رواية اسمتني امي قربي الفصل الثالث 3 بقلم مشاعل الحربي
البارت الثالث ..
:
:
فتحت باب الشقه ...التي خصصها لهم عمران من أحد عماراته في المدينه المنورة ...
لا تزال بنقابها اتجهت الى غرفه تلك ...كانت تستلقي على جانبها الايمن وتعطيها ظهرها ...
فتحت الاضاءة وهي تتجه الى جانبها ....أبتسمت وهي تهم بنزع نقابها...الا انها تركته وهي تحدق بملامح تلك الهادئه كانت مرتاحه وشيء من شبح ابتسامه رضا تغمر شفتها ...
اقتربت منها نادتها ...هامسه ....تكذب حدسها وهي تلمس كفها البارد ...."أهداء ....أهداء ....."
:
:
:
أحست بصدرها يختنق ببكاء يؤلم الجسد قبل الروح ...لمست خدها ....تمتمت بأسمها ..."أهداء ...قومي ....أهداء قومي بنروح بدر اليوم ...."
:
:
لا رد وهدوء بارد يجابهها من الجهه الأخرى ...
همست لها .."اهداء ...لا يا اهداء ...قومي الله يرضا لي عليك ....اهداء قومي ..هيا قومي ...."
:
:
غصت بشهقاتها المكتومه...."طيب اهداء اكلم عمي عمران يجي ياخذك المستشفى ...أهداء...الله يخليك لا تسوين فيني زي ابوي ...هيا قومي ...ياربي ...ياربي........"رددتها بحاجه وضعف لخالقها ....
بعد محاولات مستميته لها بأن تفيق ..كان الامر اليقين وادركت مصابها الجلل....
"يارب ...استودعتك اهداء ياربي ..الطف فيها وفيني يارب ...ياربي اغفر لها وارحمها يارب واكتبها من عبادك الصالحين ...."
:
:
قبلت ظاهر كفها وهي تبتسم لها بين دموعها ..."ياروحي انتي ..ياعمري ..يالغاليه ياكل دنياي ..والله ماقصرتي ..أرتاحي ياروحي ...ارتاحي ...."
:
:
شهقت تحاول اخراج باقي حديثها لم تستطع ..أحست بثقل عظيم يكبل نبض قلبها الحزين ..لازالت تحتضن كفها بيدها ...المكان بدأ يغرق في الظلام تدريجيا وقلبها يعجز عن النبض وقد اثقلته الفجيعه ...
:
:
::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::
28 مكالمه طلب فيها رقمها لم يرد عليها .... لقد وعدها ان يقلها اليوم الى بدر ...وصل الى باب الشقه ....رن الجرس اكثر من مره ...لا مجيب ...
هم بأخراج المفتاح من جيبه ..لايعقل بأنهن لازلن في الدوام ...فُتح الباب ..طلت من خلفه الخادمه التي تغيرت ملامحها من كثرة النوم ...
رفع احد حاجبيه متسائلا وهو يهم بالدخول ..."فين أهداء ...للحين في الدوام ؟؟"
:
:
هزت رأسها بالنفي ..."مدام اهداء اليوم مافي روح بس ربا روح ..."
:
:
نظر الى المكان حوله ..."فينها قربى ..جات ؟؟"
:
:
تلعثمت فهي حقا لاتعلم ..المريح في وجودها هنا هو قلة العمل والمهام ولاتتدخل ابدا في اوقات خروجهم ودخولهم او تحتك بهن ...التفتت حولها كانت حقيبتها وكتبها الثلاثه وضعت على المنضده ..."ايوه خلاص مدام قربى يجي ...دحين هيا نوم ..."
:
:
أقترب من باب غرفه اخته ....وهو يرمقها بنظره تأنيب قاسيه عن تقصيرها ...
فتح باب الغرفه البارده .,,,أحس برجفه تجتاح قلبه لم يعرفها مسبقا ...وكان الحزن عندما ادرك مايحدث ...
ولا حزن كحزنه في فقد امانته و اخته الوحيده التي سخر نفسه للعنايه بها ...
:
:
وتلك من لازمتها في حياتها لازمتها في موتها ولازالت تحتضن كفها ..شبه جالسه على الارض وتطرق رأسها بجانب يدها ...
قبض على حزنه وهو يخرج هاتفه ...حمد الله كثيرا ...فما أجر مصيبه المؤمن الا بحمد الله ....
:
:
وعهد حزن جديد يولد لجميلتنا السمراء قربى ...
:::::::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::::::
تباطئت خطواتها سارحه ...وهي تقترب من منزل تلك ...اربعه منازل شكلت نهاية ممر الحاره والخامس في المنتصف الخمسه الابواب حوطت بسياج منيع ومسقف يضمها وباب حديدي ضخم ....
