اخر الروايات

رواية كوخ باخر المدينة الفصل الرابع 4 بقلم سارة سيف

رواية كوخ باخر المدينة الفصل الرابع 4 بقلم سارة سيف



                    
ادخلها قبله ليغلق الباب بهدوء ولكن عينيه مازالت تحمل بعض الشرر فعلى الرغم مما حدث في الاسفل مع والدته إلا انه لم ينسى ما حدث بالحديقة ، ولكن إيلين كانت تفكر بطلب والدته وقالت بغضب وغيرة واضحه: ما روحتش وصلت الست فريدة ليه؟
آسر بهدوء: عشان أنا عايز كدا !
إيلين بعصبية: يا سلام؟!... انا عايزه اعرف فريدة دي تبقى مين وايه علاقتها بيك بالظبط!
آسر محافظا على هدوئه: ولا حاجه .. مافيش علاقة بينا اصلا
إيلين بغيظ: اومال مامتك كانت عايزاك تتجوزها ليه؟
آسر: اديكي قولتيها ماما ! مش أنا ... واهم حاجه انه انا مش عايزها
اتجه آسر إلى الحمام قائلا بهدوءه المعتاد: انا داخل استحمى
جلست إيلين على طرف السرير تفكر في تلك فريدة وموقف الام العدائي تجاهها بدون أي سبب فهي لاحظت اسلوبها الجاف واهانتها المستترة او العلانية ، خرج آسر محيطا خصره بمشنفه كبيرة ويجفف شعره باخرى اصغره :تقدري تدخلي لو عايزة انا خلصت
نظرت له إيلين ما إن سمعت صوته ولكن ما كادت تراه شبه عاري امامها لاول مرة فركضت مسرعة إلى الحمام وهي تنظر إلى الارض بخجل شديد فظهرت ابتسامة مرغمة على وجه آسر واتجه ليرتدي ملابسه، ظلت إيلين واقفة في الحمام تلتقط انفاسها قبل أن تبدأ بالاستعداد للنوم الذي أمضت فيه وقتا طويلا لتهدأ حتى خرجت في النهاية مرتدية قميص نوم قد اهدتها إياه صديقتها إسراء قبل عرسها وهو عبارة عن قميص حريري باللون الابيض يصل قبل الركبة بقليل يصحبه الروب الخاص به ... اتجهت اخيرا إلى الغرفة لتجد آسر نائما كما هيئ لها فتنهدت وابتلعت ريقها متجهه لتنام ولكن ما ان استقرت في نومتها حتى شعرت بذراع آسر تحيط خصرها فنظرت إليه لتجده ينظر إليها مبتسما: كل دا في الحمام ؟ دا انتي لو بتمسحيه بفرشة سنان كان زمانك خلصتي من بدري
من شدة إرتباكها لم تستطع الإجابة فقال: انا كنت عايز أكلمك في موضوع كدا
نظرت له إيلين باهتمام لعل ذلك الحديث يخرجها من توترها : خير؟
سحب آسر الغطاء فوقهما واطفئ الضوء قائلا بمكر: دا كلام سرر وخطيررر ما ينفعوش إلا إجتماع مغلق !
------------------------------
دخلت فريدة إلى الفيلا الخاصة بها ، ووجدت والدها يجلس أمام بعض الأوراق ويعمل بها ولكن ما إن شعر بعودتها حتى رفع رأسه إليها بابتسامة سعيدة اظهرت تجاعيد وجهه فهو في الستين من العمر ،خط الشيب شعره بالكامل ولكن ما تزال هناك وسامة في ملامحه تدل على شدة جاذبيته في وقت ما في السابق: حبيبة بابا
قبلته فريدة على خده: ازيك يا دادي ؟
الاب: الحمدلله ... كنتي عند آسر؟
فريدة: اها ... كنت باشوف العروسة اللي فضلها عليا
الاب: وايه رأيك فيها؟
فريدة باستنكار: دي فلاحة يا دادي ! تخيل! مش مكمله تعليمها واخدت دبلوم بس! لا وايه ! محجبه يا دادي !تخيل.... يااااي
الاب: طب كدا خلاص؟ هتبعدي عنه؟
فريدة بحقد: ابعد عنه ايه بس يا دادي! انا ما ابقاش فريدة بنت مختار السعيد إن ما جاش لحد عندي واترجاني اتجوزه
مختار بفخر: ايوه كدا دي بنتي
فريدة بسعادة: تربيتك يا بابا اومال ايه
مختار: ههههههههههههه طب يلا يا بكاشة نطلع ننام عشان عندي شغل بدري
------------------------------
