة تجاوبت معها دون تردد قبل أن يحرر شفتيها فيهمس من بين أنفاسه الحارة :-

+


" نحتاج أن نتحدث ...."

+


هتفت بسرعة :-

+


" بالطبع ..."

+


أضاف وعيناه تتأملان ملامحها بشغف :-

+


" وتحضير أنفسنا قبل طائرة الليلة ...."

+


" أنا متحمسة للغاية .."

+


قالتها بصدق وعينين لامعتين ليهمس ببطأ :-

+


" سيعجبك جدول الرحلة كثيرا .. "

+


" واثقة من هذا ..."

+


قالتها مبتسمة قبل أن تمد كفها تقبض على كفه وهي تخبره :-

+


" لنغادر .. هيا .. "

+


تحركا بعدها متجهين الى الخارج حيث الحديقة ليبدئا بتناول الفطور سويا في جو حميمي قبل أن يطلبان بعدها من هناء إعداد القهوة وجلبها الى جناحهما حيث جلسا في الشرفة بجانب بعضيهما  يتناولان القهوة  وكلاهما يتأمل الجو المشرق بصمت حتى نطقت هي :-

+


" أعرف إنك اندهشت البارحة ..."

+


هتف بجدية :-

+


" كثيرا ... "

+


تنهد ثم قال يعاتبها :-

+


" كان عليك أن تخبرني ..."

+


همست بحرج :-

+


" لماذا ...؟! في النتيجة لم أخفِ شيئا قد يزعجك ..."

+


" الأمر ليس كذلك ..."

+


قالها قبل أن يدير وجهها نحوه فيضيف بجدية :-

+


" كان يجب أن أعلم كي أكون أكثر حذرا معك ... المرة الأولى تختلف ... "

+


توردت وجنتاها وهي تهمس بخفوت :-

+


" لكنك كنت مراعيا للغاية و ..."

+


توقفت وهي تتأمل عيناه اللتان تتأملانها بإفتنان فكحت بخفة ثم سألته :-

+


" لماذا تنظر إلي هكذا ..؟!"

+


أجابها مبتسما :-

+


" أتأمل جمالك الذي لا أشبع منه مهما حدث ... "

+


تنحنحت بخجل قبل أن تهمس بتردد :-

+


" ألن تسألني أكثر ..؟! ألا يوجد لديك تساؤلات ..؟!"

+



        
          

                
تنهد ثم قال :-

+


" لن أسأل ... لا يحق لي طرح تساؤلات تخص الماضي ... ربما لا تحبذين الحديث ... وأنا لن أحرجك ..."

+


" ألم يفرق معك هذا الأمر ..؟!"

+


سألته بهدوء ليبتسم مجيبا :-

+


" حسنا لن أنكر إنه أسعدني ... كل رجل يتمنى أن يكون الأول في حياة زوجته ... لكنه بشكل عام لم يشكل فارقا معي .. أنا أحببتك وأردتك زوجة وشريكة حياة وأنا لدي علم بزواجك مسبقا ولم أهتم للحظة بهذا الأمر ..."

+


" لا يوجد رجل لا يهتم .. بالتأكيد للحظة تسائلت عما يجبرك عن الزواج من امرأة سبق لها وتزوجت مسبقا ...."

+


هتف بجدية :-

+


" انظري يا ليلى ... الإنسان كلما ينضج كامل يستوعب الحياة أكثر ... يعني الطلاق ليس مشكلة .. كنت مطلقة او عزباء فلا فرق كبير ... حسنا من الطبيعي أن يميل الرجل الى الزواج من عزباء  ولكن إذا كانت مشاعره تحركت نحو مطلقة أو حتى أرملة فلا مشكلة في ذلك ... أما من يرفض فكرة الزواج من امرأة سبق لها الزواج قبله فأرى إن تفكيره مريض لإنه يتعامل مع الأنثى من منظور محدد فقط وحصر تفكيره في هذا المنظور وهو الجنس ...."

+


أكمل بجدية :-

+


" حسنا ربما ستخجلين لكن فعليا الرجل الذي يفكر بهذه الطريقة فهو رجل ذو تفكير عقيم متخلف .. الطلاق ليس عيبا ... في النهاية المرأة المطلقة لم تفعل شيئا خاطئا او مسيئا ... ناهيك عن كوننا لا نعلم ما يمكن أن تكون العزباء عايشته قبل ارتباطنا بها ... في النهاية لا توجد قاعدة ثابتة ... لا يوجد تعميم .. ربما تتزوج عزباء كان لديها علاقات قبلك وأنت لا تعلم ... كل شيء وارد ... "

+


" معك حق ...."

+


قالتها بجدية قبل أن تهتف بصدق :-

+


" كلما تحدثت معك كلما فهمت مدى عمق تفكيرك ورجاحة عقلك ... "

+


" أنت معجبة بتفكيري إذا ...؟!"

+


قالها ممازحا لتهز رأسها نفيا قبل أن تهتف بصدق :-

+


" أنا معجبك بك بكل ما فيك ..."

+


تأملها بملامح مبهمة لوهلة جعلتها تتوتر لا إراديا عندما شهقت بعدها وهي تجده يجذبها نحوه بقبلة عنيفة متملكة تجاوبت معها بعفوية سلبته كيانه عندما شعرت به يحملها بين ذراعيه فهمست اسمه بخجل ...
مال نحوها يهمس لها بحرارة :-

+


" بعدما قلته لا تنتظري مني تعقلا ورزانة كالتي أعجبتك منذ لحظات ... أنتِ أثرتِ جنوني وعليكِ تحمل تبعات ذلك يا ليلى ..."

+


اتجه بها نحو الداخل حيث السرير ونالها مجددا بشغف أكبر وجنون أكبر وغرقت هي معه مستسلمة لطوفان عشقه الجارف خاضعة لمشاعره التي تمكنت منها كليا واستحوذت على كيانها ...!

+


***


+


بعد مدة قصيرة ...

+


كانت ممددة بين ذراعيه تتحرك بأناملها فوق صدره العاري عندما سألها بحذر :-

+



        
          

                
" هل آلمتك ..؟!"

+


هزت رأسها نفيا دون رد فمال يقبل رأسها ببطأ عندما نطقت بعدها :-

+


" هل تعلم إنني لم أشعر بسعادة كهذه منذ زمن طويل ...؟!"

+


رفعت وجهها نحوه تضيف وهي تتأمله بإبتسامة صافية :-

+


" ظننت إنني لن أسعد أبدا بعد الآن .. هيأت نفسي لحياة رتيبة خالية من المشاعر والسعادة ... "

+


ابتسم وهو يسألها :-

+


" وماذا حدث ..؟!"

+


ابتسمت تجيبه :-

+


" ظهرت أنت في الصورة ... أتيت وحركت شيئا داخلي .. منذ أول لقاء نجحت في لفت انتباهي ... استفزيتني حينها مع إنه ليس من السهل إستفزازي ...."

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" منذ البداية شعرت إنك مختلف ... ربما لهذا سعيت للهرب ..."

+


" لماذا ..؟!"

+


سألها بجدية لتجيب بصدق :-

+


" لأنني خفت .. كنت خائفة من الدخول في علاقة جديدة .. خائفة من ارتباطي مجددا ... خائفة من أن يستحوذ عالمي رجلا جديدا ... أنا كنت أتعافى من تجربتي السابقة .."

+


أضافت بصدق :-

+


" لا أتحدث عن حبي القديم وإنما عن والدي أيضا ... "

+


" ما زلت متأثرة بما فعله والدك ...؟!"

+


جذبت اللحاف تغطي به جسدها كاملا عندما اعتدلت بعدها في جلستها تخبره بصدق :-

+


" انا تعرضت للخذلان مرتين ... مرة من الرجل الذي ..."

+


توقفت لوهلة فهتف بتفهم :-

+


" أكملي يا ليلى ... أريد سماعك ... حرري جميع ما تكتمينه داخلك منذ أعوام وأنا أعدك إنني سأسمع وأحاول قدر المستطاع أن أتجاهل غيرتي .."

+


" لست مجبرا ..."

+


همست بها بصدق ليعتدل في جلسته ويجذبها نحوه يهتف بجدية :-

+


" كلانا يحتاج لذلك ... أنت تحتاجين للحديث وأنا أحتاج للسماع ..."

+


نظرت له بإهتمام ليضيف بجدية :-

+


" نحن زوجان يا ليلى ... وأنا لا أريد علاقة زوجية تقليدية تجمع بيننا ... أريد أن نتشارك كل شيء .. حياتنا .. أفراحنا ... أحزاننا .. آلامنا وخفايا أرواحنا .... أريد أن نتوحد ونصبح كيان واحد نواجه من خلاله أي عقبات تقف في طريقنا ... "

+


ابتسمت بصمت ليميل مقبلا جبينها ثم يهتف :-

+


" والآن أخبريني ... أكملي ما كنت تتحدثين عنه ..."

+


تنهدت ثم قالت :-

+


" كنت أتحدث عن الخذلان .. في البداية نديم خذلني ولكنني تقبلت الواقع رغم كل شيء ... في النتيجة أنا كنت أتحمل جزءا مما حدث ... كنت عاشقة ساذجة ... ناهيك عن تجربة نديم التي غيرته كما غيرتنا جميعا ... "

+


أكملت بمرارة :-

+


" لكن خذلان والدي كان مختلفا ... كان قاتلا ... والدي كان مثلي الأعلى ... مثال على العاشق المتفاني .... عايشت عشقه لوالدتي بكل مراحله ... كان من الصعب أن أتخطى خيانته لها .. خيانة لا يوجد مبرر لها مهما حاولت البحث عن مبررات .. إذا كان لدى نديم مبررات بفعل ما عاشه فوالدي لا مبررات له ... "

+


ابتسمت بوجع تضيف :-

+


" الأب هو بطل فتاته .. فارس أحلامها ... وبابا كان هكذا ... ربما بعد انتهاء علاقتي بنديم فقدت جزءا من إيماني بالحب وتغيرت نظرتي للحياة ولكن بعد خيانة والدي لماما فقدت إيماني كليا بالحب ... ولم يعد بإمكاني الوثوق بأي رجل ... فإذا كان والدي رغم عشقه الجارف لوالدتي لسنوات .. عشقه الذي يصرح به باستمرار ويشع من نظراته وحديثه وكل تصرفاته فعل هذا فكيف يمكنني الوثوق بأي رجل مهما قدم لي ومهما أحبني وفعل من أجلي ..."

+


تنهد بصوت مسموع ثم قال :-

+


" أتفهم صعوبة ما عشته .... فقدانك الثقة بالحب والرجال عموما ... لا يمكنني لومك ولكنني سأفعل المستحيل كي أثبت لك إن ليس جميع الرجال سواسية ..."

+


هتفت بتردد :-

+


" أريد منك وعدا فقط يا كنان ...!!"

+


نظر لها بتساؤل لتبتسم بهدوء وهي تخبره :-

+


" عدني ألا تخني ... أبدا... مهما حدث بيننا ... ومهما أصابنا لا تفعلها وتقوم بخيانتي ... لا تكسرني بهذه الطريقة يا كنان ... أرجوك ..."

1


يتبع ..

+


اعذروني بس مريضة جدا ويادوب كتبت جزء من الفصل ..
انتظروا التكملة خلال الاسبوع باذن الله ♥️

1




                                    
فتح عينيه ببطأ ليجدها ما زالت تستوطن صدره بعد ليلتهما البارحة ...

+


ليلة كانت مختلفة بكل تفاصيلها ...

+


ليلة شعر وكأنها الأولى له معها رغم مرور عشرة أعوام على زواجهما ...

+


عشرة أعوام لم يشعر بها كما شعر البارحة ...!

+


البارحة حيث تجاوبت معه بكل أريحية لأول مرة ...

+


غرقت به كما كان يغرق بها دائما رغم جفائها ... رغم ابتعادها وبرودها ...

+


كان غارقا بها دائما في جميع حالاتها ...

+


وليلة البارحة غرق بها مجددا بشكل أعمق وأكثر شغفا وعشقا وجنونا ....!

+


تجاوبها معه أفقده كل تعقله المتاح ....

+


غرق فيها ...

+


غرق ولم يرغب بالنجاة ...

+


لا يريد النجاة من عشقها ...

+


عشقها إدمان لا يرغب بالتعافي منه ...

+


إن فقد عشقها يوما فيعني إنه فقد قلبه والحياة في جسده ...

+


إن فقد عشقها سيضحى إنسانا ميتا يحيا بجسد خالي من الروح ...

+


عشقه لهمسة هو الحياة بل همسة نفسها هي الحياة ...

+


هي كل شيء ... 

+


ودونها قلبه فارغ تماما ...

+


كل يوم يتأكد من ذلك ...

+


رغم السنوات التي مرت والمليئة بالنفور والجفاء من طرفها ...

+


رغم رفضها الدائم ...

+


رغم كراهيتها المعلنة فشل هو في تجاوزها ...

+


فشل في تحجيم مشاعره نحوها وشوقه إليها ...

+


فشل في التعافي من داء عشقها الذي يلازمه منذ الأزل ...

+


وكأن عشقها مكتوب فوق جبينه منذ لحظة ولادته بل منذ تكوينه في رحم والدته ...

+


مثبت فوق جبينه كتاريخ ولادته ووفاته وكل مسار حياته ...

+


عشقها قدره الأزلي الذي لا مفر له منه ولا أمل للنجاة من حصاره ...

+


أغمض عينيه مستمتعا بشعوره وهي بين ذراعيه ...

+


تنام بين أحضانه بهدوء وسلام ...

+


سلام افتقدته علاقتهما لأعوام ....

+


كل شيء حدث البارحة سيبقى مطبوعا في ذاكرته ...

+


لن ينساه مهما حدث ...

+


حتى لو بلغ من العمر أرذله...

+


شرد مجددا في الماضي وتحديدا في البداية ...

+


حيث بدأ كل شيء ...

+


عاد الى الخلف ...

+


الى سنوات بعيدة حيث انفصاله عن يسرا وما تلا ذلك ...

+



                
قبل عدة أعوام ...

+


ثلاثة شهور مرت على إنفصاله من يسرا ...

+


ثلاثة شهور من الهدوء والسلام النفسي الذي لم يعكره سوى محاولات والدته المستميتة لإعادتهما ...

+


والدته التي لامته كثيرا لما فعله رغم إدراكها إن قراره في محله ولكنها لا تريد أن تخرب العلاقة بينهم وبين عائلة أخيها وقد حدث بالفعل وخربت العلاقة بينهما فخاله قاطع العائلة بأكملها وهو بدوره لم يبالِ ...

+


قراره كان في محله ...

+


يسرا لا تناسبه ...

+


إنخدع بها ....

+


أخطأ لأول مرة في حياته ...

+


كانت المرة الأولى التي يتخذ فيها قرارا خاطئا ...

+


ظن إنها تناسبه ...

+


إعتقد ذلك ...

+


لا ينكر إنه نادم على إتخاذه خطوة خاطئة أدت في النهاية الى تخريب العلاقة بين عائلتين ولكن ندمه كان سيكون أكبر لو تزوج منها ...

+


والده التزم الصمت ولم يتدخل في الأمر ولكنه بعدما طلقها وأنهى كل شيء عاتبه وهو يخبره بهدوء :-

+


" كنت أعلم إنها لا تناسبك ... حذرتك ... أخبرتك أن تتروى قليلا ... لكن لا بأس .. هكذا أفضل .. كي تكون حذرا وأنت تخطو هذه الخطوة مجددا وتختار زوجتك المستقبلية ..."

+


وفي الحقيقة هذه المرة لم يكن يحتاج الى تفكير او بحث عن زوجة مناسبة ...

+


هو إختار زوجته المستقبلية بالفعل ...

+


إختارها بقلبه عكس المرة السابقة حيث اختياره كان بمنطق العقل فقط ونحى العاطفة جانبا ...!

+


اتخذ قراره وكان واضحا مع نفسه ويعرف ما يريد ...

+


هو يريد همسة ...

+


وسيخطبها حالما تنتهي من دراستها الجامعية ...

+


وخلال هذه السنوات سيحاول قدر المستطاع عدم التواجد في محيطها ...

