اخر الروايات

رواية دوائي الضرير الفصل الثاني 2 بقلم نرمين ابراهيم

رواية دوائي الضرير الفصل الثاني 2 بقلم نرمين ابراهيم 

الفصل الثاني...

و بعد قرابة الساعتين في سراي الحاج عبد الرحمن...
كانت هنية تتحدث علي الهاتف مع أخيها الدكتور صبري الذي اتصل بها ليبشرها بقدومه و معه الطبيبة"حلالة العقد" كما يطلق عليها..

هنية: كيفك يا صبري يا خوي.. و كيف احوالك؟؟
صبري: الحمد لله يا ام عاصم.. انتي اللي عاملة ايه و الحاج عبد الرحمن عامل ايه و عاصم اخباره ايه؟؟
هنية: كلنا بخير و الله.
صبري: و هدى عاملة ايه؟؟
هنية(تنهدت بحرقة علي حال ابنتها): ايييييه.. هاتكون عاملة ايه بس يا خوي.. اهي جاعدة.. لا بتتكلم ولا بتتحدت مع حد.. بتاكل بالعافية و دواها ماتاخدوش غير من يد عاصم و بعد محايلة ياحبة عيني..
صبري: معلش يا ام عاصم ان شاء الله خير.. بقولك ايه انا عرفت اقنع الدكتورة اللي كنت قولتلك عليها..
هنية(بفرحة): صُح ياخوي؟؟ يعني وافجت تاچي هنه و تعالج هدى..
صبرى: وافقت يا ستي اخيراً..
هنية: انا بس ماعرفاش كانت بتتأنعر علي ايه.. لو علي الفلوس تاخد اللي هي عايزاه..
صبري: لا.. لا يا هنية.. الموضوع مش موضوع فلوس خالص.. سارة من اشطر الدكاترة عندي.. بس هي اول مرة تروح لمريض.. دايما شغلها هنا جوة المستشفى.. و بعدين بلد غريبة عنها و كانت مترددة..
اوعي لما نيجي تقوليلها كدة... او تكلميها في فلوس.. موضوع الفلوس ده بيني و بينها.. يعني ماحدش يتكلم معاها فيه خالص.
هنية: ماشي ياخوي.. اللي تشوفه.. انتو هاتيچو ميته اكده..
صبري: بكرة ان شاء الله.. هانكون عندكم علي العصر بالكتير..
هنية: هانستناكم.. ربنا يجعل الشفا علي يدها..
صبري: يارب.. سلام بقي.. و ابقي سلميلي على اللي عندك كلهم.
هنية: يوصل ياخوي.

=================================

اما عند سارة...
كانت في منزلها تُعد وجبة خفيفة لنفسها حين رن هاتفها باسم آسر.. تشكلت علي وجهها ابتسامة بشكل تلقائي و فتحت الخط...

