اخر الروايات

رواية احتياج امراة مطلقة كاملة وحصرية بقلم خديجة السيد

رواية احتياج امراة مطلقة كاملة وحصرية بقلم خديجة السيد


رقم الحكاية: الأولي (الفصل الأول)
الإسم: روايه احتياج امرأه مطلقة
من سلسلة رغبات ممنوعة
التاريخ: ٤/٩/٢٠٤٢
بقلم: خديجة السيد
التصنيف: ليس اقل من +16
_________________

عندما سمعت صوتًا من الخارج يدل على أن شخصًا قد استيقظ من عائلتها، أغلقت بسرعة أزرار البلوزة وبدأت في ترتيب ملابسها المبعثرة، حيث تدفقت الدموع من عينيها و أمسكت المفرش لتغطي نفسها جيدًا قبل أن تضع رأسها على الوسادة، مسحت مرة أخرى دموعها التي انهارت ثم قامت لتأخذ دشًا، ثم خرجت تلف فوطة حول جسدها بعناية و جلست أمام المرآة وفتحت أحدى كريمات الجسم المخصصة لها وبدأت تدهنها على يديها و قدميها، جففت خصلات شعرها الطويل بالفوطة وهي تشعر بالحسرة على حالها.

ثم رفعت يديها وبدأت تسرح شعرها بنعومة ورقة وهي تنظر إلى نفسها في المرآة بإعجاب. حقًا هي فتاة جميلة بملامحها وجسدها، ولا تستحق أن تختفي بهذه الطريقة في الحياة كما يرغب أفراد عائلتها.

وقفت فجاه أطراف أصابعها بين رقبتها و صدرها وقبل أن تتمادى كالعادة، سحبت يديها بسرعة ونهضت لترتدي ثيابها وتنام على السرير.

حبست أنفاسها في رئتيها بخوف وشعرت بتوجس وتأنيب الضمير والذنب يخنقها. ماذا لو رأها أحد من عائلتها أو أطفالها يدخلون عليها بالصدفة ويراها بهذه الحالة؟ كيف ستستطيع أن ترفع رأسها أمامهم؟ وماذا سيقولون عنها؟

ولكن ماذا ستفعل والجميع يقف أمام رغباتها الممنوعة من وجهة نظرهم! في كل مرة تفعل ذلك، تكون مجبرة رغم معرفتها الكاملة أنها تفعل شيئًا محرمًا و ذنب كبير ولكن للأسف، دائمًا تضعف أمام رغبتها وبعد الانتهاء تشعر بالندم وتعاتب نفسها وتحاول أن تجعل هذه المرة الأخيرة، ولكن للأسف، لم تنجح في ذلك
وتعود مجدداً لفعل ذلك.

دفنت زبيده وجهها في الوسادة وظلت تبكي بنحيب عالٍ ولم تتمكن من السيطرة على بكائها، وضربت السرير بكفها بإنهيار وكل تفكيرها أن ربها غاضب عليها الآن، فلم تكن هكذا أبدًا قبل زواجها و تفكيرها محدودًا على ذلك فقط وضعيفة الإيمان هكذا.. لكنها حقًا لا تجد حلاً لحالتها أو هناك الحل بالفعل زواجها مجددًا بكل بساطة لكن مع الأسف عائلتها لا يفكرون في احتياجاتها كامرأة مطلقة.

ظلت تتقلب فوق الفراش بسبب شعور الندم والذنب، تشعر بقهر في قلبها وكأنه جمرة نار، ظلت في مكانها لفترة لا تفعل شيئًا إلا البكاء حتى نامت بتعب غريب وعندما استيقظت على أذان الفجر تحركت بسرعة حتى تؤدي فرضها وتطلب الغفران من ربها، لعل الصلاة تحاول تلهي قلبها وعقلها عن ذلك الشيء السيء، وهي الــعـاده الـسـريـة.

❈-❈-❈

بعد أن أنهت زبيده صلاتها، قامت بترتيب وإعداد الأعمال المنزلية وفي الوقت نفسه كانت تقرأ الورود بانتظام. فهي تعتاد على القيام بهذه الأشياء يوميًا في حياتها لسببين: لعلها أن تتوقف عن الذنب.. وإذا توقفت عن القيام بذلك، فقد تعود إلى زوجها أو تتزوج شخصًا آخر، وهذا هو الحل من وجهة نظرها. في هذه الأثناء، تقدمت والدتها وهي تتساءل باهتمام

=خلصتي ولا لسه إيه اللي ناقص اساعدك فيه قبل ما يجوا اخواتك الرجاله من بره وابوكي

هزت رأسها بالايجاب وهو تردد بصوت هادئ

=عندك الفراخ أهي متنظفه، شوفي هتعملي فيها ايه هو بالحق ابويا راح فين من الصبح كده؟ مش قال هيبطل ينزل المحل ويسيب اخواتي الاثنين يمسكوا ورشه الميكانيكي مكانه.. واهو بالمره يتعلموا لحد ما يكبروا شويه ويشدوا حيلهم ويشربوا الصنعه.. ولا شكله رجع في كلامه ولقى نفسه مش قد قاعده البيت

تنهدت والدتها مطولاً وهي تقول بضيق

=ولا رجع في كلامه ولا حاجه، هو قال كل فتره هيعدي عليهم لكن هو راح من الصبح مشوار لاهل منعم طليقك عشان يجيب منهم فلوس مدارس عيالك قال يروحلهم من اول الشهر عشان ما يعملوش حجتهم المصاريف خلصت ومش معاهم

آست ملامح زبيدة أكثر فعادت تتساءل وعيناها تنفثان اللهب

=انا مش فاهمه هم ليهم عين كمان يتامروا على ايه ده غصب عنهم يدفعوا، انتم بس لو ترضوا نرفع قضيه عليه، ننوس عين امه مش هيستحمل ولا أمه هتقدر يبات دقيقه في الحجز وهتدفع غصب عنها بدل ما هي بتذلنا كده كاننا بنشحت منها مش حقي وحق ولادي
الاتنين.

اقتربت عواطف منها وبدأت في تحضير الطعام معها وهي تردد بجدية

=يا بنت ابوكي بيتصرف بالعقل بلاش العند ده ونرفع على بعض قضايا ناخدها بالود احسن وبعدين هم بصراحه بيدفعوا بس لازم يطلعوا عينا كل مره وطالما بيدفعوا في الآخر مش مهم وبعدين هو انتٍ فاكره المحاكم قاعده مستنياكٍ وفي ثانيه اللي انتٍ عاوزاه هيحصل ده موال وحليني عقبال ماتخدي منهم عقاد نافع .

