اخر الروايات

رواية في قبضة الشيخ عثمان الفصل الرابع 4 بقلم سمية رشاد

رواية في قبضة الشيخ عثمان الفصل الرابع 4 بقلم سمية رشاد 


الفصل الرابع
في قبضة الشيخ عثمان
همَّ عثمان أن يدعو الخالة عايدة كي تحاول التهوين قليلًا عن مارية التي يشعر بأنه سيفقدها من كثرة الارتجافات التي تمر بها ولكنه تراجع عن هذه الفكرة وقلبه يخبره أنه هو من عليه فعل ذلك فلما يلجأ لطرفٍ آخر.

اقترب منها وهي جالسة على المقعد الكائن في بهو المنزل بعدما كان قد أجلسها عليه بعد دخولهم، جلس بالمقعد المقابل لها كي لا يزيد من حدة خوفها إلا أنه حدث بمجرد شعورها باقترابه من محل جلوسها.

تنهد بقوة قبل أن يبدأ حديثه
- لما أنتِ خائفة إلى هذه الدرجة يا مارية؟ أعدك أنك ستسعدين بالعيش معي ولن أضنيك أبدًا فلما الخوف؟!.. أرجوكِ اهدئي.. وأعدك لن يحدث بيننا شيء سوى بعدما تعرفينني أكثر من نفسك.

- ألم تقتلني؟

لما يشعر بالكلمة التي ألقتها على مسامعه وكأنها طلقات رمت بها قلبه، أحقًا تقصد هذا السؤال أم أنها تمازحه، ولكن خوفها البادي على وجهها وتعرقها هذا يخبرانه أنها تنتظر لحظة إزهاق روحها لينفي سؤالها بقوة قائلا بنبرة حاول بكل قوته أن يطمئنها بها

- من أخبرك بهذا؟ كيف تفكرين أنني سأفعل بك هكذا.. أنا زوجك تزوجتك لنهنأ بالعيش معًا لأدللك وأعاملك بالرحمة والرأفة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل زوجاته.. فلما تفترين عليّ بسؤال كهذا؟!

لتجيبه بشك
- ولكن شقيقي أخبر أبي أن ذاك المدعو عبدالعزيز يتزوج النساء ليتوفاهن الله بعد الزواج بأيام قلائل وأبي لم ينفِ الأمر بل أخبره بأنه رجل ملتزم بالشرع... وأنت أيضًا يقولون أنك ملتزم بالشرع فلما لا تكون مثله؟ كما أن أمي توفيت صغيرة فلما لا يكون الزواج سببًا في وأد النساء؟

لوهلة أصابه الذهول من أعيرة القسوة التي ألقتها بوجهه إلا أنه استعاد نبرته الهادئة وهو يقول متحليًا بالصبر
- وفاة والدتك بسن صغير لم يكن سوى لقضاء الله وقدره وليس بسبب الزواج.. كما أن الشرع ليس فيه شيء من قتل النساء، بل هو ما أمر الجهلة عن التوقف عن هذا الأمر.. وذاك المدعو عبدالعزيز أفعاله لا تمت للدين بصلة، هو فقط يستتر بعباءة الدين التي هي بريئة من أمثاله.. الزواج ما هو إلا مودة ورحمة، حياة كريمة وحب بين زوجين، لن أخبرك بأننا لن نمر بابتلاءات من الله... فالجميع يحدث له هذا الأمر ولكن أعدك بأنني سأكون سندًا لكِ إلى أن يزول كل شقاء... ثم عبدالعزيز ذاك يتزوج الصغيرات اللائي لم يكن لهن القدرة على الزواج أما أنت فوفقًا لبطاقتك الشخصية علمت بأن عمرك أوشك على إتمام العشرون.. فلا تخافين الزواج عامة ولا تخافيني خاصة أتخافين محمد شقيقك وترينه يقتل زوجته حينما يكبر؟

هزت رأسها نافية بحدة ليقول
- حسنًا فلتساوي أخلاقي بأخلاق شقيقك وأمرًا آخر أريد إخبارك به لعلك تشعرين بهذا الخوف بسبب عدم رؤيتك للنماذج الناجحة في الخارج لوجودك الدائم خلف أبواب منزلكم ولكن يا عزيزتي أغلب نساء البلدة أرامل وأزواجهن من توفاهم الله إذا فالنساء هنَّ القتلة!