استيقظت إيلين على وقت آذان الفجر فهي معتادة على ذلك ونظرت إلى زوجها النائم بجوارها نظرة حب وعشق ،بدأت تداعب خصلات شعره لتوقظه استجاب لها مبتسما لرؤيتها: نعم؟
إيلين بمزاح: نعم الله عليك
اسند آسر جسده على ذراعه واكمل حديثه معها مبتسما: بتصحيني ليه والشمس لسه ما طلعتش؟
إيلين: عشان تقوم تصلي الفجر واصلي وراك
آسر بسعادة: بس كدا ؟ من عنيا
نهض آسر متجها إلى الحمام ليغتسل ويتوضأ بينما إيلين تنظر خروجه لتدخل هي أيضا للإغتسال ،وبعد أن استعد كلا منهما وأقاما الصلاة ... إلتفت آسر إليها فوجدها تحدق به مبتسمة فابتسم: بتبصيلي كدا ليه؟
إيلين: عشان مبسوطة
آسربفرحة: وايه اللي باسطك اوي كدا ؟
إيلين: عشان كان نفسي أصلي ورا الشخص اللي قلبي يحبه في بيت واحد
آسر: وأنا بقى الشخص اللي بتحبيه؟
إيلين بلوم: يعني مش عارف؟
آسر مبتسما بمكر: يمكن عارف ... بس دا ما يمنعش اني باحب اسمعها منك
إيلين بخجل: أيوه ... بحبك
غمزها بخبث: طب ما تيجي نعقد إجتماع مغلق ... في كارثة هتحصل ولازم نمنعها
ضحكت إيلين من قلبها: لا يا شيخ ! ما تقول كلام غير دا
حملها آسر متجها بها إلى السرير: لما نخلص الكلام دا نبقى نقول غيره ... ما تقلقيش هاصدعك !
-----------------------------
جلست كوثر هانم برفقة نادين ليتناولوا الإفطار ودخلت عليهم إيلين تبحث بعينيها عن آسر الذي استفاقت من نومها ولم تجده بجوارها وظنت أنه سبقها بالنزول ولكنها لا تجده معهم ، انشغالها به منعها من ملاحظه الضيق البادي على وجه كوثر هانم ما إن رأتها.
نادين مرحبة: تعالي يا... صحيح انا اقولك ايه؟ طنط ولا إيلين ولا ماما ؟
كوثر بغضب: ماما ايه يا نادين! ... مافيش حد هياخد مكان مامتك ابدا
إيلين بهدوء: اللي انتي عايزاه ناديني بيه
نادين بفرحة: خلاص هاقولك إيلين عشان نبقى صحاب
تمتمت كوثر بغضب: قال صحاب قال ! ما فاضلش غير دي اللي تصاحبيها !
نادين: اقعدي يا إيلين عشان تفطري معانا
جلست إيلين سائلة: أومال آسر فين؟ مش هيفطر معانا؟
كوثر بسخرية: وانتي ازاي مش عارفه جوزك فين؟ ... آسر بيروح الشركة من الصبح بدري دا بقاله ساعتين خارج
إيلين بدهشه: بس الساعة يدوب 8
كوثر بملل: هو شغله كدا ... اتعودي على كدا وبيرجع متأخر كمان... دا آسر الحناوي مش أي حد ! يا ريت قبل ما تتجوزي حد تبقي تعرفي كل حاجة عنه الاول
نادين: طب أنا هامشي بقى عشان المدرسة بتاعتي ... يلا سلام يا نانا سلام يا إيلين
كوثر: سلام يا نادين وركزي في الدرس كويس
إيلين: سلام
نهضت إيلين مغادرة ولم تكلف كوثر هانم نفسها بسؤالها إلى أين تذهب بل انشغلت بإكمال إفطارها، واتجهت إيلين إلى الحديقة حيث تشعرها بأنها مازالت برفقة جدها وتشتم رائحة الحقل بها.
سمعت خطوات خلفها فاستدارت لتجد جاسر يتجه نحوها بإبتسامة مشرقة: صباح الخير
إيلين بهدوء: صباح النور
جاسر مصطنعا الجدية: انا عندي سؤال
إيلين بتعجب: اتفضل
جاسر: انتي على طول كدا ؟
إيلين وقد زاد تعجبها: كدا إزاي يعني؟
جاسر مشيرا إلى ثوبها: بتلبسي فاتح و الفستان كله ورد كدا ؟... اصله بصراحه بيخليكي زي الحورية اللي نازلة من الجنة ... اوعي تفتكري اني باعاكس لا سمح الله ... تبقي فهمتيني صح
ضحكت إيلين فتابع بسهوكه: اللهم صلّ على النبي ... ايوة كدا يا شيخة خلي الشمس تطلع
إيلين ضاحكة: اومال اللي في السما دي ايه؟ مش عاجباك كل دي؟
نظر جاسر إلى قرص الشمس في السماء: لالالا دي ايه يا شيخه بس دي تعمي بس انتي تجنني هناك فرق سيدي الرئيس
إيلين:هههههههه أنت فظيع!