هتفت زبيدة بغضب وهي تدعي ربها ان يرد لها حقها في من ظلمها أضعاف

=هقول بس ايه حسبي الله ونعم الوكيل في أمه ان شاء الله يقعدلها في بناتها كل الافتراء والظلم إللي شفته منها، مش قادره انسى بقى انا اللي مظلومه وفي ثانيه تقوله طلقها يقولها حاضر ويقولي انتٍ طالق ده ما فكرش حتي.. بس الظاهر نوال بنت عمي معاها حق هم اتلككوا وعينه كانت من واحده تانيه

رفعت عواطف ذقنها وقالت هاتفه بحزن

=الظاهر فعلا أنهم كانوا بيتلككوا وكان في حد في دماغه ولا أمه كانت عاوزه تجوزه واحده غيرك، البيه اللي كان جوزك خطب من أسبوع وكمان شهرين هيدخل في نفس شقتك عادي

صعقها بما قالته، إذ كانت تتوقع أنه سيتراجع عن طلاقها ويرجعها له بأي لحظة لكنه كان يستعد للزواج بغيرها بهذه السهولة.. لتردف بنبرة مصدومه بسخط

=نعم خطب هو لحق ده احنا اطلقنا من أربع شهور! ازاي وامتى؟؟ وكمان هيتجوز في شقتي اللي من حقي وحق عيالي اصلا عشان انا حاضنه بس طلع كاتبها باسم امه وما عرفتش اخد حقي منهم.. كان عندي امل أنه يرجعني في الآخر رغم الظلم إللي شفته منهم بس ما كنتش عاوزه خراب البيت

قالت الأم بقله حيله مرددة بخيبة أمل

= مش لوحدك كلنا كنا فاكرينك كده، بس واحده من جيراننا قابلتني وقالتلي اللي فيها فكرتني كنت عارفه، قالتلي إزاي يتجواز على بنتك كده وانتم موافقين قلتلها النصيب بقى وادعيلنا بالصالح.. ما هو اصل محدش يعرف انكم اتطلقتوا وانا وابوكي كتمنا علي الموضوع حتى اخواتك نبهنا عليهم اي حد يقابلهم يقولوا في مشاكل حاصله لكن هي لسه على ذمته وممكن يرجعوا في اي وقت .

شلتها الصدمة الثانية في البداية لكن ما إن ضربت الإشارات المتأخرة عقلها حتى استوعبت الأمر وان كل هذه الفتره كانت على أمل أن تعود لزوجها من جديد أو يتقدم لها شخص آخر، و بما أن أمر زوجها قد انتهى فهذا الأمل الوحيد اليها الآن؟

لكن لم تكن تعرف بأن أسرتها تقف حاجز أمامها وتمنعها من إكمال حياتها بطريقه وتفكير غير رحيم بالمره، لم تستطيع السيطره على نفسها وهي تهتف بشراسة مجنونة

=نعم هو كل ده والناس فاكراني لسه على ذمته وانا اقول ليه محدش بيتقدملي؟؟ دي عامله تعملوها فيا وده ليه ان شاء الله فاكرين هقعد على ذكرى ومش هشوف نفسي زيه

امتعضت عواطف وهي تقول بتهكم

= وده مين يا اختي اللي هتجوزك وانتٍ مطلقه ومعاكي ولدين! وحتى لو في فكرك حماتك هتوافق مش بعيد تاخد منك العيال.. ربي عيالك احسن بلا جواز بلا هم وانا لما اتكلمت مع ابوكي هو كمان كان نفس رأيي وقال... عيالها أولى بيها .

انكمشت ملامح زبيدة بأسى، فما هذا الظلم الذي تعيش فيه طول حياتها حتى بعد انفصالها ستظل تعيش في تلك المأساة فلا أحد يعلم منهم أسبابها ما هي و رغبتها وإصرارها على زواجها لهذه الدرجة، فكيف ستستطيع شرح شيء كذلك؟ ومع ذلك نزعت غضبها وسخطها عليها فلم تخبو بل اشتعلت عيناها وهدرت بعناد و عصبية

= إيه حريقه الدم دي طب ارد عليها اقول لها ايه دي؟ هو انتوا خلاص حكمتم وانا المفروض اقول حاضر ونعم ما صحيح ما انا عملتها زمان! طلعتوني من التعليم وانا في الاعداديه عشان تجوزوني لاي عريس يخبط على بابكم وكان في كل العبر وابن امه وقلت حاضر و سكت ولما كان بخيل عليا وكل خطوه بيعملها حتى لو هيجيبلنا شويه سكر وزيت لازم يستاذن أمه الأول و حاولت اشتكي رجعتوني تاني وقلتيلي عيشي اهو في الآخر اتلكك و طلقني عشان انتوا رخصتوني من الأول.. و دلوقتي عامله ليهم حساب وقال إيه مش هتتجوزي عشان ما ياخدوش العيال مني، انتٍ مين قالك اصلا انهم في دماغهم طب بذمتك من ساعه ما اتطلقت شفتي حد منهم خبط على بابك وقال لك نشوف العيال

عقدت حاجيبها بدهشة وهي تقول بسخط

=ما بالراحه على نفسك كل ده كاتمه في قلبك
احنا ما عملناش حاجه غلط ولا عيب عايزين نسترك فيها ايه؟ والتعليم يا اختي اللي بتحاسبيني عليه ما كنتيش فالحه فيه عشان كده اخذناها من قصيرها وقلنا نجوزك وحظك بقى طلع مع واحد مش كويس بنشم على ظهر ايدينا، وادينا في الاخر خدناكي هنرميكي يعني انتٍ وعيالك

غمغمت زبيدة بعذاب وأسى عقب تنهيدة عميقة خرجت من أعماقها

=ما ده اللي كان ناقص كنت اعمليها بالمره، مشيلاني ليه همهم حتى بعد ما اتطلقت محدش ليه حاجه عندي اتجوز اتطلق تاني هو مش راح خطب ولا هو حرام عليا؟؟

اتسعت عينا أمها باستنكار نافر وهي تردد بحزم

=جواز إيه دلوقتي هو انتٍ كل ده بتتكلمي عشان الجواز ولا عشان جوزناك ليه؟؟ آه شكلي كده غيراني عشان خطب وعاوزه تغظي وتتجوزي ذيه يا اختي بطلي هبل نفسك مفتوحه أوي تتجوزي تاني.

رفت زبيدة بجفنيها الحارقين ثم تململت بيأس ورفعت وجهها لامها هادرة بكبرياء نازف

=ولا عاوزه اغيظه ولا غيرانه في داهيه ولا يلزمني مش ده اللي ابكي عليه، بس انا عاوزه اشوف حياتي زيه.. ولا غلط ولا عيب و صدقيني محدش منهم هيهتم انا عارفاهم اكتر منكم.

