رواية دوائي الضرير الفصل الثالث عشر13 بقلم نرمين ابراهيم
الفصل الثالث عشر..
ظلت الايام تمر بمنتهى السعادة بين عاصم و سارة الذي كان حبهما ينير وجهيهما دون أن يشعرا.. حتى أن الحاجة هنية و زوجها الحاج عبد الرحمن قد لاحظا عودة ضحكة ولدهما التي افتقداها كثيرا منذ ما حدث بينهم و بين ابنة عمه..
اما سارة فقد كانت روحها تزهر بشكل أكبر عند وجود عاصم.. الذي لم يكن يطيق وجوده بعيدا عن المنزل كثيراً.. فقد كان يستمع لمحادثاتهما الصوتية التي كان يسجلها دون أن تدري هي..
أو يستمع للمقاطع الصوتية التي ترسلها له على تطبيق الـ wattsapp فهي لا تكتب بالطبع ولا تقرأ.. و لكنه لا يعلم أنها تفعل تقريبا ذات الشئ.. فقد كانت أيضاً تسمع لمحادثاتهما في أوقات فراغها و اشتياقها له و هو بخارج المنزل.
و بعد عدة أيام..
كان عاصم عائداً للمنزل ليلاً بعد يوم عمل طويل فوجد هدى تجلس وحدها تتأمل اللاشئ.. فعلم أنها بالطبع تفكر في آسر أو على الأقل في موضوع ارتباطها المحتمل معه..
اقترب منها دون أن تشعر و فاجئها بوجوده...
عاصم(بصوت عال): هدهوووووود...
هدى(و هي تضع يدها على صدرها بفزع من صوته): اخس عليك يا عاصم.. مش هاتبطل عادتك السودة دي؟؟
عاصم(ضاحكاً بشدة على رد فعلها الذي يمتعه للغاية): ههههههههه.. لا طبعا.. طول ما بتتخضي مش هابطل.. قوليلي بقى قاعدة لوحدك ليه... و ردي بسرعة الإنكار مش هايفيدك.
هدى: مافيش يا غلس.. ماما بتحضر العشا و البنات معاها و سارة راحت تغير هدومها و تاخد شاور قبل العشا.
ابتسم عندما شعر أنها تجمل نفسها قبل أن يأتي حتى تستقبله بأجمل شكل و أبهى حلة.. و تسائل في نفسه كيف الحال و هما متزوجان.. افاقته هدى من شروده...
هدى: هييه.. انت سرحت في ايه؟
عاصم: ولا حاجة يا بايخة.. المهم قوليلي كنتي بتفكري في ايه؟؟
هدى: ولا حاجة برضه.
عاصم(نظر لها بنصف عين): اممممم.. على عاصم برضه.. قري و اعترفي يا بت انتي.. كنتي بتفكري في ايه؟
هدى(احمرت وجنتيها خجلا): صدقني ولا حاجة.
عاصم: يا سلام.. يعني ماكنتيش سرحانة في آسر.
هدى(بسرعة و كأنها تنفي عن نفسها تهمة خطيرة): لا.. لا آسر ايه.. لا طبعاً.
عاصم(نظر لها بنصف عين و عدم تصديق): يا بت.. يابت.. طيب و انا مش مصدقك و هاسألك بصراحة كدة و دوغري.
امي قالتلي انها كلمتك في موضوع آسر و أنه عايز يتقدملك يعني و كدة بس انتي لسة ماردتيش عليها.. و الراجل مستني رد عشان يشوف هايجيب أهله امتى و يجي يخطبك... ها ايه رأيك؟؟
هدى: يجي يخطبني كدة مرة واحدة و كأني وافقت.. و بعدين رأيي في ايه بس.. هو كان عارفني فين ولا شافني كام مرة عشان يجي يتقدملي و يتجوزني كدة خبط لزق؟؟
عاصم: هو انا بادن في مالطة.. ماتردي عدل يا بنتي و ماتتعبيش قلبي.. بتفكري في ايه؟ إيه اللي بيدوره في دماغه بالظبط.. و ياريت بصراحة و من غير لف و دوران.
هدى: عايز الصراحة يعني؟
عاصم(بنفاذ صبر): ياريت.
هدى: خايفة.. خايفة اوي يا عاصم..
عاصم(بتعجب): خايفة.. من إيه طيب؟
هدى: خايفة يطلع زي البني ادم اللي كنت مخطوباله قبل كدة و باعني عند أول ناصية زي مابيقولو.
باعني في ازمتي و اتجوز صاحبة عمري.. خايفة آسر كمان مايستحملش اللي انا فيه.. خايفة مايقدرش يستناني لحد ما اخف و اقف على رجلي.
عاصم: طيب ما انتي وقفتي على رجليكي خلاص.. فين المشكلة؟
هدى: وقفت على عكاز مش على رجلي.
عاصم: عكاز واحد.. بعد ما كانو اتنين و بعد ما كان كرسي بعجل و بعد ما كنتي مابتفارقيش سريرك ولا اوضتك.. و كلها اسبوع ولا اتنين و تجري مش بس تقفي و تمشي.. ايه اللي مخوفك تاني؟
هدى: مش عارفة.. مش عارفة.. و بعدين مش يمكن كل مشاعره ناحيتي تبقى مجرد شفقة و عطف على واحدة في ظروفي.
عاصم: إيه هو دة اللي ظروفي ظروفي... هو انتي بايعة كليتك عشان تعالجي امك ولا كاتبة على نفسك شيكات.
هدى(بعصبية متوترة): يووووه بقى عليك يا عاصم... ماتتكلم جد شوية و بطل هزار.
عاصم(بجدية): حاضر.. هاتكلم جد.
اقترب منها و جلس بجوارها و احتضنها حضناً اخوياً حتى يطمئن قلبها..
عاصم(بحنان): آسر راجل يا هدى.. راجل بجد و متمسك بيكي جدا.. مش عارف على ايه؟
نكزته في ذراعه بمرح فأكمل هو بعد ان فرغ من ضحكه المرح على غضبها.....
عاصم(ثم عاد لجديته): طيب تصدقي انه من ساعة ما سافر و فاتحني في الموضوع بيكلمني كل يوم و في اليوم يمكن مرتين و تلاتة كمان.. هايموت و يجي يخطبك... عايز يجي حتى لو من غير أهله مرة واحدة..
و الموضوع مقفل معاه.. لا أهله رجعو لسة ولا احنا مطمنينه و الواد قاعد على أعصابه يا عيني.
هدى(بعد أن قامت من حضنه): بجد؟
عاصم: اه ياختي بجد..
هدى: طيب ليه.. و اشمعنى انا؟؟ و ازاي بقى متمسك بيا اوي كدة برغم انه ماشافنيش غير مرة و التانية أصلا كان مشغول بأخته..
عاصم: عارفة اني من كتر زنه سألته نفس ذات السؤال دة..
هدى: بجد.. طيب قالك ايه؟
عاصم: قالي انه عمره ما حب قبل كدة و ان موضوع الحب دة كان اخر همه.. و أصلا مايعرفش يعني إيه حب.. حتى لو كان هايتجوز كان هايشوف اي بنت مناسبة و خلاص.. مش لازم عن حب يعني.
بس لما قابلك حس انك انتي البنت المناسبة ليه.. اخلاقيا مافيش حد يختلف عليكي.. و تعليمك كويس.. بنت ناس و عيلة كبيرة... فلقيكي مناسبة ليه.. كمان بيقول انه ارتاحلك نفسيا و بيبقى مبسوط لما بيشوفك او بيسمع اي خبر عنك... مش شرط يا هدى انه يكون بيحبك عشان يتقدملك..
ما يمكن شاف فيكي زوجة صالحة و ام كويسة لولاده بس... ولا دي مش اسباب كفاية انه يتقدملك..
لم تعلق على حديثه فأكمل هو بتأكيد ..
عاصم: هدى انتي مش واخدة بالك ان انا موافق على آسر برغم اني ماكنتش موافق على النطع الاولاني.
فاكرة انا كنت معارض ازاي موضوعك معاه.. بس لما لقيتك موافقة و لقيت ابوكي و امك مرحبين سكتت.. بس المرة دي انا موافق..
آسر راجل بجد و يعتمد عليه.. واثق أنه هايشيلك في عنيه..
هدى(بخجل فطري جميل): خلاص.. اللي تشوفه.
عاصم(بتهكم و مرح): لا والله.. يا بت.. يا بت..
ماشي ياختي هتكلم مع ابوكي الحاج و نشوف هانعمل ايه..(و امسكها من وجنتيها برخامة) مبروك يا عروسة.
هدى(بغضب مصطنع): بطل بقى يا رخم.
عاصم: طيب ياللا نقوم ناكل احسن هاموت من الجوع.
هدى: هاتموت من الجوع ولا وحشتك الأمورة.
عاصم: أمورة مين يابت.
هدى(بمكر): امك الحاجة هنية طبعا هايكون مين يعني.. اوعى تكون فاكرني مش واخدة بالي ها..
عاصم: بقيتي شقية انتي اوي.. ياللا.. ياللا يا لمضة.. قومي.
هدى: بقولك إيه يا عاصم ماتشيلني.
عاصم(و هو يقلد صوت هنيدي): ليه و انتي اتشليتي؟
هدى(بغيظ و همت ان تتركه): كدة.. ماشي مش عايزة منك حاجة.. اوعي كدة.
عاصم(باغتها و هو يحملها بذراعيه): دة انت تؤمر يا قمر انت..
حملها و دخلا معا للي باحة السرايا وسط مرحهما و صوت ضحكهما الذي امتلأت به أذن الجميع.
=================================
تحدث عاصم مع والده بعد أن أخذ موافقة شقيقته المبدئية على ارتباطها بآسر الذي سعد للغاية عندما علم بموافقة هدي و أهلها حتى لو كانت موافقة مبدئية..
مر حوالي 10 أيام أخرى و قد وصل والدى سارة إلى أرض الوطن بسلام.. استقبلهما آسر بالمطار بفرحة لسلامة وصولهما أولا و لإقتراب ارتباطه بهدى ثانياً..
في السيارة و هم متجهين لمنزلهم...
آسر: حمد الله على سلامتكم يا جماعة.. والله وحشتوني جدا.
سعاد(والدة آسر): يعني سارة ماجتش برضه تستقبلنا في المطار.. ينفع كدة.
آسر: يا ماما ما انا قولتلك انها مش جاية.. هو انا كدبت عليكي ولا هي قالتلك أنها جاية و ماجتش.. ماهي قيلالك مش هاتيجي..
و بعدين احنا كلها يومين و نروح لها.
جميل(الوالد): اه صحيح ايه حكاية جوازك اللي طلعت فجأة دي..
سعاد: و مين البنت دي اللي عايز تتجوزها و عرفتها منين و ازاي و امتى؟؟
آسر(و هو محاصر بأسئلة والديه): ايه يا جدعان ما بالراحة.. نوصل البيت بس بالسلامة و ترتاحوا شوية و انا احكيلكم كل حاجة.
