اخر الروايات

رواية اسمتني امي قربي كاملة وحصرية بقلم مشاعل الحربي

رواية اسمتني امي قربي كاملة وحصرية بقلم مشاعل الحربي


البارت الأول ..
:
:
قصتي قصة ..
:
:
وجودها هنا كان بعيدا عن عقله وقد كان مشغول بأبيها ...
كل من مر صد عنها ..فكانت أنثى مكتمله تجلس على كراسي الانتظار ..
ألتفتت لأخر الممر القصير ..فأذا بخالة أهداء أميمه ...تقترب منها بحزن لتحتضنها ..لم تستوعب بعد مايحصل حولها ...
دفنت نفسها في صدرها وعينها معلقه بباب الغرفه ...
:
:
خرج ذاك من الغرفه ..وقد تجمدت ملامحه وخلى وجهه من أي تعبير كان يضع يدا على جانب صدره و أخرى مررها بعنف داخل شعره وهو يتأملها ...
تشارك الحديث مع خالته بحدقتيه ...
شددت تلك على احتضانها وهي تهمس بالدعاء ..
كان ذاك أخر ماتذكره من ذاك الموقف القديم وتلك القصه الحزينه ..
ومن بعدها تعلمت ان مصائب الكون كلها لا توازي فقدها ابيها ...و لازالت الصغيره تتعلم ..

:
:
:
:::::
:::::::::::::::::::
كرمت الضوء بأن ينعكس على حدقتيها الرماديه المرهقه ...بخمول في اطرافها حدقت في الفراغ للحظه ..وقفت متخبطه ..كان حلما سيئا لم تتذكر بأنها نامت في سرير اهداء ...
:
:
خرجت متخبطه ولم يلحظها أحد وهي تتجه تحت ضوء الشمس الشديد لمكان ابيها ..
وقد اعتادت خطواتها على اللجوء اليه كل حين وكل نفس ..
دخلت المنزل كان رماديا ...بلا روح ..وكئيب و ابوابه غير مؤصده ومنحنيه حزينه ...
جرت خطواتها لسرير ابيها المشبع برائحة صدره النحيل ...
رائحه ابيها ..عطر ..عطر من الجنه ..رائحه احتراق الحطب و طلع النخيل ممتزجه بعوده يقتنيها منذ سنوات ..ورائحة وضوءه و صلاته و غبار هذا الارض ...
تنهدت بأنين وهي تغرق في النوم ...
كان فراشه باردا ..وفارغ ... ومهجورا ..
أحست بالمكان يغرق في الوسع حتى يفقد حميميته ...
و كأنه أحد احلام البحث الغير مجدي ..ولا ابيها ولا صوته ...وما المكان الا ابيها ...
و ما الحياة واروح والهدف الا ابيها ...
ضلت على حالها تتأمل المكان حتى أظلمت خارجا ..و أظلم المنزل و خلى من الروح الا صوت دقات xxxxب الساعه فوق الباب ..
وكان الظلام من حينها ..حتى أزعجها صوتا ما كان ذاك يقف على الباب ...وقد أضاء المكان ...
:
:
راقبته يرحل مطرقا رأسه ...مسح وجهه بتعب ...."هنا ياخالتي أميمه ..."
دخلت تلك وهي تنفث الهم من صدرها بعيدا ...همست لها وهي تبتسم بين تقوس شفتيها الباكيه لحال هذه الجميله ...."قربى ياعمري والله خوفتيني علييكي ...قومي ياروحي ..قومي عزا ابوك ياروحي اوقفي فيه ماله غيرك ..."
:
:
تأملت الباب ...هزت رأسها بوهن ..."أبوي ذحين يجي ...ذحين ..."
:
:
هزت رأسها بالايجاب تقنع نفسها وهي تحاول ان لا تفقد رباطة جأشها ....أعادت النظر الى وجه أميمه المتعاطف معها ...."خاله اميمه ....وين اروح ...؟؟ابغا اجلس في بيت ابوي ..."
:
:
راقبت استجدائها الحزين المنكسر ....شددت على احتضانها ..."ياعمري ..انتي ياعمري ...عمران حلف محد يربيك غيره ...عمران حلف انه مقامك من مقام اهداء ...ياروحي انتي ربي مايضيعك ربك كريم ..."
