اخر الروايات

رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الثامن والعشرين 28 بقلم نورهان العشري

رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الثامن والعشرين 28 بقلم نورهان العشري 


               


أعتقد أن التجاوز هو أحد أهم دواعي الاستمرارية في هذه الحياة . أن يتعلم الإنسان تجاوز ألمه ، خيباته ، هزائمه 
أن يتجاوز تلك اللحظات التي ظن أنها لن تتكرر مرة آخرى ، و الاهم من ذلك كله أن يستطيع تجاوز الأشخاص الذي ظننت بأن المُستحيل هو فراقهم و إذا به يتحقق على حين غرة ليجعلك تتيقن بأن تجاوز بعض الأشخاص قد يكون نجاة ..
نعم فالتجاوز مؤلم و يحتاج لمجهود شاق ولكنه مُنجي ..!

+


نورهان العشري ✍️

+


🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁

+


_ انت بتقول ايه يا علي ؟

تحدث هاشم الرفاعي الذي رقص قلبه فرحًا ما أن رأى الهاتف يهتز مُعلنًا عن اتصال كان قد انتظره طويلا ليباغته علي بإلقاء تلك القنبلة في وجهه الذي امتقع خاصةً عندما تحدث علي بتلك الكلمات الجارحه 

_ كلامي واضح . بسألك ليك يد في خطف كارما و غرام ؟! و قبل ما تجاوب عايزك تعرف ان يمين بالله لهقلب الدنيا عليها واطيها لحد ما ارجع إخوتي حتى لو كانوا في سابع أرض ..

ذُعِر هاشم من حديثه و ارتعب قلبه عندما علم ما أصاب حفيداته فأجاب بلهفه و ألم 
_ ايه اللي انت بتقوله دا يا علي ؟ انت واعي انت بتقول ايه ؟ انا هعمل كدا في بنات الغالي ؟ دانا افديهم بروحي .

شعر علي بمقدار الألم في صوته و أخذت وخزات الندم تاكل قلبه فلم يستطِع الحديث ليتابع هاشم بنبرة مهزوز من فرط التعب و الحزن 

_ اللي حصل دا حصل ازاي يا علي ؟

تردد علي لثوان قبل أن يتحدث بيأس 

_ معرفش . كانوا خارجين الصبح وفجأة طلع عليهم ناس ملثمين خدروهم و ركبوهم عربيه و هربوا و لحد دلوقتي منعرفش حاجه عنهم . قلبت إسكندرية حته حته و مفيش اي جديد .

تعاظم رعب العجوز تأثر؟ لتلك النبرة اليائسه التي يتحدث بها حفيده و لكن هذا ليس وقت الضعف خاصةً لمن لم يعتاده فأخذ يشحذ بعضًا من قوته الذي أفقده إياها المرض و قال بصوت قوي 

_ إجمد كدا يا على . أن شاء الله هنلاقيهم . انا هقلب الدنيا لحد ما ارجع بنات ابني بيتهم سالمين . متقلقش . انت مش لوحدك انا في ضهرك و اللي عمل كدا هيتحاسب أشد الحساب أنه فكر بس يقربلهم .

لا يدري لما شعر ببعض من الارتياح لحديث جده و لكن كبرياؤه أبى أن يقبل بمساعدته فنفض عنه ثوب اليأس و تنحنح قليلا ثم قال بثبات 

_ شكرا يا هاشم بيه مش محتاج مساعدتك و أنا هعرف ارجع إخواتي حتي لو على رقبتي .

ابتسامه جانبيه ظهرت على شفتي العجوز فقد كان يتوقع رد حفيده و لما لا فهو أخذ كثيرًا من طباعه 

_ طبعا يا ابني انت تقدر تعمل كدا ، و أنا معنديش شك انك تقدر ترجع إخواتك و تحافظ عليهم بس دول بنات ابني و ليا حق فيهم و مش هقدر اقف ساكت و هما مخطوفين كدا . ياريت تسبني اساعدك يا علي و اقف في ضهرك . 

        
اهتز علي داخليًا من رجاء جده المبطن و شعر بأنه يجب أن يضع مصلحة شقيقتيه اولًا ليزفر بتعب قائلا 

+


_ لو احتجت حاجه هقولك .

+


تحدث الجد بارتياح 

+


_ و أنا هبعتلك اللي يبقى رهن إشارتك و هيمشي بامرك انت بس شاورله . دول بناتنا يا علي شايلين اسم الرفاعي شرفنا وعرضنا يا ابني و لازم تحميهم بعنينا ، و انا عارف انك اسد و راجل من ضهر راجل .

+


انهى علي مكالمته و قد شعر بأن الهواء قد نفذ من رئتيه و فاغمض عينيه بتعب يُناجي ربه بأن يرشده للطريق الصحيح و يخفف عنه هذا الثقل الذي يجثو فوق قلبه وكأن الله استجاب لدعائه ليرن هاتفه معلنا عن مكالمة أكثر من مُرحب بها ليلتقطه قائلا في لهفه 

+


_ روفان .