أشاحت عواطف بوجهها بعيداً وقالت ببرود وقسوة

=وحياتك دي ان شاء الله هتشوفيها ازاي بالولدين اللي معاكي؟؟ انا مش عارفه مالك فجاه قلبتي وماسكه في الجواز كده ليه ده انا قلت هتلاقي نفسها اتسدت منه هو وامه عشان كده انا وابوكي إللي فكرني ان انتٍ اللي مش عاوزه

ترددت زبيدة قبل أن تقول متوسلة وعيناها تغيمان بالألم

=يا ستي انا حره هو انتٍ مش واخده بالك ان انا عندي 25 سنه ليه عماله تتكلمي كاني مطلقه وعندي 40 سنه وخلاص قفلتي الحياه فوشي.. وبعدين مالهم عيالي انا مش هسيبهم واللي عاجبه ياخدني كده ياخدني بيهم! انا مش أنانية ولا ما عنديش رحمه زيهم عشان ارمي العيال

أجابت والدتها بإبتسامة صفراً وهي تردد ساخرة

=طب يا اختي لما يبقى يجي اللي يشيلك يبقى هيحلها ربنا من عنده، شفتي خبط على بابك واحنا اللي قلنا لا

خنقتها العبرة وهي تسألها مستنكرة بضعف أنثوي

=وهو هيخبط ولا يجي منين وانتٍ قايله للناس كلها ان انا لسه على ذمه الزباله اللي كنت متجوزاه ده! بعد كده اللي يسالك قوليله أن اتطلقت والباقي بقى ربنا يدبره من عنده

ردَّت عليها أمها بتلقائية وبدونه رحمة

=بطلي خايبه يا بنت مفيش حد هيعرف انك اتطلقتي احنا مش ناقصين كلام الناس مش هيخلص و ابوكي هيحبسك في البيت ولا يخليكي تطلعي حتى من البلكونه انما دلوقتي سايبك تطلعي وتخرجي براحتك مع العيال عشان ما فيش حد هيعرف انك اتطلقتي.. سهله هي الحكايه اصلي، مش عارفه هتموتي علي الجواز على ايه

هزَّت زبيدة وجهها برفض وقالت بيأس وإحباط

= ثاني يا ستي ما ترحميني وتسمعي الكلام هو انا هفضل طول عمري عايشه في ظلم سواء اتجوزت ولا رجعت بيت اهلي! ما هو عملها ما فيش حاجه تعيبه ولا عشان هو راجل وانا ست.. في قاموس مين بقي ما ينفعش ده ربنا محللها بتقفوا قدام شرع ربنا وتمنعوا ليه

رفعت عواطف راسُها للاعلي وعادت تنظر لها بنفاذ صبر و هدرت بزعيق وحذر جعلها ترتجف حزينة

=زبيده! شوفي اللي وراكي وطلبات عيالك عشان ده اللي باقيلك، بدل ما اقلب عليكي يلا امشي من قدامي انا صدعت من الكلام! و اياكي اعرف انك قلتي لحد انك اتطلقتي ابوكي مش هيسكت وانا نبهتك وانتٍ حره عشان لو حصل انسي اني اخذ صفك و هسيبه يعمل فيكي مبادله عشان بدأتي تخرفي على كبر!.

❈-❈-❈

سندت زبيده ظهرها على الكنبة ثم اغمّضت عينيها فإنهمرت دمعاتها لتختلط مع الكحل لتردد مع نفسها بحزن شديد ممـا جـعـل دمعات حـارة تنساب أكثر بتأثر على وجنتيها

=بدأت اخرف عشان بطلب الحلال وعاوزه اتجوز على سنه الله ورسوله، بشرع مين بس ده يا رب ويرضي مين؟. طب افهمهم ازاي ولا اقول لهم ايه؟

لوت شفتاها باستخفاف مريرة وهي تكمل حديثها مع نفسها بإحباط ويأس

= ولا صحيح لو عرفتهم اللي فيها حاجه زي كده هيحسوا بيا؟ وقد ايه بعاني كل يوم من الموضوع ده! ده مش بعيد يموتوني عشان طلبت الحلال وحقي انما لو راجل هو اللي طلب عشان نفس السبب ويقول عشان احتياجاته عاوز اكتر من زوجه الكل هيقوله مش احسن ما تمشي في الحرام اعمل طبعا.

فتحت شفتيها لتقول بصوتٍ مثقل بالمشاعر المتناقضة و بنبرة مُرهقة

= هتعملي ايه يا زبيده هتفضلي كده عايشه في الذنب ده كنت فاكره جوازي هو الحل وان في يوم هيرجعني المعدول رغم القرف اللي شفته منه بس قلت احسن من الحرام! وحتى الجواز من غيره مش عارفه.. بس اديني ولا طايله ده ولا ده؟؟

مسحت بيدها وجهها بتعب شديد من إحساس الذنب يقتلها فـ غمغمت بألم وحسرة

= طب ايه حريقه الدم دي ما قادرش يستحمل يقعد اربع شهور من غير ست وراح يتجوز وانا لا ليه؟. يا رب دبرها من عندك وحلها انت اللي عالم قد ايه بتعذب من الذنب ده ونفسي ابطله
بس ازاي والكل فاكرني متجوزه وعلى ذمته لسه واهلي ممانعين؟ ابعتلي معجزه يا رب تخلصني من اللي انا فيه.

كتمت زبيدة دمعاتها بسرعه عند دخول أطفالها الاثنين، وقال احدهم مرددًا

= ماما تعالي العبي معانا شويه!

رفعت وجهها قليلاً لأطفالها الاثنين بحنان ثم نهضت تقف على بُعد منهم و تأملتهم بحُزن قبل أن تقترب إليهما بقله حيله، فمهما حدث ليس لهم ذنب.

❈-❈-❈

واجهت زبيدة نفسها أمام المرآة الكبيرة في غرفتها وشعرت بالاشمئزاز من مظهرها و بالغثيان في حلقها وتأنيب الضمير في كل مرة تنتهي فيها من هذا الفعل.

فلم تتمكن زبيدة من الوقوف أمام عائلتها لتغيير رأيهم في زواجها تحدثت معهم كثيرًا ولكن لا يفهم أحد ولا يمكنها أن تخبرهم الحقيقة خوفًا من رد فعلهم، كانت تشعر برغبة لا تنتهي في البكاء.

فكيف ستخبرهم رغبتها في الزواج لتلبية احتياجاتها؟ لماذا لا يفكرون في ذلك بأنفسهم؟ إنها امرأة مطلقة جميلة وصغيرة، بالتأكيد ستحتاج إلى شخص في حياتها يلبي رغباتها واحتياجاتها بغض النظر عنها.

لماذا يجب عليها أن تضحي بنفسها لأنها مطلقة ولديها أطفال، في حين يتزوج طليقها ويعيش براحة بال ولا يمنعه أحد؟ بل على العكس تمامًا، إذا لم يتقدم لفكرة الزواج، فسيسعي الجميع له في ذلك ولكن هي لا؟ هل كل ذلك بسبب أنها امرأة وهو رجل؟

أليس كافيًا أنها تزوجت في سن السادسة عشرة ولم يخبرها أحد معنى الزواج؟ بدأت تنضج وتعرف حياتها الزوجية بمفردها دون أي معرفة سابقة. تزوجت وتحملت المسؤولية بمفردها وبدأت تتعرف على أشياء جديدة في حياتها وتعتاد عليها وأولها، العلاقة الزوجية التي كانت تحدث بينها وبين طليقها باستمرار، وهذا ما جعلها تعتاد على ذلك وتعرف منذ صغرها أن هناك أشياء مثل تلك تحدث بشكل طبيعي بين الزوجين. ولكنها لم تضع في الاعتبار أنها ستطلق بشكل مفاجئ وتحرم من تلك الأشياء وتبحث عن بديل بطرقة محرمة.

