رواية خلخال كاملة وحصرية بقلم هدير السيد
فى أحد الأحياء الشعبيه . حيث الكادحين والباحثين عن لقمه العيش . تدوى أصوات البائعين والجواله حيث الضجيج الذى إعتاده أهلها كأحد الطقوس اليوميه التى تميز تلك المنطقه
وفى أحد البيوت التى جار عليها الزمن وتشققت جدرانها بسبب سوء الصرف الصحى جلست ليلى على الأريكه المهترئه فى أحد أركان صاله منزلها برفقه والدتها
تشاهد أحد المسلسلات وفى يدها حزمه من الملوخيه تعمد على تقطيفها وعيناها لا تفارقان شاشه التلفاز المتهالك أمامها
نظرت لها والدتها بسخريه وأصدرت صوتاً مستنكرا بفمها وهتفت : إقفلى الزفت ده وكملى شغلك
ليلى بتوسل وهى لازالت ناظره للشاشه أمامها : استنى شويه ياما بس التمثيليه دى حلوة أوى
الأم : بتتفرجى على خيبه إيه !! شوفى نفسك وخيبتك التقيله مطلقه ومكملتيش سنه فى بيت جوزك الناس كلت وشنا بسببك
تأففت ليلى وهتفت بأسي : نصيب ياما
الأم : أهو ده الى انتى فالحه فيه ثم قلدتها بضيق : نصيب ياما ياشيخه بقي ثم تركتها وانصرفت
نظرت ليلى فى إثر والدتها وهمست محدثه نفسها : هقولك إيه بس ياما يلا الحمد لله على كل حال
ثم أطلقت زفير يائس وتابعت عملها
------------------------------------------------
فى أحد الأحياء الراقيه
جلست تنظر لانعكاسها فى المرآه بحزن تتحسس باناملها خطوط وهميه إخترعها عقلها عن أخاديد حفرها الحزن على ملامحها ، اعين اذبلها البكاء . سافر نظرها لصوره جانبيه تجمعها به حب عمرها وجرح عمرها فى آن واحد تنهدت بأسي واغرقت وجهها بمساحيق التجميل لإخفاء ما لا يراه غيرها . ارتدت قناعها اليومى الباسم وخرجت من غرفتها
استقبلتها والده زوجها العتيده جمالات هانم الصاوى بنظرات مستهينه
فاغتصبت ندى ابتسامه هادئه وهتفت : صباح الخير يا ماما
جمالات بتأفف : همم صباح الخير ثم ادارت وجهها للجانب الآخر
تحاملت ندى على نفسها وتسائلت : هو محمد مجاش من إمبارح متصلش بيكى طيب !!
نظرت لها جمالات بسخريه وأردفت :انا الى المفروض أسألك السؤال ده مش انتى ثم حركت شفتها بخيبه واردفت : صحيح بنات آخر زمن
صمتت ندى وحاولت التظاهر باللا مبالاه كعادتها تعلم جيدا ما يفعله زوجها ولكن ما حيلتها وهى عاجزة كأنثى على منحه حقه بالأبوة وها هى الزيجه الثالثه ولا اطفال من غيرها كذلك
سمعتا صوت سياره تعبر بوابه الفيلا فهبت واقفه واستأذنت من أم زوجها وعادت لغرفتها
------------------------------------------------
شارده فى حاضر لا ترى له مستقبل وماض ممتلئ بالأوجاع . من زوج طالما عاملها كعاهرته لا كزوجته لم يرغب فى الإنجاب وكلما فتح الحوار فى تلك النقطه لا تجد منه سوى أقذر الألفاظ والضرب المبرح .. وأهل زوج لا مبالون يتسائلون دوما عن سبب عدم حملها دون رد منها خوفاً من بطش زوجها وخوف أهلها من لقب مطلقه الذى ستوصم به وكأنه خزى وعار وجب تجنبه مهما عايشت معه من قسوة حتى أتى اليوم الذى أودعت فيه المشفى بعد أن إكتشف توقفها عن تناول مانع الحمل الذى فرضه عليها منذ أول ايام زواجهما فأوسعها ضربا حتى أصبح كل شئ ضبابى فى عينيها وسقطت فاقده للوعى بين يديه
افاقت من شرودها على صوت والدتها فاجابتها : حاضر ياما جايه
------------------------------------------------
وقفت بين الجموع تستعد تنظر حولها كصقر ينتظر الإنقضاض على فريسته تشير بإبهامها للمصور ليستعد
خرجت إمرأه فى الأربعينات يقتادها زوج من العساكر مكبله الأيدى
إقتحمت الجموع حتى وصلت لها وسألتها : قتلتى جوزك ليه ؟
بكت المرأه بحرقه وهمت بالحديث فمنعها الضابط المسئول هاتفا : لو سمحتى يا آنسه اى أسئله هتتم بعد إستجواب المتهمه فياريت تتفضلى وممنوع التصوير
حلا : يا فندم انا مش عاوزة تفاصيل طيب دلوقتى ممكن بس تجاوبنى إيه سبب الجريمه وانا ملتزمه قدام حضرتك بتأخير النشر لحين صدور أوامر بكده
أشار لها الضابط لتتقدم من المتهمه
حلا : قتلتيه ليه ؟
المرأه ببكاء : مكانش قصدى والله ه هو حاوى يصورنى يعنى احم حضرتك فاهمه فى وضع ميصحش ولما رفضت فضل يضرب فيا ومحستش بنفسي غير وانا نازله على دماغه بالى طالته إيدى حتى مش عارفه هو إيه مفوقتش غير ودمه سايح
توحشت نظرات حلا وهتفت من بين أسنانها : جدعه
الضابط ببلاهه : بتقولى إيه !
