اخر الروايات

رواية بغرامها متيم الفصل الحادي عشر 11 بقلم فاطيما يوسف

رواية بغرامها متيم الفصل الحادي عشر 11 بقلم فاطيما يوسف





أنا يادكتورة أنا ... تلك الكلمات التي نطقها فارس بحسرة ودمع عيناه الغزيرة هبطت على وجنتيه ولأول مرة يعترف لأحدهم هذا الاعتراف الذي جعل فريدة تتصنم للأمام بهلع ورعب من قاتـ.ـل أمه الذي تجلس معه الآن ويعترف لها مما جعلها تتيقن أن ماتخيلته فيما حدث لوالدته لم يكن إلا هفوة رغم تخيلها الصعب ورسمها للأمور اصبح هينا لينا بجانب ماسمعته الآن ثم ارتجفت شفاها واتسعت عينيها ذهولا وهي تسأله :

+


ــ قتـ.ـلتها ازاي يعني ؟ قتـ.ـلتها ، قتـ.ـلتها اللي هو المعني الحقيقي اللي إحنا عارفينه ؟!

+


تلك الكلمة التي القتها فريدة عدة مرات وهي تسأل فارس بقلب يرجف من الخوف ثم أجابها بصدق و بصريح العبارة :

+


ــ أه قتـ.ـلتها بالمعنى الحقيقي شيلت المحلول اللي كان مخليها على قيد الحياة وفيه الحقن والأدوية اللي مخليها عايشة بتتنفس بس ، 

+


أصل مبقاش عندها حاجة تعيش عليها وعلشانها غيري ، كانت بتموت من الوجع كل يوم وكل ساعة علشاني ، كنت عارف هي فيها ايه وهي عرفت إن أنا عرفت وتعبت وانتكست علشاني اكتر ، 

+


ثم أكمل حديثه وهو يتذكر تلك اللحظات المميتة في حياته وهو كان طفل صغير  لحظات صعبة تتضاعف فيها الدقائق والساعات! ساعات الانتظار رغم أنها لا تختلف في عدد ثوانيها أو دقائقها عن الساعات العادية، الا أنها تبدو عند المنتظرين أطول ويتمنون انتهاءها بسرعة، لدرجة أن الشعور الذي ينتاب المنتظرين أن عقارب الساعة متوقفة ولا تدور :

+


ــ تصوري بعد ماشيلت المحلول من ايديها اخدتني لحضنها وباستني من راسي وابتسمت لي وشددت على حضني قوووي وودعتني وهي بتبوسني من كل حتة فيا واللي طايلاة ايديها ، بس كان وداع صامت من غير ولا كلمة علشان هي مكانتش بتتكلم كانت يدوب بتحرك ايديها بالعافية وفي الوقت ده بالذات ربنا ادى لإيديها القوة علشان تحضني قوووي .

+


ابتلعت انفاسها بصعوبة بالغة من هول حكواه الذي لم يتخيل عقلها يومها أن ماوراء الكواليس كان صعباً بل صعوبته مرة ومرارة العلقم أحن بكثير :

+


ــ هي والدتك كانت قعيدة ولا أصيبت بمرض خلاها متتحركش ؟

+


ابتسم حين سألته ذاك السؤال وهو يصف لها عبير مرة أخرى رغم مرارة سؤالها ولكن عقله أمره أن يسبح إلى الجميل في وصفه لوالدته الراقية الحنون :

+


ــ عبير كانت رشيقة قوووي وكانت من الجميلات اللي الإنسان لازم يسمي وهو بيبص لها ومكانتش بتشتكي من اي امراض ولا عندها اي علل ، 

+                
ثم استرسل حديثه وقد تبدل سروره إلى حزن ونظرة عينيه السعيدة إلى تعيسة محطمة :

+


ــ بس جمالها ورشاقتها كانو نقمة خلو عماد اصطادها هي بالذات علشان تبقي البيضة اللي تبيض له الماظ ،
كانت في اخر أيامها جالها جلطة افقدتها النطق والحركة وبقت عايشة على الأجهزة .

+


اندهشت من حكواه الغير مقنعة لها واستمرت الاستفسارات التي لا نهاية لها تضـ.ـرب بعقلها وتكاد تصيبها بالجنون من النقيض للنقيض الذي يحكيه ذاك الفارس :

+


ــ طب انت بتقول انك انت اللي انهيت حياتها إزاي ابتسمت لك وحضنتك وهي شايفاك بتنهي حياتها وبتمـ.ـوتها بإيدك ؟

+


تناوبت تلك الذكرى الأليمة على عقله ثم أجابها بما جعلها تصاب بالذهول اكثر :

+


ــ اصلك متعرفيش انها في الاسبوع الاخير بتاعها قبل ما تموت كانت دايما بتبص لي وتبص للمحلول وعينيها بتترجاني اني اشيله من ايديها وارحمها وبالتحديد بعد ما سمعت وهي كمان عرفت عماد عايز يعمل فيها ايه تاني ، لحقتها في اللحظات الأخيرة قبل ما اغلى حاجه عندها تروح زي اللي راحوا علشان كده اول ما شلت المحلول اللي كان رابطها بالدنيا وطبعا عماد كان حاطط لها ادوية منشطة تخليها تعيش وتبقى على قيد الحياة حتى لو مجرد نفس وعين بتتحرك يمين وشمال بس ما كانش سهل خالص كان بير غويط ما لوش نهاية والسبب اللي عايز اعرفه لحد دلوقتي ومش عارف اوصل له هو ليه عمل معاها كده ؟
ولو عرفت في يوم من الايام اي سبب هيشوه صورة عبير في عينيا عمري ما هصدقه مش هصدق غير عبير اللي عشت معاها اللي علمتني ازاي أبقى راجل ، إزاي اعبقى انسان ، علمتني أمسك المصحف وأقرا وأرتل كمان ، 

+


ثم تبسمت عينيه مرة أخرى وهتف وهو ينظر داخل عينيها:

+


ــ انتِ مسمعتنيش وأنا برتل القرآن قبل كدة يافوفا صح ؟

+


ابتسمت هي الأخرى لذكره لآيات الله وحركت رأسها برفض هاتفة بذهول :

+


ــ لااا بجد انت بتعرف تقرأ القرآن وترتله كمان ؟
هز رأسه للأمام بعينيه اللامعتين من أثر الدموع الأبية التي ترفض الهبوط على وجنتيه :

+


ــ ياه أنا صوتي حلو قوووي وأنا برتل القرآن عبير كانت محفظاني تلت اربع القرآن قبل ما تدخل الانتكاسة الأخيرة في مرضها وكان فاضل لي ربع محفظتهوش للأسف.

+


شجعته بقوة طالبة منه :

+


ــ طب كنت حافظ لحد فين بالظبط ؟

+


ضم شفتيه كالأطفال ووضع إصبعه السبابة بجانب رأسه وهو يحاول التذكر ثم هتف بحيوية اجتاحت أوصاله حينما تذكر آيات الله فحيث كان الوقت الذي تقضيه والداته معه في حفظ آيات الله وقت المتعة والراحة كما علمته عبير :

+


ــ أه افتكرت كنا واقفين أنا وهي عند سورة التوبة بس ملحقناش نكمل لأنها كانت كل شوية تدخل المستشفى وعماد وقتها كان يقول لي انها تعبانة .

+




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close