:
:
ارتجفت مقشرعره في حضنها ...همست ..."ابغا اهداء ...فين اهداء ؟؟"
:
:
أبتسمت معاها ..."اهداء تستناكي في غرفتها ..تعالي معاي ...اوديكي لها كل الناس اللي تعزي تسأل عنك ...تعالي .."
:
:
وقفت معها وهي تجر غترة ابيها المشبعه برائحته ..التفتت الى المنزل قبيل خروجها ..نظرت الى الغتره في يدها ...ومن ثام جالت بنظرها فيه ..
كان عهدا جديدا في حياتها واجمل ذكرى ستكونها مهما حيت ...الغريب انها منذ ان عرفت ابيها لم تفكر يوما في حاجتها لحنان امها كما اعتادت ..
:
:
أغلقت الباب وهي لازالت تراقب المكان حتى اختفى امامها ..وماعاد للمكان قيمه ..
:
:
:
وقفت الصغيره وقد قفز بها الحزن لسنوات في ثلاثة ايام العزاء ولم يتوقف اهل القريبه عن تقديم العزاء حتى أخر لحظه ...
:
:
:
أخر يوم بعد صلاة العشاء وقد أمتدت سفر عشاء أخر يوم من العزاء ...دخل احدهم دون ان يلقي السلام وهو يتأمل في المجلس الفخم الممتد بضخامه تتسع لأقامة حفا زفاف ...
كان ذاك يقف وهو يشمر عن اكمام ثوبه ويلف شماغه الاحمر بعمليه دون عقال ...
اليوم متعب تركه في العزاء وحيدا مضطرا للمغادره ل"جده" فحالة زوجته الصحيه لاتبشر بخير وعمله يضغط عليه ... ووقف بجانبه ابن خالته أميمه وليد الذي عاد للتو من "أميركا" فقد كان بدورة ذاهبا ليتطمن على وضع خالهم صياف الصحي الذي لا يدفع الامل فيهم أبدا ...
:
:
:
راقب ذاك المتخبط كصقر ..بل خمن من هالة شخصيته من يكون ...كان رث الثياب غير مهندم المنظر ..وقد وضحت نشاطاته على وجهه ...
أقترب منه وهو يبعده عن الجموع دون ان يلحضو ...
أدخله الى المجلس الأخر وهو يغلق الباب خلفهم ..بدت ملامح الاعجاب على محيا ذاك ...رفع احد حاجبيه وهو يسأله بطريقته المستفزة المعتاده ..."ان جاك علم ترى اليوم أخر يوم في عزا ابو نصير ...؟؟ما كنك مبطي شوي يا سعد ؟؟"
:
:
عدل ذاك شماغه المطعج بملل وشيء من ثقه ..."مشاغل ...الله يرحمه ويرحمنا..."قاله بدون اقتناع حنق ذاك لقوله ...
:
:
وبدون اي رحمه او رحم ...افضى ذاك .."ماترك شيء وراه ...وبنته وينها ؟؟اعجل علينا ورانا طريق ..الظاهر ماترك لنا الا ذا البنت كثرة صرف بس ...ومن رضا فيه ولد الــ"كان سيكمل شتمه الذي اعتادوا اخوته ان ينادونه به ..
:
:
ألا ان اوقفه ذاك ...وهو يشدد على قبضته يمنع غضبه ...وبلهجه جافه ..."كل اللي تركه وراه الله يرحمه ..بيطلع علية المحامي ويقول لك ...وبنته اختي تبيها تكون بجنبها ...فما راح تروح معاك ...وفمان الله ..."
:
:
قالها وهو يشير بعينيه على الباب ...تمتم ذاك ..."وين تروح ابوها من قبلها ؟؟"
:
:
كان يقصد بأنه كان يعمل لصالع عائلتهم منذ القدم ...عاشوا حياتهم اجمعها يحرمونه من ميراث ابيهم حتى خسره وتوفي اغلبهم وتفرق شملهم بينما كان كل مايريده هو قربهم ووصلهم وكان قنوعا بما بين يديه ...
عاشوا اجمع حياتهم يعيارونه بلون وجهه وقد احتشدت القريه كلها بل ومعارفه من خارج المدينه ليعزوا فيه ورج المجلس ثلاث ايام بذكر طب اصله وطيب مواقفه بينما لا يعرفهم حد او يذكر اسمهم ...
:
:
سبحانه يعز من يشاء ويذل من يشاء ...