هي تشعر بالخوف من المواجهة في الحياة بالآخرة أمام الله وتخشى رفض الجميع مرة أخرى، فتظهر أفعالها واضحة في عينيها، مما يجعلها تشعر بالخجل كانت بشكل سيء عندما تفعل ذلك! عندما فشلت في تغيير رأي عائلتها، استسلمت وحاولت بكل قوتها وجهدها أن تتوقف عن تلك الأشياء.فهي تشعر بالذنب كل ليلة وهذا يؤلمها ذلك.

❈-❈-❈

مرت الأشهر وتطور الأمر بشكل سيئ للغاية مع زبيدة، حيث توقفت بالفعل عن العادة السرية ولكنها فوجئت بنفسها تبحث عن بدائل أخرى، مثل مشاهدة أفلام غير جيدة وسيئة للغاية صحيح أنها تجاوزت فعل العادة السرية، ولكن هذا ليس بديلًا جيدًا في النهاية، بل هو محرم وذنب كبير، مثل مشاهدة تلك الأفلام.

سجدت على سجادة الصلاة، فارتفع بكاءها وشهقاتها التي كانت تكتمها وكأنها إذا خرجت وسمعها أحد سيعلم ما بها. على الرغم من محاولاتها الشديدة للتوقف عن تلك العادات السيئة، إلا أنها أدركت أنها أصبحت أضعف من أي وقت مضى، ولن تمر أيامها حتى تلد سهلة عليها أبدًا.

فكل ذلك نتيجة لتأثير الإدمان، وجدت نفسها تمسك هاتفها وتبحث عن أفلام مشابهة و تشاهدها بسرور، في البداية وجدت تلك الأفلام بالصدفة أمامها، ولكن الفضول جعلها تدخل وتشاهدها، وتدريجياً بدأت تغوص فيها مثلما حدث سابقًا واعتادت على العادة السرية التي أيضًا وصلت إليها بالصدفة.

وتدريجياً بدأت تدرك ما فعلته قبل قليل، بل وتغضب من نفسها، فقد غرقت في المحرمات حتى وصلت إلى قاع مجهول وضاعت ولا تعرف نهاية هذا الأمر. هي ليست سيئة و تحاول الانتظام في كل عبادات ربها ليغفر لها، ولكنها دائماً تفشل، أو ربما لا تستطيع التوقف بعد أن علمت أن عائلتها تمنعها من الزواج وستكمل حياتها هكذا.

صحيح أن روحها متعطشة للعاطفة، مما جعلها تشعر بالضعف والصدمة ومع ذلك، لم تكن أنوثتها مرتاحة بالفعل ولم تستطع تحقيق كل احتياجاتها فهي لم تكن راضية، وبالتأكيد ترغب في وجود رجل في حياتها يشعرها بتلك الأحاسيس والمشاعر التي فقدتها.

ولكن أين ستجد ذلك؟ والجميع يقف أمامها ويمنعها، كما لو أنها لا تطالب بحقوقها وما يستحقها ولها أن تشبع رغباتها مثلما يفعل الرجال ولكن من ستتحدث إليه ويفهم ذلك؟

رفعت وجهها من وضعية السجود وانهارت في البكاء وهي تدعو ربها بتواضع، على أمل أن يتدبّر الله أمور خلقه ويمنحها زوجًا صالحًا يعوضها عن كل تلك الظلمات، وأن تحصل على موافقة عائلتها أيضًا.

❈-❈-❈

في أحد العيادات النسائية منذ قدومها وهي تجلس أمام الطبيبة صامته خائفة من التحدث والخوف من احراجها من الآخرين فهي لا تعلم بماذا ستنصحها الطبيبه، فربما تشعر بالتقزاز منها ومن أفعالها! لكن هذا كان اخر امل لها بعد تفكير طويلاً وفشلها في التوقف عن تلك الأفعال المخجلة، اعتدلت الطبيبة في جلستها فجاءه بعد أن قالت بصوت هادئ

=اتفضلي أسمك مدام زبيده صح قوليلي بتشتكي من ايه؟.

نظرت زبيدة نحوها بقلق ولم ترد، فعادت تردف الأخري بتشجيع

=قولي ما تتكسفيش ما فيش حاجه هنا تخافي منها واي حاجه هتقوليها هتكون سر ما بينا بس بلاش السكوت ده انا عندي زباين بره و عاوزه اعرف مالك عشان اعرف اكتبلك العلاج.. قولي يلا وما تخافيش .

اخذت كوب الماء الذي كان أمامها تتجرعه بنهم ثم وضعته مكانه مجدداً وبعدها ازدردت ريقها قبل أن تهتف بتوجس وحرج

=انا مش عارفه اجيبها لك ازاي و اتمنى فعلا حالتي تكون ليها علاج! انا رغم ان ما كملتش تعليمي بس لما قعدت افكر مع نفسي قلت كل حاجه دلوقتي و ليها علاج فاكيد في حاجه ممكن تمنعني احس الاحساس ده

هزت رأسها بالايجاب رغم نفاذ صبرها لكنها هتفت بتركيز

= تمام كلامك صح كل حاجه دلوقتي وليها علاج بس محتاجه تفسريلي اكتر احساس إيه اللي بتحسيه؟

دمعت عينيها وحاولت زبيده الثبات وأخذت نفسا من بين لهاثها لتغمغم بوهن

= انا اتجوزت وانا عندي ١٦ سنه ودلوقتي عندي ٢٥ ومطلقه من كام شهر يعني مش كثير بس جوزي قصدي طليقي بقى شاف حياته وقريب هيتجوز، ما هو ما فيش راجل بيقعد كده من غير ما يلاقي واحده تخدمه وآآ و تلبيله طلباته! والست هي كمان ليها طلبات واحتياجات زيه مش كده؟.

