اخر الروايات

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثامن 8 بقلم سيلا وليد

رواية شظايا قلوب محترقة الفصل الثامن 8 بقلم سيلا وليد 



                                    
اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك 

1


عندَ الفُراق ...
يرحَلُ أحدُهم مُمتلِئًا بالأسئِلة .
و يرحلُ الآخرُ هاربًا بالأجوِبة .
الأوَّلُ لم يَطرْحها...لكنَّهُ فهِمَها بعدَ الرَّحيل ...
و الثَّاني لم يُجِب..لكنَّهُ بعدَ زمنٍ امتلأَ ندمًا بنفسِ الأسئِلة...
الأوَّلُ فهمَ فـأغلقَ سُطورَ الحكاية ..
و الثَّاني سَيفتحُ سُطورَها في كلِّ مرَّةٍ يطالهُ تأنيبَ الضَّمير .
هكذا هيَ الحكاياتُ الغيرُ عاااادِلة ...
نهايتُها مُبكِّرة...لكنَّها دائمًا لصالحِ منَ عاشَ الوجعَ أولًا...
كانت أيَّامًا بحوااافٍّ زجاجيَّة..
في كلِّ رُكنٍ منها يُوجدُ جَرحٌ و ضَمَّادة...
جَرحُ الرُوحِ لهُ وجَعين..يُبكي القلبَ قبلَ العين ..
لكنَّنا نُحبُّ هَزائمَنا مِنْ مَنْ نُحِب !! 🥀
فتعالَي لأُخبُركِ بعدَ كُلِّ هذا الوجعِ كيفَ ينهارَ سقفُ قلبي حينَ تَضحَكين ..

