رواية للعشق وجوه كثيرة الفصل الخامس والعشرين 25 بقلم نورهان العشري
أعتقد بأنه لا شئ في الحياة أجمل من أن يجد الإنسان نفسه في المكان المناسب …..
+
نورهان العشري ✍️
+
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
+
دلف إلى غرفته و هو يشعر بأنه يحمل جبال من الهموم عاتقه فمن جهة جده الذي يعلم أنه لم ينساق خلف أوامره إلا مجبورًا و هو لأول مرة بحياته يستغل شده تعلقه به و لكنه كان مُجبرًا أيضًا في كسر شوكه تلك الحية و هذه هي البداية فقط ! و من جانب آخر عمه مراد فهو يعلم أنه يكره تلك المرأة كثيرًا فقط ما يجعله يتحمل وجودها هي نيفين ابنته الوحيده و هو لن يلومه على هذا فهي لا ذنب لها سوى أنها ابنة أسوء إمرأة على وجه الأرض فكيف يمكنه التخلص من تلك المرأة دون أن يؤذي عمه و ابنته ؟
+
و كيف يمكنه أن يعيد السلام مرة ثانية إلى هذا المنزل؟ فهو مُمزق بين عائلته و بين قلبه فأكثر ما يتمناه الجميع أن يُخالف هوى قلبه و أكثر ما يتمناه هو جمع شملهم جميعُا و أن يسعد من المرأة الوحيدة التي يُحِب و التي عند ذكرها يشعُر بدقات قلبه تتقاذف بعنف يوشك على الفتك بصدره فجمرة اشتياقه لها مازالت مُشتعِلة بل و تزداد أكثر و أكثر فمهما اغترف من عشقها لا يشبع و لا يمل أبدًا .
+
و لكن عل قدر ذلك العشق تحرقه نيرانها وكأن حبها هو الخطيئه التي أقسمت الحياة على جعله يدفع ثمنها في كل لحظه تمر في عمره !
+
بُعدها يقتله و قربها يحرقه فهاهي تفصله عنها بعض سنتيمترات بسيطة و لكنه لا يستطيع الذهاب إليها و الارتماء بين جنبات عشقها فهو الشئ الوحيد الذي يجعله يهدأ الآن .
+
فقد استرد أنفاسه عندما عادت مرة ثانية إلى منزله و الآن يشعر بالاختناق فوجودها معه في نفس المكان و لكن في غرفة منفصلة عنه يقتله و لكن عليه أولًا أن يجعلها تثق به و أن تتعلم أن تواجه أزماتها بدلًا من الهروب منها . فأبدًا لن يحتمل أن يستيقظ يومًا علي فاجعة رحيلها مجددًا فقلبه لن يتحمل تكرار تلك المُعاناة من جديد…
+
قاطع شروده هذا الدخول العاصف لتلك الجنيه الغاضبه ذات الخصلات الحريرية الصفراء بعينيها المتوهجة جراء غضبها لتبدو كشمس حارقة أضفت دفء لذيذ على عالمه ولكن استوقفته تلك النبرة المُختنقه في صوتها حين قالت
+
_ إحنا لازم نتكلم ..
+
لم تستطع أن تُسيطر على براكين غيرتها التي ثارت عندما رأته خارج من غرفة نيفين لتندفع الدماء إلى رأسها ضاربه بعرض الحائط كل العادات و التقاليد و لم تشعر بنفسها سوى و هي تقتحم غرفته بعد أن عدت للعشرة حتى تُسيطر على أنهار العبرات المتجمعه في مقلتيها لتجد نفسها وجها بوجه معه فاجتاحت جسدها رجفة قوية عندما لم يقم بأي رد فعل سوى نظرات غامضة لها فهي لا تُدرك مقدار سعادته بوجودها الآن معه حتى أنه لم يستطع التفوه بحرف و قد نسى غضبه منها و ايضًا قسمه بأن يروضها و يجعلها تدرك مدى فداحة خطأها لكي لا تُعيده مرة أخرى بل قاده قلبه إليها في خطوات ثابتة على عكس لهفته العارمة لنيل قربها والارتشاف من عشقها الذي يُعذبه و يقض مضجعه فإن كانت السماء قد أرسلتها إليه في تلك اللحظة فهو حتمًا لا ينوي أن يضيع فرصته أبدًا …
+
وجدت نفسها محتجزة بين قضبان عشقه التي التفت حولها
+
في احتواء ساحق سلب منها حتى أنفاسها ليُكلل ذلك الاحتواء ببتلات الورد التي نثرها فوق تقاسيمها و بين ضفتي كريزيتها فضاع تعقلها و جميع ثباتها حتى أنها لم تدري كيف عمقت من اقترابهم تُحيط بشهبها الدافئ رقبته لتُضفي رونقًا على قربهم و كأنها تُخبره بأن روحها تتوقف على هذا القرب فلم تنتبه لتلك الطاوله التي سقطت و تلك المزهرية التي تحطمت و كأن جميع الأصوات أختفت حولهم فلم يصل إلى مسامعهم سوي همسات العشق المنبعثة من قلوب أضناها البعد ليستغرق الأمر دقائق حتى يستجيب كلا منهما لرجاء صامت لرئتين أوشكت على الهلاك
+
أسند يوسف جبهته فوق خاصتها و صدره يعلو و يهبط من فرط الإشتعال و انفاسه الموقدة توازي ضجيج صدره المُحترق بنيران العشق الذي روى خديها فأنبت زهرًا مُشعًا مما جعله يقوم بقطف ثماره بتروي و يغرسها بين بطينانه فهو مكانها الصحيح و لن يقبل أبدا ان تنشق عنه بعد الآن و قد كانت تشاطره الرأي قولًا و فعلًا فبادلته القرب بأقرب حتى أنه شعر بأن الأرض لم تعد تحمله من فرط السعادة ليقول بصوت أجش
+
_ عرفتي منين إنك وحشتيني ؟
+
أجابته كاميليا بنبرة خافتة لها وقع مُثير
+
_ يمكن عشان انت كمان وحشتني ...
