رواية اسمتني امي قربي الفصل الرابع 4 بقلم مشاعل الحربي
البارت الرابع ....
:
:
:
:
جرت خطواتها ...بالكاد تمكنت من الوصول الى باب المنزل الذي تركته امها لها شبه مغلق ....
دلفت الى الداخل ..لم تستطع رجليها حملها ...
وهي تجهش في بكاءها كطفله وتحتضن نفسها ...
:
:
هرعت امها اليها ......"جوزيده خير انشالله ..."
:
:
رفعت عينها لها .....وبكل حرقتها طوال تلك السنين ......وهي تحرك كفها على صدرها وكأنها تمحي قهرها ..."ينيريم انيم ينيريم .........تشوك تشوك ينيريم ...فالله كلبيم ..."لم تستطيع اكمال جملتها من وسط شهيقها ...
"انا احترق يا امي احترق بشده ....."هذا ماعنته .....
راقبتها امها بقل حيله .....اكملت تحدث نفسها فلم تفهمها امها ......"يمه قلبي قلبي بيوقف ...يمه مخنوقه ومحتاره وتعبانه ....ابوي ....ما ابغا اقول الله لايسامحه ....ليه يمه ليه تزوجتيه ؟؟...."تأملت توهان امها ..."همست بحزن وهي تؤكد قولها ..."انيم ...كلبيم ينيريم ...."
:
:
مسحت دموعها وهي تقف تمحي ضعفها بقوتها التي تقمصتها كل يوم عند استيقاضها ..استمعت لهمس امها الذي يهدئها وهي تهم بنزع عبائتها ..
رمت بجسدها على الارض بعدما اغلقت الاضاءه ...استلقت على يدها وغرقت في نومها وهي تشعر بأمها تقبلها وتغطيها ....
:
:
جوزيدة الصغيره كبرت وماعادت الايام تنصفها ...لقد فهمت الدنيا بعدما كبرت ..
:
:
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::
تآوهت وهي تنسل من السرير بتعب ..اتجهت الى الحمام ..جلست في المغطس تتأمل الفراغ ..
رفعت هاتفها ..لطالما اوصتها اهداء بعمها وعمتها خيرا ..
لكنها لم تراهم ولو لمره واحده ..لكن احتفائهم بها عندما حدثتهم في العيد كان مبشرا نوعا ما ...
أ تراهم قد علموا بما حدث ...؟؟كانت ستطلب الرقم الا ان اوقفها شعورا ما ..
يبدوا بأن خالتها اميمه غير متواجده ..
وقفت ...تناولت معطف استحمام اهداء ...لبسته ...لا زال يحمل رائحة جسدها ...
خرجت من دورة المياه ..جلست على طرف السرير وهي تتأمل حقائبها التي حزمتها للعوده النهائيه الى بدر ..
ابتسمت بحزن ..وقفت تقابل المرآة ..مررت اناملها بشعرها الاهوج ..لاطاقه لها في تصفيفه ..
فتحت الباب خارجه ..
:
:
سمعت صوت احدهم صادرا من غرفة المعيشه ...استغربت وهي تقترب بهدوء ...
:
:
:
ومن غيره صاحب هذا الصوت ..سكت عندما اقتربت استمعت الى همس خالته ..كانت ستهم في الابتعاد لولا ان شدها حديثه ....
وصوته الفخم الواثق يتحدث صارما ..."يا خالتي ماعاد لها معانا مكان ..من البدايه وهي دخولها بيننا غلط ......"
:
:
نهته خالته........"عمران طول عمرك صامد ..على الاقل اصبر العيله في وقت صعب اهداء الله يرحمها توها ترابها ماجف ....وكمان تطلع لنا بهالموال ..."
:
تنهد ...اخرج نفسا غاضبا ......."خاله اميمه افهمي الانسانه هاذي مو من ثوبنا الانسانه هاذي وجودها يضر اولادي ...انا كنت مستحملها لاني وعدت اهداء ....وجودها يشتتني ..ابي اتخذ قرار معها والقرار اللي يناسبني هو انها ترجع لاهلها ..........."
:
:
:
:
اتسعت حدقتيها وهي تكتم شهقتها بأناملها البارده ...اهتز وقوفها وتزعزع قلبها ...صعب نفسها ...
خلت نظراتها من المعاني ...لقد تجلت امامها صفحة حياتها الجديده وبانت ملامح مستقبلها ..
امتلأ قلبها كمدا ...وهي تندب كرامتها ..لم تكن تتوقع منه شيئا ..لكن حديثه عنها بهذه الطريقه يؤلمها ...
:
:
جرت خطواتها عائده للغرفه وهي تستند على الحائط تمنع خطواتها من ان تسهو ...
اقفلت باب الغرفه ...نظرت الى خزانتها ...فتحتها وجمعت ملابسها البسيطه التي كانت قد دفعت ثمنها من مكفائتها الجامعيه ..
وتركت كل الماركات التي كلفتها الوفا في الركن ...فتحت حقيبتها جمعت كل ماتحتاجها بعينان سارحه ..
تركت الحقيبه مفتوحه وهي تفتح جهاز الكمبيوتير ...تأملت الحجوزات بدقه ..كان السعر خرافيا لكنها حجزته ودفعت من بطاقتها الائتمانيه ...
غدا المغرب ..من حسن حظها انها في الرحلات الداخليه لديها توكيل لنفسها فلا تحتاج الى محرم ..
موعد رحيلها من هذه الحياه للأبد .."بدر" و"المدينه" لن اعود ابدا ..ابدا ..فلا ابي ولا اهداء ..من لي بعدهم ...؟؟
:
وقفت تكمل حزم حقيبتها المتواضعه وضعت غترة ابيها..التفتت للسرير ..نزعت غطاء وسادة اهداء وضعتها في الحقيبه الجلديه ...
وصورة واحده لها تملكها كلتان ...صورتها يوم زفاف ذاك يتوسطهن ...
جلست على كرسي التسريحه مدت لها يدها لمست الزجاج البارد ...أخرجت الصورة ..
طبقتها بصعوبه ..فأختفي بينهن و اقتربت هي من تلك الجميله الراحله ...ابتسمت ..فا اهداء دوما تجعلها تبتسم لا اراديا ..
تنهدت تتأمل الصورة ...ربى منذ اليوم التي ولدتها امها في مقبرة وهي تمشي في موكب نعش امها ...بهجرتها الخاليه من اي تطور ..
منذ ذلك اليوم التي نبذت فيه للونها ...على رم من انها كلما كبرت كلما تحولت الى برونزيه جميله ..ففي ايام اهداء الاخيره اصبحت بشرتها افتح من تلك فكانت تعايرها بها مبتسمه ..
ابتسمت للذكرى ...لكن حقا منذ ذلك اليوم كتبت على قربى حياة غير اعتياده ستمر بمها ..
بفقدها ابيها خسرت اشواطا كبيرة من الكرامة والاحترام ..
ما قاله عمران اليوم لم يحزنها لقد توقعته لكنها كانت تؤجل التفكير فيه لكن كلمته بأنها ستؤثر على اطفاله وهي من ربتهم تؤلمها للغايه ...
انا من كنت اسهر لمرضهم وليس هنده ...ان من كنت اسكت بكاءهم وليست تلك المدعيه ..
فهما قطعه من قلبي ..
:
:
لكن ...كما قلت لوني و قصة حياتي حتمت على الجميع التنبوء باخلاقي وشخصيتي وكأني كتاب مفتوح لمتردي القوم و نطيحه ..
كل الذي اعرفه انا جميله ..وقويه ..وحكيمه ..واذا سقطت سأنهض الف مره ...
:
:
وهذا يكفيني حاليا ...
:
:
:
:
تقلبت بأنزعاج في مكانها ..ازعجها رنين هاتفها المتواصل ...رفعت رأسها وهي تنظر لستارة الغرفه الشفافه التي خاطتها بيدها وقد اقترب وقت الغروب كما يبدو ...
رفعت هاتفها بسرعه ...كانت زبونتها التي قد وعدتها انها ستنهي فستانها اليوم ...
اغلقت الهاتف ..استغفرت وهي تقف ..لقد سمحت لنفسها وتعبها الجسدي السيطره عليها ..فقد وعدت نفسها مهما حدث او سيحدث ستكون قويه فقط حتى تجمع المبلغ المطلوب لرحيلها وامها نهائيا الى "أزمير"
وحينها ستعيش حياة كريمه بين اخوة امها و أشباهها لن تكون مختلفه وغريبه ابدا ..لن تكون صهباء ومنبوذه ..