سارة: آسر حبيبي..
آسر(بسماجة): امتي بقي اسمع حبيبي دي من واحدة غيرك..
سارة: بقي كدة؟؟ و يعني هي الواحدة التانية دي.. هاتحبك قدي.. ولا انت هاتحبها قدي..
آسر: لا طبعاً يا قلبي.. ده انتي الحب الاول يا بت..
سارة: بتة اما تبتك..
آسر(ضحك بشدة): إلعب.. هي وصلت لكدة..؟؟ ده انتي بقيتي ولا اللي متربين في حواري المحروسة يا بتاعة امريكا..
سارة: اخرس.. انا مصرية حتي النخاع يا وغد يا عميل.. المهم سيبك من الكلام دة... انت واحشني اوي.. مش هاتنزل بقي اجازة قريب.
آسر: كان علي عيني يا شابة والله.. اول اجازة بعد اسبوعين لسة..
سارة(بحزن): خسارة.. كنت عايزة اشوفك قبل ما اسافر..
آسر(بفزع): تسافري.. تسافري فين وليه و مع مين.. سارة فيه ايه؟؟
سارة(و هي تحاول تهدئته): ايه يابني.. مالك كدة.. اهدي شوية..
انا بس الدكتور صبري جايبلي شغل في مكان بعيد.. مريضة قريبته.. تبقي بنت اخته و حالتها صعبة اوي.. و محتاجة رعاية خاصة.. و هي رافضة تماما اي مستشفي.. و طبعا انا ماينفعش اسافرلها كل شوية..
فدكتور صبري اقترح ان انا اسافر اقعد معاها فترة كدة لحد ما تتحسن شوية او علي الاقل لحد ما اقدر اقيم حالتها..
آسر: و انتي يا سارة هاتقدري تعيشي في مكان جديد لوحدك خالص كدة..؟؟
سارة: ماتخافش عليا يا حبيبي.. و بعدين انا بفكر اخد الكرافان بتاعك معايا.. طالما انت مش محتاجه دلوقتي و ده أكيد هايسهل عليا حاجات كتير..
ها قلت ايه..
آسر: حبيبتي.. انتي عارفة ان انا مش هاعرضك في حاجة تخص شغلك.. بابا و ماما مربينا صح و متعودين علي اننا ناخد قرارتنا لوحدنا.. انا بس خايف عليكي..
سارة: حبيبي قولتلك ماتخافش.. و بعدين التليفونات هاتفضل مفتوحة بيننا.. و لو حسيت اني تعبت او اتضايقت هاقولك تيجي تاخدني فورا.. او علي الاقل هارجع انا.. ها اطمنت؟؟
آسر: لاء طبعا.. اذا كان و انتي في البيت عندك ببقي قلقان عليكي.. عايزاني اطمن و انتي هاتبعدي اكتر و في مكان انا ماعرفوش.. طب ازاي..
بس عموما ربنا يوفقك يا حبيبتي..
سارة: ايوة كدة شجعني و خليني متفائلة.. ياللا روح بقي دلوقتي خليني اوضب شنطتي.. و انت معلش تكلملي عم فوزي السواق عشان يجيب لي الكرافان علي اللوكيشن اللي هابعتهولك.. اتفقنا؟؟؟
آسر: حاضر.. هاكلمه و اديكي تمام.. سلام يا قمر..
سارة: سلام يا قلب القمر.

=================================

علي طاولة الغداء في منزل الحاج عبد الرحمن...

عاصم(مستفهماً): يعني هو جالك اكده يا اما.. جالك انه هايجيب دكتورة لهدى..
هنية: ايوة.. بس يارب تاچي بفايدة يا ولدي..
عبد الرحمن: ان شاء الله.. و لو اني مافاهمش دكتورة ايه النفسية دي.. بتك متصابة في رچليها ماله ده بده..؟؟
عاصم(بشرح): يابوي.. هدى جسمها بجى كويس و سليم.. بس محتاج شوية تمارين عشان عضلاتها ترجع تشتغل من تاني.. و هي رافضة تكمل علاچها بسبب الزفت اللي كانت مخطوباله ده..
و لازم حد يجنعها انها تعمل اكده عشان ترچع تمشي من تاني.
عبد الرحمن: ربنا يجدم اللي فيه الخير يا ولدي.. اعمل حسابك تيجي تستجبلها معانا عشان لو ماعچبتكش نمشيها من اولها..
عاصم: و اني مالي يابوي بحاچة زي دي.. انت و امي موچودين اهو و فيكم البركة.. و بعدين خالي صبري اكيد يعرفها اكتر.. و لو احتاچتو تسألو عنيها هو يجولكم كل حاچة.. مالوش لازمة وچودي بجي..
هنية: ياولدي انت برضك متعلم و متنور و يبقي ليك نظرة فيها.. دي برضك هاتلازم اختك و لازمن نبقي متوكدين من اخلاجها..
عاصم(تنعد مستسلماً): حاضر يا اما.. اللي تشوفوه...
(ثم هب واقفاً) ياللا هاروح انا ورايا كام مشوار و اشوفكم بالليل..
هنية(اوقفته سريعاً قبل ان يرحل): عاصم..
عاصم: ايوة يا اما عايزة حاچة؟؟
هنية(بتردد): عايزاك طيب يا ولدي.. بس أصل اختك يعني.. بصراحة هي ماكلتش لجمة من صباحة ربنا ولا خدت الدوا.. و اني مش عارفة اعمل ايه.. جولت يمكن تجدر عليها انت..
عاصم(بغضب): و انتي ازاي يعني يا اما تسيبيها من غير وكل لحد دلوجت..
هنية: والله طول النهار و اني عنديها بتحايل عليها و هي مش جابلة اي كلام.. جلت مافيش غيرك بيقدر عليها..
عاصم(تنهد بنفاذ صبر): حاضر يا اما.. هاتي الوكل و اني هاوكلها بيدي.
هنية: ربنا يبارك فيك و يخليك لينا يارب..