قال جملته الأخيرة بمرح لتبتسم أخيرًا بابتسامة أنارت قلبه فقال بصدق وهو يتأمل وجهها
- ابتسامتك كباقة ورود يطمع الجميع في النيل منها.

تلون وجهها إلى الأحمر القاني بسبب خجلها الشديد الذي تسبب به لها، فمن يصدق أنها المرة الأولى التي يغازلها فيها رجل سوى شقيقها! ليرأف بحالها ويقول برفق وهو يشاور إلى إحدى الغرف

- هذه الغرفة من المفترض أنها لنا سويًا فالزوجان تجمعهما غرفة واحدة بل وفراش واحد.. ولكنني سأتركك تنفردين بها حتى تستطيعين تقبل وضع رأسي بجوارك.. اذهبِ إليها وإن أردتِ شيئًا فأنا بهذه الغرفة.

أنهى كلماته مشيرًا إلى غرفة أخرى فنهضت سريعًا متجهة إلى غرفتها بينما هو نظر إلى أثرها بعقل شارد وقلب تتصارع نبضاته بعنف ليذهب عقله إلى كلمات شقيقها الذي أوصاه بها حينما انفرد به عندما ذهب لأخذها، رنت كلمات شقيقها في أذنه ليرددها هو بطء وكأنه يستوعبها
" أوصيك بشقيقتي خيرًا يا شيخ رغم ثقتي بك، ولكن أريد أن أخبرك عنها شيئًا؛ أشياء كثيرة حرَّمها أبي في بيتنا عليها كالخروج من البيت ووضع الزينة أمام محارمها، بل كان يفرض عليها عقابًا قاسيا كلما فعلت شيء حرمه هو ولم يحرمه الله..شيئًا آخر أود إعلامك به.. لا أظن أن شقيقتي على دراية بشيء مما يكون بين الزوجين فهي لم تعاصر النساء وبالطبع لن نتحدث أنا ووالدي معها في هذا الأمر.. فارفق بشقيقتي وتخلى بالصبر وكن لها عونًا وانتشلها من قيعان الظلام التي ألقاها فيها والدي"

تركه محمد مستأذنًا بعدما سمع لنداء والده الحاد لينظر عثمان إلى أثره بصدمة محاولًا تشرب كلماته التي قذفها الآخر على مسامعه وذهب كأن لم يفعل شيء.

فاق من شروده ثم نهض متجهًا إلى غرفته وهو يقنع عقله أن الطريق إلى قلبها مازال طويلًا ليتوقف قليلًا قبل إغلاقه لباب غرفته ناظرًا إلى باب غرفتها وابتسامة رائعة تزين شفتيه.

بفجر اليوم التالي
نهض عثمان من فراشه وهو الذي لم يذق النوم لكثرة التفكير بها وكيف يزيل عن عقلها ذاك الغبار الذي نثره والدها عليه
ارتدى عباءته البيضاء التي كان يرتديها بالأمس، فحتمًا لن يطرق الباب عليها بوقت كهذا لأخذ أي ثياب من الخزانة التي قد رصتها بها الخالة عايدة، فإن كانت كلماته طمئنتها قليلًا كما بدى على وجهها إلا أن طرقته لن تفعل سوى زرع الرهبة على أرض قلبها التي هي بالفعل أينعت فوقها بعض من ثمارها فلن يزيدها هو بفعلته.

أغلق الباب خلفه بخفوت ولكن تلك الجالسة على الفراش لم يفوتها خروجه، فهي الأخرى قد جافاها النوم على الرغم من الفراش الوثير الذي لم تكن تعلم أن هناك من هو مثله بالبلدة إلا أن تغيير المكان جعلها لم تعتَد النوم به بعد وخاصة مع تفكيرها الذي يؤرق مضجعها وخاصة بذاك الذي وضع كلماته على تلك الحروق التي كانت تؤلم روحها فأطابتها سريعًا بل ولم يدع لها أثرًا وكأنها لم تكن.

شعرت بالجوع يقرص معدتها بسبب عدم تناولها للطعام منذ عدة أيام لشدة خوفها من هذا اليوم ولكن زجرت معدتها بقوة إلا أن زجرها لم يدُم قليلًا، فلم تمضِ عدة دقائق إلا وكانت واقفة بمطبخ البيت الواسع الحديث وتتجول بأنحائه تبحث عن شيء تأكله.