:
:
راقبه يبتعد بينما بين في حديثه عن ضيق نفسه وشح اخلاقه وبانت نوايه ولم يستحي في أن تبين فقد أتى يبحث عن المال وراء من انكره هو واخوته ...
:
:
:::::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::
ليحمي أمانته الجديده بكل قوته وحواسه ...ليحمي اخته الجديده بكل حميته وخوفه على اهداء وكأنها قطعه من أهداء ..
لأنها امانته ..لم يحتج لكلمات او وصايا ليعلم هذا و يوقفنه برجولته ...
:
:
:
:
:::::::::::::::
::::::::::::::::::::::
لولا اصرار خالتها اميمه للذهاب الى حفل زفاف عمها عمران ..تحت ضغط لأجل خاطره ..
وبعد ابيها لم تعد ترى رجلا سوى عمران .."عمها عمران ..."
:
:
انها تخجل من الاحتكاك به لكن عيشها معه يحدها على هذا ...وكلما قررت انها لن تظهر امامه ابدا يحدث شيئا ما يجعلها تحتك به ...
كانت ترتدي فستانا أخضرا بقصه كلاسيكيه وتركت شعرها على طبيعته .. وقد مدتها خالتها بكحل كما مدت اهداء به ...
جلست بهدوء طوال الحفل بجانب أهداء تراقب احداثه الفخمه بملل ...
:
:
كان الحفل في المدينه المنورة ..تأخر الوقت حان دخول الجديده الى حياتهم الى قاعه الحفل ...هدء الجميع يراقب الممر ..
لتدخل تلك كانت قصيره ونحيله للغايه بعينان واسعه وشعر بصبغه فاتحه وفستان مبالغ فيه ...كانت سعيده للغايه للو لمعه في عينيها ..ارتجفت لها قربى قبل أهداء ..
لن تكون سهله ابدا ..
:
:
أبدتأت القاعه تخلو من بعض المعازيم ...
كان خالتها اميمه تقف بالقرب من الباب ..دخل الاسمر فارع الطول يلف بشته الاسود وقد اشتد ثوبه الابيض على صدره و وسع هامته الرجوليه ...
حرك رقبته ليعدل غترته البيضاء الناصعه ..
هناك تفصيل لطالما حدقت فيه يخصه ..حركت معصمه الايمن ليعدل وضع ساعته ..كان يساريا كأهداء ...يشير بها اثناء حديثه الموقر ..يكتب بها ..و يقود بها ..تزيد حضورة لفته ...
أبتسمت وهي تراقبه فبان طقم اسنانها الجميل بين شفتيها الممتلئه همست ..."عمي عمران ..."
:
:
ألتفتت اهداء لدخوله وهي تقف للتتجه اليه بسعاده وبهجه غامره ...فهذا كل عائلتها وكل حياتها ومبتغاها ...
أبتسم لها وهو يحتضنها ..ابتسم لأهداء بين ملامحه الجامده وكأنه يقوم بروتين يومي ...كانت اهداء هي من يدفعه الى الابتسام دوما ..
كانت أهداء ...
:
:
:
لفت يدها النحيله حول ساعده المفتول وه ترفع رأسها اليه مبتسمه ..بين امها واخواتها الاتي ضايقه وجودهن و خالته واخته ..
رد على التهنئه واثقا ..ولم يمتثل لأوامر المصورة بل فعل مايجده ملائما لكريزمته ...
رفع رأسه بعد ان قبل رأس جدتها العجوز التي اصرت على ان توصيه على ابنة ولدها التي ربتها " هنده .."
:
:
ألتقت عينيه بها ...أمانته الصغيره ...لأول مره ابتسم لها ...تكاد تقسم انها لمحت ابتسامه بين حزمه ....أشار لها بيده ان تأتي ..
أطرقت رأسها بخجل وهي تقف لتقترب متردده ..
رفعت عينيها لنظراته التي تراقب احدهم فوق طوله الفارع ...
:
:
:
بهتت ملامحها تراقبها سمعت بوجودها لكن لم تتوقع ان تكون هي ..بعض ملامحها تدل على اصل جدتها واخرى شامخه من ارض الفرات ..و أخرى بدوية حجازيه ...تركيبه فاتنه في طفولتها ...كانت من بعيد يتضح عليها انها اطول منها ...صعدت للمنصه بهدوء الا ان هدوءها صارخ و أخاذ ...