أعطته والدته بعض الطعام و دخل الي غرفة شقيقته.. ليجدها تجلس مستكينة.. صامتة تتأمل الفراغ داخل غرفتها المظلمة..
تحولت لهجته من الصعيدي الي القاهرية المتمدنة..
عاصم: هدى.. هدهود.. ايه يا بنتي الضلمة دي..

و ذهب ليفتح ستارة الشرفة التي تطل علي حديقة القصر الغنّاء.. فنهرته هي بضعف..

هدى: لا يا عاصم.. عشان خاطري اقفل الستارة دي.
عاصم(بمزاح و لهجة مرحة): مش هاقفلها..و اذا كان عاجبك..

اقترب منها و جلس بجوارها..

عاصم: ياللا بقي انا جيبتلك الغدا بنفسي.. ماما لما قالتلي انك ما اتغدتيش قلت اجي اكل معاكي.. ها.. قولتي ايه؟؟
هدى: صدقني يا عاصم ماليش نفس..
عاصم(بمزاح): لااااا.. انسي يا حلوة هاتاكلي معايا يعني هاتاكلي معايا.. مش هافاصل معاكي فيها دي.. و بعدين بقولك ماكلتش و جاي اكل معاكي.. هاتكسفيني بقي ولا ايه؟؟ ولا هاتسيبيني جعان؟!!
ده غير العلاج اللي سيادتك بتنسيه..
هدى: عاصم انا..

و قام عاصم بوضع بعض من الطعام بداخل فمها.. وسط ذهولها فنظر لها و رفع حاجبيه متسائلاً ببرائة مصطنعة..

عاصم: كنتي عايزة تقولي حاجة يا حبيبتي..
هدى: عايزة اعرف ايه اللي انت...

و قبل ان تُكمل حديثها كان قد باغتها بوضع بعض الطعام بداخل فمها مرة اخرى.. و ظل يُطعمها و يحاول ان يخفف عنها و لو قليلاً حتي أنهت طعامها و تناولت دوائها..

عاصم: براڤو عليكي..(ثم تصنع الجدية) انا لازم كل شوية ازعق ولا ايه.. ها ؟؟

ابتسمت هدى بخفوت و امتنان لوجود اهلها و خاصة عاصم بجانبها.. فوجودهم هو الشيء الوحيد الذي يلهمها الصبر علي ابتلائها..

هدى: ربنا يخليك ليا يا عاصم.. انا مش عارفة من غيرك كنت هاعمل ايه؟؟
عاصم(جلس امامها علي ركبته): و يخليكي ليا يا قلب عاصم.. انا بس عايزك تجمدي شوية و تحاولي تنسي اللي حصل..
صدقيني اللي حصل ده مش نهاية الدنيا.. و ربنا بكرة يعوضك خير.. صدقيني انتي قوية مش بالضعف اللي انتي متخيلاه ده.. انتي بس قولي يارب.
هدى: يارب..
عاصم(بعد ان وقف): طيب هاسيبك انا عشان ورايا كام مشوار كدة.. هاخلصهم و أرجعلك نقضي السهرة سوا زي زمان.. ايه رأيك..
هدى: ان شاء الله..