سعاد: طيب كلملي اختك اطمن عليها.
آسر: يووه.. دة انا نسيت.. دي مأكدة عليا اكلمها اطمنها اول ما نخرج من المطار.
(بعد أن عبث بهاتفه و جاءه ردها) الو.. ايوة يا سووو.. عاملة ايه... اه ياستي وصلو بالسلامة و مروحين اهو.. خدي ماما عايزة تكلمك.
سعاد(بعد أن أخذت منه الهاتف): الو.. ايوة يا سارة.. عاملة ايه يا حبيبتي.
سارة: انا كويسة يا ماما.. حمد الله علي السلامة..
سعاد: الله يسلمك يا حبيبتي.. كدة يا سووو ماتجيش تستنيني في المطار و انتي عارفة انتي قد ايه وحشاني.. انا زعلانة منك.
سارة(ضحكت بمرح): ههههههههه.. لا يا حبيبتي مايهونش عليا زعلك.. انتي كمان وحشاني اوي والله و بابا كمان واحشني اوي.. بس ماهو آسر قالكم انكو هاتيجو كمان يومين.. لازمته ايه بقى اسافر و ارجع تاني.
سعاد: لازمته اني اشوفك و نتكلم في موضوع جوازة اخوكي اللي جات على غفلة دي.. بقولك ايه انتي تعرفيها البنت دي؟؟
سارة: ايوة طبعا.
سعاد: يعني حلوة كدة ولا اي كلام.. ما انا عارفة زوق اخوكي مايعلم بيه الا ربنا.
آسر: الله يسامحك يا ست الحبايب.
سعاد: بس يا واد انت.
سارة: ههههههههه.. لا يا ماما.. من ناحية حلوة فهي زي القمر و اخلاق و من عيلة و بنت ناس.. و بتدرس في فنون جميلة و رسامة درجة اولى كمان.. يعني من الآخر هي اللي خسارة في ابنك.. ها عايزة تعرفي ايه تاني.
جميل: ما كفاية رغي بقى و هاتي اكلمها..
سعاد: خدي بابا عايز يكلمك.
جميل: الو.. عاملة إيه سارة؟؟
سارة: بابا.. عامل ايه انت يا حبيبي.. واحشني اوي.
جميل: انتي اللي وحشاني اكتر يا قلب بابا.. عاملة ايه يا روح قلب ابوكي.
سارة: بخير يا حبيبي طول ما انا سامعة صوتك بخير.
جميل: مش كنتي تيجي يا سارة عشان نشوفك.. انتي وحشاني بجد..
سارة: معلش يا بابا والله ماكنت هاقدر اسيب هدى اليومين دول اللي قبل ما تيجو... و كلها يومين و تيجو.. عدوها بقى.
اكملو حديثهم و انتهى اليوم بسلام و باليوم التالي اتصل آسر بهاتف الحاج عبد الرحمن و حدثه والده الاستاذ جميل حتى يتم تحديد موعد لسفرهم و طلب يد هدى...
=================================
و أتى اليوم الموعود لآسر و هدى...
استعدت هدى منذ الصباح الباكر أو أنها لم تستطع النوم تلك الليلة من الأصل.. استيقظ الجميع و كان العمل على قدم و ساق في تجهيز المنزل و تجهيز وليمة كبيرة تليق بالمدعووين و بضيوف العمدة عبد الرحمن.
لم تفارق سارة غرفة هدى منذ الصباح حتى تدعمها نفسياً و تهديء من توترها.. فقد كان توترها يصل لعنان السماء فلم ترد ان ترى اي أحد خاصة اهلها و حديثهم الذي اصبح منصباً على زواجها و خطبتها و عريسها.. و قد حددت إقامة سارة معها بالغرفة بالإكراه وجعل هذا عاصم يجن..
فهو لم يراها منذ الصباح.. و لم تتناول معه طعام الفطور كعادتها منذ أن وطأت رجلها منزلهم..
و هو أيضاً لم يغادر المنزل حتى يقف بنفسه على الاستعدادات لاستقبال عريس شقيقته المنتظر.. أو أنه كان يريد أن يراها و لم يستطيع أن يترك المنزل دون ذلك..
و بعد مغرب نفس اليوم بقليل..
وصل آسر بسيارته بصحبة والديه و هداياه و بعض من اقاربه.. حسنا الكثير من اقاربه.. فقد وصلوا في ست سيارات تقريبا و من تفهمي السيارات أيضاً.. و بالقرب من المنزل قام بالاتصال بسارة..
سارة: الو.
آسر: ايوة يا سارة... عاملة ايه يا روحي.
سارة: تمام يا عريس.. انتو فين..
آسر: احنا خلاص داخلين على البيت خليكي جنب الباب بقى عشان ماما عايزة تشوفك و بابا..
سارة: حاضر هانزل حالا اهو..
آسر: انتي فين.. في اوضتك؟؟
سارة: لا في اوضة العروسة.
آسر(بفرحة): ايه دة بجد؟؟ طيب ما تديهالي اسلم عليها..
سارة: امها واقفة جنبي يا آسر لما تمشي طيب.
هنية: سمعاكي انتي و هو.
سارة: عارفة.. ههههههههه.
آسر: بتلبسيني يا سارة.. ماشي.. انزلي بقى.
سارة: حاضر ياللا سلام مؤقت..
سارة(بعد أن أغلقت الهاتف): تعالي يا فاطمة نزليني احسن دول على وصول خلاص.
هنية: لا يا فاطنة خليكي انتي و اني هانزل معاكي عشان استجبلهم.. مايصحش يا بتى عيب.. الا هو اخوكي كان عايز ايه؟؟
سارة: ههههههههه.. كان عايز يكلم العروسة احسن وحشته اوي.
هدى(نهرتها بخجل): سارة
هنية: اتحشمي يابت.
سارة: الله و انا مالي انا.. تعالي ننزل و ابقى اعملي فيه اللي انتي عايزاه.
نزلت سارة مستندة إلى يد هنية لتجد عاصم يفتح الباب و يستقبل آسر و والديه..
عاصم: اتفضل يا آسر.. اتفضلو يا جماعة.. حمد الله علي السلامة..
آسر: الله يسلمك يا عاصم.. اعرفك بقى بوالدي الدكتور جميل و أمي مدام سعاد..
عاصم(و هو يصافحهما بود): يا اهلا يا اهلا.. نورتنا والله يا دكتور چميل.
جميل: منور بيك يا عاصم بيه.
عاصم: لا بيه ايه بجى.. دة احنا خلاص هانبجو أهل.. جولي عاصم.. عاصم و بس.. نورتينا يا هانم.
سعاد: هانم ايه بقى يابني.. دة انت لسة قايل هانبقى اهل.. قولي يا طنط.
ضحك آسر بخفوت تحت نظرة عاصم المصدومة.. فهل يمكن لكبير البلد و عمدتها القادم أن ينادي سيدة بـ"طنط" فلحق آسر الموقف سريعاً..
آسر: طنط ايه بس يا ماما.. بصي خليه يقولك مدام.. عاصم قولها يا مدام.. اقولك قولها يام آسر..
عاصم(ضحك بود): ههههههههه.. لا مش لدرچة ام آسر.. مدام كويس.. ايه رأيك يا مدام؟؟
سعاد: طالما دة يريحك خليها مدام.. بس هي سارة فين..
عاصم: حالا أشيع لها حد من البنات يناديها.
هنية(و هي تهبط الدرج بصحبة سارة): لا ماتشيعش.. ادي سارة چات اهي.
سعاد(و هي تقترب من ابنتها): سارة حبيبتي..(و هي تحتضنها) وحشاني.. وحشاني اوي يا حبيبتي.
سارة: انتي كمان وحشاني اوي يا مامي..
جميل(اقترب من ابنته و احتضنها): وحشاني اوي يا سارة.. عاملة ايه يا حبيبتي؟؟
سارة(و هي تختفي في حضن والدها): تمام يا حبيبي.. الحمد لله في احسن حال..
جميل: يارب دايما يا بنتي.. انتي عارفة انك وحشتيني اوي..
سارة: عارفة.. ما انت كمان واحشني اوي.
هنية: نورتونا والله يا چماعة.
سارة(و هي تتولى مهمة تعريفهم ببعض): تعالي يا ماما هنية.. دي بقى يا ماما تبقى ماما هنية.. ماما العروسة.. احلى و اجمل واحدة في البيت دة.
عاصم: واه واه.. بجينا عفشين كلنا اكدة و امي بس اللي حلوة اياك..
سارة: لا هو انت وحش من زمان مش جديدة يعني..
ضحك الجميع و رفع عاصم حاجبيه بدهشة على مزاح سارة الذي افتقده طوال اليوم.. و لكن السعادة غمرته لمجرد سماع صوتها..
عاصم: طيب.. خليكي فاكراها عاد.
سارة(و هي تقلد صوته و لهجته): مش بنسى حاچة انا عاد.. بس بقى خليني اكمل(ثم التفتت لهنية) و دول بقى يا ستي يبقو مدام سعاد مامتي و الدكتور جميل بابتي.
سعاد: ههههههههه يا بنتي خفي شوية.. اهلا يا ست ام عاصم..
هنية: اهلا بك يا ام آسر.. منور يا دكتور چميل.
جميل: منور بيكي يا ستنا..
عاصم: اتفضل معايا يا آسر انت و الدكتور چميل.. ابويا و عمامي منتظرينكم من بدري.. و سيب الست الوالدة تروح مع سارة و امي.
تركوا السيدات لتذهبن لمجلس السيدات الذي لم يكن بعيدا عن مجلس الرجال.. و ذهب أسر و والده بصحبة عاصم لمجلس الرجال حيث ينتظرهم الحاج عبد الرحمن و أخيه حامد و بعض رجال العائلة الذي لزم حضورهم لتلك المناسبة.
و اتجهت السيدات لمجلس السيدات ليجدن بعض سيدات العائلة أيضاً و الذي لزم حضورهن خطبة ابنة كبيرهم.. و كان من ضمنهن صالحة زوجة العم و ابنتها عبير اللتان كانتا تموتان غيظاً من زيادة ارتباط عائلة الحاج عبد الرحمن بسارة و عائلتها برباط النسب أيضاً..
عبير(بهمس خبيث): شايفة ياما.. و كمان هاينسبوهم... اني هاموت ياما هاموت.
صالحة: ماتخافيش.. مش هايحصول..
عبير: كيف ياما بس؟
صالحة: اني اتحدت مع ابوكي ليلة امبارح و فطمته على كل حاچة.. و عرفته أن الچوازة دي لو تمت يبجى عاصم كمان يمكن يتچوز بتهم..
و جولتله أن انتي أولى منيها.. انتي بت عمه و كنتي مرته يبجى لو عاصم نوى يتچوز يبجى انتي أولى ترچعيله..