+


كان حريصا أن يحافظ عليها من نفسه ومشاعره التي لن يسمح لها أن تتحكم به حتى يضع خاتمه في إصبعها وتصبح له رسميا ...

+


كان صارما مع نفسه كعادته فالفتاة تحيا معهم كفرد من عائلتهم وعليه أن يحترم هذا الرباط الذي يجمعهما فلا يتجاوز حد القرابة المسموح به حتى تنهي دراستها ويخطبها رسميا وحينها تكون له وبعدها يفعل ما يريد ...

+


مرت الأيام عادية وهو يقضي أغلب وقته في عمله ...

+


لم يغب عن الجميع عدم مبالاته بفسخ خطبته ...

+


لم يكن ضائقا حتى ...

+


بل على العكس بدا مرتاحا للغاية ...

+


هادئا أكثر من المعتاد ...

+



        

          

                
ولطيفا مع الجميع كما مازحه مهند ذات مرة ...

+


أما راجي فكان يتحدث معه بطريقة غريبة قليلا ...

+


يمنحه رسالات مبطنة جعله يشك أنه يدرك مشاعره اتجاه ابنة الخالة ...

+


رسائل تعمد تجاهلها ...

+


وفي أحد الأيام حيث كان يجلس مع شقيقه ...

+


كان مهند يقلب في كتاب ما عندنا سمعه هو وراجي :-

+


" هناك كاتب يقول إن العشق الأول في حياة الرجل هو عشقه الأخير .. لا أعلم لماذا يبدو الأمر مضحكا بالنسبة لي ... "

+


قالها هازئا وهو يلقي الكتاب الذي كان يتصفحه بملل ليرفع شقيقه الأكبر منه حاجبه مرددا :-

+


" مضحكا ..؟! غريب أمرك .. ومالذي يجعل كلامه مضحكا بالنسبة لك ..؟!"

+


رد مهند وهو يمط شفتيه :-

+


" لإنه من وجهة نظري لا يوجد عشق أول أو ثاني أو حتى رابع .. أساسا لا يوجد شيء إسمه عشق ... "

+


تسائل راجي بنبرة لا تخلو من التهكم :-

+


" حقا يا مهند ...؟! وعلى أي أساس كونت رأيك هذا ..؟! وماذا عن قصص الحب التي حولنا ..؟!"

+


هتف مهند ساخرا :-

+


" نحن نراها قصص حب .. واقعيا لا يوجد شيء إسمه حب ... هناك شيء إسمه رغبة وتعلق .. عندما يجتمعان سويا يظن المرء إنه حب ... الحب هي كذبة إخترعها الكتاب وبعض الأشخاص كي يغيبون بها عقل الحالمين الذين يرون في الحب شيئا لا يمكن التخلي عنه ..."

+


رفع راجي حاجبه مرددا بدهشة :-

+


" ما بالك تتحدث بهذه الطريقة وكأنك عاشق تعرض للخذلان ..؟! ما رأيك أنت يا راغب ..؟!"

+


رفع راغب وجهه من فوق هاتفه يتطلع إليهما بملل قبل أن يردد ببرود مقصود :-

+


" رأيي لا يختلف كثيرا عن رأي مهند ..."

+


ابتسم مهند بإنتصار قائلا :-

+


" هل رأيت ..؟! الكبير بنفسه يتفق معي ..."

+


تأمل راجي شقيقه راغب مليا مرددا :-

+


" انت بالذات لا أستغرب رأيك هذا بل لن أستغرب منك أي شيء بعدما فعلته ..."

+


لم تظهر أي ردة فعل على وجه راغب بينما قال مهند مازحا :-

+


" ومالذي فعله شقيقك ..؟! هو لم يفعل شيء .. راغب ليس أول من يفعلها ويفسخ خطبته قبل الزفاف بفترة قصيرة ودون سبب وجيه ويسبب تشتت العائلة بأكملها ..."

+


" يبدو إن مزاجكما رائقا جدا اليوم ..."

+


قالها راغب وهو ينهض من مكانه يهم بالخروج عندما سحب الكتاب من يد أخيه يهتف بسخرية :-

+


" هات هذا الكتاب كي لا يؤثر على قواك العقلية أكثر .."

+


ثم تحرك خارج المكان مارا بالحديقة الداخليه للقصر ومنها الى داخل القصر حيث فتحت الخادمة له الباب ليتوجه نحو الطابق العلوي عندما توقف مكانه وهو يسمع صوت والدته تتحدث معها بنبرة مؤنبة بينما الأخيرة ترد بخفوت :-

+



        
          

                
" لم أكن أقصد يا خالتي ... لم أظن إن هناك مشكلة في زيارتي لعمي .."

+


سمع والدته تقول بجدية :-

+


" لا توجد مشكلة في زيارتك عمك يا همسة .. لكن كان عليك أن تخبريني قبلها .. من غير المعقول أن تذهبي الى هناك دون علمي ..."

+


قادته خطواته الى الداخل يهتف بصوته القوي :-

+


" إلى أين ذهبت همسة دون علمنا يا أمي ..؟!"

+


توترت ملامح همسة بقلق بينما قالت زهرة بجدية وهي تطالع إبنها الذي إشتدت ملامحه كليا وهو يطالع إبنة خالته التي توليه ظهرها بالكامل :-

+


" همسة ذهبت الى منزل عمها ظهر البارحة و ..."

+


" لوحدها ...؟!"

+


تسائل راغب بصوت متحفز لتنظر همسة الى خالتها بإرتباك فترد الأخيرة بجدية :-

+


" كلا يا راغب .. لقد أخذها ابن عمها الى هناك .."

+


ردد راغب بتهكم :-

+


" حقا ..؟! هكذا بكل بساطة ... دون أن يستأذن ..."

+


قالت زهرة بسرعة مدافعة عن ابنة شقيقتها :-

+


" عمها أراد رؤيتها لإنه مريض قليلا .. "

+


أكملت وهي تشير لهمسة :-

+


" إذهبي الى غرفتك يا همسة ..."

+


هزت همسة رأسها بسرعة وهي تستدير نحو الخلف بنية المغادرة عندما تقابلت عيناها بعينيه لترى نظراته الصارمة كالعادة فتتوتر ملامحها أكثر وهي تهم بالتحرك عندما وقعت عيناها على كتابها حوزته ...

+


شعرت بالتردد للحظة قبل أن تهمس بصوت مرتبك :-

+


" كتابي ..."

+


رفع الكتاب ينظر إليه قبل أن يمد يده بالكتاب نحوها فتأخذه منه بسرعة وهي تتحرك على عجلة عندما همس لها وهي تمر بجانبه :-

+


" توقفي عن قراءة القصص الرومانسية كي لا تصابي بالإختلال..."

+


ركضت خارج المكان بسرعة بينما قالت زهرة بإنزعاج :-

+


" توقف يا راغب .. انت تخيف الفتاة حقا ..."

+


قال راغب ببرود :-

+


" من الجيد إن هناك من يخيفها في هذا البيت ... إنظري الى ما فعلته .. ذهبت الى منزل عمها دون أن تخبرك ... "

+


" لا تتدخل بيني وبين إبنة شقيقتي يا راغب ..."

+


قالتها زهرة بحزم ليرد راغب بقوة :-

+


" إبنة شقيقتك أمانة لدينا جميعا منذ أن تولينا رعايتها وبالتالي نحن مسؤولون عنها جميعا ولا أظن إن تصرفها هذا مقبول .. لا تجعلي عواطفك تتحكم بطريقة تعاملك معها ..."

+


" هل تمزح يا راغب ..؟! انت تتحدث عن همسة ... مالذي تقوله بالله عليك .. الفتاة كالنسمة ... هادئة ورقيقة و ..."

+



        
          

                
قاطعها بجدية :-

+


" ومراهقة ... لا تنسي هذا ... مراهقة يا أمي ... "

+


" حسنا دعك من هذا الأمر الآن ..  "

+


قالتها زهرة بضيق وهي تضيف :-

+


" هل فكرت في حديثي ...؟! ما زال هناك وقت يا راغب ... حاول أن تصلح ما أفسدته ..."

+


زفر راغب أنفاسه مرددا بضيق :-

+


" أخبرتك إن هذا الأمر منتهي بالنسبة لي .. لقد إتخذت قراري وانتهى ..."

+


همت والدته بالتحدث لكنه أشار لها بهيمنة :-

+


" أمي قراري كان واضحا وانا آخر من يتراجع عن قراره ..."

+


" وخطبة الفتاة كان قرارك أيضا وتراجعت عنه .."

+


منحها نظرة باردة وهو يردد :-

+


" لقد حدث ما حدث .. ولا تنسي إن الخطبة هي فترة تحديد نجاح العلاقة من عدمها بين أي إثنين يقرران الزواج ..."

+


نظرت زهرة إليه بعدم رضا بينما منحها هو إبتسامة مطمئنة وإتجه خارج المكان عندما توقف للحظات وهو يراها تتحدث مع راجي تبتسم له برقة كما تفعل مع مهند وأبيه والجميع بإستثنائه هو بالطبع ...

+


تنهد بصمت مفكرا إن تصرفها هذا طبيعي للغاية فهي في النهاية عصفورة صغيرة يصعب عليها أن تواجه وحشا قويا مثله ...

+


هل رأيتم يوما عصفورة تواجه وحشا ...؟!

+


تابعها وهي تبتعد بعدها بينما يتقدم راجي نحوه يخبره بنبرة خبيثة لا تشبهه :-

+


" تتفق مع مهند إذا ولا تعترف بوجود العشق ....لم أعهدك مراوغا أو جبانا يا راغب ..؟!"

+


احتدت ملامح راغب وهو يهتف :-

+


" عفوا ..؟! ما معنى هذا الآن ..؟! انا لست مراوغا او جبانا ..."

+


" لماذا تحدثت هكذا إذا ..؟! لماذا قلت عكس ما يدور داخلك وتشعر به ...؟!"

+


وجمت ملامح راغب بينما قال راجي بإبتسامة هادئة :-

+


" كنت أعلم منذ وقت ... منذ أن رأيت نظراتك إليها لكنني لم أعلق ولم أتدخل فأنت خاطب لأخرى والفكرة بأكملها مرفوضة ..."

+


تنهد راغب قبل أن يهتف بصوت خافت :-

+


" أنا أحبها ..."

+


" رائع ..."

+


قالها راجي مبتسما قبل أن يضيف بجدية :-

+


" ولكن جميع أحاديثك وتصرفاتك تظهر عكس ذلك ..."

+


هتف راغب بحذر :-

+


" وهذا ما يجب أن يحدث ... كل شيء سيبقى كما هو حتى يأتي الوقت المناسب وأخطبها ... "

+


" أتفهم حذرك ولكن ..."

+


أخذ راجي نفسا عميقا ثم قال :-

+


" لا بأس في تخفيف القليل من طباعك الصارمة والحازمة معها ... همسة فتاة رقيقة وناعمة ... عليك أن تستوعب ذلك وتجيد التعامل معها بإسلوب يلائم رقتها ونعومتها ..."

+



        
          

                
صمت راغب ولم يعلق ولكنه لن ينكر تأثره بكلام شقيقه ...

+


هو يعلم إنه يتصرف بصرامة شديدة معها وتحفظ زاد أكثر بعدما أدرك مشاعره نحوها لكنه مجبر ...

+


عليه أن يلتزم بتلك الحدود كي لا يشعر أحدهم بشيء ولا تشعر هي بشيء حتى يحين الوقت المناسب ...

+


المنطق يقول هكذا ...

+


الأصول تقول هكذا ...

+


العادات تقول هكذا ...

+


أقنع نفسه بتلك الكلمات مجددا وعقله يغيب معها حيث عشقها الذي لا مفر منه ..

+


***

+


فتحت عينيها لتجده يطالعها بملامح هادئة تماما عندما وضعت كفها فوق فمها تتثائب قبل أن تهمس بصوت ناعس :-

+


" صباح الخير .."

+


" صباح النور ..."

+


قالها بخفوت عندما لفت الغطاء جيدا حول جسدها العاري واعتدلت في جلستها تسأله بصوت مبحوح :-

+


" كم الساعة ..؟!"

+


رد بجدية :-

+


" السابعة صباحا ..."

+


تنحنحت بخجل تملك منها وهي تجاوره بجسدها العاري الذي لا يستره سوى غطاء السرير عندما تحركت وهي ما زالت تثبت الغطاء على جسدها بحرص تبحث عن قميص نومها ...

+


تأملها وهي تمد رأسها نحو جانب السرير تبحث عن شيء ما عندما سألها بإهتمام :-

+


" عم تبحثين ...؟؟"

+


ردت بصوت مبحوح دون أن تنظر نحوه :-

+


" عن قميص نومي ..."

+


نهض من مكانه مرتديا بنطاله ثم اتجه نحو قميص النوم الذي وجده ملقى أمام السرير فحمله وتقدم به نحوها لتأخذه منه وهي تهمس بخجل :-

+


" شكرا .."

+


هبطت بعدها من السرير وهمت بالتوجه نحو الحمام وما زالت تقبض على الغطاء الذي يستر معظم جسدها بنفس الحذر عندما قبض على ذراعها يسألها متعمدا :-

+


" إلى أين..؟!"

+


رفرفت بأهدابها وهي تجيبه :-

+


" سأرتدي قميص النوم ..."

+


تسائل بمكر خفي :-

+


" ولماذا لا ترتديه هنا ...؟!"

+


احتقنت ملامحها بقوة مما جعله يضحك بخفة قبل أن يهمس :-

+


" متزوجان منذ عشرة أعوام ولدينا بدل الطفلة ثلاثة وما زلتِ تخجلين مني يا همسة ..!!!!" 

+


حمحمت وهي تهتف بتذمر :-

+


" دعني أرتديه ..."

+


ثم تحركت بسرعة الى الحمام يتابعها هو بعينيه حتى أغلقت الباب خلفها فتنهد مجددا وهو يفكر في تغييرها المفاجئ والغير مريح بالنسبة له ...

+



        
          

                
توجه نحو الكنبة بعدما أخرج علبة سجائره من الدرج ...

+


أشعل سيجارة يدخنها عندما خرجت هي ففوجئت به يدخن على غير العادة ...

+


تقدمت نحوه بقميص نومها الذي أحكمت روبه المحتشم فوقه وجلست جانبه تهمس باهتمام :-

+


" ليس من عادتك أن تدخن إلا إذا كان هناك ما يعكر صفوك ..."

+


رمقها بنظراته قبل أن يهتف بنصف إبتسامة بعدما نفث دخان سيجارته :-

+


" جيد .. هناك شيء ما تدركينه عني ..."

+


تنهدت ثم قالت :-

+


" نعيش سويا منذ عشرة أعوام ... "

+


" العشرة وحدها لا تكفي ..."

+


قالها بجدية وهو يضيف :-

+


" ما فائدة إننا سويا منذ عشرة أعوام وكلا منا يحيا في وادي منفصل عن الآخر ..."

+


" أخبرتك إن كل هذا سيتغير ..."

+


قالتها بصوت مرتبك ليتنهد بعمق ثم يقول بصدق :-

+


" أتمنى ذلك حقا يا همسة ولكن ..."

+


توقف قليلا ثم أضاف :-

+


" لا يمكنني الوثوق بك والأهم إنني لا أدري مالذي جعلك تتغيرين فجأة ..؟!"

+


أضاف وهو يلوي فمه بتهكم :-

+


" هل يعقل إن هذا التغيير بأكمله بسبب يسرا وخوفك من وجودها حولي ...؟!"

+


" ألا يحق لي أن أخاف من وجودها حولك ..؟!"

+


سألته بخفوت ليجيب باقتضاب :-

+


" لو كنت تعرفينني جيدا ما كنتِ لتخشي ولو للحظة من وجودها ..."

+


" لماذا ..؟!"

+


سألته بجدية وهي تضيف :-

+


" إنها امرأة جميلة وذكية وتريدك وكانت خطيبتك مسبقا ..."

+


أخذ نفسا عميقا ثم قال :-

+


" بعيدا عن كوني لا أريد يسرا بالفعل ولكن حتى لو كانت لدي رغبة بها كأنثى فما كنت لأصغي لرغبتي تلك لإن هناك ألف سبب يمنعني من ذلك أولها إنها ابنة خال كلينا ... هل تعتقدين إنني دنيء الى الحد الذي يجعلني أجمع بينك وبينها يا همسة ...؟! "

+


أشاحت وجهها بعيدا وقالت :-

+


" كنت ستتردد في فعل ذلك بسبب كلام الناس وقتها..."