حلا بعصبيه :الى سمعته ولو مكانتش قتلته هى كنت قتلته انا ها إيه رأيك بقي !!
حرك الضابط راسه بلا معنى وهمس : مجنونه
حلا : نعم بتقول إيه ؟
تأفف الضابط وهتف : ولا حاجه ولو سمحتى وسعى بقي خلينى أشوف شغلى وروحى شوفى شغلك ثم أشار للعساكر ليتبعوه
عادت حلا الى المصور وهتفت : صورت !
المصور :هو مش الظابط قال متصوروش
ضربته فى كتفه وهتفت من بين أسنانها : غبى
------------------------------------------------
إقترب من غرفته يقدم قدم ويؤخر الأخرى زفر بتوتر وفتح الباب
وجدها نائمه يعلم تمام العلم انها ليست نائمه ولكن ما حيلته معها يعلم انها اصبحت كجوهره إنطفأ بريقها بسببه.. يحبها !! لا يعلم ولكنها زوجته وإبنه عمه يتيمه الأب يريد ان يواسيها ولكنه خائف من رده فعلها موقن بأنها تعلم عن تعدد زيجاته ليس طمعاً فى النساء ولكن لحاجته الملحه لإبن وحاجه عائلته لوريث يحمل إسمه و إسم عائلته
إقترب منها وجلس على حافه السرير ثم إنحنى مقبلاً قمه رأسها وهمس : آسف عارف انى جرحتك بس على الاقل إلتمسيلى عذر
ادمعت عيناها واهتز كتفاها فضمها إليه مربتاً على ظهرها وأردف : ولا واحده منهم كانت مراتى بجد دول مجرد وعاء ثم هتف بسخريه : وياريته نفع وانتى دلوقتى مراتى وبس مفيش حد تانى فى حياتى ثم أبتسم بسخريه وهمس : باين كده ان مش مكتوبلى أبقي أب رغم إنى معنديش مشاكل صحيه تمنع
شددت من قبضه يدها على ظهر قميصه وهتفت من بين دموعها : أبدا عمرى ما أمنع عنك حقك فى إنك تبقي أب بس مش بالطريقه دى
أبعدها عنه ناظرا فى عينيها بتساؤل فاغتصبت إبتسامه وأومأت له مردفه : انا الى هجوزك يا محمد هدورلك على الى تنفع تبقي أم لأولادك
نظر لها بشك فأردفت ببكاء : انا مش بالأنانيه دى انا بحبك وعاوزاك تبقي سعيد ومش هحرمك من حقك فى الأبوة وبعلمى أحسن من ورايا انا مش ضعيفه يا محمد انا أقوى مم تتصور هتتجوز الى بتخلف وهتاكد من ده بنفسي بس ..ثم رفعت إصبعها محذره بمزاح وهتفت : العدل يا إبن عمى مش طالبه منك غير العدل
------------------------------------------------
عادت حلا تتسحب على أطراف أصابعها كعادتها كلما تأخرت فى العمل فجأه أضيئت الأنوار ووجدت أبيها يقف وتعلو وجهه علامات الغضب فابتسمت له واقبلت عليه مقبله وجنته وهتفت : آسفه يا بابا قضيه كبيره وكان لازم أغطيها انت عارف انى ماسكه قسم المرأه فى الجريده ثم شمخت بانفها واردفت : وانت عارف إن إبنتك صحفيه مجتهده
نظر لها بحنان وأردف : بموت من القلق عليكى يا بنتى ثم اخفص صوته وهمس وخايف عليكى من عصبيه أخوكى ليه التأخير خلصى شغلك وإرجعى وسيبي القضايا الى فى الأوقات المتأخره دى للرجاله
حلا بتأفف : سيبك من أخويا وبعدين مالكم رجاله رجاله يا بابا معادش فى فرق دلوقتى بين الراجل والست غير بالإجتهاد وانا افضل من رجاله زمايلى كتير جدا ليه بقي القلق ده
قرص أباها وجنتها وهتف : انتى بتشتغلى لوقت متأخر ازاى مش عاوزانى أقلق وانتى أدرى منى بالى بيحصل للبنات الى فى سنك اليومين دول