عبير(غير مصدقة و بفرحة بلهاء و كأنه زفافها من عاصم بالفعل): صُح ياما؟؟
صالحة: ايوة يا نن عين امك... و هو طمني و اكدلي أنه هايبوظ الچوازة دي و ماهيخليهاش تتم.. اطمني انتي و حطي في بطنك بطيخة صيفي.
عبير: يارب ياما يارب...
صالحة: اكفي عالخبر ماجور بجى و اسكتي لما نشوفو ايه اللي هايُحصل.
جلس الجميع يتبادلون أطراف الحديث و التعارف حتى مال آسر على أذن والده...
آسر: ايه يا بابا.. هو انت جاي تتعرف بس ولا إيه.. ماتخش في الموضوع.
جميل: دايما مستعجل كدة انت.. حاضر يا سيدي.
(ثم التفت لمجلس والد العروس) حاج عبد الرحمن...
عبد الرحمن: نعم يا استاذ چميل.
جميل: لا استاذ ايه بقى.. بلاش ألقاب.. و لو لازم يعني قولي يا حاج زي ما انا بقولك.
عبد الرحمن: ماشي كلامك يا حاچ چميل.. أوامرك..
جميل: ما يؤمر عليك ظالم يا عمدة.. اكيد انتو عارفين سبب زيارتنا النهاردة.. احنا جايين النهاردة عشان ننول شرف نسبكم الكريم.
احنا جايين نطلب ايد الآنسة هدى لأبني الباشمهندس آسر.. ايه رأيك يا عمدة؟؟
نظر عبد الرحمن لولده عاصم أولا.. فهو خليفته سواء في منصبه كعمدة أو في زعامة العائلة فهو يعده منذ سنوات لذلك.. و أماء له عاصم بإبتسامة سعادة دليل على موافقته التي ابلغه بها من قبل ثم أردف الحاج عبد الرحمن...
عبد الرحمن: احنا ينولنا الشرف يا حاچ چميل.. ولدك الباشمهندس آسر زينة الشباب.. اخلاج و مركز و ماشوفناشي منه غير كل ادب في الكام يوم اللي كان بياچي يطمن فيهم على خيته زينة البنتة..
جميل(بفخر): دة من زوقك يا حاج عبد الرحمن..
طرق حامد بمؤخرة عصاه الخشبية على الأرض علامة على اعتراضه على ذلك الطلب و على موافقة أخيه...
حامد: ايوة بس احنا مانعرفوش حد منيكم.. يعني لا نعرفو اصلكم من فصلكم.. هانسلمو بتنا لناس مانعرفوش حاچة عنيهم ولا ايه؟؟
عاصم: ايه الحديت اللي عاتجوله ده يا عمي؟؟
حامد: ايه.. غلطت اني ولا ايه.. تعرف ايه عنيهم الناس دي غير أن بتهم سابت دارها و چات تعيش وحديها مع ناس ماتعرفهمش عشان تشتغل عنديهم...
عاصم(و بدأت شعلة غضبه في الاشتعال): بس سارة ماعتشتغلش عندينا.. "الدكتورة" سارة هنا عشان تساعد خيتي في علاچها.
حامد(قاطعه و أكمل): بأچرتها يعني بتشتغل عندينا.. بتساعدها بالأچرة ولا عاتشتغل لله اياك؟؟
صمت الجميع.. نزولا على رغبة سارة لم ترد أن يعلم أحدا أنها بالفعل تعمل بلا مقابل.. فقط لأنها أحبت هدى و ارتبطت بها كصديقة و اخت لها...
حامد: واحدة چاية نشتغل عن ناس و تعيش حداهم وحديها.. و هما عنديهم شاب.. لا شاب إيه دة راجل ملو هدومه.
عاصم(بغضب): عمي حامد.. كلامك دة عيب و مايصحش.. إلا إذا كنت بتشكك في بيت اخوك و ولده و انهم يسمحو باللي بتجول عليه ده.. كمان الدكتورة ما حدش يجدر يجول في حجها كلمة واحدة عفشة.. ولا إيه يابوي.
لم يرد عبد الرحمن فوراً.. فهو كان ينتظر اخيه حامد لكي يفرغ كل ما في جعبته.. و قد فعل.. فقد اكمل بغل و غيظ...
حامد(أكمل بطريقة غير لطيفة على الاطلاق): دة غير اني عرفت أنها كانت عايشة وحديها في مصر و اخوها شغال بعيد عنيها.. يعني مانعرفوش اخلاجها كيف.. عاتسلم اختك يا عاصم لناس لا عندهم نخوة ولا شرف.. يسيبو حريمهم على حل شعرهم.
جميل: لاااااا.. كدة كتير اوي.. و انا مش هاسمح لحد يجيب سيرة بنتي بكلمة واحدة..
عاصم(وقف بغضب وصل لعنان السماء لأن عمه ذكر سارة بالسوء): عم حامد.. اني ماعسمحلكش تچيب سيرة الدكتورة سارة بحاچة عفشة.. سارة و اهلها ضيوفنا و سارة بجت صاحبة بيت كمان.
بجالها معانا شهور و الكل يشهد بأخلاجها.. فبلاش الحديت الماسخ دة اللي ما منوش لازمة عاد..
كان الحاج عبد الرحمن هو الوحيد الذي يفهم جيدا ما يدور في ذهن حامد و زوجته... و كان يفهم سبب اعتراضه على زيجة هدى من آسر و بالطبع بذكاء و حنكة العمدة قرر أن يتعامل بهدوء مع ثورة أخيه حتى يكسب تلك الزيجة...
و أخيه إن أمكن...
عبد الرحمن: عاصم.. اسكت.
عاصم: ايه يابوي.. يعني انت عاچبك حديت عمي ده؟
عبد الرحمن: لا ماعچبنيش.. و عشان أكده بجولك اسكت.
جميل(وقف بعصبية): حضرة العمدة.. احنا كنا جايين النهاردة عشان يبقى في بينا نسب.. و جيت لما سارة قالتلي عنكم كل خير و أن الحاج عبد الرحمن عمدة البلد و كبيرها راجل دغري.. مايرضاش بالغلط ابدا..(ثم نظر لحامد بقوة و الذي اشباح بنظره بعيدا بملل) و انا بثق جدا في بنتي سارة و في حكمها على الناس و في رأيها.. لكن اللي حصل دة غلط مش بس فينا لا و في حقكم كمان.. و بدل ما يكون بينا تفاهم احنا بنتهان في بيت العمدة و كبير البلد.. و دي اكيد حاجة ماترضيش حد.
آسر: و انا مهما كنت معجب بالآنسة هدى و متمسك بيها لكن اللي يمس اختي بكلمة واحدة انا اكله بسناني.
حامد: عاتهددنا في دارنا و أرضنا اياك.. و بعدين هو ابوك ماعلمكش أن لما الرچالة تتحدت الصغار يسكتو..
جميل: لا كبار ولا صغيرين.. الموضوع خلص على كدة.. عن اذنكم.
عبد الرحمن: يا حاچ چميل اجعد و استهدى بالله..
جميل(باعتراض): يا عبد الرحمن انت أكيد ماترضاش بـ..
عبد الرحمن( مقاطعاً): ماعرضاش.. انت مين بس اللي جالك أن العمدة و كبير البلد عايسمح لحد أنه يخرچ متهان من داره..
اجعد يا حاچ چميل بعد إذنك.
جميل: زي ما آسر قال كدة كله الا سارة.. الا سارة يا عمدة.. و زي ما بنتكم غالية عندكم فبنتنا اغلى عندنا من الدنيا باللي فيها..
قاطعهم صوت سارة التي قدمت نحو مجلسهم بهدوء بعد أن تركت يد هدى التي توترت و خافت من فشل الموضوع كله بسبب تهور عمها.
تركتها بعد ما سمعت السيدات ما حدث.. و لكن سارة الوحيدة التي كانت تعلم سبب عنف حامد مع أهلها و رفضت في ذهنها بشكل قاطع أن تسمح له بأن يدمر تلك الزيجة و أن تجعل عبير تظفر بما يدور بذهنها..
سارة: بابا.. لو سمحت.
جميل: سارة؟؟ كويس انك جيتي.. ارجوكي اتفضلي اندهي والدتك و ياللا عشان نمشي.
سارة: ممكن تسمعني الاول طيب؟
جميل: هاسمع ايه.. سارة احنا هنا مش في أمريكا ولا حتى في بيتنا.. و احنا مش في موضع اتهام عشان تدافعي عن نفسك.
سارة: عارفة طبعا و انا مش هادافع عن نفسي ولا حاجة لأن انا فعلا مش في موضع اتهام ولا انا محتاجة اظافع عن نفسي قدام اي حد.. بس لو سمحت.. خليك واثق فيا زي ما انت معودني..
(صمت فاتجهت هي بالحديث للعمدة) حاج عبد الرحمن.. انا عارفة أن الستات مالهمش أنهم يتدخلو في كلام الرجالة هنا.. خصوصا في موضوع مصيري زي الجواز و النسب.. بس انا بطلب منك انك تسمحلي اقول كلمتين بس و بعدها تبقى قرر حضرتك.. ممكن؟؟
عبد الرحمن(بعد تفكير لم يدوم طويلاً): تعالي يا سارة.
حامد: والله عال.. مابجاش الا الحريم كمان عايجولو رأيهم و يتدخلو في حديت الرچالة..
عبد الرحمن(بغضب و حسم لا يقبل النقاش): حامد.. اني سمحت.. و اني لساتني كبير البلد و العيلة لو كنت ناسي يعني..(ثم التفت إليها مرة أخرى) جربي يا سارة تعالي يابتي.
نظر جميل لأبنه آسر حتى يذهب و يساعد شقيقته لتقترب دون أذى... ففعل..
اقتربت سارة من مجلسهم و لكن لم تجلس..
سارة: اقعد يا بابا... اتفضل ارتاح يا حاج عبد الرحمن...
سمعا حديثها و جلسا بينما ظل آسر ممسكاً بيدها و عاصم واقفاً أمامها و نظراته تغلفها برعايته..
سارة: انا مش عايزة اقول اي كلام عشان امشي المراكب أو عشان اقنع طرف بالطرف التاني.. أو عشان ابرر اي حاجة لاي حد.. بس مجرد توضيح لشوية حاجات ممكن تكون مفهومة غلط او غايبة عن حد منكم.
بالنسبة لآسر.. فآسر أخويا.. و اصلا شهادتي فيه مجروحة.. بس الشخص اللي يفضل جنب أخته في أزمة زي اللي انا مريت بيها.. و يفضل جنبي يعني يفضل جنبي حرفيا.. انا فضلت في المستشفى 4 شهور ماسابش المستشفى ساعة واحدة حتى..
أول شهرين ماكنش بيسيبني لحظة واحدة حرفياً ولا حتى كان بيروح شغله حتى مشواري لأوضة الأشعة كان بيكون مش بس معايا لا كان أحياناً بيشيلني على أيديه كمان.