التفتن اخوات تلك تكاد اعينهم تخنقها ...لا اراديا اجتمعت الدموع في عينها وهي تراقب عمها يقف بجانب اخته ...أبتسمت وهي تمد يدها انحنى لها بحب فقبلت رأسه ...
همست له ..."مبروك ياعمي عمران ..."
:
:
:
عمران لم يرى قربى يوما سوى انها اخته ....قربى ما هي الا اخت او ابنه له كما يعد أهداء ...
الا ان اعين الغريب تلحظ ..."هنده" ..
لم تقتنع يوما بوجودها ...
صورة جمعت اخر لحظه يكونان فيها في نفس المكان ...يوم زفافه ..
:
:
:
:
وكانت هذه نبذه من طفولة انثى كنتها الدنيا قُربى ....
كبرت ..."قٌربى..."وكبرت الايام معها ...
كبرت الصغيره وكبرت معها الاحزان ..الفقد ..والحاجه ...كبرت ظلا لأهداء ..تحطمت كثيرا من احلامها فقط لتبتسم اهداء ...
:
:
وهاهي في أخر سنه دراسيه لها في قسم تربيه خاصه في جامعه طيبه ...وقد كانت تنوي ان تتخصص في الطب ...
الا ان حالة اهداء الصحيه التي عاودها المرض لم تساعدها ...
ومن هي حتى تشترط ...فأكبر سعاده في حياتها الوحيده الان هي أهداء وعمها عمران و ابناءه اميمه و رافد....
وليسامح الرب "هنده "...
:
:
كانت تجلس ملفته بين صديقاتها ...فملامحها ازدادت حده بعد ان كبرت و ملامح جسدها ازداجت فتنه ..وشعرها التي كانت تكره بات الان ما يميزها ...
:
:
راقبت اهداء بقلق ...كان تنفسها صعبا وهي تراقب الساحه الممتلئه بالطالبات لقد انتهى دوامهن للتو وينتظرن السائق ...
:
:
سألتهن صديقتهن..."بنات خلاص راح تجون حفلة توديع العزوبيه حقت بشرى ..؟؟"
:
:
هزت رأسها بالنفي ...."ما اتوقع عمي عمران يرضى يعني لو زواج يرضى ...لكن حفلات وكذا مايرضى ...ولازم مع خاله هنده او خاله اميمه ...."
:
:
سألتها احداهن بفضول ..."عمك عمران هو اللي رباكي صح ؟؟بس دايم اسأل كيف أسماء اباءكم انتي و اهداء مختلف ...؟؟"
:
:
ألتفت لأهداء ..ومن ثم ابتسمت بثقه تخفي سرها ..."اخوي ابوي من امه ...؟؟"
:
:
رفعت احداهن حاجبها بعدم اقتناع ..."طيب فين عرقك من أهداء ...دام تقولبن امك عراقيه والعرق جايبته من جدتك ام ابوك ....."
:
:
أبتسمت اهداء ..."طيب انا وعمران امنا مو وحده ترى ..."
:
:
زمت احداهن شفتيها ..."حساب بنته في انستقرام كان فيه صورته مره وسيم ماشاء الله صح اسمر ..وقربى ابيض منه بس ملامحه يعني عايدي قربى طالع فيها شوي العرق ..."
:
:
تنهدت اهداء بتعب ...."متى تجي سياراتكم يا فريق كونان ...؟؟"التفتت الى قربى ...."قربى انا بكره بأنزل بدر ..
:
:
كن في منتصف الاسبوع الدراسي وهذا ليس من عادة اهداء ...
هزت تلك رأسها بالايجاب ..."انشاء الله ياروحي ...."
قالتها وهي تتأمل ملامحها المتعبه ..المرض لم يسمح لأهداء ان تعيش شبابها و تنعم بصحه جسدها ..
تذكرت احداهن وهي تضرب على رأسها ...."صحيح يا اهداء ...ترى امي موصيتني اخذ رقم خالتك اميمه منك ...."
:
:
أستغربت اهداء فأكملت تلك ...."جايبه عروسه لأخوك متعب ...."
:
:
تغيرت ملامح قربى لأنها تعلم بموقف متعب لو بلغه الامر ...متعب عاش حياته بعيدا عنهم في جده ...و لا ينوي ابدا العوده ...أن كان عمران حازما وجادا ...وصعب المراس ...فمتعب صخر ...صخر لا يتصدع ...جيل أزلي بعروق ممتده في الارض أقوى من هامته ..