+


فأجابته بقلب لهيف 

+


_ علي . انا عرفت من كاميليا اللي حصل و قولت لازم اكلمك اطمن عليك .

+


لأول مرة في حياته يعجز عن الحديث الذي سيتبعه حتما انهار من الدموع التي لا تليق بعنفوانه لتزداد حدة تنفسه و على صوته الذي أخبرها عن مدى معاناته فأردفت بطمأنه  

+


_ متقلقش . أن شاء الله هتلاقيهم . ربنا هيحفظهم و هيرجعهم بالسلامه . انت بس قول يارب .

+


خرجت الكلمات من فمه بحرقه نابعة من احتراقه داخليا 

+


_ يااااااارب . يااااااارب يا روفان يرجعوا بالسلامه .

+


اضافت بلهجة هادئه نابعه من قلب انثي تحولت أمًا عندما وقعت في العشق .

+


_ هقولك على حاجه حلوة . انت اكيد بتدور عليهم و مش واقف لحظه . عايزاك و انت بتدور عليهم اقعد قول لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم كتير اوووي بنيه إن ربنا يحفظهم و تلاقيهم ، و أن شاء الله ربنا هيردهم ليك في أقرب وقت ، و هتشوف إن ربنا مش هيكسر بخاطرك و هيطمن قلبك عليهم .

+


و كأن حديثها كان كالبلسم على قلبه و قد أنار له طريقًا لا يعرف كيف غفل عنه و هو اللجوء إلى الله سبحانه و تعالى ليقول بحب تجلي في نبرة صوته 

+


_ حاضر . ربنا يخليكِ ليا .

+


اهتز قلبها لتلك النبرة التي أسرتها و هذه الكلمات البسيطه التي جعلت الفراشات تحلق في معدتها لتأخذ نفسًا عميقًا يملؤه عبير العشق قائله بخجل 

+


_ و يخليك ليا .

+


 ثم تداركت الموقف قائله بتوتر " 
_  لينا يعني يخليك لينا و للناس كلها بما إنك ظابط و كدا .

+


للحظات بسيطه شقت الابتسامه شفتيه علي توترها و برائتها ثم قال بلهجة ناعمة 

+


_ادعيلي و ادعيلهم .

+


_ ربنا معاك و معاهم يارب و يجمعكوا مع بعض في اقرب وقت .

+


امن علي على دعائها ثم ختم المكالمه التي اعطته جرعه كبيرة من الطاقه التي سيسخرها جميعها في البحث عن شقيقتيه لينطلق بسيارته إلى مقر الشرطة للبدأ في جوله جديده من البحث ...

+



        
          

                
*********

+


اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بين إيديهم سالمين "

+


انتهت نيفين من تنزيل برنامج التصنت على هاتف سميرة كي تعرف مع من تتحدث هذه الأحاديث السرية فهي لم تعد تأمن مكر هذه السيدة و يجب أن تعرف كل خطواتها و ما تخفيه عنها فهي واثقه أنها تملك الكثير من الأسرار التي عليها كشفها واحدًا تلو الآخر ليهاجمها ذلك الصداع الذي كان يلاحقها في الفترة الأخيرة دون أن تعرف له سبب فقامت بالذهاب الى غرفتها و الجلوس على اقرب كرسي لتتفاجئ بسميرة تدخل الى الغرفة تنفث النيران من أنفها لتجدها على تلك الحالة من التعب و لكن ذلك لم يجعلها ترحمها لتبدأ بالتنفيس عن غضبها بها ككل مرة 

+


_ انتِ قاعده بتهببي ايه عندك و سايبه البلاوي اللي فوق دماغنا دي كلها ؟

+


لم تكن في حالة تسمح لها بالحديث فتجاهلتها تبحث عن قرص مسكن يخفف ذلك الصداع الرهيب لتغتاظ سميرة أكثر فتقوم بنهرها 

+


_ انتِ يا زفته مش بكلمك ؟ ردي عليا ؟

+


رفعت نيفين رأسها و طالعتها بنظرة ساخرة ثم قالت بلامبالاة 

+


_ خدي الباب في إيدك و انتِ طالعه عشان تعبانة و عايزة أنام .

+


تلك الكلمات البسيطة أثارت جنون سميرة لتقوم بالإنقضاض عليها ممسكه إياها من خصلاتها وهي تقول بصياح 

+


_ بت انتِ اتعدلي و انتِ بتكلميني . فاهمه و لا لا ؟

+


فقامت نيفين بنقض يدها و دفعها بعنف وهي تقول غاضبة 

+


_ لا مش فاهمه و حذرتك قبل كدا إيدك تتمد عليا . يظهر انك انتِ اللي مبتفهميش بس معلش هفهمك بطريقتي .

+


أنهت كلماتها ثم قامت بشق أحد أكمام فستانها حتى أنها قامت بجرح ذراعها ثم هرولت تبكي خارجًا وهي تستغيث صارخة 

+


_ يا جدو . يا طنط صفيه . الحقوني .