+


" لم أكن لأفكر مجرد التفكير في فعله ...."

+


هتف بها بصوت قاطع وهو يضيف :-

+


" أخبرتك مسبقا وسأكررها .. يسرا لا تشكل خطرا عليكِ لإنها لا تهمني ولإنني لا أراها من الأساس ..."

+


" كانت خطيبتك يوما وبالتأكيد كنت تحبها ..."

+


قالتها بوجوم ليهتف بصدق :-

+



        
          

                
" نعم كانت خطيبتي لكنني لم أكن أحبها ..."

+


" كيف يعني ..؟! كيف كانت خطيبتك ولم تكن تحبها ..؟!"

+


سألته بتجهم ليهتف ببرود :-

+


" ما الغريب في ذلك ...؟! هل من الضروري أن يتزوج الرجل ممن يحبها ...؟!"

+


" مالذي دفعك لخطبتها إذا لم تكن تشعر بشيء نحوها ...؟!"

+


سألته بإصرار ليجيب بصدقه وصراحته المعتادة:-

+


" وجدتها مناسبة لي ... تلائمني ... أو هكذا ظننت .."

+


سألته بفضول :-

+


" ومالذي تغير ...؟؟"

+


تنهد ثم أجاب مقررا إرضاء فضولها :-

+


" اكتشفت إنها تناسبني مظهريا فقط لكن واقعيا لم تكن هي المرأة التي يمكنني أن أقضي معها عمرا كاملا ..."

+


" وهل أنا كنت تلك المرأة التي يمكنك أن تقضي معها عمرا يا كاملا يا راغب ...؟!"

+


خرج سؤالها يحمل بؤسا خفيا فتأملها لوهلة قبل أن يجيب بعد تنهيدة صامتة :-

+


" هذا ما كنت أتمناه ..."

+


تنهدت بصوت مسموع قبل أن تسأله :-

+


" لماذا تزوجتني يا راغب ...؟!"

+


رد ببرود :-

+


" أليس هذا السؤال أتى متأخرا للغاية يا همسة ..؟!"

+


" ولكنني أريد معرفة الجواب ..."

+


قالتها بجدية ليرمقها بنظرات لم تفهم فحواها عندما نطق بهدوء :-

+


" شعرتِ إنك الفتاة المناسبة .."

+


قاطعته بجدية :-

+


" كيف وأنا لا أشبهك في أي شيء ...؟!"

+


هتف ساخرا :-

+


" ربما اخترتك لهذا السبب ... "

+


" كنت تبحث عن نقيض يسرا .... أليس كذلك ..؟!"

+


خرج سؤالها متحاملا ليهتف بدهشة :-

+


" كيف يعني ..؟؟"

+


نطقت بغضب مكتوم :-

+


" كنت تبحث عمن تطيعك وتخضع لسلطتك وجبروتك ولا تتمرد عليك ... يسرا لم تكن كذلك ... كانت قوية ... تماثلك قوة وجبروتا .. وأنا كنت هادئة وضعيفة بالنسبة لك ولها لذا كنت الزوجة الخاضعة التي ترضي غرورك وتخضع لأوامرك دون نقاش ..."

+


اتسعت عيناه من هول ما يسمعه قبل أن يهمس بعدم تصديق :-

+


" هل هذه وجهة نظرك بي ..؟! هل هذا ما تعتقدينه عني ..؟!"

+


شعرت إنها أخطأت بحديثها فقالت بسرعة :-

+


" أنا أفكر بصوت عالي عن السبب الذي جعلك تختارني ..."

+


نهض من مكانه مرددا بجمود :-

+


" لست رجلا ساديا او مريضا كي أبحث عن أنثى خانعة ضعيفة أتحكم بها وأفرض أوامري عليها والدليل إنني تحملتك لعشرة أعوام بكل تصرفاتك المستفزة وعنادك الدائم ولم أجبرك على شيء أو أعاملك بقسوة وتسلط كنت تستحقينه في أحيان كثيرة ..."

+



        
          

                
نهضت من مكانها تهمس بسرعة :-

+


" أنا لم أقصد يا راغب ... "

+


أضافت وهي تقبض على كفه بسرعة :-

+


" دعك من هذا الآن ... لنفكر في مستقبلنا أفضل ..."

+


هتف ساخرا :-

+


" حقا ..؟!"

+


اومأت برأسها وهي تقول :-

+


" من فضلك يا راغب ... أنا حقا أحاول تصحيح أخطائي السابقة ... أحاول الحصول على بداية جديدة معك ... "

+


أكملت برجاء :-

+


" من فضلك ساعدني ... "

+


" كيف أساعدك مثلا ..؟!"

+


سألها بتجهم لتهتف بجدية :-

+


" فقط امنحني الفرصة لتصحيح أخطائي ... فقط ثق بي مجددا ... وأنا أعدك إن كل شيء سيتغير نحو الأفضل ..."

+


تأملها بصمت امتد لدقائق مرت كالدهر عليها عندما قال أخيرا :-

+


." حسنا يا همسة ، سأحاول تصديقك ... هذه المرة فقط .... ولكن عليك أن تعلمي إنها فرصتك الأخيرة ... أي تصرف خاطئ يصدر منك بعد الآن لن أغفره لك مهما حدث ..." 

+


***

+


كانت زمرد تجلس على مائدة الطعام ترتشف قهوتها بذهن شارد ...

+


ما زال عقلها مع ابنتها التي رفضت أن تتحدث معها بعدما حدث البارحة ...

+


لقد سمعت كل شيء ...

+


وهي حاولت أن تتحدث معها لكنها تجاهلتها وعندما عادوا الى القصر مساءا صعدت مسرعة الى جناحها وهي بدورها لم تستطع الإنفراد بها ...

+


أفاقت من شرودها على صوت زوجها وهو يتسائل :-

+


" أين سولاف ...؟! هل ما زالت نائمة ..؟!"

+


وقبل أن تجيب صدح صوت سولاف المرح وهي تتقدم الى الداخل :-

+


" أنا هنا بابي ..."

+


ثم اتجهت نحوه لتنفرج عن وجهه إبتسامة واسعة حالما رأى صغيرته بينما سارعت سولاف تقبله من وجنته وتحتضنه بحب ليهتف مبتسما :-

+


" صباح الخير يا مدللة أبيك ..."

+


" صباح الخير يا حبيبي ..."

+


" هيا اجلسي وتناولي فطورك ..."

+


تحركت سولاف تأخذ مكانها على الكرسي الثاني حيث الكرسي الأول خاص بشقيقها عندما تلاقت عينيها بعيني والدتها فمنحتها نظرة عابرة قبل أن تحمل قدح عصيرها وترتشف منه القليل ثم تخبر والدها :-

+


" اليوم سأذهب للتدرب في النادي ... "

+


" المسابقة اقتربت ، أليس كذلك ..؟!"

+


اومأت برأسها وهي تخبره :-

+


" نعم .."

+


هتف بجدية :-

+



        
          

                
" لن أرضى سوى بالمركز الأول ..."

+


ابتسمت ثم هتفت بغرور فطري :-

+


" المركز الأول لي بإذن الله .. اطمئن .."

+


في نفس اللحظة تقدم أثير ملقيا تحية الصباح حيث رد الجميع تحيته عندما أخذ مكانه بجانب شقيقته فبدأ يتناول طعامه ويتبادل الأحاديث مع والده وشقيقته بينما زمرد التزمت الصمت وعقلها ما زال شاردا مع ابنتها ...

+


أفاقت زمرد من شرودها على صوت زوجها يسألها :-

+


" هل أنت بخير يا زمرد ....؟! ما بالك شاردة أغلب الوقت ..؟!"

+


أجابت زمرد بسرعة وهي ترسم إبتسامة مصطنعة على شفتيها :-

+


" أنا معكم حبيبي ... فقط شردت قليلا ..."

+


" بالتأكيد تفكر بما حدث البارحة ..."

+


قالتها سولاف وهي ترتشف عصيرها مجددا لتنظر نحوها زمرد بحدة بينما سأل حاتم باهتمام :-

+


" ومالذي حدث البارحة ..؟!"

+


راقبت سولاف ملامح والدتها بلا مبالاة متعمدة قبل أن تجيب مبتسمة :-

+


" شهيرة هانم وإبنتها أفنان .."

+


تغضنت ملامح أثير بينما تنهدت زمرد بقليل من الراحة عندما أضافت سولاف ببرود :-

+


" يخططان للإيقاع بأثير بآية طريقة ..."

+


" ما هذا الكلام ..؟؟"

+


صدح صوت زمرد بحدة بينما تسائل حاتم وهو يلاحظ وجوم ملامح ولده :-

+


" ماذا تقولين يا سولاف ... ؟! بالطبع الأمر ليس هكذا ..."

+


صدح صوت أثير قائلا بنبرته القوية :-

+


" ليخططوا كما يريدون .. لا هما ولا أي أحد غيرهما يمكنه النجاح فيما يريده مهما حاول... "

+


ثم منح والدته نظرة فهمتها على الفور ليمتعق وجهها كليا بينما نهض حاتم من مكانه مرددا بجدية :-

+


" أنا تأخرت على عملي ... على العموم كما قال أثير لا أحد يمكنه أن يؤثر عليه أو يجبره على ما لا يريد ..."

+


ثم تحرك بعدها تاركا زمرد تطالع ولديها بوجوم عندما نهض أثير بدوره مرددا هو الآخر :-

+


" أنا أيضا تأخرت ... لأغادر ..."

+


ثم نهض من مكانه بعدما ألقى التحية عندما تحرك متجها الى الخارج فسمع شقيقته تنادي عليه ...

+


التفت أثير نحوها بتساؤل فهتفت بجدية :-

+


" انتظر قليلا ..."

+


نظرت لها زمرد بتساؤل لا يخلو من القلق لتنهض من مكانها وتتجه نحوه تخبره بإبتسامة بسيطة :-

+


" خذني في طريقك الى النادي ... لدي تدريب مبكرا ..."

+


اعتصرت زمرد شرشف المائدة بكلتي يديها بنفاذ صبر بينما تحركت سولاف مع شقيقها حيث وافق أن يوصلها معه الى النادي ...

+



        
          

                
أوصل أثير شقيقته الى النادي ثم اتجه بعدها الى الشركة عندما اتجه بعدها الى مكتبه وقبل وصوله إلى هناك رأى هايدي التي باشرت عملها في الشركة منذ أيام ...

+


تلاقت عيناه بعينيها فإبتسمت بإنشراح وهي تتقدم نحوه ترحب به بينما تخبره بدلال متعمد :-

+


" هل يمكنني تناول القهوة مع إبن مدير الشركة أم ذلك لا يجوز ..؟!"

+


ابتسم مرددا بغموض :-

+


" بالطبع يمكنك ... ما زال هناك نصف ساعة قبل موعد الاجتماع .. تعالي معي ..."

+


تحركت معه الى الداخل عندما أخذ أثير مكانه خلف مكتبه وجلست هي على الكرسي المجاور للمكتب تتأمل المكتب الفخم بإعجاب قبل أن تهتف بصدق :-

+


"" مكتبك رائع ..."

+


" شكرا ..."

+


قالها بهدوء قبل أن يسأل :-

+


" ماذا تحبين أن تشربي ..؟!"

+


أجابت مبتسمة :-

+


" قهوة سادة ..."

+


اتصل بالنادل يطلب منه إثنين قهوة سادة قبل أن يعاود النظر نحوها وهو يسألها بإهتمام :-

+


" كيف يبدر العمل هنا مبدئيا ..؟!"

+


" رائع ... "

+


قالتها بصدق وهي تضيف :-

+


" كنت أحتاج الى عمل كهذا ... أستفيد منه وأكتسب خبرات مستقبليا .... "

+


" هل لديك طموحات معينة في المستقبل ...؟! "

+


قالها وهو يتراجع في جلسته بإسترخاء لتبتسم وهي تتأمله بتروي قبل أن تهمس وتصميم يشع من مقلتيها :-

+


" الكثير ... لدي الكثير من الطموحات يا أثير ...."

+


" دائما ما كنتِ طموحة يا هايدي ..."

+


قالها بجدية لتهتف بثقة :-

+


" طموحي أعلى مما تتصور يا أثير .... أنا أطمح للكثير ... وسأحققه .."

+


قالت كلمتها الأخيرة بثقة أعجبته فمال فوق سطح مكتبه يهمس بصدق :-

+


" أحب الشخص الطموح .. الذي لا يكتفي بما لديه مهما كان كثيرا بل يسعى دائما ليتقدم أكثر ويكون الأفضل بين الجميع ..."

+


ضحكت بعفوية قبل أن تهتف بعينين ماكرتين :-

+


" أتيت عند الشخص الصحيح إذا .. فأنا هكذا ..."

+


ثم مالت بوجهها وهي تضيف بقوة :-

+


" طموحاتي لا حدود لها ... لن أرضى سوى بأفضل شيء .. لن أقبل سوى أن أكون الأفضل والأولى على الجميع في كافة الأمور دون إستثناء ..."

+


ابتسم بنفس الغموض دون رد عندما تقدم النادل بعدها وهو يحمل القهوة فحمل فنجانه يرتشف منه وفعلت هي المثل ...

+



        
          

                
تأملها دون أن تنتبه وهو يرتشف قهوته ...

+


جميلة .. ذكية .. طموحة ... وتمتلك ثقة بنفسها لا حد لها ...

+


مغرورة بالفطرة ... جذابة ...

+


بدت لوهلة تناسبه من جميع النواحي ...

+


تشبهه كثيرا ...

+


سأل نفسه مجددا ... لماذا لم ينجذب لها ..؟! لماذا لم تلفت انتباهه ولو قليلا ..؟! لماذا مرت مرور الكرام على قلبه ومشاعره كغيرها ...؟!

+


والجواب جاء واضحا لا يقبل جدال ...

+


جواب مكرر في كل مرة يرى فيها الأنثى المناسبة كهايدي ...

+


قلبه ومشاعره بل روحه بأكملها مقيدة بعشق أنثى واحدة ...

+


أنثى سلبته روحه وقلبه ومشاعره وكيانه كاملا ما إن غادرته ..

+


تلك الأنثى هي هالة ... هالة ولا واحدة سواها ...

+


***

+


هبط مهند درجات السلم متوجها الى الخارج حيث الشركة مستغربا عدم استيقاظ راغب حتى الآن ....

+


رغم آلم ظهره لكنه مضطر أن يذهب لمباشرة عمله ...

+


طوال الليل لم يتوقف عن صب لعناته فوق رأس جيلان التي تسببت بهذا الألم لظهره ...!

+


وجد الخادمة تتقدم الى الداخل بعدما ناولها الحارس باقة ورد فخمة للغاية وجذابة ...

+


عقد مهند حاجبيه وهو يسألها :-

+


" لمن هذا الباقة ..؟!"

+


ابتسمت الخادمة وهي تجيبه :-

+


" لتوليب هانم ..."

+


امتعق وجهه وهو يتمتم بإستياء :-

+


" ها قد بدأنا التصرفات الغرامية السخيفة  وما شابه .... "

+


ثم وجد توليب تهبط درجات السلم بحماس وتلتقط الباقة من الخادمة وتشكرها قبل أن تحمل البطاقة وتقرأ ما بها فتتسع إبتسامتها تحت أنظار مهند الذي يراقبها بتجهم ..

+


سأل ببرود :-

+


" ماذا كتب لك ...؟؟"

+


شهقت توليب بصدمة وقد استوعبت أخيرا وجود شقيقها عندما همست بلذوعة:-

+


" ليس من شأنك ..."

+


لوى فمه بسخرية قائلا :-

+


" رومانسي للغاية إياس بك ..."

+


منحته نظرة حانقة وهي تهمس :- 

+


" هكذا تتصرف الناس الطبيعية ..."

+


" لا جعلنا الله من الناس الطبيعية إذا ..."