+
أنهت كلماتها تزامنا مع انهمار شلال المطر من عينيها التي أحرقت صدره ليحوي وجعها بين كفوفه و يلف ضماد كلماته فوق جراحها النازفة
+
_ ليه الدموع دي .؟
+
لم تُفصح عن جراحها و اكتفت بإعلان شوقها صراحةً
+
_ قولتلك وحشتني ..
+
ولكنها اخفضت رأسها خوفًا من أن تُعري عينيها عمق وجعها الذي صداه كان مؤلمًا بحق فهمس بهسيس خشن
+
_ إيه اللي واجعك يا كاميليا ؟
+
_ قلبي يا يوسف . قلبي واجعني أوي
+
غافلتها الكلمات و انبثقت من بين شفتيها على هيئة جمرات حارقه فوق طيات قلبه المُلغم بآلام و آثار مُضنية و لكنه حلول احتواء وجعها قائلًا بحنو
+
_ سلامة قلبك يا روح قلبي ..
+
همست بحرقة منبعها جوفها المُشتعِل
+
_ جواه نار قايدة و مش راضيه تنطفي .
+
شدد يوسف من احتوائه لها فكيف لا يعلم بنارها و قد أحرقته قبلها فهو يعلم مقدار غيرتها و لكنه لا ينبغي أن يكُن أنانيًا بعد الآن و يجب أن يُعيدها إلى رُشدها و يضع الأمور في نصابها الصحيح لكي يُعاد ترميم هذا المنزل من جديد فأخذ يربت على ظهرها بحنان قائلا بصوته العذب
+
و أنا روحت فين من كل دا !
+
اندفعت بنبرة محرورة
+
_ أنت اللي ولعتها يا يوسف و دا اللي واجعني أكتر . أنك كنت قاصد دا ....
+
رفعت رأسها تطالعه بعينين تبلور بهم العتاب و الألم الذي انعكس على نبرته حين قال
+
- " أنا مقصدتش اوجعك .. انا بس قصدت افكرك باللي كنتِ عايزاني اعمله . اني اعيش حياتي ووو
+
قاطعته بوضع أصابعها امام شفتيه لتمنعه من الاسترسال في هذا الحديث و تذكيرها بذنبها العظيم و هي تقول بلوعه ناتجه عن احتراق داخلي هائل
+
_ متكملش . أوعى تكمل أرجوك . انا لو كنت أطول اقطع ايدي اللي كتبت كدا كنت قطعتها والله العظيم ...
+
تلهفت نبرته حين قال وهو يستند بجبهته على خاصتها
+
_ اوعي تقولي كده تاني .
+
_ لا هقول يا يوسف و انت لازم تسمع
+
لم يستطِع مقاومة إغواء الحديث معها ووالنظر إليها عن قرب بعدما ذاق لوعه فراقها و قد راقه كثيرًا نبرة التحدي التي لونت نبرتها
+
_ قولي اللي جواكِ . سامعك .
+
تجاهلت ضجيج قلبها إثر عينيه التي تشملانها بعشق لم تخطئ في فهمه ولكنها حاولت الثبات قدر الإمكان حين قالت
+
_ لو كنت مفكر انك كدا بتربيني و بتتأكد إني اتعلمت من الدرس فأنت اتأخرت اوى . أنا اتعلمت الدرس من اول لحظه مشيت فيها و سبتك هنا و أنا سايبي روحي معاك
+
تحشرج صوتها وهي تُضيف
+
_ اتعلمت الدرس في كل ثانيه اتمنيت بس المح طيفك حواليا عشان أحس بالأمان بس كنت بفتكر إني أنا اللي ضيعتك من ايدي . في كل لحظه كنت بتجنن من شوقي ليك كنت بندم و اتمنى أني أكون في كابوس و أصحى منه الاقيني جنبك .
+
حاولت كظم وجعها بشتى الطرُق وهي تقول
+
_ مش انت اللي هتعلمني الدرس . قلبي اللي علمهولي .
+
ارتفع رأسها و هي تُناظره بعنفوان إمرأة صنعت من رماد حطامها جدار تتكئ عليه
+
_ لكن لو فاكر إن كاميليا الحسيني هتقدر تكسرها بواحده تانيه و خصوصًا لو كانت الواحده دي نيفين فأنت غلطان ، و غلطان اوي كمان . عشان قلبي اللى جابني لحد عندك دلوقتي يشتكيلك منك هو بردو اللي هياخدني من إيدي و يقولي المكان دا مش مكاننا .
+
لم تفلح في إخماد لوعتها وهي تقول
+
_ اغضب ، زعق ، كسر ، اضرب حتى لو دا هيريحك و يخليك تتأكد إني فعلًا اتعلمت من غلطي بس اوعى توجع قلبي كدا تاني .
+
أنهت كلماتها لاهثه فهي تعلم أنها قد تمادت كثيرًا معه و لكنها حتمًا لن تحتمل تلك النيران و آثارها على قلبها الذي اسودت معالمه جراء هذا الجحيم الذي تحياه
+
كعادته يُفاجئها حين قال بجفاء
+
_ الإيد اللي تتمد عليكِ هقطعها يا كاميليا حتى لو كانت إيدي .
+
لن تُنكر أن كلماته لها وقع الغيث على قلبها الذي اهتزت اوصاله من فرط المشاعر التي أثارها به و لكنها لن تتراجع حتى تضمن أن طريقهم لم يكُن به طرف ثالث لذا قالت بلهجة جاف
+
_ يعني إيه مفهمتش بردو ؟ إيه ردك على كلامي ؟
+
زفر وجعه و حيرته في آن واحد وهو يقول بغلظة
+
- " معنديش رد يا كاميليا . بس في نفس الوقت جوايا غضب كبير مش هيهدى غير بيكِ . لكن..