وقعت عيناها على البراد الأسود الكبير (ثلاجة) ذو المقبضين إلا أنها لم تتوصل أبدًا أنه براد فهذا بعيد كل البعد عن الأبيض القديم الذي كان ببيتهم فالتفتت بنظرها إلى المنضدة المصفوف حولها الأربعة مقاعد الصغيرة وسرعان ما لمعت عيناها وهي تقع على طبق الفاكهة الكبير لتهرول إليه وتحمل ثمرة من التفاح الأحمر الكبير وأخرى من الموز ولم تنسَ أن تأخذ كأسًا من الماء ثم تسرع مغادرة قبل أن يلتقطها بالجرم المشهود.

ابتسمت بنجاح حينما وصلت إلى باب الغرفة دون أن يأتي من الخارج إلا أن ابتسامتها لم تدم وهي ترى ذاك الجالس على المقعد المقابل لغرفتها وابتسامته ترتسم باتساع كبير!!

شهقت بخوف حقيقي وهي التي لم تكن تتوقع أبدًا أن يكون أتى بهذه السرعة بل اعتقدت أنه يمضي ساعات بالخارج بعد الصلاة كما كان يفعل أبيها وشقيقها.

وزعت نظراتها الحائرة بينه وبين الفاكهة في يدها ولا تعلم ماذا عليها أن تفعل، تبدلت نظراته المتسلية بمظهرها إلى أخرى حنون وهو يسألها برفق
- لما لم تخبريني أنك تشعرين بالجوع؟ فالبراد يكاد يطرد الطعام خارجه من كثرة امتلائه.

ارتبكت بخجل شديد وهي تلعن معدتها التي أجبرتها على القيام، فما الذي كان سيحدث إن لم تأكل، فهذا المعتاد مع عقاب أبيها المتكرر.

أشفق قلبه على ما تمر به تحت عينيه فقال مقترحًا لعله يزيل واحدًا من عشرات الحواجز التي تقف بين قلوبهما
- ما رأيك بأن نقوم بتسخينه لنا سويًا! فأنا الآخر أشعر بالجوع.

هزت رأسها سريعًا مستجيبة بطاعة وكأنها إن رفضت اقتراحه سيقتلها في الحال فابتسم إليها ونهض واقفًا وهو يعلم أن موافقتها ليست حبّا لرفقته وإنما هي خشية من شيء لا يعلمه فتأملته بدهشة من وقوفه ليسير إلى المطبخ قائلًا
- هيا اسبقيني إلى المطبخ

امتثلت لأمره فالتفتت عائدة مرة أخرى ليسير خلفها وعيناه لا تبتعد عن خصلات شعرها التي تتطاير بضيق كلما خطت بقدمها، لا يعلم ماذا أحل به، بشعر بذاته كالمراهقين الذين يتصيدون الفرص للنظر إلى الفتيات، فعلى الرغم من أن خصلاتها لم تتصف بالنعومة الشديدة ولا السواد الحالك بل هي خصلات عادية ليست ناعمة بقوة وليست بالخشنة أيضًا بل هي شيء بين هذا وذاك إلا أنها استحوذت على كامل إعجابه بلونها البني القاتم هذا الذي لم تغادره القتامة سوى بأطرافه التي يبدأ لونها بالتفتح حتى صار بهذا الجمال الذي أخذ عقله، كان يعتقد أن الشعر الناعم فقط هو ما يثير إعجاب الآخرين إلا أن هذا الشعور الذي يراوده جعله يؤمن حقًا بأن الله يضع لكل شخص ما يناسبه ويظهر جماله الخاص، التفتت عيناه إلى عبائتها البيتية الملتصقة ببدنها بطريقة ملائمة له وكأنها صنعت لجسدها خصيصًا، ابتسم عقله بمرح وهو يتذكر الخالة عايدة التي وكلها بشراء جميع الملابس التي ستحتاجها ولم تقصر المرأة أبدًا بل وكأنها كانت تصطحبها معها لتأتي الملابس على قياسها لهذه الدرجة ليتمتم بصوت لم يسمعه سواه
- مرة واحدة رأتها وهي مريضة فعلمت بها قياسها بهذه الدرجة آةٍ منك يا خالة.