طرقته ..سرعان ما استجيب لها وفتحت احداهن الباب وهي تستكشف المكان خلفها ..أمرتها ..."أدخلي ..."
:
:
نظرت اليها مطولا .."فينها راني ...."
:
:
أشارت لها تلك .."فوق ....مغرب قريب كيف يتأخر كذا ...؟؟"
:
:
دخلت اكبر المنازل الذي تغير جذريا وكأنه يستعد ليوم عيد برائحة البخور والتنظيف واعاده الترتيب ...قابلتها تلك تنزل السلم أبتسمت لها ..."أشوفك رجعتي ياحلوة ....؟؟"
:
:
هزت رأسها لها بالايجاب كارهه ...نادتها ..."تعالي اطلعي غرفتك ارتاحي وقولي لي اش صار ..."
:
:
تذكرت توصيات ذاك الصقر الحريصه المرعبه ...اجابتها بخيبه ان لم يحدث شيء ..دخلت الصالة المؤديه للغرفه التي مكثت فيها بالامس توقفت تلك عند بابها الحديدي الازرق ....لم يكن الطابق خاليا كما الظهر ...الا ان العدد قليل ربما ست او سبع فتيات ...ابتسمت وهي تهم بأغلاق الباب ..."أرتاحوا بكرا الصبح افتح لكم ....."
:
:
أستوقفتها ...."لحظه ...لحظه ليه تقفلين الباب ...؟؟؟مين في... في باقي الغرف ؟؟"
:
:
أبتسمت لها بشيء من اقناع ..."ياعسل ما في احد يعني مين في ...؟؟بس دولا البنات امانه عندي وانا ما ارتاح الا لمن اقفل باب كل دور ...؟؟"
:
:
لم تقتنع بتبريرها ..التفتن لهن كن يتجاهلن الموقف ..ويعشن لحظات يومهن الطبيعيه ...
:
:
راقبت ابتسامتها وهي تحكم اغلاق الباب ...انصتت لصوت أدارة المفتاح المتردد صداه على صفيح الباب المعدني ...لاتشعر بالامان طالما يوجد احدهم كهذه الغريبه في الجهه المقابله من الباب المؤصد...
:
:
ابتعدت عن الباب وهي تحضى بمراقبتهن المستغربه لهن ..جرت خطواتها وعقلها السارح الى السرير الذي قضيت فيه ليلة الامس ..
تنهدت وهي تتأمل الفراغ ..والمجهول يحيطها من كل مكان ...اختفاء ابيها المجهول بالامس فقط كان كل همها ان تجد وظيفه تناسب شروطها وتعيلها ..
و في لحظه يختفي ابيها ..تخسر سكنها ...وتبدأ بفقد جديد ..
و الشخصيتين الجديده التي ظهرت في حياتها ...راني الغامضه اللطيفه ...
أم اللواء متعب من "عرى" خوفها وقلبها بنظراته ..أحست بنفسها قد ارتكبت جنحه وقد شككها في استقامتها وهي تقف امامه ..
لكن هي مضطره ان تعطيهم شيء قليل يشبه الثقه ...لكي تستطيع النوم ولو للحظه ..
:
:
::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
تقلبت في السرير الغير مريح ..لازالت حرقة الالم تجتاح صدرها ...حزن غريب يجتاحها وصحوة قاسيه من حلم العمر ...فتحت عينيها ...الغروب اقترب و الغرفه البيضاء الصغيره داهمها الظلام جزئيا و ازدادت كأباتها حزنا من حزن قاطنتها المكلومه ...
جلست بسرعه في مكانها الا ان مكان المغذي في ظاهر كفها آلمها وخزه ..وبدت تفقد الادراك تدريجيا و داهم نبضها رأسها ....
صعب نفسها ...لازالت تغمض عينها عندما اتى صوت حولها ماكان يحدث...من الماضي ...لقد أصبح من الماضي ....منذ الأن ...
كانت تلك تسألها بحنان ..."قربى ياعمري ....كيفك ؟؟"
:
:
فتحت عينيها بتعب ..كانت "بخوت "تضع عبائتها على كتفها وتراقبها بعينان حانيه ...وجود بخوت هنا اكبر دليل على ان مامرت بها واقع ...
تأملتها تمنع دموعها وتقوس شفتيها ....همست بكلمه واحده فحلفت الا تبكي على أهداء يوما فقد غادرت تلك برضاءها و تلبيه لرغبتها ....بصوت جامد خالي من اي دفء عرفت به يوما ..."أبي ارجع بدر ...اللحين ...."