+


ما أن سمعت صفية صوت استغاثتها حتى هرولت إليها لتجدها في حاله من الانهيار و على الفور ارتمت بين أحضانها تبكي و تنوح فحاولت صفيه تهدئتها قائله 

+


_ ايه يا نيفين يا حبيبتي مالك فيكِ ايه ؟ بتعيطي ليه كدا ؟ 

+


أكملت نيفين تمثيليتها علةى أكمل وجه حين اتبعت بكائها بارتعاشه جسدها وهي تقول بصوت متقطع 

+


_ الحقيني يا طنط صفيه ماما عماله تضرب فيا و تشتمني .

+


استشاطت صفيه من الغضب و توجه أنظارها إلى سميرة المذهوله مما يحدث أمامها للحد الذي جعلها فقدت النطق عندما نهرتها صفيه 

+


_ انتِ اتجننتي يا سميرة ؟ بتضربي البنت و تبهدليها ليه كانت عملت فيكِ ايه ؟

+


لم تستطع سميرة الرد لترد نيفين التي كانت مازالت متشبثة بأحضان صفيه 

+



        
          

                
_ بتطلع غيظها فيا عشان بابا طلع متجوز عليها و جاب ابن ضرتها هنا . انا ايه ذنبي طيب ؟

+


تركت صفيه نيفين ثم توجهت الي سميرة تناظرها باحتقار قائله 

+


_ مش هتبطلي بقى القرف بتاعك دا ؟ بتطلعي عقدك و مشاكلك على بنتك الغلبانه دا بدل ما تاخديها في حضنك و تخففي عنها . بتبهدلي فيها ؟ تصدقي دا له حق مراد يطفش منك .

+


كانت سميرة مُسمرة في مكانها ليس بسبب كلمات صفيه و لكن بسبب تلك التي تقف خلفها تنظر إليها بسخرية و انتصار حتى أنها قامت برفع إحدى حاجبيها و كأنها تقول لها 
_ أرأيتي ما يمكنني فعله ؟

+


فقد كانت ترى بها نسخة مصوره منها . لتحل محل السخريه نظرات بريئه منكسرة عندما التفتت صفيه تجاهها و قامت بمسح عبراتها قائله بحنو

+


_ اهدي يا حبيبتي و متخافيش محدش هيقدر يزعلك أو يضايقك تاني .

+


 ثم التفتت إلى سميرة قائله بغضب 
_ عشان لو حد فكر يعمل كدا يبقى يجهز نفسه أنه يواجه رحيم الحسيني  و أنا بقى اللي هقوله المرادي عاللي بيحصل من ورا ضهره .

+


قامت نيفين بمسح عبراتها ثم وجهت نظرة منكسرة الى صفيه قائله بضعف  

+


_ ممكن اطلب من حضرتك طلب ؟

+


_اتفضلي يا حبيبتي .

+


_ ممكن أنام في حضنك النهاردة ؟

+


أشفقت صفيه على حالتها لتقول بحنان 

+


_ طبعا يا روحي تقدري . تعالي معايا .

+


أخذت صفيه نيفين باحضانها و توجهت الى غرفتها تاركين خلفهم من كان الغضب يأكل كل خلية بها فما رأته اليوم من الفتاه التي ظنت أنها بيدق في لعبتها نحتها جانبًا و تولت هي القيادة لتشعر بأن أعدائها قد زادوا اليوم بل و أن من اسمتها ابنتها هي أكثر من يجب أن تحذر منه لهذا اتجهت الى غرفتها لتجري أحدي اتصالاتها الغامضة 

+


_ احنا لازم نخلص من نيفين في اقرب وقت . مش هينفع نتأخر اكتر من كدا . دي بقت خطر علينا 

+


***********

+


كان يوسف يقود سيارته بأقصى سرعه ممكنه حتى يصل إلى وجهته و لكنه كان بين الحين و الآخر ينظر إلى تلك التي تجلس على المقعد المجاور له فيجد الضياع يسيطر على جميع ملامحها فقرر إعطائها المساحة الخاصة بها فهي بحاجه للهدوء قليلًا بعد كل تلك الأحداث و لكن صمتها طال أكثر من اللازم خاصةً بالنسبة الى طبيعتها في حضرته فهي تعشق للحديث معه حتى ولو لم تجد ما تقوله ليقرر قطع ذلك الصمت قائلًا 

+


_ فاكرة لما للعروسه بتاعتك اللي كانت ممتك جيبهالك ضاعت زمان ؟

+


خرجت منها تنهيدة حارقة و قالت بصوت حزين 

+


_ فاكرة .

+


اكمل يوسف حديثه و هو ينظر أمامه و لكن جميع حواسه كانت معها 

+



        
          

                
_ يومها قعدتي تعيطي كتير أوي وانا كنت جاي من السفر لقيتك منهارة . اتجننت افتكرت حد زعلك لقيتك بتقوليلي أن عروستك ضاعت . قولتلك طب و ليه مدورتيش عليها ؟ قولتيلي دورت في أوضتي ملقتهاش . سألتك هي غاليه عليك؟  قولتيلي غاليه اوي . قولتلك يبقى تقلبي الدنيا عليها مش تدوري في اوضتك بس و لما متلاقيهاش تستسلمي و تقعدي تعيطي .