+


قالها ببرود لتهمس من بين أسنانه :-

+


" عسى أن تأتي من توقعك في غرامها وتجعلك تجلب لها كل يوم باقة ورد ... "

+


" لن يحدث ... لا توجد إمرأة على هذه الأرض يمكنها أن تفعل بي هذا ... "

+



        
          

                
قالها بثقة جعلتها تمنحه نظرات متهكمة ثم تتحرك بثقة وهي تحمل باقة الورد معها الى الأعلى يتابعها مهند بنظرات ساخرة قبل أن يضرب كف بكف وهو يردد بإزدراء :-

+


" ما كان ينقصنا سوى إياس بك ... "

+


ثم تحرك بعدها مغادرا الى الشركة بينما صعدت توليب الى جناحها لتجد هالة هناك عندما تأملت ابنة خالتها وهي تكاد تطير من السعادة :-

+


" إياس أرسل لي باقة الورد هذه ويذكرني بموعد الليلة .."

+


ابتسمت وهي تجيب :-

+


" جيد ... "

+


قالت توليب بحماس بعدما وضعت الباقة الى جانب الباقة الأولى التي أهداها لها مسبقا :-

+


" يجب أن أبدأ بتجهيز نفسي حالا ...."

+


" سأساعدك ...."

+


قالتها هالة دون تفكير قبل أن تهتف فجأة :-

+


" أنت سعيدة للغاية يا تولاي ..."

+


توردت وجنتي تولاي وهي تحمحم:-

+


" سعيدة للغاية يا هالة ..."

+


ابتسمت هالة بحنو قبل أن تخبرها :

+


" هل أحببته ...؟!"

+


تنهدت توليب بصمت ثم قالت بخفوت :-

+


" ربما..."

+


ثم شردت به ..

+


بوسامته .. شخصيته ... إسلوبه .. 

+


شردت به كليا بينما هالة تتابعها بإبتسامة خافتة ..

+


" إنه مختلف .... ومميز ..."

+


قالتها توليب بنبرتها الرقيقة لترفع هالة حاجبها وهي تتسائل :-

+


" كيف يعني ..؟!" 

+


همست توليب بحالمية:-

+


" إنه يشبه ابطال الروايات ... وسيم وجذاب ... ذو شخصية قوية ... مغرورا قليلا ولكنه يبدو محبوبا ... "

+


قطعت هالة ثرثرتها العفوية الحالمة عمن بات خطيبها وسيكون زوجها قريبا :-

+


" وبارد وشرير وربما سادي أيضا على غرار أبطال الروايات المعتادين ...."

+


ثم كشرت أنيابها بحركة شريرة تقلد أبطال الروايات القساة لتزم توليب شفتيها مرددة بضيق :-

+


" أنت حقا سخيفة ..."

+


ضحكت هالة ثم سارعت تحتضنها وهي تخبرها :-

+


" أنا أمزح ..."

+


لتضيف بجدية :-

+


" ولكنني لا أحب أن أراك هائمة به الى هذا الحد وبهذه السرعة ... "

+


" لست هائمة به ..."

+


هتفت بها توليب بضجر ثم اضافت :-

+


" أنا فقط أصفه .... إنه بالفعل وسيم ورائع ... لو تعرفت عليه عن قرب سيكون رأيك مشابها لرأيي هذا ..."

+



        
          

                
ابتسمت هالة بهدوء وهي تهمس بصدق :-

+


" المهم أن تكوني سعيدة ... هذا فقط ما يهمني ..."

+


قالت توليب بعفوية :-

+


" أنا بالفعل سعيدة ..."

+


عانقتها هالة بنفس العفوية وهي تخبرها بمحبة خالصة :-

+


" أحب أن أراك سعيدة يا تولاي ... أنت تستحقين السعادة ... تستحقينها بحق ..."

+


ربتت توليب على ظهرها قبل أن تهمس بدورها :-

+


" وأنت أيضا ستكونين سعيدة مع كرم ... انا واثقة من ذلك ..."

+


توترت ملامح هالة لا اراديا عندما ابتعدت هالة من بين أحضانها وهي تهمس بصوت مبحوح :-

+


" بإذن الله ..."

+


ثم أضافت بسرعة :-

+


" عليك أن تختاري فستانا مناسبا لسهرة الليلة ..."

+


تحركت توليب بحماس تتابعها هالة بعينيها عندما شردت لا إراديا بما حدث البارحة ...

+


سولاف التي فوجئت بها تقف أمامها تسألها بإتهام :-

+


" ماذا بينك وبين ماما ...؟! سمعت كل شيء ..."

+


لم تستوعب هالة ما يحدث بينما عقدت سولاف ذراعيها أمام صدرها وهي تضيف :-

+


" ماذا يحدث يا هالة ...؟! انا سمعت كل شيء دار بينك وبين ماما ... "

+


" سولاف ، هناك كثير لا تعرفينه ..."

+


قالتها هالة بإرتباك لتهتف سولاف ببرود :-

+


" نعم ، انا لا أعرف ولكن ..."

+


قالت بملامح جامدة تحمل قوة لا تليق بسنوات عمرها الصغيرة :-

+


" لكن ما سمعته حتى الآن يكفي .... "

+


حركت بصرها في أرجاء المكان لتضيف بعدها :-

+


" لا يمكننا التحدث الآن لكن يجب أن نتحدث قريبا ... من الأفضل ألا تتجاهلي اتصالي فيما بعد لإنني لن أتردد في إخبار شقيقي بكل شيء وحينها يتصرف هو معك ومع ماما أيضا ..."

+


ثم تحركت بعدما منحتها نظرة قوية محذرة تاركة إياها تتابعها بقلق تملك منها ...

+


أفاقت هالة من شرودها على صوت رنين هاتفها لتجد كرم يتصل بها ...

+


تحركت الى الشرفة خارجا وهي تجيب عليه ليأتيها صوته المرح :-

+


" كيف حالك ..؟؟"

+


نطقت على الفور :-

+


" اشتقت اليك يا كرم ..."

+


أضافت بعد تنهيدة صامتة :-

+


" متى ستعود ... ؟!"

+


" بعد يومين باذن الله .."

+


قالها بجدية وهو يضيف بحب :-

+


" وانا اشتقت لك كثيرا ..."

+


ابتسمت بملامح شاحبة عندما سألته :-

+



        
          

                
" ماذا تفعل الآن ...؟!"

+


أجاب :-

+


" حنين ابنة عمي ستصل بعد قليل مع والدتها الى هنا ... سأستقبلهما وأخذهما الى الشقة وربما أخذ حنين مساءا أعرفها على البلاد قليلا قبل سفري ... "

+


" رائع .. استمتع بوقتك إذا ..."

+


قالتها بهدوء عندما هتف يتسائل :- 

+


" لماذا لم ترسلي لي صورك في حفل البارحة ...؟!"

+


قالت بسرعة :-

+


" والله نسيت ... كنت مرهقة وغرقت في نومي فورا  حالما انتهى الحفل ..."

+


أضافت بجدية :-

+


" فقط سأساعد تولاي في تجهيز نفسها لسهرة الليلة ثم أرسل لك كافة الصور ..."

+


" أنتظرك ..."

+


قالها مبتسما لتتوقف لوهلة قبل أن تهمس بصوت متحشرج :-

+


" أنا أحبك يا كرم .... أحبك كثيرا ..." 

+


جاءها رد كرم العفوي كعادته والصادق :-

+


" وأنا أحبك يا هالة ... أحبك أكثر من الجميع ..."

+


***

+


في أمريكا ...

+


كانت تتحرك حنين بجانب والدتها بملامح واجمة ....

+


لقد أخبرتها والدتها في أثناء الرحلة بأن كرم إبن عمها سيكون في استقبالهما في المطار ...

+


على ما يبدو إنه لم يغادر البلاد بعد ...!

+


لم تتصور أن يحدث هذا ....

+


ما كان ينقصها أن تسافر الى آخر البلاد لتجده في وجهها ...

+


بالتأكيد علم من والدها بوصولهما اليوم وسارع يستقبلهما ...

+


الأمر منطقي للغاية وطبيعي جدا ...

+


ولكنه ليس كذلك بالنسبة لها ....

+


سمعت والدتها تتحدث عنه وهي تبحث بعينيها عنه قبل أن تهتف بسرعة :-

+


" هاهو كرم ..."

+


التقطته عيناها على الفور وهو يرفع كفه بتحية ويبتسم برحابة كعادته ....

+


زفرت أنفاسها على مهل مقررة تجاهل كل مشاعرها المضطربة في تلك اللحظة ...

+


سوف يستقبلهما ويأخذهما الى الشقة التي حجزها نضال لهما ثم يقوم بواجبه من حيث الإطمئنان عليهما وعلى استقرارهما ويغادر بعدها ...

+


هكذا فقط ... لا داعي للقلق او التوتر ...

+


وجدته يستقبل والدتها مرحبا بها قبل أن ينتقل ببصره نحوها هاتفا بنفس الإبتسامة الجذابة :-

+


" كيف حالك يا حنين ..؟!"

+


بالكاد رسمت ابتسامة حرصت أن تكون طبيعية وهي تجيبه :-

+


" الحمد لله ... وأنت كيف حالك ..؟!"

+


" بخير ..."

+


قالها وهو يضيف بسرعة :-

+



        
          

                
" تفضلا معي .. سيارتي في الخارج ..."

+


هتفت أحلام بنبرة ممتنة :-

+


" أشكرك حقا على مجيئك يا كرم .... أتعبناك يا عزيزي ..."

+


اعترض كرم على ما قالته وهو يسحب حقيبة أحلام معه بينما رفضت حنين أن يسحب حقيبتها وهي تخبره بسرعة :-

+


" سأسحبها أنا ... الحقيبتان ثقيلتان للغاية ...."

+


أومأ كرم برأسه سريعا ثم أشار لزوجة عمه :-

+


" لا تقولي هذا من فضلك ... هل يعقل أن أكون متواجدا هنا ولا أستقبلكما في زيارتكما الأولى ...؟!"

+


" أنت تعرف إن كل شيء حدث سريعا ... حنين قررت متأخرا أن تدرس لذا كل شيء حدث بسرعة ..."

+


" خير ما فعلت ... الدراسة هنا أفضل ..."

+


قالها كرم بجدية قبل أن يلتفت نحو حنين يخبرها :-

+


" كما إنها ستدرس في نفس جامعتي ... والجامعة ممتازة وسوف تستفيد كثيرا ..."

+


" ان شاءالله ..."

+


قالتها حنين بخفوت وهي تتحرك جانبهما عندما أخذت مكانها في سيارته في المقعد الخلفي بينما جلست والدتها أماما جانبه ...

+


تحرك كرم بسيارته متجها الى الشقة التي إختارها نضال بحرص في نفس المنطقة التي تقع بها الجامعة ...

+


تسائل كرم بينما ينظر الى الطريق أمامه :-

+


" هل ستبقين معها لمدة طويلة ...؟!"

+


أجابت أحلام بجدية :-

+


" سأبقى معها في الأشهر الأولى حتى تستقر هنا وأطمئن عليها ..."

+


كانت حنين تنظر الى الشوارع من خلف النافذة بإهتمام جلي وتعمدت ألا تنتبه لما يدور من حديث بينه وبين والدتها حتى وصلا الى مكان الشقة...

+


 هبطت حنين بحماس تملك منها وتقدمت نحو العمارة تتأمل بنائها الفخم الشاهق بإعجاب قبل أن تسمع كرم يخبرها :-

+


" المنطقة هنا رائعة ... ستعجبك الإقامة هنا كثيرا ..."

+


تمتمت بهدوء :-

+


" إن شاءالله .. نضال من إختار موقع الشقة بعناية ...."

+


" الجامعة قريبة للغاية من هنا ..."

+


" قال لي ذلك ..."

+


قالتها حنين بجدية قبل أن تتجه وتسحب حقيبتها بعدما أنزلها كرم من السيارة بينما رفض كرم مجددا أن تسحب أحلام حقيبتها وسحبها هو متجها الى الداخل ...

+


دلف الثلاثة الى الشقة لتهتف حنين بعفوية :-

+


" الشقة رائعة ... لم أتصور أن تكون بهذه الفخامة ..."

+


ثم تحركت الى الداخل بين الغرف بينما جلست أحلام على الكنبة بإرهاق عندما قالت حنين وهي تتقدم نحو والدتها :-

+



        
          

                
" الشقة رائعة ولها ثلاثة غرف ..."

+


هتف كرم بجدية :-

+


" نضال إختار شقة من الدرجة الأولى وواسعة أيضا ...."

+


ابتسمت وهي تهز رأسها بينما هتفت أحلام بتعب :-

+


" الرحلة كانت طويلة للغاية ومرهقة ..."

+


" لم تنامي طوال الرحلة ، أليس كذلك ..؟!"

+


سألتها حنين بإهتمام لتهتف أحلام بجدية :-

+


" تعلمين إنني لا أستطيع النوم في الطائرة مهما حاولت ..."

+


قالت حنين بجدية :-

+


" أعلم ..."

+


ثم أضافت مبتسمة :-

+


" أنا نمت طوال الرحلة تقريبا ...."

+


" أنت يمكنك النوم في أي مكان يا حنين ..."

+


قالتها أحلام مبتسمة لتضحك حنين بعفوية قبل أن تستوعب وجود كرم فهتفت بسرعة وهي تنظر له :-

+


" شكرا حقا يا كرم ..،"

+


" علام تشكريني يا ابنتي ..؟! نحن عائلة واحدة فلا داعي لهذه الرسميات ... "

+


" معك حق ..."

+


قالتها حنين وهي تبتسم بهدوء عندما هتف كرم بزوجة عمه :-

+


"يمكنك أن ترتاحي في غرفتك يا خالة ..."

+


قالت أحلام بصوت مرهق :-

+


" وهذا ما سيحدث يا عزيزي ...."

+


هتفت حنين بسرعة :-

+


" أنا سأرتب أغراضي ثم أغراضك ... أنت نامي وارتاحي ثم نخرج مساءا عندما تستيقظين ...."

+


قالت أحلام بسرعة :-

+


" أين سنخرج اليوم ..؟! أنا لن أستيقظ قبل المساء أساسا ..."

+


هتفت حنين بإحباط :-

+


" ألن نخرج مساءا يعني ..؟! نتعرف على المنطقة قليلا ..."

+


" دعي والدتك ترتاح وأنا سآخذك وأعرفك على المنطقة وغدا سنذهب الى الجامعة أيضا ..."

+


ابتلعت حنين ريقها وقد شعرت إنها أوقعت نفسها بورطة دون أن تدري عندما همست بسرعة وتوتر خفي :-

+


" لا داعي لذلك ... لا تنشغل معنا اكثر .... ماما ستخرج معي اليوم وإذا لم تستطع سنخرج غدا ... الأيام طويلة أساسا ..."

+


قالت أحلام بدورها :-

+


" نعم يا عزيزي ... شكرا حقا على ما فعلته ... نحن سنتدبر أمرنا ... وأنت بالطبع لديك أشغال ..."

+


هتف كرم بعفوية :-

+


" أبدا يا خالتي ... أنا إنتهيت من أشغالي كافة وسأعود الى البلاد بعد يومين .... سأقضي هذين اليومين معكما .. أنتما تحتاجان لمن يعرفكما على المنطقة بشكل مبدئي ..."

+



        
          

                
أضاف وهو يشير الى حنين :-

+


" دعينا نخرج قليلا في المنطقة كي تتعرفين عليها ثم نشتري الطعام  أيضا وربما تحتاجين لشراء بضعة أشياء فالشقة خالية من الطعام والشراب بالتأكيد ..."

+


نظرت حنين الى والدتها بتردد وهي تتمنى أن ترفض والدتها رغم إدراكها لعدم وجود أي سبب يدفعها للرفض فمن أين ستعلم والدتها بما يدور داخلها ...

+


" يمكنك أن تذهبي مع كرم يا حنين ..: "

+


نظرت حنين نحو كرم بتردد عندما قال كرم بجدية :-

+


" يمكننا أن نذهب الى الجامعة أيضا ... تتعرفين عليها مبدئيا ... ألا تريدين الذهاب ...؟!"

+


هتفت بسرعة وعفوية :-

+


" بالطبع أريد ...."