:
:
أخذت تلك نفسا عميقا وهي تهز رأسها لها بالايجاب..."تامرين ياعمري اللحين بكلم وليد ..."
:
:
خرجت من الغرفه بهدوء وهي تطلب رقمه متردده ...فوجوده هنا عكس رغبته كان سيقضي اسبوعه في جده .....لم يرد عليها رغم انها طلبته مطولا ...تبا له عديم المسؤوليه ..
طلبت رقم أمه ...لم ترد تلك بدورها .....
أعادت طلبه لم تطيل تلك الانتظار ......سمعت صوتها المتعب من الجهه الاخرى ....وبعد السلام والسؤال عن الحال ..."عمه صوتك تعبان ...؟؟"
:
:
سكتت تلك للحظه ...."الحمد لله على كل حالي يابنتي ..لكن الجو هنا يتعب ..قربى كيفها ؟؟"
:
:
نظرت تلك الى باب الغرفه المغلق وهي تراقب بقلبها من خلف الباب .."ماتتلكم ...ولا تبكي ...صنم ..بس تبي ترجع بدر اللحين و وليد مايرد ...في سواقهن بس مانقدر نرجع معاه ..."
:
:
سكتت تلك للحظه وهي تخجل من تصرف ابنها الوحيد...."خلاص ارجعوا معاه امرنا لله ...وجيبوا معاكم شغالتها الله يرحمها ....ماقدر اكلم متعب ولا عمران .."
:
:
نفثت تلك نفسا متضايقا ..."خلاص نرجع مع السواق يعني اش بيدنا ..."
:
:
انهت المكالمه عادت لها ....كانت تقف في منتصف الغرفه ترتدي عبائتها بتعب وهزال وعينيها تتعلق في الفراغ ...الحياة لن تكون لينه مع قربى ابدا بعد هذا المنحدر الغير متوقع في سيرها ....
:
:
:
:
:::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::
لم تمر من امام الجمع وهي تجر خطواتها و الحزن والشرود تكبل قلبها و حيويتها ....صعدت السلم باهته ..سارحه ..فتحت باب الغرفه المظلمه ..
لم تفتح الاضاء لا تريد ان ترى ماتحويه هذه الغرفه من ذكريات ومواقف لاتنسى حفرت مكانها في رياض الروح ...
استدلت طريقها وهي تستلقي على السرير ..غمرتها رائحة الراحله ... الدموع لا تجرؤ على السيلان ...تخبئ دموعها لحزن أكبر لطالما اعتقدت بهذا الرأي ..
التظاهر بأن احزاننا ليست كبيره وسيأتي ما اكبر واخطر...يخفف هذا من وطئها على قلوبنا مقدار انمله من هكتارات ...
:
:
:
دخلت في سباتها الحزين ....لم تغمض عينيها فقط اغمضت روحها و راقبت الفراغ المظلم...مر يوم ..لم تقم بأي نشاط سوى الصلاة والعودة لسريرها ..
الصدمه تقيد واقعها ..وتجعل منها كائنا ضعيف وشارد ..الغروب اقترب واشعه الشمس الحزينه لم تغمر الغرفه فكان يوما ماطرا ...
فتح باب الغرفه بهدوء ...لم تهتم الى الداخل ..سمعت صوت الصغيره ...المتسائل بحزن .."عمه قربى ؟؟"
:
:
التفتت اليها بملامحها البارده .....تأملتها للحظه بشوق قبل أوانه ......"نعم ياروحي ......؟؟"
:
:
ابتسمت تلك ....."ماما تسأل عنك ....؟؟"
عرفت انه ليس لحب ......."ليش؟؟"
:
:
هزت تلك كتفيها بجهل .."ما ادري ..؟؟"
:
:
ابتسمت لها وهي تفتح ذراعها ....."تعالي ياورحي انا ..."
أقتربت منها تلك فضمتها الى صدرها بكل قوتها وهي تهمس مستنشقه رائحة شعرها ...."ياريحه أهداء ...ياريحة الحبيبه ...
:
:
:
كانت تقف أمام مرأة اختها لتعدل من زينتها متجاهله مقام الحزن في المكان ..راقبت توتر أختها التي استمرت ضرب الهاتف بيدها مطلقه صوتا رتيبا مزعجا ..
"خير ..."
رفعت رأسها لها وهي تحاول تجميع غضبها ...."احس بنار في صدري بوجود العله هاذي ...."
:
:
غضنت جبينها ..."قصدك قربى ..."
:
:
"عسى ماتراب قربى ...."..قالتها وهي تقف مقتربه من اختها ......و الغيرة تأكل كبدها ..."حجتها لوجودها بهالبيت وراحت ...مو قادره استحمل ساعه وحده بوجودها ..."