و بالفعل خرج عاصم الي وجهته و انتظرته هدى ليسهر معها قليلاً و بالفعل.. وصل عاصم و معه بعض المقرمشات و التسالي و جلسا معاً يشاهدان فيلم كوميدي..
و لكن لاحظ عاصم شرود هدى و لاحظ انها لا تنتبه للفيلم مطلقاً..

عاصم: ايه يا هدى.. سرحانة في ايه.. الفيلم مش عاجبك.. تحبي اغيرهولك.
هدى: لا لا مافيش داعي.. انا اصلا نعست و عايزة ادخل انام..

لم يرد عاصم ان يضغط عليها اكثر و فضل ان يترك الامر للطبيبة النفسية.. فتنهد بتعب و قال..

عاصم: زي ماتحبي يا حبيبتي..

مسكت هي بعجلات كرسيها و همت ان تتحرك و لكن عاصم اوقفها...

عاصم: ايه يا بنتي.. رايحة فين؟؟
هدى: رايحة اوضتي..
عاصم(بمزاح): لا والله ما يحصل..

و مال بجزعه يحملها بين يديه و سط صراخها المرح..

هدى: عاصم انت بتعمل ايه..
عاصم: الاميرة هدى هاتدخل تنام دلوقت محمولة علي الاعناق.. و ده قرار غير قابل للنقاش..

تحرك بها و دار بها عدة مرات و ظل يتحرك بها يميناً و يساراً وسط ضحكاتها الدامعة.. فبرغم كل الحزن الذي تشعر به فعاصم هو الوحيد القادر علي رسم الابتسامة علي وجهها..
كانت تشاهدهم والدته من اعلى الدرج عندما انهمرت دموعها بحزن علي حال ابنتها و ولدها ايضاً..
خرج عبد الرحمن ليبحث عنها فوجدها تقف تنظر لهم بحزن فوضع يده علي كتفها و سألها بعد ان مسحت دموعها..

عبد الرحمن: مالك بس يا هنية؟؟
هنية: سلامتك يا حاج.. معلش اتأخرت عليك..
عبد الرحمن: عاتبكي ليه يا ستنا عاد..
هنية: عيالي صعبانين عليا جوي.. الاتنين مالهمش حظ.
عبد الرحمن: ايه بس الحديت الماسخ اللي عاتجوليه ده؟؟
هنية: امال عايزني اجول ايه و اني شايفة التنين حالتهم اكدة..
بتي و انشلت مابقتش تمشي ولا ليها نفس للدنيا كلها.. و ولدي اللي ماليش غيره.. اتچوز و طلق قبل ما يتم ال ٣٠ سنة..
عبد الرحمن: عايزك تجولي الحمد لله.. و بعدين صدجيني اني قلبي بيجولي ان كل اللي حصل ده جاي من وراه خير كتير جوي.. و بكرة تجولي الحاج قال.
هنية: يارب.. يارب يا حاج.. يارب..
عبد الرحمن: ياللا بينا ننعس احنا بقي عشان نعرف نستقبل الدكتورة الجديدة دي بكرة..
هنية: ياللا..

و انطلق الجميع للنوم..

=================================

في اليوم التالي..

انطلقت سارة بصحبة الدكتور صبري الى إحدى محافظات الصعيد تحديداً محافظة سوهاج حيث مقر إقامة عائلة عبد الرحمن...
لم يخلو جو الرحلة من مرح سارة مع معلمها الدكتور صبري.. فصبري يعرف سارة و عائلتها من قبل ان يسافروا للولايات المتحدة الامريكية.. و بالطبع بعد ان رفضت جميع المصحات النفسية ان تعمل سارة لديهم بسبب ظروفها.. لم يقبلها الا صبري.
ليس فقط لأنها ابنة صديقه بل لأنه اكتشف ايضا أنها طبيبة نفسية ماهرة و ممتازة جداً..