:
:
صلت صلاتها واعدت كوبا من الشاي ..لتعود الى نشاطها لم تجد امها يبدو انها ذهبت للحرم ..
فالباصات التردديه للحرم قريبه نسبيا من منزلهم ...
فتحت ماكينتها وهي تضع اللمسات الاخيره على الفستان في يدها ..
رتبته ووضعته في غلاف صنعته له من بقايا قماشه وبعضا من الورد المديني المجفف فمهما كان هي لها اسلوبها في كل هذا فبسمعتها في اتقانها جلبت زبائنها ..
هذا لا يمنع تطفلهن بسبب سمعه جمالها الغريب في اوساطهن ...لا زال هناك وقت قبيل الغروب ...
فتحت باب المنزل ..غسلت المساحه الصغيره امامه والسلم الطويل الذي يؤدي للاعلى لباب الفناء الجانبي للمنزل الملحق به الطابق الارضي الذي تعيش فيه ...
سقت بتلات وردها التي خبئتها في الظل ...
نظرت للسماء بملل هل تنذر بسقوط المطر ياترى ...
طرق الباب فهرعت له وهي تعدل فستانها الاصفر القصير نسبيا وقد زادها انوثه ...عدلت غطاء شعرها الزهري ..وقد رتبته في جديله عشوائيها ..شعرها الاصهب الغجري الذي لم تقابل احداهن تملكه مطلقا من قبل ..
فتحت الباب وهي تختبىء خلفه ..دخلن ثلاثه نساء تبان فخامتهن من وراء حجابهن ...
ابتسمت لهن ..فبهتت احداهن تتأملها .."سلام عليكم ...اوشقالدن ...تفضلو ..."قالتها وهي تغلق الباب وتشير لهن الى اسفل السلم ...
سبقتهن وهي ترفع الستاره عن الباب ...
جلسن يتأملن المكان البسيط اختفت للحظه ثم عادت بأكواب القهوه التركيه الصغيره في يدها ..مدتهن بها ..
فتحت علبه حديديه ...مدتهن بها ...كانت حلوى اعدتها امها من الورد التي تزرعه في الخارج ..."شغل انيم ...تفضلو..."
قالتها وهي تبتسم فرحه بهن فهي تعشق ان تستضيف احدهم في منزلها ولو لدقائق معدودة تحاول بكل ما أوتيت بقوه ان تتحدث بعربيه لايفهم من وراءها من تكون وتدخل كلماته التركيه كل ما استطاعات ...
:
:
ابتسمت لها مالكة الفستان ..."جوزيده هاذي بنت خالي جات معايا تبغاكي تفصلي لها فستان ناعم لحنتها ...بعد اسبوعين ...قلت لها في شغل التطريز جوزيده وبس .."
:
:
ابتسمت لها ..."ايا والله مبروك ان شاء الله ياروحي.."
قالتها وهي تلتفت للصامته منذ دخولهن توترت للحظه ..عندما حست بأنها تعرفها ...اشارت لهن ..."لحظه ...المتر ادوره واجيبه ونقيس لك ..."قالتها وهي تنظر للمقصوده ...
اعطتهن ظهرها ..وهي توبخ نفسها لقد نسيت تقمصها وهي تتحدث بلهجتها الام ...
راقبت غيابها ...التفتت الى ابنة عمتها ..."منى هاذي اش اصلها بالزبط ....يعني الجمال تركي وفوق المكتبه علم الشيشان وتتكلم سعودي ..."
راقبت الصامته غيابها ...."تصدقون ان هاذي من نفس قبيله خطيبك يا سهى ...وانا شخصيا اعرف بنات عمتها ...."
:
:
اتسعت حدقتي منى استغرابا ..."يابنت هي قالت لي امها تركيه وجدتها شيشانيه ...ومتربيه في المدينه فتعلمت اللغه ..."
:
:
هزت تلك رأسها بالنفي ..."والله اعرفها كانت معاي في الابتدائي اسمها حبيبه رباح الــ والله ...ومستعده اثبت لكم ..."
:
:
عادت فأنهين همسهم ...ابتسمت لتلك .."منى هانم فستانك ممكن تقيسيه جوا ...لو في يعي تصليح ..."
:
:
قالتها بعربيتها التي تقتبسها من عربية امها ....اقتربت من سهى لتأخذ قياساتها ...سألتها منى وهي تخرج من خلف الستار وقد لبست فستانها ..
ابتسمت تلك فخورة بما صنعته ..مدحن صنع يدها...اتفقت مع سهى على القماش وموعد الاستلام ..
سألتها منى بفضول ....."اسمك حلو اش معناه بالعربي ..."
:
شيء من حزن اعتراها ...وهي تهمس ..."حبيبه ...."
:
ابتسمت تلك لها ...."نشوفك على خير ياجوزيدة ...ولا نقول حبيبه ..."
:
:
شاركتها الابتسام ..."اييه حبيبه جوزيده مافي فرق ..."
وترتها الصامته المتأمله بشيء من عدم اقتناع ....
:
:
راقبت خروجهم وهي تنفث نفسا متعبا ...وتعود الى المنضده خلف ماكينتها ادارت عجلتها اللامعه متناسيه كل مايحدث حولها ...
:
:
ركبن السياره التفتت الى من صعقتها بالخبر..."ريهام ...انتي متأكده ...شوفي البنت احيانا تسكت بس احسها تفهمني وفيها شيء غريب يقول لك مو تركيه خالص انا كنت اقول يمكن عرقها الشيشاني ولا لانها متربيه هنا ....يعني صراحه ابدا ماحد يديها سعوديه جمالها مختلف لكن في شيء فيها بدوي مدرس اش هو ؟؟"
:
:
ابتسمت تلك وهي تدل السائق ..."ايوب روح بيتي ..."التفتت لها مكمله ..."هاذي قصتها قصه بنات عمتها تعرفينهم امتنان وسناء اللي كانو جيران سهى ...كانوا في المدرسه يا الله مايطيقونها وعاد هيا ما طولت ونقلت من المدرسه ولمن سألناهم قالت رجعو تركيا وافتكينا منهم ..بس اهيا ..انا متأكده لان اسمها حبيبه وهي قالت معنى اسمها حبيبه ...بس البنت زاد جمالها اضعاف ...لو تشوفون امها ..كانت لمن تجي في مجمع الامهات كل الابلات يتنحو ...بس امها عايدي يعني تركيه بدون شعر احمر وكل هذا ...."
:
:
ابتسمت لها تلك ..."جدتها قوقازيه يا امي اكيد الشعر لها ...بس سبحان الله كيف بيننا ناس كذا ونحنا مانعرف ...يعني لو صح هي بنت رباح ..يعني جدها شيخ قبيلتهم ...."
:
:
اكملت تلك ..."والله لو اقول لامتنان يمكن تذبحني هي خلقه تستعر منها عشان امها ومستواهم وكذا ..."
نهرته تلك ..."مالك شغل فيهم يا ريهام هما عيله مدري كيف استغفر الله تتذكرين لمن رحنا زواج سخاء اختهم كيف كان الوضع كل عيال عمها دخلو وعمانها الوضع مدري كيف كان ...."
:
:
تذكرت تلك فأبتسمت ...."ياعمري يا منى هما كذا بدو بدو لدرجه يقابلو بعض ويهرجو عادي بس لازم البرقع ...تدرين اصلا انو في ديرتهم حتى سيارات يسوقوا ولا همهم ..."
:
:
قاطعتها سهى ..."ياعمري هذا جدهم بن شايق لو تسوق هنا في سلطانه محد قلها عينك في راسك ....بس تحزن بنتهم رامينها كذا لكن من جد تحط جمالهم طرف ...."
:
:
وكأنها تذكرت شيء...."سهى تتذكرين ابو ثوب اسود في زواج سخاء ..."
أبتسمت تلك ..."ومين ينساه ياريهام ...اخوات زوجي بنجلطون عليه ...تخيلي مياده صورته وللأن صورته عندها ...تقول ماحد يفرط فيه ..."