جاسر بتأمل: ازاي آسر اتجوز انتي ؟
توقفت إيلين عن الضحك فجأة وقطبت حاجبيها قائلة بضيق: وانت كمان شايفني مش مناسبة اكون مراته ؟
جاسر مسرعا: لالا مش قصدي كدا ... انتي أي واحد يتشرف بيكي .. فكك من عمتي وفريدة وكلامهم
إيلين مستفسرة: اومال كان قصدك ايه ؟
جاسر بهدوء: قصدي إنك مش شبه إنجي في أي حاجة
إيلين مستغربة: إنجي مين؟
جاسر باستغراب: إنجي مامة نادين ... هو آسر ما كلمكيش عنها ولا ايه؟
إيلين بارتباك: لا ماجاتش فرصة... انت عارف اتجوزنا بسرعه
جاسر بتفهم: ااه انا افتكرتك نسخة عنها عشان كدا ما اهتمتش اجي استقابلكوا
إيلين بترقب: هي كانت وحشة اوي كدا ؟
قهقه جاسر: دا حسب قصدك بالوحشة ... يعني لو قصدك شكلها فهي تقريبا بدون مبالغة ملكة جمال حتى نادين ما تجيش في حلاوتها حاجه إنما لو قصدك بيها من جوا يبقى مافيش أوحش منها في الدنيا
إيلين بصدمه: للدرجه دي؟
وضع جاسر يديه في جيبه متنهدا: واكتر ... بصي أنا هاقولك اللي اعرفه عنها ... هي كانت واخده بالها من نفسها اوي لبس عالموضة من أغلى المحلات واشهر الماركات..سهر طول الليل بره...بتعمل اللي في دماغها من غير تفكير طايشة من الآخر وقتها آسر ماكانش بالشكل اللي انتي شايفاه دا ولا كان يعرف يعني ايه شغل ولا جدية زي محسوبك اللي هو انا يعني ... فعجبته ودخلت دماغك وعرفت تخليه يتجوزها وجت هنا بس طبعا تحت عيون كوثر هانم وكان أبو آسر لسه يدوب ميت وهو بدأ يمسك مكانه فطبعا مافيش خروج ولا فسح زي ما هي متعوده وبقت تخرج معايا انا عشان عمتي ماكانتش بترضى تخرجها لوحدها وخصوصا انها بترجع متأخر... وقتها بقى فهمتها على حقيقتها أكتر واستغربت إزاي آسر اتجوز واحده زيها ولحد دلوقتي مستغرب وفي مرة خرجت لوحدها غصب عن عمتى وآسر ماكانش هنا وكانت حامل وقتها وانا كنت مسافر بره وحصلت بينهم خناقة كبيرة لما راح جابها وجه وفضل حابسها طول فترة الحمل وفي الآخر ماتت وهي بتولد ... بس من ساعة الليلة اللي جابها فيها وهو اتغير وبقى عصبي مشغول في الشركة باستمرار وماحدش عرف إيه اللي حصل بينهم عشان يتقلب كدا ... حتى نادين لو لاحظتي هتلاقيه ناشف اوي في معاملته معاها اكنها مش بنته وبتصعب عليا بصراحه
تذكرت استقباله البارد لابنته بعد غيابه عنها فتأكدت من صحة كلامه لكن هناك ما كان يحيرها: طب و كوثر هانم كانت بتحبها ؟
جاسر ضاحكا: عمتي تحب إنجي؟ ههههههههه لا طبعا عمرها ما حبتها لانها في نظرها واحده ما تليقش بعيلة الحناوي المصونة في وجهة نظرها
إيلين مستغربه: اومال ليه لما الصبح نادين قالت اناديكي ماما راحت ردت عليها وقالتلها ماما ماحدش هياخد مكانها؟
جاسر بلامبالاة: تلاقيها بس عشان تضايقك ... انتي كمان في نظرها مش مناسبة للعيلة
إيلين بإحباط: ليه؟
