رواية جنة الياسين كاملة وحصرية بقلم اسراء هاني شويخ
يقف على قبر أخيه الذي دفن منذ دقائق غير متخيل أنه لن يراه ثانية ابنه الذي يعتبر من رباه بعد وفاة والده
يقف بنظرات غامضة يتلقى التعزية وهو ثابت من يراه لا يعرف ان كان حزين على موته ام لا..
لكنه انه ان دخل قلبه سيجد نز.يفا لن يتوقف سيظل يلوم نفسه طوال حياته أن أخيه كان مد.من ومات بجرعة زائدة وهو لا يعلم ..
يريد الصراخ والانهيار لكن كيف وهو ياسين الخالدي الذي يعرف بالقوة والجبروت ..
انتهى العزاء ودخل البيت بجمود بعد أن اطمئن على والدته التي انهارت وصعد غرفته يتأمل صوره ويتذكر ذكرياتهم سويا ..
وهنا أخيرا قرر الانهيار سقط على ركبتيه يبكي بقهر كطفل صغير وهو يتذكر كل شئ بينهم كيف كان ابنه وكيف كان يشاكسه طوال الوقت ويستحمله بل كانت مشاكسته تسعد قلبه كثيرا .
"خالد معتز العمري " ٢٥ عام أخيه من والدته متزوج ابنة خاله مريم ولديه طفل.
ترك زوجته وابنه لمن زوجته التي لم يكمل زواجه منها ٣ سنوات يعلم أنها فرضت عليه لأنها ابنة خاله ولكن ستظل أمانة يجب أن يحافظ عليها ..
دموع ودموع وصراخ عل قلبه يخف قليلا لكن دون جدوى أين كان هو عندما كان أخيه يأخذ تلك السمو.م لو أنه يستطيع احر.اق كل من يتا.جر بها لن يتردد ..
بدأ الصباح يشرق وهو ما زال على جلسته ودموع الفراق على وجهه وعينيه التي بلون الد.م..
حتى وجد دفتر ذكرياته ابتسم بألم وبدأ يقرأ بها لتجدد الدموع والحسرة .. واااااه من ألم الفراق ..
حتى حدق بعينيه عندما تابع القراءة " اول ما شوفتها خطفت قلبي كانت زي القمر وبعد ما طلعت عيني تعرفت عليها جنة اللي كانت جنة حياتي "
وموضع آخر " أخيرا تجوزنا عارف انه غلط عشان ياسين ما يعرفش بس خايف يرفضها عشان بنت خالي اللي هو مربيها بس كل حاجة تتحل ما دام هيا مراتي "
أكمل قراءة وهو مصدوم أيعقل انه انشغل عن أخيه لهذه الدرجة لدرجة أنه لا يعلم كل هذا ..
ليبهت وهو يكمل " أخيرا حبيبتي حامل يااااه ساعدتي مالهاش حدود يارب تبقى بنت شبهها "
لم يصدق ما يقرأ حينما أكمل " خلفت بنت زي القمر شبهها جدا انا مبسوط أووي سميتها بلسم يمكن تبقى بلسم لوجعي "
أغلق المذكرة وعقله لا يستوعب كل هذا جنة من هذه وابنة أخيه الذي أضيفت الى رقبته لتكمل دموعه الهبوط قام يحاول أن ينام ويفكر كيف سيتصرف..
حاول وحاول دون فائدة ينظر لديه الذي دفنت أخيه منذ قليل لتهبط دموعه مرة أخرى ..
فتح الدفتر يكمل ذكريات أخيه التي تزيد قهره..
" أنا زعلان من نفسي جدا ان بقيت أتعاطى معرفش ليه جنة عرفتني عليهم وبقيت أعمل زيهم خايف ياسين يعرف ويزعل مني "
زادت أنفاسه واصبحت عينيه ترعب وبرزت عروقه من شدة غضبه من تلك الشيطانة التي كانت السبب في دمار أخيه يقسم أنه سيحرقها هيا ومن وراءها متأكد أنه هو المقصود من ذلك وراح ضحيته أخيه الصغير "
" أنا حاسس بصداع جامد بسبب الزفت اللي دخلت طريقه خصوصا انه جنة متغيرة معايا معرفش ليه أنا تعبان اوي "
دموع ودموع فقط كانت ردة الفعل على كل ما علم به " حاسس انه نهايتي قربت خايف على ابني وبنتي معرفش ياسين هيقبل بنتي ويحافظ عليها ولا لا "
أغلق المذكرة وقال بقهر رجل " هحافظ عليها يا حبيبي أوعدك بس بعد ما احر.ق كل واحد تسبب في ضياعك مني يا حبيبي "
ذهب يستحم وخرج بمنشفة وعينيه متورمة من شدة غضبه أمسك الهاتف واتصل بأحد " جنة كمال الشناوي عايز أعرف عنها كل حاجة من يوم ما تولدت ساعة وحدة تمام "
ذهب ليطمئن على والدته التي لم تكن يوما حنونة عليه لكن كان يبرها دائما ....