:
:
ابتسمت لها اختها ..."والله انك هبلا عمران لو بيجيب لك ضره بيدور بين بنات الشيوخ اللي يحذونهم عليه من كل جهه ...مو هاذي اللي مدري اش وضعها ...."
:
رفعت حاجبها بحنق ..."انا كل بنات الناس ..الا الادميه ذي..."سكتت للحظه تأخذ نفسا تجتمع كيانها ..."مروى انتي شفتيها امانه تشوفينا بالطريقه اللي انا اشوفها فيها ....هاذي لو يلمحها متعب اللي هو متعب انجن كيف لو عمران وعمران مربيها وحافظها عن قلب ..زوجي واعرفه مايرفع يعنه بس كثرة الدق تفك اللحام ..انا اش يدريني اش يدور بعقلها وهي في بيته ....تلف حوله ...تقنعه تسوي اي شيء ..."
:
:
تنهدت أختها.........."أحملي وسكتيه ....ومابيفكر يجيب عليكي وحده ...."
:
رفعت حاجبها بسخط ...."مروى تستهبلين انتي ...."
:
:
سكتت اختها وتبادلت نظرة معها ذات مغزى كانت قد نسيته ...."هنده ...شغلي مخك وخرجيها من بيتك وحياتك ..وقلتيها اي بنت غيرها ولاهي ...."سكتت للحظه .."مصير عمران يتزوج بيوم ....لو "
:
:
قاطعتها تنهرها ........."لو ايش يامروى ....؟؟"
:
أتجهت لباب الغرفه ....دون ان ترد عليها ...فهي من تحتمل نتيجه اخطاءها ...
:
:
:::::::::
::::::::::::::::::::::
..........
.................................
هذا اليوم السادس منذ وعدها ذاك الذي لا يريح بالا ولا روحا ...
ولازال السلوك الغريب الذي تتصنعه مالكة المكان معها غريب ومريب ...برغم دماثه خلقها ولطافتها الا انها لاتشعر بشيء من راحه ربما هي فقط لم تعتد على الغرباء ...
شدت قمصيها القطني الذي التصق على فخذيها المبلله ...وهي تكتف ذراعيها بأحكام على ركبتيها التي ضمتها لصدرها بعد ان عدل وضع جلوسها ...
أطرقت رأسها على الحائط البارد ..والافكار ترتحل بها لاعلى ناصيه وتتخلى عنها لتهوى بها الذكريات ...
:
:
:::::
:::::::::::::::::::
كانت تفترش الارض وقد تركت شعرها الرطب الاهوج يحميها بهالته البرونزيه ...فردت كل ذكرياتهن ..رتبتها وهي تبتسم للمواقف المتعلقه بكل هاذه الاشياء عديمه القيمه الماديه ..التي أسرت كل العاطفه في بساطتها والذكريات التي حملت عبقها ..
..التفتت الى الصندوق الخشبي المتواضع الذي ترك في اخر الدرج ...وتراكم الغبار عليه ...ابتسمت تقاوم تقوس شفتيها ... وهي تسحبه ...مسحت الغبار عنه بطرف فستانها الاسود القطني ...ارتجفت اناملها الرقيقه قبل ان تفتحه ...مررت اظافرها بين غزل خيوط غترة ابيها البيضاء ...
أخرجتها بحذر ...قربتها لانفها ...استنشقتها ...لازال عقلها يحمل رائحته ..همست بحزنها ......"شكد اشتكت لهريحه ......"
:
التفكير في الغد يقلقها ..ما المصير ؟؟..الله لا يضيع عبادة ...لكن كل ماكانت تهتم لوجوده في هذه الدنيا قد غادرها ...
تنهدت وهي تقف ...تشعر بجدران المكان تطبق على عنقها ...
في الواقع "بدر" اجمعها تضيق الخناق عليها وتسلب الروح نفسها ...لا تريد ان تقسم لكنها ستغادر بدر دون عودة اليوم ...فلم تعد تحمل لها اي معنى ...
أصرت "أميمه "ان تعود معها للمدينه لتكمل هي اختباراتها ..وكيف ..؟؟ تعود للجامعه ..دون تلك .وهي التي قد كانت استعدت للاختبارات معها مبكرا على امل العوده الى بدر ..وانتهاء مشوار الدراسه ...و عيش بقية الحلم ..
:
:
::::::
::::::::::::::::::::::::::::::
اهملها سرحانها بين الخلائق ..ارتجفت لا اراديا لبرودة المدرج الصامت ....تأملت كفها المرتجف ..كانت تضغط بكل قوتها على مرسامها في يدها ...