جاسر موضحا بهدوء: فقيرة ماعندكيش أملاك... من أرياف... معاكي دبلوم مش تعليم عالي
إيلين بدهشه: وانت عرفت منين؟
جاسر: انتي فاكره انها تعرف انه ابنها الوحيد اتجوز وما تعرفش كل كبيرة وصغيرة عن الحرم المصون ؟ ... محامي العيلة الاستاذ فخري قالها كل حاجه عنك وانا سمعته وهو بيكلمها
إيلين بتفكير: يعني دا كل اللي يفرق معاها؟
جاسر: عمتي تفكيرها كدا
إيلين:يعني عشان كدا كانت عايزه آسر يتجوز فريدة ؟... طب هو ما اتجوزهاش ليه؟
جاسر مفكرا: عشان فريدة زيها زي إنجي وتقريبا عشان كدا مش عايز يتجوزها
إيلين بشرود: اهااا
غير جاسر محور الحديث قائلا: بس انتي ايه حكايتك مع الجنينة؟ كل لما اشوفك الاقيكي فيها
ابتسمت إيلين: أصلها بتفكرني ببيت جدي والزرع بتاعه
نظر حوله وقال: طب وايه رأيك فيها؟
إيلين بتأني: كويسة بس عايزه اهتمام شوية كمان عن كدا
جاسر: انتي ادرى انا ماليش في الزراعة
إيلين: اومال ليك في ايه؟ بتشتغل ايه ؟
تنحنح جاسر بحرج: لا أنا ما باشتغلش
إيلين بتعجب: اومال بتعمل ايه في حياتك ويومك؟
جاسر هزز كتفيه: باروح النادي باقابل اصحابي باسهر اخروج اتفسح اسافر كدا يعني
إيلين باستنكار: وهي دي حياه اصلا ؟ فين المسئولية والالتزام؟ انا مابقاليش غير من امبارح هنا وزهقانه ونفسي اشتغل او اعمل أي حاجه
جاسر: دي اذواق بقى انا عن نفسي ما باحبش الشغل
إيلين: وانت جربت تشتغل قبل كدا؟
جاسر: اه مرة قولت اروح مع جوز عمتي بس ما ارتاحتش واتخنقت
إيلين بعقل: كنت اخترت قسم تاني تشتغل فيه لحد ما توصل للمكان اللي ترتاح فيه مش تيأس كدا بسرعة وتنسحب .... شكلك ضعيف
جاسر مدافعا: لا مش ضعيف ولا حاجه ... أنا اصلا كنت بافكر أكلم آسر عشان ابدأ اشتغل معاه بس لسه ماجاتش مناسبه
إيلين: مش لازم مناسبه دا شغل ... أكيد هيقدر يساعدك تختار المكان اللي يتناسب مع شهادتك ويجي على مزاجك
جاسر: ربنا يسهل
إيلين: طب عن إذنك أنا بقى ... اروح أصلي الضحى
جاسر مستغربا: ضحى؟ ايه صلاة الضحى دي؟ هما مش كانوا فجر ضهر عصر مغرب عشا؟
ضحكت إيلين: ايوه ... صلاة الضحى دي مش فرض دي نافله سنة يعني
جاسر بتعجب: سنة ؟
إيلين: أنا هاوضحلك ... دي صلاة سنة عن الرسول كان بيعملها زي صوم كل اتنين وخميس وزي حاجات تانية... دي حاجه مستحب انك تعملها بس مش هتتعاقب عليها لو ما عملتهاش وهتاخد ثوابها لو عملتها...قال رسول الله صلّ الله عليه وسلم "من حافظ على شفعة الضحى غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر" عشان كدا أنا بقى بأصليها
جاسر مستفسرا: ودي بتصليها في أي وقت ؟
إيلين مسرعة: لا لا لا دي من بعد شروق الشمس بحوالي ربع ساعة كدا لحد قبل الضهر بربع ساعة برضو دا اللي أنا باعمله بس ممكن لحد آذان الضهر بالظبط عادي
جاسر باحترام: شكلك محافظه على الصلوات كلها وعارفه دينك كويس