+
قطعت الخطوات الفاصلة بينهم بلهفة تناثرت من عينيها و لهجتها حين قالت
+
_ من غير لكن . زي ما غلطت هصلح غلطتي ، و هكون قد ثقتك فيا المرادي والله . مش هسمح لحاجه و لا حد أنه يخوفني بس ارجوك سيبني اداوي الجرح اللي اتسببت فيه.
+
ضاع تخبطه أمام لوعتها و رجائها
+
_ سيب نفسك ليا و أنا هضيع الغضب دا كله . الله يخليك ادي قلوبنا فرصه تانيه .
+
رفع إحدى حاجبيه و قال مستنكرا
+
_ تانيه ..!
+
هتفت بحدة
+
_عاشرة يا يوسف … ايه منستحقش ؟!
+
لم تجد منه إجابه لتتابع قائله بلوعة قد أحرقت قلبه
+
- " أرجوك طمني .. أنا طول الوقت خايفه و مرعوبه من فكرة إنك تعاقبني و تبعد عني .. طول الوقت عايزة اترمي بين حدود قلبك عشان عارفه ان دا الوقت الوحيد اللي قلبي هيأمن فيه من عقابك .
+
ذرفت لوعتها في تلك الكلمات المُلتاعه
+
_ طول الوقت بدعي قلبك و قلبي يشفعولي عندك . لكن أنا بجد خايفة ، و خوفي منك اكبر من اي خوف في الدنيا . انا عارفه انك عمرك ما بتسامح و مش سهل أبدًا تنسي بس أنا إستثناء .
+
همست بالوعة
+
_ صح ؟ صح يا يوسف
+
قالت جملتها الأخيرة بنبرة أشبه بالتوسل و كانت نظرات عينيها يائسه و كأن حياتها بأكملها متوقفه على إجابته لسؤالها و ظلت للحظات أسيرة نظراته الغامضة التي استطاعت و ببراعة إخفاء ذلك الصراع الدائر بداخله بين قلبه العاشق لها و عقله الرافض لوجودها و كلاهما يملكان الحق و هو ممزق بينهما يعلم أنه تنازل كثيرًا لأجلها ودائمًا ما تغلبه نوبات اشتياقه لها فيتجاهل تحذيرات عقله و يضرب بعرض الحائط كل القرارات التي يأخذها في غيابها و متى تشرق شمسها على قلبه يصبح كالمسحور أمامها فيتحول صدره إلى بركان مُشتعِل من شدة لهفته إلى قربها .
+
هم بإنهاء ذلك الصراع المرير على طريقته عله يستطيع أن يمحو تلك النظرات الحزينة من عينيها ليتفاجئ من إقتحام نيفين لغرفته و التي اصطدمت بوجود كاميليا داخلها و التي لم تكن أقل صدمة منها لتتفاجئ بدخولها هكذا بدون أي إستئذان لغرفته و هو الشئ الذي كان من رابع المستحيلات سابقًا فتمزقت اوتار قلبها الذي بدا و كأن قبضة قوية اعتصرته و خاصةً عندما لم يصلها أي رد منه لتشعر بوجوب انسحابها و إذ بنيفين تُباغتها بذلك الاستفهام الأهوج الذي أشعرها و لأول مرة بأنها دخيله علي حياته ..
+
_ ممكن أعرف حضرتك بتعملي إيه هنا ؟
+
لملمت شتات نفسها بصعوبه و قالت بصوت حاولت أن يبدو واثقًا رافعه رأسها بكبرياء بعد أن طالعتها بنظرة قاسية
+
_ اللي بعمله هنا ميخصكيش يا نيفين ، و عموما أنا خلصت اللي كنت جايه عشانه و كنت هخرج .
+
ما أن همت بالتحرك لتتفاجئ بقبضه قويه اوقفتها جاذبه إياها لتصبح على مقربة كبيرة منه و لم يكتفي بذلك بل التف قيد عشقه حولها لتستشعر دفء حناياه يغمرها وكأنه بتلك الفعله محى من قلبها كل تلك الجروح التي أوشكت في أن تقتلها ألمًا …
+
فقد كانت غافلة عن أن حزنها هو أكثر ما يقتله أنه لم يسمح لأحد قط بالتجرا عليها و بأن مكانتها بينهم كونها زوجته لن يتم التعدي عليها أبدًا و أخيرًا جاءت لهجته قاسية باردة كالصقيع
+
في حاجه يا نيفين ؟
+
كانت تغلي في مراجل من رؤيه غريمتها بجانبه بتلك الطريقة و قد أعمتها الغيرة فبعد كل ما فعلته لإزاحتها من طريقها تأتي مرة أخرى وكأن شيئا لم يكُن !
+
فصاحت مغلولة
+
_ عايزة اعرف هي بتعمل ايه في أوضتك يا يوسف ؟
+
رفع يوسف إحدى حاجبيه و قال بلهجه ساخره
+
_مش ملاحظه إن سؤالك غريب شوية ! يعني في حد يسأل واحده بتعمل إيه في أوضة جوزها ؟
+
إن كانت قبل للحظات غاضبه فبعد إجابته هذه أصبحت مشتعلة كالجحيم لتزداد ثورتها و علو صوتها وهي تقول باستنكار
+
_ بعد كل اللي حصل يا يوسف و بتقول مراتك .!
+
قاطعها بصرامة و نظرات قاسية
+
_ نيفين .. الزمي حدودك و اوعي تتخطيها . اللي بيني وبينها محدش له فيه .
+
ازدادت قتامة نظراته و شابهتها لهجته حين قال
+
_ و متقلقيش قريب اوي هكشف كل اللي حصل أيه أسبابه ادام الناس كلها فمتستعجليش اوي .
+
أصابتها كلماته في الصميم فهل كان يهددها الآن ؟ هل أخبرته كاميليا بما فعلته والدتها ؟؟
+
نفى عقلها تمامًا تلك التساؤلات فإن كان علم شئ لن يصمت ولو ثانيه فكان سيقيم القيامه فوق رؤوسهم .
+
إذن فتلك الحية قد استخدمت سحرها عليه مرة أخرى ..
