اخر الروايات

رواية خيوط القدر الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة المصري

رواية خيوط القدر الفصل الحادي عشر 11 بقلم سارة المصري


فصل الحادى عشر
راقيها من النافذة الزجاجية لغرفة العناية المركزة بقلب ممزق وعينين دامعتين ، يستعرض كل مامرا به وكل لحظاتهما سويا ، لم يتخيل ولو للحظة ان يراها هكذا اقرب للموت من الحياة وهو عاجز عن صنع اى شىء لها ، شعر بيد تربت على كتفه فاستدار ليجد ادهم والحزن يكسو وجهه بدوره ،سأله فى ألم ” اخبارها ايه ”
تنهد عمر وهو يكتم دموعه ” زى ماهيا . ... مسألة وقت و..“ خفض رأسه مع سقوط دمعة من عينيه وهو يضيف ” واضح انى خلاص هخسرها هيا كمان زى ماخسرت أختى ”
أمسك ادهم بكتفيه وقال فى صرامة ” انت ليه يائس ومستسلم كدة ..خلى عندك امل فى رحمة ربنا لآخر لحظة ..حبيبتك جوة لسة عايشة مخسرتهاش وندى مماتش يا عمر ..ندى عايشة لازم تعرف ده كويس ”
نظر عمر الى ادهم وقال فى عطف فهو يعرف كم العذاب الذى يعانيه ولكن عليه ان يتقبل الحقيقة التى أصبح هو وحده من يرفضها ” ادهم ندى ماتت ..لازم تعرف ده وتفوق من الوهم اللى انت بقالك سنة بحالها عايش فيه ”
شدد ادهم من قبضته على كتفيه وهو يقول ” لا مماتش انت فاهم ”
تنفس عمر فى عمق وواصل فى محاولة لاقناعه ” ندى دى تبقى اختى يا ادهم على فكرة واغلى مخلوقة على قلبى بس لازم نسلم كلنا بالحقيقة ..مش كل شوية نشعبط نفسنا بشعرة ونرجع نعيش حزننا ووجعنا عليها من تانى ...كل الادلة بتقول انها ماتت ”
دفعه ادهم وقال فى حدة ” والدليل الوحيد على موتها بالنسبالى مش موجود ..جثتها فين يا عمر ؟؟“
تامله عمر فى حزن بالغ وقال فى الم يحيا به ” متخليش حبك ليها يعيشك فى وهم يا ادهم ”
قال ادهم وهو يحدق بعمر ” حبى ليها هوا اللى بيدلنى على الحقيقة يا عمر ...احساسى بندى عمره ماخاب ابدا ..انا مؤمن بارادة ربنا وصدقنى لو ماتت كنت هسلم بقدره بس ندى مماتش يا عمر مماتش ..وهفضل ادور عليها لحد مالاقيها او اموت انا ”
نظر له عمر فى يأس ونظر الى ياسمين التى غابت عن العالم واعاد النظر الى ادهم من جديد وكأن كل منهما يسأل الاخر سؤال صامت ، مالذى حدث لنا ؟؟، شرد كل منهما فى عالمه الخاص يتذكران كل مامربهما وكل ما خسراه فى الطريق ، خسارة كل منهما كانت فادحة فهناك حلم قد انتهى وحلم آخر يلفظ انفاسه الاخيرة بعد ان كاد يخطو اول خطواته ويتحول لواقع ملموس .(ياريت محدش يتلخبط احنا نطينا بالاحداث قدام وهنرجع تانى فلاش باك )
***************************************************************************
مر شهر على وفاة والدة ادهم والحياة بدأت تسير بشكل طبيعى اكثر لديه ، لم تفارقه ندى طيلة هذه الفترة ، حاولت ان تعوض جزءا من شعورها بالذنب ، وجزءا مما فعله معها بعد وفاة ابيها ، عاد ادهم الى حالته الطبيعية وبدات ندى تفكر جديا فى انهاء كل شىء بينهما وتنفيذ ما عزمت عليه من قبل وفاة والدته .