دخل لها وجدها مستيقظة ودموعها تهبط سألها بحنان " عاملة ايه دلوقتي"
هزت رأسها دون كلام قبل جبينها وقال بحب " ربنا يرحمه "
همست بقهر " يعني مش هشوفه تاني "
أدار ظهره يحاول التحكم في نفسه تنهد ثم استدار لها ورد بهدوء " كلنا هموت ده وداع مؤقت لغاية ما نروحله "
خرج بعد ان تأكد أنها نامت وهو يفكر بالمعلومات التي توصل لها
" جنة كامل المنشاوي ٢٢ سنة خريجة صحافة واعلام بتشتغل من ٦ شهور بجريدة النهضة عندها أخ ووالدتها بس ما حدش يعرف عنهم حاجة لأنهم ساكنين في المكان ده من ١٠ شهور بس ماحدش يعرف هما منين "
كيف يعرف من وراها من هيا ولماذا فعلت ذلك بأخيه وأين ابنة أخيه لأول مرة لا يستطيع التفكير عقله توقف تماما ...
شهر مر عليهم من أسوأ أيام حياتهم .. وهو يفكر كيف سيعرف كل شئ ...
دخل لها وجدها شاردة لم تشعر به تنحنح حتى لا تفزع قال بحب " ايه يا دودو مالك "
شريف معتز الخالدي 30 عام متزوج من دلال ابنة عمته ذات ال٢٥ عام "
كيف تخبره أنها استمعت لحماتها بقرار زواجه من مريم زوجة أخيه الراحل عند انتهاء العدة أيعقل أنه سيوافق ..
نظرت له قليلا وقالت بدموع " هو انت ممكن تتجوز عليا يا شريف "
صدم من كلامها ثم ضمها وقبل جبينها وقال " ايه الكلام الفارغ ده جبتيه منين "
ردت بقلق " رد عليا ممكن تتجوز عليا خصوصا اني اني "
هبطت دموعها ليسحبها لحض.نه مرة أخرى وهو خائف جدا يعشقها نعم هيا كل حياته نعم لكنها لا تنجب اكتشف ذلك بعد سنة من زواجهم وأمنية حياته أن يصبح أب رغم عشقه الشديد لها حينها شرد في والدته التي طلبته ليلة أمس
فلاش بااااك
دخل لها وقال بابتسامه " ايه يا فطوم قالولي عاوزاني '
مدت له يديها أمسك بها وجلس بجانبها على السرير وقالت بقهرة وحسرة أم " مريم أهلها جم وقالوا هياخدوها هيا وابنها صالح "
صدم وقال بغضب " عايزين بنتهم مع الف سلامة ابننا لا "
ردت بدموع " ايه هنحرمه من والدته زي ما تحرم من خالد يا شريف "
قبل جبينها وقال بعدم فهم " طيب الحل ايه "
ردت بسرعة " تتجوزها "
شهق من صدمته وقال بذهول " أتجوز؟؟ ودلال انتي عارفة أنا بحبها قد ايه "
ردت بغيظ " ما هي متلقحة هتروح فين دي أرض بور تجوز مرات اخوك لما تخلص عدتها بحجة تحافظ على ابن اخوك ومنها تخلف الواد اللي نفسك فيه "
باااك
فاق من شروده على شهقاتها التي قطعت قلبه ضمها بقوة وقال " ما تخافيش مستحيل أتجوز عليكي انتي حب حياتي يا دلال "
ابتسمت من بين دموعها وقالت بفرحة " ربنا يخليك ليا يا شريف "
بدأ مؤتمره الأول تقريبا للإعلان عن مصنع جديد للأدوية وقد ارسل لجميع المجلات..
بدأ الجميع بأسئلته لترفع يدها فتاة سمراء بعينين عسليتيان من الضوء المسلط عليها أصبحت لوحة فنية غاية في الجمال
" وحضرتك ناوي تصدر للخارج ولا تكتفي محليا "
كان تائه في سمارها رغم أنه دائما ما تعجبه الشقراء والبيضاء والحمراء لكن لم يرى في حياته مثلها متأكد انه راءها قبل ذلك لكن أين ؟؟
تنحنح وأجاب " ان شاء الله بالأول هنكفي بلدنا بعدها نفكر بالتصدير "
وقبل أن يغوص في خيالته معها صدم من الرجل الذي خلفه حينما همس بخفوت " هيا دي يا باشا "
صعق واستدار له وقال بجنون " هيا دي مين "
رد بنفس الهمس " جنة الشناوي يا فندم "
صدمة .. سكوت ذهول مشاعر لا حصر لها عندما علم أنها هيا ليبتسم بسخرية وقد فهم لماذا غرق أخاها في عشقها فليعترف أنها أعجبته وكثيرا ..