نظرت الأخري نحوها باهتمام وهي تردد بتفهم

=فهمتك شويه اكيد طبعا ليها، بس برده مش فاهمه بالظبط ايه علاقه بيا ما الأمر سهل اتجوزي انتٍ كمان وشوفي حياتك

ظلت عيناها للأسفل بملامح وجهها المتألمة الغارقة بالدموع ثم أجابت بإصرار وإحباط

=لا مش سهل يا دكتوره، اهلي مصعبين عليا كل حاجه! انا كنت عيله صغيره ولا فاهمه حاجه ولا كنت اعرف يعني ايه جواز بس مع الوقت فهمت أن كل الحاجات دي بتحصل بين المتجوزين عادي، وانا رغم أن جوزي كان مالوش شخصيه ولا رأي وعلى طول كلمه امه زي السيف لازم ينفذها ويقول حاضر حتى يوم ما طلقتني برده! لكن رغم كده كانت العلاقه بتحصل بينا شبه يوميه ومدلعني من الناحيه دي وعلى طول كان يتغزل بجمالي و بجسمي.. ورغم انه كان بخيل شويه بسبب أمه اللي كانت بتديلي الفلوس على القد لانه كان عوطلي ولا بيشتغل، لكن كان بيجيبلي على طول لبس وقمصان نوم وحاجات شبه كده.. ألبسها لي.

كاد قهر زبيدة ينحر قلبها وهي تتحدث بحسرة
مضيفة

= وانا رغم كل عيوبه دي والله كنت راضية و ساكته وكل اللي عاوزه اعيش انا وعيالي لكن فجاه بدون مقدمات قلبت أمه عليا وخليته يطلقني وهو نفذ.. انا اتفاجئت لما ده حصل و حسيت نفسي وحيده وحسيت من الناحيه دي بفراغ فظيع! وكان نفسي حد يملي عليا حياتي اللي اتعودت عليها من صغري! وفضلت عايشه على أمل انه يرجعني في اي وقت ولا حتى اتجوز غيره، بس اتفاجات ان اهلي قالوا ليا عيش ربي عيالك وما فيش جواز ومحدش منهم فكر إللي انا ليا احتياجات ذي الراجل بالضبط.. عشان كده كنت بلجأ لبعض حاجات مش كويسه.

عقدت حاجيبها بدهشة وهي تسألها بشك

=حاجات مش كويسه بمعنى ايه لا معلش وضحي اكتر؟ قصدك أنك ليكي علاقات مع رجاله تانيه بعد ما اتطلقتي

انتفضت زبيدة بذعر و أسرعت تتحدث بتوضيح بنفي وبخجل شديد

=لا طبعا يا دكتور استغفر الله العظيم انا مش كده انا متربيه كويس الحمد لله وبخاف ربنا، انا قصدي يعني ان انا لجأت لحاجات كده الله يسامح بقي دماغي وشيطاني اللي خلاني اقعد أدور وافكر لحد ما وصلت لموضوع العاده السريه! والفرجه على افلام مش كويسه.. و دول اللي بصبر نفسي بيهم لكن انا طبعا عارفه ومتاكده انه حرام وغلط بس اعمل ايه اهلي رافضين خالص حكايه الجواز تاني .

رفعت زبيدة منديلها تمسح دمعة قهر خرجت من مخبئها قائلًة بندم نابع بإحساس الذنب

= بالله عليكي يا دكتوره ما تقوليلي كلمه تزود احساسي بالذنب انا اللي فيا مكفيني اقسملك بالله العظيم بصحى كل يوم اعيط في صلاتي وادعي ربنا يقويني ويخليني ابطل اعمل كده! وكل ما احاول خلاص اقعد كام يوم هاديه الموضوع مش في دماغي ارجع تاني وشطاني يغلبني.. ولو بايد اقول لاهلي اللي فيا كنت قلت وريحت نفسي لكن متاكده هيقولوا عليا ايه؟؟ كل الكلام اللي مش كويس تخيليه هيتقال عليا! مع ان طليقي اتجوز ولو اعترضت هيقولوا عليا هبله و ده حقه لكن لحد عندي بقت عيب وحرام واقعدي ربي العيال احسن.

رفعت الدكتوره إحدى حاجبيها بعبوس هاتفه بصوت جاد وحائر بسبب هذا النقاش العقيم

=طب خلاص يا زبيده انا فهمت بالظبط مالك انا ممكن اديكٍ علاج يقلل شويه هرموناتك و هيقلل الرغبه دي، لكن ما تعتمديش عليه كتير وهو في النهايه حل مؤقت! يعني انتٍ زي ما انتٍ اسعي ان اهلك يوافقوا على موضوع جوازك لان هو ده الحل فعلا ومش فاهمه اصلا فين العيب والغلط طالما عاوزه تعملي كده في الحلال.. ومش هيزيد عليكي عشان ما تعيطيش اكتر وتحسي بالذنب وكفايه انك عارفه كويس انك اللي بتعملي ده حرام و بتحاولي توقفيه حسب كلامك، شرفتني ربنا يوفقك.

تطلعت نحوها مطولاً بصمت بينما أضافت الدكتوره عليها بما بيدها تقوله وتفعله بنبرةٍ ذات مغزى

= ولو عاوزه نصيحتي بيقولوا الممنوع مرغوب امنعي اي شئ ممكن يوصلك لكده و متحاوليش تقربي من التلفون في وقت شعورك بالرغبة دي انتٍ دلوقتي فمرحلة زي الغيبوبة، وحاولي تخرجي للشارع أو تدخلي تاخدي شاور.. تقعدي مع ناس تتكلمي معاهم أو مع اولادك اشغلي نفسك كثير عشان ما تفكريش في الحاجات دي وتحطيها محور حياتك، سبب منع الحاجات دي يا زبيده لانها ممكن تخلينا نتمادى ونعملها مع اشخاص حقيقيه وهنا هتكون اكبر غلطه هتعمليها.

هزت زبيدة رأسها بالايجاب بقله حيله ويأس وشعرت بأنها لم تصل إلي حل مجدداً، وقبل أن تغادر رمتها بنظرات ضعيفة وهي تخبرها
مردده

= تسلمي يا دكتوره.

❈-❈-❈

تمددت نوال على ظهرها جانب إبنه خالتها وهي تردد باهتمام

= سمعت أن منعم طليقك اتجوز من يومين؟ اوعي يكون ده اللي مقدرك كده ومخليكي زعلانه طب ده بذمتك حد تزعلي عليه؟ ده انا كل يومين والتاني لما كنت باجي ازور خالتك بلاقيكي غضبانه هنا وما حدش منهم بيعبرك

صمتت زبيده للحظات ولمعت عينيها بحزن، لطالما حاربت وحدها لسنوات الصدع بحياتهم الزوجية والغير زوجته و ما يؤلمها بانها تحارب على حقوقها من الأساس

أغلقت جفنيها وأطلقت نفسا بائسًا تحاول فيه تمالك غيظها من اهلها وطليقها والجميع! فكانت تشعر بقلبها يتقلب من القهر والضيق وهي تمنع من أبسط حقوقها، لتردف بنبرة قاتمة

=اهدي يا نوال هو ولا في دماغي ولا زفت! انا صحيح واخده جنب وحزينه بسبب جوازه بس مش عليه على نفسي ان هو عرف يشوف حياته عشان اسمه راجل وانا مش قادره اعمل زيه ؟!.