إيلين بحزن: مش بالدرجه اللي نفسي فيها بس باحاول على قد ما اقدر وباحافظ على الصلاة طبعا دي الصلاة عماد الدين يعني لو مش اساس الدين عندي قوي يبقى اكيد هاضيع الباقي دي اول حاجه هاتحاسب عليها هي الصلاة وبعدين لما أسيب الحاجه اللي بتقربني من ربنا يبقى كأني بافتح الباب للشيطان وبقوله اتفضل انا تحت امرك
تأثر جاسر بحديثها: طيب ... خلاص روحي صلي انتي عشان ما اعطلكيش
ابتسمت إيلين واتجهت إلى غرفتها لأداء صلاتها ،وجلس جاسر يفكر في كلامها فهي على عكس عمته كانت تدعوه للصواب دون أن تشعر وبابتسامه وعن قناعه ،جعتله يشعر برغبة في التغيير فهو ليس من النوع الذي يتأثر باللوم والغضب

ظلت إيلين جالسه في غرفتها بإنتظار عودة آسر لأن كوثر هانم كلما رأتها تنظر لها باستحقار من ثم تتجاهل وجودها تماما ،ونادين عادة من مدرستها وانشغلت بدروسها وأخذ قسط من الراحة قبل موعد العشاء ، لقد ملت كثيرا لم تعتد على هذا الكسل وهذا الفراغ ،بعد فترة وجدت آسر يدخل الغرفة ملقيا السلام فأجابت ببعض الحزن: وعليكم السلام
انتبه آسر لردها الحزين فاتجه ليجلس بجوارها بدلا من التوجه إلى الحمام: مالك؟
إيلين:زهقت طول اليوم محبوسة في الاوضة هنا مش باعمل حاجه
آسر: طب ما نزلتيش تحت ليه؟
إيلين بسخرية: انزل اعمل ايه؟ واقعد مع مين ؟
آسر: لسه ماما بتعاملك المعامله دي ؟
إيلين: سيبك من المعاملة حتى لو بنتكلم عادي انت متخيل اني ممكن اقضي حياتي كلها في الكلام مع مامتك طول اليوم ؟
آسر متنهدا: عايزه تعملي ايه طيب؟
إيلين مقترحه بسعادة: عايزة اشتغل في الجنينة عايزه انا اللي اهتم بيها
صدم آسر: تشتغلي في الجنينة؟
إيلين: ايوه بس ما تمشيش الجنايني حرام مش عايزه اقطع رزقه خليه ممكن يبقى يساعدني
آسر بتأني: دا اللي هيفرحك يعني ؟
إيلين بسعاده: طبعا لانه بيحسسني اني لسه عند جدو
آسر بهدوء: خلاص ابدأي فيها من بكره وانا هانبه على عم عبده انك هتنزلي معاه الجنينة
قفزت إيلين فرحة بموافقته وضمته بقوة :ربنا يخليك ليا
استجاب لها آسر فشدد في ضمه لها قائلا: بعد العشا عايزك في موضوع سري كدا ... لولا انه جاسر مستنيني في المكتب ماكنتش أجلته لانه موضوع في غاية الأهمية!
خجلت إيلين: طيب روح استحمى وغير هدومك عشان تنزل تكلمه ونتعشى
آسر متذكرا : اه صحيح كنت هانسى
اخرج من حقيبته شيئا واعطاه لها فقالت متعجبه: ايه دا ؟
آسر: دا موبايل
إيلين: جبتلي موبايل؟ طب ليه؟ انا مش متعوده اني امسك موبايل اصلا
آسر بحزم: انتي دلوقتي مرات آسر الحناوي يعني تتعودي على كل حاجه ما اتعودتيش عليها قبل كدا
ما إن انهى حديثه حتى ارتفع الهاتف بالرنين فقال: ردي
أجابت إيلين بقلق: السلام عليكم
الطرف الآخر: وعليكم السلام ... بقى عشان بقيتي مع جوزك كدا تنسيني يا إيلين
إيلين بصدمه: جدو ؟!