+
قاطع سير أفكارها سؤاله لها و خاصةً عندما تحدث بتلك النبرة و كأنه صبره عليها قد نفذ و لم يعد يحتمل وجودها كحاجز بينه وبين غريمتها
+
_ مش هتقولي كنتِ عايزة ايه بردو؟ ولا هنقعد طول الليل نبص لبعض هنا !
+
_ أبدًا يا يوسف كنت جايه عشان نكمل كلامنا ..!
+
استنكر بجفاء
+
_ كلامنا ! احنا كلامنا خلص خلاص و أنا قلتلك اللي عندي و أظن انك دلوقتي اتأكدتِ أن كلامنا خلص ..
+
لم تؤلمها كلماته و لا نظراته و لا تشبثه بغريمتها بتلك الطريقة و إنما أكثر ما آلمها تلك النظرة المُنتصرة في عينيها و التي جعلتها تقسم داخليًا أنها لن تجعلها تستمر طويلاً فكل ما استطاعت أن تفعله هي إيماءة بسيطة من رأسها متبوعه بكلمات واهيه ثم اندفعت خارج الغرفه كالبرق …
+
وما أن خرجت نيفين من الغرفه حتي فوجئ يوسف بتلك الشعلة النارية تمسك به من مقدمة قميصه وهي في حالة غضب جنوني قائله
+
_ بص أنا هاديه و عاقله اهوة عايزاك بقي انت كمان تبقى عاقل كدا وتقولِ بالحرف الواحد ايه الكلام اللي حصل بينك و بين البت دي ؟ عشان مولعش في البيت دا حريقة .
+
لو لم يكن يدرك علميا بأنه خطأ لظن بأن قلبه قد انسل من بين ضلوعه مُحلقًا في السماء من فرط السعادة بتلك الغيرة الجنونية التي تملكتها و لكنه قاوم بشق الأنفس فكرة أن يُريها الآن مدى عشقه لها خوفًا من عدم قدرته على التحكم بمشاعره ليقوم باحتوائها حتى لم تعد قدماها تُلامس الأرض ليتقدم إلى باب الغرفه و قام بفتحه ثم وضعها خارجه بعد أن قام بغرس زهر عشقه على جانب وجهها الايمن ليقول بفظاظة تُنافي روعة ما تحمله كلماته
+
_ مش لازم كل حاجه تعرفيها . و يالا قدامك عشر دقائق بالكتير عشان تجهزي في ميعاد عشا . عايز انزل الاقيكِ تحت و إياكِ تتأخري
+
لم تستوعب ما يحدُث و حين أوشكت على الحديث فجر بارود عشقه في تلك الجمله البسيطة
+
_ يا أحلى إستثناء في حياتي
+
انهي كلماته ثم قام بإغلاق الباب خلفها و دقات قلبه تقرع كالطبول فتلك المجنونه التي امتلكت قلبه قادرة على التسبب في احتراقه كليًا بهذه المشاعر القوية التي تُثيرها به و المقاومة مُهلكة حتى الألم فلا يعُد يعلم أي سُلطة تمتلكها تلك المرأة على قلبه لتجعله أمامها مغيبًا لا يشعر بشئ سوى بأنها منه و تنتمي إليه ؟
+
★★★★★★★
+
لقاء واحد عابر قد يقلب حياتك رأسًا على عقب ، قد يجعلك تشعُر بأن ما مضى من عمرك لم يكن حياه…
+
نورهان العشري ✍️
+
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
+
بعد مرور عدة أيام كانت تدور في غرفتها كالفراشة الحائرة لا تدري ماذا عليها أن تفعل حتي تهدئ قليلًا من ذلك الشوق الذي يحرقها منذ آخر لقاء بينهمَ ؟
+
فلازالت تذكر جيدًا كيف كانت نظراته إليها ؟ فقد كانت تشعر و كأن عيناه تغمرها و بأن ضلوعه تحتويها بالرغم من عدم اقترابه منها ..
+
تشعر وكأن هناك مغناطيس يجذبهما تجاه بعضهما البعض . حاولت كثيرًا الا تفكر به و لكن عبثًا فما أن تُحاول طرده من مُخيلتها و تلجأ للنوم حتى يأتيها في الحلم كفارس بحصانه الأبيض يختطفها كما يختطف الأمير محبوبته .
+
تعلم في قرارة نفسها بأن هُناك الكثير من العقبات أمامهم و لكن ما حيلتها أمام قلبها الذي هام به عشقًا من اول لقاء برغم من رفضها لتلك المشاعر كونه لم يتخذ خطوة واحدة تجاهها ولكنها تجد نفسها مجبرة على التفكير به كل دقيقه حتى أنها في بعض الأحيان كان تتشاجر معه بداخل عقلها كي يتركها طيفه و شأنها …
+
قاطع شرودها صوت رنين هاتفها فقامت بإلتقاطه لتشعر وكأن تيار كهربائي قد صُعِقت عندما وجدت أن المتصل لم يكن سوى ذلك الفارس المطبوعة صورته على جدران قلبها
+
ازدادت وتيرة أنفاسها وارتجافه يدها و هي تضغط على زر الرد لتضع الهاتف على أذنها تُجيب بنبرة مهزوزة
+
آلوو ..
+
أتاها ذلك الصوت الذي اشتاقته بشدة و رقص قلبها طربًا لسماعه حتى ظنت بأن صوت دقاتها قد وصلت إليه و لا تدري شيئًا عن معاناته فقد حاول كثيرًا تجاهل اشتياقه لها ورغبته الملحة في محادثتها فهو رجل غير معتاد على اللهو و العبث و خاصةً كونهما تربطهما علاقه اسريه فقد آثر التأكد من حقيقة مشاعره نحوها قبل أن يأخذ اي خطوة تجاهها لكي لا يندم لاحقًا ، فأخذ يقاوم ضجيج قلبه الذي كان يتوسله بأن يروي ظمأ اشتياقه لها و التواصل معها و لكنه كان يردعه بشدة إلى أن فاض به و قرر في لحظة جنونية أن يهاتفها بحجة الإطمئنان على ابنة خالته و سرعان ما قام بالإتصال بها ليأتيه صوتها العذب الذي جعل ذلك الساكن علي يساره يرتجف من شدة الشوق ..
