رواية فارس بلا مأوي الفصل السابع عشر17 بقلم ولاء رفعت
_ بعدما أصطف بالسيارة أمام المنزل وهي بجواره تتلوي من قبضته المغروزة في عضدها، وجدت لاجدوي فأخذت تردد من بين أسنانها:
_ هملني أحسن ما أصرخ وأفضحك قدام أهل البلد.
+
_ وعتهدديني كماني يابت ال.....
صاح بها ثم هبط علي جسدها و وجهها بكفيه، فتعالت صرخاتها بالإستغاثة، خرج والديه من المنزل ليرا ماذا يحدث فوجدا نجلهما يعنف زوجته وينزلها من سيارته عنوة.
صاح به والده:
_ واد يا رافع.
+
وركضت والدته للجهة الأخري لتنقذ إبنة شقيقتها:
_ والله لو ما هملتها من يدك لاتكون ولدي ومتبريه منك ليوم الدين.
+
توقف عن ما يقترفه، وحدج زوجته بتوعد قائلاً:
_ عاچبك الفضايح دي!، لينا باب هيتجفل علينا إما وريتك.
+
أنزلتها والدته وأحتضنتها وقالت بتهديد له:
_ ومارتك ما هتروحش وياك في مطرح واصل.
+
فقال خميس:
_ أغزي الشيطان يا رافع وأدخل چوه، وهمل مارتك مع أمك دلوق.
+
وقف بتحدي أمام والديه وأمسك بيد تلك المسكينة يجذبها نحوه:
_ أديك جولتها، مارتي وأني حر فيها.
+
جحظت عينين خميس بغضب:
_ عتتحداني يا كلب.
وهبط علي وجهه بصفعة مدوية لأول مرة منذ أن كان طفلاً، فأعاد بداخله أسوء ذكرياته وسبب ما جعله بهذا السوء.
2
_ والدار دي ملكش مطرح فيها غير لما تتأسف لمارتك وتحب علي راسها و فوج دي كله تتعلم كيف تحترم أبوك.
_ واه.
صاحت بها رسمية ولطمت علي وجهها، بينما رافع ظل واقفاً أمام والده يحدجه بنظرات تجمعت بها كل الكراهية والحقد الذي يحملهما منذ الصغر إليه.
حاول ألا يصدر قولاً أو فعلاً منه إتجاه والده، فشيطانه يتملك منه الآن، وحتي لا يفعل شئ يندم عليه لاحقاً تركهم جميعاً وصعد إلي داخل سيارته وأنطلق بها.
+
ربتت رسمية علي نوارة التي تبكي من ألم ماتلقته:
_ تعالي چوه يابتي وأني هاچبلك حجك من حباب عينيه ربنا يهديه.
+
ردت نوارة بتوسل ورجاء:
_ بالله عليكي أنتي يا خالتي همليني أرچع لأمي، أني خلاص معوزاشي أعيش وياه تاني.
1
تنهد خميس بأسف عليها فقال لها:
_ تعالي يابتي وأوعدك ما هخليه يچي چمبك غير لما يندم ويبوس يدك.
2
فقالت خالتها:
_ عشان خاطري إسمعي حديت عمك هو عايز مصلحتك، يلا أدخلي ويانا ولا مليش خاطر عندكي، والواحدة منينا مهما حوصل بينها وبين چوزها ملهاش غيره في الآخر.
3
بدأ بكائها يخبو ورمقتهما بإستسلام، خاصة بعد رجاء خالتها إليها، وتذكرت كيف كان موقف والدتها الضعيف أمام ثورة غضب رافع عندما طلبت منه الطلاق، لم تتخذ أي موقف حاسم للدفاع عن إبنتها وتركته يعنفها ويوجه إليه أبشع الألفاظ وهو يجذبها من حجابها في مذلة ومهانة خشيت أن تتدخل بينهما خوفاً منه، فشعرت نوارة حينذاك شعور بالخذل فليس لديها من يحميها من غدر وظلم زوجها، وها هنا الآن وجدت من دافع عنها هي خالتها وزوجها، فأستسلمت للرجوع والعيش معهم، فهما سندها وحمايتها من شر هذا الرافع وبطشه.