ضحكت ريهام ..."قولي لها طار عليكي هذا هو خطيب امتنان ...اصلا خطيبها من يوم كانت ف المتوسط بس هو دايم يأجل الزواج ذحين خلاص زواجها عيد الحج انشاء الله ...بتتزوج وتطلع البعثه على طول ...اسمه بدوي مره ...نسيته ...مهاب شيء زي كذا ...المهم ذا الوحيد اللي امه قبيلتها غير المهم حتى هو له قصه عويصه مدري كيف بس جده شايق مربيه ..هذا كل بنات عيلته يبغونه تشوفين امتنان بس تتكبر فيه ...هبله البنت ذيا ...."
:
:
ابتسمت سهى وهي تعدل جلوسها ..."الله يوفقها ويتمم لها على خير المهم مالك ومالها لاتقولين لها انك شفتي بنت عمها ...اسكتي مره ....واذا رحتي زواجها خذيني بنتفرج على زوجها ...ماشاء الله الناس حظوظ مو اللي عندي ..."
:
:
انخرطن في حديث اخر ...لطالما كانت جوزيده الصهباء حديث الالسنه المتطفله التي استباحات حياتها حولها ...
:
:
:
:::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::::::::
تباطئت خطواتها المتعبه وهي تقترب من المنزل الذي لا يريحها ابدا على الرغم من عدم وجود اي دلائل ضده فالوضع اكثر من طبيعي ...
كان شبه خاليا ..صعدت السلم الى غرفتها ..تنهدت وهي تجلس على السرير اتجهت للنافذه فتحتها فكانت محميه بسياج حديده بالكاد احدهم يتنفس منها ...اغلقتها بقل حيله ...تذكرت ابيها ...وهل غاب عن فكرها ...لقد مرت المنزل اليوم لمرتين لعله قد اتى لكن ليس هناك اي ذكر له ...
والذي وعدها يبدو بأنه قد نسيها ...نعم جليله فمن انتي حتى يتذكر وعده لك ...وهل وعدك ...
لقد ارعبك وهز قلبك ...ارتجفت لذكراه اتجهت لدورة المياة لتستحم بالمياة الساخنه لعلها تذيب تعبها ...
تهيأ لها بأنها تسمع صوتا خارجا عن المألوف ...لفت جسدها بالمنشفه مسرعه جمعت ملابسها وارتدت قميصها القديم ...
فتحت الباب التقتطت المنشفه من على الارض ...اتسعت عينيها هلعه و تعلقت بمن كان امامها ...
وضعت يديها على صدرها لا اراديا وقد التصق قميصها بجسدها المبلول و تبعثر شعرها حولها ...
ابتسم لعينيها ...يالها من جميله لم يرى احداهن مثلها منذ زمن طويل ....
كادت ان تصرخ دخلت حينها راني الصالة وهي ترتدي عبائتها ....نهرته ...."لو سمحت ممكن تخرج من هنا ....."
:
نظر اليها بأبتسامه جانبيه وهو يخرج من الباب ....ولازالت عيناه تتفحص تلك ..
انتباتها رجفة خائفه وامتلئت عينيها بدمعها والخوف اجتاح نبضات قلبها ...ابتسمت تلك لها بعمليها وهي تهم بالخروج ...."مستأجر المالك مرسله يحاول يهددني لانو تأخرت بالايجار ...."
:
:
جلست على الارض منهاره كيف وهي الستيره وقد التهمها الغريب بنظراته ..التى عرتها ....
:
:
:
:
:
غدا ...لقربى ..لجليله ...و لجوزيده ...ارجوك يا غدا كن عطوفا ...كن رحيما ..الحياة داستنا بلا رحمه وهي تحث الخطى لتستمر ...
تأملت الجو الغائم جزئيا من باب المطبخ المفتوح على فناء المنزل ...أبتسمت بشئ من حسره والحنين يأخذها الى "ديرتها" ..
تنهدت بدون وعي وقد ادمعت عينيها ..يااااه يا ايامها الجميله ..البسيطه والطاهره ...ايامها القديمه ..
كانت بسيطه ..كان همها هو ان تستيقض مبكرا لترى ابيها يحمل بندقيته في موسم الصيد وامها تكدس الحطب اسفل الصاج ..
ونسمات بارده تلعب بشعرها ....ترتدي زيها المدرسي بعدما تفطر معهم بقبلات امها ومزاح ابيها ..
تهرع مسرعه الى اخر الطريق ..تنظم اليها صديقتها ...تمر السياره التي تقلهم كل يوم الى مدرستهم ...تلفتت للمره الاخيره وهي تراقب دخان حطب امها ...
:
:
وكان اليوم الذي التفتت مره واثنتان وثلاث و لم تراه ...وكان اليوم الذي لاتنتظر الربيع بلهفه لترتحل مع اهلها من اجل الزاد لأبلهم ...
:
:
آه تحمل كل حزنها خرجت منها ..اعطت الباب ظهرها وهي تطفىء النار عن القدر ...
سرحت وهي تهم بتجهيز مائدة الغداء لأخ عمتها المجهول الذي لاتعرف عنها شيء سوى تعلق عمتها به ...
لم يك موجودا يوما ولم يتحدث أحدهم عنه مره ...
بخوت أكثر أنثى صامته قد تمر بأحدهم ...لربما اعتادت الصمت ..لربما هي ابنة الوادي الضيق اعتادت التأمل ...
بخوت فصيحه وجميله وجريئه ..لكن ...كفى ماكانت الايام صانعه بها ...
تفضل وحدتها والتأمل كثيرا ..فهي لاطاقه لها بالحديث ابدا ...لم تعد تجده مجديا ..عمتها اميمه التي كانت في ما مضى معلمتها في مرحله المتوسط..
اجتماعيه للغايه ..بالكاد تراها في يومها او يخلو بيتها من احدهم ..لديها شخصيه جميله وعطوفه وام للجميع بكل طاقتها ..
لكن عجزت ان تكون اما ...له ....لزوجها المزعوم ...
التفت للخادمه ..."أني ...خلاص الاكل جهز ارسليه مع السواق ...."
:
:
قالتها وهي تنفض يدها من الماء ...خرجت الى الفناء المزروع في الواقع هو منزل فخم داخل مزرعه كما حال اغلب منازل المنطقه ....
:
:
مشت مطولا وهي سارحه ..لم تعلم كم مشيت ..لكنها اطلقت العنان لخطواتها تخفف عنها ...
لازالت النخيل الهرمه الشامخه تحاوطها ...وقناطير الماء لازالت تحمل بلل سقاية الماء صباحا ...رائحة الطين العطره تريح اعصابها ...
:
:
كم جيل قد مر على هذا الغرس وقد كانت المزرعه مملوكه لأجداد عمتها منذ البدايه ..
كم كفاح وحزن وقصه مر عليها ..
...مشيت حتى انسد طريقها بحائط حجرى قديم ..قد رمم لمرات كثيره ...
نظرت حولها لم يكن ليوجد احد ...رفعت ثوبها الضيق وتسلقته بخفه وقد اعتادت هذا الفعل من صغرها ..
انهته ..كان بنهايه مستواه بداية مزرعه اخرى اكبر و اكثر ازدهارا من التي تملكها عمتها ...
اخرجت نفسا عميقا متعبا وهي تجلس ...انشغلت باللهو في زهورا بريه قد نبتت على حافه الجسر الحجري ...تحدته برقتها ووقفت شامخه فوقه ..لمست بتلاتها الصفراء الصغيره ...
:
فتحت شعرها الذي غطى ظهرها و التف على الارض حولها ...واستلقت على الارض الرطبه سامحه للعشب العطر يعلق في شعرها ..
فهذا ماكانت امها تفعله ..وكم كان ابيها يعشق رائحه شعر امها ...
:
:
:
:
:
أخرج المفتاح من جيب ثوبه وهو يتأمل المكان الاخضر الذي خلفت نخيله العملاقه المعمره الرطوبه على المكان ...فتح الباب بتعب لقد وصل للتو أختار ان يسلك الطريق برا ..
هكذا احتاج الى عزله ما ...كان المنزل هادئا مفعما برائحة البخور كالعاده ..وقد سمحت نوافذه الواسعه للشمس ان تنيره ...
أتجه الى الجهه القديمه من المنزل الفخم ...فتح الغرفه ..كانت شبه بارده وقد اغلقت ستائرها ..