الشهرين التانيين كان ابتدي ينزل الشغل بالعافية لما فضلت اتحايل كتير اوي عليه و اقنعته اخيرا.. كان بعد ما ينزل يفضل يكلمني لحد ما يوصل الشغل.. و طول اليوم يفضل يتصل بيا يمكن ولا 10 مرات في اليوم.. و كل مرة مش اقل من 5 دقايق كلام عشان يطمن عليا و يطمني انه مش سايبني و انه معايا.. و كان من الشغل للمستشفى و من المستشفى للشغل..
كانت ماما تجيبله حبيبي اللبس في المستشفى و يغير فيها و ياخد شاور و اكله و شربه و كل حاجة معايا.. كان مرافق ليا بالمعنى الحرفي.
قبل آسر يد شقيقته بكل حب.. و ربتت هي على يده..
آسر: و عمري كله فداكي يا قلبي.
سارة(ابتسمت له بحب): ربنا يخليك ليا يا حبيبي..(ثم اكملت) اما هدى بقى.. فأنا جيت هنا اصلا عشان كان في بنوتة قمراية محتاجة مستشار نفسي.. و في حالتها اللي كانت فيها دي.. دة كان شيء عادي و طبيعي جدا..
اللي ماكنش عادي ولا طبيعي بقى هو اني لما اتعاملت معاها و سمعت منها و عنها من الناس القريبين منها.. حبيتها جدا.. حبيتها زي اختي و يمكن اكتر.. مش انا يا بابا كنت بزن عليك زمان انت و ماما عشان تجيب لي اخت.. خلاص مافيش داعي تتعبو نفسكم ربنا بعتلي الاخت اللي كنت بتمناها من زمان..
إبتسم الجميع على حديثها و لم يعلق احد.. فأكملت هي..
سارة: و مش بس عشان ظروفنا شبه بعض لكن هدى كمان إنسانة رقيقة و جميلة و حنينة مش ممكن حد يقابلها و مايحبهاش..
لما آسر قالي أنه معجب بهدى و عايز يتجوزها أنا كنت هاطير من الفرحة لدرجة اني قعدت اتنطط زي المجنونة على سريري.. اكتر اتنين بحبهم في حياتي هايرتبطو.. و مش بس كدة دول هايتجوزو كمان.
سعادتي بالخبر دة ماقدرتش اوصفها و فضلت ادعي ان هدى و اهلها يوافقو يمكن اكتر من آسر كمان.. و الحمد لله وافقو..
أما بالنسبة ليا انا بقى.. فلما بابا اخدنا و سافر أمريكا قال لنا اننا جايين هنا ناخد منهم حاجة واحدة بس... العلم و الدراسة و بس.. مش اي حاجة تانية.. اختلاطنا بيهم لازم يكون في اضيق الحدود عشان أحنا غيرهم في كل حاجة.
و فعلا زي ما سافرنا زي ما رجعنا.. ما قلدناهمش لا في لبس ولا اخلاق ولا علاقات ولا أي حاجة.. و كوم ان اخويا كان بيسافر و يسيبني لوحدي فهو ماكنش بيسيبني لوحدي ولا حاجة..
كان معايا الدادا بتاعتي مش بتفارق البيت ابدا طول ما انا فيه.. و السواق معايا في اي مكان بخرج فيه.
جميل: و لو ان دة ماكنش عشان اي شك في سارة ابدا.. دة بس عشان ظروفها مش اكتر.
سارة(نظرت له ببسمة ممتنة): طبعا يا حبيبي.. ربنا يخليكم ليا..(ثم حولت وجهها نحو حامد و قالت بنبرة قوية مكابرة متعالية) اما بقى بالنسبة للعيلة يا حاج حامد فأنا اسمي سارة جميل(ثم اكملت بقوة) سليمان خليل الصاوي.
عبد الرحمن(و هو يحاول أن يتذكر الاسم): خليل الصاوي!! عيلة الصاوي المنياوية؟؟
سارة(ابتسمت لنجاحها): ايوة.. و عمي الكبير العمدة جمال الصاوي يبقى عمدة البلد و كبيرها برضه.. أكيد عارفه يا حاج عبد الرحمن.. و كان المفروض هايجي معانا النهاردة لكن للاسف ماقدرش.. كان عنده معاد مهم مع المحافظ.. لكن حكم على آسر ماحدش يكون وكيله في كتب الكتاب غيره.
انا كدة خلصت كلامي يا جماعة.. و قبل ما بابا يقوم عشان ياخدنا و نمشي هانسمع كلمتك يا حاج عبد الرحمن.. عشان هي دي الأصول.
تبادل الجميع النظرات فيما بينهم.. فقد ارضت سارة جميع الأطراف و بمنتهي السهولة.. أُعجب الجميع بذكائها و فطنتها في التعامل مع الموقف.. و ابتسم الجميع على حسن تصرف تلك الفتاة الصغيرة..
اما عاصم فلم يحيد نظره عنها منذ بدأت في الحديث حتى انتهت.. و كانت نظراته ملؤها الحب و الفخر بمن يحب.. و بذكائها و حلو لسانها..
فنطق عبد الرحمن أخيراً كاسراً حالة الصمت تلك..
عبد الرحمن: عاجولك يا دكتورة سارة.
سارة(بإبتسامة): قول يا حاج عبد الرحمن..
عبد الرحمن: الا هو انتي ماعتجوليليش ليه يا حاچ عبده كيف ما اتعودتي.
سارة(بإبتسامة رقيقة و فرحة): استنى بس خليها بيني و بينك احسن الحاج جميل بيغير.
و بذلك قد اعلن العمدة عبد الرحمن عن موقفه من تلك الزيجة.. ضحك الجميع على مزاح عمدتهم و خفة ظل تلك الحورية الشقية.. و لكن لم يحتمل حامد ما حدث فخرج مثل قذيفة المدفع و خلفه زوجته و ابنته على مضد فقد أرادت أن تكمل الليلة حتى تعلم بكل التفاصيل.
تجاهله الحاج عبد الرحمن لمعرفته حقيقة ما يجيش بقلبه و قلب زوجته و ابنته و لكنه قرر ان يكون لهم بالمرصاد...
عبد الرحمن: طيب نجرو الفاتحة الاول و بعدين نشوفو موضوع الغيرة دى.
و تمت قراءة فاتحة آسر و هدى رغم انف جميع الحاقدين و الرافضين.. و بعد قراءة الفاتحة احتضن آسر أخته بفرحة..
سارة: الف مبروك يا حبيبي.
آسر(بهمس): ربنا يخليكي ليا يا احلى اخت في الوجود.
عادت سارة لمجلس النساء مرة أخرى و جلس الرجال معا لتحديد موعد الزواج و الوقوف على كافة التفاصيل...
عاصم: خلاص يبجى نعملولهم حفلة خطوبة صغيرة كدة الخميس اللي بعد الچاي.
عبد الرحمن: على خيرة الله.
آسر: بعد إذنك يا حاج عبد الرحمن و بعد إذنك يا بابا و انت كمان يا عاصم طبعا.. و. كل اللي موجودين طبعا.
أشار له الجميع بالتحدث فقال..
آسر: انا بصراحة كدة مش عايز اعمل خطوبة.. انا كنت عايز نخليها كتب كتاب بالمرة..
عبد الرحمن: واه.. مستعچل انت جوي يا باشمهندس.
آسر(بحرج و لكنه أوضح هدفه الحقيقي): اللي تشوفه يا حاج.. بس انا عارف الصعيد و عاداته و تقاليده.. و مجرد خطوبة مش هاتخليني على راحتي.. اجي ازوركم هنا او نخرج انا و هي لوحدنا.. يعني..
فأنا بصراحة كنت عامل حسابي أنها تبقى خطوبة و كتب كتاب لحد ما الشقة تخلص و نعمل الفرح.. فبعد إذنك يا عمدة انا عايز اكتب كتابي على هدى مش بس تبقى خطوبة.
عبد الرحمن: ها يا عاصم.. ايه رأيك؟؟
عاصم: والله يابوي اللي تشوفه.. و اني شخصياً ماعنديش مانع.
عبد الرحمن: خلاص.. خليها كتب كتاب كمان يا باشمهندس.
آسر: يبقى نخليها النهاردة خطوبة..
عاصم: واه.. كيف يعني؟؟
آسر: انا كنت جايب هدية صغيرة كدة للآنسة هدى و يارب تعجبها.. هالبسهالها و بكدة دي تبقى خطوبة.. بس طبعا دي حاجة غير الشبكة اللي هي هاتختارها بنفسها.
عبد الرحمن: ماشي كلامك.. يا ام عاصم.. هاتي هدى و تعالو.
و وسط زغاريد النسوة اتجهت سعاد و هنية بصحبة هدى و سارة التي لم تتركها هدى من فرط توترها..
وقف آسر و اقترب منهم فتوهج وجه هدى من الخجل.. فتح علبة قطيفة بها خاتم جميل.. به فص من الألماس بشكل قلب يبهر من يراه..
آسر: ايدك يا عروسة.
رفعت هدى كفها المرتعش دون حديث.. ألبسها آسر الخاتم و تعمد ام يلمس يدها فزاد ارتعاشها و سحبت يدها سريعاً و سط الزغاريد التي أطلقتها النسوة احتفالا بإتمام اتفاقات الزواج...
عبد الرحمن: إيه يا ام العروسة.. مش هانتعشو ولا إيه.. چوعتونا عاد.
هنية: حالا يا عمدة.
انتهت ليلتهم بسلام و كانت الفرحة عامرة بقلوب الجميع.. و لكن ليس بمنزل الحاج حامد الذي كان يستشيط غضباً بسبب إهمال أخيه له و لخروجه غاضباً من منزله و عدم اهتمامه به...
و زادت زوجته بنزيناً فوق ناره فاشتعل أكثر و أكثر..
=================================
و في صباح اليوم التالي اتجه آسر و والدته و شقيقته مع هدى و والدتها بصحبة عاصم حتى يشترون لهدى شبكتها من أحد محلات المجوهرات في المدينة.. حتى يتثنى لآسر و أسرته العودة مرة أخرى للقاهرة حتى يستعدون لحفل كتب الكتاب..
و لكن هدى ترجت سعاد و جميل حتى يتركون سارة معها حتى يحين موعد الحفل لأنها لن تستطيع أن تستعد للحفل بدونها..
وافق جميل على مضد.. فهو كان يود أن يقضي بضعة أيام مع ابنته التي اشتاق ها و اشتاق لحديثها مدة تزيد عن ال 7 أشهر..
و بالفعل تركوها و عادو وحدهم للقاهرة..
ياترى بقى جواز آسر و هدى هايتم بهدوء و من غير مشاكل..
و ياترى عبير هاتيأس ولا مش هاتسيب عاصم لسارة..
و حامد اللي ماشي ورا مراته و بنته من غير تفكير هايفضل كدة ولا هايفوق في الوقت المناسب...