+


ابتسمت كاميليا بوهن قائله بصوت مبحوح من فرط البكاء 

+


_ وقتها كانت نيفين مخبياها مني في اوضه جدو عشان واثقه اني مش هلاقيها لأني كنت بخاف ادخل عنده .

+


ابتسم يوسف هو الآخر ثم قال 

+


_ يوميها ضحكتي ضحكة عمري ما قدرت انساها . فضلت محفورة في قلبي .

+


لمست كلماته أوتار قلبها الذي رقص طربا على أنغام عشقه فقالت بخجل 

+


_ معقول منستش ؟

+


_ عمري ما اقدر انسى حاجه تخصك يا كاميليا .
 بس انتِ بتنسي !

+


عقدت جبينها و قالت باستنكار
_ انا بنسى ! انا عمري ما نسيت حاجه تخصك .

+


يوسف بخشونة
_ لا نسيتي اللي قولتهولك وقتها .

+


تنهدت بتعب قائلة بنبرة مُشجبة  
_ منستش والله يا يوسف . بس غصب عني اللي تايهين مني دول مش عرايس دول بنات خالتي و اكتر من اخواتي . الناس دي خدتني في حضنها في أصعب لحظاتي . غصب عني "

+


_ و للعروسه وقتها كانت اغلي حاجه عندك . متياسيش أبدا يا كاميليا . اليأس دا اكتر حاجه ممكن تخلي حياة الإنسان جحيم . في ربنا فوق سابع سما مستنينا ندعيله عشان يستجيب . متسبيش الحزن يتمكن منك عشان وقتها انتِ اللي هتبقي عدوة نفسك . خلي نفسك طويل . الحياة مابتحبش الضعيف و لا قليل الحيله . خليكِ قويه و متستلميش بسهوله دي دنيا مش جنه .

+


اعتادت كلماته على التخفيف عنها في أحلك مواقفها لذا لم تستطع سوي الابتسام والنظر إليه بعينين يتناثر منها العشق 
 
_ كلامك طول عمره بيطمني يا يوسف . ربنا يخليك ليا .

+


ظل انظاره معلق على الطريق أمامه و لكن انفرجت شفتاه عن ابتسامة عذبة اذابتها كنا فعلت لهجته حين قال بخشونة

+


_ وحشتني ضحكتك الحلوة اوي عشان كدا اوعدك أني هعمل المستحيل عشان اشوفها تاني .

+


انشرح قلبها بوعده المبطن و امتدت يداها تحتوي ذراعه القابضه على المقود و هي تقول بلهفة 

+


_ هترجعهملي تاني يا يوسف مش كدا ؟

+


امتدت يداه الأخرى تحوي كفها الذي لثمه بعذوبه قبل أن يُجيبها بثقة 

+


_ أن شاء الله يا حبيبتي . لسه قدامنا حوالي ساعتين حاولي تنامي عشان تقدري تقعدي مع خالتك و تبقي فايقه شويه .

+


ابتسمت كاميليا بخجل قبل أن تقول بخفوت 

+


_ لا انا هفضل صاحيه . اصلًا مش جايلي نوم ..

+



        
          

                
ابتسم يوسف عندما وجدها تغط في نوم عميق بعد تصريحها هذا بدقائق فقام بإيقاف السيارة على جانب الطريق و نظر إلى ملامحها البريئة الصافية و ثارت 
 دقات قلبه بجنون فقد اشتاق إلى قربها بشدة فقام باحتوائها و وضعها بين جنبات صدره حيث أصبحت أضلعه وسادة لرأسها المُستكين براحه بين براح قلبه الذي كان كالبركان الثائر بفعل العشق ليشعر وقتها باكتمال روحه التي كانت فارقته عند غيابها .

+


الكمال . تلك النقطة التي يصل إليها الإنسان عندما يجد نصفه الاخر فتجعله يشعر بأنه امتلك العالم بأسره .

+


*************

+


أحيانًا يعمينا الغضب فيجعلنا نرتكب حماقات لو كان العقل حاضرًا حينها لتبرأ حتمًا منها. 

+


نورهان العشري ✍️ 

+


" انتِ ليكِ علاقه باللي حصل مع كارما ؟

+


نظرت سيدرا باستفهام لذلك النمر الغاضب الذي يود لو يحرق المشفى بما فيه لتقول مستفسره .

+


_ في ايه يا مازن ؟ انت شكلك عامل ليه كدا ؟

+


استغفر مازن في سره للمرة التي لا يعرف عددها و قال بغضب حاول أن يكتمه

+


_ سيدرا جاوبيني . ليكِ يد في اللي حصل لكارما ؟

+


_ هو ايه حصل لكارما ؟ انا مش فاهمه حاجه !