مصطفى: ايوه جدو يا روح جدو ... وحشتيني
بدأت دموعها بالهطول: وانت وحشتني اكتر يا جدو
مصطفى وهو يمنع دموعه هو أيضا من الهطول: ما تعيطيش يا روح جدو
إيلين: انت بتكلمني منين؟
الجد: انا فجأة لقيت واحد كدا لابس بدلة وجاي يقولي اتفضل وادني تليفون صغير كدا ولما قولتله ايه دا ومن مين راح قالي اتفضل كلم آسر بيه ولما كلمت آسر قالي انه دا هديه منه عشان اعرف اكلمك براحتي في اي وقت وقالي انه الراجل اللي جابهولي دا هيعرفني ازاي استخدمه عشان اتصل بيكي وانه سجل رقمك عليه
نظرت إيلين حولها فلم تجد آسر لانه توجه إلى الحمام ليترك لها حرية الحديث مع جدها: آسر عمل كل دا ؟
الجد: يظهر انه بيحبك اوي يا إيلي خلي بالك منه واوعي تزعليه
إيلين بحب: ما تقلقش يا جدو دا في عنيا ... المهم انت عامل ايه؟
واستمر الحديث بينهما وبعد انتهاء المكالمه جلست تنظر خروج آسر ،وما إن رأته حتى ركضت إليه قائلة: ربنا يخليك ليا ... أنا بحبك اوووي اوووي يا آسر
سعد آسر بكلماتها فضمها: اهم حاجه انك كلمتيه واطمنتوا على بعض عشان ما يفتكرش اني اخدتك منه
إيلين بحب: ربنا ما يحرمني منك ولا من حنيتك دي
نظر آسر في عينيها قائلا: طب انا هانزل لانه ثانية كمان ولا هيبقى فيه جاسر ولا عشا
ضحكت إيلين مبتعده: طيب يلا روح
آسر: وانتي اجهزي وحصليني
إيلين مبتسمه: حاضر
------------------------------
اتجه آسر إلى غرفة المكتب ليجد جاسر جالسا بانتظاره: من امتى بتستناني يعني؟ دا انا لو اتأخرت عليك خمس دقايق بتمشي عشان صحابك مستنينك ايه اللي جد ؟
جاسر: انا مش هاخرج مع صحابي انهارده
كتم آسر دهشته: شوقتني اعرف انت عايزني في إيه
جاسر بقوة: عايز اشتغل
آسر: تشتغل؟...من امتى؟ طب وصحابك والخروج والفسح؟
جاسر برزانه: أنا خلاص هابدأ اشتغل واغير من نفسي وصحابي هاشوفهم وقت الفراغ بتاعي
آسر: اها تمام ... طب وناوي تشتغل في قسم ايه ؟
جاسر بحيره: مش عارف ... انا قولت انك ممكن تساعدني اختار القسم بس ياريت ما يكونش ممل بردو
اومأ آسر قائلا: ما تقلقش انا هاشوفلك المكان المناسب ... بس انت عايز تبدأ الشغل امتى ؟
جاسر مسرعا: من بكره
آسر بإعجاب: شكلك متحمس كويس لما تيجي الشركة بكره هتلاقي مكانك جاهز ومستنيك... ويلا بقى نروح نتعشى قبل ما كوثر هانم تبدأ تتعصب.
------------------------------
مرت عدة شهور ...
بدأ جاسر العمل في الشركة بالموقع الذي حدده له آسر وبالفعل حقق نجاح في هذا الموقع واستمتع بالعمل به جدا.
انشغل آسر بالشركة وتعويض الفترة التي غاب فيها عن أعماله ، سبب ذلك ضيق شديد لدى إيلين فقد ابتعد عنها كثيرا لم تعد تراه يذهب قبل أن تستيقظ ويعود بعد أن تنام حتى يوم العطلة لا تراه لانه يعمل في مكتبه بالفيلا ، اشتاقت كثيرا لوجودها برفقة جدها فعلى الاقل تجلس مع من يحبها ولا تتحمل كره كوثر هانم لها ، كان يعوضها اهتمامها بالحديقة وقد أصبحت أجمل مما سبق بكثير بسبب العناية الشديدة التي توليها لها.
في أحد الأيام ... كانت إيلين تتجه إلى داخل الفيلا بعد إنتهاءها من العمل بالحديقة وبينما هي تخلع قفازها الذي يحمي يديها أثناء عملها وجدت نادين تصعد بسرعة إلى الدور العلوي وعندما نادتها لم تجبها ، قلقت عليها بشدة فصعدت خلفها لتطمئن عليها.
وصلت إلى غرفتها وسمعت صوت نحيبها فطرقت الباب بهدوء قبل أن تفتحه وتتجه إليها بقلق: مالك يا نادين؟ حصل حاجه؟
قالت نادين من وسط نحيبها: ممكن تسبيني لوحدي؟ انا مش عايزه لا أكلم حد ولا أشوف حد
إيلين وقد زاد قلقها: ليه كدا بس؟ طب احكيلي يمكن نلاقي حل لو مشكله كبيره اوي كدا
نادين بعصبية: مافيش عندي مشكله! هم اللي عندهم المشكله مش انا ؟
بدأت إيلين تهدأ لحديث نادين: طيب مشكلتهم ايه اللي مش مشكلتك دي ؟
نادين بغضب:تصوري بيتريقوا عليا ! بيتريقوا عليا انا ؟!
تعجبت إيلين: ويتريقوا عليكي ليه؟
نادين بسخرية: قال ايه عشان ما عنديش بوي فريند ... هما مالهم اصلا!