ظلت الايام تمر بمنتهى السعادة بين عاصم و سارة الذي كان حبهما ينير وجهيهما دون أن يشعرا.. حتى أن الحاجة هنية و زوجها الحاج عبد الرحمن قد لاحظا عودة ضحكة ولدهما التي افتقداها كثيرا منذ ما حدث بينهم و بين ابنة عمه..
اما سارة فقد كانت روحها تزهر بشكل أكبر عند وجود عاصم.. الذي لم يكن يطيق وجوده بعيدا عن المنزل كثيراً.. فقد كان يستمع لمحادثاتهما الصوتية التي كان يسجلها دون أن تدري هي..
أو يستمع للمقاطع الصوتية التي ترسلها له على تطبيق الـ wattsapp فهي لا تكتب بالطبع ولا تقرأ.. و لكنه لا يعلم أنها تفعل تقريبا ذات الشئ.. فقد كانت أيضاً تسمع لمحادثاتهما في أوقات فراغها و اشتياقها له و هو بخارج المنزل.
و بعد عدة أيام..
كان عاصم عائداً للمنزل ليلاً بعد يوم عمل طويل فوجد هدى تجلس وحدها تتأمل اللاشئ.. فعلم أنها بالطبع تفكر في آسر أو على الأقل في موضوع ارتباطها المحتمل معه..
اقترب منها دون أن تشعر و فاجئها بوجوده...
عاصم(بصوت عال): هدهوووووود...
هدى(و هي تضع يدها على صدرها بفزع من صوته): اخس عليك يا عاصم.. مش هاتبطل عادتك السودة دي؟؟
عاصم(ضاحكاً بشدة على رد فعلها الذي يمتعه للغاية): ههههههههه.. لا طبعا.. طول ما بتتخضي مش هابطل.. قوليلي بقى قاعدة لوحدك ليه... و ردي بسرعة الإنكار مش هايفيدك.
هدى: مافيش يا غلس.. ماما بتحضر العشا و البنات معاها و سارة راحت تغير هدومها و تاخد شاور قبل العشا.
ابتسم عندما شعر أنها تجمل نفسها قبل أن يأتي حتى تستقبله بأجمل شكل و أبهى حلة.. و تسائل في نفسه كيف الحال و هما متزوجان.. افاقته هدى من شروده...
هدى: هييه.. انت سرحت في ايه؟
عاصم: ولا حاجة يا بايخة.. المهم قوليلي كنتي بتفكري في ايه؟؟
هدى: ولا حاجة برضه.
عاصم(نظر لها بنصف عين): اممممم.. على عاصم برضه.. قري و اعترفي يا بت انتي.. كنتي بتفكري في ايه؟
هدى(احمرت وجنتيها خجلا): صدقني ولا حاجة.
عاصم: يا سلام.. يعني ماكنتيش سرحانة في آسر.
هدى(بسرعة و كأنها تنفي عن نفسها تهمة خطيرة): لا.. لا آسر ايه.. لا طبعاً.
عاصم(نظر لها بنصف عين و عدم تصديق): يا بت.. يابت.. طيب و انا مش مصدقك و هاسألك بصراحة كدة و دوغري.
امي قالتلي انها كلمتك في موضوع آسر و أنه عايز يتقدملك يعني و كدة بس انتي لسة ماردتيش عليها.. و الراجل مستني رد عشان يشوف هايجيب أهله امتى و يجي يخطبك... ها ايه رأيك؟؟
هدى: يجي يخطبني كدة مرة واحدة و كأني وافقت.. و بعدين رأيي في ايه بس.. هو كان عارفني فين ولا شافني كام مرة عشان يجي يتقدملي و يتجوزني كدة خبط لزق؟؟
عاصم: هو انا بادن في مالطة.. ماتردي عدل يا بنتي و ماتتعبيش قلبي.. بتفكري في ايه؟ إيه اللي بيدوره في دماغه بالظبط.. و ياريت بصراحة و من غير لف و دوران.
هدى: عايز الصراحة يعني؟
عاصم(بنفاذ صبر): ياريت.
هدى: خايفة.. خايفة اوي يا عاصم..
عاصم(بتعجب): خايفة.. من إيه طيب؟
هدى: خايفة يطلع زي البني ادم اللي كنت مخطوباله قبل كدة و باعني عند أول ناصية زي مابيقولو.
باعني في ازمتي و اتجوز صاحبة عمري.. خايفة آسر كمان مايستحملش اللي انا فيه.. خايفة مايقدرش يستناني لحد ما اخف و اقف على رجلي.
عاصم: طيب ما انتي وقفتي على رجليكي خلاص.. فين المشكلة؟
هدى: وقفت على عكاز مش على رجلي.
عاصم: عكاز واحد.. بعد ما كانو اتنين و بعد ما كان كرسي بعجل و بعد ما كنتي مابتفارقيش سريرك ولا اوضتك.. و كلها اسبوع ولا اتنين و تجري مش بس تقفي و تمشي.. ايه اللي مخوفك تاني؟
هدى: مش عارفة.. مش عارفة.. و بعدين مش يمكن كل مشاعره ناحيتي تبقى مجرد شفقة و عطف على واحدة في ظروفي.
عاصم: إيه هو دة اللي ظروفي ظروفي... هو انتي بايعة كليتك عشان تعالجي امك ولا كاتبة على نفسك شيكات.
هدى(بعصبية متوترة): يووووه بقى عليك يا عاصم... ماتتكلم جد شوية و بطل هزار.
عاصم(بجدية): حاضر.. هاتكلم جد.
اقترب منها و جلس بجوارها و احتضنها حضناً اخوياً حتى يطمئن قلبها..
عاصم(بحنان): آسر راجل يا هدى.. راجل بجد و متمسك بيكي جدا.. مش عارف على ايه؟
نكزته في ذراعه بمرح فأكمل هو بعد ان فرغ من ضحكه المرح على غضبها.....
عاصم(ثم عاد لجديته): طيب تصدقي انه من ساعة ما سافر و فاتحني في الموضوع بيكلمني كل يوم و في اليوم يمكن مرتين و تلاتة كمان.. هايموت و يجي يخطبك... عايز يجي حتى لو من غير أهله مرة واحدة..
و الموضوع مقفل معاه.. لا أهله رجعو لسة ولا احنا مطمنينه و الواد قاعد على أعصابه يا عيني.
هدى(بعد أن قامت من حضنه): بجد؟
عاصم: اه ياختي بجد..
هدى: طيب ليه.. و اشمعنى انا؟؟ و ازاي بقى متمسك بيا اوي كدة برغم انه ماشافنيش غير مرة و التانية أصلا كان مشغول بأخته..
عاصم: عارفة اني من كتر زنه سألته نفس ذات السؤال دة..
هدى: بجد.. طيب قالك ايه؟
عاصم: قالي انه عمره ما حب قبل كدة و ان موضوع الحب دة كان اخر همه.. و أصلا مايعرفش يعني إيه حب.. حتى لو كان هايتجوز كان هايشوف اي بنت مناسبة و خلاص.. مش لازم عن حب يعني.
بس لما قابلك حس انك انتي البنت المناسبة ليه.. اخلاقيا مافيش حد يختلف عليكي.. و تعليمك كويس.. بنت ناس و عيلة كبيرة... فلقيكي مناسبة ليه.. كمان بيقول انه ارتاحلك نفسيا و بيبقى مبسوط لما بيشوفك او بيسمع اي خبر عنك... مش شرط يا هدى انه يكون بيحبك عشان يتقدملك..
ما يمكن شاف فيكي زوجة صالحة و ام كويسة لولاده بس... ولا دي مش اسباب كفاية انه يتقدملك..
لم تعلق على حديثه فأكمل هو بتأكيد ..
عاصم: هدى انتي مش واخدة بالك ان انا موافق على آسر برغم اني ماكنتش موافق على النطع الاولاني.
فاكرة انا كنت معارض ازاي موضوعك معاه.. بس لما لقيتك موافقة و لقيت ابوكي و امك مرحبين سكتت.. بس المرة دي انا موافق..
آسر راجل بجد و يعتمد عليه.. واثق أنه هايشيلك في عنيه..
هدى(بخجل فطري جميل): خلاص.. اللي تشوفه.
عاصم(بتهكم و مرح): لا والله.. يا بت.. يا بت..
ماشي ياختي هتكلم مع ابوكي الحاج و نشوف هانعمل ايه..(و امسكها من وجنتيها برخامة) مبروك يا عروسة.
هدى(بغضب مصطنع): بطل بقى يا رخم.
عاصم: طيب ياللا نقوم ناكل احسن هاموت من الجوع.
هدى: هاتموت من الجوع ولا وحشتك الأمورة.
عاصم: أمورة مين يابت.
هدى(بمكر): امك الحاجة هنية طبعا هايكون مين يعني.. اوعى تكون فاكرني مش واخدة بالي ها..
عاصم: بقيتي شقية انتي اوي.. ياللا.. ياللا يا لمضة.. قومي.
هدى: بقولك إيه يا عاصم ماتشيلني.
عاصم(و هو يقلد صوت هنيدي): ليه و انتي اتشليتي؟
هدى(بغيظ و همت ان تتركه): كدة.. ماشي مش عايزة منك حاجة.. اوعي كدة.
عاصم(باغتها و هو يحملها بذراعيه): دة انت تؤمر يا قمر انت..
حملها و دخلا معا للي باحة السرايا وسط مرحهما و صوت ضحكهما الذي امتلأت به أذن الجميع.
=================================
تحدث عاصم مع والده بعد أن أخذ موافقة شقيقته المبدئية على ارتباطها بآسر الذي سعد للغاية عندما علم بموافقة هدي و أهلها حتى لو كانت موافقة مبدئية..
مر حوالي 10 أيام أخرى و قد وصل والدى سارة إلى أرض الوطن بسلام.. استقبلهما آسر بالمطار بفرحة لسلامة وصولهما أولا و لإقتراب ارتباطه بهدى ثانياً..
في السيارة و هم متجهين لمنزلهم...
آسر: حمد الله على سلامتكم يا جماعة.. والله وحشتوني جدا.
سعاد(والدة آسر): يعني سارة ماجتش برضه تستقبلنا في المطار.. ينفع كدة.
آسر: يا ماما ما انا قولتلك انها مش جاية.. هو انا كدبت عليكي ولا هي قالتلك أنها جاية و ماجتش.. ماهي قيلالك مش هاتيجي..
و بعدين احنا كلها يومين و نروح لها.
جميل(الوالد): اه صحيح ايه حكاية جوازك اللي طلعت فجأة دي..
سعاد: و مين البنت دي اللي عايز تتجوزها و عرفتها منين و ازاي و امتى؟؟
آسر(و هو محاصر بأسئلة والديه): ايه يا جدعان ما بالراحة.. نوصل البيت بس بالسلامة و ترتاحوا شوية و انا احكيلكم كل حاجة.