تركته فترك علامه حمراء في يدها ...التفتت الى المدرج شبه الخالي الا منها ومن طالبتان و المشرفه ...نظرت الى ورقتها لم تحل سوى نصفها ...
اكملتها على مضض ..اليوم اخر يوم لها في مشوارها الدراسي وهاهي قت اسبوعين الاختبارات بدون جميلتها وروحها ..
وقد اوقفها الجميع لتعزيتها ..ومؤاساتها ..
وقفت بصعوبه وقد آلمها طول جلوسها لساعتان ...سلمت الورقه وهي تتخبط ناسيه طريقها ...
أتجهت الى باب القاعه خرجت ..كانت الساعه الثالثه عصرا والمكان شبه خالي ..
لبست عبائتها واتجهت الى الباب ...كان السائق ينتظرها في مكانه المعهو القريب من الباب الذي لطالما وقف فيه لمده 5 سنوات ..ليسهل ركوب تلك الى السياره ...
اعتادت ان تفتح لها الباب قبلا ...كل فعل بسيط في حياتها يرتبط بها ...كل اختلاجه وكل فكر كانت تلتفت الى مكانها ...
:
:
لم تسأل عن وثيقتها ولا موعد استلامها ولا ايا من هذا ..صعدت السلم بخطوات هزيله وتوقفات لا تفسر ...
:
:
فتحت باب الشقه بهدوء كانت بارده وخاويه ..قابلتها الخادمه ..سألتها عن موعد الغداء ..تجاهلتها دون قصد وهي تتجه الى غرفة أهداء ..
استلقت على السرير بعبائتها وكامل لبسها ...
لاول مره تواجه غد مجهول كهذا الغد ...
:
:
:
:::::::::
::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بدأت تتأقلم شيئا فشيئا مع هذه الحياه الغامضه ...وقد وفرت لها مضيفتها عملا دوام صباحي في احد المحال التجاريه في احد اسواق جده اللامنتهيه ....
ولا زال ذاك العتيد لم يتواصل معها ...لا زال موقف ابيها مجهولا ولا زال مختفيا عنها ...
تراقب هاتفها المتواضع كل لحظه من يومها ...خشيه من ان اتصال ذاك الذي وعدها قد يفوتها ..
انتهى عملها خرجت من المحل وهي تغلق بابه الثقيل بصعوبه وصلاة العصر تقام للتو في مسجد المجمع التجاري ...
عدلت حجابها ومن ثم سلكت طريقها للمواقف الخارجيه .. تنهدت وهي ترتشف اخر ماتبقى في قنينة الماء في يدها ..
الحراره والرطوبه تلهب جسدها ..راقبت الحافلة الصغيره المتهالكه تقترب ..ركبتها ..كانت تعج بالعاملات من كل مكان يتشاركن السكن في احد بيوت راني ...
تنهدت وهي تخرج مصحفها الصغير الذي كان لامها من قبل من حقيبتها الصغيره ... اخذت نفسا عميقا وهي تفتحه من حيث توقفت ..
انهمكت فيه وغرقت به وبمعانيه ..فلا سعاده في يومها سوى التقاءها بمصحفها وتكبيرة صلاتها ...
تباطئت السياره في زحمة جده المروريه في شوارعها القديمه ...
رفعت رأسها ..تأملت طاعنا في السن يجلس على باب محله ...بسماره ولحيته الحمراء وزيه اليمني التقليدي ...
ابتسمت للذكرى الحلوة في ذهنها ...لقد اشتاقت لتعز حقا ...لكن صلتها باليمن كان جدها وقد غادر الدنيا منذ سنوات ..عندما كانت في السادسه ..
وهاهي في السادسه والعشرين ...تكاد تقسم بأن رائحة منزله و جبال تعز لازالت عالقه بأنفها ...
اغلقت مصحفها وعينيها من بعده ...وهي تعيش هدوء نسبي مع نفسها ..تريد ان تتواصل مع روحها فقد انهكتها الدنيا واجبرتها ان تتنازل عن مبادئها كثيرا ..
:
:
:::::::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::
تآوهت وهي تنسل من السرير بتعب ..اتجهت الى الحمام ..جلست في المغطس تتأمل الفراغ ..
رفعت هاتفها ..لطالما اوصتها اهداء بعمها وعمتها خيرا ..
لكنها لم تراهم ولو لمره واحده ..لكن احتفائهم بها عندما حدثتهم في العيد كان مبشرا نوعا ما ...
أ تراهم قد علموا بما حدث ...؟؟كانت ستطلب الرقم الا ان اوقفها شعورا ما ..
يبدوا بأن خالتها اميمه غير متواجده ..