1


صرخةً من غادة باسمها وهي تتدحرجُ على الدرجِ حتى وصلت لآخره، آه خفيضة خرجت من بينِ شفتيها وهي تضعُ يديها على أحشائها متألمةً وغمامةٍ سوداء تحاوطها لتهمس:
"يارب اموت "
التفتَ سريعًا على صوتِ أختهِ باسمها، ارتعشَ جسدهِ بالكاملِ حتى اهتزَّ من قوةِ الصدمةِ التي تلقَّاها وهو يراها بتلكَ الحالة، لم يعرف كيفَ وصلَ إليها...
جثا على رُكبتيهِ يرفعها سريعًا، يهتفُ بتقطُّع:
ميرال...هزَّ جسدها ولكنَّها كانت بينَ يديهِ كالتي فقدت الحياة، نهضَ وهو يضمُّها لصدرهِ بتملُّك يصرخُ بأخته:
هاتيلَها لبس بسرعة، بينما فريدة التي توقَّفت وكأنَّها أُصيبت بشللٍ في خلايا جسدِها وهي ترى الدماء التي لطَّخت ملابسَ ميرال، همست:
ميرال حامل..تحرَّكَ بها لبعضِ الخطواتِ إلَّا أنَّها أوقفته:
إلياس ..توقَّفَ محاولًا السيطرةَ على ثباتهِ حتى لا يسقطَ بها بسببِ اضطرابهِ رغمَ برودهِ الذي تتميَّزُ به شخصيتهِ، لكن هنا انهارت جميعَ حصونهِ ببرودهِ وتجمُّدهِ ليهمسَ بتقطُّع:
هاخدها المستشفى..وصلت إليهِ تنظرُ إلى ميرال التي بينَ يديهِ برعبٍ تجلَّى بعينيها، ثمَّ إليه: 
ميرال حامل؟..رجفةً تخلَّلت جسدهِ ينظرُ لفريدة بذهولٍ وعيونٍ متسعةً يهزُّ رأسه: 
لا لا ..أكيد مش حامل، وصلت غادة بإسدالها مع خروجهِ سريعًا إلى السيارةِ يضعها بهدوءٍ عكسَ نبضاتِ قلبهِ التي تُقرعُ كطبولِ حربٍ من الخوف. 
جذبَ إسدالها وألبسها إياه ولم ينتبه للدماءِ الملطَّخة بيده ..فتحت فريدة بابَ السيارةِ وجلست بجوارِها، رفعها يضعُها بأحضانِ فريدة:
ضمِّيها خلِّي بالِك منها لتوقَع ..قالها برجاءٍ انبثقَ من عينيه واتَّجهَ للقيادةِ يقودُ سيارتهِ بسرعةٍ كبيرةٍ كعاصفةٍ رعديةٍ غزيرةَ الأمطار، وصلَ إلى المشفى بدقائقَ معدودة، حملها ودلفَ للداخل، وقلبهِ يسبقهُ حتى وصلَ إلى الطبيبِ ووضعها..
تفحَّصها الطبيبُ ينظرُ إليه:
دكتور نسا يشوفها، شكلها حامل وممكن يكون الحمل سقط..هزَّةٌ عنيفةٌ كرعدٍ أصابَ طفلٍ ليهبَّ فزعًا من مكانه:
حامل..أشارَ الطبيبُ إلى يديهِ وثيابه:
مش أخدت بالَك من الدم..نظرَ بتوهانٍ ليديهِ التي تلطَّخت بالدماء، سحبها المسعفون باتِّجاهِ كشفِ النساء، وظلَّت عيناهُ تتابعها، احتضنت فريدة ذراعهِ بعدما وجدت حالته،رغمَ ماقالهُ إليها ولكن حالتهِ الآن توحي الكثير والكثير، توقَّفَ ينظرُ إلى دخولها بتوهانِ طفلٍ أضاعَ أبويه، نظرت إليهِ بحنوٍّ أمومي، وعينيها تتابعُ وجعهِ الذي يخفيهِ بملامحهِ الجامدة، أطبقَ على جفينيهِ بعدما أُغلق البابَ ليشعرَ ببرودةٍ تجتاحُ جسده، تمنَّت لو تحتضنهُ وتربتُ على ظهرهِ كي تخفِّفَ عنه، ظلَّ متجمِّدًا بمكانهِ محاولًا أن يستوعبَ ماحدث..لم تقوَ على أن تراهُ ضعيفًا لأوَّلِ مرَّةٍ بتلكَ الحالة، وأقسمت بداخلها أنَّ حديثهِ ماهو إلَّا هُراء..جذبتهُ من ذراعهِ وتحرَّكت بهِ إلى غرفةِ الطبيب، تحرَّكَ معها دونَ حديثٍ وكأنَّ الصدمةَ جعلتهُ فاقدًا الوعي ولايشعر بمايدورُ حوله، دلفَ للداخلِ لتقابلَهُ الممرضة:
إجهاض، هتدخل عمليات، بس الموضوع بسيط لأنُّه لسة ثمان أسابيع، ترنَّحَ جسدهِ محاولًا السيطرةَ على نفسه، حاوطت فريدة خصرهِ تنظرُ إلى الممرضة:
هيَّ كويسة أخبارها إيه، والإجهاض دا هيأثَّر على صحتها؟..
الدكتور معاها لسة يافندم، هنا فاقَ من صدمتهِ يبتعدُ عن فريدة وانحنى يُمسكُ رسغَ الممرضة يحدجُها بنظرةٍ مرعبةٍ قائلًا:
شوفيلي دكتورة، لو راجل دخل على مراتي هولَّع في المستشفى، يالَّه بسرعة، متخلِّيش راجل يلمس مراتي.. 
تحرَّكت الممرضة للداخل، بينما ظلَّ كما هو يتابعها بعينه ..
إلياس ..ردَّدتها فريدة، استدارَ إليها متسائلًا: 
الإجهاض دا هيئذيها؟..ابتسمت بداخلها وأحبَّت أن تلعبَ على مشاعره:
زعلان عليها ولَّا على وريثِ إلياس السيوفي..عليها طبعًا قالها سريعًا ولم ينتبه لما تفوَّهَ به، ابتسمَ داخلها وتابعت حديثها وضغطت بكلماتِها وهي تتابعُ ملامحَ وجهه:

+       
أكيد، فيه ستَّات بتموت وفي اللي تفقُد الحمل طول العُمر..وفيه اللي بتكون كويسة.. 
أشارَ لها قائلًا:
هيَّ هتكون كويسة، أيوة هتكون كويسة 
جلست على المقعدِ ترمقهُ بنظرةٍ معاتبة:
وكان لازمتُه إيه الكلام اللي قولتُه، علشان تدبحني وخلاص ..أحكمَ قبضتهِ يكوِّرُها بغضبٍ فهو في حالةٍ لا تُجدي النقاش..بعد فترةٍ دلفَ إلى الغرفةِ وجدها متسطِّحةٍ على الفراش، دلفت فريدة خلفِه، ثمَّ اقتربت منها وانحنت تطبعُ قبلةً على جبينها: 
ميرو سلامتِك حبيبة ماما، ابتعدَ إلى النافذةِ يضغطُ على نفسهِ حتى لا يقتربَ منها ويسحقها بين ذراعيهِ يستنشقُ رائحتها ليطمئنَّ أنَّها بخير..تحرَّكت إليهِ فريدة تُربتُ على ظهره:
مراتَك كويسة ياحضرةِ الظابط، يارب تكون مرتاح بعد ماقولتِ كلام دبحها، إنتَ كنت عايز توجعني بس غبي وجعتها هيَّ، خلِّيك كدا لحد ماتخسرها، قالتها وتحرَّكت من الغرفةِ لأنَّها تعلمُ أنَّهُ لن يقتربَ منها سوى بخروجها، استدارَ مقتربًا منها ولم يتحمَّل احتراقَ العشق، لتسحبهُ أقدامهِ وعينيهِ تتأمَّلُ تفاصيلها بعناية، يدعو ربِّهِ بسريرتهِ أن لا يصيبها أذى، يكفي فقدانَ جنينهم..
ردَّدها بينهُ وبينَ نفسه، جنين، ذهبَ ببصرهِ إلى بطنها وبسطَ كفِّهِ الذي ارتعشَ وهو يعضُّ كفِّهِ الآخر ندمًا على ماقاله، كيفَ ستغفرُ لهُ إذا استمعت لحديثهما، يعشقُها حدَّ الجنون، ولكن كبريائهِ وكرامتهِ فوقَ قلبه، ملسَ على بطنها بحنانٍ ثمَّ انحنى يضمُّها إلى صدرهِ لتنسابَ دمعةً رغمًا عنه، طبعَ قبلةً فوقَ رأسها:
آسف، سامحيني، ياريت الزمن يرجع بيَّا مكنتش وافقت على جوازنا، سنين وأنا بضغط على نفسي لحدِّ مابقتشِ قادر، خوفت تكوني لغيري، وآدي النتيجة، لمسَ عنقُها الذي مازالت آثارُ قبلاتهِ عليه..انحنى يدفنُ رأسهِ وأغمضَ عينيه: 
حُبِّي بيدمَّرِك أكتر مابيسعدِك، صدَّقيني بضغط على نفسي علشان أصلَّح منها بس عندِك مابعرفشِ أسيطر، إنتِ مش مجرَّد بنت أُعجبتُ بيها ياميرال إنتِ حياة إلياس كلَّها، من الطفولة للشباب حتى المشيخ، رفعَ رأسهِ ينظرُ لوجهها الذي انطفأَ بريقه، وحرَّكَ أناملهِ على وجهها إلى أن وصلَ لشفتيها التي يعتبرها شهدَ الحياة، أغمضَ عينيهِ ولحظاتهم الجميلة تمرُّ أمامَ عينيه، ابتسامةً حزينةً وهو يتذكَّرُ شقاوتها بين أحضانهِ ليهمسَ دونَ وعي:
وأنا أموت من غيرِك، ..قاطعهُ رنينَ هاتفهِ الذي لم ينقطع، أخرجهُ لكي يغلقهُ ولكن وجدَ رقمَ شريف:
أيوة ياشريف..قاطعهُ قائلًا: 
إلياس باباك عمل حادثة واتنقل للمستشفى..هبَّ من مكانه:
إنتَ بتقول إيه، طيِّب أنا جاي..تحرَّكَ خطوةً فتراجعَ بعدما تذكَّرَ أمرَ معشوقته، انحنى يدمغُ جبينها بقبلةٍ قائلًا بصوتٍ خافت:
هروح أشوف بابا وراجعلِك، ظلَّت نظراتهِ عليها للحظاتِ إلى أن طبعَ قبلةً فوقَ شفتيها يهمسُ لها:
ربِّنا يصبَّرني عليكي لمَّا تفوقي ..نصبَ عودهِ واعتدلَ متَّجهًا للخارج ..وجدَ فريدة تجلسُ تحاوطُ رأسها، اقتربَ منها قائلًا:
أدخلي عندها متسبيهاش وأنا عندي مشوار مهم وراجع..
نهضت تطالعهُ بذهول: 
إنتَ إيه ياأخي جبروت، أنا كذِّبتِ كلامَك ليَّا من بعدِ ماشوفت لهفتَك عليها، وقولت دا عايز يحرَق دمي وبس، مستحيل يكون بيكرهها وهيموت عليها..
انحنى ينظرُ بعينِ فريدة:
أه كذبتِ عليكي علشان اللي جوَّا دي أغلى من روحي ارتحتي كدا، خلِّيكي معاها لحدِّ ماأرجع هيَّ مش بنتك..قالها واستدارَ للمغادرة، أطبقت على ذراعه:
طيِّب لمَّا إنتَ بتحبَّها كدا ليه يابني بتعمل معاها كدا..نظرَ لكفِّها الذي يتشبثُ بذراعهِ ثمَّ إليها:
وبعدهالِك ليه مصرَّة تخلِّيني أوجعِك بالكلام، إبعدي عنِّي لو سمحتي كفاية اللي حصل لمراتي، وابني اللي حتى معرفتش بوجوده، عايزة منِّي إيه؟..
عايزة إلياس الطفل البرئ اللي أوِّل مرَّة شوفته فيها:
استدارَ بكاملِ جسدهِ وغرزَ عيناهُ بها:
اندفن يوم ماضحكتي عليَّا أنا وبابا وماما بإيدك دي دفنتيه، خلِّتيني مأمِّنشِ لأي ست، أشارَ على بابِ غرفةِ ميرال:
شوفي بنفسِك، أُدخلي وشوفي نتيجة كُرهي ليكي، دنا خطوةً ومازالت عيناهُ تحرقها..
حاولت آذيها وأبعد عنَّها ومقدرتِش، حاولت آذيكي وبرضو مقدرتِش معرفشِ ليه بعد ماأبقى مُصر أدمَّرِك واقف عاجز ومقدرش، عرفت بموضوع عمِّ ميرال من سنين ورغم كدا ماحاولتش حتى أخلِّيه يقرَّب منَّها، ليه يامدام يافريدة، يمكن حبِّك ليَّا في الأوِّل دا اللي بيشفعلِك، ولَّا يمكن علشان ميرال، يمكن خُفت ياخدُها منِّك، حقيقي معرفش..
لمست وجنتيهِ وانسابت عبراتها: 
بتحبَّها أوي كدا..قالتها وهي تهزُّ رأسها..
ابتعدَ كالملسوعِ يهزُّ رأسهِ وتحرَّكَ قائلًا:
مراتي أمانة عندِك يامدام فريدة..توقَّفَ واستدارَ إليها:
رُدي الجميل اللي عملتُه معاكي ..بعدَ فترةٍ وصلَ إلى المشفى، وجدَ شريف بالخارجِ يتحدَّثُ مع الطبيب:
فين بابا وحادثة إيه دي؟..
سحبَ كفِّهِ ودلفَ للداخلِ بعدما وجدَ لهفتهِ وخوفه:
أهو نايم، كويس، بس مصاب في دراعه، الطلقة الحمدلله ماصابتوش..
طلقة، ليه بابا مضروب بالنار ولَّا حادثة!..
ابتعدَ بنظراتهِ هامسًا: 

+


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close