ـــــــــــــــــــــــ،،،،،،،،، ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1
_ آتي صباح اليوم التالي لتستيقظ عيون بعدما ذاقت نوم كان يجافيها الليالي المنصرمة، يحدق في سقف الغرفة المتكون من ألواح الخشب المتراصة ويتدلي من المنتصف سلك كهرباء في نهايته مصباح إضاءة من النيون الأبيض.
أنتفض من هذا الصوت البغيض الذي صُدر من أنف وفم صاحبه النائم علي الأريكة المقابلة للأريكة الأخري الذي يتمدد عليها.
هز رأسه مبتسماً بتهكم من ما يحدث معه وكيف آلت الأمور به حتي أصبح مما هو عليه، متهماً هارباً من العدالة يمكث في غرفة لا تفرق عن الزنزانة فكليهما أربع جدران مع الفارق البسيط إنه يملك حريته الآن، حتي لو كانت حرية زائفة محدودة، فعليه التنكر بإسم دون إسمه الحقيقي حتي لاينكشف أمره ولا يستطيع الوصول إلي براءته قبل عودته إلي السجن مجدداً، فجسده هو من تحرر بينما ذاته هي التي أصبحت أسيرة.
2
نهض وألقي بالدثار البالي جانباً، أخذ ثياب قد جلبها لهما عم عربي ليبدلوها بثيابهما المتسخة وخرج إلي المرحاض قبل أن يستيقظ الآخرون من ما يسكنون الغرف المجاورة، قام بالإستحمام مستمتعاً بالمياه ورائحة الصابون المنعشة، وبعد إنتهاءه أرتدي الثياب الجديدة بسيطة المظهر، ثم توضأ ليؤدي فرضه في الهواء الطلق.
+
وعندما ألقي تحية السلام، فقال له إحدهم يقف خلفه:
_ تقبل الله يا بلدينا.
+
وقف وألتفت إلي صاحب الصوت فوجده شاب يرتدي بدلة مهندمة ذو ملامح تتميز بالوسامة ويبدو إنه في نفس عمره، أبتسم الشاب ومد يده إليه:
_ أنا شريف شريك التالت في الأوضة، عم عربي كلمني وبلغني بوجودكو.
+
صافحه فارس ويرمقه بتعجب من مظهره الثري الذي يتنافي مع هذا السكن :
_ أهلاً وسهلاً.
+
لاحظ شريف نظراته فقال:
_ ميغركش البدلة والشياكه الي أنا فيها، ده لزوم شغلي، أصلي بشتغل في فندق كبير سوبر فايزر الويترز الي في المطعم هناك.
+
قال فارس بإقتضاب:
_ ربنا يوفجك.
+
_ تعالي بقي نفطر سوا، أنا جايب كباب وكفتة وصاية وعملت حسابكو معايا.
+
خرج جنيدي من الغرفة يتثائب قائلاً:
_ أني شامم ريحة كباب.
+
نظر كل من فارس وشريف إليه وأخذا يضحكا عليه.
وبعدما تبادلو ثلاثتهم الأحاديث أثناء تناولهم للطعام، نفض فارس يديه وقال:
_ الحمدلله، متشكرين علي الواكل يا أستاذ شريف.
+
رد شريف:
_ متقولش كده يا...
صمت وأردف بإستفهام:
_ ألا صح عاملين نتكلم مع بعض من بدري وكلنا وشربنا ومعرفش أسمائكو.
+
توقف جنيدي عن الأكل ونظر إلي فارس يغمز له بإحدي عينيه، فأجاب علي شريف وهو يفكر:
_ قاسم، إسمي قاسم.
1
وقال جنيدي بإبتسامة مصتنعة:
_ وأني چمال.
+
سألهما شريف مرة أخري:
_ أنتو قرايب ولا أصحاب؟.