+


_ يعني متعرفيش أن كارما اتخطفت هي و غرام اختها النهاردة الصبح ؟

+


صُدِمت سيدرا من حديثه و لكن زادت صدمتها عندما وصلها المعنى الكامن لسؤاله فقالت باستنكار 

+


_ اتخطفت ! و انت جاي تسألني اذا كان ليا يد في خطفها و لا لا ؟ للدرجادي شايفني رخيصه و زباله ؟

+


غضب مازن من حديثها فقال بحنق 

+


_ انا مقولتش كدا . 

+


قاطعته سيدرا بقوة مُطعمه بالألم  

+


_ بس كلامك معناه كدا . تسمي اللي تفكر تخطف بنات ايه ؟

+


أجابها بقوة ضاربا بكل ذرة تعقل لديه عرض الحائط فقد اضناه الغياب و غرز القلق حوافره في قلبه فلم يعد يدري أين الصواب 

+


_ ما اللي تفكر توقع نفسها في مصيبه زي اللي وقعتي نفسك فيها عشان واحد تقدر بردو أنها تفكر تخطف و تقتل كمان !

+


آلمتها كلماته كالخنجر المسموم الذي غرزته حقارة أفعالها سابقِا لتُلقي بها في مستنقع الذل هذا فقامت باخفاض رأسها و قالت بألم

+


_ عندك حق تفكر فيا كدا .
 ثم توجهت الى الدرج الخاص بخزانتها و قامت بإخراج المصحف و وضعت يدها فوقه ناظره لعينيه بقوة و قالت بصوت مجروح 

+


_ بحق من أنزل هذا الكتاب ما ليا يد في أي حاجه من اللي حصلت لكارما و لأختها خالص .

+


هزته فعلتها لدرجه انه شعر و كأن قطار قد دهس قلبه فهل كان بهذا الغباء أن يتهم طفله مثلها مثل هذه الاتهامات البشعه ؟ ليقول بتلعثم 

+



        
          

                
_ سيدرا أنا ..

+


قاطعته بقوة و كبرياء إمرأة دهسها قطار العشق فتناثرت أشلاء قلبها فلم يبقى لها سوى الموت بكبرياء لهذا قالت بثبات 

+


_ انا حطيت ايدي على كتاب ربنا و حلفتلك اني ماليش دعوة باللي حصل لخطيبتك . ياريت انت كمان تحط إيدك عليه و تحلف انك مش هتوريني وشك تاني و لا هيكون ليك أي دور في حياتي بعد النهاردة عشان حقيقي هي مش هتتصلح غير لما تختفي منها .

+


رغم غباء فعلته إلا أنها فتحت له باب النجاة من ثقل ذلك الحمل الذي كان على عاتقه و لكن عقدة الذنب مازالت تنخر في عظامه ليحاول أن يثنيها عن موقفها هذا فقاطعته بحركة من يدها توقفه عن الكلام و قالت بثقه 

+


_ لو بتعز و بتقدر محمود الله يرحمه احلف ، و متخافش و لا تحس بالذنب ناحيتي.  احسن حاجه تعملها فيا انك تبقى بعيد عني و خصوصًا دلوقتي . انا لازم ابتدي صح و مش هقدر اعمل دا في وجودك . لازم اقطع الأمل منك عشان أنساك اشيلك من جوايا . فياريت تحلف .

+


اغلق مازن باب سيارته و هو يشعر بأن جبال العالم ترسو فوق قلبه فلقد تحرر من قيد كان يخنقه عندما نفذ لسيدرا طلبها و لكن اي راحه قد يشعر به و روحه قد انشطرت عنه و فارقته راحله مع حبيبته التي لا يعرف اين هي حتى؟
  كاد أن يجن و هو يبحث عنها و لكن دون جدوى فأخذ يدور بسيارته لا يعرف إلى أين  ؟ و لكنه يبحث في المجهول عله يصل إلى طرف خيط قد يوصله إليها ...

+


**************

+


_ ها يا يامن قدرت تدبر لي المكان اللي قولتلك عليه ..؟ 

+


_ متقلقيش في خلال اسبوع هيكون جاهز يا هند . بس قوليلي ليه عايزة تمشي و تسيبي كل حاجه كدا ؟

+


توترت هند من سؤال يامن ذلك الشاب في نهاية العقد الثاني من عمره وهو جارها في حيهم القديم قد استعانت به ليوفر لها مكان في بلدتهم في الصعيد لتأخذ عائلتها و تهرب من ذلك الشيطان الذي يسيطر عليها ويوجهها كيفما يشاء حتى وإن تركت قلبها معه فهو لا يستحق ان تضحي بأي شئ آخر لأجله يكفيها عذابها و إحساسها بالذنب تجاه والدتها و أختها الصغيرة اللائي لا يستحقن ذلك الخزي الذي ألحقه بها فقررت الهرب إلى حيث لا يستطيع أن يجدها 

+


نظرت هند بتوتر الى يامن ثم استجمعت شتات نفسها قائلة 

+


_ عايزة اغير جو و ابعد عن هنا انت عارف المشاكل اللي بينا و بين أهل بابا الله يرحمه و مش حابه دا يأثر على صحة ماما فقررت امشي من غير ما اعرف حد .

+


أجابها يامن الذي يبدو و كأنه اقتنع بحديثها 

+


_ خلاص زي ما تحبي و أنا هكلمك الناس معارفي اللي هناك يدبرولك شغل و متقلقيش القرية هاديه و الناس هناك في حالها .

+


ارتاحت هند لحديثه فقالت بامتنان 

+


_ كدا تمام اوي يا يامن انا مش عارفه اشكرك ازاي ؟ انا هجهز نفسي و انت اول ما تظبط الدنيا هناك كلمني ، و ياريت اسافر بالعربيه مش عايزة لا طيران ولا بالقطار 

+



        
          

                
_ طب و ليه البهدله دي يا بنت الناس ؟

+


_ معلش انا هبقي مرتاحه كدا اكتر .

+


_ خلاص زي ما تحبي , و متقلقيش في اسرع وقت هكون مظبطلك كل حاجه و هعرفك .

+


_ ميرسي اوي يا يامن مش عارفه اشكرك ازاي ؟

+


_ ماتقوليش كدا احنا أهل .

+


غادرت هند بعد ما أنهت مهمتها مع يامن الذي ما أن خرجت حتى قام بإجراء اتصال  وعندما أجاب الطرف الآخر حتى تحدث باحترام 

+


_ كل اللي حضرتك طلبته تم وهي دلوقتي مستنيه مني تليفون .

+


***********

+


كانت سميرة تغلي من شدة الغضب فما حدث أمامها منذ بضعة دقائق لم يكن بالشئ الهين فتلك النيفين أصبحت حيه سامه و يجب التخلص منها في اقرب وقت فقامت بإجراء اتصال هاتفي ليجيبها الطرف الآخر الذي ما أن سمعت صوته حتى بادرته قائله بشر 

+


_ انا مش هستني اكتر من كدا لازم تنفذ بسرعه و اخلص من نيفين . 

+


_ و ليه الاستعجال مش قولنا كل حاجه في وقتها احسن ؟

+


_ مبقاش ينفع دي بقت خطر عليا و هي مفكراني أمها امال لما تعرف الحقيقه هتعمل ايه ؟!

+


_ ايه اللي حصل لدا كله ؟

+


هكذا سألها ذلك المجهول لتقص عليه ما حدث حتي انفجر ضاحكا و قال بسخرية

+


_ تربيتك بصحيح يا سميرة و شبهك .

+


صاحت مغلولة 
_ انت بتضحك ! بقولك البت بقت خطر عليا و بتبجح فيا و دا كل اللي قدرت تقوله ؟

+


_ طب ما احنا لو اتخلصنا منها دلوقتي كدا كاميليا هتشبع بيوسف .

+


أجابته بحنق

+


_ كاميليا كدا كدا شبعانه بيوسف و دي غبيه عمرها ما هتعرف تفرق بينهم حتى . انا هشوفلها طريقه تانيه احرق قلبها بيها بنت زهرة .

+


_ إلا قوليلي يا سميرة انا حاسس ان في حاجه في موضوع زهرة دي انتِ محكتيهاش ! 

+


توترت سميرة قليلا ثم قالت بمراوغة 

+


_ حاجه ! حاجه زي ايه يعني ؟

+


_ يعني انتِ كل اللي عايزاه الفلوس و انك تفضلي عايشه في عز و خير عيله الحسيني و كدا كدا زهرة ماتت وشبعت موت و نيفين مش فارقة معاكِ مادام في غيابها هتضمني انك متخسريش اللي انتِ فيه . ايه بقي اللي يخليكِ هتموتي و تحرقي قلب بنت زهرة كدا ؟ مانا مش هساعدك و انتِ مخبيه عني حاجه 

+


تساقط الحقد والقهر من نبرتها حين قالت  

+


_ فلوس الدنيا كلها متهمنيش قصاد اني احرق قلب بنت زهرة . زهرة اللي خطفت مني حب عمري و اللي فضلها عليا احمد بعد ما اديته كل حاجه ممكن تقدمها واحده ست لراجل و في الاخر رماني و اتجوزها هي .

+



        
          

                
_ أوبااا . دا باين انا فايتني حاجات كتير معرفهاش لا دانتِ تحكيلي بقى من الاول تاني .

+


_ بعدين هحكيلك . اهم حاجه دلوقتي تقولي هنعمل ايه عشان نخلص من نيفين ؟

+


اجابها الطرف الآخر بشر 

+


_ عندي ليكِ سيناريو هايل . ايه رأيك في بنت مراهقة بتعاني من إهمال أبوها ليها فتقوم يا حرام منتحرة بعد ما تسيب جواب يقطع القلب عن معاناتها هي و أمها مع ابوها الأناني اللي كان مهمل فيهم فيقوم الأب ينتهي بعقدة الذنب ناحيه بنته اللي ضيعها بأنانيته و تفضل الام المكسورة اللي خسرت بنتها واللي الكل هياخدها في حضنه و يطبطب عليها عشان اللي هي فيه و خصوصًا لو راجل عجوز خرفان !