تجلت ملامح الانزعاج أثر كلماتها لكن حاولت أن تتحلى بالصبر وهي تقول بعدم فهم

=مش فاهمه قصدك؟ يعني ايه مش قادره تعملي زيه؟ ناقصك ايه يعني عشان تتجوزي وتشوفي حياتك.. قصدك يعني عشان العيال ولا اول ولا اخر واحده تتجوز ومعاها عيال امال الرجاله إللي بتطلق زيك ولا ارامل هيدوروا على ايه الا لما تكون واحده نفس ظروفهم وهيقبلوا .

همهمت زبيدة قبل أن تعلمها بصراحة خطيرة

= يا ريت بقى امي وابويا يفهموا الكلام ده
احسن كل ما اكلم خالتك في موضوع ان انا عاوزه اشوف حياتي واتجوز زيه تقلبها لي محزنه كاني بطلب حاجه عيب ولا حرام و تقولي ربي عيالك ولحد دلوقتي الناس فاكره اني على ذمته وهو متجوز عليا ومش راضيه تقولهم اللي انا اتطلقت عشان توقف حالي شفتي افتراء وظلم اكتر من كده

نظرت الأخري لها مصدومة وأسرها الذهول لدقيقة قبل أن ترد نوال باستياء

=نعم وده ليه ان شاء الله هم عاملين حساب لمين ده انتم بتروحوا تاخدوا منهم مصاريف العيال ولا كانكم بتشحطوا منهم ولحد دلوقتي ما حدش منهم فكر يشوف العيال ولا كانوا حتى رجعوا لاهلك لما طلقك في انصاص الليالي ونزلك انتٍ والعيال ده عره هو واهله، امك دي بتستعبط اوعي كده انا هطلع اتكلم معاها ومش هسكت الا لما اقنعها.

اتسعت عيناها بصدمة وبسرعة جذبتها من ذراعيها وقالت بصوتٍ متحشرج

=اقعدي مكانك يا نوال محدش منهم هيسمعلك! هم مقتنعين بكلامهم وحكموا عليا كده من غير ما ياخدوا رأيي حتي.. ولو عرفتي تقنعي خالتك أبويا صعب وانا اكثر واحده عارفاه خلاص بقى ده نصيبي لازم أرضي بيه

تنَّهدت نوال ببؤس رغم اعتيادها على سطحية ابنته خالتها وخالتها المهتمة بالمظاهر لتغمغم
بعصبية منفعله

=انتٍ هبله يا بنت ولا لسه عيله صغيره ما قلتي بنفسك أهو مش بتطلبي حاجه عيب ولا حرام اقفي قدامهم وقولي لا! بطلي كل شويه تستسلمي كده وتخافي هيحصل لك ايه اكتر من كده؟ ما تدفنيش نفسك بالحياه حقك تشوفي حياتك وتتجوزي اشمعنا هو يعني فيه كل العبر و اتجوز و ارهنك بكره يخلف منها ويرميها و هيدور على غيرها هو اتعود على كده.. يا بنت انتٍ عندك 25 سنه هتفضلي طول حياتك تربي عيالك وما تفكريش في نفسك طب وبعد ما يكبروا؟ هيقعدوا جنبك ولا حاجه.. هيروحوا يشوفوا حياتهم دول ولدين مش بنات يا اختي حتى هتقولي هيلفوا لفتهم وهيجولي.. يا خايبه هتندمي بعد كده وتقولي يا ريتني كنت وقفت قدامهم

أخذت دموع زبيدة تسيل وبدأت تجهش بما كان يجيش في صدرها مغمغمه بحرقة

=ما تبطلي تقطيم فيا يا نوال هو انتٍ أدري بمصلحتي اكتر مني يعني؟ ما انا عارفه كل ده وفكرت فيه بس اعمل ايه خالتك دماغها ناشفه وابويا مش بيتفاهم بالكلام.. فكرك اقدر عليهم الكلام سهل ما كنت عملتها زمان لما قعدوني من التعليم وجوزوني! يعني مش صعبان عليا سنين عمري اللي هتروح بس والله ما هعرف أقف قدامهم ومش هكسب حاجه، ده انا عرفت بالصدفه انهم ما قالوش لحد ان اتطلقت وأخذوا القرار ان اقعد اربي العيال من غير ما يشروني ولا يفكروا انا عاوزه ايه.

احتقن وجه نوال بالغضب لكن حثتها بلطف تحاول إقناعها بالكلام وهي تطبطب فوق كتفها

=يعني هتتحل بانك تفضلي قاعده كده و تقولي ده نصيبي وهسمع الكلام! لا انتٍ بايدك تعملي كتير يا زبيدة بس انتٍ خايفه منهم و طالما مش بتعملي حاجه عيب ولا حرام حقك تقفي قدامهم أخرت الخوف ده يعني هيعملك ايه؟ ولا حاجه لكن لو اتكلمتي مره هتسيب ومره هتخيب.. يا بنت بصي لنفسك حرام تدفني شبابك وجمالك ده بين اربع حيطان

تنَّهدت زبيدة ثم هدرت بإنهاك واستسلام

= يعني عاوزاني اعمل ايه يا نوال ايه اللي بايدي، انتٍ لو تعرفي الموضوع ده تعبني قد ايه ومغمم عيشتي؟ المشكله ولا حد هيجي يتقدملي بالظروف دي طول ما الكل مفكر ان انا على ذمه الزفت اللي اسمه منعم لسه

زمّت شفتيها بتفكير قبل أن تشاركها أفكارها بصوت عالٍ

= وتحزني في نفسك ليه وهو قاعد يضحك ويفرفش مع العروسه الجديده ومش شايل مسؤوليه عيال ولا تربيه وانتٍ اللي هتشيلي،
اسمعي يا بنت مش كل مشكلتك ان الناس تعرف ان انتٍ مطلقه والامور هتتحل! خلاص عرفي الناس بنفسك

طالعتها بدهشة وتساءلت بسخرية وإحباط

=ايوه عشان أبويا يموتني امي قالتلي لو حاجه زي كده حصلت مش هقف في صفك وهسيبك منك لي! غير كمان هيحبسني في البيت ومش هيخليني اروح واجي زي دلوقتي
يعني هقفلها على نفسي من كل ناحيه.

فتحررت تعابير نوال من التشنج والحنق وهي تردد بنفاذ صبر

=يا بنت ما تبقيش متسرعه كده واسمعيني الاول للنهايه، انتٍ هتخليها تيجي منك صحيح لان ما فيش حل تاني! لكن وقت ما حد يجي يعاتبك قولي زله لسان غصب عني ما كنتش اقصد وبعدين مسيرهم يعرفوا هي مش دي الحقيقه واطلعي بوش البراءه.. و واحده واحده الموضوع هينتشر بره ما انتٍ برده اختاري حد تعرفيه يكون لسانه فالت ومش يحافظ على السر! و مش مهم بعد كده اي حاجه تانيه، يا ستي حتى لو ضربوكي المهم تكوني وصلتي لغرضك.