أضاءها ..وهو ينقض بحب على السرير ..قبلها بغرام وهي تغط في نومها الطفولي ....
انزعجت منه وهي تبعده بيديها الصغيره ..
فتحت اختها الكبرى عينها ففتحت ذراعيها له ..."خالي ...."
أبتسم لها وهو يحملها بيد واحده ..."ياروح خالي ..." ..
دخلت جدته المكان فهلعت ...وضعت يدها على صدرها ..."بسم الله ...."
:
:
وقف مبتسما وهو يقبل يديها ...ورأسها .."الله الله يا جده اش هالجمال ..."اقترب منها يشاكسها كالمعتاد ..."شكل جدي بات هنا امس ...ها بات هنا قولي..."
:
:
ضربته على كتفه ....وهي تبعده عن طريقها ...."ياصباحك السعيد ياربي ...انت ياولد مالك اهل مالك ديار ..ماتفكنا منك ..."
:
:
كشر ..."افا يا جده عفتيني خلاص ..اروح ادور لي صدر حنون غيرش ...ولا الحنان بس لجدي...."
:
:
تنهدت وهي تتغاضى عن حديثه ...."كيفها امك ؟؟" أبتسم وهو يجلس بجانبها ويعود لملاعبة الطفله النائمه ..."امي طيبه طاب حالش تسلم عليش ..."
:
:
أبتسمت وهي تراقبه بغترته البيضاء وثوبه الابيض المميز عن اقرانه ...التفت لها ..."يمه ابي اكل جوعان وين فطورش...؟؟"
:
:
أبتسمت له بحب ..."يامالي جيعان ياوليدي ..."رفعت صوتها ...."نصره ....يابنت يانصره ..."
:
:
دخلت ..وهي تنظر له بملل ..."يا الله صباحك الاسعد ...."
:
:
لم يرد عليها وهو يقبل طفلتها بعنف ...رفع عينيه لها ..."اللحين دوامش وقضى بناتش و قشش عاله بهم جدتي ليييش؟؟"
:
:
تنهدت وهي تغمض عينيها من وراء برقعها البدوي ..الذي اعتادت ارتداءه في بيت جدتها ...."انا و بيتي خطوتين ...انت وش جايبك من الدوحه ...ها الدوحه ياظالم وتحارشني بجدتي ...."
:
:
أبتسم لها ..."على طاري الدوحه العيد قرب يابنت خالي ماتجونا الدوحه ...تنورونا ..."
:
ضحكت ..."يامسكين انا المدينه وهي المدينه ما انزل لها ..اجيك قطر ..."
:
:
أمرتها جدتها ...."نصره ياوليدي سوي له فطور ..."
:
كشرت ..."نعم ...مو مسؤلييتي روح افطر في بيت عمتي علياء ...انا موفاضيه ..."
:
:
ترجاها ..."نصره تكفين جيعان من يوم ما حركت من قدام بيتي وانا اقول لا وصلت نصره بتفطرني وتغديني وتعشيتني طبخها اللي يرد الروح ..تكفين يابنت خالي ..أبي قرص وسمن وعسل ها ..توصي بالسمن ..."
:
:
تأففت ..."طيب ....بس اليوم عشان تعرف انك غالي بكره اسمع صوتك بالغلط ياويلك ...."
:
:
همت بالخروج ...أوقفها ..."نصره ....ابي حليب ها ..بالهيل شاي ما ابغا ...."وكأنه تذكر .."قهوة يانصره لاتنسين .."
:
تأففت ..."معد ...لا اخنقك ...اتزوج لك وحده وتشرط عليها ليل ونهار ..ها تزوج فكنا ...تزووووج يا معد ..."
:
:
خفتت ابتسامته وهو يلتفتت لجدته ...ندمت لما قالته عندما تغيرت ملامحه المرحه ..
" معد "لا اكرم ولا احن ولا اجمل منه ..ولكن يبقى عزوفه عن الزواج سرا يؤرق عائلته ..ولكنه أعند من أن يخضع لهم ...
:
:
أستمر في ملاطفة الصغيرتين ..." طيف و فّي " فهو بلا تبرير او مقدمات يعشق هاتين الطفلتين ..
ألتفتت الى جدته .."ماشاء الله الحلوات عندك ..أمهم ما خلصت دوامها ..."
:
:
هزت جدته رأسها بالايجاب ..."بنيتي هذا مكانها من يومها ...ولد خالك سويد وجه البنيه ذي ماتستاهل بس يعوضها الله دامها صابره ...ماتمسكه لي يا معد اكسر العصا على جنوبه.."
:
:
أبتسم لها ..."أفا يا جدتي الا امسك لش ابوه لو تطلبين وامه وطوايف اهله ..حتى جدي امسكه لش ..الا نصره ..ماتستاهل بنت خالي ..."
:
:
دخلت وبيدها ماطلبه وضعته امامه وهي تجلس على طرف سرير جدتها ..."ياحي معد ...كيفك ..أخبارك؟؟كيف حال عمتي والبنات ...؟؟"
:
:
رفع رأسه لها بأبتسامته الجميله المرحه التي لاتفارقه .."طيبين ما يبون الا شوفتش ...تسلم يمين مدة السفره ..."
:
أبتسمت له ..."الله يسلمك ....بالعافيه ..."سكتت للحظه وهى تراقب جدتهما تمد ابنتيها بالافطار ...همست له .."معد ..زعلت ..."
:
:
رفع رأسه لها ...مثل الحزن ..."زعلان والله منش ...زعل مافي اقوى منه ..يعني عشان يرتاح قلبي منش ويخف الزعل ...صينية كنافه ..ها وكبسه و ايدام بلحمه...وسلطه ..ودلعك اللي دايم تدلعيني ...ادري بش ماتقدرين على زعلي..."
:
:
ضحكت بحياء بدوي وعذوبه خلقت لها..."ازعل لين يوم الدين مو مسويه لك غدا ...بس كنافه من عيوني ..."
:
رمى الملعقه من يده ..."ياااارب ...اسمحي لي رجلش بومه ...."
وقفت ضاحكه وهي تضربه بوسادة من على السرير ...خرجت وهو يصرخ بها ..."تراي أكل ها ...اردها لش سامعه ...."
:
:
لربما الغريب يستغرب افعال هاذان الاثنان ولكن عليك ان تعيش مع هذه العائله البدويه القديمه كي تفهمها ..
فهي و ابن عمتها تشاركا الكثير حتى اصبحا اقرب للاخوه من الاقرباء...بالاصح "معد" كما "العم " بالنسبه لها ..
:
:
:
:::::::
::::::::::::::::::::::::::
كانت قد حضرت عرسا اليوم وتشاغلت به وضاع يومها ..
توجهت الى غرفتها فهي تعيش في عزله مقلقه مؤخرا ...لم تكن موجوده لربما هي في مكان ما في انحاء الشقه ...
هي متعبه ستخلد الى النوم وغدا مبكرا ستجلس معها ..فما تعيشه هذه اليتيمه لا يطاق ...
:
:
استلقت على سريرها بتعب ..وهي تفكر بما أفضى اليها أبن أختها من شكوى ...
عمران الهاديء الصامت لا بد ان داخله يلتهب من ما تحمله لسنوات عديده ..لكن هو اختار وجودها ..هو من جلب هذا الى نفسه ..لربما لم يكن يعلم مقدار السوء الذي ستؤل اليه الظروف بوجودها ..
:
:
تنهدت وهي تغرق في نومها ..لا يهم غدا يوم جديد ...
:
:
:
::::::::::::::::::::::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::
أنهت صلاتها ..وقفت مسرعه وهي ترتدي حذائها ..أخذت سبحتها من على الارض...تجاوزت الجميع وهي تهم بالخروج وتجاهلت حديثهم الموجه لها ..تود الخروج بأقصى سرعه من هذا المكان ...
بالامس لحقتها راني ...حاولت ان تخفف من بكائها المرتعب ...وأقسمت لها ..بأن هذا لن يحدث مرة اخرى فما كان ..كان مصادفه لا غير فهي لا تسمح لأي رجل بدخول المكان ..لأنه امانتها ..
:
:
جلست في مقعدها في الصف الاول خلف السائق ليسهل خروجها فهي من اوائل من يوصلهن السائق...
تأملت الطريق المؤدي لعملها الجديد بشيء من شرود ...
