رواية جنة الانسانية الفصل الحادي عشر 11 بقلم فاطمة رافت
((جنة الإنسانية))
الباب الحادي عشر:
.....................
جالسة في السيارة وهى ناظرة آمامها بشرودٍ تام..بعينيها الممتلئة بالدموع المُحتجزة..ووجهها الذي من اللون الأصفر وكأن الدماء توقفت عن السير سريعاً في وجهها!
آدارت وجهها لنافذة السيارة لترى بين ظلام الليل..داوود منحني وهو يضع التراب فوق تلك الجثة!!
ولكن أيعقل؟!..داوود الذي وقف آمام الباطل والجرائم المُشينة، الآن يقوم بالإشتراك معها في تلك الجريمة!...بينما هى نظرت آمامها بشرود وألم..لتتذكر ماحدث لها منذ قليل.
................
Flash back:
رفع داوود نظراته بصدمة إلى القصر وهو ينظر له..وبداخله معركة من التفكير كيف لي أن أُنقذها بعدما قامت بإرتكابِ أكبر جريمة وهى قتل النفس!
ثم آفاق من تلك الصدمة الكبرى لينزل نظراته اليها وهى منهارة هكذا بين يديه لينحني عليها وهو يساعدها على النهوض وهو يقول بقلق: زمرد..زمرد!!...
بينما هى لم تتوقف عن البكاء بضربات قلبها القوية كالأطفال لتخرج تنفساتها بسرعة هيستيرية بخوف كبير مما إرتكبته، ليمسك داوود ذراعيها الإثنتين وجعلها تنهض وهو يحاول تهدئتها وهو يقول بنبرة سريعة: تمام تمام، اسمعيني ماحصلش حاجة..تمام؟
أخذت تحرك وجهها بالنفي التام وهى تبكي بشدة لتقول: لالا قتلته!، انا قتلته ياداوود..قتلته!!
ليضع داوود يديه بحنان على وجنتيها وهو ممسكاً بها وكأنه يهديء طفلة صغيرة بحنان بالغ!
داوود بجدية: لا ماحصلش..تمام؟ ،انا معاكي اهدي.
شعرت بالهدوء قليلاً من حالتها المضطربة تلك وهى ناظرة لعينيه لتشعر بنظراته التي تعانقها من جميع النواحي بلطف!..ويديه الحنونة الضخمة الممسكة بوجهها بحنان، بالإضافة إلى لمساته لها المطمئنة..مشاعر تچتاحها ليس لها أي اسم!
سوى أنها تطمئنها فقط ليس إلا!، بينما أكمل داوود وهو ناظراً لعينيها بجدية: ماتعرفيش عنه حاجة، ونزلتي القسم ورجعتي على طول سمعاني؟
عقدت حاجبيها ببرائة شديدة وهى ناظرة لعينيه لتمتليء عينيها بالدموع المُتعددة..أكثر!، لتقوم بسجنها بالداخل وهى ناظرة لعينيه لتبلع ريقها وهى تهز رأسها بسرعة بالإيجاب...كإشارة جسدية بالطاعة..المفرضة! ،وهى ناظرة لناحية أخرىٰ.
............................
نعود للوقت الحاضر:
إعتدل داوود في وقفته ليخرج تنهيدة تعب..ثم ترك ما بيده ليستدير اليها وهو يشعر بالضيق الكبير بداخله مما قام...به!، ولكن لا لن يتركها في هذا الأمر بل سيقوم بإنقاذها...ثم توجه إلى السيارة بخطواته..وملابسه المليئة بالتراب ليدخل إلى السيارة وأغلق الباب خلفه.
بينما هى جالسة بجواره ناظرة آمامها ومازالت في حالة الصدمة التي تقتلها من الداخل وتنهش في عقلها كالمرض!..كالتمثال تماماً!!
داوود بحزم: هتروحي معايا البيت، وتنسي كل اللي حصل....
لم تعطيه رداً لتنهمر دمعة من عينيها..ولم تتحرك أنشاً أيضاً!، فكيف لها أن تنسىٰ بتلك السهولة!..ألا يعلم ماعاشته منذ قليل من..جحيم!
ليكمل هو بعدما وضع يده على عجلة القيادة ليبدأ في القيادة وهو يقول بجمود: عارف انه صعب يا زمرد بس هتنسي.
آدارت وجهها الناحية الأخرى وهى تنظر من النافذة لتأخذ نفساً عميقاً، ثم أخرجته بتنهيدة تعب..لتضع يدها على رقبتها من أسفل برفق، كأنها لا تستطيع التنفس ( النفسي وليس الجسدي)!
زمرد بتنهيدة تعب: وقف....
آدار داوود وجهه اليها، ليعقد حاجبيه قليلاً بتعجب..ليوقف السيارة وهو يقول بإستفهام: حصل ايه؟
بينما هى أسرعت في النزول من السيارة لتقف جانباً وهى لم تزيل يدها من على أسفل عنقها من الآمام، وهى تخرج تنهيداتها بصوتٍ مرتفع!!..وكأنها تحاول التنفس بشكل أفضل، بينما هو شعر بالقلق الكبير عليها!..لينزل من سيارته، ثم توجه اليها سريعاً وهو يقول بقلق: زمرد!..زمرد انتِ كويسة؟
حركت رأسها بالنفي وهى تنظر لنواحي أخرى..بدموع عينيها المحتجزة داخل عينيها وهى تقول: مش هينفع..مش هينفع.
تقدم داوود الخطوات حتى وقف آمامها مباشرةً وهو يقول بضيق شديد: هو ايه اللي مش هينفع؟....
ثم نظر حوله بحرص شديد ليعاود النظر لها وهو يكمل: يلا بينا .
أخذت تتحرك بإضطراب الصدمة الكبرى! وهى لا تعرف أين تذهب..وأين لها أن تنظر؟، لتقول بنبرة صدمة: مش هينفع أكمل بالشكل دة، لا انت هتكلم البوليس.
عقد حاجبيه بتعجب ممزوجاً بالصدمة وهو يقول بغضب: انتِ بتقولي ايه!!
أخذت تتحرك بهيستيرية مابعد الصدمة بيديها ووجها وعينيها وهى تقول: كلمه..لازم تكلمه، لا انا ماينفعش اعيش بالشكل دة
حاول أن يمسك بها وهو يقول بحزم: زمرد!
بينما هى تبتعد عنه بيديها وهى تقول بنبرة مليئة بالصدمة وعدم الإتزان:انا ماينفعش اعيش كدة، ماينفعش اورطك معايا، كلمهم وقولهم كل حاجة انا....
داوود بغضب عارم: زمرد اسمعيني.
زمرد مسرعة بنبرة هيسترية وهى ناظرة له وكأنها لا تستمع لأي شيء: انت دفنته...دفنته!
أمسك ذراعيها سريعاً بقسوة وهو يقول بصوتٍ مرتفع: اسمعي!!!
توقفت عما تفعله لتنظر له بدهشة من صراخه عليها بهذا الشكل، لتبلع ريقها وهى ناظرة لعينيه البندقية.
داوود بغضبٍ مكتوم: ماينفعش نبلغ البوليس هنروح في داهية....
شعرت برعشة يديها لتنهمر الدموع من عينيها وهى لا تريد أن تستمع لحديثه ، لتدير وجهها للناحية الأخرىٰ بينما هو أكمل بصرامة: هتدخلي معايا العربية وهنروح ولا كإن في حاجة حصلت.
إبتعدت عنه سريعاً وهى لا تريد الإقتناع بحديثه لتنهار في البكاء وهى تقول: ماينفعش انسى..
نظر إلى إنفعالها ذلك بدهشة من مشاعرها الكبيرة الظاهرةُ آمامه الآن، لتكمل ببكاءٍ وإنفعال وهى منحنية قليلاً: ماتؤمرنيش اني انسى انا مش عيلة عندك
لتخرج تنهيدة بكاء..لتعتدل في وقفتها..لتشير بيدها لناحية ما في المكان وهى تكمل بحزنٍ شديد: انت ماتعرفش انا عيشت ايه هناك مع واحد مجنون!!
شعر وكأنه قد قسى عليها قليلاً بحديثه ولكنه لا يريدها أن تتذكر تلك الحادثة، ليتقدم بضع خطوات وهو ناظراً لها بحزن، ليزيح قليلاً خصيلات شعرها الآمامية للخلف بيديه الإثنتين بحنان..بالغ!، بينما هى لم تكف عن نزول دموعها بهدوء وهى ناظرة لعينيه ببرائة شديدة!
داوود بنبرة هادئة: انا خايف عليكي.
زمرظ بحزن: ليه؟ ،انت تعرفني اساساً؟!..انا مجرد واحدة لقيتها.
آزال يديها من على وجنتيها لينظر لعينيها وهو يقول بهدوء: مش مجرد واحدة.
عقدت حاجبيها بالتعجب قليلا وهى ناظرة له..لتخرج تنهيدة تعب، لتقول بضيق: المشكلة اني ماعنديش حل تاني غيرك.
لتتركه وتوجهت السيارة لتركب وتغلق الباب خلفها بقوة...لتنظر آمامها بعدماأاخرجت تنهيدة حزن شديدة!، نعم ليس لديها أي طريق آخر سواه هو!...كيف لها أن تثق بأحدٍ آخر غيره!
ولكنها لا تنكر بأنها شعرت بأشياء غريبة تچتاحها منه!..جعلت قلبها ينبض ولو قليلاً!، بينما هو أخرج تنهيدة نفاذ صبر منها ومن حديثها...ليتوجه الى السيارة ليركب بها وبدأ في القيادة.
..............................
في منزل سمر:
استيقظت من شرودها سريعاً..لترى أنها كانت تتوهم، وخالد جالساً آمامها على الأريكة وهو ناظراً لها بتعجبٍ شديد وهو يقول..
خالد بتعجب: سمر؟..سمر انا بكلمك!!
سمر بهدوء: معاك..كنت بتقول ايه؟
إقترب خالد قليلاً للآمام...ليعقد حاجبيه أكثر وهو يقول بضيقٍ شديد: بقول ايه؟، بقولك زمرد عايشة!!
رمشت بعينيها قليلاً بإضطراب..لتشعر بأن باباً قد فُتح آمامها ليظهر الضوء لينير لها بعدما كان قلبها مظلماً!
سمر بدهشة: وعرفت هى فين؟ راحت فين؟
نهض خالد من مكانه بعدما تأفف بيأس..بينما هى ظلت ناظرة له بإهتمام..منتظرة منه أي رد بلهفة..كبرى!، حتى تركها وتوجه إلى إحدىٰ النوافذ لينظر منها..بعدما وضع يده على تلك الستارة وهو يرى الشوارع من حوله.
خالد بتأفف: إختفت فجأة ماأعرفش راحت فين.
آدارت سمر وجهها للآمام..بنظرات يأسٍ، وهى تخشى أن يحدث لها شيء، فهى تظن نفسها هى الحامية الوحيدة لها..كيف تعوض شعور مقتل شقيقتها بسببها هى!!؟
سمر بنبرة حزن: انا لازم اعرف مكانها، لكن اقول ايه؟!...
ثم نهضت من مكانها لتدير وجهها ناحيته..لتتبدل نظراتُ عينيها لـ اللوم!، وهى تكمل: اللي عايز يعمل حاجة كان عملها.
ثم توجهت إلى تلك المائدة لتصب له بعضاً من العصير في الكأس، بينما هو عقد حاجبيه ليدير وجهه اليها وهو مازال في مكانه...لم يتحرك أنشاً وهو يقول بضيق: قصدك ايه؟
لم تدر وجهها اليه ولم تعطيه إهتمام، وظلت بملامحها المليئة بالجمود كالتمثالِ تماماً...وهى تضع زجاجة العصير جانباً لتقول بجمود: مش دي الحقيقة؟
إستدار بجسده فور إستماعه لحديثها وهدوئها المفرط ذلك، ليقول بغضبٍ عارم: لا مش دي الحقيقة!!..وانتِ عارفة دة كويس، هى اللي اختفت دورت عليها بس مافيش!
لم تعطيه إهتمام مجدداً..ولم تنظر اليه حتى!، ثم أخذت الكأسين اللذان بهما العصير متوجهه نحو الطاولة الصغيرة لتضعهم وهى تقول بنبرة ساخرة: ياسلام! وانت مصدق نفسك كدة؟
شعر بكلماتها التي تثير غضبه أكثر..وأكثر!، ليعقد حاجبيه بغضبٍ كبير!!، ثم توجه ناحيتها ليمسك كوع ذراعها بعنف وهو يقول...
خالد بغضبٍ مكتوم: سمر لو كلامك هيفضل كدة يبقا مش محتاج مساعدتك وهمشي.
ظلت ناظرة له بهدوءٍ مُميت..بعينيها النائمة وهى ناظرة له بيأسٍ قاتل!، ثم جذبت كوع ذراعها منه بقسوة وهى تقول بجمود: ومين قالك اني همسك فيك، انت اللي جيت هنا برجليك.
أنهت حديثها لترى عينيه التي تشتعلُ غضباً منها، ثم جلست على الأريكة لتأخذ العصير بلا مبلاه وهى تأخذ رشفة منه...بينما هو أخذ نفساً عميقاً بعدما آدار وجهه للناحية الأخرى ليخرجه بنفاذ صبر.
ثم قاطعته سمر وهى تقول ببرودٍ تام: السؤال اللي ليك هنا، سيبت ليه ليلى حبيبة القلب وجيتلي؟
ليدير وجهه اليها مجدداً ليعقد حاجبيه بضيقٍ شديد وهو يحرك يده بإشارة وهو يقول: وهى مع هشام؟
رفعت إحدى حاجبيها في أقل من ثانية بإصطناع الدهشة، ثم نظرت آمامها وهى تأخذ رشفةُُ أخرى لتقول : خايف ليقتلك يعني!، وبعدين هى ليلى هتعزك على هشام!؟
وضع خالد يديه في خصره وهو ناظراً لها بضيق وهو يعلم جيداً أنها تحاول إستفزازه كما تفعل دائما..فهى تلك اللغة التي بينهما..دائماً!
خالد بضيق: لا هتعزني عليه، عارفة ليه؟..عشان بتحبني....
إبتسمت سمر بسخرية كبرى!، لتنزل كأس العصير من على فمها..ثم أخرجت تنهيدة ساخرة وهى ناظرة لناحية أخرى، ليكمل خالد بعدما أنزل يديه : مش انتِ اللي عزيتي زمرد عليه!
توقفت في مكانها... لتنظر اليه بعينيها مصحوبة بنظرةِ قسوةٍ كبرى!، ولكنها لم تتحرك أنشاً!
سمر بغضبٍ مكتوم: تقصد ايه؟
خالد بإبتسامة ساخرة: مش انتِ اللي بتحبي هشام؟، عرفتي تبيعيه في أقل من ثانية وقصدتي تقتليه...
مازالت لم تتحرك أنشاً..ولكن عينيها تجمعت بها الدموع المتعددة!، وهى تشعر بذلك الألم الذي يدفن في قلبها أكثر وأكثر ليلوثه بالكامل!
ليكمل خالد بضيقٍ شديد ونبرة لوم: عشان مين؟..زمرد!!، ليه؟.....
آدارت وجهها لناحية أخرى سريعاً، لتهرب من مشاعرها تلك..حزن..الم!..تراكم مشاعر سلبية!، كل هذا بداخل عينيها الآن...ليقترب هو ونزل على إحدى ركبتيه وهو ناظرةً لوجهها ليكمل بلوم كبير: ليه بقولك!..ليــه؟!
آدارت وجهها اليه سريعاً وهى تقول بضيق: عملت اللي انتَ ماقدرتش تعمله.
نظر هو لعينيها وهو يرى ضعفها الكامل!، وكأنه ضغط على جرحٍ كبيرٍ في قلبها وهى مازالت صامتة!!
ليبتسم بسخرية وهو ناظراً لعينيها ليقول: لا ياسمر!، لتكوني فاكرة دة اللي هيرجع سارة من تاني؟!!
أخذت الدموع تحتجز في عينيها أكثر حتى تحولت وجنتيها للون الوردي نتيجة لكبت مشاعرها!، ثم أكمل بضيق: ولا تكوني فاكرة إن هشام هو مرعي اللي قتلتيه عشان اختك!!
انهمرت دمعة من عينيها وهى مازالت ناظرة له...نظرة لوم فلِما؟..لِما يفتح معها ذلك الجرح مجددا!!، وكأنه ليس إنساناً معها!!...لما يؤذيها بحديثه وبهذا الشكل المُميت لها؟!!
سمر بنبرة الم: خالد!..
خالد مقاطعاً بضيق: هشام مش مرعي تمام؟، ولا زمرد هى اختك...مافيش حاجة هترجع، لازم تقوفي من دة.
بلعت ريقها بصعوبة وهى ناظرة لعينيه المليئة بالبجاحة تجاهها، لتقول بنبرة هدوءٍ تام: اطلع برة.
لم يتحرك انشاً من مكانه وظل ناظراً لها بضيق شديد من تفكيرها الساذج
فهذا هو الإنسان!..يوهم نفسه بأشياء ليست كما هى في الحقيقة ليتخطى...المه!
خالد بجدية: خليكي واهمة نفسك بكدة، لكن زمرد مش محتاجاكي ومش هتعوضي اي حاجة فاتت، انا قولت افوقك..لان الظاهر مش هتفوقي غير وهشام مخلص عليكي!!
وجهت نظراتها للأرض..لتنهمر دمعة أخرى من عينيها لتقول بحزن: وانا قولتلك اخرج..مش عايزاك هنا.
خالد بضيق: تمام ياسمر!..تمام!
ثم نهض من مكانه ليتركها هكذا...ليتوجه للخارج وأغلق الباب خلفه بقوة ، لتغمض هى عينيها بقوة...لتنهمر دموعها بغزارة، ثم أخرجت تنهيدة لتضع يدها على صدرها وهى تحاول التنفس بهدوء...لتأخذ نفساً عميقاً وتخرجه بهدوء
كنوع من التنفس الفسيولجي وليس البيولجي، وهى ناظرة لنواحي اخرى في السقف...ثم آدارت وجهها بجوارها لتتخيل شقيقتها جالسة بجوارها ، وهى مرتدية فستانها الأسود المُمزق والدماء تحتلُ أسفل أنفها وعلى شفتيها وكأنها تعرضت للتعذيب!
بملامحها الصامتة وهى ناظرة آمامها، لتدير سمر وجهها للآمام بحزن شديد لتقول: وبعدين؟..هنعمل ايه؟!
لم تستطع أن تأخذ رداً منها لتكمل هى بتنهيدة حزن: هنفضل كدة لحد امتى؟
صمتت قليلاً لتتأكد أنها لن تعطيها رد...ثم آدارت وجهها اليها من جديد، لترى أن شقيقتها الكبرى آدارت وجهها اليها بملامحها المليئة بالجمود!، وعينيها التي بها اللوم الأكبر
لتنهض سمر من مكانها بتعب نفسي شديد، ثم توجهت للداخل كي تواجه مشاعرها بمفردها.
...................................
في الحي الشعبي:
توقفت سيارة داوود آمام منزله، لينزل من السيارة وهو يرى الناس البعض منهم ينظرون له والبعض الآخر جالسون في المقهى يتبادلون الحديث، ثم توجه الى الناحيةِ الأخرى من السيارة بعدما نظف ملابسه جيداٌ قبل أن يأتي إلى هذا المكان كي لا يشك به أي أحد.
ثم فتح باب السيارة لها ليراها جالسة على المقعد بملامحها الباهتة وهى ناظرة آمامها بصمت مريب!
داوود بجمود: يالا انزلي..وصلنا.
آدارت وجهها اليه بملامحها المليئة بالحزن وكاد أن تنزل من السيارة ولكنها توقفت عندما نظرت اليه...ليضع يده فوق الباب من الداخل كي لا تصدم رأسها به وهى تنزل، لتعاود النظر لعينيه البندقية... من جديد! وهى ترى خوفه عليها من أصغر شيء!!
ثم نظرت للأرض بهدوء لتنزل من السيارة، ليغلق الباب خلفها...ليتوجهوا إلى باب المنزل كي يصعدوا للأعلى.
وفي الاعلى:
دخل المنزل بعدما فتح الباب بالمفتاح..بينما هى دخلت خلفه وهى مربعة ساعديها بحنان عليها وهى تحاول تخطي ما عاشته منذ قليل، بينما هو أغلق الباب خلفهما...ليراها تسير بهدوء وهى ناظرة للأرض بحزنٍ شديد وصمت في عينيها.
داوود بجدية: زمرد.. انتِ كويسة؟
توقفت في مكانها لتعقد حاجبيها ببرائة..فهى لا تريد إنكار أنه وقف بجانبها في هذا الموقف الصعب.
ثم إستدارت اليه بجسدها وهى تقول بحزن: تفتكر؟
إعتدل في وقفته وهو ناظراً لها بحزن..فهو يعلم الإجابة جيداً ولكنه يريد أن يكون بجانبها أكثر، ثم آدارت وجهها بحزن..للناحيةِ الأخرىٰ وهى تقول بنبرة يأس: ماافتكرش اني هبقى كويسة خالص.
تقدم داوود خطوتين وهو ناظراً لها بهدوء: هتبقي كويسة عشان انا معاكي.
رمشت بعينيها..لترفع نظراتها اليه بهدوء، فمازال يعطيها تلك المشاعر مجدداً...بينما هو ظل ناظراً لعينيها الزمردة شعور غريب من داخله يرغمه على فعل ذلك، يريد...أن يحميها من أي شيء! وأي شخص!! حتى وإن القىٰ نفسه بالتهلكة!، حتى وإن كان هناك شخصاً يريده أن يفعل ذلك ولكن لنقول...قد إنقلبت إلى مشاعره ، فهو يريد من داخله ذلك حقاً!!
مهلاً أتقع في غرامها؟!...إنها فتاة صغيرة لم تكمل العشرون عاماً!، ماذا سيقول الناس
ماذا سيقولون إذ كان قد قال لهم أنه تزوج بها!
إقترب بخطواته قليلاً وهو تحت تأثير سحر عينيها على قلبه ليصبح واقفاً آمامه مباشرةً
بينما هى نظرت للأرض لناحية أخرى بحزن،
لينزل هو نظراته إلى شفتيها الكرزية رغبةُُ بداخله قوية...يريد الإقتراب منها أكثر وأكثر!، لم يكن جمالها عليه تأثيرُُ فقط!!..بل هى كلياً! ، ثم رفع نظراته إلى عينيها من جديد وهو يقول بهدوء: زمرد...
رفعت نظرات عينيها اليه مجدداً بحزن وبرائة، لتشعر بدقات قلبها القوية بصوته الهاديء ذلك وهو يقول اسمها، ليقول بنبرة جادة: بقينا في نفس الطريق، وانا مش هخلي اي حاجة تحصل تزعلك..طول ماانا موجود.
إمتلأت عينيها بالدموع كلما تذكرت ما حدث من ذلك المعتوه لتخرج تنهيدة حزينة وهى تقول: اعتبرها شفقة!؟
إقترب من جديد..ليمسك يدها متوجهاً بها ناحية المرحاض وهو يقول بضيق: عمرها ماهتبقى شفقة.
عقدت حاجبيها بتعجبٍ شديد من حديثه!...فهى لا تفهم مايقوله على رغم شعورها بأن قلبها ينبض مع كلماته الحنونة!
ثم توجهت معه إلى المرحاض، حتى وقفوا آمام الحوض بعدما فتح داوود الصنبور وأمسك يدها بحنان وهو يساعدها في غسل يدها، بينما هى شعرت بضربات قلبها القوية وصدرها الذي يعلو ويهبط..وكأن لمساته لها الإنسانية تلك دخلت إلى صدرها لتعانق قلبها..بدفيء!
لم تتصور أن هناك رجلاً يعاملها بتلك الطريقة!، لتتذكر معاملة والدها معها منذ الطفولة حتى كبرت وكأنه فيلماً يعرض آمام عينيها وعقلها بصور مُقطعة ومسرعة..حتى توقفت على معاملة ذلك المجنون عندما آراد الإقتراب منها بكل سادية وعنف!
إمتلأت الدموع بعينيها بكثرة!...وهى ناظرةُُ آمامها لتكتم بكائها ذلك ولا تنفجر الآن
، بينما مسح داوود على وجهها بحنان بتلك المياه وهو يقول بهدوء: هتبقي كويسة.
آدارت وجهها اليه وهو ناظراً لها لتومأ برأسها بحزن، بينما هو أغلق الصنبور وتوجه إلى الخارج بعدما إستمع لرنين هاتفه..ثم توجهت هى ناحية( الدش) وفتحت صنبوره بملامح مليئة بالحزن واليأس..لتعطي ظهرها للحائط وهى ناظرة آمامها بملابسها،
تلك المياه تهبط على جسدها وكأنها تمثل دموع عينيها...لم تعد تتحمل أكثر من ذلك لتنفجر في البكاء وهى تحاول مسح دموعها في ذات الوقت..حزن شديد يسحبها لأسفل وإلى اليأس الأكبر!، كلما تذكرت معاملة والدها القاسية معها وذلك الرجل الذي قابلته اليوم، أين ضميرهما معها وأين إنسانيتهما؟، سوى إنعدام الضمير المفرط!!
..........................
في منزل عصام:
في غرفة نوم ما:
عصام بجمود: نهلة عندها حق...مابقاش ليكي مكان وسطنا، كفاية لحد كدة.
امتلأت عينيها بالصدمة الكبرى...لتستمع إلى صفيرٍ مرتغع في أُذنيها كاد أن يثقبهما!، وهى ناظرة له..لزوجها الذي طالما كان عاشقاً لها، الذي ترجاها أن تعود معه ولم يستطع أن يجلس بضع ساعاتٍ بدونها!...ليتركها الآن بكل تلك السهولة؟!
سيرين بنبرة صدمة والدموع ممتلئة بعينيها: انت بتقول ايه؟
رفع عصام وجهه بكبرياء وشموخ وعينيه مليئة بالكره ناحيتها!، وكأن الآية قد إنقلبت هنا!..إنه الآن يحب نهلة ولكن سيرين...لا يريدها!!
عصام بخشونة: اللي سمعتيه يا سيرين....
ثم مد يده قليلاً ليجذب نهلة من خصرها وهو يكمل بجدية: انا ونهلة قررنا دة.
إنهمرت دمعة من عينيها بنظرات القهر التي تحتلها مما تسمعه وتراه آمامها!، بينما رفعت نهلة إحدىٰ حاجبيها بإبتسامتها المليئة..بالإنتصار!
سيرين بإبتسامة مؤلمة ممزوجة بالسخرية: قررتوا دة؟!....
ثم تحركت من مكانها...لتنقلب ملامحها للغضب الشديد وهى ترى نفسها الضحيةُ هنا بعدما وهمها بعشقه لها، والآن؟..يقوم بإهانتها هنا!
لتكمل بلومٍ كبير: دة على اساس هى اللي جبتها هنا وفضلت تترجاها تقعد معاك!!
لم تتحرك ملامحه أنشاً بل ظلت القسوة والغضب تحتله، بينما هى إبتعدت نهلة عنه لتربع ساعديها بإنتصار وهى تنظر إلى إنكسار سيرين هذا...بكل تلذذ!!
عصام بجمود: كنت غلطان...ودلوقتي لقيت دة الصح.
إبتسمت بسخرية كبرى لتخرج تنهيدة ساخرة، ثم آدارت وجهها الناحية الأخرى وهى تشعر بعقلها الذي سيقف كأن هذا ليس زوجها!!..ثم آدارت وجهها اليه من جديد بغضب عارم وهى تقول: انت ايه اللي حصلك؟...
ثم أمسكته من أكمام ذراعه الطويلة وهى تنظر لعيتيه لتكمل بلوم: في ايه؟ مالك؟!
لا تستطيع تخيل ماتراه في عينيه من كره لها!...وكأن نهلة عشيقته !، لا ليس هذا زوجي مطلقاً!!
نهلة بإبتسامة إنتصار: هيكون ماله يعني؟..بقول بلاش قيمة لحد كدة وخدي بعضك وامشي.
لم تعطيها أي إهتمام...ومازالت كالتمثال هكذا ناظرة لعينيه، لم تتحرك انشاً!..منتظرة رده عليها..ولكن ما الذي سيقوله سوى..؟
عصام بجمود: كلام نهلة صح...وورقتك هتوصلك.
إبتسمت بألم كبير..لتظهر أسنانها البيضاء وهى ناظرة لعينيه بقهرٍ كبير، ثم تركته من ملابسه لترجع بضع خطوات للخلف...ثم إبتسمت بسخرية كبرى، لتخرج تنهيدة ساخرة وهى تقول مُديرة وجهها لناحية أخرى: تمام!...
ثم آدارت وجهها اليهم هما الإثنين بإستحقارٍ كبير وهى تقول بتقزز: تصدق جزمة ولقت فردتها فعلاً!...
لتنقلب ملامح نهلة للغضبِ الكبير من إهانتها تلك...لتنزل يديها وهى ناظرة لها، بينما أكملت سيرين عندما نظرت لنهلة لتكمل بسخرية: زي مابيقولوا عندك في الشارع.
لتبتعد عنهم وخرجت من الغرفة بغضبٍ عارم بعدما إرتطمت بجسدها في جانبه هو ليرجع خطوةٌ للخلف...الآن تعلن إنكسارها وبشدة!، بينما عقد عصام حاجبيه بتعجبٍ قليلاً ليدير وجهه ناحية باب الغرفة...وهو لا يدرك ماذا حدث؟!
أتتركه الأن وترحل! ،لتلاحظ نهلة ملامحه التي تغيرت فجأة..ثم أمسكت ذراعيه برفقٍ سريعاً لتقول بنعومة: ماتقلقش هتاخد بعضها دلوقتي وتمشي، وبعدين هى مابقاش ليها لازمة خلاص....
ثم وضعت يدها على صدره كإشارة جسدية بالإغراء لتكمل بخبث: كدة ولا ايه؟
ليوميء برأسه بهدوء وهو ناظراً لعينيها البندقية ليقول بنبرة ثبات: عندك حق.
لتتسع إبتسامتها له بمكرٍ شديد...بينما هو تركها وتوجه الى غرفتها كي يكون بها، بينما هى اعتدلت في وقفتها لتأخذ نفساً عميقاً...ولتخرجه بإختناق وهى تفكر في ماستفعله مع سيرين.
..............................
في منزل داوود:
في المرحاض:
واقفاً يتحدث في الهاتف بملامحه المليئة بالضيق وهو يقول: يبقا ماتتحركش من عندك غير لما اجي انا....
تقدم خطوة للناحية الأخرى وهو يتأفف من غباء إحدى رجاله الذي يتحدث عن كرم بعدما نقلوه للمشفى ليكمل: ايوة لحد الصبح..لحد مايفوق كمان من العملية، سامعني؟...تمام اقفل دلوقتي.
ثم أنزل الهاتف من على أذنه وأغلق المكالمة، ليتوجه ناحية المرحاض ولكنه توقف في مكانه بعدما إستمع لبكائها...شعر بالتردد الكبير في الدخول عليها الآن، ليستدير بجسده وتقدم بضع خطوات كي يبتعد عن المرحاض ولكنه وقف من جديد وهو يفكر أيتركها في حالتها هذه؟
بالطبع لا إن ضميره لا يسمح له انسانياً أن يتغافل عنها هكذا، ولكن ليس ضميره ققط بل شعوره داخلياً بأنه لا يتحمل حزنها أكثر من ذلك!
وفي لحظة..عاد من جديد بخطواته ليتوجه اليها سريعاً، ثم رآها واقفة هكذا منهارة في البكاء...عقد حاجبيه بحزن ليتقدم بخطواته ثم عانقها..
عناقٍ مليئاً بالإحتواء كي تهدأ..مضافُُ عليه بعضاً من الإنسانية، بينما هى بادلته العناق لتضعف بين ذراعيه وهى تبكي هكذا وكأنه مأمنها..مأمنها هى فقط!
لم يغلق الصنبور الخاص بـ(الدش) الذي ينهال عليهم بالمياه كي يغرق أجسادهم وملابسهم، قد إحترم وقدر مشاعر حزنها لذلك لم يغلقه ولم يرد أن يخرجها من موجة حزنها تلك بل... إحترمها!
تحولا ذراعيه من عناقٌ لها..إلى كهف هاديءٍ يحميها..يهدأها..ويقوم بإحتوائها! ،بأكبر شكلٍ ممكن!، لم تشعر بتلك المشاعر الدافئة جداً من قبل!..لم تمر عليها تلك اللحظة..مطلقاً!!
شدد عناقه عليها..ليس عنفاً ولا قوة بل إحتوائاً حتى هدأت، لتستيقظ مما هى عليه..ثم فتحت عينيها لتبتعد عنه بسرعة وبقسوة وهى ناظرة له
لا تصدق مافعلته قد عانقته!، أخذ صدرها يعلو ويهبط وهى تخرج تنفساتها عبر فمها...بينما هو يراها بخصيلات شعرها المبللة على إحدى عينيها بنعومة ومازالت المياة تسقط عليهما هما الإثنين.
زمرد بتوتر كبير ودهشة: انا اسفة..انا...
ثم أخذت تلتف حولها وهى متوجهة لباب المرحاض كي تخرج لتكمل: انا اسفة جدا.
عقد داوود حاجبيه بتعجبٍ من أمرها ذلك!..كيف لها أن تعتذر عن قربه لها؟، مهلاً ماذا؟! ،بينما هى أسرعت بخطواتها ناحية غرفتها لتدخلها وتغلق الباب خلفها بسرعة!،
ثم جلست على السرير كي تهدأ...ثم وضعت يدها على قلبها لا تعرف لما لا يريد التوقف!
هل إقترابه منها جعله هكذا؟!...أم أنه شعور اكبر من ذلك بكثير!!
.................
Flash back:
منذ ساعة:
في السيارة:
يقود السيارة وهو ناظراً آمامه بضيق ممزوجاً بالجدية الكبرىٰ، بينما هى جالسة بجواره ناظرة آمامها بحزنٍ..شديد! نتيجة لما عاشته منذ قليل، ثم إستمعوا رنين يعلن عن وصول مكالمة معروض على شاشة السيارة...ثم ضغط داوود على زر خاص بالسيارة كي يفتح المكالمة.
داوود وهو ناظراً للطريق بضيق: حصل ايه ؟
الرجل مسرعاً: هشام خرج من القسم.
فور إستماعها لجملته..وجهت نظراتها إلى داوود بتوتر شديد مما سيفعله بها هشام عندما يجدها، أما عن داوود الذي إحتل على وجهه الغضب الأكبر!...ليدير وجهها اليها، ثم نظر آمامه من جديد وهو يقول بضيقٍ شديد: خرج ازاي يعني؟! دة ممسوك متلبس!
الرجل بجدية: معلوم هشام لي ايد في كل حتة.
أخذ داوود نفساً عميقاً وأخرجه بإختناق وهو ناظراً آمامه فماذا سيفعل في تلك المصيبة الكبرى!
داوود بغضب: اسمع تكلملي الظابط حسام وتقوله مش بعد كل اللي عملناه دة يخرج بالسهولة دي!
الرجل بجدية: مش هنعرف نوصل لحاجة، دة غير ان هشام طلب يشوف قبل مايخرج.
تحولت ملامح داوود للجدية وهو يفكر لما قد قابله بهذه السرعة!، بالتأكيد سيقوم ببيعه بأرخص تمن! فهو يعلمه جيداّ
ليضرب داوود بيده مرتين على عجلة القيادة وهو يقول بغضب: آه يا. آه ، كنت عارف انك هتبيعني بالرخيص!!
الرجل بنبرة إستفسار: مش فاهم قصدك ايه؟
وجه داوود نظراته للجهاز ليقول بغضب: مش بقول حاجة اقفل انت دلوقتي.
ثم أغلق المكالمة لينظر آمامه بغضبٍ عارم وهو يريد تحطيم أي شيء آمامه الآن، لا لن يسلمها لهشام بكل تلك السهولة!
بينما هى رمشت بعينيها بمللٍ شديد، وهى ناظرة آمامها...لتدير وجهها اليه لتقول بنبرة يأس: هنعمل ايه؟
آدار داوود وجهه اليها بملامح بها القسوة ليقول بجمود: الحاجة الوحيدة اللي هتخلي هشام مايوقفش في وشي....
زمرد بنبرة جمود مقاطعة حديثه: نتجوز؟
القى اليها نظرة جادة، ليعاود النظر للطريق من جديد وهو يقود السيارة...بينما هى قد فهمت رده عليها هذا بإشارةٍ جسدية وليس لغوياً، لترمش بعينيها بملل وهى تقول: وانا موافقة.
نظر لها بتعجبٍ كبير من حديثها!..لم يتخيل أنها ستقول ذلك الرد بكل تلك السهولة لتكمل هى: اعمل اي حاجة..ولا إني أرجعله.
آدار داوود وجهه للآمام مجدداً لتتحول ملامحه للجدية الممزوجة بالهدوء وهو يفكر ماذا فعل لها؟! كي تبيع مستقبلها من أجل الهروب منه!
.............................
وعندما أنهوا مناقشتهم تلك قد كتب كتابه عليها وإنتهى التمر ثم عادوا إلى منزله من جديد.
..........................
نعود للوقت الحالي:
أخرجت تنهيدة تعب وهى ناظرة آمامها...لتتوجه إلى السرير بتعب كي تنام عليه وهى ناظرة آمامها بحزن شديد.
........................
ومر وقت:
دخل الغرفة بعدما بدل ملابسه للزي المنزلي المكون من بنطال وفوقه تيشيرت من اللون الأسود بحمالات..لتظهر عضلات ذراعيه الفاخرة، ببشرته القمحاوية الجذابة..وعينيه البندقية...أغلق الباب خلفه ليتوجه إلى السرير، ليراها نائمة عليه لكنها مازالت فاتحة عينيها ومعطياه ظهرها.
ثم إستلقىٰ على جانبه الأيسر لكي يعطيها ظهره أيضاً..ناظراً آمامه وهو يفكر...الإثنين يفكرون!، لم تمر تلك الليلة بكل تلك السهولة عليهم أبداً..بل كانت من أصعب الليالي التي مرت وأقساها الماً!
بينما هى شعرت بالآمانِ الكبير ،فكلما أصبح رائحة عطره في المكان...كلما تطمئنها أكثر، لتغمض عينيها وهى تشعر بوجوده..بينما هو التفت بجسده ناحيتها ليقترب منها قليلاً بهدوء...حتى وضع يده حولها وكأنها أصبحت إحدىٰ ممتلكاته.
فتحت عينيها سريعاً بخوف عندما شعرت بيده تحاوطها بإحتواء...ليأخذ صدرها يعلو ويهبط بخوفٍ قليلاً...ثم تذكرت مافعله من..أجلها!، لتعود إلى إطمئنانها من جديد، والآن ليست رائحة عطره ففط بل يده حولها!
داوود بهدوء: زمرد....
التفتت اليه برأسها وهى عاقدة حاجبيها ببرائة ولكنه عندما رآها هكذا شعر بشيء غريب داخل صدره!، وكأن قلبه تحرك من مكانه مع نظرتها الساحرة تلك!!
شعورُُ لم يشعره به من قبل!...مطلقاً!!، لكن لالا فلتستيقظ..وتكمل حديثك، هذا ما أخبره به عقله، ليكمل وهو ناظراً لعينيها: انتِ عارفة إن جوازنا عشان هشام، صح؟
شعرت بسحر عينيه البندقية قد آسرتها!..وبقوة!!
زمرد بهدوء: ايوة!
داوود بجدية: يبقا ماتفكريش اني ممكن أئذيكي، انتِ بقيتي مراتي.
اخذت نفساً عميقاً وهى ناظرة لعينيه، لتبلع ريقها بتوتر...فلم تكن تتخيل أن تكون زوجته بكل تلك السهولة،ولكن ألا يستحق هذا؟..بل يستحق!!
لتومأ هى برأسها كإشابة جسدية بالتفهم لما يقوله
فكل ما يريده أن يكون بجوارها وأن لا ترتعب هى منه..مطلقاً!، حتى وإن كان بداخله الرغبة الكاملة لها ولكن يجب أن يمنع نفسه عنها فهى لا تريده!...مؤقتاً!!
زمرد بهدوء: عارفة.
ظلت ناظرة لعينيه البندقية...كيف له ان يعطيها تلك المشاعر القوية بتلك الكلمات الصغيرة!، ثم اعطتها ظهرها من جديد كي تبدأ في النوم...ليزيل هو يده وكاد ان يبتعد ولكنه شعر بيدها التي تمسكت بيده وارجعتها من جديد كي تحاوكها!
وكأنها تقول له فلتبقى بجواري...فأنا معك في مأمنٍ تام!، ليلتصق بظهرها بهدوء وهو محاوطاً اياها بيده...ليغمض عينيه وهو يستنشق رغماً عنه رائحة شعرها الجذابة، ليبعد رأسه بضع سنتي متر ليبدأ في النوم وهى بين ذراعيه نائمة.
.............................
في غرفة سيرين:
واقفة آمام الدولاب وهى تخرج جميع ملابسها...بحزنٍ شديد وبعينيها القهر مما فعله بها مع تلك البغيضة ، ثم توجهت ناحية السرير المبعثر الموضوع عليه حقيبتها الضخمة...لتضع بها الملابس، لتعتدل في وقفتها وهى ناظرة امامها..لتفكر في ظلمه لها وخيانته تلك التي لم تتوقعها مطلقاً فلم يكتفي بذلك أيضاً!، وبدلاً بأن يقف آمامها في ندمٍ شديد!، يقوم بإهانتها وطردها من هنا!!
أخرجت تنهيدة حزن لتنهمر دموع عينيها بصمتٍ كبير وهى كاتمة مشاعر الحزن داخلها..وبقوة!، لتستمع إلى صوتها المستفز وهى تقول بمكر: ماانا قولتلك مين هيكسب في الاخر.
أغمضت سيرين عينيها وهى كاتمة غضبها داخلها بعدما تحولت ملامحها للغضبِ الشديد!، بداخلها الف سبب لو امسكتها من شعرها وقامت بالتهجم عليها ضرباً...ولكن لا..لا! ،لن تكون بتلك الوحشيةِ مطلقاً..!
لتدير وجهها اليها بعدما فتحت عينيها..لترى نهلة واقفة وهى ساندة خصرها بدلال على مدخل ياب الغرفة، وهى مربعة ساعديها آمام صدرها وتلك الإبتسامة المستفزة على وجهها.
سيرين بضيق: انا مش فاضية لكلامك دة، اطلعي برة.
لترمقها بنظرة صرامة...ثم آدارت وجهها للحقيبة من جديد لتقوم بإغلاقها بإحكام، بينما أخذت نهلة نفساً عميقاً لتخرجه في تنهيدة ساخرة وهى تقول: هقول ايه! غير كان لازمتها ايه قلة القيمة لنفسك دي؟!
لم تعطيها أي إهتمام...لتتماسك آمامها هكذا، ثم حملت حقيبتها بيدها وهى متوجهة ناحية باب غرفتها، وهى تقول بنبرة حزم: الظاهر انك مانفعش معاكي القلم!
وكادت أن تخرج من الغرفة ولكن قاطعت طريقها نهلة..عندما وضعت يدها آمامها لتمسك طرف مدخل الباب وهى ناظرة لها...بقسوة!!
نهلة بغضبٍ مكتوم: اقسم بالله لو مادفعتكيش تمن القلم دة ماابقاش انا نهلة.
سيرين بتنهيدة ثقة: مش هرد عليكي ،عارفة ليه؟.....
عقدت نهلة حاجبيها قليلاً وهى تستمع لحديثها كي تكمل، بينما أكملت سيرين بغضبٍ مكتوم وعينيها تشتعل من النيران: عشان انا مابردش على الشوارعية اللي زيك..
ثم تقدمت خطوة بتحدٍ كبير لتكمل بغضب: انا اه قليت من نفسي جوة، ودة عشان رديت على واحدة زيك!
ابتسمت نهلة بغلٍ كبير ممزوجاً بالسخرية الكبرى!، لترمش بعينيها مرةَُ واحدة ثم وقفت في دلالٍ أكثر...لتتسع إبتسامتها وأظهرت أسنانها المتناسقة، لتقول بنبرة سعادة على الرغم من عينيها المليئة بالتوعد: والنبي ماتنزلي كدة! ،استني اخليه يوصلك...
شعرت سيرين بالغضبِ الكبير من ذلك الإستفزاز الكبيرِ منها، ثم توجهت لخارج الغرفة وهى متوجهة لباب المنزل، بينما أكملت نهلة بصوتٍ مرتفع بسعادة: دة حتى الوقت اتأخر!
لتستمع نهلة إلى إغلاق باب المنزل بقوة، لتخرج تنهيدة إبتسامة بسعادة...لتستدير بجسدها للناحيةِ الأخرى، ثم أخرجت تنهيدة راحة لتتحول ملامحها للقسوة مجدداً...وهى تتوعد لها وبقوة!
................................
وفي صباح اليوم التالي:
فتحت عينيها ببطءٍ شديد لترى نفسها بين ذراعيه نائمة وهو معانقاً إياها بإحتواءٍ كبير!، كأنها ضلعٍ من ضلوعه، ثم رفعت نظراتِ عينيها إلى ملامح وجهه الوسيمة للغاية...حتى وهو نائم بل أكثر وسامة!
ببشرته القمحاوية وعينيه الواسعة المغلقة التي جذبت أنظارها اليه، تذكرت ليلة أمس القاسية لهما على الرغم أنه إشترك معها في تلك الجريمة، إلا أنه قام بتلك التضحية وظل يحتويها حتى آخرِ لحظة !
لم يلومها..بل عانقها!، أعطاها الإنسانية بأكملها..ولم يطمع في جسدها مثل باقي الرجال، بل رآها بعينين إنساناً..وليس حيواناً!
فهو ليس بسيءٍ كما تظن بل وقف بجوارها وتعرض للخطر من أجلها...هى فقط!!، ثم ظلت تتأمل ملامحه وهو نائمُُ هكذا...لتقترب من إحدىٰ وجنتيه لتطبع قبلة رقيقة تعبيراً عن إستمداد الطاقة منه هو، لتبتعد عنه...بينما هو شعر بذلك لتنهض هى من مكانها، وكادت أن تنزل من على السرير...إعتدل داوود في جلسته سريعاً ليجذبها من يدها اليه وهو يقول بإبتسامة ماكرة: ايه اللي عملتيه دة؟
آدارت وجهها اليه سريعاً..لتتحول وجنتيها إلى اللون الأحمر من كثرة الخجل، فكيف له أن يسألها هكذا إذن إنه كان...مستيقظ!
زمرد وهى تبلع ريقها: عملت ايه؟
لتتسع إبتسامته الماكرة أكثر!، ثم إقترب منها قليلاً...لينزل بنظراته على شفتيها وهو يشعر بالرغبة ناحيتها بعدما قبلته في إحدىٰ وجنتيه، لقد شعر بلمسة شفتيها الكرزية تلك...ثم رفع نظراتُ عينيه البندقية إلى عينيها الزمردة وهو يقول...
داوود بخبثٍ شديد: البوسة اللي ادتهالي دي!
زمرد بتلعثم: ماهو..انا!....
شعرت بضربات قلبها المسرعة من نظراته الجذابة ناحيتها..لتسرع في توتر وهى تقول: انت بيتهيألك.
ليرفع داوود حاجبيه الإثنين بإصطناع التعجب في أقل من ثانية وهو يقول بنبرة ساخرة: بيتهيالي!..انا؟!
لتدير هى وجهها سريعاً ناحية باب غرفتهم بعدما إستمعت لطرقات باب المنزل...لتبتعد عنه سريعاً وهى تقول بتوتر شديد: انا هقوم افتح الباب.
ثم تركته وتوجهت إلى باب غرفتهم لتخرج منها، بينما هو ظل ناظراً لها حتى غابت عن..الأنظار؟!، لتتسع إبتسامته قليلاً تأثراً بقبلتها، ثم وضع أصابع يده بهدوء على مكان القبلة..لينهض من على السرير، ليخرج تنهيدة ماكرة على ماينوي فعله!
داوود بنبرة خبيثة: وماله!، شكلك هتجريني لحاجة انا مانع نفسي عنها بالعافية.
ثم توجه إلى خارج الغرفة، بينما هى توجهت إلى المرحاض بخطواتها المسرعة لتغسل وجهها بالماء سريعاً...لتغلق الصنبور وهى تنظر للمرآة..لترى وجهها الذي أصبح من اللون الأحمر، ثم وضعت يديها عليه كي تهدأ حالتها الخجولة تلك.
زمرد بجدية: مش وقته دة..مش وقته خالص!
اخرجت تنهيدة كي تهدأ ثم توجهت للخارج ،لترى داوود يفتح الباب ليرى الخادمة الخاصة بوالدته وهى تقول: صباح الخير.
إعتدل داوود في وققته لتتحول ملامحه للجمود التام! وهو يقول: عايزة ايه يا مريم؟
ثم إقتربت زمرد بخطواتها قليلاً وهى تنظر لمريم لتستمع إلى ماتقوله، بينما وجهت مريم نظراتها اليها...ثم عاودت النظر لداوود وهى تقول بإبتسامة: الست هانم مستنياكم فوق.
داوود بنبرة ثبات: تمام.
ثم توجهت للصعود للأعلى...بينما هو أغلق الباب بهدوء، ثم عقدت زمرد حاجبيها فما الذي تريده منهم في هذا الصباح الباكر!
زمرد بإستفهام: هنطلع ليه؟
ليستدير اليها وهو يقول بجدية: هيكون ليه؟، عشان عايزانا نقطر معاها.
لتعقد حاجبيها أكثر فهى لم ترغب بوجودها قط، بكل تلك السهولة تريدها على الإفطار الآن!
بينما توجه داوود إلى المرحاض كي يستحم، بينما هى أخرجت تنهيدة تعب لتغمض عينيها...وكأنها تشعر بضغطٍ كبير حولها، ثم توجهت إلى غرفتها كي تبدل ملابسها وتنظم هيئتها.
..............................
في المشفى:
فتحت عينيها ببطء وهى نائمة على السرير...لتحرك وجهها للجانبِ الأخر، وهى تحاول إستيعاب أين هى..لترمش بعينيها بتعب شديد، ثم إعتدلت في جلستها لتنظر حولها بتعبٍ شديد وهى تحاول تذكر ما الذي جاء بها إلى المشفى...لتأتي لها ذكرى إصطدام جسدها بالعربة سريعاً!
آزالت ذلك الغطاء..لتنهض من على السرير لترى ذلك المحلول بيدها وهى مرتدية ملابس المرضى، لتضع أصابع يدها برفق بجوار جبهتها وهى مغمضة عينيها...الأن تشعر بالألم الكبير الذي يحتل رأسها
لترى تلك المرآه الطويلة المستندة على الأرض..آمامها مباشرة!، وهى ظاهرة آمام عينيها بذلك الشاش الذي موضوع فوق جبهتها...شعرت يصدرها الذي يعلو ويهبط بخوف مما حدث لها
لتخطو خطوة للآمام وهى ناظرة للمرآه..فرغت شفتيها قليلاً وعقلها يسترجع كل ماحدث!!؟
الآن جاء آمام عينيها لقطات سريعاً تلخص لها ذاكرتها بالكامل!، بداية من يوم مولدها حتى اليوم!
مقابلتها الأولى مع تميم...توسلاتها له! بأن يعطيها ثروتها من والدها كي تشفي والدتها، ومعاملته القاسية..الباغضة معها وكأنها جارية له!!، حتى زواجه منها وعدم إنسانيته كالشيطان الذي من الإنس تماماً.. لايعرف معنى الضمير، وذكرى هروبها منه ليدخل هو المشفى..ولكن!
لكن؟...كيف حدث لها إنقطاع الصوت ذلك!.. سوى؟، تقود سيارتها بسرعة مفرطة لترتطم بسيارة آمامها لتستيقظ من تلك الحادثة في المشفى وترى!..والدته سهير؟! وبجوارها خديجة وهى تتسآل آمامهم من تكون وماهو اسمها؟!!
حتى عملت عندهم خادمة لتتوالى الأحداث آمامها إلى وجودها هنا!
آفاقت من كل ذلك...وكأنه كان فيلماً مليئاً بالصدمة يسير آمامها، لتشهق بصدمة..لترجع للخلف بإهمال وهى تضع يدها بجوار جبهتها بعدم إتزان..حتى إصطدم ظهرها بالكومودينو
لتخرج تنهيداتها الغير مستوعبة لما عرضه عقلها آمام عينيها!، اتسعت مقلتي عينيها وهى ناظرة آمامها تحاول إستيعاب صدمتها تلك...دهشة!..صدمة!...زهول!!، كيف لها أن تكون مع تلك الحرباء طوال الوقت..ولكن لِما؟
لما قام هو بتدمير حياتها بهذا الشكل هو ووالدته وتسبب في موت والدتها!!...امتلأت عينيها بالدموع ،ثم آدارت وجهها للناحية الاخرى لتمسك سماعة الهاتف الارضي سريعاً ووضعتها على أذنها وهى تقول مسرعة: ريسبشن؟
الممرضة بنبرة رسمية: مع حضرتك يافندم؟
أمسكت قمر السلك المموج الخاص بسماعة الهاتف وهى ناظرة آمامها...لتحبس دموعها داخل عينيها، لتتحول نظرات عينيها للتوعد..وهى تنوي على شيءٍ كبير لفعله! لتقول بحزم: مش عايزة حد من عيلة الالفي يدخل اوضتي.
الممرضة بهدوء: تحت امرك..وتميم بيه؟
تحولت عينيها للإنتقام..وبشدة!، لتقول بنبرة توعد :وخصوصا تميم.
ثم أنزلت السماعة من على اذنها وهى ناظرة آمامها...لتضع السماعة مكانها على الهاتف وهى تفكر...كيف ستنتقم لوالدتها ولها منهم جميعاً!!
قمر بضيق مكتوم: كل حاجة هتتردلك ياسهير هانم.
لتدير وجهها للناحية الأخرى..ناحية السرير لتجلس عليه بهدوء وهى تفكر وتفكر بما هو قادم!
...............................
وفي الأعلى:
في منزل ثرية:
فارداً جسده على الأريكة بأريحية وهو ممسكاً بيده اليمنى..جهاز التحكم وهو يشاهد التلفاز بإهتمام..وسانداً ذراعه الأيمن فوق رأسه، ببشرته البيضاء...وخصيلات شعره السوداء بجسده الرياضي المتناسق، لم يبلغ من العمر سوى ٢٥ عاماً فقط!
بينما توجهت ناحيته ثرية والدته..لتلقي عليه إحدىٰ المخدات الخاصة بالصالون وهى تقول بغضب : انت ياواد مابقيتش تسمع!
إنتفض هو على تلك الضربة ليعتدل في جلسته بتأفف وهو يشاهد التلفاز: في ايه ياثرية؟ من سعة ماجيت وانتِ مش سايبالي فرصة اتفرج.
شعرت بأن عقلها سيقف من إستفزازه ذلك وهى تريده في أمرٍ هام!
ثم توجهت ناحية التلفاز بغضبٍ عارم وهى مرتدية عبائة ملتصقة بخصرها الرشيق ،وكأنها في سن ال٣٠ من عمرها !!...واضعة مساحيق التجميل التي أظهرت ملامح وجهها الفاتنة وهى تاركة خصيلات شعرها السوداء خلف ظهرها لتضغط على زر إغلاق التلفاز وهى تقول بتأفف: وادي التليفزيون اهو.
ليتأفف هو بإختناق وهو يقول بضيق شديد: يـــوه بقا...مستني الحلقة بقالي ساعة!
لتجلس هى سريعاً بجواره على الأريكة وهى تقول بضيق: اسمع.
بينما هو تحرك بهيستيرية إختناق بإشارة جسدية بيديه الإثنتين وهو يقول...
مصطفى بنفاذ صبر: سمعت.
ثرية بنبرة صارمة: سمعت! بس مابتفهمش.
ليدير وجهه للناحية الأخرى بتأففٍ شديد!..من اهانتها تلك، ثم إعتدل في جلسته وترك جهاز التحكم من يده ليضعه بجواره...ثم وجه نظراته لها وهو يقول بجدية: عايزة ايه مني؟
ثرية بنبرة توعد: ماانا قولتلك البنت دي لازم نطفشها.
اخذ مصطفى نفساً عميقاً لكي لا يغضب على والدته بتفكيرها الشيطاني ذلك وهى تريد تفريقهم عن بعض..فهو لايريد إدخال نفسه داخل تلك اللعبة...القذرة!
مصطفى بنفاذِ صبر: اسمعيني ياثرية..ماينفعش!
وضعت ثرية يدها في خصرها لتقترب منه..بعدما رفعت إحدىٰ حاجبيها وهى تقول بإعتراض: ماينفعش ليه ان شاء الله ؟!
أدار مصطفى وجهه للآمام بضيق وهو يقول: هو بيحبها..وانتِ عارفة داوود مش هيتجوز واحدة اي كلام.
لترجع ثرية ظهرها للخلف بعدما أنزلت يدها بنفاذ صبر منه..ومن غبائه معها، لتدير وجهها للناحية الاخرى لتقول بلوم: يارب صبرني على اللي انا فيه...
ثم إقتربت منه مجدداً كي تضع خطة لذلك الأمر المروع!، وهى تقول بجدية : وهى اللي بتخون جوزها دي عشان ايه؟
فرغ مصطفى شفتيه قليلاً...بملامحه المليئة بالدهشة مما استمع اليه منها!، أتريده يتقرب منها حتى يتركها داوود!!...سحقاً!
مصطفى بدهشة كبرى: لا!..مش للدرجة دي؟!
رفعت ثرية إحدى حاجبيها بإعتراض عن حديثه وهى تقول بصرامة: للدرجة دي ونص...البنت دي لازم يسيبها انا بقولك اهو.
مصطفى بضيقٍ شديد: عايزاني اضحك عليها واخد مرات اخويا منه!! ، انتٍ بتقولي ايه؟!
إقتربت منه برأسها وهى تقول بنبرة بها الحدة وهى مصرة على حديثها: بقول اللي سمعته...جرا ايه ياواد!...ايه؟،
ثم رفعت إحدى حاجبيها وهى تقول بغضبٍ كبير: انا امك وتعمل اللي بقولك عليه، ولا....
ثم إبتسمت بسخرية كبرىٰ..لترجع ظهرها للخلف وهى تكمل بنصف قوس بجوار شفتيها للأعلى: مابتسمعش غير كلام عمتك اللي قاعد معاها بقالك شهر!!
نظر لها بجمود تام...ليشعر بشيء قد آلمه من الداخل، وهو يقول بنبرة ثابتة: اقول ايه؟، ماهو دة المكان اللي بيحسسني بقيمتي دايماً .
إختفت إبتسماتها ببطء وهى ناظرة لعينيه، فهو الآن يقوم بمعاتبتها على أنها تعامله كالهامش تماماً بجوار شقيقه الأكبر!، ثم إستمعوا إلى طرقات الباب لتنهض من مكانها بجدية وهى متوجهة للمطبخ لتقول: افتح الباب ومن النهاردة تعمل اللي اتفقنا عليه.
نظر آمامه بحزن شديد، ليأخذ نفساً عميقاً ثم اخرجه بتنهيدة حزن..لينهض من مكانه هو يقول بإختناق: استغفر الله العظيم.
ليتوجه للآمام وقام بتشغيل التلفاز مجدداً، ثم سار ناحية الباب وقام بفتحه..ليرى داوود واقفُُ امامه، ثم إبتسم داوود قليلاً وهو يقول : مصطفى! رجعت امتى ؟
ليعانقوا بعضهم بخفة فهم لم يروا بعضهم طوال الشهر! ، بينما نظر مصطفى آمامه..لتتحول ملامحه للصمت..المُريب! ، لم يبادل مشاعر داوود السعيدة برؤيته مطلقاً..فطالما شعر بالغيرة ناحيته!!
ثم إبتعدوا عن بعضهم لينظر له مصطفى بإبتسامة مصطنعة، ليقول بجدية: لسة راجع من ساعة.
ليضع داوود يده على إحدى كتفي مصطفى بإبتسامة وهو يقول : حمدالله على السلامة.
ليبادله مصطفى الإبتسامة بتصنع...بينما دخل داوود الى الداخل وهو يقول بجدية: امال فين ثرية؟
ليدير مصطفى وجهه...بينما جسده لم يتحرك أنشاً ليقول بهدوء: هتلاقيها عندك....
ثم آدار وجهه للآمام ليراها واقفة آمامه عند مدخل الباب مرتدية فستان يصل لأسفل الركبة بدون أذرع...بحمالات عريضة فقط من اللون الأبيض وبخصرها الحوري وبشرتها البيضاء، عينيها الزمردة التي سحرت عينيه...والآن!
ليكمل بشرود وهو ناظراً لها فهو لم يتوقع ذلك الجمال الذي سيطر عليه كلياً!!: جوة.
لتتقدم زمرد بخطواتها بلطف قليلاً...وهى ناظرة له لتقول: اهلاً.
بينما هو إتسعت إبتسامته بحماقة كبرى!..ليقول وهو يرجع للخلف خطوتين...
مصطفى بإبتسامة سعادة: اهلاً بيكي.
ثم إصطدم ظهر أقدامه بتلك السراحة التي تحمل الأحذية، ليقعوا أرضاً بينما هو كاد أن يقع ليقف في ثبات سريعاً، بينما هى إبتسمت قهراً عنها..لتشعر بداخلها إنها تريد أن تضحك على مظهره هذا...لتنظر للأرض بخجل شديد، بينما هو إعتدل في وقفته سريعاً ليقول لها: اتفضلي...
ثم آشار لها للداخل...بينما هى أومأت برأسها بهدوء...لتتوجه للداخل بخطواتها الهادئة الرقيقة جداً.
بينما هو ظل ناظراً لها وكأنه قد أُغرم بها..من الوهلةِ الأولى!، أما عنها هى توقفت آمام التلفاز لترى أخبارٍ عاجلة!...مجموعة من الضباط تخرج جثة!!؟
نعم جثة ذلك الرجل الذي قامت بقتله دفاعاً عن نفسها ليلة أمس...ليتحول وجهها الى اللون الأصفر!!، أصبحت تمثالاً لا يتحرك...ونظرات الصدمة الكبرى على وجهها!
بينما توجه اليها داوود بجدية وهو يقول لها: زمرد شوفتي ال.....
لم يكمل حديثه لينظر إلى التلفاز وذلك الخبر يملأ الشاشة وجثة ذلك الرجل بين يديهم....لتتحول ملامحه للدهشة الكبرى! ، ثم أمسك يدها برفق ليضغط عليها بقوة!...تملك!..إحتواء!!، ولكي تتماسك ولا تنهار الآن...ولكنه لم يتحرك انشاً وظل ناظراً للتلفاز و...........
..............................
في منزل سمر:
دخلت منزلها وهى حاملة بيدها الحقائب التي بها بعض الملابس لها، ثم أغلقت الباب وهى مرتدية فستانها الطويل..وكادت أن تضغط على زر إشعال الضوء في البيت، ليضيء هو الأباچورة وهو يقول: حمدالله على السلامة.
آدارت وجهها اليه سريعاً...لتفرغ شفتيها قليلاً بعينيها المليئة بالصدمة الكبرى!!...لتراه جالساً على المقعد وهو واضعاً قدماً فوق الأخرى والإبتسامة الماكرة!..الشيطانية على وجهه!، ليكمل هشام بمكر: لتكوني فاكرة هتفلتي بعد اللي عملتيه فيا!!!!!
و..............
.............................