وقفت ...تناولت معطف استحمام اهداء ...لبسته ...لا زال يحمل رائحة جسدها ...
خرجت من دورة المياه ..جلست على طرف السرير وهي تتأمل حقائبها التي حزمتها للعوده النهائيه الى بدر ..
ابتسمت بحزن ..وقفت تقابل المرآة ..مررت اناملها بشعرها الاهوج ..لاطاقه لها في تصفيفه ..
فتحت الباب خارجه ..
:
:
سمعت صوت احدهم صادرا من غرفة المعيشه ...استغربت وهب تقترب بهدوء ...
:
:
:
:::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
كان يجلس في كرسيه ..وقد غرق منزله بصمته ورائحة العودة التي اعتاد هواءة عليها ...
راقب صورة قد التقطها هو منذ زمن بعيد و عرضها بين صورة الكثيره على الحائط ..كان مولعا بتصوير الطبيعه الصماء ...
كانت بألوان غامقه وتأثير شتوي ...التقطها منذ سنوات طوال لأحد مناطق الحجاز الجبلية البارده بالقرب من المدينه المنورة ...
:
:
لم يكن يكتب قصائده يوما ...كان ينظمها ويحفظها ..لكنه مؤخرا لم يعد يتذكرها ..
كانت سبحته السوداء الفخمه في يده اليمنى ...يحرك خرزاتها بتباعد زمني ملحوظ وقد استغلها ليعود يده على الحركه الدقيقه ...
حاول تذكر قصيدته التي كتبها في هذا المكان ...
تلعثم عاجزا تذكر مطلعها ...ابتسم لتذكرها لها ..
تمتم بها ..."يقول صياف وصياف المعنى ........." ..سكت للحظه ..تغضن جبينه غاضبا ..
لقد نسي البقيه ...
:
:
تصلبت روحه للحظه ...لقد تلاشت معانيه ودفنت امنياته ...
التفتت للنافذه الزجاجيه الضخمه تأمل الخارج مطولا ...يا لمثالية حياته المنصرمه ..لا دوام الا لوجه الله ..
اطرق برأسه وهو لازال يراقب الصمت في الخارج ....بوسواسه الذي رافقه اخر سنواته ..
راقب الخرزات السوداء تنتثر على ارضية منزله البيضاء اللامعه ...
التفت ليده وهو مغضن جبينه ...
كانت لازالت تحتفظ بخيط السبحه وبعض خرزاتها .........يدهه الواهنه منذ بدء اعتماده على نفسه بعيدا عن ممرضه ..قامت بفعل صلب لا ارادي ...
:
:
رفع احد حاجبيه وهو يترك البقايا تفلت من يده ..سند نفسه على جانب كرسيه ..وقف بهدوء ..
اخذ نفسا عميقا وهو يتجه الى الدور السفلي يحتاج حقا للخروج قليلا لربما يتجه الى المزرعه الملحقه بمنزله التي ورثها عن ابيه ..
لقد اهملها مؤخرا ..ليعتني بها قليلا عله ينسى ويخفف الحمل الثقيل هذا عن كاهله ..
:
:
:
::::::::
:::::::::::::::::::::::::::
تنهدت وهي ترفع رأسها بتعب ...تركت مابيدها وهي تفتح شالها الحريري عن شعرها ..سمحت لخصلاته الصهباء التحرر منه بعنفوان ..
دلكت التقاء كتفيها بعنقها بتعب ...
التفتت للغرفه بجانبها ..كانت امها تتعمق في نومها المتعب والتلفاز القديم يبث دراما ما وقد ختم صوته ...
رتبت القطعه التي في يدها ..أمنت مفتاح ماكينتها اليدويه ..
خرجت من خلف طاولتها الخشبيه المتهالكه ...
حاولت الا تصدر صوتا ..
تأففت وهي تضع فوطه اخرى اسفل المكيف القديم المتهالك ...
:
:
غطت امها ببطانيه خضراء قديمه ..
اخذت فراشها من فوق الخزانه الخشبيه ...فرشتها في مكانها المعتاد ..
نظرت الى ساعة الحائط كانت تشير للثالثه فجرا ...وهي التي قابلت ماكينتها واقمشتها من الثامنه صباحا ...
اغلقت التلفاز وما ان استلقت حتى غابت عن الوعي تماما ..وعظامها تأن من كثرة جلوسها ...
:
:
:
::::::::
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::
نظر الى ساعته التي تشير الى الثالثه صباحا ...
حمل حقيبته واتجه الى بوابه الخروج من المطار ..عائدا الى المدينه بعد شهرين قضاها خارجا ...
ومن قبلها سنوات طوال ..لا يعلم هل يعود الى بدر ..ام يترك هكذا قرار للأيام ..