لفت سبحه امها حول اناملها ...لقد وصلت الى حال مؤلم حقا ...الحياه لم تعد ترحمها هل يستوعب أحدهم شابه في عمرها تحتاج بكل جوارحها سند في حياتها ..تعيش بهذه الطريقه المشتته الغير مستقره ...
:
:
وصلت الى المول الذي تعمل به ..
كان شبه خاليا لم يبتدىء الدوام بعد ..صعدت الى المحل ..أخرجت المفتاح ..فتحت الباب الثقيل ..ألتفتت الى المقهى في الجهه المقابله من السلم ..
ورائحه القهوه تتنتشر في المكان ..أبتسمت وهي تتذكر قهوة أمها الفريده ..فقد كانت تصنعها بنفسها ..
وقد أشتهرت بها في أوساط حارتهم القديمه في نجران ..لقد مر زمن طويل منذ شربت قهوه ..
تحتاجها حقا ..لكن محفظتها خاليه الا من بطاقه احوالها التي اصدرتها للتو لكي تتوظف ...
رتبت المكان ..وقفت أمام المرأه تعدل من عبائتها التي تحمل وسم المحل الذي تعمل فيه ..
وكما وصتها المشرفه أتجهت الى طاولة البضاعه التي أتت حديثا ..أختارت طلاء أظافر غامق وضعته على مضض وبملل ليس لشيء سوى تسويق لبضاعه المحل ...
زاد من جمال يديها واناملها الطويله ..كحل وماسكرا لم تضع الكثير فعينها العربيه الاصيله لاتحتاج الى كل هذا ..
جمالها اليمني الاصيل لايحتاج الى كل هذه المبالغه من زينه ..عدلت نقابها ..ألتفتت الى اول زبونين يدخلون المكان ..
أحداهن وطفلتها وزوجها ...كانت ستتجه لها لو ان زوجها كان يقف بجانبها ..أبتسمت للطفله التي همت بالعبث في ارجاء المكان ...
نادها ..."لو سمحتي يا اختي ..."
:
:
كانت سارحه بالطفله ...ألتفتت اليه ..."آمرني...."
:
أبتسم لها وهو يتأملها ...صوتها العذب يكفيه لأن يتخيلها سنوات للأمام ...أشار لها على زوجته ..."ممكن تساعدينها ..."
لم ترد عليه وهي تنظر الى الارض ...أقتربت من تلك ...وهي تجيب على اسألتها ..ساعدتها في طلبها ..أتجهت الى طاولة المحاسبه وقفت خلفها ...
لازالت تلك تجرب مستحضر ما وقف ذاك امامها ..وهو يفتح محفظته ...أخبرته بالسعر هامسه وهي تنظر في ما أبتاعته زوجته ..
:
:
نظر الى رقعه صدرها ..."جميل اسمك يليق بك ..."
:
رفعت عينها له ..نادت على زوجته ..."أختي لو سمحتي ..."
:
:
أرتبك وهو يراقب زوجته ....انتقمت برؤيتها خوفه ...سألتها بود ..."حابه تشترين شيء ثاني عشان اضيفه في الفاتورة ...."
:
:
::::
:::::
راقبت خروجهم وهي تشتمه في سرها ..الا يستحي من من وهبته طفلته ...تبا له ولمن شابهه ..
قادها تفكيرها لها ..للرجل المناسب لها يوما..ومن سيرضى بها ..لكنها تتمنى ..نعم ومالعيب في التمني ..تتمنى ان يجين الوقت الذي ترتاح منه من كل هذا التعب وهي تستند الى رجل يستحقها ..
:
:
تنهدت وهي تراقب دخول الموظفه الاخرى المتأخر ...
:
:
:
:::::::::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::::
كان سارحا في طبقه أمامه ..والافكار تأخذه الى حيث أنشغل عقله منذ القرابة سنه ...
رفع عينه كانت أبنته تتأمله بحزن ..أبتسم لها بين انشغاله ...
حدث تلك ..."عنود ..هذا مكان الجوال ..."
:
رفعت رأسها خجله تبرر ..."بابا بس كنت بشوف حاجه ..."
لامها بنظرته ...سكت للحظه ...وبسيادته المعهودة وسيطرته على اي قول ...فبوجوده القرارت صعبه ولا تتخذ وهناك تلك الثقه الغريبه التي تعتريك برأي احدهم فلا ترى خيارا افضل من خياره او قراراته ..."نوف..عنود ...انا في قرار راح اتخذه قريب و ابغا استشيركم ...عشان لا تقولون ابوي غصبنا ومن هذا الكلام ..."
:
:
ترقبن الخبر بصمت .....راقب شبهه فيهن ..."انا قررت اتقاعد مطلع السنه الجديده ونرجع بدر ....و لابد في يوم نرجع لديرتنا ..بس لو انت تبغون تكملون تعليمكم في جده ونكمل نعيش هنا الين تتخرجون هذا قراركم واحترمه ..هنا مهما كان حياتكم وخالاتكم واهل امكم ..."
:
:
سكتت عنود تترك الرد لأختها التؤام التي تعتمد في كل قرار عليها ...راقبت تلك صمت أختها ..عدلت صحنها سارحه ....رفعت رأسها ..."اللي تشوفه يابابا اللي يريحك ..اي مكان بس نكون معاك ...."
:
:
أبتسم لها وكأنه يستمع لحكمه منطوق أمها الراحله ..."ان شاء الله نقرر وجهة نظرنا من هذا الموضوع بعد التقاعد ..."
قالها وهو يقف ..وقفن لوقوفه ...حمد الله وهو يتأملهن ...راقبن غيابه ..تنهدت تلك وهي تجلس ..."بابا ليه يخوف ...احس انو في اي لحظه بيعاقبني ولا بيهزئني كذا شيء يخوف في أحس انو يعرف كل شيء أحس انو انا غلطانه وانا ماسويت شيء...الله يرحمك ياماما ..كان دايم وجودها يخفف..."
:
:
لامتها تلك ..."عنود لاتقولي كذا عليه ..ترى هو كل اللي يسويه معانا صعب عليه ...ارحميه شخصيته شغله ومنصبه كلها تلتزمه يكون كذا اصلا ما وصل لهذا المكان الا بشخصيته هاذي...عنود انا اعرف انو يحبنا يخاف علينا وهذا يكفي مانبغا شيء ثاني ..."
:
:
هزت تلك كتفيها بقل حيله ..."امكن اذا تقاعد و رحنا بدر بيتغير يعني فين حيروح بيقابل وجهنا والجدر ...اف اش نسوي في بدر ..."
:
:
تنهدت تلك بملل ..."أشبو هنا نشوف شيء غير الجدران والمدرسه ..."
:
تأفتت تلك بملل أكبر ..."من جد وليت المدرسه عدله استغفر الله ...كنها عسكريه صحباتي في مدرستنا القديمه مبسوطين ..مها تقول رممو صالة الرياضه ..مو مدرستنا استغفر الله حتى وجبات زي الخلق مافي ..."
:
:
أبتسمت تلك ..."أنتي رايحه تاكلي ابويا يشوف انو الحكومي افضل من الخاص خلاص مو عاجبك اقنعيه...ودحين بنروح بدر لاتتدلعين ...احلا شيء بنشوف أميمه بنت عمي عمران ..."
:
:
كشرت تلك .."يع وهنده ...بس بجد عمه قربى وحشتني ...نفسي اشوفها ..اخر مره شفتها في عزاء عمه اهداء وكانت مو عمه قربى اللي اعرفها ..."
:
:
أبتسمت نوف بحزن ..."مو قادره استوعب كيف بأشوفها دون عمه اهداء هيا دحين اش راح يكون مصيرها بيننا .."
:
جاوبتها تلك ببلاهه ..."أش يعني اش راح يكون مصيرها راح تعيش معانا زي ماكانت عايشه زمان ...."
:
تنهدت اختها ..."عنود انتي ماتفهمين يابنتي مو عمتنا ...زمان كانت جالسه مع عمه اهداء دحين ليش هتكون موجده بيننا اكيد راح ترجع لاهلها ..."
:
حزنت تلك ..."بس يانوف عمه قربى عمرها ماتكلمت عن اهلها ..نحنا اهلها ..يعني واذا عمتى اهداء ماتت الله يرحمها هي من العيله خلاص ...."