خرجت معه ومع عمر فى هذا اليوم محاولة اخراجه من حزنه بناء على رغبة عمر ، تبادلو كعادتهم احاديثهم عن ذكريات الماضى والعمل وكل شىء ورأت بعينيها ابتسامة ادهم من جديد وعادت روحه المرحة وان شابها بعض الحزن الذى يحاول ان يتجاوزه ويتخطاه ، نظر ادهم الى عمر الذى شرد قليلا عن الحوار وأشار برأسه لندى اليه فلوحت ندى بيدها امامه قائلة ” هيييه ...رحت فين يا عمنا ”
رد ادهم نيابة عنه ” اكيد معاها ”
سألت ندى فى لهفة ” مين دى ها ..مين مين ”
بسط ادهم كفيه امامه وقال ” ياسمين ” ونظر الى عمر قائلا بابتسامة عابثة ” مش اسمها ياسمين برضه ” ، قطب عمر حاجبيه لادهم ليصمت الا ان ادهم لم ينتبه له ، فسألت ندى ” لا افيدونى بجد ..ياسمين مين ؟؟“
وفتحت ثغرها للحظات قبل ان تضرب جبينها بكفها قائلة ” افتكرت ..اوعى تقولى البت اللى رخمت عليه اول ماراح المستشقى ”
ضحك ادهم قائلا ” ايه ده هوا هو انتى لسة عند مرحلة الرخامة ده الموضوع اتطور ..وحصل افلام بعدها ..اخوكى وقع باين عليه ..مش شايفة قاعد ازاى ..بس هيا شكلها مش معبراه ”
هزت ندى كتفها فى مزاح وقالت ” هيا مين دى ؟؟؟هيا تطول عمر حسام عمران يبصلها حتى ” وواصلت الضحك فضحك معها ادهم ونظر الى عمر الذى كان يعقد ساعديه امام صدره ويتابع حوارهما فى غيظ قائلا ” خلصت انت وهيا ولا لسة ؟؟؟“
تنحنح ادهم قائلا ” ايه ده هيا ندى مكنتش تعرف ؟؟“ ..غريبة دى كاتم الاسرار بتاعك ”
هز عمر راسه وهو ينحنى الى ادهم قائلا ” انت من امتى بقيت فتان والكلام بيقع من بقك كدة يا سيادة الرائد ”
لم تمهل ندى عمر فرصة للفرار فواصلت الحديث وهى تشد طرف قميصه قائلة ” سيبك من ادهم خالص وركز معايا ..انت فعلا بتحبها ”
نظر عمر الى ادهم الذى هز كتفيه قائلا فى ضحك ” رد عليها انا مليش دعوة ”
تنفس عمر فى عمق وهو يعود للخلف قائلا ” للاسف اه ”
رفعت ندى حاجبها وقالت ” للاسف ليه !!!...من عينة ريم هيا كمان ولا ايه ”
شبك عمر أصابعه قائلا ” مش عارف ..اغرب مخلوقة قابلتها فى حياتى ..معاها مبقاش فاهم حتى نفسى ..لغز حقيقى مش عارف اوصله ...مش عارف هيا بتفكر فى ايه ”
قال ادهم وهو يرتشف من القهوة امامه ” ولزمته ايه وجع القلب ده بقا ..فكك منها خالص ..مش من قلة البنات يعنى ”
ابتسم عمر وهو ينظر الى ندى ثم اليه قائلا ” مابلاش انت ...هوا احنا اللى بنختار القلب يدق لمين ”
نظر ادهم الى ندى بدوره فارتبكت فقال ” فى دى معاك حق ”
صرفت ندى نظرها عن ادهم فى خجل ورن جرس هاتفها لينقذها فوجدت امها فتحت المكالمة ـ ايوة يا ندى انتى فين
ـانا فى النادى يا ماما فى ايه
ـارجعى البيت فورا
ـفى ايه ياماما
ـبقولك تعالى البيت حالا واغلقت لبنى الخط
نظرت ندى الى الهاتف وهى تمد شفتيها فى دهشة وأخبرت عمر بما حدث وخشى ان يكون سوءا قد الم بوالدته ، انطلق الجميع الى الفيلا ومعهم ادهم ليطمئن بدوره .