+
_ ازيك يا روفان .
+
قالها علي بنبرته الجذابة التي دائمًا ما يتخللها الثبات فيُضفي عليه مزيدًا من الجاذبيه حاولت أن تبدو لهجتها ثابته مثله حين قالت
+
_ الحمد لله بخير . ازيك انت يا سيادة الرائد ؟
+
_ بخير مادام انتِ بخير ..
+
قالها علي بصدق فكونها بخير هذا يجعله يشعر بأنه على ما يرام حتى و لو كان غير ذلك
+
تلعثمت من حديثه و تضاعف ارتباكها فجاءته نبرتها مُرتجفة حين قالت
+
_يارب دايمًا .
+
صمت دام لثوانٍ كسره علي زافرًا و كأنه كان في معركة انهكته ليقول بنبرة عميقة
+
_وحشتيني !
+
باغتتها كلمته حتى شعرت بأن قلبها قد قفز من بين ضلوعها من شدة انتفاضته فتسارعت أنفاسها و جف حلقها فأي شعور هذا الذي جعلها تحلق في السماء السابعة من مجرد كلمة ؟
+
وجدت صعوبة في إخراج صوتها فصمتت خوفّا من أن تُخبره بأنها تموت شوقًا إليه لتأتيها نبرته التي يشوبها بعض القلق من صمتها
+
_روفان . انتِ لسه معايا ..؟
+
_ معاك .
+
أجابته هامسه فبادرها بلهفه
+
_ ليه مابتروديش عليا ؟
+
_ ينفع أسألك سؤال ؟
+
هكذا تحدثت بهمس قابله مزاحه حين قال
+
_ ينفع تسالي اللي انتِ عيزاه من غير ما تستأذني .
+
تحدثت بلهفه و لهجة حوت بعض العتب
+
_ انت ليه مشيت كدا على طول من غير حتي ما تسلم عليا ؟ قصدي علينا !
+
اتسعت ابتسامته فقد كشفت تلك الصغيره عن اشتياقها له بذلك السؤال الذي يبين مدى برائتها و قلة خبرتها ليجيبها بلهجة صادقة
+
_ غصب عني والله . كان نفسي أسلم عليكِ اوي قبل ما امشي بس حصلت ظروف اضطرتني اني اسافر بسرعه .
+
هتفت بلهفه و بلهجه طفوليه راقت له كثيرًا
+
و متصلتش بيا ليه من وقت ما مشيت ؟
+
ما أن أنهت جملتها حتي شعرت بمدى خطأها في البوح بمشاعرها و افتقادها له عن طريق ذلك السؤال الغبي لتحاول تصحيح خطئها قائله ..
+
_اقصد يعني متصلتش تطمن على كاميليا ليه هي مش بردو بنت خالتك ؟
+
ابتسم هذه المرة ابتسامه واسعه على هفوتها الأكثر من مُحببه إليه ليشاكسها قائلًا
+
_ متصلتش علي كاميليا عشان بعرف أخبارها كل يوم من ماما و البنات .. و متصلتش عليكِ عشان مابحبش آخد خطوة غير و أنا متأكد منها .
+
_ واتأكدت ؟
+
_ و إلا مكنتش اتصلت .
+
ما أن ختم كلماته حتى أتاه صوت كارما القادم من الخارج قائلة
+
_ يالا يا لول.. الناس جت تحت تعالى عشان تفتح لهم
+
شعرت روفان بالحرج فقالت بلهفة
+
_ طب شكلك مشغول اسيبك بقي لضيوفك .
+
علي بتذمر
+
_ للأسف مضطر اقفل معاكِ لإن الضيوف دي مينفعش تتأجل .
+
خربش الفضول جدار قلبها لتسأله بلهفه
+
_ ليه ؟ هما مهمين أوي كدا ؟
+
_ أه يا ستي دا عريس جاي لغرام أختي و جاي من آخر الدنيا عشان نقرأ الفاتحه النهاردة . انتِ ممكن تكوني تعرفيه دكتور رامي اللي كان بيشرف على حاله كاميليا في المستشفى . فللأسف مقدرش اكنسل الميعاد و إلا مكنتش سيبتك .
+
اطمأن قلبها لكونها عرفت ماهيه ما يحدث لتقول بخجل
+
- " لا و لا يهمك .. الف مبروك . عقبالك .
+
أجابها علي متخابثا
+
_ هنشوف موضوع عقبالك دا بعدين . سلام دلوقتي و نكمل وقت تاني في كلام كتير عايز اقولهولك .
+
أغلقت روفان الهاتف و وضعته فوق قلبها الذي كان يرقص طربًا لتلميحاته المُبطنه و ايضًا تصريحه باشتياقه لها بعد ما كانت تُعاني الأمرين من افتقادها له هاهو يعيد إلى قلبها الطُمأنينة و يبثها بكلمات بسيطه تلك السعادة الفريدة من نوعها التي لم تشعر بها قط طوال حياتها حتى أنها شعرت بأن الأرض لا تحملها و أخذت ترقص مغمضة العينين داخل غرفتها و تدور حول نفسها مثل الفراشة لتصدم بتلك التي كانت تستمع لحديثها من بدايته و تنظر إليها بخبث فقد فهمت على الفور بأن صديقتها قد وقعت في العشق ..
+
_ الله .. الله دا ايه الفراشه البي طايرة في القصر بتاعنا دي أن شاء الله !
+
روفان بحنق
+
_ ايه يا هبابه انتِ خضتيني . مش تخبطي و لا تكحي و انتِ داخله !
+
تشدقت ساخرة
+
_ ياتي بطه . الأوزعة بتاعتي بقت بتتخض زي باقي البشر ! لا . لا مش مصدقه نفسي .