:
:
أبتسمت تلك للذكرى ..."عنود عمه قربى الا كرامتها ...واكيد هيا ماحتتحمل تجلس في مكان جمعها بعمه اهداء ..هي ماتروح مكان ولاتخرج بدونها ...بتعيش في مكان جمعهم لوحدها ..راح تنجين ...انا صح احب عمه قربى وما استحمل فراقها بس خلاص اشوف انه افضل لنفسيتها تبدأ حياه جديده ..كيف ما ادري ؟؟.....لكن لو تعرفين عمه قربى زيي تعرفين انها ما ترتاح الا في البعد ...بيت ابوها الله يرحمه ...عمرها مادخلته او تكلمت عنه او حتى التفتت له ولا كملت حياتها فيه كانو مو فيه ...وامها عمرها جابت سيرة امها ...تعرفين انو عمه قربى امها عايشه ...عمرها تلكمت هيا كذا اللي انتهى انتهى ماترجع له ابدا تمحيه من حياتها ..."
:
:
فغرت تلك فاهها بعدم تصديق ..."عمه قربى امها حيه ....اما ليش عمرها ماتكلمت تتوقعين تروح لها ذحين ...لاا...اف ابغا عمه قربى بيننا ...ما استحمل تروح ...."
:
هزت تلك رأسها بالنفي ..."بالنسبه لعمه قربى امها ذكرى قديمه ...لكن ما ندري هيا اش فس في قلبها مسكينه عمه قربى ....ربى كاتب لها تكون كذا ..."
:
:
تثاوبت اختها بتعب ..."انا بنام وبكره ربك كريم ..."قالتها وهي تقف ..راقبت اختفاء أختها ..تأملت الفراغ ...الايام تزداد صعوبه وتعقيداً يا أمي ..ليتك كنتي هنا ...
:
:
فراق عمتها اهداء يحزنها لكنها فقدت امها قبلا اعتادت على الحزن ...البكاء لن يعيد احدهم يوما .
راقبت الحركه خارج المحل بملل ..والافكار تتوه بها في طرق ألمها المتشعبه ..
هنالك الم ..هناك تأنيب شيء غريب خوف ...استسلام لا تعلم مشاعر ملخبطه تسيطر عليها من وضعها الحالي ....
:
:
وقفت أمامها سيده بهامه ضخمه ...رفعت عينيها لها ..."تفضلي ...."
:
:
راقبت تلك التهاء العامله الاخرى بعملها ...."جليلة محمد صادق ..؟؟"
:
:
أتعست حدقتيها ....وبهلع ...."نعم..خير في شيء؟؟أنتي مين ؟؟..."
:
:
أجابتها تلك برسميه ..."معانا استدعاء لك يا بنتي ..ممكن تجين معايا ..."
:
:
تلعثمت ..."ما اقدر والله ما اقدر الدوام قرب ينتهي ولازم ارجع قبل المغرب ...."
:
:
أمرتها تلك وكأنها لم تسمع ماقالت ..."تفضلي معايا ..."
:
همست لها وهي تراقب العامله الاخرى خلفها ...بعينان دامعه .."والله ما اقدر ..."
:
اصرت تلك بنبره هامسه ..."بنتي انا اكلمك بهدوء ما ابغا اجيب لك دوشه امشي قدامي ..."
:
دمعت عينيها .."ما اقدر اخاف .."
:
تأفتت تلك لكن فهمتها فمن حقها ما تفعله ...أقتربت منه ..."بنتي انا ما ادري مين طلبك او لأيش شكل شغلانتك عويصه وانتي واضح طيبه ومربيه ...امشي معايا واوعدك مايصير لك شيء ...ها اعتبريها امانه الله يخليكي لاتجيبين لنا مشاكل وامشي معايا .."
:
:
راقبتها بعينان دامعه ...هناك امان غريب في نبرتها ..لكن عقلها يجبرها الا تثق لكنها متعبه حقا ولاطاقه لها بالجدال ..وستذهب ..."طيب بس اكلم نهاد ....."
:
:
توجهت لها بالحديث والمرأه تراقبها بعينان حريصه ...."نهاد ...معليش بخرج مشوار وارجع ..خلاص القسم هذا رتبته كله ...وستاند عرض بكره جاهز ..."
:
:
أبتسمت تلك لها ..."خذي راحتك بس ارجعي قبل ينتهي الشفت لان حنان ماسكه الشفت اليوم بعدنا وتعرفينها كيف ..."
:
لم تكن تعي ماتقول لها هزت رأسها لها بالايجاب وهي تتناول حقيبتها ....مسكتها تلك مع ذراعها ...مشيت بجانبها ...
وصلن الى المواقف ولا زالت الرجفه تسيطر عليها ...فتحت لها باب سياره بيضاء مظلله ركبت وهي تراقبها ...
:
:
أنطلقت السياره مسرعه ..لم تتبين لها هوية السائق ذو الزي السعودي الرسمي ...توقف في أشاره ..
وردته مكالمه ...لم تصغي الى همسه وهي تتأمل الخارج بخوف ..أنطلق مسرعا فهلعت ..
ألتفتت الى تلك هدأتها بنظراتها ...
:
:
قطعت السياره مسافات جده الشاسعه الأهله بكم هائل من السكان ...أحست بالعمران يخف في المنطقه ..والغروب أقترب ...
شددت أناملها على السبحه في يدها تستمد الامان من جماد لمسته أمها يوما ...
توقفت السياره أمام مبنى ضخم أصم ...
ترجل السائق وفتح الباب لها ..أمرها ..."أنزلي ...وأدخلي ...ماراح تطولين ..ننتظرك هنا..."
:
:
ألتفتت الى من في السياره ..."لحالي ...."
:
أجابت تلك ..."أوامر أصلا وجودك هنا غريب ...بس لاتخافين ننتظرك ماراح يصير شيء ان شاء الله..."
:
عدلت حقيبتها الصغيره على كتفها ...نظرت في ساعه معصمها لقد تأخر الوقت حقا ..
:
:
دخلت المكان ..كان خاليا الا من صناديق رتبت في أرفف عملاقه ...
:
:
هدوء غريب يخيم على المكان ..سمعت صوتا قادما من الظلال ..."جليله.."بنبره تحمل ونلتقي أخيرا ..
:
:
هلعت حتى كادت أن تتعثر ...صوت خطواته على الارضيه الأسمنتيه تزيد من نبضات قلبها ...راقبت ظهورة حتى اقترب من كرسي خلف طاوله خشبيه ...عدل بذلته ..
أحست بفخذيها تذوب وركبيتها تذبل حتى ما عادت قادره على حملها ...أمرها ...وهو يشير على الكرسي الأخر..."أجلسي ..."
:
أستجابت لأمره وهي تنظر الى الارض فتتحاشى النظر اليه ..الى عينيه الناريه الغربيه ...
طال صمته ...
رفعت عينيها له ...لازال واقفا ينظر لها من الاعلى ..هل طوله طبيعي ياربي ...أنهارات دواخلها وهي تتخيله بخوف ينقض عليها لن تلزمه سوى ثانيه لكي ينهيها ...
:
:
مالذي ورطت نفسها به ...يا الله كن مع يكن بقربي ..
:
بصوته العميق .."أمم ...جليله ...تعرفين انه أنا أخاطر بوجودك هنا ...يعني انتي ورقتي الرابحه السريه ..في الاوراق النظاميه لمسئلتي الصعبه انتي مو موجوده ...ما لك ذكر .."
:
مالذي يقصده ..يا الله هل يقصد بأنه سيؤذيني ...
جلس بهدوء على الكرسي المقابل لها ..."تفضلي ...."
:
رفعت عينيها له وقد راقبت السبحه في يدها مطولا ...تلعثمت ..."أروح ..."
:
:
رفع أحد حاجبيه ساخطا ...أحست بأطرافها تبرد ...."قولي ...راني ..البيت ...تكلمي ..."بنبره ساخره ..اهي ساخره يا ترى ؟؟ لاتعلم كل ما تعلمه بأنه لا ينوي لها خيرا أبدا ...
:
:
أستغربت .."أيش أتكلم مخلوقه وبيتها مابهم شيء......"قد تكون لهجتها بيضاء لكن لكنتها النجرانيه تحلي من قولها ..
:
راقبها بصمت وهي تنكش أظافارها ببعض ...التوتر يطغى عليها ..