+


ثم قضمت لسانها بسرعة بينما قال هو مبتسما :-

+


" ماذا تنتظرين ...؟! "

+


هتفت أحلام وقد تمكن الإرهاق منها :-

+


" أنا سأتصل بوالدك أبلغه بوصولنا ثم أخلد للنوم ... "

+


قال كرم بجدية :-

+


" ارتاحي أنت يا خالة وأنا وحنين سنذهب الى الجامعة أولا ثم أعرفها على المنطقة ونشتري ما تحتاجانه في الشقة مبدئيا ..."

+


" حسنا يا عزيزي وأشكرك مجددا على تعبك معنا ..."

+


" لا شكر على واجب ..."

+


قالها بإبتسامة ودودة قبل أن يتجه بعينيه نحو حنين الواقفة مكانها بملامح صامتة ..

+


" ما بالك يا حنين ...؟! هل الخروج معي يحتاج هذا الكم من التردد ...؟!"

+


سألها بمرح لتهتف بسرعة وهي تبتلع ريقها :-

+


" كلا ولكن ...."

+


توقفت لوهلة ولم تعرف ماذا تقول ...

+


تأمل خجلها وارتباكها الشديد بغرابة ...

+


لا يتذكرها كذلك ...

+


لم تكن خجولة الى هذا الحد ....

+


كانت حيوية ،، مليئة بالطاقة ...

+


ابتسامتها العذبة لا تفارق شفتيها ...

+


ضحكاتها الشقية تصدح في اجواء المكان ...

+


كانت شقية ، مندفعة ولطيفة ....

+


كان يلتقي بها دائما عندما كان يذهب لزيارة عمه ...

+


تجمعهما الأحاديث احيانا ...

+


كان يحب زيارة عمه فيذهب اليه باستمرار ويحرص ألا ينقطع عن زيارته لمدة طويلة ...

+


كان يقضي معه مدة لا بأس بها حيث يشاركهم وجبة العشاء او الغداء ....

+


لم يكن يهتم برفض أمه لزياراته المتكررة لعمه فهو يحب عمه كثيرا ويرى فيه والده الراحل ..

+



        
          

                
كانت حنين ابنة عمه التي تصغره بحوالي أربعة أعوام ...

+


كانت مدللة عمه وهو بدوره كان يتعامل معها كأخ أكبر خاصة في ظل غياب نضال الشبه دائم عنهم ...

+


ورغما عنه تذكر كلمات شقيقته هايدي الحازمة في زفاف شقيقته الكبرى ...

+


حذرته بجمود أن يبتعد عنها ..

+


وقتها تفاجئ بحديثها لكنه لم يعلق عليه وانشغل بعدها في دراسته ولكن كلماتها وقتها ونبرتها المحذرة بحدة غريبة تكررت على مسامعه الآن في هذه اللحظة لتمنحه أفكارا غير مرغوبة سارع يتجاهلها وهو يخبرها بجدية :-

+


" هيا ، غيري ملابسك لنغادر ... سأنتظرك في سيارتي ."

+


رفضت بهدوء :-

+


 " لا داعي لذلك حقا .. يمكنني الذهاب لوحدي أو ..."

+


قاطعها بسرعة :-

+


" لا يمكن ذلك .. هل يعقل أن تذهبي وحدك و أنا هنا ...؟!"

+


أضاف مبتسما بهدوء :-

+


" كما إنها فرصة لأساعدك في التعرف على الجامعة ... "

+


لم تكن تريد الذهاب .. لا تريد قربه ... ولا تعرف كيف تتهرب منه ..

+


وفي تلك اللحظة كان هاتفها يرن والمتصل أخيها نضال والذي جن جنونه عندما علم بوجود كرم عندها ورغبته في مساعدتها خلال فترة إقامتها الأولى في أمريكا ...

+


كيف حدث هذا ...؟!

+


من غير المعقول أن يرسل أخته الى تلك البلاد كي يبعدها تماما عن كرم وسيرته فيكتشف إن كرم معها هناك يسعى لتقديم المساعدة لها ولوالدتها ...

+


اندفعت حنين الى احدى الغرف سريعا بعدما استأذنت من كرم وصوت أخيها يهدر بغضب لتهتف حنين بسرعة :-

+


" والله لا دخل لي يا نضال ... على ما يبدو إنه علم بمجيئنا من بابا ..."

+


أضافت بسرعة تخفف غضبه :-

+


" سيغادر أمريكا بعد يومين أساسا ... من فضلك لا تغضب ..."

+


سمعت صوت تنهيدته الثقيلة لتضيف برجاء :-

+


" لا تقلق بشأني ولا تنسى إن اليوم خطبتك .. يجب أن تكون هادئا ... انا بخير .. اطمئن ..."

+


قال بصوت جاد :-

+


" أنا أثق بك يا حنين ولكنني قلق بشأنك ..."

+


همست برقة :-

+


" لا تقلق ..."

+


أضافت وقد تملكت منها السعادة في تلك اللحظة وهي ترى خوف أخيها الواضح عليها وإهتمامه الشديد بها :-

+


" انا محظوظة بك يا نضال ... أنت أخ رائع ..."

+


تجمدت ملامح نضال لوهلة وهو يسمع اعترافها العفوي الصادق بينما أكملت هي ضاحكة بمشاعر جياشة :-

+



        
          

                
" أنا حتى ممتنة لكرم .. بسببه رأيت إهتمامك بي وخوفك علي ..."

+


سمعت صوت تنهيدة ثقيلة تصدر منه يتبعها صوته الرخيم وهو يهتف بجدية :-

+


" اعتني بنفسك ... سأتصل بك مساءا أيضا ..."

+


" حسنا ... "

+


أضافت بصدق :-

+


" كنت أتمنى أن أتواجد معك في الخطبة ..."

+


" لا بأس ... ستكونين متواجدة في الزفاف بإذن الله ..."

+


" بإذن الله ..."

+


قالتها بنبرة حانية قبل أن تودعه وتتحرك بعدها لتغيير ملابسها سريعا ثم المغادرة مع كرم الذي ينتظرها خارجا ..

+


***

+


جلست جانبه في سيارته الرياضية بمشاعر متناقضة تملكت منها ...

+


تجاهلت كافة مشاعرها وهي تضع حزام الأمان بحرص بينما انطلق هو بسيارته متوجها نحو الجامعة ...

+


هناك أخذها في جولة يعرفها على الجامعة فتناست كل شيء واندمجت بحماس شديد معه تتعرف على جامعتها المستقبلية ...

+


عاد إليها حماسها وإنطلاقها المعتاد وهي تنتقل معه حيث تتبادل الأحاديث معه وتلتقط الصور للأماكن حتى هتفت بسرعة :-

+


" توقف ... "

+


ثم وجدها تتحرك قرب لوحة جميلة للغاية عريضة حيث وقفت جانبها ورفعت هاتفها تلتقط صورة سيلفي لها مع اللوحة قررت أن تنشرها على حسابها الشخصي كي توثق اولى لحظاتها في جامعتها ....!

+


اتجهت بعدها نحوه تهتف بسرعة :-

+


" آسفة ... كان لا بد أن ألتقط صورة في أول زيارة لي هنا..."

+


" تحبين أنت الصور كثيرا ..."

+


قالها مبتسما لتومأ برأسها وهي تجيب بمرح :-

+


"كثير كثيرا ..."

+


" أنا أيضا أحب التقاط الصور..."

+


قالها مبتسما فهتفت :-

+


" حقا ...."

+


أومأ برأسه قبل أن يسألها وهو ينظر الى الحديقة خلفها :-

+


" هل تريدين أن ألتقط لك صورا هنا ... المكان جميل ويساعد على التقاط الصور ..."

+


هتفت بسرعة وحماس :-

+


" بالطبع ...."

+


" أنا مصور محترف ليكن بعلمك ...."

+


قالها وهو يغمز لها بمرح لترفع حاجبها مرددة بتحدي :-

+


" سأرى بنفسي وأحكم ... "

+


" هكذا إذا ..."

+


تمتم بها مدعيا الدهشة قبل أن يرفع كفه مرددا :-

+


" سنرى يا حنين هانم ...."

+


أضاف وهو يشير لها أن تقف قرب مجموعة من الأشجار :-

+



        
          

                
" قفي هناك ... الصورة ستكون أجمل ..."

+


نفذت ما قاله عندما أخذ يلتقط لها عدة صور وقد اندمج معها بدوره فكان يطلب منها أن تتخذ وضعيات مختلفة ويلتقط الصور بحرص وفي الأماكن المناسبة ...

+


كان لديه هواية التصوير منذ الصغر ويجيد التقاط صور رائعة رغم عدم احترافه ذلك حيث بقي هاويا !!

+


لطالما أخبرته هالة إنه يلتقط صورا رائعة حتى كانت ترفض أن يلتقط غيره صورا لها وكذلك أصدقائه ...

+


قضى وقتا لا بأس به وهو يلتقط لها عدة صور بوضعيات مختلفة عندما أخذت الهاتف بحماس تقلب في الصور وهي تهتف بإنبهار عفوي :-

+


" رائعة ... الصور رائعة حقا ..."

+


أكملت وهي تنظر له مبتسمة :-

+


" أنت مصور رائع ... لم تكن تبالغ ..."

+


أخذ يعدل ياقة قميصه وهو يردد بغرور مفتعل :-

+


" ماذا تظنين إذا ..؟! أخبرتك بذلك ولم تصدقِ ...."

+


" يجب أن أعتذر إذا ..."

+


قالتها بمرح وهي تهتف بينما تعاود التقليب في الصور :-

+


" سأحتار في إختيار الصورة المناسبة لأضعها على حسابي ..."

+


" كل يوم ضعي صورة منهم ..."

+


قالها ببساطة لترفع حاجبها مرددة :-

+


" أضع كل يوم صورة بنفس الملابس والمكان...!!"

+


" يا إلهي ... أنتن الفتيات تحسبن حساب كل شيء بطريقة مستفزة ..."

+


أضاف بجدية :-

+


" ما رأيك أن تتناولي الطعام ...؟!"

+


هتفت بسرعة :-

+


" نعم ، أريد ذلك .. أنا جائعة بشدة ..."

+


" ماذا تفضلين ..؟!"

+


لمعت عيناها لوهلة قبل أن تهتف بسرعة :-

+


" الهامبرغر بالطبع ... "

+


" لنذهب إذا ..."

+


قالها بسرعة لتتحرك معه حيث أخذها الى أحد المطاعم الشهيرة بإعداد الهامبرغر عندما هتف وهو يبتلع لقمته :-

+


" البرغر هو وجبتي السريعة المفضلة ..."

+


قالت بسرعة :-

+


" وأنا أيضا ..."

+


أكملت بعفوية :-

+


" يمكنني تناوله يوميا على الغداء والعشاء ...."

+


ضحك بخفة بينما عبست ملامحها وهي تخبره :-

+


" ولكن ماما تمنعني عنه ... تقول إن المأكولات السريعة مضرة ...."

+


" وماما كذلك ..."

+


قالها بخفة عندما سمع صوت رنين هاتفه فوجد هالة تتصل به ...

+



        
          

                
أجابها على الفور هاتفا :-

+


" أهلا حبيبتي ..."

+


كادت حنين أن تغص في لقمتها لكنها تداركت نفسها وهي تسحب مشروبها الغازي وترتشف منه سريعا ...

+


لقد تناست كل شيء في السويعات القليلة التي قضتها معه ...

+


اندمجت معه كليا ...

+


حتى أتى إتصال خطيبته وذكرها بكل شيء ...

+


ابتلعت ريقها بينما ترى ابتسامته الواسعة وهو يتحدث معها :-

+


" سأراها حالما أعود .... "

+


أكمل وهو ينظر الى حنين :-

+


" أنا مع حنين الآن ... نتناول الطعام ... الهامبرغر بالطبع ..."

+


ابتسم وهو يشير الى حنين :-

+


" هالة ترسل السلام لك .."

+


ابتسمت وهمست بصوت متحشرج :-

+


" أرسل تحياتي لها ..."

+


أنهى حديثه معها وعاد يتناول طعامه ويتبادل الأحاديث معها بينما شردت هي للحظة تتذكر لمعة عينيه وهو يتحدث معها ...

+


إبتسامته التي اختلفت كليا ...

+


ملامحه التي توهجت بعاطفة صادقة ونبرة صوته العاشقة ...

+


تأملته دون أن ينتبه ...

+


كانت تحفر ملامحه في عقلها ...

+


ربما لإنها وحدها تدرك إنها ستكون المرة الأخيرة التي تراه فيها ...

+


سيغادر حياتها ...

+


بل سيغادر قلبها وعقلها ...

+


هي عاشقة تعيسة ..

+


عشقت من لم يشعر بها حتى ...

+


عشقته وهو متيم بأخرى ...

+


أخيها أخبرها إنها مشاعر وقتية ...

+


مشاعر فتية ستختفي حالما تنضج ...

+


تتمنى ذلك ...

+


ولكنها لن تنتظر حتى يحدث هذا ...

+


لن تنتظر النضوج ...

+


يجب أن تضع حلا نهائيا ..

+


تعلن خاتمة قصة لم يُكتب لها أن تبدأ ..

+


قصة عاشتها في خيالها ...

+


حلمت بأن تكون واقعا لسنين طويلة ولكن ليست جميع الأحلام قابلة للتحقيق ..

+


وحلمها مثل الكثير من الأحلام ، سيبقى سرا مدفونا في قلبها لا ُيبصر النور أبدا ..

+


غادرت معه بعدها ...

+


رفضت أن تشتري بعض الحاجيات متعللة بتعبها ....

+


عادت الى شقتها وسارعت تدخل الى غرفتها ....

+


جلست فوق سريرها بقلب منهك والدموع الحبيسة تلمع في عينيها ....

+


أخذت نفسا عميقا عدة مرات قبل أن تهمس لنفسها بصوت يملؤه الألم :-

+



        
          

                
" انتهى ... سوف تنسينه .... لا تقلقين .. سوف تتخطينه ... أنت قوية ... سوف تستطيعين فعل ذلك ... بالتأكيد سوف تستطيعين ..."

+


ثم أغمضت عينيها وتساقطت دموعها على وجنتيها بصمت ...

+


***

+


فتحت مروة باب شقتها لتجده أمامها واقفا بهيمنته المعتادة يطالعها من خلف نظارته الشمسية بملامح جامدة كالصخر قبل أن يخلع نظارته فترى نظراته الباردة تحاوطها بتمهل ...

+


ارتسمت على شفتيها ابتسامة ساخرة وهي تهمس :-

+


" كنت أعلم إنك ستأتي ..."

+


تقدم الى الداخل دون رد بينما تبعته هي وأغلقت الباب خلفه قبل أن تستند على الباب بجسدها وهي تضيف :-

+


" مر وقت طويل على قدومك الى هنا ..."

+


التفتت نحوها يهتف بجدية :-

+


" أتيت للتحدث ... "

+


" فقط ..."

+


قالتها وهي تلوي ثغرها ببؤس مصطنع مضيفة :-

+


" ظننتك إشتقت إلي ...."

+


ارتسمت السخرية على ملامحه وهو يهتف :-

+


" توقفي عن تخيل أشياء لا وجود لها ..."

+


تقدمت نحوه ووقفت أمامه تخبره بثبات :-

+


" يوما ما كنت تأتي هنا وتنام في غرفة النوم وتقضي أوقاتا شديدة المتعة معي ..."

+


" كان زمنا وانتهى ...."

+


قالها ببساطة وهو يضيف :-

+


" كنت أبحث عن المتعة وقتها .. "

+


" والآن لم تعد تبحث عنها ..."

+


قالتها ببرود وهي تضيف بتهكم :-

+


" هل تعتقد إن إبنة الباشاوات تلك تستطيع أن تمنحك نفس المتعة التي أمنحها لك ....؟!"

+


كانت تتحدث بوقاحة ...

+


وقاحة جعلته ينفر منها وظهر ذلك على ملامح وجهه بوضوح بينما يهتف بخفوت :-

+


" ما زلت تنجحين في إثارة نفوري منك ..."

+


" حقا ...؟؟"

+


قالتها وهي ترفع حاجبها ببطأ قبل أن تتقدم نحوه أكثر حتى باتت قربه تماما فمدت أناملها تلمس لحيته الخفيفة بينما تميل بفمها الى جانب وجهه فيشعر بأنفاسها الحارة تضرب وجنته وعطرها المثير المعتاد يخترق ثناياه ...