وقفت أمام رخام المطبخ الأسود صامته ليفيق هو من غيبوبة الإعجاب التي سقط بداخلها ويشير إلى البراد قائلًا
- انظري إلى ما بداخل الثلاجة وأخري الأنواع التي تفضلينها فأنا أحب جميع ما به لأن الخالة صنعت الأصناف التي أحبها فاختارِ أنتِ ما يلائم ذوقك.

أومأت بإيجاب وعيناها تبحث عن البراد الذي هو بالفعل خلفها ليعقد حاجبيه باستعجاب قبل أن يصدح صوته سائلًا
- على ماذا تبحثين؟

قالت بحيرة وبعض الارتباك يعتريها
- البراد.. أين هو؟

- انظري خلفك
التفتت إلى هذا الشيء الأسود الضخم ذو المقبضين لتنظر إليه بتساؤل فتقدم منها فاتحًا إياه ثم أشار إلى محتوياته بكفه قائلًا
- هيا خذي ما تريدين.

تقدمت منه بانبهار وهي تنظر إلى داخل البراد، ذاك الشيء الذي كانت تعتقده خزانه منذ دلفت إلى المطبخ، وزعت أنظارها داخل البراد الواسع لتنظر إلى الفواكه، الخضروات الطازجة، أكواب العصير، قطع الشيكولاته التي خطفت عقلها، حتى العلب البلاستيكية المصفوفة بعناية جعلت شفتاها تنفتحان على وسعهما

شعرت بالواقف بجوارها والذي كانت قد نسيت وجوده ليعود إليها الارتباك مرة أخرى لتخرج أول الأشياء التي قابلتها وتضعها على الطاولة بخطوات متعثرة.

تحرك هو الآخر بعدما أغلق أبواب البراد التي تركتها وجلس على أحد المقاعد خلف الطاولة مستمتعًا بمراقبتها

فتح الغطاء الأول في محاولة منه لمساعدتها فوقفت هي أمام الموقد تجهل كيفية تشغيله.

شعر بتوترها فاقترب من الفرن الكهربائي الصغير قائلًا
- هذا الشيء يسمى ب"الميكرويڤ" ويسهل علينا تشغيله بل هو ممتاز في تسخين الطعام فهذه مهمته فما رأيك باستخدامه بدلًا من الموقد

أومأت إليه بإيجاب وهي تنظر إلى الفرن الكهربائي بعجز فتبسم بحنان قبل أن يقترب منها ويلتقط كفها لترتجف خوفًا بقوة وهي التي ظنته سيعاقبها لعدم قدرتها على استخدام الأجهزة الحديثة إلا أنه خالف توقعها وهو يجلسها على أحد المقاعد ليقول بعدما قبل جبينها بهدوء بعثر كيانها
- اجلسِ أنت وأنا سأفعل كل شيء فقط تابعي خطواتي بعيناك الجميلتان هاتان.

توردت وجنتيها بقوة فالتفت متصنعًا البراءة ليفتح الفرن الكهربائي بخفة لتمكنه من استخدامه فهو كثيرًا ما كان يستخدم مثله لصنع الطعام له ولأبيه فتابعته وهي تشعر بالخجل من مغازلته بعدما كان الخزي يتملك منها لعدم قدرتها على فعل شيء ولكن كلمة واحدة منه أبدلت مشاعرها.

نظر إلى محتويات العلبة الأولى التي كان قد فتح غطائها ليرى الحمام المحشو يلمع أمام عيناه فنظر إليها بابتسامة ماكرة ولم يعقب، تحركت يداه إلى العلبة الثانية ليفتحها وسرعان ما اتسعت ابتسامته بعدما رأى " الجمبري" يزين العلبة فلم يستطع أن يصمت وهو يقول بمكر شديد.
- حمام وجمبري! علام تشيرين يا ابنة الشيخ مسعود؟

بالطبع لم تفهم مارية تلميحه الغير بريء بالمرة فقالت مدافعة عن نفسها بخجل وهي التي فهمت أنه يقصد أن الصنفان لا يجتمعان على طاولة واحدة
- حقًا لم أكن أعلم ما بداخلهما.. ثم أننا مازلنا في وقت الفجر وهذه الأشياء غير مناسبة لنتناولها في وقت كهذا.. من الممكن أن نبحث عن شيء آخر.