+
روفان بحنق
+
_ خفه . ايه يا بت اللطافه دي ؟
+
اغمضت كاميليا عين وفتحت الأخرى ثم ألقت ذراعها حول كتفي روفان قائلة بنبرة ذات مغزى
+
_ اممم و هيبقى الطف و الطف لو قولتيلي ايه الجو اللي كان في الفون دا ؟
+
ارتبكت من كلمات كاميليا خشيه انفضاح أمرها فقالت بارتباك
+
_إيه ده هو انتِ واقفه هنا من امتى ؟
+
قامت كاميليا بافتعال ملامح حالمية علي وجهها و قالت بلهجة رومانسيه مُفتعله
+
_ من أول متصلتش بيا ليه من ساعة ما مشيت ؟ أة اقصد متصلتش تسأل علي كاميليا ليه ؟ هي مش بردو بنت خالتك ! بتجيبوا سيرتي ليه ؟ ها ليه ؟
+
امتعضت ملامح روفان من افتضاح أمرها كليًا امام صديقتها فقالت بجفاء
+
_ أهو اخيرًا بقالك لازمه و الواحد هيعرف يستفاد منك بحاجه .
+
قامت كاميليا بالعبث بخصلاتها بمزاح وهي تقول
+
_ أنا يا أوزعه ماليش لازمه !
+
تحدثت روفان بتأفف محاوله نزع خصلاتها من يدها
+
_ بس يا بت سيبي شعري ..
+
عاندتها قائلة
+
_ مش هسيبه غير لما تقوليلي الموضوع من طأطأ لسلامو عليكوا .
+
برقت عين روفان من فرط الإثارة ثم قامت بإعتقال رقبة كاميليا ساحبه إياها للجلوس فوق مخدعها سويًا قائله بحماس
+
_ تعالي هقولك … دانا عندى كلام كتير عايزة احكيهولك يا بت يا كامي .
+
شاركتها كاميليا الحماس معانقه هي الآخرين رقبةروفان وهي تصيح بمرح
+
_ ايوا بقي عايزين نرجع أيام الرغي و النميمة بتوع زمان .
+
+
أعتقد أن من اجمل ما يمكن أن يمتلك الإنسان في حياته هي روح آخرى تُشاركه جميع أحزانه و أفراحه تحنو عليه وقت احتياجه فقد جاء الصديق من الصدق . الصدق في كل شئ لذا فأنا أعتقد بأن التعريف الصحيح للصديق هو ذلك الشق الذي انشطر من روحك ليسكُن جسد آخر حين تحتضنه تشعر بالإكتمال فإن كان كل البشر كاذبون فروحك أبدًا لن تفعل فهي دومًا صادقه فهنيئًا لمن وجد ذلك الشق المفقود من روحه .
1
نورهان العشري ✍️
+
★★★★★★★★
+
في مكان آخر نجد روح تائهه لا تدري علي أي أرض تقف أو بأي مكان عليها التواجد .. تشعر بأنها وضعت نفسها بين شقي الرحى بإتخاذها هذا القرار بالموافقة على تلك الزيجة فقد اعماها بريق الإنتقام و أغرتها لذة طعمه عندما ترى الهزيمة والقهر في عيني من كسر بريق روحها و أفقدها طعم الفرح و لا تدري أن تلك اللذة تحوي بداخلها مرارة لم يقوي فؤادها علي تحملها و لكنها أبت الانهزام و فضلت الإنتصار المُزيف الذي صوره لها قلبها المكسور فأخذت قرارها الذي تشعر بأنه كالحبل الذي التف حول رقبتها ما أن سمعت أصوات حولها بالغرفه تختتم الفاتحة . فاتحه الطريق لهلاكها !
+
_ و لا الضالين .. آمين .
+
ما أن انتهت العائلتين من قراءة الفاتحة حتى توالت التبريكات علي العروس غرام و عريسها الدكتور رامي الذي كان أكثر من سعيد بارتباطه بتلك الجنية الجميلة التي سرقت النوم من عينيه لحظة رآها . و لا يعلم شيئًا عن تلك الحرب الدائرة بداخلها و التي لا يدركها عنها أحد سوى شقيقتها ووالدتها التي كانت تعلم في قرارة نفسها بقرار ابنتها الخطأ فحاولت ثنيها بشتى الطُرق عن ذلك الطريق الخطأ لتظل الأخيرة على قرارها لتتركها في نهاية الأمر تتحمل نتيجه قراراتها حتي أنها عندما اقتربت كارما منها قائله بحزن علي شقيقتها
+
_ ماما انا حاسه إن غرام مش مبسوطه . شفتي شكلها عامل زي التايهه إزاي ؟
+
أجابتها فاطمة بحزم
+
_ الموضوع دا اتقفل خلاص هي خدت قرارها و لازم تبقى قده و تتحمل نتايجه .. اللي بيشيل إربه مخرومه بتخر على دماغه . يالا عشان نبارك لهم .
+
اقتربت فاطمه بقلب يتألم لحال طفلتها و لكنها أبت أن تظهر شئ لتحتضنها متمتمه لها بكلمات المباركة فتفاجئت بابنتها تتشبث بها بقوة و كأنها طوق نجاتها مع سقوط بعض قطرات من الدموع من مقلتيها و كأن قلبها يشكو لوالدتها قائلا
+
_ أتألم يا أمي .
+
ربتت فاطمه فوق شعر غرام و من دون النطق بشئ فإن لم تقدر أن تشارطها حزنها علنًا فلتترك الأمر لقلبها عله يبثها بعضًا من الهدوء و الأمان فطال العناق لدقائق حتي لاحظ جميعهم تشبث غرام بوالدتها ليتدخل علي بمزاح قائلا
+
- " إيه يا جماعة في ايه ؟ انتوا قلبتوها دراما ليه كدا ؟ دي يدوب قرايه فاتحه يعني قاعدة علي قلبنا لسه شويه كمان .. "
+
تولت والدة رامي الإجابة فقد رجحت أن سبب بكاء العروس إفتقادها لوالدها فكثير من الفتيات يتمنون أن يكون أباؤهم بجوارهم في تلك اللحظات
+
_ دي دموع الفرح يا علي واضح إن عروستنا مش جميله اوي و بس لا دي كمان رقيقه و حساسه اوي .