سعاد: طيب كلملي اختك اطمن عليها.
آسر: يووه.. دة انا نسيت.. دي مأكدة عليا اكلمها اطمنها اول ما نخرج من المطار.
(بعد أن عبث بهاتفه و جاءه ردها) الو.. ايوة يا سووو.. عاملة ايه... اه ياستي وصلو بالسلامة و مروحين اهو.. خدي ماما عايزة تكلمك.
سعاد(بعد أن أخذت منه الهاتف): الو.. ايوة يا سارة.. عاملة ايه يا حبيبتي.
سارة: انا كويسة يا ماما.. حمد الله علي السلامة..
سعاد: الله يسلمك يا حبيبتي.. كدة يا سووو ماتجيش تستنيني في المطار و انتي عارفة انتي قد ايه وحشاني.. انا زعلانة منك.
سارة(ضحكت بمرح): ههههههههه.. لا يا حبيبتي مايهونش عليا زعلك.. انتي كمان وحشاني اوي والله و بابا كمان واحشني اوي.. بس ماهو آسر قالكم انكو هاتيجو كمان يومين.. لازمته ايه بقى اسافر و ارجع تاني.
سعاد: لازمته اني اشوفك و نتكلم في موضوع جوازة اخوكي اللي جات على غفلة دي.. بقولك ايه انتي تعرفيها البنت دي؟؟
سارة: ايوة طبعا.
سعاد: يعني حلوة كدة ولا اي كلام.. ما انا عارفة زوق اخوكي مايعلم بيه الا ربنا.
آسر: الله يسامحك يا ست الحبايب.
سعاد: بس يا واد انت.
سارة: ههههههههه.. لا يا ماما.. من ناحية حلوة فهي زي القمر و اخلاق و من عيلة و بنت ناس.. و بتدرس في فنون جميلة و رسامة درجة اولى كمان.. يعني من الآخر هي اللي خسارة في ابنك.. ها عايزة تعرفي ايه تاني.
جميل: ما كفاية رغي بقى و هاتي اكلمها..
سعاد: خدي بابا عايز يكلمك.
جميل: الو.. عاملة إيه سارة؟؟
سارة: بابا.. عامل ايه انت يا حبيبي.. واحشني اوي.
جميل: انتي اللي وحشاني اكتر يا قلب بابا.. عاملة ايه يا روح قلب ابوكي.
سارة: بخير يا حبيبي طول ما انا سامعة صوتك بخير.
جميل: مش كنتي تيجي يا سارة عشان نشوفك.. انتي وحشاني بجد..
سارة: معلش يا بابا والله ماكنت هاقدر اسيب هدى اليومين دول اللي قبل ما تيجو... و كلها يومين و تيجو.. عدوها بقى.
اكملو حديثهم و انتهى اليوم بسلام و باليوم التالي اتصل آسر بهاتف الحاج عبد الرحمن و حدثه والده الاستاذ جميل حتى يتم تحديد موعد لسفرهم و طلب يد هدى...
=================================
و أتى اليوم الموعود لآسر و هدى...
استعدت هدى منذ الصباح الباكر أو أنها لم تستطع النوم تلك الليلة من الأصل.. استيقظ الجميع و كان العمل على قدم و ساق في تجهيز المنزل و تجهيز وليمة كبيرة تليق بالمدعووين و بضيوف العمدة عبد الرحمن.
لم تفارق سارة غرفة هدى منذ الصباح حتى تدعمها نفسياً و تهديء من توترها.. فقد كان توترها يصل لعنان السماء فلم ترد ان ترى اي أحد خاصة اهلها و حديثهم الذي اصبح منصباً على زواجها و خطبتها و عريسها.. و قد حددت إقامة سارة معها بالغرفة بالإكراه وجعل هذا عاصم يجن..
فهو لم يراها منذ الصباح.. و لم تتناول معه طعام الفطور كعادتها منذ أن وطأت رجلها منزلهم..
و هو أيضاً لم يغادر المنزل حتى يقف بنفسه على الاستعدادات لاستقبال عريس شقيقته المنتظر.. أو أنه كان يريد أن يراها و لم يستطيع أن يترك المنزل دون ذلك..
و بعد مغرب نفس اليوم بقليل..
وصل آسر بسيارته بصحبة والديه و هداياه و بعض من اقاربه.. حسنا الكثير من اقاربه.. فقد وصلوا في ست سيارات تقريبا و من تفهمي السيارات أيضاً.. و بالقرب من المنزل قام بالاتصال بسارة..
سارة: الو.
آسر: ايوة يا سارة... عاملة ايه يا روحي.
سارة: تمام يا عريس.. انتو فين..
آسر: احنا خلاص داخلين على البيت خليكي جنب الباب بقى عشان ماما عايزة تشوفك و بابا..
سارة: حاضر هانزل حالا اهو..
آسر: انتي فين.. في اوضتك؟؟
سارة: لا في اوضة العروسة.
آسر(بفرحة): ايه دة بجد؟؟ طيب ما تديهالي اسلم عليها..
سارة: امها واقفة جنبي يا آسر لما تمشي طيب.
هنية: سمعاكي انتي و هو.
سارة: عارفة.. ههههههههه.
آسر: بتلبسيني يا سارة.. ماشي.. انزلي بقى.
سارة: حاضر ياللا سلام مؤقت..
سارة(بعد أن أغلقت الهاتف): تعالي يا فاطمة نزليني احسن دول على وصول خلاص.
هنية: لا يا فاطنة خليكي انتي و اني هانزل معاكي عشان استجبلهم.. مايصحش يا بتى عيب.. الا هو اخوكي كان عايز ايه؟؟
سارة: ههههههههه.. كان عايز يكلم العروسة احسن وحشته اوي.
هدى(نهرتها بخجل): سارة
هنية: اتحشمي يابت.
سارة: الله و انا مالي انا.. تعالي ننزل و ابقى اعملي فيه اللي انتي عايزاه.
نزلت سارة مستندة إلى يد هنية لتجد عاصم يفتح الباب و يستقبل آسر و والديه..
عاصم: اتفضل يا آسر.. اتفضلو يا جماعة.. حمد الله علي السلامة..
آسر: الله يسلمك يا عاصم.. اعرفك بقى بوالدي الدكتور جميل و أمي مدام سعاد..
عاصم(و هو يصافحهما بود): يا اهلا يا اهلا.. نورتنا والله يا دكتور چميل.
جميل: منور بيك يا عاصم بيه.
عاصم: لا بيه ايه بجى.. دة احنا خلاص هانبجو أهل.. جولي عاصم.. عاصم و بس.. نورتينا يا هانم.
سعاد: هانم ايه بقى يابني.. دة انت لسة قايل هانبقى اهل.. قولي يا طنط.
ضحك آسر بخفوت تحت نظرة عاصم المصدومة.. فهل يمكن لكبير البلد و عمدتها القادم أن ينادي سيدة بـ"طنط" فلحق آسر الموقف سريعاً..
آسر: طنط ايه بس يا ماما.. بصي خليه يقولك مدام.. عاصم قولها يا مدام.. اقولك قولها يام آسر..
عاصم(ضحك بود): ههههههههه.. لا مش لدرچة ام آسر.. مدام كويس.. ايه رأيك يا مدام؟؟
سعاد: طالما دة يريحك خليها مدام.. بس هي سارة فين..
عاصم: حالا أشيع لها حد من البنات يناديها.
هنية(و هي تهبط الدرج بصحبة سارة): لا ماتشيعش.. ادي سارة چات اهي.
سعاد(و هي تقترب من ابنتها): سارة حبيبتي..(و هي تحتضنها) وحشاني.. وحشاني اوي يا حبيبتي.
سارة: انتي كمان وحشاني اوي يا مامي..
جميل(اقترب من ابنته و احتضنها): وحشاني اوي يا سارة.. عاملة ايه يا حبيبتي؟؟
سارة(و هي تختفي في حضن والدها): تمام يا حبيبي.. الحمد لله في احسن حال..
جميل: يارب دايما يا بنتي.. انتي عارفة انك وحشتيني اوي..
سارة: عارفة.. ما انت كمان واحشني اوي.
هنية: نورتونا والله يا چماعة.
سارة(و هي تتولى مهمة تعريفهم ببعض): تعالي يا ماما هنية.. دي بقى يا ماما تبقى ماما هنية.. ماما العروسة.. احلى و اجمل واحدة في البيت دة.
عاصم: واه واه.. بجينا عفشين كلنا اكدة و امي بس اللي حلوة اياك..
سارة: لا هو انت وحش من زمان مش جديدة يعني..
ضحك الجميع و رفع عاصم حاجبيه بدهشة على مزاح سارة الذي افتقده طوال اليوم.. و لكن السعادة غمرته لمجرد سماع صوتها..
عاصم: طيب.. خليكي فاكراها عاد.
سارة(و هي تقلد صوته و لهجته): مش بنسى حاچة انا عاد.. بس بقى خليني اكمل(ثم التفتت لهنية) و دول بقى يا ستي يبقو مدام سعاد مامتي و الدكتور جميل بابتي.
سعاد: ههههههههه يا بنتي خفي شوية.. اهلا يا ست ام عاصم..
هنية: اهلا بك يا ام آسر.. منور يا دكتور چميل.
جميل: منور بيكي يا ستنا..
عاصم: اتفضل معايا يا آسر انت و الدكتور چميل.. ابويا و عمامي منتظرينكم من بدري.. و سيب الست الوالدة تروح مع سارة و امي.
تركوا السيدات لتذهبن لمجلس السيدات الذي لم يكن بعيدا عن مجلس الرجال.. و ذهب أسر و والده بصحبة عاصم لمجلس الرجال حيث ينتظرهم الحاج عبد الرحمن و أخيه حامد و بعض رجال العائلة الذي لزم حضورهم لتلك المناسبة.
و اتجهت السيدات لمجلس السيدات ليجدن بعض سيدات العائلة أيضاً و الذي لزم حضورهن خطبة ابنة كبيرهم.. و كان من ضمنهن صالحة زوجة العم و ابنتها عبير اللتان كانتا تموتان غيظاً من زيادة ارتباط عائلة الحاج عبد الرحمن بسارة و عائلتها برباط النسب أيضاً..
عبير(بهمس خبيث): شايفة ياما.. و كمان هاينسبوهم... اني هاموت ياما هاموت.
صالحة: ماتخافيش.. مش هايحصول..
عبير: كيف ياما بس؟
صالحة: اني اتحدت مع ابوكي ليلة امبارح و فطمته على كل حاچة.. و عرفته أن الچوازة دي لو تمت يبجى عاصم كمان يمكن يتچوز بتهم..
و جولتله أن انتي أولى منيها.. انتي بت عمه و كنتي مرته يبجى لو عاصم نوى يتچوز يبجى انتي أولى ترچعيله..