أومأ بإيجاب وهو يحاول السيطرة على ضحكاته التي كادت تصدح من فرط براءتها ثم أخذ العلب ووضعها في البراد واختار هو الأشياء المناسبة من الجُبن بأنواعها والمربى وأشياء كهذه.

بعدما انتهى من رص الأطباق والتي لم يحتج أيها للتسخين جلس على المقعد المقابل لها وبدأ في تناول طعامه

انتبه لخجلها الذي منعها من تناول الطعام فأخذ قطعة من الخبز وأضاف إليها قطعة من الجبن التركي ورفع يده أمام فمها في محاولة منه لإطعامها.

فتحت عيناها على وسعهما بعدما صعقتها فعلته وفتحت فمها ليس لتناول الطعام من يده بل من فرط صدمتها لترتفع ضحكاته بشدة على مظهرها هذا ثم التفت لتناول طعامه وكأن لم يفعل شيء

احمر وجهها بشدة بعدما انتبهت لذاتها وكانت تتمنى أن تنهض من أمامه، فهي بالفعل خجلة للغاية من تناول الطعام برفقته فماذا يفعل هذا الرجل وما التصرفات العجيبة التي يفعلها تلك أينقصها تصرفاته هذه لتختفي من فرط خجلها أم ماذا يريد هذا.

تناول طعامه بصمت وعيناه تختطف النظرات بين الفينة والأخرى بينما هي حاولت جاهدة تناول بعض الطعام كي لا يكرر فعلته.

نهضت بعدما شعرت ببعض الشبع وتوجهت إلى غرفتها بعدما دلفت إلى المرحاض وخرجت بملامح يظهر عليها أثر الوضوء.

نظر إلى أثرها بابتسامة شاردة بينما قلبه يشعر بالسعادة العارمة، هو يعلم أن تصرفاته هذه مبالغ بها مع إنسانة لم يرها سابقًا سوى مرة واحدة، ولكنه يتعمد كل ما يفعل حتى تعتاد عليه سريعًا فهذا ما وصل إليه عقله بعد تفكير طويل بالليلة السابقة، أن يعاملها بأريحية شديدة ولكن عليه أن ينتبه كي لا يثير خوفها منه وهو الآن يشعر بأن خطاه تسير وفق ما أراد.

تنفست الصعداء بعدما أغلقت باب الغرفة عليها، تشعر بنبضات قلبها تتسارع من تلك الأحداث الغريبة التي تمر بها وهذا الرجل الذي يشعرها بمشاعر تراودها للمرة الأولى بل هو الرجل الأول الذي تتعامل معه، أحقًا التعامل مع الرجال صعب يرهق القلوب هكذا أم أن هذا الرجل وحده هو ما يثير جنون قلبها.

كادت أن تجلس على الفراش كما فعلت عندما دخلت إلى الغرفة للمرة الأولى إلا أن عيناها توقفت على تلك المرآة الكبيرة والأشياء المصفوفة أمامها، تنقلت عيناها بين أدوات التزيين لتنظر إلى الصور المرفقة بظهرها لتعلم ما هي، إلا أن ملامحها سرعان ما تبدلت إلى الاندهاش الشديد وهي تكتشف أنها أدوات تزيين، تنقلت أعينها بين الأدوات وعقلها يفكر في ذاك الرجل الذي يدعي الالتزام ويحضر لها أشياء محرمة كهذه، فكيف له أن يأتِ بهذه الأشياء المحرمة ويضعها على الملأ هكذا، فهي بالمرة الوحيدة التي وضعت بها من أحمر الشفاة أشبعها والدها عقابًا وغضب بشدة فكيف لهذا أن يأتي لها بهذه الأشياء.

استمر عقلها في التفكير به بطريقة سيئة بل وأساءت الظن به كلما نظرت لهذه الأدوات دون أن تكلف عقلها ذاك أن والدها هو من ظل يسكب الجهل في عقلها حتى بات ممتلأً بالكثير من المعلومات الخاطئة والتي لن يعاني منها سواها هي وذلك الجالس بالخارج يفكر بالطرق التي يستطيع بها إذهاب الرعب عن قلبها.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close