هددها ...أهو تهديد لا تعلم ...طريقته بالحديث غريبه لاتستنتج منها مقصده ..."بنت ياجليله ...انا اش بأستفيد من أني أجيب لك ابوك ..عمل انساني لا سمح الله لا ...أنا لي فايده عندك ..وانتي لك فايده عندي ...انا ما احتاجك بس انتي تحتاجيني لدرجه انه انتي عارفه ماحد بيساعدك غيري...جليله ..راني اللي تتسترين عليها انا أقدر في الحظه اخفي وجودها هي وبيتها وكل اللي معاها ..في واحد ...."
قال كلمته الاخيره وهو يراقب ردة فعلها ...
رفعت رأسها له متفاجئه ...شكوكها أصبحت في محلها من اصرار هذا على موضوع راني ومنزلها ...تلعثمت بعينان باكيه من هول الصدمه ..."واحد ايش ...انا وان كان مالي اهل وسند ترى ليا رب فوقي ....الله يخليك بتساعدني ساعدني بس خرجني من مسأله راني وبيتها ومشاكلها ..."
سكتت للحظه ثم اردفت ...."أصلا اليوم مو راجعه لبيتها بروح لدار الملاحظه وهم يتصرفون وابوي الا مايرجع ...."
:
:
أقترب منها بجذعه ..."تروحين دار الملاحظه أكسر لك رجولك سامعه ...هذا اللي ناقص..."
:
:
لايعلم لماذا قال لها ما قال ..لماذا كلمتها أثارت سخطه ...غضبه شيء من خوف عليها ...لا لماذا يخاف عليها ومن متى أدخل مشاعره بعمله لربما هرم على هذا ...
:
أمرها ..."جليله ارفعي عينك طالعيني ...."
:
امتثلت لأمره لا اراديا ....تأمل حدقتيها السوداء الحزينه للحظه ...."اوعدك جيبي لي اللي ابغا ...أجيب لك ابوك ...سامعه ..."
:
هزت رأسها بالنفي ..."لايمكن ما اقدر انا فهمتك ..تبغاني اشتغل مع راني في الشيء اللي انا شكيت فيه من يوم دخلت بيتهاوهي تحبسنا قبل المغرب ..في شيء غريب وامس ..."سكتت لم تكمل ...
:
:
رفع أحد حاجبيه بأهتمام ...أن أكملي ...سكتت للحظه و تراجعت عما كانت تقوله ..."تصدق شيء ...أنا ما ابغا منك شيء شكرا ...أنا أرجع تعز عند اهل امي ابرك لي ...."
:
:
هلعت لنبرته وارتجفت في محلها ..."بنت ....اصلا كيف بتخرجين من السعوديه ..بوضعك ذا ...تعرفين انه ابوك في اليمن ..وتعرفين انه امس اعلنوا انه تعز منطقه منكوبه ...جليله حاولي بس ..حاولي تختفين من تحت عيني وشوفي اش يصير لك ...ابوك وبقدم بلاغ لوزارة الخارجه انه زائر وعلق والوضع تماما غير امني في مسألته ....شرط ...انتي بس ..قولي لي ..قولي لي متى يكون موجود هذا الشخص مع راني ....ساعديني اساعدك ...."
:
:
رفعت عينها له ...كسره وشجاعه غريبه في عينيها ...."الله لا يسامحك ....متعب الله لايسامحك واسألك فيها يوم الدين لو صار لي شيء...وانت ترعف ان اللي اسويه حرام ..."
:
لأول مره ...متعب الحديدي تهزه كلمه ...تهزه أنثى صغيره تائهه....وعلت مرؤته ...."بأيش اوعدك انه ماراح يصير لك شيء....أبدا ..."
:
:
سكت للحظه ...."جليله ...اللي تسويه راني اكبر منك ...وراني هي ملاذه الامن الوحيد ...انا ما اعرف شكله ..لأكن اعرف انه يكون متواجد عند راني نهاية هذا الاسبوع ....انتي راقبي الوضع حاولي ...حاولي ...لك عليه أخرجك من البيت قبل نداهمه ...."
:
:
نظرت الى النوافذ العاليه وقد أختفى ضوء الشمس..."ما اعرف فين اروح ..."
:
أعادت نظرها اليه ..."ساعدني ..."الحاجه في عينيها ...عينيها ...تتحدث فيصمت الوجود ...
وقف بعسكريته التي اعتاد وقد أخذته مشاعره للرأفه ...تغيرت نظرته ....وهو يتجه الى طريق الخروج ....
"بيننا أتفاق ..."
قالها وهو يخطو بعمليته للخارج لقد سمح لنفسه بأن يتخلى عن مبدأ قسوته لكنه لن يثق بها ..
:
:
راقبت غيابه ..خرجت بعده ...كان الظلام قد حل و سيارته قد ابتعدت ركبت السياره مسرعه ..ألتفتت لتلك لازالت بجانبها ..
"بسرعه ...بارجع المول بسرعه ...لازم اركب من هناك .."
:
:
ما ان اقتربت من المواقف حتى ترجلت من السياره مسرعه ..راقبت المكان ...كانت السياره التي تقل كل يومها تهم بالخروج من المكان ....ركضت بأقوى ما تستطيع ...أقفتها في اخر لحظه ...
تغاضت عن شتم السائق لها ولتأخرها ...جلست وصدرها يرتعد ..أ ترى ما تعيشه حقيقه ...؟؟
:
:
لازالت مشحونه ومتعبه ..آه متوجعه خرجت منها وهي تلتفت حولها لاتصدق ركوبها الحافله ...لو فاتتها كان كل شيء سيتحطم ...
:
:
::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::::::::
دخلت الغرف حقا افتقدتها ....لم تكن متواجده تفقدت الشقه كلها ...لا وجود لها ...
عادت للغرفه لفتها شيء ما ..
هاتفها الفخم وبطاقة الأئتمان ومبلغ مالي يسير لربما سعر تذكرة طيران..وضعت بترتيب فوق ورقه بيضاء مطويه ...
فتحتها .....
:
:
السلام عليكم ..
بسم الله الرحمن الرحيم ....
أما بعد :
البقاء بعد أهداء موجع ...لقد كنتم عائلتي وضحكتي لفتره طويله ..لن انسى ايامنا الجميله ...لكن أرجو منكم التفهم بأني أتوقى لأكمال حياتي ...أتوسل لكم ان تنسوني ..وجودي معكم يضرني للغايه فما عدت احتمل ..فلا صمت بعدأهداء أبدا..
أخترت الابتعاد ...
شكرا .."عمي عمران "..
:
:
:::::::
:::::::::::::::::::
سقطت الورقه من يدها وهي تصرخ بأسمه ..."عمران ألحق .....عمران ...."
:
:
أتجهت الى غرفته مسرعه لم يكن موجودا ...رفعت هاتفها لتطلب رقمه ...لم يرد عليها ..طلبت رقمه الأخر ...
لم يجيب ايضا ...
:
:
جلست في مكانها ....ماذا فعلتي ياقربى ....ماذا فعلتي ...طلبت رقم تلك لربما تكون بجانبه ..
لم تطل تلك حتى ردت ..
وبدون سلام او مقدمات ..."هنده ...عمران عندك .....؟؟"
:
:
سكتت تلك للحظه ...."أيه هذا هو يمي ...."
:
أمرتها تلك بقل صبر ..."عطيني اياه ......"
:
تلعثمت تلك .."نايم ..."
:
نهرتها ..."هنده صحيه ضروري ....قولي له قربى مشيت ...ومدري فين راحت ..."
:
رفعت تلك حاجبها ..بأبتسامه ونصر جديد انتظرته لأعوام ..." و اذا ....؟؟"
:
:
عاتبتها تلك ..."هنده تعرفين اش يعني قربى مشيت ...يعني تركتنا البنت الله اعلم فين تكون ..."
:
:
أجابتها تلك بملل ..."فين يعني اكيد عند عمتها ...مين لها غيرها ...أميمه اتركوها في حالها خلاص البنت ملت ...وبعدين هيا بنفسها قالت لي انه قررت ترجع لعمتها ...وعمها ..البنت تبغا تعيش طبيعي ...بعدين هي مكانها مو بيننا ....ترى البنت غريبه عننا ...."
:
قاطعتها تلك ......."هنده قربى ابدا مو غريبه ..البنت امانتنا مو يعني لان لها سنتين علاقتها بعمتها تمام يعني تتركنا فجأة وتمشي ...."