وصل صبري و معه سارة الي سرايا العمدة عبد الرحمن.. ترجل من سيارته و ساعدها تترجل معه.. قادها الي باب المنزل و دق الجرس لتفتح له إحدى الخادمات مرحبة به...

فاطمة: سي الداكتور صبري بيه.. حمد الله على السلامة..
صبري: الله يسلمك يا فاطمة عاملة ايه.
فاطمة: نحمد ربنا..

اتجه صبري الي الصالون بصحبة سارة.. و قادها لتجلس علي أحد الكراسي..

صبري: امال الحاج عبد الرحمن و ستك هنية فين؟؟
فاطمة: فوج.. هاطلع اديهم خبر.

تركتهما و ذهبت لتخبر عبد الرحمن و زوجته بوصول اخيها الدكتور صبري....
طرقت باب الغرفة فأجابتها هنية من الداخل...

هنية: ايوة مين.
فاطمة: اني فاطنة يا ستي الحاجة..
هنية: عايزة ايه يا بت؟؟
فاطمة: سي الدكتور صبري بيه وصل تحت و معاه ضيفة و جالي اديكي خبر انتي و سيدي الحاج.
عبد الرحمن: دي اكيد الداكتورة الچديدة..
هنية: طيب روحي اعمليلهم حاچة يشربوها و احنا چايين وراكي اهه.
فاطمة: حاضر.
هنية(لزوجها): طيب كلم عاصم في التلافون ياچي يشوفها معانا زي ما اتفجنا.
عبد الرحمن: ماشي.

هاتف ابنه عاصم حتي رد عليه و قال في حزم....

عبد الرحمن: ايوة يا عاصم يا ولدي.
عاصم: ايوة يا ابوي في حاجة ؟؟
عبد الرحمن: ايوة.. خالك صبري وصل من مصر و معاه الدكتورة الجديدة دي.. ياللا تعالى قابلهم معانا عشان نشوف هانوافق عليها ولا لا..
عاصم: حاضر يابوي.. نص ساعة و ابجى عندك..

اغلق هاتفه و نظر لزوجته....

عبد الرحمن: ها.. اديني كلمته و چاي اها.. تعالي ننزلهم بجى اتأخرنا عليهم.. عيب نسيبهم وحديهم اكده.
هنية: حاضر... ربنا يجعل الشفا على يدها يا رب..
عبد الرحمن: جدمي المشيئة يا ام عاصم.
هنية: ان شاء الله... يا رب..

نزلا كلاهما و دخلا الي غرفة الصالون فقام صبري ليستقبلهما و يحيهما.. فإحتضن نسيبه أولاً...

صبري: حاج عبد الرحمن.. كيفك يا عمدة..
عبد الرحمن: الحمد لله.. في فضل و نعمة.. انت كيفك و كيف اخبارك؟؟
صبري: نحمده.. (و نظر لأخته و سلم عليها) و انتي يا ام عاصم عاملة ايه؟؟
هنية: نشكره و نحمد فضله يا صبري ياخوي.. طمني على احوالك انت.. انت كيفك و مرتك و عيالك كيفهم؟؟
صبري: عايسلمو عليكي كتير جوي.. و بيقولولك اتوحشناكي كتير جوي.
هنية: والله واحشني اني كمان.. بس هانعملو ايه بس.. ما انت عارف الظروف.
صبري: عارف.. عارف يا خيتي و مقدرين والله.. و عشان الظروف دي.. اني جيبتيلكم الهدية دي.. احسن دكتورة في المستشفى عندي.. لا احسن دكتورة في بر مصر كله..
سارة(بحرج و مرح): ماتبالغش اوي كدة يا دكتور صبري..
صبري: مش ببالغ يا سارة.. تعالو بقي اما اعرفكم علي بعض..
دي يا جماعة تبقى الدكتورة سارة اللي هاتتابع حالة هدى و انا متأكد انها هاتقدر تقنعها و تخليها تكمل العلاج الطبيعي بتاعها..
هنية: اهلا يابتي.
عبد الرحمن: نورتينا و شرفتينا يا دكتورة.
سارة: الشرف ليا يافندم.
صبري: و دول يا سارة يبقوا الحاج عبد الرحمن عمدة البلد و هنية مراته و اللي تبقى اختي كمان زي ما قولتلك.
سارة: اهلا بيكو.. انا اتشرفت جدا بمعرفتكم..