العلاقات المعقده التي تربطه بها ..والذكريات القديمه ...هل يعود ؟؟
:
:
:
:::::::::::
:::::::::::::::::::::
شعرت انها تسقط من مكان عالي ..رفعت رأسها هلعه ..كانت امها تقف على الباب تحجب النور ...وضعت يدها على قلبها تمنع رجفتها ..."آه كَلبي ..أنيم ..استغفر الله .."
:
:
أبتسمت لها امها ..."قونايدن كَزوم ...سباه دوئازيه......" صباح الخير يا ابنتي ..صلاة الفجر "
:
:
مررت كفها بتعب ونعاس على محياها .."هادي ..هادي..اونايدوم..." هيا استيقظت "
:
نظرت الى ساعة الحائط وهي تقف بكسل كانت تشير للعاشرة والنصف صباحا ...لقد غفت للتو ...
اخذت نفسا عميقا وهي ترتدي حذاءها البلاستيكي و ترفع شال شعرها الازرق عن الارض ..
سمعت امها تهددها وصوتها قادم من المطبخ الذي تفصلها عنه الصاله الصغيره فبيتهم الذي عباره عن ملحق اسفل الفلل القديمه في حي فخم عباره عن مطبخ وغرفه وحمام وممر يعتبر صاله وضعت فيه ماكينتها و رفوف اقمشتها ...
"تمام أنيم فالله اونايدوم ......."
:
:
تنهدت وهي ترتب فراشها الذي لم تاخذ حقها من الراحه فيه ..انها ملزمه ان تستيقظ هذا الوقت فاليوم جمعه وهي موعوده بساعات عمل منهكه في مطبخ جارة سيدة المنزل الذي تقطن فيه ...
:
:
فتحت خزانتها الخشبيه التي كانت تحتوي على ملابس متواضعه خاطتها بيدها ..فهي التي ورثت مهارة الخياطه والتطريز عن امها ومن قبلها جدتها ....
اخرجت فستانا ابيض بنقوش ربيعيه صغيره خاطته هيا بنفسها الا انه كان متقنا و بسيطا ...وشالا حريري زهري ..
:
:
صلت ومن ثم اخذت حماما سريعا ..خرجت وهي تجفف شعرها كانت امها قد قلبت الطاوله الخشبيه واحدت الافطار البسيط ..
ووضعت التلفاز على قناة السنه النبويه وسرحت تتأمل تحرك المسلمون بأنتظام استعدادا لصلاة الجمعه ...
:
:
خلا الافطار من اي احاديث جانبيه ...
الا انها عند وقوفها وهي ترتشف اخر مابقي في كوبها من الشاي ..وصتها امها بنفسها خيرا ...
ارتدت عبائتها ..وضعت طرحتها فوق شالها الحريري الزهري الذي لفته فوق شعرها الرطب بأحكام ..
ما ان فتحت باب حتى انزعجت حدقتيها العسليه الفاتحه من اشعة الشمس الحارقه ...احمرت وجنتيها فورا وهي تحكم اغلاق الباب الحديدي خلفها ...صعدت السلم الطويل بملل ونعاس وهي تغطي وجهها بطرحتها فغمرتها رائحة ماء الورد المديني في شعرها تشعرها بشيء من الانتعاش ...
فتحت باب ضيق ..ازعجها صريرة الحديدي القديم ..تنهدت بتعب وهي تغلقه خلفها وتتأكد من وجود المفتاح في حقيبتها وضعتها على كتفها وهي تكمل طريقها لواجهة الشارع ...
:
:
حثت خطواتها المتكاسله ....اقتربت من السوبر ماركت على قارعة الطريق ..فتحت حقيبتها كانت تحوي على 11 ريال لكن مع قدوم زبونتها غدا سيكون معها 300 ريال وستحمد الله كثيرا ...
لذا ستشحن هاتفها لتذكرها بالموعد ...نظرت الى الريال المتبقي في حقيبتها والى طاولة المحاسبه ..اخذت نوع من الحب تحبه امها مع الشاي في فترات تأملها الطويله ...
ومدته بالريال الاخير في ميزانيتها ...
تذكرت بأن هذه اخر جمعه في الشهر لذا ستسلمها ربة المنزل الذي تقصده كل جمعه اجرها ..
ابتسمت واكملت طريقها متفائله نفثت نفسا متعبا من حرارة الجو وهو تطرق الباب الجانبي لفناء البيت الواسع ...
لبثت لحظه حتى فتحت احداهن الباب ..ابتسمت وهي تكشف عن وجهها ..."قونايدين هياة ابلا...."