متعب رجل عسكري أمضى سنوات شبابه حتى أربعين عمره في خدمة وطنه في السلك العسكري وهو الان في منصب كبير يليق بمقامه واسمه ..لواء يستحق الاحترام والهيبه ..
ولم يصل الى هنا الابقوة شخصيته ..فحتى شخصيته الصعبه تؤثر على بناته التؤام ..فهو يحميهم بمبالغه وشيء من خشونه ...
:
:
هزت اهداء رأسها بالنفي .."متعب الا بغى يتزوج هو يخطب من حاله ويتزوج ماحد له شغل فيه ...متعب مين يغصبه على قرار ..."
:
:
أبتسمت احداهن ممازحه بشيء من خبث ...."زوجوني ايا امانه...وربي لا اضيع عناده ..."
:
:
كشرت قربى لا ارديا وهي تلتفت الى اهداء التي تكره هذا النوع من الحديث خصوصا اذا مس اخوانها ...."هرجك كثر يا رؤى ...متى يجي سواقك بديتي تخورينها ....."
:
:
:::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::
:
:
:
بعد ...أن رقد عز شبابه في سرير ابيض ..لا يكاد يعتمد على نفسه حتى في تنفسه بعد ان كان شديد البأس عظيم البنيه ...ناجح عمليا ذو عقل لامع ...و حظي بأرقى المناصب في مجال دراسته هندسة الطيران ...
:
:
فعل طيش من مراهق ...فعل بسيط ...افقده كل هذا ....عاش لخمس سنوات في غيبوبه ...ليستيقض اشيب الشعر وانتهت سنوات عمه العشرين سنوات مجده ...
وهاهو في السابعه والثلاثين ..يلزم منزله في محافظه بدر بعد أن كان يسكن واشنطن ...بأطراف مرتعشه تعلم السيطره عليها في اخر سنتين بصعوبه ...ولسان شاعر قديم اصبع متلعثما متأتأ يسقط الحروف سهوا ..
:
:
وكل ضغطه النفسي مع شخصيته القويه تحول الى وسواس قهري ..في ادق التفاصيل والترتيب ...لقد رسم وصمم ادق التصمام قديما وكان مهووسا بالكمال ..الان مع ارتعاش يديه ..لا يستطيع الرسم كما قديما ...فحول حرصه في الكمال والترتيب والدقه للحياة حوله ...
:
:
جالسا في كنبته البيضاء امام الشاشه العملاقه التي تبث برنامج عن محرك طيران جديد ..الهدوء المميت حوله في المنزل يزيده وحده ..
كانت مساحاته الواسعه شبه خاليه الا من اثاثه الابيض العملي ...مؤخرا بعد ان اصبح يجيد التحكم بأطرافه بدأ في برنامج غذائي ورياضي حاد ليعيد لجسده همته و فتوته القديمه ...
تأهب للوقف مطولا ...ومن ثم وقف ببطء ...مصر هو على يعتاد على الحركه دون عكازاته ..ألقى في طريقه بين خطواته البطيئه نظره على الاوراق فوق مكتبه ..أقترب متأمله ...ومن ثم عدل من زاوية احدى الاوراق ..
صحيح بأنه لم يعد يعمل كما كان ...لكنه حاليا لازال يعمل مع الشركه التي توظف بها بعد تخرجه ولكن عن بعد..و رعت برنامجه الهندسي ...لكنه الان لم يعد يصمم بل فقط يشرف على فريق مصممين ...
سنوات انجازه القصيره شفعت له ...فعقل مثله من الغلط الا يستغل ...
أتجه الى صالة تمارينه في الاسفل ...وهو يتكئ على جدار السلم ...
:
:
أخذ نفسا عميقا ...يجمع الهواء بين انفاسه اللاهثه ...أرتشف شيئا من ماءه ..ومن ثم هم بالقيام بتمارينه ...الا ان رن هاتفه في جيب بنطلونه الرياضي ...
:
:
هز يده ليركز في مل سيفعله ..أخرجه من جيبه ...كان رقمها ومن يذكره غيرها ..رد مبتسما ...لطالما راعت صعوبة نطقه بعد طول صمت ...