+


" نفورك فقط هو ما أثيره ...؟!"

+


سألته بينما تنظر بعينيها الخضراوين نحو عينيه ونظراتها مليئة بالإثارة والإغواء بينما امتدت أناملها تعبث بأزرار قميصه ....

+


تجيد الإغواء هي بل يمكنها أن تمنح دروسا فيه ...

+


" اشتقت اليك ..."

+


قالتها بعدما شعرت به يتأثر بقربها ....

+


قربها المتقن بوسائل إغواء متعمدة ...

+



        
          

                
قربت شفتيها من شفتيه وهي تضيف :-

+


" اشتقت لك كثيرا ... اشتقت لقربك ... لقبلاتك ... لأنفاسك ..."

+


من الصعب أن يتجاهل أي رجل حديث كالذي يسمعه من أنثى فاتنة مثلها تتحدث بتلك النبرة المبحوحة التي بإمكانها أن تجذب أي شخص مهما بلغت قوته ومحاولاته للسيطرة على نفسه أمامها..

+


لوهلة تجاوب معها وأخفض شفتيه هاما بتقبيلها وقد تفجرت الرغبة في عروقه لكنه سرعان ما إستعاد وعيه ودفعها بعيدا عنه قبل أن تمس شفتيه شفتيها ...

+


أخذ نفسا عميقا ثم همس بجدية :-

+


" نحن انتهينا يا مروة ... اقتنعي بهذا ..."

+


" أنت تخدع نفسك ..."

+


قالتها بتحدي وهي تضيف بثقة :-

+


" أنت لا يمكنك الابتعاد عني ..."

+


" ما هذه الثقة ...؟!"

+


قالها بسخرية متعمدة وهو يضيف بتعب من هذا الجدال الممل والذي أخذ أكبر من حجمه كما يشعر :-

+


" انظري إلي ... هذا الوضع سينتهي .... أخبريني مالذي تريدينه لتتركيني وشأني ...."

+


" أريدك ..."

+


قالتها بثبات ليهدر من بين أسنانه :-

+


" مروة ..."

+


ثم أخذ نفسا عميقا قبل أن يقول :-

+


" سأمنحك ما تريدين .. اعتبريه تعويضا عن السنوات التي قضيناها سويا ...."

+


" أنا لا أريد تعويض ... لماذا لا تفهم ..؟!"

+


صاحت به وهي تضيف بتعاسة :-

+


" أنت تجرحني بقولك هذا وتهينني ..."

+


" أنت من تهينين نفسك ..."

+


قالها بقسوة متجاهلا جمود ملامحها قبل أن يضيف :-

+


" إفهمي إنني لا أريد ... لم أعد أريدك ...."

+


أرادت أن تبكي في تلك اللحظة بسبب قسوة حديثه لكنها تجاهلت رغبتها بالبكاء وهي تخبره :-

+


" ليس كل شيء يجري كما تريد يا إياس ..."

+


" أنتِ لن تستطيعي فعل أي شيء ..."

+


قالها ببرود لتهمس بصوت محتقن :-

+


" يخيل لك يا عزيزي ..."

+


أضافت وهي ترسم ابتسامة خبيثة على شفتيها :-

+


" اتصال واحد مني لست الحسن والدلال أخبرها فيه عما بيننا ..."

+


ضحك مستخفا بحديثها ثم قال :-

+


" على أساس إنها ستصدق فورا ..."

+


أضاف والجمود يكسو عينيه :-

+


" وحتى لو صدقت .... سأخبرها الحقيقة ..: أنتِ كنت قبلها ... كنت مجرد نزوة ... وقتا ممتعا أقضيه ... وسارعت أقصيك من حياتي حالما قررت الزواج منها .."

+



        
          

                
" حقا ..؟؟"

+


قالتها وهي تكز على أسنانها بحقد ثم تهمس بقوة :-

+


" ما رأيك أن نجلبها هنا ونخبرها بكل شيء ونترك الحكم لها ... نترك القرار لها ولكن بشرط أن نخبرها بكل شيء دون كذب ..."

+


ثواني وشعرت به يندفع نحوها قابضا على ذراعها بقسوة مرددا بأنفاس متلاحقه :-

+


" ابتعدي عن حياتي وإلا سأؤذيك يا مروة ... قسما بربي سأفعلها وأؤذيك ... ما زلت صابرا عليك حتى الآن ولكن إذا تجاوزت حدودك فلن أتردد لحظة واحدة في إيذائك .. "

+


ثم دفعها بعيدا عنه بنفور وتحرك مغادرا المكان لتتوقف هي في مكانها لوهلة بأنفاس متلاحقة والغضب والألم ينهشان روحها قبل أن تتحرك في أرجاء المكان بعصبية وهي تحطم كل شيء تراه أمامها ...

+


توقفت بعد دقائق بأنفاس لاهثة وقد حطمت الكثير من الأشياء عندما سمعت صوت رنين جرس الباب فركضت بسرعة تفتحه على أمل أن تجده مجددا أمام شقتها وربما قد غير رأيه أو شعر بالقليل من تأنيب الضمير نحوها لكنها تجمدت مكانها وهي رأت شخصا تعرفه جيدا يبتسم لها بهدوء وعينيه الماكريتين تتطلعان اليها بتركيز ..

+


كانت تعرفه جيدا ...

+


إبن عمه ...

+


رأفت الصواف ...

+


***

+


أمام طاولة الزينة كانت تجلس أروى تتأمل ملامحها بالمرآة بشجن ...

+


اليوم خطبتها ...

+


بعد قليل ستهبط الى الأسفل حيث ينتظرها الجميع وعلى رأسهم خطيبها ...

+


والغريب إنها لا تشعر بأي شيء ...

+


لا سعادة ولا حزن ...

+


داخلها فارغ كالعادة ...

+


تنهدت بصمت وهي تسحب المشط تسرح شعرها الأسود الطويل للمرة الآخيرة ...

+


شعرها الذي تركته منسدلا بعدما سرحته لها مصففة الشعر وهي تمدح طوله وكثافته ولونه الأسود الجذاب ....

+


زينة وجهها الخفيفة والبسيطة كعادتها والتي أصرت عليها رغم انزعاج خبيرة التجميل التي أرادت أن تضع لها مكياجا يليق بها كونها العروس وجميع الأنظار ستتجه نحوها ...

+


كانت قد اتفقت مع نضال على خطبة بسيطة مغلقة تضم المقربين فقط من عائلتيهما ....

+


خطبة مبدئية لإعلان ارتباطهما رسميا قبل الزفاف الذي سيكون بعد ثلاثة أشهر كما أراد هو ...

+


وافقته دون تفكير ...

+


وكأن لديها الفرصة لتفكر ...!!!

+


سخرت داخلها وعادت تتأمل نفسها في المرآة وتتسائل من جديد ..

+


لم إختارها ...؟! ومالذي أعجبه بها ...؟؟

+


أفاقت من أفكارها على صوت باب غرفتها يفتح يتبعه دخول شقيقتها وهي تخبرها :-

+



        
          

                
" العريس وصل مع عائلته ... "

+


" حقا ..؟!"

+


قالتها أروى وهي تلتفت نحوها بتوتر لتبتسم نرمين وهي تخبرها :-

+


" ماذا تنتظرين ...؟! يجب أن تهبطي إلى الأسفل حالا ..."

+


نهضت أروى بفستانها الكحلي الأنيق وهي تخبرها :

+


" أنا خائفة يا نرمين ...."

+


هتفت نرمين بإبتسامة :-

+


" أنتِ العروس ... من الطبيعي أن يحدث هذا ..."

+


" معك حق ..."

+


همست بها أروى بخفوت قبل أن تأخذ نفسا عميقا بينما تسألها نرمين مجددا إذا ما كانت جاهزة للهبوط فتومأ برأسها وهي تتحرك خلف شقيقتها ....

+


هبطت أروى درجات السلم بحذر وتقدمت الى داخل صالة الجلوس الواسعة حيث نهض عريسها بسرعة يستقبلها ...

+


لم تنظر الى الضيوف حولها حيث تقدمت بخطوات خجولة ونظراتها انخفضت للأسفل تدريجيا عندما شعرت به يمسك كفها ما إن وصلت إليه ...

+


رفعت وجهها نحوه فرأته يمنحها إبتسامة جذابة ...

+


وسيما لدرجة مخيفة كما قالت نرمين ....

+


يشبه نجوم السينما ...

+


وتسائلت مجددا ...

+


مالذي أعجبه بها ..؟!

+


تجاهلت أفكارها وهي تراه يخرج خاتما ماسيا ويطلب منها أن تمد كفها فمدت كفها بطاعة ليضع الخاتم في بنصرها عندما منحها هذه المرة حلقته الفضية فإرتبكت بشدة وهي تحاول وضعها في إصبعه حتى كادت أن تسقط من يدها ...

+


تجهمت ملامحه وهو يسألها :-

+


" ما بالك ...؟! "

+


احتقنت ملامحها وهي تهمس :-

+


" آسفة ..."

+


ثم وأخيرا نجحت في وضعها داخل إصبعه ليبدأ الجميع مباركتهم من أقاربه وأقاربها ...

+


رأت والدته تتقدم نحوه وتحتضنه وكانت المرة الأولى التي تراها فيها ...

+


كانت سيدة جميلة وبدت أصغر من عمرها بكثير....

+


اتجهت بعدها نحو ومنحتها نظرة تقييمة قبل أن ترى الوجوم واضحا عليها فأدركت إنها لم تعجبها ...

+


" مبارك .. "

+


قالتها إنتصار بصوت مقتضب وهي تمنحها قبلة باردة على وجنتها ثم همست بإزدراء :-

+


" مبارك عليك ولدي الوحيد ..."

+


ارتبكت ملامح أروى التي بالكاد همست بخفوت :-

+


" شكرا ..."

+


تقدم بعدها أشرف والذي على عكس والدة ابنه بارك لها بمودة شديدة وفرحة صادقة وكذلك لولده ....

+



        
          

                
ثم بارك لها البقية تباعا وقد حضر جميع أقاربها من الجهتين بإستثناء عائلة عمها الكبير حسن حيث اعتذرت نجاة عن الحضور بسبب تعبها وشريف لديه عمل بينما صلاح ما زال خارج البلاد ...

+


نانسي فقط من أتت وذلك  يعود لقرابتها بنضال فهي ابنة عمه ...!

+


أخذت أروى مكانها جانب نضال الذي كان يجلس مكانه منتشيا يبتسم بثقة واضحة عكسها تماما حيث كادت تذوب من التوتر والخجل في مكانها ...!

+


***

+


اتجهت نجاة نحو شريف الذي يقف مجاورا للنافذة يحمل معه كوب من القهوة الساخنة يرتشفه بصمت عندما أخذت مكانها قريبا منه ليلتفت بسرعة نحوها بعدما شعر بها أخيرا ...

+


أشارت له ليجلس على الكرسي المقابل لها عندما أطاعها بصمت لتهتف بتروي :-

+


" اتصلت برحاب وباركت لها خطبة أروى وإعتذرت عن عدم مجيئي ..."

+


أضافت وهي تتراجع الى الخلف بجلستها :-

+


" أخبرتها إنك مشغول في عملك أيضا وإننا سنتواجد في حفل الزفاف بإذن الله ...."

+


أومأ برأسه مرددا بهدوء :-

+


" جيد .... "

+


تنهدت ثم قالت بتساؤل صريح :-

+


" لماذا لم  تذهب يا شريف ...؟!"

+


صمت لوهلة مفكرا في صياغة إجابة مناسبة ...

+


كيف يخبر والدته إنه لم يستطع الذهاب ...؟!

+


لم يرغب بالتواجد هناك وهو غير واثق من ردة فعل أروى ...

+


هل ستتقبل وجوده ...؟!

+


كان يعلم جيدا إنها أدركت شعوره بها في اليوم الذي غادرت به المشفى وهو بدوره لم يتواصل معها بعدها ولم يحدث أن إلتقيا أبدا...

+


منذ ذلك اليوم لم يرها وتفاجئ بخبر خطبتها لآخر ...

+


تفاجئ قليلا لكنه تمنى لها السعادة حقا ...

+


أروى فتاة جميلة وذكية وطيبة وتستحق كل خير ...

+


أحيانا يسأل نفسه ، لمَ لم يحبها ...؟! لمَ لم يفكر بها كزوجة لكنه يتراجع متوقفا عن سؤال غير منطقي ...

+


المشاعر لا يمكن التساؤل عنها ...

+


المشاعر ليست محل تساؤلات ولا تحمل جوابا شافيا مهما حاولت ولا مبررا منطقيا لها ...

+


أفاق من شروده على صوت والدته وهي تسأله بإبتسامة هادئة:-

+


" هل السؤال صعب لهذه الدرجة ...؟!"

+


تنهد ثم قال :-

+


" ليس كذلك ولكن ..."

+


قاطعته والدته بتساؤل جديد :-

+


" لماذا لم تفكر بها أبدا ..؟!"

+


ارتسمت الدهشة على ملامحه وتساؤل إذا ما كان لديها علم بمشاعرها بينما أضافت نجاة :-

+



        
          

                
" كانت تناسبك .. كثيرا ..."

+


تنهد ثم أجاب بصدق :-

+


" لم أفكر بها على هذا النحو أبدا... ولا تسأليني لماذا لإنني لا أعلم حقا ..."

+


" ربما لإن تفكيرك كله كان منحصر بغالية ..؟!"

+


قالتها نجاة بجدية ليهتف شريف بصدق :-

+


" لكنني توقفت عن التفكير بغالية منذ خطبتها للمرة الثانية بل منذ خطبتها الأولى ..."

+


سألته بحذر :-

+


" هل توقفت عن حبها ...؟!"

+


لاحت دهشة خفيفة على ملامحه عندما وجد نفسه للمرة الأولى يبوح بتردد :-

+


" لا أعلم ولكنني أبعدتها عن عقلي وقلبي ...."

+


" ليس كافيا ..."

+


قالتها نجاة بحزم وهي تضيف :-

+


" عليك أن تنساها تماما ... تنساها قولا وفعلا وإلا ستفشل في أن تحيا مع زوجة تحبها وتحبك ..."

+


" ولكنني لست عازفا عن الزواج بسببها ..."

+


قالها بجدية لتهتف نجاة بصدق :-

+


" يخيل لك ... أنت تعتقد ذلك ... تقنع نفسك بذلك... لكنك في الحقيقة ما زلت عاجزا عن محبة غيرها ..."

+


زفر أنفاسه بتمهل ثم قال :-

+


" غالية انتهت بالنسبة لي ... منذ زمن طويل ..."

+


هتفت والدته بجدية :- 

+


" نعم انتهت لإنك قررت ذلك والمشاعر لا تنتهي بقرار ..."

+


" ماذا تعنين ..؟!"

+


سألها بحيرة لتهتف بحكمة :-

+


" ما أعنيه أن تسمح لقلبك بأن يحب غيرها ... ألا تكتفي بنحيها جانبا والبحث عن زوجة مناسبة لك بينما ستبقى جميع النساء غير مناسبات في نظرك لإنك عند إتخاذ خطوة الزواج ستتراجع لا إراديا بعدما ترى نفسك غير مستعدا لها .. منذ فترة وقلت إنك ستتزوج ولكنك لم تفعل .. لماذا برأيك ..؟! ألم تجد الزوجة المناسبة حقا ..؟! أم إنك إتخدت من هذه الحجة فرصة للهرب من الزواج برمته وأقنعت نفسك بأن كل فتاة تمر أمامك لا تناسبك ... تقنع نفسك ومن حولك بينما الواقع إنك ما زلت تحب غالية حتى لو توقفت عن التفكير بها ..."

+


تنهدت وهي تضيف :-

+


" كما إن مشكلتك الأكبر تكمن في لوم نفسك ..."

+


تأملها بوجوم لتضيف بجدية :-

+


" أنت تلوم نفسك على خسارة غالية ... أنا أعلم ..."

+


تنهد قائلا بصدق :-

+


" لا أنكر إنني لمت نفسي مرارا ... فأنا من سافرت لأعوام دون أن أتخذ خطوة رسمية أو أصارحها بمشاعري على الإقل ... لا أعلم كيف كنت أفكر ولكنني حقا لم أعد ألوم نفسي ... غالية ليست نصيبي ... أنا إقتعنت بذلك وتقبلته ..."