عبير(غير مصدقة و بفرحة بلهاء و كأنه زفافها من عاصم بالفعل): صُح ياما؟؟
صالحة: ايوة يا نن عين امك... و هو طمني و اكدلي أنه هايبوظ الچوازة دي و ماهيخليهاش تتم.. اطمني انتي و حطي في بطنك بطيخة صيفي.
عبير: يارب ياما يارب...
صالحة: اكفي عالخبر ماجور بجى و اسكتي لما نشوفو ايه اللي هايُحصل.
جلس الجميع يتبادلون أطراف الحديث و التعارف حتى مال آسر على أذن والده...
آسر: ايه يا بابا.. هو انت جاي تتعرف بس ولا إيه.. ماتخش في الموضوع.
جميل: دايما مستعجل كدة انت.. حاضر يا سيدي.
(ثم التفت لمجلس والد العروس) حاج عبد الرحمن...
عبد الرحمن: نعم يا استاذ چميل.
جميل: لا استاذ ايه بقى.. بلاش ألقاب.. و لو لازم يعني قولي يا حاج زي ما انا بقولك.
عبد الرحمن: ماشي كلامك يا حاچ چميل.. أوامرك..
جميل: ما يؤمر عليك ظالم يا عمدة.. اكيد انتو عارفين سبب زيارتنا النهاردة.. احنا جايين النهاردة عشان ننول شرف نسبكم الكريم.
احنا جايين نطلب ايد الآنسة هدى لأبني الباشمهندس آسر.. ايه رأيك يا عمدة؟؟
نظر عبد الرحمن لولده عاصم أولا.. فهو خليفته سواء في منصبه كعمدة أو في زعامة العائلة فهو يعده منذ سنوات لذلك.. و أماء له عاصم بإبتسامة سعادة دليل على موافقته التي ابلغه بها من قبل ثم أردف الحاج عبد الرحمن...
عبد الرحمن: احنا ينولنا الشرف يا حاچ چميل.. ولدك الباشمهندس آسر زينة الشباب.. اخلاج و مركز و ماشوفناشي منه غير كل ادب في الكام يوم اللي كان بياچي يطمن فيهم على خيته زينة البنتة..
جميل(بفخر): دة من زوقك يا حاج عبد الرحمن..
طرق حامد بمؤخرة عصاه الخشبية على الأرض علامة على اعتراضه على ذلك الطلب و على موافقة أخيه...
حامد: ايوة بس احنا مانعرفوش حد منيكم.. يعني لا نعرفو اصلكم من فصلكم.. هانسلمو بتنا لناس مانعرفوش حاچة عنيهم ولا ايه؟؟
عاصم: ايه الحديت اللي عاتجوله ده يا عمي؟؟
حامد: ايه.. غلطت اني ولا ايه.. تعرف ايه عنيهم الناس دي غير أن بتهم سابت دارها و چات تعيش وحديها مع ناس ماتعرفهمش عشان تشتغل عنديهم...
عاصم(و بدأت شعلة غضبه في الاشتعال): بس سارة ماعتشتغلش عندينا.. "الدكتورة" سارة هنا عشان تساعد خيتي في علاچها.
حامد(قاطعه و أكمل): بأچرتها يعني بتشتغل عندينا.. بتساعدها بالأچرة ولا عاتشتغل لله اياك؟؟
صمت الجميع.. نزولا على رغبة سارة لم ترد أن يعلم أحدا أنها بالفعل تعمل بلا مقابل.. فقط لأنها أحبت هدى و ارتبطت بها كصديقة و اخت لها...
حامد: واحدة چاية نشتغل عن ناس و تعيش حداهم وحديها.. و هما عنديهم شاب.. لا شاب إيه دة راجل ملو هدومه.
عاصم(بغضب): عمي حامد.. كلامك دة عيب و مايصحش.. إلا إذا كنت بتشكك في بيت اخوك و ولده و انهم يسمحو باللي بتجول عليه ده.. كمان الدكتورة ما حدش يجدر يجول في حجها كلمة واحدة عفشة.. ولا إيه يابوي.
لم يرد عبد الرحمن فوراً.. فهو كان ينتظر اخيه حامد لكي يفرغ كل ما في جعبته.. و قد فعل.. فقد اكمل بغل و غيظ...
حامد(أكمل بطريقة غير لطيفة على الاطلاق): دة غير اني عرفت أنها كانت عايشة وحديها في مصر و اخوها شغال بعيد عنيها.. يعني مانعرفوش اخلاجها كيف.. عاتسلم اختك يا عاصم لناس لا عندهم نخوة ولا شرف.. يسيبو حريمهم على حل شعرهم.
جميل: لاااااا.. كدة كتير اوي.. و انا مش هاسمح لحد يجيب سيرة بنتي بكلمة واحدة..
عاصم(وقف بغضب وصل لعنان السماء لأن عمه ذكر سارة بالسوء): عم حامد.. اني ماعسمحلكش تچيب سيرة الدكتورة سارة بحاچة عفشة.. سارة و اهلها ضيوفنا و سارة بجت صاحبة بيت كمان.
بجالها معانا شهور و الكل يشهد بأخلاجها.. فبلاش الحديت الماسخ دة اللي ما منوش لازمة عاد..
كان الحاج عبد الرحمن هو الوحيد الذي يفهم جيدا ما يدور في ذهن حامد و زوجته... و كان يفهم سبب اعتراضه على زيجة هدى من آسر و بالطبع بذكاء و حنكة العمدة قرر أن يتعامل بهدوء مع ثورة أخيه حتى يكسب تلك الزيجة...
و أخيه إن أمكن...
عبد الرحمن: عاصم.. اسكت.
عاصم: ايه يابوي.. يعني انت عاچبك حديت عمي ده؟
عبد الرحمن: لا ماعچبنيش.. و عشان أكده بجولك اسكت.
جميل(وقف بعصبية): حضرة العمدة.. احنا كنا جايين النهاردة عشان يبقى في بينا نسب.. و جيت لما سارة قالتلي عنكم كل خير و أن الحاج عبد الرحمن عمدة البلد و كبيرها راجل دغري.. مايرضاش بالغلط ابدا..(ثم نظر لحامد بقوة و الذي اشباح بنظره بعيدا بملل) و انا بثق جدا في بنتي سارة و في حكمها على الناس و في رأيها.. لكن اللي حصل دة غلط مش بس فينا لا و في حقكم كمان.. و بدل ما يكون بينا تفاهم احنا بنتهان في بيت العمدة و كبير البلد.. و دي اكيد حاجة ماترضيش حد.
آسر: و انا مهما كنت معجب بالآنسة هدى و متمسك بيها لكن اللي يمس اختي بكلمة واحدة انا اكله بسناني.
حامد: عاتهددنا في دارنا و أرضنا اياك.. و بعدين هو ابوك ماعلمكش أن لما الرچالة تتحدت الصغار يسكتو..
جميل: لا كبار ولا صغيرين.. الموضوع خلص على كدة.. عن اذنكم.
عبد الرحمن: يا حاچ چميل اجعد و استهدى بالله..
جميل(باعتراض): يا عبد الرحمن انت أكيد ماترضاش بـ..
عبد الرحمن( مقاطعاً): ماعرضاش.. انت مين بس اللي جالك أن العمدة و كبير البلد عايسمح لحد أنه يخرچ متهان من داره..
اجعد يا حاچ چميل بعد إذنك.
جميل: زي ما آسر قال كدة كله الا سارة.. الا سارة يا عمدة.. و زي ما بنتكم غالية عندكم فبنتنا اغلى عندنا من الدنيا باللي فيها..
قاطعهم صوت سارة التي قدمت نحو مجلسهم بهدوء بعد أن تركت يد هدى التي توترت و خافت من فشل الموضوع كله بسبب تهور عمها.
تركتها بعد ما سمعت السيدات ما حدث.. و لكن سارة الوحيدة التي كانت تعلم سبب عنف حامد مع أهلها و رفضت في ذهنها بشكل قاطع أن تسمح له بأن يدمر تلك الزيجة و أن تجعل عبير تظفر بما يدور بذهنها..
سارة: بابا.. لو سمحت.
جميل: سارة؟؟ كويس انك جيتي.. ارجوكي اتفضلي اندهي والدتك و ياللا عشان نمشي.
سارة: ممكن تسمعني الاول طيب؟
جميل: هاسمع ايه.. سارة احنا هنا مش في أمريكا ولا حتى في بيتنا.. و احنا مش في موضع اتهام عشان تدافعي عن نفسك.
سارة: عارفة طبعا و انا مش هادافع عن نفسي ولا حاجة لأن انا فعلا مش في موضع اتهام ولا انا محتاجة اظافع عن نفسي قدام اي حد.. بس لو سمحت.. خليك واثق فيا زي ما انت معودني..
(صمت فاتجهت هي بالحديث للعمدة) حاج عبد الرحمن.. انا عارفة أن الستات مالهمش أنهم يتدخلو في كلام الرجالة هنا.. خصوصا في موضوع مصيري زي الجواز و النسب.. بس انا بطلب منك انك تسمحلي اقول كلمتين بس و بعدها تبقى قرر حضرتك.. ممكن؟؟
عبد الرحمن(بعد تفكير لم يدوم طويلاً): تعالي يا سارة.
حامد: والله عال.. مابجاش الا الحريم كمان عايجولو رأيهم و يتدخلو في حديت الرچالة..
عبد الرحمن(بغضب و حسم لا يقبل النقاش): حامد.. اني سمحت.. و اني لساتني كبير البلد و العيلة لو كنت ناسي يعني..(ثم التفت إليها مرة أخرى) جربي يا سارة تعالي يابتي.
نظر جميل لأبنه آسر حتى يذهب و يساعد شقيقته لتقترب دون أذى... ففعل..
اقتربت سارة من مجلسهم و لكن لم تجلس..
سارة: اقعد يا بابا... اتفضل ارتاح يا حاج عبد الرحمن...
سمعا حديثها و جلسا بينما ظل آسر ممسكاً بيدها و عاصم واقفاً أمامها و نظراته تغلفها برعايته..
سارة: انا مش عايزة اقول اي كلام عشان امشي المراكب أو عشان اقنع طرف بالطرف التاني.. أو عشان ابرر اي حاجة لاي حد.. بس مجرد توضيح لشوية حاجات ممكن تكون مفهومة غلط او غايبة عن حد منكم.
بالنسبة لآسر.. فآسر أخويا.. و اصلا شهادتي فيه مجروحة.. بس الشخص اللي يفضل جنب أخته في أزمة زي اللي انا مريت بيها.. و يفضل جنبي يعني يفضل جنبي حرفيا.. انا فضلت في المستشفى 4 شهور ماسابش المستشفى ساعة واحدة حتى..
أول شهرين ماكنش بيسيبني لحظة واحدة حرفياً ولا حتى كان بيروح شغله حتى مشواري لأوضة الأشعة كان بيكون مش بس معايا لا كان أحياناً بيشيلني على أيديه كمان.