************************************************
اطمئن عمر على صحة والدته وهو فى الطريق فلم يستطع ان يطق صبرا نظر الى ندى قائلا ” واضح انك عاملة عاملة منيلة على دماغك ”
ضحكت ندى وهى تهز رأسها فى خفة ” طب كويس ..بصو بقا انتو الاتنين انتو هتيجو معايا عشان لو فيها ضرب ولا حاجة تحوشو عنى ...بس بقولكو ايه استنونى تحت ولما تسمعو الصوات اطلعو ”
ضحك ادهم وعمر على حديثها ، وحين وصلو الى الفيلا صعدت ندى مباشرة الى غرفتها ، بينما انتظر ادهم وعمر بالاسفل ، وما ان دلفت الى غرفتها حتى وجدت لبنى جالسة على طرف الفراش تبكى وخالها يقف الى جوارها وينظر لها فى غضب والى جواره وقفت رنا تطالعها بنظرة شماتة ، لم تفهم ما سر هذا ولكنها اندفعت الى امها تقول ” ماما حبيبتى مالك بتعيطى ليه ”
أمسك خالها بذراعها لتقف امامه وكادت ان تسقط مغشيا عليها حين عرض عليها صور مع احمد لها فى الحديقة التى اخذها فيها واحذت تحملق بها فى فزع ولم يمهلها خالها فرصة اذا صرخ بها وهو يقرب الصورة من وجهها ” ايه علاقتك بالراجل ده ؟؟“
تراجعت ندى فى صدمة وهى لا تستطيع استيعاب ما يحدث فصرخ فى وجهها وهو يقبض على ذراعها فى قوة ” انطقى ..ايه علاقتك بيه ..ايه اللى يربطك براجل متجوز زيه ”
لم تستطع ندى مقاومة صدمتها بتلك الكلمة فرفعت رأسها الى خالها قائلة ” متجوز ؟؟؟“
ترك خالها ذراعها وقال فى غضب وكانه سينقض عليها ” علاقتك بيه وصلت لحد فين اتكلمى ؟؟“
الذهول والصدمة اذهلاها تماما ولم تشعر الاوكف خالها يدوى على وجنتها صارخا ” انطقى ”
صرخت امها ، كما صرخت ندى وهى تبكى وتسقط ارضا وتتحسس الم اللطمة ولكنها تشعر بالما آخر يعتصر كيانها ، جذبها خالها من ذراعها من جديد وهو يقول ” على آخر الزمن هتيجى انتى وتوطى راسى وتبوظيلى كل حاجة ” صرخت امها ” كفاية يا صفوت ..ندى اتكلمى قولى ان الكلام ده مش مظبوط ”
قال صفوت وهو يلقى الصورة بعيدا ” الجواب باين من عنوانه مش محتاجة تنطق ” ورفع يده ليلطمها مرة اخرى فى اللحظة التى دخل فيها ادهم وعمر الى غرفة ندى ، وصرخ ادهم باسمها حين رآها على الارض وخيط من الدم يسيل من شفتها ، هرع اليها وساعدها ووضع راسها على صدره وهو يصرخ ” ايه اللى بيحصل ”
صرخ عمر بدوره وهو يتجه لندى ” ماما فى ايه ”
ترك ادهم ندى مع اخيها وذهب الى صفوت صارخا فى غضب ” انت ازاى تمد ايدك عليها كدة ؟؟؟...انا لولا مراعى سنك وشيبتك انا كنت دفعتك تمن عملتك دى غالى ”
لم يعرف صفوت بما يرد لم يكن يعرف بوجود ادهم ، وسيخسر كل شىء اذا علم ادهم بالامر وترك ندى ، بالطبع سيصفى شقيقه اى عمل بينهما ، احتضن عمر ندى وهى ترتعد وترتجف دون ان تنطق وصرخ من جديد ” حد ينطق ويقول فى ايه ؟؟“
هنا ظهرت رنا محاولة استغلال الموقف فقالت ” ماهى مش عاوزة تدافع عن نفسها بابا هيعمل ايه يعنى ”
نظر لها عمر وادهم فى اهتمام فاقتربت من ندى وهى تقول ” قوليلهم يا ندى ان ده مش صح ..قولى ان اللى قال عليكى كداب ”
وقفت لبنى وصرخت فبها ” رنا ”
الا ان ادهم نهض ليواجهها قائلا ” كلام ايه يا رنا قولى ”
أغمض صفوت عينيه فى خوف وقد علم ان ابنته الغبية ستنهى كل شىء الان
قالت ندى فى خبث وهى تعقد ذراعيها محاولة ابداء التعاطف مع ندى ” واحد حقير باعت لبابا ع الايميل بتاعه صور لندى وبيقول انها على علاقة بواحد متجوز ”
هنا صرخ ادهم فى وجه رنا قائلا ” انتو اتجننتو ؟؟“ وأشار الى صفوت باصبعه قائلا ” انت اتجننت ..انت خال انت ..كل الكلام اللى وصلك ده كدب ..ده ما بدل ما تفرم اللى بعتلك الكلام ده تحت رجلك جاى تمد ايدك عليها ”