+



        
          

                
" لكن قلبك لم يقتنع ..."

+


قالتها نجاة بثبات لينهض من مكانه متجها نحو النافذة مرددا بضيق مكتوم :-

+


" ربما .. "

+


" وما الحل برأيك ..؟!"

+


سألته بجدية ليلتفت نحوها بتساؤل سطع من عينيه فتجيب سؤالها بحكمة :-

+


" الحل هو أن تمنح الفرصة لقلبك ليحب أخرى غيرها ... ألا تقف مكتوف الأيدي تنتظر أن تأتي من تخطف قلبك بينما تعرض أنت عن محاولة التقرب بشكل جدي من أي أنثى في محيطك ..."

+


تنهدت ثم أضافت بحسرة خفية :-

+


" ليتك حاولت التقرب من أروى ... كانت تناسبك .. ابنة عمك وطبيبة مثلك ولا ينقصها شيء .."

+


وجمت ملامحه فأضافت بحرص :-

+


" ولكن لا بأس .. هي ليست نصيبك ... ليوفقها الله مع نصيبها ولكن أنت عليك أن تقتنع بكلامي ..."

+


" حسنا ... لا أنكر إن كلامك صحيح .. إنني أخطأت لأنني لم أحاول التعرف على إحداهن عن قرب ... "

+


" جيد إنك اعترفت بهذا ..."

+


أضافت مبتسمة بحنو أمومي بحت :-

+


" أريد أن أفرح بك وبأولادك يا شريف ..."

+


تنهد بصمت ثم قال مبتسما بجدية :-

+


" بإذن الله يا أمي ..."

+


توقفا عن الحديث وهما يريان نانسي تتقدم الى الداخل وقد وصلت من الخطبة أخيرا ..

+


" مساء الخير ..."

+


قالتها بإبتسامتها الودودة لترحب نجاة بها وكذلك شريف عندما أخذت مكانها قربهم وقالت :-

+


" الخطبة كانت رائعة ..."

+


هتفت نجاة مبتسمة بصدق :-

+


" مبارك عليكم وعلينا ... نسب جديد يجمع بين العائلتين ..."

+


ابتسمت نانسي بصمت قبل أن تسأل عن الطفلين لتهتف نجاة بجدية :-

+


" ناما مبكرا بعدما تناولا الحليب ..."

+


قالت نانسي وهي تنهض من مكانها :-

+


" سأذهب لأتفقدهما ..."

+


اتجهت بعدها تتابعها نجاة بعينيها عندما همست بحسرة ما إن غادرت المكان :-

+


" وهذه المسكينة ... ما زالت شابة صغيرة لم تلحق أن تفرح بزواجها بسبب شقيقك ... "

+


هتف شريف بوجوم :-

+


" نانسي لا تستحق صلاح للأسف ..."

+


قالت نجاة بصبر :-

+


" عسى أن يهديه الله ويعود الى رشده ... والله حرام ... لديه زوجة جميلة كنانسي وطفلين رائعين ... أحمق عديم الإحساس والنظر أيضا ...."

+


ابتسم شريف لا إراديا على حديث والدته قبلما يهتف بصدق :-

+


" إدعي له أن يهديه الله ولا تتوقفي عن هذا الدعاء ..."

+



        
          

                
رفعت نجاة كفيها نحو الأعلى بدعاء عندما أتت بعد لحظات الخادمة وهي تهتف بجدية :-

+


" نجاة هانم .. شريف بك .. صلاح بك في الأسفل ...."

+


***

+


اطمأنت على طفليها قبل أن تتحرك مغادرة غرفتهما الصغيرة والتي تمثل جناحا تابعا لغرفتها فتلقي على نفسها نظرة في المرآة تتأمل جمالها المبهر كما أخبرتها حياة وشقيقتها هايدي أيضا ولم يغب عنها نظرات هايدي التي تحمل نفس المعنى المبطن ...

+


تنهدت بصمت وهي تتحرك خارج غرفتها متجهة حيث تجلس حماتها وشريف مقررة أن ترتشف مشروبا ساخنا وتتحدث قليلا مع حماتها وتخبرها عن الخطبة وتفاصيلها قبل خلودها الى النوم ...

+


كانت تحب الجلوس مع حماتها وتبادل الأحاديث وعكس ما كانت تتوقعه  كانت نجاة إمرأة حكيمة للغاية وأحاديثها ممتعة ...

+


لم تكن تعرفها مسبقا فقط كانت تراها مرات قليلة جدا في المناسبات العامة فعلاقة والدتها كانت متينة مع رحاب زوجة العم بينما كانت رسمية للغاية مع نجاة وهي بدورها لم ترها سوى مرات معدودة قبل زواجها من صلاح والغريب إنها كانت تهابها فنجاة تمتلك شخصية مهيبة حازمة وصارمة للغاية وكان هذا واضحا عليها وأكدته رحاب في حديثها عنها بعض الأحيان ولكن بعد معاشرتها لها أدركت إنها بقدر ما تحمل من صرامة وحزم بقدر ما تحمل من حنان ولطف نالت هي منه الكثير فباتت تمثل لها الكثير بل تعلقت بها خلال الفترة القصيرة التي قضتها معها في منزلها وقد منت عليها بدعمها وحنانها كما فعلت مع طفليها ...!

+


غادرت الغرفة متجهة الى صالة الجلوس حيث تجلس حماتها لتتفاجئ بالخادمة أمامها وقد بدت متوترة الملامح بشكل جعلها تتسائل:-

+


" ماذا هناك يا ضحى ...؟!"

+


تمتمت الخادمة بارتباك :-

+


" السيد صلاح عاد .."

+


اتسعت عيناها كليا غير مصدقة ما سمعته فنطقت بعدم تصديق :-

+


" حقا ..."

+


هزت ضحى رأسها والقلق ما زال يشع من عينيها فشعرت نانسي بوجود شيء ما من نظراتها لتسألها بحذر :-

+


" ماذا هناك يا ضحى ..؟! هل صلاح به شيء ...؟!"

+


هزت ضحى رأسها نفيا بسرعة قبل أن تجيب هامسة :-

+


" معه فتاة .. يقول إنها زوجته ..."

+


وهنا جحظت عينا نانسي تماما للحظات قبل أن تندفع بسرعة لتتأكد مما سمعته ...

+


***

+


اندفعت نانسي الى الطابق السفلي لتجد كلا من نجاة وشريف يقفان مواجهين لصلاح وفتاة فاتنة تجاوره يوليانها ظهرها عندما ارتفعت عينا صلاح نحو درجات السلم الذي وقفت هي أعلاه لترى الأسف فيهما ..

+


تحركت تهبط درجات السلم وصوت كعب حذائها يصدح في المكان عندما التفت شريف نحوها يتأملها بأسف بينما ماذي تجاور صلاح متأبطة ذراعه بعدما فجرت قنبلتها مخبرة شريف ونجاة إنها زوجة صلاح بينما بقي صلاح ملتزما الصمت ولم يتفوه بحرف واحد منذ لحظة رؤيته لوالدته وشقيقه ...

+



        
          

                
تقدمت نانسي نحوهم وأخذت موقعها بجانب شريف عندما قالت ماذي وهي تنظر الى نانسي بإعجاب ومرح مصطنع :-

+


" ولديك شقيقة أيضا ... إنها جميلة للغاية ...."

+


ثم ابتلعت باقي حديثها وهي تلمح نظرات نجاة الصارمة نحوها والتي نطقت أخيرا بصوت جامد صارم :-

+


" ماذا يحدث يا صلاح ...؟! من هذه الفتاة ..؟!"

+


هتفت ماذي تجيب :-

+


" أخبرتك منذ لحظات .. أنا زوجته ..."

+


صاحت نجاة بولدها:-

+


" أنا أتحدث معك ... لماذا لا تجيب ...؟!"

+


كانت نانسي تتابع الموقف بملامح سيطر الجمود عليها ...

+


جمود يخفي وراءه غضب مخيف وقهر أكبر ...

+


نطق صلاح أخيرا :-

+


" كما قالت ... إنها زوجتي ...."

+


صاح شريف وقد استوعب الصدمة أخيرا :-

+


" أنت جننت .. حتما جننت ...."

+


هتفت ماذي مصطنعة الخجل :-

+


" حسنا .. انا أعتذر ... بالأحرى نحن نعتذر ... كان لا بد أن نخبركم ولكن ..."

+


قاطعتها نجاة بحزم :-

+


" اخرسي أنت ..."

+


ابتلعت ماذي بقية حديثها وقد كتمت كلمة بذيئة كانت ستخرج منها مرغمة بينما أضافت نجاة مشيرة لولدها :-

+


" من أين أتيت بها ...؟! تحدث ...."

+


هتف صلاح بتلعثم :-

+


" سأخبركم بكل شيء ... امنحوني فرصة للتفسير ...."

+


أضاف برجاء :-

+


" الأمر ليس كما تظنون .. أقسم لكم ... "

+


هزت نانسي رأسها برفض بينما هتفت نجاة وهي تضع كفها فوق رأسها :-

+


" حسبي الله ونعم الوكيل ... ماذا أفعل بك ..؟! هل أدعي عليك ..؟! أدعي على ولدي ...."

+


" أرجوكِ اسمعينا أولا ..."

+


قالتها ماذي بتوسل متصنع قبل أن تسبل رموشها وهي تضيف بنبرة حزينة :-

+


" لا تلومي صلاح ... لو تعرفي ما فعله معي ستشكرينه حتما ..."

+


تطلع صلاح نحوها هامسا بوجوم خائفا مما ستتفوه به :-

+


" اصمتي أنتِ ..."

+


لكنها تجاهلته وهي تهتف بوداعة :-

+


" صلاح ساعدني .. أنقذني بزواجه مني ...."

+


نطق شريف وقد بدا على وشك الإنفجار من شدة غضبه في تلك اللحظة :-

+


" هل تستوعبين ما تقولينه ...؟! شقيقي المبجل غائب منذ أكثر من عام عنا والآن يعود معك ... متزوج منك دون علمنا وأنت تقولين إنه ساعدك وأنقذك ... "

+



        
          

                
تأملته ماذي بأسف مقصود بينما أخذت تقيمه بعينيها وقد أعجبها بوسامته الرجولية الجذابة ....

+


" أنا لا يمكنني التحمل أكثر .. عن أذنكم ..."

+


قالتها نانسي وهي تهم بالتحرك عندما قالت ماذي بسرعة ورجاء :-

+


" من فضلك انتظري .. اسمعينا اولا ..."

+


التقت نانسي نحوها تصيح :-

+


" ماذا سأسمع ...؟! "

+


أكملت وهي تتقدم نحوها :-

+


" أنت حقا لا تعرفين من أكون ..؟!"

+


تأملتها ماذي بصمت عندما نظرت نانسي الى صلاح تهدر به من بين أسنانها :-

+


" عرفها عليَّ ... "

+


وقف صلاح صامتا غير قادرا على الحديث عندما كررت بصوت حازم :-

+


" هيا .. ماذا تنتظر ..؟!"

+


هتف صلاح بصوت خافت :-

+


" إنها نانسي ... زوجتي ... "

+


" زوجتك ..."

+


هتفت بها ماذي مصدومة بينما أكملت نانسي وهي تبتسم بتهكم :-

+


" زوجته وأم طفليه ..."

+


ثم سارعت تنظر إليه مجددا لتهتف بنظرات مليئة بالنفور والإزدراء :-

+


" ماذا كنت سأنتظر منك ...؟! أساسا هذا قليل جدا ... "

+


منحته نظرة مليئة بالقرف قبل أن تتحرك متجهة الى الطابق السفلي يتبعها صلاح بعينيه بأسف ما زال يسيطر عليه عندما سمع ماذي تهتف بعدم استيعاب :-

+


" أنت متزوج ... ولديك أطفال ..."

+


التقت نحوها يهدر من بين أسنانه :-

+


" إخرسي الآن ..."

+


هتفت ماذي مشيرة الى نجاة وشريف مقررة تبرئة نفسها :-

+


" أنا لم أكن أعرف بذلك ... والله لم أكن أعرف ..."

+


" قلت اخرسي ..."

+


صاح بها صلاح بغضب تمكن منه عندما مدت نجاة كفها تستند على شريف تخبره بإرهاق تمكن :-

+


" شريف ... سأفقد وعيي ..."

+


" أمي .. هل أنت بخير ...؟! بمَ تشعرين ...؟!"

+


وقبل أن ينهي حديثه كانت نجاة تفقد وعيها بين ذراعيه ...

+


***

+


اندفعت نانسي الى غرفتها بملامح غاضبة وجسد يرتجف من شدة العصبية ...

+


وقفت في منتصف الغرفة تعقد ذراعيها أمام صدرها بوجه متشنج بينما تجاهد مع نفسها كي لا تبكي ...

+


لا تصدق كم بلغ من الدناءة والوضاعة ...

+


كانت تنتظره طوال هذه المدة على أمل أن يعود الى صوابه وآخر ما توقعته أن يعود وهو متزوج بأخرى ...!

+



        
          

                
تحركت بإنفعال شديد نحو الخزانة تسحب حقيبة متوسطة الحجم تضع بها ملابسها بعشوائية قبل أن تتوقف لوهلة بأنفاس مقطوعة تتأمل ملابسها المنثورة أمامها بتحفز يتبعه اندفاعها نحو غرفة ولديها حيث اتجهت تفتح الأضواء وتوقظ مربيتهما التي أخذت تفرك عينيها بعدم استيعاب عندما هدرت نانسي وهي تجاهد لكتم عبراتها :-

+


" جهزي كريم وكاميليا وأغراضهما ... سنغادر حالا ...."

+


" ماذا يحدث يا نانسي هانم ...؟!"

+


قالتها المربية وهي تنهض من مكانها بعدما استفاقت بينما بدأ الطفلان يستيقظان عندما صاحت بعصبية :-

+


" لا وقت للتفسير .... جهزي حقيبة تحوي أغراضهما الأساسية بسرعة ... "

+


ثم تحركت خارج الغرفة متجاهلة بكاء كريم الذي استيقظ فزعا لتقف مكانها بوجه محتقن لوهلة قبل أن تندفع الى الحمام الملحق بغرفتها وتطلق لدموعها العنان فتنهار باكية بنحيب مؤلم ...

+


***

+


بعد أقل من عشر دقائق ...

+


تحركت نانسي بسرعة تغسل وجهها بالمياه متجاهلة زينة وجهها التي تدمرت كليا قبل أن تجففه سريعا وتتحرك خارج المكان تنادي على المربية التي تقدمت وهي تحمل كريم بينما تتبعها الخادمة وهي تحمل كاميليا بعدما طلبتها المربية ...

+


أشارت نانسي اليهما :-

+


" انتظراني قليلا ... فقط سأجمع ما تبقى من أغراض أحتاجها ...."

+


ثم تحركت تضع البقية مما تحتاجه قبل أن تغلق الحقيبة ثم تحملها وتتجه نحو الحقيبة التي تحوي اغراض الطفلين وتحملها بدورها متجاهلة ثقل الحقيبتين ...

+


تحركت خارج الغرفة لتجد صلاح يتقدم نحوها قبل أن يتجمد كليا وعيناه تلتقطان طفليه ...

+


كريم بملامحه الذابلة بسبب بكاءه وكاميليا بملامح ما زال يسيطر النعاس عليها ...

+


رمقته نانسي بنظرات حادة أجفلته لا إراديا قبل أن تهدر به :-

+


" ماذا تريد ...؟!"

+


" نانسي من فضلك ..."

+


قالها بتردد عندما التفتت نانسي نحو المربية والخادمة تهتف بهما :-

+


" عودا الى الداخل ..."

+


تحركتا كلتاهما بطاعة بينما تقدمت هي بخطوات متحفزة نحوه تهتف بغضب :-

+


" ماذا تريد يا صلاح ..؟! سأغادر وأترك لك كل شيء ...."

+


هتف برجاء والذعر يسيطر عليها :-

+


" من فضلك يا نانسي ... هذا ليس الوقت المناسب أبدا .. والدتي ليست بخير ... فقدت وعيها وربما ..."

+


قاطعته تتسائل بقلق :-

+


" ماذا ..؟! هل هي بخير ..؟!"