بدأ يتلقى باقي الاسئلة وهو تائه ليوقظه سؤالها " حضرتك اخترت مكان المصنع ده ليه "
لهجتها نبرة كلامها ليست مصرية مهما حاولت اتقانها أجاب السؤال بصعوبة وأنهى الاجتماع ووقف يعلن في آخره " أنا محتاج حد لوظيفة يعملي دعاية ومقالات عن شغلي عن طريق السوشيال ميديا اللي شايف نفسه عنده القدرة لده يتفضل يقدم بكرة في شركة الخالدي الرئيسية "
خرج وهو يتمنى أن تكون من ضمن المتقدمين نظر لرجله وقال " عايز أعرف درست في أي جامعة بالزبط عشان هأعرف ساعتها هيا مين "
أوقفه صديقه أحمد وابن خالته وابن عمه " مش فاهم عليك انت عرضت الوظيفة دي ليه "
كشر على أنيابه وهو يتوعد وقال بحرقة أخ " البت دي وراها حد وعايز أعرف ده بس الأول تدخل عرين الأسد وبعدها هأدفع الكل التمن "
****
صداع شديد شعر بعد يوم طويل من العمل .. خلع نظارته وفرك جبينه بقوة حتى دخل عليه صديقه مؤمن الذي سيجن من اكتئابه وأنه دفن نفسه في عمله فقط ..
"ارحم نفسك يا ابني شويا "
'مراد نور الدين 37 عام طبيب نساء وتوليد "
زفر بضيق وقال بجدية " مؤمن فكك مني شويا وبلاش أسطوانة كل مرة دي "
مسح وجهه بعنف وقال بنفاذ صبر " لامتى يا مراد حرام عليك نفسك 8 سنوات يا مراد وانا عمري ما شوفتك بتضحك فيهم ولا حتى بتبتسم بتشتغل ٢٠ ساعة وبتنام ٤ ساعات هتفضل كدة كتير "
لا والله لن يحتمل ان يفتح هذا الموضوع الذي أكل روحه وقلبه منذ اكثر من ٨ سنوات وهو يتمنى من الله أن يرأف بحاله ويأخذه اليه بعد أن عاش حياته ميت ..
سحب هاتفه ومفاتيحه وهرول للخارج يكتم دمعة كانت ستفضح جرحه الذي ما زال غائر ..
دار في سيارته بقلب منفطر كأن الجرح أمس وهو يدعو ربه أن يخفف ألمه او يأخذه اليه ..
دخل البيت قبل جبين والدته الذي قالت بحماس " حماتك بتحبك عملالك الباميا اللي بتحبها "
ابتسم بصعوبة وقال بحب " هأغير هدومي وجاي بسرعة "
جلس يتناول طعامه كانه علقم كما تعود منذ ٨ سنوات لتهمس والدته بترقب رغم تحذير زوجها لها " عارف شوفت مين النهاردة "
رفع رأسه وقال " مين يا حبيبتي "
ابتلعت ريقها وقال بتوجس " عمك لطفي جارنا في البيت اللي في اسكندرية طلع عندو بنت ما شاء الله عليها دارسة ..."
لم يتركها تكمل كلامها انسحب بسرعة شديدة حتى لا يحزنها بكلمه وصعد شقته يختلي بها ياخذ نفسا بصعوبة كأن أحد يطارده وقال بقهر " ليه ليه مش عايزين يسيبوني في حالي ليه ازاي عايزيني أتجوز ازاي هو في ميت بيتجوز سيبوني في حااااالي "
نظر لها زوجها بعتاب وقال " قولتلك بلاش يا زينب قولتلك بلاش "
هبطت دموعها وقالت بانهيار " بلاش ايه ابني الوحيد هيكمل الأربعين وهو لوحده نفسي أفرح فيه نفسي أشوف ولاده قبل ما أموت "
قالت كلامها وذهبت لغرفتها تبكي كما أصبحت حياتها منذ انتكاس ابنها وأصبح شخصا آخر
****
بدأ التقديم للوظيفة وكلما دخل شخص يسأله بعض الأسئلة بضيق ويكرر جملته " خلي رقمك وهنكلمك '
يوم طويل أصر به أن يقابل من يتقدم للوظيفة حتى تقف أمامه يريد أن يعرف لماذا وقع أخيه بعشقها ما الذي يميزها لكن أصيب بالاحباط عندما قال له أحد موظيفه " فاضل ٤٠ واحد برة يا فاندم "
رد بضيق " فيهم بنات ولا كلهم رجالة "
رد باحترام " فيهم بنتين بس يا فاندم "
قال بأمل " دخلهم وخلي الباقي لبكرة "
لكنه أيضا أصيب بالاحباط حينما لم تكن بينهم أيعقل أنها لم تهتم شعر بضيق حينما فشلت خطته ..
وقف يغلق زر بدلته وقال بخنقة " انا ماشي كملوا أجلوا انته حرين "
ذهب الى الحمام يغسل وجهه بعد يوم مرهق وهو يفكر كيف يأتي بها الى شباكه ..
ذهب مكتبه يجلب أغراضه ليوقفه دقات على الباب استدار وهو يهمس " أنا مش... "