أخذ نفسا عميقا ..."هـ ...هلا ..أأ .. أمـــ ..أميمه ...الــ ...سسســ ..لام ..السلام عليكم "قال اخر جملته بسرعه ليلحق على نفسه ...
:
:
قديما ضرب المثل بفصاحه "صياف" ...والان بالكاد التأتاه تترك له مجالا للحديث ..فقد تضرر دماغه بالحادث تضرر عنيف الا انه كان قويا للغايه ليقف و يتحدث و يعمل مجددا ...
أبتسمت لسماعها صوته ..."وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته ....ياعيون اميمه انت ياروحها ...كيفك ؟؟ المهم يا قلبي اليوم "بخوت" مسويه غدا صياديه ..وعاد اعرفك الا طبخ بخوت ...ها تجي تتغدى عندي ..؟؟"
:
:
أبتسم لوصلها الغير منقطع واهتمامها به ...."مـ...ما تقصرين ...أمم ..أجي ...أنا أجي ..."
:
:
نفثت نفسا عميقا لانها لم تتخذ وقتا لأقناعه "انتظرك ياروحي ...انتبه لنفسك ..."
:
:
أتخذ وقتا طويلا حتى يغير ثيابه ...تأنق وكأنه يوم العيد ..الترتيب والكمال ماهي الا لعنة لازمته ..ردة فعل لعجزة ...
:
:
تأكد من اغلاقه كل شيء ...أضطر لأن يأخذ احد عكازيه ...أغلق باب المنزل ..تأكد من اغلاقه ..ومن ثم قطع المسافه مشيا ...ميال هو الى قضاء مصالحه النادره مشيا ...فالخطوات تساعده على التركيز وتثبيت اطرافه ...
:
:
::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::
دخلت المطبخ كانت تلك قد أنتهت من ترتيب كل شيء ....أبتسمت لها ..."الله يعطيك العافيه ...على مايوصل صياف يكون الاكل برد ...."
:
:
لاحظت بأنه لم تنتبه لحديثها ..كانت سارحه في الفراغ وبيدها طبق فارغ سندت طرفه على طاولة المطبخ ...نادتها ..."بخوت ...؟؟"
:
:
ارتبكت فسقط الطبق منها متناثرا لأشلاء ...اخذت نفسا عميقا وقد تخبط نبضها هلعه ...التفتت الى ام زوجها ...وهي تنزل للارض..."أمري ياعمه ..."
:
:
أستغربت تلك من ردة فعلها ...نزلت لمستواها ..."اتركيه يابخوت خلاص بتنظفه أني ..."
:
:
لم ترد تلك بل حاولت التشاغل بجمعه .....غضنت جبينها وهي تلاحظ بأنها تخفي وجهها الجميل عنها....نادتها ...بشيء من شك .."بخوت ؟؟طالعيني "
:
:
عدلت تلك سيل شعرها الكثيف الغامق المائل للحمره لتغطي شيئا من ملامحها ...حاولت ان تكون طبيعيه وتخفي التوهان في نظرتها .."هلا ياعمه ...؟؟..."
:
:
اعتصر قلبها لوضعها ...وابيه كان من قبله كيف سيكون .....تأملت وسع عينيها العسليه التي كانت تخفي دموعا ...
وكدمه تغطي وجنتها النظره ...و جرح اطرف شفتها السفلى .."وليد ضربك ؟؟"
:
:
دافعت مستميته كعادتها ..."لا ياعمه ..."الانها سكتت للحظه ..لايمكنها الدفاع عنه بعد ..لقد اتعبها واتعب قلبها ...
:
:
بخوت ....بخوت ..من النساء القديمات ..حاصل تربيه باديه الحجاز ..النساء الصامتات الوفيات ...ذوات الشخصيات الغامضه ...نادرة الحديث ..لا ينبىء عن وجودها الا جود افعالها الكريمه ..وحسن تصرفاتها ... حديثها الموزون يزيدها جاذبيه ...
كما ان جاذبيتها ملفته ..فلا حديث عن مقدار جمالها يصفها ..فهي ليست من ذوات الجمال الواضح الممل ..بل جذابه ..فتتأملها طوال الوقت وتتسائل ياربي ..أين الجمال بها لما لا اكف عن النظر اليها ...؟؟
:
:
وقد اعتاد شعرها على الحناء والخزامى وتحولت لمعته الى الحمره ...ذهبها ثيابها البدوية الضيقه ورائحة عودتها ...