إيلين باستغراب:وهما عندهم بوي فريند؟
نادين بسخرية: دا مافيش واحدة ومش مصاحبه اصلا وفيه منهم اللي فركشت اكتر من عدد صوابع ايدها ! .. اومال هما بيتريقوا عليا ليه ؟
إيلين بتمعن: وانتي ما عندكيش بوي فريند ليه ؟
نادين بعصبيه: انتي هتعمليلي زيهم ؟
إيلين: مش قصدي انا بس كنت عايزه اعرف ايه السبب اللي منعك انتي مش ناقصك حاجه ما انتي حلوة اهو وزي القمر ما تقنعنيش انه مافيش حد وقع في حبك
نادين مفكره: اه فيه بس انا بارفض ومش بافكر في الموضوع دا ... انا اصلا مش عارفه هما بيصاحبوا ازاي ... وكل مرة اقولهم بلاش بس مافيش فايده
إيلين بتأني: ومش بتفكري في الموضوع دا ليه؟
نادين بتعقل: عشان أنا لسه صغيره وأهم حاجه بالنسبه لي دلوقتي هي دراستي والحب دا بيجي بعدين خصوصا انه ماحبتش حد لحد دلوقتي
إيلين: ما شاء الله عليكي ... بس بردوا في كلامك غلطة
نادين مستغربه: غلطة ايه ؟
إيلين:المفروض ما تحبيش غير جوزك
نادين: وانا هاتجوزه ازاي اذا ما كنتش باحبه ؟
إيلين: ما هو لما هيجي يتقدملك اكيد هيكون على الاقل معجب بيكي وفي فترة الخطوبة شوفيه واتعرفي عليه واعرفي فيه الحاجات اللي تخليكي مبسوطة معاه ولا لا ... دا حتى لو حبتيه قبل الجواز اوعي تعبري عن اللي جواكي دا بأي كلام ....ما تبوظيش قلبك قبل الجواز!
زاد تعجب نادين: وابوظه ازاي ؟
إيلين: افرضي انك حبتيه وقولتيله كلام حب وهو قالك كلام حب وبعدين حصلت خناقه او مشكله او اي حاجه والجوازه اتفشكلت وكل واحد راح لحاله وانتي اتخطبتي و اتجوزتي غيره ... جوزك دا ممكن يقولك كلمة من اللي الاولاني كان بيقولهالك فافتكرتيه تبقي وقتها خاينه لجوزك حتى لو كان مجرد تفكير ... دا غير انك مش هتحسي بالكلمة الحلوة اللي هيقولهالك لانك خلاص سمعتيها من غيره قبل كدا وفقدت جمالها وحلاوتها ... فهمتي قصدي؟
نادين بتفكير: اه فهمت ... بجد عمري ما فكرت كدا قبل كدا
ابتسمت إيلين: المهم اديكي عرفتي ... وبالنسبه لصحابك دول فسيبك منهم ولو حد كلمك تاني قوليه انا كدا واللي مش عاجبه يخبط راسه في اقرب حيط
ضحكت نادين: احسن بردوا هههههه
ضمتها إيلين إليها قائلة: طول ما انتي صح ما يهمكيش حد ... سيبي اللي يقول يقول ... هما غيرانين منك عشان انتيقلبك لسه نضيف بس هما قلبهم باظ من كتر الاستعمال ومع الاسف مالوش عمره
سكنت نادين بين ذراعيها: بجد ربنا عوضني بيكي يا إيلين
صرخت إيلين : يا نهااري !
فزعت نادين: فيه ايه؟
نظرت إيلين إلى يدها قائلة: ما خلعتش الجوانتي وحضنتك بيه وبهدلتك معايا
نقلت نادين بصرها بين يدي إيلين وذراعيها من ثم انفجرت ضاحكة: فداكي يا إيلي عادي استحمى وخلاص مافيش مشكله
نهضت إيلين مغادرة: طب قومي يلا يا ستي استحمي وهاروح أنا كمان استحمى ... بس بعد كدا لما تضايقي من حاجه تيجي تحكيلي مش تجري كدا وتقفلي على نفسك ماشي؟
نادين: ماشي ... اوعدك
اتجهت نادين إلى الحمام الملحق بغرفتها وانصرفت إيلين إلى غرفتها ، ولم تعلم أيا منهما بأن هناك من استمع للحديث بالكامل، الذي زاد من إعجابه بإيلين فهي تختلف كل الإختلاف عن كل النساء التي عرفهن في حياته فقال محدثا نفسه: يا بختك يا آسر ... بجد باحسدك من قلبي
--------------------------------
كانت كوثر هانم جالسة بالحديقة برفقة فريدة يتحدثان معا
فريدة بغل: هي لسه قاعده هنا ؟ هي مش ناوية تمشي ولا ايه؟