+
ارتفع حاجب علي تلقائيًا قائلا ببلاهه
+
- " غرام اختي انا رقيقه و حساسة ؟!
+
- " قصدك ايه مش عجباك و لا حاجه !
+
نجح علي في جذب انتباه غرام و تشتيتها عن حزنها التي ما إن سمعت حديث والدة خطيبها حتى انسلت من بين أحضان والدتها لتغتاظ من دعابه أخيها و تعود لها شخصيتها المشاغبه من جديد
+
- " لا طبعًا هو انتِ في زيك يا ميمو ! دا انتِ اكتر حد جميل و حساس في الدنيا .
+
تحدث علي بصدق محتضنا شقيقته بحب ليبارك لها خطبتها محاولًا أن لا يلتفت لعقله الذي يُخبره بأنه يوجد خطب ما بها مؤجلًا النقاش في الأمر لحين آخر …
+
_ طب إيه يا جماعه مش نسيب العرسان يقعدوا شويه مع بعض ؟
+
تحدث والد رامي ليجيبه علي موافقًا فخرج الجميع تاركين العروسان بمفردهما حتي يتحدثان قليلًا ولكنها قد سلكت درب الصمت خافضة رأسها تتمني لو أنه يمكنها أن تطلق قدميها للريح لتحملها خارج الغرفه تاركه ذلك الخطيب المزعوم يحادث نفسه ولكنه قاطع أفكارها مقتربًا منها قليلًا قائلا بنبرة هادئة
+
_ غرام .
+
_ نعم .
+
أجابته غرام بإقتضاب ليتجاهل نبرتها قائًلا بهدوء
+
_ هتفضلي ساكته و باصه في الأرض كدا
+
كتير ؟
+
_ عايزني أعمل ايه ؟
+
تحدثت غرام بنفس لهجتها المقتضبة ناظرة إلى الأمام تتحاشى أن تتقاطع أعينهم بنظرة ما ليسألها بلهجة ودودة
+
_ طب مش عايزة تسأليني عن أي حاجه ؟
+
_ لا .
+
إجابتها كانت مقتضبة و مختصرة و لكن ذلك لم يشبع فضوله أو يردعه عن محادثتها و حاول تجاهل عقله و رد حديثها المقتضب إلى خجلها
+
_ طب ينفع أنا أسألك ؟
+
_ اتفضل .
+
_ أنتِ وافقتي عليا ليه ؟
+
أصابها سؤاله في الصميم لكون إجابة هذا السؤال هي بحد ذاتها كارثة حتي أن عقلها لم يسعفها في إيجاد أي رد على سؤاله ليطول صمتها كثيرًا فقطع رامي هذا الصمت حين هب واقفًا و هو يغلق زر حلته التي بدا فيها في أبهى صوره قائلًا بلهجة هادئة
+
_ مش هضغط عليكِ دلوقتي و هسيبك تفكري من هنا ليوم الخطوبه يا غرام . و اتمنى اسمع الجواب من قلبك و تكوني مقتنعه بيه . عن إذنك .
+
خرج رامي تاركا ورائه قلبًا مُهشم و روح مُحترقه لا تدري في أي هوة سحيقة قد أوقعت نفسها فهاهي أصرت على قرارها و لم تحسب حساب لتلك اللحظة و لا لألم قلبها الذي يُخبرها بأن تركُض خلفه توقفه لتعتذر منه آلاف المرات عن غبائها و إقحامها له في دائرة إنتقام لعينه لا شأن له بها …..
+
★★★★★★★★
+
اتقنت كاميليا وضع زينتها البسيطة على وجهها لتبدو آية في الجمال و الفتنة بذلك الشعر الذهبي الذي جعدته قليلًا و تركته حرًا على كتفيها ممتدًا لأسفل ظهرها يتمايل حولها برشاقة و سحر يُجبر كل من يراه على الانبهار بمظهره و ذلك القميص البسيط باللون الأخضر الباهت ( فسدقي ) بنصف أكمام يتوسطها حزام من المنتصف و بنطال من الجينز الذي يلتصق بجسدها ليبيين مدي رشاقته و جماله ..
+
نظرت إلى المرآة برضا فهي قد أعلنت التحدي على هواء و التمرد على عشقها له وليكن هذا عقابًا على امتناعه عن اخبارها ما دار بينه و بين تلك الأفعى لتعلن الحرب الباردة بعد ما أطمئن قلبها قليلًا عندما أخبرها بأنها الإستثناء الوحيد بحياته …
+
و بالرغم من أن كلماته قد التفت حول جدران قلبها المهترئة من فرط الوجع لترممها كما لو أنها لم تجرح من قبل و لكنها أبت التسليم أمام سحر حضوره الذي يُذيبها عشقًا و تلك النظرات الشغوفة التي كان يرمقها بها من حين لآخر عندما يجتمعان في مكان فقد كان يفتعل الإنشغال بأعماله عنها طوال الأيام الماضيه أو هكذا ظنت لتقرر هي الآخرين تجاهله ولكن على طريقتها ….