إبتسمت له بحب فهى تعلم قلق والدها عليها بعد موت أمها وامتناعه عن الزواج من أخرى ولكنها تراه إستثناء . نوع منقرض من صنف آدم لن يتكرر
حلا : متقلقش يا بابا انت عارف ان معايا الحزام الاسود بالإضافه لصديقى العزيز ثم فتحت حقيبتها وتناولت الصاعق الكهربائى ولوحت به فى وجه أبيها هاتفه بمرح : ده
إبتسم لها والدها وربت على راسها برفق وأردف : طيب جهزى العشاء بقي انا كالعاده ماكلتش ومستنى ناكل سوا
صفقت بيدها بحماس وهتفت راكضه من أمامه : حالاً
------------------------------------------------
صراخ والدتها أيقظها من النوم فاسرعت خارجه من الغرفه تسبقها رنه خلخالها العتيده فوجدت أمها تخرج من الغرفه
ليلى بفزع : خير ياما فى إيه
هتفت امها : مش عارفه أبوكى ماله بنتكلم لقيته مرة واحده مسك صدره وقعد يتوجع
ركضت الى غرفه أبيها فوجدته يتألم نظرت لأمها وهتفت : لازم ناخذه للمستشفى
ثم ركضت الى غرفتها وارتدت عبائتها واسرعت محاوله إسناد والدها ووالدتها خلفهم تبكى بصمت
خرجت من باب البيت فلمحها مصطفى صاحب القهوة المقابله لمنزلهم نظر لها بتفحص ثم هتفه ناظرا لأبيها : ماله !
ليلى ببكاء : مش عارفه ينوبك ثواب ساعدنى ناخده المستشفى
أسند مصطفى الحاج حامد وعيناه لا تبارحان تلك الفاتنه الباكيه امامه ....
وصلوا الى المشفى واسرعوا به الى الطوارئ...
بعد الفحص خرج الطبيب من عند حامد فهبت ليلى راكضه : خير يا دكتور ماله ابويا
الطبيب بعمليه : ذبحه صدريه هو بيدخن كتير !
ليلى : أيوة
الطبيب : لازم يبطلها فى سنه ده لو الذبحه إتكررت انا مضمنش النتايج ممكن ميتحملهاش
لطمت ليلى صدرها بجزع وهتفت : يا لهوى
الطبيب : هو أحسن دلوقتى وهيقعد كام يوم تحت الملاحظه وتقدروا تشوفوه لما الممرضه تخرج من عنده.. وتركهم وانصرف
وضع مصطفى يده على كتفها محاولا اصطناع مواساتها فتنبهت مبتعده عنه وهتفت كازه على أسنانها : شكراً يا سي مصطفى لتعبك معنا مش عاوزين نعطلك أكتر من كده
إقترب منها مصطفى ونظر لوالدتها النائمه وهى مستنده على الحائط غافله عما يحدث مع إبنتها وتسائل : مش هتلينى بقي ؟
توحشت نظراتها وهتفت بغيظ : قصدك إيه؟
مصطفى وهو يتفحصها بوقاحه : انتى عارفه إنى عاوزك
تشدقت ليلى وهتفت : ومراتك ؟
مصطفى بارتباك : مالك ومال مراتى بس ؟
ليلى باستفهام : مش هتعترض على جوازك من واحده تانيه ؟
مصطفى غامزا بوقاحه : ومين قال انى هتجوز !
نظرت له ليلى محاوله كتم العبرات التى تتجمع بسرعه فى مقلتيها دون وعى منها وهتفت بصراخ : إمشي من هنا
فتحت أمها عينيها ونظرت لهم بتساؤل فتنحنح جاليا صوته وهتف مخاطبه امها : بالإذن يامو ليلى لو عوزتى حاجه كلمينى علطول ثم نظر لها بحقد وانصرف
استندت ليلى على الحائط خلفها وذرفت دموع القهر تنعى مجتمع لا يري من المطلقه سوى جسد سهل للطامعين ومعدومى الضمير بكت ضعف الأب وعدم وجود الأخ الذى يحميها من امثال ذلك الذى يستحل أعراض الناس ولا يراعى حرمه غيره بحجه انها تسير حامله عار انفصالها عن زوجها على كتفيها