بخوت ..تليق بأمير تخلف له ابناء رجال يقودون من بعده كما قاد اباءه ....ولهذا اختارتها اميمه لوليد ...
ولكن ... الارواح لا تتألف بسهوله ...
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::
وقفت تفرغ غضبها ...."الولد ذا مايستحي ..ياناس والله تعبت وانا اربيه ...والله تعبت ....خليه يجي والله لا اوريه شغله..."
:
وقفت وهي تلتفت الى الخادمه التي لاحظت منذ البدء ...حاولت تهدئتها ..."الله يرحم والديك ياعمه لا تكلمينه ...خليه علي والله يعقل ...ينسى صدقيني بس احمل راح ينسى ..."
:
:
هزت تلك رأسها بالنفي ..."وين يروح ابوه من قبله يابخوت ..انا والله خجلانه منك يابنتي ..."
:
:
أبتسمت تلك لها ..."معليه ياعمه ...أنا باصبر ..انا قد المكان اللي اخترتيني له .."
:
:
قالت هذا وهي تغص بحدثها ..وليد اصعب رجل لتعيش معه انثى بشخصيتها ....فهو يهين كرامتها بأرتباطها به ...لكن لمن تعود ...لمن لقد توفيت جدتها ...وزوجه عمها لن ترحب بعودتها ابدا ...
رغم ان فكرة الرحيل تتعاظم في خاطرها كل يوم عن الذي قبله ...
:
:
:
::::::::
:::::::::::::::::::::::::::
تنهدت وهي ترى مشارف حارتها الشعبية تبين لها ...لقد ادمت قدماها فعلا في حذائها وهي تبحث عن عمل ...
الان هي تكمل دراستها منازل ...ولم تتركها تحت ارادتها ولكن من كان سيقوم بأمها المرحومه حينها ..ابيها ..هه ..ابيها ومتى كان على قدر من المسؤوليه ....
نفثت نفسا عميقا وهي تخرج قارورة الماء من حقيبتها المتواضعه ..شربت منها حتى انتهت ...فتحت محفظتها كانت فارغه الا من اوراق تحتوي على معلومات علن جهات قد توظفها ...
لقد نقص وزنها حقا هذه الايام فالعيش يستمر في ازدياده صعوبة ...حركت عبائتها لتسمح للهواء حولها ان يتجدد ورطوبه جده الساخنه تضيق نفسها ...
أكملت طريقها ..الى منزلها..كانت الحاره تعج بالاجانب فلا يسكن هنا سعوديين غيرهم ...
:
:
اتسعت حدقيتها وهي تراقب الاكوام المبعثره امام المنزل ...أسرعت خطاها ...كانت حاجياتهم المتواضعه داخل المنزل المتهالك المستأجر ...
رميت على قارعه الطريق الضيق المتسخ ...حاولت فتح الباب دون جدوى ...
التفتت حولها بتشتت وهي تحاول ان لا تبكي كل شيء سيكون على مايرام ....طرقت باب جيرانها من جنسيه اسيويه فتح اكبر ابناءهم الباب ....سألته لاهثه ...."أيوب شفت ابي ؟؟"
:
:
كشر ذاك ..."جات الشرطه بدري الصبح واخدوه ..."
اغلق الباب في وجهها دون ان تستفسر منه ...قضت وقتها تجمع اغراضهم ...وضعتها في احد اركان الحاره العشوائه وغطتها ..كل هذا وهي تحتسب الله وكيلا لها وتردد اسمه تكبت دموعها ..
وصت احدهم عليها ...ومشت لأخر الحاره ...وقفت امام باب البقاله المتواضعه ...سألت البائع من جنسيه عربيه بلهفه ..."ابوي قالت شيء ....؟؟"
هز ذاك رأسه بالنفي ..."والله مالحقت اكلمه يابنتي ياجليله ....اتضارب مع راعي البيت وجات الشرطه شالته ...خلاص يابنتي الديون ركبته من راسه لرجوله ...."
:
:
:
ضاق نفسها وهي تضع يدها على رأسها بعجز ..جلست على درجة الباب الضيق...."يارب ...يارب ...يارب من يوم تركنا نجران وحنا مبهذلين .."
:
:
حزن لحالها ..."يابنتي ابوك ليله طويل ...ارجعي نجران لاهلك ...."