رفرفت بعينيها متفاجئة من خطتطها المباغتة لتقول بشيء من التردد هي تقضم اظافرها بارتباك

=طب نفرض ان كلامك نفع وفعلا الناس عرفت اني اتطلقت، وربنا نصفني وبعتلي عريس هيوافقوا عليه ما ممكن يرفضوه من غير ما يبلغوني واكون كده ما عملتش حاجه

انكمشت ملامح نوال وقالت بجدية

=يا بنت خلينا في المهم و واحده واحده الامور هتظبط وانا من ناحيتي برده اي حد هقابله هقوله ان انتٍ اتطلقتي ولما يجي حد يكلمني برده هقول نفس الحكايه هو انا حد كان حذرني ما اقولش، وليه اصلا مش عاوزين الناس تعرف؟؟. وبعد كده لما يحصل المراد هنلاقيله حل برده.. بس لازم انتٍ كمان تتلحلحي وتقفي قصادهم اللي انتٍ عاوزاه مش هيجيلك لحد عنك غير لما تسعي فيه.

❈-❈-❈

في صباح اليوم، كانت مشغوله في ترتيب الغرفه حتى جاءت إليها أمها مرددة بامتعاض

=بنت يا زبيده انتٍ فين؟ ام ابراهيم جارتنا فرح بنتها الكبيره النهارده والكل معزوم هتيجي ولا هتقلبيلي وشك ومش عاوزه و اروح لوحدي؟!.

تركت ما بيديها بسرعه وهي تفكر بالأمر ثم ردت مع نفسها بشرود ولهفة

=فرح ليه لا؟!! مش هلاقي فرصه احسن من دي عشان انفذ الخطه اللي اتفقت عليها انا ونوال. يا رب بقى يحصل اللي في بالي ده املي الوحيد .

❈-❈-❈

بعد مرور أسبوعين في منزل أهل زبيده، صاح والد زبيدة بصوت عالٍ بازدراء

=بنتك فين؟ زبيدة فين؟

عقدت الأم حاجيبها باستغراب وقبل ان ترد اقتربت زبيده وهي تتسائل بتعجب

=مالك يابا بتدور عليا ليه؟ أنا قاعده هنا هروح فين يعني؟

أظلمت عينا والدها وهو يقول باستدراك غاضب

=انتٍ قلتي لحد انك اتطلقتي انتٍ ومنعم؟ الحاج صالح اللي فاتح قدامي جي ياخد بخاطري وقالي قلبي معاك وربنا يعوض بنتك بواحد كويس بدل اللي راح! ولما سألته عرف منين قالي من مراته ومراته عرفت منك ساعه الفرح اللي رحتوه من اسبوعين ده

انتفضت مكانها وأخذ الذعر منها كل مأخذ بينما شهقت عواطف بصدمة هاتفه بغضب مشتعل

=يا نهار ابيض الكلام ده بجد؟ انتٍ قلتي لحد انك اتطلقتي وقت الفرح وما لقيتيش غير الوليه دي مرات الحاج صالح اللي مش بتعرف تمسك لسانها ولا تحافظ على سر اي حد يقولهلها؟ أنا مش حذرتك يا بنت لسانك تمسكيه وما تقوليش لحد

تقوست شفتا زبيده مذعورة فلم تتوقع وصول الحديث بهذه السرعة، كانت نوال محقة بالفعل عندما أخبرتها أن تختار شخص ليس كتوم على الاسرار ابدا وتخبره، ثم أجابت بصوتٍ مرتجف

=ما بالراحه في ايه؟ ومين قال لكم اصلا اني كنت أقصد اقول لها انا غصب عني لساني واقع بالكلام! وهي بتسالني على حالي وعامله ايه بعد ما جوزي اتجوز عليا ورمينا انا وعياله حسيتها شمتانه فيا، فما قدرتش امسك نفسي وعرفتها ان ولا فارق معايا عشان انا طلبت الطلاق وطلقني اصلا.. وبعدين في ايه يعني ايه اللي حصل لكل ده قلت حاجه غلط ما هي دي الصراحه هنخبيها ليه.. انا اتطلقت .

ضغط علي أسنانه مغتاظًا وهو يردد بازدراء وسخط

=شايفه حرقه الدم بتاعه بنتك عشان تغيظ واحده راحت فضحت نفسها، انا نبهت على امك مش عاوزين وجع دماغ.. وخلاص كفايه نصيبك على كده وربي العيال وما لناش دعوه بحد ولا حد ليه دعوه بينا.. اهو الكلام هيتنطور هنا وهنا دلوقتي ده اذا مش زمان الكل عرف اصلا

اتسعت عينا زبيدة لما تسمعه والتفتت نحوهم تقول بصدمة ممزوجة بالألم

= فضيحه إيه هو انتم مش ملاحظين مكبرين الموضوع؟ هو انا اول ولا اخر واحده تطلق! فيها ايه لما الناس تعرف.. ايه محدش في الحاره عندنا مطلق غيري انا ما عنديش حاجه تعبني والمفروض البيه اللي رامي عياله هو اللي يتكسف مش انا؟ لكن هو راح اتجوز بعد طلاقنا باربع شهور بالظبط ومش بعيد تكون مراته حامل دلوقتي كمان وانا ولا في دماغه ولا عياله مش لاقي اللي يربهمله وشاف حياته وانا كاتبين عليا توقفوا حياتي لحد هنا يرضي مين ده بس يا ناس .

اتسعت عينا والدها بعدم تصديق وهو يقول بحده

=الحقي بنتك؟ هي قصدها ايه تكونش عايزه تتجوز وتعيد الموال ده تاني

اتسعت عينا أبيها وفغر فمه فحين سمع زوجته تقول بصوتٍ فاتر أجوف

=سمعاها وعارفه هي اول مره تفتح معايا الموضوع ده بقيلها كتير عماله تزن ان احنا نعرف الناس انها اتطلقت عشان الخطاب يجوا وما فكرتش في عيالها ما هو يا عالم اللي هيجي ده هيقبلك بيهم ولا هيقول لك ارميهم زي ما بنسمع.. وطالما ملهوفه علي الجواز كده يبقى هتسمعي الكلام وترميهملنا نربيها احنا.

اتخذ الأمر ثوان طويلة من زبيده حتى أدركت حديثها وظلمهم المستمر فاتسعت عيناها مرتجفة بينما لا تزال مكانها ترى غضب والدها ورفض والدتها ثم سالت دموعها بقهر بالغ وقالت متحسرة على حالها بتأكيد وقهر

=انا ما قلتش هرمي عيالي ولو جيتي بقى للحق اللي مفروض ارميهم لي منعم ابوهم واهله يشيلوا معايا شويه، لكن انا عارفه ما حدش فيهم هيعبرهم قلوبهم جاحده ما انا عشرتهم لما رميتوني ليهم زمان وانا اكتر واحده عارفاهم كويس! لكن مش هظلم عيالي زي ما اتظلمت زمان ولا عمري هرميهم ليكي اللي عاجبه ياخدني وانا بيهم اهلا وسهلا مش عاجبه خلاص مش من قله الرجاله! لكن انا من حقي اشوف حياتي زي ما هو عمل

قالت عواطف من بين أسنانها المطبقة بغيظ

= اهي بنتك على الكلام ده من ساعه ما عرفت ان منعم طليقها اتجوز! ما تاخدش على كلامها دي هبله عاوزه تغيظه وخلاص.. تكونيش مفكره هيرجعلك لما يعرف انك هتتجوزي الحب يعني ما كانش مشعلل بينكم ده انتٍ كل يومين والثاني تيجي تشتكي وهو ما يهينش عليه يجي يصالحك وياخدك وبترجعي لوحدك لما بتزهقي .

غمغمت الأخري بوجهها المحتقن بالدموع

=انا مش عاوزه اغيظ حد ولا في دماغي اقول لك على حاجه الحمد لله انها جيت منهم و طلقوني لاني عارفه لو عملت إيه ما حدش منكم كان هيوافقني على الطلاق، لكن كلها تدابير ربنا وانا راضيه وان شاء الله يعوضني باللي احسن منه.. لكن مين ده اللي افكر ارجعله ولا بدور على راجل مخصوص عشان اغيظه، وبعدين ارجع لمين هو في ميزه واحده تخليني اتمسك بيه.. ده ابن امه و
ما لوش شخصيه بلا خيبه

هتفت أمها بها بصرامة وعنف لم تراه سابقآ منها وشيء من الاستياء

=امال إيه السبب لو مش عاوزه تغيظيه ما حالك ده عجيب، طول عمرنا نعرف ان الستات اللي بتطلق من هنا نفسها بتتسد عن الجواز وتقول هقعد اربي عيالي احسن وانتٍ ما شاء الله اطلقتي من واحد فيه كل العبر على كلامك أهو وبرده لسه بتفكري في الجواز .

❈-❈-❈

في غرفة زبيدة، عضت على شفتها السفلى بوجع والهدوء والظلام حولها يدفعانها للبكاء بعذابها.. تنهدت ببؤس من حبسها بالمنزل ومنعها للخروج بعد انتشار اخبار انفصالها عن زوجها لا تعرف ما الذنب الذي فعلته بالظبط حتى يتم عقابها كذلك؟ فرغم كل عيوب زوجها الا انها كانت صامده معه ولم تطلب الطلاق حتى وصدر منه هو بالنهاية، فلما عليها هي من تدفع ثمن أخطأ لم تفعلها.

شعرت أنها بتلك الغرفة المختنقة بهواء راكد لا يتحرك و كفريسة تنهار من فرط الذل والمهانة والعجز تأملت زبيده هذا المنزل وغرفتها و الجدران العالية كل ذلك يشعرها بالاحباط والياس وبان حياتها ستضيع هنا طول العمر.

وجهت حديثها إلي إبنه خالتها التي تجلس جانبها، ثم تحسّرت هادرة

=قعدنا نخطط ونعمل وفي الاخر جت على دماغي، امي كان معاها حق ادي ابويا منعني من الخروج هو انا يعني كنت بروح فين عندي قرايبنا شويه واجيب للعيال حاجات المدارس لو محتاجين حاجه حتى الربع ساعه اللي بروح السوق افك عن نفسي شويه واشوف ناس اتمنعت منها.

حاولت الأخري بث الأمل والثقة داخلها مردده

= المهم ان احنا وصلنا للناس انك اتطلقتي عاوزين ايه اكثر من كده؟ ان شاء الله لو ليكي نصيب في حد هيجي يخبط على بابك .

لَوَت فمها قبل أن تقول بنبرة مستهزئة بخيبة أمل وإحباط

= وهو هيجي منين هينزلي من الاوضه
وانا قاعده كده بين اربع حيطان ما بشوفش حد؟ خلاص يا نوال قلت لك من الاول انا نصيبي كده وعمري ضاع، منه لله اللي كان السبب.

عبست ملامحها وهي تقول لها بصوتٍ واجم

=انتٍ بتدعي عليا يا بنت طب انا استاهل ان انا ساعدتك صحيح زي القطط تاكلي وتنكري

أطلقت تنهيدة طويلة قبل أن تقول بضجر

=مش انتٍ بتكلم على الزفت اللي اتجوزته منعم ما هو لو كان حد عدل شويه وليه شخصيه ما كانش سمع كلام امه وطلقني! خدته بكل عيوبه المقرفه ويا ريت كان عاجب في الآخر.. هو عمال يتجوز ويطلق ويخلف ويرمي وانا قاعده زي ما انا الاسم ست ولازم اقعد اربي العيال طب بيخلفوهم ليه من الاول
لما هم مش قد المسؤوليه .

ربتت نوال علي كتفها بقله حيله، وهي تقول بنبرة مشفقة بعطف صادق

=والله مش عارفه اقول لك ايه يا زبيده كل ما افكر في الموضوع واحط نفسي مكانك بتصعبي عليا، والله اللي بيعملوا فيكي ده حرام وهيتحاسبوا عليه أهلك يعني ايه مش عاوزين يتجوزوكي وخلاص واخدين القرار ان حياتك هتقف لحد هنا وهتربي العيال هم ازاي مش مفكرين فيكي! انتٍ ست برده وليكي احتياجات ونفسك واحد يبقى معاكي سندك في الحياه، بكره لما تكبر عيالك هتشوف حياتها هي كمان مش قاعدلك على طول.. يا ريت الكلام بيجي معاهم بفايده كنت كلمتهم انا ولا دخلت ابويا وامي في الموضوع بس دماغهم ناشفه ومقتنعين أوي باللي هم بيعملوا انه صح مع اني ده حقك ولازم تطلبي بيه.

نظرت إلى الفراغ بنفس الملامح البائسة التي تلازم زبيده هذه الأيام الأخيرة، ثم قالت بفتور

= هو مين المغفل اللى قال صاحب الحق عينه قوية؟ أنا مشوفتش في زماننا ده حد عينه قوية غير البجح اللي بيعمل الغلط وبيبقى مصدق نفسه، ما انا صاحبه حق اهو ولا عارفه اخد حق ولا باطل و بتصعب عليا نفسي إني مظلومه وبقعد في جنب مصدومه ومكسوره !

اقتربت منها تحاوطها بعطف قبل أن تهمس بنبرة تفهمها

= يا حبيبتي خلاص اهدي، مش عارفه اعمل لك ايه ولا ايه العمل مع مشكلتك .

أخذت تلتقط أنفاسها ودموعها تتقاطر على الأرضية وهي تردد

=العمل عمل ربنا بقى هو انا ليا غيره! قادر يطلعني من القرف ده قريب.. اهو ولا مني مرتاحه في جواز ولا بالقعده في بيت اهلي.











تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close