:
:
ابتسمت تلك لها ...بدماثه اخلاقها فهي تحب هذه الفتاه للغايه "صباح الخير ياروحي ...."
:
:
هذه الفتاه المبتسمه الراضيه التي تخفي الكثير وراء صمتها ...الجميله بشكل فريد يجعل منها غريبه في المكان ..
نزعت عبائتها وهي تدلف الى المطبخ ...
ابتسمت لشابتين انيقتان يجلسن على الطاولة في ركن المطبخ الواسع...فغرت احداهن فاهها بشيء من تفاجىء وهي تتأملها..
باشرت تلك عملها ...ابتسمت لها حياة ...."بنتعبك اليوم يا جوزيده الضيوف كثار ..الوالد عازم اصحابه من برى المدينه ...."
:
:
ابتسمت لها ففضحت شفتيها الورديه اسنانها اللؤلؤيه فزاد جماله ..."استغفر الله يوك جونم ..مافي تعب ..."
قالتها وهي وتعدل غطاء شعرها الحريري وتعيد ترتيب الخصلات التي تمردت عنه ...
نطقت تلك ...بتعجبها الذي لم يتوقف "شعرها احمر طبيعي ...."
:
تأملتها الاخرى واعادت نظرها لهاتفها ...اكملت الاخرى ...."هاذي ايش بالزبط ...طولها بياضها شعرها عيونها ......لا يكون تفهمني؟؟"قالتها وهي تتأمل ظهر تلك التي انسجمت مع عملها ...
جاوبتها الاخرى وهي لازالت تنظر لهاتفها ..."هاذي تصير خياطه مستأجره عند بيت جيراننا ...بس طبخها جميييل ...."و كأننها تتذكر شيء "جدتها شيشانيه وهي تركيه..مدري العكس شيء زي كذا والله مدري ...."
:
:
:
كانت تستمع لحديثهم الذي تحول للعنصرية تدريجيا ...تنهدت وهي ترفع القدر عن الغاز ...دخلت حياة الى المطبخ مجددا لتطمئن على سير عمل تلك ...
سمعتها تناديها ...مسحت دموعها وهي تأخذ نفسا عميقا وقد احمر وجهها ..
نظرت للشابتين وهي تجيب على استفسارات تلك بكلمات عربيه سهله ...كذبن المعاني في عينيها وهن يخرجن من المكان ..
:
:
انهت عملها سارحه ...قدمته على السفره واهل المنزل يتفاخرون بها امام ضيوفهم ...وكأن الله خلق جمالها سبيل للتأمل فيه بلا حياء وبجمل جارحه وكأنها من فصيلة اخرى غير البشر التي لاتفرق بينهم عند الله الا تقواهم ..
خرجت من المكان مختنقه ...لولا الحاجه لما خرجت من منزلها ابدا ....
زاد عدد الفتيات في المطبخ لم يمدن لها يد المساعده عدا الخادمه الاسيويه الكسوله التي تسرح بهاتفها كل دقيقتين ...
:
:
دخلت حياة المطبخ مدتها بظرف ابيض صغير ..."تعبناك يا جوزيده ...شكرا عنجد بيضتي وجهنا ربنا يسعدك ..."
:
اخذته منها على مضض وهي تبتسم لها بين حزنها ...تشكولار جنم .."
بادرتها احداهن وهي تدخل المطبخ ..."والله تسلم يدك على الطبخ الحلو ذا ..."
ابتسمت لها وقد ازعجتها كلمه للتو من احد الفتيات ..."أفيات انشاء الله ..."
:
:
سمعت نفس المرأه تعاتب حياة ..."والله يا ام محمد المفروض تنتبهين تدخلينها بيتك وهذا جمالها ماتخافين على اولادك وزوجك ياختي الاجانب ما منهم امان ..."
:
:
شددت على طرف عبائتها التي كانت تهم بلبسها ....كرهت وضعها التي لاتستطيع فيه الدفاع عن نفسها ...وكرهت سكوت تلك عن ماتتهمها المرأه به باطلا ...
:
:
خرجت من باب المنزل الفخم اغلقته خلفها ..مشكت في الشارع بشيء من انكسار ..دمعت عينيها حسرة ...شكرا مجتمعي ....
اتشرف بأن انتسب لجنسيه امي وجدتي ولا اتشرف ابدا بنسب نفسي الى قبيله ابي التي انتم مع الاسف منها ..
:
:
انا سعوديه حكمها الزمان تعيش غريبه في بلدها ...سماني ابي حبيبه ...ونادتني امي جوزيده ....
:
:
:
نادوني جوزيدة ....
:
:
:::::::
::::::::::::::::::::::::
ولي بكم لقاء قريب ان شاء الله