:
وبوجهها الجميل الحنون الذي يعرفه الكل ...في الواقع هنده الاجمل اخلاقا في اوساط العائله...فهي تجيد التقمص جيدا ...لكن هناك اثنان يعرفونها جيدا ....قربى التي اذتها كثيرا ولكنها صمتا أكثر احتراما لمكانها وموقفها ...وعمران الذي يؤرقه شيء ما فيها فما اصعب الا ترتاح لرفيقه عمرك .."يا اميمه ياعمري ...افهمي البنت تعبت وقبل تبدأ اختبارتها هي قالت لي ..انه خلاص ما عادت تتحمل وقريب بتتركنا ..."
:
:
تنهدت تلك بتعب ..."انا تعبانه مو قادره افكر المهم قولي لعمران خليه يشوف لنا حل ...."
:
استمعت لوعود تلك وهي تغلق الهاتف ..مسكينه عمران حتى ليس متواجد في السعوديه بأكملها ...
:
:
تذكرت تلك ...في اخر يوم كانت متواجده هنا عندما انفجرت بها بتعب ...."عمه هنده الله يخلي لك اولادك انا مو ناقصتك ولا ناقصه نغزاتك ...."اقتربت منها وهي تهمس لها ...وبتوعد ...."وصدقيني عمه هنده صدقيني وعد مني موشايفه وجهي لاخر يوم في حياتك ...[س كمان صدقيني لو ربي كتب ورجعت ...ابدا ماراح اسمح لك تكلميني كذا ...والوجه الثاني بيظهر عيني ووقتها سودا عليتج...."
:
قالتها جملتها الاخيره بعراقتيها الأخاذه التي لا تظهر الا وقت غضبها ....
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::::::
تذكرت تلك وهي تقف متخبطه ...فتحت هاتفها الذي تركته ...كان مقفل برقم سري ...تأففت وهي تفتح الدرج أخرجت هاتف اهداء رحمها الله ...
تبقى القليل من الشحن ...فتحته وطلبت رقمها ...رن هاتفها الذي تركته ..
تأففت بضيق وقل صبر ...قلبت في الارقام بأنعدام الامل ...
قابلها رقم .."قربى و أهداء الكليه .."
:
:
أستغربت من اسمه لربما هو الرقم الذي خصصنه الى الكليه ...رنت عليه مره ومرتين ما من مجيب ...
:
:
::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::
وقفت تراقب الجمع في المكان بشيء من صمت وضياع ...الضياع الذي يأتي بعدما تنتهي من الوقوف على مفترق طرق حياتك وتختار احدهم وتتسأل ماذا الان ...؟
:
:
رن الهاتف المتواضع في يدها ...رفعته تأملت الاسم بعدم تصديق لربما هي تهذي ...
ردت بترقب ...لم يكن صوتها الحاني ابدا ...كان صوت عمتها الهلع ...."قربى ...قربى فينك ياروحي كذا تتركينا وتخوفينا ..بسرعه ارجعي قبل يدري عمك عمران ويقلب الدنيا ..."
:
:
أبتسمت للتهديد ...فهم يعلقون مشاعرهم وخوفهم بتهديده ..لكنها انتهت حقا ....
وبنبرتها الهادئه ...."عمه اميميه اسمعيني ...شكرا لك ولعمي عمران ماقصرتوا بيوم ابدا ...[س هذا خياري ..ارجوكم ...ارجوكم من كل قلبي انسوني ...انسوني ريحوني شوي الله يريح قلوبكم وبدعي لكم ليوم الدين محد وقف معاي قدكم ....راح اكون بخير وطيبه الحمد لله الان انا ف المطار وانتظر عمي سعد في الطريق جايني "
:
:
قالتها وهي تغلق الهاتف ...تجاهلت رنينه المستمر ..وبرودة مشاعر قريبه تعتريها لقد انتظرته مطولا لمحته بين الجموع في المكان الذي اتفق ان يلاقيها فيه ...لايشبه ابيها ابدا...
أخرجت الشريحه ..والقتها في اقرب سلة قمامه وهي تتجه اليه وتجر خقيبتها الصغيره خلفها ..راقبت ابتسامته لها بضياع ...
"سنرى اياما جميله "..قالتها في سرها وهي تمد يدها له لتصافحه...
:
:
:
:::::::::::
::::::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::
:
انهت عملها للتو ...جلست امام التلفاز مع امها وهي تشرب من كاس الشاي ...التفتت لأمها ..."أنيم ..؟؟"
أبتسمت لها وهي تراقب لمعه سؤال في عينيها ..."نعم ..."
أبتسمت لها فكم تعشق عربيه امها ..."بيت جدي في ازمير ...خالي سنان باعه ..."
:
أبتسمت تلك لها فالحنين دوما يحمل ابنتها لأخوتها من ابيها الذين قابلتهم مره واحده فقط في طفولتها منذ سنين عديده ..فهم من اب وام تركيه عكسها هي فأبيها تزوج امها الشيشانيه بعد وفاة ام اخوتها وزوجته الاولى ..
هوت رأسها لها بالنفي ..."والله ما بدري..."
:
هزت تلك رأسها سارحه ..."أمم ..أنيم ..كم يكلفنا لو نرجع أزمير ونكون حياتنا هناك ...يعني انا ذحين معاي 4000..بس الاجار تأخرنا مره ....يعني ..."
:
:
قاطعتها امها ....بحزم "جوزيده ...شوش ..."
:
التفتت الى امها بعينان دامعه مترجيه ...."أنيم ..."
نهرتها تلك ..."جوزيده ...انا ربيتك هنا ...انا تعبت هنا ...انتي سعوديه ..بنم هياتي راحت وانا اربيك هنا ...تتزوجين تموتين هنا ...."
:
:
خالفتها ...."أنيم الله يخليك مالنا حياه هنا ...ابوي برخيص تركنا وانتي تدرين لو بس عماني يدرون انه لهم بنت اخو اش راح يصير عمتي علياء اش سوت فينا وانا صغيره بس لانه صادفت بنتها بالغلط في المدرسه ....امي يكفي عايشين كذا مدفونين كلو من تهديدها هي وعمي ....لو جدى درى ...اش راح يصير ...امي خلاص انا بنتك ما ابغا اكون هنا ...ارحمينا وخلينا نرجع تركيا نعيش طبيعي "
:
:
تنهدت امها ...."جنم ...هنا انا مو مرتاحه ...هناك انتي مو مرتاحه ..انا اختار نفسي ...انتي اهم ..."
:
:
:أخذت نفسا عميقا وهي تراقب امها بعجز ...
:::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::
لم يحادثها كثيرا وهي تستقل السياره المتواضعه بجانبه ..طال مشوارهم..حتى انحنى ودخل بوسط حاره قديمه ومتهالكه ..
بمباني لازالت تحمل رواشين جده القديمه ...بالكاد استطاع ايقاف السياره من منزل من دورين رمم بعشوائيه ولا زالت شبابيكه الارضيه تحافظ على طراز الحجاز القديم وقد تهالكت رواشينها ...وبابه أسفل الشارع يلزمك دخوله تخطي اربع درجات للأسفل ..
:
:
نزلت وهي تراقبه يخرج حقيبها ...أبتسمت له وهي تراقب الشارع الضيق خلفه الذي يعج بشتى الجنسيات والثقافات..
:
:
فتح الباب ..دلف فلحقته ..كان المنزل اكثر من متواضع بل أقرب الا الاهمال والانهيار ..
فتح باب غرفه ضيق أخره ..
أطلت مع الباب بعدم تدصيق وهي تهمس بأسمها ..."قربى ...."
:
:
أبتسمت لها بأستغراب وهي تاقب اخيها ..."هلا هلا ..كيفك ...كيفهم اهلك ...؟؟"
:
:
:
كان للجمله وقع غريب على قربى ...التي أطالت حتى ترد عليهم ...التفتت الى الباب الضيق الذي اغلقه عمها للتو وهي لم تشعر قبلا بأنها غريبه لهذه الدرجه .
:
:
:
:
الظلال في قلبك ...الاسرار التي تخبئها ..أنا اعرفها يكفيني ان انظر اليك...يكفيني أن تحبني ..
:
:
:
ولي بكم لقاء قريب ان شاء الله اعذروا تأخيري...
: