رواية تناديه سيدي الفصل الثاني عشر 12 بقلم صابرين شعبان
الفصل الثاني عشر
إبتعدت عنه للجانب الآخر من الفراش بضيق و هى تشد المنامة الصغيرة التي أعطتها لها الجدة فريدة و قد أتت بها أم عبد الله من إبنتها ..واحدة لها و الأخرى لنجمة و قد أعطت أيضاً جلباب خفيف لسناء أما فريدة فلها بعض الملابس هنا هى و طِراد الذي أعطا منامة لتامر و أخرى لمحمود من مناماته هنا فهو دوماً ما يمكث في المزرعة تذمرت جميلة لأنها لم تجد ثوب مقاسها لتنام فيه فقامت الجدة فريدة بقص أحد أثوابها و تقصيره و أعطته لها و كم ضحكت و نجمة على شكلها هذا و هى ترتديه مما ذاد من غضبها و قامت بطردهم من الغرفة أما الأولاد فقد تصرفت لهم أم عبد الله في ملابس من أحدى جارتها كانا قد جهزا الغرف في الأعلى واحدة لسناء و محمود و الأخرى لها و لتامر و صبا مما ذاد غضبها للمكوث معه في نفس الغرفة و جميلة غرفة و الأولاد في أخرى و الجدة في غرفتها القديمة و أيضاً طِراد في غرفته التي يمكث بها عندما يكون. هنا
حاولت أغماض عينيها لتغفو بعد جدالهم على رفضها النوم بجانبه في نفس الغرفة و نفس السرير الذي لا يوجد غيره في الغرفة هو خزانة الملابس القديمة و طاولة الزينة الصغيرة كانت غرفة بسيطة كباقي غرف المنزل فهذه العائلة تبدو من عشاق البساطة و لا يحبون التفاخر بمالهم رغم أن نجمة أخبرتها عن منزلهم في المدينة و ما به من أشياء ثمينة .
كان تنفسها يخرج مضطربا مما جعله يشعر بالضيق فسمعت صوته من خلفها يقول بحنق .." لا تخشي شيئاً صبا أنا لن أنقض عليك لأرضي رغباتي أو أفعل شيئاً دون رضاكي فلست وحشا لهذا الحد "
قالت تجيبه لتؤلمه .." كيف آمن لك و قد فعلتها من قبل معي "
أجابها تامر بحزن فهو كان كل ما يفكر فيه وقتها هو مدى إشتياقة إليها و أنها أصبحت بين ذراعيه أخيرا بعد كل هذه السنوات ..
" أنا لم أولمك عمدا صبا صدقيني أنا فقط كنت مشتاق إليكِ هذا كان من شدة شوقي إليك ِ ، لقد أردت أن أدخلك داخل قلبي هذا كان إشتياق أعوام صبا و ليس عقاب كما فهمته أنت" ثم أكمل بحزن ..
" هل تتذكرين كيف كنا قبل رحيلك ، هذا ما كان يطالب به جسدي من قربك، لم أكن أفكر بعقلي وقتها أو أشعر أني ألمتك "
كانت تبكي بصمت فقالت تجيبه بعذاب .." و لكنك جرحتني بحديثك وقتها لقد عاملتني كرخيصة أتيت بها من الطريق هل تعلم ما كان شعوري وقتها و أنت تخبرني ببرود أنك ستأتي لي كلما رغبت و أنك لا تريد أثرا لي في غرفتك كيف أستطعت تامر كيف أستطتعت وأنت تقول أنك تحبني لهذا الحد "
قال يجيبها بهدوء .." بل كنت أولم نفسي صبا و ليس أنت فرغم أني كنت في ذلك الوقت أشعر أنك خنتني بتركي و وسيم من سنوات إلا أني كنت أريدك كما أريد أن أتنفس لم أستطع الإبتعاد عنك أكثر أو إبعاد يدي و ما قلته حينها ما هو إلا صفعة وجهتها لنفسي لأذكرها بما فعلته معى لأفيق نفسي على حقيقة أنك ما عودتي إلا من أجل وسيم فقط و لم تعودي من أجلي "
قالت و هو تنشج بالبكاء بصوت خافت .." لقد عدت من أجلكم أنتم الإثنان و ليس وسيم فقط لقد أخبرتك مرارا وتكرارا أني أحبك أي جواب تريده أكثر من ذلك "
أعتدل على الفراش يدنو منها بعد أن كان مستلقيا على ظهره قائلاً ..
" أنت لم تحاولي التقرب مني منذ عودتك صبا كنتي فقط مهتمة بوسيم و ليس بي ماذا أفهم من ذلك أنك ما عدتي إلا من أجل وسيم ذلك الوقت مررنا بظرف سئ مع المرأة التي كنت متزوجا بها بسببها كدت أخسر وسيم و عند عودتك شعرت باللوم تجاهك لما حدث معنا فلولا تركك لنا ما حدث له شئ و ما تعرض وسيم للخطر و الضياع "
إستدارت على جانبها تنظر إليه و دموعها تغرق وجهها تسأله بألم ..
" أخبرني ماذا حدث معكم و ماذا فعلت تلك المرأة لتعرض وسيم للخطر "
نظر لوجهها المحمر و برقة مد أصبعه ليزيل دمعاتها قائلاً بخجل ..
" ألم تخبرك نجمة و الجدة فريدة بما حدث لنا "
هزت رأسها نافية فتعجب من ذلك و قال بتردد فهو لا يعفي نفسه من مسؤليته في ما حدث مع طفله ذلك الوقت يخشي أن يخبرها فتذداد كرها له لعدم إهتمامه بطفلهم .." أنا أيضاً لا أريد أن تعرفي بما حدث صبا ربما كان معهم حق في عدم إخبارك و أنا لا أريد أن يذداد كرهك لي أن علمتي أنا فقط كل ما أريدك أن تعرفيه أني مازلت أحبك كما كنت أفعل من قبل و سأظل أحبك مهما حدث أريدك أن تنسي الماضي صبا أنسي كل شئ سئ مر بنا أنسي كل ألم سببته لك فقط تذكرى لحظاتنا السعيدة معا و كل فرح أهديته إليك تذكرى لحظاتنا السعيدة صبا و أتركي السئ خلفك " ثم أكمل بحزن .." و ذلك اليوم تذكري كيف كان شوقي إليك ِ كبيرا و تناسي أي شئ أخر أرجوك ِ صبا من أجل وسيم ،. أعطينا فرصة ثانية لنعود كما كنا من قبل في الماضي "
لم تجب و هى تنظر إليه بألم ثم أخفت وجهها بين يديها تبكي بحرقة و عذاب ..
عذاب السنوات الماضية التي كانت تبحث عنهم فيها
عذاب إبتعادها عن فلذة كبدها وسيم
عذاب وحدتها وقت مرضها بدون داعم أو مشجع لها لتتخطى محنتها
عذاب إبتعادها عن حب حياتها خشية أن يؤذيه و يؤلمه ما تمر هى به
عذاب خيانة والديها و تفريقهم لها عن زوجها و طفلها
عذاب زواجه من أخرى غيرها
عذاب عدم بحثه عنها و إستسلامه بعدم عودتها إليهم
كانت تبكي كل ألامها التي تجرعتها وحيدة خلال سنوات شعورها بالضياع دونهم كانت تبكي و تبكي لا تستطيع التوقف و هى تشعر أنها تريد الصراخ لتطفئ هذا الحريق المشتعل داخل صدرها ..
كان ينظر إليها بألم غير مدرك لكم شعورها بالألم مما حدث معها فهو لا يعلم ما مرت به ذلك الوقت و لذلك يجب أن يعلم ما حدث مع زوجته و لما أختفت منذ سنوات بدون إخباره يجب أن يذهب إلى والديها حتى يعلم ما تعانيه زوجته غداً حين يعود إلى المدينة سيذهب ليحادثهم ليعرف ما يخفونه عنه و لم لم يعطوها عنوانه الجديد كما طلب منهم مد يده ليلمس كتفها برقة فإنكمشت على نفسها لتبتعد عنه و لكنه دنا منها بجزم واضعا يده تحت كتفها و الآخر يحتوي خصرها ليرفعها تجاهه يقربها منه يضمها بقوة لصدره يدفن وجهه في عنقها قائلاً بهمس جوار أذنها .." أسف حبيبتي أسف سامحيني صبا "
كانت تنشج بالبكاء بعذاب و جسدها يرتجف فذاد ضغطه عليها دافنا رأسها في صدره مقبلا رأسها بقوة و هو يردد كلمات الإعتذار و الحب حتى أنهكت بين ذراعيه و غفت على صدره مطمئنة بأن كل شئ سيكون أفضل ..
***************
تململ في نومه يحاول الهرب من أفكاره المتزاحمة حولها فنهض من السرير لعل خروجه قليلاً يريح أفكاره و يساعده على النوم خرج من الغرفة و هبط على الدرج و هو يعود بأفكاره لها مرة أخرى متذكرا كل ضحكة، كل كلمة خرجت من فمها ، كل إيمائة من رأسها ،كل لامعة تظهر في عينيها عندما تفرح ، كيف كانت تنظر لكريم بشغف و كيف كانت تمرح مع الأولاد اليوم ..خرج من المنزل وجدها تجلس في الخارج على الأرجوحة أقترب منها طِراد بهدوء وجدها شاردة تدفع نفسها على الأرجوحة بقدم واحدة ببطء فتنحنح حتى لا يفزعها أن أقترب منها فجأة كانت مازالت بملابسها التي أتت بها ثوب طويل بأكمام وردي اللون و ضفيرتها الطويلة تستريح على كتفها و صدرها تهتز كلما أهتزت بالأرجوحة ..
سألها طِراد بهدوء .." ألم تستطيعين النوم نجمة "
التفتت إليه تنظر لملابسه البسيطة تيشيرت بأكمام طويلة تقيه برد المساء و سروال بيتي واسع و خف في قدمه جعلها ترتبك لمرآه هكذا تشعره قريب منها للغاية ..
أجابته بهدوء تخفي خجلها بعد رؤيته هكذا .." لا سيدي أعتقد أنه تغير المكان فلم أستطع النوم "
أشار إلى الأرجوحة بجانبها قائلاً .." هل تسمحين لي "
أحمر وجهها خجلا لم يتبينه من الإضاءة الخافته في الحديقة الصادر عن المصابيح المنتشرة فيها ..تنحت للجانب الآخر من الأرجوحة سامحه له بالجلوس بجوارها .." تفضل سيدي "
جلس بجانبها بصمت و هما يستمعان لصوت حشرات الليل التي تصدر أصوتاً متواصلة رتيبة.. كانت تنظر للسماء فقالت تقطع الصمت ..
" لم أرى نجوم لامعة مضيئة و كثيرة لهذا الحد من قبل في حياتي "
أبتسم طِراد بهدوء و أجاب بتأكيد .." و لا أنا و لذلك أحب المجئ هنا ليلا و أشاهدها و أحب أيضاً هدوء المكان كلما شعرت بالرغبة في الهرب من الضجيج أتي لهنا و نستمر في التجول أنا و كريم طوال الوقت نهارا أو ليلا .."
قالت برقة متذكرة الحصان الأسود الضخم .." لقد أحببته حقاً سيدي أنه رائع "
وعدها طِراد قائلاً .." سأجعلك تمطتئينه يوماً نجمة ستشعرين أنك تحلقي به "
أرتبكت من حديثه فهى لا تعرف متى سيخبرها والدها عن التوقف عن العمل .. أو كانت ستعود هنا مرة أخرى .. عندما لم تجب سألها طِراد .." هل ستعودين قريبًا لإكمال دراستك نجمة "
أجابت نجمة .." أجل سيدي أعتقد ذلك فلا شئ لدي لأفعله بعد تركي للعمل فوالدي وجد وظيفة و سيداوم من الأسبوع المقبل و لا أعرف متي سيخبرني لأتوقف عن العمل "
سألها بغموض .." لما لا تعملين بجانب دراستك نجمة و سأحدث جدتي لتعملي نصف دوام فقط و لن يتأثر راتبك سيظل كما هو ما رأيك "
خفق قلبها هل يريدها حقاً أن تظل معهم و لا ترحل .." لا أعرف سيدي ربما لا يوافق أبي على ذلك "
قال طِراد بهدوء و لامبالاة .." حتماً جدتي ستشتاق إليك كثيرا "
أجابته لتطمئنه فهى لا تعتقد أنها ستذهب لرؤيتها في المنزل ستشعر بالخجل أكيد ..ودت لو سألته هل أنت ستشتاق إلي سيدي أيضاً أم أنت فرح بالتخلص مني .." أنا لن أتركها سيدي سأذهب لرؤيتها كما تعودنا أن نلتقي في الحديقة "
صمتا بعد ذلك و كل منهم غارق في أفكاره كانت قد تركت مهمة أرجحتهم له فكان يهز الأرجوحة برتابة يستند بظهره عليها شعرت بالقلق من الجلوس معه وحدها تخشي أن تفيق والدتها و تبحث عنها ماذا ستخبرها أنها كانت تفعل معه في ذلك الوقت المتأخر وحدهما و شعر بتململها فقال لها بهدوء و هو يوقف الأرجوحة لتنهض ..
" هيا نجمة أذهبي للنوم فقد تأخر الوقت حتى لا يقلق والديك أن لم يجدوك في غرفتك "
نهضت بخجل هل علم بما تفكر به أم هى مصادفة فقط ..أحنت رأسها له و هى تقول .." تصبح على خير سيدي "
أجاب بهدوء .." و أنت بخير أراك صباحاً نجمة "
راقبها تسير مسرعة لتدلف داخل المنزل و تغلق الباب خلفها بهدوء أستدار ينظر إلى الأمام مرة أخرى و هو يريح جسده أكثر على الأرجوحة و يعود لتحريكها برتابة لا يعلم كم ظل يفعل ذلك و بعدها لم يشعر بشيء سقط رأسه جانباً ليغرق في النوم .
***************
أغلقت باب شرفتها و عادت لتجلس على الفراش براحة و على وجهها إبتسامة واسعة فيبدو أن حفيدها بدأ يتحرك قلبه تجاه نجمة كما تمنت ها هو ينتهز جميع الفرص حتي يجالسها و يتقرب منها قريبًا يا طِراد سيعلن قلبك إستسلامه و سينسى ما فعلته بك تلك المرأة اللعينة من سنوات لتعلم أن هناك الصالح كما هناك الطالح في هذا الكون ..
سمعت خطواتها في الممر فنهضت عن فراشها و فتحت الباب و أدعت المفاجأة عندما رأت نجمة في الممر متجهة لغرفتها مع جميلة فقالت بصوت هادئ .." ماذا تفعلين حبيبتي خارج غرفتك هل حدث شئ أزعجكي "
أحتقن وجهه نجمة و قالت مرتبكة كمن أرتكب ذنبا و يخفيه .." لا جدتي فقط لم أستطع النوم و كنت جالسة في الحديقة قليلاً و أنا الآن أريد أن أغفو هل تريدين شيئاً جدتي لما مازالت مستيقظة "
أجابتها فريدة بهدوء .." لا شئ عزيزتي أنا فقط كنت ذاهبه لأجلب كوب ماء من الأسفل فالماء نفذ لدي "
أبتسمت نجمة قائلة .." حسنا جدتي أنا سأجلبه لك أنت أستريحي في فراشك "
هزت فريدة رأسها و نجمة تعود إلى الأسفل لتجلب لها الماء بعد قليل عادت و معها أبريق صغير و كوب فارغ ملئته و أعطته لفريدة قائلة ..
" تفضلي جدتي هل تريدين شيئاً آخر قبل ذهابي للنوم "
هزت فريدة رأسها نافية و قالت بمكر .." لما لا تجلسين معي نتحدث قليلاً فأنا أنتظرت طِراد ليأتي إلي اليوم و لكنه لم يفعل لا أعرف أين هو فأنا لم أجده في غرفته منذ قليل "
أرتبكت نجمة و شعرت بالخجل من إخبارها أنه كان جالس معها في الأسفل من قليل فقالت تتهرب .." حسنا جدتي سأذهب إلى النوم فأنا شعرت بالنعاس حقاً "
أمسكت فريدة بيدها لتجلسها بجوارها على الفراش و قالت ..
" فلتبيتي معي هنا في الغرفة فكما تري السرير واسع و يأخذنا كلتانا "
أرتبكت نجمة و قالت .." لا أريد إزعاجك جدتي حتى تنامين براحة "
جذبتها فريدة بحزم .." لا لن تزعجيني حبيبتي هيا أدخلي للفراش فالجو رطب اليوم و فيه بعض البرد "
إستسلمت نجمة و قالت .." حسنا سأجلب منامتي من غرفتي و أعود "
ذهبت لغرفتها و جميلة النائمة و بدلت ملابسها ثم عادت لغرفة فريدة و أندست جوارها في الفراش و هى تقول .." تصبحين على خير جدتي "
أبتسمت فريدة و قبلتها على وجنتها بحنان .." و أنت بخير حبيبتي أحلاما سعيدة "
أستلقت كلتاهما و أغمضت نجمة عينيها و هى تستعيد كل تفاصيل حديثهم معا .
***********************
تقلبت بتعب فلم تستطع لا تعرف ما الذي يكبل حركتها في الفراش لتشعر بتامر و هو يضمها إليه أكثر كانت قد تذكرت ما حدث قبل أن تغفو متذكرة كل ما مرت به من ألم في سنوات فغرقت عيناها بالدموع لتحاول كتمان صوتها حتى لا يستيقظ و لكنه شعر بها فهب جالسا و هو يقوم بسحبها معه بقلق بالغ قائلاً بلهفة .." حبيبتي ما بك هل أنت بخير صبا هل شئ يؤلمك "
هزت رأسها نافية فدنا منها يضع يده على كتفها و يزيل بالأخرى دموعها و هو يقول بحنان .." لا تبكي لا أريد رؤية دمعاتك مرة أخرى"
هزت رأسها و قالت بإرهاق .." سأذهب لرؤية وسيم في غرفته "
أمسك بجسدها بحنان قائلاً.." لا داعي لذلك لقد فعلت منذ بعض الوقت فأنا لم أغفو إلا من وقت قصير "
نظرت إليه بتساؤل فقال بحنان .." لم أستطع تركك لأغفو كنت أريد النظر إليك فقط حتى أصدق أنك حقا هنا و بين ذراعي خشيت أن أنام لأجده حلم من أحلامي الكثيرة التي كنت أراها "
أحمرت خجلا و أرادت العودة إلى النوم لتهرب من شعورها بالإحتياج إليه و هى تخبر قلبها أن يظل على قسوته تجاهه فهى لم تسامحه بعد على فعلته معها و كأنه علم بما تفكر فدنا منها أكثر يقول بندم و رجاء
" أسف سامحيني حبيبتي أرجوكي "
أرتعشت بين ذراعيه فقرب فمه من أذنها يقبلها برقة ليذداد إشتعالا و لا يستطيع السيطرة على إندفاعه نحوها بمجرد ملامستها متذكرا كل ما كان بينهما من جنون و شغف ليقول بشغف و لوعة .." صبا حبيبتي أحبك "
حاولت جعل أذنيها تصم عن توسلاته إليها و مطالبته لها بحبه تقسي قلبها و هى تذكره بما فعله بها من قبل و لكنها لم تستطع أن تصمد كثيرا فهى أيضاً تحتاجه و بجنون يعادل جنونه و يتخطاه لم تشعر إلا و هو يزيل عنها منامتها القصيرة ليقبل كل إنش من جسدها و هى تغرق معه في عواصف حبه لها تسير معه خطوة بخطوة ليصلا معا لمرساهم .
*******************
لم يعرف كم غرق في النوم على الأرجوحة عندما أستيقظ يشعر بألم في رقبته و برد في جسده فنهض طِراد يقف بألم لتصلب جسده من الجلوس طويلاً ليتجه للمنزل فيدلف إلى الداخل يصعد لغرفته كان الظلام مازال حالكا و المنزل في حالة سكون صعد الدرج ليتجه أولا لغرفة جدته فريدة ليطمئن عليها فتح الباب بهدوء و على ضوء الممر رأها نائمة بجوار جدته وجهها محمر بفعل النوم و شعرها أخرجته من ضفيرته فأفترش الوسادة أسفل رأسها و تساقطت بعض خصلاته تتدلى عن السرير تلامس الأرض كانت تبدو بريئة كالملاك أغمض عينيه ثانية ليعود لينظر إليها مرة أخيرة قبل أن يغلق الباب بهدوء و يتجه لغرفته ليلقي بجسده المنهك على الفراش و هو يتلمس جرحه هاتفا بألم .." لماذا طِراد لماذا هى دونا عن الأخريات .." أفيق طِراد هى كما إسمها نجمة و لن تصل إليها " زفر بحرقة قائلاً بلوعة .." سامحك الله جدتي أنت من وضعتها في طريقي هل لتعذبيني جدتي .؟؟
أستدار على جانبه يمسك بالوسادة ليضعها على رأسه لعل هذا الألم يخفت
إبتعدت عنه للجانب الآخر من الفراش بضيق و هى تشد المنامة الصغيرة التي أعطتها لها الجدة فريدة و قد أتت بها أم عبد الله من إبنتها ..واحدة لها و الأخرى لنجمة و قد أعطت أيضاً جلباب خفيف لسناء أما فريدة فلها بعض الملابس هنا هى و طِراد الذي أعطا منامة لتامر و أخرى لمحمود من مناماته هنا فهو دوماً ما يمكث في المزرعة تذمرت جميلة لأنها لم تجد ثوب مقاسها لتنام فيه فقامت الجدة فريدة بقص أحد أثوابها و تقصيره و أعطته لها و كم ضحكت و نجمة على شكلها هذا و هى ترتديه مما ذاد من غضبها و قامت بطردهم من الغرفة أما الأولاد فقد تصرفت لهم أم عبد الله في ملابس من أحدى جارتها كانا قد جهزا الغرف في الأعلى واحدة لسناء و محمود و الأخرى لها و لتامر و صبا مما ذاد غضبها للمكوث معه في نفس الغرفة و جميلة غرفة و الأولاد في أخرى و الجدة في غرفتها القديمة و أيضاً طِراد في غرفته التي يمكث بها عندما يكون. هنا
حاولت أغماض عينيها لتغفو بعد جدالهم على رفضها النوم بجانبه في نفس الغرفة و نفس السرير الذي لا يوجد غيره في الغرفة هو خزانة الملابس القديمة و طاولة الزينة الصغيرة كانت غرفة بسيطة كباقي غرف المنزل فهذه العائلة تبدو من عشاق البساطة و لا يحبون التفاخر بمالهم رغم أن نجمة أخبرتها عن منزلهم في المدينة و ما به من أشياء ثمينة .
كان تنفسها يخرج مضطربا مما جعله يشعر بالضيق فسمعت صوته من خلفها يقول بحنق .." لا تخشي شيئاً صبا أنا لن أنقض عليك لأرضي رغباتي أو أفعل شيئاً دون رضاكي فلست وحشا لهذا الحد "
قالت تجيبه لتؤلمه .." كيف آمن لك و قد فعلتها من قبل معي "
أجابها تامر بحزن فهو كان كل ما يفكر فيه وقتها هو مدى إشتياقة إليها و أنها أصبحت بين ذراعيه أخيرا بعد كل هذه السنوات ..
" أنا لم أولمك عمدا صبا صدقيني أنا فقط كنت مشتاق إليكِ هذا كان من شدة شوقي إليك ِ ، لقد أردت أن أدخلك داخل قلبي هذا كان إشتياق أعوام صبا و ليس عقاب كما فهمته أنت" ثم أكمل بحزن ..
" هل تتذكرين كيف كنا قبل رحيلك ، هذا ما كان يطالب به جسدي من قربك، لم أكن أفكر بعقلي وقتها أو أشعر أني ألمتك "
كانت تبكي بصمت فقالت تجيبه بعذاب .." و لكنك جرحتني بحديثك وقتها لقد عاملتني كرخيصة أتيت بها من الطريق هل تعلم ما كان شعوري وقتها و أنت تخبرني ببرود أنك ستأتي لي كلما رغبت و أنك لا تريد أثرا لي في غرفتك كيف أستطعت تامر كيف أستطتعت وأنت تقول أنك تحبني لهذا الحد "
قال يجيبها بهدوء .." بل كنت أولم نفسي صبا و ليس أنت فرغم أني كنت في ذلك الوقت أشعر أنك خنتني بتركي و وسيم من سنوات إلا أني كنت أريدك كما أريد أن أتنفس لم أستطع الإبتعاد عنك أكثر أو إبعاد يدي و ما قلته حينها ما هو إلا صفعة وجهتها لنفسي لأذكرها بما فعلته معى لأفيق نفسي على حقيقة أنك ما عودتي إلا من أجل وسيم فقط و لم تعودي من أجلي "
قالت و هو تنشج بالبكاء بصوت خافت .." لقد عدت من أجلكم أنتم الإثنان و ليس وسيم فقط لقد أخبرتك مرارا وتكرارا أني أحبك أي جواب تريده أكثر من ذلك "
أعتدل على الفراش يدنو منها بعد أن كان مستلقيا على ظهره قائلاً ..
" أنت لم تحاولي التقرب مني منذ عودتك صبا كنتي فقط مهتمة بوسيم و ليس بي ماذا أفهم من ذلك أنك ما عدتي إلا من أجل وسيم ذلك الوقت مررنا بظرف سئ مع المرأة التي كنت متزوجا بها بسببها كدت أخسر وسيم و عند عودتك شعرت باللوم تجاهك لما حدث معنا فلولا تركك لنا ما حدث له شئ و ما تعرض وسيم للخطر و الضياع "
إستدارت على جانبها تنظر إليه و دموعها تغرق وجهها تسأله بألم ..
" أخبرني ماذا حدث معكم و ماذا فعلت تلك المرأة لتعرض وسيم للخطر "
نظر لوجهها المحمر و برقة مد أصبعه ليزيل دمعاتها قائلاً بخجل ..
" ألم تخبرك نجمة و الجدة فريدة بما حدث لنا "
هزت رأسها نافية فتعجب من ذلك و قال بتردد فهو لا يعفي نفسه من مسؤليته في ما حدث مع طفله ذلك الوقت يخشي أن يخبرها فتذداد كرها له لعدم إهتمامه بطفلهم .." أنا أيضاً لا أريد أن تعرفي بما حدث صبا ربما كان معهم حق في عدم إخبارك و أنا لا أريد أن يذداد كرهك لي أن علمتي أنا فقط كل ما أريدك أن تعرفيه أني مازلت أحبك كما كنت أفعل من قبل و سأظل أحبك مهما حدث أريدك أن تنسي الماضي صبا أنسي كل شئ سئ مر بنا أنسي كل ألم سببته لك فقط تذكرى لحظاتنا السعيدة معا و كل فرح أهديته إليك تذكرى لحظاتنا السعيدة صبا و أتركي السئ خلفك " ثم أكمل بحزن .." و ذلك اليوم تذكري كيف كان شوقي إليك ِ كبيرا و تناسي أي شئ أخر أرجوك ِ صبا من أجل وسيم ،. أعطينا فرصة ثانية لنعود كما كنا من قبل في الماضي "
لم تجب و هى تنظر إليه بألم ثم أخفت وجهها بين يديها تبكي بحرقة و عذاب ..
عذاب السنوات الماضية التي كانت تبحث عنهم فيها
عذاب إبتعادها عن فلذة كبدها وسيم
عذاب وحدتها وقت مرضها بدون داعم أو مشجع لها لتتخطى محنتها
عذاب إبتعادها عن حب حياتها خشية أن يؤذيه و يؤلمه ما تمر هى به
عذاب خيانة والديها و تفريقهم لها عن زوجها و طفلها
عذاب زواجه من أخرى غيرها
عذاب عدم بحثه عنها و إستسلامه بعدم عودتها إليهم
كانت تبكي كل ألامها التي تجرعتها وحيدة خلال سنوات شعورها بالضياع دونهم كانت تبكي و تبكي لا تستطيع التوقف و هى تشعر أنها تريد الصراخ لتطفئ هذا الحريق المشتعل داخل صدرها ..
كان ينظر إليها بألم غير مدرك لكم شعورها بالألم مما حدث معها فهو لا يعلم ما مرت به ذلك الوقت و لذلك يجب أن يعلم ما حدث مع زوجته و لما أختفت منذ سنوات بدون إخباره يجب أن يذهب إلى والديها حتى يعلم ما تعانيه زوجته غداً حين يعود إلى المدينة سيذهب ليحادثهم ليعرف ما يخفونه عنه و لم لم يعطوها عنوانه الجديد كما طلب منهم مد يده ليلمس كتفها برقة فإنكمشت على نفسها لتبتعد عنه و لكنه دنا منها بجزم واضعا يده تحت كتفها و الآخر يحتوي خصرها ليرفعها تجاهه يقربها منه يضمها بقوة لصدره يدفن وجهه في عنقها قائلاً بهمس جوار أذنها .." أسف حبيبتي أسف سامحيني صبا "
كانت تنشج بالبكاء بعذاب و جسدها يرتجف فذاد ضغطه عليها دافنا رأسها في صدره مقبلا رأسها بقوة و هو يردد كلمات الإعتذار و الحب حتى أنهكت بين ذراعيه و غفت على صدره مطمئنة بأن كل شئ سيكون أفضل ..
***************
تململ في نومه يحاول الهرب من أفكاره المتزاحمة حولها فنهض من السرير لعل خروجه قليلاً يريح أفكاره و يساعده على النوم خرج من الغرفة و هبط على الدرج و هو يعود بأفكاره لها مرة أخرى متذكرا كل ضحكة، كل كلمة خرجت من فمها ، كل إيمائة من رأسها ،كل لامعة تظهر في عينيها عندما تفرح ، كيف كانت تنظر لكريم بشغف و كيف كانت تمرح مع الأولاد اليوم ..خرج من المنزل وجدها تجلس في الخارج على الأرجوحة أقترب منها طِراد بهدوء وجدها شاردة تدفع نفسها على الأرجوحة بقدم واحدة ببطء فتنحنح حتى لا يفزعها أن أقترب منها فجأة كانت مازالت بملابسها التي أتت بها ثوب طويل بأكمام وردي اللون و ضفيرتها الطويلة تستريح على كتفها و صدرها تهتز كلما أهتزت بالأرجوحة ..
سألها طِراد بهدوء .." ألم تستطيعين النوم نجمة "
التفتت إليه تنظر لملابسه البسيطة تيشيرت بأكمام طويلة تقيه برد المساء و سروال بيتي واسع و خف في قدمه جعلها ترتبك لمرآه هكذا تشعره قريب منها للغاية ..
أجابته بهدوء تخفي خجلها بعد رؤيته هكذا .." لا سيدي أعتقد أنه تغير المكان فلم أستطع النوم "
أشار إلى الأرجوحة بجانبها قائلاً .." هل تسمحين لي "
أحمر وجهها خجلا لم يتبينه من الإضاءة الخافته في الحديقة الصادر عن المصابيح المنتشرة فيها ..تنحت للجانب الآخر من الأرجوحة سامحه له بالجلوس بجوارها .." تفضل سيدي "
جلس بجانبها بصمت و هما يستمعان لصوت حشرات الليل التي تصدر أصوتاً متواصلة رتيبة.. كانت تنظر للسماء فقالت تقطع الصمت ..
" لم أرى نجوم لامعة مضيئة و كثيرة لهذا الحد من قبل في حياتي "
أبتسم طِراد بهدوء و أجاب بتأكيد .." و لا أنا و لذلك أحب المجئ هنا ليلا و أشاهدها و أحب أيضاً هدوء المكان كلما شعرت بالرغبة في الهرب من الضجيج أتي لهنا و نستمر في التجول أنا و كريم طوال الوقت نهارا أو ليلا .."
قالت برقة متذكرة الحصان الأسود الضخم .." لقد أحببته حقاً سيدي أنه رائع "
وعدها طِراد قائلاً .." سأجعلك تمطتئينه يوماً نجمة ستشعرين أنك تحلقي به "
أرتبكت من حديثه فهى لا تعرف متى سيخبرها والدها عن التوقف عن العمل .. أو كانت ستعود هنا مرة أخرى .. عندما لم تجب سألها طِراد .." هل ستعودين قريبًا لإكمال دراستك نجمة "
أجابت نجمة .." أجل سيدي أعتقد ذلك فلا شئ لدي لأفعله بعد تركي للعمل فوالدي وجد وظيفة و سيداوم من الأسبوع المقبل و لا أعرف متي سيخبرني لأتوقف عن العمل "
سألها بغموض .." لما لا تعملين بجانب دراستك نجمة و سأحدث جدتي لتعملي نصف دوام فقط و لن يتأثر راتبك سيظل كما هو ما رأيك "
خفق قلبها هل يريدها حقاً أن تظل معهم و لا ترحل .." لا أعرف سيدي ربما لا يوافق أبي على ذلك "
قال طِراد بهدوء و لامبالاة .." حتماً جدتي ستشتاق إليك كثيرا "
أجابته لتطمئنه فهى لا تعتقد أنها ستذهب لرؤيتها في المنزل ستشعر بالخجل أكيد ..ودت لو سألته هل أنت ستشتاق إلي سيدي أيضاً أم أنت فرح بالتخلص مني .." أنا لن أتركها سيدي سأذهب لرؤيتها كما تعودنا أن نلتقي في الحديقة "
صمتا بعد ذلك و كل منهم غارق في أفكاره كانت قد تركت مهمة أرجحتهم له فكان يهز الأرجوحة برتابة يستند بظهره عليها شعرت بالقلق من الجلوس معه وحدها تخشي أن تفيق والدتها و تبحث عنها ماذا ستخبرها أنها كانت تفعل معه في ذلك الوقت المتأخر وحدهما و شعر بتململها فقال لها بهدوء و هو يوقف الأرجوحة لتنهض ..
" هيا نجمة أذهبي للنوم فقد تأخر الوقت حتى لا يقلق والديك أن لم يجدوك في غرفتك "
نهضت بخجل هل علم بما تفكر به أم هى مصادفة فقط ..أحنت رأسها له و هى تقول .." تصبح على خير سيدي "
أجاب بهدوء .." و أنت بخير أراك صباحاً نجمة "
راقبها تسير مسرعة لتدلف داخل المنزل و تغلق الباب خلفها بهدوء أستدار ينظر إلى الأمام مرة أخرى و هو يريح جسده أكثر على الأرجوحة و يعود لتحريكها برتابة لا يعلم كم ظل يفعل ذلك و بعدها لم يشعر بشيء سقط رأسه جانباً ليغرق في النوم .
***************
أغلقت باب شرفتها و عادت لتجلس على الفراش براحة و على وجهها إبتسامة واسعة فيبدو أن حفيدها بدأ يتحرك قلبه تجاه نجمة كما تمنت ها هو ينتهز جميع الفرص حتي يجالسها و يتقرب منها قريبًا يا طِراد سيعلن قلبك إستسلامه و سينسى ما فعلته بك تلك المرأة اللعينة من سنوات لتعلم أن هناك الصالح كما هناك الطالح في هذا الكون ..
سمعت خطواتها في الممر فنهضت عن فراشها و فتحت الباب و أدعت المفاجأة عندما رأت نجمة في الممر متجهة لغرفتها مع جميلة فقالت بصوت هادئ .." ماذا تفعلين حبيبتي خارج غرفتك هل حدث شئ أزعجكي "
أحتقن وجهه نجمة و قالت مرتبكة كمن أرتكب ذنبا و يخفيه .." لا جدتي فقط لم أستطع النوم و كنت جالسة في الحديقة قليلاً و أنا الآن أريد أن أغفو هل تريدين شيئاً جدتي لما مازالت مستيقظة "
أجابتها فريدة بهدوء .." لا شئ عزيزتي أنا فقط كنت ذاهبه لأجلب كوب ماء من الأسفل فالماء نفذ لدي "
أبتسمت نجمة قائلة .." حسنا جدتي أنا سأجلبه لك أنت أستريحي في فراشك "
هزت فريدة رأسها و نجمة تعود إلى الأسفل لتجلب لها الماء بعد قليل عادت و معها أبريق صغير و كوب فارغ ملئته و أعطته لفريدة قائلة ..
" تفضلي جدتي هل تريدين شيئاً آخر قبل ذهابي للنوم "
هزت فريدة رأسها نافية و قالت بمكر .." لما لا تجلسين معي نتحدث قليلاً فأنا أنتظرت طِراد ليأتي إلي اليوم و لكنه لم يفعل لا أعرف أين هو فأنا لم أجده في غرفته منذ قليل "
أرتبكت نجمة و شعرت بالخجل من إخبارها أنه كان جالس معها في الأسفل من قليل فقالت تتهرب .." حسنا جدتي سأذهب إلى النوم فأنا شعرت بالنعاس حقاً "
أمسكت فريدة بيدها لتجلسها بجوارها على الفراش و قالت ..
" فلتبيتي معي هنا في الغرفة فكما تري السرير واسع و يأخذنا كلتانا "
أرتبكت نجمة و قالت .." لا أريد إزعاجك جدتي حتى تنامين براحة "
جذبتها فريدة بحزم .." لا لن تزعجيني حبيبتي هيا أدخلي للفراش فالجو رطب اليوم و فيه بعض البرد "
إستسلمت نجمة و قالت .." حسنا سأجلب منامتي من غرفتي و أعود "
ذهبت لغرفتها و جميلة النائمة و بدلت ملابسها ثم عادت لغرفة فريدة و أندست جوارها في الفراش و هى تقول .." تصبحين على خير جدتي "
أبتسمت فريدة و قبلتها على وجنتها بحنان .." و أنت بخير حبيبتي أحلاما سعيدة "
أستلقت كلتاهما و أغمضت نجمة عينيها و هى تستعيد كل تفاصيل حديثهم معا .
***********************
تقلبت بتعب فلم تستطع لا تعرف ما الذي يكبل حركتها في الفراش لتشعر بتامر و هو يضمها إليه أكثر كانت قد تذكرت ما حدث قبل أن تغفو متذكرة كل ما مرت به من ألم في سنوات فغرقت عيناها بالدموع لتحاول كتمان صوتها حتى لا يستيقظ و لكنه شعر بها فهب جالسا و هو يقوم بسحبها معه بقلق بالغ قائلاً بلهفة .." حبيبتي ما بك هل أنت بخير صبا هل شئ يؤلمك "
هزت رأسها نافية فدنا منها يضع يده على كتفها و يزيل بالأخرى دموعها و هو يقول بحنان .." لا تبكي لا أريد رؤية دمعاتك مرة أخرى"
هزت رأسها و قالت بإرهاق .." سأذهب لرؤية وسيم في غرفته "
أمسك بجسدها بحنان قائلاً.." لا داعي لذلك لقد فعلت منذ بعض الوقت فأنا لم أغفو إلا من وقت قصير "
نظرت إليه بتساؤل فقال بحنان .." لم أستطع تركك لأغفو كنت أريد النظر إليك فقط حتى أصدق أنك حقا هنا و بين ذراعي خشيت أن أنام لأجده حلم من أحلامي الكثيرة التي كنت أراها "
أحمرت خجلا و أرادت العودة إلى النوم لتهرب من شعورها بالإحتياج إليه و هى تخبر قلبها أن يظل على قسوته تجاهه فهى لم تسامحه بعد على فعلته معها و كأنه علم بما تفكر فدنا منها أكثر يقول بندم و رجاء
" أسف سامحيني حبيبتي أرجوكي "
أرتعشت بين ذراعيه فقرب فمه من أذنها يقبلها برقة ليذداد إشتعالا و لا يستطيع السيطرة على إندفاعه نحوها بمجرد ملامستها متذكرا كل ما كان بينهما من جنون و شغف ليقول بشغف و لوعة .." صبا حبيبتي أحبك "
حاولت جعل أذنيها تصم عن توسلاته إليها و مطالبته لها بحبه تقسي قلبها و هى تذكره بما فعله بها من قبل و لكنها لم تستطع أن تصمد كثيرا فهى أيضاً تحتاجه و بجنون يعادل جنونه و يتخطاه لم تشعر إلا و هو يزيل عنها منامتها القصيرة ليقبل كل إنش من جسدها و هى تغرق معه في عواصف حبه لها تسير معه خطوة بخطوة ليصلا معا لمرساهم .
*******************
لم يعرف كم غرق في النوم على الأرجوحة عندما أستيقظ يشعر بألم في رقبته و برد في جسده فنهض طِراد يقف بألم لتصلب جسده من الجلوس طويلاً ليتجه للمنزل فيدلف إلى الداخل يصعد لغرفته كان الظلام مازال حالكا و المنزل في حالة سكون صعد الدرج ليتجه أولا لغرفة جدته فريدة ليطمئن عليها فتح الباب بهدوء و على ضوء الممر رأها نائمة بجوار جدته وجهها محمر بفعل النوم و شعرها أخرجته من ضفيرته فأفترش الوسادة أسفل رأسها و تساقطت بعض خصلاته تتدلى عن السرير تلامس الأرض كانت تبدو بريئة كالملاك أغمض عينيه ثانية ليعود لينظر إليها مرة أخيرة قبل أن يغلق الباب بهدوء و يتجه لغرفته ليلقي بجسده المنهك على الفراش و هو يتلمس جرحه هاتفا بألم .." لماذا طِراد لماذا هى دونا عن الأخريات .." أفيق طِراد هى كما إسمها نجمة و لن تصل إليها " زفر بحرقة قائلاً بلوعة .." سامحك الله جدتي أنت من وضعتها في طريقي هل لتعذبيني جدتي .؟؟
أستدار على جانبه يمسك بالوسادة ليضعها على رأسه لعل هذا الألم يخفت