كوثر: اه قاعدة ... شايفه الجنينه ؟ هي اللي بتهتم بيها
نظرت فريدة حولها وقالت بسخرية: ماهي فلاحة وهتفضل طول عمرها فلاحة
كوثر: على رأيك
فريدة بجدية: انتي مش قولتيلي انك هتخلصينا منها ؟ ماشوفتش حاجه لحد دلوقتي يعني اهو
كوثر متنهده: بافكر في حاجه بحيث نكون احنا بعيد عن الموضوع عشان آسر ما يشكشفي حاجه
فريدة: ولسه ما وصلتيش لحاجه ؟
كوثر: فيه فكره في دماغي بس ربنا يسهل
فريدة: طب أنا لازم امشي دلوقتي عندي معاد بره مع واحده صحبتي
كوثر مودعه: خلاص يا قلبي روحي مشوارك وما تقلقيش
غادرت فريدة وبدأت كوثر ترتشف فنجان القهوة الخاص بها عندما أتى جاسر ملقيا التحيه فأجابت: اهلا أستاذ جاسر عاش من شافك
جاسر مبتسما: اهلا بيكي ... الشغل معلش بقى يا عمتو
كوثر بحنق: الشغل الشغل... و طظ في عمتك مش كدا؟
جاسر ضاحكا: مش انتي اللي كنتي بتزني اني انزل اشتغل مع آسر واديني نزلت بتزعلي ليه دلوقتي بقى؟
كوثر بحزن: طب اسأل عليا حتى قولي ازيك
جاسر: ازيك ؟
كوثر: بعد ايه بقى
جاسر متنهدا: يادي النيله هو يوم مش معدي انا عارف .. اروح الشغل احسن سلام يا عمتو
كوثر مسرعة: بسرعه كدا ؟
جاسر: ورايا شغل بقى هاشوفك بالليل
كوثر: وانت جيت ليه اصلا؟
جاسر موضحا: كان فيه ملف جبته اشتغل عليه امبارح ونسيته وانا نازل فرجعت اخدته واديني رايح تاني اهو
كوثر بجدية: اهاا طب ما تيجي تقعد ... عايزاك في موضوع مهم
جلس جاسر بقلق: خير يا عمتي
اعتدلت كوثر في جلستها : بص يا جاسر انت عارف اني مش باحب البت اللي اتجوزها آسر دي ومش باطيقها وبصراحه كدا عايزاه يطلقها وأخلص منها
تنهد جاسر: ما تسبيهم يا عمتي هما احرار سوا وبعدين آسر اللي اتجوزها مش انتي يعني
كوثر بعصبيه: وانا اللي قولت انك هتساعدني
انتبه جاسر لحديثه فقال بهدوء: اساعدك ازاي يعني؟
فرحت كوثر بانها استطاعت ان تنال انتباهه: بص يا سيدي انا عايزاك تلف عليها وتفهمها انك معاك فلوس اكتر من آسر وانه لما يموت بعد الشر أنت اللي هتورث كل دا وتبدأ تخليها تقرب منك
جاسر بهدوء: إيلين مش بتاعت فلوس اصلا
كوثر بحنق: اومال اتجوزته ليه؟ حتى لو مش بتاعت فلوس خليها تحبك وانت وشطارتك بقى
جاسر: وانا هاستفيد ايه من كل دا بقى؟
كوثر بلؤم: يعني فاكرني مش عارفة انك معجب بيها ومش بعيد بتحبها ... عليا انا بردوا يا جاسورة ... دي من ساعة ما جات وانت اتغيرت 180 درجه بدأت تشتغل ما بقتش تسهر صحابك ومش بتشوفهم دا غير نظراتك ليها
نهض جاسر قائلا: بصي يا عمتي ... أنا اه معجب بيها بس مش عشان اللي في دماغ دا لا عشان أنا اول مرة اشوف بنت من النوع دا النوع اللي يحافظ على نفسه ويحترم غيره ويصون ودا أكيد سبب من اسباب جواز آسر منها وبالنسبه للشغل والسهر والكلام دا .. فأنا بدأت افوق لنفسي مش عشانها لا عشاني ما انكرش انها هي سبب أساسي فيه بس عشان كلامها معايا في الموضوع دا مش اكتر .... ونصيحه مني ليكي سيبي إيلين في حالها عشان آسر لو عرف بحاجه من اللي بتفكري فيها انتي عارفه كويس اوي هو ممكن يعمل ايه ... وياريت بدل ما تفكري ازاي تخربي على ابنك تبقي تشوفي حفيدتك وايه اللي بيحصل معاها احسن.
تركها جاسر متعجبا مما تفكر به وتريد أن تفعله بينما جلست هي تكاد تتميز من الغيظ وقالت بصوت مرتفع محدثة نفسها: بردوا مش هاسيبها !




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close