+
خرجت من غرفتها و ما أن لمحته قادم من الأسفل حتى تظاهرت بالحديث في الهاتف بيد و باليد الأخرى آخذت تعبث بإحدى خصلاتها في غنج غير مُفتعل فمرت بجانبه رافعة إحدى حاجبيها كتحية عابرة له وما أن تجاوزته حتى ضربت بجانب شعرها ليتطاير خلفها للحد الذي لامست أطرافه ملامح وجهه لتصيبه بلعنة الإشتياق الذي كان يُعاني الأمرين في إخمادها فيجتاح داخله بحريق هائل جراء مرورها بجانبه و تتغلغل رائحة شعرها إلى رئتيه التي غمرتها نشوة العشق تأثرًا بتلك الملامسة البسيطة فتلك المرأة تمتلك من السحر ما يجعله أسير لكل إنش بها لدرجه جعلته يتبعها للأسفل دون وعي منه فكل ما يريده الآن أن يروي ظمأ قلبه من شهدها و يشعر بها بين طيات قلبه فلا طاقه له بالبعد أكثر من ذلك . و ما أن هم بالنزول حتي وجد مازن يدخل من باب القصر ليخرجه من حالة السكر اللذيذة التي أدخلته إليها ساحرته الصغيرة عندما هتف ليناديه
+
_ يوسف . يوسف .
+
كرر مازن ندائه أكثر من مرة حتى أنه اضطر لرفع صوته حتى يجذب إنتباهه ولكن قلبه كان يأخذه رغمًا عنه كالمغيب خلفها
+
استفاق من سحر طوقته به امرأة جعلته يدمن الهواء الذي تتنفسه ليرد علي صديقه بنفاذ صبر
+
_ نعم
+
_ نعم الله عليك . بقالي ساعه بنادي عليك وانت ولا انت هنا !
+
تحدث مازن بسخريه ليقترب منه يوسف موبخًا
+
_ ما خلاص يا زفت انا قدامك اهوة عايز ايه ؟
+
_ أبدا يا عمنا عايزك تجهز نفسك آخر الأسبوع عشان خطوبتي علي كارما .
+
تحدث مازن بسعادة ليتفاجأ يوسف من حديثه قائلا
+
- " خطوبة على طول كدا مش لما نروح نتفق و نقرأ الفاتحه الأول ؟
+
أجابه مازن بنفاذ صبر
+
- " لا بقولك ايه انا قارئ فتحتها من وهي لسه في اللفه مش لسه هستني الأفلام دي كلها . مش كفايه علي الواطي مرديش يخليها خطوبه وكتب كتاب و قالي لا نلبس دبل الأول و بعدين كتب الكتاب بعد ما تخلص امتحانات
+
تعالت ضحكات السخرية من فم يوسف على سخط مازن الواضح على ملامحه ليقول باستفزاز
+
_ تصدق الواد علي دا بيفهم . طب و ايه وجهه نظرة من التأجيل دا ؟
+
أجابه مازن مغلولًا
+
_ أيوا ياخويا اضحك اضحك ما أنت كاتب كتابك و المزة عايشه معاك في البيت و زمانك خاربها .
+
قاطعه يوسف بسخط
+
_ بس ياد انت هتقر عليا و أنا أقول المصايب اللي بتجرالي دي كلها من ايه؟ اتاريها عنيك اللي راشقه في حياتي . أنجز قول علي أجلها ليه ؟
+
أجاب مازن بحنق
+
_ قال ايه عشان معطلهاش عن مذاكرتها ! على أساس إني مش هكلمها و اقابلها و مش بعيد اتغرغر بيها كمان .
+
_ يخربيتك ياد دا أنت واقع . ربنا يستر و متجبيلناش مصيبه .
+
تحدث يوسف بمزاح ليجيبه مازن مؤكدًا
+
_ بس متقاطعش. المصيبة جايه جايه . المهم باقي العيله فين عشان اقولهم يلحقوا يجهزوا نفسهم .
+
_هتلاقيهم في الصالون اكيد كلهم متجمعين أصلًا معاد العشا مفضلش عليه كتير يلا عشان نتعشى كلنا سوى .
+
دخل كُلًا من مازن و يوسف إلى الصالون ليجدوا الجميع متواجد والأحاديث الجانبيه دائرة بين كُلا من روفان و كاميليا التي ما إن لمحته قادمًا حتى تسارعت دقات قلبها خاصةً عندما التقت شعلتيها بزقاوتيه ليجري بينهم ذلك التيار الكهربائى و الصراع الأزلي بين حرارة النيران و برودة المياه ليجلس هو على الكرسي المقابل لها بعد أن ألقي التحية دون أن تحيد عيناه عنها و لكن نظراته بدت لها غامضه كثيرًا فلم تفهم اهي غضب أم إعجاب أم لهفه ام إشتياق ؟
+
لم تكن تدري بأن نظراته لها تحمل كل هذه المتناقضات فهو برغم غضبه منها لتجاهله إلا أنه لا ينكر إعجابه و لهفته واشتياقه لها أيضًا و لكنه كالعادة لا يظهر أمامها إلا القليل مما يدور بداخله .
+
قاطع مازن سيل أفكارها عندما تحدث قائلًا
+
- " إن شاء الله خطوبتي يوم الجمعه على كارما يا جماعه و هكون مبسوط لو كنتو موجودين معايا .
+
_ طبعًا طبعًا يا مازن لازم نكون معاك .
+
اندفعت روفان التي كانت و كأنها تنتظر الفرصة التي تجمعها معه فهي منذ إعلان مازن لخبر خطبته و هي تنتظر الموعد بفارغ الصبر لتشاطرها الرأي كاميليا التي أرادت مشاكسه يوسف فنظرت إليه بتحد قائله
+
_ أنا طبعًا لازم هكون موجودة .
+
مازحتها صفيه قائله
+
_ كلنا هتكون موجودين يا بت ولا عشان العروسه بنت خالتك يعني محدش هيعرف يكلمك ؟
+
قاطعتها روفان بحماس
+
_ عروستين يا ممتي مش واحده بس . أصل غرام اخت كارما هي كمان هتتخطب في نفس اليوم . و مش هتصدقي لمين ؟
+
اجابتها صفيه مستفهمه
+
_ لمين يا أم لسانين ؟
+
روفان بحماس
+
_ لدكتور رامي اللي كان بيتابع حالة كاميليا في المستشفى .
+
ما أن أنهت روفان جملتها حتي انتفض الجميع علي صوت ذلك التحطم القادم من الخلف …
+
يتبع