الشهرين التانيين كان ابتدي ينزل الشغل بالعافية لما فضلت اتحايل كتير اوي عليه و اقنعته اخيرا.. كان بعد ما ينزل يفضل يكلمني لحد ما يوصل الشغل.. و طول اليوم يفضل يتصل بيا يمكن ولا 10 مرات في اليوم.. و كل مرة مش اقل من 5 دقايق كلام عشان يطمن عليا و يطمني انه مش سايبني و انه معايا.. و كان من الشغل للمستشفى و من المستشفى للشغل..
كانت ماما تجيبله حبيبي اللبس في المستشفى و يغير فيها و ياخد شاور و اكله و شربه و كل حاجة معايا.. كان مرافق ليا بالمعنى الحرفي.
قبل آسر يد شقيقته بكل حب.. و ربتت هي على يده..
آسر: و عمري كله فداكي يا قلبي.
سارة(ابتسمت له بحب): ربنا يخليك ليا يا حبيبي..(ثم اكملت) اما هدى بقى.. فأنا جيت هنا اصلا عشان كان في بنوتة قمراية محتاجة مستشار نفسي.. و في حالتها اللي كانت فيها دي.. دة كان شيء عادي و طبيعي جدا..
اللي ماكنش عادي ولا طبيعي بقى هو اني لما اتعاملت معاها و سمعت منها و عنها من الناس القريبين منها.. حبيتها جدا.. حبيتها زي اختي و يمكن اكتر.. مش انا يا بابا كنت بزن عليك زمان انت و ماما عشان تجيب لي اخت.. خلاص مافيش داعي تتعبو نفسكم ربنا بعتلي الاخت اللي كنت بتمناها من زمان..
إبتسم الجميع على حديثها و لم يعلق احد.. فأكملت هي..
سارة: و مش بس عشان ظروفنا شبه بعض لكن هدى كمان إنسانة رقيقة و جميلة و حنينة مش ممكن حد يقابلها و مايحبهاش..
لما آسر قالي أنه معجب بهدى و عايز يتجوزها أنا كنت هاطير من الفرحة لدرجة اني قعدت اتنطط زي المجنونة على سريري.. اكتر اتنين بحبهم في حياتي هايرتبطو.. و مش بس كدة دول هايتجوزو كمان.
سعادتي بالخبر دة ماقدرتش اوصفها و فضلت ادعي ان هدى و اهلها يوافقو يمكن اكتر من آسر كمان.. و الحمد لله وافقو..
أما بالنسبة ليا انا بقى.. فلما بابا اخدنا و سافر أمريكا قال لنا اننا جايين هنا ناخد منهم حاجة واحدة بس... العلم و الدراسة و بس.. مش اي حاجة تانية.. اختلاطنا بيهم لازم يكون في اضيق الحدود عشان أحنا غيرهم في كل حاجة.
و فعلا زي ما سافرنا زي ما رجعنا.. ما قلدناهمش لا في لبس ولا اخلاق ولا علاقات ولا أي حاجة.. و كوم ان اخويا كان بيسافر و يسيبني لوحدي فهو ماكنش بيسيبني لوحدي ولا حاجة..
كان معايا الدادا بتاعتي مش بتفارق البيت ابدا طول ما انا فيه.. و السواق معايا في اي مكان بخرج فيه.
جميل: و لو ان دة ماكنش عشان اي شك في سارة ابدا.. دة بس عشان ظروفها مش اكتر.
سارة(نظرت له ببسمة ممتنة): طبعا يا حبيبي.. ربنا يخليكم ليا..(ثم حولت وجهها نحو حامد و قالت بنبرة قوية مكابرة متعالية) اما بقى بالنسبة للعيلة يا حاج حامد فأنا اسمي سارة جميل(ثم اكملت بقوة) سليمان خليل الصاوي.
عبد الرحمن(و هو يحاول أن يتذكر الاسم): خليل الصاوي!! عيلة الصاوي المنياوية؟؟
سارة(ابتسمت لنجاحها): ايوة.. و عمي الكبير العمدة جمال الصاوي يبقى عمدة البلد و كبيرها برضه.. أكيد عارفه يا حاج عبد الرحمن.. و كان المفروض هايجي معانا النهاردة لكن للاسف ماقدرش.. كان عنده معاد مهم مع المحافظ.. لكن حكم على آسر ماحدش يكون وكيله في كتب الكتاب غيره.
انا كدة خلصت كلامي يا جماعة.. و قبل ما بابا يقوم عشان ياخدنا و نمشي هانسمع كلمتك يا حاج عبد الرحمن.. عشان هي دي الأصول.
تبادل الجميع النظرات فيما بينهم.. فقد ارضت سارة جميع الأطراف و بمنتهي السهولة.. أُعجب الجميع بذكائها و فطنتها في التعامل مع الموقف.. و ابتسم الجميع على حسن تصرف تلك الفتاة الصغيرة..
اما عاصم فلم يحيد نظره عنها منذ بدأت في الحديث حتى انتهت.. و كانت نظراته ملؤها الحب و الفخر بمن يحب.. و بذكائها و حلو لسانها..
فنطق عبد الرحمن أخيراً كاسراً حالة الصمت تلك..
عبد الرحمن: عاجولك يا دكتورة سارة.
سارة(بإبتسامة): قول يا حاج عبد الرحمن..
عبد الرحمن: الا هو انتي ماعتجوليليش ليه يا حاچ عبده كيف ما اتعودتي.
سارة(بإبتسامة رقيقة و فرحة): استنى بس خليها بيني و بينك احسن الحاج جميل بيغير.
و بذلك قد اعلن العمدة عبد الرحمن عن موقفه من تلك الزيجة.. ضحك الجميع على مزاح عمدتهم و خفة ظل تلك الحورية الشقية.. و لكن لم يحتمل حامد ما حدث فخرج مثل قذيفة المدفع و خلفه زوجته و ابنته على مضد فقد أرادت أن تكمل الليلة حتى تعلم بكل التفاصيل.
تجاهله الحاج عبد الرحمن لمعرفته حقيقة ما يجيش بقلبه و قلب زوجته و ابنته و لكنه قرر ان يكون لهم بالمرصاد...
عبد الرحمن: طيب نجرو الفاتحة الاول و بعدين نشوفو موضوع الغيرة دى.
و تمت قراءة فاتحة آسر و هدى رغم انف جميع الحاقدين و الرافضين.. و بعد قراءة الفاتحة احتضن آسر أخته بفرحة..
سارة: الف مبروك يا حبيبي.
آسر(بهمس): ربنا يخليكي ليا يا احلى اخت في الوجود.
عادت سارة لمجلس النساء مرة أخرى و جلس الرجال معا لتحديد موعد الزواج و الوقوف على كافة التفاصيل...
عاصم: خلاص يبجى نعملولهم حفلة خطوبة صغيرة كدة الخميس اللي بعد الچاي.
عبد الرحمن: على خيرة الله.
آسر: بعد إذنك يا حاج عبد الرحمن و بعد إذنك يا بابا و انت كمان يا عاصم طبعا.. و. كل اللي موجودين طبعا.
أشار له الجميع بالتحدث فقال..
آسر: انا بصراحة كدة مش عايز اعمل خطوبة.. انا كنت عايز نخليها كتب كتاب بالمرة..
عبد الرحمن: واه.. مستعچل انت جوي يا باشمهندس.
آسر(بحرج و لكنه أوضح هدفه الحقيقي): اللي تشوفه يا حاج.. بس انا عارف الصعيد و عاداته و تقاليده.. و مجرد خطوبة مش هاتخليني على راحتي.. اجي ازوركم هنا او نخرج انا و هي لوحدنا.. يعني..
فأنا بصراحة كنت عامل حسابي أنها تبقى خطوبة و كتب كتاب لحد ما الشقة تخلص و نعمل الفرح.. فبعد إذنك يا عمدة انا عايز اكتب كتابي على هدى مش بس تبقى خطوبة.
عبد الرحمن: ها يا عاصم.. ايه رأيك؟؟
عاصم: والله يابوي اللي تشوفه.. و اني شخصياً ماعنديش مانع.
عبد الرحمن: خلاص.. خليها كتب كتاب كمان يا باشمهندس.
آسر: يبقى نخليها النهاردة خطوبة..
عاصم: واه.. كيف يعني؟؟
آسر: انا كنت جايب هدية صغيرة كدة للآنسة هدى و يارب تعجبها.. هالبسهالها و بكدة دي تبقى خطوبة.. بس طبعا دي حاجة غير الشبكة اللي هي هاتختارها بنفسها.
عبد الرحمن: ماشي كلامك.. يا ام عاصم.. هاتي هدى و تعالو.
و وسط زغاريد النسوة اتجهت سعاد و هنية بصحبة هدى و سارة التي لم تتركها هدى من فرط توترها..
وقف آسر و اقترب منهم فتوهج وجه هدى من الخجل.. فتح علبة قطيفة بها خاتم جميل.. به فص من الألماس بشكل قلب يبهر من يراه..
آسر: ايدك يا عروسة.
رفعت هدى كفها المرتعش دون حديث.. ألبسها آسر الخاتم و تعمد ام يلمس يدها فزاد ارتعاشها و سحبت يدها سريعاً و سط الزغاريد التي أطلقتها النسوة احتفالا بإتمام اتفاقات الزواج...
عبد الرحمن: إيه يا ام العروسة.. مش هانتعشو ولا إيه.. چوعتونا عاد.
هنية: حالا يا عمدة.
انتهت ليلتهم بسلام و كانت الفرحة عامرة بقلوب الجميع.. و لكن ليس بمنزل الحاج حامد الذي كان يستشيط غضباً بسبب إهمال أخيه له و لخروجه غاضباً من منزله و عدم اهتمامه به...
و زادت زوجته بنزيناً فوق ناره فاشتعل أكثر و أكثر..
=================================
و في صباح اليوم التالي اتجه آسر و والدته و شقيقته مع هدى و والدتها بصحبة عاصم حتى يشترون لهدى شبكتها من أحد محلات المجوهرات في المدينة.. حتى يتثنى لآسر و أسرته العودة مرة أخرى للقاهرة حتى يستعدون لحفل كتب الكتاب..
و لكن هدى ترجت سعاد و جميل حتى يتركون سارة معها حتى يحين موعد الحفل لأنها لن تستطيع أن تستعد للحفل بدونها..
وافق جميل على مضد.. فهو كان يود أن يقضي بضعة أيام مع ابنته التي اشتاق ها و اشتاق لحديثها مدة تزيد عن ال 7 أشهر..
و بالفعل تركوها و عادو وحدهم للقاهرة..
ياترى بقى جواز آسر و هدى هايتم بهدوء و من غير مشاكل..
و ياترى عبير هاتيأس ولا مش هاتسيب عاصم لسارة..
و حامد اللي ماشي ورا مراته و بنته من غير تفكير هايفضل كدة ولا هايفوق في الوقت المناسب...