مدت يدها لتصافحهما و لكن لم يستقبل كفها أحداً.. فقد لجمتهما المفاجأة عندما لاحظا انها تمد يدها في اتجاه بعيدا عنهما نسبياً.. و ان عيونها لا تنظر إليهما.

نظرا لبعضهما ثم لها.. و اتجهت هنية بعيون متسائلة الي اخيها.. فأومأ لها إيجاباً ان ما فهمته صحيحاً...
فـ سارة "ضريرة"..

و عندما لم تجد سارة رداً لتحيتها سحبت يدها بحرج حاولت ان تواريه خلف مرحها المعتاد...

سارة: واضح كدة يا دكتور صبري انهم مصدومين.. هو حضرتك ماكنتش قايلهم اني عنيا في اجازة ولا ايه..

ابتسم صبري لمرحها الذي اعتاده و قال...

صبري: بصراحة لا... ماقولتلهمش.
سارة: ليه.. ليه.. ليه طيب؟؟ هو انت كل مرة تعمل فيا الحركة دي..
صبري(بمزاح): حركة يا لمضة يا ام لسانين انتي.. في دكتورة محترمة تقول لصاحب المستشفى اللي بتشتغل فيها حركة؟؟ انا بتاع حركات برضه؟؟

ثم نظر لها بثقة و حنان في آن واحد...

صبري: و بعدين انا ماقولتلهمش عشان من يوم ما اشتغلتي معايا عمري ما حسيت ان ناقصك حاجة.
عبد الرحمن: ايوة بس كان المفروض...
صبري(مقاطعاً): عارف يا حاج.. كان المفروض اقولكم.. بس مش عارف ليه الموضوع ده ماكانش ليه اهمية عندي.. او يمكن انا اللي مش بلاحظه.
سارة: طيب ممكن نقعد بس ولا هانكمل كلامنا واقفين؟؟
عبد الرحمن: لا مواخذة يا بتي.. ماتأخذنيش بس الواحد ماعارفش يفكر.

بعد ان جلسوا جميعا...

سارة: انا عارفة انها مفاجأة جامدة.. بس صدقني ماكنتش اعرف ان د/صبري ماقالكوش.
عبد الرحمن: حصل خير يا دكتورة.. بس ماتأخذنيش يعني يا بتي.. انتي عاتعرفي تشتغلي على اكده..؟؟
سارة: يعني هو انا مش دكتورة جراحة عشان ابطل شغل..
عبد الرحمن: لا يا بتي ماقصديش.. بس هو انتي عارفة هدى بتي عندها ايه.
سارة(بتفهم): عارفة.. و مقدرة ان عندها إعاقة مؤقتة مش دايمة.. علي الاقل هي علاجها بإديها.. انما انا علاجي بإيد ربنا.. في علم الغيب يعني.
عبد الرحمن: و نعم بالله يا بتي..

ثم نظر لزوجته التي لم تنطق منذ ان رأتها...

عبد الرحمن: ماتجولي حاچة يا ام عاصم.
هنية: هاقول ايه يا حاج.. اللي فيه الخير يقدمه ربنا.
سارة: عارفة يا حاجة.. ماما كمان دايما تقول الكلمة دي.. اللي فيه الخير يقدمه ربنا.. و ربنا ابدا ما بيعملش حاجة وحشة..
صبري: سارة انا بعتبرها زي بنتي نهى.. نهى كمان عايزة تطلع دكتورة نفسية زيي.. و سارة تعتبر اشطر دكتورة عندي.. و صدقني يا حاج لما اقولك ان بعد حادثة هدى و لما عرفت انها محتاجة رعاية نفسية اول واحدة فكرت فيها هي سارة..
مش انا حتى.. و املي فيها و في ربنا كبير انه يجعل الشفا علي ايديها زي ما كانت سبب في علاج كتير قبلها..

