اخر الروايات

رواية دوائي الضرير الفصل الرابع 4 بقلم نرمين ابراهيم

رواية دوائي الضرير الفصل الرابع 4 بقلم نرمين ابراهيم 

الفصل الرابع...

تركهم عاصم ليدخل و يحضر شقيقته لتقابل الطبيبة الجديدة كما طلبت منه... فتوجهت سارة لصبري و سألته بهمس وصل لأذن هنية و عبد الرحمن....

سارة: د/صبري.. حضرتك معاك حقنة مهدئة؟؟
صبري(بتعجب): حقنة مهدئة؟ ايوة.. بس ليه؟؟
سارة: هاتها و جهزها عشان هانحتاجها... و دلوقتي انا عايزة اروح اسمعهم من غير ما يشوفوني.. ممكن؟
صبري(بقلق لمعرفته بذكاء سارة الغير متوقع): ناوية على ايه يا سارة؟؟
سارة: حالا هاتعرف كل حاجة.
عبد الرحمن: مش نعرفو يا بتي ناوية لها علي إيه.
سيارة: كل خير يا عمدة.. خليها على الله.. بس زي ما اتفقنا اسمعو كلامي شوية.
صبري(بعد تفكير): طيب قومي معاها يا ام عاصم انتي و الحاج عبد الرحمن و انا هاجيب الحقنة و اجي وراكم.

قام كل منهم لوجهته و وقفت سارة بصحبة هنية و عبد الرحمن.. و وقفوا معا خارج الغرفة يستمعون الي حديث عاصم مع شقيقته و انضم إليهم صبري بعد لحظات...

اما عاصم فقد دخل إلى غرفة هدى و وجدها تجلس وحيدة حزينة كعادتها.. فنظرت له و رسمت بسمة مزيفة و قالت...

هدى: عاصم؟!! جيت بدري النهاردة يعني.. خير في حاجة ولا ايه؟؟
عاصم: و هو لازم يكون في حاجة عشان اجي اقعد شوية مع اختي حبيبتي ولا ايه؟
هدى: مابتعرفش تخبي ولا تكدب.. في ايه يا عاصم.

تنهد عاصم ليستعد لما هو مقبل عليه... فهو يعلم أنه هدى سوف ترفض أن تُعرض على طبيب نفسي مرة أخرى حتى يقنعها بضرورة الخضوع للعلاج الطبيعي... و لكن ليس أمامه سوى أن يقنعها...

عاصم: انتي اتغديتي؟؟
هدى: ايوة و ماتغيرش الموضوع... مالك؟
عاصم: مافيش بس اصل خالك صبري برة و.. و معاه ضيف.. و كان يعني عايز يشوفك قبل ما يسافر.
هدى(بغضب): تاني.. تاني يا عاصم تاني.. مش كنا خلصنا من موضوع الدكاترة دة.. انا مش تعبانة.. انا بس مش مستعد للعلاج الطبيعي دلوقتي .
و اكيد لما احس نفسي جاهزة للعلاج هاعمل كدة...
عاصم: ماشي يا حبيبتي انا معاكي.. بس كمان الدكتور ممكن يساعد برضه شوية..
هدى(حركت الكرسي ناحية النافذة بغضب): يساعد في ايه بس.. اكيد مش هيكون معاه عصاية سحرية عشان ينسيني بيها اللي حصل و يرجعني تاني هدى بتاعة زمان و يخليني امشي على رجليا تاني.

&& : انتي صح.. انا اكيد ماعنديش عصايا سحرية عشان اعمل كل دة.

تفاجيء الاثنين من ذلك الصوت الذي اخترق حديثهما الأخوي و قاطعه بتطفل فتوجه نظرهما على الفور ليجدا سارة تقف و خلفها الجميع.. نظرت لها هدى و سألتها بفضول...

هدى: انتي مين؟؟!
سارة: انا الدكتورة الجديدة.
هدى: انتي؟؟
سارة(بتأكيد): ايوة.. و على فكرة انا فعلا مش معايا عصايا سحرية ارجعك بيها زي الاول او اقدر بيها امحي السنة اللي فاتت دي من حياتك.
هدى: و أما انتي مامعكيش عصايا سحرية جاية ليه..
سارة: انا مش معايا.. لكن انتي معاكي.

تحركت سارة إلى داخل الغرفة و هي تحاول أن تتمسك بأي شيء حتى لا تتعثر.. و كادت بالفعل أن تقع لولا تلك اليد القوية التى لحقت بها..
كانت يد عاصم الذي حاول جاهدا الا يساعدها و أن يرى إلى اين ستستطيع أن تصل و لكنه ما أن رآى قدمها تتعثر بسلوك ذلك الحاسوب حتى انتفض و سندها..
لمسة يده لها جعلته يشعر أن بشئ غريب يسري في جسده لا يعرف مصدرها.. فنظر لها ليجدها تبتسم و اعتذرت بهدوء..

سارة: انا اسفة معلش اصل انا ماعرفش المكان هنا.
عاصم: ولا يهمك.. حصل خير.

ساعدها لتستقر و تقف بجانب مكتب هدى....
أما هدى فكانت تنظر لها بعيون جاحظة.. أنها ضريرة.. ضريرة تعالج قعيدة.. و نعم الاختيار.. و لكنها لن تعطيها الفرصة.. فتكلمت بكبرياء...

هدى(بتهكم): و كمان عامية.. اختيار ممتاز الحقيقة يا خالو.
سارة(ببرود): شكرا شكرا.. لا داعي للتصفيق.
هدى(بغيظ): دة إيه البرود دة؟؟
عبد الرحمن(بحزم): هدى.. عيب اكده..(ثم قال لسارة) حقك علينا يا دكتورة.. امسحيه فينا عاد.
سارة: ماحصلش حاجة يا حاجة عبد الرحمن..
هدى(و كأنها لم تسمع والدها): اممم... حلو اوي.. و انا بقى معايا عصايا سحرية ازاي بقى يا.. يا دكتورة؟؟!!

قالتها بتهكم واضح تجاهلته سارة عن قصد...

سارة: علاجك يا آنسة هدى مش في ايد حد غيرك.. لو كان مرضك في جسمك كان سهل يتعالج.. ديتها ايه يعني.. هو اي دكتور يديكي حتة حقنة بنج أو منوم في كوباية عصير و نعالجك براحتنا و انتي نايمة مش دريانة بحاجة.
لكن مشكلتك أن مرضك هنا و هنا(و أشارت لعقلها و قلبها) و دول للاسف علاجهم في ايدك انتي مش حد تاني.. انتي و بس.
هدى: و لما علاجهم في أيدي انا و مش في ايد حد تاني.. سيادتك جاية تعملي ايه هنا؟؟
سارة: جاية بس اوريكي الطريق.. جاية اعرفك ازاي تستعملي العصاية السحرية اللي في ايدك.. مش استعمل لك انا بتاعتي..
كل واحد فينا عنده عصايته السحرية الخاصة بيه لوحده.. بتاعته هو بس.. اللي ماينفعش حد غيره يستعملها لأن محدش يعرف يستعملها غيره..
لكن احيانا العصاية بتضيع مننا و بنحتاج اللي يدلنا على طريقها او ازاي نستعملها..
هدى: بقولك ايه انا مش فاهمة منك حاجة ولا عايزة منك حاجة.. كل اللي انا عايزاه منك دلوقتي انك تمشي و انا مش عايزة دكاترة.. انا مرتاحة كدة..
سارة: بس في غيرك تعبان و مش مرتاح لحالتك دي.
هدى(عقدت حاجبيها بتعجب): تقصدي مين؟؟
سارة: أهلك مثلا.. والدك و والدتك اللي يمكن مش بيبينو أنهم زعلانين عليكي قدامك عشان ماتزعليش لكن من جواهم تعبانين و ماليهم الحزن على بنتهم الوحيدة اللي مش هاين عليها تفرحهم و تقف تاني على رجليها.
هدى: مين اللي قالك كدة(ثم نظرت لوالديها) انتو اللي قولتولها كدة.. بتشتكوني لواحدة غريبة..
خلاص زهقتو مني انتو كمان و مش عايزيني؟؟ قولو انكو خلاص زهقتو مني و أنا أمشي و اسيبلكم البيت و اريحكم مني.
عبد الرحمن: ايه بس يابتي الحديت ديه؟؟ احنا برضيك نزهجو من نور عينينا.
هنية(ببكاء و دموع): يابتي احنا خايفين عليك.
سارة: على فكرة ماحدش منهم قالي حاجة.. بس واضح يعني جدا من كلامهم عليكي أنهم مقهورين عليكي جدا زي اي ام و اي اب ممكن يتحطو في مكانهم.
هدى: و انا ماشتكتش لحد.. انا مبسوطة كدة.. و هما مش مفروض يزعلو طالما انا مش زعلانة انا حرة.. و بعدين مالقيوش واحدة غيرك عشان تعالجني.. ايه من قلة الدكاترة مالقيوش غير واحدة عامية تعالجني؟
سارة: لا مش من قلة الدكاترة.. و بعدين اوعي تتخيلي انك ممكن تخليني امشي لما تهينيني.. ولا تبعديني من هنا لمجرد انك تفكريني بعجزي انا كمان.. تؤتؤ.. انا بقى تنحة و باردة و قاعدة على قلبك .
هدى: فعلا تنحة.
عبد الرحمن: هدى... و بعدين عاد.
سارة: عموما انا هاديكي فرصة تفكري تبدأي الجلسات امتى.. و لو ما قررتيش هاحدد انا.. عشان انا مش ماشية.. عن اذنك...

تركتها و التفت لتخرج فأمسك صبري بيدها حتى يساعدها لتخرج.. فنظرت لهم هدى بدموع تهدد بالانفجار عندما شعرت بالتهديد من سارة و إصرارها على علاجها.. و اتفاق الجميع الواضح معها.
فقررت الهجوم....

هدى: انتو عايزين ايه؟؟ عايزين مني ايه.. ما تسيبوني في حالي بقى.. انا مش عايزة اتعالج ولا عايزة اخف و مش عايزة اقوم من الكرسي دة ولا عمري هاخرج من الاوضة دي..
(ثم أكملت بانهيار) ارحموني بقى و سيبوني في حالي.. سيبوني بقى.

اقتربت منها هنية لتحتضنها و هي تبكي بكاءاً مريراً على حال ابنتها.. ظلت تبكي بصحبة ابنتها على حالها أمام جمود عاصم الذي ارتفعت وتيرة أنفاسه و صمم على طرد تلك الطبيبة التي تسببت في انهيار شقيقته و والدته بهذا الشكل..
أما عبد الرحمن و الذي خانته ساقاه و جلس بضعف و قلة حيلة على فراش ابنته و منع دموعه بصعوبة..
و على حين غرة صرخت هدى بانهيار تام و هي تردد..

هدى: ابعدو عني.. سيبوني.. ابعدو عني.. انا مش عايزة حد هنا.. مش عايزة اشوف حد ولا اكلم حد.. سيبوني لوحدى..

و حركت الكرسي بعنف ليتعثر في هذه السجادة الصغيرة التي تتوسط أرضية غرفتها فيقع و تسقط هدى من فوقه وسط صراخ امها و لهفة والدها عليها.. اما عاصم فاتجه لها بسرعة البرق و حملها بين ذراعيه ليضعها فوق فراشها محاولا ً تهدئتها...

عاصم: خلاص يا هدى.. خلاص يا حبيتي.. هانمشيها مافيش دكاترة تاني خلاص.. بس اهدي ارجوكي عشان خاطري.
هنية: حرام عليكي نفسك يابتي.. حرام.. ماتعمليش فى نفسك أكده..

أما بالخارج كانت سارة تقف بجوار الباب مع صبري يستمعان لما يحدث... حتى نطقت سارة..

سارة: جهز الحقنة يا د/ صبري.
صبري: جاهزة.. ادخل لها امتى؟؟
سارة: لما تنهار تماما..
صبري: نفسي افهمك.. قصدك ايه من كل ده.
سارة: قصدي أنهم يعرفو قد ايه هي تعبانة و قد هي فعلا محتاجة مساعدة.
صبري: بالطريقة الصعبة دي؟
سارة: دي اخر طريقة ماجربتوهاش معاها.. فجربتها و أنا متأكدة أنها هاتجيب نتيجة هايلة.

عودة لداخل الغرفة...

ظلت هنية بجانب ابنتها تحاول أن تهدئتها و لكن بلا فائدة.. حتي صرخت باسم أخيها..

هنية(صرخت ببكاء): صبري.. الحجني يا صبري... غيتني ياخوي.

دخل صبري مسرعا بعد أن أوصل سارة الي حجرة الصالون مرة أخرى..

صبري: ايه في ايه؟؟
هنية: الحقني ياخوي.. الحق هدى.
صبري(بعد أن نظر لصراخها و انهيارها): طيب وسعيلي كدة شوية...

امسك ذراعها و غرز بها تلك المحلول المهديء و ظلو ينظرون إليها حتى هدأ بكائها بالتدريج و اغمضت عينها رغماً عنها..

صبري: خلاص اهي نامت.. سيبوها ترتاح شوية بقى.
عاصم(بجمود): و جبل ما تصحي تكون ممشي البت اللي انت چايبها معاك و حاسبها علينا دكتورة دي.
صبري: قلتلك قبل كدة احترم نفسك و انت بتتكلم عنها.. و بعدين هي لسة عايزة تتكلم معاكو الاول و بعدين ابقو قررو عايزين ايه.. عايزين هدى تفضل على حالها كدة ولا عايزينها تتعالج و ترجع هدى بتاعة زمان تاني.
عاصم: و انت شايف أن طريقتها دي صح..
صبري: والله الطرق التانية مانفعتش.. يبقى مافيش مانع نجرب طريقة جديدة..
(ثم نظر لزوج اخته)ولا ايه يا حاج عبد الرحمن؟؟
عبد الرحمن(بعد تفكير): نسمعها الاول و بعدين نجرر.

لم يعلق أحدهم و خرجوا معا ليجلسو و يستمعون الي ما ستقوله سارة التي تحدثت اولا...

سارة: هدى نامت؟؟
صبري: ايوة.
عاصم(بحدة): بالمهديء..(باصرار) تاني.
سارة: تمام.. و انتو ايه رايكم في اللي حصل؟
هنية: اللي حصل ده مش جديد..
سارة: و انتو ايه رايكم فيه.. يعني عادي ولا مش عادي.. كويس الوضع دة ولا المفروض يتغير ولا ايه بالظبط.
عاصم: طبعا مش عادي.. و كمان احنا مش عايزينه يحصل تاني..
(ثم انتبه فجأة و كأنه فهم ما حدث) هو انتي كنتي تقصدي كل اللي حصل ده؟
سارة: طبعا.
عاصم(هب واقفاً بغضب): يعني كنتي جاصدة تخليني ادخلها و انتي تدخلي ورايا و تستفزيها بحديتك اللي يحرج الدم دة و تخليها تنهار.. عشان ايه.. ليه؟؟
عبد الرحمن: اجعد يا عاصم عشان نعرفوا نتحدتو.
عاصم(صرخ بغضب): نتحدتو في ايه يابوي.. دي بدل ماتعالجها بتخلي حالتها تسوء اكتر.. اني مانيش موافق عليها الداكتورة دي..
مش كنتو مصممين اني اجي و اجول رأيي فيها.. و اني ما موافجش.. ما موافجش.
سارة: ليه؟؟
عاصم: هو ايه اللي ليه؟
سارة: ليه معترض عليا مع أن اللي انا فهمته إن دي مش اول مرة يحصل فيها اللي حصل و برضه بينتهي بمهديء.. اشمعنى اعترضت المرة دي.
عاصم: عشان عمر دة ما حصل من اول مجابلة.. دايما الدكتور اللي بياچي بيحاول و يبدأ بعلاچ و چلسات الاول و لما بيفشل بيحصل كدة.
سارة: تمام و انا حبيت اختصر المشوار شوية عليها و عليا عشان نبدأ على نضافة.
عبد الرحمن: تختصريه كيف يعني؟؟
سارة (بتوضيح و شرح): الدكاترة اللي كانو بيجو هنا قبلي كانو بيحاولو معاها و هي بتنهار لما بيضغطو عليها شوية لأن دة العادي.
عبد الرحمن: العادي كيف يعني؟
سارة: العادي يا ماما الحاجة.. ان العلاج النفسي يبدأ بهدوء و واحدة واحدة مع المريض و بالتدريج يبدأ يبقى اقوى..
لكن طبعا مع اي محاولة من اي دكتور مع هدى انه يعلي فولت العلاج شوية هدى بتنهار و طبعا هما بيزهقو او هي بتطردهم او انتو بتمشوهم بالزوق من خوفكم عليها و نرجع لنقطة الصفر تاني..
عاملين زي اهل ولد مش بيذاكر كويس و لما جابوله مدرس خصوصي اول ما يزود عليه الواجب شوية يمشوه عشان الولد مايتعبش.
فأنا بقى اختصرت كل دة عشان اقول لها اني هابدأ من حيث انتهى الأخرون زي ما بيقولو.. و اني مش هازهق ولا هايأس زيهم مهما عملت معايا.
هنية(بعدم فهم و خوف): اني مافهماش حاچة برضيك.
سارة(التفتت لمصدر صوتها): شوفي يا ماما هنية.. هدى مش عايزة تتعالج و دي حاجة كلنا عارفينها.. و عشان انتو ماتزعلوش منها و برضه عشان ترضي ضميرها من ناحيتكم فهي كانت بتقابل الدكاترة اللي بيجو يعالجوها و تحضر معاهم كام جلسة لحد ما هما يزهقو و يقولولكم أن مافيش فايدة.. أو هي تمثل انها منهارة منهم عشان تسيبوها في حالها.
هنية(بدهشة): تمثل؟؟ كيف يعني؟؟
عاصم: ماتصدجيهاش ياما... هدى ماكنتش بتمثل.. دي بتنهار صُح و كل الدكاترة بيجولوا اكدة.. و عشان اكدة بيدوها مهديء.
سارة: هي مش بتمثل بالمعنى المفهوم.
عاصم: بقولك ايه انتي كلامك متناقض و مش مفهوم..
سارة: هدى مش بتمثل لكن بتستعدي الحالة اللي بتخليها تنهار.
عبد الرحمن: يابتي وضحي الله يرضى عنيكي.. اني مافاهمش حاجة.
صبري: انا هافهمك يا حاج.. هدى لما بتبقى عايزة تطفش الدكتور و مش بتعرف تخليه هو اللي يمشي.. بتلعب على حبل حبكم انتو و تعاطفكم.
بتوهمكم أنه مضايقها و مش عارف يعالجها زي ما كلكم بتبقو متوقعين منه.. و لما بتحاولو تقنعوها بتلجأ لحيلة الانهيار.
هنية: بس هي بتتعب صُح.
سارة: فعلا.. هي عشان تعبها يبقى حقيقي بتستدعي الحالة اللي بتخليها تنهار.. بتفضل تفتكر في كل الحاجات اللي كانت بتتعبها و تضايقها..
بتسترجع ذكرياتها عن الحادثة و اللي حصل بعدها.. خطيبها اللي سابها في اكتر وقت هي احتاجتله فيه.. حالتها دلوقتي و هي على كرسي بعجل.. و اعتقد أن كل ده ممكن اوي يخلي واحدة رقيقة و نفسيتها هشة زي هدى أنها تنهار..
عشان كدة انهيارها حقيقي...
اللي هي عملته دلوقتي كان عشان زهقت من المحاولات فقررت أنها تجيب من الاخر و تبدأ هي بالهجوم زي ما انا بدأت معاها بعنف برضه و مابدأتش اني اتكلم معاها بهدوء زي اللي قبلي... عشان هي عارفة انكو اول ما تشوفوها كدة هاتمشوني زي ما الاستاذ عاصم كان عايز.

صمت الجميع قليلا يفكرون في حديثها حتى نطق عبد الرحمن..

عبد الرحمن: و الحل..
سارة: اني افضل معاها غصب عنها... هي هاترفض في الأول طبعا لكن انا كمان مش بيأس بسهولة و مش هاسيبها غير و هي مستسلمة ليا تماما.
ها قولتو ايه.. أكمل و اضغط علي الجرح و انضفه ولا اسيبه يعمل صديد و يودينا لسكة أصعب من اللي أحنا فيها دي؟؟
عبد الرحمن(بعد تفكير): لا خليكي.. مش عارف ليه حاسس ان في يدك الشفا.

ابتسمت سارة بهدوء و فرحة انتصار غريبة لأنها استطاعت أن تقنع أهل مريضتها بنفسها... ففرحتها بإقناع أهل المريض بها تكاد أن تضاهي فرحتها بشفائه..

و بعد قليل تركهم صبري و عاد للقاهرة و اتفق مع سارة أن يتابع معها تليفونياً تطورات حالة هدى و علاجها..
و بالفعل بدأت سارة في اليوم التالي جلساتها الغير مرتبة مع هدى.. فقد كانت تستيقظ مبكراً و تترك بيتها المتنقل الذي استقرت فيه و تذهب الي الفيلا تتناول معهم طعام الإفطار .
ثم تدخل الى هدى تظل تتحدث عن أحوالها هي.. و لم تهتم ابدا في أن تجعلها تتحدث أو أن تسألها عن أي شيء.. و كان هذا يثير فضول هدى بشدة.
فهدى تعرضت لحادث تركها قعيدة و سارة تعرضت لحادث تركها ضريرة.. فكانت سارة تلعب على وتر المقارنة لدى هدى.
و بالفعل كانت هدى تسأل نفسها طوال الوقت لما استطاعت سارة أن تكمل حياتها و تنجح بها و لم تستطع هي..
=========================================
و في اول يوم...
دخلت سارة بصحبة فاطمة لترشدها لثاني مرة تدخل الغرفة...

سارة: صباح الخير.. ازيك يا هدى؟؟ اسمحيلي اقولك هدى كدة من غير القاب..(بغرور مصطنع)انا هاقولك يا هدى و انتي قوليلي د/سارة عادي يعني.. احنا خلاص هانبقى أصحاب..
هدى(بغضب و حزم): احنا عمرنا ما هانبقى أصحاب .
سارة: ليه بس؟؟ دة انا كيوت و قمر.. او اخر مرة شوفت فيها نفسي يعني كنت قمر.. ولا بوظت بعد الحادثة.. ههههههههه.
هدى: برضة لا..
سارة: ليه طيب.. ولا انتي خايفة؟ شكلك كدة خايفة.
هدى: خايفة؟!! و انا اخاف من ايه؟؟
سارة: مني مثلا.
هدى(باستهزاء): منك انتي؟؟ ليه بقى إن شاء الله.. هاتعلقيلي الفلكة ولا هاتديني حقنة.
سارة(بثقة): لا.. بس هاعريكي قدامهم و اثبتلهم انك مش مريضة ولا حاجة.. انتي مجرد بنت مدلعة عايزة حد يفضل يطبطب و يدلع فيكي و انتي سايقة فيها..
هاوريهم انك بقيتي إنسانة ضعيفة جبانة.. خايفة تخرجي برة حيطان اوضتك لمجرد تجربة صعبة عدت عليكي..
هاعريكي قدام الكل و قبلهم قدام نفسك..
هدى: انتي ازاي تكلميني كدة.. انتي فاكرة نفسك مين.. انتي هنا مجرد موظفة فاهمة... مجرد شغالة بتاخد أجرتها اخر الشهر فاهمة..
سارة: و اديني بحاول أحلل الأجرة اللي باخدها.. بس عموما انا مش فاضيالك دلوقتي؟؟
هدى: إيه قلة الزوق دي.. وراكي ايه أهم مني.. انتي هنا علشاني اصلا يعني ماينفعش تسيبيني عشان اي حاجة تاني فاهمة؟؟
سارة: فاهمة.. بس مش ذنبي انك حصرتي حياتك كلها في الاوضة دي.. فماتجبرنيش اني احصر حياتي انا كمان في شغلي معاكي بس..
لا انا بحضر ماجيستير يعني ورايا مذاكرة و اهلي اللي في امريكا و اخويا اللي شغال في اسكندرية لازم اكلمهم كلهم كل يوم اطمنهم عليا.. عشان مايقلقوش عليا و كمان عشان اطمن عليهم انا.
هدى: و مافضلتيش جنب اهلك ليه..
سارة: عشان أنا مابقتش بيبي.. مابقتش عيلة صغيرة محتاجة مساعدتهم طول الوقت.. انا كبرت و خلصت تعليمي و اشتغلت و بكمل دراسات عليا.. فهافضل جنبهم ليه الا لو شغلي و دراستي كانت جنبهم.
إنما لما حبيت ارجع و اشتغل في مصر هما ماعترضوش و نزلت انا و اخويا قبل ما عقد بابا يخلص بسنة و نص عشان احنا كنا عايزين كدة.. عن اذنك بقى عشان عندي مكالمة فيديو مهمة اوي مع الدكتور اللي بيتابع معايا رسالة الماجستير.

لم ترد هدى خاصة عندما فهمت تلميحاتها و إسقاطها على حالتها.. و أن برغم إتمامها عامها الثالث و العشرون الا أنها لازالت تعتمد على أهلها في كل شيء بل إنها أحياناً تتعمد أن ترمي عليهم مسؤولياتها التي تستطيع إنجازها فقط لتقول انها لازالت تحتاج المساعدة..

يا ترى هدى هاتستلم لسارة ولا العكس..
و ازاي هدى هاتأمن لها عشان تديها فرصة تساعدها


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close