+


ارتسمت ابتسامة كريهة على شفتيها وهي تقول بشر 

+


_ تعجبني .

+


**************

+


وصل يوسف و كاميليا أخيرًا الى عروس البحر الابيض المتوسط و هي مازالت نائمه بين جنبات صدره حتى أنه تمني لو أن الطريق يطول كثيرًا حتى يستطيع التنعم بهذا الشعور الممتع و لكن هكذا هي الحياه دائمًا ما تنتهي اللحظات الجميله سريعًا ليقوم بتمرير أصابعه فوق ملامحها يرسمها بدقه فكانت حركاته خفيفه كالريشه و لكنها تحمل بداخلها مشاعر عشق خالص يستوطن جميع خلاياه مما جعلها تتململ في نومتها إلى أن فتحت عينيها فناظرتها زرقه مياه البحر الصافيه المُترقرقه في عينيه والتي امتزجت بذلك العسل الذائب في عينيها ليحدث تيار كهربائي غيب العقول لثوان و تولى العشق دفة القيادة  حيث قام يوسف باحتواء كريزيتها بشغف وهو يتمزز بنبيذ الخمر الذائب في ريقها و اخذت امواج العشق تجرفهم حتى غرق فيه بلا عودة و قد كانت هي الآخرى تشاطره الشعور فقامت يديها باحتواءه بلهفة يعانقها الخجل لتزيد من جنون مشاعر هو بالكاد يتحكم بها فأخذ يعمق اقترابهم أكثر و كأنه طفل يتمزز بقطعه حلوي رائعه هبطت من الجنه لتجعله يحلق في سماءها من فرط السعادة و لكن أجسادنا ليست كأرواحنا يهلكها العشق كثيرًا فتصرخ طالبه الاستغاثة هذا هو حال رئتيهما التي أجبرت كلاهما علي الإنسحاب ليظلا يلهثا جراء هذة الرحله المفعمه بكل أنواع المشاعر الخارقه فظلا على حالهما لثوان و وربما دقائق لا يمكن حساب تلك اللحظات التي يختطفها عاشقان من وسط صخب الحياه ليظل الصمت قائم حتي يقطعه يوسف قائلا 

+


_ نفسي اقدر اروي قلبي منك . مهما قربت منك مبشبعش أبدا . دا سحر و لا ايه ؟ 

+


كانت كاميليا ترتجف كورقة في مهب الريح . ريح عشقه الجارف الذي يأخذها لجنه لم تكن تحلم بها يومًا و تأتي تلك الكلمات التي جعلت كل خليه في جسدها تصرخ بعشق ذلك الرجل الذي تكاد تجزم أنه حلم من مدى روعته ..

+


تملكها خجل كبير عندما أخذت يداه طريقها تحت ذقنها ترفعه لتلتقي بعينيه التي تطوق قلبها باصفاد الهوى لتجده يقول بتلك البحه الرجوليه القاتلة

+



        
          

                
_ مردتيش عليا. دا سحر و لا ايه ؟

+


ابتلعت ريقها بصعوبه غير قادرة على قطع التواصل البصري بينهم و قالت بنبرة خافته

+


_ انا اللي مسحورة بيك يا يوسف . انت بجد ؟ انت حقيقي ؟ انا بخاف تكون حلم من كتر جماله صدقته . و في النهاية..

+


بتر جملتها بتصميم كبير نابع مع عينيه قبل لهجته
_ صدقيه يا كاميليا عشان هو اكتر حاجه حقيقه هتقابليها في حياتك .

+


_ نفسي افضل جمبك كدا عمري كله .

+


_ مش هسمحلك تبعدي اصلًا .

+


_ مش هقدر ابعد ... اصلًا قلبي لما بيتخير بيني و بينك بيختارك انت .

+


ابتسم يوسف بحب تناثر من بين حروفه حين قال 

+


_ بعد ما نلاقي كارما و غرام أن شاء الله هنعمل فرحنا مش هقدر على بعدك اكتر من كدا ..

+


كلمة واحدة خرجت من بين شفتيها دون أن تفكر و لو ثانيه جعلت قلبه يتراقص فرحًا 

+


_ موافقة 

+


و كأن الإجابة خرجت من قلبها لقلبه مباشرة ليشعر به يتراقص داخله فاحتواها بحب جعلها تلقي رأسها بين ضلوعه كحال همومها و قالت بلهجة حزينة 

+


_ اوعدني انك ترجعلي كارما و غرام يا يوسف ؟

+


أجابها بلهجته الواثقة التي دائمًا ما تبعث الراحة في نفسها 

+


_ اوعدك أن شاء الله هلاقيهم و ارجعهم بيتهم بالسلامه . 