ثم حاول ان يزيل التوتر و لو قليلاً..

صبري: بس ايه يا حاج عبد الرحمن هو انتو ماعندوكوش غدا ولا ايه.. طيب حاجة نبل بيها ريقنا طيب.
عبد الرحمن(و كأنه تذكر واجب الضيافة): لا كيف... حالا يحضر.. قومي يا ام عاصم هاتيلهم حاجة يشربوها عبال ما يجهزو الوكل.
هنية: على عيني يا حاچ.. حاضر.

صمت الجميع في ترقب بعد ان احضرت هنية بعض المشروبات التي تناولوها في وسط احاديث قليلة سطحية...
و بعد قليل وصل عاصم الى مجلسهم فوجد والداه مع خاله صبري و معهم فتاة أخرى لم يتمعن في ملامحها جيدا.. فهو يعتبر جميع النساء الان سواء.
لا فرق بينهن.. لا يكرههن و لكن يتجنبهن.. و لولا كون اخته فتاة لكان أصر علي طبيب و ليس طبيبة و لكن غيرته على اخته و عادات و تقاليد بلدتهم تمنعه من ذلك..
دخل و القى التحية و سلم علي خاله...

عاصم: السلام عليكو.
الجميع: و عليكم السلام.
عاصم(تقدم و احتضن خاله): مرحبا يا خال.. حمد الله على سلامتك.. معلش كان لازم اكون في استجبالك بس انت ماجولتش هاتاجي ميته بالظبط.
صبري(و هو يبادله الحضن): الله يسلمك يا عاصم.. ولا يهمك اني عارف مشغولياتك جد ايه.. الله يكون في عونك.
عاصم: الله يخليك يا خال تعيش..

ثم نظر لتلك التي لم تنظر اليه ولا مرة و لكن تعلو وجهها ابتسامة رقيقة للغاية...

عاصم: حضرتك الدكتورة الجديدة أكيد؟؟
صبري: ايوة هي.. دكتورة سارة.. و ده يا سارة يبقي عاصم اخو هدى.
عاصم: اهلا يا دكتورة.. نورتي سوهاج كلها.
سارة: اهلا بحضرتك يا استاذ عاصم.

وقفت سارة و مدت يدها و ايضا لم يستقبلها عاصم مثل ما فعل والديه تحت الصدمة.. فتنهدت و سحبت يدها مرة اخرى و همست لنفسها....

سارة(لنفسها بصوت خفيض): واضح ان الصدمة عامة و هاتبقى لمة.

اتجهت هنية الى ولدها و ضغطت علي ذراعه فنظر لها بدهشة و سألها..

عاصم: هي ما بتشوفش؟؟

لم تتكلم هنية و فقط هزت رأسها إيجاباً.. و لكن سارة اجابت بهدوء بعد ان حمحمت..

سارة: احممم.. ما بتشوفش.. بس بتسمع كويس.
عاصم(بحرج): ماتأخذنيش يا دكتورة..بس اصل..
سارة(قاطعته بابتسامتها الخلابة): ولا يهمك.. عادي حصل خير..

جلس جميعهم مرة اخرى.. فتكلم صبري اولا...

صبري: يا جماعة انا عارف كويس انتو بتفكرو في ايه و انا صدقوني..
سارة(قاطعته بهدوء): معلش يا دكتور صبري تسمحلي اتكلم انا؟؟؟

ياترى سارة هاتقولهم إيه..
و ياترى هما هايقتعو بيها كدكتورة لبنتهم ولا هايرفضوها..
كل دة و اكتر هانعرفه عن سارة و شخصيتها في فصل بكرة


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close