+


هتف بتلعثم :-

+



        
          

                
" لا أعلم .. في غرفتها مع شريف ..."

+


لم تنتظر نانسي سماع المزيد بل ركضت مباشرة الى غرفتها ليتبعها هو بقلب خافق عندما توقف مكانه خارج الغرفة رافضا الدخول إليها والخوف ينهش روحه دون رحمة ...

+


يؤنب نفسه مرارا ويخشى أن يخسر والدته بسبب تصرفه الأحمق ...

+


خرجت نانسي بعد لحظات ليسألها صلاح بصوت مرتعب :-

+


" كيف حالها يا نانسي ...؟!"

+


أخذت نانسي نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" أفضل قليلا ... شريف تصرف ....."

+


تقدم شريف منهما تاركا الخادمة معها لتهتف نانسي :-

+


" لن تحتاج الذهاب الى المشفى ، أليس كذلك ..؟!"

+


" حاليا لا ... لكن ربما نحتاج الى ذلك في أي لحظة ..."

+


قالها بصوت متثاقل عندما قالت نانسي بجدية :-

+


" ستكون بخير .. الخالة نجاة قوية وستتجاوز هذه الأزمة بخير ..."

+


" باذن الله ..."

+


قالها شريف بخفوت بينما يرمق صلاح بنظرات مغلفة بالتأنيب عندما أخفض صلاح ناظريه مرددا بخجل وعذاب ضمير :-

+


" أنا حقا آسف .. لم أقصد ما حدث... "

+


تجاهله شريف موجها حديثه الى نانسي :-

+


" أعلم إن ما حدث كان صعبا يا نانسي وربما تفكرين في ترك المنزل ولكن ..."

+


قاطعته نانسي تمنعه من الإستمرار :-

+


" كل شيء مؤجل الآن حتى نطمئن على الخالة نجاة ..."

+


ابتسم شريف بإمتنان بينما قالت نانسي بجدية :-

+


" سأغير ملابسي سريعا ثم أطمئن على كريم وكاميليا وأعود على الفور ... سأبقى الليلة جانبها ..."

+


" لا داعي أن تتعبي نفسك ... أنا موجود ..."

+


قالها شريف بجدية لكنها هتفت بإصرار :-

+


" من فضلك يا شريف .. لا تتعامل معي وكأنني غريبة.. الخالة نجاة في مقام والدتي وأنا أقوم بواجبي فقط والذي لا يساوي شيئا أمام ما قدمته لي ... امنحني ربع ساعة أغير ملابسي وأطمئن على الأولاد ثم أعود ..."

+


ثم تحركت سريعا يتابعها شريف بعينيه قبل أن ينظر نحو شقيقه مرددا بجدية :-

+


"آسفي عليها .. فتاة مثلها لا تستحق أن تكون مع شخص مثلك أبدا..."

+


" شريف ارجوك ..."

+


قالها صلاح بصوت متعب ورغبة عارمة في البكاء سيطرت عليه بينما لم يؤثر ذلك على شريف الذي هدر بحزم :-

+


" لا أريد رؤيتك هنا ... أمك لا تحتاج لمن يثير أعصابها ... اذهب من هنا .. "

+


أنهى حديثه وتحرك عائدا الى غرفة والدته تاركا صلاح يتأمل الفراغ الذي خلفه بملامح محبطة ...

+



        
          

                
***

+


عاد كرم الى شقته ...

+


اتجه نحو الحمام حيث إستحم ثم ارتدى ملابس بيتية مريحة واتجه نحو سريره حيث فتح هاتفه بحماس ثم أخذ يرى صورها التي أرسلتها له من حفلة البارحة ...

+


ابتسم لا إراديا وعيناه تتأملان جمالها المبهر بذلك الفستان الفضي الذي يقارب بلونه لون عينيها ....

+


فاتنة بشكل مهلك ...

+


جميلة كما لم ير طوال حياته ...

+


سارع يرسل لها رسالة صوتية :-

+


" مبهرة كعادتك ... جميلة لدرجة مهلكة ... وما زلت أتسائل ، كم أنا محظوظ لإنك ستكونين من نصيبي ..."

+


وفي جناحها كانت هالة تستمع الى رسالته بعينين دامعتين ....

+


أعصابها مشحونة ...

+


مشاعرها مضطربة بشدة ...

+


خائفة .... مترددة ... حانقة ...

+


كيف ستتخلص من هذا الوضع ..؟!

+


كيف ستتحرر من هذه الفوضى المحيطة بها ...؟!

+


هي أخطأت ...

+


نعم فعلت ...

+


لم يكن عليها أن تفعل ذلك ...

+


كان عليها أن تتنازل وتخبر أثير بكل شيء ...

+


لكنها رفضت ... نصرت كبريائها وغادرته لأسباب بقيت من وجهة نظره تافهة وبقي هو معلقا بها غير مدركا لحقائق تعمدت هي إخفائها عنه ...

+


تساقطت دموعها بغزارة ...

+


كان من المفترض أن تكون سعيدة بل في أوج سعادتها فقريبا سترتبط رسميا بكرم .. كرم الذي تحبه وتريده ...!

+


لكن كل شيء تغير ...

+


هي الآن تعيسة ...

+


تعيسة بحق ...

+


تعيش أتعس أيامها ...

+


كيف تغير الحال فجأة وبهذه الصورة ..؟!

+


كيف بات عالمها معتما هكذا ...؟!

+


ألا يحق لها أن تحيا بسعادة مع الشخص الذي تريده ..؟؟

+


هل سيبقى أثير خلفها ...؟؟

+


يلاحقها حتى يدمر كل شيء ..؟!

+


ينتقم منها ...؟!

+


اعتدلت في جلستها وملامحها الباكية انعكست في مرآتها ....

+


احتدت ملامحها ونظرات عيناها اسودتا فجأة ...

+


رماد عينيها بات لهيبا مشتعلا يهدد بحرق كل من يمسها بسوء ...

+


لن تصمت ... لن تسمح له بأن يهدم أحلامها ويدمر حياتها ....

+


انتفضت من مكانها وجذبت سترة خفيفة ارتدتها فوق ملابسها البسيطة ..

+


تحركت مغادرة الجناح بل القصر بأكمله بعينين مظلمتين ....

+


قادت سيارتها بملامح متحفزة وتحامل ...!

+



        
          

                
توقفت بها قرب قصره ....

+


حملت هاتفها مقررة أن تتصل به ...

+


مكالمة ... اثنتان ... ثلاثة ...

+


أجابها أخيرا لتخبره دون مقدمات :-

+


" أنا في الخارج ... أنتظرك في سيارتي ..."

+


ثم أغلقت الهاتف في وجهه دون أن تنتظر جوابا ...!

+


بعد حوالي عشر دقائق من الإنتظار وصل أخيرا ...

+


فتح الباب وأخذ مكانه جانبها ...

+


تسائل وهو ينظر أمامه :-

+


" ماذا تريدين ..؟!"

+


" من المفترض أن أوجه أنا هذا السؤال لك ...!!"

+


قالتها ثم التفتت نحوه تضيف بوجه جامد ونبرة باردة لا حياة فيها :-

+


" ماذا تريد مني يا آثير ...؟!"

+


استدار بوجهه نحوه وتلاقت عينيه الجامدتين بوهج عينيها القاتمتين ...

+


تفحصها بنظراته بينما هي تناظره بنفس الجمود والملامح الصامدة حتى قال بصوت محتقن :-

+


" أريدك يا هالة .... "

+


ضحكت بخفة ....

+


صريح ولا يجيد المراوغة ... بل لا يحبها ....

+


عادت بأنظارها الى الأمام تتأمل الشارع المظلم بإضائته الخفيفة بصمت ويدها ما زالت تمسك بمقود سيارتها ...

+


همست دون أن تنظر نحوه :-

+


" وإذا رفضت ...."

+


تجاهل حديثها ....

+


أخرج علبة سجائره من جيبه وسحب منها سيجارة وأشعلها داخل فمه ...

+


نفث دخان سيجارته عاليا قبل أن يقول بعنجهية :-

+


" تعلمين إنني يمكنني نيلك حتى لو غصبا عنك .... ولكنني لا أريد ذلك ..."

+


" لا تريد إجباري...!"

+


قالتها ببرود وهي تلتفت نحوه تخبره بصلابة :-

+


" أنت لن تنالني برضاي بكل الأحوال ...."

+


" لا أحد يعلم ما يحمله المستقبل ..."

+


قالها بملامح غامضة ونبرة لا تقل غموضا لتهمس بصوت تحشرج قليلا :-

+


" أنت لن تؤذي كرم ... هو لا ذنب له بما كان بيننا ..."

+


" عندما يتعلق الأمر بمصلحتي وما أريده فليذهب الجميع الى الجحيم ..."

+


قالها بتسلط جعلها ترغب في قتله في تلك اللحظة ...

+


منحته نظرة قوية وقاسية قبل أن تشغل سيارتها وتدير مقوده متحركة الى الأمام مرددة ببساطة :-

+


" نحتاج الى الإبتعاد عن هنا ..."

+


هتف بسخرية لاذعة :-

+


" هل تريدين خطفي ....؟!"

+



        
          

                
منحته نظرة عابرة وهي تخبره ببساطة :-

+


" أنا خطفتك منذ سنوات ... أم نسيت ...؟!"

+


أظلمت عيناه بقوة وذكريات الماضي تضرب رأسه ...

+


هناك حيث البداية ...

+


عشقها الذي احتله دون رحمة ...

+


عشق جامح متملك لا أمل من النجاة منه ...

+


" أنا عشقتك .... "

+


قالها بصوت جامد لتهمس بنفس الجمود :-

+


" أعلم ..."

+


" لم تستحقِ عشقي أبدا ..."

+


قالها بنفس النبرة والعتمة طغت على ملامحه عندما هتفت وهي ترسم إبتسامة يائسة على شفتيها :-

+


" ربما ... "

+


" اتخذت من عشقي لك وسيلة ترضي بها غرورك ... بينما كنت صادقا معكِ في كل شيء أنتِ كنت تكذبين .... "

+


أكمل والحقد يشع من عينيه :-

+


" كنت تعبثين بمشاعري ... وتركتني ببساطة متناسية من أكون وما يمكنني فعله بك ...."

+


" وها أنا أيقنت إنك تستطيع فعل الكثير .." 

+


هتفت بها بمرارة ليهمس بصوت قاتم :-

+


" ألم تدركي ذلك من البداية ...؟!"

+


همست بخفوت :-

+


" لم أتوقع يوما أن تؤذي أشخاصا بلا ذنب .... "

+


ملأت العبرات عينيها وهي تضيف بضعف لحظي :-

+


" أنا من أستحق الأذى وليس هو .... "

+


" اتركيه إذا ..."

+


قالها ببساطة وهو يضيف ساخرا :-

+


" ولكنكِ أنانية ... ترفضين تركه .... رغم إدراكك بمدى الخطر المحيط به طالما أنتِ معه ...."

+


أخذت نفسا عميقا ثم اتجهت بسيارتها نحو أحد الشوارع الفرعية حيث ركنت سيارتها بها واستدارت نحوه أخيرا تتأمله بصمت امتد لدقيقتين قبل أن تهتف :-

+


" أنانية أنا ..."

+


" كثيرا ..."

+


قالها بصدق ليجدها تبتسم ببرود وهي تضيف :-

+


" وماذا أيضا ...؟!"

+


" أنانية لا تفكرين سوى بنفسك ومصلحتك ... استغلالية ... متكبرة ... وغير آهلة للثقة ... "

+


أخذ نفسا عميقا والغضب ينهش روحه ...

+


غضب مدجج بعشق سام بات يخنق صدره ...

+


صرخ بها وعيناه تحملان غضب ومرارة متعلقة بماضي ما زال حيا داخله رغم مرور السنوات :-

+


" أنا أحببتك .. منحتك قلبي ... هل تدركين معنى هذا ...؟! أنت كنتِ حبي الأول ... كنتِ أول واحدة في قلبي وحياتي ... الوحيدة من فتحت لها أبواب قلبي المغلقة لسنوات .. الوحيدة من آمنت بحبي لها .. أنت كنتِ كل شيء .. كيف فعلت هذا بي ...؟! كيف تخليت عني بهذه السهولة ...؟! لماذا ...؟! أخبريني ...."

+


أغمضت عينيها بقوة تكتم عبرات ملأتهما ....

+


ثواني وفتحتها مجددا ثم استدارت نحوه تهمس بصعوبة :-

+


" عاهدت نفسي أن أخفي هذا السر داخلي حتى آخر عمري .... ألا يعلم أحدا بما حدث .... "

+


تحشرجت نبرتها وهي تضيف :-

+


" ألا أقلل من نفسي أمامك أنت وغيرك ... ألا أهين كبريائي مهما حدث ... "

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" ليت كل العهود تستمر للأبد ..."

+


ارتسمت ابتسامة خيبة على شفتيها بينما تتأمل وجوم ملامحه الغير مدركة لما يحدث فتهمس بصوت مليء بالألم والمرارة :-

+


" أنا لم أتركك دون سبب وجيه ... أنا تركتك بسبب والديك .... بعدما أخبرتني والدتك برفضها الصريح لي ورفض والدك كذلك وبعدما هددتني إنها ستفشي بسر علاقتنا لعمي عابد وراغب بل والعائلة كلها ... "

+


ارتجفت شفتيها وهي تضيف وكل كلمة تخرج منها تطعن كبريائها بل تلقي به في القاع :-

+


" هددتني بصور وفيديوهات لنا سويا عندما كنا نلتقي سرا ... أخبرتني إنني لا أليق بك ... والدي رجل بسيط ... أنت تستحق فتاة من نفس مستواك .. تستحق أن تتزوج ممن تليق بك ..."

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت :-

+


" عقدت اتفاقا معي ... هي تصمت ولا تخبر أحدا بشأن علاقتنا وأنا في المقابل أتركك ... وحدث ما أرادت ... وتركتك ......"

+


توقفت لوهلة تتأمل الصدمة الظاهرة في عينيه ...

+


صدمة شديدة ...

+


ملامحه كلها مصدومة ...

+


عقله يحاول أن يستوعب ما يسمعه ...

+


لم يخطر على باله شيء كهذا ..؟!

+


كيف سيخطر على باله ذلك وهو لا يعلم من الأساس بمعرفة والدته بعلاقتهما .... ؟!

+


سقطت دموعها بغزارة وهي تهمس بصوت باكي :-

+


" هل إرتحت الآن ...؟! هل تشعر بالراحة بعدما وجدت سببا منطقيا لتركي لك ...؟! ها أنا صارحتك بكل شيء ... تنازلت عن كبريائي الذي أهانته والدتك مرة وأهنته أمامك مجددا فقط كي تتوقف عما تفعله .... فقط كي ترتاح وتريحني ...."

+


أخذت نفسا عميقا ثم قالت بعدما مسحت دموعها بعنف :-

+


" لكن كلا يا أثير ... لا أنت ولا عشرة مثلك يمكنهم أن يفعلوا بي ذلك ... لا أحد يمكنه أن يقلل مني ومن كبريائي ... لا أحد يمكنه أن يهين والدي ... "

+


" هالة ...."

+


همس بها بصوت مبحوح تجاهلته وهي تخبره :-

+


" لم يعد لدي ما أقوله .. قلت كل ما أحتاج قوله ... سأعيدك الى القصر ..."

+


ثم شغلت سيارتها وحركتها بمشاعر ثائرة ...

+


غضب ، حزن وخوف ورفض ...

+


عقلها يرفض ما فعلته ..

+


ليس سهلا عليها أن تكشف الحقيقة أمامه..

+


الحقيقة التي تهينها ..

+


ألا يكفي إنها تعرضت للإهانة بسبب والديه مسبقا ...؟!

+


إهانة لم تستطع تخطيها حتى اليوم ...

+


وبينما هي غارقة في أفكارها والعبرات تغشي دموعها سمعت صوت صرخته بإسمها ورأت سيارة على وشك أن تصطدم بسيارتها بينما يد أثير تسارع وتدفعها بعيدا عن المقود محاولا هو السيطرة على السيارة عله يستطيع النجاة بها من اصطدام على وشك أن يحدث ...


+


انتهى الفصل

+



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close