+


ما من شئ يسعد المرأة سوى أن تجد ذلك الكتف الذي تتكأ عليه في لحظات ضعفها فهذا يعطيها اقوي شعور في العالم و هو الأمان . فمتي تواجد ذلك الشعور أعلن القلب استلامه و رفع رايته أمام طوفان العشق ..

+


نورهان العشري ✍️ 

+


************

+


بعد مرور ثلاث أيام كانوا جميعهم مجتمعين في بيت فاطمة التي قامت بزيارة هاشم الرفاعي بناءً على طلب علي نظرًا لسوء حالته و الذي كان هذا بالاتفاق مع جده مع قطعه آلاف الوعود بعدم مضايقتها و ذلك خوفًا عليها من معرفتها بتلك الكارثة لتمر الثلاث أيام في البحث المُضني من كل جانب فقد سخر يوسف جميع معارفه للبحث عنهم و أيضا مازن الذي كان للقلق نهش عقله فأصبح كالمجنون لا ينام و لا يتناول الطعام فقد يصرخ و يصب جام غضبه حتى على علبة سجائره للتنفيس عن غضبه و كاميليا التي قضت معظم أوقاتها بالبكاء و الصلاة و التضرع الي الله أن يحفظ بنات خالتها و كان يوسف بجانبها لم يتركها سوى أوقات البحث و ما بين علي الذي كان الذنب يأكله لاعتقاده أنه اهمل في حمايتهم و روفان التي كانت دائما بجانبه
 و ما بين ذلك الذي كان كالتمثال الي نُحِت من حجر لا يتكلم و لا يبكي و لا يثور فقط صامت يبحث و يبحث و يبحث و لم ينطق لسانه سوى بالقليل و كأن شفاهه أعلنت اعتزال الحديث حدادًا على غياب حبيبته حتى جفونه أبت الانغلاق و التسليم الى النوم و هو لا يدري شيئًا عن مكانها فقد تسلطت جميع المشاعر الانسانيه المرهقه على قلبه حتى شعر بأن جميع القوى الخارقة على هذه الأرض قد اجتمعت علي أن تعاقبه جراء ما فعله بحقها فلم يكن يكفيه الم غيابها حتى زاد عليه ألم شعوره بالذنب و لم تخفي حالته على أخيه الذي توجه إليه عندما وجده يقف بالشرفة يتطلع أمامه بنظرات ضائعه ليُبادر بالحديث قائلا 

+


_ لما ربنا بيحب حد بيحب يبتليه عشان يشوفه هيصبر و لا لا ؟ هيلجأله و لا لا ؟ ربنا بيبقى مشتاق يسمع صوت عبده وهو بيدعيه و بيشكيله ، و لما بيرجع لربنا و بيصبر ربنا بيكافئه على صبره . أهم حاجه الإنسان يستفيد من البلاء أو المحنه اللي هو فيها أنه يقرب لربنا يا أدهم ..

+


انهى كلماته و ربت على كتفه ثم نظر إليه نظرة مشجعه و انصرف الى الداخل ليشعر أدهم بأن رئتيه سوف تنفجر من شدة الإختناق و أن الهواء غير قادر على الوصول إليها فأخذ ينظر إلى السماء برجاء صامت و روح تبكي و قلب ينزف حزنًا على فراق الحبيب ليجد أقدامه تأخذه تلقائيًا الى المرحاض و أخذ يتوضأ ثم ذهب الى غرفة حبيبته و أخذ ينظر إلى محتوياتها بقلب ينزف من شدة الوجع ليقوم بجلب سجادة الصلاة وفردها ثم شرع في أداء الصلاة و ما أن لامس جبينه الأرض حتى هطلت الدموع التي كانت ستُفجر مقلتيه من شدة الحزن و أخذ يقول بقلب مفطور 

+


_ يااااااارب .

+


كلمه كانت تحمل بداخلها الكثير من الوجع الذي لا يقدر قلب إنسان علي تحمله .. فأخذ يكرر كلمته كثيرًا إلي أن خرجت بعدها الكلمات دون إرادته و كأنها تخرج من قلبه لا من شفتيه

+


_ يارب متعاقبنيش بيها . انا عارف اني غلطت و استاهل بس انت كريم اوي يارب و أنا ضعيف اووووي ومش عايز حاجه من الدنيا غير أنها ترجعلي و تبقي بخير  يااارب 

+


اللهم اني اشكو إليك ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على الناس 

+


ظل أدهم على حاله لوقت ليس بقليل يدعو الله بكل ما يعتمل بداخله من وجع و دموعه تحكي مقدار ندمه الذي كان يأكل خلايا قلبه إلى أن انتهى و قام بالنظر حوله مرة ثانيه واستنشاق عبيرها الفاتن الذي يسكن جدران هذا المكان ثم خرج من الغرفه على صوت جرس المنزل و تلك الكلمات التي جعلت قلبه علي وشك أن ينخلع من مكانه 

+


_ انا عرفت مكان كارما و غرام ..

+


يتبع .



التاسع والعشرين من هنا 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close