شدد عمر من احتضانه لاخته وهو يقول ” انتو اكيد اتجننتو ”
هنا حاول صفوت ان يحسن من موقفه فقال متلعثما ” هيا مردتش ولا دافعت عن نفسها وده جننى ”
قال ادهم فى غضب واضح كاد ان يعصف بمن حوله ” ودى حاجة يترد عليها ..انت متخيل ان بنت اختك بالاخلاق دى ..وبعدين صور ايه يا ابو صور ..متعرفش انه فى اختراع اسمه فوتو شوب ..ده انت اكتر واحد عارفه ” ، كان صفوت يشعر بالراحة لرد ادهم هذا فقد كان ما يخشاه ان تصل هذه الصور اليه فينهى علاقته بندى وينهى شقيقه أيضا العمل معه وكأن ادهم قد قرا افكاره فقال مسرعا ” اه ويكون فى علمك انا ممكن بسهولة جد اخسرك كل حاجة لو فكرت مجرد تفكير تعمل اللى عملته ده تانى ”، كلمات ادهم كانت تزيد من اوجاع ندى ، آخر ما توقعته ان يفعل ادهم هذا وان يدافع عنها وهى مدانة، لم تستطع التحمل اكثر من هذا فتأوهت فى ضعف ، التفت لها ادهم وركع على ركبتيه امامها قائلا ” ندى انتى كويسة ”
تشبثت ندى بعمر وقالت ” عمر خدنى معاك ..مش عاوزة افضل هنا ارجوك ”
ربت عمر على كتفيها وهو يقول ” حاضر يا حبيبتى ..بس اهدى عشان خاطرى ”
حاولت ندى ان تنهض فلم تستطع فساعدها عمر وهى تقول ” يلا ياعمر دلوقتى حالا ”
وقبل ان تخطو خطوة واحدة سقطت مغشيا عليها
*************************************************************************
وضع عمر رأس ندى على صدره واحاط كتفيها بذراعه وضمها البه وهو تغمض عينيها فى هدوء فى المقعد الخلفى لسيارة ادهم الذى كان يختلس النظر اليها بين اللحظة والاخرى ، ينظر الى وجهها الحزين المرهق فى اشفاق حتى قال له عمر وهو يدق على كتفه باصابعه ” بص قدامك يا ادهم ..مش ناقصة حوادث فى الليلة السودا دى كمان ”
تنهد ادهم وهو يقول فى قلق ” انت متاكد انها مش محتاجة تروح مستشفى ؟؟“
رد عمر فى سخرية ” ده على اساس انى بشتغل ايه انت كمان ..هيا بس الصدمة ..مقدرتش تستحمل ” ومسح على وجهها وهو يضيف ” ندى ارق بكتير من انها تستحمل اللى حصل النهاردة ..عمر بابا حتى ما زعقلها ..ولا كان بيخلى حد ييجى جنبها ”
ضرب ادهم على عجلة القيادة وهو يقول ” والله لولا انى مراعى ىشيبته وانه خالكو انا كنت وريته اللى عمره ماشافو ”
نظر عمر الى ندى وقال فى حيرة ” تفتكر مين اللى ممكن يعمل كدة ..مين اللى كاره ندى للدرجادى ”
صمت ادهم لللحظات وقد ردد الاجابة بداخله وواصل ” مش عارف ..اكيد ندى لما تفوق هتعرف وتقولنا ..بس بقولك ايه متحاولش تفتح معاها كلام عن الموضوع خالص النهاردة ..سيبها تتكلم هيا وقت ما تحب ..عشان مترجعش تنهار تانى ”
ابتسم عمر من مشاعر ادهم وقال ” هوانت للدرجادى بتحب ندى يا ادهم ..مشكتش فيها ولو للحظة ؟؟“
اوقف ادهم السيارة ونظر الى عمر فى عتاب واضح قائلا ” انا محبتش فى حياتى كلها غير ندى ومعنديش حد فى الدنيا اغلى عندى منها ..وطبعا مشكتش فيها ..ومش هسمح للى حصل انه يحصل تانى ..ومحدش هيأذى ندى طول ما انا عايش وفيا نفس ”
وصل ادهم الى بيت عمر الذى حمل شقيقته الى غرفتها ودثرها جيدا ، وقف ادهم على باب الغرفة يتابعها فى حزن وهى ترتجف وتنتحب وتمنى لو أخذها بين ذراعيه حتى تهدأ وليذهب كل شىء الى الجحيم ، ظل واقفا حتى هدأت بين ذراعى عمر ونامت ،اقترب ليطمان عليها بنظرة أخيرة قبل ان يذهب منطلقا بسيارته الى فيلا صفوت من جديد وغضب العالم يستعر فى اعماقه


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close