:
:
هزت رأسها بالنفي ...وقد ضاعت نظراتها ..."ارجع لمين ياعم يحيى؟؟...... ارجع لمين ؟؟......والله لو لي احد رجعت ..."
:
:
من اين تجده الان ..كيف تصل اليه ..ماحيلتها ...راقبها تجلس على بابه عاجزة وقد تاهت نظراتها ...وقف ....وهو يأمرها ...
"تعالي لي يابنتي هنا بعد المغرب انا بروح اسأل عنه ....وربك كريم ..."
:
:
وقفت وهي تشكره بكل قلبها ...."الله يحفظ لك كل غالي ..الله يسعدك ....الله يجزاك خير .."
:
:
هز رأسه بالحسره ...."امين يابنتي...الله يحفظ لك شبابك و يهدي ابوك ..."
:
:
عادت الى المكان الذي جمعت اغراضها فيه ...جلست تنتظر عودته ..حتى غفت عينيها متعبه ..جائعه و ضمئه ...
:
:
:
فتحت عينيها على صوت حولها ...رفعت رأسها ...كان المغرب ...قد خرجت الصلاه للتو ...
ركضت بقل صبر الى الرجل الصالح في طرف الحاره ...كانت ملامحه لاتنبئ عن الخير ..هز رأسه لها بقل حيلته ..."والله يانتي يقولوا طلعوه بكفاله ...مين طلعه وين راح الله اعلم ...؟؟"
:
:
تنهدت وهي تشكره عائده لطريقها ...جلست مكانها تراقب الطريق الذي قد يأتي منه ...
لقد تأخر الوقت واكتضت الحاره بالشباب ومنظرها اصبح ملفتا ..
تكاد تفقد وعيها ..أقتربت منها احداهن ...من جنسيه اسيويه ...بلغه متكسره سألتها "عندك مكان تنامين فيه ؟؟"
:
:
هزت رأٍسها بالنفي لا تستطيع الحديث ..أبتسمت لها .."تعالي بيتي ..بيتنا انا وبنات ..كلنا بنات نشتغل ..."
:
:
التفتت حولها من المخيف ان تذهب مع منزلها لكن المخيف اكثر ان ان تبقى هنا ....
هزت رأسها لها بالايجاب .."جزاك الله خير ...بس اخذ اغراضي ..فين ساكنه ؟؟"
:
:
أشارت لها على نهائة الحاره الضيقه ..."هناك ...كلنا بنات نشتغل ..وبمكن خمسه بيوت لنا ...كوفيرات ..عاملات ..شغالات ...طباخات ...زي كذا ..."
:
:
تطمنت لحديثها وهي تحمل ماتحتاجه من اغراض مهمه ....فليسامح الله ابيها الذي اجبرها ان تعيش هكذا ..تعلم ان هذا خطير لكنها تحتاج لسقف وماء لا غير ...
وفعلا كما قالت تلك كانت المنازل متصله ببعضها وتعج بالوافدات ...صعدت بها حتى الدور الثالث ..وفرت لها سريرا ..ما ان صلت فرضها وشكرتها حتى غرقت في نومها المتعب ...
لم تستغرب السكن بل كان افخم من منزلها حتى ...انتابتها الحمى من شده انهاكها وامضت ليلتها في الانين ..
كما اعتادت امها من قبلها ...
وهل تجلب عشرة ابيها الا الانين ...
استغرب الجميع ملامحها بينهم ...بشعرها الاسود الكثيف الاجعد ..لون بشرتها الفاتح ..رموشها الكثيفه ...شفتها الصغيره الممتلئه ..وجسده رغم امتلاءه النسبي الا ان خصرها دقيق ...كانت ملامحها صغيره ودقيقه ...الا ان الهلات اسفل عينيها كفيله لان تشرح معاناتها ..
:
:
خلدت جليله الى النوم كما خلدت اليه كل يوم من قبل ...غير واثقه ...مرهقه ...مهزوزة ...مرتعبه ...وحيده ..ومحتاجه ...لولا تمسكها بربها وصلتها به ...لكانت قد اتجهت الى طريق لاتحمد عقباه ..
لا قلب محمل بالاحزان والانكسار كقلب جليله ...
:
:
:
و ما النوم الا امتداد لبكاء الامس الذي كتمته صدورنا ..فرحم حالنا و فضح عن بكائنها المحتاج ..
:
:
:
ولي بكم لقاء قريب ان شاء الله ...




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close